الأمم المتحدة

CAT/C/73/D/881/2018

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

14 June 2022

Arabic

Original: French

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 881 / 2018 * **

بلاغ مقدم من: ك. م. (يمثله المحامي ألفريد نغوي وا موانزا)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: سويسرا

تاريخ تقديم الشكوى: 13 آب/أغسطس 2018 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادتين 114 و 115 من نظام اللجنة الداخلي والمحال إلى الدولة الطرف في 20 آب/أغسطس 2018 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار: 28 نيسان/أبريل 2022

الموضوع: الترحيل إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية

المسائل الإجرائية: عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ وعدم إثبات الادعاءات

المسائل الموضوعية: خطر التعرض للتعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في حال الترحيل إلى البلد الأصلي

مواد الاتفاقية: 3

1 - 1 صاحب الشكوى هو م.، وهو مواطن كونغولي من مواليد عام 1980 في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وبعد رفض الدولة الطرف طلبه اللجوء، صدر قرار بترحيله إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. ويدعي أن الدولة الطرف ستنتهك المادة 3 من الاتفاقية في حال ترحيله. وأصدرت الدولة الطرف الإعلان المنصوص عليه في المادة 22 ( 1 ) من الاتفاقية في 2 كانون الأول/ديسمبر 198 6 . ويمثل صاحبَ الشكوى المحامي ألفريد نغوي وا موانزا.

1 - 2 وأرسلت اللجنة في 20 آب/أغسطس 2018 ، عن طريق مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، طلباً إلى الدولة الطرف، عملاً بالمادة 114 من نظامها الداخلي، من أجل الامتناع عن ترحيل صاحب الشكوى ريثما تنظر اللجنة في شكواه. وفي 22 آب/أغسطس 2018 ، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأنها علقت ترحيل صاحب الشكوى إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

2 - 1 وُلد صاحب الشكوى وترعرع في مدينة كينشاسا، حيث كان يقيم مع والديه وأخته. وفي عام 1990 ، بعد وفاة والده، اتُهم صاحب الشكوى ووالدته وأخته بالتسبب في وفاته باستخدام السحر، فطردتهم أسرة والده من منزل الأسرة. ووجد صاحب الشكوى نفسه في الشارع حيث عاش وعمل في ظروف صعبة حتى سن 15 عاما ً . وفي هذا السياق، جُنّد صاحب الشكوى في الجيش قسراً، وكان حينها قاصراً، وأُرسل إلى معسكر كيبومانغو للتدريب العسكري للخدمة العسكرية.

2 - 2 وبين عامي 1998 و 2004 ، نُقل صاحب الشكوى إلى مناطق مختلفة للمشاركة في المعارك. وفي عام 2004 ، تلقى تدريباً لقيادة العربات العسكرية وتدريباً عسكرياً مع الجنرال نومبي في كتيبة سيمبا في مبانكانا في مقاطعة باندوندو السابقة ( ) . وفي عام 2010 ، حُلّت الكتيبة وانضم صاحب الشكوى إلى المنطقة العسكرية الحادية عشرة، حيث أصبح في رتبة رقيب أول، ثم ضابط صف، وبعدها ضابط صف من الدرجة الأولى. و عمل سائقاً شخصياً للجنرال شورا، وكان مسؤولاً عن نقل القوات والمعدات العسكرية.

2 - 3 وفي عام 2014 ، استدعاه رئيسه لتنفيذ عملية نقل في منتصف الليل إلى كينغاكاتي، القرية الرئاسية. وكان الجنرال شورا، رئيس صاحب الشكوى، وحاكم المدينة كذلك، والجنرال أوليكو في القاعدة اللوجستية. وأُمر صاحب الشكوى بقيادة إحدى الشاحنات المدنية التابعة لبلدية كينشاسا. وعندما وصل إلى وجهته، أُجبر على النزول من شاحنته لتمكين أفراد الحرس الجمهوري من أخذه إلى مكان أبعد وراء حزام الأمان الأول. وشاهد صاحب الشكوى جرارات وهي تحفر خنادق. وعندما أعيدت إليه الشاحنة، لاحظ أن دماء كانت تتدفق بالقرب من الخزان، فسأل الجنرال شورا عن ذلك. فوبّخه هذا الأخير، وأمر الحرس الجمهوري باعتقاله.

2 - 4 وطُعن صاحب الشكوى في وجهه وصدغه. وضُرب بشدة وكُسرت ذراعه. وفقد وعيه، واستفاق لاحقاً ليجد نفسه في مخيم كوكولو بالقرب من مقر الشرطة العسكرية. وهناك أطلق الجنرال شورا النار على ساق صاحب الشكوى وأمر بأخذه بعيداً. ويتذكر صاحب الشكوى ببعض ارتباك أنه تلقى بعض العلاج، وأنه استيقظ فوجد نفسه في زنزانة تحت الأرض، مرتبطة بالشرطة العسكرية في مخيم كوكولو، وتُستخدم لسجن المعتقلين السياسيين والهاربين من الخدمة العسكرية حتى الموت. وخلال احتجاز صاحب الشكوى، الذي استمر قرابة ستة أشهر، علم من محتجزين آخرين أن العملية التي شارك فيها كانت ترمي إلى إخفاء جثث المعارضين في مقابر جماعية.

2 - 5 وفي ليلة 24 إلى 25 كانون الأول/ديسمبر 2014 ، نُقل صاحب الشكوى وبعض زملائه المحتجزين. وقبل ذلك بوقت قصير، ذهب الرائد نيمبو إلى زنزانة صاحب الشكوى وسأله عن فوج تخرجه العسكري. بعدها، وضعوهم جميعاً في شاحنة وهم معصوبي الأعين. وبمجرد توقف الشاحنة، أُمروا بالنزول ووجههم الرائد نيمبو إلى حافلة صغيرة ليصعدوا إليها وحيث كان ثلاثة رجال بيض. ونقلتهم الحافلة الصغيرة إلى القرب من نهر الكونغو، حيث كان زورق ينتظر صاحب الشكوى لعبور النهر إلى برازافيل. وهناك تلقى الرعاية والعلاج ونُقل بعدها إلى المطار لركوب طائرة إلى اليونان، حيث بقي لمدة ثلاثة أشهر.

2 - 6 وفي 7 أيار/مايو 2015 ، وصل صاحب الشكوى إلى سويسرا جواً وطلب اللجوء. وفي 19 أيار/مايو 2015 ، استُمع إليه بشكل موجز وسُئل عن أسباب طلبه اللجوء وهويته وخط سير سفره ووثائق هويته. وفي وقت لاحق، أُحيل إلى كانتون جنيف للإقامة في إطار إجراءات طلبه اللجوء. وفي 18 نيسان/أبريل 2017 ، استُمع إلى صاحب الشكوى بدقة لمعرفة أسباب طلبه اللجوء. وفي 16 كانون الثاني/يناير 2018 ، رفضت أمانة الدولة للهجرة طلبه وأمرت بترحيله.

2 - 7 وفي 4 تموز/يوليه 2018 ، رفضت المحكمة الإدارية الاتحادية استئناف صاحب الشكوى. وحُدّد موعد نهائي جديد لصاحب الشكوى، الذي أُمر بمغادرة سويسرا بحلول 7 آب/أغسطس 2018 على أبعد تقدير. ونتيجة لذلك، استُنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية في حين يخشى صاحب الشكوى أن يُعاد قسراً إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية في أي وقت.

2 - 8 ونتيجة للتعذيب وسوء المعاملة اللذين تعرض لهما صاحب الشكوى في جمهورية الكونغو الديمقراطية، تدهورت صحته العقلية تدهوراً خطيراً، وهو يخضع حالياً للعلاج النفسي في سويسرا، وهو علاج يتضمن استشارة الطبيب وتناول الأدوية ( ) .

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب الشكوى انتهاك المادة 3 من الاتفاقية فيما بتعلق بترحيله الوشيك إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث سيتعرض لخطر التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، لأنه على علم بنقل جثث والمكان الذي دفنت فيه، فضلاً عن هروبه من الجيش الكونغولي، وهو ما يساوي الهروب من الخدمة العسكرية، التي يعاقب عليها القضاء العسكري الكونغولي.

3 - 2 ويؤكد صاحب الشكوى أنه سيُدان من دون شك في محاكمة غير عادلة وسيوضع رهن الحبس الاحتياطي لفترات طويلة، في ظروف لا إنسانية مصحوبة بالتعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وسيُعتبر طلبه اللجوء في الخارج تحت مسمى "موظف حكومي" ظرفاً مشدداً.

3 - 3 ويشير صاحب الشكوى أيضاً إلى حالة حقوق الإنسان في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وإلى أن الحالة الأمنية والسياسية في هذه الفترة السابقة للانتخابات تتسم بالتوترات، وتولد قدرا ًكبيراً من عدم الاستقرار، وهو ما تجسده الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4 - 1 في 24 أيلول/سبتمبر 2018 ، اعترضت الدولة الطرف على مقبولية الشكوى لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

4 - 2 وتذكّر الدولة الطرف بأن أمانة الدولة للهجرة رفضت في 16 كانون الثاني/يناير 2018 ، طلب اللجوء الذي قدمه صاحب الشكوى في 7 أيار/مايو 2015 ، بعد أن استمعت إليه شخصياً في مناسبتين، واعتبرت أن ادعاءات خطر التعرض للاضطهاد مستبعدة، وهو قرار أكدته المحكمة الإدارية الاتحادية في 4 تموز/يوليه 201 8.

4 - 3 وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب الشكوى قدم إلى اللجنة تقريرين طبيين مؤرخين 29 أيار/ مايو 2017 ، يبينان أنه يعاني من الاكتراب التالي للصدمة، فضلاً عن شهادة طبية مؤرخة 23 تموز/ يوليه 2018 ، تشير إلى تدهور واضح في حالته الصحية. ولمـّا كانت هذه الشهادة الطبية قد قُدمت بعد حكم المحكمة الإدارية الاتحادية المؤرخ 4 تموز/يوليه 2018 ، فإن الدولة الطرف تدفع بأنه لا المحكمة ولا أمانة الدولة للهجرة تمكّنت من البت في مدى علاقة الشهادة بالقضية. غير أن هذا الدليل اللاحق قد يكو فرصة لتقديم طلب لإعادة النظر بالمعنى المقصود في المادة 111 ب من القانون رقم 142 - 31 المؤرخ 26 حزيران/يونيه 1998 بشأن اللجوء. ووفقاً لهذه الإجراءات، يجوز لصاحب الشكوى، في جملة أمور، أن يحتج بأدلة بعد صدور حكم المحكمة، لكن ينبغي أن تتعلق بوقائع سابقة. ومن شأن الوقائع والأدلة الجديدة أن تفضي إلى إعادة النظر في القضية، إذا كان لطابعها تأثير على نتيجة الطعن، وكانت الأدلة المقدمة مناسبة لإثباتها.

4 - 4 وتؤكد الدولة الطرف أنه يجوز لصاحب الشكوى طلب إعادة النظر في قرار أمانة الدولة للهجرة الذي أمر بتنفيذ ترحيله من سويسرا، طالما أن هذا التنفيذ قد يكون غير قانوني من منظور الالتزامات الدولية التي تقع على الدولة الطرف.

4 - 5 وفيما يتعلق بسبيل الاستئناف الاستثنائي من أجل تقديم وقائع جديدة، يجوز للسلطة المختصة بمعالجته، أي أمانة الدولة للهجرة، أن تجعل لطلب إعادة النظر أثراً إيقافياً. وفي جميع الأحوال يُتخذ قرار وقف تنفيذ الترحيل، أو تصنيف الاستئناف طلب لجوء جديداً، بعد دراسة منفرد للقضية.

4 - 6 وبناء على ذلك، تتوافر لصاحب الشكوى وسيلة فعالة لتأكيد ادعاءاته وأدلته الجديدة. وينبغي أن تفحصها السلطة المختصة في إطار إجراء داخلي. بيد أن صاحب الشكوى، الذي له محام، لم ير من الضروري تقديم طلب إلى أمانة الدولة للهجرة لإعادة النظر في القرار؛ وللتذكير، يمكن استئناف القرارات المحتملة لأمانة الدولة أمام المحكمة الإدارية الاتحادية. وبناء على ذلك، تخلص الدولة الطرف إلى أن صاحب الشكوى لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5 - 1 يؤكد صاحب الشكوى، في تعليقاته المؤرخة 13 كانون الأول/ديسمبر 2018 ، أن الشهادة الطبية المؤرخة 23 تموز/يوليه 2018 لا تتضمن أي أدلة جديدة من شأنها أن تمهد الطريق لتقديم طلب لإعادة النظر في قرار أمانة الدولة للهجرة.

5 - 2 وفيما يتعلق بمسألة عدم قانونية الترحيل، يرى صاحب الشكوى أنه لم يعرض على اللجنة أي وقائع جديدة غير معروفة لسلطات الدولة الطرف. وقرار المحكمة الإدارية الاتحادية قد أخذ في الاعتبار وضعه من زاوية عدم قانونية ترحيله، ولا توجد وقائع جديدة في مجال اللجوء والاعتراف بوضع اللاجئ التي تكون قد طرأت بعد الحكم الصادر في 4 تموز/يوليه 201 8 . ولهذا السبب، فإن إجراءً جديداً لمنح اللجوء أمام سلطات الدولة الطرف بشأن هذه النقطة غير مبرر.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

6 - 1 في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها على الأسس الموضوعية. فذكرت بقرارات السلطات السويسرية فيما يتعلق باللجوء. ولاحظت أمانة الدولة للهجرة، في جملة أمور، وجود تناقضات بشأن مشاركة صاحب الشكوى في العملية التي جرت في كينغاكاتي في أواخر عام 2013 أو أوائل عام 2014 ، واعتقاله بعد عودته إلى مخيم كوكولو العسكري. ووصفت أمانة الدولة أقوال صاحب الشكوى بشأن دوافع الأشخاص المجهولين الذين يدعي أنهم ساعدوه على الهروب من السجن ومغادرة البلد إلى أوروبا بأنها أقوال تبسيطية وغير مقنعة، وأن خوف صاحب الشكوى من الانتقام لأنه غادر بلده وهو ما زال عسكرياً خوف مستبعد. وفيما يتعلق بضرورة الترحيل، لاحظت أمانة الدولة أن الحالة في جمهورية الكونغو الديمقراطية لا تحول دون ذلك. وفيما يتعلق بالحالة الصحية لصاحب الشكوى، حللت أمانة الدولة خطورة حالته والعلاج المناسب قبل أن تخلص إلى توافر العلاج النفسي والمتابعة الطبية في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

6 - 2 وعند النظر في استئناف صاحب الشكوى، بحضور ممثله، أصدرت المحكمة الإدارية الاتحادية قراراً تمهيدياً في 19 شباط/فبراير 2018 ، أيدت ضمنه طلب المساعدة القانونية المقدم، ودعت أمانة الدولة للهجرة إلى البت تحديداً في عدة نقاط أثارها صاحب الشكوى، ووردت في حيثيات القرار التمهيدي. وفي إشعار لأمانة الدولة المؤرخ 7 آذار/مارس 2018 ، أشارت الأمانة إلى أدلة إضافية مستبعدة وردت في أقوال صاحب الشكوى. ولاحظت أيضاً أنه على الرغم من أن التقارير الطبية المؤرخة 29 أيار/ مايو 2017 قد أكدت الإصابات التي لحقته، إلا أنه لا يمكن لهذه التقارير، بمفردها، أن تشهد على السبب الحقيقي لهذه الصدمة. وفي هذه القضية، ليست الملاحظات التي أبداها الأطباء في هذه التقارير واضحة إلى الحد الذي يجعل الأسباب التي يدعيها صاحب الشكوى ذات مصداقية.

6 - 3 وذكرت المحكمة الإدارية الاتحادية، في حكمها الصادر في 4 تموز/يوليه 2018 ، أن لا جدل في أن صاحب الشكوى قد خدم في الجيش الكونغولي. غير أنها ارتأت أن الهروب المزعوم والظروف التي عرضها صاحب الشكوى أمور مستبعدة. وتأييداً لهذا الاستنتاج، ذكرت المحكمة أن صاحب الشكوى قدم روايات مختلفة جداً بشأن القافلة (أو القافلات) العسكرية التي كانت سبباً في اعتقاله. فقد وردت فيها تناقضات وتضاربات، في جملة أمور، فيما يتعلق بمكان اعتقاله واحتجازه، وأشكال ومضمون استجوابه (استجواباته )، واسم الشخص الذي استجوبه، أو علاج الإصابات التي يدعى أنه تعرض لها. وأخذت المحكمة في اعتبارها أيضاً أن صاحب الشكوى لم يتخذ شخصياً قط أي إجراءات للفرار من بلده، ولم يوضح ملابسات رحيله، بما في ذلك المساعدة التلقائية التي قدمها له أشخاص مجهولون، فضلاً عن تباين أقواله بشأن كيفية هروبه من السجن. ولاحظت المحكمة كذلك أن صاحب الشكوى، استناداً إلى أقواله، كان يحمل بطاقة عسكرية بيومترية منذ عام 2009 ، لكنه زُوّد ببطاقة هوية عسكرية ورقية فيما بعد. وفيما يتعلق بالتقارير الطبية المؤرخة 29 أيار/مايو 2017 ، أيدت المحكمة تقييم أمانة الدولة للهجرة، لا سيما صلتها بأسباب الإصابات التي لحقت صاحب الشكوى.

6 - 4 وتذكّر الدولة الطرف أيضاً بمضمون الشكوى، لا سيما الادعاء بأن صاحبها سيتعرض للتعذيب إذا رُحّل إلى بلده الأصلي. ويكرر صاحب الشكوى أساساً الأسباب المزعومة دعماً لطلبه اللجوء. ويدعي بوجه خاص أنه عرضة للعقوبات الجنائية المنصوص عليها في المواد من 43 إلى 45 من القانون رقم 024 / 2002 المؤرخ 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2002 بشأن قانون العقوبات العسكري في جمهورية الكونغو الديمقراطية، لأنه كان عسكرياً في الجيش الكونغولي وغادره من دون إذن. ويدعي صاحب الشكوى أن من المحتمل، بسبب سوابقه هذه، أن تقترن إدانة هروبه من الخدمة العسكرية بالتعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وقد خضعت هذه العناصر ووسائل الإثبات المتصلة بها بالفعل لتدقيق السلطات الوطنية المعنية باللجوء. وإضافة إلى التقريرين الطبيين المؤرخين 29 أيار/ مايو 2017 ، اللذين يبدو منهما أنه يعاني من الاكتراب التالي للصدمة، يقدم صاحب الشكوى شهادةً طبية مؤرخة 23 تموز/يوليه 2018 تفيد بتدهور واضح في حالته الصحية.

6 - 5 وفي حال لم تعلن اللجنة عدم مقبولية البلاغ، تؤكد الدولة الطرف مجدداً الأسس الموضوعية لقرارات السلطات الوطنية، في ضوء المادة 3 من الاتفاقية والاجتهادات السابقة للجنة وملاحظاتها العامة. وتدفع الدولة الطرف بأن عبء الإثبات يقع من حيث المبدأ على عاتق صاحب الشكوى، وأنه يتعين عليه تقديم حجج وجيهة، أي حجج مدعومة بأدلة توضح وجود خطر.

6 - 6 وتدفع الدولة الطرف بأنه من أجل النظر فيما إذا كانت هناك أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب الشكوى سيكون عرضة للتعذيب في حال ترحيله، يجب على اللجنة أن تأخذ بجميع الاعتبارات ذات الصلة، وفقاً للمادة 3 ( 2 ) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. ويتعلق الأمر، عند النظر في هذه القضية، بتحديد ما إذا كان الشخص المعني يواجه خطراً شخصياً متوقعاً وحقيقياً بالتعرض للتعذيب في البلد الذي يُرحّل إليه ( ) . وهذا يعني أن وجود نمط من انتهاكات حقوق الإنسان، الوارد في المادة 3 ( 2 ) من الاتفاقية، لا يشكل في حد ذاته سبباً كافياً للجزم بوجود خطر على شخص بعينه بالتعرض للتعذيب عند عودته إلى بلده ( ) . وبناء على ذلك، يجب أن توجد أسباب إضافية ليكون خطر التعذيب، بالمعنى المقصود في الفقرتين 11 و 38 من تعليق اللجنة العام رقم 4 ( 2017 ) ، خطراً متوقعاً وقائماً وشخصياً وحقيقياً ( ) . وعلاوة على ذلك، ليس للحالة العامة في البلد وحدها أن تشكل سبباً كافياً لاستنتاج أن صاحب الشكوى سيكون عرضة لخطر التعذيب عند عودته إلى ذاك البلد ( ) . وعلى الرغم من الاضطرابات والاشتباكات المحلية التي تنشأ من حين لآخر، والتوترات السائدة في شرق البلد تحديداً، لا تشهد جمهورية الكونغو الديمقراطية حالة حرب أو حرب أهلية أو عنف عام في جميع أنحاء أقاليمها. وتخلص الدولة الطرف إلى أن صاحب الشكوى لم يقدم أدلة تثبت أنه سيواجه خطراً متوقعاً وحقيقياً وشخصياً قد يعرضه للتعذيب في حال ترحيله إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية.

6 - 7 وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب الشكوى يدفع بأنه تعرض لاعتداء عنيف في سياق العملية التي جرت في كينغاكاتي واعتقاله لاحقاً. وعلى الرغم من أن الإصابات في حد ذاتها مثبتة في التقارير الطبية المؤرخة 29 أيار/مايو 2017 ، إلا أن أمانة الدولة للهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية خلصتا إلى عدم تطابق الإصابات الواردة في أقوال صاحب الشكوى والظروف ذات الصلة التي عرضها. ويترتب على ذلك أن ادعاءات التعذيب أو سوء المعاملة غير مدعومة بأدلة.

6 - 8 وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أن صاحب الشكوى لم يدفع بأنه شارك في أنشطة سياسية داخل دولة المنشأ أو خارجها.

6 - 9 وفيما يتعلق بخوف صاحب الشكوى من التعرض للمعاملة التي تحظرها المادة 3 من الاتفاقية بسبب فراره من الجيش الكونغولي، ترى الدولة الطرف أن هذا الادعاء كان موضع استعراض مفصل أثناء إجراءات اللجوء. وتوافرت لصاحب الشكوى فرص كافية لإثبات ادعاءاته وتوضيحها أمام أمانة الدولة للهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية. ولم يُعترض على أن صاحب الشكوى قد خدم لفترة معيّنة في الجيش الكونغولي. بيد أن الأدلة التي قدمها لم تمكِّن المحكمة أو أمانة الدولة من استخلاص صحة روايته عن اعتقاله المزعوم واحتجازه وهروبه أو فراره المزعوم من الجيش. وإضافة إلى ذلك، لا يتضح من ملف القضية أن السلطات الكونغولية فتحت إجراءات جنائية ضد صاحب الشكوى.

6 - 10 ولم يقدم صاحب الشكوى، الذي يمثله محام، أي دليل للطعن في إجراءات اللجوء. بل على العكس، اكتفى بتقديم روايته للوقائع التي استعرضتها السلطات المحلية المختصة. وبعبارة أخرى، لم يعترض على السير السليم لإجراءات اللجوء، بل على تقييم أمانة الدولة للهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية للوقائع في قراريهما، كل منهما على حدة. ولا توجد أدلة ملموسة ضمن الملف أو الشكوى الحالية تدعم مصداقية الادعاء بأن صاحب الشكوى عرضة لخطر متوقع وشخصي وحقيقي لعمل من أعمال التعذيب بالمعنى المقصود في المادة 3 من الاتفاقية، في حال عودته إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. ووفقاً للدولة الطرف، لا تتضمن هذه الشكوى أي أدلة أو براهين جديدة من شأنها أن تغير استنتاج السلطات الوطنية أن ادعاءات صاحب الشكوى غير كافية لإثبات وجود خوف مبرر بأن يصبح عرضة للاضطهاد في المستقبل في حال ترحيله إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. ولم يقدم صاحب الشكوى أي دليل ملموس من شأنه أن يثبت، بطريقة موثوقة ومعقولة في حدها الأدنى، أنه عرضة لخطر متوقع وقائم وشخصي وحقيقي للتعذيب بالمعنى المقصود في المادة 3 من الاتفاقية في حال رُحّل إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية.

6 - 11 وبناء على ذلك، ترى الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يثبت وجود أسباب حقيقية بأنه عرضة، بشكل ملموس وشخصي، لمعاملة تتعارض مع الاتفاقية في حال ترحيله إلى بلده الأصلي.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

7 - 1 يؤكد صاحب الشكوى مجدداً، في تعليقاته المؤرخة 30 آب/أغسطس 2021 ، أنه سيواجه خطراً جسيماً بالتعرض للتعذيب في حال ترحيله إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. وأرفق صاحب الشكوى وثائق طبية تشهد على علاجه الحالي من مرض نفسي نتيجة التعذيب الذي تعرض له في بلده الأصلي ( ) ، ويؤكد أن هذا دليل على التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي تعرض لها في بلده الأصلي.

7 - 2 ويدفع صاحب الشكوى بأن التجربة تبين أن ضحايا التعذيب أو غيره من أشكال العنف قد يواجهون حالات من الإقصاء والشعور بالعار والذنب، أو يعانون من متلازمة الاكتراب التالي للصدمة. وهذه هي الملاحظات التي أبداها طبيبه المعالج بشأن حالته الصحية في الوثائق الطبية المرفقة بطلبه. وفي الواقع، يواجه هؤلاء الأشخاص مشاكل خاصة عندما يضطرون إلى توضيح أسباب طلبهم اللجوء. ويؤثر التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي طالتهم تأثيراً عميقاً، وهو ما يجعل من الصعب عليهم الإدلاء بأقوال لا تتضمن تناقضات، وأنهم ينسون بعض التفاصيل المهمة عن الوقائع التي عايشوها. ويرى صاحب الشكوى أن أقواله أثناء جلسة الاستماع المستفيضة وجلسة الاستماع التكميلية لم تؤخذ في الاعتبار بموجب قواعد التحقيق. وينبغي أن يكون لهذه الأقوال قيمة خاصة في حال استعراض الملف بالكامل، وذلك على النحو الذي تنطوي عليه قاعدة الاحتمال الغالب.

7 - 3 واحتج صاحب الشكوى بمخاوف مبررة في حال ترحيله إلى بلده بأنه سيكون عرضة لخطر التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بسبب فراره من الخدمة العسكرية. وفي هذا الصدد، يشير صاحب الشكوى إلى المادة 47 من القانون رقم 024 / 2002 بشأن قانون العقوبات العسكري في جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي تنص على ما يلي:

يُعتبر فارّاً من الخدمة العسكرية إلى الخارج:

1 - كل عسكري أو شبه عسكري يَعبُر، بعد ثلاثة أيام من التأكد من غيابه من دون إذن، حدود أراضي الجمهورية، أو يتخلى، خارج هذا الإقليم، عن الوحدة أو المفرزة أو القاعدة أو المجموعة العسكرية التي ينتمي إليه، أو السفينة أو الطائرة التي يركبها؛

2 - كل عسكري أو شبه عسكري، يوجد خارج إقليم الجمهورية، لا يعود عند انقضاء الفترة المنصوص عليها في النقطة 1 أعلاه من إجازة أو مهمة أو سفر، إلى الوحدة أو المفرزة أو القاعدة أو المجموعة العسكرية التي ينتمي إليها، أو السفينة أو الطائرة التي يركبها.

وتنص المادة 48 من القانون نفسه على ما يلي:

يعاقب كل عسكري أو شبه عسكري يُدان بالفرار من الخدمة العسكرية إلى الخارج في وقت السلم بالسجن لمدة تتراوح بين سنة وخمس سنوات من العبودية الجزائية.

وفي حال أخذ المـُدان معه سلاحاً أو معدات حكومية، أو فرَّ من الخدمة أو تآمر، يُعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاث سنوات وعشر سنوات من العبودية الجزائية.

وإذا حدث الفرار من الخدمة العسكرية في الخارج في وقت الحرب أو في أثناء ظروف استثنائية، يجوز تشديد العقوبة إلى السجن المؤبد أو حتى إلى عقوبة الإعدام.

7 - 4 ولا شك أن يُدان صاحب الشكوى، في حال ترحيله، بموجب هذه الأحكام الجنائية، بعد محاكمة غير عادلة، وأن يظل رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة في ظروف لا إنسانية، وأن يتعرض لأعمال التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وأن يخضع، علاوة على ذلك، لظروف مشددة لأنه قدم طلب للجوء في الخارج تحت مسمى "موظف حكومي"، ولأن الحالة الأمنية والسياسية في جمهورية الكونغو الديمقراطية ما زالت تتسم بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

7 - 5 ويشير صاحب الشكوى إلى السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تنص على أن تطبيق المادة 3 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان) يعترف بأن بعض التكهنات متأصلة في الوظيفة الحمائية لهذا الحكم الآمر الذي يحظر على الدولة تعريض أي شخص لمعاملة لا إنسانية ومهينة، وأن الأمر لا يتعلق بمطالبة الشخص المعني بتقديم دليل موثوق على ادعاءاته بأنه عرضة لمعاملة محظورة ( ) . وفي هذا الصدد، أوضحت المحكمة أنه عندما تقدم هذه الأدلة، تقع على عاتق سلطات دولة الترحيل مسؤولية تبديد أي شكوك بشأنها، وأن تقيّم الخطر المزعوم بدقة، وأن تستشرف عواقب الترحيل المتوقعة على الشخص المعني في دولة المقصد، وذلك في ضوء الحالة العامة السائدة هناك والظروف الخاصة بكل قضية ( ) . وأضافت المحكمة أنه في حال استمرار شكوك جدية، بعد النظر في وقائع القضية، بشأن أثر الترحيل على الشخص المعني بسبب الحالة العامة في دولة المقصد و/أو بسبب حالته الفردية، يتعين على دولة الترحيل أن تضع لدولة المقصد شرطاً مسبقاً قبل الترحيل، وتحصل منها على ضمانات فردية وكافية لتفادي وضع يخالف المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) .

7 - 6 ويؤكد صاحب الشكوى أنه حوكم على أفعال تتصل بنظام جوزيف كابيلا. ولا أحد يجادل في أن جمهورية الكونغو الديمقراطية شهدت تغييراً لنظام الحكم فيها في أعقاب الانتخابات الرئاسية في 30 كانون الأول/ديسمبر 201 8 . فمنذ وصول فيليكس تشيسيكيدي إلى السلطة، تحسنت بالتأكيد الأمور في البلد فيما يتعلق بحرية التعبير والتظاهر. وعلى الرغم من الإفراج عن بعض السجناء السياسيين المعروفين جيداً لدى الجمهور ومنظمات حقوق الإنسان، ما زال رهن الاحتجاز العديدُ من سجناء الرأي السياسيين المجهولين أو الأقل شهرة الذين واجهوا مشاكل مع نظام كابيلا. وفي الوقت الذي تمكّن بعض الذين اعتُقلوا قبل انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2018 من استعادة حريتهم منذ وصول الرئيس الجديد إلى السلطة، ما زال آخرون يقبعون في السجن، في ظروف صعبة. وفي قضية صاحب الشكوى، لا يوجد سبب يوحي بأنه سيُخلى سبيله بسهولة على الرغم من التهم الموجهة إليه. فعلى الرغم من تغيير الرئيس، ما زال النظام من دون تغيير. وما زالت أجهزة الاستخبارات والأمن نفسها، التي أنشأها الرئيس السابق، قائمة تعمل. وإضافة إلى ذلك، يشير صاحب الشكوى إلى حكم أصدرته مؤخراً المحكمة الإدارية الاتحادية بشأن أحد مواطني جمهورية الكونغو الديمقراطية، أقر القضاة ضمنه بأنه بالنظر إلى السلطات التي احتفظ بها جوزيف كابيلا، ما زال من المحتمل أن يواجه الأشخاص الذين كانت لهم مشاكل مع نظامه وأجهزته الأمنية في الماضي المشاكل نفسها حتى الآن ( ) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تحققت اللجنة، على نحو ما تقتضيه المادة 22 ( 5 )( أ ) من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم يجر بحثها، ولا يجرى بحثها بموجب أي إجراء من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية.

8 - 2 وتذكّر اللجنة بأنها لا تنظر، وفقاً للمادة 22 ( 5 )( ب ) من الاتفاقية، في أي بلاغات يتقدم بها أي فرد ما لم تتحقق من أنه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. ولا تنطبق هذه القاعدة إذا كان إعمال سبل الانتصاف قد طال أمده بصورة غير معقولة أو كان من غير المحتمل أن يحصل صاحب الشكوى على الجبر بهذه الوسيلة ( ) .

8 - 3 وفي هذا الصدد، تحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يقدم طلباً لإعادة النظر، بالمعنى المقصود في المادة 111 ب من قانون اللجوء، في الوقائع والأدلة الجديدة المتعلقة بحالته الصحية. وتلاحظ اللجنة كذلك تأكيد صاحب الشكوى أن الشهادة الطبية التي أعقبت قرار السلطات الوطنية لا تتضمن أي عناصر جديدة لتمهيد الطريق أمام تقديم طلب لإعادة النظر في قرار أمانة الدولة للهجرة، وأنه لم يقدم إلى اللجنة، فيما يتعلق بمسألة عدم قانونية الترحيل، أي وقائع جديدة غير معروفة لسلطات الدولة الطرف. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن ليس في المادة 22 ( 5 )( ب ) ما يمنعها من النظر في الشكوى.

8 - 4 ولا ترى اللجنة أي مانع آخر فيما يتعلق بمقبولية الشكوى، وتعلن من ثم قبولها بمقتضى المادة 3 من الاتفاقية وتشرع في النظر في أسسها الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

9 - 1 عملاً بالمادة 22 ( 4 ) من الاتفاقية، نظرت اللجنة في هذه الشكوى في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان.

9 - 2 وتتمثل المسألة المعروضة على اللجنة، في هذه القضية، فيما إذا كان ترحيل صاحب الشكوى إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية يشكل انتهاكاً لالتزامات الدولة الطرف بموجب المادة 3 من الاتفاقية التي تقضي بعدم طرد أو إبعاد أي شخص قسراً إلى دولة أخرى حيث توجد أسباب تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيتعرض فيها للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وتذكّر اللجنة قبل كل شيء بأن حظر التعذيب حظرٌ مطلق وغير قابل للتقييد وبأنه لا يجوز للدولة الطرف أن تتذرع بأي ظروف استثنائية لتبرير أفعال التعذيب ( ) .

9 - 3 ويجب على اللجنة أن تقيّم ما إذا كانت ثمة أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب الشكوى معرض شخصياً لخطر التعذيب في حال ترحيله إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. وعند تقييم هذا الخطر، يجب على اللجنة أن تراعي جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملاً بالمادة 3 ( 2 ) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. وتذكّر اللجنة مع ذلك بأن هدف هذا التحليل هو تحديد ما إذا كان الشخص المعني يواجه خطراً شخصياً متوقعاً وحقيقياً بالتعرض للتعذيب في البلد الذي يُرحّل إليه. ويعني هذا الأمر أن وجود نمط من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل في حد ذاته سبباً كافياً لاستنتاج أن شخصاً بعينه يواجه خطر التعرض للتعذيب عند عودته إلى ذلك البلد. ويجب تقديم أسباب إضافية تبين أن الشخص يواجه شخصياً هذا الخطر ( ) . وعلى العكس، لا يعني عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان أن الشخص قد لا يتعرض للتعذيب بحكم ظروفه الخاصة ( ) .

9 - 4 وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 4 ( 2017 ) ، الذي ينص على أن هناك التزاماً بعدم الإعادة القسرية كلما كانت هناك "أسباب حقيقية" تدعو إلى الاعتقاد أن الشخص يواجه خطر التعرض للتعذيب في الدولة التي يجب أن يُرحّل إليها، سواء بصفته فرداً أو عضواً في جماعة من شأنها أن تكون عرضة لخطر التعذيب في بلد المقصد. ودرجت اللجنة في مثل هذه الظروف على اعتبار أن ”الأسباب الحقيقية“ موجودة كلما كان احتمال التعرض للتعذيب ”متوقعاً وشخصياً وقائماً وحقيقياً“ ( ) . وتشمل عوامل الخطر الشخصي تحديداً الانتماء السياسي أو الأنشطة السياسية لصاحب الشكوى و/أو لأفراد أسرته، أو وجود مذكرة توقيف من دون ضمان العدل في المعاملة والمحاكمة ( ) . وتذكِّر اللجنة بأن عبء الإثبات يقع على عاتق صاحب الشكوى، الذي يجب عليه أن يقدم حججاً وجيهة، أي حججاً مدعومة بأدلة تبيِّن أن خطر التعرض للتعذيب متوقَّع وشخصي وقائم وحقيقي. وعندما يكون صاحب الشكوى في وضع لا يمكنه من تقديم تفاصيل عن قضيته، ينعكس عبء الإثبات بحيث يقع على عاتق الدولة الطرف المعنية أن تحقق في ادعاءاته وتتحقق من صحة المعلومات التي تستند إليها شكواه ( ) . وتذكّر اللجنة أيضاً بأنها تولي أهمية كبيرة للاستنتاجات الوقائعية التي تخلص إليها الأجهزة المعنية للدولة الطرف. إلا أن اللجنة غير ملزمة بهذه الاستنتاجات، بل تُجري تقييماً مستقلاً للمعلومات المتاحة لها وفقاً للمادة 22 ( 4 ) من الاتفاقية، مع مراعاة جميع ملابسات كل قضية ( ) .

9 - 5 وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة حجة صاحب الشكوى بأن الدولة الطرف تنتهك حقوقه المنصوص عليها في المادة 3 من الاتفاقية في حال ترحيله إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحب الشكوى يدعي أن كونه عسكرياً فرَّ من الجيش الكونغولي، وهو حينها يحمل رتبة رقيب أول وضابط صف وضابط صف من الدرجة الأولى، وسبق أن عمل سائقاً شخصياً للجنرال شورا ونقلَ قوات ومعدات عسكرية، يجعل من المحتمل أن يتعرض لسوء المعاملة في حال ترحيله إلى بلده الأصلي. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لا تعترض على أن صاحب الشكوى قد خدم في الجيش الكونغولي.

9 - 6 وتذكّر اللجنة بأنه يعود لها أمر تحديد ما إذا كان صاحب الشكوى معرضاً حالياً لخطر التعذيب في حال ترحيله إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. وتلاحظ أن فرصة كافية أُتيحت لصاحب الشكوى لإثبات ادعاءاته وتوضيحها، على الصعيد الوطني، أمام أمانة الدولة للهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية، لكن الأدلة التي قدمها لم تسمح للسلطات الوطنية باستنتاج أنه يواجه خطر التعرض لضروب من التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة عند عودته. وتلاحظ أيضاً أن الوضع في هذا البلد قد تحسن مع نهاية نظام جوزيف كابيلا، في أعقاب الانتخابات الرئاسية في 30 كانون الأول/ديسمبر 2018 ، وإطلاق سراح السجناء السياسيين. وتذكّر اللجنة بأن وجود انتهاكات لحقوق الإنسان في البلد الأصلي لا يكفي في حد ذاته لاستنتاج أن صاحب الشكوى معرض شخصياً لخطر التعذيب ( ) . وبناء على ذلك، لا يشكل مجرد ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في جمهورية الكونغو الديمقراطية، في حد ذاته، أسباباً كافية للاستنتاج بأن ترحيل صاحب الشكوى إلى ذلك البلد ينتهك المادة 3 من الاتفاقية ( ) . وتلاحظ اللجنة استناداً على ملف القضية أن سلطات الدولة الطرف أخذت في الاعتبار المعلومات العامة ذات الصلة عند النظر في طلبات اللجوء التي قدمها صاحب الشكوى. وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى، في هذه القضية، لم يقدم أدلة على أنه سبق أن حوكم على أفعال تتصل بنظام جوزيف كابيلا، وأن فراره من الجيش كان ذا أهمية كافية لاجتذاب اهتمام سلطات بلده الأصلي ( ) ، وتخلص من ثم إلى أن المعلومات المقدمة لا تثبت أن صاحب الشكوى سيكون شخصياً عرضة لخطر التعذيب أو المعاملة القاسية، أو اللاإنسانية أو المهينة في حال ترحيله إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية.

9 - 7 وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى يدعي أنه يعاني من الاكتراب التالي للصدمة، لكنه لم يتمكن من إثبات أنه كان ضحية للتعذيب أو سوء المعاملة في الماضي القريب، أو من تقديم أدلة يمكن أن تشكك في استنتاجات السلطات السويسرية فيما يتعلق برفض طلبه اللجوء ( ) .

9 - 8 وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى قدم لدعم شكواه تقارير طبية مؤرخة في عام 2017 وعام 2018 وعام 2019 تشهد على أنه يعاني، في جملة أمور، من الاكتراب التالي للصدمة، وأن من شأن ترحيله إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية أن ينتهك حقوقه التي تكفلها الاتفاقية. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة الدولة الطرف بأن المشاكل الصحية التي أثيرت يمكن علاجها في البلد الأصلي لصاحب الشكوى. وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن السلطات السويسرية قد درست حالة صاحب الشكوى، بما في ذلك حالته الصحية البدنية والنفسية، دراسة مستفيضة، وترى أنه لا توجد مخاطر كبيرة يمكن أن تؤثر على الحقوق التي تكفلها الاتفاقية، في حال ترحيل صاحب الشكوى إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية.

9 - 9 وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن المعلومات التي قدمها صاحب الشكوى ليست كافية لإثبات أنه يواجه خطراً شخصياً ومتوقعاً وحقيقياً بالتعرض للتعذيب في حال ترحيله إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية.

10 - وتخلص اللجنة، وهي تتصرف وفقاً للمادة 22 ( 7 ) من الاتفاقية، إلى أن ترحيل الدولة صاحبَ الشكوى إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية لا يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.