النظر في التقارير المقدمة من الدول الأطراف بموجب المادة 40 من العهد

تعليقات الحكومة المغربية على الملاحظات الختامية للجنة المعنية بحقوق الإنسان

[الأصل: بالعربية]

[كانون الثاني/يناير 2005]

رد وزارة العدل على الملاحظات الختامية التي أبدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بعد مناقشتها بتاريخ 25 تشرين الأول/أكتوبر 2004 للتقرير الدوري الخامس المقدم من طرف المغرب حول تنفيذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

1- حول طول مدة الحراسة النظرية

إن الأشخاص الذين يشتبه في ارتكابهم لبعض الجرائم، يتم الاستماع إليهم من طرف ضباط الشرطة القضائية ويتم التحقيق معهم. وإذا لم يثبت في حقهم أي فعل، يتم إخلاء سبيلهم في الحال. وإذا تعلق الأمر بجناية أو جنحة يعاقب عليها بالحبس وكانت ضرورة البحث التمهيدي تقتضي من ضابط الشرطة القضائية إبقاء الشخص رهن إشارته فله أن يضعه رهن الحراسة النظرية لمدة لا تتجاوز 48 ساعة قابلة للتمديد 24 ساعة بعد إحضار المودع رهن الحراسة النظرية أمام السيد وكيل الملك الذي يعاين حالته ويستمع إليه ثم يقدر المودع وجاهة الأسباب المعتمدة في طلب التمديد قبل اتخاذ قراره، حيث تنص المادة 80 من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي:

"إذا تعلق الأمر بجناية أو جنحة يعاقب عليها بالحبس، وكانت ضرورة البحث التمهيدي تقتضي من ضابط الشرطة القضائية إبقاء شخص رهن إشارته، فله أن يضعه تحت الحراسة النظرية لمدة لا تتجاوز ثماني وأربعين ساعة بإذن من النيابة العامة. ويتعين لزوما تقديمه إلى وكيل الملك أو الوكيل العام للملك قبل انتهاء هذه المدة.

"يمكن لوكيل الملك أو الوكيل العام للملك بعد الاستماع إلى الشخص الذي قدم إليه، أن يمنح إذنا مكتوبا بتمديد الحراسة النظرية مرة واحدة لمدة أربع وعشرين ساعة.

"إذا تعلق الأمر بالمس بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي، فإن مدة الوضع تحت الحراسة النظرية تحدد في ست وتسعين ساعة قابلة للتجديد مرة واحدة بإذن كتابي من النيابة العامة.

"ويمكن بصفة استثنائية منح الإذن المذكور بموجب مقرر معلل بأسباب دون أن يقدم الشخص إلى النيابة العامة.

"يحق للشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية، في حالة تمديدها أن يطلب من ضابط الشرطة القضائية الاتصال بمحام. كما يحق للمحامي المنتصب الاتصال بالشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية.

"يتم الاتصال بترخيص من النيابة العامة ابتداء من الساعة الأولى من فترة تمديد الحراسة النظرية لمدة لا تتجاوز ثلاثين دقيقة، تحت مراقبة ضابط الشرطة القضائية في ظروف تكفل سرية المقابلة.

"غير أنه إذا تعذر الحصول على ترخيص النيابة العامة خاصة لبعد المسافة، فإن ضابط الشرطة القضائية يأذن بصفة استثنائية للمحامي بالاتصال بالشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية، على أن يرفع فورا تقريرا في هذا الشأن إلى النيابة العامة.

"يمنع على المحامي إخبار أي كان بما راج خلال الاتصال بموكله قبل انقضاء مدة الحراسة النظرية.

"يمكن لممثل النيابة العامة تأخير اتصال المحامي بموكله بناء على طلب من ضابط الشرطة القضائية، إذا اقتضت ذلك ضرورة البحث، كلما تعلق الأمر بالجرائم المشار إليها في المادة 108 من هذا القانون.

"يمكن للمحامي المرخص له بالاتصال بالشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية أن يقدم أثناء مدة تمديد هذه الحراسة وثائق أو ملاحظات كتابية للشرطة القضائية أو النيابة العامة قصد إضافتها للمحضر مقابل إشهاد".

" أما إذا ما تعلق الأمر بحالة التلبس بجناية أو جنحة وتطلبت الضرورة أن يحتفظ ضابط الشرطة القضائية بشخص أو عدة أشخاص ليكونوا رهن إشارته، فله أن يضعهم تحت الحراسة النظرية لمدة لا تتجاوز 48 ساعة تحسب ابتداء من ساعة توقيفهم، وتشعر النيابة العامة بذلك.

وحسب المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية، "يمكن بإذن كتابي من النيابة العامة لضرورة البحث، تمديد مدة الحراسة النظرية لمرة واحدة أربعا وعشرين ساعة".

أما بخصوص طول مدة الحراسة النظرية فإن المدد المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية المتعلقة بالوضع تحت الحراسة النظرية تبقى قصيرة مقارنة مع التشريعات الأجنبية ومراعية لحرية المشتبه فيه ومحاطة بضمانات قانونية وإذا كان المشرع حدد مدة الحراسة النظرية في 48 ساعة، فإن هذا الإجراء خوله حفاظا منه على سرية البحث ومخافة اندثار الأدلة وما تستلزمه خطورة بعض الجرائم من بحث وتحري.

وبخصوص المدد المتعلقة بالجريمة الإرهابية فقد خصها المشرع بمدد أطول نسبيا، اعتبارا لطبيعة هذا النوع من الجرائم وخطورتها ولما يستلزمه الأمر من بحث وتحري وتدقيق. وإذا اقتضى الأمر تمديد الحراسة النظرية فيتعين على ضابط الشرطة القضائية اللجوء إلى النيابة العامة للحصول على إذن كتابي بذلك، ولا يمكن التمديد بصفة تلقائية وإنما يتم ذلك تحت مراقبة قاض النيابة العامة الذي يراعي أسباب التمديد ومبرراته فإذا لم تكن هناك ضرورة للتمديد لم يأذن به.

2- عدم وجود ضمانات مؤازرة المودع تحت الحراسة النظرية بمحام منذ الساعة الأولى من إيداعه

في حالة وضع الشخص تحت الحراسة النظرية، فقد خول المشرع بمقتضى المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية للشخص المحروس الحق في أن يطلب من ضابط الشرطة القضائية الاتصال بمحاميه كما يحق للمحامي المنتصب الاتصال بالشخص المودع تحت الحراسة النظرية ابتداء من الساعة الأولى من فترة تمديدها.

وبذلك أصبح للمحامي دور أكثر إيجابية أمام الشرطة القضائية إذ من حقه إثارة ملاحظات كتابية والإدلاء بوثائق تضاف إلى المحضر مقابل إشهاد بذلك وأصبح من حقه الاتصال بموكله.

ولقد توخى المشرع من عدم اتصال المحامي بموكله إلا بعد الساعة الأولى من فترة تمديد الحراسة النظرية الحفاظَ على سرية الأبحاث وعلى وسائل الإثبات والأدلة اللازمة للكشف عن الحقيقة.

3- حول سحب جوازات السفر لأشخاص يمثلون منظمات حقوقية غير حكومية

إن هذه الادعاءات جاءت على وجه التعميم دون الإشارة إلى حالات معينة بذاتها أو ذكر أسماء أشخاص تم سحب جوازات سفرهم ومنعوا من حضور مؤتمرات دولية تتعلق بحقوق الإنسان وبذلك فلا يمكن إعطاء توضيحات مفيدة عن حالات غير معروفة.

4- حول تطبيق القانون المتعلق بمكافحة الإرهاب بأثر رجعي

تضمن التشريع المغربي مبادئ هادفة إلى تعزيز دولة الحق والقانون وذلك عن طريق إقرار عدة مبادئ منها ما يلي:

مبدأ قرينة البراءة؛ حماية حقوق الدفاع؛ إجراء محاكمة عادلة في ظل مسطرة قانونية سليمة تطبعها العلانية؛ مبدأ الحضور والمساواة في تقديم الأدلة؛ مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي؛ حيث نص الفصل 4 من القانون الجنائي على ما يلي: "لا يؤاخذ أحد على فعل لم يكن جريمة بمقتضى القانون الذي كان ساريا وقت ارتكابه ". كما كرس الدستور المغربي نفس المبدأ حيث نص في الفصل الرابع على الآتي: " القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة ويجب على الجميع الامتثال له وليس للقانون أثر رجعي " .

وبذلك يعتبر هذا المبدأ من المبادئ العامة التي لا يمكن مخالفتها إلا بنص قانوني صريح، كما أن قانون مكافحة الإرهاب رقم 3/3 الصادر بتاريخ 28 أيار/مايو 2003 لا يتضمن في مقتضياته أية إشارة إلى تطبيقه بأثر رجعي وبذلك لا يمكن لأية هيأة قضائية أن تخالف النصوص التشريعية المذكورة وإلا كان حكمها معرضا للنقض والإبطال.

والجدير بالإشارة أن ما أثارته اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بخصوص تطبيق قانون الإرهاب بأثر رجعي جاء بصفة العموم ولم تشر اللجنة إلى القضايا التي طبق فيها القانون المذكور بأثر رجعي.

5- مضايقة الصحفيين أثناء مزاولتهم لمهامهم

إن حرية التعبير مخولة لكل مواطن بمقتضى الدستور وتعتبر من أسمى المبادئ المستمدة من إقرار مبدأ الحرية والتعبير عن الآراء بشتى الوسائل الإعلامية والتعبيرية المكتوبة والمسموعة والمنظورة. وفي هذا النطاق، عمل قانون الصحافة على تنظيم جزء من حقوق التعبير بمقتضى القانون الصادر في ظهير 15 تشرين الثاني/نوفمبر 1958 والذي وقع تعديله وتتميمه في 10 نيسان/أبريل 1973 وخضع لتعديلات جديدة بتاريخ 3 تشرين الأول/أكتوبر 2002، جعلته مسايرا للمواثيق الدولية وما أملته الإرادة من توجه يهدف بالأساس إلى ضمان هذا الحق وترسيخ الاختيار الديمقراطي وتوفير التشريعات الكفيلة بتمكين الأفراد والجماعات من ممارسة حقوقهم. وإذا كان حق التعبير مشروع فقد يقع تحت طائلة التنظيم القانوني الذي يحدد إطار ممارسته.

وإن المواثيق الدولية نصت على نفس المقتضيات في المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ونص المادة كما يلي:

"1 - لكل إنسان الحق في اعتناق آراء دون مضايقة.

"2- لكل إنسان الحق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.

"3- يتتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسؤوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:

(أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم؛

(ب) لحماية الأمن القومي أو للنظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة " .

وبخصوص ما أشار إليه التقرير، من مضايقة بعض الصحفيين أثناء مزاولتهم لمهامهم، فإن ما يؤكد عدم ممارسة أية مضايقات في مواجهة الصحفيين ورجال الإعلام هو ما تعكسه الإحصائيات التي تتوفر عليها مختلف المحاكم المتعلقة بالمتابعات المقامة ضد الصحفيين خلال سنة 2004 والتي تبين بوضوح أن النيابات العامة لم تحرك الدعوى العمومية إلا في قضية واحدة في حين بلغ عدد القضايا التي حركت فيها الدعوى العمومية بناء على شكاوى مباشرة أو شكاوى قدمت إلى النيابة العامة من طرف المتضررين 34 قضية، وإن النيابات العامة غالباً ما تلجأ إلى إعمال مبدأ ملاءمة المتابعة في مثل هذه القضايا لارتباطها بحرية الرأي والتعبير إذ تقرر حفظ الشكاوى ضد الصحفيين الذين يتبين عدم خرقهم لقانون الصحافة والنشر.

_ _ _ _ _