الأمم المتحدة

CCPR/C/102/D/1876/2009

Distr.: General *

27 September 2011

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الدورة الثانية بعد المائة

11-29 تموز/يوليه 2011

الآراء

البلاغ رقم 1876/2009

مقدم من: رانجيت سينغ (تمثله كريستين بستاني، شركة أو ملفيني ومايرز)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: فرنسا

تاريخ تقديم البلاغ: 15 كانون الأول/ديسمبر 2008 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: قرار المقرر الخاص بموجب المادة 97 من النظام الداخلي المحال إلى الدولة الطرف في 22 شباط/فبراير 2009 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 22 تموز/يوليه 2011

الموضوع: رفض تجديد بطاقة الإقامة لعدم تقديم صورة هوية يظهر فيها الشخص "عاري الرأس"

المسائل الإجرائية: عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: حرية الدين، وعدم التمييز، وحرية التنقل

مواد العهد: 2 و12 و18 و26

مواد البروتوكول الاختياري: 5 (2ب)

في 22 تموز/يوليه 2011، اعتمدت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوك ـ ول الاختي ـ اري، النص التالي بوصفه يمثل آراءها بشأن البلاغ رقم 1876/2009.

[مرفق]

المرفق

آراء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (الدورة الثانية بعد المائة)

بشأن

البلاغ رقم 1876/2009 **

مقدم من: رانجيت سينغ (تمثله كريستين بستاني، شركة أو ملفيني ومايرز)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: فرنسا

تاريخ تقديم البلاغ: 15 كانون الأول/ديسمبر 2008 (تاريخ الرسالة الأولى)

إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، المنشأة بموجب المادة 28 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد اجتمعت في 17 تموز/يوليه 2011،

وقد فرغت من النظر في البلاغ رقم 1876/2009، المقدم إليها باسم رانجيت سينغ، بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات الخطية التي أتاحها لها صاحب البلاغ والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

الآراء بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري

1-1 صاحب البلاغ هو السيد رانجيت سينغ، وهو مواطن هندي من السيخ يتمتع بمركز اللاجئ في فرنسا منذ عام 1992. ويرى أنه ضحية لانتهاك الدولة الطرف للمواد 2 و12 و18 و26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( ) . وتمثل صاحب البلاغ محامية هي الأستاذة كريستين بستاني (شركة أو ملفيني ومايرز).

1-2 وفي 23 تموز/يوليه 2010، قرر الرئيس، باسم اللجنة، أنه يجب النظر في مسألة المقبولية مقترنة بالمسائل الموضوعية.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 صاحب البلاغ مواطن هندي يتمتع بمركز اللاجئ وببطاقة مقيم دائم في فرنسا منذ عام 1992. وفي عام 2002، وجب تجديد بطاقة المقيم الدائم. وفي 13 شباط/فبراير 2002، قدم صاحب البلاغ طلباً لتجديد بطاقة إقامته وقدم صورتين يظهر فيهما مرتدياً لعمامته، مثلما فعل عند تقديم طلبه السابق. وفي 22 شباط/فبراير 2002، أخبره حاكم مقاطعة باريس بأن الصورتين الفوتوغرافيتين اللتين قدمهما غير مطابقتين للمادتين 7 و8 من المرسوم رقم 46-1574 المؤرخ 30 حزيران/يونيه 1946، المنظمتين لشروط دخول الأجانب إلى فرنسا وإقامتهم فيها اللتين تشترطان أن يمثّل مواجهة وهم "عراة الرأس". وفي 11 نيسان/أبريل 2002، بعث صاحب البلاغ برسالة إلى حاكم مقاطعة باريس يطلب فيها الإ عفاء من أحكام المرسوم، وقوبل الطلب بالرفض في أيار/مايو 2002. وكتب بعد ذلك لوزير الداخلية في 12 تموز/يوليه 2002 ليطلب إذناً بارتداء عمامة في صورتي هويته. غير أنه لم يتلق أي رد.

2-2 وفي 20 تموز/يوليه 2006، رفضت المحكمة الإدارية في باريس استئناف صاحب البلاغ الذي طعن بموجبه في رفض السلطات تجديد بطاقة إقامته. وفي 24 أيار/مايو 2007، رفضت المحكمة الإدارية للاستئناف في باريس الطعن الذي قدمه. وفي آب/أغسطس 2007، طعن صاحب البلاغ بطريق النقض لدى مجلس الدولة، الذي رفض طعنه في 23 نيسان/ أبريل 2009.

الشكوى

3-1 يوضح صاحب البلاغ أن ارتداء العمامة واجب ديني وجزء لا يتجزأ من السيخية ( ) ، وهي ديانة صاحب البلاغ. فهو المظهر الخارجي للسيخية وله علاقة وطيدة بالعقيدة والهوية الشخصية. ويمكن أن يُعتبر نزع عمامته كإنكار لعقيدته وينطوي سوء استعمال أطراف ثالثة للعمامة على إهانة ما بعدها إهانة. ويشكل ظهور الشخص "عاري الرأس" في الأماكن العامة عملاً مهيناً جداً للسيخ ومن شأن صورة هوية من هذا النوع أن تسبب كل مرة شعوراً بالخجل والهوان ( ) . ولا يتعلق الأمر بوجوب ظهور صاحب البلاغ عاري الرأس وقت التقاط الصورة الفوتوغرافية فحسب، بل إن الدولة الطرف تطلب إجمالاً من السيد سينغ أن يتذلل بشكل متكرر كلما طُلب منه إثبات هويته. ولهذا السبب، رفض صاحب البلاغ الامتثال لوجوب نزع عمامته في الصورة الفوتوغرافية الخاصة ببطاقة إقامته.

3-2 ويدعي صاحب البلاغ أن المرسوم رقم 46-1574 المؤرخ 30 حزيران/ يونيه 1946 الذي يشترط أن تكون جميع صور الهوية المقدمة لتسليم بطاقة إقامة تمثل صاحب الطلب مواجهة و"عاري الرأس" لا يراعي كون أفراد طائفة السيخ ملزمين بحكم معتقداتهم الدينية بتغطية ر ؤوسهم على الدوام في الأماكن العامة. ويعلن أنه ضحية تمييز غير مباشر تمارسه الدولة الطرف في انتهاك للفقرة 2 من المادة 18 ( ) . ويوضح أنه، من دون بطاقة إقامته، يُعتبر مقيماً بصورة غير شرعية على الأراضي الفرنسية. ومن جانب آخر، فقد أصبح بذلك غير قادر على الوصول إلى نظام الصحة العام والمجاني ( ) .

3-3 وعلاوة ذلك، ولأن الحكومة الفرنسية ترفض تجديد بطاقة إقامة صاحب البلاغ، فإنه لم يعد بإمكانه أن يستفيد من استحقاقات البطالة، وإعانات السكن، والتخفيضات في وسائل النقل الخاصة بالمسنين. هذا رغم أن القانون الفرنسي ينص على أن الحالة المالية الهشة لصاحب البلاغ تخوله حق الحصول على إعانات حكومية مثل المساعدة الاجتماعية على السكن واستحقاقات البطالة. وتلقى صاحب البلاغ هذه المساعدات لآخر مرة في أيار/ مايو 2005 قبل حرمانه منها بعد أن رفض نزع عمامته في صور الهوية. وهو يدعي أن سحب الخدمات الاجتماعية التي يستفيد منها غيره من الأشخاص المقيمين في فرنسا في ظروف مالية مماثلة يعد بمثابة تمييز غير مباشر تحظره الفقرة 2 من المادة 18 ( ) .

3-4 وي ؤكّد صاحب البلاغ أن الفقرة 3 من المادة 18 من العهد لا تسمح بفرض قيود على حرية الفرد في إظهار دينه إلا عندما يكون منصوصاً عليها في القانون أو عندما تكون ضرورية لتحقيق هدف من الأهداف المبينة في الفقرة 3 من المادة 18 ( ) . ويوضح أن من المحتمل جداً أن تؤدي صورة هويته التي يظهر فيها "عاري الرأس" إلى أوامر متكررة بنزع عمامته لإجراء مقارنة أفضل مع الصورة. ومن ثم ستكون إهانة صاحب البلاغ مزدوجة: كلما اشترطت منه السلطات أن ينزع عمامته من أجل تعرف أفضل على الهوية وكلما نظرت السلطات الفرنسية في صورته التي يظهر فيها "عاري الرأس". وهذه الإهانة المتكررة ليست متناسبة مع أهداف التعرف على الهوية. ويدعي أن اشتراط أن يُصوّر "عاري الرأس" ليس ضرورياً للأمن العام. وتشترط الدولة الطرف صورة يظهر فيها الشخص"عاري الرأس" ولكنها لا تعترض على لحية تغطي نصف الوجه. وكانت بطاقة إقامته الأولى تحمل صورة تمثله بعمامة مع أن المرسوم رقم 46-1574 المؤرخ 30 حزيران/يونيه 1946 الذي يشترط صورة فوتوغرافية يظهر فيها الشخص "عاري الرأس" كان سارياً آنذاك. ويلاحظ أيضاً أن بلدان اً أوروبية أخرى سلمت بطاقات إقامة تحمل صوراً لأشخاص من السيخ يرتدون عمائم ( ) وأن من الصعب فهم كيف يمكن اعتبار أن من الممكن التعرف على هوية شخص يرتدي عمامة في بلدان أوروبية أخرى وليس في فرنسا.

3-5 ويدعي صاحب البلاغ أنه لا يمكن الاعتداد ب تفسير السلطات الذي يفيد بأن العمامة ستمنعها من تمييز قسمات الوجه وتجعل التعرف على الهوية أكثر تعقيداً لأنه يرتدي عمامته في كل لحظة. ومن ثم، سيكون من الأسهل التعرف على هويته في صورة تمثله مرتديا لعمامته من صورة تمثله عاري الرأس. ويدعي أن اشتراط نزع عمامته في صور الهوية غير متناسب مع هدف التعرف على الهوية ( ) .

3-6 ويدعي أيضاً أن الدولة الطرف، إذ ترفض تجديد بطاقة إقامته، تنتهك المادة 12 من العهد الخاصة بحرية التنقل. ومن دون تجديد بطاقة إقامته، لا يمكن لصاحب البلاغ أن يحصل على وثائق نقل صالحة ولا يمكنه مغادرة فرنسا ( ) .

3-7 ويؤكد علاوة على ذلك أن وجوب الظهور "عاري الرأس" في صور الهوية ينتهك أيضاً المادة 26 من العهد. والمرسوم 46-1574 المؤرخ 30 حزيران/يونيه 1946، كما تطبقه السلطات الفرنسية، لا يعامله بنفس الطريقة التي يعامل بها الأغلبية، ما دام ارتداء العمامة جزءاً لا يتجزأ من هوية السيخ ( ) . فصاحب البلاغ مرغم على الاختيار بين واجبه الديني والوصول إلى النظام العام للصحة، وهو اختيار لا تُرغم على العمل به أغلبية الموطنين الفرنسيين.

8-3 ومع مراعاة تحفظ الدولة الطرف فيما يتعلق بالمادة 27 من العهد، يدعي صاحب البلاغ أن بلاغه يشكل فرصة لكي تعرب اللجنة عن شواغلها المتعلقة باحترام حقوق الأقليات في فرنسا ( ) والاعتراف بطائفة السيخ كأقلية إثنية ودينية ( ) .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ

4-1 في 22 نيسان/أبريل 2010، اعترضت الدولة الطرف على مقبولية البلاغ. و وضّحت الوقائع كما قدمها صاحب البلاغ و لاحظت أن هذا الأخير تلقى في عام 1992 بطاقة إقامة صالحة لمدة عشرة أعوام، وذلك تطبيقاً للأحكام المعمول بها بموجب المادة 15-10 من الأمر رقم 45-2658 المؤرخ 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1945 والمتعلق بشروط دخول الأجانب إلى فرنسا وإقامتهم فيها. وقد رفض صاحب البلاغ في طلب التجديد الذي قدمه تقديم صور فوتوغرافية يظهر فيها مواجهة و"عاري الرأس"، وهي صور مطلوبة منذ عام 1994 بموجب المادة 11-1 من المرسوم 46-1574 المؤرخ 30 حزيران/يونيه 1946 التي تنظم شروط دخول الأجانب إلى فرنسا وإقامتهم فيها. وفي 12 تموز/يوليه 2002، رفض وزير الداخلية ضمناً طعن صاحب البلاغ. وفي 24 أيار/مايو 2007، رفضت محكمة الاستئناف الإدارية في باريس طعنه وقررت أن الأحكام المطعون فيها ليس من شأنها أن تزيد من صعوبة التعرف على هوية صاحب البلاغ لا لشيء إلا لكونه يرتدي عمامة خلال عمليات المراقبة ولن تستتبع بالضرورة وجوب نزع العمامة خلال عمليات المراقبة. وتؤكد الدولة الطرف أن المعيار الظرفي لوجوب حسر الشخص عن رأسه من أجل التقاط صورة له وهو "عاري الرأس" ليس غير متناسب مع هدف الأمن العام ولا ينطوي على تمييز.

4-2 وتدعي الدولة الطرف أن صاحب البلاغ توجه إلى اللجنة قبل أن يبت مجلس الدولة في الطعن الذي قدمه في 23 نيسان/أبريل 2009. وتؤكد أن صاحب البلاغ لم يثر أمام مجلس الدولة أي انتهاك لأحكام العهد، ولكنه استند إلى المادتين 9 (حرية الدين) و14 (عدم التمييز) من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. ولكنه مع ذلك لم يتوجه إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، معتبراً بوضوح أن السوابق القضائية لهذه المحكمة ليست في صالحه. وفي 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2008، كانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد أعلنت أن من الواضح أنه لا توجد أسس سليمة لدعوى قُدمت عقب قرار لمجلس الدولة وترمي إلى إثبات انتهاك للمادتين 9 و14 من الاتفاقية ( ) . وتجادل الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ اختار تقديم دعواه أمام اللجنة فقط بدافع الرغبة في الحصول على حل مختلف عن الحل الذي توصلت إليه المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وترى الدولة الطرف أنه كان ينبغي لصاحب البلاغ أن يستند إلى العهد أمام مجلس الدولة إذ إنه لا يمكن نقل السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنس ـ ان أمام اللجنة بسبب خصوصية في العهد.

4-3 وفيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 12 من العهد، تدعي الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يثر أبداً أمام الهيئات القانونية المحلية الادعاء المتعلق بحرية التنقل لا بمفهومها الواسع ولا بالتحديد بشأن الأسس التي تقوم عليها أحكام العهد. لذلك لا يمكن قبول هذا الادعاء.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ

5-1 في 23 آب/أغسطس 2010، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية. وهي ترى أن البلاغ رقم 931/2000، هودويبيغانوفا ضد أوزبكستان ( ) الذي استشهد به صاحب البلاغ غير قابل للمقارنة بحالته. فبعكس الحالة المذكورة، لم يُواجه صاحب البلاغ أي حظر لارتداء لباس ديني. ولم يعد الأمر عن طلب تقديم صور هوية يظهر فيها الشخص "عاري الرأس" لتسليم رخصة إقامة ولم ينطو ذلك إلا على إزالة ظرفية للباس ديني، ريثما تُلتقط الصور الفوتوغرافية. وتشير الدولة الطرف إلى السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي أكدت أن المادة 9 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (حرية التفكير والوجدان والدين) لا تحمي أي عمل يأتي بدافع أو إيحاء من دين أو معتقد ولا تعطي الأفراد الذين يتصرفون بطريقة يمليها عليهم اقتناع ديني حق التملص من قواعد اتضح أن لها ما يبررها ( ) . فقد رأت على سبيل المثال أنه لا يشكل إلزام طالبة مسلمة بتقديم صورة هوية تظهر فيها "عارية الرأس" من أجل تسليم شهادة جامعية ( ) ولا إلزام شخص بنزع العمامة أو الحجاب خلال عمليات المراقبة الأمنية في المطارات أو داخل أسوار قنصلية من القنصليات ( ) مساساً بممارسة الحق في الحرية الدينية.

5-2 وتدعي الدولة الطرف أنه، في قضية وثيقة الشبه بقضية صاحب البلاغ رأى فيها المدعي أن وجوب الظهور "عاري الرأس" في صورة الهوية الخاصة برخصة السياقة يشكل مساساً بالحياة الخاصة وحرية الدين والوجدان، رفضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الشكوى (رقم 24479/07) على أنها "تستند بوضوح إلى أسس غير سليمة"، دون إبلاغها إلى الحكومة. واعترفت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن صورة الهوية التي يظهر فيها الشخص "عاري الرأس" ضرورية للسلطات المكلفة بالأمن العام وبحماية النظام العام وأن طرائق تنفيذ عمليات المراقبة تدخل ضمن هامش التقدير الذي تتمتع به الدولة. وأكدت أيضاً أن وجوب نزع المدعي لعمامته لأغراض المراقبة أو لتسليم رخصة السياقة إجراء ظرفي.

5-3 وتشير الدولة الطرف إلى الفقرة 3 من المادة 18 من العهد والتعليق العام رقم 22 الذي توضح فيه اللجنة ( ) القيود التي يمكن لدولة ما أن تفرضها على حرية إظهار الشخص لدينه. وتدعي أن الإجراء المطعون فيه منصوص عليه في القانون، خاصة المادة 11-1 من المرسوم المؤرخ 30 حزيران/يونيه 1946، التي وُضعت في عام 1994. ويعالج وجوب تقديم صورتي هوية يظهر فيهما الشخص "عاري الرأس" هاجس الحد من مخاطر الغش أو تزوير رخص الإقامة كما يمكن تبرير ذلك على مستوى النظام والأمن العام. وترى أيضاً أن وضع اللوائح يسمح بإعفاء السلطات الإدارية من ممارسة تقدير صعب لمسألة معرفة ما إذا كان هذا الغطاء أو ذاك يغطي الوجه إلى حد ما ويسمح إلى حد ما بالتعرف بسهولة على هوية شخص ما، ومن ثم يضمن الأمن والمساواة أمام القانون.

5-4 ومع افتراض أن وجوب تقديم صور هوية يظهر فيها الشخص "عاري الرأس" يمكن أن تشكل إكراه اً لبعض الأشخاص، فإن الدولة الطرف تدعي أن هذا الإكراه محدود. وليس الأشخاص المتمسكون بارتداء العمامة ملزمين بالتخلي عنها بصورة نهائية أو متكرر ة ، ولكن بصورة ظرفية لالتقاط صورة فوتوغرافية. وتدعي أيضاً أن الجوانب السلبية المترتبة التي تلحق ب صاحب البلاغ يجب أن توضع في مقابل المنفعة العامة المرتبطة بمكافحة تزوير تراخيص الإقامة. وعلاوة على ذلك، فإن كون بعض الدول اعتمدت تدابير مختلفة في هذا المجال لا يمكن أن يُستخدم كمبرر، كما لا يمكن أن يُستخدم كون صاحب البلاغ قد أُذن له سابقاً أن يظهر بعمامته في رخصة إقامته. وفي الختام، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يكن ضحية انتهاك للمادة 18 من العهد ما دامت التشريعات الداخلية مبررة بحماية الأمن والنظام العام وما دامت الوسائل المستخدمة متناسبة مع الأهداف المنشودة.

5-5 وفيما يخصّ الادعاء المتعلق بانتهاك المادتين 2 و26 من العهد، تشير الدولة الطرف إلى التعليق العام رقم 18 للجنة ( ) وتدعي أن صاحب البلاغ لم يتعرض لأي تمييز لأن مرسوم 30 حزيران/يونيه 1946 ينطبق على جميع طالبي بطاقات الإقامة دون أي تمييز. وتبرز الدولة الطرف أنه ليس هناك في الحالة الراهنة ما يبرر إعفاء بعض الأشخاص، بسبب آرائهم الدينية، من قواعد تنطبق على الجميع بهدف يتعلق بالنظام والأمن العام، أو اعتماد تدابير لصالح فئات محرومة ترمي إلى تخفيف أو إلغاء الظروف التي تتسبب في ظهور التمييز أو تسهم في إدامتها ( ) . وفيما يخصً شكوى صاحب البلاغ المتعلقة بفقدان الحق في عدد من الخدمات الاجتماعية، تشير الدولة الطرف إلى أن بعض الخدمات تخضع لشرط حيازة إقامة قانونية، ولكن خدمات أخرى لا تنص على هذا الشرط، مثلاً المساعدة الطبية التي تقدمها الدولة، أو تحمل نفقات الرعاية الطارئة، أو الخدمات المتصلة بحادثة عمل أو مرض مهني. وعلاوة على ذلك، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ نفسه مسؤول عن هذا الوضع. لذلك، فهي ترى أن صاحب البلاغ لم يكن ضحية انتهاك للمادتين 2 و 26 من العهد.

5-6 وتدعي الدولة الطرف أن ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 12 من العهد لا يثير أي مسألة مختلفة عن المسائل المثارة في الادعاءات الأخرى وأن القيود المفروضة على حرية التنقل التي يمكن أن تترتب عن عدم تسليم رخصة إقامة إلى صاحبة البلاغ جاءت نتيجة رفضه احترام القواعد العامة لتسليم هذه التراخيص. وفي الختام، تدعي الدولة الطرف أنه يتعين على اللجنة أن ترفض ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بانتهاكات المواد 2 و12 و18 و26 من العهد على أنها تستند إلى أسس غير سليمة.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

6-1 في 3 كانون الثاني/يناير 2011، احتج صاحب البلاغ بأن معيار استنفاد سبل الانتصاف الداخلية بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري قد استوفي تماماً. وأشار أثناء تقديمه البلاغ الأصلي بالإنكليزية في 15 كانون الأول/ديسمبر 2008 إلى السوابق القضائية للجنة، التي تنص على أن شرط استنفاد جميع سبل الانتصاف الداخلية لا يلزم بالضرورة المدعي بالحصول على قرار من أعلى هيئة قضائية وطنية. وينطبق هذا الاستثناء إذا كان مدع آخر قد استنفد جميع سبل ا لانتصاف بشأن الموضوع نفسه ( ) . وبالفعل، اتخذ مجلس الدولة في 15 كانون الأول/ديسمبر 2006 قراراً بتطبيق قانون قريب جداً على ظروف شبه مماثلة. فقد كانت السلطات الفرنسية رفضت تجديد رخصة للسياقة لأن المدعي كان يرتدي عمامة السيخ في صور الهوية التي قدمها. وفي 26 كانون الثاني/ يناير 2010، أثناء تقديم ترجمات فرنسية للشكوى الأصلية، لاحظ صاحب البلاغ القرار السلبي لمجلس الدولة المؤرخ 14 نيسان/أبريل 2009. وفيما يتعلق بالأحكام التي استند إليها صاحب البلاغ أمام الهيئات القانونية الوطنية، فإنه يشير إلى السوابق القضائية للجنة التي تنص على ضرورة أن يذكر صاحب البلاغ أمام الهيئات القضائية الوطنية الحقوق إجمالاً وألا يشير، لأغراض البروتوكول الاختياري، إلى مواد العهد ( ) . وقد أثار صاحب البلاغ أمام مجلس الدولة انتهاكات لحريته الدينية ولمبدأ عدم التمييز وقامت شكواه على نفس الوقائع التي قُدمت إلى اللجنة.

6-2 وفيما يتعلق بادعائه بموجب المادة 12 من العهد، يذكر صاحب البلاغ بالسوابق القضائية للجنة التي تنص على أن سبل الانتصاف التي يكون من الواضح أن لا حظ لها في النجاح يجب ألا تُستنفد بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) . ويدعي أن نتيجة قرار مجلس الدولة ما كان ليكون مختلفاً لو أنه اشتكى من انتهاك لحرية التنقل لأن هذه الأخيرة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالحرية الدينية.

6-3 ومن حيث الأسس الموضوعية، يؤكد صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تبرهن، في ظروف هذه القضية، على الهدف المشروع للمرسوم رقم 46-1574 المؤرخ 30 حزيران/يونيه 1946 وعلى ضرورة تقييد حريته الدينية وتناسبيته بموجب المادة 18 من العهد ( ) . وتدعي الدولة الطرف أن الهدف من وجوب ظهور الشخص "عاري الرأس" في صور الهوية هو الحد من مخاطر الغش أو تزوير تراخيص الإقامة، غير أنها لا تقدم أي حجة بشأن ضرورة اتخاذ هذا التدبير لبلوغ هذا الهدف. ويكرر صاحب البلاغ التأكيد على أن وجوب ظهور الشخص "عاري الرأس" في صورة الهوية إجراء تعسفي وينطبق أيضاً على حالات لا يشكل فيها غطاء الرأس عائقاً للتعرف على الهوية. ويؤكد صاحب البلاغ أن العمامة التي تُرتدى في كل لحظة لا تعيق بتاتاً التعرف على هوية من يرتديها، بعكس التعرف على هوية الأشخاص الذين يغيرون مظهرهم تغييراً جذرياً بقص شعرهم أو لحيتهم أو فرط إطالتهما أو صبغهما، أو بوضع شعر مستعار، أو بسبب الصلع، أو بطلي كميات كبيرة من مساحيق التجميل.

6-4 وفي عام 1992، سُمح لصاحب البلاغ أن يرتدي عمامته في صورة الهوية التي قدمها لرخصة إقامته الأولى، رغم أن المرسوم رقم 46-1574 المؤرخ 30 حزيران/يونيه 1946، الذي يشترط صورة فوتوغرافية يظهر فيها الشخص "عاري الرأس"، كان سارياً آنذاك. وخلال مدة صلاحية بطاقته التي تدوم عشرة أعوام، لم يواجه أية مشاكل فيما يخص التعرف على الهوية. ومن جانب آخر، فإن معظم البلدان الأوروبية التي تواجه نفس ال هواجس المتعلقة بالغش والأمن العام تسمح بارتداء غطاء رأس ديني على وثائق الهوية. وفيما يتعلق بالحجة التي ساقتها الدولة الطرف بأن وضع اللوائح يسمح بإعفاء السلطات الإدارية من ممارسة تقدير صعب لمسألة معرفة ما إذا كان غطاء الرأس هذا أو ذاك يغطي الوجه إلى حد ما ويسمح إلى حد ما بالتعرف بسهولة على هوية شخص من الأشخاص، يدعي صاحب البلاغ أن بإمكان الدولة الطرف أن تضع بسهولة للإدارة خطوطاً توجيهية تسمح لها بتحديد ما إذا كان غطاء معين للرأس يغطي أيضاً الوجه أو لا ( ) .

6-5 ويدعي صاحب البلاغ أنه حتى وإن كان وضع اللوائح الناظمة يعد مشروعاً، فإنه سيكون مع ذلك غير متناسب مع الهدف الذي أ ملاه. ويكرر صاحب البلاغ التأكيد على تمسكه العميق بارتداء العمامة بأمر من دينه ويرفض الحجة التي ساقتها الدولة الطرف بأن القيد إنما هو ظرفي . ويبرز أن الصورة الفوتوغرافية التي يظهر فيها دون عمامة صورة دائمة وتشكل شتيمة لدينه وهويته الإثنية. ويدعي أيضاً أن كل الاحتمالات تدل على أن الصورة الفوتوغرافية التي يظهر فيها "عاري الرأس" ستستتبع طلبات متكررة من جانب السلطات لكي ينزع عمامته من أجل تعرف أفضل على هويته وحتى ولو لم يكن هذا هو الحال، فإنه سيشعر بالإهانة والخيانة تجاه عقيدته كلما فحصت السلطات بطاقة إقامته التي يظهر فيها "عاري الرأس". وي ؤكد أيضاً أن الدولة الطرف لم تثبت بأن وضع لوائح تنظيمية تمنع كل غطاء للرأس على الجميع هو الإجراء الأقل تقييداً الذي يسمح ببلوغ الهدف المنشود. ويؤكد أنه ضحية لانتهاك مستمر لحقوقه بموجب الفقرة 3 من المادة 18 من العهد.

6-6 ويكرر صاحب البلاغ التأكيد أيضاً على أن قضيته شبيهة بقضية هودويبيرغانوفا ضد أوزبكستان ( ) ، لأن المنع التام للظهور في صورة الهوية بغطاء لل رأس، بما في ذلك غطاء الرأس ذو الصبغة الدينية ، هو منع لارتداء لباس ذي دلالة دينية. ومن جانب آخر، فمثل قضية هودويبيرغانوفا ضد أوزبكستان ، لم تستند فرنسا إلى سبب محدد يظهر أن القيد المفروض على صاحب البلاغ ضروري بمفهوم الفقرة 3 من المادة 18. وفيما يتعلق بالسوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي استشهدت بها الدولة الطرف، ي ؤكد صاحب البلاغ أنها لا يمكن أن تُقارن بالسوابق القضائية للجنة، لا سيما فيما يتعلق بمفهوم هامش التقدير الذي تعطيه المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لدولها الأعضاء. ويؤكد أيضاً أن السوابق القضائية المستشهد بها لا يمكن أن تنطبق على حالته لأن الأهداف المذكورة للقيود المفروضة على حرية الدين ليست معنية في القضية الراهنة. وفي قضية ليلى شاهين ضد تركيا ( ) ، كانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان معنية بمبادئ العلمانية وغرس العقائد الدينية والمساواة بين الجنسين؛ وفي قضية فول ضد فرنسا ( ) ، كان الأمر يتعلق بضمان أمن مسافري الرحلات الجوية. وفيما يتعلق بقضية شينغارا مان سينغ ضد فرنسا ( ) المذكورة، كانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد قبلت أن اللوائح التي تطلب إلى رجل من السيخ أن يظهر "عاري الرأس" في صورة هوية خاصة برخصة سياقة تدخّل في حريته الدينية. ومع ملاحظة أن المحكمة كانت قد رفضت هذه الشكوى، يؤكد صاحب البلاغ أنها تتميز عن قضيته التي تتعلق بصورة هوية خاصة ببطاقة إقامة. ومن جانب آخر، لم تكن المحكمة قد نظرت في هذه القضية من حيث أسسها الموضوعية.

6-7 ويكرر صاحب البلاغ التأكي ـ د على أنه ضحية لتمييز غير مباشر بالرجوع إلى المادتين 2 و26 من العهد، لأن المرسوم 46-1574 المؤرخ 30 حزيران/يونيه 1946 الذي يتوخى الحياد، يشكل إساءة لأقلية السيخ في فرنسا ( ) . فالأغلبية في فرنسا مسيحية وليست ملزمة دينياً بارتداء لباس ديني ومن ثم ليست متأثرة باللوائح التنظيمية المعنية . وما دام صاحب البلاغ أثبت تمييزاً بصورة أولية، فإن الدولة الطرف ملزمة بإثبات أن الأثر غير تمييزي أو أن للتمييز ما يبرره. ومع ذلك فإن الدولة الطرف اكتفت بالاحتجاج بأن اللوائح التنظيمية لا تنطوي على هدف تمييزي ولا تُطبق بشكل تمييزي، وذلك احتجاج غير قاطع بالنسبة لتمييز غير مباشر ( ) . و يبيّن صاحب البلاغ أن المساواة الحقيقية في المعاملة لا تكون بتطبيق لوائح تنظيمية على الجميع، وإنما بتطبيقها على حالات متشابهة وبمعاملة الحالات المختلفة معاملة مختلفة. ويؤكد صاحب البلاغ أيضاً أن آثار التمييز ما زالت تؤثر فيه وأن من الخطأ القول بأنه استطاع الوصول إلى علاج طبي، باستثناء العلاجات الطارئة. ويؤكد صاحب البلاغ أيضاً أن ملاحظاته بشأن الضرورة والتناسبية التي قدمها فيما يتعلق بادعائه الخاص بانتهاك المادة 18 تنطبق أيضاً على شكواه بموجب المادتين 2 و26 من العهد.

6-8 وفيما يتعلق بادعائه بموجب المادة 12 من العهد، يكرر صاحب البلاغ التأكيد على أن حرية التنقل لا يمكن إلا أن تكون موضوع قيود إذا كانت هذه القيود ضرورية لحماية الأمن الوطني ويجب أن يشكل أي قيد الوسيلة الأقل إزعاجاً بين الوسائل التي يمكن أن تسمح بتحقيق النتيجة المنشودة ( ) . وهو يكرر تعليقاته فيما يخص الضرورة والتناسبية ويؤكد أنه ضحية انتهاك للمادة 12 من العهد.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، أن تبت في ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

7-2 وقد تأكدت اللجنة، حسبما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست محل دراسة من قبل هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7-3 وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، تلاحظ اللجنة حجج الدولة الطرف التي تؤكد أنه عند التوجه إلى اللجنة، لم يكن مجلس الدولة قد بت بعد في شكوى صاحب البلاغ وأنه لم يذكر أمام مجلس الدولة أحكام العهد، بل إنه استند إلى المادتين 9 و14 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وتحيل اللجنة إلى ممارستها وتذكر بأنها في الحالات الخلافية تحاول تحديد ما إذا كانت سبل الانتصاف قد استُنفدت في الوقت الذي تنظر فيه في البلاغ ( ) . والحالة أنه، في 23 نيسان/أبريل 2009، رفض مجلس الدولة طعن صاحب البلاغ بطريق النقض.

7-4 وتشير اللجنة أيضاً إلى أنه، لأغراض البروتوكول الختامي، ليس صاحب البلاغ ملزماً بالاستناد إلى المواد المحددة من العهد أمام الهيئات القضائية المحلية، ولكنه ملزم بأن يذكر إجمالاً الحقوق التي يحميها العهد ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ أثار أمام المحاكم المحلية انتهاكات الحق في حرية الدين ومبدأ عدم التمييز، اللذين تحميهما المواد 18 و2 و26 من العهد. فالفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري لا تمنع اللجنة إذن من النظر في البلاغ من حيث أسس ه الموضوعية.

7-5 وفيما يتعلق بالادعاء بموجب المادة 12 من العهد، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يذكر أمام الهيئات القضائية المحلية مساساً بحريته في التنقل، التي تحميها المادة 12 من العهد. ومن ثم، ترى اللجنة أن سبل الانتصاف المحلية لم تُستنفد فيما يتعلق بالانتهاك المزعوم للمادة 12 من العهد وتعلن إذن أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في هذا البلاغ مع مراعاة جميع المعلومات التي قدمها الطرفان، وفقاً للفقرة 5 من المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

8-2 وتلاحظ اللجنة قبل كل شيء ادعاء صاحب البلاغ الذي يؤكد أن شرط تقديم صورة هوية يظهر فيها "عاري الرأس" للحصول على بطاقة الإقامة ينتهك حقه في حرية الدين بموجب المادة 18 من العهد ولن يكون ضرورياً للأمن والنظام العام، ولا متناسباً مع أهداف التعرف على الهوية. وتلاحظ أيضاً تأكيد صاحب البلاغ الذي يفيد بأنه، نظراً لعدم حيازته لبطاقة إقامة، لم يعد بإمكانه الوصول إلى النظام العام للصحة وإلى الخدمات الاجتماعية. وتحيط علماً بأن الدولة الطرف ترى أن الط ابع الظرفي لوجوب نزع عمامته من أجل التقاط صورة تعريف يظهر فيها "عاري الرأس" أمر يتناسب مع الهدف المتمثل في الأمن والنظام العام ويعالج هاجس الحد من مخاطر الغش أو تزوير تراخيص الإقامة.

8-3 وتذكّر اللجنة بملاحظتها العامة رقم 22 بشأن المادة 18 من العهد وترى أن الحرية في إظهار الدين تشمل ارتداء ملابس أو أغطية رأس مميزة ( ) . وليس هناك اعتراض على أن ديانة السيخ تفرض على أعضائها ارتداء العمامة في الأماكن العامة. وتُعتبر العمامة فيما يبدو واجباً دينياً، ولكنها تتصل أيضاً بالهوية الشخصية. وترى اللجنة إذن أن ارتداء العمامة عمل تمليه ديانة صاحب البلاغ وأن المادة 11-1 من المرسوم رقم 46-1574 المؤرخ 30 حزيران/يونيه 1946 (بصيغته المعدلة في عام 1994) المنظمة لشروط دخول الأجانب إلى فرنسا وإقامتهم فيها، التي تشترط ظهور الشخص "عاري الرأس" في صور الهوية الخاصة ببطاقة الإقامة، تشكل تدخلاً في ممارسة الحق في حرية الدين.

8-4 ومن ثم يجب على اللجنة أن تحدد ما إذا كانت الفقرة 3 من المادة 18 من العهد تسمح بالقيد المفروض على حرية صاحب البلاغ في إظهار دينه أو قناعته (الفقرة 1 من المادة 18). وتلاحظ أنه ليس هناك اعتراض على أن القانون ينص على وجوب ظهور الشخص "عاري الرأس" في صورة الهوية وأن ذلك يهدف إلى حماية الأمن والنظام العام. لذلك تقع على عاتق اللجنة مسؤولية تقييم ما إذا كان القيد ضرورياً ومتناسباً مع الهدف المنشود ( ) . وتعترف اللجنة بضرورة تأكد الدولة الطرف وتحققها، لأغراض الأمن والنظام العام، من أن الشخص الذي يظهر في صورة الهوية الخاصة ببطاقة الإقامة هو فعلاً صاحب الوثيقة. غير أن اللجنة تلاحظ أن الدولة الطرف لم توضح لماذا يمكن لارتداء عمامة السيخ التي تغطي الجزء الأعلى من الرأس وجزءاً من الجبهة وتترك باقي الوجه مرئياً بوضوح أن يجعل التعرف على هوية صاحب البلاغ أقل سهولة منه إذا ظهر "عاري الرأس"، وذلك رغم أنه يرتدي عمامته في كل لحظة. ومن جانب آخر، لم تبين الدولة الطرف بعبارات محددة كيف يمكن أن تُستخدم صورة هوية يظهر فيها الشخص "عاري الرأس" في مكافحة مخاطر التزوير والغش المرتبطة بتراخيص الإقامة. ومن ثم، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تبرهن أن القيد المفروض على صاحب البلاغ يعتبر ضرورياً بمفهوم الفقرة 3 من المادة 18 من العهد. وتلاحظ أيضاً أنه، حتى ولو أمكن وصف وجوب نزع عمامته لالتقاط صورة للهوية بأنه تدبير ظرفي، فإنه سيسفر عن تدخل محتمل في حرية الدين ل صاحب البلاغ الذي سيظهر في صورة هوية دون غطاء رأس ديني يرتديه بصورة دائمة ويمكن إذن أن يُرغم على نزع عمامته خلال عمليات مراقبة الهوية. وتخلص إذن إلى أ ن اللوائح التنظيمية التي تشترط ظهور الشخص "عاري الرأس" في صور الهوية الخاصة ببطاقة الإقامة تمثل قيداً ينطوي على مساس بحرية الدين ل صاحب البلاغ وتشكل في هذه الحالة انتهاكاً للمادة 18 من العهد.

8-5 وإذ رأت اللجنة أن هناك انتهاكاً للمادة 18 من العهد، فإنها لن تنظر في الادعاء المتعلق بالانتهاك المنفصل لمبدأ عدم التمييز الذي تضمنه المادة 26 من العهد.

9- وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أن الوقائع التي عُرضت عليها تكشف عن انتهاك للمادة 18 من العهد.

10- ووفقاً للفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، ف إن الدولة الطرف ملزمة بأن توفر لصاحب البلاغ سبل انتصاف فعالة تشمل إعادة النظر في طلبه المتعلق بتجديد بطاقة إقامته ومراجعة الإطار القانوني ذي الصلة وتطبيقه في الممارسة الفعلية مع مراعاة التزاماتها بموجب العهد. وعلاوة على ذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة بأن تسهر على عدم تكرار انتهاكات مماثلة في المستقبل.

11- وبما أن الدولة الطرف اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، بأن اللجنة مختصة لتحديد ما إذا كان هناك انتهاك للعهد أو لا وأنها، وفقاً للمادة 2 من هذا الأخير، التزمت بضمان الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد المقيمين في إقليمها والخاضعين لولايتها وبتأمين سبل انتصاف فعالة وواجبة التنفيذ عند ثبوت حالة انتهاك، فإن اللجنة تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في مهلة 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لتفعيل هذه الآراء. وعلاوة على ذلك، تُدعى الدولة الطرف إلى إعلان هذه الآراء.

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالعربية والصينية والروسية كجزء من تقرير اللجنة السنوي المقدم إلى الجمعية العامة.]

تذييل

رأي مخالف أبداه السيد فابيان سالفيولي

1- أؤيد قرار اللجنة المعنية بحقوق الإنسان الذي خلص إلى حدوث انتهاك للمادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في قضية رانجيت سينغ ضد فرنسا (البلاغ رقم 1876/2009). فقد أثبتت اللجنة إثباتاً صحيحاً أن الوقائع تشكل انتهاكاً لحق صاحب البلاغ في حرية الدين.

2- ولكنني أرى، للأسباب المعروضة فيما يلي، أنه كان ينبغي للجنة أن تخلص إلى أن الدولة في هذه القضية مسؤولة أيضاً عن حدوث انتهاك للفقرة 2 من المادة 2 من العهد وتشير في الجزء المخصص لسبل الانتصاف الفعالة إلى أنه ينبغي للدولة أن تعدل تشريعاتها لجعلها مطابقة للعهد.

انتهاك الفقرة 2 من المادة 2 من العهد وضرورة مطالبة اللجنة بتعويض أكثر دقة

3- إنني أؤكد منذ أصبحت عضواً في اللجنة أن من الممكن، في بلاغ وارد من أحد الأفراد، النظر في انتهاك محتمل للفقرة 2 من المادة 2 من العهد وفقاً للمعايير الحالية المتعلقة بالمسؤولية الدولية للدولة في مجال حقوق الإنسان؛ ولا أرى سبباً للابتعاد عن الحجج المعروضة في الفقرات 6 إلى 11 من الرأي الفردي الذي أبديته فيما يخص البلاغ رقم 1406/2005 بشأن المسؤولية الدولية المترتبة عن قوانين تنظيمية، وصلاحية اللجنة لتطبيق الفقرة 2 من المادة 2 في إطار البلاغات الواردة من الأفراد، ومعايير التفسير التي يجب أن تسترشد بها اللجنة لتقدير ما إذا كانت هناك انتهاكات وتسجيل هذه الانتهاكات، وأخيراً بشأن العواقب المتعلقة بالتعويضات المطلوبة: أُحيل إذن إلى هذه الحجج ( ) .

4- ولا يمكن للدول الأطراف أن تعتمد إجراءات تمس بالحقوق والحريات المعترف بها في العهد؛ وأرى أن ذلك ينطوي في حد ذاته على انتهاك للالتزامات المنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 2 من العهد.

5- وعلاوة على ذلك، ففي القضية قيد النظر، تُستبعد كل إمكانية لدعوى الحسبة لأن الأمر يتعلق بالتطبيق الملموس، على حساب السيد رانجيت سينغ، لنص تشريعي (المرسوم رقم 46-1574 المؤرخ 30 حزيران/يونيه 1946) ينظم شروط دخول الأجانب إلى فرنسا وإقامتهم فيها.

6- وتشترط أحكام هذا المرسوم أن يظهر الأفراد على الصور الفوتوغرافية مواجهة وعراة الرأس؛ ولم يكن هذا اللزوم وارداً في النص الأصلي وأُضيف في عام 1994 بتعديل المادة 11-1 من المرسوم رقم 46/1574، كما تعترف به الدولة الطرف صراحة (انظر الفقرة 4-1 من آراء اللجنة).

7 - وفي عام 1994، عندما عُدل المرسوم رقم 46/1574، كان العهد والبروت و كول الاختياري نافذين في فرنسا منذ عهد طويل.

8- ويشكل هذا الحكم الجديد في حد ذاته، بغض النظر عن تطبيقه، مساساً بالفقرة 2 من المادة 2 من العهد لأن فرنسا لم تتخذ التدابير التشريعية اللازمة لتفعيل الحق المكرس في المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وذكر صاحب البلاغ صراحة انتهاكاً للمادة 2 من العهد وسكتت اللجنة في قرارها المتعلق بالقضية عن ادعاء حدوث انتهاك ل هذه المادة.

9- ويكون للتأكد من وقوع انتهاك للفقرة 2 من المادة 2 في حالة محددة آثار ملموسة على مستوى التعويض، لا سيما فيما يتعلق بالتدابير المطلوب اتخاذها لكي لا تتكرر وقائع مماثلة؛ وفي القضية قيد النظر، هناك بالتحديد ضحية لتطبيق حكم تشريعي مناف للعهد، مما يستبعد أي تفسير يتعلق بموقف نظري تقفه اللجنة المعنية بحقوق الإنسان.

10- وفي الفقرة 10 من الرأي، تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أن تراجع "الإطار القانوني ذا الصلة وتطبيقه في الممارسة الفعلية مع مراعاة التزاماتها بموجب العهد"، مما يشكل تقدماً بالنسبة إلى الأحكام القضائية السابقة ولكنه ما زال غير كاف. ماذا سيحدث لو أن الدولة "أعادت النظر" في الحكم المعني ولكنها خلصت إلى أنه ليس هناك سبب لتعديله؟ سيبقى سارياً حكم ترى اللجنة أنه منافٍ للعهد.

11- واعت ادت اللجنة اختتام آرائها بالإشارة إلى أن الدولة الطرف ملزمة بالسهر "على ألا تتكرر وقائع مماثلة في المستقبل"؛ ومن الضروري عند هذه المرحلة من تطور أعمال اللجنة الإشارة بشكل أدق وليس بصفة عامة التدابير التي يجب اتخاذها فعلاً لتجنب تكرار وقائع مثل تلك التي شكلت الانتهاك؛ وسيساعد ذلك الدول على الوفاء كما ينبغي بالالتزامات التي أخذ ت ها على عاتقها بمحض إرادتها بالانضمام إلى العهد والبروتوكول.

12- وفي هذه القضية، ليس هناك خيار: ف الحكم في حد ذاته ليس مطابقاً للعهد ومن ثم كان على اللجنة أن تشير إلى أنه، لضمان عدم تكرار وقائع مماثلة، يجب على الدولة الطرف أن تعدل المرسوم رقم 46/1574 المؤرخ 30 حزيران/يونيه 1946 وأن تلغي وجوب التقاط صورة فوتوغرافية يظهر فيها الشخص "عاري الرأس". ولا يمنع ذلك بأي حال من الأحوال الدولة الطرف من اتخاذ التدابير اللازمة للتعرف تعرفاً صحيحاً على هوية الأفراد، شريطة أن تكون هذه التدابير معقولة بمفهوم الفقرة 3 من المادة 18 من العهد.

( التوقيع ) فابي ـ ان سالفيولي

[اعتُمد بالإسبانية والإنكليزية والفرنسية، علماً بأن النص الفرنسي هو النص الأصلي. وسيصدر لاحقاً بالعربية والصينية والروسية كجزء من تقرير اللجنة السنوي المقدم إلى الجمعية العامة.]