لجنة مناهضة التعذيب
قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية بشأن البلاغ رقم 914/2019 * **
بلاغ مقدم من : ت. أ. (يمثلها المحامي طارق حسن)
الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب الشكوى
الدولة الطرف : سويسرا
تاريخ تقديم الشكوى : 13 شباط/فبراير 2019 (تاريخ الرسالة الأولى)
الوثائق المرجعية : القرارات المتخذة عمل اً بالمادتين 114 و 115 من النظام الداخلي للجنة، التي أحيلت إلى الدولة الطرف في 15 شباط/فبراير 2019 (لم تصدر في شكل وثيقة)
تاريخ اعتماد القرار : 28 نيسان/أبريل 2022
الموضوع : طرد شخص فرّ من الجيش إلى إريتريا
المسائل الإجرائية : لا يوجد
المسائل الموضوعية : عدم الإعادة القسرية؛ لاجئة؛ التعذيب
مادة الاتفاقية : 3
1 - 1 صاحبة الشكوى هي ت. أ. وهي مواطنة إريترية ولدت في 1 كانون الثاني/يناير 198 4 . وهي تدّعي أنّ الدولة الطرف ستنتهك حقوقها بموجب المادة 3 من الاتفاقية بإبعادها إلى إريتريا. وقد أصدرت الدولة الطرف الإعلان المطلوب عملاً بالفقرة 1 من المادة 22 من الاتفاقية في 2 كانون الأول/ديسمبر 198 6 . ويمثّل صاحبةَ الشكوى محامٍ.
1 - 2 وفي 15 شباط/فبراير 2019 ، أصدرت اللجنة، عن طريق مقرِّرها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقّتة، طلباً باتخاذ تدابير مؤقتة بموجب المادة 114 من النظام الداخلي للجنة، وطلبت إلى الدولة الطرف أن تعلّق إجراء إبعاد صاحبة الشكوى إلى إريتريا ريثما تفرغ اللجنة من النظر في البلاغ. وفي 19 شباط/فبراير 2019 ، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأنها امتثلت للطلب.
الوقائع كما عرضتها صاحبة الشكوى
2 - 1 صاحبة الشكوى هي من الإثنية التيغرينية ونشأت في مقاطعة ديبوب في إريتريا. وتوقفت عن الذهاب إلى المدرسة في سن السادسة عشر عقب وفاة والدها. وظلّت تساعد والدتها في المهام المنزلية، ثم أصبحت عاملة منزلية في أسمرة.
2 - 2 ولم تكن صاحب الشكوى معفاة من شرط أداء الخدمة الوطنية. وعملاً بإعلان الخدمة الوطنية رقم 82 / 1995 ، يتعيّن على جميع مواطني إريتريا الذين تتراوح أعمارهم بين ثمانية عشر وأربعين سنة أن يشاركوا في الخدمة الوطنية لمدة ثمانية عشر شهراً. وهي تشمل ستة أشهر من التدريب العسكري يليها اثني عشر شهراً من الخدمة العسكرية الفعلية. بيد أنّ حكومة إريتريا مدّدت منذئذ فترة الخدمة الوطنية القانونية من مدّة ثمانية عشر شهر اً إلى أجل غير مسمى. ولا يعفى بصورة دائمة من الخدمة الوطنية إلاّ الأفراد ذوو الإعاقات الشديدة والدائمة. وبموجب المادة 37 من الإعلان، يُعاقَب على الفرار من الخدمة العسكرية بدفع غرامة أو بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات. ويُعاقَب المتهربون من التجنيد والفارّون من الخدمة العسكرية الذين تلقي عليهم السلطات القبض عقاباً شديداً ( ) .
2 - 3 وخلال مداهمة في تموز / يولي ه 2009 ، أخذها جنديّان مع شابات وفتيات أخريات إلى مخيم مغطى بالقماش المشمع في ويا. واحتُجزت صاحبة الشكوى هناك وتعرضت للإيذاء. وكانت الظروف لا تطاق. وكان الطقس حاراً، والماء والطعام شحيحين. وبعد أسبوعين تقريب اً، اقتيدت صاحبة الشكوى إلى سوا حيث أكملت ثمانية أشهر من التدريب العسكري. ثم نُقلت إلى الوحدة عدد 47 في كيرين، حيث عملت خادمة للقادة العسكريين. وفي ظل الظروف السيئة والإساءة المستمرة التي تعرضت لها، قررت صاحبة الشكوى الفرار من البلد.
2 - 4 وبعد أن فرّت صاحبة الشكوى من المخيم مرتدية ملابس مدنية، سافرت مع امرأة أخرى إلى بارينتو ثم إلى تيسيني وأخير اً إلى الخرطوم في السودان. وعملت صاحبة الشكوى في الخدمة المنزلية هناك لمدة ثلاث سنوات. ثم سافرت إلى أوروبا.
2 - 5 ووصلت صاحبة الشكوى إلى سويسرا في تاريخ غير محدد. وتقدمت بطلب لجوء في 1 آب/أغسطس 201 4 . وقدّمت بطاقة هويتها الإريترية التي صدرت في 16 نيسان/أبريل 2012 في مندفرا ، بهدف تأكيد هويتها. واستجوبت أمانة الدولة للهجرة صاحبةَ الشكوى في 13 آب/أغسطس 2014 و 3 تموز/يوليه 201 5 .
2 - 6 وفي 12 آب/أغسطس 2015 ، رفضت أمانة الدولة للهجرة طلب اللجوء الذي قدمته صاحبة الشكوى. ورأت أمانة الدولة أن ادعاءات صاحبة الشكوى بأنها فرت من الجيش وغادرت إريتريا بصورة غير قانونية تفتقر إلى المصداقية، ولم ترَ ما يدعو إلى الاستنتاج بأنها ستتعرض للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في إريتريا. بيد أن أمانة الدولة أمرت في الوقت نفسه بالسماح بقبول صاحبة الشكوى مؤقت اً في سويسرا، لأن إبعاد الأفراد القسري إلى إريتريا لم يكن يُعدّ ممكن اً آنذاك. ولم تطعن صاحبة الشكوى في قرار اللجوء السلبي لأنها لم تعد تواجه الإبعاد من سويسرا.
2 - 7 وفي 24 نيسان/أبريل 2018 ، أبلغت أمانة الدولة للهجرة صاحبة الشكوى بنيتها إلغاء وضع القبول المؤقت لصاحبة الشكوى، لأن الوضع في إريتريا قد تغير. وقد قررت أمانة الدولة والمحكمة الإدارية الاتحادية أنّ استئناف عمليات الإبعاد إلى إريتريا بات ممكناً. وعرضت أمانة الدولة في إشعارها المؤرخ 24 نيسان/أبريل 2018 ، على صاحبة الشكوى الحق في إسماع رأيها فيما يتعلق بالإشعار بالنوايا.
2 - 8 واعترضت صاحبة الشكوى في 25 أيار/مايو 2018 ، على الإشعار بالنوايا. وفي 24 أيلول/ سبتمبر 2018 ، شرعت أمانة الدولة للهجرة في إلغاء وضع القبول المؤقت لصاحبة الشكوى، وأمرت بمغادرتها سويسرا بحلول 20 تشرين الثاني/نوفمبر 201 8 . ورأت أن الوضع العام لحقوق الإنسان في إريتريا قد تحسن، وأنّ ليس هناك ما يشير إلى أن صاحبة الشكوى ستواجه خطر اً حقيقي اً بالتعرض لمعاملة أو عقوبة منافية للاتفاقية إذا أبعدت إلى إريتريا، بالنظر إلى المواد الواردة في ملفها. وعلاوة على ذلك، لم يكن هناك أساس للافتراض بأنها تواجه خطر اً فعلياً وفورياً بتجنيدها قسراً لأداء الخدمة الوطنية على نحو ينتهك حقوقها.
2 - 9 وفي 25 تشرين الأول/أكتوبر 2018 ، استأنفت صاحبة الشكوى القرار الأخير. ورفضت المحكمة الإدارية الاتحادية استئنافها في 13 كانون الأول/ديسمبر 201 8 . وقد استنفدت صاحبة الشكوى سبل الانتصاف المحلية المتاحة للطعن في إبعادها إلى إريتريا.
2 - 10 وقد بذلت صاحبة الشكوى، منذ وصولها إلى سويسرا، جهود اً كبيرة من أجل الاندماج المهني والاجتماعي. وتلقت دورات في محو الأمية واللغة الألمانية، وشاركت في العديد من برامج التوظيف. ودأبت على البحث عن عمل. وقبل عام تقريب اً من تاريخ تقديم الشكوى، اختفى شقيق صاحبة الشكوى عن عمر يناهز اثنين وثلاثين عاماً. وتفترض أسرة صاحبة الشكوى أن السلطات اختطفت شقيقها وجندته للخدمة العسكرية.
2 - 11 وتقول صاحبة الشكوى إنها لم تعرض المسألة نفسها على آلية دولية أخرى للتسوية أو التحقيق لغرض النظر فيها.
الشكوى
3 - 1 تدفع صاحبة الشكوى بأن الدولة الطرف ستنتهك حقوقها بموجب المادة 3 من الاتفاقية بإبعادها إلى إريتريا، حيث ستواجه خطر اً وشيك اً وحقيقي اً بالتعرض للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية والمهينة بسبب فرارها من الجيش قبل إتمام الخدمة الوطنية وخروجها غير القانوني من البلد. وعند عودتها، ستلاحظ السلطات في المطار على الفور أنّ مغادرتها إريتريا كانت غير قانونية، ومن ثمّ ستعتبرها منشقة سياسية، وسوف تستجوبها وتحتجزها وتعاقبها بقسوة. وعقوبة الفارين من الخدمة العسكرية في إريتريا لها دوافع سياسية وهي عقوبة مفرطة القسوة. وثمّة أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحبة الشكوى ستواجه خطر التعرض لعقوبة تعسفية، بما يشمل التعذيب، لدى عودتها. وبالإضافة إلى ذلك، فإنها ستتعرض للرق أو للعمل القسري، وهو ما يشكل أيض اً انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.
3 - 2 وقد أخطأت أمانة الدولة للهجرة في تقييمها لمصداقية صاحبة الشكوى ( ) . فقد أدلت صاحبة الشكوى، خلال المقابلتين التي أجرتهما في سياق اللجوء، بتصريحات مترابطة ومتسقة فيما يتعلق بخدمتها العسكرية وفرارها منها. وفي حين أن هذه الأقوال كانت موجزة، فإن إيجازها كان ناجماً عن الصعوبات النفسية التي واجهتها صاحبة الشكوى آنذاك، وتدنّي مستواها التعليمي. وتبيّن محاضر المقابلة أنّ صاحبة الشكوى لاقت صعوبة في متابعة الإجراءات. وطرحت مراراً وتكراراً أسئلة متابعة في محاولة لفهم السياق والمعنى الدقيق للأسئلة المطروحة عليها. وتشير المحاضر أيضاً إلى أن صاحبة الشكوى سعت بصدق إلى تقديم إجابات دقيقة قدر الإمكان.
3 - 3 وبالإضافة إلى ذلك، خلصت أمانة الدولة للهجرة، في قرارها المؤرخ 12 آب/أغسطس 2015 ، إلى استنتاج سلبي دون وجه حق من الوصف المتكرر الذي قدمته صاحبة الشكوى للتدريب العسكري الذي خضعت له في سوا. ويتألف هذا التدريب من أنشطة متكررة ورتيبة، وهي السير والتحية وأداء التدريبات. ولا يمكن لوم صاحبة الشكوى على أن الحياة العسكرية واليومية في سوا التي وصفتها لم تكن أكثر تنوع اً في طبيعتها.
3 - 4 وعموم اً، كانت أقوال صاحبة الشكوى بشأن فترة الخدمة العسكرية التي أدتها متسقة ومنطقية ومفصلة بدقة. وهي ناقشت تجاربها الشخصية ومخاوفها، وقدّمت وصف اً للمسكن الذي أقامت فيه في ويا. وأدلت بتصريحات دقيقة بشأن ظروفها الفردية، مثل طريقة تناولها الطعام خلال التدريب العسكري، أو كيف كان عليها في بعض الأحيان، بعد الذهاب إلى النوم، أن تستيقظ مجدداً للالتحاق بعملية عدّ الحاضرين. وقد أبدت ردود فعل عاطفية وأظهرت مشاعر ذاتية أثناء الاستجواب.
3 - 5 ولم تحدد أمانة الدولة للهجرة، في قرارها المؤرخ 12 آب/أغسطس 2015 ، سوى وجه واحد من أوجه التضارب في أقوال صاحبة الشكوى فيما يتعلق بخدمتها العسكرية. ويتّصل هذا التضارب المزعوم بتحديد الوحدة التي عُيّنت فيها صاحبة الشكوى، ويمكن أن يُفسَّر بسهولة. والواقع أن صاحبة الشكوى تحدثت، خلال مقابلتها الأولى في سياق اللجوء، عن الوحدة التي عُيّنت فيها في سوا وذكرت أنّها عملت خادمةً في المطبخ في كيرين. وذكرت خلال المقابلة الثانية في سياق اللجوء أنها عُيّنت في الوحدة عدد 47 في كيرين. وهكذا يتّضح أنّ صاحبة الشكوى أدلت ببيانات متّسقة بشأن خدمتها العسكرية في ويا وسوا وكيرين.
3 - 6 وذكرت أمانة الدولة للهجرة، في قرارها المؤرخ 12 آب/أغسطس 2015 ، أن مغادرة إريتريا بصفة قانونية غير ممكنة من حيث المبدأ إلا للأفراد الذين يحملون جواز سفر ساري المفعول وتأشيرة خروج. وعملية الحصول على تأشيرات الخروج تعسفية، لأنّ القانون لا ينصّ على معايير وشروط لمنحها بل هي تُترك عوضاً عن ذلك لتقدير الحكومة. وبالإضافة إلى ذلك، لا تُسنَد تأشيرات الخروج إلاّ بعد دفع مبالغ مالية كبيرة، ولا تتاح إلاّ لمجموعة محدودة من الأفراد الذين يُعتبرون من الموالين. وعلاوة على ذلك، لم تكن النساء دون سن السابعة والأربعين عام اً مؤهلات حينها للحصول على تأشيرات خروج. ولهذا لا يمكن افتراض أنّ مغادرة صاحبة الشكوى لإريتريا كانت قانونية.
3 - 7 وقد سبق أن أدّت صاحبة الشكوى الخدمة العسكرية لمدة تسعة أشهر قبل أن تنشقّ عن الجيش وتغادر إريتريا دون إذن. وقد انتُهكت حقوقها بموجب المادة 4 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان) عندما اضطلعت بعمل قسري لما يزيد على ثمانية أشهر أثناء التدريب العسكري في سوا، ولمدة شهر واحد كخادمة في كيرين. ولم تأخذ أمانة الدولة للهجرة هذا الانتهاك في الاعتبار في قرارها المؤرخ 24 أيلول/سبتمبر 2018 ، بل ركزت في المقابل على خطر حدوث انتهاك في المستقبل.
3 - 8 ومن المعروف جيداً أن المغادرة القانونية من إريتريا تصعب على الإريتريين الذين تتراوح أعمارهم بين ثمانية عشر وخمسين عام اً، والمؤهلين لأداء الخدمة الوطنية. ولهذا، فإن إفادة صاحبة الشكوى بأنها غادرت إريتريا بصورة غير قانونية في سن السابعة والعشرين عام اً يجب بالضرورة أن تعتبر موثوقة. وتعتبر السلطات في إريتريا أولئك الذين غادروا البلاد بصورة غير قانونية مجرمين وخونة خطيرين. ويواجه هؤلاء الأفراد خطر اً جسيم اً بالتعرض للأذى في إريتريا. ويُعاقَب على انتهاك قواعد المغادرة خارج نطاق القضاء وعلى أساس تعسفي. وعلاوة على ذلك، فإنّ قرار سلطات الدولة الطرف بأن صاحبة الشكوى قد سبق على الأرجح إعفاؤها من الخدمة الوطنية هو مجرد تخمين ولا تدعمه أي أدلة.
3 - 9 ويجوز في إريتريا للنساء اللاتي أعفين من أداء الخدمة العسكرية، أو اللاتي انسحبن من هذه الخدمة، أن "يضبطن" أوضاعهن في سن السابعة والعشرين عاماً، ويجوز تسريحهن رسميّاً. غير أنّ هذه الإعفاءات تُطبَّق بصورة تعسفية، وقد تظلّ المرأة المعفاة مطالبةً بأداء الخدمة الوطنية المدنية في أيّ وقت من الأوقات. والواقع أنّ الإعفاء من الخدمة العسكرية لا يشمل سوى الأفراد الذين أمضوا كل حياتهم في القتال من أجل الحرية ( ) .
3 - 10 ولا يمكن افتراض أنّ صاحبة الشكوى كانت قد أتمّت فعلاً الخدمة العسكرية عندما فرّت من إريتريا. فهي لم تكمل سوى تسعة أشهر من الخدمة العسكرية. ولا توجد معلومات موثوقة عن الفصل من الخدمة العسكرية.
3 - 11 وقد خلصت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في حكمها الصادر في قضية سعيد ضد هولندا ، إلى أنّ "المعاملة التي يلقاها الفارّون من الخدمة العسكرية في إريتريا...، والتي تتراوح بين العزل التام والتعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة في درجات حرارة عالية مع تقييد اليدين والقدمين في أوضاع مؤلمة" تشكّل معاملة لا إنسانية ( ) . ومنذ أن صدر ذاك القرار، لم يتحسن وضع الفارّين من الخدمة العسكرية والمتهرّبين من التجنيد. ووفقاً لعدة مصادر موثوقة، يتعرض الفارّون من الخدمة العسكرية للمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة وللتعذيب في العديد من مراكز الاحتجاز والسجون غير الرسمية في جميع أنحاء إريتريا ( ) .
ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية
4 - 1 لا تطعن الدولة الطرف، في رسالتها المؤرخة 2 آب/أغسطس 2019 ، في مقبولية الشكوى، ولكنها ترى أنها لا تستند إلى أي أساس. ولم تدرج صاحبة الشكوى في بلاغها أيّ عناصر يمكن أن تلقي بظلال من الشك على النتائج التي توصلت إليها سلطات الهجرة الوطنية.
4 - 2 وفي سياق إجراءات اللجوء في سويسرا، تؤدي المعلومات القطرية دوراً حاسماً في تقييم القضايا. وفي أيار/مايو 2015 ، أعدّت أمانة الدولة للهجرة تقريراً جمّعت فيه معلومات قطرية مستقاة من مصادر متنوعة. وشهدت على صحة ما جاء في هذا التقرير أربع سلطات شريكة وخبير علمي والمكتب الأوروبي لدعم اللجوء. وأوفدت أمانة الدولة، في شباط/فبراير وآذار/مارس 2016 ، بعثة إلى إريتريا بهدف إعادة التحقق من معلوماتها وتعميقها واستكمالها، مضيفة إليها مصادر أخرى ظهرت في الأثناء. ثمّ نشرت أمانة الدولة تحديثاً في 10 آب/أغسطس 2016 ، استناداً إلى جميع المعلومات التي جمعتها ( ) . وفي تقارير نُشرت بين كانون الأول/ديسمبر 2015 وآب/أغسطس 2016 ، توصلت عدة سلطات وطنية - مثل سلطات النرويج والسويد، ووزارة الداخلية في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية - إلى استنتاجات مشابهة.
4 - 3 ومنذ كانون الثاني/يناير 2017 ، أصدرت المحكمة الإدارية الاتحادية ثلاثة أحكام مرجعية بشأن إريتريا (D-7898/2015 المؤرخ 30 كانون الثاني/يناير 2017 ، وD-2311/2016 المؤرخ 17 آب/ أغسطس 2017 ، وE-5022/2017 المؤرخ 10 تموز/يوليه 2018 )، عالجت فيها قيوداً معينةً تتّصل بتوافر المعلومات المتعلقة بالوضع في إريتريا. وبحثت المحكمة، في حكمها D-7898/2015، إلى أي مدى ينبغي للإريتريين الذين غادروا بلدهم بصورة غير قانونية أن يخشوا الاضطهاد، لهذا السبب، إذا عادوا. ولخّصت المحكمة النتائج التي توصلت إليها في حكمها E-1218/2019 المؤرخ 16 نيسان /أبريل 201 9 . وفي ختام تحليل معمق للمعلومات المتاحة، خلصت المحكمة إلى استنتاج مفاده أنه لم يعد من الممكن الإبقاء على ممارسة الاعتراف بصفة اللاجئ بالاستناد فقط إلى الخروج غير القانوني من إريتريا. ويستند هذا التقدير أساس اً إلى ملاحظة مفادها أن أفراداً من الشتات الإريتري، بعضهم غادر البلد بصورة غير قانونية، عادوا إلى إريتريا لقضاء فترات قصيرة دون التعرض إلى أي أذى.
4 - 4 وعليه، لم يعد من الممكن، بصورة عامة، اعتبار الأفراد الذين غادروا إريتريا دون إذن معرضين لخطر عقوبة شديدة بما يبرر منح اللجوء. ولا يمكن قبول أي خطر داهم يتمثل في التعرض للعقاب أو الأذى الجسيم بالمعنى المقصود في المادة 3 من قانون اللجوء إلا في ظل وجود عوامل إضافية غير مواتية تجعل مقدم الطلب يبدو غير مرغوب فيه لدى السلطات في إريتريا. وتشمل هذه العوامل الانتماء إلى مجموعة تعارض النظام، أو تقلّد منصب بارز قبل الفرار، أو الفرار من الخدمة العسكرية أو التهرب منها.
4 - 5 ووفق اً لسلطات الهجرة السويسرية، إذا تبين من دراسة حالة فردية ما أن العقوبة لا ترمي إلى إجبار الشخص المعني على الوفاء بالتزاماته العسكرية فحسب، بل أيضاً إلى اعتباره معارضاً سياسياً يعاقَب عقوبة غير متناسبة ويعامَل معاملة لا إنسانية ، فإن الشخص المعني يعتبر معرض اً لخطر الاضطهاد بموجب القانون الدولي.
4 - 6 وقد لاحظت المحكمة الإدارية الاتحادية أن رفض الخدمة العسكرية والفرار منها يُعاقب عليهما بشدة في إريتريا. وتكون العقوبة المفروضة مصحوبة عادة بالسجن في ظروف غير إنسانية، وغالب اً بالتعذيب، إذ يُعتبر الفرار من الخدمة العسكرية ورفضها بمثابة تعبير عن معارضة النظام. ومن هذا المنطلق، تشكّل العقوبة شكل اً من أشكال الاضطهاد، والخوف المبرر من التعرض لها يفضي إلى منح صفة اللاجئ. بيد أنّه لا أساس لخوف من هذا القبيل إلاّ إذا كان الفرد المعني على اتصال فعليّ بالسلطة العسكرية أو بسلطة أخرى لغرض التجنيد في المستقبل القريب (في حال استلام استدعاء من الجيش على سبيل المثال ). فمجرد احتمال استلام استدعاء في مستقبل قريب أو بعيد لا يكفي لإبداء خوف مبرر. وعلاوة على ذلك، فإن اضطرار الشخص إلى أداء الخدمة العسكرية ليس في حد ذاته عاملاً حاسماً.
4 - 7 ومعرفة ما إذا كان من شأن تجنيد صاحبة الشكوى في الخدمة الوطنية بعد عودتها إلى إريتريا أن يشكل معاملة يحظرها القانون الدولي مسألة تندرج ضمن النظر فيما إذا كان الإبعاد مشروع اً وقابل اً للإنفاذ. ويكون إنفاذ أمر الإبعاد غير مشروع عندما يتعذر على سويسرا أن تجبر، بموجب القانون الدولي العام، شخص اً أجنبي اً على السفر إلى بلد ما أو عندما لا تعلن أي دولة أخرى عن استعدادها لاستقباله، عمل اً بمبدأ عدم الإعادة القسرية. ويكون أمر الإبعاد غير قابل للإنفاذ بموجب القانون الوطني إذا كان إبعاد المواطن الأجنبي أو طرده إلى بلده الأصلي يعرّضه فعلياً للخطر، في حال الحرب أو الحرب الأهلية أو تفشي العنف أو الضرورة الطبية مثلاً.
4 - 8 ومنذ حزيران/ يونيه 2016 ، تعتبر أمانة الدولة للهجرة أن مجرد مغادرة إريتريا بصورة غير قانونية لا تعرّض الشخص المعني، في حال عودته إلى بلده، إلى اضطهاد محقّق. وعليه، لم يعد يُعترف للمواطنين الإريتريين الذين لم يُوجّه إليهم بعد استدعاءٌ لأداء الخدمة العسكرية الوطنية، أو الذين أُعفوا من الخدمة أو سُرّحوا منها، بصفة اللاجئ على هذا الأساس وحده. ومع ذلك، تواصل أمانة الدولة نظرها بعناية في كل طلب لجوء. وأيدت المحكمة الإدارية الاتحادية هذه الممارسة وأوضحتها في أحكامها المرجعية المذكورة أعلاه.
4 - 9 وإبعاد صاحبة الشكوى في هذه القضية قابل للإنفاذ. فإريتريا لا تشهد حالة حرب ولا حرباً أهلية ولا عنفاً معمماً يمكّن فوراً - وبصرف النظر عن ظروف هذه القضية - من افتراض وجود خطر حقيقي على أيّ شخص في البلد. وعلاوة على ذلك، تحسنت ظروف الحياة هناك رغم أن الحالة الاقتصادية لا تزال صعبة؛ واستقر الوضع فيما يتعلق بحالة الموارد الطبية، والحصول على المياه والغذاء، وظروف التدريب. وبالإضافة إلى ذلك، تتلقى نسبة كبيرة من السكان تحويلات مالية كبيرة من الشتات. وقد وضع اتفاق السلام الذي وُقع في 9 تموز/يوليه 2018 مع إثيوبيا حدّاً للنزاع بين البلدين. وفي هذا السياق، تكون أوامر الإبعاد قابلة للإنفاذ ما لم تكن حياة الشخص المعني في خطر، بسبب ظروف شخصية معينة، إذا أعيد إلى إريتريا؛ ولم يعد إنفاذ هذه الأوامر يتطلب ظروفاً فردية مواتية بشكل خاص مثلما كانت تقضي بذلك السوابق القضائية.
4 - 10 وعلاوة على ذلك، فإن إبعاد صاحبة الشكوى ليس بالأمر غير المشروع. فحسب السوابق القضائية للمحكمة الإدارية الاتحادية، يجب على صاحب الشكوى الذي يقول إنه قد غادر بلده مخافة استدعائه لأداء الخدمة الوطنية أن يثبت فوق ذلك وجود احتمال كبير لاستهدافه شخصياً - وليس بسبب مجرد مصادفة مؤسفة - بتدابير لا تتوافق مع القانون الدولي ذي الصلة. وقد نظرت المحكمة، في قرارها المرجعي E-5022/2017، في مسألة مشروعية إنفاذ الإبعاد إلى إريتريا، في حال العودة الطوعية، حيثما وجد خطر التجنيد في الخدمة العسكرية أو المدنية الوطنية. ولهذا الغرض، أخذت المحكمة بعين الاعتبار الأهداف المتوخاة من الخدمة ونظام التجنيد ومدة الإلزام بالخدمة، ومجموعة الأشخاص المعنيين، وشروط الخدمة. وأقرت المحكمة بأنّ مصادر المعلومات العديدة التي استشيرت بيّنت أن جميع المواطنين الإريتريين ، رجالاً ونساءً، مطالبون بأداء الخدمة الوطنية. ووفق اً للمعلومات المتاحة للمحكمة، يجري التجنيد في الخدمة الوطنية عموماً من خلال النظام المدرسي. فجميع تلاميذ الصف الثاني عشر يُلحَقون بالمركز الوطني للتدريب العسكري في سوا، حيث يتلقون تدريباً عسكرياً وينهون دراستهم ويجتازون امتحانهم النهائي. ويجوز للسلطات الإدارية المحلية أن تصدر تعليمات بالالتحاق بالخدمة مباشرة إلى المنقطعين عن الدراسة حالما يبلغون سن الثامنة عشرة. وقد تطول مدة التدريب الأساسي الواجب تلقّيه في هذا الإطار ستة أشهر قبل أن يجنَّد الأشخاص المعنيون في الخدمة العسكرية أو المدنية لمدة تتراوح ما بين خمس سنوات وعشر سنوات. وأقرت المحكمة أيضاً بأن ظروف العيش شاقة سواء أثناء التدريب الأساسي أو أثناء أداء الخدمة الوطنية، وبأن المصادر التي استشارتها أشارت إلى سوء المعاملة والاعتداءات الجنسية. ولاحظت المحكمة أن الجنود يكونون عرضة، أثناء تدريبهم العسكري، لقرارات تعسفية من رؤسائهم الذين يعاقبون بقسوة على السلوك غير المنضبط ومخالفة الرأي ومحاولات الفرار. ويسود التعسف نفسه أثناء أداء الخدمة العسكرية؛ إذ يمكن ملاحظة التجاوزات نفسها، وإن لم تكن معمّمة بالضرورة. أما الخدمة المدنية، فإن الأجور الممنوحة عليها زهيدة للغاية؛ ولا يكاد الأجر الذي يصرَف لمن يجنَّد فيها يلبّي احتياجاته.
4 - 11 ومع ذلك، لا ترى المحكمة الإدارية الاتحادية، أن سوء المعاملة والتجاوزات التي ترتكب في حق المجنَّدين قد بلغت حداً من الاستشراء صار معه كل شخص معرضاً بصورة ملموسة وخطيرة لهذه الإساءات. وعليه، لا يمكن القول بوجود خطر شديد على صاحبة الشكوى، ناشئ عن أداء الخدمة الوطنية، من التعرض لعمل قسري أو إلزامي؛ ويصح القول نفسه على خطر التعرض لمعاملة لا إنسانية أو مهينة.
4 - 12 ووفق اً للمحكمة الإدارية الاتحادية، ينبغي اعتبار الخدمة الوطنية في إريتريا نوعاً من أنواع العمل القسري، لا شكلاً من أشكال الاسترقاق. ورأت المحكمة في حكمها E-5022/2017، استناد اً إلى المعلومات المتاحة، عدم وجود أسباب تدعو إلى افتراض أن الخدمة الوطنية شرطٌ دائم يُحتجّ به لدعم ادعاء بالاسترقاق بالمعنى المقصود في القانون الدولي. ومن ناحية أخرى، بقدر ما تكون الخدمة الوطنية في إريتريا منخفضة الأجر وغير محددة المدة سلفاً، ويمكن أن تستمر لمدة تتراوح بين خمس وعشر سنوات ، فإنها لا تشكل التزاما ً مدنياً عادياً؛ فهي عبء غير متناسب ويمكن اعتبارها عملاً قسرياً.
4 - 13 وقد قررت المحكمة الإدارية الاتحادية، في حكمها D-2311/2016، أن ملتمسي اللجوء الإريتريين الذين رٌفضت طلباتهم لم يواجهوا خطراً عامّاً بالتجنيد القسري في الخدمة الوطنية عند عودتهم إلى البلد. ولاحظت المحكمة أن ملتمسي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم والذين غادروا إريتريا بعد الوفاء بالتزاماتهم العسكرية قد سُرّحوا بصورة روتينية من الخدمة الوطنية ولم يكن هناك أي سبب يخشون معه تجنيدهم في الجيش مرة أخرى لدى عودتهم. ولم يكن لديهم أيّ داع للخوف من إدانتهم لرفضهم الخدمة. وينطبق ذلك بصفة خاصة على النساء المتزوجات أو الحوامل، أو اللاتي لديهن أطفال، أو اللاتي غادرن إريتريا في سن الثلاثين أو أكثر. ووفق اً للمصادر ذات الصلة، تُسرَّح النساء عموم اً قبل سن الثلاثين، وعادة ما تتراوح أعمارهن بين خمسة وعشرين و ثلاثين عاما ً ( ) . وعلاوة على ذلك، يُعفى الإريتريون الذين حصلوا على صفة فرد من أفراد الشتات أيضاً من الخدمة الوطنية إذا دفعوا ضريبة بنسبة 2 في المائة ووقّعوا على خطاب ندم. وهناك ما يوحي بأن المواطنين الإريتريين الذين أمضوا أكثر من ثلاث سنوات في الخارج قد سوّوا أوضاعهم لدى السلطات في إريتريا وهم من ثمّ أفرادٌ في الشتات.
4 - 14 وخلاصة القول إن خطر التجنيد في الخدمة الوطنية لم يعد من الممكن اعتباره في حد ذاته عقبة أمام إنفاذ أمر الإبعاد. ويجب على الأفراد الذين غادروا إريتريا خشية تجنيدهم في الخدمة الوطنية أن يثبتوا احتمالاً كبيراً بأنهم سيُستهدفون، عند عودتهم، شخصياً وعمداً بتدابير لا تتفق مع المعايير الدولية المنطبقة.
4 - 15 وفي هذه القضية، اعتبرت أمانة الدولة للهجرة أن صاحبة الشكوى تعوزها المصداقية. وتدرج الدولة الطرف مشفوعة بالإشارة المرجعية الحجج الواردة في ذلك القرار. والتقارير القطرية التي أشارت إليها صاحبة الشكوى في بلاغها المقدم إلى اللجنة لا تغير من الاستنتاجات المستخلصة بشأن أوجه التضارب في شهادتها أثناء إجراءات اللجوء. وقد شككت أمانة الدولة في فرار صاحبة الشكوى من الجيش. وعلاوة على ذلك، لم تدّع صاحبة الشكوى أنّ السلطات العسكرية في إريتريا اتصلت بها، بحيث يوجد ما يدعوها إلى الاعتقاد بأنها ستخضع للتجنيد القسري لدى عودتها إلى البلد. وبالإضافة إلى ذلك، لم تزعم أنها تنتمي إلى مجموعة من المنشقين أو أنها شغلت منصباً رفيعاً قبل مغادرتها إريتريا.
4 - 16 وأحاطت المحكمة الإدارية الاتحادية علماً بأنّ صاحبة الشكوى كانت تبلغ من العمر سبعة وعشرين عاماً عندما غادرت إريتريا. و لاحظت المحكمة استناداً إلى تحليلها للوضع في إريتريا، أنّ أمانة الدولة للهجرة قد قرّرت عن حقّ أنّ صاحبة الشكوى قد تكون فُصلت من الخدمة الوطنية، أو سُرّحت منها، أو أنها أنهتها أصلاً. وأضافت المحكمة أنّ خطر تجنيد صاحبة الشكوى قسراً عند عودتها إلى إريتريا منخفض، نظراً إلى أنها كانت تبلغ من العمر أربعة وثلاثين عاماً وقت اعتقالها. واستشهدت المحكمة بحكمها D-2311/2016، الذي يتعلق أيض اً بقضية مواطنة إريترية تجاوز سنها ثلاثين عاماً، وذكّرت بالمبدأ المذكور أعلاه وهو أنّ صاحبة الشكوى كان عليها أن تثبت وجود احتمال كبير بأنها ستتعرض لمعاملة تتنافى مع القانون الدولي عند عودتها. ورأت المحكمة أن صاحبة الشكوى لم تثبت أنها ستلاقي خطر التجنيد القسري، أو أنها ستواجه احتمالاً كبيراً بأن تتعرض لمعاملة تتنافى مع الاتفاقية إذا أعيدت إلى إريتريا. ولم ترَ المحكمة أيضاً ما يدعو إلى الاعتقاد بأنّ صاحبة الشكوى ستواجه هذا الخطر، لأسباب منها أنّ ادعاءاتها المتعلقة بخدمتها العسكرية المزعومة وفرارها منها تعوزها المصداقية.
4 - 17 وتنتقد صاحبة الشكوى في بلاغها مختلف الأحكام التي تناولت فيها المحكمة الإدارية الاتحادية الوضع في إريتريا. بيد أنّ صاحبة الشكوى لا تعرض أيّ معلومات من شأنها أن تشكّك في الاستنتاجات الواردة في تلك الأحكام، أو في استنتاجات سلطات الهجرة الوطنية فيما يتعلق بقضية لجوئها. ولم تبيّن صاحبة الشكوى ما الذي قد يجعلها شخصياً عرضة للمخاطر الموصوفة في التقارير التي استشهدت بها. ودرست سلطات الهجرة بدقّة المخاطر التي ستواجهها صاحبة الشكوى، وخلصت إلى انتفاء أيّ مؤشر ملموس إلى أنّها ستتعرض في إريتريا لمعاملة تتنافى مع الاتفاقية.
4 - 18 وإشارة صاحبة الشكوى إلى قرار اللجنة في قضية م. غ. ضد سويسرا في غير محلها، لأن استنتاج اللجنة بحدوث انتهاك للمادة 3 من الاتفاقية في تلك القضية يستند إلى أسس إجرائية. ولم تخلص اللجنة إلى أنّ صاحب الشكوى في تلك القضية سيواجه خطر معاملة تتنافى مع الاتفاقية لدى عودته إلى إريتريا.
تعليقات صاحبة الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية
5 - 1 تكرر صاحبة الشكوى حججها في تعليقات مؤرخة 24 كانون الثاني/يناير 2020 وتؤكد أنها لم تحظَ بتمثيل قانوني خلال جلسة الاستماع الخاصة باللجوء التي أجرتها أمانة الدولة للهجرة. وعليه، ينبغي التشكيك في النتائج السلبية لتقييم مصداقية شهادتها خلال تلك الجلسة. وعلاوة على ذلك، فإنّ صاحبة الشكوى في سن التجنيد؛ ولهذا يجب افتراض أنها غادرت البلد بصورة غير قانونية، إذ لم يكن أمامها سبيل آخر للحصول على تأشيرة خروج.
5 - 2 وتكرر صاحبة الشكوى التأكيد على أن أعمال التعذيب واسعة الانتشار ومنهجية في إريتريا. وتشير إلى تقرير المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في إريتريا، الذي أعربت فيه المقررة الخاصة عن قلقها إزاء التقارير عن حالات الاعتقال التعسفي والاحتجاز لأجل غير مسمى والوفاة أثناء الاحتجاز والاختفاء القسري في إريتريا. ولاحظت المقررة الخاصة أن إريتريا لا تزال تحتجز السجناء السياسيين وسجناء الرأي، وأعربت عن قلقها إزاء استمرار احتجاز الأفراد مع منع الاتصال واحتجازهم إلى أجل غير مسمى، وهو ما يشكل انتهاكاً لحقوقهم الأساسية في مراعاة الأصول القانونية، بما يشمل الحق في إبلاغهم بالتهم الموجهة إليهم. وقالت المقررة الخاصة إن السلطات في إريتريا لم تشرع في عملية إصلاحات داخلية، وإن إعادة ملتمسي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم من سويسرا إلى إريتريا من شأنها أن تعرّض العديد منهم للاعتقال والمضايقة والعنف ( ) .
5 - 3 أمّا جدوى بعثات تقصي الحقائق التي ترسلها الدولة الطرف إلى إريتريا فهي تبعث على الشك. فمكاتب الهجرة تميل إلى قصر المقابلات التي تجريها على ممثلي الحكومة والدبلوماسيين في أسمرة وغيرهم من الأفراد المحسوبين على حكومة إريتريا. وعلى سبيل المثال، انتقدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، في عام 2014 ، تقرير بعثة لتقصي الحقائق أعدته حكومة الدنمرك بسبب عيوب منهجية ( ) . وتنزع الدول الأجنبية إلى منح صفة اللاجئ للغالبية العظمى من ملتمسي اللجوء الذين يحملون الجنسية الإريترية. ففي عام 2018 على سبيل المثال، حظي 98 في المائة من جميع طلبات اللجوء هذه بالموافقة في الدنمارك. وحظي 202 من أصل 205 طلبات من هذا القبيل بالموافقة في النرويج، في عام 201 9 . ولم يُرفض سوى 77 من أصل 051 1 طلباً من هذه الطلبات في عام 2018 في السويد.
5 - 4 ويفي فرار صاحبة الشكوى من الخدمة الوطنية ومغادرتها البلد بصورة غير قانونية بغرض إثبات تعرضها لمعاملة تتنافى مع الاتفاقية في حال أعيدت إلى إريتريا. وفي تقرير صدر في عام 2016 ، استشهدت لجنة التحقيق المعنية بحقوق الإنسان في إريتريا بتقارير شهود تشير إلى أن بعض مواطني إريتريا الذين طردهم السودان طرداً جماعياً قد اعتُقلوا واحتُجزوا عند عودتهم إلى إريتريا ( ) .
5 - 5 وعلى نحو مماثل، ذكرت المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في إريتريا في عام 2017 أن السلطات في إريتريا تعتبر الأفراد الذين يغادرون إريتريا دون الحصول على تأشيرة خروج معارضين سياسيين أشبه بالخونة. ووفق اً للمقررة الخاصة، يجب على الإريتريين الذين يعيشون في الخارج التوقيع على استمارة طلب خدمات الهجرة والمواطنة من أجل تسوية أوضاعهم قبل أن يتمكنوا من طلب الخدمات القنصلية. وبالتوقيع على الاستمارة، يعترف الأفراد بأنهم "نادمون على ارتكابهم جريمةً بعدم إنهائهم الخدمة الوطنية" وأنهم "على استعداد لتلقي العقوبة المناسبة في الوقت المناسب". ويمنح هذا الإجراء السلطات تفويضاً مطلقاً لفرض عقوبات تعسفية ( ) .
5 - 6 ولم توضّح الدولة الطرف ما الذي استندت إليه في استنتاجها أنّ تجنيد النساء فوق سن الثلاثين في إريتريا غير مرجّح. وأشارت المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في إريتريا إلى تقارير تفيد بأن المجندين في الخدمة الوطنية/العسكرية يتعرضون للإيذاء وسوء المعاملة، وأن النساء والفتيات يتكبدن أثراً سلبياً بوجه خاص، بسبب شيوع الاعتداء الجنسي على المجندات والتحرش بهن، ولا سيّما في معسكر سوا للتدريب العسكري ( ) . ولا يوجد ما يدلّ على أن صاحبة الشكوى التي لم تكمل سوى تسعة أشهر من الخدمة العسكرية، قد فُصلت منها. ولا توجد معلومات موثوقة عن مدة الخدمة العسكرية في إريتريا.
5 - 7 وإذا أعيدت صاحبة الشكوى إلى إريتريا، فهي ستواجه استخداماً تعسفياً ومفرطاً للقوة يعادل التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
ملاحظات إضافية من الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ
6 - 1 تكرر الدولة الطرف، في ملاحظاتها الإضافية المؤرخة 9 آذار/مارس 2020 ، موقفها وحجتها بأنّ الادعاءات الأساسية لصاحبة الشكوى - فيما يتعلق باعتقالها أثناء مداهمة في تموز/يوليه 2009 ، واحتجازها في ويا وسوا، وتدريبها العسكري في سوا، وهروبها من معسكر الجيش في كيرين، ومغادرتها غير القانونية لإريتريا - تعوزها المصداقية.
6 - 2 وفي معرض الرّد على التقارير التي استشهدت بها صاحبة الشكوى في تعليقاتها، تبلغ الدولة الطرف اللجنةَ بأنه من حيث المبدأ، عندما يعرض أفراد من إريتريا ادعاءات موثوقة بأنّهم فرّوا من الجيش أو أنهم كانوا أصلاً على اتصال بالسلطات الإريترية لغرض التجنيد، فإنّ سلطات الهجرة في الدولة الطرف تمنح هؤلاء الأفراد حق اللجوء. وفي المقابل، فإن مواطني إريتريا الذين غادروا البلد بصورة غير قانونية دون أن يكونوا على اتصال حقيقي بالسلطات لا يمنحون اللجوء عموماً. والخوف من التجنيد لا يفي بالغرض . ومع ذلك، فإنّ الأفراد الذين يدّعون على نحو موثوق أنّ تجنيدهم كان وشيكاً، إثر بلوغهم سنّ الرشد (وهو الحد الأدنى لسنّ التجنيد )، والذين غادروا البلد بصورة غير قانونية، يعتبرون فارّين من الخدمة العسكرية ويُمنحون حق اللجوء.
6 - 3 وعلى أساس تحليل كل حالة على حدة، يلقى ملتمسو اللجوء الإريتريون الحماية في سويسرا عندما يواجهون خطراً شخصي اً وحقيقياً بالتعرض لمعاملة في إريتريا تتنافى مع الاتفاقية. والتقارير التي استشهدت بها صاحبة الشكوى عامّة في طبيعتها ولا تؤثر في وضعها الشخصي، ولا تشكّك في نتائج تقييم المصداقية التي خلصت إليها سلطات الهجرة في الدولة الطرف.
المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة
النظر في المقبولية
7 - 1 قبل النظر في أيّ ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرّر ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تأكدت اللجنة، وفق ما تقتضيه الفقرة 5 (أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أنّ المسألة ذاتها لم تُبحث وليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.
7 - 2 وعملاً بالفقرة 5 (ب) من المادة 22 من الاتفاقية، لا تنظر اللجنة في أيّ بلاغ مقدم من فرد ما لم تتيقّن من أنّ الفرد قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتلاحظ اللجنة أنّ صاحبة الشكوى، بعد أن قوبل استئنافها بالرفض، تلقت قراراً سلبياً ونهائياً بشأن طلبها للّجوء، وأنّ الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية الشكوى. وبناء عليه، ترى اللجنة أن الفقرة 5 (ب) من المادة 22 من الاتفاقية لا تمنعها من النظر في هذه الشكوى.
7 - 3 وبما أنّ اللجنة لا ترى أيّ عقبات أخرى أمام المقبولية، فإنّها تعلن أنّ الشكوى مقبولة وتشرع في النظر فيها من حيث أسسها الموضوعية.
النظر في الأسس الموضوعية
8 - 1 وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية، نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان.
8 - 2 والمسألة المعروضة على اللجنة هي ما إذا كان الإبعاد القسري لصاحبة الشكوى إلى إريتريا سيشكل انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف بموجب المادة 3 من الاتفاقية بألاّ تطرد أيّ شخص أو تعيده (ترده) إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقة تدعو إلى الاعتقاد بأنّه سيكون في خطر التعرّض للتعذيب.
8 - 3 وعلى اللجنة، في القضية موضع النظر، أن تحدّد ما إذا كانت توجد أسباب حقيقية تحمل على الاعتقاد بأن صاحبة الشكوى ستواجه شخصياً خطر التعرض للتعذيب في حال إعادتها إلى إريتريا. ويجب على اللجنة عند تقييم هذا الخطر، أن تأخذ في الحسبان جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملاً بالفقرة 2 من المادة 3 من الاتفاقية، بما يشمل وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان ( ) . بيد أنّ اللجنة تذكّر بأنّ الهدف من إجراء تقييم من هذا النوع هو إثبات ما إذا كان الفرد المعني سيواجه شخصياً خطراً متوقعاً وحقيقياً يتمثل في التعرض للتعذيب في البلد الذي سيُعاد إليه ( ) . ويترتب على ذلك أنّ وجود نمط من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد لا يشكل في حد ذاته سبباً كافياً لتحديد أنّ شخصاً معيناً سيتعرض لخطر التعذيب عند عودته إلى ذلك البلد؛ ولا بدّ من تقديم أسباب إضافية تبيّن أنّ الفرد المعنيّ سيتعرض شخصياً لهذا الخطر. وفي المقابل، لا يعني عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان أن الشخص قد لا يتعرض للتعذيب في ظروف تخصّه هو تحديداً ( ) .
8 - 4 وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 4 ( 201 7 ) بشأن تنفيذ المادة 3 من الاتفاقية في سياق المادة 22 ، الذي ينص على أن الالتزام بعدم الإعادة القسرية قائم كلما كانت هناك "أسباب حقيقية" تدعو إلى الاعتقاد بأن الشخص المعني سيكون في خطر التعرض للتعذيب في دولة يواجه الترحيل إليها، سواء كفرد أو كعضو في مجموعة قد تكون في خطر التعرض للتعذيب في بلد المقصد. وتذكر اللجنة أيض اً بوجود "أسباب حقيقية " كلما كان خطر التعذيب "متوقعاً وشخصياً وقائماً وحقيقياً" ( ) . ويمكن أن تشمل مؤشرات الخطر الشخصي ، على سبيل المثال لا الحصر: (أ) الأصل الإثني والانتماء الديني؛ و(ب) التعرض للتعذيب سابقاً؛ و(ج) الاحتجاز مع منع الاتصال أو الخضوع لأي شكل آخر من أشكال الاحتجاز التعسفي وغير القانوني في البلد الأصلي؛ و(د) الانتماء السياسي أو الأنشطة السياسية لصاحب الشكوى ( ) .
8 - 5 وتذكّر اللجنة أيضاً بأن عبء الإثبات يقع على عاتق أصحاب الشكوى الذين يجب عليهم أن يعرضوا قضية وجيهة - أي أن يقدموا حججاً مدعومة بأدلة تبيّن أن خطر التعرض للتعذيب متوقع وقائم وشخصي وحقيقي ( ) . ولكن عندما يعجز أصحاب الشكاوى عن تفصيل قضيتهم، كأن يكونوا مثلاً قد أثبتوا استحالة حصولهم على وثائق تتعلق بادعاءات تعرضهم للتعذيب أو يكونوا مسلوبي الحرية، فإن عبء الإثبات ينعكس ويكون على الدولة الطرف المعنية أن تُحقّق في هذه الادعاءات وتتحقق من صحة المعلومات التي تستند إليها الشكوى ( ) . وتذكّر اللجنة كذلك بأنّها تولي أهمية كبيرة للنتائج الوقائعية التي تقدّمها أجهزة الدولة الطرف المعنية؛ إلاّ أنها غير ملزمة بتلك النتائج. ويعني ذلك أنّ اللجنة ستجري تقييماً حرّاً للمعلومات المتاحة لها وفق اً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية، مع مراعاة جميع الظروف ذات الصلة بكل قضية ( ) .
8 - 6 وفي القضية موضع النظر، تشير اللجنة، بغية تحديد ما إذا كانت صاحبة الشكوى ستواجه خطر التعرض للتعذيب لدى عودتها إلى إريتريا، إلى تقرير أصدره المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في إريتريا في عام 202 1 . وتفيد التقارير بأنّ ملتمسي اللجوء الذين يعادون إلى إريتريا يواجهون عقوبة شديدة عند عودتهم، بما يشمل فترات احتجاز مطولة مع منع الاتصال، والتعذيب، وإساءة المعاملة ( ) . وتلاحظ اللجنة أيض اً أنّ المقررة الخاصة كانت أعربت سابقاً عن قلقها من أنّ العودة الطوعية لستة وخمسين فرداً من سويسرا إلى إريتريا في عام 2019 يمكن أن تعرّض الأفراد للخطر بالنظر إلى أنّ ظروف عودتهم لا يمكن رصدها رصداً كافياً ( ) . وتلاحظ اللجنة أنّ المقرر الخاص أشار في بيان قدّمه إلى مجلس حقوق الإنسان في 4 آذار/مارس 2022 إلى أنّ التطورات الأخيرة في إريتريا لا تزال تدلّ على عدم إحراز تقدم في حالة حقوق الإنسان في البلد ( ) .
8 - 7 وبناء عليه، لا يسع اللجنة أن تخلص إلى أنّ صاحبة الشكوى، في هذه القضية، لا تواجه خطر اً متوقعاً وحقيقياً وقائماً وشخصياً بالتعرض للتعذيب إذا أعيدت إلى إريتريا. ولذلك ترى اللجنة أن عودتها القسرية إلى إريتريا ستشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.
9 - وفي ضوء ما تقدم، تخلص اللجنة، عملاً بالفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، إلى أنّ إعادة صاحبة الشكوى إلى إريتريا ستشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.
10 - وترى اللجنة أنّ الدولة الطرف، وفقاً للمادة 3 من الاتفاقية، ملزمة بالامتناع عن إعادة صاحبة الشكوى قسراً إلى إريتريا.
11 - وتدعو اللجنة، طبقاً للفقرة 5 من المادة 118 من نظامها الداخلي، الدولة الطرف إلى إطلاعها ، في غضون 90 يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار، بالتدابير التي اتخذتها للردّ على الملاحظات أعلاه.