الأمم المتحدة

CAT/C/EGY/5

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

27 December 2021

Original: Arabic

Arabic, English, French and

Spanish only

لجنة مناهضة التعذيب‏‏

التقرير الدوري الخامس المقدم من مصر بموجب المادة 19 من العهد، والواجب تقديمه في عام 2004 *

[تاريخ الاستلام: 13 أيلول/سبتمبر 2021]

مقدمة

1 - في إطار حرص مصر على التعاون مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان، وتعبيراً عن رغبتها في الوفاء بالتزاماتها التعاهدية ، تتقدم مصر بهذا التقرير المجمع منذ تقديم التقرير السابق وحتى نهاية عام 2019، وذلك إعمالاً للمادة 19 (الفقرة الأولى) من الاتفاقية.

2 - تم إعداد هذا التقرير في إطار عملية تشاورية واسعة ضمت مختلف الجهات الحكومية المعنية. كما شاركت السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في عدة أنشطة ذات صلة بتعزيز تجريم التعذيب سوء المعاملة أقامتها المنظمات غير الحكومية، ومنها ندوة ندوة "نحو إصلاح التشريعات العقابية في مصر" (6–7 أبريل 2019) بدعوة من المنظمة العربية لحقوق الإنسان، والمؤتمر الدولي الذى نظمه المجلس القومي لحقوق الإنسان وشركائه من منظمات المجتمع المدني حول "التشريعات والآليات اللازمة لمناهضة التعذيب في الدول العربية" (8–9 أكتوبر 2019). ويتناول التقرير تطورات التشريعات المصرية والممارسات القضائية والإدارية المتعلقة بتنفيذ أحكام الاتفاقية منذ أن قدمت حكومة مصر تقريرها الدوري الرابع في 2001 ( ) ، وبخاصة الفترة بعد إقرار الدستور، استكمالاً لما ورد في التقارير السابقة بشأن التدابير التي اتخذتها الحكومة في سبيل تنفيذ أحكام الاتفاقية منعاً للتكرار.

3 - كانت مصر من أوائل الدول التى صدقت على الاتفاقية. كما انضمت في 1984 للميثاق الإفريقى لحقوق الإنسان والشعوب، والذي يحظر في المادة 5 التعذيب بكافة أنواعه والعقوبات والمعاملة الوحشية أو اللاإنسانية أو المذلة. وانضمت في إبريل 2019 إلى الميثاق العربى لحقوق الإنسان، والذي يحظر في المادة 8 تعذيب أي شخص بدنياً أو نفسياً أو معاملته معاملة قاسية أو مهينة أو حاطة بالكرامة أو غير إنسانية، ويلزم الدول الأطراف بحماية كل شخص خاضع لولايتها من هذه الممارسات، وأن تتخذ التدابير الفعالة لمنع ذلك، ويعتبر ممارسة هذه التصرفات أو الإسهام فيها جريمة يعاقب عليها لا تسقط بالتقادم، ويلزم الدول بأن تضمن في نظامها القانوني إنصاف من يتعرض للتعذيب وتمتعه بحق رد الاعتبار والتعويض.

4 - ولقد مرت مصر منذ عام 2011 بالعديد من التطورات الداخلية في ظل بيئة إقليمية تتسم بقدر كبير من السيولة. فاشتعلت في 25 يناير 2011 ثورة شعبية واسعة، طالب المصريون فيها بإسقاط النظام السياسى وحماية الحقوق والحريات الأساسية، رافعين شعار الحرية والعيش الكريم والعدالة الاجتماعية. وتعاصر مع ذلك استغلال بعض العناصر الإرهابية المتربصة للحالة التي مرت بها البلاد، فاخترقت السجون والأقسام والمحاكم وبعض المؤسسات وتم تخريبها وحرق وإتلاف ما بها من سجلات ووثائق. وتوالت الأحداث السياسية، فتم انتخاب رئيس للجمهورية ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين في يونيو 2012، بنسبة تأييد 51.7 %. غير أن الشعب فوجئ بانتهاجه سلسلة من السياسات الاستبدادية التي عصفت بسيادة القانون وحادت عن أهداف الثورة. وكرست تلك السياسات لانفراد جماعته بالسلطة، فأصدر منفرداً إعلاناً دستورياً حصن قراراته من رقابة القضاء، واعتدى على استقلال السلطة القضائية بعزل النائب العام، وامتنع عن تنفيذ ما لا يحقق مصالح جماعته من أحكام قضائية واجبة النفاذ، وحاصر أنصاره مقر المحكمة الدستورية العليا ومنعوها من ممارسة عملها. كما تبنى وحزبه خطاباً سياسياً يحض على الكراهية والعنف بين المواطنين، ويميز بينهم بحسب انتماءاتهم السياسية والدينية. وشكل لجنة لوضع الدستور اقتصرت على أنصار جماعته القائمة على أساس ديني. ورغم صدور حكم قضائي ببطلان تشكيل تلك اللجنة لمخالفتها المعايير الديمقراطية، فقد صدر في 25 ديسمبر 2012 دستور غلب عليه طابع الإقصاء، وتضمن انحرافات صارخة بسلطة التشريع الدستوري، أتبعها عزل الرئيس عدداً من قضاة المحكمة الدستورية العليا.

5- ولما وجد الشعب أن الرئيس قد حاد عن أهداف ثورة يناير التي وعد بتحقيقها، وأنه يهدم سيادة القانون، بدأت حركة من التظاهرات السلمية مطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهو ما رفضه الرئيس، وواجه أنصاره التظاهرات بالعنف والترويع. ونتيجة لذلك، خرج قرابة 30 مليون مواطن في 30 يونية 2013 مطالبين بإسقاطه وتصحيح مسار ثورتهم. وتوافقت القوى الوطنية على خريطة طريق لإعادة بناء المؤسسات الدستورية والتأسيس لنظام ديمقراطي يعالج قصور المرحلة السابقة، فتم تشكيل لجنة الخمسين من كافة أطياف المجتمع لتعديل الدستور، ووضعت مشروع دستور حظي في استفتاء عام بتأييد 98.1%.

6 - وصدر الدستور في 18 يناير 2014، وتلا ذلك في منتصف مايو 2014 إجراء انتخابات رئاسية كثاني استحقاقات خريطة الطريق. وفاز فيها الرئيس الحالي بنسبة 96.91%. وفي نهاية 2015، تم استكمال الاستحقاق الأخير بانتخاب أعضاء مجلس النواب. وجرت انتخابات الرئاسة والبرلمان في حضور ومتابعة العديد من منظمات المجتمع المدني والاتحاد الأفريقي وعدد من المنظمات الإقليمية والدولية، حيث أجمع المراقبون على استيفائها جميع معايير الشفافية والحياد والنزاهة، لتتحقق بذلك متطلبات الشعب المصري في 30 يونيو 2013 في بناء قاعدة مؤسسية لمجتمع ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. وتمت إعادة انتخاب الرئيس الحالى في إبريل 2018 بنسبة تأييد 97.08%.

7 - تضمن الدستور العديد من المبادئ التي تضمن صون كرامة الإنسان وتحظر تعرضه للتعذيب بجميع أشكاله، فنص على أن الكرامة حق لكل إنسان ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها (المادة 51)، وأن التعذيب بجميع أشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم (المادة 52). وقرر أن كل من يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه ولا ترهيبه ولا إكراهه ولا إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، وأنه لا يجوز حجزه أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانياً وصحياً، ومخالفة شيء من ذلك يُعد جريمة يعاقب مرتكبها وفقاً للقانون، ومنح المتهم الحق في الصمت، وأكد على أن كل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة شيء مما تقدم أو التهديد بشيء منه يهدر ولا يعول عليه (المادة 55).

8 - وتلزم المادة 151 من الدستور السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية بأحكام الاتفاقيات الدولية التى يتم التصديق عليها كالقوانين الداخلية، مما يعطى الحق لمن يتضرر من عدم تطبيقها في اللجوء إلى القضاء. بل يذهب الدستور أبعد من الدساتير السابقة من حيث إقرار المادة 93 وضعاً خاصاً للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التى يتم التصديق عليها فمنحها قوة القانون، مما يصبغ الحقوق والحريات الأساسية الواردة بتلك الاتفاقيات بالحماية المقررة للقاعدة الدستورية. وتعد المادة 121 القوانين المنظمة للتمتع بالحقوق والحريات الواردة في الدستور ضمن القوانين المكملة له، ومن ثم تشترط لصدورها موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب. ومن ثم، أضحى لكل ذي مصلحة اللجوء للمحكمة الدستورية العليا للطعن بعدم دستورية النصوص التشريعية المخالفة.

9 - وصدرت خلال الفترة التي يغطيها التقرير تشريعات عديدة تعكس التزام الدولة بتعهداتها الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان وتحظر التعذيب بجميع أشكاله، من أهمها قانون إنشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان، وقانون مكافحة الإرهاب، وقانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. كما صدرت تعديلات لتشريعات قائمة، منها قانون العقوبات، وقانون الإجراءات الجنائية، وقانون تنظيم السجون، وقانون تنظيم الطوارئ، وقانون الأحكام العسكرية، وقانون هيئة الشرطة، وقانون الطفل، على النحو الذي سوف يرد بيانه تفصيلاً في هذا التقرير.

10- يشمل هذا التقرير في الجزء الأول التطورات التشريعية والقضائية والإدارية الخاصة بتنفيذ الاتفاقية وفقاً لترتيب المواد من 1 إلى 16 مدعماً ببعض البيانات والإحصائات عن السنوات من بعد 2014 نظراً لما مرت به قبل تلك الفترة من أحداث على الحو السالف بيانه. ويشمل الجزء الثاني معلومات عن الاستفسارات والتوصيات الصادرة عن اللجنة في أعقاب النظر في تقرير مصر الدوري الأخير ( ) ، مع الإحالة في بعضها إلى ما سبق تناوله في الجزء الأول. وقد تمت مراعاة المبادئ التوجيهية الصادرة عن اللجنة المتعلقة بشأن التقارير الدورية التي تقدمها الدول الأطراف بموجب المادة 19(1) من الاتفاقية، والفقرة العاملة رقم 16 من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة A/RES/68/268 الصادر في 9 إبريل 2014.

الجزء الأول المعلومات المتعلقة بتنفيذ مواد الاتفاقية

المادة 1 (تعريف التعذيب)

11 - تضع مصر نصب أعينها التعليقات العامة الصادرة عن اللجنة في شأن تلك المادة، والتوصيات الصادرة بشأن مواءمة تعريف التعذيب الوارد بالتشريع الوطني المصري مع التعريف الوارد بالاتفاقية. وتود أن توضح الآتي:

1 - يتبنى التشريع الجنائى المصري منهجاً متعارفاً عليه يعتمد على التدرج والتناسب في التجريم والعقاب من خلال تناول الجرائم بأوصاف وعقوبات متعددة، وليس بوصف واحد وعقوبة واحدة، فيؤثم الأفعال المتعددة التي تشكل عدواناً على حق واحد، من خلال تقرير عقوبات مختلفة لكل فعل منها، بحيث تتناسب تلك العقوبات ودرجة الجسامة التي يشكلها كل اعتداء على الحق المستهدف بالحماية. ومن شأن هذا المنهج تحقيق العدالة المنشودة من المساءلة الجنائية، والتي تستدعي المغايرة في جسامة العقوبة الموقعة على الجاني باختلاف جسامة الجرم الذي ارتكبه، وهو النهج المتبع من دول عدة أطراف في الاتفاقية باختلاف أنظمتها القانونية، كنهج تشريعى وطنى في إطار إنفاذها لأحكام هذه المادة. ومن ثم، شمل قانون العقوبات في مواضع مختلفة كل صور التعذيب التي أوردتها المادة.

2 - يتضح من التعريف الذي توردته المادة أن جريمة التعذيب لها ركنان: الأول هو الركن المادي، ويتضمن الفعل والنتيجة ورابطة السببية. ويشمل الفعل "أي عمل" أيما كان نوعه أو طبيعته، منصب على الجسد أو العقل أو كليهما، والنتيجة وهي "الألم أو العذاب"، حيث تشترط الاتفاقية أن يكون شديداً. وبمفهوم المخالفة، فإن الألم أو العذاب إن لم يكن شديداً فلا يندرج تحت مسمى التعذيب وفقاً للمفهوم الوارد في الاتفاقية، وإن أمكن اعتباره درباً من دروب المعاملة اللاإنسانية المحظورة المادة 16 (الفقرة الأولى).

3- أما الركن الثاني فهو الركن المعنوي. وتوضح المادة أنه يتخذ صورة القصد الجنائي القائم على العلم والإرادة بذكر عبارة "يلحق عمداً". وإضافة إلى هذا القصد الجنائي العام، يورد النص قصداً جنائياً خاصاً. وتحدد المادة خمس صور لجريمة التعذيب بأركانها المتقدم بيانها، الصورة الأولى: التعذيب بقصد الحصول على معلومات أو اعتراف، والثانية: التعذيب بقصد العقاب على عمل ارتكبه الضحية أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو آخر، والثالثة: التعذيب بقصد التخويف، والرابعة: التعذيب بقصد الإرغام، والصورة الأخيرة: التعذيب القائم على التمييز.

4 - ويمكن النظر إلى تلك الأغراض من زاويتين؛ الأولى كونها بواعث على ارتكاب الجريمة. وفي تلك الحالة تضحى غير ذات أثر في الوصف القانوني، وقد تكون محل اعتبار عند تقدير العقوبة. والثانية أنه قد ينظر إليها بوصفها قصداً جنائياً خاصاً يجب أن تتجه إرادة الجاني إلى تحقيقه. وفي الحالة الأخيرة تضحى محل تقدير قانوني. وقد جرى النظر إلى تلك الأغراض باعتبارها قصوداً خاصة، وذلك لإسباغ أكبر قدر ممكن من الشمول والتوسع في الحماية. وعلى ضوء ذلك، يمكن القول بأن المادة تورد أربع صور لجريمة التعذيب، الأولى: التعذيب بقصد الحصول على معلومات أو اعتراف، والثانية: التعذيب بقصد التخويف، والثالثة: التعذيب بقصد العقاب على عمل ارتكبه الضحية أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو آخر، والأخيرة: التعذيب القائم على التمييز.

12 - وتؤكد مصر أن تشريعها الوطني يجرم كافة صور الممارسات المنعوتة بالتعذيب المتقدم بيانها باختلاف صورها وقصودها الخاصة وذلك بالمواد 126 و129 و375 مكرر و375 مكرر(أ) من قانون العقوبات، سواء وقعت تلك الجريمة بقصد الحصول على معلومات أو اعتراف، أو المعاقبة على عمل، أو بقصد التخويف أو الإرغام، أو كانت قائمة على التمييز. كما تؤكد أن منظومتها التشريعية تتسع في بعض المواضع لتشمل بالتجريم ممارسات لا تعد في الأساس من قبيل ممارسات التعذيب وفقاً للمادة، ومع ذلك فقد أثمها القانون المصري. فعلى سبيل المثال، يضم الباب السادس من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والذي يحمل اسم "الإكراه وسوء المعاملة من الموظفين لأفراد الناس" تجريم عدد من الممارسات التي يرتكبها الموظفون العموميون وتشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان، يبدأها بتجريم التعذيب بقصد الحصول على الاعتراف بالمادة 126 كصورة أولى لممارسة التعذيب. ولا يتطلب في الركن المادي لتلك الجريمة سلوكاً معيناً يجب أن يأتيه الجاني، فكل فعل يكون من شأنه تحقيق النتيجة الإجرامية المتمثلة في استطالة الاعتداء إلى جسد المجني عليه من خلال علاقة سببية يوصف بالتعذيب، دون اشتراط جسامة بعينها في هذا الفعل، اكتفاءً بمطلق الألم أو العذاب، ولو كان يسيراً أو لم يترك أثراً إصابياً بجسد الضحية، بينما أن المادة تشترط في الألم أو العذاب البدني أن يكون شديداً.

13 - على ضوء المادة 126، يمكن ارتكاب جريمة التعذيب بقصد الحصول على اعتراف بفعل إيجابي، كالتعدي المستهدف سلامة الجسد أو العقل بمختلف أشكاله؛ كما يمكن ارتكابها بفعل سلبي بالامتناع، متى كان على الجاني واجب قانوني أو اتفاقي بإتيان نشاط إيجابي بمنع هذا التعدي، فيكون الممتنع عمداً شريكاً في جريمة التعذيب. ويتماشى التشريع المصري مع المادة 1 من الاتفاقية في اعتبار تلك الحالة من بين الجرائم العمدية التي يتخذ ركنها المادي صورة القصد الجنائي. كما يتماشى مع اشتراط القصد الجنائي الخاص المتطلب تحققه فيها، والمتمثل في اتجاه الإرادة إلى حمل المتهم على الاعتراف بجريمة أو بواقعة مادية، أيما كان باعثه على ارتكاب التعذيب.

14 - وفي مجال تصدي القضاء المصري لتلك الجريمة، لا يُشترط لتوقيع العقاب أن يحصل الجاني فعلياً من الضحية على اعتراف، وإنما يكفي أن يقع تعذيب المتهم بقصد حمله على الاعتراف ( ) . كما لا يُشترط تحقق آثار إصابة فعلية بضحية التعذيب للعقاب على العدوان الواقع عليه ( ) . ولا يُشترط انطلاق الجاني من باعث معين لارتكاب التعذيب، فالقضاء يطلق العقاب كلما عمد الموظف أو المستخدم العمومي إلى تعذيب متهم لحمله على الاعتراف أياً كان الباعث له على ذلك ( ) . ولا يُشترط أيضاً لتطبيق المادة 126 أن يكون الموظف العام الذي عذب المتهم بقصد حمله على الاعتراف مختصاً بإجراءات الاستدلال أو التحقيق بشأن الواقعة المؤثمة التي ارتكبها المتهم أو تحوم حوله شبهة ارتكابها أو اشتراكه في ذلك، وإنما يكفي أن تكون للموظف العام سلطة بموجب وظيفته العامة تسمح له بتعذيب المتهم بقصد حمله على الاعتراف أياً كان الباعث لديه ( ) .

15 - أما الصورتين الثالثة والرابعة للمادة ، وهما التعذيب بقصد التخويف وبث الرعب والإرغام، فتجرمهما المادتان 375 مكرر و375 مكرر (أ) من قانون العقوبات، حيث تعاقبان على التعذيب وغيره من صور التعدي التي قد ترتكب بقصد الترويع أو التخويف أو إلحاق أي أذى مادي أو معنوي، سواء ضد المجني عليه أو مع زوجه أو أحد أصوله أو فروعه، أو الحصول على منفعة منه أو التأثير في إرادته لفرض السطوة عليه، أو إرغامه على القيام بعمل أو حمله على الامتناع عنه، أو لتعطيل تنفيذ القوانين أو التشريعات، أو مقاومة السلطات، أو منع تنفيذ الأحكام، أو الأوامر أو الإجراءات القضائية واجبة التنفيذ، أو تكدير الأمن أو السكينة العامة، متى كان من شأن ذلك إلقاء الرعب في نفس المجني عليه أو تكدير أمنه أو سكينته أو طمأنينته أو تعريض حياته أو سلامته للخطر أو إلحاق الضرر بشيء من ممتلكاته أو مصالحه أو المساس بحريته الشخصية أو شرفه أو اعتباره. ويعاقب القانون على هذه الصورة بالحبس الذي تصل مدته إلى 5 سنوات. ويرتقى بالعقوبة إلى السجن المشدد أو السجن إذا ارتكبت جناية الجرح أو الضرب أو إعطاء المواد الضارة المفضية إلى موت بناءً على ممارسة التعذيب. كما يجعل العقاب السجن المؤبد إذا كانت تلك الممارسة مسبوقة بإصرار أو ترصد، والوضع تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية للعقوبة بحد أقصى 3 سنوات.

16 - وبشأن الصورة الثانية الخاصة بقصد العقاب عن عمل ارتكبه الضحية أو يشتبه أنه قد ارتكبه، والخامسة الخاصة بالتعذيب القائم على التمييز، فتتناولهما وغيرهما من القصود الأخرى التي قد يبتغيها الجاني من ممارسة التعذيب المادة 129 من قانون العقوبات. فهى تجرم استعمال الموظف العام ومن في حكمه القسوة مع الناس اعتماداً على وظيفته إذا أدى ذلك إلى الإخلال بشرفهم أو أحدث آلاماً بأبدانهم. وتأتى عبارات تلك المادة واسعة لتشمل كل صور التعدي الذي قد يأتيه الموظف العام، أو من في حكمه، على الجمهور استناداً لسلطان الوظيفة أو الخدمة العامة. فتشمل التعدي المادي على الجسد أياً كانت صورته أو كيفيته، ولو لم يترك أي أثر مادي بجسد الضحية. وتشمل أيضاً التعدي اللفظي أو الإيحائي مادام كان من شأنه الإخلال بالشرف والاعتبار، سواء قصد الجاني من ذلك عقاب الضحية أو أتى فعله بدافع من التمييز أو غير ذلك من القصود الأخرى. وتعاقب المادة المشار إليها على هاتين الصورتين بعقوبة الجنحة.

17 - وعلى ضوء المادتين 24 و25 من قانون العقوبات، يترتب على الإدانة بجناية التعذيب عزل المتهم من الوظيفة العامة التي كان يشغلها عزلًا مطلقًا، والحرمان من شغلها في المستقبل، أو شغل غيرها من الوظائف العامة أيما كانت. وتطبق تلك العقوبة بقوة القانون كعقوبة تبعية للعقوبة الأصلية المقضي بها، ولو لم ينص الحكم عليها. كما يطبق العزل كعقوبة جنائية تبعية، ولو جرت محاكمة المتهم تأديبيًا وأسفرت تلك المحاكمة عن عزله بهذا الطريق، أو وقعت عليه جزاءات إدارية أدنى ( ) . كما تطبق أيضًا في أحوال الشروع في تلك الجريمة دون ارتكابها تامة ( ) . وحتى في الأحوال التي تعمل المحكمة فيها سلطتها التقديرية في تخفيف العقوبة المقررة للجريمة نظرًا لظروف الواقع، يكون العزل من الوظيفة واجب التطبيق كعقوبة تكميلية، وذلك عملًا بالمادة 27 من قانون العقوبات.

18 - واتساقاً مع ما تقرره المادة من وجوب تحقق صفة الموظف العام أو التذرع بالوظيفة أو الخدمة العامة فيمن يقترف التعذيب بنفسه أو يأمر غيره به، تنص المادتان 126 و129 من قانون العقوبات على ذلك، باشتراط أن يأمر الموظف العام بارتكاب الجريمة، أو أن يرتكبها بنفسه. إضافة إلى ما تقدم، ووفقاً للقواعد العامة في القانون المصري، يكون الشخص شريكاً في ارتكاب الجريمة متى حرض عليها أو اتفق مع غيره على ارتكابها أو ساعد مرتكبها على الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لها، ويعاقب عليها بذات العقوبة المقررة للفاعل الأصلي ( ) .

19 - من الجدير بالذكر أن القواعد العامة تقضي بأن تتقادم الدعوى الجنائية الناشئة عن جرائم الجنايات بمضي 10 سنوات من تاريخ ارتكابها، إلا أنه تقديراً لخطورة ممارسات التعذيب والمعاملة اللاإنسانية المجرمة بنصوص المواد 117 و126 و127 من قانون العقوبات، تنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية على عدم انقضاء الدعوى الجنائية الناشئة عنها بمضي المدة. ويعزز ذلك نص المادة 52 من الدستور على أن "التعذيب بجميع أشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم".

20 - ختاماً، تجدر الإشارة إلى تباين تفسيرات الدول الأطراف للمادة على اختلاف أنظمتها القانونية، سواء اللاتينية أو الأنجلوسكسونية من جانب، وبين التعليقات العامة الصادرة عن لجنة مناهضة التعذيب من جانب آخر، مما يثير إشكالية قانونية وعملية في كيفية التنفيذ الأمثل.

المادة 2 (التدابير التشريعية والقضائية والإدارية لمنع التعذيب)

الفقرة 1: الإجراءات التشريعية والقضائية والإدارية لمنع التعذيب.

21 - تتضمن المنظومة التشريعية والقضائية والتنفيذية العديد من القوانين والقرارات والإجراءات والضوابط التي تهدف لمنع ممارسات التعذيب وغيرها من صور المعاملة اللاإنسانية، والحيلولة دون وقوعها. وتحرص جميعها على بسط الرقابة على مقار الاحتجاز والحبس، وضمان حقوق المحتجزين والمحبوسين احتياطياً في توكيل محام، واجتياز فحص طبي وتوفير الرعاية الصحية لمن يحتاجها فوراً بدون مُقابل، والاتصال بأسرهم ومحاميهم، وإجراء تحقيقات فورية في البلاغات بشأن التعذيب بمعرفة الجهات القضائية المختصة لضمان معاقبة المسؤولين عنه وضمان عدم إفلاتهم من العقاب، وضمان حقوق المجني عليهم في التعويضات العادلة. وإضافة إلى ما سبق تناوله في التقارير السابقة، فيما يلى ما استجد في هذا الصدد:

1 - الإجراءات التشريعية :

22 - شهدت مصر طفرة تشريعية واسعة لحماية حقوق الإنسان بشكل عام، ومكافحة الممارسات المنتهكة لتلك الحقوق، والتي يأتي على رأسها التعذيب بشكل خاص. ففيما يتعلق بمدد الحبس الاحتياطي، أعاد القانون 145 لسنة 2006 بتعديل قانون الإجراءات الجنائية تنظيم القواعد الحاكمة له، متضمناً الشروط اللازم توافرها لتطبيقه في جرائم معينة حصراً، ووضع حدود قصوى لمدته تتفاوت بحسب طبيعة الجريمة. فلا يجوز أن تجاوز مدته في مرحلة التحقيق الابتدائي وسائر مراحل الدعوى الجنائية عن ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، ولا يتجاوز 6 أشهر في الجنح و18 شهراً في الجنايات، وسنتين إذا كانت العقوبة بالسجن المؤبد أو الإعدام. ويشترط القانون صدور أوامر الحبس الاحتياطي من درجة وظيفية محددة، إلى جانب تنظيم ضوابط وإجراءات الطعن على تلك الأوامر. ويضع بدائل لتقليل حالات الحبس الاحتياطى ، والاستعاضة عنه بتدابير أخرى ( ) ، إضافة إلى إلزام النيابة العامة بنشر أحكام البراءة والأوامر بأنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادرة في الجرائد الرسمية على نفقة الدولة لتبرئة ساحة من سبق اتهامهم، وكفالة تعويضهم مادياً عن مدة الحبس الاحتياطي التي يكونوا قد أدوها.

23 - وتجدر الإشارة إلى أن للنيابة العامة اختصاص استئثارى بالتحقيق وتحريك ومباشرة الدعوى الجنائية، وتتمتع بذات حصانات السلطة القضائية المنصوص عليها في الدستور باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من القضاء وفقاً للمادة 189 منه. وهى المهيمنة على التحقيق منذ اللحظة الأولى لتلقيها البلاغ بموجب المادة 25 من قانون الإجراءات الجنائية، حيث تحدد المادتان 22 و23 من ذات القانون أن مأمورى الضبط القضائى يجب أن يكونوا تابعين للنائب العام وخاضعين لإشرافه فيما يتعلق بأعمال وظائفهم. وتؤكد التعليمات القضائية المنظمة لعمل النيابة العامة على ذلك، فتنص في المادة 1 على أن "النيابة العامة شعبة من شعب السلطة القضائية، وهى النائبة عن المجتمع والممثلة له وتتولى تمثيل المصالح العامة، وتسعى فى تحقيق موجبات القانون". بل تدعو أعضاء النيابة إلي التحلى بحيدة القضاء وتجردهم فى أدائهم لأعمالهم، وتؤكد أن رسالتهم هى البحث عن الحقيقة واستظهارها من أجل تحقيق العدالة باعتبارها الهدف الأسمى لعمل أعضاء النيابة العامة. كما تنص المادة 147 من تلك التعليمات علي أنه "يجب أن يكون المحقق مؤمناً برسالته فى استظهار الحقيقة، واتخاذ كل الوسائل الكاشفة عنها، وأن يعتقد أن الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة هما هدفه وغايته المنشودة ". وتنص فى المادة 148 على أنه "يتعين أن يلبس عضو النيابة ثوب القاضى عند مباشرته التحقيق، فيتحلى بالحيدة تحرياً للحق أينما كان، سواء أدى إلى إقامة الدليل قبل المتهم أو إلي نفي الاتهام الواقع على عاتقه." ويعد وضع أعضاء النيابة العامة كرؤساء للضبطية القضائية ومنحهم حق الإشراف على أعمالها ضمانة أكيدة لحماية الحريات العامة، وأحد أهم تدابير الوقاية التشريعية لمنع ممارسات التعذيب وغيرها من صور المعاملة اللاإنسانية، والحيلولة دون وقوعها.

24 - ونظراً لما تشهده مصر من حوادث إرهابية أليمة، والتي كشفت التحقيقات القضائية تشعب وقائعها وتعدد المتهمين فيها وتشابك علاقاتهم داخلياً وخارجياً، فقد صدر القانون 83 لسنة 2013 بتعديل قانون الإجراءات الجنائية، حيث يجيز لمحكمة النقض ولمحكمة الإحالة –وليس للنيابة العامة- إذا كان المتهم قد سبق الحكم عليه بالإعدام أو السجن المؤبد أن تأمر بحبسه احتياطياً لمدة 45 يوماً قابلة للتجديد دون التقيد بالمدد المنصوص عليها. ويُعرف هذا بالحبس على ذمة المحاكمة الجنائية، حيث إنه على ضوء أن مدة المحاكمة قد تطول في هذا النوع من القضايا الجنائية لاستعراض كافة الأدلة في مواجهة المتهمين وتمكين مدافعيهم من ضحدها والاستماع إلى شهود النفي والإثبات، إذ وصل عددهم في إحدى الدعاوى إلى ما يزيد على 800 شاهد.

25 - وفيما يتعلق بالحق في الدفاع، تُلزم المادتان 124 و125 من قانون الإجراءات في غير حالتي التلبس والسرعة خشية ضياع الأدلة، باستجواب المتهم بجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس الوجوبي أو مواجهته فقط بعد دعوة محاميه للحضور -إن وجد-؛ فإذا لم يكن للمتهم محام، أو لم يحضر محاميه بعد دعوته، وجب على المحقق أن يندب له محامياً والسماح له بالاطلاع على التحقيق في اليوم السابق على الاستجواب. ولا يجوز بأي حال الفصل بين المتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق. وهذا الحق الدستوري المكفول للمتهم في الدفاع لا ترد عليه أية استثناءات، حيث يبطل –كقاعدة عامة- الاستجواب من قبل السلطة المختصة حال إجرائه في غيبة الدفاع، وتبطل الأدلة المستمدة من هذا الاستجواب، فلا يمكن التعويل عليها لإدانة المتهم، وذلك على نحو ما تواتر عليه قضاء محكمة النقض ( ) .

26 - وفيما يتعلق بحقوق المسجونين، يتضمن القانون 106 لسنة 2015 المعدل لقانون تنظيم السجون 396 لسنة 1956 ضوابط تلزم إدارة السجن بإحاطة المسجون علماً فور دخوله السجن بحقوقه وواجباته والأعمال المحظورة عليه والجزاءات التي توقع عليه عند مخالفته للقوانين واللوائح، والتزام المنشآت الطبية الحكومية والجامعية بعلاج المسجونين المحالين إليها من السجون لعلاجهم، فضلاً عن أحقية كل مسجون محكوم عليه بعقوبة مع الشغل أن يطلب إعفاءه من الشغل لظروفه الصحية، بالإضافة إلى أحقية المحبوسين احتياطياً في احتجازهم بأماكن منفصلة عن أماكن غيرهم من المسجونين، وجواز التصريح للمحبوس احتياطياً بالإقامة في غرفة مؤثثة، مع مراعاة ما تسمح به الأماكن والمهمات بالسجن، كما تضمن الإقرار بأحقية كل محكوم عليه في التراسل والاتصال التليفوني، وحق ذويه في زيارته مرتين شهرياً.

27 - يعزز ما تقدم نص المادة 54 من الدستور على أن "الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا تُمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه، أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق. ويجب أن يُبلغ فوراً كل من تقيد حريته بأسباب ذلك، ويحاط بحقوقه كتابة، ويمكن من الاتصال بذويه وبمحاميه فوراً، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته. ولا يبدأ التحقيق معه إلا في حضور محاميه، فإن لم يكن له محام، ندب له محام، مع توفير المساعدة اللازمة لذوي الإعاقة، وفقاً للإجراءات المقررة في القانون. ولكل من تقيد حريته، ولغيره، حق التظلم أمام القضاء من ذلك الإجراء، والفصل فيه خلال أسبوع من ذلك الإجراء، وإلا وجب الإفراج عنه فوراً. وينظم القانون أحكام الحبس الاحتياطي، ومدته، وأسبابه، وحالات استحقاق التعويض الذي تلتزم الدولة بأدائه عن الحبس الاحتياطي، أو عن تنفيذ عقوبة صدر حكم بات بإلغاء الحكم المنفذة بموجبه. وفي جميع الأحوال لا يجوز محاكمة المتهم في الجرائم التي يجوز الحبس فيها إلا بحضور محام موكل أو مٌنتدب". وتنص المادة 96 على أن "المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه ..." كما تنص المادة 98 على أن ”حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول. واستقلال المحاماة وحماية حقوقها ضمان لكفالة حق الدفاع. ويضمن القانون لغير القادرين مالياً وسائل الالتجاء إلى القضاء، والدفاع عن حقوقهم"، وتكفل المادة 198 من الدستور الحصانات والضمانات اللازمة لمباشرة الدفاع لعمله. ويتم توفير التدريب اللازم لجميع أعضاء النيابة العامة ورجال الشرطة على تطبيق هذه المبادئ الدستورية والتعريف بالالتزامات الدولية، وذلك بالتعاون مع الهيئات الدولية ذات الصلة، مثل مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، ومع معهد سيراكوزا الدولي للعدالة الجنائية وحقوق الإنسان.

28 - وتبقى الحقوق المصونة والمكفولة دستوراً وقانوناً سارية دون تعطيل لدى تطبيق قانون مكافحة الإرهاب، حيث تنص مواد إصداره على سريان قانون الإجراءات الجنائية –وهو الشريعة العامة الحاكمة للإجراءات الجنائية- في أحوال الاتهام بجريمة إرهابية. وتأكيداً لذلك ينص قانون مكافحة الإرهاب ذاته على بعض هذه الإجراءات، فتمنح المادة 44 المتهم بجريمة إرهابية وغيره من ذوي الشأن الحق في استئناف الأمر الصادر بحبسه احتياطياً أو بمد هذا الحبس أمام المحكمة المختصة بدون رسوم. وتؤكد المادة 45 عدم جواز تفتيش المتهم بجريمة إرهابية إلا بإذن قضائي مسبب. وتنص المادة 46 على عدم جواز مراقبة وتسجيل المحادثات والرسائل التي ترد على وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة، وتسجيل وتصوير ما يجري في الأماكن الخاصة أو عبر شبكات الاتصال أو المعلومات أو المواقع الإلكترونية، وما يدون فيها، إلا بذات الإذن القضائي المسبب، وغير ذلك من إجراءات مقرونة بضرورة صدور هذا الإذن.

29 - وللموازنة بين مواجهة الخطر الذي يشكله الإرهاب من جانب، وبين كفالة الحق في الحرية في حالة مواجهة خطر الإرهاب من جانب آخر، يكون لسلطات إنفاذ القانون صلاحيات لا تسري إلا في أحوال ارتكاب هذا النوع من الجرائم، من خلال إجراءات وقواعد محددة تبقي على إطار الشرعية الإجرائية وتكفل الحقوق والحريات العامة. وتخضع هذه الإجراءات المتعلقة بالحقوق والحريات لرقابة وإشراف السلطة القضائية، وتمنح في ذات الوقت النيابة العامة بعض الإجراءات الخاصة حتى يتسنى لها أداء عملها، وذلك من خلال قواعد إجرائية محددة تتضمنها المواد 40 و41 و42 من قانون مكافحة الإرهاب. ذلك أنه منح جهات جمع الاستدلالات الحق في التحفظ على المتهمين في قضايا الإرهاب لمدة مؤقتة لا تجاوز 14 يوماً، قابلة للتجديد لمرة واحدة تحت رقابة وإشراف النيابة العامة، مشترطة في ذلك صدور قرار قضائي مسبب، ومقررة عدداً من الضوابط لهذا التحفظ، من أبرزها ضرورة إبلاغ كل من يتم التحفظ عليه بأسباب ذلك وتمكينه من الاتصال بذويه والاستعانة بمدافع وضرورة تحرير محضر بأقواله.

30 - وفي إطار الحرص على إيجاد آلية وطنية مستقلة تهدف إلى تعزيز وتنمية وحماية حقوق الإنسان والحريات العامة وفقاً لأحكام الدستور، والاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها مصر، فقد أنشئ المجلس القومي لحقوق الإنسان بالقانون 94 لسنة 2003، حيث يختص بدراسة ادعاءات نتهاك حقوق الإنسان، وتقديم ما يلزم من توصيات في شأنها للجهات المختصة بالدولة، وكذا تلقي الشكاوي ذات الصلة ودراستها وإحالة ما يرى إحالته منها إلى الجهات المختصة ومتابعتها أو تبصير ذوي الشأن بالإجراءات القانونية واجبة الأتباع ومساعدتهم في اتخاذها أو تسويتها وحلها مع الجهات المعنية، فضلاً عن متابعة تطبيق الالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان، والتقدم إلى الجهات المعنية بالمقترحات والملاحظات والتوصيات اللازمة. كما يختص المجلس بالعمل على نشر ثقافة حقوق الإنسان وتوعية المواطنين بها، وذلك بالاستعانة بالكيانات المختصة بشؤون التعليم والتنشئة والإعلام والتثقيف، فضلاً عن المساعدة في إعداد برامج تدريس حقوق الإنسان، وكذلك إصدار تقارير عن أوضاع وتطور حقوق الإنسان.

31 - وقد جرى تعديل هذا القانون بموجب القانون 197 لسنة 2017 التزاماً بحكم المادة 214 من الدستور، واتساقاً مع مبادئ باريس للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وتلبية للمقترحات والتوصيات الصادرة عن المجلس القومي لحقوق الإنسان ذاته، إذ يكفل التعديل استقلال المجلس من حيث طريقة تشكيله ( ) وأدائه لمهامه وممارسته لاختصاصاته، وكذا استقلال موازنته وحساباته، فضلاً عن منح المجلس حق زيارة السجون وسائر أماكن الاحتجاز والمؤسسات العلاجية والإصلاحية، والاستماع للسجناء ونزلاء الأماكن والمؤسسات المذكورة للتثبت من حسن معاملتهم ومدى تمتعهم بحقوقهم، بالإضافة إلى منح المجلس الحق في إبلاغ النيابة العامة عن أي انتهاك للحريات الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها مصر.

32 - بالإضافة إلى ما تقدم، جرت خلال الفترة التي يغطيها التقرير تعديلات تشريعية عديدة تستهدف كفالة حماية حقوق الإنسان اتصالاً بالمعاملة الجنائية من مختلف جوانبها بشكل عام، وضمان مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بشكل خاص، ومن أبرزها:

القانون 152 لسنة 2001 الذى يلغى عقوبة الجلد باعتبارها آخر صنوف العقوبات البدنية التي كانت مطبقة فى السجون.

القانون 95 لسنة 2003 الذي تضمن إلغاء عقوبة الأشغال الشاقة، أينما وردت، في قانون العقوبات أو في أي قانون أو نص عقابي آخر، على أن يستعاض عنها بعقوبة” السجن المؤبد ”إذا كانت مؤبدة، وبعقوبة ”السجن المشدد” إذا كانت مؤقتة.

القانون 6 لسنة 2009 بتعديل بعض مواد قانون السجون، والمتضمن ضرورة تعامل المسجونة الحامل معاملة طبية خاصة من حيث الغذاء والتشغيل والنوم منذ ثبوت حملها بتقرير طبي، وإلى أن تضع مولودها وتمضي أربعين يوماً على الوضع.

القانون 71 لسنة 2009 بشأن رعاية المريض النفسي وتنظيم الإجراءات الجنائية التي قد تتخذ في مواجهة المتهمين الذين يعانوا من أمراض عقلية ونفسية بما يضمن الحيلولة دون وقوع أي شكل من أشكال التعذيب.

القانون 74 لسنة 2007 بتعديل أحكام قانون الإجراءات الجنائية؛ والمتضمن تنظيم إصدار الأوامر الجنائية كبديل للمحاكمة الجنائية التي قد تنتهي بعقوبات سالبة للحرية، والاستعاضة عنها بنظام عدالة تصالحية يتضمن إقرار التصالح عن بعض أنواع الجرائم مقابل أداء مالي يتقدم به الجاني، فضلاً عن تقرير تحمل الخزانة العامة قيمة أتعاب المحاماة التي تقرر للمحامين الذين تندبهم جهات التحقيقات للمتهمين في الأحوال التي لا يكون لهم فيها محامين مختارين.

القانون 94 لسنة 2014 المعدل لقانون تنظيم السجون، والذى يعطى الحق لكل محكوم عليه بالحبس البسيط لمدة لا تتجاوز ستة أشهر أن يطلب بدلاً من تنفيذ عقوبة الحبس عليه تشغيله خارج السجن طبقاً للقيود المقررة بقانون الإجراءات الجنائية، إلا إذا نص الحكم على حرمانه من هذا الخيار.

القانون 6 لسنة 2018 المعدل لقانون السجون، والمتضمن جواز الإفراج تحت شرط عن كل محكوم عليه نهائياً بعقوبة مقيدة للحرية إذا أمضى في السجن نصف مدة العقوبة وكان سلوكه أثناء وجوده في السجن يدعو إلى الثقة بتقويم نفسه.

الإجراءات القضائية:

33 - تم في التقارير السابقة استعراض طبيعة عمل وتقسيم السلطة القضائية والضمانات والحصانات الممنوحة لرجال القضاء حتى يتسنى لهم أداء عملهم دون خشية أو تأثير أو تدخل في عملهم. كما سبق استعراض اختصاص النيابة العامة – بوصفها شعبة قضائية أصيلة - في الإشراف على السجون ومباشرة الرقابة والتفتيش عليها، واتخاذ اللازم بشأن المخالفات التي تنكشف لأعضائها نتيجة التفتيش، فضلاً عن التزامهم بقبول شكاوى المسجونين وفحص كافة أوراق وسجلات السجن. وقد وصل عدد زيارات تفتيش السجون التي أجرتها النيابة العامة في الفترة من 2011 حتى 2019 إلى 266 زيارة.

الإجراءات الإدارية:

34 - سبق التطرق في التقارير السابقة إلى إنشاء وحدة معنية بحقوق الإنسان بكل وزارة وجهة حكومية، تضم عدداً من الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة بهدف تلقي الشكاوى والرد عليها والعمل على حلها بشكل جدي وسريع، بالإضافة إلى الإشراف على إعداد وتنفيذ الدو را ت التدريبية للعاملين لبناء قدراتهم في مجال نشر قيم المساواة وعدم التمييز وتعزيز مبادئ النزاهة والشفافية.

35 - كما صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2396 لسنة 2018 بإنشاء "اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان"، برئاسة وزير الخارجية وعضوية ممثلين عن الوزارات والجهات المعنية والمجالس القومية النوعية للمرأة والطفولة والأمومة وشؤون الإعاقة. وتتولى هذه اللجنة وضع استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان وخطط العمل اللازمة لتنفيذها، فضلاً عن متابعة تنفيذ مصر لالتزاماتها الناشئة عن كونها طرفاً فى الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، واقتراح التدابير والإجراءات التشريعية اللازمة. كما تتولى رصد ودراسة سبل معالجة المشكلات المتعلقة بحقوق الإنسان في مصر، وإعداد الردود على مراسلات حملة ولايات الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان والآليات المماثلة في الأطر الإقليمية التى تنتمى إليها مصر، فضلاً عن تولى اللجنة وضع السياسات والبرامج لرفع الوعي وتدريب العاملين بالجهات القائمة على إنفاذ القانون وعلى تطبيق الالتزامات الدولية وبناء قدراتهم. كما تعمل على التعاون مع أجهزة الأمم المتحدة المعنية وغيرها من منظمات حكومية دولية ذات صلة للتعرف على الخبرات والتجارب الدولية المختلفة ودعم جهود الحكومة للبناء المؤسسي لمنظومة حقوق الإنسان الوطنية.

36 - تضطلع العديد من الجهات المستقلة بإجراء زيارات للسجون للتأكد من كفالة حقوق المسجونين بها، وعدم تعرضهم للتعذيب أو أي شكل من أشكال إساءة المعاملة. فتجرى تلك الزيارات دون إخطارٍ مُسبق من جانب لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب والمجلس القومي لحقوق الإنسان والمجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة، بالإضافة إلى ممثلى المنظمات غير الحكومية، حيث تمت 60 زيارة خلال الفترة من 2010 حتى 2019.

37 - وبشأن دور الرعاية الاجتماعية المخصصة لإيداع الأطفال الذين لم يبلغوا 18 عاماً، فتتم مراقبة تنفيذ اللائحة الداخلية للمؤسسات العقابية للأحداث، والتي تقضي بوجود أخصائي اجتماعي مرافق للأطفال المودعين على مدار اليوم يلازمهم داخل الدار، لمتابعة حالتهم وإخطار الجهات المعنية بأي تجاوز في حقهم، واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك، فضلاً عن تركيب منظومة كاميرات مراقبة لردع حدوث الاعتداء وضمان عدم إفلات مرتكبه من العقاب حال حدوثه.

الفقرة 2: الظروف الاستثنائية والطوارئ العامة:

38 - تشكل الظروف الطارئة التي قد تهدد النظام العام أو السلامة العامة أو الأمن القومي دافعاً لإعلان حالة الطوارئ، وذلك بهدف سرعة درء الخطر، من خلال منح الجهات القائمة على إنفاذ القانون صلاحيات محددة لاتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لحفظ الأمن ومواجهة التهديدات، ومساعدتها على حماية الممتلكات العامة والخاصة والحفاظ على أرواح المدنيين.

39 - وقد مثلت دوماً الظروف والتحديات الإرهابية الساعية إلى النيل من استقرار مصر وتعريض أمنها وسلامة مواطنيها للخطر الدافع لإعلان حالة الطوارئ. فقد واجهت مصر منذ 2011 حوادث كارثية هددت أمنها وسلامتها واستهدفت المدنيين والمنشآت العامة والخاصة على نحو ما تقدم عرضه بمقدمة التقرير. ورغم تفاقم الحوادث الإرهابية منذ نهاية 2013 بأنحاء الجمهورية، فلم تُعلن حالة الطوارئ العامة إلا على أثر الهجمات الإرهابية التي شهدتها كنائس ومساجد عام 2017، والتي بلغ ضحاياها ما يربو على 200 قتيل ومصاب، فجرى فرضها في مناطق محددة في شمال سيناء وفقاً للضوابط الدستورية وتحت رقابة قضائية كاملة. وتخضع كافة الإجراءات الجنائية المتخذة بموجب قانون الطوارئ للقواعد العامة المقررة بمقتضى الدستور وقانون الإجراءات الجنائية. ويبقى الأثر الفعلي لفرض حالة الطوارئ منحصرًا في فرض حظر التجول في مواقيت محددة بتلك المناطق.

40 - وقد أقرت المادة 4 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية حق الدول في أوقات الطوارئ التي تهدد حياة الأمة، أن تتخذ من الإجراءات ما يحلها من التزاماتها إلى المدى الذي تقضيه بدقة متطلبات الوضع، على ألا تتنافى هذه الإجراءات مع التزاماتها الأخرى بموجب القانون الدولي، ودون أن تتضمن تمييزاً على أساس العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الديانة أو الأصل الاجتماعي.

41 - وينص الدستور على القواعد والإجراءات الخاصة بإعلان حالة الطوارئ، ويحيط هذا الإجراء بضمانات تكفل التأكد من وجود ما يبرره من واقع الحال وظروفه. وتتمثل هذه الضمانات في عدم جواز قيام رئيس الجمهورية بإعلان حالة الطوارئ إلا بعد أخذ رأى مجلس الوزراء، وعرض هذا الإعلان على مجلس النواب، فإن وافق عليه أغلبية الأعضاء، تعلن حالة الطوارئ لمدة لا تجاوز 3 أشهر، ولا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة، بعد موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب.

42 - وأكدت المحكمة الدستورية العليا أن ”قانون الطوارئ ما هو إلا نظام خاص قُصد به دعم السلطة التنفيذية وتزويدها بمكنات معينة تحد بها من الحقوق والحريات العامة بهدف مواجهة ظروف طارئة تهدد السلامة العامة أو الأمن القومي للبلاد مثل الحرب وأخطار التهديد الخارجي والاضطرابات التي تهدد الأمن الداخلي، أو حدوث وباء أو ما شابه ذلك من أمور وثيقة الصلة بالسلامة العامة والأمن القومي، وهو بهذه المثابة محض نظام استثنائي يستهدف غاية محددة فلا يجوز التوسع في تطبيقه، ويتعين التزام التفسير الضيق لأحكامه" ( ) . كما قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 17 لسنة 15 قضائية بجلسة 2/6/2013 عدم دستورية المادة ١ (الفقرة الأولى) من قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958، والتي كانت تجيز لرئيس الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ القبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن والنظام العام واحتجازهم والترخيص في تفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية. وقد أشارت المحكمة في حيثيات الحكم إلى عدم جواز التوسع في تفسير القانون المنظم لحالة الطوارئ وأكدت ضرورة تطبيقه في أضيق الحدود، مع وجوب تقيد هذا القانون بالضوابط المقررة للعمل التشريعي، وأهمها عدم مخالفة نصوص الدستور الأخرى، إذ أن صدور قانون الطوارئ بناء على نص في الدستور لا يعطي ترخيصاً لهذا القانون لتجاوز باقي نصوص الدستور. وبناء على هذا الحكم، لم يعد هناك احتجاز إداري، وأصبح الحبس بناء على أمر قضائي فقط.

43 - وقد سبق في التقارير السابقة تناول أحكام قانون الطوارئ العامة رقم 162 لسنة 1958. وتؤكد مصر أن هذا القانون لا يتضمن أى تعطيل لأحكام قانون العقوبات فيما يتعلق بتجريم ممارسات التعذيب وغيرها من صور المعاملة اللاإنسانية، وبالتالي فإن هذا التجريم وغيره يسري حتى في الأحوال التي تعلن فيها الطوارئ العامة.

الفقرة 3: حظر التذرع بأوامر الرؤساء كمبرر للتعذيب:

44 - تم في التقارير السابقة استعراض أسباب الإباحة الجنائية في القانون على ضوء ما تنص عليه المادة 63 من قانون العقوبات من أنه ”يجب على الموظف الذى يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته وأن اعتقاده كان مبنياً على أسباب معقولة"، والقواعد المستقرة في شأن عدم جواز الاعتذار بالجهل بالقانون، لاسيما القوانين ذات الطبيعة الجنائية. ومن ثم، لا يجوز بأي حال التذرع بأوامر الرؤساء لإتيان ممارسات التعذيب أو استعمال القسوة أو غيرها من الأفعال المؤثمة .

45 - وتقرر المادة 52 من الدستور أن التعذيب بجميع أشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم. ولا يوجدأى نص تشريعى يبيح التذرع بممارسة التعذيب لأي سبب أو دافع. وبالتالي فإن التعذيب جريمة لا يمكن أن يرد عليها أي استثناء يمنع من المحاكمة.

46 - كما تؤكد المادة 126 من قانون العقوبات هذه القاعدة العامة بالنص صراحة على تجريم التعذيب الحاصل بأمر صادر من موظف أو قيام الأخير بذلك بنفسه، لتؤكد تجريم كافة صور النشاط الإجرامي التي قد يأتيها الرئيس وتؤدي إلى ارتكاب المرؤوس لممارسة التعذيب. فمصدر الأمر بالتعذيب ”الرئيس ” هو فاعل أصلي في تلك الجريمة، مثله مثل القائم بالتعذيب ”المرؤوس". ويقع على المرؤوس التزام بمعارضة الأمر، كما يقع عليه عبء إبلاغ السلطات المختصة في أحوال صدور الأمر عملاً بالمادتين 25 و26 من قانون الإجراءات الجنائية. ويشكل هذا الإجراء ضمانة مهمة للمجني عليه الذي قد تحول ظروفه أو ظروف ذويه دون الإبلاغ نتيجة ما قد يتعرضون له من إيذاء. فيتيح هذا الالتزام على المرؤوس الكشف عن الجرائم المذكورة ومساءلة مرتكبيها. فضلاً عن أن سكوت المرؤوس عن الإبلاغ عنها بعد صدور مثل هذا الأمر له، أو سكوته عن ممارسة التعذيب التي قد يكون شاهدها أو علمها بسبب عمله، قد يجعله شريكاً –في ظروف معينة- في تلك الجريمة.

47 - وقد أكدت أحكام القضاء أن التذرع بأوامر الرؤساء ليس مبرراً للتعذيب، وأن حدود طاعة الرؤساء لا يمكن أن تمتد إلى ارتكاب الجرائم، وأن التذرع بتلك الطاعة لا يصلح للإعفاء من المسؤولية الجنائية بأي صورة. فلا يعد ذلك سبباً من أسباب الإباحة أو مانعاً من موانع المسؤولية أو العقاب، حيث قضت محكمة النقض بأنه ”من المقرر أن طاعة الرئيس لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم، وأنه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر إليه من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه” ( ) .

المادة 3 (حظر طرد أو إعادة أو تسليم الأجانب إذا كان في ذلك تهديد بتعرضهم للتعذيب)

48 - لا يجيز النظام الدستوري والقانوني طرد أيّ شخص أجنبي أو إعادته أو تسليمه إلى دولة أخرى إذا ثبتت خطورة التسليم أو توافرت أسباباً حقيقية تدعو للاعتقاد بأن الشخص المعني سيكون مهدّداً بالتعرّض للتعذيب، خاصّة إذا ثبت أنّ الدولة المعنية فيها من الانتهاكات الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان ما يهدّده بمثل هذا الخطر. وهذا الحظر يسري على المواطنين والأجانب على حد سواء.

49 - ويسلك القانون المصري في تنظيمه لإجراءات تسليم الأجانب مسلك التطبيق المباشر للاتفاقيات الدولية، سواء الثنائية أو متعددة الأطراف التي توقعها مصر بشأن التسليم، أو التي تتضمن أحكاماً لتنظيم التسليم والتي تسري باعتبارها قانوناً من قوانينها وفقًا لنص المادة 151 من الدستور، وهو ما أيدته محكمة النقض في قضائها ( ) . كما أن بعض التشريعات الوطنية تنظم إجراءات التسليم بشأن جرائم الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين. وفي حالة عدم وجود اتفاقية يتم التسليم تطبيقاً لأحكام العرف الدولي والمعاملة بالمثل.

50 - وبانضمام مصر للاتفاقية والتصديق عليها تصبح لها قوة القانون، عملاً بحكم المادتين 93 و151 من الدستور. ولما كانت المادة 3 من الاتفاقية من الأحكام القابلة للتنفيذ المباشر بذاتها دون حاجة إلى إصدار تشريع مستقل، يحظر على الدولة عملاً بالفقرة الأولى منها طرد أي شخص أو إعادته أو تسليمه إلى دولة أخرى متى توافرت لديها أسباب حقيقة تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب. وتلتزم الدولة عملاً بالفقرة الثانية من ذات المادة حال تقدير توافر هذه الأسباب أن تأخذ في الحسبان جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية.

51 - ويختص النائب العام بالبت في طلبات التسليم، سواء في مرحلة ما قبل تحريك الدعوى الجنائية أو أثناء التحقيق أو المحاكمة أو بعد صدور حكم نهائي. والنيابة العامة هي جزء من السلطة القضائية المستقلة بحكم المادتين 184 و189 من الدستور، ويتولى” مكتب التعاون الدولي وتنفيذ الأحكام ورعاية المسجونين” بها دراسة وعرض طلبات التسليم على النائب العام.

52 - يتولى أعضاء المكتب دراسة طلبات التسليم المقدمة من الدول واتخاذ إجراءات التحقيق اللازمة بشأنها. وخلال التحقيق، تتم إحاطة الشخص المطلوب تسليمه علماً بالتهمة المسندة إليه وأدلتها ضده وإثبات أقواله في محضر ترفق به المستندات المقدمة منه ومن الدولة طالبة التسليم، وذلك للتحقق من توافر الأسباب الموضوعية والأسانيد القانونية للتسليم. وإذا تبين أن هناك أسباباً حقيقية تدعو للاعتقاد بأن ثمة خطر للتعرض للتعذيب في الدولة طالبة التسليم، بمراعاة جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في تلك الدولة، للنائب العام أن ينتهي إلى رفض طلب التسليم، وقراره في هذا الشأن ملزم لكافة سلطات الدولة.

53 - أما بالنسبة لقرارات الإبعاد خارج الإقليم، فيُحظر كمبدأ طرد المواطنين من بلدهم أو منعهم من العودة أو تسليمهم إلى دولة أخرى، ولو كانوا حاملين لجنسية أخرى، عملًا بالمادة 62 من الدستور.

54 - وبالنسبة لإبعاد الأجانب، فإن القانون 89 لسنة 1960 بشأن دخول وخروج وإقامة الأجانب ينظم شروط وإجراءات إقامتهم، سواء الإقامة الخاصة أو العادية أو المؤقتة. ويجيز القانون لوزير الداخلية إصدار قرار بإبعاد الأجانب بصفة عامة.

55 - ويُشترط القانون في إبعاد الأجانب من ذوي الإقامة الخاصة أن يكون في وجودهم ما يهدد أمن الدولة أو سلامتها في الداخل أو الخارج أو الاقتصاد أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو السكينة العامة. ويتم اتخاذ قرار إبعادهم بعد دراسة كل حالة على حدة من أجل الوقوف على الأسباب الموضوعية والقانونية التي تدعو إلى الإبعاد، ثم استدعاء الشخص المعني وسؤاله وسماع الإيضاحات اللازمة منه في حضور محامٍ وممثل من السفارة ومترجم. وأخيراً، يصدر القرار بالإبعاد من وزير الداخلية بعد موافقة لجنة تضم الجهات المعنية.

56 - ويجوز التظلم من قرار وزير الداخلية بالإبعاد في جميع الأحوال، وكذا الطعن عليه بالإلغاء أمام مجلس الدولة. ويحق للصادر قرار إبعاده أن يتمسك أمام المحكمة بأحكام الاتفاقية، والدفع بأن من شأن إعادته لبلده أن يعرضه لخطر التعذيب. وفي هذه الحالة تقدر المحكمة مدى توافر الأسباب التي تبرر الادعاء بتوافر هذا الخطر، وتأخذ في حسبانها جميع الاعتبارات ذات الصلة، لتصدر حكمها استناداً إلى أحكام الاتفاقية باعتبارها قانوناً وطنياً. وإذا تبين أن هناك أسباباً حقيقية تؤيد صحة الادعاء، فللمحكمة أن تقضي بإلغاء قرار الإبعاد. وإلى حين الفصل في الدعوى، يحق للمدعي أن يطلب من المحكمة الحكم بوجه مستعجل بوقف تنفيذ القرار.

57- فضلاً عما تقدم، واتساقاً مع الحظر المنصوص عليه في الاتفاقية الدولية لحماية اللاجئين 1951 بشأن الطرد أو الإعادة أو التسليم حال الاعتقاد بالتعرض لخطر التعذيب، تجيز المادة 91 من الدستور لمصر منح حق اللجوء السياسي لكل أجنبي اضطهد بسبب الدفاع عن مصالح الشعوب أو حقوق الإنسان أو السلام أو العدالة. وتحترم مصر هذا الحظر والتزاماتها بموجب الاتفاقية.

58 - وتتعاون الحكومة باستمرار مع مكتب المفوضية السامية للاجئين بمصر الذي يتولى تسجيل اللاجئين وطالبي اللجوء وفقاً للاتفاق الموقع بين الجانبين. فيبلغ المسجلون حالياً لدى المكتب أكثر من 250000 لاجئ وطالب لجوء من 55 جنسية مختلفة، إضافة إلى زهاء 5 مليون شخص فر معظمهم من النزاعات المسلحة فى دول الجوار الجغرافي، ولم يطلبوا الحصول على وضعية لجوء لسهولة اندماجهم في المجتمع. فلا يتم عزلهم في معسكرات ويتمتعون بجميع الخدمات الأساسية المتوافرة للمصريين بالمجان من سكن وصحة وتعليم. ويمتد التعاون مع المفوضية إلى توفير أخصائيين اجتماعيين للأطفال غير المصحوبين والتأكد من تمتعهم بالخدمات الأساسية.

59 - تجدر الإشارة إلى أنه لم تتضمن التشريعات سواء تلك التشريعات المتعلقة بمواجهة الإرهاب أو المتعلقة بإعلان حالة الطوارئ أو بالأمن القومي أو غيرها أحكاماً من شأنها التأثير على التزام مصر بأحكام هذه المادة. كما لم تُسجل خلال الفترة التي يغطيها التقرير أي حالة طرد أو إعادة أو تسليم مخالفة لأحكام الاتفاقية.

المادة 4 (تجريم أفعال التعذيب)

60 - تم في معرض التعليق على المادة 1 استعراض الوضع القانوني لجريمة التعذيب وفقاً لأحكام القانون، والذي يتضمن تأكيد تجريم كافة صور التعذيب بصورة أعم وأشمل من الأحكام التي تضمنتها الاتفاقية، خاصة أن الدستور يقرر أن تلك الجريمة لا تسقط بالتقادم.

61 - وفيما يتعلق بتجريم التعذيب وفقاً لأحكام القانون 25 لسنة 1966 وتعديلاته، فإنه يطبق فيما لم يرد بشأنه نص في قانون القضاء العسكري النصوص الخاصة بالإجراءات والعقوبات الواردة في القوانين العامة. وإعمالاً لذلك، يطبق القضاء العسكري ذات القواعد القانونية، والتي تجرم التعذيب ولا تعطي قيمة للاعترافات المنتزعة تحت وطأته.

62 - وتجدر الإشارة إلى عدد من التطبيقات القضائية التي أعملت فيها السلطة القضائية النصوص الجنائية المتعلقة بتجريم التعذيب، ومنها:

تعذيب رجال شرطة متهماً لحمله على الاعتراف بارتكاب جريمة سرقة، فأحدثوا به إصابات أودت بحياته؛ ومن ثم تمت إحالتهم لمحكمة الجنايات التي قضت بمعاقبتهم بالسجن المشدد والعزل من الوظيفة العامة كعقوبة تبعية.

تعذيب رجال شرطة متهماً محبوساً احتياطياً بأحد السجون العمومية للاعتراف بواقعة بلاغ مقدم ضده، فأحدثوا به إصابات أودت بحياته؛ ومن ثم تمت إحالتهم إلى محكمة الجنايات التي قضت بمعاقبتهم بالأشغال الشاقة لمدة 10 سنوات مع عزلهم من وظائفهم ( ) .

تعذيب ضابط شرطة متهماً لحمله على الاعتراف بارتكاب الجرائم موضوع عدد من القضايا، فأحدث به إصابات أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات؛ ومن ثم تمت إحالة الضابط إلى محكمة الجنايات التي قضت بمعاقبته بالسجن والعزل من الوظيفة العامة كعقوبة تبعية ( ) .

تعذيب ضابطين وبعض أفراد الشرطة متهماً محبوساً احتياطيًا لإجباره على الاعتراف بحيازة مواد مخدرة وتعاطيها، وإحداث إصابات جسيمة به على نحو أفضى إلى وفاته. وقد أحيل هؤلاء إلى محكمة الجنايات التي قضت بمعاقبة الضابطين بالحبس سنة وبالعزل من الوظيفة لمدة سنتين، وبالأشغال الشاقة مدة 10 سنوات والعزل من الوظيفة لأفراد الشرطة. وقد تضمن ذات الحكم إلزام وزير الداخلية بصفته بأداء تعويض لورثة المجني عليه عن الضرر الذي لحق بهم جراء وفاته ( ) .

تعذيب ضابط شرطة فرداً لإجباره على الاعتراف بجريمة سرقة، وإحداث إصابات جسيمة به على نحو أفضى إلى وفاته. وقضت محكمة الجنايات بمعاقبة الضابط بالسجن لمدة 5 سنوات، وإلزامه بدفع تعويض لورثة المجني عليه ( ) .

63 - نشير ختاماً إلى أنه في أحوال الاتهام بإتيان ممارسة من ممارسات التعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية، وإلى جانب المسؤولية الجنائية التي تشكلها تلك الممارسات، فإن ذلك الاتهام يقيم ضد من وجه إليه مسؤولية تأديبية تبرر للجهات الإدارية المختصة إصدار قرار بوقف الموظف المتهم بتلك الممارسة عن العمل لحين الانتهاء من التحقيقات. ويكون هذا الوقف وجوبياً إذا كان المتهم محبوساً احتياطياً وفقاً للمادتين 53 و54 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971، أو جوازياً إن لم يكن محبوساً إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك. ويتحدد مصير قرار الوقف هذا بما يؤول إليه التحقيق الجنائي، فإذا انتهى التحقيق بالإحالة إلى المحاكمة الجنائية، وانتهت المحاكمة بالإدانة، فإن ذلك يستتبع حتماً الفصل من الوظيفة العامة باعتبارها عقوبة تبعية للعقوبة الأصلية. وفي الأحوال التي لا يسفر فيها التحقيق الجنائي عن الإحالة للمحاكمة الجنائية، يبقى لسلطة التحقيق الحق في إحالة الدعوى للجهة التي يتبعها المتهم لتوقيع الجزاء الإداري عليه أو طلب إحالته للمحاكمة التأديبية، والتي قد تنتهي بالعزل من الوظيفية.

المادة 5 (الولاية القضائية في قضايا التعذيب)

الفقرة 1:

64 - سبق تناول نطاق سريان أحكام القانون الوطني من حيث المكان في التقارير السابقة. وتجدر الإشارة إلى أنه بغية تعميق سبل المواجهة الدولية للجريمة بشكل عام، ولانتهاكات حقوق الإنسان بشكل خاص، والتي يأتي التعذيب على رأسها، فقد سبقت الإشارة إلى إنشاء مكتب التعاون الدولي ورعاية حقوق المسجونين بالنيابة العامة، والذي يختص بتلقي طلبات التعاون والإنابة والمساعدة القضائية من الخارج والعمل على تنفيذها، على النحو السالف استعراضه تعليقاً على المادة 3.

الفقرة 2:

65 - تم تناولها في التقارير السابقة، وفي معرض التعليق على المادة 3، ولاحقاً على المادتين 8 و9 فيما يتعلق بتنظيم تسليم المجرمين المطلوبين.

المادة 6 (التدابير الخاصة بإيقاف الأشخاص المتورطين في قضايا تعذيب)

66 - وفقاً للنظام القانوني المصري، يتم تطبيق قواعد الإجراءات الجنائية التي تطبق على المصريين ذاتها على الأجانب. ويزاد عليها القواعد التي تقر حقوقاً إضافية للأجنبي مستمدة من صفته تلك، مثل وجوب حضور مترجم متى برزت الحاجة، أو تمكينه من الاتصال بسفارة دولته أو الدولة التي يقيم فيها عادة إن كان بلا جنسية.

67 - يلتزم مأمور الضبط القضائي عقب ضبط المتهم بأن يسأله عن شخصيته، وأن يثبت أقواله في محضر، وأن يسأله عن التهمة المنسوبة إليه دون استجوابه. وللمتهم حق الصمت وفقاً للمادة 54 من الدستور. ويعرض خلال 24 ساعة من الضبط على جهات التحقيق –سواء النيابة العامة أو قاضي التحقيق- لإجراء التحقيق واتخاذ قرار بشأنه.

68 - ومن أجل ضمان سرعة عرض المتهم على سلطة التحقيق، تلزم التعليمات القضائية المنظمة لعمل النيابة العامة وجود أعضاء النيابة في مقار عملهم في نوبات عمل مسائية يومياً، وصباحاً ومساء في أيام العطلات الأسبوعية والإجازات الرسمية، حتى لا يتأخر عرض المتهم ولو خلال المدة المقررة قانوناً.

69 - وتلتزم وزارة الخارجية بإخطار السفارة التي يتبعها المتهم الأجنبي خلال مرحلة جمع الاستدلالات، بينما تختص النيابة العامة عن طريق مكتب التعاون الدولي بالاتصال بالسفارة وإخطارها ببدء إجراءات التحقيق مع المتهم، مع طلب حضور أحد ممثليها تلك الإجراءات.

70 - وأخيراً؛ فإن تقييد حرية المتهم لا تكون إلا لأحد أمرين: التسليم أو المحاكمة. وفي كلتا الحالتين، لا يجوز أن تزيد مدة تقييد الحرية عن تلك المنصوص عليها قانوناً، سواء كان المتهم مصرياً أم أجنبيًا. وقد سبق تناول مدد وضوابط الحبس الاحتياطي في معرض التعليق على المادة 2.

المادة 7 (ضمانات الملاحقة القضائية للأشخاص المتورطين في قضايا تعذيب)

71 - نفاذاً لأحكام الاتفاقية باعتبارها جزء من القانون المصري ولغيرها من القوانين الوطنية، وفي حالة عدم تسليم المتهم إلى دولة أخرى وتوافر أحد معايير الولاية القضائية تتخذ السلطات المعنية إجراءات الاستدلال والتحقيق والمحاكمة. ويخضع المتهم – سواء كان مصريًا أو أجنبيًا - للقواعد الإجرائية والموضوعية ذاتها، ولا تخرج هذه القواعد عن القواعد العامة المقررة.

72 - أما عن الضمانات التي يقرها النظام القانوني المصري للمشتبه في ارتكابهم جرائم تعذيب وغيرها من صور المعاملة اللاإنسانية في مرحلة جمع الاستدلالات والتحقيق الابتدائي، فهي كالآتي:

الحق في عدم جواز القبض أو التفتيش أو تقييد الحرية إلا في حالتيْ التلبس أو صدور أمر قضائي مسبب تستلزمه ضرورة التحقيق، وأن يأتي هذا الأمر كتابة ببيانات محددة وبتوقيع مُصدره، على نحو ما ينص عليه قانون الإجراءات الجنائية والمادة 54 من الدستور التي أوجبت أيضاً أن يحاط المقبوض عليه بحقوقه كتابة، وأن يبلغ بأسباب القبض، فضلًا عن حقه في الاتصال بذويه والاستعانة بمحامٍ ( ) .

تقرر ذات المادة التمتع بهذا الحق خلال مرحلة جمع الاستدلالات، لتوفير مزيد من الضمانات للمشتبه بهم. وتؤكد أيضًا ضرورة عرض أمر المقبوض عليه على سلطة التحقيق خلال أجل معقول، حيث توجب والمادة 36 من قانون الإجراءات الجنائية على مأموري الضبط القضائي عرض المتهم على سلطات التحقيق خلال 24 ساعة من ضبطه، وإلا تعين الإفراج عنه فوراً. وتوجب المادة 26 من ذات القانون سماع أقواله، وإذا لم يأت بما يبرئه، يتم عرضه على النيابة العامة.

تؤكد المادة 55 من الدستور حق كل محتجز في المعاملة الإنسانية أثناء فترة الاحتجاز في أماكن مخصصة لائقة إنسانياً وصحياً، وتحظر تعذيبه وترهيبه وإكراهه وإيذاءه بدنياً أو معنوياً، وتقرر حقه في التزام الصمت، والحق في توفير وسائل الإتاحة اللازمة للأشخاص ذوي الإعاقة من معدات وأدوات ووسائل مساعدة ( ) . وينظم قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ذلك الحق بكفالته لهم، سواء كان متهماً أم مجنياً عليه أم شاهداً في جميع مراحل الضبط أو التحقيق أو المحاكمة أو التنفيذ. ويقضى بتوفير الحماية والمساعدة الصحية والاجتماعية والمساعدة الفنية المتخصصة عند الاقتضاء ( ) .

يكفل قانون تنظيم السجون حق المقبوض عليهم والمحتجزين في الاستعانة بالطبيب، ويوجب تقديم الرعاية الطبية اللازمة لهم.

تخضع كافة أعمال مأموري الضبط القضائي بشأن إجراءات الاستدلال لرقابة القضاء على نحو ما تؤكده المادة 22 من قانون الإجراءات الجنائية ( ) ، فضلاً عن خضوع تلك الإجراءات فيما بعد لسلطة المحكمة المختصة، لتقدير مدى مشروعيتها، والاستناد إلى الأدلة المستمدة منها.

73 - أما عن الضمانات التي يقرها النظام القانوني المصري للمتهمين بارتكاب جرائم تعذيب وغيرها من صور المعاملة اللاإنسانية في مرحلة المحاكمة فهي كالآتي:

استقلال السلطة القضائية وفقاً للمادة 184 من الدستور ( ) ، وعدم قابلية القضاة للعزل بحسب المادة 186 من الدستور ( ) . وتكفل المادة 302 (الفقرة الأولى) بقانون الإجراءات الجنائية، والفصل الرابع من الباب الثاني من الكتاب الثاني من ذات القانون، حرية القاضي في تكوين عقيدته وضمان حياده وتجرده في قضائه، فضلاً عن تنظيم إجراءات الطعن في حياده إذا وجد من الأسباب التي حددها القانون ما ينال من هذا الحياد.

علانية جلسات المحاكم وفقاً للمادة 187 من الدستور ( ) ، ترديدًا لما تؤكد عليه المادتان 18 من قانون السلطة القضائية و268 من قانون الإجراءات الجنائية. وقد قررت محكمة النقض في هذا الشأن أن "العلانية هي الأصل في المحاكمات والسرية تبطلها قانوناً" ( ) .

افتراض أصل البراءة، حسبما تنص المادة 96 من الدستور، وتؤكده المادة 304 (الفقرة الأولى) من قانون الإجراءات الجنائية ( ) ، وطبقه القضاء المصري في أحكام عدة، حيث أسس عليه قاعدة مفادها أن الأحكام الجنائية تبنى على القطع والجزم، وأن أي شك يُفسر لصالح المتهم ( ) ، وعدم رجعية القوانين العقابية ( ) ، وهو المبدأ أقرته محكمة النقض في أحكامها ( ) ، فضلًا عن عدم جواز محاكمة الشخص عن فعل واحد مرتين حسبما تنص المادة 455 من قانون الإجراءات الجنائية ( ) ، واستقر عليه القضاء ( ) .

الحق في الدفاع والاستعانة بمحام أثناء المحاكمة وفقاً لنص المادتين 54 و98 من الدستور ( ) ، وإن لم يكن للمتهم محام ألزم المحكمة أن تندب له محاميًا ( ) . ويتفرع عن ذلك حق المتهم ومحاميه في طلب اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق إثباتاً لبراءته، كطلب الشهود والخبراء والمعاينات، وإبداء المرافعة الشفهية والمكتوبة. واستقرت محكمة النقض على أن الإخلال بحق الدفاع يرتب بطلان الحكم ( ) . وتكُفل المادة 19 من قانون السلطة القضائية الحق في الاستعانة بمترجم ( ) . ويوجب قانون الإجراءات الجنائية في أكثر من مادة على المحكمة أن تجري التحقيق النهائي في الدعوى، وأن تباشر بنفسها إجراءاته، وأن تسمع مرافعة الادعاء والدفاع، وحضور المتهم إجراءات المحاكمة وأن تتم مواجهته بكافة الأدلة القائمة ضده في الدعوى حتى يمكنه تفنيدها أو الاعتراف بالتهمة إذا شاء الاعتراف، ويحظر عليها الاستناد إلى أي دليل لم يُطرح أمامها. ورتب قضاء محكمة النقض بطلان الحكم حال مخالفة هذا المبدأ ( ) .

الحق في الطعن، حيث ينظم قانون الإجراءات الجنائية الطعن على الأحكام الجنائية، ويجيز الطعن في الأحكام الصادرة في مواد الجنح بطريق الاستئناف والنقض، فضلاً عن الطعن في الأحكام الغيابية، سواء أمام محكمة أول درجة أو المحكمة الاستئنافية. أما في مواد الجنايات، ينظم القانون نظرها على درجة واحدة مع تقرير سقوط الحكم الغيابي الصادر فيها بحضور المتهم، وتقرير الحق في الطعن في الحكم الحضوري بطريق النقض. غير أن المادة 96 من الدستور تستوجب نظر القضايا في مواد الجنايات على درجتين، وتوجبت المادة 240 على الدولة تنظيم إجراءات نظرها خلال 10 سنوات من تاريخ العمل بالدستور ( ) .

المادة 8 (تسليم الأشخاص المتورطين في قضايا تعذيب)

74 - لما كانت أحكام الاتفاقية وفقاً للمادتين 93 و151 من الدستور تسري كقانون وطنى ، فإن الجرائم المشار إليها في المادة 4 تُعد من الجرائم القابلة للتسليم، لاسيما أن الدستور لم يستثن من جواز التسليم إلا اللاجئين السياسيين في المادة 91، وهو ما مؤداه أن ماعدا ذلك من صور التسليم جائزة في إطار أحكام الاتفاقيات الدولية المنضمة إليها مصر والعرف الدولي.

75 - وتعتبر الاتفاقية أساساً قانونياً لتسليم المجرمين فيما يخص الجرائم المشار إليها فيها، وذلك في العلاقة مع الدول التي لا توجد معها اتفاقيات تسليم ثنائية أو متعددة الأطراف. وتستمر مصر في تعهدها بإدراج الجرائم المشار إليها في المادة 4 كجرائم يمكن تسليم مرتكبها في كل معاهدة تسليم تبرمها. وجدير بالذكر أن جميع الاتفاقيات التي أبرمتها مصر، سواء ثنائية أو متعددة الأطراف، لم تستثن جريمة التعذيب كجريمة غير قابلة للتسليم.

76 - وحال عدم وجود اتفاقية مع الدولة طالبة التسليم، تؤكد المادة 1716 من التعليمات القضائية المنظمة لعمل النيابة العامة أن التسليم في هذه الحالة يخضع لقواعد العرف الدولي. ومن ثم، فإن تسليم المتهمين ليس رهناً بوجود اتفاقية دولية بين مصر والدولة طالبة التسليم متى أجازه العرف الدولي. فضلاً عن جواز التسليم استناداً إلى قواعد المعاملة بالمثل.

77 - يخض ع تسليم المجرمين بشكل عام لضوابط تشمل ضرورة ازدواج التجريم في الدولتين المعنيتين، وعدم انقضاء الدعوى الجنائية المطلوب التسليم عنها، أو انقضاء العقوبة أو سقوطها، وهو غير وراد بشأن جرائم التعذيب حيث لا تسقط بالتقادم على نحو السالف بيانه في مصر، إلى جانب ضرورة التقدم بطلب التسليم مصحوباً بالمستندات اللازمة لتتولى النيابة العامة دراسته واتخاذ القرار بشأنه.

78 - وأخيراً، تجدر الإشارة إلى أنه خلال الفترة التي يغطيها التقرير لم تتلقَ مصر طلبات تسليم بشأن جرائم التعذيب وفقاً لأحكام هذه الاتفاقية.

المادة 9 (تقديم المساعدة بشأن جرائم التعذيب في إطار التعاون القضائي الدولي)

79 - تلتزم مصر بتقديم المساعدة للدول الأطراف في الاتفاقية فيما يتعلق بالإجراءات القانونية والقضائية المتخذة بشأن أي من الجرائم المشار إليها في المادة 4، بما في ذلك توفير جميع الأدلة بحوزتها واللازمة للإجراءات القضائية، منعاً لإفلات مرتكبي هذه الجرائم والمساهمين فيها بجرمهم.

80 - وتعد الإنابات القضائية مظهرًا من مظاهر التعاون الدولي. وترتبط مصر بالعديد من اتفاقيات التعاون القضائي الثنائية ومتعددة الأطراف مع كثير من الدول. كما أن المادة 1709 من التعليمات القضائية المنظمة لعمل النيابة العامة تؤكد تنفيذ طلبات الإنابة القضائية المقدمة من الدول حتى لو لم تكن معها اتفاقيات دولية تطبيقاً لقواعد المجاملة الدولية. ويخضع تنظيم التعاون القضائي الدولي للاتفاقيات الدولية، ولقواعد العرف الدولي المستقرة، وبما لا يخالف أحكام الدستور والقانون.

81 - وتسوق التعليمات القضائية المنظمة لعمل النيابة العامة في المادة 1709 أمثلة للإجراءات الممكن اتخاذها في إطار الإنابات القضائية، وهي: سؤال الشهود، استجواب المتهمين، إجراء المواجهات، ندب الخبراء، ضبط الأشياء. وفي النهاية تتم إحاطة الدولة طالبة الإنابة القضائية بما تم اتخاذه في شأنها وإرسال أوراق الإنابة إليها بعد تنفيذها.

82 - تجدر الإشارة إلى أن خلال الفترة التي يغطيها التقرير لم تتلقَ مصر أو ترسل أي طلب مساعدة بشأن جرائم التعذيب وفقاً لأحكام هذه الاتفاقية.

المادة 10 (التعليم والتدريب في مجال مناهضة التعذيب)

فقرة 1:

83 - تهتم مصر ا بتدريب العاملين على إنفاذ القانون والقضاة وغيرهم ممن لهم شأن باحتجاز أو استجواب أو معاملة الأشخاص المحتجزين أو طالبي اللجوء، وذلك في المجالات المتعلقة بحظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ويتم عقد دورات تدريبة دورية للأطباء والخبراء الشرعيين لتعزيز قدرتهم على اكتشاف التعذيب وتوثيقه. وايماناً بأن التربية على ثقافة حقوق الإنسان هى أساس لنشر وتعزيز احترامها، فعلى مدار الفترة التي يغطيها التقرير استمر تدريس حقوق الإنسان ضمن مناهج التعليم الأساسي والثانوي.

84 - والتزاماً بالمادة 24 من الدستور، أصدر المجلس الأعلى للجامعات قراراً في 2018 بتدريس مادة حقوق الإنسان في كل المعاهد العليا والكليات على مستوى الجامعات، وجعلها مادة إجبارية يتم دراستها لمرة واحدة خلال سنوات الدراسة، ولا يمكن للطالب التخرج دون اجتيازها. كما يحصل المتخرج من أكاديمية الشرطة على إجازة الحقوق، إلى جانب حصوله على إجازة في العلوم الشرطية. وأضحت مادة حقوق الإنسان مادة أساسية يتعين دراستها واجتيازها للحصول على الإجازة الأولى. ومن بين ما يُدرس في هذه المادة أحكام هذه الاتفاقية، كما أنشأت الأكاديمية قسماً للعدالة الجنائية وحقوق الإنسان يهدف إلى غرس قيم حقوق الإنسان في رجال الشرطة في سنوات الدراسة وخلال الدراسات المتقدمة والدورات التدريبية التي يتلقونها أثناء العمل. وتم استحداث "دبلوم حقوق الإنسان والتواصل المجتمعي" من بين الدبلومات التي تمنحها كلية الدراسات العليا بالأكاديمية، يشتمل على سبع مواد هي: القانون الدولي الإنساني، الأبعاد الإعلامية والنفسية والاجتماعية لحماية حقوق الإنسان، حقوق الإنسان في مرحلة جمع الاستدلالات، المفاهيم الأساسية لحقوق الإنسان ودور الشرطة في حمايتها، حقوق الإنسان في مرحلة التنفيذ العقابي، الإطار الدولي والإقليمي لحماية حقوق الإنسان، ضمانات حماية حقوق الإنسان.

85 - وأصبحت مادة "حقوق الإنسان مع التعمق" إحدى المواد الإلزامية في جميع الدبلومات التي تمنحها كلية الدراسات العليا بالأكاديمية، حيث يتم تكليف الضباط الدارسين بإجراء بحوث فردية وجماعية، إلى جانب حث الدارسين من الضباط في مراحل الدراسات العليا على بحث هذه المجالات. وقد منحت الأكاديمية 41 درجة دكتوراه في مجال حقوق الإنسان، ولازالت هناك 14 رسالة مسجلة قيد الإعداد، فضلاً عن 104 بحثاً. وتتضمن برامج التدريب في الأكاديمية الجوانب ذات الصلة بالإعداد النفسي على أسس علمية، تركز على تنمية قدرة رجال الشرطة في تحمل الضغوط المختلفة سعياً إلى تحقيق أداء أمني يتفق مع مبادئ حقوق الإنسان، وإيفاد الضباط المؤهلين علمياً إلى مديريات الأمن بالمحافظات لعقد ورش عمل ودورات تدريبية للضباط، وإصدار العديد من الكتيبات والمطويات وتعميمها على الضباط، وإدراج موضوعات حقوق الإنسان ضمن المسابقات البحثية بالأكاديمية. كذلك، تم تزويد مكتبة الأكاديمية بالكتب والمراجع المحلية والعالمية، بالتوازى مع اضطلاع إدارة الترجمة بمركز بحوث الشرطة بترجمة العديد من الإصدارات العلمية لإتاحتها لرجال الشرطة. ويجرى تنظيم ندوات ولقاءات لطلاب الأكاديمية برموز الفكر والأدب وذوي الخبرات في مختلف التخصصات من أجل ترسيخ العقيدة الرافضة لأي تصرف ينطوي على مساس بحقوق الإنسان.

86 - وبلغ عدد الدورات التدريبية لأفراد الشرطة في مجال حقوق الإنسان ومناهضة التعذيب منذ يناير 2010 وحتى فترة الانتهاء من إعداد التقرير 70 دورة تدريبية، بلغ عدد المتدربين فيها 1392 فرداً.

87 - وعقدت وزارة الداخلية 139 فرقة تخصصية للضباط في مختلف مجالات حقوق الإنسان بين أعوام 2015 و2018 . كما عقدت 2796 فرقة للأفراد والعاملين المدنيين بالوزارة في مجال تنمية المهارات في العلوم الإنسانية والاجتماعية والقانونية والقيم المهنية والسلوكية، والتي تتضمن العديد من المحاضرات التخصصية في مجال حقوق الإنسان خلال الفترة ذاتها. كما عقدت 462 محاضرة للتوعية بمختلف الموضوعات المتعلقة بحقوق الإنسان، فضلاً عن عدد من الندوات بمركز بحوث الشرطة شارك فيها عدد من الكتاب والمفكرين والشخصيات العامة والإعلامية وممثلو المجالس القومية النوعية للمرأة والطفولة والأمومة وشؤون الإعاقة.

88 - ويتم بالتوازى عقد دورات للضباط والأفراد العاملين بقطاع السجون ودور الرعاية الاجتماعية في مجال التعامل مع المسجونين والأطفال المودعين والنساء. وتم عقد 100 دورة تدريبية للعاملين في السجون بين عامى 2016 و2019 ، إلى جانب تدريب 4 ضباط و58 شرطى و13 موظف مدني بدور الرعاية الاجتماعية منذ عام 2017 وحتى إعداد هذا التقرير. كما تم بموجب بروتوكول تعاون موقع بين قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية والمجلس القومي لحقوق الإنسان في مارس 2017 عقد 10 دورات لأكثر من 300 ضابط بأقسام ومراكز الشرطة حول منظومة حقوق الإنسان في العمل الأمني حتى كتابة هذا التقرير، وذلك للوقوف على ما يلزمه الدستور والقانون واتفاقيات حقوق الإنسان الدولية، ومنها الاتفاقية.

89 - كما توزع وزارة الداخلية على رجال الشرطة نسخاً من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومن كتيب مدونة قواعد وسلوك وأخلاقيات العمل الشرطي، ومطويات إحداها بعنوان "لا للعنف ضد المرأة"، وأخرى للتوعية بعنوان "الشرطة في خدمة الشعب"، وأخرى حول دور واختصاصات قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية. وتتضمن الكتيبات والتعليمات لرجال الشرطة تعليمات مفصلة تتناول التوعية بشأن مناهضة أفعال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة.

90 - من جانب آخر، تم إنشاء معهد البحوث الجنائية والتدريب بالنيابة العامة عام 2015 ليتولى تدريب أعضاء النيابة العامة الجدد وغيرهم من الأعضاء، من خلال عقد دورات تأسيسية وأخرى تخصصية تتضمن أصول وضمانات التحقيق في شتى أنواع الجرائم. وبلغ عدد المستفيدين منها 1180 خلال الفترة من 1/1/2017 وحتى إعداد التقرير. واشتملت الدورات على تدريس مادة عن الاتفاقية وجرائم التعذيب وكيفية التحقيق فيها والتصرف فيها، وتوزيع نماذج قضايا حقيقية لدراستها، وعمل زيارات ميدانية للسجون لشرح حقوق المسجونين والوقوف على دور النيابة العامة في تفتيشها وتلقي شكاوى المسجونين وتحقيق أي وقائع جنائية قد تقع بالسجون.

فقرة 2:

91 - ينص الدستور على حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، فضلاً عن تضمين هذا الحظر صراحة في القوانين والتعليمات التي يتم إصدارها لتنظيم واجبات ووظائف الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين والعاملين في مجال الطب والقضاء.

92 - وتنص المادة 160 من التعليمات القضائية المنظمة لعمل النيابة العامة على أن "يراعي المحقق في تعامله مع المتهم احترام كرامته وآدميته ، وذلك بالابتعاد عن الأساليب والعبارات التي تتضمن امتهاناً لكرامة الإنسان، كما لا يجوز الالتجاء إلى التعذيب ابتغاء الحصول على الاعتراف بارتكاب الحادث الذي يجري التحقيق فيه".

93 - وتلزم المادة 41 من قانون هيئة الشرطة صراحة ضباط وأفراد الشرطة في عملهم بما يلى : احترام الدستور والقانون، ومعايير حقوق الإنسان في استخدام السلطة والقوة، والالتزام بمعايير النزاهة والشفافية والشرعية الإجرائية، حماية الحقوق والحريات والمحافظة على الكرامة الإنسانية واحترام القيم الديمقراطية للمجتمع وفقاً للدستور والقانون، وضمان الحقوق الدستورية والقانونية ومعايير حقوق الإنسان في التعامل مع المتهمين والمشتبه في تورطهم في ارتكاب جرائم.

94 - كما أصدرت وزارة الداخلية عام 2011 مدونة قواعد سلوك وأخلاقيات العمل الشرطي، تضمنت مجموعة المبادئ والقيم الحاكمة للسلوك والأخلاقيات المهنية وفقاً للمعايير الدولية، وذلك من أجل إرساء عقيدة أمنية تتمحور حول ضرورة التمسك بمبادئ وقيم حقوق الإنسان باعتبار أنها المستهدف الأول للأمن. ولذا يتمثل أول بند فى المدونة في احترام الدستور والقانون ومعايير حقوق الإنسان. ويتمثل البند الخامس منها في الامتناع عن أية ممارسات سلبية أو غير إنسانية، حيث ينص هذا البند على أن”يحظر على رجال الشرطة القيام بأي عمل من أعمال الإساءة الجسدية أو النفسية أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة أو الأشكال الأخرى التي تمثل إساءة جسدية أو نفسية للأفراد أو أن يحرضوا عليها أو يتغاضوا عنها، ولا يجوز لرجال الشرطة التذرع بأي أوامر عليا أو ظروف استثنائية لتبرير إتيان أي من تلك الممارسات المنافية للقانون أو حقوق الإنسان". وتفرض المدونة التزاماً على كافة أعضاء هيئة الشرطة باحترام بنودها، ومنع وقوع أي انتهاك لها، ومواجهة هذه الانتهاكات بكل حسم، وإبلاغ رئاستهم لاتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمنعها.

95 - وتنص المادة 35 من لائحة آداب وميثاق شرف مهنة الطب البشري الصادرة بقرار وزير الصحة والسكان رقم 234 لسنة 1974 على أن ”على الطبيب المكلف بالرعاية الطبية للمقيدة حريتهم أن يـوفر لهـم رعاية صحية من نفس النوعية والمستوى المتاحين لغير المقيدة حـريتهم. ويحظر عليه القيام بطريقة إيجابية أو سلبية بأية أفعال تشكل مشـاركة فـي عمليات التعذيب وغيرها من ضروب المعاملـة القاسـية أو اللاإنسـانية أو التواطؤ أو التحريض على هذه الأفعال، وكذلك يحظر عليه استخدام معلوماته ومهاراته المهنية للمساعدة في استجواب المقيدة حريتهم علـى نحـو يضـر بالصحة أو الحالة البدنية أو العقلية لهم، أو المشاركة في أي إجـراء لتقييـد حركة المقيد حريتهم إلا إذا تقرر ذلك وفقاً لمعايير طبية محضة لحماية الصحة البدنية أو العقلية للمقيدة حريتهم".

المادة 11 (التدابير الكفيلة بمنع التعذيب في أماكن الاحتجاز)

96 - إضافة إلى ما تم تناوله في التعليق على المواد 1 و2 و6 و7 و10 ، سبق في التقارير السابقة تناول قواعد الاستجواب ومتطلباته وأساليبه، والقواعد المتعلقة بحجز ومعاملة الأشخاص الذين يتعرضون للحبس الاحتياطي أو السجن، وحقوق المحتجزين المتعلقة بالرعاية الصحية ومسؤولية الأطباء في الحماية من التعذيب، ودور النيابة العامة وجهات الاختصاص الأخرى كقضاة التحقيق ورؤساء ووكلاء المحاكم الابتدائية والاستئنافية والنقض في دخول وتفتيش السجون وأماكن الاحتجاز وإثبات ما يتكشف لهم من مخالفات واتخاذ اللازم بشأنها، فضلاً عن التحقق من الالتزام بالقانون واللوائح ومراجعة سجلات وأوراق السجون محل التفتيش للتأكد من الالتزام بتطبيق القانون ومساءلة الخارجين عليه من القائمين على تنفيذه، وذلك باعتبار أن تلك الإجراءات تشكل الضمانات الرئيسية للحفاظ على الحقوق والحريات.

97 - ويعزز ما سبق الضمانات التي ينتظمها الدستور في المادة 55 من حظر تعذيب كل من تقيد حريته والالتزام بحسن معاملته بما يحفظ عليه كرامته وعدم جواز حجزه أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانياً وصحياً، كما تؤكد عليه المادة 56 من خضوع السجون وأماكن الاحتجاز للإشراف القضائي وحظر كل ما ينافي كرامة الإنسان فيها أو يعرض صحته للخطر.

98 - وتوجب المواد 1747-1750 من التعليمات القضائية المنظمة لعمل النيابة العامة على المحامين العامين للنيابات الكلية أو من يقوم مقامهم تفتيش السجون العمومية التي تقع في دائرة اختصاص كل منهم، وعلى رؤساء النيابات الجزئية أو مديريها، تفتيش السجون المركزية التابعة لهم، على أن يكون ذلك مرة على الأقل في كل شهر، وعلى نحو مفاجئ. ولهم أن يفحصوا السجلات ويطلعوا على أوامر القبض والحبس للتحقق من مطابقتها للنماذج المقررة، وقبول شكاوى المسجونين. وتوجب على مأمور السجن وموظفيه أن يقدموا ما يطلبونه من بيانات. كما توجب على رجال النيابة العامة التحقق من وجود المسجونين داخل السجن بموجب أمر قضائي، وعزل كل فئة من المسجونين عن الفئة الأخرى ومعاملة كل فئة المعاملة المقررة لها. وتوجب على أعضاء النيابة العامة أن يبادروا إلى تحقيق ما يسفر عنه التفتيش من مخالفات وجرائم، وأن يخطروا بها النائب العام المساعد.

99 - فضلاً عما سيرد بيانه في التعليق على المادة 16 (الفقرة الأولى) من الاتفاقية، فيما يلي القواعد والأنظمة والتعليمات المتعلقة بمعاملة المحرومين من حريتهم وفقاً لأحكام القانون، والتي تشكل في مجملها ترجمة للقواعد النموذجية والمبادئ الأساسية لمعاملة السجناء ومجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن:

تنص المادة 5 من قانون تنظيم السجون على أنه ”لا يجوز إيداع أي إنسان في سجن إلا بأمر كتابي موقّع من السلطات المختصة بذلك قانوناً، ولا يجوز أن يبقى فيه بعد المدة المحددة بهذا الأمر". وتنص المادة 6 على أنه ”يجب على مأمور السجن أو الموظف الذي يعين لهذا الغرض قبل قبول أي إنسان في السجن أن يتسلم صورة من أمر الإيداع بعد أن يوقع على الأصل بالاستلام ويرد الأصل لمن أحضر السجين ويحتفظ بصورة موقعة ممن أصدر الأمر بالسجن". وتنص المادة 7 على أنه ”عند نقل المسجون من سجن إلى آخر ترسل معه إلى السجن المنقول إليه صورة أمر الإيداع المشار إليه في المادة السابقة وجميع أوراقه بما في ذلك البحوث الاجتماعية والصحية عن حالته". وتنص المادة 8 على أنه ”عند دخول المسجون السجن يجب تسجيل ملخص الأمر بحبسه بالسجل العمومي للمسجونين، ويتم هذا التسجيل بحضور من أحضر المسجون ثم يوقع عليه". وتخضع كل تلك السجلات لرقابة وإشراف السلطة القضائية المختصة بالتفتيش والرقابة على السجون ومقار الاحتجاز وفقاً لما تنص عليه التعليمات القضائية المنظمة لأعمال النيابة العامة المشار إليها آنفاً.

تنص المادة 33 من ذات القانون على أن ”يكون في كل ليمان أو سجن غير مركزي طبيب أو أكثر أحدهم مقيم تناط به الأعمال الصحية وفقاً لما تحدده اللائحة الداخلية. ويكون للسجن المركزي طبيب، فإذا لم يعين له طبيب كلف أحد الأطباء الحكوميين أداء الأعمال المنوطة بطبيب السجن". وتنص المادة 33 مكرر على أن ”تلتزم المنشآت الطبية الحكومية والجامعية بعلاج المسجونين المحالين إليها من السجون لعلاجهم". وتنص المادة 36 من القانون ذاته على أن ”كل محكوم عليه يتبيّن لطبيب السجن أنه مصاب بمرض يهدد حياته بالخطر أو يعجزه عجزاً كلياً يُعرض أمره على مدير إدارة الخدمات الطبية للسجون لفحصه بالاشتراك مع الطبيب الشرعي للنظر في الإفراج عنه. وينفذ قرار الإفراج بعد اعتماده من مساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون وموافقة النائب العام، وتخطر بذلك جهة الإدارة والنيابة المختصة. ويتعين على جهة الإدارة التي يطلب المفرج عنه الإقامة في دائرتها عرضه على طبيب الصحة لتوقيع الكشف الطبي عليه كل ستة أشهر وتقديم تقرير عن حالته يُرسل إلى مصلحة السجون لتتبين حالته الصحية توطئةً لإلغاء أمر الإفراج عنه إذا اقتضى الحال ذلك. ويجوز لمساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون ندب مدير إدارة الخدمات الطبية للسجون والطبيب الشرعي للكشف على المفرج عنه لتقرير حالته الصحية كلما رؤي ذلك. ويعاد المسجون الذي أُفرج عنه طبقاً لما سبق إلى السجن لاستيفاء العقوبة المحكوم بها عليه بأمر من النائب إلا إذا تبيّن من إعادة الفحص التي يجريها الطبيبان المذكوران أن الأسباب الصحية التي دعت إلى هذا الإفراج قد زالت، ويجوز إعادته أيضاً بأمر من النائب الا إذا غيّر محل إقامته دون إخطار الجهة الإدارية التي يقيم في دائرتها. وتستنزل المدة التي يقضيها المريض المفرج عنه خارج السجن من مدة العقوبة". كما تتضمن اللائحة التنفيذية لهذا القانون مزيداً من الضوابط المنظمة لحق المسجون في الرعاية الصحية، حيث تنصت المادة 24 منها على أن ”طبيب السجن مسئول عن الإجراءات الصحية التي تكفل سلامة صحة المسجونين وعلى الأخص وقايتهم من الأمراض الوبائية ومراقبة صلاحية الأغذية والملابس والمفروشات المخصصة للمسجونين وكفايتها وملاحظة نظافة الورش وعنابر النوم وجميع أمكنة السجن". وتنص المادة 25 على أنه ”إذا تغيب طبيب السجن يخطر مأمور السجن مصلحة السجون لاتخاذ اللازم نحو ندب أحد أطباء وزارة الصحة للقيام بالأعمال بدله ويجوز له استدعاء طبيب وزارة الصحة مباشرة في الأحوال المستعجلة على أن يبلغ ذلك إلى مصلحة السجون". وتنص المادة 26 على أنه ”يجب على طبيب السجن أن يتفقده مرة على الأقل يوميا ولا يكلف بالحضور إلى السجن في أيام العطلات الرسمية إلا في الحالات الطارئة المستعجلة". وتنص المادة 27 على أنه ”يجب على الطبيب أن يكشف على كل مسجون فور إيداعه بالسجن، على ألا يتأخر ذلك عن صباح اليوم التالي، وأن يثبت حالته الصحية والعمل الذي يستطيع القيام به، كما يجب عليه عيادة المسجونين المرضى يومياً وعيادة كل مسجون يشكو المرض, ويأمر بنقل المريض إلى مستشفى السجن، كما يجب عليه أن يزور كل مسجون محبوس حبساً انفرادياً يومياً وأن يعود كل مسجون من غير هؤلاء مرة في الأسبوع على الأقل ليقف على حالته من حيث الصحة والنظافة". وتنص المادة 31 على أنه ”إذا تبين للطبيب أن هناك ضرراً على صحة أي مسجون من جراء المدة التي يقضيها في الحبس الانفرادي أو في العمل أو من جراء نوع العمل ذاته وجب عليه أن يبلغ مأمور السجن كتابة بما يشير به من وسائل لدرء هذا الضرر، وعلى المدير أو المأمور تنفيذ ما يشير به الطبيب". وتنص المادة 37 على أنه ”إذا لم تتوافر أسباب علاج مسجون بمستشفى السجن ورأى طبيب السجن ضرورة علاجه بمستشفى خارجي، وجب عليه أن يرفع تقريراً إلى الإدارة الطبية بمصلحة السجون لتقرير ما تراه. أما في الحالات الطارئة أو المستعجلة فلطبيب السجن أن يتخذ ما يراه ضرورياً للمحافظة على صحة المسجون مع موافاة المصلحة بتقرير طبي عاجل منه. وإذا رأى الطبيب أن حالة المريض تستوجب أخذ رأي طبيب أخصائي وجب عليه استئذان مصلحة السجون في ذلك، ويؤخذ الإذن تليفونياً في الحالات المستعجلة، ولطبيب السجن أن يأمر بقبول الأدوية التي ترد للمسجون من الخارج إذا رأى ضرورة لذلك".

تنص المادة 38 من قانون تنظيم السجون على أنه ”بمراعاة أحكام قانون الإجراءات الجنائية، يكون لكل محكوم عليه الحق في التراسل، والاتصال التليفوني بمقابل مادي، ولذويه أن يزوروه مرتين شهرياً، وذلك كله تحت رقابة وإشراف إدارة السجن ووفقاً للضوابط والإجراءات التي تحددها اللائحة الداخلية. وللمحبوس احتياطياً هذا الحق ما لم يصدر قرار من النيابة العامة المختصة أو قاضي التحقيق المختص بغير ذلك، وذلك وفقاً للإجراءات التي تحددها اللائحة الداخلية. وتعمل إدارة السجن على معاملة زائري المسجونين المعاملة الإنسانية وتكفل لهم الأماكن الملائمة للانتظار والزيارة". وتنص المادة 40 من ذات القانون على أن ”للنائب العام أو المحامي العام ولمساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون أو من ينيبه أن يأذنوا لذوي المسجون بزيارته في غير مواعيد الزيارة العادية، إذا دعت لذلك ضرورة". وتفصل اللائحة التنفيذية للقانون هذه الحقوق بالنص في المادة 60 منها على أن ”للمحكوم عليه بالحبس البسيط والمحبوسين احتياطياً الحق في التراسل في أي وقت ولذويهم أن يزوروهم مرة واحدة كل أسبوع في أي يوم من أيام الأسبوع عدا أيام الجمع والعطلات الرسمية ما لم تمنع النيابة العامة أو قاضي التحقيق ذلك بالنسبة إلى المحبوسين احتياطياً طبقاً للمادة 141 من قانون الإجراءات الجنائية". كما تنص المادة 64 على أن ”لكل محكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية الحق في إرسال أربعة خطابات شهرياً اعتباراً من تاريخ بدء تنفيذ العقوبة وتلقي ما يرد له من مراسلات وفقاً للضوابط الواردة بنص المادة 61 من اللائحة الداخلية. ويصرح لذوي المحكوم عليه بزيارته بعد انقضاء شهر من تاريخ بدء تنفيذ العقوبة، وذلك مرة كل خمسة عشر يوماً، بشرط أن يكون سلوكه حسناً داخل السجن". وتنصت المادة 64 مكرر على أنه ”يصرح للمحكوم عليهم بالاتصال التليفوني لمدة لا تزيد على ثلاث دقائق بواقع مرتين شهرياً اعتباراً من تاريخ استحقاقه للزيارة، وبالتبادل أسبوعياً مع موعد الزيارة، ووفقاً لضوابط وتعليمات التشغيل التي تحدد بقرار من مساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون ويعتمدها وزير الداخلية، ما لم يكن في ذلك خطر على الأمن العام، وبشرط أن يكون سلوكه حسناً داخل السجن. ويجوز أن يمنع الاتصال التليفوني حسب الظروف في أوقات معينة، إذا دعت إلى ذلك أسباب أمنية. ويجوز التصريح بالاتصال التليفوني للمحكوم عليه استثنائياً في حالات الضرورة وبموافقة وزير الداخلية. كما يجوز التصريح للمحبوسين احتياطياً بالاتصال التليفوني بذات الضوابط ما لم تمنع النيابة العامة أو قاضي التحقيق ذلك، طبقاً لنص المادة 141 من قانون الإجراءات الجنائية".

تنص المادة 38 مكرر من ذات القانون على أن ”لمساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون التصريح لممثلي السفارات والقناصل بزيارة المسجونين المنتمين لجنسية الدول التي يمثلونها أو التي ترعى تلك السفارات مصالحها، وتقديم التسهيلات اللازمة لهم بشرط المعاملة بالمثل".

تنص المادة 39 من ذات القانون على أن ”يُرخّص لمحامي المسجون في مقابلته على انفراد بشرط الحصول على إذن كتابي من النيابة العامة، ومن قاضي التحقيق في القضايا التي يندب لتحقيقها سواء أكانت المقابلة بدعوة من المسجون أم بناءً على طلب المحامي".

المادة 12 (التحقيق في ممارسات التعذيب)

100 - كما ورد في التقارير السابقة، تجرى السلطات المختصة تحقيقاً فورياً ونزيهاً عندما يكون هناك ما يدعو للاعتقاد بأن عملاً من أعمال التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة قد ارتكب في أي مكان خاضع لولايتها القضائية. وتؤكد الدساتير المتعاقبة مبدأ سيادة القانون باعتباره أساس الحكم. وتقرر أن الخضوع للقانون واستقلال القضاء وحصانته ضمانتان أساسيتان لحماية الحقوق والحريات. ويورد الباب الرابع من الدستور ما يتضمن إنفاذ هذا المبدأ.

101 - تنيط المادة 189 من الدستور، والمادة 199 من قانون الإجراءات الجنائية، بالنيابة العامة –بوصفها جزء من السلطة القضائية- الاختصاص بصفة أصيلة بالتحقيق وتحريك ومباشرة الدعوى الجنائية، والتى لا تقام إلا بأمر منها. وتأكيداً على مبدأ الحيدة والنزاهة أثناء التحقيق تنص المادة 123(1) من قانون الاجراءات الجنائية على أنه "عند حضور المتهم لأول مرة فى التحقيق يجب على المحقق أن يثبت شخصيته ثم يحيطه علماً بالتهمة المنسوبة إليه ويثبت أقواله فى المحضر." وتنص المادة 160 من التعليمات العامة للنيابات على أن "يراعى المحقق فى تعامله مع المتهم احترام كرامته وآدميته ، وذلك بالابتعاد عن الأساليب والعبارات التى تتضمن إهانة لكرامة الإنسان..." كما تنص المادة 226 من التعليمات العامة للنيابة على أنه "يجب على أعضاء النيابة تفادى حضور رجال الشرطة أثناء التحقيق حتى لا يؤثر حضورهم على إرادة الخصوم أثناء إدلائهم بأقوالهم، ومع ذلك فإن مجرد حضور رجل الشرطة أثناء التحقيق لا يعد إكراهاً يؤثر على اعتراف المدلى به، إلا إذا ثبت أن الخشية منه قد أثرت فعلا في إرادته فحملته على أن يدلى بما أدلى به." وتنص المادة 227 من التعليمات على أنه "على أعضاء النيابة العامة أن يكونوا أقوياء الملاحظة في تتبع تصرفات المتهمين والشهود، فإذا تحقق لهم وجود تأثير عليهم من وجود أحد رجال السلطة أو أحد الخصوم، وجب عليهم إبعاد صاحب التأثير بصفة مؤقتة من مكان التحقيق، مع وضع الاطمئنان في قلب من يجري استجوابه أو سؤاله بأن المعلومات التي يدلي بها لن تخرج من بين أوراق التحقيق. كما تعقد المادة 64 من قانون الإجراءات الجنائية اختصاصاً إضافياً بالتحقيق وتحريك الدعوى الجنائية لقضاة التحقيق المنتدبين من المحكمة الابتدائية المختصة بناء على طلب النيابة العامة، في إطار ما تقره نصوص الدستور وتفصله القوانين من ضمانات استقلال السلطة القضائية وحيادها.

102 - في حين يعهد قانون هيئة الشرطة بالإدارة العامة للتفتيش بوزارة الداخلية التحقيق في المخالفات التأديبية المنسوبة للضباط، فهو ينيط بالإدارة العامة لشئون الأفراد إجراء التحقيق بشأن المخالفات التأديبية التي تنسب للأفراد.

103 - كذلك، يعهد قانون الإجراءات الجنائية للنيابة العامة إجراء تحقيق بشأن المخالفات التأديبية التي تقع من مأموري الضبط القضائي وطلب رفع الدعوى التأديبية عليهم، حيث تنص المادة 22 منه على أن ”يكون مأمورو الضبط القضائي تابعين للنائب العام وخاضعين لإشرافه فيما يتعلق بأعمال وظيفتهم. وللنائب العام أن يطلب إلى الجهة المختصة النظر في أمر كل من تقع منه مخالفة لواجباته، أو تقصير في عمله، وله أن يطلب رفع الدعوى التأديبية عليه، وهذا كله لا يمنع من رفع الدعوى الجنائية."

104 - ووفقاً للمادتين 53 و54 من قانون هيئة الشرطة، فإن كل ضابط يُحبس احتياطياً أثناء إجراءات التحقيق أو تنفيذاً لحكم جنائي يوقف بقوة القانون عن العمل طوال مدة حبسه. كما يجوز في غير هاتين الحالتين وقف الضباط احتياطياً عن عمله إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك. وبصفة عامة، يتم وقف الضباط المشتبه في ارتكابهم لأي من صور التعذيب عن العمل وعدم إعادتهم له إلا حين القضاء ببراءتهم، حتى ولو لم يصدر قرار بحبسهم احتياطياً.

105- وقد أجريت تحقيقات ومحاكمات الجنائية لأفراد الشرطة في الفترة من 1/1/2010 حتى 10/4/2019، بإجمالي 485 حالة، منها 41 واقعة بشأن ممارسة التعذيب، و117 واقعة بشأن استعمال القسوة، و327 واقعة بشأن سوء المعاملة والاحتجاز دون وجه حق. وأسفرت التحقيقات والمحاكمات الجنائية في هذه الوقائع عن 120 إدانة، وحفظ 302 حالة، مع استمرار تداول 63 حالة. وجرت خلال الفترة ذاتها محاكمات التأديبية لأفراد الشرطة، سواء كانت بشأن إتيانهم ممارسات لم ترق إلى درجة التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة أو كانت محاكمات تابعة لإدانات جنائية. وبلغ إجماليها 1788 محاكمة، أسفرت عن 1069 إدانة تأديبية، وحفظ 622 حالة، بينما ظلت 97 متداولة.

المادة 13 (حق ضحايا التعذيب في تقديم الشكاوى إلى السلطات المختصة)

106 - تكفل مصر حق أي فرد يدعي أنه تعرض للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في التقدم بشكوى، وأن يتم إجراء تحقيق فورى ونزيه فيها، مع ضمان حماية الشاكي والشهود من سوء المعاملة والتخويف. فتجيز المادة 25 من قانون الإجراءات الجنائية لكل من علم بوقوع جريمة إبلاغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي عنها. وتؤكد المادة 43 صراحة على حق كل من علم بوجود شخص محبوس بصفة غير قانونية أو في محل غير مخصص للحبس في أن يتقدم بشكوى لأحد أعضاء النيابة العامة. كما تجعل المادة 26 الإبلاغ واجباً على الموظفين العامين أو المكلفين بخدمة عامة بشأن الجرائم التي يعلمون بوقوعها أثناء تأدية عملهم أو بسببه. ومن جهة أخرى، توجبت المادة 24 على مأموري الضبط القضائي قبول الشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم، وأن يبعثوا بها فوراً إلى النيابة العامة، وأن يحصلوا على الإيضاحات ويجروا المعاينات اللازمة، وأن يتخذوا جميع الوسائل التحفظية اللازمة للمحافظة على أدلة الجريمة، وأن يثبتوا جميع الإجراءات في محاضر يوقعون عليها، وتُرسل إلى النيابة العامة.

107 - كذلك تجيز المادة 42 من قانون الإجراءات الجنائية ل أعضاء النيابة العامة وقضاة التحقيق ورؤساء المحاكم الابتدائية والاستئنافية أثناء زيارة السجون العامة والمركزية في دوائر اختصاصهم أن يتصلوا بأي محبوس وأن يسمعوا منه شكواه. كما تقر المادة 43 من القانون لكل مسجون الحق في أن يقدم في أي وقت لمأمور السجن بشكوى كتابة أو شفهياً، وأن يطلب من المأمور تبليغها للنيابة العامة أو لقاضي التحقيق، وتوجب على المأمور قبولها وتبليغها في الحال بعد إثباتها في سجل بالسجن ويخضع للتفتيش القضائي والإداري. وتعطى المادة 73 من قانون تنظيم السجون لمساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون الحق في تلقي الشكاوى من المسجونين وإبلاغ النيابة العامة المختصة.

108 - كما تجيز المادتان 11 و12 من قانون الإجراءات الجنائية لمحكمتي الجنايات والنقض حال نظر الدعوى الجنائية، إذا تبين لأيهما سواء من تلقاء نفسها أو بناء على شكوى من ذوي الشأن أن هناك جريمة بصفة عامة - بما فيها الجرائم المشار إليها في الاتفاقية - مؤثمة بوصف الجناية أو الجنحة ومرتبطة بالدعوى أن تقيم دعوى جنائية على المتهمين وتحيلهم إلى النيابة العامة لتحقيقها أو أن تتصدى لها بتحقيقها وإحالتها إلى محكمة أخرى.

109 - استحدثت المادة 99 من الدستور اختصاصاً للمجلس القومي لحقوق الإنسان بإبلاغ النيابة العامة عن أي انتهاك لهذه الحقوق، وحقه في أن يتدخل في الدعوى المدنية منضماً إلى المضرور بناء على طلبه، وهو ما تكرره المادة 3 من قانون إنشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان بعد تعديلها بالقانون 197 لسنة 2017، وكذلك المادة 73 من قانون تنظيم السجون بعد تعديلها بالقانون 106 لسنة 2015، حيث تفصل المادتان ما استحدثه الدستور وتضيفان حق المجلس القومي لحقوق الإنسان في زيارة السجون وتلقي شكاوى المسجونين.

110 - ويلزم قانون الإجراءات الجنائية جهات التحقيق بمباشرة إجراءات التحقيق في كل جريمة تعتبر جناية وفقاً للقانون. أما ما دونها من جرائم تشكل جنحاً ومخالفات، وإن كان التحقيق فيها غير واجب بنص القانون، فإن التعليمات القضائية المنظمة لعمل النيابة العامة تتضمن في المواد 122-145 وجوب التحقيق فيها –فضلاً عن الجنايات– إذا تعلقت بما أسند لضباط الشرطة سواء أثناء تأدية واجبات وظيفتهم أو بسببها، أو لم تكن ذات صلة، أو تعلقت بحوادث وقعت في السجون، إلا ما يكون منها قليل الأهمية. ويستثنى من ذلك حالة تعلق الأمر بشكوى ضد أحد موظفي السجن. ففي هذه الحالة توجب التعليمات القضائية المنظمة لعمل النيابة العامة على أعضائها الانتقال إلى السجن بأنفسهم لتحقيقها دون تأجيل.

111 - ولدى إصدار النيابة العامة أمراً بحفظ البلاغ دون اتخاذ إجراءات التحقيق أو التقرير بأنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بعد التحقيق، فإن قانون الإجراءات الجنائية يجيز التظلم لمصدر الأمر أو للسلطة الأعلى لاستعمال حق إلغاء الأمر والعودة للتحقيق. وضماناً لجدية التحقيق، تلزم المادة 44 جهات التحقيق سواء النيابة العامة أو قضاة التحقيق بإخطار المجني عليه بما ينتهي إليه تحقيقها في الدعوى ولو لم يمض في إجراءات الادعاء بالحق المدنى ، وذلك ضماناً لفاعلية إجراءات التحقيق وتمكيناً للمجني عليه من مباشرة حقه في التظلم.

112 - وقد تم إنشاء آلية مستقلة يسهل الوصول إليها خاصة بشكاوى حقوق الإنسان بصفة عامة، حيث تتمتع بصلاحيات تلقي الشكاوى وتحقيقها واتخاذ الإجراءات المناسبة في شأنها، تتمثل في إدارة حقوق الإنسان بمكتب النائب العام المنشأة بقراره رقم ٢٠٣٤ لسنة ٢٠١٧، وتتبعه مباشرة. وتختص الإدارة بتلقي الشكاوى والبلاغات والتقارير المتعلقة بحقوق الإنسان، وبما يعد اعتداء عليها، وفحصها ودراستها ومباشرة التحقيق وإعدادها للتصرف، وإحالة باقي الشكاوى إلى النيابات المختصة لاتخاذ الـلازم قانوناً بشأنها بعد العرض على النائب العام، ومتابعة القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان التي يجري تحقيقها وفحصها بكافة النيابات. وقد تلقت هذه الإدارة 2249 بلاغاً منذ إنشائها حتى سبتمبر 2019، منها 662 بلاغاً من جهات حكومية، و765 من أفراد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، و174 بلاغاً من المجلس القومي لحقوق الإنسان، و515 بلاغاً من المجلس القومي للطفولة والأمومة، و61 بلاغاً ورد للإدارة مباشرة، و72 بلاغاً من النيابات المختصة. وقد فحصت وحققت 1986 حالة، وظلت 263 قيد الفحص.

113 - بجانب إنشاء وزارة الداخلية قطاعاً لحقوق الإنسان يختص بمتابعة التزام الضباط والأفراد بأحكام الدستور والقانون واتفاقيات حقوق الإنسان الدولية لدى أداء واجبهم، وتلقي شكاوى الأفراد بشأن أي ادعاء بانتهاك لحقوق الإنسان مباشرة أو عبر البريد الإلكتروني أو التواصل الهاتفي، فقد استحدثت مكتباً لحقوق الإنسان في كل قسم ومركز للشرطة، يختص بمتابعة العمل وكيفية التعامل مع الأفراد وتلقي شكاويهم واتخاذ اللازم حيالها.

114 - وتمنح المادة 214 من الدستور لكل من المجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي للطفولة والأمومة، والمجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة حق إبلاغ السلطات العامة عن أي انتهاك يتعلق بمجال عملهم. كما تتضمن القوانين المنظمة لعمل هذه المجالس إجراءات تلقي الشكاوى. كذلك، تقر المادة 85 من الدستور حق أى فرد في مخاطبة السلطات العامة بالتقدم بشكواه كتابة وبتوقيعه، وتجيز المادة 138 لكل مواطن أن يتقدم إلى مجلس النواب بشكوى يحيلها إلى الوزراء المختصين، وتوجب على الوزراء أن يقدموا الإيضاحات الخاصة بها إذا طلب المجلس ذلك، وأن يحاط صاحب الشأن بنتيجة شكواه حسبما فصلته اللائحة الداخلية لمجلس النواب.

115 - وأخيراً، تفرض المادة 96 (الفقرة الثانية) من الدستور التزاماً ”بتوفير الحماية للمجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين عند الاقتضاء، وفقاً للقانون". ويتضمن قانون الإجراءات الجنائية قواعد لحماية الشهود سبق تناولها في التقرير الرابع. وكما ورد آنفاً في التقرير الحالى تقدمت الحكومة بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية يتضمن استحداث مواد تقر مزيداً من الحماية للشهود والمبلغين والمجني عليهم، وتجيز للشاهد بناء على إذن النيابة العامة أو قاضي التحقيق المختص أن يتخذ من قسم الشرطة التابع له محل إقامة له أو من مقر عمله عنواناً له. وفي الأحوال التي يكون فيها من شأن سماع أقوال أي إنسان تعريض حياته أو سلامته أو أحد أفراد أسرته للخطر، تجيز لمحكمة الموضوع أو للمحامي الأول أو قاضي التحقيق –بناء على طلب هذا الشخص أو أحد مأموري الضبط القضائي- الأمر بسماع أقواله دون ذكر بياناته، على أن يتم إنشاء ملف فرعي للقضية يتضمن تحديداً لشخصيته وبياناته. كما يجيز مشروع القانون في الأحوال التي يكون فيها الكشف عن هوية هذا الشخص لاغنى عنه لمباشرة حقوق الدفاع للمتهم أو وكيله الطعن على الأمر الصادر من المحامي الأول أو قاضي التحقيق بإخفاء بياناته أمام محكمة الجنايات خلال 10 أيام من تاريخ مواجهته بفحوى هذه الشهادة. وتفصل المحكمة في الطعن بعد سماع ذوي الشأن بقرار نهائي مسبب، وذلك دون إخلال بحق محكمة الموضوع في إلغاء هذا الأمر، أو استدعاء هذا الشخص لسماع أقواله. كما تجيز للمتهم أثناء المحاكمة طلب مواجهة أو مناقشة الشخص الصادر أمر بإخفاء بياناته، من خلال وسيلة فنية تسمح بسماع أقواله عن بعد دون كشف حقيقة هويته. ويعاقب مشروع القانون كل من يدلى بأية بيانات عن الشخص الصادر أمر بإخفاء هويته بالحبس وغرامة لا تقل عن 50000 جنيه أو بإحدى العقوبتين، وتكون العقوبة السجن المشدد إذا ارتكبت الجريمة تنفيذاً لغرض إرهابي، وفي كل الأحوال تكون عقوبتها الإعدام إذا نجم عن الفعل موت شخص.

المادة 14 (حق الضحية في المطالبة بالتعويض عن ممارسات التعذيب)

116 - تؤكد المادة 99 من الدستور أن كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة، وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون، جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وللمضرور إقامة الدعوى الجنائية بالطريق المباشر، وأن تكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء. وتشكل هذه القاعدة ضمانة مهمة تسري على جرائم التعذيب باعتبارها اعتداء على الحقوق والحريات التي يكفلها الدستور. ويؤكد على ذلك قانون الإجراءات الجنائية في المادتين 15 و259 بعد تعديله بالقانون 16 لسنة 2015.

117 - ويوفر القانون – طبقاً للقواعد العامة - الحق للمجني عليه ومن لحقه ضرر من الجريمة أن المطالبة بالحقوق المدنية أمام القضاء، وتجوز المطالبة بها من المسؤولين مدنياً عن فعل المتهم. ويتم تقدير التعويض بمعرفة القضاء. ويراعى في تقديره كافة الآثار الناشئة عن التعذيب بما في ذلك نفقات التأهيل إن كان لذلك مقتضى. كما ينتقل الحق في المطالبة بالحقوق المدنية والتعويض لورثة المجني عليه حال وفاته. وإذا كانت الوفاة نتيجة للتعذيب يحق للورثة المطالبة بنوعين من التعويض: التعويض عن الأضرار التي أصابتهم، سواء كان الضرر متوقعاً أو غير متوقع مادياً كان أم أدبياً، والتعويض عن الضرر المادي الذي لحق مورثهم.

118 - وذهبت أحكام محكمة النقض إلى إعمال أحكام الاتفاقية كسند قانوني لإقرار التعويض لضحايا التعذيب، بحسبان أن لها قوة القانون الوطني. فأسست المحكمة أحقية ضحايا التعذيب في الحصول على تعويضات بناء على انضمام مصر للاتفاقية، مشيرة لخطورة جريمة التعذيب أياً كانت الظروف التى يقع فيها أو السلطة الآمرة بارتكابه ( ) .

119 - تأكيداً على مبدأ سيادة القانون وحرص مصر على الوفاء بالتزاماتها الدولية المتعلقة بمناهضة التعذيب وتعويض ضحاياه، فقد ذهبت محكمة النقض إلى الإقرار بمسؤولية السلطة التنفيذية والدولة بأكملها عن تعويض المجني عليهم من ضحايا التعذيب ( ) .

المادة 15 (عدم الأخذ بالاعتراف الناجم عن أفعال التعذيب)

120 - يعتبر عدم الاستناد إلى الأقوال التي يثبت أنها صدرت نتيجة التعذيب من القواعد الدستورية والقانونية، فتؤكد المادة 55 من الدستور أن كل قول يثبت أنه صدر من محتجز تحت وطأة التعذيب أو الترهيب أو الإكراه أو الإيذاء البدني أو المعنوي أو التهديد بشيء منه، يهدر ولا يعول عليه. وتنص المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية على إهدار أي قول صدر من أحد المتهمين أو الشهود يثبت أنه صدر تحت وطأة الإكراه أو التهديد وعدم التعويل عليه، فضلاً عن محاسبة من تثبت مسؤوليته الجنائية عن تلك الممارسات. ويعد هذا المبدأ أحد الضمانات الأساسية التي تلتزم المحاكم أياً كان نوعها بتطبيقه. كما يتم إعماله في جميع الظروف، بما فيها في حالة سريان قانون الطوارئ العامة. وعلى نحو ما تسير عليه التشريعات العقابية في مصر من عدم تحديد قدر أو مدى معين للألم أو التعذيب يتعين أن يصيب المجني عليه لتطبيق جريمة التعذيب، فهى تقر مبدأ عدم جواز الاستشهاد بالأقوال المأخوذة تحت وطأة ممارسة أى من صور الإكراه أو الإيذاء المادي أو المعنوي أو الحبس في غير الأماكن المخصصة والخاضعة لقوانين تنظيم السجون، أو حتى التهديد بشيء من ذلك.

121 - وقد تواتر قضاء محكمة النقض على التأكيد على ذلك المبدأ، مهدراً كل دليل أيما كان نوعه، سواء كان قولياً أم مادياً مستمد من دليل قولي، طالما جاء عن إرادة غير حرة، سواء رجع ذلك لأي ممارسة من ممارسات التعذيب أو المعاملة الإنسانية، أو رجع لمجرد التهديد بها أو التأثير بشكل مباشر أو غير مباشر فيمن أدلى بالأقوال. ويُعتبر إغفال المحكمة لإعمال هذا المبدأ وعدم الرد على دفاع صاحب المصلحة بشأنه مبرراً قانونياً للطعن على الحكم ( ) . كما تبطل أحكام القضاء المتعاقبة الاعتراف الذي يصدر وليداً عن إكراه، ولا تعول على هذا الاعتراف في أحوال الإدانة، ولو كان التدليل الناتج عن الاعتراف صادقاً ومطابقاً للأدلة الأخرى المشروعة القائمة في الدعوى. فالغلبة للشرعية الإجرائية حتى ولو أدى إعمالها لإفلات مجرم من العقاب، وذلك لاعتبارات أسمى تغياها الدستور والقانون ( ) .

122 - وفيما يلي بعض التطبيقات القضائية التي أهدرت فيها محكمة النقض الأدلة في دعاوى جنائية بعد أن وقفت على تحقق واقعات تعذيب وإكراه شابت الدليل المستمد منها:

اتهمت النيابة العامة شخصاً بأنه قتل آخر عمداً مع سبق الإصرار بأن استدرجه بواسطة آخر حسن النية إلى مكان خال. وما أن ظفر به حتى أطبق بيده على عنقه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وأحالته النيابة العامة إلى محكمة الجنايات التي أدانته وعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة. ثم جرى الطعن على الحكم بطريق النقض، فتبين للمحكمة أن اعتراف المتهم كان وليد إكراه واقع عليه من رجال الشرطة. ولم تعبأ المحكمة بالأدلة الأخرى. وبناء على ذلك، قضت بنقض الحكم وإعادة المحاكمة بعد إهدار الدليل المستمد من ذلك الاعتراف ( ) .

اتهمت النيابة العامة رجلاً وامرأة في قتل زوج الأخيرة، وأقر المتهمان في التحقيقات بارتكاب الجريمة، وتم ضبط أدلة مادية أخرى تعضد ذلك الإقرار، فأدانتهما محكمة الجنايات وقضت بتوقيع عقوبة الإعدام عليهما. وبالطعن على الحكم بطريق النقض من جانب النيابة العامة وفقاً للقانون، تبين للمحكمة من خلال التحقيق النهائي الذي أجرته العديد من الشواهد على وقوع إكراه على المتهميّن، فقضت بنقض حكم الإدانة وببراءة المتهمين، مقررة أن الشرعية الإجرائية سواء ما اتصل منها بحيدة المحقق أو بكفالة الحرية الشخصية والكرامة الإنسانية للمتهم ومراعاة حقوق الدفاع جميعها ثوابت قانونية يعليها الدستور والقانون، ويحرص على حمايتها القضاء، ليس فقط لمصلحة المتهم وإنما بحسبانها فى المقام الأول تستهدف مصلحة عامة تتمثل فى حماية قرينة البراءة وطمأنة الناس إلى عدالة القضاء ( ) .

123 - تجدر الإشارة إلى أن النظام القانوني والقضائي المصري يأخذ بالأدلة غير المباشرة أو الأدلة الظرفية (القرائن)، ويعول عليها في أحيان كثيرة. وتتنوع تلك الأدلة الظرفية بين قرائن قانونية نص القانون على قوتها الثبوتية فور وجودها، وأخرى قضائية جعل القانون تقديرها للقاضي يقدرها وفقاً لوقائع الدعوى التي ينظرها. ومع ذلك لا يمكن اعتبار الأدلة المبنية على أقوال أخذت بطريق التعذيب أو غيره من دروب المعاملة الإنسانية من قبيل الأدلة الظرفية أو غير المباشرة، إذ يُشترط في أى دليل أن يتأتى من مصدر مشروع.

المادة 16 (منع المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة)

124 - تجرم المواد 117 و127 و129 و280 من قانون العقوبات كافة صور المعاملة غير الإنسانية أو المهينة الصادرة عن موظف. فيشمل ذلك جميع صور الممارسات اللاإنسانية الأخرى بخلاف التعذيب التي قد يرتكبها الموظفون العموميون، بداية من التعدي المادي على الأفراد أياً كانت طبيعته حتى التعدي اللفظي والإيحائي، بما يخل بشرفهم أو إحداث آلام بأبدانهم. ويشمل بالتجريم كافة صور تلك الممارسات بمنهج يتدرج في العقاب بالتناسب مع وطأتها ما بين اعتبارها جنايات أو جنح. وتفصيل ذلك كما يلى :

تجرم المادة 117 استخدام الأفراد من قبل الموظف العام، ومن في حكمه ممن يستند على سلطان الوظيفة العامة، في العمل لصالح جهة حكومية، أو احتجاز كل أو بعض أجورهم بغير مبرر، باعتبار ذلك درباً من دروب المعاملة اللاإنسانية التي تقارب في وطأتها التعذيب، وعاقب على ذلك بالسجن المشدد باعتبارها جناية.

تجرم المادة 127 قيام الموظف العام، بنفسه أو عبر إصداره أمراً، بعقاب محكوم عليه بعقوبة أشد، حيث تعتبر تلك الجريمة أيضاً من الجنايات المعاقب عليها بالسجن، ولم يشترط لتحققها وقوع آثار إصابات بالضحية.

تجرم المادة 129 استعمال الموظف العام ومن في حكمه القسوة اعتماداً على وظيفته إذا أدى ذلك إلى الإخلال بشرف الآخرين أو أحدث آلاماً بأبدانهم، وتعاقب على ذلك بعقوبة الجنحة. وتأتى عبارات تلك المادة واسعة لتشمل كل صور التعدي استناداً لسلطان الوظيفة أو الخدمة العامة. فتشمل التعدي المادي على الجسد أياً كانت صورته أو كيفيته، ولو لم يترك أثراً مادياً بجسد الضحية. وتشمل أيضاً التعدي اللفظي أو الإيحائي مادام يخل بالشرف والاعتبار، سواء قصد الجاني عقاب الضحية أو بدافع من التمييز أو غير ذلك من مقاصد.

تجرم المادة 280 القبض على أي شخص أو حبسه أو حجزه بدون أمر قضائي مسبب يصدر عن السلطة المختصة، باعتبارها جريمة ممهدة أو مسهلة لارتكاب التعذيب، استكمالاً لمنظومة منع وحماية الأفراد من التعذيب وغيره من الممارسات اللاإنسانية. وتعاقب على هذه الجريمة بالحبس الذي تصل مدته إلى 3 سنوات أو الغرامة. وقد تصل العقوبة إلى السجن أو السجن المشدد حال توفر إحدى الظروف المشددة.

125 - أما بشأن الظروف المعيشية في السجون ومقار الاحتجاز، فقد سبق تناول ذلك في معرض التعليق على المادتين 2 و11 من الاتفاقية، فضلاً عما ورد في التقارير السابقة.

126 - تحظر المادة 112 من قانون الطفل بعد تعديلها بموجب القانون 126 لسنة 2008 احتجاز الأطفال أو حبسهم أو سجنهم مع غيرهم من البالغين. وتوجب أن يراعى في تنفيذ الاحتجاز تصنيف الأطفال بحسب السن والجنس ونوع الجريمة. وتعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر ولا تزيد على سنتين، وبغرامة لا تقل عن 1000 جنيه ولا تجاوز 5000 جنيه، أو بإحدى العقوبتين، كل موظف أو مكلف بخدمة عامة حبس أو سجن طفلاً مع بالغ أو أكثر في مكان واحد. كما توجب المادة 13 من قانون تنظيم السجون بعد تعديلها بموجب القانون 106 لسنة 2015 تقسيم المحكوم عليهم إلى درجات لا تقل عن ثلاث، وأن يصدر وزير الداخلية قراراً بناءً على اقتراح مساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون وموافقة النائب العام يبين فيه تبيّن كيفية المعاملة والمعيشة لكل درجة، وأن تراعي اللوائح الداخلية للسجون في ترتيب وضع المسجونين في كل درجة وفي نقلهم إلى درجة أخرى مع مراعاة السن. كما توجب المادة 82 مكرر من اللائحة الداخلية للسجون تشكيل لجنة في كل سجن برئاسة مأمور السجن أو من ينيبه من ضباط السجن وعضوية ضابط مباحث السجن وضابط التنفيذ العقابي، وضابط العنابر وطبيب وأخصائي اجتماعي، حيث تختص هذه اللجنة بتصنيف المسجون طبقاً لنوع الجريمة ومدة العقوبة والسوابق القضائية وخطورته الإجرامية، وسن المسجون وحالته الصحية والاجتماعية والثقافية.

127 - وتقدم السلطات القائمة على دور الاحتجاز العديد من البرامج والخدمات التي تضمن إعادة تأهيل الأطفال المحتجزين في المؤسسات العقابية ودور الرعاية الاجتماعية. ويشمل ذلك الخدمات الصحية من خلال الأطباء المتواجدين بصفة يومية في العيادات الطبية الكائنة فى المؤسسات العقابية ودور الرعاية الاجتماعية، وكذا ممرضين منتدبين من وزارة الصحة، فضلاً عن تنظيم زيارات لأطباء متخصصين وقوافل طبية لإجراء كشف طبي دوري على الأطفال وتقديم العلاج اللازم لهم، مع تخصيص حجرات للعزل الطبي للحالات المعدية. كما يتم تمكين إلحاق المؤسسات العقابية ودور الرعاية الاجتماعية بالمراحل التعليمية المختلفة بما يتناسب مع مراحلهم العمرية، وتتحمل الحكومة المصروفات المدرسية وتوفير المستحضرات المدرسية. وتتم متابعتهم الدورية للوقوف على مستواهم الدراسي ومتابعة انتظامهم الدراسى ، فضلاً عن تقديم خدمات التدريب المهني لمن بلغ السن المقررة قانوناً على المهن الحرفية المطلوبة لسوق العمل، وذلك لتيسير فرص العمل أمامهم بعد قضاء مدة العقوبة وتمكينهم من إيجاد مصدر رزق يحول دون عودتهم للإجرام. كما يتم تنفيذ برامج للتأهيل الاجتماعي والنفسي للأطفال عبر أخصائيين اجتماعيين ونفسيين مؤهلين لتأهيلهم للإندماج مجدداً في المجتمع، إضافة إلى الخدمات الاجتماعية والدينية والرياضية والثقافية والترفيهية. ويتم تنظيم مسابقات للأطفال واحتفالات وزيارات للأماكن الأثرية والترفيهية، وعقد دروس ومحاضرات وندوات ثقافية ودينية لهم –كل بحسب دينه–، فضلاً عن إقامة مباريات في الرياضات المختلفة وتمكينهم من ممارسة هواياتهم، وإمدادهم بالصحف والمجلات والكتب وفقاً للسن والاهتمام. وفى إطار برامج للرعاية اللاحقة للأطفال المفرج عنهم لدمجهم في المجتمع، تقدم وزارة الداخلية المساعدات المادية وتعمل على توفير فرص عمل مناسبة لهم.

128 - توجد سجون مخصصة للنساء فقط، يقوم على حراستها ضباط وأفراد شرطة من النساء، وتتوافر بها وسائل الرعاية والخدمات المناسبة. وتم إجراء تعديلات على قانون تنظيم السجون والقوانين ذات الصلة لضمان الرعاية اللازمة للأم المسجونة. ومن ذلك معاملة المسجونة الحامل معاملة خاصة ( ) ، وإتاحة بقاء رضيعها معها حتى بلوغه سنتين ( ) ، حيث يلزم قانون الطفل بانشاء دار للحضانة تحقق جميع الشروط المقررة لدور الحضانة داخل كل سجن لإيداع أطفال السجينات بها ليتسنى لهن رعايتهم، ولا يجوز حرمانهن من ذلك ولو على سبيل العقاب ( ) . كما تنص المادة 4 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم السجون على أن ”لا يشتغل المحكوم عليهن إلا داخل السجن في الأشغال التي تتفق وطبيعة المرأة." وتنص المادة 68 من ذات القانون - بعد تعديلها بالقانون 106 لسنة 2015 - على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام على المحكوم عليها الحبلى إلى ما بعد سنتين من وضعها.

129 - وفى إطار منع المعاملة القاسية أو اللاإنسانية وتوفير إعاشة آدمية مناسبة للمساجين وفق الإمكانات المتاحة، تتخذ مصر عدة تدابير للقضاء على الكثافة العددية في السجون، وذلك من خلال ما يلى :

استخدام رئيس الجمهورية حقه بمقتضى المادة 155 من الدستور في العفو عن بعض العقوبات السالبة للحرية في المناسبات والأعياد القومية. ووصل عدد من شملهم العفو الرئاسي منذ 2015 حتى فبراير 2019 إلى 56000 سجينًا.

تعديل قواعد الإفراج في قانون نظيم السجون -بموجب القانون 6 لسنة 2018-، حيث صارت المادة 52 تجيز الإفراج تحت شرط إذا أمضى السجين نصف مدة العقوبة، بدلًا من اشتراط قضاء ثلاثة أرباع المدة، على ألا تقل المدة في السجن عن 6 أشهر؛ وإذا كانت العقوبة السجن المؤبد فلا يجوز الإفراج تحت شرط إلا إذا قضى عشرين سنة على الأقل، ويتم إخطار وزارة التضامن الاجتماعي بأسماء المحكوم عليهم قبل الإفراج عنهم بمدة كافية لا تقل عن شهرين لكي يتسنى تأهيلهم اجتماعياً وإعدادهم للبيئة الخارجية.

الإفراج عن المساجين وفقًا لقواعد الإفراج الصحي بموجب المادة 36 من قانون تنظيم السجون، والتي تجيز لطبيب السجن إذا تبين أن المحكوم عليه مصاب بمرض يهدد حياته بالخطر أو يعجزه عجزاً كلياً أن يعرض أمره على مدير إدارة الخدمات الطبية للسجون لفحصه بالاشتراك مع الطبيب الشرعي للنظر في الإفراج عنه، وينفذ قرار الإفراج بعد اعتماده من مساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون وموافقة النائب العام. وقد وصل عدد من أطلق سراحهم بالإفراج الصحي منذ 2015 حتى فبراير 2019 إلى 60876 سجينًا.

استحداث بدائل الحبس الاحتياطي بموجب المادة 201 من قانون الإجراءات الجنائية، المعدلة بالقانون 145 لسنة 2006، حيث صارت تجيز لجهات التحقيق بدلًا من حبس المتهم احتياطيًا أن تصدر أمرًا بأحد التدابير الآتية: أ) إلزام المتهم بعدم مبارحة مسكنه أو موطنه؛ ب) إلزام المتهم بأن يقدم نفسه لمقر الشرطة في أوقات محددة؛ ج) حظر ارتياد المتهم أماكن محددة. وتسري على تلك التدابير القواعد المقررة للحبس الاحتياطي سواء من حيث حالاتها أو مددها أو إجراءات تقريرها وامتدادها.

إطلاق مبادرة "سجون بلا غارمين" بالتعاون بين وزارة الداخلية ومنظمات المجتمع المدني لسداد المبالغ المالية المستحقة على محدودي الدخل من المساجين في الجرائم الجنائية البسيطة للإفراج عنهم، وذلك بتمويل من صندوق تحيا مصر القائم على تبرعات المواطنين. ونجحت هذه المبادرة في إطلاق سراح 15820 سجين منذ 2015 حتى مارس 2019.

وضع خطة لإنشاء سجون جديدة وتطوير السجون القائمة، استجابة لتوصيات النيابة العامة ولجنة حقوق الانسان بمجلس النواب، ولتوصيات المجلس القومي لحقوق الإنسان، حيث تتمثل هذه المشروعات في: إنشاء سجن القنطرة شرق بالإسماعيلية، وإنشاء المرحلة الرابعة من منطقة سجون المنيا، والأعمال التأمينية بمنطقة سجون وادي النطرون، وأعمال إعادة إنشاء عنبري (ب) و(ج) بسجن الإسكندرية العمومي، وإنشاء مبان بسجن دمنهور العمومي، وتجديد سجن 2 الصحراوي بوادي النطرون، وإنشاء ديوان قطاع السجون بمنطقة سجون طرة (ب)، وإنشاء سجن قنا العمومي الجديد، وتنفيذ المرحلة الثانية من سجن 2 شديد الحراسة بطرة، فضلاً عن إضافة عنابر جديدة إلى السجون القائمة. كما تم تشغيل السجون الجديدة الآتية: السجن العمومي 1 بوادي النطرون، وسجن شديد الحراسة وليمان بجمصة ، وسجن شديد الحراسة وليمان بالمنيا، وسجن 2 شديد الحراسة بطرة. فضلاً عن تدعيم السجون القائمة بشفاطات ومراوح لزيادة التهوية وبمبردات مياه، مما ساهم في رفع السعة الصحية للسجون بمعدل 32,95%.

130 - تم إلغاء عقوبة الجلد بمقتضى القانون رقم 152 لسنة 2001، حيث كانت آخر العقوبات البدنية التى تشكل درباً من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وتم بموجب القانون 106 لسنة 2015 إدخال عدة تعديلات على قانون تنظيم السجون، فتم تعديل المادة 43 للحد من الجزءات الممكن توقيعها على المساجين ( ) . وصارت المادة 44 تحدد السلطة المختصة بتوقيع أنواع الجزاءات ما بين مأمور السجن ومساعد وزير الداخلية لقطاع السجون ( ) . وتنظم المادة 45 الضوابط الواجب مراعاتها في توقيع تلك الجزاءات ( ) . وتوجب المادة 46 ”على مأمور السجن أن يبلغ فوراً مساعد الوزير لقطاع مصلحة السجون ومدير الأمن والنيابة العامة بما يقع من المسجونين من هياج أو عصيان جماعي أو عند علمه بحالات الإضراب عن الطعام، والإجراءات التي قامت بها إدارة السجن حيال ذلك". وتنص المادة 47 على أن”لا يحول توقيع أية عقوبة تأديبية صدر الأمر بها بالتطبيق لأحكام هذا القانون دون إخلاء سبيل المسجون في الميعاد المقرر بمقتضى الحكم الصادر عليه قضائياً". كما تقضى المادة 48 بمعاملة المحبوسون احتياطياً وفقاً للنظام التأديبي معاملة المحكوم عليهم بالحبس أو بالسجن، عدا توقيع عقوبة النقل إلى الليمان .

131 - أما فيما يتصل بالإيداع بالحبس الانفرادي، فهو جزاء تأديبي مقيد المدة لا يُطبق إلا في حالات محدودة بغرض الردع، خاصة للمجرمين الأشد خطورة، ويحيطه القانون بعدة ضمانات، إذ يُعتبر أشد جزاء تأديبي ممكن توقيعه على السجين، وذلك فقط في حالة ارتكابه مخالفة جسيمة لقانون تنظيم السجون ولائحته التنفيذية. ويجب إعلان المسجون بالفعل المنسوب إليه، وسماع أقواله وتحقيق دفاعه، ولا يوقع إلا بقرار من مأمور السجن لمدة لا تزيد بموجب هذا القرار عن 15 يوماً ولا أن تزيد إجمالي مدة الإيداع بالحبس الانفرادي عن 30 يوماً. ويستلزم القانون تقييد هذا الجزاء بسجل خاص يخضع لرقابة القضاة والنيابة العامة حال التفتيش على السجون. ويتم رفع الجزاء وفقاً للمادة 31 من اللائحة الداخلية للسجون قبل انتهاء مدته إذا تبين للطبيب أن هناك ضرراً على صحة السجين وأبلغ مأمور السجن كتابة لدرء هذا الضرر، وعلى المدير أو المأمور تنفيذ ما يشير به الطبيب. ولا يحول الحبس الانفرادي بين لقاء السجين ومحاميه بأي حال. كما أنه من حقه التقدم بشكوى بشأن أي انتهاك لحقوقه، وأن يتظلم إدراياً من قرار إيداعه بالحبس الانفرادي، وأن يطعن عليه أمام القضاء وفقاً للقواعد العامة.

الجزء الثاني الجهود المبذولة من أجل إنفاذ توصيات اللجنة عقب النظر في التقرير الدوري الرابع

132 - الفقرة 6 البند (أ) بشأن إعادة النظر في فرض حالة الطوارئ: استجابت مصر للتوصية وقصرت تطبيقها على النحو الوارد في التعليق على المادة 2 من الاتفاقية.

133 - الفقرة 6 البند (ب) الخاصة بالأخذ بتعريف للتعذيب يتوافق تماماً مع التعريف الوارد في المادة 1 (الفقرة الأولى) من الاتفاقية: تم تناول ذلك في التعليق على المادة 1 من الاتفاقية.

134 - الفقرة 6 البند (ج) حول ضمان إجراء تحقيقات سريعة وحيادية ومستقلة في جميع شكاوى التعذيب أو سوء المعاملة بما في ذلك الشكاوى المتعلقة بالوفاة في الحجز: استجابت مصر للتوصية، فاستحدثت آلية لإجراء تحقيقات سريعة ومحايدة ومستقلة في الشكاوى بأن أنشأت إدارة حقوق الإنسان بمكتب النائب العام على النحو السابق تناوله في الفقرة 112، علماً بأن النيابة العامة هي جزء من السلطة القضائية المقرر استقلالها وحيادها بنص المادتين 184 و189 من الدستور.

135 - الفقرة 6 البند (د) بشأن ضمان إجراء تفتيش إلزامي لجميع أماكن الاحتجاز من قبل المدعين العامين والقضاة أو من قبل هيئة مستقلة أخرى والقيام بذلك على فترات منتظمة: استجابت مصر للتوصية على النحو الوارد في التعليق على المادتين 2 و11 من الاتفاقية.

136 - التوصية الواردة بالفقرة 6 البند (هـ) الخاصة بالتأكد من أن جميع الأشخاص المحتجزين يمكنهم الوصول الفوري إلى طبيب ومحام وكذلك الاتصال بعائلاتهم: استجابت مصر للتوصية على النحو الوارد في التعليق على المادة 11 من الاتفاقية.

137 - الفقرة 6 البند (و) بشأن القضاء على جميع أشكال الاحتجاز الإداري، وخضوع المباني التي تسيطر عليها إدارة مباحث أمن الدولة للتفتيش الإلزامي، وكذا إجراء تحقيق فوري في بلاغات التعذيب أو المعاملة اللا إنسانية المرتكبة بها: استجابت مصر للشق الأول من التوصية، فألغت الاحتجاز الإداري الذي كان مقرراً بموجب المادة 1(1) من قانون الطوارئ العامة، على النحو الوارد في معرض التعليق على المادة 2(2) من الاتفاقية، حيث ترتقى المادة 54 من الدستور بحظر الاحتجاز الإداري تحت أي ظرف إلى مصاف القواعد الدستورية. وبالنسبة للشق الثانى ، فلا توجد أماكن احتجاز بالمقار التابعة للأمن الوطني، وتعاقب المادة 91 مكرر من قانون تنظيم السجون كل موظف أو مكلّف بخدمة عامة أودع أو أمر بإيداع من تُسلب حريته على أي وجه في غير السجون والأماكن المخصصة للاحتجاز بعقوبة الحبس. وتم تناول الشق الثالث في التعليق على المادتين 2 و13 من الاتفاقية.

138 - الفقرة 6 البند (ز) حول التأكد من تطبيق التشريع لكامل الحقوق المعترف بها في الاتفاقية، ووضع سبل انتصاف فعالة لممارسة هذه الحقوق، والتأكد من أن الإجراءات تتم في غضون فترة زمنية معقولة بعد تقديم الشكاوى، وأن أي قرار صادر عن المحكمة بالإفراج عن المحتجز قد تم تنفيذه بالفعل: تم تناول ذلك فى التعليق على المادة 13 من الاتفاقية. كما أن الاتفافية – بحكم المادتين 93 و151 من الدستور - لها قوة القانون، ولكل ذي شأن التمسك بأحكامها والتطبيق المباشر لها. ومن شأن إنشاء إدارة حقوق الإنسان بمكتب النائب العام إنجاز التحقيقات في الشكاوى في آجال معقولة. وكما ورد آنفاً، فإن النيابة العامة -وهي جزء من السلطة القضائية وتتمتع بالاستقلال والحياد بحكم الدستور- تتولى الإشراف والرقابة على تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة في الدعاوى الجنائية وفقاً لقانون الإجراءات الجنائية الذى ينظم إجراءات الإشراف والرقابة. كما تنظم التعليمات القضائية المنظمة لعمل النيابة العامة إجراءات تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة عن المحاكم والنيابات، ويؤكد خضوع أعمال مكاتب التنفيذ بجهات الشرطة لإشراف النيابة العامة، وحق مفتشي النيابة الإداريين في التفتيش على تلك المكاتب، بما يضمن التنفيذ الفعلي لأي قرار قضائي بالإفراج عن المحتجزين.

139 - الفقرة 6 البند (ح) بشأن إلغاء الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي: تم تناول الأمر في الفقرة 131.

140 - الفقرة (6) البند ط الخاصة بضمان حق جميع الأشخاص المدانين بقرارات المحاكم العسكرية في قضايا الإرهاب في إعادة محاكمتهم من قبل محكمة أعلى وفقاً للقانون: استجابت مصر للتوصية، فصدر القانون 12 لسنة 2014 بتعديل قانون الأحكام العسكرية، حيث غدت قضايا الجنح العسكرية تُنظر على درجتين أولاهما أمام المحكمة العسكرية للجنح وثانيهما أمام المحكمة العسكرية للجنح المستأنفة، وتختص محكمة الطعن بالنظر في الجوانب الإجرائية والموضوعية، فضلاً عن حق الطعن على الأحكام الصادرة من الأخيرة أمام محكمة الطعون العسكرية. وتختص المحكمة العسكرية العليا للطعون بنظر الطعون المقدمة من النيابة العسكرية أو من المحكوم عليه في الأحكام النهائية التي تصدرها المحاكم العسكرية في جرائم القانون العام على العسكريين أو المدنيين، وتسري على هذه الطعون القواعد والإجراءات الخاصة بالطعن بالنقض في المواد الجنائية المنصوص عليها في القانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، فضلًا عن اختصاص هذه المحكمة بنظر طلبات إعادة النظر التي تقدم في أحكام المحاكم العسكرية الصادرة في جرائم القانون العام. وأخيراً، استحدث الدستور في المادة 96 وجوب تنظيم استئناف الأحكام الصادرة في مواد الجنايات سواء العادية أو العسكرية، وتوجب المادة 240 أن يكون هذا التنظيم خلال 10 سنوات من تاريخ العمل بالدستور. وإنفاذاً لهذا الالتزام الدستوري تضمن مشروع قانون أعدته الحكومة لتعديل قانون الإجراءات الجنائية نظاماً لاستئناف الأحكام الصادرة في قضايا الجنايات - بما فيها ما تختص به المحاكم العسكرية -، بالإضافة إلى جواز الطعن عليها أمام المحكمة العسكرية العليا للطعون.

141 - وتجدر الإشارة إلى أنه منذ عام 2015 وحتى إعداد هذا التقرير، تم إلغاء أحكام محاكم عسكرية وإعادة المحاكمة أمام دوائر أخرى في 71 قضية. فعلى سبيل المثال، في القضية رقم 318 لسنة 2014، طعن أحد المتهمين ضد حكم صادر ضده في 11/2/2015 بالسجن 15 عاماً، وتم قبول الطعن وتخفيض الحكم في 27/10/2016 إلى ثلاث سنوات. وفي القضية رقم 288 لسنة 2015، طعن أحد المتهمين ضد حكم صادر ضده في 17/1/2018 بالإعدام، وتم قبول الطعن في 19/8/2018 وتخفيف الحكم إلى السجن المؤبد. كما طعن متهم في القضية رقم 54 لسنة 2015 على حكم صادر ضده في 30/9/2015 بالسجن المؤبد، وتم قبول الطعن في 29/11/2016 وتخفيض العقوبة إلى السجن المشدد 15 عاماً. كما طعن متهم في القضية رقم 60 لسنة 2016 على حكم صادر ضده في 13/12/2016 بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات، وتم قبول الطعن فى 11/3/2019 وتخفيف العقوبة إلى 5 سنوات.

142 - الفقرة 6 البند (ي) بشأن وقف جميع الممارسات التي تنطوي على إيذاء للقُصَّر في أماكن الاحتجاز، ومعاقبة مرتكبيها، وحظر احتجازهم مع البالغين: استجابت مصر للتوصية، على النحو الوارد في معرض التعليق على المادتين 11 و16 من الاتفاقية حول خضوع أماكن الاحتجاز لرقابة السلطة القضائية وحقها في تفتيشها بصفة دورية للتأكد من سلامة تطبيق القانون وعزل كل فئة من فئات المسجونين ومعاملتهم بالمعاملة المقررة قانوناً. أما بشأن الممارسات التي تقع على القصر المحتجزين، فيعاقب القانون عليها على نحو ما ورد في التقرير، ويزيد الحد الأدني للعقوبة بمقدار المثل إذا كان المجني عليه طفلًا عملًا بالمادة 116 مكرر من قانون الطفل.

143 - الفقرة 6 البند (ك) الخاصة بإزالة كل غموض في التشريعات التي قد تدعم اضطهاد الأفراد بسبب ميلهم الجنسي، واتخاذ خطوات لمنع كل معاملة مهينة أثناء عمليات التفتيش على الجسم: لا تنطو ي التشريعات المصرية على أحكام من شأنها التمييز أو دعم الاضطهاد لأى سبب عملاً بالمادة 53 من الدستور. ولما كان التفتيش يمس الحياة الخاصة للشخص، فقد وضع القانون ضوابط صارمة له، التزاماً بنص المادة 51 من الدستور على عدم جواز المساس بكرامة الإنسان وما تقرره المادة 54 التى لا تجيز - فيما عدا حالة التلبس- القبض على أحد، أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق. ويبطل التفتيش إذا جرى في غير هاتين الحالتين. ومن ذلك قضاء محكمة النقض ببطلان إجراءات أخذ عينة بول من السائقين المشتبه في قيادتهم لسياراتهم تحت تأثر مواد مخدرة أو مسكرة دون رضائهم وتحليلها، حيث اعتبرت ذلك إجراء غير صحيح ليس له ما يبرره ولا سند له من القانون، مشوباً بالانحراف في استعمال السلطة ووليد عمل تعسفي، حيث استندت في قضائها إلى نص المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وما نصت عليه المادة 41 من الدستور السابق من أن ”الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس" ( ) . كما استقر قضاء محكمة النقض وتبعتها المحاكم الجنائية على ضرورة أن يتم تنفيذ التفتيش بأسلوب لا يمس كرامة الإنسان، ولم يجز القضاء أن يمتد التفتيش إلى أجزاء من جسد الإنسان تعتبر عورة، لما ينطوي عليه هذا من جريمة هتك عرض، ومن ثمَّ يعتبر باطلاً لمخالفته للآداب العامة التي تعتبر مكوناً من مكونات النظام العام. وتوجب المادة 46/2 من قانون الإجراءات الجنائية أن يكون تفتيش المرأة بمعرفة أنثى يندبها لذلك مأمور الضبط القضائي. وقد أبانت محكمة النقض في أكثر من حكم لها أن ما يشترطه القانون من تفتيش الأنثى بمعرفة أنثى مثلها أن يكون مكان التفتيش من المواضع الجسمانية التي لا يجوز لرجل الضبط القضائي الاطلاع عليها ومشاهدتها باعتبارها من عورات المرأة التي يخدش مساسها الحياء.

144 - الفقرة 6 البند (ل) بشأن تحديد الولاية القضائية للدولة على جميع الأشخاص الذين يُزعم أنهم مسئولون عن التعذيب الموجودين في البلد ولا يتم تسليمهم إلى دول أخرى من أجل تقديمهم للعدالة: تم تناول الأمر في التعليق على المواد 5-8 من الاتفاقية.

145 - الفقرة 6 البند (م) الخاصة بضمان تمكين المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان من الاضطلاع بأنشطتها دون عوائق، وأن يكون بإمكانها الوصول إلى جميع أماكن الاحتجاز لضمان امتثال أكبر للحظر المفروض على التعذيب وإساءة المعاملة: يجيز القانون للمنظمات غير الحكومية زيارة أماكن الاحتجاز والسجون في إطار التعاون مع المجلس القومي لحقوق الإنسان، حيث تنص المادة 3(16) من قانون إنشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان على اختصاص المجلس بزيارة السجون وسائر أماكن الاحتجاز والمؤسسات العلاجية والإصلاحية، والاستماع للنزلاء للتثبت من حسن معاملتهم ومدى تمتعهم بحقوقهم، على أن يعد المجلس تقريراً بشأن كل زيارة يتضمن أهم الملاحظات والتوصيات بهدف الارتقاء بأوضاع النزلاء، ويقدم إلى النائب العام ومجلس النواب. وتم مؤخراً تنظيم زيارات لممثلي منظمات غير حكومية لعدد من السجون.

146 - الفقرة 6 البند (ن) حول وضع قواعد ومعايير دقيقة لتمكين ضحايا التعذيب والمعاملة اللا إنسانية من الحصول على إنصاف كامل مع تجنب أي تباينات غير مبررة في التعويض الممنوح: فضلاً عما ورد في التعليق على المادة 14 من الاتفاقية، فإن القانون المصري يخضع قيمة التعويض للسلطة التقديرية للقاضي، ويضع لهذا التقدير قواعد ومعايير واضحة تنص عليها المادتان 221 و222 من القانون المدني، وتتمثل فيما لحق المضرور من ضرر مادى في جسده وماله والضرر الأدبي الذي قد يلحق به في شرفه أو اعتباره. ويتبنى القانون مبدأ الجبر الكامل للضرر، بحيث لا يزيد أو ينقص عن قدر الضرر الذي وقع. ومن ثم، فإن التباين في مقدار التعويض يكون مبرراً بتباين الضرر. كما يجيز ذات القانون التعويض للأزواج والأقارب إلى الدرجة الثانية عما يصيبهم من ألم من جراء موت المصاب. وتنص المادة 172(2) على أن دعاوى التعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعاوى الجنائية. ولما كانت المادة 52 من الدستور تقرر أن التعذيب بجميع أشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم، فإن دعاوى التعويض عن جرائم التعذيب لا تسقط بالتقادم مهما طالت المدة، وهو ما تؤكده المادتان 15 و259 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون 16 لسنة 2015.

147 - الفقرة 6 البند (س) بشأن مواصلة عملية تدريب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، لاسيما على الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاقية، وحق كل محتجز في الحصول على المساعدة الطبية والقانونية والاتصال بأسرته: استجابت مصر للتوصية على النحو الذى تم تناوله في التعليق على المادة 10 من الاتفاقية.

148 - الفقرة 6 البند (ع) الخاصة بالنظر في اعتماد الإعلانات المشار إليها في المادتين 21 و22 من الاتفاقية: تدرس الحكومة باستمرار الانضمام للمعاهدات والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وتعيد النظر دورياً في تحفظاتها على الاتفاقيات التى انضمت إليها.

149 - الفقرة 6 البند (ف) بشأن نشر استنتاجات وتوصيات اللجنة على نطاق واسع في الدولة بجميع اللغات المناسبة: استجابت مصر للتوصية بأن عممت الاستنتاجات والتوصيات الصادرة عن اللجنة باللغة العربية على الجهات الحكومية المعنية ويتم تدريس حقوق الإنسان والتزامات مصر الدولية في هذا الصدد في أكاديمية الشرطة ومركز التدريب والبحوث بالنيابة العامة والمركز القومي للدراسات القضائية، فضلاً عن إدماج حقوق الإنسان في مناهج التعليم المدرسى بالمراحل المختلفة وتدريس مادة حقوق الإنسان بالجامعات، وهو ما ينعكس على الجهود السالف بيانها في هذا التقرير.

150 - الفقرة 7 الخاصة بتكرار التوصيات الموجهة لمصر في مايو 1996 على أساس الاستنتاجات التي توصلت إليها اللجنة بموجب الإجراء المنصوص عليه في المادة 20 من الاتفاقية: استجابت مصر للتوصية على النحو الذى تعكسه التطورات التشريعية والقضائية السابق بيانها في التعليق على المواد 2 و6 و11 و12 و16 من الاتفاقية.

151 - الفقرة 8 بشأن الموافقة على زيارة المقرر الخاص للجنة حقوق الإنسان المعني بالتعذيب: تحرص مصر على التعاون الكامل والتواصل مع حملة ولايات الإجراءات الخاصة، ومن ثم وجهت الحكومة دعوات زيارة إلى 6 حملة ولايات، ولازالت تنتظر تحديد مواعيد زيارتهم، وستنظر تباعاً في طلبات الزيارة الأخرى حرصاً على الإعداد الجيد لكل زيارة.

خاتمة

152 - يوضح مجمل ما تقدم الخطوات الجادة والمتواصلة التي تتخذها مصر في سبيل الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية. وهي وإن لم تصل إلى الكمال، إلا إنها تسعى جاهدة إلى القضاء على الممارسات الفردية التى لا تتسق مع النصوص الدستورية والقانونية بشأن مناهضة التعذيب بكافة أشكاله. وتؤكد مصر رغبتها في مواصلة التعاون مع الآليات التعاهدية الدولية والإقليمية للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان لديها وحول العالم. وتتطلع إلى إجراء حوار تفاعلى بناء مع اللجنة والإستفادة من خبراتها في مساعدة الدول على التنفيذ الأمثل لالتزاماتها بموجب الإتفاقية .