الأمم المتحدة

CERD/C/GC/32

Distr.: General

29 September 2009

Arabic

Original: English

الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري

لجنة القضاء على التمييز العنصري

الدورة الخامسة والسبعون

3-28 آب/أغسطس 2009

التوصية العامة 32

معنى ونطاق التدابير الخاصة الواردة في الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري

أولاً - مقدمة

ألف - معلومات أساسية

1- قررت لجنة القضاء على التمييز العنصري ("اللجنة") في دورتها الحادية والسبعين أن تشرع في الاضطلاع بمهمة صياغة توصية عامة جديدة بشأن ال تدابير ال خاصة ، في ضوء ما لُوحِظ من صعوبات في استيعاب هذ ا ال مفهوم . وقررت اللجنة أيضا في دورتها الثانية والسبعين أن تعقد في دورتها التالية مناقشة مواضيعية حول مسألة التدابير الخاصة بالمعنى المقصود في الفقرة 4 من المادة 1 والفقرة 2 من المادة 2 من الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري ("الاتفاقية"). وعُقِدت المناقشة يومي 4 و5 آب/أغسطس 2008 بمشاركة الدول الأطراف في الاتفاقية وممثلين عن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ومنظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) والمنظمات غير الحكومية. وجدّدت اللجنة في أعقاب المناقشة عزمها على العمل من أجل وضع توصية عامة بشأن التدابير الخاصة، وذلك بهدف توفير توجيهات عامة لتفسير معنى المادتين المذكورتين أعلاه في ضوء أحكام الاتفاقية برمتها.

باء - المصادر الرئيسية

2- تستند التوصية العامة إلى مجموعة كبيرة من ممارسات اللجنة ال متعلقة ب تدابير خاصة متخذة بموجب الاتفاقية. وتشمل هذه الممارسات الملاحظات الختامية بشأن التقارير المقدمة من الدول الأطراف في الاتفاقية، والبلاغات المقدمة بموجب المادة 14، والتوصيات العامة المقدمة سابقا ً ، وخصوصا التوصية العامة رقم 8(1990) بشأن الفقرتين 1 و4 من المادة 1 من الاتفاقية ( ) ، وكذلك التوصية العامة رقم 27(2000) بشأن التمييز ضد الغجر والتوصية العامة رقم 29(2002) بشأن الفقرة 1 من المادة 1 من الاتفاقية (النسب)، واللتان تشيران كلتا هما إلى التدابير الخاصة تحديداً ( ) .

3- ولدى صياغة اللجنة للتوصية، فقد أخذت أيضا في حسبانها العمل المُنجز بشأن التدابير الخاصة تحت إشراف سائر هيئات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، ولا سيما التقرير المقدم من المقرر الخاص للجنة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان ( ) والتوصية العامة رقم 25(2004) للجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة بشأن التدابير الخاصة المؤقتة ( ) .

جيم - الغرض من التوصية

4- الغرض من هذه التوصية العامة هو تقديم توجيهات عملية في ضوء الخبرة التي اكتسبتها اللجنة، بشأن معنى التدابير الخاصة المتخذة بموجب الاتفاقية من أجل مساعدة الدول الأطراف في الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية، بما فيها المتعلقة ب تقديم التقارير. ويمكن أن يُنظر إلى هذه التوجيهات على أنها إثراء لتوصيات اللجنة المقدمة إلى الدول الأطراف بصدد التدابير الخاصة.

دال - المنهجية المتبعة

5- لاحظت اللجنة في مناسبات عديدة أن الاتفاقية صك حيّ يجب أن تفسّر وتطبّق بشكل يراعي ظروف المجتمع المعاصر. ويحتّم هذا النهج قراءة نص الاتفاقية على نحو يراعي السياق. وينطوي سياق هذه التوصية، بالإضافة إلى نص الاتفاقية الكامل بعنوانها وديباجتها وموادها التنفيذية، على طائفة من المعايير العالمية لحقوق الإنسان بشأن مبادئ عدم التمييز والتدابير الخاصة. كما يشمل التفسير المراعي للسياق أخذ الظروف الخاصة للدول الأطراف في الاعتبار من دون المساس بفعالية قواعد الاتفاقية عموما ً . إن طبيعة الاتفاقية ونطاق أحكامها الواسع يشيران ضمناً إلى أن الإخلاص في تطبيق مبادئ الاتفاقية سيؤدي إلى اختلافات في النتائج المحققة فيما بين الدول الأطراف، إ لا أ ن هذه الاختلافات يجب أن تُبرر بالكامل على ضوء المبادئ المذكورة.

ثانياً - المساواة وعدم التمييز بوصفهما أساسا ً ل لتدابير الخاصة

ألف - المساواة الرسمية والفعلية

6- تستند الاتفاقية إلى مبدأي صون كرامة البشر ككل والمساواة بينهم. ويجمع مبدأ المساواة الذي ترتكز إليه الاتفاقية بين المساواة الرسمية أمام القانون وتوفير الحماية القانونية بالتساوي، بالتلازم مع تحقيق المساواة ال جوهرية أو الفعلية في مجال التمتع بحقوق الإنسان وممارستها بوصفها الهدف الذي يُصبى إلى بلوغه بالإخلاص في تطبيق مبادئ الاتفاقية.

باء - التمييز المباشر وغير المباشر

7- مبدأ التمتع بحقوق الإنسان على قدم المساواة هو جزء لا يتجزأ من حظر التمييز بموجب الاتفاقية على أساس العرق، واللون، والنسب، والأصل القومي أو الأصل العرقي. ويوسع مفهوم "التقاطع" نطاق "أسس" التمييز في الممارسة العملية، حيث تتناول اللجنة حالات تمييز مزدوجة أو متعددة الأوجه - من قبيل التمييز على أساس نوع الجنس أو الدين - عندما يتبيّن أن التمييز على هذا الأساس قائم بالاقتران مع أساس أو أسس التمييز الواردة في المادة 1 من الاتفاقية. ويشمل التمييز بمقتضى أحكام الاتفاقية التمييز المغرض أو المتعمد والتمييز الفعلي. ولا ينطوي التمييز ببساطة على "التفريق أو التهميش أو التقييد" غير المُبرر فحسب، ولكن أيضا على "تفضيل" غير مُبرر، مما يستدعي اهتمام الدول الأطراف بوجه خاص بال تمييز بين "التدابير الخاصة" و التفضيلات غير المبررة.

8- وفيما يخص المفهوم الأساسي ل لتمييز ، فقد لاحظت اللجنة في تعليقها العام رقم 30(2004) بشأن التمييز ضد غير المواطنين أن المعاملة التفضيلية "تشكّل نوعاً من التمييز متى لم تُطبق معايير هذا التفضيل المقيّمة من منظور مقاصد الاتفاقية وأغراضها، بموجب هدف مشروع، ولا تتناسب مع بلوغ هذا الهدف" ( ) . وكنتيجة منطقية لهذا المبدأ، تلاحظ اللجنة في توصيتها العامة رقم 14 بشأن الفقرة 1 من المادة 1 من الاتفاقية أن "التفريق في المعاملة لا يشكل تمييزاً، إذا كانت شرعية معايير هذا التفريق مقيّمة على أساس مقارنتها بمقاصد الاتفاقية وأغراضها" ( ) . ولا يعني مصطلح "عدم التمييز" المساواة في المعاملة بالضرورة عندما تكون هناك اختلافات كبيرة في الحالات بين شخص وآخر أو مجموعة وأخرى، أو بعبارة أخرى، إذا كانت المعاملة التفضيلية مشفوعة بما يبررها موضوعيا ومنطقيا. وتمثل معاملة الأشخاص والجماعات التي تختلف حالاتهم موضوعيا معاملة متساوية تمييزا فعليا، وكذلك الحال بالنسبة لعدم المساواة في معاملة الأشخاص الذين تتطابق حالاتهم من الناحية الموضوعية. وتلاحظ اللجنة أيضا أن تطبيق مبدأ عدم التمييز يقتضي أخذ خصائص الجماعات في الحسبان.

جيم - نطاق مبدأ عدم التمييز

9- وفقا لما يرد في الفقرة 1 من المادة 1 من الاتفاقية، فإن مبدأ عدم التمييز يحمي التمتع على قدم المساواة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية "في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو في أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة". وقائمة حقوق الإنسان التي ينطبق عليها هذا المبدأ بموجب الاتفاقية مفتوحة وتمتد لتشمل جميع ميادين حقوق الإنسان التي تنظمها السلطات العامة في الدولة الطرف. ولا تقيّد الإشارة إلى الحياة العامة نطاق تطبيق مبدأ عدم التمييز بحيث يقتصر على أعمال الإدارة العامة ولكن ينبغي أن يُقرأ في ضوء الأحكام الواردة في الاتفاقية التي تلزم كل دولة طرف باتخاذ تدابير لمعالجة التمييز العنصري الذي "يصدر عن أي شخص أو أي جماعة أو منظمة" ( ) .

10- والأحكام الواردة في الفقرة 4 من المادة 1 والفقرة 2 من المادة 2 المتعلقتين بالتدابير الخاصة، أحكام تتناول بمزيد من التفصيل والإسهاب مفهومي المساواة وعدم التمييز والالتزام المترتب على الدول الأطراف بتحقيق أغراض الاتفاقية.

ثالثاً - مفهوم التدابير الخاصة

ألف - الغرض من التدابير الخاصة: النهوض بمبدأ المساواة الفعالة

11- يرتكز مفهوم التدابير الخاصة إلى المبدأ القائل إن القوانين والسياسات والممارسات المعتمدة والمنفّذة من أجل الوفاء بالتزامات مقطوعة بموجب الاتفاقية تستدعي استكمالها، إن اقتضت الظروف ذلك، باعتماد تدابير خاصة مؤقتة معدة لغرض تأمين تمتع الفئات المحرومة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية بالكامل وبالتساوي. وتمثل التدابير الخاصة أحد العناصر المكونة لمجموعة الأحكام الواردة في الاتفاقية المكرسة لهدف القضاء على التمييز العنصري الذي يتطلب بلوغه بنجاح الإخلاص في تنفيذ أحكام الاتفاقية كافة.

باء - معنى التدابير الخاصة المستقل

12- يجوز النظر إلى تعبيري "تدابير خاصة" و"تدابير خاصة وملموسة" المستخدمين في الاتفاقية على أنهما متساويان في الوظيفة ولهما معنى مستقل يُفسّر في ضوء أحكام الاتفاقية ككل، قد يختلف عن استخدامهما في دول أطراف معيّنة. ويشمل أيضا تعبير "تدابير خاصة" تدابير قد توصف في بعض البلدان بأنها "تدابير إيجابية" أو "إجراءات إيجابية" أو "أفعال إيجابية" في حال مطابقتها لأحكام الفقرة 4 من المادة 1 والفقرة 2 من المادة 2 من الاتفاقية، مثلما هو موضّح في الفقرات التالية. وتمشيا مع الاتفاقية، فإن هذه التوصية تستخدم تعبير "تدابير خاصة" أو تعبير "تدابير خاصة وملموسة" وتشجّع الدول الأطراف على استخدام مصطلحات تبرز بوضوح علاقة قوانينها وممارساتها بهذين المفهومين الواردين في الاتفاقية. وتعبير "التمييز الإيجابي" متناقض تماما في سياق المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وينبغي تلافيه.

13- ويشمل مصطلح "تدابير" كامل مجموعة ا لصكوك التشريعية والتنفيذية والإدارية وتلك المتعلقة بشؤون الميزانية والصكوك التنظيمية الموضوعة على جميع مستويات أجهزة الدولة، وكذلك الخطط والسياسات والبرامج والأنظمة التفضيلية المستنبطة والمنفذة على أساس هذه الصكوك والمطبقة في مجالات مثل التوظيف والإسكان والتعليم والثقافة ومشاركة الفئات المحرومة في الحياة العامة. وينبغي أن تُدرج الدول الأطراف في نظمها القانونية، حسب الاقتضاء، أحكاما بشأن التدابير الخاصة من أجل الوفاء بالتزاماتها المقطوعة بموجب الاتفاقية، سواء أدرجتها بموجب تشريعات عامة أم تشريعات موجهة إلى قطاعات محددة في ضوء مجموعة حقوق الإنسان المشار إليها في المادة 5 من الاتفاقية ومن خلال ما أُشِير إليه أعلاه من خطط وبرامج وغيرها من المبادرات السياس ية على الص ُ عد الوطني والإقليمي و المحلي.

جيم - التدابير الخاصة وما يتصل بها من مفاهيم أخرى

14- التزام الدول الأطراف في الاتفاقية باتخاذ تدابير خاصة يختلف عن التزامها الإيجابي العام بتأمين تمتع الأشخاص والجماعات الخاضعة لولايتها القضائية بحقوق الإنسان والحريات الأساسية على أساس غير تمييزي؛ فهذا التزام عام نابع عن أحكام الاتفاقية بمجملها وهو مكمّل لجميع أجزاء الاتفاقية.

15- وينبغي ألا يُخلط بين التدابير الخاصة والحقوق الخاصة المتعلقة بفئات معينة من الأشخاص أو الجماعات، مثل حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات في التمتع بثقافاتهم الخاصة أو اعتناق دياناتهم وممارسة طقوسها واستخدام لغتهم الخاصة، وحقوق الشعوب الأصلية، بما فيها حقها في الأراضي التي شغلتها تقليديا، وحق المرأة في معاملتها بغير ما يُعامل به الرجل، من قبيل منحها إجازة الأمومة لاختلافها عن الرجل من الناحية البيولوجية ( ) . وهذه الحقوق ذات طابع دائم ومعترف بها على هذا النحو في صكوك حقوق الإنسان، بما فيها الصكوك المعتمدة في إطار الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة. وينبغي أن تلاحظ الدول الأطراف بعناية الاختلافات بين التدابير الخاصة وحقوق الإنسان الدائمة الطابع في قوانينها وممارساتها، والتي يشير ضمنا التمييز بينها إلى أنه يجوز للمؤهلين بالتمتع بالحقوق الدائمة أن يتمتعوا بمزايا التدابير الخاصة كذلك ( ) .

دال - شروط اعتماد التدابير الخاصة وتنفيذها

16- ينبغي أن تكون التدابير الخاصة مناسبة للحالة المقرر معالجتها، وأن تكون مشروعة وضرورية في مجتمع ديمقراطي، وأن تراعي مبدأي الإنصاف والتناسب، وأن تكون مؤقتة. وينبغي وضع التدابير وتنفيذها على أساس الحاجة المبنية على أسس إجراء تقييم واقعي للحالة الراهنة للأفراد والمجتمعات المعنية.

17- وينبغي إجراء التقييمات المتعلقة بمدى الحاجة إلى اتخاذ تدابير خاصة على أساس بيانات دقيقة مصنّفة بحسب العرق واللون والنسب والأصل العرقي أو الأصل القومي، وعلى أساس إدماج المنظور الجنساني والحالة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ( ) وظروف مختلف الجماعات السكانية ومستوى مشاركتها في تنمية البلد اجتماعيا واقتصاديا.

18- وينبغي أن تكفل الدول الأطراف اتخاذ وتنفيذ ال تدابير ال خاصة على أساس التشاور المسبق مع المجتمعات المحلية المتأثرة، ومشاركة هذه المجتمعات بنشاط في العملية.

رابعاً - أحكام الاتفاقية بشأن التدابير الخاصة

ألف - الفقرة 4 من المادة 1

19- تنص الفقرة 4 من المادة 1 من الاتفاقية على أنه "لا تعتبر من قبيل التمييز العنصري أية تدابير خاصة يكون الغرض الوحيد من اتخاذها تأمين التقدم الكافي لبعض الجماعات العرقية أو الإثنية أو لبعض الأفراد المحتاجين إلى هذا النوع من الحماية التي قد تكون لازمة لتضمن المساواة في تمتع هم بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو ممارستها، شر يطة ألا تؤدي تلك التدابير، كنتيجة لذلك، إلى إدامة قيام حقوق منفصلة تختلف باختلاف الجماعات العرقية، وشرط عدم استمرارها بعد بلوغ الأهداف التي اتخذت من أجلها".

20- وتوضح الفقرة 4 من المادة 1 من الاتفاقية باستخدامها عبارة " لا تعتبر من قبيل التمييز "، أن التدابير الخاصة التي تتخذها الدول الأطراف بموجب أحكام الاتفاقية لا تشكل تمييزا، وهو توضيح تعززه الأعمال التحضيرية للاتفاقية التي تسجل التغيير الذي حدث في الصياغة من "ينبغي ألا يعتبر تمييزا عنصريا" إلى "لا يعتبر تمييزا عنصريا ً ". وبناء على ذلك، فإن التدابير الخاصة لا تُستثنى من مبدأ عدم التمييز، بل هي جزء لا يتجزأ من معناه وهي ضرورية لمشروع ال اتفاقية المتمثل في القضاء على التمييز العنصري وصون كرامة الإنسان وتحقيق المساواة الفعلية.

21- ولكي تصبح التدابير الخاصة متوافقة مع أحكام الاتفاقية، فإنه يتعين ألا تشكّل تمييزاً عندما يكون "الغرض الوحيد" من اتخاذها هو تأمين المساواة في التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية. وينبغي أن يكون هذا الدافع واضحا من طبيعة هذه التدابير في حد ذاتها ومن الحجج التي تتذرع بها السلطات لتبرير التدابير والصكوك الموضوعة لغرض تنفيذ التدابير. وتقيّد الإشارة إلى تعبير "الغرض الوحيد" نطاق الدوافع المقبولة فيما يتعلق بالتدابير الخاصة المتخذة وفقا لأحكام الاتفاقية.

22- مفهوم "التقدم الكافي" الوارد في الفقرة 4 من المادة 1 يشير ضمناً إلى برامج موجهة نحو تحقيق أهداف معينة بقصد تخفيف ومعالجة أوجه التفاوت في التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي تؤثر على فئات معينة من الجماعات والأفراد ، وحمايتهم من التمييز. وتشتمل أوجه التفاوت هذه، على سبيل المثال لا الحصر، على فوارق مستمرة أو هيكلية وأوجه عدم مساواة فعلية ناجمة عن ظروف تاريخية لا تزال تحرم الضعيف من الفئات والأفراد من المزايا الأساسية اللازمة لبناء شخصية الإنسان بالكامل. وما من داع لإثبات التمييز " التاريخي " من أجل التحقق من أحد برامج التدابير الخاصة؛ وينبغي أن ينصب التركيز على تقويم أوجه التفاوت الحالية وعلى الحيلولة دون نشوء مزيد من حالات الخلل.

23- ويدل مصطلح "الحماية" في الفقرة نفسها على توفير الحماية من انتهاكات حقوق الإنسان الناشئة عن أي مصدر، بما فيها الأنشطة التمييزية التي يضطلع بها أشخاص عاديون، وذلك من أجل تأمين المساواة في التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية. ويشير أيضا مصطلح "الحماية" إلى أن التدابير الخاصة يمكن أن تنطوي على مهام وقائية (فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان) ووظائف لتقويم الخلل.

24- ورغم أن الاتفاقية تعيّن "الجماعات العرقية أو الإثنية أو الأفراد المحتاجين إلى حماية" (الفقرة 4 من المادة 1)، و"الجماعات العرقية أو للأفراد المنتمين إليها" (الفقرة 2 من المادة 2)، بوصفهم المستفيدين من التدابير الخاصة، فإنه يتعين من حيث المبدأ إتاحة هذه التدابير لأي جماعة أو أي شخص مشمول بأحكام المادة 1 من الاتفاقية، مثلما هو مبيّن بوضوح في الأعمال التحضيرية للاتفاقية، وكذلك من خلال ممارسات الدول الأطراف وما يتصل بها من ملاحظات ختامية للجنة ( ) .

25- والفقرة 4 من المادة 1 أوسع نطاقا من حيث التعبير من الفقرة 2 من المادة 2، حيث إنها تشير إلى الأفراد "المحتاجين ... إلى حماية" من دون الإشارة إلى انتمائهم للمجموعة الإثنية . غير أنه ينبغي أن تُفهم طائفة المستفيدين المحتملين من التدابير الخاصة أو المستهدفين بها المحتملين في ضوء هدف الاتفاقية العام المكرسة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، بالاقتران مع اتخاذ تدابير خاصة، عند الاقتضاء، بوصفها أداة أساسية لبلوغ هذا الهدف.

26- وتنص الفقرة 4 من المادة 1 على فرض قيود على الدول الأطراف في مجال استخدام التدابير الخاصة، وأولها شرط ألا تؤدي التدابير "إلى إدامة قيام حقوق منفصلة تختلف باختلاف الجماعات العرقية". وقد وُضِع هذا الحكم بنطاق ضيق للإشارة إ لى "جماعات عرقية"، وهو يدعو للتنبه إلى ممارسة الفصل العنصري التي تشير إليها المادة 3 من الاتفاقية، وتفرضها سلطات الدولة، وإلى ممارسات ال فصل العنصري المشار إليها في المادة نفسها وفي ديباجة الاتفاقية. ويجب التمييز بين مفهوم "الحقوق المستقلة" غير المقبولة و تلك التي يقبلها المجتمع الدولي ويعترف بها لتأمين وجود وهوية جماعات ك الأقليات والشعوب الأصلية وغيرها من فئات الأفراد ذات الحقوق المقبولة والمُعترف بها على نحو مماثل في إطار حقوق الإنسان العالمية.

27- أما ال ت قي ي د الثاني ل لتدابير الخاصة فهو " شرط عدم استمرارها بعد بلوغ الأهداف التي اتخذت من أجلها "، وهذا ال ت قي ي د المفروض على تطبيق التدابير إنما هو قيد يؤدي وظيفة أساسية وذو صلة ببلوغ أهداف معينة على النحو التالي: ينبغي التخلّي عن تطبيق التدابير عند تحقيق استدامة الأهداف التي اتخذت من أجلها - أهداف المساواة ( ) . ويختلف طول الفترة الزمنية المسموح بها لاستمرار التدابير باختلاف أهدافها، والوسائل المستخدمة لتحقيقها، ونتائج تطبيقها. وعليه، ينبغي التأني في صياغة التدابير الخاصة المتخذة لتلبية الاحتياجات الخاصة للجماعات أو الأفراد المعنيين.

باء - الفقرة 2 من المادة 2

28- تنص الفقرة 2 من المادة 2 من الاتفاقية على أن "تقوم الدول الأطراف عند اقتضاء الظروف ذلك، باتخاذ التدابير الخاصة والملموسة اللازمة في الميدان الاجتماعي والميدان الاقتصادي والميدان الثقافي والميادين الأخرى، لتأمين النماء الكافي والحماية الكافية لبعض الجماعات العرقية أو للأفراد المنتمين إليها، ب قصد ضمان تمتعها وتمتعهم التام المتساوي بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، ولا يجوز في أية حال أن يترتب على هذه التدابير استمرار أية حقوق متفاوتة أو مستقلة تختلف باختلاف الجماعات العرقية بعد بلوغ الأهداف التي اتخذت من أجلها".

29- والفقرة 4 من المادة 1 من الاتفاقية هي أساسا توضيح لمعنى التمييز عند تطبيقها على التدابير الخاصة، بينما تنقل الفقرة 2 من المادة 2 مفهوم التدابير الخاصة إلى مجال التزامات الدول الأطراف، جنبا إلى جنب مع نص المادة 2 ككل. ولا يخل الفارق الدقيق الذي يشوب استخدام المصطلحات في الفقرتين المذكورتين بانسجامهما الأساسي من حيث المفهوم والغرض.

30- ويشير استخدام الفعل "يتعين" فيما يتعلق باتخاذ التدابير الخاصة في الفقرة المذكورة إشارة واضحة إلى الطابع الإجباري للالتزام باتخاذ هذه التدابير، وهو طابع لا تقوضه إضافة العبارة "عند اقتضاء الظروف ذلك" التي ينبغي أن تُقرأ بوصفها توفر سياق تطبيق التدابير. ومبدئيا، فإن لهذه العبارة معنى موضوعيا فيما يخص التفاوت في تمتع الأشخاص والجماعات بحقوق الإنسان في الدولة الطرف، وما ينشأ عن ذلك من حاجة لتقويم هذا الخلل.

31- ولا يؤثر هيكل الدولة الطرف الداخلي الوحدوي أو الاتحادي أو اللامركزي على المسؤولية الملقاة على عاتقها بموجب الاتفاقية عند اللجوء إلى تدابير خاصة لضمان تطبيقها في جميع أنحاء إقليم الدولة. وفي حال كان هيكل الدولة اتحاديا أو لا مركزيا، فإن السلطات الاتحادية تكون مسؤولة دوليا عن وضع إطار لتطبيق التدابير الخاصة بشكل متسق في عموم أرجاء الدولة التي تكون فيها هذه التدابير ضرورية.

32- وبينما تستخدم الفقرة 4 من المادة 1 من الاتفاقية تعبير "تدابير خاصة"، فإن الفقرة 2 من المادة 2 تشير إلى تعبير "تدابير خاصة وملموسة". ولا تبرز الأعمال التحضيرية للاتفاقية أي تمييز بين التعبيرين اللذين تستخدمهما اللجنة عموما على أنهما مترادفان ( ) . وبعد مراعاة سياق المادة 2 بوصفها بيانا عاما للالتزامات المقطوعة بموجب الاتفاقية، فإن المصطلحات المستخدمة في الفقرة 2 من المادة المذكورة تعتبر مناسبة لسياقها في إطار التركيز على التزام الدول الأطراف باعتماد تدابير موضوعة خصيصا لتناسب الحالات التي يتعين علاجها، وقادرة على بلوغ أهدافها.

33- والإشارة الواردة في الفقرة 2 من المادة 2 فيما يتعلق ب هدف التدابير الخاصة المتمثل في تأمين "النماء والحماية الكافي ين " للجماعات والأفراد، يمكن مقارنتها ب استخدام مصطلح "التقدم" الوارد في الفقرة 4 من المادة 1. وتشير أحكام الاتفاقية إلى أنه ينبغي أن تعود التدابير الخاصة بالفائدة بشكل واضح على الجماعات والأفراد فيما يتعلق بتمتعهم بحقوق الإنسان. ميادين العمل الواردة في الفقرة - " الميدان الاجتماعي والميدان الاقتصادي والميدان الثقافي والميادين الأخرى" لا تشمل على قائمة حصرية في هذا المجال . ويمكن من حيث المبدأ أن تشمل التدابير الخاصة جميع مجالات الحرمان من حقوق الإنسان، بما فيها الحرمان من التمتع بأي حق من حقوق الإنسان المحمية صراحة أو ضمنا بأحكام المادة 5 من الاتفاقية. ومن الواضح في جميع الحالات أن الإشارة إلى القيود المفروضة على "النماء" تتعلق فقط ب حالة أو ظرف تمر بها الجماعات نفسها أو الأفراد أنفسهم، ولا تت ن اول أي سمة من سمات الأفراد أو الجماعات.

34- ويمكن أن يكون المستفيدون من التدابير الخاصة المتخذة بموجب الفقرة 2 من المادة 2 جماعات أو أفرادا ينتمون إلى هذه الجماعات. ويعد النهوض بمستوى المجتمعات وحمايتها بفضل التدابير الخاصة هدفا مشروعا يُصبى إلى بلوغه جنبا إلى جنب مع احترام حقوق الأفراد ومصالحهم. وينبغي أن يستند تحديد انتماء الفرد إلى جماعة ما إلى ت حديد الفرد المعني ل هويته بنفسه، ما لم يكن هناك مبرر يثبت عكس ذلك.

35- الأحكام المتعلقة بالقيود المفروضة على التدابير الخاصة في الفقرة 2 من المادة 2 مطابقة في جوهرها ل لأحكام الواردة في الفقرة 4 من المادة 1، مع مراعاة ما يقتضي ه اختلاف الحال . وينطوي الشرط القاضي بتحديد الفترة اللازمة لاتخاذ التدابير على الحاجة إلى إيجاد نظام يواظب على رصد تطبيق التدابير ونتائجها، مثلما هو الحال بالنسبة لوضع التدابير واستهلال تطبيقها، وذلك باللجوء عند الاقتضاء إلى وسائل التقييم الكمي والنوعي. وينبغي أيضا أن تتأنى الدول الأطراف في البت فيما إذا كان السحب المفاجئ للتدابير الخاصة سيخلف آثارا سلبية على تمتع المجتمعات المستفيدة بحقوق الإنسان، وخاصة إذا كانت هذه التدابير راسخة التطبيق لفترة طويلة من الزمن.

خامساً - توصيات للدول الأطراف بشأن إعداد التقارير

36- تعمل هذه التوجيهات بشأن مضمون التقارير على تأكيد وت وسيع نطاق التوجيهات المقدمة إلى الدول الأطراف في المبادئ التوجيهية المنسقة لتقديم التقارير بموجب المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك مبادئ توجيهية لتقديم وثيقة أساسية موحدة ووثائق خاصة بمعاهدات بعينها (الوثيقة HRI/MC/2006/3) والمبادئ التوجيهية للوثيقة الخاصة بلجنة القضاء على التمييز العنصري التي يتعين على الدول الأطراف تقديمها بموجب الفقرة 1 من المادة 9 من الاتفاقية (الوثيقة CERD/C/2007/1).

37- وينبغي أن تبيّن تقارير الدول الأطراف ال تدابير ال خاصة فيما يتعلق ب أي مادة من مواد الاتفاقية لها صلة بالتدابير. كما ينبغي أن تقدم التقارير معلومات، حسب الاقتضاء، عمّا يلي:

المصطلحات المطبّقة على التدابير الخاصة حسب فهمها في الاتفاقية

مبررات اتخاذ التدابير الخاصة، بما فيها البيانات الإحصائية ذات الصلة وغيرها من البيانات عن حالة المستفيدين العامة، ووصف موجز لكيفية نشوء أوجه التفاوت المطلوب معالجتها ، والنتائج المتوقع تحقيقها من تطبيق التدابير

المستفيدون المستهدفون بالتدابير

مجموعة المشاورات المعقودة من أجل اعتماد التدابير، بما فيها المشاورات المعقودة مع المستفيدين المستهدفين وفئات المجتمع المدني بصفة عامة

طبيعة التدابير والكيفية التي يمكن بموجبها أن تعزز النهوض بمستوى الجماعات والأفراد المعنيين وتطويرهم وحمايتهم

مجالات العمل أو القطاعات التي اعتُمِدت فيها تدابير خاصة

المدة المتوقعة لاتخاذ التدابير، إن أمكن

المؤسسات المسؤولة عن تنفيذ التدابير في الدولة

الآليات المتاحة لرصد التدابير وتقييمها

مشاركة الجماعات والأفراد المستهدفين في المؤسسات المنفذة وفي عمليات الرصد والتقييم

نتائج تطبيق التدابير، سواء كانت مؤقتة أم خلاف ذلك

خطط اعتماد تدابير جديدة ومبرراتها

معلومات عن الأسباب التي تقف وراء عدم اعتماد تدابير في حالات تبرر اعتمادها على ما يبدو.

38- وفي حال أصرّت الدول الأطراف على تحفظ يؤثّر على أحكام الاتفاقية بشأن اتخاذ تدابير خاصة، فإنها تُدعى إلى تقديم معلومات عن الأسباب التي تدعوها إلى النظر إلى هذا التحفظ على أنه ضروري وعن طابع التحفظ ونطاقه، وعن آثاره تحديدا فيما يتعلق بالقوانين والسياسات الوطنية وأية خطط رامية لتقييد نطاقه أو سحبه في غضون إطار زمني محدد. أما في الحالات التي تعتمد فيها الدول الأطراف تدابير خاصة برغم إبداء التحفظ، فإنها تُدعى إلى تقديم معلومات عن هذه التدابير بما يتمشى مع التوصيات الواردة في الفقرة 37 أعلاه.