الأمم المتحدة

CCPR/C/135/D/2860/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

16 January 2023

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5( 4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2860/2016 * **

بلاغ مقدم من: يوري بيلينكي (لا يمثله محام أو محامية)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 5 شباط/فبراير 2016 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 8 تموز/يوليه 2022

الموضوع: فرض غرامة بسبب الإخلال بالإجراء المعمول به لتنظيم الأحداث العامة

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: حرية التجمع

مواد العهد: 14 ( 1 ) و 21

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و 5 ( 2 )(ب)

1 - صاحب البلاغ هو يوري بيلينكي، مواطن من بيلاروس، مولود في 196 0 . وهو يدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادة 21 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 30 كانون الأول/ديسمبر 199 2 . ولا يمثل صاحبَ البلاغ محامٍ.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 صاحب البلاغ هو نائب رئيس الحزب المسيحي المحافظ. وتوجه الحزب بطلب إلى اللجنة التنفيذية لمدينة مينسك في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2014 للحصول على تصريح بتنظيم مظاهرة وتجمع في مدينة مينسك، وآخر إلى اللجنة التنفيذية الإقليمية لمينسك في 14 تشرين الأول/أكتوبر من نفس السنة للحصول على إذن بتنظيم مظاهرة وتجمع في إقليم مينسك بحضور ما يصل إلى 000 5 مشارك. وكان من المخطط تنظيم كلا الحدثين في يوم 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، بالتزامن مع عيد تذكر الموتى (دزيادي )، وهو عطلة مسيحية بيلاروسية قديمة. وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر 2014، طلب الحزب إذناً من اللجنة التنفيذية لمدينة مينسك لحدث عام آخر - وهو مظاهرة تضم ما يصل إلى 500 مشارك من المقرر القيام بها في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 في مينسك، بمناسبة عيد دزيادي أيضاً. وعين الحزب صاحب البلاغ كأحد الأشخاص المسؤولين عن تنظيم الأحداث.

2 - 2 وبموجب قراري اللجنة التنفيذية لمدينة مينسك في 23 و 31 تشرين الأول/أكتوبر 2014 ، وقرار اللجنة التنفيذية الإقليمية لمينسك المؤرخة 24 تشرين الأول/أكتوبر 2014 ، تم الإذن بتنظيم الأحداث العامة الثلاثة جميعها. ونصت هذه القرارات على واجب منظمي هذه الأحداث المتمثل في التنسيق، في الوقت المناسب، مع المكاتب المعنية في وزارة الداخلية بشأن المسائل المتعلقة بضمان النظام العام أثناء الأحداث، ودفع تكاليف الخدمات التي تقدمها لكفالة الحفاظ على النظام العام أثناء الأحداث وفقاً للأحكام ذات الصلة من قانون الأحداث الجماهيرية. ووفقاً لصاحب البلاغ، لم تتضمن هذه القرارات معلومات عن الإجراءات الواجب اتباعها لإبرام العقود مع السلطات المختصة لكفالة النظام العام؛ ولذلك، لم تتخذ تدابير لتنسيق إبرام العقود، إذ افترض أن الأحداث العامة المذكورة قد أذن بها من دون مثل هذه العقود.

2 - 3 وفي 27 تشرين الأول/أكتوبر 2014 ، شارك صاحب البلاغ في اجتماع مع ممثلي اللجنة التنفيذية لمدينة مينسك، ومكتب مينسك الرئيسي التابع لوزارة الداخلية، ومكتب المدعي العام، ناقشوا فيه تفاصيل الأحداث المخطط لها، مثل تدابير الأمن العام، والمسار، واستخدام الملصقات، وما إلى ذلك. وعلاوة على ذلك، وقبل المظاهرة التي نظمت في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 ، ناقش صاحب البلاغ وممثل عن مكتب مينسك الرئيسي التابع لوزارة الداخلية شفوياً تدابير السلامة العامة التي ستتبع خلال الحدث.

2 - 4 وعقدت الأحداث العامة المذكورة يومي 2 و 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 ، كما كان مقرراً، وجرت بسلام.

2 - 5 وفي تاريخ غير محدد بعد انعقاد الأحداث، طلب الحزب المسيحي المحافظ إلى مكتب مينسك الرئيسي التابع لوزارة الشؤون الداخلية تقديم المعلومات اللازمة حول كيفية دفع تكاليف خدمات الأمن العام التي قدمت خلال الأحداث. وفي رسالة مؤرخة 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 ، ردّ المكتب بأنه لا يمكن إصدار فاتورة لدفع ثمن الخدمات لأن منظمي الحدث لم يبرموا العقود ذات الصلة مع مقدمي الخدمات.

2 - 6 وفي تواريخ غير محددة، اتُهم صاحب البلاغ بالإخلال بالإجراء المعمول به لتنظيم الأحداث العامة، لعدم تنسيقه مع مكتب وزارة الداخلية المعني بشأن توفير خدمات الأمن العام أثناء الأحداث، وعدم توقيعه عقد وعدم دفع ثمن الخدمات - مما يشكل مخالفة إدارية بموجب المادة 23 - 34 ( 2 ) من قانون الجرائم الإدارية. وبوشرت ثلاث إجراءات إدارية منفصلة ضد صاحب البلاغ.

2 - 7 ونظرت محكمة بيرفومايسكي المحلية بمينسك في التهم الموجهة إليه في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014 ، تلتها كل من محكمة لينينسكي المحلية بمينسك في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 ومحكمة مينسك المحلية في 24 كانون الأول/ديسمبر 2014 ، وخلصت إلى أن منظم الأحداث لم يبرم أي عقود مع مكتب وزارة الداخلية المعني بخدمات الأمن العام خلال الأحداث، وأنه لم يجر دفع أي مبالغ نظير الخدمات. وبناء على ذلك، أدانت كل من المحاكم المذكورة صاحب البلاغ بارتكاب جريمة إدارية بموجب المادة 23 - 34 ( 2 ) من قانون الجرائم الإدارية وأمرته بدفع غرامة إدارية، الأولى بقيمة 3 ملايين، والثانية 4 , 5 ملايين، والثالثة 3 , 75 ملايين روبل بيلاروسي ( ) .

2 - 8 وطعن صاحب البلاغ في جميع الإدانات الإدارية الثلاثة من خلال ثلاث مجموعات منفصلة من إجراءات الطعن بالنقض. وفي قراري محكمة مدينة مينسك المؤرخين 23 كانون الأول/ديسمبر 2014 (بشأن الحدث العام الذي نظم في مدينة مينسك في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 201 4 ) و 10 شباط/فبراير 2015 (بشأن الحدث العام الذي نظم في مدينة مينسك في 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 )، وقرار محكمة مينسك الإقليمية المؤرخ 17 شباط/فبراير 2015 (بشأن الحدث العام الذي نظم في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 في إقليم مينسك )، رُفضت طعون صاحب البلاغ باعتبار أنها لا تستند إلى أي أساس.

2 - 9 وقدم صاحب البلاغ طعناً آخر في قرار محكمة بيرفومايسكي المحلية بمينسك المؤرخ 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 وقرار الاستئناف المقابل الصادر عن محكمة مدينة مينسك المؤرخ 23 كانون الأول/ ديسمبر 2014 ، بموجب إجراء المراجعة القضائية الرقابية المعمول به لديها. وفي 20 آذار/مارس 2015 ، رفض رئيس محكمة مدينة مينسك التماس المراجعة القضائية الرقابية باعتبار أنه لا يستند إلى أي أساس. وفي 14 تموز/يوليه 2015 ، قدم صاحب البلاغ التماساً آخر لإجراء مراجعة قضائية رقابية أمام المحكمة العليا. ولم ترد أي معلومات عن نتيجة ذلك الطعن.

2 - 10 ويدفع صاحب البلاغ بأنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب البلاغ في البداية أن الدولة الطرف، بفرضها عقوبات إدارية عليه، قد انتهكت حقوقه بموجب المادة 21 من العهد. وبالإشارة إلى المبادئ التوجيهية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بشأن حرية التجمع السلمي ( ) ، يدفع صاحب البلاغ بأن اشتراط التشريعات المحلية دفع تكاليف الخدمات اللازمة لضمان السلامة العامة أثناء الأحداث العامة يشكل عبئاً مفرطاً على منظمي مثل هذه الأحداث، بل أنه ينبغي للدولة الطرف أن تتحمل هذا العبء، نظراً لالتزامها الإيجابي بضمان إعمال الحق في التجمع السلمي. كما يدعي أن العقوبات المفروضة لها تأثير تخويفي وتثني المنظمين عن القيام بأحداث مماثلة في المستقبل. ولم تستند المحاكم المحلية، التي تفتقر إلى الاستقلالية والنزاهة، في قراراتها في قضيته إلا إلى الأحكام ذات الصلة المنصوص عليها في التشريعات المحلية، ضاربة عرض الحائط بالمعايير الدولية المتعلقة بالحق في حرية التجمع.

3 - 2 ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تخلص إلى حدوث انتهاك لحقوقه بموجب المادة 21 من العهد، وأن تحث الدولة الطرف على استعادة حقه في التجمع السلمي ومنحه تعويضاً مناسباً.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4 - قدّمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية في مذكرة شفوية مؤرخة 23 كانون الثاني/يناير 201 7 . وتدفع الدولة الطرف بأنه ينبغي اعتبار بلاغ صاحب البلاغ غير مقبول بموجب المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري، لأنه لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، حيث لم يطعن في القرارات الصادرة في قضيته أمام رئيس المحكمة العليا أو نائبه بموجب المراجعة القضائية الإشرافية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5 - في 4 نيسان/أبريل 2017 ، قدم صاحب البلاغ تعليقاته. ويشير إلى أن المراجعة القضائية الإشرافية لا تشكل سبيل انتصاف محلياً فعالاً يتعين استنفاده، علماً بأن القرار بشأن نتيجة الطعن بموجب هذا الإجراء يُتخذ في غياب الطرف المعني ويتوقف حصراً على السلطة التقديرية للقاضي. وبالإضافة إلى ذلك، يدفع بأنه نظراً لعدم وجود سلطة قضائية مستقلة في الدولة الطرف، فضلاً عن إساءة استعمال السلطة التنفيذية للسلطة القضائية والواقع السياسي الراهن في الدولة الطرف، لم تتح له أي سبل انتصاف محلية فعالة في قضيته. وعليه، يطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تعلن مقبولية البلاغ وأن تخلص إلى حدوث انتهاك للمادتين 14 ( 1 ) ( ) و 21 من العهد.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

6 - قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 29 تشرين الأول/أكتوبر 2018 ، ملاحظاتها الإضافية بشأن المقبولية والأسس الموضوعية، كررت فيها التأكيد على أن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، لأنه لم يطعن في القرارات الصادرة في قضيته أمام رئيس المحكمة العليا بموجب المراجعة القضائية الرقابية.

تعليقات صاحب البلاغ على المعلومات الإضافية المقدمة من الدولة الطرف

7 - ذكّر صاحب البلاغ في 24 شباط/فبراير 2020 بموقفه - أي أن الطعن بموجب المراجعة القضائية الرقابية لا يشكل سبيل انتصاف محلياً فعالاً. وبالنظر إلى السوابق القضائية الراسخة بشأن الموضوع، قرر عدم المضي قدماً في استنفاد سبيل الانتصاف هذا في قضيته. ويضيف أن الدولة الطرف لا تتبع ممارسة تطبيق المعايير الدولية المتعلقة بحرية التجمع السلمي، وأن المحاكم المحلية تسترشد بأحكام التشريعات المحلية في قراراتها بشأن القضايا المتعلقة بهذا الموضوع، مما يحدّ إلى حد كبير من ضمانات الحقوق المعنية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرّر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

8 - 2 وقد تحقَّقت اللجنة، على النحو المطلوب بموجب المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8 - 3 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يلتمس من رئيس المحكمة العليا ولا من نائبه مراجعة قضائية رقابية للقرارات المطعون فيها في قضيته. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة صاحب البلاغ أن المراجعة القضائية الرقابية هي إجراء استثنائي من إجراءات المراجعة ولا يشكل سبيل انتصاف فعالاً لغرض الاستنفاد. وفي هذا السياق، تذكّر اللجنة باجتهادها الذي يفيد بأن تقديم طلبات إلى رئيس إحدى المحاكم لإجراء مراجعة قضائية رقابية لقرارات المحاكم التي بدأ نفاذها وتتوقف على سلطة القاضي التقديرية يشكل سبيل انتصاف استثنائياً، وأن على الدولة الطرف أن تبين أن هناك احتمالاً معقولاً بأن توفر هذه الطلبات سبيل انتصاف فعالاً في ظروف القضية ( ) . كما تحيط اللجنة علماً بحجة صاحب البلاغ بأنه قدم فعلاً، لكن دون جدوى، طلب طعن، في إطار المراجعة القضائية الرقابية، وذلك أمام محكمة مدينة مينسك والمحكمة العليا. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لا تقدم أي معلومات أو حجج تثبت أن المراجعة القضائية الرقابية تشكل سبيل انتصاف محلياً فعالاً في ظروف هذه القضية. ولم َّ ا لم تقدم الدولة الطرف أي توضيحات إضافية بشأن هذه القضية، ترى اللجنة أن المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من دراسة هذا البلاغ.

8 - 4 وتلاحظ اللجنة كذلك ادّعاء صاحب البلاغ انتهاك حقوقه بموجب المادة 14 ( 1 ) من العهد لأن المحاكم المحلية لم تكن مستقلة ومحايدة وتأثرت قراراتها بالهيئة التنفيذية. غير أن اللجنة ترى أن صاحب البلاغ لم يقدم أدلة كافية تدعم هذا الادعاء لأغراض المقبولية، مادام ملف القضية لا يحتوي على أي معلومات أخرى ذات صلة في هذا الصدد. وبناءً عليه، تستنتج اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

8 - 5 وأخيراً، تحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ المتبقية بموجب المادة 21 وترى أنها مدعمة بأدلة كافية لأغراض المقبولية، وتشرع في النظر في أسسها الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

9 - 1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

9 - 2 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن حقه في حرية التجمع الذي تكفله المادة 21 من العهد قد انتهك، لأنه عوقب لانتهاكه الإجراء المعمول به لتنظيم الأحداث العامة، نظراً لعدم إبرام عقود مع السلطات المحلية المختصة لتوفير خدمات الأمن العام أثناء الأحداث وعدم دفع تكاليف تلك الخدمات. ولذلك، فإن المسألة المعروضة على اللجنة تتعلق بتحديد ما إذا كانت العقوبات الإدارية المفروضة على صاحب البلاغ تشكل انتهاكاً لحقوقه التي تكفلها المادة 21 من العهد.

9 - 3 وأشارت اللجنة في تعليقها العام رقم 37 ( 202 0 ) إلى أن الحق في التجمع السلمي، الذي تكفله المادة 21 من العهد، حق أساسي من حقوق الإنسان ضروري لتعبير الفرد علناً عن آرائه ووجهات نظره ولا غنى عنه في مجتمع ديمقراطي. وتحمي المادة 21 من العهد التجمعات السلمية أينما عُقدت، سواء في الهواء الطلق أو في الأماكن المغلقة أو عبر الإنترنت؛ أو في الأماكن العامة والخاصة؛ أو فيهما معاً. وقد تتّخذ هذه التجمعات أشكالاً عديدة، بما فيها المظاهرات والاحتجاجات والاجتماعات والمواكب والتجمعات والاعتصامات والوقفات على ضوء الشموع والتجمعات المفاجئة. وهي محمية بموجب المادة 21 سواء أكانت ثابتة، مثل الاعتصامات، أم متنقلة، مثل المواكب أو المسيرات ( ) . ولا يجوز أي تقييد للحق في التجمع في السلمي: (أ) ما لم يُفرض وفقاً للقانون؛ (ب) ويكون ضرورياً في مجتمع ديمقراطي لصون الأمن الوطني أو السلامة العامة أو النظام العام أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الغير وحرياتهم. وعندما تفرض دولة طرف قيوداً بهدف التوفيق بين حق الفرد في التجمع والمصالح العامة السالفة الذكر، فإنه ينبغي أن يسترشد فرض أي قيود بهدف تيسير هذا الحق بدلاً من السعي إلى تقييده تقييداً غير ضروري وغير متناسب ( ) . وبوجه عام، لا تتفق مع أحكام المادة 21 الشروط التي تلزم منظمي التجمع السلمي أو المشاركين فيه إما بترتيب ضبط النظام أو الأمن، أو المساعدة الطبية أو التنظيف، أو أي خدمات عامة أخرى مرتبطة بالتجمعات السلمية وإما بالمساهمة في دفع تكاليف ذلك ( ) . ويقع على عاتق الدولة الطرف التزام تبرير تقييدها الحقَّ الذي تحميه المادة 21 من العهد ( ) .

9 - 4 وتلاحظ اللجنة أنه، خلافاً لعدد من القضايا الأخرى المرفوعة ضد الدولة الطرف فيما يتعلق بالحق في التجمع السلمي بموجب المادة 21 من العهد، حيث تتعلق القيود المفروضة على هذا الحق إما برفض السلطات إصدار ترخيص بعقد حدث عام أو بفرض عقوبة على المشاركة في حدث عام غير مأذون به، فإن السلطات المحلية أذنت في هذه القضية بعقد الأحداث العامة التي نظمها صاحب البلاغ وجرت الفعاليات على النحو المخطط له. غير أنه حُكم على صاحب البلاغ فيما بعد بغرامات إدارية ضخمة لعدم امتثاله لشرط القانون المحلي المتمثل في إبرام عقود مع السلطات المحلية المختصة لتوفير خدمات الأمن العام أثناء الأحداث ودفع ثمن تلك الخدمات. ولذلك، يستوجب على اللجنة أن تنظر فيما إذا كانت العقوبات الإدارية المفروضة على صاحب البلاغ في ظل ملابسات هذه القضية تشكل قيداً ضرورياً في مجتمع ديمقراطي ومبرراً بموجب أي من المعايير المنصوص عليها في الجملة الثانية من المادة 21 من العهد. وتلاحظ اللجنة، في ضوء المعلومات المتاحة في الملف، أن جميع الأحداث الثلاثة المقررة قد عقدت بطريقة سلمية؛ وقد نوقشت التدابير الأمنية للأحداث بالتفصيل بين المنظمين والسلطات المحلية في اجتماع عقد في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2014 ، وكذلك، قبيل الحدث، في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 201 4 . وتلاحظ اللجنة أن المحاكم المحلية، لم تعتمد في إدانتها لصاحب البلاغ بارتكاب جريمة إدارية بموجب المادة 23 - 34 ( 2 ) من قانون الجرائم الإدارية، إلا على الإخلال الرسمي الثابت بالإجراء المتعلق بتنظيم الأحداث العامة بموجب قانون الفعاليات الجماهيرية في شكل عدم الامتثال لشرط قيام منظمي الأحداث بإبرام عقود لخدمات الأمن العام ودفع تكاليف تلك الخدمات. وفي هذا الصدد، لم تقدم المحاكم المحلية، ولا الدولة الطرف في ملاحظاتها في هذه القضية التي أدلت بها لاحقاً، أي تبرير أو تفسير لما إذا كانت العقوبات المفروضة على صاحب البلاغ ضرورية ومتناسبة مع أحد الأهداف المشروعة بموجب المادة 21 من العهد، أي مصالح الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم، مع أخذ الملابسات الخاصة للقضية في عين الاعتبار. وإذ تشير اللجنة إلى موقفها المعرب عنه في تعليقها العام رقم 37 ( 2020 )، والذي مفاده أن الشروط التي تلزم منظمي التجمع السلمي أو المشاركين فيه إما بترتيب ضبط النظام أو الأمن أو بالمساهمة في دفع تكاليف ذلك لا تتفق بوجه عام مع المادة 21 من العهد ( ) ، فإنها ترى أن فرض عقوبات إدارية كبيرة على صاحب البلاغ لعدم امتثاله لهذا الشرط بموجب القانون المحلي، وفي غياب أي تبرير تقدمه السلطات والمحاكم المحلية في هذا الصدد، يشكل قيداً على حق صاحب البلاغ في التجمع السلمي، وهو إجراء لم يكن ضرورياً في مجتمع ديمقراطي، وإن كان يستند إلى القانون. ولما لم ترِد أي توضيحات أخرى من الدولة الطرف، فإن اللجنة تخلص إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 21 من العهد.

10 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف حقوق صاحب البلاغ المكفولة في المادة 21 من العهد.

11 - وعملاً بأحكام المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. وهذا يتطلب منها أن تمنح تعويضاً كاملاً للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بالعهد. وعليه، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، بتقديم تعويض كاف لصاحب البلاغ، بما في ذلك تسديد قيمة الغرامة التي فرضت عليه وأي تكاليف قانونية تكبدتها. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أنها نظرت في قضايا مماثلة تتعلق بنفس قوانين الدولة الطرف وممارساتها في عدد من البلاغات السابقة وأنه ينبغي من ثم للدولة الطرف مراجعة إطارها المعياري بشأن الأحداث العامة، وفقاً لالتزاماتها بموجب المادة 2 ( 2 ) من العهد، بما يكفل التمتع بالحقوق المنصوص عليها في المادة 21 من العهد تمتعاً كاملاً في الدولة الطرف.

12 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إن كان وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهّدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وبأن توفّر لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ إن ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات عن التدابير التي اتخذتها لإنفاذ آراء اللجنة. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.