الأمم المتحدة

CRC/C/83/D/23/2017

ا تفاقي ـ ة حقوق الطفل

Distr.: General

16 March 2020

Arabic

Original: English

لجنة حقوق الطفل‏

قرار اعتمدته اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق بإجراء تقديم البلاغات، بشأن البلاغ رقم 23/2017 * ** ***

بلاغ مقدم من: م . ه . (يمثله المحامي ماريو رانتالا )

الشخص المدعى أنه الضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: فنلندا

تاريخ تقديم البلاغ: 29 آذار/مارس 2017 (تاريخ الرسالة الأولى)

تاريخ اعتماد القرار: 3 شباط/فبراير 2020

الموضوع: إخضاع رضيع للختان لأسباب غير طبية

المسائل الإجرائية: المسألة ذاتها؛ وعدم القبول من حيث الاختصاص الزمني والاختصاص الموضوعي ؛ واستنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ وتدعيم الشكوى بالأدلة

المسائل الموضوعية: مصالح الطفل الفضلى؛ والتمييز على أساس الجنس والعرق والانتماء الإثني؛ وحرية الرأي؛ والتدخل في الخصوصية؛ حماية الطفل من جميع أشكال العنف أو إساءة المعاملة؛ والحق في الصحة

مواد الاتفاقية: 2 و 3 و 16 و 19 و 24 ( 3 )

مواد البروتوكول الاختياري: 7 (ج)-(ز)

1- صاحب البلاغ هو م . ه . ، وهو مواطن فنلندي نيجيري مولود في 16 حزيران/ يونيه 2009 . وهو يدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المواد 2 و 3 و 16 و 19 و 24 ( 3 ) من الاتفاقية . ويمثله محام . وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في 12 شباط/فبراير 2016 .

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

1-2 وُلد صاحب البلاغ في فنلندا من أم فنلندية وأب نيجيري كاثوليكي . ونشأ في فنلندا . وكان والداه متزوجين من عام 2005 إلى عام 2011 . وخلال تلك الفترة، تقاسما حضانة صاحب البلاغ .

2-2 وأراد والد صاحب البلاغ ختانه بسبب خلفيته الثقافية في حين عارضت والدته بشدة هذه الطقوس . وفي 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 ، عندما كان عمر صاحب البلاغ أربعة أشهر، وبينما كانت الأم بعيدة، دعا الأب طبيباً، هو الدكتور أ . إلى بيت الأسرة لإجراء بتر في الأعضاء التناسلية لصاحب البلاغ . ويُزعم أن الدكتور أ . لم يطلب تأكيداً كتابياً لموافقة الأم، ولم يكن على علم بالحالة الصحية لصاحب البلاغ، ولم يشرح للأب مخاطر أو عواقب بتر الأعضاء التناسلية، ولم يصدر وثيقة طبية بعد العملية . وعلاوة على ذلك، لم تعدّ أي وسيلة للإنعاش في حال فشل العملية . وبُتر العضو التناسلي على طاولة غرفة المعيشة . وأثناء العملية، أمسك الأب ساقي صاحب البلاغ بينما قام الدكتور أ . بإعطائه مخدر اً موضعي اً وشرع في بتر العضو التناسلي . وعندما وصلت الأم إلى المنزل في ذلك المساء وعلمت بالعملية، غادرت الشقة مع صاحب البلاغ . واتصلت برقم الطوارئ ونُقل صاحب البلاغ إلى المستشفى . ولاحظ الطبيب الذي فحصه أن الضمادة حول قضيب صاحب البلاغ كانت ضيقة جداً وأن الجرح كان خشناً وفيه بعض الخدوش . وقد أُعطي صاحب البلاغ أدوية لتسكين الألم وظل تحت المراقبة في المستشفى إلى غاية 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 .

3-2 ورفعت والدة صاحب البلاغ دعوى على الوالد والدكتور أ .. ووجه إليهما المدعي العام تهمة الاعتداء المشدد ( ) ، إذ بُتر العضو التناسلي بسكين حاد، واعتُبر البتر لا رجعة فيه، ما تسبب في إصابة بدنية دائمة لطفل أعزل . وعلاوة على ذلك، فقد أجريت العملية دون موافقة الوصي الآخر لصاحب البلاغ .

2-4 وأحال المدعي العام القضية إلى محكمة هلسنكي المحلية، مطالباً بتعويض قدره 200 8 يورو . وفي 2 آذار/مارس 2012 ، أدانت المحكمة المحلية الأب بالاعتداء ( ) عن طريق وكيل وحكمت عليه بغرامة قدرها 168 يورو بالإضافة إلى 200 يورو على سبيل التعويض لصاحب البلاغ . ولاحظت المحكمة المحلية عدم وجود تشريعات وطنية تنظم الختان . واعتبرت أنه على الرغم من عدم وجود سبب طبي للختان، فإنه جزء من ثقافة الأب ودينه، وهما سببان مقبولان، وفقاً لقضاء المحكمة العليا لفنلندا ( ) . واستمعت المحكمة المحلية إلى الدكتور أ . وإلى خبيرين طبيين . ولاحظت أن الختان قد أُجري على الطاولة وأن الطفل تلقى مخدر اً موضعي اً ومادة الإيبوبروفين . ولاحظت أيضاً أن الدكتور أ . أجرى عمليات مماثلة على مدى أكثر من 30 عاماً، لأنه لا يمكن الحصول عليها في المراكز الصحية العامة أو الخاصة . وشهد الخبراء الطبيون بأن العملية قد أجريت على نحو ملائم ولكن البيئة التي أجريت فيها (في المنزل) لم تكن ملائمة لتدخلات طبية من هذا القبيل . وذكر أخصائي التخدير أنه من غير المعروف ما إذا كان الختان سيسبب أي إعاقة أو نقص في الإحساس . كما شهد ممثل عن الهيئة الوطنية للإشراف على الرعاية والصحة بأنه على الرغم من وجود "نقائص طفيفة في الرعاية المقدمة بعد العملية وفي التعامل مع الألم، فإن نتيجة العملية لم تكن رديئة" . وخلصت المحكمة المحلية إلى أن العملية قد أجريت على نحو ملائم لكن الأب تصرف دون موافقة الأم وانتهك الحرمة الجسدية للطفل . وفيما يتعلق بالدكتور أ . ، خلصت المحكمة المحلية إلى أن عدم وجود النية الإجرامية وأسقطت التهم الموجهة إليه . ولاحظت المحكمة المحلية أنه لا يمكن المعاقبة على أي فعل بوصفه اعتداء إلا إذا كان متعمداً . ولاحظت المحكمة أن الدكتور أ . قد أُبلغ بأن الوالدة موافقة . ولما كان الختان قد أجري على نحو ملائم من الناحية الطبية، فإن حدوثه من دون موافقة الأم فقط هو الذ ي يجعله غير قانوني .

2-5 واستأنفت جميع الأطراف، بمن في ذلك الأب، قرار المحكمة المحلية . وادعى المدعي العام أن ديانة الأب الكاثوليكية لا تشترط الختان وأن خلفيته الثقافية لا يمكن أن تبرر ختان الطفل لأن صاحب البلاغ ولد ونشأ في فنلندا وليس له علاقة بثقافة والده . بل على العكس من ذلك، من شأن الختان أن يلحق به ضرراً في وقت لاحق من حياته لأنه سيجعله مختلفاً عن غالبية الرجال الفنلنديين . وادعى المدعي العام أيضاً أن أفعال الدكتور أ . كانت متعمدة وأنه ينبغي معاقبته بصفة الجاني . وفي قرار صادر في 10 كانون الثاني/يناير 2014 ، برأت محكمة الاستئناف في هلسنكي كلا من الأب والدكتور أ .. وذكرت محكمة الاستئناف أن صاحب البلاغ قد عُمِّد وفق اً للديانة الكاثوليكية وأن هذا العرف لا يشترط الختان ولا يؤيده . غير أن الختان ظل تقليد اً شائع اً في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بما في ذلك نيجيريا، حيث لا يزال 90 في المائة من الذكور يُختنون . ولاحظت محكمة الاستئناف أيضاً أن الطفل ينتمي إلى ثقافتين، أي ثقافتي والديه كليهما . وكان سبب الختان هو ثقافة الأب (وهي ثقافة مقبولة وفقاً للمحكمة العليا)، ولم يقصد الأب أن يسبب أي ألم أو ضرر أو إصابة للطفل . ولم تكن العملية متعارضة مع مصالح الطفل الفضلى لأنها عززت في الواقع انتماءه إلى ثقافة والده وطائفته . وذكرت محكمة الاستئناف كذلك أنه لا جدال في أن الأم لم توافق على العملية على النحو المطلوب في قانون حضانة الأطفال وحق الوصول (رقم 361/1983 )، لكن الفعل لا يعاقب عليه بوصفه اعتداء لأنه لا يشكل سوى تدخل طفيف في الحرمة الجسدية للطفل، وأنه أجري على نحو ملائم من الناحية الطبية، ولأسباب مقبولة .

2-6 واستأنف المدعي العام وصاحب البلاغ ووالدته القرار . ومنحتهما المحكمة العليا الإذن بالاستئناف . وفي قرار صادر في 31 آذار/مارس 2016 ، لاحظت المحكمة العليا أن ختان الذكور لأغراض غير طبية مسألة تتطلب عملية تشريعية ولا يمكن معالجتها بصورة شاملة على أساس كل حالة على حدة . ولاحظت المحكمة العليا أيضاً أن الختان غير الطبي أمر يجب أن يقرره الوصيان معاً وأنه لا يمكن، على أي حال، أن يتعارض مع مصالح الطفل الفضلى . ورأت المحكمة العليا، مستشهدة بقضائها في حالات سابقة، أنه ينبغي اعتبار الختان غير الطبي للطفل الذكر تدخلاً طفيفاً نسبياً في الحرمة الجسدية للطفل . وعلى الرغم من أن العملية تخلف آثار اً دائمة، فإنها غير مرئية أو موصومة في المجتمع الفنلندي . ومن ناحية أخرى، تستهدف العملية الجزء الأكثر خصوصية من جسم الشخص وهي عملية لا رجعة فيها . وهذا النوع من التدخل في الحرمة الجسدية للطفل لأسباب غير طبية لا يمكن تبريره إلا إذا كان يخدم مصلحة الطفل الفضلى . وبما أن هذا النوع من العمليات غير الطبية يمكن أن يُجرى أيضاً في وقت لاحق، فإن إرادة الطفل وإمكانية اتخاذه قراراته الخاصة يجب أن تُعطى المزيد من الأهمية . فقبل أن يبلغ الطفل من العمر ما يكفي للتعبير عن إرادته بشأن الختان، ومن ثم رغبته في تعزيز ارتباطه بالطائفة الدينية والثقافية لأحد والديه، لا يمكن تبرير الختان بصورة واضحة بحجة أنه يخدم مصالح الطفل الفضلى إذا كان الوالدان على خلاف بشأن العملية . وخلصت المحكمة العليا إلى أن ختان صاحب البلاغ لا يخدم مصالح الطفل الفضلى لأنه لم يجر إلا لأسباب ثقافية لدى أحد الوالدين وخلاف اً لرغبة الوالد الآخر الصريحة . وأدانت المحكمة العليا الأب بتهمة الاعتداء . ورأت أنه لا يمكن اعتبار الاعتداء مشدداً لأنه جرى على يد طبيب مختص، وأن العملية كانت ملائمة من الناحية الطبية وكانت مدفوعة بأسباب مفهومة ترتبط بالخلفية الثقافية للأب ومن ثم الخلفية الثقافية للطفل . وحكمت المحكمة العليا على الأب بدفع غرامة لمدة 40 يوماً، وهي غرامة يعادل قدرها ما حكمت به محكمة هلسنكي المحلية . كما أكدت المحكمة العليا تبرئة المحكمة المحلية للدكتور أ . للأسباب نفسها التي قدمتها المحكمة المحلية .

2-7 وقدم صاحب البلاغ شكوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان . وبقرار مؤرخ 28 أيلول/سبتمبر 2016 ، أعلنت المحكمة الأوروبية - بهيئة تضم قاضياً واحداً - عدم مقبولية الشكوى .

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المواد 2 و 3 و 12 و 16 و 19 و24(3) من الاتفاقية .

2-3 ويدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تتخذ التدابير التشريعية المناسبة لحمايته من العنف والإصابة البدنيين أو النفسيين أو لحمايته من التدخل في خصوصيته، ما يشكل انتهاكاً للمادتين 16 و 19 من الاتفاقية . ويقتضي ختان الذكور - وهو استئصال جراحي للقلفة أو الأنسجة التي تغطي رأس القضيب - استخدام شفرة حادة ويمس الجزء الأكثر خصوصية من جسم الذكور، ما يسبب آثار اً بدنية ونفسية دائمة لا رجعة فيها، ويلحق ألم اً شديد اً لا لزوم له، خاصة خلال فترة التعافي بعد العملية . والألم لا مفر منه بغض النظر عن استخدام المسكنات ( ) . ويدعي صاحب البلاغ أن طقوس بتر العضو التناسلي للأولاد مشابهة لجراحة الأعضاء التناسلية " التطبيعية " غير الطوعية التي يخضع لها الأطفال المولودون بخصائص جنسية غير عادية . وقد أشارت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا على وجه التحديد إلى ختان الصبيان لأسباب دينية باعتباره انتهاك اً للحرمة الجسدية للأطفال ( ) . كما عارض أمناء المظالم المعنيون بالأطفال في بلدان الشمال الأوروبي بتر الأعضاء التناسلية غير الطبي ودعوا إلى احترام حق الأولاد في أن يقرروا بأنفسهم، عندما يبلغون سن النضج، ما إذا كانوا يوافقون على الختان الشعائري ( ) .

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن الدولة الطرف لم توفر له سبيل انتصاف كافياً بالنظر إلى تبرئة الدكتور أ . وإدانة الأب بغرامة دنيا قدرها 168 يورو بالإضافة إلى 200 يورو على سبيل التعويض . وهو يدعي أنه كان ينبغي اعتبار الاعتداء مشدداً بالنظر إلى الظروف التي حدث فيها .

3-4 ويدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك للمادة 2 ، مقروءة بالاقتران مع المادتين 16 و 19 من الاتفاقية . ويشير إلى عدم وجود قوانين محددة تنظم بتر الأعضاء التناسلية غير الطبي للأولاد . وفي فنلندا، لا يعتبر ختان الذكور مفيدا ًللصحة ولا يمكن إجراؤه في نظام الرعاية الصحية العام . ولا تجري العيادات الخاصة أيض اً هذه العملية لأن وضعها القانوني غير واضح . وذكرت الرابطة الطبية الفنلندية أن ممارسة الختان الشعائري على الأولاد الصغار يتعارض مع الأخلاقيات الطبية ( ) . ويذكر صاحب البلاغ أيضاً أن عمليات الختان تجري عملياً خارج المرافق الطبية ويُغض عنها الطرف على الرغم من عدم وجود تشريع محدد أو إشراف رسمي . ولذا فإن الوضع القانوني لبتر الأعضاء التناسلية غير الطبي للأولاد غير واضح إذ لا يعتبر هذا الفعل دائم اً جريمة . وهذا يختلف عن تنظيم تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، الذي يعاقب عليه بوصفه اعتداء مشددا . ويلاحظ المؤلف أن كلتا الممارستين (لا سيما النوع الذي ينطوي على بتر القلفة دون إزالتها) متشابهتان إلى حد ما، حيث إن كلتيهما تتوخيان إزالة أنسجة سليمة من جزء حميم وحساس للغاية من الجسم . ومع ذلك، ترى المحكمة العليا لفنلندا أن تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية يفي دائم اً بالعناصر الأساسية للاعتداء المشدد ولا يمكن تبريره أبدا، في أي ظرف من الظروف .

3-5 ويذكر صاحب البلاغ أن الختان الشعائري للذكور لا يمارس لدى غالبية السكان الفنلنديين، وإن كان يقدر أن 200 صبي يخضعون له كل عام ( ) . ويقول إن والده نيجيري مسيحي يعتبر ختان الذكور جزءاً هاماً من الهوية الثقافية . وعلى هذا الأساس، خلصت المحاكم الفنلندية إلى أن ختان صاحب البلاغ كان يمكن تبريره لو وافقت والدته عليه أيضاً . وهكذا فإن الصبيان أمثاله، الذين ينتمون إلى المجموعات الثقافية التي تمارس الختان الشعائري، لا يتمتعون بالحماية ذاتها لحرمتهم الجسدية التي يتمتع بها غيرهم من الصبيان الفنلنديين أو البنات النيجيريات .

3-6 ويدعي صاحب البلاغ أنه ضحية انتهاك حقوقه بموجب المادة 24(3)، مقروءة بالاقتران مع المادتين 3 و 12 من الاتفاقية . ولم تتخذ الدولة الطرف أي تدابير فعالة لإلغاء طقوس ختان الذكور بين الرضع . وعلى الرغم من أن وزارة الشؤون الاجتماعية والصحة تعمل منذ سنوات على إعداد بعض التشريعات المحددة، فلم تتحقق أي نتيجة ملموسة بسبب نقص الإرادة السياسية فيما يُزعم . وفي 20 كانون الثاني/يناير 2015 ، نشرت الوزارة مبادئ توجيهية للسياسة العامة بشأن ختان الأولاد غير الطبي ( ) ، ذكرت فيها، من بين أمور أخرى، أن العملية ينبغي ألا يجريها سوى الأطباء المرخص لهم، ورهنا بموافقة الوصيين كليهما، وبضمان الأخذ برأي الولد . غير أن المبادئ التوجيهية ليست ملزمة قانوناً ولا تُحترم في الواقع العملي . ويضيف صاحب البلاغ أن والدته كانت قد التمست المساعدة في مركز للرعاية الصحية خوفاً من احتمال ختانه، وأنها تلقت تطمينات بأنه لا يمكن إجراء العملية دون موافقتها، ومع ذلك لم يكن أمامها أي سبيل انتصاف رسمي لضمان عدم إخضاع طفلها للختان خلاف اً لإرادتها . وذكرت المحكمة العليا أيضاً أن عدم وجود قانون في هذا الخصوص أمر غير مقبول . غير أن صاحب البلاغ يدفع بأن المحكمة العليا قد أحدثت مزيداً من اللبس إذ ذكرت أن المبادئ التوجيهية "قانون غير ملزم وغير واجب الإنفاذ"، وإذ اعتبرت ضمناً أن موافقة كلا الوالدين ليست شرط اً أساسي اً، وإذ برأت الدكتور أ . بالقول إن عمليات ختان الذكور يمكن أن يجريها أشخاص ليسوا أطباء ودون الأخذ بآراء الأطفال . ويستنتج صاحب البلاغ من حكم المحكمة العليا أن الاعتبار الأول يولى لحقوق الكبار في إقامة الشعائر الدينية أو الثقافية دون أي تقييم منفصل لحق الأطفال في السلامة الجسدية .

3-7 وأخيراً، يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تول الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى إذ لم تنظم بالقانون ممارسة الختان الشعائري للذكور، وهو ما يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية . ولم تتخذ تدابير تشريعية وإدارية فعالة لتوفير الحماية والرعاية اللازمتين للحفاظ على رفاه أمثاله من الأطفال . وبدلاً من ذلك، تُرك صاحب البلاغ عرضة للإصابة البدنية والنفسية الناجمة عن الممارسات التقليدية، دون أن تتاح له إمكانية تكوين آرائه الخاصة والتعبير عنها بحرية فيما يتعلق بمسألة تمسه بهذه الطريقة الجذرية . ورغم عدم وجود ما يمنع إرجاء ختان الذكور إلى أن يصبح الأطفال كبار اً بما يكفي لتكوين رأي بشأن هذه المسألة، يُسمح بإجراء العمليات لأطفال لا تتجاوز أعمارهم 4 أشهر، كما في حالة صاحب البلاغ .

‬ ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 تدفع الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 26 أيلول/سبتمبر 2017 ، بأن البلاغ ينبغي أن يُعتبر غير مقبول بموجب المادة 7 (د) من البروتوكول الاختياري لأن المسألة نفسها قد سبق النظر فيها بموجب إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية، وبالتحديد المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي أعلنت شكوى صاحب البلاغ غير مقبولة .

4 - 2 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن البلاغ غير مقبول من حيث الاختصاص الزمني عملاً بالمادة 7 (ز) من البروتوكول الاختياري لأن الوقائع موضوع البلاغ حدثت قبل بدء نفاذ البروتوكول الاختياري بالنسبة إلى الدولة الطرف، وبعبارة أخرى قبل 12 شباط/فبراير 2016 . وقد أُجري الختان في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 ، وصدرت القرارات القضائية اللاحقة لمعالجة الانتهاك في 2 آذار/مارس 2012 (المحكمة المحلية)، و 10 كانون الثاني/يناير 2014 (محكمة الاستئناف)، و 31 آذار/مارس 2016 (المحكمة العليا) . وليس هناك ما يدعو إلى اعتبار الانتهاكات المزعومة قد استمرت حتى بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ . وتلاحظ الدولة الطرف أن الأفعال الفورية، مثل حرمان الفرد من منزله أو ممتلكاته، كما أقرت بذلك المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، لا تؤدي من حيث المبدأ إلى وضع مستمر . وينطبق ذلك على فعل الختان، كونه فعل فوري . كما أن فشل سبل الانتصاف اللاحقة الرامية إلى جبر الانتهاك المزعوم لا يمكن أن يدخل في نطاق اختصاص اللجنة .

4-3 وتدفع الدولة الطرف بأن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد، على النحو المطلوب في المادة 7 (ه) من البروتوكول الاختياري، إذ لا يتضح من الطعون التي قدمها صاحب البلاغ إلى محكمة الاستئناف في هلسنكي والمحكمة العليا أنه احتج بجميع مواد الاتفاقية التي يحتج بها أمام اللجنة . وعلى وجه الخصوص، كان من الممكن إثارة ادعاءات التمييز في سياق الإجراءات الجنائية .

4-4 وأخيراً، تدفع الدولة الطرف بعدم مقبولية البلاغ لتنافيه مع أحكام الاتفاقية وافتقاره بوضوح إلى أدلة الإثبات اللازمة أو الكافية .

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 يشير صاحب البلاغ، في تعليقاته المؤرخة 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 ، إلى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان واللجنة هيئتان مختلفتان اختلافاً جوهرياً وملزمتان كل بنظامها الداخلي المستقل ومعايير المقبولية الخاصة بها . واستنتاج المحكمة الأوروبية عدم مقبولية شكوى ما ينبغي ألا يحول دون تقييم اللجنة الانتهاكات المزعومة للاتفاقية . أضف إلى ذلك أن المحكمة الأوروبية لم تقيم الأسس الموضوعية للقضية، وبذلك تكون المسألة نفسها لم تبحث على النحو الواجب .

5-2 وبخصوص ادعاء الدولة الطرف أن الوقائع حدثت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف، يشير صاحب البلاغ إلى أن المحكمة العليا أصدرت حكمها في 31 آذار/مارس 2016 ، أي بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري . ويوضح أنه لا يدعي أن ختانه يشكل في حد ذاته انتهاكاً لحقوق الإنسان من جانب الدولة الطرف، بل إن السلطات الوطنية لم تقم بحمايته ومعاقبة الجناة على النحو المناسب . وتشير وقائع القضية بصفة خاصة إلى الإجراءات القانونية المحلية . كما أن حالة الافتقار إلى أي قانون ذي صلة ببتر الأعضاء التناسلية الشعائري للذكور لا تزال قائمة . وكل ما سبق يثبت الطابع المستمر للانتهاك الذي ارتكبته الدولة الطرف .

5 -3 وأخيراً، يدعي صاحب البلاغ أنه على الرغم من الطعون التي قدمها هو ووالدته والمدعي العام والتي ادعوا فيها حدوث تمييز على أساس الجنس والأصل العرقي أو الإثني، فإن محكمة الاستئناف والمحكمة العليا لم تقيم أي منهما القضية في ضوء الأحكام الدستورية التي تحظر التمييز .

‬ ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

6-1 تدفع الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 4 كانون الثاني/يناير 2018 ، بأن البلاغ ينبغي اعتباره غير مقبول من حيث الاختصاص الشخصي لأن من غير الواضح ما إذا صاحب البلاغ مؤهل اً للمثول . وتشير الدولة الطرف إلى اجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي تقر بأن الشخص الذي يفتقر إلى الأهلية القانونية ينبغي أن يمثله الوصي القانوني عليه . وتدفع الدولة الطرف بأنه ينبغي النظر بتأن فيما إذا كان صاحب البلاغ، الذي كان يبلغ من العمر 7 سنوات وقت تقديم بلاغه، يستطيع إعطاء موافقته أو ما إذا كان ينبغي أن يقوم بذلك ممثلاه أو الوصيان عليه اللذين يعينهما القانون، وهما والداه . وتضيف الدولة الطرف أن صاحب البلاغ فقد صفة الضحية فيما يتعلق بادعاءاته المستندة إلى المادتين 16 و 19 من الاتفاقية، نظراً إلى أن هذه الادعاءات قد عولجت على النحو المناسب على الصعيد المحلي . كما أن ادعاءاته المستندة إلى المادة 24(3)، مقروءة بالاقتران مع المادتين 3 و 12 من الاتفاقية، تندرج في إطار دعاوى الصالح العام، بحيث تنزع عن صاحب البلاغ صفة الضحية . وأخيراً، تدفع الدولة الطرف بأن البلاغ يستند إلى كون المحاكم المحلية لم تدن الدكتور أ .. وبالنظر إلى أن البلاغ مقدم ضد فرد، فينبغي اعتباره أيضاً غير مقبول من حيث الاختصاص الشخصي.

6-2 وتكرر الدولة الطرف تحفظاتها الأولية على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية . وفيما يتعلق بالاختصاص الزمني ، تشير الدولة الطرف إلى اجتهادات اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التي رأت فيها أن الانتهاك المستمر يجب أن يفسر على أنه تأكيد، عن طريق الفعل أو القصد الواضح، لانتهاكات الدولة الطرف التي حدثت في السابق، بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ ( ) . وبخصوص الالتزام الإيجابي بإجراء تحقيق فعال، تلاحظ الدولة الطرف أن الأفعال و/أو الإغفالات الإجرائية التي تحدث بعد التاريخ الحاسم وحدها يمكن أن تندرج في نطاق الاختصاص الزمني . وتضيف أن الإجراءات أمام المحكمة العليا بدأت قبل عامين من بدء نفاذ البروتوكول الاختياري . وصدور القرار النهائي بعد شهر واحد فقط من بدء النفاذ أمر من محض الصدفة . وإذا رأت اللجنة أن البلاغ مقبول من حيث الاختصاص الزمني ، فإن العناصر الإجرائية للقضية، من حيث صلتها بالفترة الزمنية التي أعقبت بدء نفاذ البروتوكول الاختياري، هي وحدها التي ينبغي النظر فيها .

6-3 وبخصوص الأسس الموضوعية، تلاحظ الدولة الطرف أن تشويه الأعضاء التناسلية، بصفة عامة، يفي بالعناصر الأساسية للاعتداء . وبحسب خطورة الجريمة، يمكن وصفه بأنه اعتداء مشدد أو اعتداء طفيف ( ) . وقضت المحكمة العليا في فنلندا، في قضية تتعلق بأم كانت الوصي الوحيد على ابن مختون لأسباب دينية (KKO 2008:93)، بأن سلوك الأم لا يعاقب عليه لأن الختان قد حدث لأسباب مقبولة وبطريقة مناسبة من الناحية الطبية دون التسبب في ألم لا لزوم له . ويجب افتراض أن للأشخاص المتعهدين بحضانة الطفل الحق في اتخاذ قرار بشأن هذا الإجراء نيابة عن الطفل، على أن يكون الغرض من العملية هو تعزيز رفاه الطفل ونمائه . وتعتبر المحكمة العليا ختان الذكور عمل اً غير ضار نسبياً لا يسبب، عند إجرائه على النحو المناسب، أي خطر على الصحة أو أي ضرر دائم آخر، كما أنه لا يرتبط بأي وصم في مرحلة الطفولة أو عند الكبر . وقد يكون للختان الذي يحدث لأسباب دينية أهمية إيجابية، لا سيما بالنسبة إلى الصبي المختون، بما في ذلك تنمية هويته واندماجه في مجتمعه . وعلى الرغم من أن الختان يشكل دائماً انتهاكاً للحرمة الجسدية للطفل، فإن من الممكن تبريره بمصلحة الطفل الفضلى، بما في ذلك ارتباطه بأسرته وجماعته الإثنية .

6-4 وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يقدم أي ادعاءات تتعلق بالتحقيق في الانتهاكات المزعومة أو العناصر الإجرائية للمداولات المحلية . وقد كانت شرعية أفعال الطبيب والوالد موضوع تقاض في قضية جنائية، وحُكم على الوالد بتهمة الاعتداء . ورأت كل من محكمة الاستئناف والمحكمة العليا أن الختان قد أُجري بطريقة مناسبة من الناحية الطبية وأن الطبيب قد دوّن الإجراءات في مذكرة علاج الطفل، رغم أن هذه الإجراءات لم تكن كافية . وقد جرى التحقيق في القضية على النحو المناسب في إطار نظام العدالة الجنائية، وحصل صاحب البلاغ على حماية فعالة من الانتهاكات المزعومة لحرمته الجسدية . ويذكر صاحب البلاغ أنه كان ينبغي معاقبة الوالد بتهمة الاعتداء المشدد وأن الطبيب لم يُعاقب . غير أنه لا يوجد حق مطلق في الحصول على محاكمة أو إدانة . ولا يمكن للجنة أن تحل محل المحاكم الوطنية في تقييم الأدلة في هذه القضية ولا يمكنها أن تكون بمثابة محكمة رابعة . وتخلص الدولة الطرف إلى أن الالتزامات المنصوص عليها في المادة 19 من الاتفاقية قد أوفي بها باتخاذ التدابير التشريعية المناسبة التي يعاقب بموجبها الاعتداء وضمان المسؤولية الجنائية في هذه القضية . وقد أتيحت لصاحب البلاغ سبل انتصاف قانونية فعالة، بما في ذلك اللجوء إلى المحكمة العليا . وبناء عليه، فإن هذا الادعاء ضعيف الأساس إن لم يكن بلا أساس .

6-5 وبخصوص ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 16 من الاتفاقية، تدفع الدولة الطرف بأن هذه المادة لا صلة لها بالموضوع في هذه القضية حيث رتب عملية الختان الشخص الذي كان يتولى حضانة الطفل . وتضيف الدولة الطرف أن ادعاءات صاحب البلاغ المستندة إلى المادة 16 تتعلق بالوقائع ذاتها المذكورة بموجب المادة 19 ولا تثير أي مسائل منفصلة عن تلك المتناولة في إطار المادة 19 .

6-6 وبخصوص ادعاء صاحب البلاغ المستند إلى المادة 2 من الاتفاقية، تلاحظ الدولة الطرف أن إثبات المعاملة التمييزية يقتضي الإشارة إلى حالات متشابهة ليس لها مبرر موضوعي ومعقول، أي أنه لا يُتوخى فيها تحقيق غاية مشروعة ولا يوجد فيها أي تناسب بين الوسائل المستخدمة والغاية المنشودة ( ) . وتلاحظ الدولة الطرف أن القانون الجنائي الفنلندي يضع المعايير ذاتها لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية والذكرية، باعتباره فعل اً يستند إلى خطورة الجريمة وليس إلى جنس الضحية أو عرقها . ويجوز تصنيف تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية باعتباره اعتداء أو اعتداء مشدد اً، وبالنظر إلى أنه انتهاك أخطر للحرمة الجسدية، فلا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال بأسباب دينية واجتماعية، وفقاً لتفسير المحكمة العليا . ولذلك ينبغي اعتبار ادعاءات صاحب البلاغ المستندة إلى المادة 2 ، مقروءة بالاقتران مع المادتين 16 و 19 ، ادعاءات ضعيفة الأساس إن لم تكن بلا أساس .

6-7 وبخصوص ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 24(3) من الاتفاقية، تلاحظ الدولة الطرف أنه لا توجد لوائح محددة بشأن الختان غير الطبي للأولاد في أي اتفاقات دولية ملزمة لفنلندا . والختان غير الطبي هو ممارسة معتمدة على نطاق العالم ومخاطره الصحية ضئيلة عند إجرائه على النحو المناسب . وتشير الدولة الطرف إلى المبادئ التوجيهية التي اعتمدتها وزارة الشؤون الاجتماعية والصحة (انظر الفقرة 3-6 أعلاه) وتذكر أن سلطات الإشراف ترصد امتثال المبادئ التوجيهية . وتضيف الدولة الطرف أن قرار الجمعية البرلمانية 1952(2013)، الذي استشهد به صاحب البلاغ، لا يتضمن دعوة إلى حظر ختان الأولاد لأسباب دينية . بل إنه يدعو الدول إلى أن تحدد بوضوح الشروط الطبية والصحية وغيرها من الشروط التي يتعين استيفاؤها في إطار هذه الممارسات .

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

7-1 يشير صاحب البلاغ، في تعليقاته المؤرخة 19 آذار/مارس 2018 ، إلى أن المحاكم المحلية الفنلندية أصبح بإمكانها، منذ دخول الاتفاقية حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف، تقييم أفعال الختان الشعائري للأطفال في ضوء الاتفاقية . ولم تشر المحكمة العليا في قضيته إلى الاتفاقية على الإطلاق . وعلى وجه الخصوص، لم تنظر المحكمة في المادة 19 في ضوء تعليق اللجنة العام رقم 13(2011) بشأن حق الطفل في التحرر من جميع أشكال العنف . ويضيف صاحب البلاغ أن بتر الأعضاء التناسلية الشعائري أبعد ما يكون عن مسألة محسومة في الدولة الطرف، ويفيد بأن رضيع اً يبلغ من العمر شهرين خضع في الفترة الأخيرة للختان الشعائري في فنلندا وعانى من مضاعفات وإصابات دائمة نتيجة للعملية .

7-2 ويعترض صاحب البلاغ على موقف الدولة الطرف من خطورة بتر الأعضاء التناسلية للذكور . ويذكر أن هذه العمليات لا تجري في مراكز الرعاية الصحية بل يجريها أشخاص عاديون في أماكن خاصة وفي ظروف غير معقمة، بحيث يمكن أن يشكل بتر الأعضاء التناسلية خطر اً حقيقياً على الحياة والرفاه . ويختلف الإجراء والظروف المحيطة به وقدرة الشخص الذي ينفذه من حالة إلى أخرى . وحتى في حالة كحالته، التي كان فيها الشخص القائم بالبتر طبيباً، لا تنطبق تشريعات الرعاية الصحية لأن الطبيب لا يتصرف بصفته المهنية .

7-3 ويلاحظ صاحب البلاغ أن الدولة الطرف والمحكمة العليا كلتيهما ذكرتا أن الختان غير الطبي يفي بصفة عامة بالعناصر الأساسية لجريمة الاعتداء . بيد أن عوامل مثل الدين يمكن أن تكون مبرراً . ويؤدي ذلك إلى حالة يمكن فيها قانوناً ارتكاب اعتداء على أولاد من ديانة أو إثنية معينة، في حين يعتبر الفعل نفسه اعتداءً مشدداً مخالف اً للمادة 2 من الاتفاقية عندما يرتكب في حق ولد من عائلة فنل ن دية بيضاء .

7-4 ويطعن صاحب البلاغ في احتجاج الدولة الطرف بأن ادعاءاته المستندة إلى المادة24(3)، مقروءة بالاقتران مع المادتين 3 و 12 من الاتفاقية، تندرج إطار دعاوى الصالح العام . وتستند ادعاءاته بموجب هذه المواد إلى حدث فعلي وملموس أدى إلى بتر أعضائه التناسلية بطريقة غير مشروعة .

الملاحظات الإضافية المقدمة من الدولة الطرف

8-1 تلاحظ الدولة الطرف، في ملاحظاتها الإضافية المؤرخة 31 آب/أغسطس 2018 ، أنه في القضية التي ذكرها صاحب البلاغ عن طفل ظهرت لديه مضاعفات ناجمة عن ختانه الشعائري، أتيحت للصبي المعني سبل انتصاف قانونية، كما في حالة صاحب البلاغ .

8-2 وتكرر الدولة الطرف تحفظاتها الأولية على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية . وتطعن الدولة الطرف في تأكيدات صاحب البلاغ وتلاحظ أن القانون المتعلق بالمهنيين العاملين في الرعاية الصحية (رقم 559/1994 ) ينطبق بصرف النظر عما إذا كان المهنيون يتدخلون في مركز للرعاية الصحية أو في بيئة خاصة . وبالإضافة إلى ذلك، تنص المبادئ التوجيهية الصادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية والصحة (انظر الفقرة 3-6 أعلاه) على أنه لا يُسمح بإجراء عمليات الختان إلا للأطباء المرخص لهم، وعلى أن العمليات يجب أن تجري في ظروف معقمة، ويجب استخدام مسكنات الآلام .

ملاحظات مقدمة من طرف ثالث

9-1 في 31 كانون الأول/ديسمبر 2018 ، قدم المجلس المعني بخصوصية الأعضاء التناسلية، وهو منظمة غير حكومية، ملاحظات من طرف ثالث . ويلاحظ المجلس في إفادته زيادة الوعي في العقود الأخيرة بأن بتر الأعضاء التناسلية غير الضروري من الناحية الطبية لأي طفل ينتهك حقوق الطفل . وأضاف أن محكمة كولونيا المحلية، في ألمانيا، رأت في 7 أيار/مايو 2012 أن موافقة الوالدين لا تفي بمعيار المصالح الفضلى . وفي ضوء المادة 14(3) من الاتفاقية والمادة 18(3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تقيد حرية ضمير الوالدين وحريتهما الدينية عندما تؤدي ممارسة هذه الحرية إلى انتهاك الحقوق والحريات الأساسية لإنسان آخر .

9-2 ويشير المجلس إلى تقديرات متحفظة تفيد بتعرض 650 مليون ذكر و 100 مليون أنثى على قيد الحياة اليوم، في طفولتهم، لشكل من أشكال بتر الأعضاء التناسلية، وهي أرقام تعادل 25 في المائة من مجموع الرجال و 5 في المائة من مجموع النساء . وتقدر معدلات المضاعفات الناجمة عن ختان الذكور الطبي بحوالي 5 في المائة . وقد سجلت دراسة تتبعت في عام 2018 أكثر من 9 ملايين عملية ختان في مستشفيات الولايات المتحدة حدوث حالة وفاة لكل 000 50 عملية ختان خلال الفترة 2001-2010 ( ) . ويعني ذلك وفاة 000 13 صبي كل عام بسبب بتر الأعضاء التناسلية الطبي، وذلك "في أفضل الحالات" التي تنفذ فيها هذه العمليات .

9 -3 ويذكر المجلس أن قلفة القضيب نسيج حساس للغاية له وظائف جنسية ومناعية ووقائية . وهي تبعد الملوثات وتوفر طبقة حامية للمناعة . وتغير جراحة لا لزوم لها القضيب بصفة دائمة، وعادة ما تترك ندبة مرئية حول محيطه، وتعرض دون داع طفل اً سليم اً لخطر الإصابة . والمفاهيم القديمة للختان الوقائي ذي الفوائد الطبية المزعومة مفاهيم عفا عليها الزمن بالنظر إلى التقدم الحديث في الوقاية غير الاجتياحية وعلاج أمراض القلفة . وتحدث مضاعفات ختان الذكور حتى عندما يجري الختان في بيئة سريرية معقمة . ونزيف ما بعد الختان لدى الأشخاص المصابين باضطرابات في التخثر الدموي يمكن أن يكون كبير اً بل قد يسفر عن الموت في بعض الأحيان . وتشمل المضاعفات المبكرة الخطيرة الأخرى انحناء القضيب، والمبال التحتاني العلاجي المنشأ، والنخر الحشفي ، وبتر الحشفة . وتشمل المضاعفات المتأخرة الكيسات البشروية المشتملة، والأورام العصبية المؤلمة، والسبل الجيبية الناجمة عن الخياطة، وانحناء القضيب، وإزالة الجلد غير الكافية المؤدية إلى تضخم القلفة، والالتصاقات القضيبية ، وتضيّق القلفة، ودفن القضيب، والنواسير الإحليلية الجلدية، والتهاب الصماخ، والتضيّق الصماخي ( ) . ولما كان الختان يزيل ما بين ثلث القلفة ونصفها، فقد تصبح حشفة القضيب أغلظ، مع انخفاض الحساسية أو تغييرها بسبب التعرض المزمن للجفاف والقماش، ما يؤثر في الأحاسيس الجنسية . وللختان أيض اً عواقب عاطفية وهو يضر باحترام الذات لدى بعض الرجال . وهو ينتهك خصوصية المريض . وتحظر الأخلاقيات الطبية بصفة عامة الموافقة بالوكالة على العمليات الجراحية غير الضرورية من الناحية الطبية . كما أنه يتعارض مع مبادئ الإحسان وعدم الإساءة . وللطفل مصلحة في العيش وفقاً لقيمه الخاصة، التي قد لا تعكس قيم والديه . فوحده الطفل نفسه يمكنه أن يكون على يقين من قيمه، عندما يكبر ( ) . وأخير اً، يقع على عاتق الأطباء واجب أخلاقي يتمثل في معاملة المرضى بعدل وإنصاف . ولا يمكن للأطباء إجراء عملية لطفل سليم والوفاء في الآن ذاته بهذا الواجب الأخلاقي .

9-4 ويؤكد المجلس أن جميع عمليات بتر الأعضاء التناسلية غير الضروري من الناحية الطبية للأطفال من الذكور والإناث وحاملي صفات الجنسين تنتهك عدد اً من أحكام الاتفاقية (المواد 2 و6(2) و 12 و 14 و 16 و19(1) و24(1) و( 3 ) و 34 و 36 و 37 (أ)-(ب))، من بين أحكام أخرى تتعلق بحقوق الإنسان . ويشير إلى أن اللجنة نفسها أعربت عن قلقها في عدة مناسبات إزاء المخاطر الصحية المرتبطة بختان الذكور ( ) .

ملاحظات الدولة الطرف على تدخل الطرف الثالث

10- تشير الدولة الطرف، في ملاحظاتها المؤرخة 11 كانون الثاني/يناير 2019 ، إلى أن تدخل طرف ثالث لا يؤدي إلى تقييم البلاغ تقييم اً مختلف اً عن الذي أجرته الدولة الطرف بالفعل . وتدفع بأن اللجنة ممنوعة من النظر في انتهاكات مزعومة للاتفاقية غير الانتهاكات التي احتج بها صاحب البلاغ . وتضيف الدولة الطرف أن المصادر التي يستخدمها الطرف الثالث انتقائية وأنها قدمت لغرض معين ولا تمثل بالضرورة رأي اً عام اً . وأخيراً، تؤكد اللجنة من جديد أن التدابير التشريعية المناسبة قد اعتمدت على الصعيد الوطني وأن صاحب البلاغ قد حصل على انتصاف مناسب .

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

11-1 قبل النظر في أيّ ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 20 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري .

11-2 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول من حيث الاختصاص الزمني لأن الوقائع موضوع البلاغ حدثت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف، أي بعبارة أخرى قبل 12 شباط/فبراير 2016 ، ما لم تستمر هذه الوقائع بعد بدء نفاذ البروتوكول الاختياري . وترى اللجنة أن أفعال الدولة الطرف أو إغفالاتها المزعومة في هذه القضية لا تشكل انتهاكاً مستمراً، وتعلن من ثم أن هذه الادعاءات غير مقبولة من حيث الاختصاص الزمني بموجب المادة 7 (ز) من البروتوكول الاختياري .

12- وبناءً عليه، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 7 (ز) من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يُحال هذا القرار إلى الدولة الطرف وصاحب البلاغ .

ا لمرفق

رأي مشترك أعرب عنه عضو اً اللجنة آن ماري سكيلتون ولويس أرنستو بيدرنيرا رينا ( مخالف )

1- نود أن نقدم بكل احترام وجهة نظرنا المخالفة بشأن عدم المقبولية من حيث الاختصاص الزمني عملاً بالمادة 7 (ز) من البروتوكول الاختياري لأن الوقائع حدثت قبل دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف، أي قبل 12 شباط/فبراير 2016 . وتشير اللجنة إلى أن القرارات القضائية الصادرة عن السلطات الوطنية يمكن أن تُعتبر جزءاً من وقائع القضية عندما تُتخذ نتيجة لإجراءات تتصل مباشرةً بالأفعال الأولية التي أدت إلى حدوث الانتهاك، شريطة أن تكون هذه القرارات القضائية كفيلة بجبر الانتهاك المزعوم . لذا فإذا اعتمدت هذه القرارات بعد دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف، فإن المادة 7 (ز) لا تشكل عائقاً أمام مقبولية البلاغ، لأن المحاكم الوطنية قد أتيحت لها فرصة النظر في الشكاوى وتوفير سبل الانتصاف من الانتهاكات ( ) .

2- وفي هذه القضية، نلاحظ أنه على الرغم من أن القرارين الصادرين في الدرجة الأولى والثانية سبقا دخول البروتوكول الاختياري حيز النفاذ، فإن قرار المحكمة العليا صدر بتاريخ 31 آذار/ مارس 2016 . ورأينا المدروس هو أن إعادة النظر التي أجرتها المحكمة العليا كانت فيما يبدو سبيلاً مناسباً لمعالجة الانتهاكات المزعومة التي أثارها صاحب البلاغ . وبناء على ذلك، كنا سنخلص إلى أن المادة 7 (ز) من البروتوكول الاختياري لا تمنع اللجنة من النظر في ادعاءات صاحب البلاغ المستندة إلى تقييم المحكمة العليا لقضيته .

3- ولو خلصنا إلى أن القضية مقبولة، لمضينا للنظر فيما إذا كان قد حدث انتهاك، ولأخذنا بالقاعدة العامة القائلة إن الهيئات الوطنية هي المختصة في تقييم الوقائع والأدلة، وكذلك في تفسير القانون الوطني وتطبيقه، ما لم يثبت أن التقييم أو التفسير كان واضح التعسف أو فيه إنكار للعدالة ( ) . وفي هذه القضية، كنا سنلاحظ أن المحكمة العليا، لدى تحديد مسؤولية الوالد الجنائية عن ختان صاحب البلاغ، قد أجرت تقييماً حسب الأصول لوقائع القضية والأدلة التي قدمها المدعون والمدعي العام . وقد صرحت المحكمة في قرارها بأنه قبل أن يبلغ الطفل من العمر ما يكفي للتعبير عن إرادته بشأن الختان، ومن ثم عن رغبته في تعزيز ارتباطه بالطائفة الدينية والثقافية لأحد والديه، لا يمكن تبرير الختان بصورة واضحة بحجة أنه يخدم مصالح الطفل الفضلى إذا كان الوالدان على خلاف بشأن العملية . وخلصت المحكمة العليا إلى أن ختان صاحب البلاغ لا يخدم مصالح الطفل الفضلى لأنه لم يجر إلا لأسباب ثقافية لدى أحد الوالدين وخلاف اً لرغبة الوالد الآخر الصريحة . وقدمت المحكمة العليا أيضاً أسباباً مقنعة لشرح عدم اعتبار الاعتداء على صاحب البلاغ اعتداء "مشدداً" بموجب القانون الوطني . وفيما يتعلق بالدكتور أ . رأت المحكمة العليا أنه لم يثبت أنه تصرف بنية مخالفة رغبة الأم . وفي حين يجوز لصاحب البلاغ ألا يوافق على استنتاجات المحكمة العليا، فإنه لم يثبت أن فحص المحكمة العليا للوقائع والأدلة أو تفسيرها للتشريعات المحلية كان تعسفياً بشكل واضح أو بلغ حد إنكار العدالة، أو أن مصالحه الفضلى لم تؤخذ في الاعتبار على نحو كاف بوصفها الاعتبار الأول في تلك المداولات .

4- وبناء عليه، كنا سنخلص إلى أن الوقائع التي عرضت على اللجنة لم تكشف عن أي انتهاكات للاتفاقية .