الأمم المتحدة

CCPR/C/135/D/3010/2017

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

11 October 2022

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 3010/2017 * **

بلاغ مقدم من : نعيمة بوطرسة (يمثلها محام من منظمة الكرامة)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبة البلاغ وبوبكر فرقاني (زوج صاحبة البلاغ)

الدولة الطرف : الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ : 26 أيار/مايو 2016 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 24 تموز/يوليه 2017 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : 8 تموز/يوليه 2022

الموضوع : الاختفاء القسري

المسائل الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف الداخلية

المسائل الموضوعية : الحق في الحصول على سبيل انتصاف فعال؛ المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ حق الفرد في الحرية وفى الأمان على شخصه؛ الكرامة الإنسانية؛ الاعتراف بالشخصية القانونية

مواد العهد : 2 ( 2 ) و( 3 )، و 6 ، و 7 ، و 9 ، و 10 ، و 16 ، و 19

مواد البروتوكول الاختياري : 2 ، و 3 ، و 5 ( 2 )

1 - صاحبة البلاغ هي نعيمة بوطرسة، وهي مواطنة جزائرية. وتدعي بأن زوجها، بوبكر فرقاني، المولود في عام 1957 ، وهو أيضاً مواطن جزائري، ضحية اختفاء قسري يُعزى إلى الدولة الطرف، في انتهاك للمواد 2 ( الفقرة 3 ) ، و 6 ، و 7 ، و 9 ، و 10 ، و 16 من العهد. وتدفع صاحبة البلاغ كذلك بأنها نفسها ضحية انتهاك حقوقها بموجب ما تنص عليه المادة 2 ( 3 ) والمادة 7 من العهد. وتدّعي في الختام أن الدولة الطرف، عن طريق تشريعاتها المحلية، تنتهك الالتزام الذي يقع على عاتقها بموجب المادة 2 ( 2 ) ، مقروءة بالاقتران مع المادتين 2 ( 3 ) و 19 من العهد. وقد دخل العهد وبروتوكوله الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 12 كانون الأول/ديسمبر 198 9 . ويمثل محام من منظمة الكرامة صاحبةَ البلاغ.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2 - 1 عمِل بوبكر فرقاني، وهو أب لخمسة أطفال، مدرساً لمادتي التاريخ والجغرافية في ثانوية خالد بن الوليد بقسنطينة. واعتُقل خلال عملية واسعة النطاق في الحي الذي كانت تقيم فيه أسرته بقسنطينة. وخلال هذه العملية، التي جرت في حزيران/يونيه 1995 ، اعتُقل العديد من الأشخاص، لا سيما المثقفون، والأعضاء المنتخبون في المجالس البلدية، والنواب، والنشطاء والمتعاطفون العاديون مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ. ووفقاً لشهادات أشخاص اعتُقلوا وأفرج عنهم فيما بعد، احتُجز الأشخاص الذين اعتقلتهم الشرطة القضائية مع العزل التام في أمن ولاية قسنطينة - لبضعة أسابيع أو أشهر - حيث تعرضوا للتعذيب المنهجي، ثم نُقلوا إلى المركز الإقليمي للبحث والتحري في الناحية العسكرية الخامسة، التابعة إلى دائرة الاستعلام والأمن الجزائرية. واقتيد الأشخاص الذين اعتقلتهم الدائرة مباشرة إلى المركز الإقليمي، حيث اختفى معظمهم.

2 - 2 وفي 22 حزيران/يونيه 1995 ، حوالي الساعة 45/22 ، حضر حوالي اثنا عشر ضابطاً من قوات الأمن - بعضهم يرتدي زي الشرطة بينما يرتدي آخرون أزياء مدنية - إلى منزل أسرة بوبكر فرقاني. وطرق الضباط الباب بقوة، وهددوا بقتل أفراد الأسرة إن هم لم يفتحوا الباب فوراً. وكان الضباط برفقة شخص مدني مقنع ظلَّ واقفاً بالقرب من الباب وهو يُبلِّغ بالأنشطة السياسية للسكان في الحي. وأحضرت قوات الأمن أولاً شقيق بوبكر فرقاني، لكن الشخص المقنّع أومأ برأسه بما معناه "لا". وبمجرد أن قُدم إليه بوبكر فرقاني، أومأَ الشخص المقنّع بما معناه "نعم". عندها، اعتُقل بوبكر فرقاني واقتيد إلى مكان مجهول. ولم يُقدّم أي توضيح إلى أسرته أو تُطلع على مذكرة توقيفه. ومنذ تلك الليلة، لم تره أسرته مرة أخرى.

2 - 3 وفي اليوم التالي لاعتقال بوبكر فرقاني، حاولت صاحبة البلاغ التعرف عليه من بين جثث العديد من ضحايا عمليات الإعدام بإجراءات موجزة، التي تناثرت في شوارع المدينة بعد التدخل العنيف لأجهزة الأمن. ولمــَّا لم تعثر على جثته، بحثت عنه في الأيام التالية في مراكز الأمن والثكنات في المدينة، لكن دون جدوى. وعلى الرغم من تهديدات ضباط أجهزة الأمن الذين سعوا إلى أن توقف صاحبة البلاغ بحثها، لجأت هي إلى محكمة قسنطينة للحصول على معلومات عن إمكانية مثول زوجها أمام النائب العام، السلطة القضائية، لكن دون جدوى. وبعد عدة أشهر من البحث لدى مكتب النائب العام، الذي أبلغته مراراً باختفاء زوجها قسراً، منعها ضباط الأمن عند مدخل المحكمة من دخول المبنى.

2 - 4 وبعد أربعة أشهر من اعتقال بوبكر فرقاني، تلقت صاحبة البلاغ معلومات من أشخاص اعتُقلوا في الوقت نفسه وفي الظروف نفسها التي اعتُقل فيها زوجها، لكن أُفرج عنهم فيما بعد. وأكد هؤلاء لصاحبة البلاغ أنهم احتُجزوا مع بوبكر فرقاني في المركز الإقليمي للبحث والتحري في بيلفو بقسنطينة. بعدها، ذهبت صاحبة البلاغ إلى هناك، لكن الحراس عند مدخل الثكنة طردوها بعنف، ورفضوا إعطاءها أي معلومات، وأمروا بألا تعود أبداً للاستفسار عن مصير زوجها. ومنذ ذلك الحين، لم تحصل صاحبة البلاغ على أي معلومات عنه.

2 - 5 وبعد أن علمت صاحبة البلاغ من أسر الضحايا أن بعض المحتجزين نُقلوا إلى أمن ولاية قسنطينة في أوائل عام 1996 ، زارت مركز الأمن هذا بانتظام لعدة أشهر على أمل الحصول على معلومات. وباءت جميع محاولاتها بالفشل، حيث أحالها ضباط الشرطة بشكل منهجي إلى مراكز احتجاز أخرى، لا سيما وحدة الدرك بالكدية، ومركز الاحتجاز في قسم الشرطة بالقصبة. وقد استنزفت صاحبة البلاغ قواها في البحث عنه في جميع الأماكن في المدينة التي أُحليت إليها، دون أن تحصل على أي معلومات. واضطلعت بكل هذه المساعي في جو من الرعب الدائم والخوف من الانتقام، إذ تلقت بانتظام تهديدات ضدها وضد أطفالها.

2 - 6 وبعد هذه المساعي التي لم تؤدِّ إلى أي نتيجة ، بدأت صاحبة البلاغ، بدعم من زوجات وأمهات مختفين أخريات، في رفع دعاوى قضائية. وقدمت مرة أخرى في عام 1998 طلباً إلى النائب العام بقسنطينة، ورفعت إليه شكوى بشأن اختطاف زوجها وحبسه. وجراء إصرارها، استقبلها النائب العام في آخر المطاف واستمع إليها وحُرر محضر بذلك. بيد أنه لم يُستمع إلى أي من الشهود الذين ذكرتهم صاحبة البلاغ في إفادتها ذات الصلة بالشكوى، لا سيما أفراد الأسرة الآخرون الذين كانوا حاضرين وقت الاعتقال، والجيران الموجودون في مكان الحادث، والأشخاص المفرج عنهم الذين اعتُقلوا واحتُجزوا مع بوبكر فرقاني في المركز الإقليمي للبحث والتحقيق في بيلفو. وفي 28 أيلول/سبتمبر 1998 ، قدمت صاحبة البلاغ شكوى جديدة إلى مكتب الاستقبال الذي أُنشئ خصيصاً على مستوى الولاية لتلقي الشكاوى من أسر الأشخاص المختفين. ومع ذلك، لم يُستدع أي شخص للاستماع إليه في أي إجراء من إجراءات التحقيق.

2 - 7 وفي نيسان/أبريل 2000 ، بعد عامين تقريباً، تلقت صاحبة البلاغ استدعاء من الدرك الوطني التابع للواء المنصورة بقسنطينة، يدعوها إلى الحضور في اليوم التالي. وفي يوم الاستدعاء، أُبلغت ببساطة بأن عمليات البحث المتصلة باختفاء زوجها لم تؤدِّ إلى أي نتيجة . ولم تُوضح لها أسباب هذا الاستدعاء المتأخر والسلطات التي نفذت عمليات البحث المزعومة، لا سيما وأنه لم يُصدر لها أي وثيقة رسمية ( ) .

2 - 8 وفي أيار/مايو 2000 ، تلقت صاحبة البلاغ مرة أخرى استدعاء من دائرة حامة بوزيان يحمل ختم "قضية تخصكم شخصياً" ( ) . وأصدرت لها وزارة الداخلية والجماعات المحلية محضراً أبلغتها ضمنه بأن "التحقيقات التي أجريت لم تفض إلى تحديد مكان وجود الشخص المعني". وبالمثل، لم يحدد المحضر نوع التحقيقات التي أُجريت أو السلطة التي أوكل إليها ذلك.

2 - 9 وفي حزيران/يونيه 2000 ، استدعى النائب العام بقسنطينة صاحبةَ البلاغ مرة أخرى، وعاتبها على مواصلة مساعيها لدى السلطات، وعلى توجيهها، في كانون الثاني/يناير 2000 ، رسالة إلى جنرال الناحية العسكرية الخامسة بقسنطينة طلبت ضمنها معلومات عن مصير زوجها، وهي رسالة لم تتلق رداً عليها قطُّ. ونظراً لرفض مكتب النائب العام بقسنطينة البت في شكوى صاحبة البلاغ، فقد أحالت إلى وزير العدل، في 6 شباط/فبراير 2001 ، رسالة مسجَّلة مع إقرار الاستلام كررت فيها شكواها عن اختطاف زوجها وحبسه قسراً، أبلغته ضمنها بأنه لم تُجرَ أي متابعة للشكويين السابقتين. وعلى الرغم من أن القانون الجزائري ينص على أنه عندما يُبلّغ وزير العدل بجريمة ما، يُصبح ملزماً بأن يأمر مكتب النائب العام الإقليمي المختص بفتح تحقيق قضائي، فإن الوزير لم يستجب لطلب صاحبة البلاغ.

2 - 10 وفي حزيران/يونيه 2005 ، قدمت صاحبة البلاغ قضية زوجها إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي. وعلى الرغم من إحالة الفريق العامل هذه القضية إلى السلطات الجزائرية، لم ترد هذه السلطات عليه قطُّ.

2 - 11 وفي 16 آب/أغسطس 2006 ، ونظراً لأن صاحبة البلاغ لم تعد قادرة على إعالة أطفالها الخمسة بمفردها، اضطرت إلى تقديم طلب إلى الدرك الوطني للحصول على إعلان رسمي عن اختفاء زوجها يخولها الحصول على المساعدة الاجتماعية. وفي ظل هذه الظروف، أصدر قائد لواء الدرك بقسنطينة في اليوم نفسه "محضر اختفاء أثناء الظروف الناشئة عن المأساة الوطنية"، دون أن تُجري أجهزته أدنى تحقيق.

2 - 12 وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلتها صاحبة البلاغ، لم يُفتح أي تحقيق. وتؤكد صاحبة البلاغ أنه لم يعد بإمكانها قانونياً اللجوء إلى القضاء، بعد صدور الأمر رقم 06 - 01 المؤرخ 27 شباط/فبراير 2006 المتضمن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وبناءً على ذلك، انعدمت كلياً سبل الانتصاف المحلية، التي ظلت علاوة على ذلك دون جدوى وغير فعالة. فميثاق السلم والمصالحة الوطنية ينص على أنه "لا يجوز لأي كان، في الجزائر أو في الخارج، أن "يستعمل جراح المأساة الوطنيّة أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهوريّة الجزائريّة الدّيمقراطيّة الشّعبيّـة، أو لإضعاف الدولة، أو للإضرار بكرامة أعوانها الذين خدموها بشرف، أو لتشويه سمعة الجزائر في المحافل الدولية"، ويرفض "كل زعم يقصد به رمي الدولة بالمسؤولية عن التسبب في ظاهرة الافتقاد". وعلاوة على ذلك، يشير ميثاق السلم إلى أن "الأفعال الجديرة بالعقاب المقترفة من قبل أعوان الدولة الذين تمت معاقبتهم من قبل العدالة كلما ثبتت تلك الأفعال، لا يمكن أن تكون مدعاة لإلقاء الشبهة على سائر قوات النظام العام التي اضطلعت بواجبها بمؤازرة من المواطنين وخدمة للوطن".

2 - 13 وتفيد صاحبة البلاغ بأن الأمر رقم 06 - 01 يحظر اللجوء إلى القضاء تحت طائلة الملاحقة الجنائية، وأن هذا الأمر يعفي الضحايا من ضرورة استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وهذا الأمر يحظر في الواقع أي شكوى بشأن الاختفاء أو الجرائم الأخرى لأن مادته 45 تنص على أنه "لا يجوز الشروع في أي متابعة، بصورة فردية أو جماعية، في حق أفراد قوى الدّفاع والأمن للجمهوريّة، بجميع أسلاكها، بسبب أعمال نفّذت من أجل حماية الأشخاص والممتلكات، ونجدة الأمّة والحفاظ على مؤسسات الجمهوريّة الجزائريّة الدّيمقراطيّة الشّعبية". وبمقتضى هذا الحكم، يجب على السلطة القضائية المختصة عدم قبول أي إبلاغ أو شكوى. وإضافة إلى ذلك، تنص المادة 46 من الأمر نفسه على ما يلي:

"يعاقب بالحبس من ثلاث ( 3 ) سنوات إلى خمس ( 5 ) سنوات وبغرامة من 000 250 [ دينار جزائري ] إلى 000 500 [ دينار جزائري ] ، كلّ من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أيّ عمل آخر، جراح المأساة الوطنيّة أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهوريّة الجزائريّة الدّيمقراطيّة الشّعبيّـة، أو لإضعاف الدولة، أو للإضرار بكرامة أعوانها الذين خدموها بشرف، أو لتشويه سمعة الجزائر في المحافل الدولية. وتبــاشر النيــابة العـامّة المتابعات الجزائية تلقائياً. وفي حال العود، تضاعف العقوبة المنصوص عليها في هذه المادة".

2 - 14 وتضيف صاحبة البلاغ أن هذا الأمر بمثابة عفو فعلي عن مرتكبي الجرائم التي وقعت خلال العقد الماضي، بما في ذلك أشد الجرائم خطورة مثل الاختفاء القسري. ويمنع الأمر أيضاً اللجوء إلى القضاء لاستجلاء مصير الضحايا، تحت طائلة عقوبة السجن ( ) . ومن الواضح أن السلطات الجزائرية، بما في ذلك السلطة القضائية، ترفض تحديد مسؤولية الأجهزة الأمنية، التي يُزعم أن أعوانها متورطون في اختفاء بوبكر فرقاني قسراً. ويحول هذا الرفض دون فعالية سبل الانتصاف التي لجأت إليها أسرته.

2 - 15 وفي الختام، تدعي صاحبة البلاغ بأنها لم تُبلغ بتوافر سبيل انتصاف أمام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، ولهذا السبب انتظرت نحو عشر سنوات قبل أن تقدم شكواها.

الشكوى

3 - 1 تدعي صاحبة البلاغ أن زوجها ضحية اختفاء قسري يُنسب إلى عناصر من قوات الأمن الجزائرية، ويُنسب من ثم إلى الدولة الطرف، وفقاً لتعريف الاختفاء القسري الوارد في المادة 7 ( 2 ) ’ 1 ‘ من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والمادة 2 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. وفي هذه القضية، تدعي صاحبة البلاغ انتهاكات الدولة الطرف حقوقَ بوبكر فرقاني التي تنص عليها المواد 6 ( 1 ) و 7 ، و 9 ( الفقرات من 1 إلى 4 ) ، و 10 ( 1 ) ، و 16 من العهد، مقروءة بمفردها ومقترنة بالمادة 2 ( 2 ) و ( 3 ) ، فضلاً عن حقوقها هي بموجب المادة 2 ( 2 ) ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) ، والمادة 1 9 .

3 - 2 وتُذكِّر صاحبة البلاغ بالطابع الأسمى للحق في الحياة، وبالالتزام الواقع على عاتق الدولة الطرف بالامتناع عن سلب الشخص حقه في الحياة تعسفاً، وبمنع أي فعل ينطوي على انتهاك للمادة 6 من العهد والمعاقبة عليه، ولو كان الجاني أو الجناة من أعوان الدولة. وتُذكِّر صاحبة البلاغ أيضاً بالالتزام الواقع على عاتق الدولة بحماية حياة الأشخاص المحتجزين، وبالتحقيق في جميع حالات الاختفاء، إذ من شأن عدم التحقيق أن يشكل في حد ذاته انتهاكاً للمادة 6 ، بما في ذلك حين لا يكون أعوان الدولة مسؤولين عن الاختفاء. ولم يتلق أقارب بوبكر فرقاني أي معلومات عنه منذ أكثر من عشرين عاماً. وأصبحت فرص عثورهم عليه وهو على قيد الحياة ضئيلة. فلربما يكون قد توفي أثناء احتجازه نتيجة التعذيب أو الإعدام خارج نطاق القضاء. وتشهد هذه العناصر، مقترنة بعدم وجود تحقيق، على عدم وفاء الدولة الطرف بالتزاماتها، وتشكل، فيما يتعلق بالشخص المختفي، انتهاكاً للمادة 6 ( 1 ) ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد.

3 - 3 وتذكّر صاحبة البلاغ بأن الاحتجاز مع العزل التام يهيئ بطريقة منهجية بيئة مواتية لممارسة التعذيب، حيث يُحرم الفرد من حماية القانون. ووفقاً للاجتهادات السابقة للجنة، قد تشكل هذه الممارسة في حد ذاتها انتهاكاً للمادة 7 من العهد. وبالنسبة للشخص المحتجز، تمثّل استحالة التواصل مع العالم الخارجي، الكامنة في الاحتجاز مع العزل التام، معاناة نفسية شديدة وخطيرة بما يكفي لتندرج ضمن نطاق المادة 7 من العهد. وبناء على ذلك، تدعي صاحبة البلاغ أن بوبكر فرقاني ضحية انتهاك المادة 7 .

3 - 4 وفيما يتعلق بصاحبة البلاغ، كونها زوجة بوبكر فرقاني، فحالة الكرب والضيق وعدم اليقين التي ترتبت على اختفائه، وعدم اعتراف السلطات باختفائه، وعدم إجراء تحقيق في ذلك لأكثر من عشرين سنة، عناصرُ تشكل معاملة لأسرته معاملة لا إنسانية، وتشكل، بناء على ذلك، انتهاكاً لحقوقها المنصوص عليها في المادة 7 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد.

3 - 5 وفيما يتعلق بالمادة 9 من العهد، تدعي صاحبة البلاغ أن زوجها ضحية انتهاكات تُعزى إلى الدولة الطرف: (أ) بمقتضى الفقرة 1 ، لأن ضباطاً من دائرة الاستعلام والأمن الجزائرية التابعة للجيش الجزائري وأفراداً من الشرطة حرموا بوبكر فرقاني من حريته تعسفاً. (ب) بمقتضى الفقرة 2 ، لأن الضباط الذين اعتقلوا بوبكر فرقاني لم يوضحوا أسباب اعتقاله، ولم يطلعوه على أي أمر بذلك، ولم يتلقّ قط أي إخطار رسمي منذ اعتقاله؛ (ج) بمقتضى الفقرة 3 ، لأن بوبكر فرقاني لم يُعرض بعد اعتقاله على قاض مختص، ولم يُحاكم ولم يُفرج عنه، ولأن السنوات الإحدى والعشرين التي انقضت منذ اعتقاله تجاوزت بكثير المدة القصوى للاحتجاز لدى الشرطة، المحددة في إثني عشر يوماً والمنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية فيما يتعلق بالجرائم المرتبطة بالإرهاب؛ (د) بمقتضى الفقرة 4 ،لأن بوبكر فرقاني لم يتمكّن إطلاقاً من الطعن في قانونية احتجازه، لأنه كان خارج نطاق حماية القانون.

3 - 6 ولمــّا كان بوبكر فرقاني قد تعرّض لمعاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، في انتهاك للمادة 7 من العهد، فهو بالأحرى ضحية انتهاك المادة 10 ( 1 ) لأن المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة تتعارض بطبيعتها مع احترام الكرامة المتأصلة في الإنسان. ولا يتسبب الاحتجاز مع العزل التام بطبيعته في معاناة خطيرة تبلغ حد وصفها بأنها أعمال تعذيب فحسب، بل يعزّز أيضاً ممارسة الأفعال اللاإنسانية.

3 - 7 وتدعي صاحبة البلاغ أيضاً أن احتجاز الدول ة الطرف بوبكر فرقاني مع العزل التام يشكل انتهاكاً للمادة 16 من العهد يُنسب إلى الدولة الطرف. وتحيل صاحبة البلاغ في هذا الصدد إلى الملاحظات الختامية للجنة بشأن التقرير الدوري الثاني للجزائر المقدم بموجب المادة 40 من العهد ( ) ، التي ارتأت فيها اللجنة أن الأشخاص المختفين، الذين ما زالو ا على قيد الحياة ويخضعون للاحتجاز مع العزل التام، يُنتهك حقهم في الاعتراف لهم بشخصيتهم القانونية، على النحو المنصوص عليه في المادة 16 من العهد.

3 - 8 وتُذكِّر صاحبة البلاغ بأن المادة 2 ( 3 ) من العهد تضمن إمكانية الحصول على سبل انتصاف فعالة لأي شخص يدّعي انتهاك أي حق من حقوقه التي يحميها العهد. وبوبكر فرقاني، وهو ضحية للاختفاء القسري، غير قادر فعلياً على الاستفادة من أي سبيل انتصاف. وتُذكِّر صاحبة البلاغ، استناداً إلى اجتهادات اللجنة، بأن الدولة الطرف ملزمة بإجراء تحقيقات في ادعاءات انتهاك حقوق الإنسان، وبمقاضاة الأشخاص المزعوم تورطهم فيها ومعاقبتهم؛ وترى أن الدولة الطرف، بعدم استجابتها لطلبات زوجة الضحية، قد انتهكت التزاماتها بموجب المادة 2 من العهد. ويشكل الأمر رقم 06 - 01 ، لا سيما مادته 45 ، انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف بتوفير سبيل انتصاف فعال. وبناء على ذلك، تطلب صاحبة البلاغ إلى اللجنة الاعتراف بانتهاك حقوق بوبكر فرقاني المنصوص عليها في المادة 2 ( 3 ) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المواد 6 ، و 7 ، و 9 ، و 10 ، و 1 6 .

3 - 9 وفي الختام، يشكل الأمر رقم 06 - 01 انتهاكاً للالتزام العام المنصوص عليه في المادة 2 ( 2 ) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) والمادة 1 9 . وباعتماد الأمر المذكور، لا سيما مادته 45 ، تكون الدولة الطرف قد اتخذت تدبيراً تشريعياً يحرم فعلياً حق الحصول على سبيل انتصاف فعال بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، وأن في ذلك انتهاكاً للمادة 2 ( 3 ) من العهد، ويجرم، بمقتضى المادة 46 من الأمر أيضاً، أي تعبير سلمي عن مظالم صاحبة البلاغ أو أي دعاية فيما يتعلق بالوقائع المزعومة، وهو ما ينتهك حقها في حرية التعبير المنصوص عليها في المادة 19 من العهد. وترى صاحبة البلاغ أن وجود هذا الأمر أيضاً - لا سيما المواد المذكورة أعلاه التي سبق أن أشارت اللجنة في مناسبات عديدة إلى عدم توافقها مع العهد - هو السبب في أن توصيات اللجنة في جميع القرارات المتعلقة بحالات الاختفاء القسري التي تندرج ضمن هذا الأمر لم تنفذها الدولة الطرف قطُّ.

3 - 10 وتطلب صاحبة البلاغ أولاً إلى اللجنة الاعتراف بانتهاك المادة 2 ( 3 ) ،  والمادة 6 ( 1 ) ، والمادة 7 ، والمادة 9 ( الفقرات من 1 إلى 4 ) ، والمادة 10 ( 1 ) والمادة 16 من العهد فيما يتعلق ببوبكر فرقاني. وفيما يتعلق بها هي ثانياً، تطلب إلى اللجنة الاعتراف بانتهاك المادتين 2 ( 3 ) ، و 7 من العهد. وتطلب إلى اللجنة ثالثاً الإقرار بأن الأمر 06 - 01 ، لا سيما مادتاه 45 و 46 ، يشكل انتهاكاً للالتزام العام المنصوص عليه في المادة 2 ( 2 ) ، مقروءة بالاقتران مع المادتين 2 ( 3 ) و 19 من العهد. وتطلب صاحبة البلاغ كذلك إلى اللجنة أن تطلب إلى الدولة الطرف ما يلي: (أ) الإفراج عن بوبكر فرقاني إذا كان ما يزال على قيد الحياة؛ (ب) ضمان حصولها على سبيل انتصاف فعال من خلال إجراء تحقيق دقيق وفعال في الاختفاء القسري لزوجها وإبلاغها بنتائج التحقيق؛ (ج) مباشرة إجراءات جنائية ضد المسؤولين المزعومين عن اختفاء بوبكر فرقاني وتقديمهم إلى العدالة ومعاقبتهم وفقاً للالتزامات الدولية للدولة الطرف؛ (د) تقديم تعويض مناسب إلى صاحبة البلاغ وزوجها وأصحاب الحقوق من ذوي بوبكر فرقاني عن الانتهاكات التي تعرض لها. وفي الختام، تطلب إلى اللجنة أن تُلزِم السلطات الجزائرية بإلغاء المادتين المذكورتين من الأمر رقم 06 - 0 1 .

ملاحظات الدولة الطرف

4 - في 22 آب/أغسطس 2017 ، دعت الدولة الطرف اللجنة إلى الرجوع إلى المذكرة المرجعية التي أصدرتها حكومة الجزائر بشأن معالجة مسألة حالات الاختفاء في ضوء تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، واعترضت على مقبولية البلاغات المتعلقة بتنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية أمام اللجنة.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5 - 1 في 8 كانون الثاني/يناير 2019 ، قدمت صاحبة البلاغ تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف. وشددت على أن هذه التعليقات غير ملائمة، لأنها تشير إلى وثيقة نموذجية مؤرخة تموز/يوليه 2009 موجهة إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، وليس إلى اللجنة. ولا تذكر ملاحظات الدولة الطرف تفاصيل القضية ولا تقدم أي ردّ بشأن الظروف الخاصة لاختفاء بوبكر فرقاني.

5 - 2 ووفقاً لصاحبة البلاغ، يشكك رد الدولة الطرف في التزامها بالتعاون بحسن نية مع اللجنة، وهو واجب ينشأ - كما ذكرت اللجنة في الفقرة 15 من تعليقها العام رقم 33 ( 200 8 ) - من تطبيق مبدأ تنفيذ جميع الالتزامات التعاهدية بنية حسنة. وتذكّر صاحبة البلاغ بأن اللجنة أوصت الدولة الطرف، في ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الرابع للجزائر، بأن تتعاون معها بحسن نية في إطار إجراء البلاغات الفردية، والتوقف عن إحالتها إلى "المذكرة"، وتقديم رد محدد وفردي بشأن ادعاءات أصحاب البلاغات ( ) . وكانت اللجنة قد أعربت في ملاحظاتها الختامية أيضاً عن قلقها إزاء الاستخدام المنهجي لهذه "المذكرة"، التي لا تقدم رداً جوهرياً على الادعاءات التي يقدمها أصحاب البلاغات، في جميع الحالات التي تغطي الفترة من عام 1993 إلى عام 1998 ، بل خارج هذه الفترة أحياناً ( ) .

5 - 3 وقد أكدت اللجنة، ضمن استمرارية اجتهاداتها، أنه لا يمكن للدولة الطرف أن تحتج بأحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية ضد الأشخاص الذين يحتجون بأحكام العهد أو الذين قدموا أو قد يقدمون بلاغات إلى اللجنة ( ) . وترى صاحبة البلاغ أن اعتماد الدولة الطرف هذا الميثاق أو "آلية داخلية للتسوية الشاملة" لا يشكل تدابير كافية للوفاء بالتزاماتها التعاهدية بالتحقيق والمقاضاة والجبر، وأنه لا يمكن الاحتجاج بهذه التدابير بطريقة صحيحة ضد اللجنة، أو أنها تشكل أساساً لعدم مقبولية بلاغ ما.

5 - 4 وعلاوة على ذلك، أعربت اللجنة في تعليقاتها الختامية على التقرير الدوري الرابع للجزائر عن قلقها العميق مجدداً، على نحو ما فعلت مراراً، لا سيما في سياق آرائها، فيما يتعلق بالمادة 45 من الأمر 06 - 01 ، التي تعوق أي سبيل انتصاف فعال ومتاح لضحايا انتهاكات أحكام العهد التي ارتكبها أعوان إنفاذ القانون، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وارتأت أن هذه المادة تعزز الإفلات من العقاب. وبناء على ذلك، تعرب اللجنة مجدداً عن قلقها إزاء الانتهاكات العديدة والخطيرة التي يُدعى أنها ارتُكبت ولم يُحاكم أو يُدَن مرتكبوها ( ) .

5 - 5 وترى صاحبة البلاغ أن اعتراض الدولة الطرف على اختصاص اللجنة بدعوى أنه ينبغي النظر في حالات الاختفاء القسري، في الفترة من عام 1993 إلى عام 1998 وفقاً لمقاربة شمولية غير فردية، اعتراضٌ خارج الموضوع، إذ سبق للدولة الطرف أن صدقت على العهد وعلى بروتوكوله الاختياري، واعترفت بذلك بأن للجنة اختصاص النظر في البلاغات التي يقدمها الأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المنصوص عليها في العهد. وتشدد صاحبة البلاغ أيضاً على أن إعلان حالة الطوارئ على النحو المنصوص عليه في المادة 4 من العهد لا يؤثر بأي حال على حظر الاختفاء القسري، أو في ممارسة الحقوق المنصوص عليها في البروتوكول الاختياري. وتضيف علاوة على ذلك أن المادة 4 ( 2 ) من البروتوكول الاختياري تلزم ضمنيا الدول ة الطرف بأن تنظر بحسن نية في جميع الادعاءات التي تنسب إلى أي عون حكومي بانتهاك أحكام العهد، وأن توافي اللجنة بما تملك من معلومات ( ) .

5 - 6 وترى صاحبة البلاغ في الختام أن الدولة الطرف انتهكت التزامها العام الذي تنص عليه المادة 2 ( 2 ) ، مقروءة بالاقتران مع المادتين 2 ( 3 ) و 19 من العهد. والواقع أن السبب الرئيسي لعدم فعالية أي سبيل انتصاف داخل الدولة الطرف يكمن في أن المادة 45 من الأمر 06 - 01 قد أوجدت استحالة قانونية تمنع صاحبة البلاغ من الطعن أمام محاكم الدولة الطرف. ويترتب على الأمر المذكور أنه يدرج في الإطار التشريعي للدولة الطرف هذه الاستحالة القانونية التي تمنع تقديم طعن فعال وتنتهك المادة 2 ( 3 ) من العهد، وأنه يُجرّم أيضاً، بموجب المادة 46 منه، أي تعبير سلمي عن شكاواها أو أي دعاية للوقائع المزعومة، وفي ذلك انتهاكٌ لحقها في حرية التعبير المنصوص عليه في المادة 19 من العهد. وما دامت أحكام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية المذكورة أعلاه سارية، فلن تتوافر لأسر الضحايا أي وسائل قانونية لإعمال حقوقها المنصوص عليها في 2 ( 3 ) من العهد، أو حتى التحدث علناً عن الانتهاكات المرتكبة ضد ذويها، وهي أمور تعرضها للحكم بالسجن لمدة قد تصل إلى خمس سنوات، في انتهاك للمادة 19 من العهد.

عدم تعاون الدولة الطرف

6 - تذكّر اللجنة بأن الدولة الطرف طعنت في 22 آب/أغسطس 2017 في مقبولية البلاغ، وذلك بالإشارة إلى المذكرة المرجعية لحكومة الجزائر بشأن معالجة مسألة حالات الاختفاء في ضوء تنفيذ ميثاق السلام والمصالحة الوطنية. وفي 18 كانون الأول/ديسمبر 2018 ، و 16 كانون الأول/ديسمبر 2020 ، دُعيت الدولة الطرف إلى التعليق على الأسس الموضوعية للبلاغ. وتلاحظ اللجنة أنها لم تتلق أي رد، وتأسف لعدم تعاون الدولة الطرف وعدم تبادل ملاحظاتها بشأن هذه الشكوى. والدولة الطرف ملزمةٌ، بموجب المادة 4 ( 2 ) من البروتوكول الاختياري، بأن تحقق بحسن نية في جميع الادعاءات التي تُنسب إليها وإلى ممثليها بانتهاك أحكام العهد، وأن توافي اللجنة بما تملك من معلومات لها صلة بذلك ( ) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7 - 1 قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، أن تحدد ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7 - 2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 ( 2 )( أ ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ اللجنة أن الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي قد أُبلغ بهذا الاختفاء. بيد أن اللجنة تذكّر بأن الإجراءات أو الآليات الخارجة عن نطاق اتفاقيات مجلس حقوق الإنسان ليست على العموم جزءاً من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية بالمعنى المقصود من المادة 5 ( 2 )( أ ) من البروتوكول الاختياري ( ) . وبناء على ذلك، ترى أن دراسة الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي قضيةَ بوبكر فرقاني لا تجعل البلاغ غير مقبول استناداً إلى هذه المادة.

7 - 3 وتحيط اللجنة علماً بتأكيد صاحبة البلاغ أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المتاحة وأن الدولة الطرف تكتفي، في معرض الطعن في مقبولية البلاغ، بالإحالة إلى المذكرة المرجعية التي أصدرتها الحكومة الجزائرية بشأن معالجة مسألة الاختفاء في ضوء تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وفي هذا الصدد، تذكّر اللجنة بأنها سبق أن أعربت عن قلقها بشأن تجاهل الدولة الطرف طلباتها المتكررة، إذ دأبت بصورة منهجية على إحالة اللجنة إلى وثيقة عامة نموذجية تُعرف باسم "المذكرة"، من دون الرد بالضبط على ادعاءات أصحاب وصاحبات البلاغات ( ) . وبناءً على ذلك، وجّهت اللجنة إلى الدولة الطرف دعوة عاجلة إلى التعاون بحسن نية في إطار إجراء البلاغات الفردية والتوقف عن إحالتها إلى "المذكرة"، وتقديم رد محدد وفردي بشأن ادعاءات أصحاب البلاغات.

7 - 4 وتذكّر اللجنة بعد ذلك بأن واجب الدولة الطرف لا يقتصر على إجراء تحقيقات شاملة في انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة التي تُبلَّغ بها سلطاتُها فحسب، لا سيما ما تعلّق منها بانتهاك الحق في الحياة، بل من واجبها أيضاً ملاحقة كل شخص يُزعم ضلوعه في هذه الانتهاكات ومحاكمته ومعاقبته ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ أبلغت السلطات المختصة في مناسبات عديدة باختفاء زوجها قسراً، لكن الدولة الطرف لم تجر أي تحقيق في هذا الادعاء الخطير. وعلاوة على ذلك، لم تقدم الدولة الطرف أي توضيح بعينه في ملاحظاتها رداً على قضية بوبكر فرقاني يسمح باستنتاج أن ثمة سبيل انتصاف فعالاً متاحاً، في الوقت الذي يستمر فيه تطبيق الأمر رقم 06 - 01 ، وهو ما يفضي إلى تقليص نطاق تطبيق العهد، على الرغم من توصيات اللجنة بشأن ضرورة جعله متوائما مع أحكام العهد ( ) . وفي ضوء هذه الملابسات، ترى اللجنة ألا شيء يمنعها من النظر في البلاغ، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 ( 2 ) ( ب ) من البروتوكول الاختياري.

7 - 5 وعلاوة على ذلك، وبقدر ما قد يكون ثمة سوء استخدام للحق في تقديم البلاغات في حال قُدِّم البلاغ بعد خمس سنوات من استنفاد صاحبة البلاغ سبل الانتصاف المحلية ( ) - وإن لم تكن الدولة الطرف قد أثارته في هذه القضية - تذكّر اللجنة بأن الاختفاء القسري أمرٌ ذو طابع مستمر، مما يعني ضمناً التزاماً بإجراء تحقيق هو في حد ذاته التزام مستمر، وهو ما أبطله الأمر رقم 06 - 01 وآثاره في القضية قيد النظر ( ) . وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن هذا البلاغ، في ظل ملابسات هذه القضية، لا سيما بالنظر إلى أن الأمر رقم 06 - 01 يجعل من المستحيل التماس إجراء تحقيق في اختفاء بوبكر فرقاني، بلاغٌ لا يشكل سوء استخدام للحقوق.

7 - 6 وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ تؤكد أن الدولة الطرف لم تف بالتزاماتها بموجب المادة 2 ( 2 ) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادتين 2 ( 3 ) و 19 ، لأن الدولة الطرف، باعتمادها الأمر 06 - 01 ، اتخذت تدبيراً تشريعياً يُبطل الآثار الفعلية للحق في الحصول على سبيل انتصاف فعال من انتهاكات حقوق الإنسان، في انتهاك للمادة 2 ( 3 ) من العهد، ويجرم أيضاً أي تعبير سلمي أو أي دعاية بشأن الوقائع المزعومة، في انتهاك لحق صاحبة البلاغ في حرية التعبير المنصوص عليه في المادة 19 من العهد. وتذكّر اللجنة باجتهاداتها السابقة ( ) التي تفيد بأنه لا يجوز الاحتجاج بأحكام المادة 2 بالاقتران مع أحكام أخرى من العهد في بلاغ مقدم بموجب البروتوكول الاختياري، ما لم يكن عدم وفاء الدولة الطرف بالتزاماتها بموجب المادة 2 هو السبب المباشر لانتهاك منفصل للعهد يؤثر مباشرة على الشخص المدعي أنه ضحية. وفي هذه القضية، ترى اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تقدم معلومات كافية توضح كيف أن الأمر 06 - 01 طُبق عليها فعلاً من منظور المادة 19 من العهد ( ) . وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تثبت ادعاءاتها هذه بأدلة كافية، وتعلن من ثم عدم قبولها بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7 - 7 وترى اللجنة، من ناحية أخرى، أن صاحبة البلاغ قدمت أدلة كافية على ادعاءاتها الأخرى لأغراض المقبولية، وتشرع من ثم في النظر في أسسها الموضوعية بموجب المواد 6 ، و 7 ، و 9 ، و 10 ، و 16 من العهد، مقروءة بمفردها ومقترنة بالمادة 2 ( 3 ) ، فيما يتعلق ببوبكر فرقاني والمادة 7 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) فيما يتعلق بصاحبة البلاغ.

النظر في الأسس الموضوعية

8 - 1 وفقاً للمادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري، نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان.

8 - 2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اكتفت بإحالتها إلى ملاحظاتها الجماعية والعامة التي سبق أن قدّمتها إلى الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، وإلى اللجنة نفسها فيما يتعلّق ببلاغات أخرى، وذلك من أجل تأكيد موقفها ب أن هذه القضايا قد سُوِّيت بالفعل في إطار تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وتحيل اللجنة إلى اجتهاداتها السابقة ( ) وتذكّر بأنه لا يجوز للدولة الطرف الاحتجاج بأحكام الميثاق المذكور ضد الأشخاص الذين يحتجون بأحكام العهد أو الذين قدموا أو قد يقدمون بلاغات إلى اللجنة ( ) . ونظراً إلى أن الدولة الطرف لم تُدخل التعديلات التي أوصت بها اللجنة، فإن الأمر رقم 06 - 01 يُسهم في الإفلات من العقاب في هذه القضية، ولا يمكن اعتباره، بصيغته الحالية، متطابقاً مع أحكام العهد ( ) .

8 - 3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم ترُد على ادعاءات صاحبة البلاغ بشأن الأسس الموضوعية، وتذكّر باجتهاداتها السابقة التي تفيد بأن عبء الإثبات يجب ألا يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده، لاسيما وأن صاحب البلاغ لا يتساوى دائماً مع الدولة الطرف في إمكانية الحصول على أدلة الإثبات، وأن المعلومات اللازمة تملكها الدولة الطرف دون غيرها في معظم الأحيان ( ) . والدولة الطرف ملزمةٌ، بموجب المادة 4 ( 2 ) من البروتوكول الاختياري، بأن تنظر بحسن نية في جميع ادعاءات انتهاك أحكام العهد التي تُنسب إليها وإلى ممثليها، وأن توافي اللجنة بما لديها من معلومات لها صلة بذلك ( ) . وفي حال لم تقدّم الدولة الطرف أي توضيح بهذا الشأن، يتعين إيلاء ادعاءات صاحبة البلاغ الاهتمام الواجب ما دامت مدعومة بأدلة كافية.

8 - 4 وتذكّر اللجنة بأنه على الرغم من أن مصطلح "الاختفاء القسري" لا يرد صراحة في أي مادة من مواد العهد، فإن الاختفاء القسري يُشكل مجموعة فريدة ومتكاملة من الأفعال التي تنتهك العديد من الحقوق المكرسة في هذا الصك انتهاكاً مستمراً، مثل الحق في الحياة، والحق في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وحق الفرد في الحرية وفى الأمان على شخصه ( ) .

8 - 5 وتلاحظ اللجنة أن آخر مرة رأت فيها صاحبة البلاغ بوبكر فرقاني كانت في 22 حزيران/ يونيه 1995 ، عندما اعتقله أفراد قوات الأمن. وتلاحظ أيضاً أن الدولة الطرف لم تقدم أي دليل لتحديد مصير بوبكر فرقاني ولم تؤكد احتجازه قطُّ. وتذكّر اللجنة بأن سلب الشخص حريته ثم رفض الاعتراف بذلك، أو رفض الكشف عن مصير الشخص المختفي يعني، في حالات الاختفاء القسري، حرمان هذا الشخص من حماية القانون وتعريض حياته لخطر مستمر وجسيم، والدولة هي المسؤولة عن ذلك ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي دليل يمكن أن يثبت أنها أوفت بالتزامها بحماية حياة بوبكر فرقاني. وبناءً على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم تفِ بالتزامها بحماية حياة بوبكر فرقاني في انتهاك للمادة 6 ( 1 ) من العهد.

8 - 6 وتقر اللجنة بمدى المعاناة التي ينطوي عليها الاحتجاز مع العزل التام لأجل غير مسمى. وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 20 ( 199 2 ) بشأن حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، الذي أوصت ضمنه الدول الأطراف باتخاذ تدابير لمنع الاحتجاز مع العزل التام. وتلاحظ اللجنة في هذه القضية أنه بعد أربعة أشهر من اعتقال بوبكر فرقاني، تلقت صاحبة البلاغ معلومات من أشخاص اعتقلوا في نفس وقت اعتقال زوجها أكدوا ضمنها أنهم احتُجزوا معه في المركز الإقليمي للبحث والتحقيق في بيلفو بقسنطينة، لكنها لم تتلق بعد ذلك قطُّ أي معلومات رسمية عن مصيره أو مكان احتجازه، على الرغم من المحاولات المختلفة التي بذلتها لزيارة أماكن الاحتجاز التي ادُّعي أنه احتُجز فيها، وعلى الرغم من الطلبات العديدة المتتالية التي قدمتها إلى سلطات الدولة. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن من المحتمل أن السلطات الجزائرية ما زالت تحتجز بوبكر فرقاني، الذي اختفى في 22 حزيران/يونيه 1995 ، مع العزل التام. وفي غياب أي توضيح من الدولة الطرف، ترى اللجنة أن اختفاء بوبكر فرقاني يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد ( ) .

8 - 7 وفي ضوء ما تقدّم، لن تنظر اللجنة على حدة في الادعاءات المتعلقة بانتهاك المادة 10 من العهد ( ) .

8 - 8 وفيما يتعلق بادعاءات انتهاك المادة 9 من العهد، تلاحظ اللجنة ادعاءات صاحبة البلاغ أن بوبكر فرقاني اعتُقل تعسفاً ودون مذكرة توقيف، ولم يُتهم ولم يمثل أمام سلطة قضائية ليتمكن من الطعن في قانونية احتجازه. وفي غياب أي معلومات من الدولة الطرف في هذا الصدد، ترى اللجنة أنه ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحبة البلاغ ( ) . وبناء على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن حقوق بوبكر فرقاني، التي تنص عليها المادة 9 من العهد، انتُهكت ( ) .

8 - 9 وترى اللجنة أن حرمان الشخص عمداً من حماية القانون يشكل إنكاراً لحق هذا الشخص في أن يُعترف له بشخصيته القانونية، لا سيما عندما توضع عراقيل بصورة منهجية لغرض تعطيل الجهود التي يبذلها أقارب الضحية في إطار ممارسة حقهم للحصول على سبيل انتصاف فعال ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح عن مصير بوبكر فرقاني أو مكان وجوده، على الرغم من المساعي التي بذلها أقاربه، وحقيقة أنه كان في عهدة سلطات الدولة الطرف عندما شوهد آخر مرة. وتخلص اللجنة إلى أن اختفاء بوبكر فرقاني قسراً منذ ما يزيد على سبعة وعشرين عاماً قد حرمه من حماية القانون ومن حقه في أن يُعترف له بشخصيته القانونية، وفي ذلك انتهاكٌ للمادة 16 من العهد.

8 - 10 وتلاحظ اللجنة أيضاً الكرب والضيق اللذين تعيش فيهما صاحبة البلاغ وأسرتها بسبب اختفاء بوبكر فرقاني لأكثر من سبعة وعشرين عاماً. وترى في هذا الصدد أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاكٍ لحقوق صاحبة البلاغ المكفولة بموجب المادة 7 ، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد ( ) .

8 - 11 وتحتج صاحبة البلاغ بأحكام المادة 2 ( 3 ) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المواد 6 ، و 7 ، و 9 ، و 16 التي تلزم الدول الأطراف بأن تضمن لأي شخص سبل انتصاف ميسّرة ومفيدة وقابلة للإنفاذ من أجل إعمال الحقوق التي يكفلها له العهد. وتذكّر اللجنة بأنها تولي أهمية لإنشاء الدول الأطراف آليات قضائية وإدارية مناسبة لمعالجة الشكاوى المتعلقة بانتهاكات الحقوق التي يكفلها العهد ( ) . وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 31 ( 200 4 ) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، الذي تشير ضمنه على وجه الخصوص إلى أن تخلف الدولة الطرف عن التحقيق في المزاعم المتعلقة بالانتهاكات يمكن أن يؤدي، في حد ذاته، إلى خرق مستقل للعهد.

8 - 12 وفي هذه القضية، أبلغت صاحبة البلاغ السلطات المختصة مراراً باختفاء زوجها بوبكر فرقاني دون أن تجري الدولة الطرف تحقيقاً بشأن هذا الاختفاء، ودون أن تُبلَّغ صاحبة البلاغ بمصير زوجها. وإضافة إلى ذلك، فإن عدم توافر إمكانية قانونية للجوء إلى هيئة قضائية، بعد صدور الأمر رقم 06 - 01 ، يحرم بوبكر فرقاني وصاحبة البلاغ من أي سبيل انتصاف فعال، لأن هذا الأمر يحظر اللجوء إلى القضاء لاستجلاء ملابسات أشد الجرائم خطورة، مثل حالات الاختفاء القسري ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك للمادة 2 ( 3 ) ، مقروءة بالاقتران مع المواد 6 ، و 7 ، و 9 ، و 16 من العهد فيما يتعلق ببوبكر فرقاني، وانتهاك للمادة 2 ( 3 ) ، مقروءة بالاقتران مع المادة 7 من العهد، فيما يتعلق بصاحبة البلاغ ( ) .

9 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاكات الدولة الطرف حقوق بوبكر فرقاني بمقتضى المواد 6 و 7 و 9 و 16 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد. وترى اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف قد انتهكت المادة 7 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) فيما يتعلق بصاحبة البلاغ.

10 - وعملاً بأحكام المادة 2 ( 3 )( أ ) من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبة البلاغ. والدولة الطرف ملزمة بأن تمنح تعويضاً كاملاً للأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم المعترف بها في العهد. وفي هذه القضية، يلزم الدولة الطرف، في جملة أمور، اتخاذ ما يلي: (أ) إجراء تحقيق سريع وفعال ومعمق ومستقل ونزيه وشفاف بشأن اختفاء بوبكر فرقاني وموافاة صاحبة البلاغ بمعلومات مفصلة عن نتائج هذا التحقيق؛ (ب) الإفراج فوراً عن بوبكر فرقاني إن كان ما زال محتجزا مع العزل التام؛ (ج) إعادة رفات بوبكر فرقاني، في حال وفاته، إلى أسرته في ظروف تحفظ الكرامة، وفقاً للمعايير والتقاليد الثقافية للضحايا؛ (د) مقاضاة ومحاكمة ومعاقبة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة بعقوبات تتناسب مع جسامة الانتهاكات؛ (ه) تزويد صاحبة البلاغ وبوبكر فرقاني، في حال ما زال على قيد الحياة، بتعويض كاف وتدابير ترضية مناسبة. والدولة الطرف ملزمةٌ علاوة على ذلك باتخاذ تدابير تمنع تكرار مثل هذه الانتهاكات في المستقبل. ويتعين على الدولة الطرف ضمان عدم إعاقة الحق في الانتصاف الفعال لضحايا الانتهاكات الجسيمة مثل التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري. وفي هذا الصدد، ينبغي للدولة الطرف إعادة النظر في تشريعاتها وفقاً للالتزام الواقع على عاتقها بموجب المادة 2 ( 2 ) من العهد، وأن تلغي على وجه الخصوص أحكام الأمر رقم 06 - 01 التي تتنافى مع العهد، حتى تتسنى ممارسة الحقوق المكرسة في العهد بالكامل في الدولة الطرف.

11 - واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في البتّ في حدوث انتهاك للعهد من عدمه، وتعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تضمن الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها، وبأن تتيح لهم سبل انتصاف فعالة عندما يثبت حدوث انتهاك، فهي تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لإنفاذ هذه الآراء. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها بلغاتها الرسمية على نطاق واسع.