الأمم المتحدة

CAT/C/44/D/356/2008

Distr.: Restricted *

3 June 2010

Arabic

Original: English

لجنة مناهضة التعذيب

الدورة الرابعة والأربعون

26 نيسان/أبريل - 14 أيار/مايو 2010

قرار

البلاغ رقم 356 /2008

المقدم من : ن.س . ( يمثله محام)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب الشكوى

الدولة الطرف : سويسرا

تاريخ تقديم الشكوى : 19 أيلول/سبتمبر 2008 (تاريخ الرسالة الأولى)

تاريخ صدور هذا القرار : 6 أيار/مايو 2010

الموضوع : خطر تعرض صاحب الشكوى للتعذيب في حالة ترحيله إلى تركيا

المسائل الإجرائية : لا توجد

المسائل الموضوعية : الترحيل إلى دولة أخرى مع وجود أس باب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه يمكن أن يتعرض للتعذيب

مواد الاتفاقية : 3

[مرفق]

مرفق

قرار لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره مـن ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (الدورة الرابعة والأربعون )

بشأن

البلاغ رقم 356 /2008

المقدم من: ن.س . (يمثله محام)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: سويسرا

تاريخ تقديم الشكوى: 19 أيلول/سبتمبر 2008 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن لجنة مناهضة التعذيب ، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،

وقد اجتمعت في 6 أيار/مايو 2010 ،

وقد فرغت من النظر في الشكوى رقم 356 /2008، التي قدّمها إلى لجنة مناهضة التعذيب ن.س . بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،

وقد أخذت في اعتبارها جميع المعلو مات التي أتاحها لها صاحب الشكوى والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي :

قرار بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القا سية أو اللاإنسانية أو المهينة

1-1 صاحب الشكوى ن.س ، هو مواطن تركي من أصل كردي من مواليد عام 1975. وقد التمس اللجوء السياسي في سويسرا بيد أن طلبه رُفض ويواجه الترحيل إلى تركيا. ويدعي أن سويسرا ستكون قد انتهكت التزاماتها بموجب المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة إذا قامت بترحيله قسراً. و يمثله محامٍ.

1-2 وعند إحالة البلاغ إلى الدولة الطرف في 29 أيلول/سبتمبر 2009، عملاً بالفقرة 3 من المادة 22 من الاتفاقية، طلبت منها اللجنة، وفقاً للفقرة 1 من المادة 108 من النظام الداخلي للجنة، عدم ترحيل صاحب الشكوى إلى تركيا ما دام بلاغه قيد النظر. وفي 3 تشرين الأول/أكتوبر 2008، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأنها اتخذت الإجراءات اللازمة لتنفيذ طلب التدابير المؤقتة الذي قدمته اللجنة.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

2-1 في 4 تشرين الأول/أكتوبر 1993، شهد صاحب الشكوى وابن عمه وصديق لهما هجوما تعرضت له قرية دالتيبي القريبة من مدينة سيرت في تركيا. وقد كانوا على جبل قريب من القرية بعد ظهر ذلك اليوم عندما شاهدوا جنودا بزيهم العسكري يقتربون من القرية. ويدعي صاحب الشكوى أن الجنود استبدلوا زيهم العسكري بملابس ترتديها عادة مجموعات حزب العمال الكردستاني. وعندما حلّ الظلام سمعوا أصوات أعيرة نارية وصراخ داخل القرية. ووفقاً لما ورد عن وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية، قُتل خلال هذه العملية ما بين 24 و33 شخصاً. وعلى النقيض مما ذكره صاحب الشكوى وصديقاه، فإن وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية نسبت الهجوم إلى جماعة متمردة.

2-2 وأخبر صاحب الشكوى وصديقاه سكان القرية بما شاهدوه، وتمثل رد فعل السلطات في اعتقاله لمدة أربعين يوماً. ويدعي أنه تعرض للتعذيب على أيدي أفراد الأمن أثناء الاحتجاز. وقال إنه تعرض لصب البلاستيك على رجليه وذراعيه بعد صهره، ولا تزال الندوب باقية ( ) . كما أُجبر على الوقوف على أمشاط قدميه ووضع ذقنه على فتحة في الجدار، وكان يتعرض وهو في هذا الوضع للضرب على رأسه بقضيب حديدي إلى أن يفقد الوعي. وأخيراً، يدعي أن أحد الجنود عصب عينيه واعتدى عليه جنسياً.

2-3 وخضع صاحب الشكوى للرقابة الأمنية بعد إطلاق سراحه. وقال إن أحد الشاهدين الآخرين اختفى أثناء تأديته الخدمة العسكرية ولا توجد معلومات عن مكان وجوده. أما الشاهد الثاني، وهو ابن عم صاحب الشكوى، فيُدعى أنه تعرض لضربة عنيفة على مؤخرة الرأس أثناء احتجازه وقد أُصيب باختلال عقلي؛ وقد أمضى حوالي سبع سنوات في السجن. ولهذه الأسباب مجتمعة، وخوفاً من الاعتقال والتعرض للتعذيب ثانيةً، قرر صاحب الشكوى الاختباء ورفض تأدية الخدمة العسكرية.

2-4 وفي عام 1994 أو 1995، انتقل إلى اسطنبول حيث مكث لمدة سبع سنوات دون أن يسجل نفسه وبلا عنوان دائم، وكان ينتقل من مكان إلى آخر ويعمل في قطاع البناء. وبعد مغادرته في عام 1994/1995 خضعت أسرته للمراقبة من قِبل قوات الأمن وتعرض أفراد أسرته للاستجواب لمعرفة مكان وجوده. ويزعم أن قوات الأمن افترضت أنه انضم إلى حزب العمال الكردستاني. كما يدعي أن السلطات أقدمت على تعذيب والده الذي توفي لاحقاً في عام 1997 بسبب الإصابات التي تعرض لها على حد قول صاحب الشكوى. ولهذا السبب، انتقلت والدته وإخوته وأخواته الأربع إلى اسطنبول.

2-5 ويضيف صاحب الشكوى أن عمه (والد ابن عمه الذي شهد معه هجوم عام 1993 على القرية) مات إثر مشاجرة غامضة مع اثنين من القرويين في تموز/يوليه 2003. ويدعي أن عمه كان أيضا تحت المراقبة الأمنية بعد هجوم عام 1993 وقد تعرض لمعاملة سيئة من قِبل أفراد قوات الأمن ( ) .

2-6 وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر 2002، غادر صاحب الشكوى تركيا، وقدم طلباً للجوء السياسي في سويسرا في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2002. ورفض المكتب الفيدرالي للهجرة ( ) طلب اللجوء في 16 حزيران/يونيه 2003 على أساس عدم المصداقية. وفي 18 آب/أغسطس 2008 رفضت المحكمة الإدارية الاتحادية الاستئناف الذي قدمه صاحب الشكوى بشأن قرار الرفض الصادر عن مكتب الهجرة.

2-7 ويشير صاحب الشكوى إلى أن المحكمة الاتحادية احتج ت بأمور منها أن تقارير المنظمات المستقلة العاملة في مجال حقوق الإنسان (كمنظمة العفو الدولية، ومؤسسة حقوق الإنسان في تركيا) قد نسبت الهجوم إلى حزب العمال الكردستاني، على النقيض من مزاعم صاحب الشكوى. ويقول إن ليس هناك ما يضمن صحة المعلومات الواردة عن المنظمات غير الحكومية، علاوة على أنه بات من المعروف أن هناك عددا متزايدا من الأحداث التي وقعت على مر السنين في إطار العمليات السرية لقوات الأمن خارج نطاق تسلسل القيادة ( ) .

2-8 ويضيف صاحب الشكوى أنه لا توجد، وفقاً للمحكمة الفيدرالية، معلومات مفصلة عن حالة ابن عمه وصديقهما أو عن وفاة والده. كما خلصت المحكمة الاتحادية إل ى أن السلطات لم تكن مسؤولة عن وفاة عم صاحب الشكوى، وعليه فإن الوفاة لا صلة لها بالقضية. وأوضح صاحب البلاغ أنه لم يتمكن من تقديم معلومات داعمة (1) نظراً لاختفاء صديقه أثناء تأدية الخدمة العسكرية وعدم وجود معلومات عن مكانه؛ (2) وأنه لم يشهد التعذيب الذي تعرض له والده وإنما علم بذلك من أقربائه؛ (3) وقال إن بحوزته إفادة من شخص مُنح حق اللجوء في سويسرا في عام 2006 يؤكد فيها أنه أمضى حوالي ثلاث سنوات في السجن الذي كان به ابن عم صاحب الشكوى (الذي شهد هجوم عام 1993 على القرية)؛ ويشير صاحب الشكوى بصورة خاصة إلى أن الشخص المعني يتذكر الحالة النفسية والبدنية السيئة التي كان عليها ابن عمه في السجن؛ (4) وهناك شكوك بشأن وفاة عمه لأنه أُخذ إلى أحد مخافر الشرطة وتوفي أثناء نقله إلى المستشفى.

2-9 كما يقول صاحب الشكوى إن المحكمة الاتحادية أشار ت أخيراً إلى طول الفترة الزمنية بين الهجوم على القرية (1993) ووفاة والده (1997) من جهة، ومغادرته إلى سويسرا في عام 2002 من جهة أخرى. وأخيراً، اعتبرت المحكمة أنه لن يواجه أية مخاطر أثناء تأديته المزعومة للخدمة العسكرية في تركيا مستقبلاً. ويدعي صاحب البلاغ أن السلطات السويسرية لم تأخذ في الحسبان تدني مستواه التعليمي ويقول إنه لم يُبلّغ على وجه التحديد بأسباب إطلاق سراحه في عام 1993، ولا يعلم ما إذا كان ذلك بأمر من محكمة. وقال إنه سيواجه مشاكل في تركيا. كما أدعى أنه سيكون من المشبوهين في نظر السلطات بسبب التعذيب الذي تعرض له في عام 1993 وتعاطفه مع القضية الكردية والفترة الطويلة التي أمضاها متخفياً وغيابه عن البلد. ويزعم أن التعذيب يُمارس على نطاق واسع في تركيا حالياً ضد الأشخاص المشتبه في انضمامهم لحزب العمال الكردستاني. علاوة على أنه لن يجد أي حماية من الاضطهاد في حال انخراطه في الجيش لتأدية الخدمة العسكرية.

2-10 ويرى صاحب البلاغ، بشكل عام، أن السلطات السويسرية لم تدرس كافة الأدلة المقدمة في قضيته، بل ركزت على عناصر محددة أُعلن أنها غير كافية. كما أن السلطات لم تدرس بصورة كافية ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بتعرضه للتعذيب مع أنه سردها بقدر كبير من التفصيل. وبالرغم من أن الندوب الناتجة عن التعذيب لا تزال موجودة، لم يقم أحد من مكتب الهجرة أو المحكمة الاتحادية بفحصه ا أو تقديم تعليقات بشأنها.

الشكوى

3- يدعي صاحب الشكوى أن ترحيله قسراً إلى تركيا سيشكل انتهاكا من جانب سويسرا لالتزاماتها بموجب المادة 3 من الاتفاقية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 قدمت الدولة الطرف ملاحظات ها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية في مذكرة شفوية مؤرخة 13 آذار/مارس 2009. وتشير فيها إلى وقائع القضية وتلاحظ أن صاحب الشكوى قدم إلى اللجنة، باستثناء أمر واحد، ذات الادعاءات التي تلقتها ونظرت فيها سلطات اللجوء السويسرية والمحكمة الإدارية الاتحادية. والعنصر الجديد هو رسالة تحمل توقيع شخص يدعي أنه وأحد أبناء عمومة صاحب الشكوى كانا في سجن واحد.

4-2 وتؤكد الدولة الطرف أن قرارات سلطات اللجوء التابعة لها سليمة وقانونية. فقد تبيّن المكتب الاتحادي للجوء أن ادعاءات صاحب الشكوى تفتقر للمصداقية ومتضاربة. ولاحظ أنه لم يقدم معلومات موثقة توضح الإجراءات القضائية التي أدت إلى إطلاق سراحه في عام 1993، مع أن السلطات السويسرية طلبت منه مراراً تقديم الأدلة المتعلقة بهذه المسألة. أما العنصر الثاني الذي يضعف مصداقية صاحب الشكوى فهو تصرفاته التي لا يمكن توقعها من شخص كان مطلوبا للشرطة في اسطنبول وسيريت وأنقرة وأزمير. ورأى المكتب الاتحادي للجوء أن من المثير للحيرة أن صاحب الشكوى سافر إلى اسطنبول للعيش فيها متخفيا لمدة سبع سنوات، كما رأى أن حديثه عن أنه أراد توفير المال اللازم للهروب من البلد غير مقنع. ووجد المكتب تناقضات أخرى فيما يتعلق بسرد صاحب الشكوى للوقائع. فقد ادعى في المقابلة الثانية أنه اعتُقِل وتعرض للتعذيب كل يومين أو ثلاثة أيام بعد إطلاق سراحه وبعد انتهاء الإجراءات القضائية المذكورة أعلاه. وادعي في الوقت ذاته، أثناء المقابلة الأولى، أنه اعتُقِل في المرة الأولى بعد الإجراءات القضائية ثم جرى اعتقاله للمرة الثانية بعد شهر تقريبا من هذه الإجراءات.

4-3 ووفقاً للدولة الطرف، فإن المحكمة الإدارية الاتحادية لم تؤيد استنتاجات المكتب الاتحادي للجوء فحسب، بل أشارت إلى العديد من المصادر المستقلة التي تناولت الأحداث التي يدعي صاحب الشكوى أنه كان شاهدا عليها. ولم تشر المحكمة، فيما أشارت إليه، إلى تقرير منظمة العفو الدولية (http://asiapacific.amnesty.org/library/pdf/EUR440841996ENGLISH/$File/EUR4408496.pdf; p.25)، الذي ينسب هجوم عام 1993 على القرية إلى حزب العمال الكردستاني، مما يتعارض مع ادعاءات صاحب الشكوى. وأكدت المحكمة أنه لم يقدم أي دليل يتعلق بالإجراءات القضائية التي أدت إلى إطلاق سراحه.

4-4 وقامت المحكمة الإدارية الاتحادية أيضا بتقييم بقية ادعاءات صاحب الشكوى. وفيما يتعلق بخوفه من الالتحاق بالجيش لتأدية الخدمة العسكرية، تلاحظ المحكمة أن المشكلات التي واجهت معارفه في هذا الصدد لا صلة لها بالقضية موضوع البلاغ. وفيما يتصل بالعقوبات التي يفترض أنه سيتعرض لها بسبب الفرار من تأدية الخدمة العسكرية، لاحظت المحكمة أن صاحب البلاغ لم يدع قط أنه تلقى استدعاءً للانخراط في الجيش.

4-5 ورأت المحكمة الإدارية أن مسألة وفاة والده أو عمه لا تشير إلى أن صاحب الشكوى يواجه خطر التعرض للاضطهاد. فقد بقي لمدة سنتين في اسطنبول قبل وفاة والده، وتوفي عمه متأثرا بالجروح التي أُصيب بها أثناء مشاجرة مع اثنين من القرويين جرى اعتقالهما لاحقاً. وثمة عوامل تدعم عدم وجود خطر تعرضه للاضطهاد: فوفاة والده حدثت بعد مرور أربع سنوات على هجوم عام 1993؛ ولم يواجه صاحب الشكوى أي مشكلات مع السلطات أثناء إقامته في اسطنبول؛ كما أن والدته وإخوانه وأخواته تم تسجيلهم رسميا في اسطنبول حيث أقاموا بعد وفاة والده.

4-6 وتشير الدولة الطرف إلى التعليق العام رقم 1 ( ) الصادر عن اللجنة، وتلاحظ أن المادة 3 من الاتفاقية تمنع الدول الأطراف من ترحيل شخص إلى دولة أخرى إذا كانت هناك أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيواجه خطر التعرض للتعذيب . وتذكر أيضا أن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة والصارخة والجماعية لحقوق الإنسان لا يمثل سببا كافيا يدعو إلى استنتاج أن شخصا ما قد يتعرض للتعذيب عند ترحيله إلى بلده، ولا بد من وجود أسباب أخرى تجعل احتمال التعرض للتعذيب "حقيقياً وشخصياً وواقعياً "، لأغراض الفقرة 1 من المادة 3؛ كما ينبغي أن يكون الخطر كبيراً.

4-7 وتشير الدولة الطرف إلى أن الفقرة 8 من التعليق العام تقتضي جملة أمور منها مراعاة المعلومات التالية حال تقييم المخاطر المترتبة على ترحيل شخص ما: المعلومات المتعلقة بالتحولات التي طرأت على الوضع الداخلي في الدولة التي يُرحل إليها؛ ادعاءات تعرض صاحب الشكوى للتعذيب في الماضي القريب والمعلومات الواردة من مصادر مستقلة في هذا الصدد؛ والأنشطة السياسية لصاحب الشكوى داخل وخارج بلده الأصلي؛ والأدلة التي تبين مصداقيته؛ ومدى عدم اتساق الوقائع الواردة في البلاغ.

4-8 وتشير الدولة الطرف إلى أن تقييم ما إذا كانت هناك أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب الشكوى سيواجه خطر التعرض للتعذيب في حالة ترحيله قسراً يستوجب أن تضع اللجنة في الحسبان جميع الاعتبارات، وبخاصة الأدلة التي تثبت وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة والصارخة والجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المتلقية. ولا بد أن يكون صاحب الشكوى معرضا شخصيا لخطر التعذيب. وعليه، فإن مجرد وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة والصارخة والجماعية لحقوق الإنسان لا يمثل سببا كافيا يدعو إلى الاعتقاد بأن شخصا ما قد يتعرض للتعذيب في الدولة المتلقية. وتشير الدولة الطرف إلى ضرورة وجود أسباب إضافية.

4-9 وتذكّر الدولة الطرف بأن اللجنة سبق و أ ن تعاملت مع عدد من حالات الترحيل القسري إلى تركيا. وتلاحظ أن اللجنة خلصت إلى أن المشكلات التي تواجه حقوق الإنسان في هذا البلد تتعلق بمناصري حزب العمال الكردستاني الذين يتعرضون في كثير من الأحيان للتعذيب بواسطة السلطات، بيد أن هذه الممارسة لا تقتصر على منطقة بعينها. والحالات التي خلصت فيها اللجنة إلى أن أصحاب الشكاوى يواجهون شخصيا خطر التعرض للتعذيب، قد ثبت فيها أن الأشخاص المعنيين هم من الناشطين السياسيين في حزب العمال الكردستاني، وأنهم تعرضوا للاعتقال والتعذيب قبل فرارهم من تركيا، وأن الادعاءات التي قدموها دُعمت من مصادر مستقلة، كتقديم شهادات طبية. كما تلاحظ الدولة الطرف أن اللجنة سبق وأن خلصت، في قضيتين ضد سويسرا، إلى أن أصحاب تلك الشكاوى لا يواجهون خطرا حقيقيا بالتعرض للتعذيب إذا تم ترحيلهم إلى تركيا ( ) .

4-10 وتقول الدولة الطرف أن المحكمة الإدارية الاتحادية والمكتب الاتحادي للجوء نظرا في ادعاءات صاحب الشكوى بشأن الهجوم على قرية دارتيبي كويو ، والمضايقات التي تعرض لها وإساءة المعاملة والتعرض للاعتقال والاحتجاز، وتبينا أن هذه الادعاءات تفتقر إلى المصداقية. علاوة على أن صاحب الشكوى لم يتعرض قط للاضطهاد ولم يواجه أي مشكلة مع السلطات.

4 -11 كما تلاحظ الدولة الطرف زعم صاحب البلاغ أن الندوب الموجودة على جسده تدل على صحة ادعاءاته. وتقول إن هذه الندوب في حد ذاتها لا تثبت أنه تعرض للتعذيب. ورأت المحكمة الإدارية أن الادعاءات تفتقر إلى المصداقية. فهذه الندوب قد تكون ناتجة عن سبب آخر، نحو حادث سير أو عمل. وتشير على أنه لم يقدم أي دليل طبي يثبت تعرضه للإيذاء.

4 -12 ووفقاً للدولة الطرف، فإن صاحب الشكوى يحاول في بلاغه تكذيب المصادر المستقلة التي اعتمدت عليها المحكمة الإدارية. ومع ذلك، فهو لم يقدم حتى الآن تقرير حزب الشعب الديمقراطي الذي يقول إنه يؤكد روايته لكيفية وقوع الهجوم على القرية. علاوة على عدم وجود مصادر مستقلة تؤكد تلك الرواية. وليس هناك ما يثبت الادعاء الجديد الذي قدمه ومفاده أن اثنين من المحامين الأتراك علموا مؤخرا أن المحفوظات الخاصة بالمنظمتين العاملتين في مجال حقوق الإنسان لا تشتمل على معلومات تتعلق بالهجوم على قرية دالتيبي كويو .

4-13 وأشار تقرير المؤسسة التركية لحقوق الإنسان لعام 1993 إلى أن الهجوم المذكور أدى إلى تدمير 25 من منازل حراس القرية ومقتل تسعة من الحراس. وعليه، لا يمكن استنتاج أن الجيش هو الذي قام بشن الهجوم. وتقول الدولة الطرف إنها لا تفهم كيف يمكن لكيانات سرية و/أو أنشطتها التأثير على الاستنتاجات التي توصلت إليها منظمات متمرسة ومستقلة ومحايدة تعمل في مجال حقوق الإنسان. وعلاوة على ذلك، ووفقا للدولة الطرف، لم يتمكن صاحب الشكوى من توضيح كيفية تورط هذه الكيانات في الهجوم على قرية داليتي كويو واضطهاده المزعوم.

4-14 وأكد صاحب الشكوى في الاستئناف الذي قدمه إلى المحكمة الإدارية أن الشرطة اعتقلت عمه عندما سعى إلى الحصول على معلومات تدعم طلب اللجوء الذي قدمه. ويقول إن عمه تعرض للمعاملة السيئة أثناء احتجازه وتوفي متأثراً بجراحه. وفي الوقت ذاته، أكد صاحب الشكوى في هذا البلاغ أن عمه توفي بعد مشاجرة غامضة مع اثنين من القرويين وقعت في تموز/يوليه 2003. وهذه الرواية الجديدة تتعارض بشكل واضح مع تلك التي قدمها إلى المحكمة الإدارية.

4-15 وتوافق الدولة الطرف موافقة تامة على استنتاجات المكتب الاتحادي للجوء والمحكمة الإدارية فيما يتعلق بعدم مصداقية ادعاءات صاحب الشكوى. وتقول الدولة الطرف إن إفادته لا تشير إلى وجود أسباب قوية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيتعرض للتعذيب إذا تم ترحيله قسراً. فالإفادات غير المتسقة التي قدمها، على نحو ما ذُكر أعلاه، تتعلق بنقاط جوهرية في هذا البلاغ.

4-16 وعليه، تخلص الدولة الطرف إلى عدم وجود ما يدل على أن هناك أسبابا قوية تدعو إلى الخوف من تعرضه شخصيا للتعذيب في تركيا. فالادعاءات التي قدمها لا تثبت أن عودته ستعرضه لخطر التعذيب بصورة حقيقية وشخصية ومتوقعة ، وترحيله قسراً لا يشكل انتهاكاً من جانب الدولة الطرف لالتزاماتها بموجب الاتفاقية.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف

5- 1 قدم صاحب الشكوى تعليقاته في 20 أيار/مايو 2009. وهو يدعي، أولاً، أن سجنه كان " خارج إطار القانون " . فالسلطات التركية لم " تنظر في حقوقه " ولم تكن هناك أية إجراءات قضائية، وليس لديه بالتالي وثائق قضائية.

5-2 وقال إن بقاءه في اسطنبول لمدة سبع سنوات قبل مغادرته لا تثبت شيئاً، فكثير من اللاجئين يبقون داخل تركيا قبل خروجهم منها، ولا يمكن لأحدهم ترك أسرته من أجل جمع المال اللازم للفرار من البلد. ويدعى أن من هم في مثل حالته يعيشون متخفين لسنوات قبل مغادرة البلد، وحقيقة أنه لم يتعرض لمشكلات مع السلطات أثناء فترة اختفائه في اسطنبول لا تعني شيئاً. وعلاوة على ذلك، فإن أفراد أسرته لم يُسجلوا أنفسهم بشكل رسمي في اسطنبول إلا بعد مغادرته.

5-3 ويضيف قائلاً إن تضارب المعلومات التي قدمها خلال المقابلتين الأولى والثانية في سويسرا يعود إلى أن محضر المقابلة الأولى الوجيزة للغاية لم يكن دقيقاً. فإذا قال إنه اعتُقل ثانيةً وتعرض للتعذيب بعد شهر من اعتقاله في المرة الأولى، فإن ذلك لا يعني أنه لم يتعرض للاعتقال بين هاتين المرتين. علاوة على أنه لم يُسأل خلال المقابلة الأولى عن عدد مرات الاعتقال على وجه الدقة.

5-4 وفيما يتعلق بتأدية خدمته العسكرية، يدعي أن السلطات اتصلت على والدته بهذا الشأن لكنها رفضت استلام أمر الاستدعاء الموجه إليه ( ) .

5-5 ويرى صاحب الشكوى، خلافاً لتأكيدات الدولة الطرف، أن وفاة والده بعد أربع سنوات من الهجوم على قرية داليتي كويو يمثل إشارة إلى أن صاحب الشكوى يواجه خطرا بالرغم من الفترة الزمنية التي انقضت.

5-6 وفيما يتعلق بالندوب التي تركها التعذيب على جسده، يوافق على أنها قد تكون ناتجة عن سبب آخر، بيد أن من الصعب تقديم أدلة مقبولة بالنظر إلى طول الفترة الزمنية، ويمكن استنتاج أنها ناجمة عن التعذيب إذا أُخذت تأكيداته في الاعتبار ( ) .

5-7 ويضيف صاحب الشكوى أن رفض طلب اللجوء الذي قدمه إلى سويسرا قد أصابه بضغوط نفسية كبيرة لدرجة أنه أصبح بحاجة لمساعدة نفسانية، وأنه يتلقي العلاج لدى طبيب أمراض نفسية لأكثر من نصف سنة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2008 ( ) .

5 -8 كما يلاحظ صاحب البلاغ أن السلطات التركية حظرت حزب الشعب الديمقراطي في عام 1997، وخلفه الحزب الديمقراطي الشعبي الذي حظرته الحكومة أيضا في عام 2005. ولا يمكن الحصول على وثائق منهما نظرا لمصادرة المحفوظات الخاصة بهذين الحزبين ( ) .

5-9 وأخيراً، يدعي صاحب الشكوى، فيما يتعلق بوفاة عمه، عدم وجود تعارض في الإفادات التي أدلى بها . فالمعلومات المتعلقة بالمشاجرة الغامضة التي دخل فيها مع القرويين أُخذت بشكل مباشر من تقرير الشرطة المتعلق بهذا الأمر ( ) . وأكد أن عمه مات بعد أن حاولت السلطات الحصول منه على معلومات عن مكان وجود صاحب الشكوى.

5-10 وفي 18 حزيران/يونيه 2009، قدم صاحب الشكوى نسخة من تقرير طبي عن حالته الصحية أعده طبيب نفسي في 3 حزيران/يونيه 2009. ويرد في التقرير أنه يعاني من صدمة شديدة وتنتابه نوبات ذعر ومصاب باكتئاب شديد ويعاني من ال اضطرابات ال نفسية ال لاحقة للصدمات، وأن حالته قد تدهورت بشكل كبير ( ) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6- قبل النظر في أي إدعاء يرد في بلاغ ما، يجب على لجنـة مناهضـة التعذيـب، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تأكـدت اللجنـة، وفقـاً لما تقتضيـه الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تبحث ولا يجري بحثها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى استنفد سبل الانتصاف المحلية وأن الدولة الطرف لا تعترض على المقبولية . وعليه، تعتبر اللجنة أن الشكوى مقبولة وتشرع في النظر في أسسها الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 تتمثل المسألة المعروضة على اللجنة فيما إذا كانت إعادة صاحب الشكوى إلى تركيا تشكل انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف بموجب المادة 3 من الاتفاقية التي تقضي بعدم طرد أي شخص أو إعادته إلى دولة أخرى إذا كانت هناك أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيواجه خطر التعرض للتعذيب.

7-2 و عند تقييم ما إذا كانت هناك أسب اب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب الشكوى سيواجه خطر التعرض للتعذيب إذا أُعيد على تركيا، يج ب على اللجنة أن تأخذ في ال حسبان جميع الاعتبارات ذات الصلة ، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. بيد أن الهدف من هذا التحليل هو إثبات ما إذا كان الشخص المعني سيواجه شخصياً خطر التعر ض للتعذيب في البلد الذي سيُعاد إليه. وتشدد اللجنة على أن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل بحد ذاته سبباً كافياً للجزم بأن شخصاً معيناً سيكون عرضةً للتعذيب لدى عودته إلى ذلك البلد؛ إذ يجب أن تكون هناك أسباب إضافية تبين أنه سيتعرض للخطر شخصياً. وعلى النقيض من ذلك ، فإن عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات ا لجسيمة لحقوق الإنسان لا يعني أن شخصاً ما لا يمكن أن يكون معر َّ ضاً لخطر التعذيب بحكم ظروفه الخاصة.

7-3 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام على تنفيذ المادة 3 الذي جاء فيه أن "خطر التعرض للتعذيب يجب تقييمه على أسس تتجاوز مجرد النظرية والشك. ومع ذلك لا يلزم أن يكون الخطر " محتملاً للغاية " (A/53/44، المرفق التاسع، الفقرة 6)، ولكن يجب أن يكون شخصياً وقائماً حالياً. وفي هذا الصدد، رأت اللجنة في قرارات سابقة أن خطر التعرض للتعذيب يجب أن يكون حقيقيا وشخصيا ومتوقعا ( ) . وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أنها ستعطي وزنا كبيرا، عند ممارستها لاختصاصاتها بموجب المادة 3 من الاتفاقية، لتقصي الحقائق التي قدمتها أجهزة الدولة الطرف المعنية.

7-4 وفي القضية الحالية، ترى اللجنة أن الوقائع، على النحو الذي قُدمت به ، لا تمكنها من استنتاج أن صاحب الشكوى سيواجه خطر التعرض للتعذيب بصورة شخصية ومتوقعة وقائمة وحقيقية إذا أُعيد إلى تركيا. وبالوصول إلى هذا الاستنتاج، لاحظت اللجنة أن الهجوم الذي تعرضت له القرية، وهو السبب الأساسي لملاحقة السلطات له على حد زعمه، قد حدث في عام 1993، أي قبل فترة طويلة، ولم يوضح بما يكفي صلة ذلك الهجوم بوضعه الراهن. كما تشير إلى ادعاءاته المتعلقة بتعرضه للتعذيب في عام 1993 وعدم تمكنه من تقديم شهادات طبية تثبت صحة ذلك. وتشير أيضا إلى ادعاءاته المتعلقة بتعرض والده وعمه للاضطهاد من قِبل السلطات لإجبارهما على الكشف عن مكانه، وأنهما قد توفيا نتيجة لذلك، بيد أنها تلاحظ أن أفراد أسرته الآخرين، بمن فيهم صاحب الشكوى نفسه، قد عاشوا في اسطنبول لسنوات عديدة عقب الهجوم المزعوم على القرية في عام 1993. ولاحظت اللجنة أيضا زعمه أنه سيواجه خطر الاستدعاء لتأدية الخدمة العسكرية وأنه لن يجد الحماية في الجيش، بيد أنه لم يقدم ما يكفي من الأدلة ذات الصلة التي يمكن أخذها في الحسبان عند تقييم المخاطر في إطار هذه القضية.

7 -5 وأشارت اللجنة أخيرا إلى استنتاجات الطبيب النفسي التي قدمها صاحب الشكوى بعد تسجيل بلاغه. وترى اللجنة أن معاناته من مشكلات نفسية في الوقت الراهن، وفقاً لما ذكره الطبيب، لا تمثل في حد ذاتها سببا كافيا لتبرير التزام الدولة الطرف بعدم ترحيله إلى تركيا.

7- 6 وفي ضوء ما سبق، فإن اللجنة غير مقتنعة بأن الوقائع، على نحو ما عُرضت، كافية لاستنتاج أن صاحب الشكوى سيواجه خطر التعرّض للتعذيب بصورة شخصية وحقيقية ومتوقعة إذا أُعيد إلى تركيا . وعليه، تخلص اللجنة إلى أن إعادته إلى ذلك البلد لا يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.

8 - إن لجنة مناهضة التعذيب، إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ترى أن قيام الدولة الطرف بترحيل صاحب الشكوى إلى تركيا لن يشكل خرقاً للمادة 3 من الاتفاقية.

[اعت ُ مد بالإسبانية والإنكليزية والروسية والفرنسية، علماً بأن النص الإنكليزي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً باللغتين الصينية والعربية كجزء من تقرير اللجنة السنوي إلى الجمعية العامة.]