مقدَّم من:

س. (لا يمثلها محام)

المجني عليها المزعومة:

مقدِّمة البلاغ

الدولة الطرف:

النمسا

تاريخ البلاغ:

15 تشرين الثاني/نوفمبر 2013

الإحالات:

مُحال إلى الدولة الطرف بتاريخ 19 شباط/فبراير 2014 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اتخاذ القرار:

11 تموز/يوليه 2016

المرفق

قرار اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة في إطار البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (الدورة الرابعة والستون)

بشأن

البلاغ رقم: 67/20 14

مقدم من:

س. (لا يمثلها محام)

المجني عليها المزعومة:

مقدِّمة البلاغ

الدولة الطرف:

النمسا

تاريخ البلاغ:

15 تشرين الثاني/نوفمبر 2013

إن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة،

وإذ اجتمعت في 11 تموز/يوليه 2016

تتخذ ما يلي:

قرار بشأن المقبولية

1 - صاحبة البلاغ هي س.، من رعايا النمسا، ومن مواليد عام 1959، وهي طبيبة ومتزوجة منذ عام 1989. وتدّعي أنها ضحية انتهاكات ارتكبتها الدولة الطرف للمادتين 1 و 6 بالاقتران مع المواد 2 (هـ) و (و) و (ز)، و 3 و 12 و 13 (ج) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وقد دخلت الاتفاقية وبروتوكولها الاختياري حيِّز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 30 نيسان/أبريل 1982، وفي 22 كانون الأول/ديسمبر 2000 على التوالي. وليست مقدمة البلاغ مُمَثَّلة بمحام.

الحقائق كما قدّمتها مقدِّمة البلاغ

2-1 دفعت مقدِّمة البلاغ بأنه في النمسا، يُعَدّ العمل الجنسي التجاري الاختياري (الذي يشير إلى سلوك جنسي يُقدِم عليه البالغون المتوافقون ويشمل اتصالاً جسدياً مقابل مكاسب نقدية) فعلاً قانونياً ولكنه منظَّم على أساس ثلاثة مستويات إدارية: مستوى وطني (قانون متوالية نقص المناعة المكتسب (الإيدز) وقانون الأمراض التناسلية، ومستوى جهوي (في الحالة الراهنة، قانون البغاء في مناطق النمسا السفلي) ثم مستوى مجتمعي (لوائح). ويُطلَب من المشتغلات بتجارة الجنس أن يسجِّلن أنفسهن كبغايا لدى السلطات المحلية مع الخضوع أسبوعياً لفحوص إجبارية للمهبل وإلى اختبارات إلزامية ربع سنوية بشأن فيروس نقص المناعة البشرية. وذكرت مقدِّمة البلاغ أن بالإمكان التمييز بين العمل الجنسي المشروع قانوناً (عمل جنسي تجاري اختياري تمارسه النساء المسجّلات كبغايا ويخضعن للوائح البغاء) وبين البغاء غير المشروع (عمل جنسي تجاري اختياري تمارسه النساء اللائي يكسبن عيشهن من خلال تقديم خدمات جنسية مباشرة وطبيعية وصريحة إلى زبائنهن دون أن يسجَّلن على سبيل المثال كبغايا) ثم العمل الجنسي غير المباشر (من الناحية القانونية يمثّل منطقة رمادية للغاية لا تعتمد فيها النساء على العمل الجنسي كمصدر أساسي للدخل، ومن ذلك مثلاً صالونات التدليك حيث يمكن أن تقدِّم النساء خدمات جنسية بصورة غير مُعلَنة). وادّعت مقدِّمة البلاغ أنه حيثما لا يكون السلوك الجنسي مكشوفاً بصورة علنية فهو لا يُعَدّ تجارياً بل يُعَد أقرب إلى الحياة الشخصية. ودفعت مقدِّمة البلاغ بأن ما سبق ذكره تم التأكيد عليه مراراً وتكرارا في الاجتهاد القضائي للمحكمة الدستورية والمحكمة الإدارية ( ) . وفضلاً عن ذلك، فإن تلك الأشكال من العمل الجنسي بحاجة من ناحية إلى التمييز بينها بشكل واضح وبين الحياة الجنسية غير التقليدية (التي يمكن أن تكتسب مظهراً تجارياً ولكن دون مضمون تجاري)، مع تمييزها من الناحية الأخرى عن الاتّجار في البغايا والاستغلال الجنائي لهن. ومن الناحية النظرية فالحياة الجنسية غير التقليدية تتمتّع بالحماية باعتبارها حياة خاصة. ومع ذلك، ففي القضية المطروحة عَمدت الدولة الطرف إلى تشويه هذين التمييزين.

2-2 ودَفعت مقدِّمة البلاغ بأنه في عام 2007 بدأت شرطة النمسا السفلي تحقيقاً سريّاً للكشف عن الحياة الجنسية لمقدِّمة البلاغ من أجل الغرض الوحيد المتمثّل في مكافحة البغاء. ففي 19 شباط/فبراير 2007، قام ضابط سرّي في الساعة الثامنة مساءً بدخول بيت مقدِّمة البلاغ بادعاء مصطنع، وكان هذا أمراً غير مشروع باعتبار أن البند 131 من قانون الإجراءات الجنائية يحظر صراحة دخول الشرطة بيتاً خاصاً بدعوى مصطنعة.

2-3 وقد علمت مقدِّمة البلاغ بعد ذلك أنه بين 19 كانون الثاني/يناير و 19 شباط/فبراير 2007، كانت الشرطة تُجري تحقيقاً سرّياً ضدها بغرض إثبات أنها كانت تمارس البغاء غير المشروع. وقامت الشرطة بتجميع رسائل وصور لمقدِّمة البلاغ ذات طابع جنسي صريح برغم أن كان من الواضح أن هذه المعلومات لم يكن لها فائدة في مكافحة الجريمة الخطيرة (البغاء غير المشروع لا يشكّل جريمة بل يشكّل مخالفة إدارية).

2-4 وعندما دخل الضابط السري بيت مقدِّمة البلاغ كان قد عَمِل من خلال مراسلات سابقة بالبريد الإلكتروني، فضلاً عن محادثة هاتفية، على تأكيد أن مقدِّمة البلاغ سوف تستقبله وهي شبه عارية ومرتدية ملابس داخلية مثيرة جنسياً حيث تظاهر بأنه صديق تبادلي يشاركها حياتها الجنسية غير التقليدية، وكان يقصد استخدام عريها لكي يدمّرها ويُثبت أنها كانت تمارس البغاء غير المشروع قانوناً.

2-5 وفي الثامنة والثلث مساءً كشف الضابط عن شخصيته الحقيقية وسارع إلى المدخل كي ما يسمح بدخول ضابطين آخرين ضد إرادة مقدِّمة البلاغ وبغير إعطائها فرصة لارتداء ملابسها، فيما أراد أن يشهد زميلاه ما كانت عليه من تجرُّد من الثياب، وبما يتيح الحصول على دليل لإثبات البغاء غير المشروع. وقد اعتبرت مقدِّمة البلاغ هذا الاقتحام نوعاً من الاغتصاب ومن ثم عانت من حالة توتُّر ما بعد الصدمة. ولم تمض سوى دقائق معدودات حتى دخل البيت ضابط رابع فيما كان الضباط مسلّحين، وترى مقدِّمة البلاغ بأن الشرطة ليس لها أن تقتحم البيوت الخاصة إلاّ إذا كان ذلك مبرَّراً بأمر قضائي (طبقاً للبندين 119 و120 من قانون الإجراءات الجنائية) أو في حالة طوارئ (على النحو الوارد تعريفه في الأبواب 33 و 33أ و 39 من قانون شرطة الأمن). ومع ذلك فلم يكن اقتحام بيتها مُبرَّراً، لا بأمر قضائي (الأوامر القضائية لتفتيش البيوت لا تصدر من أجل إنفاذ القوانين الإدارية) ولا كان ثمة حالة طوارئ. وبدلاً من ذلك فقد دخلت الشرطة البيت من أجل الضغط على مقدِّمة البلاغ والحصول منها على اعتراف زائف بأن حياتها الجنسية غير التقليدية تمثّل بغاءً غير مشروع قانوناً. ولم تغادر الشرطة بيتها حتى الساعة العاشرة والربع مساءً. وكان رؤساء الضباط قد أكّدوا موافقتهم على الاقتحام من أجل إثبات البغاء ( ) وهو ما أكّد الطابع المُمَنهَج لمثل هذا السلوك غير المشروع من جانب الشرطة.

2-6 وفي 20 شباط/فبراير 2007 وجَّهت الشرطة تُهماً بممارسة البغاء غير المشروع ضد مقدِّمة البلاغ أمام السلطة الإدارية لمقاطعة تولن استناداً إلى القرائن التي تم الحصول عليها في اليوم السابق. وفي 3 تموز/يوليه 2007 أوقَفت سلطة المقاطعة الإجراءات الجنائية الإدارية المتخذة ضد مقدِّمة البلاغ عندما تحقّقت من أن الحياة الجنسية لمقدِّمة البلاغ كانت أمراً من أمور حياتها الخاصة وليست دعارة. ومع ذلك، ففيما قامت مقدِّمة البلاغ بإبلاغ شواغلها بشأن انتهاكات حقوق الإنسان إلى سلطة المقاطعة بتاريخ 9 آذار/مارس 2007، فإنها لم تبدأ بإجراء تحقيق في سلوك الشرطة ولا أبلغت مقدِّمة البلاغ بشأن إجراء انتصاف يتم التوصُّل إليه من خلال اتخاذ تدبير إداري متعلّق بالشكاوى.

2-7 أمّا الشرطة فقد قدّمت أيضاً الرسائل والصور السابق تجميعها، وعَملت على توفير بيانات شخصية حسّاسة جديدة من خلال الربط بين هذه المعلومات وبين اسم مقدِّمة البلاغ (الذي كانت الشرطة قد عرفته منذ 12 شباط/فبراير 2007). وكان الغرض من هذا التجميع للبيانات يتمثّل في جمع القرائن التي تُثبت توجيه التُهم الإدارية ضدها بممارسة البغاء بصورة غير مشروعة، لدى السلطة الإدارية بمقاطعة تولين. وقدّمت الشرطة الصور المذكورة أعلاه ذات المحتوى الجنسي الصريح كقرينة. وبالإضافة إلى ذلك، أرسلت الشرطة نُسخاً من هذه التُهم إلى سلطة تولين البلدية وإلى مكتب ضرائب تولين بالرغم من أن البنود 6 و7 و9 من قانون خصوصية البيانات تنصّ على عدم استخدام مثل هذه المعلومات إلاّ لغرضٍ مشروعٍ سابق التعريف، وبحيث يقتصر ذلك على المؤسسات المأذون لها. ومن شأن المعلومات المتعلقة بالحياة الجنسية أو الصحية للشخص أن تتسم بحساسية خاصة (البند 4 من قانون بيانات الخصوصية) وبموجب البندين 29 و 53 من قانون شرطة الأمن، فلا يجوز للشرطة أن تجمع هذه المعلومات الحسّاسة إلاّ إذا كان ذلك ضرورياً لمكافحة الجريمة الخطيرة. وفي تاريخ غير محدَّد، رفع مكتب الضرائب دعوى ضد مقدِّمة البلاغ ( 3 ) . ولكنها كسبت القضية في نهاية المطاف في عام 2012 وإن كان الأمر قد سبّب لها معاناة شديدة حيث أن مكتب الضرائب ظلّ على مدار خمس سنوات يكرّر ادّعاءات زائفة بشأن البغاء.

2-8 وفي 21 آب/أغسطس 2008 قدّمت مقدِّمة البلاغ شكوى تتعلّق بسوء سلوك الشرطة أمام الفريق الإداري المستقل في منطقة النمسا السفلي، واشتكت بشأن المعاملة المهينة، وانتهاكات حياتها الخاصة وبيتها الخاص وحقوقها من حيث حماية البيانات والإجراءات المتخذة، فضلاً عن التمييز. واستندت الشكوى إلى أمور شتّى من بينها إخطار من الشرطة وارد بتاريخ 8 آب/أغسطس 2008 (مؤرخ 6 آب/أغسطس 2008) ويفيد بأن قانون شرطة الأمن يشكِّل الأساس القانوني للتحقيق السرّي الذي أُجري ضدها. وفي 15 كانون الأول/ديسمبر 2008 أحيطت المدعية علماً بأن لم يكن هناك أي سيطرة مستقلة على التحقيق، وفي اليوم التالي أضافت هذه الحقيقة إلى شكواها. ومع ذلك ففي 5 أيار/مايو 2009 رفض الفريق شكواها على أساس انقضاء الأجل المحدد، باعتبار أن الحدّ الزمني المقرر قانوناً للشكوى كان قد بدأ مع نهاية التحقيق السري بتاريخ 19 شباط/فبراير 2007.

2-9 وفي 17 تموز/يوليه 2009 قدَّمَت مقدِّمة البلاغ استئنافاً إلى المحكمة الدستورية. وفي 23 شباط/فبراير 20120 ذكرت المحكمة الدستورية أن القضية لا تثير مسائل تتعلّق بالقانون الدستوري وأحالتها إلى المحكمة الإدارية. وفي 14 نيسان/أبريل 2010، وفي رسالة تم تقديمها إلى محامي مقدِّمة البلاغ بتاريخ 19 نيسان/أبريل 2010 دعت المحكمة الإدارية مقدِّمة البلاغ إلى إعادة تقديم الاستئناف في صيغة مختلفة، فأعادت مقدِّمة البلاغ تقديم الاستئناف بتاريخ 12 أيار/مايو 2010. وفي 21 حزيران/يونيه 2010 قامت المحكمة الإدارية بالبتّ في مسألة ثانوية (لا تأجيل للمدفوعات من أجل إجراءات الدعوى). ولكن القسمين 1 و17 من المحكمة اكتفيا بتبادل مفردات النظر في الدعوى دون إصدار قرار نهائي حتى 20 آذار/مارس 2013 عندما أكّدت المحكمة الإدارية قرار الفريق الإداري المستقل فذكرت أنها لا تثير أي مسائل من حيث القانون. وتدفع مقدِّمة البلاغ بأن مسيرة الإجراءات أمام المحكمة الإدارية كانت عقيمة بسبب ما استغرقته من وقت أطول من اللازم. وفي حالتها كان هناك فترة خلت من النشاط لمدة سنتين وتسعة أشهر (من 21 حزيران/يونيه 2010 إلى 20 آذار/مارس 2013) بينما ظلّت القضية معلّقة لمدة ثلاث سنوات (من 23 آذار/مارس 2010 إلى 20 آذار/مارس 2013).

2-10 وترى مقدِّمة البلاغ أن الاجتهاد القضائي للمحكمة الدستورية ينكر الطابع التمييزي لقوانين البغاء التي أدّى إنفاذها إلى وقوع الأحداث السابق بيانها. ولهذا السبب فقد دأبت على رفض الشكاوى المرفوعة بشأن هذا التشريع.

الشكوى

3-1 دفعت مقدِّمة البلاغ بأنها ضحية التمييز ضد المرأة، باعتبار أن قوانين البغاء في الدولة الطَرَف تميِّز ضد المرأة وتسمح لإنفاذ القوانين بالتركيز على الحياة الجنسية للنساء، بينما لا توجد ضمانات فعّالة ضد إساءة الإنفاذ. وهذا يتضح في الحالة الراهنة: الضمانات القائمة ضد التجسس على الحياة الجنسية من خلال تحقيقات سرّية غير مشروعة تم تجاهلها من جانب الشرطة، فيما لا تزال السلبيات الإجرائية تجعل من أي حالات انتصاف لاحقة أمراً غير فعّال. وكنتيجة لهذا العوار في النظام القانوني عانت مقدِّمة البلاغ من العنف ضد المرأة، ومن انتهاكات ما لها من حقوق الإنسان على يد الشرطة (انتهاكات حياتها الخاصة وانتهاكات حماية بياناتها الخاصة وحالات اقتحام بيتها الخاص، فضلاً عن معاملتها بشكل مهين).

3-2 وارتأت مقدِّمة البلاغ أن البغاء غير المشروع لا يشكّل جريمة ولكنه مخالفة إدارية، ومن ثم لا يمكن أن يساق مبرِّراً لإجراء تحقيق سرّي، باعتبار أنه في إطار البند 54 من قانون شرطة الأمن، فإن مثل هذه التحقيقات لا يُسمح بإجرائها إلاّ لغرض مكافحة الجرائم. وبموجب البند 35 فالحدّ الأدنى المطلوب لإجراء تحقيق من هذا القبيل يتمثّل في توافر شكّ محدّد بالضلوع في جريمة خطيرة. ومع ذلك فقد واصلت الشرطة التحقيق السرّي على مدار أسابيع أربعة دون العمل مُسبقاً على تحديد النقطة التي لا يمكن أن يُعَدّ عندها التدخُّل في حياتها الخاصة أمراً مبرَّراً من واقع المعلومات التي تم جمعها. وفي إطار البند 28أ من قانون شرطة الأمن فلابد أن يشكل تحقيق من هذا القبيل وسيلة من وسائل الملجأ الأخير. وفي إطار البند 29 فإن اقتحامات الحياة الخاصة لا بد وأن تتم عند الحدّ الأدنى وأن تظلّ متناسبة مع الجريمة موضع التحقيق. وينطبق الشيء نفسه بموجب البندين 131 و133 من قانون الإجراءات الجنائية اللذين يتطلّبان تحديداً مُسبقاً للمدة التي يستغرقها تحقيق سرّي - فإذا ما استمر التحقيق لأسابيع عديدة فلا بد وأن تتسم الجريمة بخطورة خاصة.

3-3 وترى مقدِّمة البلاغ أيضاً أنها قد خضعت إلى معاملة مهينة من خلال الإجبار على العري القسري. وأشارت إلى الاجتهاد القضائي للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) وإلى البحوث الأكاديمية التي تذكر أن العري القسري معاملة مهينة، بل أنها من حيث قسوتها تُعَد مقارِنة بالاغتصاب ( ) ، باعتبار أنها ” اعتداء على الكرامة الشخصية “ مما قد يدل على وقوع التعذيب ( ) ، وأن ضحايا العري القسري من الباقين على قيد الحياة بعد التعرُّض لأعمال أخرى من التعذيب يرون في المعاناة من جرّاء العري القسري أمراً مماثلاً ( ) ، وأن البحوث الطبية أكّدت على قسوة الآثار الصحية السلبية ( ) الناجمة عن الإذلال الجنسي. بل إن مجرّد التهديد بالعري القسري أمر مهين ( ) .وذكرت أيضاً أنه إذا ما عَمَد ضباط الشرطة الذكور المدجَّجون بالسلاح إلى إجبار امرأة على أن تصبح عارية في ظل وجودهم فإن هذا يشكِّل معاملة لا إنسانية ( ) .

3-4 وأحالت مقدِّمة البلاغ كذلك إلى النتائج التي توصّلت إليها اللجنة بأن الفحوصات الإجبارية للأمراض النسائية لا تتفق مع الكرامة الإنسانية ( ) . كما أحالت إلى الاجتهاد القضائي للدوائر القضائية الدولية الأخرى التي نظرت في قضايا ذات صلة، ومنها مثلاً حالات التفتيش بعد التجريد من الثياب وتتم خلال وجود أشخاص من الجنس الآخر باعتبار ذلك عاملاً مشدِّدا ( ) إضافة إلى التجريد من الثياب على يد أشخاص من الجنس الآخر ( ) ، أو التجريد المتواصل من الملابس خلال الاحتجاز ( ) . وهكذا فقد ارتأت أن القوة لا تشكّل شرطاً مُسبقاً لكي يصبح العري أمراً مهينا، بل إن الإهانة تحدث من خلال وجود ضابط شرطة يقوم بدور ” عنصر اختلاس النظر “ مما يمكن بدوره أن يصل إلى مستوى المعاملة المهينة ( ) . وفضلاً عن ذلك فإن العري القسري يشكّل في حالتها انتهاكاً للخصوصية ( ) . كما أن العري القسري يشكّل جريمة دولية (المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية). وقد تم تعريفه لأول مرة في عام 1998 في سياق جرائم الحرب ( ) . وكان هناك قرارات صدرت أيضاً على المستويات الوطنية وفيها قَبِلَت الدولة الطرف بأن العُري القسري يشكّل معاملة مهينة ( ) . وإضافة إلى ذلك، فالعري القسري الذي ترتكبه الشرطة يشكّل سوء سلوك من جانب الشرطة وهو محظور بموجب البند 302 من القانون الجنائي.

3-5 وأكّدت مقدِّمة البلاغ أيضاً أن شكواها الأساسية تتمثّل في التمييز ضد المرأة الناجم عن مجرّد وجود قوانين البغاء. وذكرت أنه في ظل الظروف الاعتيادية (فيما لو لم تصبح مقدِّمة البلاغ مستهدَفة بعملية غير مشروعة قامت بها الشرطة) فلن يتوافر إنصاف محلي ينطوي على أي فرصة للنجاح. أما حالة الإنصاف الوحيدة المتاحة فلسوف تتمثل في شكوى تطلب إلى المحكمة الدستورية إعلان عدم دستورية قوانين البغاء. ومع ذلك ففي عام 1976 كانت المحكمة الدستورية قد أعلنت بالفعل إلزام النساء بالتسجيل كبغايا وأن يخضعن لفحوصات الأمراض النسائية باعتبار ذلك أمراً دستورياً ( ) . ويتبع ذلك فيما يتعلّق بالمادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري أن أي استئناف أمام المحكمة الدستورية سوف يكون من المستبعد أن يؤدّي إلى إنصاف فعّال.

3-6 وفضلاً عن ذلك، دفعت مقدِّمة البلاغ بأن محاكم الدولة الطرف قد تفسِّر الالتزام بعدم التمييز على نحو مختلف عن الاتفاقية، باعتبار أنها ليست مُلزَمة بأحكام الاتفاقية، لأن المحكمة الدستورية خلصت في عام 1975 إلى أن القانون الدولي لا يرتب حقوقاً فردية على المستوى الوطني ( ) . وعليه، ففي إطار الظروف العادية لا تملك النساء أي سبيل للانتصاف ضد التمييز الذي تسببه قوانين البغاء.

3-7 وارتأت مقدِّمة البلاغ أن التمييز في حالتها كنتيجة لقوانين البغاء ازدادت وطأته من جرّاء عملية الشرطة غير المشروعة لإنفاذ تلك القوانين مما أتاح خياراً لطلب الانتصاف من خلال اتخاذ إجراءات الشكوى الإدارية ضد سوء سلوك الشرطة وهو ما اتّبعته المشتكية. ومع ذلك فسبيل الجبر كان عقيماً بطريقتين: كان تطبيقه مطوّلاً بصورة غير معقولة باعتبار أن الأمد الزمني للإجراءات كان مبالغاً فيه بشكل مفرط، بل وأعاقته فترة طويلة من عدم النشاط. وثانياً، أن الدولة الطرف، رفضت بحكم الأمر الواقع، إمكانية وصول مقدِّمة البلاغ إلى المحكمة، وأعلنت أن الشكوى ليس لها مقبولية لأسباب غير منصفة. كذلك فقد توافر سبب منهجي لهذا الأمر حيث إن سوء سلوك ضباط الشرطة قلّما يُطرَح أمام المحاكم، كما لا تترتب عليه أي نتائج يُعتَدّ بها بالنسبة لضابط الشرطة ( ) .

3-8 كما ارتأت مقدِّمة البلاغ أن إلزام المشتغلات بالجنس بالتسجيل كبغايا والخضوع إلى فحوصات نسائية وإلى اختبارات فيروس نقص المناعة البشرية، وبرغم أنها أمور مصاغة بأساليب تبدو محايدة من الناحية الجنسانية، إلاّ أنها تؤثّر أساساً على النساء باعتبار أن الغالبية العظمى من الأشخاص المشتغلين بالعمل الجنسي هم من النساء، دون أن تكون هناك التزامات مماثلة مفروضة على الرجال باعتبارهم على سبيل المثال من زبائن المشتغلات في المجال الجنسي. وعلى ذلك فثمة تمييز غير مباشر ضد المرأة من واقع مجرد وجود هذه القوانين مع ما ينجم عنها من آثار مدمّرة للمرأة المشتغلة في مجال الجنس. والحاصل أن مقدِّمة البلاغ تضررت، باعتبار أن الشرطة نظرت إليها بالخطأ على أنها عاهرة وينبغي أن تُدفَع دفعاً للدخول ضمن نظام مكافحة البغاء وعلى أساس أن ”الفقه القانوني النمساوي يقبل بهذا الأمر “. لكنها ارتأت أن حقوقها بموجب المادة 1، بالاقتران مع المادة 2 (و) و (ز) من الاتفاقية، تعرَّضت للانتهاك، باعتبار أن الغرض من التحقيق السرّي ضدها كان متمثلاً في إنفاذ قوانين البغاء، ومن ثم فقد تضررت بصورة مباشرة من هذه اللوائح ومن تنفيذها، وتبع ذلك أن عانت مقدِّمة البلاغ من التمييز ضد المرأة بسبب قوانين البغاء التمييزية انتهاكاً للمادة 2 (و) و(ز).

3-9 وتشير مقدِّمة البلاغ إلى الفقرة 9 من التعليق العام للجنة رقم 28 (2010) على الالتزامات الأساسية، التي تتحمّلها الدول الأطراف بالنسبة للمادة 2 من الاتفاقية، وترى أن الدولة الطرف انتهكت التزامها بموجب المادة 2 باحترام الحقوق المتساوية للنساء من خلال تشريعاتها. كما أنها ترى بالإشارة إلى الفقرة 36 من التعليق العام رقم 28 بأن حقيقة أن الدولة الطرف قد جعلت أوجه الانتصاف غير فعّالة إنما تشكّل انتهاكاً للمادة 1 بالاقتران مع المادة 2 (هـ) من الاتفاقية.

3-10 ولاحظت مقدِّمة البلاغ أن الشرطة اعترفت بأن العمليات السرّية، ومنها تلك التي تم تنفيذها ضدها، هي عمليات روتينية. وعلى ذلك، وكنتيجة لقوانين البغاء، فإن النساء ما زلن مستهدَفات بعمليات غير قانونية إذا ما تشكّكت الشرطة في ممارستهن البغاء غير المشروع، بينما لا يخضع زبائنهن الذكور لهذا الأمر. وعليه، فالمرأة لا تتمتّع بالحماية المتساوية فيما يتصل بحقوق الإنسان، وتشكل قضية مقدِّمة البلاغ مثالاً على ذلك، حيث ترى أنها عانت من التمييز ضد المرأة بسبب الحماية غير المتكافئة لما لها من حقوق الإنسان في ضوء ما للرجل من حقوق الإنسان انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية. وهذا التمييز الذي يحرم المرأة من التمتُّع الكامل بحقوق الإنسان الأساسية يشكّل عنفاً ضد المرأة.

3-11 وفيما يتعلّق بالمادة 1 بالاقتران مع المادة 6 من الاتفاقية، فإن التمييز ناجم عن التناقض مع مقصد المادة 6 من خلال قوانين البغاء. فبدلاً من حماية المرأة من الاستغلال الجنسي تولدت عن إنفاذ القوانين أخطار جديدة بالنسبة للتحرُّش الجنسي من جانب الشرطة، ومن ذلك مثلاً الإجبار على التعرّي على نحو ما عانته مقدِّمة البلاغ، حيث أن النظام القانوني لا يكفل الحماية من مثل هذه المعاملة السيئة.

3-12 وفيما يتعلّق بالمادة 1 بالاقتران مع المادة 12 من الاتفاقية، فإن قوانين البغاء، وهي قانون الإيدز وقانون الأمراض التناسلية تفرض على المرأة معايير مختلفة عن الرجل فيما يتعلّق بالصحة الجنسية. وهذه القوانين تجعل المرأة، وبالذات المرأة المشتغلة بالجنس، مسؤولة دون سواها عن الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي، برغم أن ليس هناك أساس علمي لهذا الأمر، بينما لا توجد نُظم مماثلة موجّهة نحو الرجل، وبالذات نحو زبائن العاملات في مجال الجنس. وقد أدى ذلك إلى أن أصبحت مقدِّمة البلاغ خاضعة لعملية غير مشروعة قامت بها الشرطة من أجل إنفاذ هذه القوانين، فكان أن عانت من التمييز ضد المرأة نتيجة للنُهُج القانونية غير المتكافئة بالنسبة لصحة المرأة وصحة الرجل في انتهاك للمادة 12.

3-13 وفيما يتعلّق بالمادة 1 بالاقتران مع المادة 13 (ج) من الاتفاقية، فإن قوانين البغاء تدفع الشرطة إلى تقييم الأنشطة الترويحية للرجال والنساء بصورة مختلفة فور اكتسابها مفهوماً جنسياً. وكنتيجة لهذه الأنماط الجنسانية المقولبة، فإن الحياة الجنسية غير التقليدية لمقدِّمة البلاغ أثارت شكّاً بممارسة البغاء غير المشروع، فكان أن استخدَمت الشرطة أساليب غير قانونية للتدخُّل. على أنه لا توجد تحقيقات سرّية تقوم بها الشرطة للكشف عن الرجال المشكوك في أنهم يلتمسون اتصالات مع المشتغلات بالجنس. ويتبع ذلك أن عانت مقدِّمة البلاغ من التمييز ضد المرأة بصورة ناجمة عن الأنماط الجنسانية المقولبة بشأن الحياة الجنسية وفي انتهاك للمادة 13 (ج) من الاتفاقية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 في 18 نيسان/أبريل 2014 دفعت الدولة الطرف بأنه في سياق التحقيقات الروتينية بتاريخ 29 كانون الثاني/يناير 2007 كان ضباط إدارة التحقيقات الجنائية في منطقة النمسا السفلى يحقّقون في جريمة الاتجار بالأشخاص، فصادفهم إعلان من مقدِّمة البلاغ بشأن منتدى اتصالات نمساوي عبر شبكة الإنترنت. وكان واضحاً بما لا يدع مجالاً للشك من واقع نصّ الإعلان بأنها كانت تعرض أعمالاً جنسية على الرجال مقابل مبلغ مدفوع أشارت إليه على أنه ” مصروف جيب “ . وقد اتصل بها بعد ذلك ضابط من إدارة التحقيقات بوصفه ”زبوناً مهتماً بالأمر “ واستخد م عنواناً سرّياً بالبريد الإلكتروني. وفي 29 كانون الثاني/يناير 2007 بعثت إليه مقدِّمة البلاغ رسالة بالبريد الإلكتروني تعرض أعمالاً جنسية مقابل مبلغ مدفوع. وخلال ما تلا ذلك من اتصالات على الهاتف وبالبريد الإلكتروني فإن مقدِّمة البلاغ (وزوجها) أعطياه رقم هاتفها وعنوانها ثم أحالا صوراً فوتوغرافية تصوِّرها عارية أو مرتدية ملابسها الداخلية وتمارس الجماع مع شركاء متنوّعين. وفي 19 شباط/فبراير 2007 جاء ضباط إدارة التحقيقات إلى العنوان المقدّم من جانب مقدِّمة البلاغ وقام أحدهم بدق الجرس في الساعة الثامنة مساءً باعتباره الزبون المتوقّع بينما كان الآخرون ينتظرون على مقربة من المكان. وفتح الباب زوج مقدِّمة البلاغ وسمح للزبون المفترض بدخول المنزل وكانت مقدِّمة البلاغ بانتظاره بالفعل - في ملابسها الداخلية - بغرفة المعيشة. وبعد اتفاقهم على شروط الدفع كَشَف العميل المفترض عن هويته، وأبلغها بأنه ضابط شرطة وأراها بطاقة هويته الشرطية. وردّاً على سؤاله، ذكرت مقدِّمة البلاغ أن ليس لديها ما يسمّى بطاقة المراقبة للأشخاص العاملين بوصفهم بغايا ولا أنها أبلغت مجتمعها المحلي بأنشطتها كعاهرة. وبعد أن أحضرت مقدِّمة البلاغ زوجها، أحضر الضابط كذلك زملاءه إلى المنزل. وحيث أن مقدِّمة البلاغ رفضت مرافقتهم إلى مركز الشرطة من أجل الاستجواب فقد تمّ إعداد نسخة من أقوالها في الموقع ذاته.

4-2 ولاحظت الدولة الطرف أن مقدِّمة البلاغ تذكر في رسالتها أن الضباط دفعوها في 19 شباط/فبراير 2007 لكي تدلي باعتراف وأن الضباط لم يسمحوا لها بارتداء ملابسها ومن ثم كان تعريضها إلى ”العري القسري “. على أنه في المحضر المستنسخ من بيانها بتاريخ 19 شباط/فبراير 2007، وهو موقّع بواسطة مقدِّمة البلاغ لا ترد أي إشارة في هذا الصدد. ولم تقم مقدِّمة البلاغ بإثارة هذه الأمور في رسالتها الإلكترونية المقدّمة بعد ذلك إلى إدارة التحقيقات في 20 شباط/فبراير 2007، ولا طعنت صراحةً في بيان الحقائق الذي قدمه الفريق الإداري المستقل في منطقة النمسا السفلى في شكاواها الموجّهة إلى المحكمة الدستورية والمحكمة الإدارية. وفي طلب خطّي بتاريخ 21 آب/أغسطس 2008 (أي بعد انقضاء نحو 15 شهراً على الأجل المطلوب) قامت مقدِّمة البلاغ، ويمثّلها في ذلك زوجها، بتقديم شكوى أمام الفريق الإداري تطعن في الفعل الرسمي بتاريخ 19 شباط/فبراير 2007. وقد اشتكت من انتهاك وقع للعديد من الحقوق المكفولة دستورياً، فضلاً عن ”المبادئ التوجيهية لتدخُّلات ضباط الشرطة “ ( جريدة القانون الاتحادي عدد 266/199 3). كما طلبت عودة إلى الحالة السابقة للإجراءات فيما يتعلّق بانقضاء مهلة الأسابيع الستة بالنسبة للشكاوى المرفوعة ضد تدابير الشرطة. ومن خلال قرار متخذ في 5 أيار/مايو 2009 رفض الفريق الإداري طلبها ، كما ر فض الشكوى باعتبار أنه لم يتبيَّن أن حيل بينها وبين تقديم الشكوى في الوقت المحدد . ثم قدّمت مقدِّمة البلاغ شكوى ضد قرار الفريق الإداري أمام المحكمة الدستورية. التي أصدرت قرارها في 23 شباط/فبراير 2010 يرفض النظر في الشكوى باعتبار أنها لم تُثِر أي مسائل دستورية وأحالتها لمزيد من النظر إلى المحكمة الإدارية. وبقرار صادر في 20 آذار/مارس 2013 قامت المحكمة الإدارية من جانبها برفض نظر الشكوى باعتبار أن قرار الفريق الإداري المطعون عليه لم يخالف قانون السوابق القضائية للمحكمة.

4-3 و دفعت الدولة الطرف أيضاً بأنه بموجب قرار مؤرخ 18 كانون الثاني/يناير 2008 صدر الأمر إلى مقدِّمة البلاغ بسداد ضريبة الدخل عن أنشطتها بوصفها عاهرة للسنوات 2004 إلى 2006 . وقد حاز النجاح استئنافها المقدّم إلى مجلس الأمناء المالي المستقل وتم التجاوز عن تهمة الضرائب بموجب قرار مؤرخ 15 كانون الأول/ديسمبر 2008 باعتبار أن أنشطة مقدِّمة البلاغ لم تكن خاضعة لضريبة الدخل. وكان ثمة شكوى رسمية مقدّمة ضد هذا القرار من جانب مكتب الضرائب لدى المحكمة الإدارية ولم تَحُزّ النجاح (الحكم المؤرخ 25 كانون الثاني/يناير 2012). وفي رأي المحكمة الإدارية فإن ما دفعت به مقدِّمة البلاغ بأن المبالغ المتلقّاة كانت بالغة الضآلة بالنسبة لها عندما كانت تمارس الأنشطة ذات الصلة كان دفعاً اتسم بأهمية حاسمة. وطبقاً لذلك، فإن سلوك مقدِّمة البلاغ لم يكن له دافع مادي ولم يفض إلى الانطباع بممارسة عمل تجاري . وعليه، لم يكن يتعيّن سداد الضرائب. ثم قدّمت مقدِّمة البلاغ شكوى لدى لجنة حماية البيانات بتاريخ 20 حزيران/يونيه 2013 ضد مكتب الضرائب ، و لكن هذه الشكوى تم رفضها بموجب قرار صادر بتاريخ 6 أيلول/سبتمبر 2013 ولم يكن هناك أي تخزين إلكتروني للبيانات فيما يتصل بالحياة الجنسية لمقدِّمة البلاغ، إلا أن التخزين الإلكتروني للبيانات الشخصية الأخرى فيما يتعلّق بالإجراءات المالية ، كان ضرورياً نظراً ل إمكانية تجدّد الإجراءات من جانب المحكمة الإدارية. كما قدّمت مقدِّمة البلاغ شكوى ضد القرار لدى المحكمة الدستورية وما زالت الإجراءات منظورة أمام المحكمة المذكورة. ومن ثم فهي خاضعة للسرّية الرسمية فيما يتعلّق بالأطراف الثالثة. ولأن مقدِّمة البلاغ لم تتح الشكوى للجنة فإن الدولة الطرف لا تستطيع أن تعلِّق على هذا الأمر .

4-4 وفي 19 نيسان/أبريل 2010 قدّمت مقدِّمة البلاغ شكوى بشأن المسؤولية الرسمية ضد الحكومة الاتحادية حيث طالبت بتعويض عن التكاليف التي تكبّدتها في الدعاوى الضريبية ، إضافة إلى تعويض عن الآلام والمعاناة الناجمة عن انتهاك ما لها من حقوق الإنسان ، في ضوء ما اتضح لها ب أن الحكومة الاتحادية مسؤول ة عن أي أضرار تحدث مستقبلاً وتنجم عن الآثار الدائمة للانتهاكات المدّعى بوقوعها لحقوق الإنسان. وقد أُغلِق ملف إجراءات المسؤولية الرسمية من خلال اتفاق مشترك: بعد أن قام وزير الداخلية الاتحادي، بوصفه أعلى شخصية في جهاز الشرطة، بدفع جزء من مبلغ التعويض الذي طالبت به مقدِّمة البلاغ و بغير الاعتراف بمطالبات ها، بينما أعلنت مقدِّمة البلاغ في جلسة استماع معقودة بتاريخ 23 نيسان/أبريل 2012 ، أنها تنازلت عن مطالباتها بالتعويض فيما يتصل بالمدّعى بوقوعه من أضرار شخصية ، وكذلك طلبها بالتوصُّل إلى تحميل الحكومة الاتحادية المسؤولية عن أي أضرار تقع في المستقبل. أمّا الموضوع المتبقّي من الإجراءات فقد كان يقتصر بذلك على تكاليف تمثيلها في الدعاوى الضريبية. كما وافقت مقدِّمة البلاغ، وكذلك الممثل القانوني للحكومة الاتحادية ، على إنهاء الإجراءات فيما يتعلّق بالطلبات المتبقية لمقدِّمة البلاغ (تقديم تكاليف تمثيلها في الدعاوى الضريبية) وبعد ذلك قدّمت مقدِّمة البلاغ رسالة مؤرخة 27 نيسان/أبريل 2012 إلى المحكمة مشفوعة ب إعلان عزم الطرفين على عدم حضور ال جلسة التالية للمحكمة. وبعد امتناع الطرفين عن حضور جلسة المحكمة التالية بمحض إرادتهما الحرة تم إنهاء الإجراءات بصورة حاسمة .

4-5 وارتأت الدولة الطرف أن قانونها الدستوري الاتحادي يضم أحكاماً شاملة تقضي بحظر التمييز ، و أحالت إلى المادة 2 من القانون الأساسي بشأن الحقوق العامة للرعايا ( ) والمادة 7 من القانون الدستوري الاتحادي. فوضحت أن أي تمييز على أساس نوع الجنس محظور صراحة، وهو ما سلّمت به المحكمة الدستورية في قانون ها بشأن السوابق على مدار عقود من الزمن ( ) . كما أن المادة 14 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحرّيات السياسية تشغل مكانة دستوري ة في الدولة الطرف ، حيث تنص على أن الحقوق الواردة في تلك الاتفاقية سيتم كفالتها بغير تمييز على أساس نوع الجنس. وجميع الكيانات التي تعمل باسم الدولة الطرف ، بما في ذلك المجلس التشريعي ، يتعيَّن عليها أن تراعي هذا الحظر ضد التمييز، كما تقوم المحكمة الدستورية باستعراض الامتثال لهذا الحظر بل ويمكنها أيضاً أن تنحّي جانباً القوانين التي تنتهك هذا المبدأ .

4-6 وفيما يتعلّق بتنظيم البغاء دفعت الدولة الطرف أيضاً، بأنه على مستوى التشريعات الاتحادية فإن قانون الأمراض التناسلية ( ) يسمح بإصدار اللوائح التي تنظِّم الاحتياطات الصحية والإشراف على الأشخاص الذين يسمحون بممارسة الأنشطة الجنسية على أجسادهم للأغراض التجارية ، أو يمارسون هذه الأنشطة على ا لأشخاص الآخرين. واستناداً إلى هذا البند ، صدرت اللوائح المتعلقة بالرقابة الصحية على الأشخاص الممارسين للبغاء ( ) . وهذه اللوائح تتطلّب من الأشخاص الذين يسمحون بهذه الأنشطة الجنسية ، سواءٌ على أجسادهم لأغراض تجارية أو يمارسون هذه الأنشطة على أجساد الآخرين ، أن يخضعوا ل فحص طبّي بواسطة مسؤول صحي حكومي قبل أن يشرعوا في ممارسة مثل هذا النشاط ثم بعد هذه الممارسة ، على أن يتم الفحص على فترات أسبوعية منتظمة من أجل البتّ فيما إذا كانوا خالين من الأمراض التناسلية. وهؤلاء الأشخاص يتسلّمون بطاقة (يشار إليها أيضاً على أنها ”بطاقة المراقبة “ ) كدليل على سلامة إجراء الفحص. وفضلاً عن ذلك، وفي إطار قانون الإيدز لعام 1993 ( ) فأي شخص يرغب في الاشتغال بالبغاء، لا بد وأن يخضع لفحص بالنسبة للإصابة بالإيدز على يد مسؤول صحي حكومي قبل ممارسة هذا النشاط ثم بعد ذلك على فترات منتظمة كل ثلاثة أشهر على الأقل . أما قانون البغاء في مناطق النمسا السفلي ( ) فيتطلّب من ا لأ شخاص المسموح لهم باستخدام مبانٍ أو أجز ا ء من مبانٍ يُقصَد بها تمهيد السبيل أمام أنشطة البغاء و ممارستها على أساس منتظم ، أن يُبلغوا السلطة البلدية مُسبقاً مع إعطاء أسمائهم وعناوينهم. وتنطبق الأحكام القانونية سابقة الذكر على الرجال والنساء على السواء. وبما أن البغاء ليس مقصوراً على النساء فإن الرجال المشتغلين بالبغاء لا بد وأن يمتثلوا كذلك للأحكام القانونية المذكورة أعلاه، ومن ثم ليس هناك تمييز ضد المرأة نتيجة لهذه الأحكام.

4-7 ودفعت الدولة الطرف حسب ا لقانون المنطبق ( ) وقت حدوث الفعل الرسمي المؤرخ 19 شباط/فبراير 2007 فإن الأشخاص الذين يدّعون بانتهاك وقَعَ لحقوقهم بسبب ممارسة سلطة إدارية أو قسر إداري بصورة مباشرة يمكنهم تقديم شكوى لدى فريق إداري مستقل. وهؤلاء الأشخاص يمكنهم كذلك تقديم شكوى يدّعون فيها بحدوث انتهاك لحقوقهم من خلال أفعال إدارية بخلاف ممارسة السلطة و الإلزام من جانب السلطات الأمنية ( ) . وأخيراً، يمكن تقديم شكوى تدّعي بارتكاب انتهاك بالنسبة إلى ”المبادئ التوجيهية لتدخُّلات ضباط الشرطة “ ( ) . و فيما يتعلق ب جميع هذه الأوجه من الانتصاف تتاح فترة موحّدة قوامها ستة أسابيع لتقديم الشكوى. وقد حُسِبَت هذه الفترة على أنها تبدأ في اليوم الذي يصبح فيه الشاكي على دراية بممارسة السلطة والإلزام المباشر بواسطة الجهات الإدارية (وإذا ما حِيل بينه/بينها وبين الإفادة من حقه أو حقها في تقديم الشكوى بسبب هذه الممارسة ، في اليوم الذي تزول فيه هذه العقبة). وأي استئناف مرفوع ضد قرار الفريق الإداري المستقل يمكن تقديمه إلى المحكمة الإدارية والمحكمة الدستورية. وفي استئناف مرفوع إلى المحكمة الدستورية يمكن الطعن في انتهاكات ال حقوق الأساسية الناجمة عن قرار الفريق، فضلاً عن عدم المشروعية (الدستورية) للقوانين واللوائح التي استُخدِمت كأساس للقرار المطعون عليه ويمكن من ثم رفضها. وفضلاً عن ذلك يستطيع الأفراد أن يطعنوا مباشرة على عدم المشروعية (الدستورية) للقوانين واللوائح لدى المحكمة الدستورية إذا ما كان هذا الغياب ل لمشروعية (الدستورية) يؤدّي مباشرة إلى انتهاك لحقوقهم. ول لمحكمة الدستورية أن ترفض النظر في شكوى إذا لم ت توافر لها احتمالات النجاح وإذا تعذَّر ال توقُّع بأن ثمة مسألة دستورية يمكن توضيحها على أساس القرار المطعون عليه. ول لمحكمة الإدارية أن ترفض النظر في الشكوى إذا لم يعتمد القرار على حسم مسألة من مسائل القانون ذات الأهمية الأساسية وهو ما ينطبق فقط على الإجراءات الجنائية الإدارية في حالة فرض غرامة منخفضة.

4-8 ودفعت الدولة الطرف كذلك بأنه لو تم ت معالجة البيانات الشخصية بواسطة السلطات الإدارية ، يمكن أن يتجه المعنيون ب هذه البيانات إلى لجنة حماية البيانات ، التي تبتّ في شكاوى الأشخاص الذين يدّعون بأن تعدياً وقع على حقهم في السرّية أو حقهم في التصحيح أو الحذف ( ) .

4-9 وارتأت الدولة الطرف أن ال بلاغ غير مقبول في إطار المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري لأن مقدِّمة البلاغ لم تستنفد أوجه الانتصاف المحلية طبقاً للأحكام الإجرائية الوطنية ( ) . وبصورة خاصة فقد قدّمت مقدِّمة البلاغ شكوى لدى الفريق الإداري المستقل لمناطق النمسا السفلي في موعد متأخر بعد مضي نحو 18 شهر اً على وقوع الفعل الرسمي المؤرخ 19 شباط/فبراير 2007. وطبقاً للوضع القانوني وقت الفعل الرسمي ذي الصلة فإن فترة تقديم الشكاوى ضد أعمال السلطة و الإلزام كانت ستة أسابيع اعتباراً من اليوم الذي أصبحت فيه مقدِّمة البلاغ على بيّنة من هذه ال ممارسة للسلطة و الإلزام . ولأن مقدِّمة البلاغ كانت متأثرة ومشاركة بصورة مباشرة بالنسبة للفعل الرسمي المؤرخ 19 شباط/فبراير 2007 فإن فترة تقديم الشكوى إلى الفريق انتهت بعد انقضاء ستة أسابيع من ذلك التاريخ. واكتفت مقدِّمة البلاغ بأن دفعت في سياق الإجراءات الوطنية بأنها لم تكن قد أحيطت علماً بإمكانية تقديم استئناف وبالأسس القانونية للتحقيق السرّي حتى آب/أغسطس 2008.

4-10 ولاحظت الدولة الطرف أن مقدِّمة البلاغ دفعت بأن فترة الأسابيع الستة لتقديم الشكاوى كانت قصيرة للغاية ، وأنه بغير إحاطتها علماً بالأساس القانوني للتحقيق السرّي ، فمعنى ذلك أن حيل بينها وبين تقديم شكوى في الوقت المطلوب. وردّت الدولة الطرف بأن هذه الدفوع ليست مقنعة باعتبار أن كان كافياً وصف الوقائع في الشكوى المقدمة إلى الفريق الإداري مع الادّعاء بوقوع انتهاك للحقوق. ولم يكن لتقديم الشكوى أن يتطلّب بالتأكيد معرفة دقيقة ب الأساس القانوني الذي استندت إليه السلطات في اتخاذها للإجراء الرسمي ، و لا كان ضرورياً الإحالة في الشكوى إلى الأحكام القانونية ذات الصلة. بل أن المعلومات التي تفيد بأن التحقيق السرّي جاء مستنداً إلى قانون شرطة الأمن كان أمراً غير ذي صلة بالنسبة لتقديم الشكوى إلى الفريق ، وذلك لأسباب عدة من بينها أن جميع الشكاوى المقدّمة ضد أنشطة التحقيق و الإجراءات الرسمية التي يتخذها ضباط الشرطة لها فترة موحَّدة لتقديم الشكاوى قوامها ستة أسابيع. أما فترة تقديم الشكوى فقد انقضت بأجل طويل في كل حال بصرف النظر عن الأساس القانوني المحدّد للفعل الرسمي المطعون عليه من جانب المشتكية . وفترة تقديم الشكاوى إلى الفريق تستند إلى القوانين المُعلَنة حسب الأصول وقد تم تجاوزها إلى حدٍ كبير لدرجة أن لم يعد من سبيل إلى تطبيق المعاملة الإيجابية للآجال الزمنية القانونية من جانب المحاكم النمساوية فيما يتصل بإسباغ الحماية القانونية ( ) .

4-11 كما ارتأت الدولة الطرف أن مقدِّمة البلاغ كان لديها ما يكفي وما يمكن إتاحته مجاناً و بسهولة من الإمكانيات لإحاطة نفسها علماً بالحق في تقديم شكوى. وعلى سبيل المثال ، فإن المرة الأولى التي يدلي فيها محام بمعلومات قانونية في الدولة الطرف تُعد خدمة مجانية. وبالإضافة إلى ذلك يستطيع أي فرد أن يتوجه إلى المحاكم يوم الجلسة العلنية للمحكمة دون ذِكرْ اسمه من أجل الحصول على معلومات بشأن إمكانية الحماية القانونية. كما أن الفريق الإداري المستقل في مناطق النمسا السفلي قدّم معلومات قانونية بشأن الأيام المتاحة على وجه التحديد، فيما يعمل مكتب أمين المظالم كذلك على تقديم المعلومات القانونية للأشخاص الذين يلتمسون الحماية القانونية. كما أنه يمكن الافتراض بأن مقدِّمة البلاغ، وزوجها الذي كان يمثّلها أمام الفريق ، وكلاهما م من تلقوا تعليماً جامعياً ، كان بوسعهما معرفة فرص الحماية القانونية مع ما يتصل بذلك من حدود زمنية. وفضلاً عن ذلك كان بوسع مقدِّمة البلاغ أن تعتمد على مساعدة محام فور وقوع الفعل الرسمي المؤرخ 19 شباط/فبراير 2007 على نحو ما قامت به بعد ذلك عندما قدّمت شكاواها إلى المحكمة الدستورية والمحكمة الإدارية وفيما يتصل أيضاً بإجراءات المسؤولية الرسمية.

4-12 وارتأت الدولة الطرف أيضاً أن سلوك ضباط الشرطة خلال الفعل الرسمي المؤرخ 19 شباط/فبراير 2009 ، فضلاً عن الشكوى المتعلقة بالمعاملة غير الإنسانية والمهينة ، كان يمكن تدارسه م ا بصورة شاملة خلال الإجراءات المتخذة أمام الفريق الإداري المستقل. ولو كان قد اتضح نتيجة هذا الفحص أن التحقيق كان غير مشروع ، لاستطاع الفريق اتخاذ قرار في هذا الخصوص. وعليه، فقد توافرت أدوات فعّالة لدى مقدِّمة البلاغ لأن تتدارس بشكل تفصيلي نشاط اً قامت به الشرطة وي ُ دّعى بأنه كان غير مشروع. وحقيقة أن ه لا يوجد مثل هذا الفحص ، فذلك ي رجع بصورة حصرية إلى عدم قيام مقدِّمة البلاغ بتقديم شكوى في الموعد المطلوب. و أشارت الدولة الطرف إلى بلاغ مماثل يتعلق ب تعويض قانوني متأخر حيث رفضت اللجنة ال بلاغ على أنها غير مقبول لعدم استنفاد أوجه الانتصاف المحلية ( ) .

4-13 كما دفعت الدولة الطرف بأن أوجه ا لا ن ت صاف المحلية لم يتم استنفادها أيضاً نظراً ل موافقة مقدِّمة البلاغ بمحض إرادتها على تسوية: بعد تلقّي جزء من التعويضات المطلوبة اتفقت مقدِّمة البلاغ مع وزير الداخلية الاتحادي باعتباره أرفع عضو في جهاز الشرطة على إنهاء الإجراءات بغير صدور قرار من ال محكمة. ومن ثم لا تستطيع مقدِّمة البلاغ أن تؤكّد أمام اللجنة حدوث انتهاكات قانونية على أساس ما وقع من أحداث أفضت للتوصّل من جانبها إلى تسوية شاملة على الصعيد الوطني. كما أن مقدِّمة البلاغ لم تعرض أي ملابسات في هذا الشأن تفيد بأن التسوية كانت باطلة .

4-14 وفيما يتصل بالتحقيق السرّي قبل 19 شباط/فبراير 2007 ، تدفع الدولة الطرف بأن مقدِّمة البلاغ أحيطت علماً بالتحقيق السرّي السابق على الفعل الرسمي المؤرخ 19 شباط/فبراير 2007 يوم حدوث هذا الفعل ، وكان بإمكانها من ثم أن تقدِّم شكوى لدى الفريق الإداري المستقل في حدود الفترة المطلوبة وقوامها ستة أسابيع. و قد لاحظت مقدِّمة البلاغ صراحة في إجراءات الدعوى الوطنية ب أنها كانت على دراية ب التحقيق السرّي يوم 19 شباط/فبراير 2007.

4-15 كذلك فلم يتم استنفاد أوجه الانتصاف المحلية فيما يتعلّق بتحويل البيانات من قبل إدارة التحقيقات الجنائية في مناطق النمسا السفلي إلى مكتب الضرائب على نحو ما طعنت فيه مقدِّمة البلاغ . فالشكوى المقدّمة إلى المحكمة الدستورية ضد القرار السلبي الصادر عن لجنة حماية البيانات بتاريخ 6 أيلول/سبتمبر 2013 ، ما زالت قيد النظر . وارتأت الدولة الطرف أنه في حال تقديم بلاغ إلى اللجنة قبل استنفاد جميع أوجه الانتصاف المحلية ف لا بد من إعلان عدم مقبولية هذه الرسالة ( ) .

4-16 و دفعت الدولة الطرف بأن ه فضلاً عن ذلك فإن أوجه الانتصاف المحلية لم يتم استنفادها لأن مقدِّمة البلاغ لم تقم على النحو المناسب بعرض ما يدلّ بالفعل على انتهاك الحقوق بموجب الاتفاقية على نحو ما هو مدّع ي به أمام اللجنة في الإجراءات الوطنية. ومن شروط مقبولية أي رسالة ما يفرض على المشتكي أن يكون من ناحية المضمون قد ادّعى على المستوى الوطني بوقوع انتهاك للحقوق المكفولة بموجب الاتفاقية ( ) . وبما أن مضمون الاتفاقية يتمثّل في القضاء على التمييز ضد المرأة فإن مقدِّمة البلاغ كان عليها أن تدّعي، بطريقة مناسبة، بوقوع تمييز على أساس نوع جنسها في الدعاوى المحلية، ومع ذلك لم تُثِر مقدِّمة البلاغ أيّاً من هذه الادّعا ءا ت بطريقة مناسبة. وفي شكواها المقدَّمة إلى الفريق الإداري المستقل بشأن الفعل الرسمي المؤرخ 19 شباط/فبراير 2007 ، لم تد ّ ع مقدِّمة البلاغ أن تم التمييز ضدها باعتبارها امرأة من جراء سلوك السلطات ، أو على أساس قوانين النمسا ، مما يجعل شكواها بشأن انتهاك الحقوق الأخرى ، دون الإشارة إلى فعل بعينه للتمييز ضدها كامرأة ، لا تشكل ادّعاءً مناسباً بالتمييز في إطار معنى البروتوكول الاختياري ( ) . إن إدّعاء التمييز في شكاواها المرفوعة أمام المحكمة الدستورية والمحكمة الإدارية ، على نحو ما ذكرته مقدِّمة البلاغ كملاحظة جانبية ، لا يمكن أن تأخذه المحاكم في اعتبارها. ونظراً لعدم مراعاة مقدِّمة البلاغ للحدود الزمنية ، لم يعد الفعل الرسمي وادّعاء التمييز موضوعاً يخص الدعاوى المرفوعة أمام المحكمة الدستورية والمحكمة الإدارية.

4-17 وارتأت الدولة الطرف أن ادّعاء مقدِّمة البلاغ بأنه لم يتم إنصاف قانوني محلي فعّال يتيح ا لطعن على هذا الأساس في القوانين التي تنظّم نشاط البغاء ، أمر لا يستند بدوره إلى أساس. لقد كان بوسع مقدِّمة البلاغ أن تؤكّد في شكوى مرفوعة إلى الفريق الإداري المستقل و تُقدّم في الوقت المناسب ، استناد الفعل الرسمي والتحقيقات التي سبقته إلى قوانين تتسم بالتمييز ضد المرأة . و بما أن الدستور يضم حظراً ضد التمييز على أساس من نوع الجنس، فإن هذا الدفع كان يمكن النظر فيه على أساس موضوعيته، ثم يُرفَع بواسطة الفريق إلى المحكمة الدستورية من خلال تقديم طلب لمراجعة القانون. وفضلاً عن ذلك ، وبادّعاء أن قوانين البغاء ذات الصلة كانت تمييزية على هذا الأساس ، فإن مقدِّمة البلاغ تهدف في واقع الأمر إلى استعراض للوائح بحد ذاتها باعتبار أنها دفعت على مدار مجمل الإجراءات بأنها كانت ولا تزال بعيدة عن العمل كعاهرة . ومع ذلك ، فلا البروتوكول الاختياري ولا النظام القانوني للنمسا يهيئان أي أساس لاستعراض اللوائح بناءً على مبادرة تتخذها واحدة من الأفراد و تدفع بأن اللوائح موضع الطعن لا تنطبق عليها ( ) .

4-18 وأخيراً، تدفع الدولة الطرف بأن مقدِّمة البلاغ ليست كذلك مجنيّاً عليها في ضوء معنى متطلبات المقبولية في البروتوكول الاختياري باعتبار أنها وافقت طواعية ، في إجراءات المسؤولية الرسمية ، على تسوية شاملة فيما يتعلّق بالفعل الرسمي المؤرخ 19 شباط/فبراير 2007 و في التحقيقات التي سبقت وفي الإجراءات الضريبية. وفي سياق هذه التسوية تلقّت مقدِّمة البلاغ من الدولة الطرف جزءاً من مبلغ التعويض الذي طالبت به ، وبعد ذلك اتفقت مع الدولة الطرف على إنهاء الإجراءات على أساس إغلاق الملف بما في ذلك ما يتعلق بمطالبتها بالتعويض المتصل بالإجراءات الضريبية. وهذا الإنهاء لإجراءات المطالبة الرسمية استناداً إلى تسوية ، يوضّح بجلاء ، وبغير شك ، أن مقدِّمة البلاغ ارتأت أن المطالب التي أكّدت عليها قد تمت الاستجابة لها ، وعلى ذلك فمقدِّمة البلاغ لا يمكن التعامل معها بعد ذلك على أنها ضحية في إطار معنى المادة 2 من البروتوكول الاختياري مما يجعل الرسالة غير مقبولة عملاً بالبروتوكول الاختياري.

تعليقات مقدِّمة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 بتاريخ 18 أيار/مايو 2015 كررت مقدِّمة البلاغ بعض دفوعاتها بشأن مضامين ال بلاغ كما أضافت حُججاً جديدة.

5-2 و فيما يتعلّق بمقبولية ال بلاغ دفعت مقدِّمة البلاغ بأن الدولة الطرف أساءت تصوير نطاق رسالتها من خلال التركيز على سوء سلوك الشرطة في عام 2007 ، حيث أشارت إلى ضرورة أن تقتصر شكوى مقدِّمة البلاغ فقط على سلوك الشرطة. و عليه، اقتصرت الدولة الطرف ، فيما يتعلق بأوجه ا لا ن ت صاف ، على مناقشة إجراءات الشكاوى المتصلة بسلوك الشرطة (لدى الفريق الإداري المستقل أو وكالة حماية البيانات) . ولكن هذه الأمور لم تكن لتقصد التصدّي لأوجه الإيذاء من جرّاء القوانين أو الممارسات التمييزية. وتؤكّد مقدِّمة البلاغ على أن شكواها إنما تتعلّق بحالة مستمرة ، وفي إطارها لا تزال قوانين البغاء التمييزية تسمح للشرطة بتهديد النساء من خلال توجيه تُهم ملفقة بممارسة البغاء بسبب حياتهن الجنسية غير التقليدية. ومن ثم تستخدِم مقدِّمة البلاغ الأحداث التي شهدها عام 2007 لدعم ادّعائها والتدليل على أنه بسبب اللوائح المتصلة بالبغاء والممارسات الإدارية المتبعة في إنفاذها، تواجه المرأة مخاطر غير مقبولة و تتمثّل في إلحاق الأذى بها بواسطة الشرطة في غياب أي ضمانات فعّالة ، وبالذات تغيب جميع الضمانات التي تكفل تحديداً إسباغ الحماية على المرأة. وبالمثل يمكن أن تحدث وقائع مماثلة مرة أخرى وفي أي لحظة. وعليه، فقد كانت مقدِّمة البلاغ، وما زالت، متضررة من جرّاء هذا التمييز برغم أنها ليست من البغايا.

5-3 ولاحظت مقدِّمة البلاغ أن الدولة الطرف تجاهلت ادّعاءاتها بشأن انتهاك وقع للمادة 1 مقترنة بالمادة 13 (ج ) من الاتفاقية بشأن التمييز فيما يتصل بال أنشطة الترويحية، وادّعاءاتها بانتهاك المادة 1 مقترنة بالمادة 2 (ج) من الاتفاقية مدّعية أن عُقم إجراءات الشكاوى الإدارية إنما يشكل نتيجة من نتائج الممارسات التمييزية في النظام القانوني. على أن الدولة الطرف لا تقترح أي إنصاف ينبغي لمقدِّمة البلاغ أن تحصل عليه أو يمكنها الحصول عليه ضد الانتهاكات التي وقعت .

5-4 وتلاحظ مقدِّمة البلاغ أيضاً أن الدولة الطرف تدفع بأنها كانت تطلب استعراضاً مجرّداً لتشريعات البغاء باعتبار أنها لم تكن عاهرة، ومن ثم فإنها ليست معنية بهذه اللوائح. وقد عارضت مقدِّمة البلاغ ما سبق ، ودفعت بأن أحداث عام 2007 تتيح قرينة كافية بأنها كانت ، و ما زالت ، متضررة من جرّاء التمييز المدّعى بوقوعه. وفضلاً عن ذلك ، فقد ادّعت الدولة الطرف بأن مقدِّمة البلاغ لم تكن مجنيّاً عليها باعتبار أنها تقبّلت التعويض ووافقت على تأجيل إجراءاتها المدنية . ومرة أخرى فقد تجاهلت الدولة الطرف مسألة استمرار التمييز ضد المرأة ، وهو أمر لم يتم، ولا يمكن أن يتم إنهاؤه من خلال دعوى مدنية . وأوضحت مقدِّمة البلاغ أن الدعوى المدنية التي رفعتها في عام 2012 تم إيقافه ا، . و حيث أن الدولة الطرف خلطت بين وقف الإجراءات وبين التوصل إلى تسوية شاملة ، ودفعت بأنها تلقّت تعويضاً بمبلغ 850 1 يورو عن الأضرار غير المالية بينما تعيّن عليها في الوقت نفسه أن تغطي التكاليف القانونية بمبلغ 545.94 2 يورو عن هذه الدعوى المدنية ، في حين أنها لم تتمكن من استرداد التكاليف القانونية التي تحملتها وقد بلغت 636 4 يورو عن دعاوى ضريبة الدخل. وبالإضافة إلى ذلك لم تعترف الدولة الطرف بوقوع أية أفعال غير قانونية. كما أوضحت مقدِّمة البلاغ أنه حتى عام 2012 لم يتم إجراء أي تحقيق فعّال في سلوك الشرطة في حين أن الدعوى المدنية جاءت بغير احتمال لنجاحها، كما أنها وافقت على إيقافها بسبب تصاعد التكاليف القانونية. وأشارت إلى ما قضت به لجنة مناهضة التعذيب ، التي لاحظت في قضية مماثلة أن الدعوى المدنية لن تشكل حتى سبيلاً عملياً يفضي إلى تحقيق الإنصاف عن المعاملة المهينة لأنه في غياب تحقيق جنائي دقيق سوف يكون مصيرها الفشل ( ) .

5-5 كما ارتأت مقدِّمة البلاغ أن الشرطة ما زالت تجري التحقيقات السرّية غير القانونية من أجل تحديد هوية البغايا، وهذا يفضي إلى أن النساء اللائي يعشن مثلها حياة جنسية غير تقليدية يسهل الاشتباه في كونهن بغايا ، دون توافر أي ضمانات فعّالة تقصد تحديداً إلى حماية المرأة من الإيذاء. ولتجنُّب خطر السقوط كضحايا (مرة أخرى) سوف يتعيّن على النساء الامتناع عن اتباع حياة جنسية غير تقليدية ، أما الرجال ممن يعيشون حياة جنسية غير تقليدية ف ليسوا معرّضين لهذا الخطر . وعليه يمكن لمقدِّمة البلاغ أن تدّعي أنها ضحية للتمييز من واقع مجرد وجود هذه القوانين والممارسات. ثم أحالت مقدِّمة البلاغ إلى الاجتهاد القضائي ل لمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) وإلى لجنة حقوق الإنسان ( ) وارتأت أنه بالإضافة إلى تضررها من مجرد وجود القوانين التمييزية والممارسات الإدارية التمييزية ، و ذلك أمر كافٍ بحد ذاته بالنسبة لتوصيف حالة الضحية ، فقد أصبحت في عام 2007 ضحية أفعال بالغة الإيذاء نتيجة لهذه القوانين ، مع ما يرتبط بها من ممارسات غير قانونية. وخلصت إلى أن رسالتها ليست من دعاوى الحسبة وإنها تتصف بوضعية المجني عليه .

5-6 وارتأت مقدِّمة البلاغ أنها لن تستطيع التخلُّص من و ضعية الضحية إلاّ بعد أن تحظى ب الإنصاف. وكما لاحظت لجنة مناهضة التعذيب فإن الإنصاف ينطوي على استرداد الحق إضافة إلى تلقّي التعويض وإعادة التأهيل والترضية مع ضمانات ب عدم التكرار ( ) . على أن تقديم التعويض النقدي أمر غير كافٍ في حد ذاته (43) باعتبار أن الدولة الطرف لا بد وأن تعترف بالانتهاكات (الترضية) ، في حين أن الدولة الطرف، على نحو ما توضّح ملاحظاتها ، لم تعترف بوقوع أي فعل أو الامتناع عن فعل غير مشروع أو أي نوع من أنواع التمييز ضد مقدِّمة البلاغ، سواء في الإجراءات المدنية أو في أي ٍ من الإجراءات الأخرى. ثم تحيل مقدِّمة البلاغ إلى الاجتهاد القضائي ل لمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الذي يقضي بأن تتحمّل الدولة بالتزام يقضي ب وضع نهاية للانتهاك الذي حدث، فضلاً عن تقديم سُبل الجبر عن ما يترتب على ذلك من نتائج بطريقة تفضي إلى العمل قدر الإمكان على استعادة الحالة التي كانت قائمة قبل وقوع المخالفة ( ) . وفي ضوء الحالة القانونية غير المتغيرة ، فضلاً عن الممارسات غير المتغيّرة لإنفاذ القانون لا توجد ضمانات تكفل بدورها عدم التكرار. وإذا ما  طُرحَت هذه التعليقات ضمن سياق واحد يظل من الواضح أن الدعوى المدنية تصبح غير ذات موضوع بالنسبة للنظر في المقبولية.

5-7 وطعنت مقدِّمة البلاغ في موقف الدولة الطرف الذي يفيد بأن أي شكوى تتصل بسلوك الشرطة وتكون مقدمة في غضون ستة أسابيع من حادثة 2007 إلى الفريق الإداري المستقل ، كان يمكن أن تشكّل علاجاً فعّالاً للطعن في القوانين التمييزية أيضاً ، وأنها فشلت في استنفاد هذا الجانب. بيد أن مقدِّمة البلاغ ترتأي أن تفسير الدولة الطرف ل لحيّز الزمني الإلزامي يضع على عاتقها عبئاً غير واقعي باعتبار أنه مفرط في طابعه الشكلي، فضلا عن جموده، ومن ثم فهو يصل إلى حدّ الحرمان من سُبل الوصول إلى المحكمة. ولاحظت مقدِّمة البلاغ أنه طبقاً للدولة الطرف لم يعد يهم أن الشرطة لم تُبلغ مقدِّمة البلاغ بسُبل الانتصاف المتاحة فيما أصبح من مسؤولياتها أن تلتمس أوجه الانتصاف المتاحة، وأنه لأغراض أي شكوى سيكون كافياً مجرد معرفة أن المرء كان مستهدفاً بعملية من جانب الشرطة ، وحينئذ يقوم الفريق الإداري بتحقيق الباقي من تلقاء نفسه. والحاصل أنه وفقاً للأوراق ذات الصلة، كان قانون الإجراءات الإدارية كفيلاً بحمل الفريق على أن يتصرّف بهذه الطريقة وأن يجري تحقيقات شاملة ، خاصة وأن مقدِّمة البلاغ لم تكن ممثَّلة بواسطة محام. ومع ذلك فإن الممارسة الفعلية تختلف تماماً: شكاوى ضحايا عجرفة الشرطة كانت بانتظام تلقى الرفض لأسباب شكلية ( ) . وفي حالة مقدِّمة البلاغ لم يقم الفريق حتى بالردّ على رسالة البريد الإلكتروني لمقدِّمة البلاغ بتاريخ 9 كانون الأول/ديسمبر 2008 حيث أفادت بأن الشرطة ل م تردّ على استفسارها بشأن ما إذا كان هناك أي إشراف مستقل على العملية السرّية.

5-8 و تشير مقدِّمة البلاغ إلى قضية مماثلة لحالتها ، وفيها ر َ ف َ ض الفريق الإداري المستقل شكوى امرأة على أساس أنها لم تقم بصورة صحيحة بتحديد الأساس القانوني للعملية السرية التي تمت ضدها. وتدفع مقدِّمة البلاغ بأنه ما كان بوسعها تقديم شكوى بغير الحصول على تأكيد خطّي من جانب الشرطة بأن قانون شرطة الأمن تم تطبيقه فيما يتصل بالعملية السرية التي تمت ضدها. على أن مقدِّمة البلاغ لم تحصل على هذا التأكيد إلاّ في عام 2008 ، و في ذلك الحين أمكنها أن تقدّم شكواها وهو ما قامت به فعلاً. كما دفعت بأن القانون الوطني ينصّ على أن الأجل الزمني الإلزامي بالنسبة لشكوى لن يبدأ قبل أن يكون المشتكي قد حصل على المعلومات الكافية ، كما أنها تتصور إعادة الوضع إلى ما كان عليه في حال انتهاك السلطات التزاماتها القانونية (ومن ذلك مثلاً توضيح الأساس القانوني الذي تصرّفت الشرطة بناءً عليه وما هي أوجه الانتصاف المتاحة). ومع ذلك لم تهتم السلطات الوطنية في قراراتها حتى بذكر آراء مقدِّمة البلاغ في هذا الخصوص.

5-9 كما ارتأت مقدِّمة البلاغ أنه على خلاف ملاحظات الدولة الطرف ، فإنها اشتكت بالفعل خلال سير هذه الإجراءات القضائية بشأن التمييز على أساس نوع الجنس . و عندما قدّمت شكواها الإدارية في عام 2008، بشأن سوء سلوك الشرطة إلى الفريق الإداري المستقل ، فقد اشتكت من انتهاك للبند 5-1 من اللائحة في إطار الفصل 31 من قانون شرطة الأمن الذي يحظر التمييز على أساس نوع الجنس ( قُدِّمت نسخة من هذه الشكوى بواسطة الدولة الطرف). وبعد أن رفض الفريق الإداري القضية في عام 2009 بتاريخ 17 تموز/يوليه 2009 ، قدّمت مقدِّمة البلاغ شكوى بموجب المادة 144 من القانون الدستوري الاتحادي إلى المحكمة الدستورية. و بالاحتكام إلى المادة 7 من القانون الدستوري الاتحادي (مبدأ عدم التمييز) اشتكت فيما يتعلق بالتمييز الجنساني حيث ربطت بين سوء سلوك الشرطة وبين التمييز ضد المرأة بموجب قوانين البغاء موضحة كذلك أن السلبيات الإجرائية التي شابت ا لإجراءات المتخذة على مستوى الفريق الإداري المستقل كان لها منظور جنساني، كما قدَّمت طلبات للإعلان ب أنها كانت ضحية التمييز على أساس نوع الجنس. وطلبت مقدِّمة البلاغ إلى المحكمة الدستورية أن تقرر ما إذا كان التمييز راجعاً إلى الطابع التمييزي للأحكام القانونية أو أنه يرجع إلى إنفاذ القانون التمييزي في القضية المطروحة. وبعد أن رفضت المحكمة الدستورية القضية في 12 أيار/مايو 2010 استأنفت أمام المحكمة الإدارية حيث اشتكت من إنفاذ القانون التمييزي فكان أن لقيت هذه الشكوى الرفض بدورها.

5-10 وفي 13 شباط/فبراير 2015 أ فادت مقدِّمة البلاغ اللجنة بأن دعوى حذف البيانات في المحكمة الدستورية التي أشارت إليها الدولة الطرف في ملاحظاتها ، قد انتهت ب قرار نهائي أصدرته المحكمة الدستورية تأييداً ل لقرار المتخذ من جانب سلطة حماية البيانات وتأكيداً على أنه حتى بعد انقضاء ثمانية أعوام ، فإن مكتب الضرائب ليس مُلزَماً بحذف المعلومات التشهيرية والزائفة التي تم الحصول عليها بوسائل غير مشروعة. وقدّمت مقدِّمة البلاغ نسخة من القرار المؤرخ 10 كانون الأول/ديسمبر 2014 وكانت قد تلقتها بتاريخ 13 شباط/فبراير 2015.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 طبقاً للمادة 64 من نظامها الداخلي ، يتعين على اللجنة أن تبت ّ فيما إذا كانت ال بلاغ مقبول اً في إطار البروتوكول الاختياري . وعملاً بالمادة 72 (4) فإن عليها أن تقوم بذلك قبل النظر في مضامين ا لبلاغ .

6-2 وطبقاً للمادة 66 من نظامها الداخلي تقرر ال لجنة النظر في مسألة المقبولية ومضامين ال بلاغ كل على حدة .

6-3 وفيما يتعلق بالمادة 4 من البروتوكول الاختياري ، أحيطت اللجنة علماً بأن نفس المسألة لم تكن في الماضي ، ولا في الحاضر ، موضع النظر في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-4 وتشير اللجنة إلى أنه في إطار المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري ، يحال بينها وبين النظر في بلاغ ما إلاّ بعد التأكد من أن جميع وسائل الانتصاف المحلية المتاحة قد تم استنفادها ، إلاّ إذا استغرق تطبيق هذه الوسائل أمداً طويلاً بدرجة غير معقول ة أو كان من غير المحتمل أن تحقق انتصافاً فعّال اً . وفي هذا الخصوص تحيط اللجنة علماً بما دفعت به الدولة الطرف بأن ال بلاغ غير مقبولة نظراً لعدم استنفاد وسائل الانتصاف المحلية للأسباب التالية. أولاً، أن عدم استنفاد وسائل الانتصاف المحلية كان راجعاً إلى عدم اتخاذ مقدِّمة البلاغ إجراءات تتمثّل في أنها لم تقدِّم استئنافاً أمام الفريق الإداري المستقل في منطقة النمسا السفلى في حدود الوقت الإلزامي المطلوب الذي يقضي به قانونها الوطني. وتلاحظ اللجنة أن مقدِّمة البلاغ قدّمت بالفعل شكواها لدى الفريق بعد انقضاء 18 شهراً من وقوع حادثة 19 شباط/فبراير 2007. وفي هذا الخصوص تشير إلى أن المطلوب من المشتكي أن يلتزم بالمتطلبات الإجرائية المعقولة ، ومن ذلك مثلاً تقديم الشكاوى في المواعيد المحددة ( ) . وترى اللجنة أن مقدِّمة البلاغ لم تقدّم تفسيراً م ُ رضياً فيما يتعلق بعدم تقديم شكواها في حدود الأجل الزمني الإلزامي ، وأن ادّعاءها بالافتقار إلى المعرفة بشأن الأسس القانونية للتحقيق السرّي لم يكن ليحول بينها وبين تقديم الشكوى في الوقت المطلوب.

6-5 وتلاحظ اللجنة أيضاً ما أفادت به الدولة الطرف بأنه حتى في الاستئناف المقدّم متأخراً إلى الفريق الإداري المستقل ، فإن مقدِّمة البلاغ لم تدّع قطّ بأنها قد تعرّضت شخصياً للتمييز ضدها بوصفها امرأة من جرّاء سلوك السلطات أو من جرّاء قوانين الدولة الطرف. و اتساقاً مع اجتهاد قضائي مستقر لهيئات المعاهدات الدولية الأخرى لحقوق الإنسان ( ) ، وبالذات لجنة حقوق الإنسان ( ) ، تشير اللجنة إلى أن مقدّمي الرسائل يُطلَب منهم أن يثيروا ، موضوعياً، أمام المحاكم الوطنية ، مضمون الانتهاك المدّ َ عى بوقوعه للحقوق المطروحة في الاتفاقية ، بما يتيح للدولة الطرف أن تعالِج أمر الانتهاك المدّعى بوقوعه ، قبل إمكانية إثارة نفس المسألة أمام اللجنة. واللجنة مرتاحة إلى أن مقدِّمة البلاغ في شكواها المقدمة إلى الفريق الإداري المستقل ، قد اشتكت فقط من انتهاكات العديد من الحقوق المكفولة دستورياً ومن "المبادئ التوجيهية لتدخلات ضباط الشرطة “ دون أن تثير أي تمييز تم على أساس نوع الجنس.

6-6 كما تلاحظ اللجنة ما دفعت به الدولة الطرف بأن أوجه ا لانتصاف المحلية لم يتم استنفادها في ضوء التسوية الشاملة التي تم التوصُّل إليها بين مقدِّمة البلاغ وبين وزارة الداخلية الاتحادية على أساس الرضا الكامل والنهائي بالنسبة لادّعائها مع إنهاء جميع الإجراءات بشكل حاسم. وتلاحظ اللجنة عدم قيام مقدِّمة البلاغ بالكشف عن التسوية المذكورة أعلاه أمام اللجنة بالدرجة الأولى . و تحيط اللجنة علماً بحقيقة أن مقدِّمة البلاغ لم تلتمس في أي وقت الطعن على المستوى الوطني في سلامة التسوية التي تم التوصُّل إليها ، واقتصر الأمر في تعليقاتها المؤرخة 18 أيار/مايو 2015 ردّاً على ملاحظات الدولة الطرف ، حيث أتت على ذِكْر مبلغ التعويض، إلى جانب عدم تمكينها من استرداد التكاليف القانونية التي تحمّلتها. وترى اللجنة أنها إذا ما لم تكن راضية عن شروط التسوية ، كان يتوجّب على مقدِّمة البلاغ أن تطعن أولاً على المستوى الوطني. وفي ضوء هذه الظروف تخلص اللجنة إلى أنه لم يتم استنفاد جميع وسائل الانتصاف المحلية المتاحة في هذه القضية . وعليه تخلص اللجنة إلى أن ال بلاغ غير مقبول في إطار المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري.

6-7 كما تحيط اللجنة علما بما دفعت به الدولة الطرف ، ومفاده ضرورة إعلان أن ال بلاغ غير مقبول عملاً بالمادة 2 من البروتوكول الاختياري ، طالما أن مقدِّمة البلاغ فقد ت وضعها كمجني عليه عندما توصّلت إلى تسوية شاملة مع الحكومة الاتحادية وتلقت التعويض كاملاً، إضافة إلى تلبية نهائية لمطالباتها كما أنها وافقت على إنهاء جميع الإجراءات بشكل حاسم. وقد أولت اللجنة الاعتبار الواجب إلى تأكيد مقدِّمة البلاغ بأنه فيما لم تعترف الدولة الطرف بأي إجراء أو أي تقصير غير مشروع أو أي نوع من أنواع التمييز ضدها، فلا يمكن القول ب أنها خسرت وضعها كمجني عليه . ومع ذلك فاللجنة لا تجد أي وجاهة في منطقها هذا ، ولكنها ترى أن مقدِّمة البلاغ فقدت وضعها كمجني عليه عندما توصّلت بصورة كاملة إلى التسوية الشاملة وإلى الترضية النهائية لادّعاءاتها على المستوى الوطني. وعليه، تخلص اللجنة كذلك إلى أن ال بلاغ غير مقبولة في إطار المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7 - وبناءً على ذلك ، تقرِّر اللجنة:

(أ) أن ا لبلاغ غير مقبول في إطار المادتين 2 و 4 (1) من البروتوكول الاختياري لأن مقدِّمة البلاغ تفتقر إلى صفة المجني عليه في إطار المادة 2 من البروتوكول الاختياري وبسبب أن مقدِّمة البلاغ لم تستنفد وسائل الانتصاف المحلية؛

(ب) أن يتم إبلاغ هذا القرار إلى الدولة الطرف وإلى مقدِّمة البلاغ .