الأمم المتحدة

CCPR/C/131/D/2835/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

9 December 2021

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2835 / 2016 * ** ***

بلاغ مقدم من:

يوجيني شاكوبيوا وأخريات (يمثلهن محامٍ من الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب)

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا:

صاحبات البلاغ

الدولة الطرف:

جمهورية الكونغو الديمقراطية

تاريخ تقديم البلاغ:

26 تموز/يوليه 2016 ( تاريخ الرسالة الأولى )

الوثائق المرجعية:

القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2016 ( لم يصدر في شكل وثيقة )

تاريخ اعتماد الآراء:

25 آذار/مارس 2021

الموضوع:

التعذيب وعدم دفع التعويض بأمر المحكمة

المسائل الإجرائية:

عدم تعاون الدولة الطرف

المسائل الموضوعية:

الحق في الحصول على سبيل انتصاف فعال؛ المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ المحاكمة العادلة؛ التمييز القائم على نوع الجنس؛

مواد العهد:

الفقرتان 1 و 3 من المادة 2 ، والمادتان 3 و 7 ، والفقرة 1 من المادة 14 ، والمادة 26

مواد البروتوكول الاختياري:

المادتان 2 و 3 والفقرة 2 من المادة 5

1 - صاحبات البلاغ هن يوجيني شاكوبيوا، المولودة في عام 1975 ، وتاهوسي نامبوشوا ماوازو، المولودة في عام 1975 ، وفوراها ناماهينغا، المولودة في عام 1987 ، وكريستين تشيكانابو نامبوسوا، المولودة في عام 1980 ( ) ، وفاتوما سونغونيبا، المولودة في عام 1980 ، وسادا مابيندو، المولودة في عام 1984 ، وكاتارينا فيكتورينا، المولودة في عام 1977 ، وجميعهن مواطنات من جمهورية الكونغو الديمقراطية. ويدّعين أنهن ضحايا انتهاك الدولة الطرف لحقوقهن المحمية بموجب المادة 7 والفقرة 1 من المادة 14 ، مقروءتين على حدة وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 ، والفقرة 1 من المادة 2 ، والمادتين 3 و 26 من العهد. وكانت جمهورية الكونغو الديمقراطية قد انضمت إلى البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد للعهد في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1976 . ويمثل صاحبات البلاغ محامٍ من الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب وهي منظمة غير حكومية.

الوقائع كما عرضتها صاحبات البلاغ

2 - 1 القوات الديمقراطية لتحرير رواندا هي جماعةٌ مسلحة شكّلها متمردون أصلهم من الهوتو وجدوا ملاذاً في أراضي جمهورية الكونغو الديمقراطية في أعقاب الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994 . وتشكل هذه الجماعة المسلحة منذ ذلك الوقت عاملاً رئيسياً في انعدام الأمن في المقاطعات الشرقية من البلد، إذ يشنّ أفرادها غارات عسكرية بانتظام ويرتكبون العديد من الاعتداءات على السكان المدنيين. وفي صيف عام 2009 ، شنت الحكومة الكونغولية العملية العسكرية "كيميا الثانية" ( Kimia II ) في مقاطعة كيفو الجنوبية، بهدف تعقب عناصر من القوات الديمقراطية لتحرير رواندا في المنطقة. وأُرسلت الكتيبة 83 من لواء المشاة الثامن في سانج إلى منطقة مولنغي. وفي حوالي الساعة السادسة صباحاً في 14 آب/ أغسطس 2009 ، اندلعت اشتباكات عنيفة بين القوات الديمقراطية لتحرير رواندا والقوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية، دفعت بالسكان المحليين إلى الفرار إلى قرية موغاجا المجاورة.

2 - 2 وبعد بضعة أيام، اجتمع العديد من الأسر المشردة بعدما استنفدت الإمدادات الشحيحة التي كانت بحوزتها، وقررت تنظيم بعثة إلى مولنجي، كي تحصد الغذاء من الحقول وتستعيد الاحتياطيات الغذائية المتبقية في المنازل. وكانت صاحبات البلاغ من ضمن المجموعة التي غادرت مولنجي صباح يوم 18 آب/أغسطس 2009 لكي تجلب الإمدادات. وعند الوصول إلى وسط مولنجي، انقسمت المجموعة إلى فرق فرعية صغيرة، سار كل فريق منها في اتجاهات مختلفة. وتوجهت كل واحدة من صاحبات البلاغ السبع إلى منزلها أو إلى الحقل الذي كانت تزرعه حول القرية. ثمّ فاجأتهن فرق صغيرة من أفراد القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية في أماكن مختلفة، وهددوهن بالأسلحة التي كانوا يحملونها، وأخذوهن عنوة، وجردوهن من ملابسهن، وأجبروهن على ممارسات جنسية. وتعرضت غالبية صاحبات البلاغ للاغتصاب تباعاً على أيدي جنود مختلفين .

2 - 3 وكانت صاحبات البلاغ السبع مصابات ومتروكات لمصيرهن، عندما عثر أقاربهن على بعضهن وقد فقدن وعيهنّ في مكان الحادث، في حين تمكنت الأخريات من العودة إلى الطريق والرجوع إلى القرية بمفردهن. وفي الأيام التالية، توجهن جميعاً برفقة أقاربهن ومنظمة غير حكومية محلية لحقوق الإنسان، إلى مركز نديغو الصحي، حيث تمكَّنَّ من تلقي الرعاية المناسبة لعدة أيام. ومع ذلك، لا تزال صاحبات البلاغ يشعرن بآلام ويعانين من العديد من الآثار الجسدية والنفسية الناجمة عن العنف الذي تعرّضن له. ويشعرن بأنهن مستضعفات ومنبوذات، بسبب ما يواجهن من التمييز والإقصاء الاجتماعي منذ وقوع الهجمات. ويعانين من هشاشة اجتماعية واقتصادية بالغة. وعمدت بعضهن إلى تغيير أسمائهن بسبب الوصم الذي يعاني منه ضحايا العنف الجنسي في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وأصبحت إحدى صاحبات البلاغ حاملاً إثر الاغتصاب، فهجرها زوجها نتيجة لذلك.

2 - 4 وبعد إبلاغ رئيس بلدتهن عن هذه الجرائم، في اليوم التالي للأحداث أي في 19 آب/أغسطس 2009، فتحت السلطات النيابية العسكرية تحقيقاً. وضغط قائد الكتيبة 83 على المسؤولين عن السرية الثالثة - وهي المسؤولة عن بلدة مولنجي عند وقوع الأحداث - من أجل تقديم الجنود المتورطين في هذه الهجمات إلى العدالة. ثم حُدّدت هويات خمسة جنود من بين خمسة عشر جندياً وقُدّموا إلى العدالة من أجل المثول أمام قاضي التحقيق يومي 11 و 18 حزيران/يونيه 2010 . وفي ختام هذا التحقيق، أُحيلت قضيةٌ إلى محكمة الحامية العسكرية في أوفيرا بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية عن طريق الاغتصاب الجماعي في 18 آب/أغسطس 2009 ، وهي جرائم تُعاقب عليها المواد 5 و 6 و 165 والفقرة 7 من المادة 169 من قانون العقوبات العسكري والمادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وعُقدت جلسات المحاكمة في الفترة الممتدة من 11 إلى 13 تشرين الأول/أكتوبر 2010 .

2 - 5 وحكمت محكمة الحامية العسكرية في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2010 ، بعقوبة السجن المؤبد في حق المدعى عليهم الخمسة، دون اعتبار ظروف مخففة، على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية عن طريق الاغتصاب الجماعي بموجب المادة 165 والفقرة 7 من المادة 169 من قانون العقوبات العسكري. وفيما يتعلق بالدعاوى المدنية، أقرت المحكمة باعتبار صاحبات البلاغ السبع أطرافاً مدنيةً وخلصت إلى أن المدّعى عليهم مسؤولون مسؤوليةً مشتركةً مع الدولة الطرف، وأمرتهم بدفع مبلغ 000 50 من دولارات الولايات المتحدة لكل واحدة من صاحبات البلاغ في سبيل التعويض عن جميع الأضرار التي لحقت بهن.

2 - 6 وعقب الاستئناف الذي تقدّم بطلبه المدّعى عليهم، أيّدت المحكمة العسكرية في كيفو الجنوبية في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية كما أيّدت دفع تعويضات إلى الأطراف المدنية. وبما أن حكم المحكمة لم يُطعن فيه بالنقض، فقد أصبح حكماً نهائياً.

2 - 7 وعلى الرغم من اكتساء الحكم طابعاً نهائياً وغير قابل للطعن، إلا أنّ التعويضات النقدية التي أمرت بها محكمة الحامية العسكرية لم تُدفع في السنوات التالية. ولذلك قررت صاحبات البلاغ في عام 2015 بدء إجراءات تنفيذ الحكم من أجل الحصول على التعويضات المحكوم بها لصالحهن ( ) . وقد أرسل حاكم مقاطعة كيفو الجنوبية إلى الدولة الكونغولية إشعاراً بحكم المحكمة الصادر في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، وأمراً بدفع التعويض المستحق لكل واحدة من صاحبات البلاغ امتثالاً للقرار القضائي.

2 - 8 وتعيّن فيما بعد تسجيل القرارات لدى وزارة العدل وحقوق الإنسان في كينشاسا في حزيران/ يونيه 2015 . وظلّ محامي صاحبات البلاغ، اعتباراً من ذلك التاريخ، يتابع المسألة كل شهر مع إدارة المنازعات القضائية التابعة للوزارة. وفي أيلول/سبتمبر 2015 ، التقى المحامي في كينشاسا بمدير إدارة المنازعات القضائية التابعة للوزارة. وكان يبدو على المدير خلال المقابلة، أنه لم يكن على علم بالملف رغم أنه تلقى البريد والقرارين القضائيين حتماً، على نحو ما يتضح من الإشعار باستلام المراسلات. وأصدر مدير إدارة المنازعات القضائية، عقب هذه المناقشة مع محامي صاحبات البلاغ، تعليمات إلى رئيس إدارة المنازعات القضائية بالتحقق من البريد والقرارين. واشترط رئيس الإدارة عندئذ تقديم نسخ من الإشعار باستلام المراسلات والقرارين القضائيين، اللذين سبق تقديمهما في 29 حزيران/يونيه 2015 ، وهو ما يوحي بالإهمال في إدارة البلاغات الواردة أو بعدم الرغبة في متابعة هذه البلاغات. وقُدمت نسخ من القرارين والإشعار باستلام المراسلات مجدداً في أيلول/سبتمبر 2015 . وعقب ذلك، التقى محامي صاحبات البلاغ مجدداً بالمدير ورئيس إدارة المنازعات القضائية. وأوحى كلاهما إلى أن الدفع الفعلي للتعويضات القضائية يتوقف على الإرادة التقديرية لوزير العدل. وسعياً إلى ضمان متابعة مستمرة ومنتظمة للملف، داوم محامي صاحبات البلاغ على الذهاب إلى الوزارة كل أسبوعين للاستفسار عن سير الإجراءات التي لم تحرز أي تقدّم يُذكر.

2 - 9 وكان المحاورون من وزارة العدل، قبل كانون الثاني/يناير 2016 ، يطلبون من صاحبات البلاغ انتظار الموافقة على ميزانية الدولة لعام 2016 ، التي من شأنها أن تتيح صرف التعويضات. ولكن حتى بعد الموافقة على الميزانية، استمرت وزارة العدل في عدم الإذن بصرف الأموال المخصصة لدفع التعويضات. وأصبح جليّاً في هذه المرحلة أن التوفق إلى إنفاذ هذا الإجراء، على الرغم من استيفاء جميع المتطلبات الإجرائية، يعتمد أساساً على حسن النية السياسية ويظلّ رهن تقدير الحكومة. وقررت صاحبات البلاغ، أمام هذا العجز وهذا المأزق الإجرائي الذي وجدن أنفسهن فيه، أن يندّدن بوضعهن، من خلال توجيه رسائل مؤرخة 10 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 ، إلى اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والمستشارة الخاصة لرئيس الدولة المعنية بمكافحة العنف الجنسي. ولكن لم يرد أي ردّ على هذه المراسلات، ولا يزال الإجراء معطّلاً.

الشكوى

3 - 1 تدعي صاحبات البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت المادة 7 والفقرة 1 من المادة 14 مقروءتين على حدة وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 والفقرة 1 من المادة 2 والمادتين 3 و 26 من العهد. ويطالبن بتعويض مناسب، يشمل على وجه التحديد إنفاذ حكم المحكمة العسكرية في كيفو الجنوبية المؤرخ 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 ، فضلا ً عن الرعاية الطبية وإعادة التأهيل النفسي مجاناً، واتخاذ تدابير لإعادة الإدماج الاجتماعي والاقتصادي.

3 - 2 وقد تعرضت صاحبات البلاغ لاعتداءات جنسية بالغة الخطورة، بما فيها جرائم اغتصاب ارتكبها مسؤولون حكوميون وأعضاء من الجيش الكونغولي (القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية)، بحجة أنهن نساء من القوات الديمقراطية لتحرير رواندا. ويدفعن بأن اللجنة أقرّت في اجتهادها القضائي بأن الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي يشكل انتهاكاً للمادة 7 من العهد ( ) . وفي هذه القضية، ترى صاحبات البلاغ أن الدولة الطرف مسؤولة عن انتهاك مستمر للمادة 7 من العهد، فعلى الرغم من مختلف الخطوات التي اتخذتها السلطات القضائية الكونغولية من أجل إجراء تحقيق فعال ومعاقبة مرتكبي الجرائم، إلا أنّ الضحايا لم يحصلن البتة على تعويض عن الجرائم المقترفة في حقّهن. وبما أن اللجنة تعتبر التعويض إحدى الوسائل التي تكفل الامتثال بالالتزام بمنع التعذيب، فإن صاحبات البلاغ يجادلن بأن الدولة الطرف انتهكت المادة 7 من العهد.

3 - 3 وتحتج صاحبات البلاغ أيضاً بأنّ الدول الأطراف يقع على عاتقها، كلمّا وردت إليها أي ادعاءات بحدوث انتهاكات خطيرة، التزامٌ بتوفير سبيل انتصاف فعال للأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد، بما يشمل إنفاذ القرارات التي تمنح هذا الانتصاف، والالتزام على وجه الخصوص بتوفير تعويض مناسب ( ) . ويدفعن بتأكيد اللجنة أن الدولة التي لا تمتثل للالتزام بجبر الضرر في شكل تعويض لصالح ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، تُعتبر دولةً منتهِكةً لالتزامها بتوفير سبيل انتصاف فعال ( ) . وترى صاحبات البلاغ أنّ الالتزام بتوفير سبيل انتصاف فعّال بموجب الفقرة 3 من المادة 2 من العهد يشمل التزام الدولة بأن تضمن حصول الضحية على ما يجبر فعلاً الضرر اللّاحق بها. وعليه، فإن إخلال الدولة الطرف بهذا الالتزام فيما يتصل بجرائم التعذيب التي تعرضت لها صاحبات البلاغ يترتب عليه انتهاكٌ للفقرة 3 من المادة 2 من العهد، مقروءةً بالاقتران مع المادة 7 .

3 - 4 وعلاوة على ذلك، تدعي صاحبات البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقهن في محاكمة عادلة بعدم تنفيذ قرار المحكمة العسكرية في كيفو الجنوبية فيما يتعلق بالتعويضات النقدية، وهو ما يشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 14 ، مقروءة على حدة وبالاقتران مع الالتزامات الإيجابية بموجب الفقرة 3 من المادة 2 من العهد ( ) . وتوضّح صاحبات البلاغ أن الفريق الذي كلّفته مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بدراسة تطبيق سبل الانتصاف والتعويض المتاحة لضحايا العنف الجنسي في جمهورية الكونغو الديمقراطية، خَلُص "فيما يتعلق بضحايا العنف الجنسي الذين تمكنوا من التغلب على الصعوبات المتعددة التي يواجهونها من أجل إحالة مغتصبيهم إلى العدالة والحصول على حكم يدينهم، ويقدّم لهم تعويضات من خلال جبر الضرر" إلى أن "التعويضات لا تُدفع إطلاقاً، حتى في الحالات التي تثبت فيها المسؤولية المشتركة للدولة مع الجناة " ( ) . وعلاوة على ذلك، أعربت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة‏‏ في تموز/يوليه 2013 عن قلقها مجدداً بشأن أوجه القصور في تطبيـق قـرارات المحـاكم وعـدم دفـع التعويـضات عـن أعمـال العنـف الجنسي التي يرتكبها موظفو الدولة في المناطق المتأثرة بالنزاع ( ) .

3 - 5 وفي الختام، تحتج صاحبات البلاغ بحقهن في عدم الخضوع للتمييز، وفقاً للفقرة 1 من المادة 2 وللمادتين 3 و 26 من العهد. وكانت اللجنة قد أشارت إلى أن الالتزام بضمان تمتع جميع الأفراد بالحقوق المعترف بها في العهد تشمل إزالة العقبات أمام المساواة في التمتع بهذه الحقوق ( ) . وقد يتطلب تطبيق مبدأ المساواة من الدولة أن تتخذ إجراءات معينة لصالح الفئات المستضعفة أو المحرومة ( ) . وأبلغ عدد من خبراء الأمم المتحدة عن وضع يبعث على بالغ القلق بشأن الطابع المنهجي للعنف ضد المرأة، ووصم ضحايا العنف الجنسي في الثقافة الكونغولية ( ) ، وحرمان ضحايا العنف الجنسي من الحق في التعويض ( ) . ومن ثمّ تدّعي صاحبات البلاغ أن عدم دفع التعويضات المستحقة لضحايا العنف الجنسي يزيد من حدة الوصم الذي يعانون منه. ويدفعن في هذا الصدد، بأن الدولة الطرف، بعدم دفعها التعويضات التي أمرت بها المحكمة العسكرية في كيفو الجنوبية في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 ، شاركت في الوصم الذي يعانين منه وأسهمت فيه، وانتهكت بذلك حقهن في عدم الخضوع للتمييز، في خرق للفقرة 1 من المادة 2 ، وللمادّتين 3 و 26 من العهد.

عدم تعاون الدولة الطرف

4 - طلبت اللجنة، في 25 تشرين الأول/أكتوبر 2016 و 25 أيار/مايو 2018 و 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 ، إلى الدولة الطرف أن توافيها بملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتعرب اللجنة عن أسفها لعدم تقديم الدولة الطرف أي معلومات عن مقبولية ادعاءات صاحبات البلاغ أو أسسها الموضوعية. وتذكّر اللجنة بأن الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري تلزم الدول الأطراف بأن تفحص بحسن نية جميع الادعاءات المقدَّمة ضدها، وأن توافي اللجنة بكلّ ما لديها من معلومات. وفي غياب رد من الدولة الطرف، ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحبات البلاغ بقدر ما تكون هذه الادعاءات مشفوعةً بأدلة.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

5 - 1 قبل النظر في أيّ ادعاء يرد في أيّ بلاغ، يجب على اللجنة أن تقرّر، طبقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

5 - 2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2 ( أ ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أنّ المسألة نفسها ليست قيد النظر في إطار إجراءٍ آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

5 - 3 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحبات البلاغ أنهن استنفدن جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة لهن. وإذ لم يرد أي اعتراض من الدولة الطرف، فإن اللجنة ترى أن مقتضيات الفقرة 2 ( ب ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري قد استوفيت.

5 - 4 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبات البلاغ حدوث انتهاك مستمر للمادة 7 من العهد، لأن الدولة الطرف لم تدفع لهنّ التعويضات التي أمرت بها المحاكم المحلية بعد أن أقرّت بصفتهن ضحايا ل جريمة ضد الإنسانية ارتُكبت عن طريق الاغتصاب الجماعي. ونظرا للقرار النهائي وغير القابل للطعن الذي اتخذته المحاكم المحلية بالاعتراف بصاحبات البلاغ بصفتهن ضحايا للاغتصاب الجماعي ( ) - وهو فعل تحظره المادة 7 من العهد حظراً واضحاً - تلاحظ اللجنة أن الضمانات التي نصت عليها المادة 7 لا تقتضي الالتزام بإجراء تحقيق فعال فحسب، بل تقتضي أيضا ً الالتزام بتقديم تعويض مناسب ( ) . ولكن نظراً لعدم منح صاحبات البلاغ التعويضات التي أمرت بها القرارات القضائية حتى الآن، فإنهن لا يزلن يحتفظن بصفة ضحايا لانتهاك المادة 7 من العهد.

5 - 5 وبخصوص الانتهاك المزعوم للفقرة 1 من المادة 2 من العهد فيما يرتبط بوصم ضحايا العنف الجنسي في الثقافة الكونغولية، تذكِّر اللجنة باجتهاداتها السابقة التي تشير إلى أن أحكام المادة 2 تنصّ على الالتزامات العامة للدول الأطراف ولا يمكن أن تؤسس لوحدها ادعاءً منفصلاً بموجب البروتوكول الاختياري، نظراً لعدم إمكانية الاحتجاج بها إلا بالاقتران مع مواد موضوعية أخرى من العهد ( ) . وبناء عليه، ترى اللجنة أن ادعاء صاحبات البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 2 من العهد غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

5 - 6 بيد أن اللجنة ترى أن صاحبات البلاغ قدّمن ما يكفي من الأدلة لإثبات ادعاءاتهنّ لأغراض المقبولية، وتشرع في النظر في الأسس الموضوعية للادعاءات المقدمة بموجب المادة 7 مقروءةً على حدة وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 ، وبموجب الفقرة 1 من المادة 14 مقروءةً على حدة وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 ، والمادتين 3 و 26 من العهد.

النظر في الأسس الموضوعية

6 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقا ً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

6 - 2 وتلاحظ اللجنة ادعاءات صاحبات البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت المادة 7 من العهد نتيجة لعدم دفع التعويض الذي أمرت به المحاكم المحلية في عام 2011 بعد أن أقرّت بصفتهن ضحايا للاغتصاب الجماعي. وتلاحظ اللجنة كذلك أن صاحبات البلاغ شرعن في عام 2015 في إجراءات تنفيذ الحكم بالتعويض وأخطرن الدولة الطرف في هذا الصدد بوجود أمرٍ بالدفع. ومع ذلك، وبعد مضيّ أكثر من خمس سنوات، لم يُدفع أي تعويض إلى صاحبات البلاغ. وترى اللجنة أن عدم دفع التعويض على الرغم من الاعتراف الصريح بصفة الضحية يخفّف من مفعول العقوبة ( ) ، ويعطي انطباعاً عن الإفلات من العقاب للأشخاص المتهمين بارتكاب أفعال تتعارض مع المادة 7 من العهد، علاوة على أنه يقوّض الأثر الرادع للمعاقبة على الجريمة عن طريق نظام العدالة الجنائية، وهو ما ينال بدوره من ثقة الضحايا في فعالية التحقيق ( ) . وفي ظلّ غياب أي دحض من الدولة الطرف، تُولي اللجنة الاعتبار الواجب لادعاءات صاحبات البلاغ وترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك للمادة 7 ، مقروءةً على حدة وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

6 - 3 وتلاحظ اللجنة بعد ذلك أن على الرغم من تأييد المحكمة العسكرية في كيفو الجنوبية حكم تقديم الجبر إلى صاحبات البلاغ، إلاّ أنهن لم يظفرن حتى الآن بإنفاذ القرار. ولم تشرح الدولة الطرف سبب عدم حصول صاحبات البلاغ حتى الآن على المدفوعات التعويضية، بعد مرور أكثر من تسع سنوات على صدور الحكم القضائي في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 . ولذلك، ومع النظر إلى أن الحق في اللجوء إلى المحاكم، المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 14 من العهد، يظل موهماً إذا ما استمر عدم نفاذ قرار قضائي نهائي وملزمٍ في حق طرف من الأطراف ( ) ، شأنه شأن التدبير الرامي إلى كفالة قيام السلطات المختصة بإنفاذ الأحكام الصادرة لمصالح المتظلمين، على نحو ما تنص عليه الفقرة 3 ( ج ) من المادة 2 من العهد، ترى اللجنة أن الدولة الطرف، بعدم إنفاذها القرار المذكور أعلاه، قد انتهكت الحقوق المكفولة لصاحبات البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 14 ، مقروءةً بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

6 - 4 وأخيراً، تلاحظ اللجنة ادعاء صاحبات البلاغ أن عدم دفع التعويضات التي أمرت لهن بها السلطات المحلية باعتبارهن ضحايا اغتصاب جماعي، يؤدي إلى ترسيخ الطابع المنهجي للعنف ضد المرأة ويزيد من حدة وصم ضحايا العنف الجنسي في الثقافة الكونغولية، وهو ما يتعارض مع المادتين 3 و 26 من العهد. وتذكّر اللجنة بأنّ العنف الجنسي، بحكم طبيعته، يمسّ المرأة على نحو جائر ( ) ، وأن المرأة معرّضة بوجه خاص للخطر في أوقات النزاعات الداخلية أو الدولية المسلحة، وبأنّ الدول يقع على عاتقها، في ظل هذه الأوضاع، أن تتخذ جميع التدابير المناسبة من أجل حماية المرأة من الاغتصاب والاختطاف وغيرهما من أشكال العنف على أساس نوع الجنس ( ) . ومن بين هذه التدابير، يجب على الدول أن تضمن تمكين ضحايا العنف الجنسي من الوصول الفعال إلى العدالة، بما فيها التدابير الملائمة لجبر الضرر ( ) . وهذه التدابير تكتسي أهمية أكبر في حالات ما بعد انتهاء النزاعات ( ) ، لأنها تحول دون تعرض ضحايا الاغتصاب الجماعي للأذى مجدداً، على غرار ما حدث في هذه القضية ( ) . ونظراً إلى سياق ارتكاب الاغتصابات الجماعية التي وقعت ضحاياها صاحبات البلاغ، والتي اعتبرتها المحاكم المحلية في الدولة الطرف جرائمَ ضد الإنسانية، وفي ظل الانعدام التام لإنفاذ القرارات القضائية التي تمنح تعويضاً لصاحبات البلاغ، ومع غياب ردّ من الدولة الطرف، ترى اللجنة أن الدولة تسببت في تفاقم حالة الاستضعاف الشديد التي تعاني منها صاحبات البلاغ إضافة إلى الوصم والتهميش اللذين يتكبّدنهما باعتبارهن ضحايا للعنف الجنسي ( ) . فضلاً عن ذلك، من شأن عدم منح الدولة تعويضات لضحايا العنف من النساء أن يشكّل إذناً أو تشجيعاً ضمنياً على العنف، وهو ما يزيد من استضعافهن ( ) . ولذلك ترى اللجنة أن الدولة الطرف أخلّت بالتزامها بحماية صاحبات البلاغ من التمييز على أساس النوع الاجتماعي بموجب المادتين 3 و 26 من العهد.

7 - وترى اللجنة، بناءً على الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف للمادة 7 ، مقروءة على حدة وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 ، وللمادة 14 مقروءة على حدة وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 ، وللمادتين 3 و 26 من العهد.

8 - وتتعهد الدولة الطرف وفقاً للفقرة 3 ( أ ) من المادة 2 من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبات البلاغ. وتُلزم بتقديم تعويض كامل للأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم المعترف بها في العهد. وبناء عليه، فالدولة الطرف ملزمة بما يلي: (أ) الإنفاذ الكامل للقرار القضائي الصادر في 30 تشرين الأول/أكتوبر 2010 ، والذي حصل على التأييد في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 ؛ و(ب) مراعاة جميع العوامل المناسبة في تحديث هذا القرار في تاريخ إنفاذه، لا سيما الضرر الذي لحق صاحبات البلاغ بسبب التأخير المفرط في دفع التعويض؛ و(ج) اتخاذ تدابير الترضية المناسبة لصالح صاحبات البلاغ لما لحِقهنّ من ضرر معنوي جرّاء الانتهاكات التي تعرّضن لها؛ و(د) ضمان تلقّي صاحبات البلاغ القدر اللازم من إعادة التأهيل النفسي والعلاج الطبي الملائم، فضلاً عن استفادتهن من تدابير إعادة الإدماج الاجتماعي والاقتصادي. والدولة الطرف ملزمةٌ أيضاً بمنع حدوث انتهاكات مماثلة.

9 - وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، بأن للّجنة اختصاص البتّ فيما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وأنها قد تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بكفالة الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في ولايتها، وبتوفير سبيل انتصاف فعّال وواجب النفاذ عند ثبات حدوث انتهاك، فإنها تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون مائة وثمانين يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لإنفاذ هذه الآراء. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.

المرفق الأول

[Original: English]

رأي مشترك بين عضوي اللجنة عارف بلقان وإيلين تيغرودجا (موافق)

1 - نتفق مع رأي الأغلبية بأن وقائع هذه القضية تكشف عن انتهاك الدولة الطرف للمادتين 7 و 14 ، مقروءتين على حدة وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 ، وللمادتين 3 و 26 من العهد. والموضوعُ الرئيسي للبلاغ قيد النظر والعنصرُ المحوري في استنتاجات اللجنة المتعلقة بكل حق من الحقوق المعنية يكمن في مساءلة الدولة. ويوضّح تعليل اللجنة، في استنتاجها حدوث انتهاكات في كل حالة، كيف يسهم انعدام الإنفاذ في الإفلات من العقاب، وهو ما يؤدي بدوره إلى عدم معالجة الانتهاك الموضوعي. ولا يثبت حق الضحية على نحو تام ما لم تكتمل جميع إجراءات التحقيق والملاحقة القضائية والمعاقبة/الجبر؛ فعندما تُعلّق الإجراءات أو تُلغى - حتى وإن كانت في المرحلة النهائية - تكون المساءلة عن الانتهاك "موهمة" (الفقرة 6 - 3 ) ( ) .

2 - ولكننا نتوقع أن تُثار أسئلة عن استنتاج اللجنة حدوث انتهاك للمادة 26 على أساس هذه الوقائع، استنادا ً إلى حجةٍ مفادها أن صاحبات البلاغ لم يثبتن حصول الضحايا من الذكور على تعويضات من خلال الإجراءات المحلية على عكس الضحايا من الإناث. والواقع أن النهج التقليدي المتبع في النظر في الادعاءات بموجب المادة 26 يرتكز على مقارنات بين الأشخاص الذين يواجهون أوضاعاً مماثلة ( ) ،على ألاّ يثبت التمييز إلا عند رصد أي تفريق في المعاملة لا يستند إلى معايير "معقولة وموضوعية" ( ) . ويشكّل تحديد أساسٍ للمقارنة في وضع مماثل جزءاً لا يتجزأ من هذا التحليل، ولغرض البت فيما إذا كان هذا الأساس موجوداً، تلجأ اللجنة إلى تقييم المحاكم المحلية ( ) . و نرى مع ذلك أن قانون عدم التمييز لم يبقَ حبيس هذا الإطار التقييدي، ويستقرئُ رأينا الموافق مفهوماً أشمل عن المساواة يمكن تطبيقه بشكل واضح على هذا البلاغ. ونلاحظ بهذه المناسبة أن النهج الأكثر جدوى من أجل تفسير العهد باعتباره معاهدةً عالميةً لحقوق الإنسان، على نحو ما يبيّنه الكم المتزايد من الاجتهادات القضائية للجنة وتعليقاتها العامة الأخيرة ( ) ، هو نهج دينامي يدرك الطبيعة المتغيرة لهذا الموضوع ويراعي التطورات التي تحدث في الهيئات الدولية الأخرى.

3 - وتعرّض القانون الدولي لحقوق الإنسان للنقد باعتباره متحيزاً إلى المركزية الذكورية بسبب نزوعه عموماً إلى مصالح الذكور ( ) ، وهو تقييم يبرز بوضوح في النُّهج الرسمية للتمييز على أساس الجنس التي تصر على تحديد أساسٍ للمقارنة من بين الذكور يكون في وضع مماثل ويحظى بمعاملة أفضل. ومن الواضح أن هذا الشرط يتخذ من معيار الذكورة نقطة انطلاق ( ) . وفي حال انتفاء نظيرٍ من الذكور يمكن اعتباره أساساً للمقارنة، فإنّ هذا الإصرار يقوّض القدرة على إدراك الإجحاف الفريد من نوعه الذي يلحق بالمرأة بسبب نوعها الاجتماعي كما يقوّض القدرة على التصدي له.

4 - وتتجلّى بوضوح عبثيّة التحليل الرسمي بشكل خالص للتمييز، خاصّةً في الظروف التي ينعدم فيها تكافؤٌ وقائعي، في حجة إحدى الدول الأطراف في قضية أنكرت فيها أن تجريم الإجهاض يمكن أن يرقى إلى مستوى التمييز على أساس الجنس لأن أيّ تفريقٍ في المعاملة ينشأ حتماً عن اختلافات بيولوجية بين الرجل والمرأة ( ) . وعلى المنوال ذاته، لا يمكن بتاتاً للمرأة التي تشكو من عنف التوليد أن تجد أساساً للمقارنة من بين الذكور لغرض إثبات عدم المساواة في المعاملة التي قد تكون تلقتها ( ) ، فمن البديهي إذن أن تُعطى أهمية إلى اعتماد نهج أوسع نطاقاً إزاء ادعاءات التمييز على أساس النوع الاجتماعي.

5 - وإدراكاً للقيود التي يفرضها نموذج رسمي للمساواة، تشدد مجموعة من الدراسات الفاعلة على ضرورة التركيز على تبعات المعاملة التي يتجلّى فيها حرمان اجتماعي و/أو قمع مجتمعي مستمر. وقد لوحظ الطابع "الشديد الانفرادية" للمفاهيم الرسمية للمساواة، بحيث لا يراعي التحليل القائم عليها الحرمانَ المرتبط بمركز معيّن أو بمجموعة معيّنة ( ) . وتكمن المشكلة في مجرد السعي إلى التكافؤ بين الرجال والنساء في أنه يتغاضى عن الاختلافات الهيكلية التي تفسّر عدم المساواة في المقام الأول وتكرّس الحرمان المرتبط بالمجموعة ( ) . ولهذا السبب، فإن النموذج البديل هو نموذج ينطلق من مفهوم موضوعي للمساواة يسعى إلى تحقيق نتائج أكثر قدرة على إحداث التغيير، أي بعبارة أخرى، القضاء على الحرمان الاجتماعي.

6 - وتتضح الاختلافات بين المساواة الرسمية والمساواة الموضوعية، على النحو المبين أعلاه، بصورة ملائمة في وقائع هذا البلاغ. والتحليل الرسمي الذي يقتصر على المقارنة بمعاملة الضحايا من الذكور ويتوقف عند هذا الحد إذا لم يثبت وجود اختلاف، هو تحليلٌ يتغاضى بشكل صارخ عن الطابع الجنساني الفريد لمشكلة العنف ضد المرأة، التي وُصفت على أنها "ظاهرة عالمية تتمثل في تجربة تتشاطرها النساء والفتيات على مرّ الفترات التاريخية وعبر البلدان والثقافات" ( ) . فالنساء والفتيات يتعرضن للعنف تحديداً لأنهن نساءٌ وفتيات، وهذه عقبةٌ قائمةٌ منذ أمد طويل وتدعمها المواقف المجتمعية وتتساهل معها الهياكل المؤسسية على نحو منهجي ( ) . ويشتدّ خطر العنف في أوقات الحرب والنزاع، حين تُستهدف المرأة عمداً من أجل تعزيز هيمنة الرجل وإذلال المجتمع ككلّ ( ) . غير أن الواقع يكشف أن النساء معرضات للخطر ليس من القوى المعادية فحسب، بل أيضاً من أولئك المكلفين بحمايتهن، على نحو ما يتّضح في هذا البلاغ ( ) . ولهذه الأسباب، يعتبر القانون الدولي لحقوق الإنسان العنفَ ضد المرأة مسألةَ تمييز على أساس النوع الاجتماعي ( ) .

7 - وثمّة جانبان للاجتهاد القضائي بشأن المساواة فيما يتعلق بالعنف ضد المرأة، وهما مهمّان على وجه خاص في هذه الظروف، إذ يشكّل كلاهما عنصراً في مبدأ بذل العناية الواجبة. فالأول، وهو الذي أبرزته اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة‏‏، يبيّن بالتفصيل مسؤوليات الدول في التصرف بعناية واجبة "للتحقيق في جرائم العنف والمعاقبة عليها، وتعويض ضحاياها" بما يشمل الأعمال الخاصة ( ) . وعلى غرار المناقشة الواردة في قضية جيسيكا ليناهان (غونزاليس) وآخرون ضد الولايات المتحدة الأمريكية ، وهي القضية الرمزية لدى لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان بخصوص بذل العناية الواجبة، يشدّد القانون الدولي على "الرابط بين واجب التصرف ببذل العناية الواجبة والتزام الدول بضمان سبل الانتصاف القضائي المناسبة والفعّالة للضحايا ولأفراد أسرهم عند تعرضهم لأعمال العنف". وقد أظهرت لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة، في إنفاذها المعايير المناهضة للتمييز على أساس الجنس، أنّ سلطات الدولة قد تعزز أوجه التنميط الضارة تبعاً لطريقة تعاملها مع قضايا العنف الجنساني، وهو ما قد يؤدي بدوره إلى إلحاق الأذى بالضحايا مرة أخرى ( ) . وفي ظروف مماثلة، تُصنِّف محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان عدم مبالاة سلطات الدولة على أنها شكلٌ من أشكال "العنف المؤسسي". وتغدو الدولة في نظر المحكمة "معتدياً ثانياً" ( ) .

8 - واعترفت الدولة الطرف في هذه القضية صراحةً بعمليات الاغتصاب على أنها جرائم ضد الإنسانية، وأُدين بعض الجناة وأُودعوا السجن. ولكن وفقاً للوقائع المسلّم بها، لم تُحدَّد هويات ما يزيد على نصف الجنود المتورطين ولم يُدفع التعويض المحكوم به لصالح صاحبات البلاغ قطّ. ويدلّ هذا التقصير على تحقّق مساءلة جزئية فحسب؛ وإزاء ما اقتُرف من جرائم جسيمة، فإن تعنّت السلطات الوطنية في رفضها دفع التعويض المحكوم به يدلّ على الحرمان الاجتماعي والقمع اللّذين تواجههما صاحبات البلاغ لكونهن نساء. وعلى نحو ما سبق شرحه، فإنّ بيئة الإفلات من العقاب التي لا مناص من أن تنشأ عن عدم إنفاذ الأحكام في قضايا العنف، تُحرّض بدورها على تكرار السلوك أو على الأقل فهي تمهّد له. وهذا هو بالتحديد رأي الأغلبية في هذه القضية، التي خلصت إلى انتهاك المادتين 3 و26 من العهد، بحججٍ مفادها أن عدم دفع التعويض يفاقم مشكلة العنف ضد المرأة ويتسبّب في وصمها في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

9 - ونلاحظ في هذا السياق أن الإفلات من العقاب مشكلةٌ حادة ومعروفة في الدولة الطرف. وتدخُل المقررة الخاصة السابقة المعنية بالعنف ضد المرأة وأسبابه وعواقبه، رشيدة مانجو، في عداد الذين لاحظوا "مستويات مفزعة" من العنف الجنساني في جمهورية الكونغو الديمقراطية، على الرغم من العديد من التدخلات التشريعية وغيرها من التدخلات ( ) . وعلى نحو ما أقرّ به أحد ضباط الأمم المتحدة لحفظ السلام، فأن تكون امرأةً في جمهورية الكونغو الديمقراطية أخطر من أن تكون جنديّاً في نزاع مسلح ( ) . وقد كشفت دراسات متتالية للوضع عن أن العنف الذي تعانيه المرأة في الدولة الطرف يتّسم بوحشية خاصة (بما يشمل الاغتصاب الجماعي، والاغتصاب بأجسام على غرار الحِراب، والإصابات الجنسية المتعمّدة مثل قطع الثديين) وأنّ مرتكبيه ينتمون إلى القوات العسكرية التابعة للدولة وغير التابعة لها، والميليشيات الأجنبية وحتى قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام. وأفاد الأمين العام في عام 2009 ، بأن ما يزيد على 000 200 حالة من العنف الجنسي سُجّلت في جمهورية الكونغو الديمقراطية منذ عام 1996 ، وقَدّر أنّ العدد الفعلي أعلى بكثير بسبب التّقصير في التبليغ عن الحالات ( ) . وفي ضوء ما يُعرف عن سياق العنف الجنسي ضد المرأة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، واستناداً إلى المبادئ التي ناقشناها في هذا الرأي، فإن تقصير الدولة الطرف في حق صاحبات البلاغ يكمن في عدم بذلها العناية الواجبة بلا ريب، وهو ما يُعتبر تمييزاً على أساس النوع الاجتماعي.

10 - أما البعد الثاني للمساواة فيما يتصل بالعنف ضد المرأة فهو مسؤوليةُ الدولة عن منع العنف في المقام الأول، باعتبارها متفرّعةً عن مبدأ بذل العناية الواجبة ( ) . وعلى نحو ما تحتجّ به اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة‏‏، انطلاقاً من توصيتها العامة رقم 19 ( 1992 ) والمادة 1 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فإنّ معاقبة الجناة غير كافٍ؛ ويجب أن تعمل جميع جوانب نظام العدالة الجنائية على منع العنف ضد المرأة ( ) . ووفقا ً للجنة :

عدم اتخاذ الدولة الطرف جميع التدابير المناسبة لمنع أعمال العنف الجنساني ضد المرأة في الحالات التي تكون فيها سلطاتها على علم بخطر هذا العنف أو ينبغي لها أن تعلم به، أو عدم التحقيق مع الجناة ومقاضاتهم ومعاقبتهم وتقديم تعويضات للضحايا/الناجيات من هذه الأعمال، يمنح الإذن الضمني بارتكاب العنف الجنساني ضد المرأة أو يشجع على ارتكابها ( ) .

وتكشف وقائع هذه القضية عن عدم وفاء الدولة الطرف بهذا المعيار وعدم حمايتها صاحبات البلاغ، على الرغم ممّا عانين من أوجه الضعف الشديد والمعهود. وهذا يرتقي إلى التخلف عن بذل العناية الواجبة، ويشكّل بذلك انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف بعدم التمييز ضد صاحبات البلاغ، وهو ما يتعارض مع المادتين 3 و 26 من العهد.

11 - وكانت صاحبات البلاغ وقت وقوع الأحداث، وجميعهن من النساء الريفيات ( ) ، يسعين إلى مجرد تأمين الغذاء من القرى التي أُجبرن على هجرها، في بيئة معروفة بالخطر المحدق بها جرّاء توغل الجنود المتمردين التابعين للقوات الديمقراطية لتحرير رواندا. ونظراً لمواطن الضعف المتداخلة التي تعاني منها النساء، فإن الدولة الطرف مدينة لهنّ بالتزام متعاظم ببذل العناية الواجبة من أجل حمايتهن من العنف، غير أنهن لاقيْن عوضاً عن ذلك معاملةً وحشيةً على أيدي الجنود أنفسهم الذين كان يفترض أن يوفّروا لهن الحماية. و كان العنف وما أعقبه من عدم اكتراث الدولة الطرف ل مطالباتهن بالتعويض على السواء نتاج اً ل لحرمان الاجتماعي الذي تعرّضن له تحديداً بسبب نوعهن الاجتماعي . واستناداً إلى مظاهر الاضطهاد الهيكلي هذه، نعتبر صاحبات البلاغ من ضحايا التمييز على أساس النوع الاجتماعي، بغضّ النظر عن أي تعويض دفعته الدولة الطرف أم لم تدفعه إلى نظرائهن من الذكور. وفي رأينا، يستند استنتاج الأغلبية حدوث انتهاك للمادتين 3 و 26 فيما يتصل بهذه الوقائع استناداً راسخاً إلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان التي وُضعت فيما يتعلق بالمساواة.

المرفق الثاني

[Original: English]

رأي مشترك من أعضاء اللجنة فورويا شويتشي، وفوتيني بزاغتيس، وفاسيلكا سانسين (مخالف جزئياً)

1 - نحن نكتب بشكل منفصل لأننا نختلف مع نهج اللجنة بشأن مسائل المقبولية وانتهاك المادتين 3 و 26 من العهد (انظر الفقرتين 5 - 6 و 6 - 4 ) ( ) .

2 - وترتكز المسألة الرئيسية في هذه القضية، على عدم دفع تعويضات أمرت بها السلطات القضائية المحلية لصالح الشاكيات (سبع نساء) اللاتي اعتبرتهن محاكم الدولة الطرف ضحايا للعنف الجنسي ولجرائم ضد الإنسانية، وهي جرائم وثّقتها الهيئات الدولية ( ) . ونحن نتفق مع الأسباب التي تعلل انتهاكاً واضحاً للمادة 7 ، مقروءة على حدة وبالاقتران مع الفقرة 2 ( 3 ) ، من العهد (الفقرة 6 - 2 ) . ووفقا للفقرتين 15 و 16 من التعليق العام رقم 31 ( 2004 ) ، يتعيّن على الدول الأطراف أن تنتصف للأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم التي ينص عليها العهد. وبدون هذا الانتصاف، لا يكون قد تم الوفاء بالتزام توفير سبيل انتصاف فعال. ويتضح في القضية قيد النظر، أن عدم دفع الدولة للتعويضات المحكوم بها للضحايا لا يخفف من مفعول العقوبة فحسب، بل يزيد أيضاً من شيوع ثقافة الإفلات من العقاب على هذه الجرائم الخطيرة.

3 - غير أننا لا ندرك ما الذي يدفع اللجنة، بعد أن خلصت إلى انتهاك المادتين 7 ( و 14 ) ، إلى أن تستنتج أيضا انتهاكاً للمادتين 3 و 26 . وفي حين نقرّ بفداحة الجرائم المرتكبة والأثر المستمر لوصم الضحايا وإلحاق الأذى بهن من جديد بسبب عدم منحهن التعويضات، إلاّ أننا نرى أنّ صاحبات البلاغ لم يشرحن بما يكفي، في هذه القضية، موطن التفريق في المعاملة - فيما يتصل بضحايا آخرين من ضحايا العنف الجنسي والجرائم ضد الإنسانية - وإلى أي مدى استند هذا التفريق إلى أساس تحظره المادة 26 ( ) .

4 - وتدّعي صاحبات البلاغ تفريقاً في المعاملة مشدّدات على محنة المرأة تحديداً باعتبارها ضحية للاعتداء الجنسي وعلى ضرورة معالجة الوضع الخاص بالمرأة. بيد أن صاحبات البلاغ لم يقدّمن أيّ معلومات ذات صلة تشير إلى أن ضحايا آخرين (بمن فيهم الرجال والأطفال) قد حصلوا على تعويض على النحو الواجب، في حين لم تحصل عليه صاحبات البلاغ ( ) . وفي غياب هذه المعلومات، كنّا سنعتبر هذا الجزء من البلاغ غير مقبول، ونحن نرى أنّ استنتاج انتهاكٍ منفصلٍ للمادتين 3 و 26 في هذا السياق بالذات قد يبعث بإشارة خاطئة بشأن الجبر المستحق لجميع ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

المرفق الثالث

[Original: English]

رأي مشترك بين عضوي اللجنة مارسيا ف. ج. كران وإيميرو تامرات إغيزو (رأي مخالف)

1 - نتفق مع النتائج التي توصلت إليها اللجنة ومفادها أن عدم تقديم التعويض إلى صاحبات البلاغ، باعتبارهن أشخاصاً يُعترف صراحةً بأنهم ضحايا للعنف الجنسي، يخفف من مفعول العقوبة، ويعطي انطباعاً عن الإفلات من العقاب، ويجعل الحق في اللجوء إلى المحاكم موهماً. وهذا غير مقبول، لأن الجرائم المرتكبة ضد المرأة، بما فيها جرائم العنف الجنسي، ولا سيما في حالات النزاع المسلح أو خلال الفترة الانتقالية بعد انتهاء النزاع، تشكل انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان يجب التصدي لها وتوفير سبل الانتصاف منها على وجه السرعة. ولذا، نتّفق تماماً على أن الوقائع تكشف عن انتهاك الدولة الطرف للمادتين 7 و 14 ، مقروءتين على حدة وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة من العهد. وبصورة أعم، فإن ضمان حقوق المرأة أساسيٌّ من أجل انتقال موفّق من فترة نزاع واضطراب إلى فترة استقرار دائم وحكم راسخ من خلال سيادة القانون وحقوق الإنسان والديمقراطية ( ) .

2 - غير أننا لا نوافق على أن الادعاءات المتعلقة بالانتهاكات المزعومة للمادتين 3 و 26 من العهد مقبولة.

3 - إذ تدعي صاحبات البلاغ أن عدم دفع التعويض المحكوم به لهن باعتبارهن ضحايا للعنف الجنسي يزيد من حدة الوصم الذي يتعرضن له. ويؤكدن أن الدولة الطرف شاركت في وصمهن وأسهمت فيه بعدم الوفاء بالتزامها بدفع التعويضات التي حكمت لهن بها المحكمة العسكرية في كيفو الجنوبية في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 ، وأنها انتهكت بذلك حقهن في عدم الخضوع للتمييز، في خرقٍ للمادتين 3 و 26 من العهد.

4 - وقد أوضحت اللجنة في الفقرة 7 من تعليقها العام رقم 18 ( 1989 ) ، أن عبارة "التمييز" المستخدمة في العهد ينبغي أن تُفهم على أنها تتضمن أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد أو تفضيل يقوم لأي سبب، كالعرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غير السياسي أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب أو غير ذلك، مما يستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف لجميع الأشخاص، على قدم المساواة، بجميع الحقوق والحريات أو التمتع بها أو ممارستها. وفي الفقرة 10 من التعليق العام نفسه، أشارت اللجنة إلى أن مبدأ المساواة يتطلب أحياناً من الدول الأطراف أن تتخذ إجراءات إيجابية للتقليل من الظروف التي تتسبب أو تساعد في إدامة التمييز الذي يحظره العهد أو للقضاء على تلك الظروف. وعلاوة على ذلك، ذكرت اللجنة في الفقرة 30 من تعليقها العام رقم 28 ( 2000 ) أن الدول الأطراف ينبغي لها التصدي للطرق التي تؤثر من خلالها أي حالة من حالات التمييز بوجه خاص في المرأة.

5 - ومع ذلك، يجب أن يُدعم البلاغ بما يكفي من بالأدلة لكي يكون مقبولا بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري. ويجب على صاحبات البلاغ إقامة دليل بيّن على انتهاك حقّ ينص عليه العهد ( ) .

6 - ولم تقدّم صاحبات البلاغ في هذه القضية أيّ معلومات عن الطريقة التي جعلت عدم دفع الدولة الطرف للتعويضات يزيد من حدة الوصم الذي يعانين منه فيما يتصل بأوضاعهن الشخصية. وعوضاً عن ذلك، جادلن بأن عدم دفع التعويضات يزيد من حدة الوصم الذي يعاني منه ضحايا العنف الجنسي عموماً. فلا توجد إذن معلومات كافية تفسّر كيف لعدم دفع التعويض أن يزيد من حدة الوصم الذي يتكبدنه أو كيف يؤدي إلى إدامته.

7 - وفي حين أن وضع صاحبات البلاغ حرجٌ للغاية بلا ريب، إلا أنّ اللجنة تحتاج إلى وقائع محددة بشأن القضية المعروضة عليها لكي تستنتج أن ادعاءً ما مشفوعٌ بما يكفي من الأدلة. وفي غياب هذه الوقائع، وبقدر ما نقرّ بخطورة الوضع الذي تعيشه صاحبات البلاغ عموماً، علينا أن نستنتج أن الادعاءات بموجب المادتين 3 و 26 لم تُدعم بما يكفي من الأدلة وهي بذلك غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.