الأمم المتحدة

CAT/C/73/D/862/2018

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

17 August 2022

Arabic

Original: English

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادّة 22 من الاتّفاقيّة بشأن البلاغ رقم 862/2018 * **

بلاغ مقدم من: ت. ب (يمثله المحامي طارق حسن)

الضحيّة المزعومة: المشتكي

الدولة الطرف: سويسرا

تاريخ تقديم الشكوى: 21 شباط/فبراير 2018 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادتين 114 و 115 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 23 شباط/فبراير 2018 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار: 22 نيسان/أبريل 2022

الموضوع: ترحيل المشتكي من سويسرا إلى إثيوبيا

المسائل الإجرائية: لا يوجد

المسائل الموضوعية: خطر التعرض للتعذيب في حالة الترحيل إلى البلد الأصلي (عدم الإعادة القسرية)؛ ومنع التعذيب

المادة من الاتفاقية: 3

1 - 1 يُدعى المشتكي ت. ب.، وهو مواطن إثيوبي من مواليد عام 1981 . وقد رُفِض طلب لجوئه، فبات عرضة لخطر الترحيل إلى إثيوبيا. يؤكّد المشتكي أن الدولة الطرف ستنتهك التزاماتها بموجب المادة 3 من الاتفاقية في حال تنفيذها قرار ترحيله. وقد أصدرت الدولة الطرف الإعلان المطلوب عملاً بالمادة 22 ( 1 ) من الاتفاقية ليصبح سارياً اعتباراً من 2 كانون الأول/ديسمبر 1986 . ويمثل المشتكي المحامي طارق حسن.

1 - 2 وفي 23 شباط/فبراير 2018 ، طلبت اللجنة من الدولة الطرف، عملاً بالمادة 114 من نظامها الداخلي، وعن طريق مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، عدم طرد المشتكي ريثما يجري النظر في قضيته.

الوقائع كما عرضها المشتكي

2 - 1 المشتكي متحدر من إثنية الهدية. عاش في أديس أبابا حيث عمل سائق سيارة أجرة . وهو ناشط سياسي منذ أكثر من 10 سنوات. وفي أيار/مايو 2005 ، شارك في تجمعات حاشدة نظمها "كينجيت" ( الائتلاف من أجل الوحدة والديمقراطية)، واعتقلته الشرطة خلالها وضربته. واحتُجز في زنزانة مظلمة لمدة أسبوعين ولم يقدّم له سوى القليل من الطعام . وهُدِّدَ المشتكي بالسجن ولكن أُطلق سراحه بعد أسبوعين لأن الشرطة افترضت أنه لن يستمر في نشاطه السياسي.

2 - 2 حاول المشتكي مغادرة إثيوبيا عقب إطلاق سراحه . إلاّ أنّ الشرطة ألقت القبض عليه مرة أخرى في مدينة غوندار. ووُضع في زنزانة مظلمة وتعرض لأنواع من التعذيب النفسي، بما في ذلك التهديد بالسجن مدى الحياة والموت. وأُفرج عنه بعد ستة أشهر.

2 - 3 وفي الفترة 2008 / 2009 ، أصبح المشتكي عضو اً في منظمة جينبوت 7 . وبدأ في توزيع منشورات لها في أديس أبابا. وفي عام 2012 ، ألقت الشرطة القبض على بعض أصدقائه، الذين اعتادوا أيضاً توزيع منشورات معه. وبعد ذلك بفترة وجيزة، تلقى المشتكي رسالة نصية قصيرة من أحد أصدقائه المعتقلين، يحذره فيها من أنه مطلوب أيض اً لدى الشرطة. ففرَّ المشتكي من إثيوبيا بعد ذلك بأيّام. وسافر إلى السودان في 12 حزيران/يونيه 2012 ثمّ وصل إلى سويسرا في 18 تموز / يوليه 2012 .

2 - 4 واصل المشتكي أنشطته السياسية في سويسرا. وانضم رسمي اً إلى منظمة جينبوت 7 وظل منخرط اً في أنشطتها السياسية. فشارك في مظاهرات واجتماعات لها في سويسرا، ونظَّم النقل للتجمعات، ووزع المنشورات واستقدم أعضاء جدداً في المنظمة. وفي 11 شباط/فبراير 2017 ، شارك المشتكي في اجتماع لجينبوت 7 في فريبورغ، سويسرا . وحضر فيه رئيس المنظمة، شيكول جيتاهون، وعُقِدت جلسة عن طريق التداول بالفيديو مع مؤسسها، بيرهانو نيغا، المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية بعدما حكمت عليه محكمة في إثيوبيا بالإعدام غيابيا ً .

2 - 5 أصبح المشتكي أيض اً عضو اً في منظمة "فرقة العمل الإثيوبية لحقوق الإنسان والديمقراطية في سويسرا" ونظَّم النقل لمظاهراتها. وأخير اً، شارك في أنشطة جمع التبرعات لقناة التلفزيون الفضائي الإثيوبي، التي تعتبرها حكومة إثيوبيا آلة دعائية للجماعات المنشقة.

2 - 6 ويلاحظ المشتكي أن المحكمة الإدارية الاتحادية في سويسرا خلصت في مناسبات عدّة إلى أن السلطات الإثيوبية تراقب أنشطة المواطنين الإثيوبيين خارج حدودها وأنه من المحتمل أن يواجه الناشطون السياسيون الذين حُدّدت هويتهم بهذه الطريقة الاعتقال إذا ما أعيدوا إلى إثيوبيا. كما يلاحظ، وفق اً لأحكام سابقة صدرت عن المحكمة الإدارية الاتحادية، أن هذا الترصّد لا يقتصر فقط على أعضاء المعارضة الرفيعي المستوى بل يمتد أيض اً ليشمل النشطاء غير البارزين وأن السلطات الإثيوبية عززت مؤخر اً مراقبة النشطاء السياسيين في الخارج. ويلاحظ كذلك، وفق اً لتقارير المعلومات الأساسية القطرية، أن السلطات الإثيوبية تستخدم برامجيات حديثة لرصد الاتصالات السلكية واللاسلكية لحركات المعارضة في الخارج، لا سيما الأشخاص المرتبطين بمنظمة جينبوت 7 .

2 - 7 ورفضت أمانة الدولة للهجرة، في 3 آب/أغسطس 2016 ، طلب اللّجوء الذي قدمه المشتكي. إذ وجدت أن تصريحاته المتعلقة باعتقاله وعضويته في جينبوت 7 أثناء وجوده في إثيوبيا ليست ذات مصداقية. ولاحظت أنه ذكر في مقابلته الأولى أنه وزَّع منشورات في أيار/مايو 2005 ، في حين أنه لم يذكر ذلك في مقابلته الثانية. ولاحظت أيض اً أنه ذكر في مقابلته الأولى أنه تعرض للضرب على أيدي الشرطة وهو في طريقه إلى السجن، بينما ذكر في مقابلته الثانية أنه تعرض للضرب أثناء وجوده في المنزل. ولاحظت كذلك أن صاحب الشكوى ذكر في مقابلته الأولى أن صديقه كشف عن اسمه للشرطة، بينما لم يذكر هذا الادعاء في المقابلة الثانية. كما وجدت أمانة الدولة للهجرة أن بيانه بشأن احتجازه وأنشطته السياسية يفتقر إلى التفاصيل. ولاحظت أنّ المشتكي كان ناشط اً سياسي اً في سويسرا، ولكنها رأت أن من غير المرجح أن تتمكن السلطات الإثيوبية من تحديد هويته، بالنظر إلى عدد الأشخاص المشاركين في الأنشطة في سويسرا وكونه معارض اً مغمورا ً .

2 - 8 ورُفِض طلب استئناف المشتكي أمام المحكمة الإدارية الاتحادية في 20 تشرين الأول/أكتوبر 2016 وأُيِّدت النتائج التي توصلت إليها أمانة الدولة للهجرة. وقدم المشتكي طلباً ثانياً للّجوء في 24 شباط/فبراير 2017 . ووجدت أمانة الدولة للهجرة أن من غير المحتمل قبول هذا الطلب وأمرته بدفع سلفة على التكاليف. وعندما لم يفعل ذلك، رفضت أمانة الدولة للهجرة طلبه في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 . وفي 1 كانون الأول/ديسمبر 2017 ، أيّدت المحكمة الإدارية الاتحادية هذا القرار.

الشكوى

3 - 1 يدّعي المشتكي أن ترحيله من سويسرا إلى إثيوبيا يعرضه لخطر حقيقي بالتعرض لمعاملة تتنافى مع المادة 3 من الاتفاقية نظراً لأنشطته السياسية واحتجازه السابق وسوء معاملته في إثيوبيا. ويدّعي أن هناك خطر اً حقيقي اً يتمثل في إلقاء القبض عليه، على الأرجح عند وصوله إلى المطار، واحتجازه وتعذيبه و استجوابه من قبل الأجهزة السرية الإثيوبية بشأن أنشطته السياسية في إثيوبيا وسويسرا. ويدفع بأن التناقضات في رواياته، بين المقابلتين الأولى والثانية، طفيفة وناجمة عن طبيعة مقابلة التدقيق الأولى التي تهدف إلى الحصول على موجز للادعاءات، إذ يُطلب من طالبي اللجوء في بداية المقابلة سرد رواياتهم باختصار. ويدفع بأن أمانة الدولة للهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية استنتجتا خطأ وجود تناقضات في تصريحاته المتعلّقة بتوزيع منشورات أثناء المظاهرة التي جرت في أيار/مايو 2005 . ويلاحظ أنّه ذكر في المقابلة الأولى أنه كان يوزع منشورات أثناء المظاهرة، بينما ذكر بوضوح في المقابلة الثانية أنه اعتُقل لأنه كان يحمل منشورات استنتجت الشرطة أنه كان يوزعها. أمّا فيما يتعلق بسوء المعاملة المزعوم من جانب الشرطة، فقد ذكر في المقابلة الثانية أنه تعرض للضرب على أيدي الشرطة في منزله وأن ذلك الضرب استمر في طريقه إلى السجن. ويلاحظ كذلك أنه أجرى ثلاث مقابلات، وأن المقابلة الأخيرة عُقِدت بعد أربع سنوات تقريب اً من مقابلة التدقيق الأولى، موضح اً بذلك سبب التناقضات المتصوَّرة . كما يدفع بأنّ أقواله كانت متّسقة ومفصّلة أثناء إجراءات اللّجوء، وأنّ سجل المقابلات طويل، ولكن المحكمة الإدارية الاتحادية لم تأخذ هذه الأقوال المفصلة والمتّسقة بعين الاعتبار في قرارها.

3 - 2 ويحيط المشتكي علم اً بالملاحظات الختامية للجنة لعام 2010 بشأن إثيوبيا، التي ذكرت اللجنة فيها أنها تشعر ببالغ القلق إزاء الادعاءات العديدة والمستمرة والمتسقة بخصوص الاستخدام الروتيني للتعذيب من جانب الشرطة وموظفي السجون وغيرهم من أفراد قوات الأمن والجيش، بخاصة في حقّ المنشقين السياسيين وأعضاء أحزاب المعارضة والطلاب ومَن يُدَّعى الاشتباه بأنهم إرهابيون ومن يدَّعى أنهم من أنصار مجموعات متمردة ( ) . ويلاحظ أيض اً أن التقارير الواردة من مختلف المنظمات الدولية لحقوق الإنسان ( )  تؤكد أن الكثيرين من أعضاء جماعة جينبوت 7 وغيرهم من المنشقين قد اعتُقلوا واحتُجزوا في إثيوبيا، وأن السلطات الإثيوبية صنفت جينبوت 7 منظمة إرهابية، وأن بعض أعضائها قد حُكم عليهم بالإعدام.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

4 - 1 في 16 آب/أغسطس 2018 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للشكوى. وتدفع الدولة الطرف بأن أمانة الدولة للهجرة رفضت طلب لجوء المشتكي في 18 تموز/يوليه 2016 ، وذلك بعد أن استمعت إلى المشتكي ثلاث مرات، في الأعوام 2012 و 2014 و 2016 . وفي 20 تشرين الأوّل/أكتوبر 2016 ، أيَّدت المحكمة الإدارية الاتحادية قرار أمانة الدولة للهجرة.

4 - 2 أمّا بالنسبة لطلب اللّجوء الثاني الذي قدمه المشتكي، فتشير الدولة الطرف إلى أنه قدَّم في 27 شباط/فبراير 2017 طلب اللّجوء الثاني مشفوعاً برسالتي تأكيد من منظمة جينبوت 7 وفرقة العمل الإثيوبية لحقوق الإنسان والديمقراطية في سويسرا. وخلصت أمانة الدولة للهجرة، في قرارها المؤقت، إلى أن المشتكي لم يوضح في طلب لجوئه الثاني طبيعة أو درجة مشاركته في أنشطة فرقة العمل الإثيوبية لحقوق الإنسان والديمقراطية في سويسرا. ولاحظت أمانة الدولة للهجرة كذلك أن رسالتي التأكيد كانتا، باستثناء تاريخهما، مطابقتين للرسالتين اللتين قُدمتا أثناء إجراء ات اللجوء الأولى، وأن المشتكي قدم تفاصيل غامضة جد اً عن أنشطته السياسية في سويسرا، التي يُزعم أنها تكثفت. وهذا ما جعل أمانة الدولة للهجرة تنفي كلّ احتمال لقبول طلب لجوئه وتطالبه بدفع سلفة على التكاليف الإجرائية. وبما أن المشتكي لم يسدد السلفة، فإن أمانة الدولة للهجرة لم تنظر في طلب اللجوء الثاني. وفي 1 كانون الأوّل/ديسمبر 2017 ، رفضت المحكمة الإدارية الاتحادية الطلب المقدم من المشتكي لاستئناف قرار أمانة الدولة للهجرة.

4 - 3 وتشير الدولة الطرف إلى أنها تدرك أنّ حالة حقوق الانسان في إثيوبيا لا يزال يبعث على القلق وأن ممارسة التعذيب تبدو شائعة، لا سيما ضدّ المعارضين السياسيين وأعضاء الجماعات الانفصالية المزعومين. ومع ذلك، لا يمكن للحالة العامة في البلد أن تشكل في حد ذاتها أساساً كافياً لاستنتاج أن المشتكي سيتعرض للتعذيب إذا ما أعيد إلى البلد. كما أنّ الحالة في إثيوبيا قد تحسّنت في الآونة الأخيرة، إذ رُفعت رسمياً، في حزيران/يونيه 2018 ، حالة الطوارئ التي كانت قد أُعلنت في شباط/فبراير 2018 ، وأبرم رئيس الوزراء أبيي أحمد اتفاق سلام مع إريتريا، وأُطلق سراح مئات السجناء السياسيين.

4 - 4 وتلاحظ الدولة الطرف أيضاً أن أقوال المشتكي بشأن أنشطته السياسية في إثيوبيا كانت موجزة وغامضة وسطحية. ولا ينطبق هذا التقييم على تصريحاته التي تخصّ مشاركته في منظمة جينبوت 7 فقط، بل يشمل أيضاً الأنشطة التي يُزعم أنه شارك فيها قبل انضمامه إلى هذه المجموعة. كما لم يصف المشتكي بالتفصيل الأحداث التي أحاطت باعتقاله أو ظروف احتجازه . وتلاحظ الدولة الطرف أن المشتكي يدّعي تعرضه للتعذيب أثناء احتجازه في عام 2005 باستخدام عبارات عامة للغاية دون أن يقدم أي تفاصيل أو أدلة بشأن الاحتجاز نفسه وسوء المعاملة التي تعرض لها عقب محاولته الفاشلة للفرار من البلد في عام 2005 . وعلاوة على ذلك، تلاحظ الدولة الطرف، فيما يتعلق بفراره من إثيوبيا، أنّ المشتكي لم يتمكن من تقديم معلومات دقيقة عن محتويات رسالة التحذير التي تلقاها من أصدقائه المعتقلين أو من شرح كيف تمكنوا من إرسال رسائل نصية قصيرة إليه حتّى بعد وضعهم رهن الاعتقال .

4 - 5 وتلاحظ الدولة الطرف، فيما يتعلق بأنشطة المشتكي السياسية في سويسرا، أن الأنشطة السياسية المضطلع بها في المنفى لا تُعتبر كلها أسباب اً كافية للاعتقاد بوجود خطر كبير بتعرض الشخص للتعذيب إذا ما أعيد إلى بلده الأصلي. إذ لا يمكن تبرير وجود مثل هذا الخطر إلا في حال الاشتراك في نشاط إيديولوجي وسياسي ذي طابع معين من شأنه أن يثير انتباه السلطات. ووفق اً للدولة الطرف، أدلى المشتكي بأقوال متناقضة بشأن مشاركته في المظاهرات وبشأن طبيعة أنشطته لصالح منظمة جينبوت 7 . ولم تذكر رسالة التأكيد الواردة من المنظمة والتي سلّمها المشتكي سوى أنّه شارك في مظاهرات عامة ولكنها لم تتضمن إشارة إلى أي أنشطة أخرى. وعلاوة على ذلك، لم يتمكن المشتكي من وصف أهداف منظمة جينبوت 7 أو هيكلها الداخلي. كما تلاحظ الدولة الطرف أنّه كان أقلّ تمكّنا من الحديث عن فرقة العمل التابعة لفرقة العمل الإثيوبية لحقوق الإنسان والديمقراطية في سويسرا، التي نظم لها، وفق اً لرسالة التأكيد المقدمة، عدة أنشطة. وشملت هذه الأنشطة، حسب ادّعائه، التحضير للاجتماعات وإعداد الوثائق وتحليل اً للسياسات، لكنّه لم يتمكن من إثبات قيامه بها.

4 - 6 وتلاحظ الدولة الطرف أن المشتكي ذكر في طلب لجوئه الثاني اجتماعاته مع ممثلين رفيعي المستوى لمنظمة جينبوت 7 ؛ إلاّ أنّه، مرة أخرى، لم يقدّم معلومات أدق في هذا الصدد. وتدفع الدولة الطرف بأنها لا تستبعد أن يكون المشتكي قد حضر المؤتمرات التي عقدتها المعارضة واجتمع مع أعضاء رفيعي المستوى وتم تصويره معهم. ومع ذلك، تلاحظ الدولة الطرف أنّه لم يحدد الأنشطة التي يزعم أنه قام بها خلال المظاهرات، ولا طبيعة اتّصالاته مع كبار ممثلي المعارضة، وهو أمر مستغرب للغاية بالنظر إلى أن أمانة الدولة للهجرة قد أشارت إلى هذا النقص في المعلومات تحديد اً في قرارها المؤقت المؤرخ 17 تشرين الأول/أكتوبر 2017 .

4 - 7 ونظر اً للتناقضات في رواية المشتكي وعدم وجود معلومات أكثر دقة بشأن أنشطته واتصالاته، خلصت السلطات والمحاكم السويسرية، وفق اً للدولة الطرف، إلى أن الأنشطة السياسية للمشتكي في سويسرا كانت هامشية للغاية بحيث لا يمكن أن تثبت وجود خطر شخصي وقائم وشديد بتعرضه للتعذيب في حالة ترحيله إلى إثيوبيا. إذ لا يُظهر سجله موقع اً مكشوف اً داخل جينبوت 7 ، ولا التزام اً شخصي اً كبير اً، إذ أن عدد المظاهرات التي يدّعي أنه شارك فيها محدود.

4 - 8 وأخير اً، تلاحظ الدولة الطرف أنه بالإضافة إلى التضارب في أقوال المشتكي والافتقار إلى معلومات محددة على النحو المبيّن أعلاه، خلصت السلطات السويسرية، أثناء إجراءات اللجوء الأولى التي قام به، إلى أن ادعاءاته المتعلقة بأسرته لم تكن ذات مصداقية أيض اً. إذ ذكر خلال جلسات الاستماع أنه لم يحاول الاتصال بأسرته أو بأصدقائه المحتجزين منذ مغادرته إلى سويسرا . وكان عدم اهتمامه بمصير أصدقائه، الذين كان احتجازهم في عام 2012 سبب اً لمغادرته إثيوبيا، مثير اً لاستغراب السلطات السويسرية لأنها كانت تتوقع من المشتكي، على الأقل، أن يحاول الحصول على معلومات في هذا الصدد.

تعليقات المشتكي على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

5 - 1 قدم المشتكي، في 1 شباط/فبراير 2021 ، تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية. ويلاحظ صاحب الشكوى، فيما يخصّ الحالة العامة لحقوق الإنسان في إثيوبيا، أن هناك تصعيد اً في النزاع بين إقليم تيغراي الإثيوبي والحكومة المركزية منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2020 ، وأن البلد حالي اً على شفا حرب أهلية. كما يشير إلى تقارير مختلفة صادرة عن منظمات دولية ووسائل إعلام عن المشردين والهجمات على الأقليات الإثنية وممارسات القمع ضد المعارضين السياسيين للحكومة المركزية.

5 - 2 ويرفض المشتكي تأكيد الدولة الطرف أنه لم يقدم سوى سرد سطحي عن سوء المعاملة ضده دون تقديم أي تفاصيل أو أدلة. ويدفع بأنه وفق اً لتعليق اللّجنة العام رقم 4 ( 2017 )، يقع عبء الإثبات على عاتق صاحب البلاغ. ولكن عندما يكون المشتكون في وضع يعجزون فيه عن تقديم تفاصيل إضافية تخصّ قضيتهم، كأن يكونوا مثلاً قد أثبتوا استحالة حصولهم على وثائق تتعلق بادعاء تعرضهم للتعذيب أو أنّهم قد سُلبوا حريتهم، فإن عبء الإثبات يصبح مسؤوليّة الدولة الطرف المعنية، التي يجب أن تحقق في هذه الادعاءات وتتأكد من صحة المعلومات التي يستند إليها البلاغ ( ) .

5 - 3 ويلاحظ المشتكي أنه قدّم سرد اً مفصل اً ومتسق اً وموثوق اً به عن أنشطته السياسية في إثيوبيا واعتقاله وما تلا ذلك من اضطهاد، وأنّه أعطى تفسير اً مُرضي اً للتناقضات المزعومة. ويلاحظ كذلك أنه لا يعرف لماذا لم يصادَر هاتف صديقه عندما احتجزته الشرطة؛ إلاّ أنّه لا يرى أنه ملزم بمعرفة هذه المعلومات. ويدفع المشتكي، خلاف اً لما ذكرته الدولة الطرف، بأنه أوضح للسلطات السويسرية ما كُتب في الرسالة التي بعثها إليه صديقه، وأنّه غادر إثيوبيا بعد تلقيه إيّاها حتى لا يتم القبض عليه. ويلاحظ أيض اً أنّ قطع الاتصال بأسرته لاحق اً لا ينبغي أن يؤثر على مصداقيته كطالب ل ج وء.

5 - 4 أمّا بالنسبة لأنشطته السياسيّة بعد مغادرة إثيوبيا، فيلاحظ المشتكي أنه سلّم رسالتي دعم مقدمتين باسم منظمة جينبوت 7 وفرقة العمل الإثيوبية لحقوق الإنسان والديمقراطية في سويسرا، إضافة إلى صور وُجد فيهما بصحبة ممثلي منظمة جينبوت 7 ، ويشير إلى أن هاتين الوثيقتين تشكلان دليل اً على مشاركته النشطة والتزامه بمنظمة جينبوت 7 في سويسرا.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تأكدت اللجنة، كما هو مطلوب منها بموجب المادة 22 ( 5 )(أ) من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تُبحث ولا يجري بحثها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6 - 2 ووفقاً للمادة 22 ( 5 )(ب) من الاتفاقية، لا يجوز للجنة أن تنظر في أي بلاغ فردي ما لم تستيقن من أن الفرد قد استنفد جميع وسائل الانتصاف المحلية المتاحة. وتشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم تعترض في هذه القضية على أن المشتكي قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. لذلك، ترى اللجنة أنه لا يوجد ما يمنعها من أن تنظر في البلاغ بموجب المادة 22 ( 5 )(ب) من الاتفاقية.

6 - 3 وبما أنّ اللّجنة لا ترى عوائق أخرى تحول دون قبول البلاغ، فإنها تعلن قبول البلاغ المقدم بمقتضى المادة 3 من الاتفاقية وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7 - 1 نظرت اللّجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 22 ( 4 ) من الاتفاقية.

7 - 2 وتتمثل المسألة المعروضة على اللّجنة، في القضية الحالية، في تحديد ما إذا كانت عودة المشتكي إلى إثيوبيا ستشكل انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف بموجب المادة 3 من الاتفاقية بعدم طرد أو إعادة (رد) الشخص إلى دولة أخرى حيث توجد أسباب جوهرية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيواجه خطر التعرض للتعذيب.

7 - 3 ويجب على اللّجنة أن تقيّم ما إذا كانت توجد أسباب جوهرية تدعو إلى الاعتقاد بأن المشتكي شخصياً سيكون عرضة لخطر التعذيب عند عودته إلى إثيوبيا. ويجب على اللّجنة أن تراعي، عند تقييم هذا الخطر، جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملاً بالمادة 3 ( 2 ) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. بيد أن اللّجنة تذكّر بأن الهدف من هذا التقييم هو إثبات ما إذا كان الفرد المعني سيواجه شخصيّ اً خطر متوقعاً وحقيقياً يتمثّل في التعرّض للتعذيب في البلد الذي سيعاد إليه. ومن ثم، فإن وجود نمط من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل في حد ذاته سبباً كافياً لتحديد أن شخصاً معيناً سيتعرض لخطر التعذيب لدى عودته إلى ذلك البلد؛ لذلك يجب تقديم أسباب إضافية تبين أن الشخص المعني سيكون شخصياً في خطر. وفي المقابل، لا يعني عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان أن شخصاً بعينه قد لا يتعرض للتعذيب في ظروف خاصة به تحديداً ( ) .

7 - 4 وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 4 ( 2017 )، الذي جاء فيه أن الالتزام بعدم الإعادة القسرية قائم كلما كانت هناك "أسباب جوهرية" تدعو للاعتقاد بأن الشخص المعني سيكون معرضاً للتعذيب في دولة يواجه الترحيل إليها، سواء كفرد أو كعضو في مجموعة قد تكون معرضة للتعذيب في دولة المقصد. وتشير اللجنة إلى أن "الأسباب الجوهرية" توجد متى كان خطر التعذيب "متوقعاً وشخصياً وقائماً وحقيقياً" ( ) . وتتضمّن مؤشرات الخطر الشخصي، على سبيل المثال لا الحصر، الأمور التالية: (أ) الأصل الإثني لصاحب الشكوى وانتماؤه الديني؛ و(ب) التعرُّض للتعذيب سابقاً؛ و(ج) الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي أو الخضوع لأي شكل آخر من أشكال الاحتجاز التعسفي وغير القانوني في البلد الأصلي؛ و(د) الانتماء السياسي أو الأنشطة السياسية للمشتكي؛ و(ه) التوقيف و/أو الاحتجاز دون ضمان العدل في المعاملة والمحاكمة؛ و(و) انتهاكات الحق في حرية الفكر والوجدان والدين؛ و(ز) الهروب سراً من البلد الأصلي عقب تلقي تهديدات بالتعذيب ( ) .

7 - 5 وتذكّر اللجنة أيضاً بأن عبء الإثبات يقع على المشتكي، إذ يجب عليه تقديم قضيّة يمكن الدفاع عنها، أي أن يقدم حججاً مدعومة بأدلة تبين أن خطر التعرض للتعذيب متوقع وقائم وشخصي وحقيقي. بيد أنه إذا كان المشتكون في وضع يعجزون فيه عن تقديم تفاصيل تخصّ قضيتهم، كأن يكونوا، مثلاً، قد أثبتوا استحالة حصولهم على وثائق تتعلق بادعائهم التعرض للتعذيب أو أنّهم قد سُلبوا حريتهم، فإن عبء الإثبات يُرفع عنهم ويصبح على الدولة الطرف المعنية أن تحقّق في هذه الادعاءات وتتأكد من صحة المعلومات التي تستند إليها الشكوى ( ) . وتولي اللجنة أهمية كبيرة للاستنتاجات الوقائعيّة التي تتوصل إليها أجهزة الدولة الطرف المعنيّة؛ إلا أنها غير ملزمة بتلك الاستنتاجات. ويعني ذلك أن اللجنة ستُجري تقييماً حراً للمعلومات المتاحة لها وفقاً للمادة 22 ( 4 ) من الاتفاقية، مع مراعاة جميع الظروف ذات الصلة بكل قضية ( ) .

7 - 6 وتحيط اللجنة علم اً، عند تقييمها خطر التعرض للتعذيب في هذه القضية، بادعاء المشتكي أنه سيواجه خطر المعاملة المخالفة للمادة 3 من الاتفاقية إذا أعيد إلى إثيوبيا نتيجةً لأنشطته السياسية في كلّ من إثيوبيا وسويسرا، بصفته عضو اً في منظمة جينبوت 7 وفرقة العمل الإثيوبية لحقوق الإنسان والديمقراطية في سويسرا، حيث تقلّد مهام اً منها تنظيم الاجتماعات والمظاهرات ذات الصلة والمشاركة فيها. وتحيط اللجنة علم اً بادعاء المشتكي أنه سُجن وتعرض لأشكال مختلفة من سوء المعاملة قبل فراره من إثيوبيا. وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بادعاء المشتكي أن تحديد سلطات اللجوء السويسرية للمصداقية كان خاطئ اً وأن أي تناقضات متصورة في أقواله تفسَّر بأن المقابلة الثالثة أُجريت بعد أربع سنوات تقريب اً من إجراء أول مقابلة تدقيق.

7 - 7 ومن ناحية أخرى، تلاحظ اللّجنة أن سلطات الدولة الطرف اعتبرت أن أقوال المشتكي بشأن أنشطته السياسية في إثيوبيا كانت موجزة وغامضة وسطحية. وتحيط اللجنة علم اً بتأكيد الدولة الطرف أنّ المشتكي وصف التعذيب الذي يدَّعي أنه تعرَّض له أثناء احتجازه في عام 2005 بعبارات عامة جدّ اً دون تقديم أي تفاصيل أو أدلة بشأن الاحتجاز نفسه وسوء المعاملة الذي تعرض له عقب محاولته الفاشلة للفرار من البلد في عام 2005 . أمّا بالنسبة للأنشطة السياسية التي اضطلع بها المشتكي في سويسرا، فتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لا تستبعد أن يكون صاحب الشكوى قد حضر المؤتمرات التي عقدتها المعارضة أو أنه كان بصحبة أعضاء رفيعي المستوى، وأنه تم تصويره معهم. لكن نظر اً للتناقضات في رواية المشتكي وعدم توافر معلومات أكثر دقّة بخصوص أنشطته واتّصالاته، تخلص إلى أنّ الأنشطة السياسيّة للمشتكي في سويسرا كانت هامشية للغاية بحيث لا يمكن أن تثبت وجود خطر شخصي وقائم وشديد بالتعرض للتعذيب في حالة ترحيله إلى إثيوبيا.

7 - 8 أمّا فيما يتعلق بتأكيد المشتكي أن العديد من أعضاء جينبوت 7 وغيرهم من المنشقين قد اعتُقلوا واحتُجزوا في إثيوبيا، وأن السلطات الإثيوبية صنفت جينبوت 7 منظمة إرهابية، وأن بعض أعضائها قد حُكم عليهم بالإعدام، فتلاحظ اللّجنة أن منظمة جينبوت 7 أعلنت، في حزيران/يونيه 2018 ، أنّها ستتخلى عن قتالها المسلح ضد حكومة إثيوبيا نتيجةً للإصلاحات التي تعتزم الحكومة القيام بها. وعلاوة على ذلك، رفعت حكومة إثيوبيا، في العام نفسه، اسم جينبوت 7 من قائمتها للمنظمات الإرهابية، وأصدر رئيس إثيوبيا عفو اً عن السيد تسيغي، الأمين العام لمنظمة جينبوت 7 ، وأطلق سراحه بعد خضوعه للاحتجاز ( ) .

7 - 9 وتذكِّر اللجنة بأنه يعود لها أمر التأكّد ممّا إذا كان المشتكي حالياً عرضة لخطر الخضوع للتعذيب في حال إعادته إلى إثيوبيا. وتلاحظ اللّجنة أنّ المشتكي قد أُتيحت له فرصة كافية لتقديم أدلّة داعمة ومزيد اً من التفاصيل بخصوص ادّعاءاته، على الصعيد الوطني، لكن الأدلة التي قدمها لم تقد السلطات الوطنية إلى استنتاج أنه سيكون عرضة لخطر الخضوع لضروب من التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في حال عودته إلى إثيوبيا. وتلاحظ اللجنة أن المشتكي لم يقدم أي معلومات أو تفاصيل جديدة بخصوص ادعاءاته المتعلقة بتعرضه للتعذيب في الماضي أو بالأنشطة التي قام بها على عين المكان، أثناء طلب لجوئه الثاني، على الرغم من أن أمانة الدولة للهجرة قد أشارت تحديد اً إلى هذا النقص في المعلومات في قرارها المؤقت المؤرخ 17 تشرين الأول/أكتوبر 2017 .

7 - 10 وتلاحظ اللجنة كذلك أن المشتكي لم يقدم أي دليل على اعتقاله السابق أو سوء معاملته في إثيوبيا، كما أنه لم يتمكن من إثبات أن السلطات الإثيوبية تبحث عنه إما على أساس أحداث ماضية أو لأي سبب آخر. ويبدو من المواد الواردة في ملف القضية أنه لم يتصل حتى بأسرته أو أصدقائه أو زملائه الناشطين لمعرفة ما إذا كان هناك اهتمام حقيقيّ بشأنه لدى السلطات الإثيوبية.

7 - 11 وترى اللجنة، في ضوء الاعتبارات الواردة أعلاه، واستناداً إلى جميع المعلومات المقدمة إليها من المشتكي والدولة الطرف، بما فيها المعلومات المتعلقة بالحالة العامة لحقوق الإنسان في إثيوبيا، أنّه لا يسعها في هذه القضية أن تخلص إلى أن عودة المشتكي إلى إثيوبيا ستجعله عرضة لخطر تعذيب حقيقي ومتوقع وشخصي وقائم. وعلاوةً على ذلك، لم يثبت المشتكي أن سلطات الدولة الطرف لم تُجر تحقيقاً سليماً في ادعاءاته.

8 - وتخلص اللجنة، إذ تتصرف بمقتضى المادة 22 ( 7 ) من الاتفاقية، إلى أن قيام الدولة الطرف بترحيل المشتكي إلى إثيوبيا لن يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.