اللجنة المعنية بحقوق الإنسان
آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 3126/2018 * **
بلاغ مقدم من : آنا كراسولينا (يمثلها المحامي ليونيد سودالنكو )
الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبة البلاغ
الدولة الطرف : بيلاروس
تاريخ تقديم البلاغ : 30 أيلول/سبتمبر 2016 (تاريخ الرسالة الأولى)
الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 16 شباط/ فبراير 2018 (لم يصدر في شكل وثيقة)
تاريخ اعتماد الآراء : 23 تموز/يوليه 2021
الموضوع : رفض التصريح بتنظيم حدث عام؛ معاقبة صاحبة البلاغ على مشاركتها في تجمع سلمي غير مرخص له
المسائل الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ سبل الانتصاف المحلية الفعالة
المسائل الموضوعية : حرية التجمع؛ حرية الرأي والتعبير
مواد العهد : 2 ( 2 )-( 3 ) و 19 و 21
مواد البروتوكول الاختياري : 2 و 3 و 5 ( 2 )(ب)
1 - صاحبة البلاغ تدعى آنا كراسولينا ، وهي مواطنة من الاتحاد الروسي وُلِدت في عام 196 9 . وتدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها التي تكفلها المادتان 19 و 21 من العهد، مقروءتين بالاقتران مع المادة 2 ( 2 ) و ( 3 ) منه. ودخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لبيلاروس في 30 كانون الأول/ديسمبر 199 2 . ويمثل صاحبَة البلاغ محام.
الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ
2 - 1 في 28 تموز/يوليه 2016 ، كانت صاحبة البلاغ ، مع أشخاص آخرين ، يحملون ملصق اً كتب عليه "الأم تتذكر. وأنت؟" في شارع الاستقلال، في مينسك ( ) . وفي التاريخ نفسه، اتهم ضباط الشرطة صاحبة البلاغ بارتكاب جريمة إدارية بموجب المادة 23 - 34 من قانون الجرائم الإدارية ( التي تنظم إجراءات تنظيم أو عقد الأحداث الجماهيرية ) ، بسبب تعبيرها عن رأيها عن طريق المشاركة في اجتماع سلمي دون الحصول على إذن مسبق.
2 - 2 وفي 19 آب/أغسطس 2016 ، أدانت محكمة موسكو المحلية في مينسك صاحبة البلاغ بموجب المادة 23 - 34 من قانون الجرائم الإدارية وغرمتها 420 روبلا ً بيلاروسيا ً (حوالي 200 يورو ). وفي 23 آب/أغسطس 2016 ، قدمت صاحبة البلاغ طعن اً بالنقض إلى محكمة مدينة مينسك، والذي رفض في 16 أيلول/سبتمبر 201 6 . ولم تقدم صاحبة البلاغ استئنافاً بموجب إجراء المراجعة القضائية الرقابية. وتحتج بأنه، وفقاً للاجتهادات القانونية للجنة، لا تعتبر هذه المراجعة وسيلة انتصاف فعالة.
الشكوى
3 - 1 تدعي صاحبة البلاغ أن العقوبات المفروضة عليها بسبب تعبيرها عن رأيها عن طريق المشاركة في اجتماع سلمي لم تكن مبررة بناء على الأسس المنصوص عليها في المادتين 19 ( 3 ) و 21 من العهد.
3 - 2 وتدعي صاحبة البلاغ أيض اً أن الدولة الطرف، بموجب المادة 2 من العهد، قد تعهدت باحترام الحقوق المكفولة في العهد والتزمت باعتماد التشريعات اللازمة للوفاء بذلك الالتزام وتوفير سبل انتصاف محلية فعالة من أجل حماية تلك الحقوق. ويشكل قرار محكمة موسكو المحلية بمعاقبتها على التعبير عن رأيها من خلال تجمع سلمي على أساس القانون المنظم للأحداث العامة المؤرخ 30 كانون الأول/ديسمبر 1997 انتهاكا ً لحقوقها بموجب المادتين 19 و 21 ، مقروءتين بالاقتران مع المادة 2 ( 2 )-( 3 ) من العهد.
3 - 3 وطلبت صاحبة البلاغ إلى اللجنة أن تخلص إلى حدوث انتهاك للمادتين 19 و 21 ، مقروءتين بمفردهما وبالاقتران مع المادة 2 ( 2 )-( 3 ) من العهد.
ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية
4 - 1 قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها في مذكرة شفوية مؤرخة 27 آذار/مارس 201 8 . ووفق اً للدولة الطرف، كان بإمكان صاحبة البلاغ أن تقدم طعونا ً تطلب بموجبها إجراء مراجعة قضائية رقابية إلى رئيس محكمة مينسك الإقليمية وإلى رئيس المحكمة العليا، وكذلك إلى مكتب المدعي العام. وتكفل المادة 12 - 11 من قانون الإجراءات وتنفيذ قانون الجرائم الإدارية سبل الانتصاف هذه. وكان بإمكان صاحبة البلاغ أن تقدم هذه الطعون في غضون ستة أشهر بعد 16 أيلول/سبتمبر 2016 ، عندما دخل قرار المحكمة في قضيتها حيز النفاذ.
4 - 2 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ أن المراجعة القضائية الرقابية التي يجريها مكتب المدعي العام لن تكون فعالة، تدفع الدولة الطرف بأن مكتب المدعي العام تلقى 766 3 ادعاء بشأن قضايا تتعلق بجرائم إدارية في عام 201 7 . ومن هذا المجموع، استعرضت المحاكم 665 3 قضية ( 97 في المئة )، مما يثبت كفاءة إجراء المراجعة القضائية الرقابية في القضايا المتعلقة بالجرائم الإدارية.
4 - 3 وتدفع الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ لم تثبت ادعاءاتها بحدوث انتهاكات للمواد 2 ( 2 )-( 3 ) و 19 و 21 من العهد. وفي هذا الصدد، تذكر الدولة الطرف أن المادتين 33 و 35 من دستور بيلاروس تكفلان الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي. وتهدف القيود المنصوص عليها في القانون المنظم للأحداث العامة إلى تهيئة الظروف لإعمال الأفراد لحقوقهم، ولا يمكن اعتبارها انتهاك اً للمادتين 19 و 21 من العهد.
4 - 4 وتخلص الدولة الطرف إلى أنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول بموجب المادتين 2 و 3 من البروتوكول الاختياري بسبب عدم استنفاد صاحبة البلاغ سبل الانتصاف المحلية وإساءة استخدامها لإجراء تقديم البلاغات.
تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف
5 - 1 في 6 حزيران/ يونيه 2018 ، قدمت صاحبة البلاغ تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف. وهي تدعي أن إجراء مراجعة قضائية رقابية هو إجراء استنسابي ولا يضمن إحالة الاستئناف إلى المحكمة للنظر فيه. وعلاوة على ذلك، وحتى لو تم قبوله للنظر فيه، فإن المحاكم لن تعيد النظر في القضية من حيث أسسها الموضوعية. وتدعي صاحبة البلاغ أن شرط الاستنفاد بموجب المادة 5 ( 2 )( ب ) من البروتوكول الاختياري لا ينطبق إلا إذا كانت سبل الانتصاف فعالة ومتاحة. وتؤكد أن اللجنة لا تعتبر إجراء المراجعة القضائية الرقابية في بيلاروس وسيلة انتصاف فعالة ( ) .
5 - 2 وتدعي صاحبة البلاغ أنه من المستحيل عملي اً تقديم الطعون بموجب إجراء المراجعة القضائية الرقابية في الوقت المحدد إلى كل من رئيس محكمة مينسك الإقليمية ورئيس المحكمة العليا. وإن لرئيس المحكمة العليا خمسة نواب، يجوز للعديد منهم مراجعة الاستئناف. وللمدعي العام أربعة نواب. ولا توضح الدولة الطرف أي نائب من بينهم يلزم التّوجه إليه لكي ينظر رئيس المحكمة العليا أو المدعي العام في الاستئناف بصورة شخصية.
5 - 3 وفيما يتعلق بالإحصاءات التي قدمتها الدولة الطرف، تلاحظ صاحبة البلاغ أن وكالات الشؤون الداخلية سجلت 3 , 9 مليون جريمة إدارية في عام 201 7 . وتتعلق الإحصاءات التي قدمتها الدولة الطرف بنحو 0 , 1 في المائة من مجموع عدد الجرائم الإدارية المسجلة. ولم تحدد الدولة الطرف القضايا التي تتعلق بالحق في حرية التعبير والتجمع من بين الادعاءات المذكورة..
5 - 4 وفيما يتعلق بملاحظات الدولة الطرف بأن القانون الذي ينظم المناسبات العامة يمتثل لمقتضيات المادتين 19 و 21 من العهد، تذكر صاحبة البلاغ أن اللجنة الأوروبية للديمقراطية من خلال القانون (لجنة البندقية )، ومكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، واللجنة نفسها، وجدت في عدد من الآراء المتعلقة ببيلاروس، العديد من أوجه القصور واقترحت تعديل القانون بما يتماشى مع المعايير الدولية ( ) . وقد أدى عدم قيام الدولة الطرف بذلك، إلى جانب ممارستها التشريعية والتنفيذية، إلى انتهاكات لحقوق صاحبة البلاغ بموجب المادتين 19 و 21 من العهد.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
النظر في المقبولية
6 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، أن تحدد ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.
6 - 2 وقد تحقَّقت اللجنة، على النحو المطلوب بموجب المادة 5 ( 2 )( أ ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
6 - 3 وتحيط اللجنة علماً بملاحظة الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية لأنها لم تقدم طعون اً لإجراء مراجعة قضائية رقابية إلى رئيس محكمة مينسك الإقليمية أو إلى المحكمة العليا. وتذكّر اللجنة باجتهاداتها القضائية التي جاء فيها أن التماس مراجعة قضائية رقابية من مكتب المدعي العام، وهو إجراء يخضع للسلطة التقديرية للنيابة العامة، من أجل طلب مراجعة قرارات محكمة دخلت حيز النفاذ، لا يشكل سبيل انتصاف يتعيّن استنفاده لأغراض الفقرة 2 ( ب ) المادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) . وترى اللجنة أيضاً أن تقديم طلبات إجراء مراجعة قضائية رقابية لقرارات المحاكم النافذة إلى رئاسة المحكمة والتي يتوقف البت فيها على سلطة القاضي التقديرية يشكل سبيل انتصاف استثنائياً، وأن على الدولة الطرف أن تثبت وجود احتمال معقول في أن تتيح هذه الطلبات سبيل انتصاف فعالاً في ضوء ملابسات القضية ( ) . ونظرا ً لعدم ورود معلومات مفصلة وذات صلة من الدولة الطرف عن فعالية إجراء المراجعة الرقابية في القضايا الإدارية المتعلقة بالعقوبات المفروضة على ممارسة الحق في حرية التعبير والتجمع، ترى اللجنة أن المادة 5 ( 2 )( ب ) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في البلاغ.
6 - 4 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبة البلاغ انتهاك الدولة الطرف لحقوقها المكفولة بموجب المادة 2 ( 2 ) ، مقروءة بالاقتران مع المادتين 19 و 21 من العهد. وتكرر أنه لا يمكن الاحتجاج بأحكام المادة 2 في ادعاء يرد في بلاغ بمقتضى البروتوكول الاختياري بالاقتران مع أحكام أخرى من العهد إلا إن كان إخلال الدولة الطرف بالتزاماتها المنصوص عليها في المادة 2 هو السبب الأقرب لانتهاك مستقل للعهد يؤثر تأثيراً مباشراً في الشخص الذي يدعي أنه ضحية ( ) ، غير أن اللجنة تلاحظ أن صاحبة البلاغ سبق أن ادعت انتهاك حقوقها المنصوص عليها في المادتين 19 و 21 بسبب تفسير وتطبيق القوانين القائمة للدولة الطرف، ولا ترى أن النظر فيما إذا كانت الدولة الطرف قد انتهكت أيضاً التزاماتها العامة بمقتضى المادة 2 ( 2 ) من العهد، المقروءة بالاقتران مع المادتين 19 و 21 منه، إجراءٌ منفصل عن النظر في مسألة انتهاك حقوق صاحبة البلاغ بمقتضى المادتين 19 و 21 من العهد. ولهذا السبب، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحبة البلاغ في هذا الصدد تتنافى مع المادة 2 من العهد، وبالتالي فإنها غير مقبولة بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.
6 - 5 وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المادتين 19 و 21 ، مقروءتين بالاقتران مع المادة 2 ( 3 ) من العهد. وفي غياب أي معلومات أخرى ذات صلة في الملف، ترى اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تقدم أدلة كافية على ادعاءاتها لأغراض المقبولية. وبناءً على ذلك، تعلن اللجنة أن هذا الشق من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.
6 - 6 وفي الختام، ترى اللجنة أن صاحبة البلاغ قدمت أدلة كافية لدعم ادعاءاتها الأخرى التي تثير قضايا بموجب المادتين 19 و 21 من العهد لأغراض المقبولية، وتشرع بناءً على ذلك في النظر في الأسس الموضوعية.
النظر في الأسس الموضوعية
7 - 1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.
7 - 2 وتحيط اللجنة علم اً بادعاءات صاحبة البلاغ بأن حقوقها في حرية التعبير والتجمع قد قيدت، مما يشكل انتهاك اً للمادتين 19 و 21 من العهد، حيث عوقبت بسبب تعبيرها عن رأيها عن طريق المشاركة في اجتماع سلمي دون الحصول على إذن مسبق. ويجب على اللجنة بالتالي أن تنظر فيما إذا كانت القيود المفروضة على حقوق صاحبة البلاغ في هذه القضية مبررة بموجب أي من المعايير المنصوص عليها في المادة 19 ( 3 ) وفي المادة 21 من العهد.
7 - 3 وتذكّر اللجنة أيضاً بأن الحق في التجمع السلمي، الذي تكفله المادة 21 من العهد، حق أساسي من حقوق الإنسان وهو ضروري لتعبير الفرد علناً عن آرائه ووجهات نظره ولا غنى عنه في مجتمع ديمقراطي ( ) . وقد تتّخذ هذه التجمعات أشكالاً عديدة، بما فيها المظاهرات والاحتجاجات والاجتماعات والمواكب والتجمعات والاعتصامات والوقفات على ضوء الشموع والتجمعات المفاجئة. وهي محمية بموجب المادة 21 سواء أكانت ثابتة، مثل الاعتصامات، أم متنقلة، مثل المواكب أو المسيرات ( ) . ولا يُسمَح بأي قيد على هذا الحق إلا إذا كان: (أ) مفروضاً طبقاً للقانون؛ (ب) وضرورياً في مجتمع ديمقراطي لحماية مصالح الأمن القومي، أو السلامة العامة، أو النظام العام، أو الصحة العامة، أو الآداب العامة، أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وعندما تفرض دولة طرف قيوداً بهدف التوفيق بين حق الفرد في التجمع والمصالح العامة سالفة الذكر، ينبغي أن تستهدي بالهدف الذي يقضي بتيسير إعمال هذا الحق بدلاً من السعي إلى تقييده تقييداً غير ضروري وغير متناسب ( ) . ولذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة بأن تبرر تقييد الحق الذي تحميه المادة 21 من العهد وأن تثبت أن هذا التقييد لا يشكل عقبة غير متناسبة تحول دون ممارسة الحق ( ) .
7 - 4 وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تعتمد إلا على أحكام القانون المنظم للأحداث العامة، الذي يلزم السلطات التنفيذية المحلية بأن تأذن بعقد تجمع سلمي، وهو شرط يقيد في حد ذاته الحق في حرية التجمع السلمي ( ) . وتشير اللجنة إلى أن اشتراط طلب إذن من السلطات يقوض فكرة أن التجمع السلمي حق أساسي ( ) . وفي حال استمرار وجود هذا الشرط في القوانين الوطنية ، فيجب أن يستخدم ، في الممارسة العملية، باعتباره نظام إخطار، على أن يُمنح الترخيص تلقائياً ما لم تكن هناك أسباب قاهرة تمنع من ذلك ( ) . وينبغي ألا تكون هذه النظم مفرطة في البيروقراطية ( ) .
7 - 5 وتحيط اللجنة علم اً بملاحظة الدولة الطرف بأن إجراءات تنظيم الأحداث العامة المنصوص عليها في القانون الذي ينظم هذه الأحداث ضرورية للحفاظ على حقوق الآخرين، ومن ثم فإن القانون يشكل أساس اً كافي اً للحد من الحق في حرية التجمع السلمي. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن المادة 21 من العهد تنص على شرطين لا ينفصلان: ينبغي أن تستند القيود إلى القانون المحلي، وفي الوقت نفسه، ينبغي أن تكون ضرورية في مجتمع ديمقراطي من أجل حماية الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم. وعلاوة على ذلك، ينبغي أن تكون القيود القانونية متناسبة مع الهدف الذي تهدف إلى تحقيقه، وهو ما يتطلب تحديد قيمتها من جانب سلطات الدولة من خلال الموازنة بين طبيعة التدخل وتأثيره الضار على ممارسة الحق، من جهة، والفائدة المترتبة على أحد أسباب التدخل، من جهة أخرى ( ) . ولذلك، فإن تحديد ما إذا كان التقييد ضرورياً لا يتطلب تقييماً قانونياً فحسب، بل تقييماً وقائعياً أيضاً. وتلاحظ اللجنة أنها تناولت قضايا مماثلة تتعلق بنفس قوانين الدولة الطرف وممارساتها في عدد من البلاغات السابقة. وفي هذه الحالة، لم تحاول الدولة الطرف إثبات أن العقوبة المفروضة على صاحبة البلاغ والتي تتمثل في فرض غرامة على صاحبة البلاغ بسبب مشاركتها في اجتماع سلمي غير مأذون به كانت ضرورية ومتناسبة بموجب المادة 21 من العهد. ولذلك، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت المادة 21 من العهد.
7 - 6 وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بادعاء صاحبة البلاغ أن حريتها في التعبير قد قيدت بصورة غير قانونية لأنها أدينت بارتكاب جريمة إدارية وعوقبت بدفع غرامة قدرها نحو 200 يورو لمشاركتها في الحدث العام المذكور أعلاه. ولهذا السبب، فإن المسألة المعروضة على اللجنة تتمثل في تحديد ما إذا كانت العقوبة المفروضة على صاحبة البلاغ من قبل السلطات المحلية تشكل انتهاكاً للمادة 19 من العهد.
7 - 7 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 34 ( 201 1 ) بشأن حرية الرأي وحرية التعبير، حيث رأت في جملة أمور أن حرية التعبير تمثل عنصراً أساسياً في أي مجتمع وتشكل حجر الزاوية لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية ( ) . ولا تجيز المادة 19 ( 3 ) من العهد فرض قيود بعينها على حرية التعبير، من بينها حرية نقل المعلومات والأفكار، إلا بقدر ما ينص عليه القانون وما إذا كانت ضرورية: (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم؛ أو (ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام، أو الصحة العامة أو الآداب العامة. وأخيراً، يجب ألا يكون أي تقييد لحرية التعبير مفرطاً في طبيعته - أي أنه يجب أن يكون أقل التدابير تدخلاً من بين التدابير التي من شأنها تحقيق وظيفة الحماية ذات الصلة، وأن يكون متناسباً مع المصلحة موضوع الحماية ( ) . وتذكر اللجنة بأن على الدولة الطرف مسؤولية أن تثبت وجه الضرورة والتناسب في القيود المفروضة على حقوق صاحبة البلاغ التي تكفلها المادة 19 من العهد ( ) .
7 - 8 وتلاحظ اللجنة أن فرض غرامة كبيرة على صاحبة البلاغ لمجرد أنها شاركت في حدث سلمي، وإن كان غير مأذون به، يثير شكوكاً شديدة في مدى ضرورة وتناسب القيود المفروضة على حقوق صاحبة البلاغ المكفولة بموجب المادة 19 من العهد. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أن الدولة الطرف لم تحتج بأي أسباب محددة لدعم ضرورة فرض هذه القيود، وفقاً لما تقتضيه المادة 19 ( 3 ) من العهد ( ) . ولم تثبت الدولة الطرف كذلك أن التدابير التي اختيرت هي بطبيعتها أقل الوسائل تدخلاً أو أنها متناسبة مع المصلحـة الـمتوخى حمايتها. وبالنظر إلى ملابسات هذه القضية، ترى اللجنة أن القيود المفروضة على صاحبة البلاغ، وإن كانت تستند إلى القانون المحلي، غير مبرَّرة في ضوء الشروط المنصوص عليها في المادة 19 ( 3 ) من العهد. ولذلك، تخلص اللجنة إلى أن حقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة 19 من العهد قد انتُهِكت ( ) .
8 - وإذ تتصرف اللجنة بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، فهي ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك من جانب الدولة الطرف لحقوق صاحبة البلاغ بموجب المادتين 19 و 21 من العهد.
9 - وعملاً بأحكام المادة 2 ( 3 )( أ ) من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبة البلاغ. وهذا يتطلب منها أن تمنح تعويضاً كاملاً للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد. وتبعاً لذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، بمنح صاحبة البلاغ تعويضاً مناسباً، بما في ذلك سداد الغرامة وأي تكاليف قانونية تكبدتها صاحبة البلاغ فيما يتصل بالدعاوى المحلية. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل، ولا سيما عن طريق مراجعة تشريعاتها الوطنية بشأن تنظيم الأحداث العامة وتنفيذها لجعلها متوافقة مع التزاماتها بموجب المادة 2 ( 2 )، وذلك باعتماد تدابير تمكِّن من إعمال الحقوق المكفولة بموجب المادتين 19 و 2 1 .
10 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إن كان وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهّدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وبأن توفّر لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ إن ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات عن التدابير التي اتخذتها لإنفاذ آراء اللجنة. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.