الأمم المتحدة

CAT/C/73/D/872/2018

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

30 August 2022

Arabic

Original: English

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 872 / 2018 * **

بلاغ مقدم من : يعقوب برحان (يمثله المحامي طارق حسن)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب الشكوى

الدولة الطرف : سويسرا

تاريخ تقديم الشكوى : 16 أيار/مايو 2018 (تاريخ الرسالة الأولى)

تاريخ اعتماد القرار : 28 نيسان/أبريل 2022

الموضوع : الترحيل إلى إريتريا

المسائل الإجرائية : لا يوجد

المسائل الموضوعية : خطر التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

مواد الاتفاقية : 3

1 - 1 صاحب الشكوى هو مواطن إريتري مولود في عام  197 7 . وقد قدم طلب لجوء في سويسرا، لكن طلبه رُفض في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 201 7 . وهو معرض للترحيل إلى إريتريا ويرى أن سويسرا ستقدم على انتهاك المادة 3 من الاتفاقية بإعادته إلى إريتريا. ويمثله المحامي طارق حسن.

1 - 2 وفي 17 أيار/مايو 2018 ، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، عن طريق مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، الامتناع عن ترحيل صاحب الشكوى إلى إريتريا ريثما تنظر اللجنة في شكواه.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

2 - 1 صاحب الشكوى هو مواطن إريتري من الإثنية التغرينية أصله من أسمرة. وبعد نيله شهادة التخرج في عام 1994 ، استدعي لأداء الخدمة العسكرية. وخضع للتدريب العسكري في ساوا بإريتريا، لمدة ستة أشهر نُقل بعدها لأداء الخدمة المدنية لمدة عام واحد للقيام بأعمال البناء. وفي عام 1996 ، عاد صاحب الشكوى إلى أسمرة حيث كان يلعب كرة القدم. وفي عام 1997 ، استُدعي مرة أخرى لأداء الخدمة العسكرية. وعمل جنديا ً خلال الحرب بين إريتريا وإثيوبيا حتى عام 200 0 . وفي وقت لاحق، عُيِّن في نادي التحرير لكرة القدم التابع للشرطة. واحترف لعب كرة القدم بصفته مدنيا ً حتى اليوم الذي غادر فيه إريتريا في عام 201 3 .

2 - 2 وفي 21 كانون الثاني/يناير 2013 ، وقعت عملية فورتو، وهي عملية احتجاج نفذها حوالي 200 جندي ضد النظام الإريتري. فحاصر الجنود المبنى الذي تقع فيه محطة التلفزيون الإريتري وطالبوا بالإفراج عن السجناء السياسيين. وناقش صاحب الشكوى، الذي أيد العملية، هذا الحدث مع زملائه في كرة القدم. وكان بعضهم مناهض اً لهذه الحركة.

2 - 3 وفي 11 شباط/فبراير 2013 ، كان صاحب الشكوى في طريق العودة إلى منزله بعد التدريب حين أوقفه شخصان مسلحان في حي كامبو - بولو في أسمرة وأجبراه على ركوب سيارة. وعصبت عيناه واقتيد إلى منزل صغير حيث احتُجز واستُجوب وتعرض للضرب لمدة يومين. واتهمه هذان الشخصان بأنه من "مثيري الشغب" الذين يدعون الناس إلى التمرد. وكانا يريدان أن يعرفا من هم الأشخاص الذين يتعاون معهم ومن استأجره. وبعد مرور يومين، أعيد صاحب الشكوى إلى المكان الذي قبض عليه فيه. وأمره الشخصان بعدم إخبار أحد عما حدث. وبعد هذه الحادثة، قرر صاحب الشكوى مغادرة إريتريا.

2 - 4 وفي نيسان/أبريل 2013 ، نقل مهربان اثنان صاحب الشكوى من أسمرة إلى تيسيني في غرب إريتريا على متن سيارة لنقل الركاب. وهناك، نُقل في مركبة لعبور الحدود إلى السودان. وبعد شهر ونصف، سافر جو اً من الخرطوم إلى أوروبا عن طريق القاهرة بجواز سفر سوداني مزور. وفي 14 تموز/يوليه 2014 ، قدم طلب لجوء في سويسرا. وفي 11 حزيران/يونيه 2016 ، رفضت أمانة الدولة لشؤون الهجرة طلبه. وفي 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 ، أيدت المحكمة الإدارية الاتحادية هذا القرار. ورأت المحكمة أن صاحب الشكوى أدلى بعدة إفادات متضاربة في مقابلات اللجوء التي أجريت معه، أي ما إذا كانت الغرفة التي كان فيها أثناء احتجازه مضاءة أو مظلمة. ويدعي صاحب الشكوى أن مدة مقابلة اللجوء الثانية التي أجريت معه في 22 كانون الأول/ديسمبر 2014 كانت قصيرة جد اً مما حرمه من فرصة تقديم إفادة مدعمة بالأدلة بشأن الأحداث التي دفعته إلى مغادرة إريتريا. ويدفع بأنه كان صادق اً في وصف ملابسات اعتقاله واحتجازه خلال المقابلتين.

2 - 5 ورجحت المحكمة الإدارية الاتحادية كذلك أن يكون صاحب الشكوى قد أعفي من الخدمة العسكرية. واستنتجت أنه لذلك لم يتهرب من أداء الخدمة العسكرية ولم يفر من الخدمة. وفيما يتعلق بالخدمة الوطنية في إريتريا وحالة العائدين، رأت المحكمة أن ملتمسي اللجوء الذين أعفوا من الخدمة العسكرية لا يعاد إدماجهم عموما ً ، في الخدمة الوطنية عند عودتهم إلى إريتريا. وفي هذا الصدد، يدفع صاحب الشكوى بأنه حين غادر إريتريا كان يؤدي الخدمة العسكرية منذ عدة سنوات ولم يكن قد سُرِّح من الخدمة بعد؛ وكان لا يزال يعمل لاعب كرة قدم في الفريق التابع للشرطة. وعليه، فقد كان لا يزال في الخدمة الوطنية، وإن كان مدني اً ويتقاضى أجر اً من الجيش حتى ذلك الحين. ويدفع بأن جزم سلطات اللجوء السويسرية بأنه كان قد سُرِّح من الخدمة الوطنية هو مجرد تكهنات لا توجد أدلة تؤكدها. ويدفع كذلك بأنه لا توجد أدلة تكفي للخروج باستنتاج مفاده أن الأشخاص الذين أعفوا من الخدمة العسكرية في إريتريا وقدموا طلبات لجوء في الخارج ليسوا عرضة لأن يعاقبوا عند عودتهم أو يعذبوا أو يعاد إدماجهم في الخدمة العسكرية. ويلاحظ صاحب الشكوى أن المحكمة نفسها تشير إلى قلة المعلومات المتعلقة بالحالة في إريتريا. ويلاحظ أن السلطات المحلية استندت أيضا، في قراراتها، إلى توجيه جديد صادر عن إريتريا يُزعم أنه ينص على عدم معاقبة العائدين طوعا ً ؛ غير أن هذا التوجيه لم يُنشر، ولذلك، لا يمكن الاطلاع عليه.

2 - 6 ويؤكد صاحب الشكوى أن أمانة الدولة لشؤون الهجرة استندت في قرارها إلى مقابلات أجريت مع إريتريين لا يتجاوز عددهم 27 شخصا ً كانوا قد عادوا إلى إريتريا بعد أن غادروها بصورة غير قانونية. وبالإضافة إلى أن هذه المحادثات لم تتمخض عن معلومات تتسم بالاتساق، فإن المقابلات نظمتها وزارة الخارجية الإريترية وقد عقدت بحضور موظف من الوزارة تولى ترجمة المحادثات. وعلاوة على ذلك، يستند تقرير أمانة الدولة إلى ملاحظات ممثلي الحكومة الإريترية وموظفي السفارة الأوروبية. وتقر أمانة الدولة نفسها بأن تقييم المراقبين الدوليين يكاد يعتمد حصرا ً على معلومة تتناقلها الألسن مستقاة من المحادثات مع إريتريين. وعليه، فإن المصادر التي أشارت إليها أمانة الدولة والمحكمة الإدارية الاتحادية لا تفي بمتطلبات الاستقلالية والموثوقية والموضوعية، وهي ضرورية. ورأت المحكمة أن التسريح من الخدمة العسكرية يحدث عادة بعد قضاء مدة تتراوح بين 5 و 10 سنوات في الخدمة. غير أن هذا التأكيد غير صحيح، لأن الحد الأقصى لسن الخدمة الوطنية يناهز 50 عاما ً ( ) . ويؤكد صاحب الشكوى أن الخدمة العسكرية ليس لها مدة محددة في الممارسة العملية ( ) . ويشير إلى تقرير فني صادر عن المعهد الألماني للدراسات العالمية ودراسات المناطق، وهو تقرير يشير إلى أن المجند لا يعفى أبدا ً أو نادرا ً ما يعفى من الخدمة العسكرية بعد مرور 10 سنوات.

2 - 7 ويلاحظ صاحب الشكوى أن جزم سلطات اللجوء السويسرية بأنه قد سُرِّح بالفعل من الخدمة الوطنية هو محض تكهنات لا توجد أدلة تؤكدها. ويؤكد أن عبء الإثبات ينتقل إلى الدولة الطرف إذا قدم المدعي حجج اً مقنعة تتضمن معلومات يمكن التحقق منها ( ) . وعليه، فإن سلطات اللجوء في الدولة الطرف هي من ينبغي أن تثبت أنه كان معفى من الخدمة الوطنية حين فر من البلد.

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب الشكوى أنه سيكون معرض اً لخطر الاضطهاد إذا عاد إلى إريتريا لأنه غادر البلد بصورة غير قانونية. ويدعي كذلك أن الاستنتاجات التي توصلت إليها المحكمة الإدارية الاتحادية وأمانة الدولة لشؤون الهجرة تتعارض مع عدة تقارير تتضمن معلومات قطرية. ويشير إلى تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية ورد فيه أنه "لا بد أن يتوقع طالب اللجوء الإريتري من حيث المبدأ أن تعتقله الشرطة والجيش فور اً وأن تحتجزه في حالة ترحيله إلى إريتريا" ( ) . ويلاحظ أن الشخص الذي لا يبادر إلى الاتصال بالسلطات الإريترية بعد فراره ولا يدفع ضريبة الشتات لن يعتبر على الأرجح من إريتريي الشتات بل يعتبر فار اً من الخدمة. وفي حالة العودة، سيتعرض لتدابير عقابية مثل نقله إلى معسكر عقابي عسكري لأجل غير مسمى وإعادة إدماجه لاحق اً في الخدمة الوطنية.

3 - 2 ويشير صاحب الشكوى إلى حكم صادر عن دائرة الهجرة واللجوء في المحكمة العليا في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية، ورد فيه أنه في إريتريا "من المرجح أن ينظر إلى شخص لم تثبت مصداقية طلب اللجوء الذي قدمه، وتمكن مع ذلك، من إقناع صانع القرار (أ) بأنه غادر البلد بصورة غير قانونية، و(ب) أنه بلغ سن التجنيد أو على وشك بلوغها، عند عودته على أنه متهرب من الخدمة العسكرية أو فار من الخدمة الوطنية عندما يعود إلى البلد، ويكون بذلك، في خطر حقيقي من التعرض للاضطهاد أو الضرر الجسيم" ( ) .

3 - 3 ويشير صاحب الشكوى أيض اً إلى تقرير لجنة التحقيق المعنية بحقوق الإنسان في إريتريا، الذي ورد فيه أن "الشخص الذي يعاد قسر اً إلى وطنه ينظر إليه حتم اً على أنه غادر البلد بصورة غير قانونية، وعلى هذا الأساس، يصنف مجرم اً خطير اً بل يعتبر أيض اً ‘خائنا ً ‘. وهناك نمط شائع لمعاملة العائدين يتمثل في إلقاء القبض عليهم لدى وصولهم إلى إريتريا. ويخضع الشخص العائد للاستجواب بشأن ملابسات هروبه، ويسأل عما إذا ساعده أحد على مغادرة البلاد، وعن مصدر تمويل الرحلة، وعما إذا كانوا على اتصال بجماعات المعارضة في الخارج، وما إلى ذلك. ويعامل الشخص العائد معاملة سيئة بشكل منهجي تصل إلى حد التعذيب أثناء مرحلة الاستجواب" ( ) .

3 - 4 ويلاحظ صاحب الشكوى كذلك أن المعلومات القطرية التي قدمتها السلطات النرويجية تشير إلى أن تقديم طلب لجوء في الخارج يعتبر بمثابة انتقاد للنظام وأن مسؤولي الأمن الإريتريين يهمهم بوجه خاص معرفة طريقة فرار ملتمسي اللجوء من البلد، ومن ساعدهم على ذلك، وما قالوه ضد حكومة إريتريا أثناء عملية تقديم طلب اللجوء. وقد أفاد الأشخاص العائدون بأنهم أُكرهوا عن طريق التعذيب أو التهديد به على القول إنهم ارتكبوا خيانة بالادعاء كذبا، في طلبات اللجوء، أنهم تعرضوا للاضطهاد ( ) .

3 - 5 ويدّعي صاحب الشكوى أن ترحيله من سويسرا إلى إريتريا يجعله في خطر حقيقي من التعرض لمعاملة تتنافى مع المادة 3 من الاتفاقية. ويلاحظ أن إريتريا يسود فيها نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة والصارخة لحقوق الإنسان. ويشير إلى تقرير لجنة التحقيق المعنية بحقوق الإنسان في إريتريا، الذي ورد فيه أن "التعذيب منتشر على نطاق واسع في جميع أنحاء إريتريا. ويمارس في حق الأشخاص المحتجزين – في مراكز الشرطة والسجون المدنية والعسكرية، وفي مرافق الاحتجاز السرية وغير الرسمية – بل ويتعرض له أيض اً المجندون في الخدمة الوطنية أثناء خضوعهم للتدريب العسكري وطيلة فترة حياتهم التي يقضونها في صفوف الجيش . .. وتشير المعلومات أيض اً إلى تطبيق نفس أساليب التعذيب والعقوبة في معسكرات التدريب العسكري وفي مرافق الاحتجاز . .. ويشكل تكرار بعض أساليب التعذيب وانتشارها مؤشر اً قوي اً على أن ممارسة التعذيب أمر منهجي ومعتاد" ( ) .

3 - 6 ويدعي صاحب الشكوى أنه كان معروف اً بالفعل لدى السلطات الإريترية بتأييده لعملية فورتو قبل أن يغادر إريتريا. واحتجز وخضع للاستجواب والتعذيب لمدة يومين بسبب هذا التأييد. وعندما غادر البلد، لم يكن قد سُرِّح من الخدمة العسكرية أو أعفي منها. ولهذا السبب، سيكون في خطر حقيقي من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة لدى عودته إلى إريتريا. وستستجوبه السلطات الإريترية لدى عودته مباشرة وتعيده إلى الوحدة التي كان فيها، لأنه لا يحمل جواز سفر ولا تأشيرة خروج ولأنه بلغ سن الخدمة العسكرية. وستعاقبه الوحدة التي يتبع لها فيما بعد على فراره من الخدمة وسيترك تحديد العقوبة لتقدير القائد دون سواه. وفيما يتعلق بمعاقبة الفارين من الخدمة، يشير صاحب الشكوى إلى حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية سعيد ضد هولندا ، الذي رأت فيه المحكمة أن "المعاملة التي يعامل بها الفار من الخدمة في إريتريا . .. وهي تتراوح بين العزل التام وتعريض الشخص لأشعة الشمس مدة طويلة في درجات حرارة عالية وتقييد يديه وقدميه في أوضاع مؤلمة"، يشكل معاملة غير إنسانية ( ) .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

4 - 1 في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 ، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للشكوى. وتشير الدولة الطرف إلى العناصر التي يجب أخذها في الاعتبار للتثبُّت من وجود خطر "شخصي ومحدق وكبير" من التعرض للتعذيب عند العودة إلى البلد الأصلي، وهي على النحو التالي: الأدلة على وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في البلد الأصلي؛ (ب) ادعاءات التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة في الماضي القريب وأي أدلة مستمدة من مصادر مستقلة تدعم هذه الادعاءات؛ (ج) النشاط السياسي لصاحب الشكوى داخل البلد الأصلي أو خارجه؛ (د) أي دليل على مصداقية صاحب البلاغ وأي تضارب في الوقائع المذكورة في ادعاءات صاحب الشكوى ( ) .

4 - 2 وتشير الدولة الطرف إلى أن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان لا يشكل في حد ذاته أساساً كافياً للجزم بأن شخصاً بعينه سيتعرض للتعذيب عند عودته إلى بلده الأصلي. وعلى اللجنة أن تحدد ما إذا كان صاحب الشكوى معرض "شخصياً" لخطر التعذيب في البلد الذي سيُعاد إليه ( ) . ولا بد من وجود أسباب أخرى تجيز وصف خطر التعرض للتعذيب، بالمعنى المقصود في الفقرة 1 من المادة 3 من الاتفاقية، بأنه خطر متوقع وحقيقي وشخصي ( ) .

4 - 3 وتصف الدولة الطرف بعد ذلك الممارسة التي تتبعها السلطات السويسرية في معالجة طلبات اللجوء المقدمة من مواطنين إريتريين بموجب المادة 3 من الاتفاقية. وتجري أمانة الدولة لشؤون الهجرة بانتظام تقييم اً للتقارير المتعلقة بإريتريا وتتبادل المعلومات مع خبراء وهيئات في بلدان شريكة. وعلى هذا الأساس تضع الأمانة تقييماً محدثاً للحالة في البلد وتنطلق منه السلطات السويسرية في عملها المتعلق باللجوء. وفي أيار/مايو 2015 ، أعدت أمانة الدولة تقريراً عنوانه "إريتريا - دراسة قُطرية" تضمن كل هذه المعلومات. واستعرض هذا التقرير أربعُ هيئات معنية باللجوء والهجرة في بلدان شريكة، وخبير خارجي، والمكتب الأوروبي لدعم اللجوء ( ) . وفي شباط/فبراير وآذار/مارس 2016 ، أرسلت أمانة الدولة بعثة إلى البلد لمراجعة هذه المعلومات والتوسع فيها واستكمالها، بسبل منها إضافة مصادر أخرى ظهرت في تلك الأثناء. وبناءً على كافة هذه المعلومات، نشرت أمانة الدولة تحديثاً في 22 حزيران/يونيه 201 6 . واستنتج التقرير أن الأشخاص الذين يرغبون في العودة طوع اً إلى إريتريا لا بد لهم أن يدفعوا ضريبة الشتات ( 2 في المائة ) إلى بعثة دبلوماسية إريترية أما من لم يكمل مدة الخدمة الوطنية فيتعين عليه التوقيع على إقرار بالذنب. واستنتج التقرير أيض اً أن العقوبات الشديدة المنصوص عليها في القانون لا تطبق فيما يبدو، في حالة عودة الشخص الفار أو الشخص الذي غادر إريتريا بصورة غير قانونية إلى البلد طوعا ً ، إذا كان الشخص قد قام أولا ً بتسوية وضعه لدى الدولة الإريترية. وهناك توجيه حديث غير منشور ينص على إمكانية عودة هذه الفئة من الأشخاص من دون أن يتعرضوا للعقوبة.

4 - 4 وتؤكد الدولة الطرف أن أمانة الدولة لشؤون الهجرة تجري تقييم اً لكل طلب لجوء على حدة في ضوء جميع المعلومات المتاحة. وعندما يبرهن طالب اللجوء على حالة اضطهاد بالمعنى المقصود في المادة 3 من قانون اللجوء استناد اً إلى أحداث وقعت قبل مغادرته إريتريا، يعترف به كلاجئ ويمنح حق اللجوء . وفي حزيران/يونيه 2016 ، بينت أمانة الدولة الممارسة التي تتبعها وهي تقضي بأن المغادرة إلى الخارج بصورة غير قانونية لم تعد تنطوي على خطر الاضطهاد. أما طالب اللجوء الذي لا يبرهن على وجود خوف مبرر من التعرض للاضطهاد لدى عودته إلى إريتريا، فلا يُعترف به كلاجئ.

4 - 5 ومع أن تقارير شتى تشير إلى حالة حقوق الإنسان التي تبعث على القلق الشديد في إريتريا، قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في قرارها بشأن قضية م. أ. ضد سويسرا ، بأنه ما من تقرير من هذه التقارير استنتج أن الحالة الراهنة في إريتريا فيها ما يشي بأن إعادة أي مواطن إريتري إلى البلد تعرضه لخطر الاضطهاد؛ وقد خلت التقارير من أي معلومات يمكن أن تفضى إلى هذا الاستنتاج ( ) . وينطبق القول ذاته على مغادرة البلد بصورة غير قانونية وعلى وجود التزام بأداء الخدمة الوطنية ( ) .

4 - 6 وترى الدولة الطرف أن التعرض للتعذيب في الماضي هو من العوامل التي ينبغي مراعاتها عند تقييم خطر التعذيب في حالة إعادة صاحب الشكوى إلى بلده. ولكن في هذه القضية، ظلت رواية صاحب الشكوى لوقائع سوء المعاملة التي يزعم أنه تعرض لها أثناء احتجازه في عام 2013 غامضة وسطحية بالصيغة التي قدمها أمام اللجنة وأثناء جلسات الاستماع التي عقدتها أمانة الدولة لشؤون الهجرة. ولم يذكر صاحب الشكوى أدلة تدعم هذه الادعاءات ولم يقدم أدلة من هذا القبيل.

4 - 7 ووفق اً لأقوال صاحب الشكوى نفسه، فإنه أيد عملية فورتو وتحدث عنها مع زملاء من فريقه. بيد أن الدولة الطرف تدفع بأن صاحب الشكوى لم يشارك في الاحتجاج الذي نظم في 21 كانون الثاني/ يناير 2013 ولم يتحدث عن هذا التأييد إلا في السر مع عدد محدد من الزملاء في فريق كرة القدم الذي ينتمي إليه. وعليه، فإن صاحب الشكوى لا يدّعي أنه مارس أنشطة سياسية داخل إريتريا أو خارجها.

4 - 8 وتؤكد الدولة الطرف أن سلطات الهجرة طرحت عدة تناقضات شابت رواية صاحب الشكوى. وعندما مثل صاحب الشكوى أمام سلطات الهجرة، شرح قائلا ً إنه خضع للتدريب العسكري وخدم في صفوف الجيش منذ عام 1994 ثم منذ عام 199 7 . بيد أن سلطات الهجرة استنتجت أن صاحب الشكوى قد سرح في عام 2000 ، وبذلك، يصبح ادعاء الفرار من الخدمة العسكرية ادعاء غير معقول. وتوصلت السلطات إلى استنتاج مماثل فيما يتعلق بتعرض صاحب الشكوى للاعتقال في كانون الثاني/يناير 2013 واستبعدت فكرة أن يكون في خطر من التعرض لسوء المعاملة بسبب مغادرة بلده الأصلي بصورة غير قانونية على حد زعمه. وحين رأت المحكمة الإدارية الاتحادية في تقييمها الذي يفيد بأن صاحب الشكوى كان قد سرح ولا يمكن، بذلك، اعتباره فارا ً من الخدمة العسكرية، استندت في هذا التقييم إلى أنه لم يأت على ذكر موضوع الفرار من الخدمة أثناء الإجراءات عندما مثل أمام أمانة الدولة لشؤون الهجرة. وهذا الإغفال يضعف ادعاءه الفرار من الخدمة العسكرية الذي دفع به لاحقا ً ( ) .

4 - 9 وتؤكد الدولة الطرف أن المحكمة الإدارية الاتحادية أجرت أيض اً تحليل اً بشأن احتمالات وقوع التسريح في عام 2017 ( ) فنظرت في مختلف التقارير الدولية، بما في ذلك التقارير الواردة من أمانة الدولة لشؤون الهجرة ووزارة الداخلية في المملكة المتحدة. ولاحظت المحكمة أن الأشخاص يسرحون بانتظام في إريتريا وأنه يمكن، من حيث المبدأ، أن يُسرح الشخص بعد قضاء مدة تتراوح بين 5 و 10 سنوات في الخدمة العسكرية. وفيما يتعلق بادعاء صاحب الشكوى الذي استند فيه إلى تقرير فني صادر عن المعهد الألماني للدراسات العالمية ودراسات المناطق، تدفع الدولة الطرف بأن هذا التقرير لا يمكن أن يفضي بمفرده إلى تعديل التقييم الذي أجرته سلطات الهجرة بشأن تسريح صاحب الشكوى. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب الشكوى خدم في صفوف الجيش منذ عام 1994 وغادر بلده الأصلي في نيسان/ أبريل 2013 ، وكان يبلغ من العمر 35 عاما ً . ولو غادر إريتريا فارا ً ، لكانت المدة التي قضاها في الخدمة العسكرية هي 19 عاما ً . واستنتجت المحكمة، في ضوء النتائج التي توصلت إليها في حكمها المرجعي وعدم ادعاء صاحب الشكوى الفرار عند مثوله أمام أمانة الدولة، أنه غادر بلده الأصلي بعد الوفاء بالتزامه بأداء الخدمة العسكرية. ولذلك فمن غير المرجح أن يسجن أو يجبر على الالتحاق بالخدمة الوطنية من جديد إذا عاد إلى إريتريا. والقصة نفسها كما ملابسات القضية تضعف احتمال تعرض صاحب الشكوى للاضطهاد.

4 - 10 واستنتجت المحكمة الإدارية الاتحادية أن الأسباب التي دفع بها صاحب الشكوى لتبرير مغادرة البلد (ولا سيما الاحتجاز الذي يدعى أنه تعرض له) لا يمكن اعتبارها معقولة ( ) . ورأت المحكمة، على وجه الخصوص، أن وصف صاحب الشكوى للوقائع نمطي ويفتقر إلى الاتساق. وبالإضافة إلى ذلك، لم يقدم صاحب الشكوى ما يثبت ادعاءه أن جلسة الاستماع المعقودة في 22 كانون الأول/ديسمبر 2014 شابتها عيوب كبيرة. وفيما يتعلق بقصر مدة الجلسة (ساعتان )، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يذكر هذا الادعاء عندما مثل أمام المحكمة. ويُذكر على وجه الخصوص، أنه لا يظهر من جلسة الاستماع أن هناك من قاطع صاحب الشكوى وهو يروي قصته عندما مثل أمام أمانة الدولة لشؤون الهجرة. وإذا كان صاحب الشكوى لم يبد رغبة في اغتنام الفرصة المتاحة له لسرد تفاصيل أكثر، ولذلك، لم تستغرق جلسة الاستماع إلا ساعتين، فمن المؤكد أن ذلك لا يرجع إلى عيوب في الجلسة.

4 - 11 وتؤكد الدولة الطرف أن المحكمة الإدارية الاتحادية، استنتجت في حكم صادر في 30 كانون الثاني/يناير 2017 ، استناد اً إلى تقارير عديدة لهيئات حكومية وغير حكومية، أن مغادرة الشخص للبلد بصورة غير قانونية في إريتريا ليست في حد ذاتها مصدر اً لخطر التعرض للتعذيب. ولا بد من توافر عناصر مشددة أخرى، مثل اعتبار الشخص من ذوي الرأي المعارض أو فار اً من الخدمة. واستنتجت المحكمة أن السلطات الإريترية لم تعد تصنف تلقائي اً الشخص الذي غادر البلد بصورة غير قانونية على أنه خائن. ووفق اً للمحكمة، يبدو من التقارير التي اطُّلع عليها أنه يمكن للشخص، في حالة العودة الطوعية، أن يتجنب احتمال فرض جزاءات عليه عن طريق دفع ضريبة الشتات لبعثة دبلوماسية إريترية والتوقيع على إقرار بالذنب. وفي هذه القضية، لم يتمكن صاحب الشكوى من تقديم حجج معقولة على وجود عناصر مشددة. بل وعلى العكس من ذلك، من المحتمل جد اً أن يكون قد سُرح رسمي اً حتى لا يعتبر فار اً من الخدمة . وهو ليس شخص اً يملك مُقَوّمات يمكن أن تجعله مثار اهتمام بالنسبة للسلطات الإريترية. وتؤكد الدولة الطرف أن الأقوال التي أدلى بها صاحب الشكوى بشأن التحضير لسفره جوا، والمسار الذي سلكه، وسير الرحلة هي أقوال واهية وتضمنت تناقضات كبيرة (السفر بدون شريكته؛ وعدم تقديم معلومات عن المبالغ التي دفعت لتنظيم هذه الرحلة؛ والتماس المساعدة من مسؤولين كبار في الجيش من دون معرفة رتبهم ؛ والتضارب في سرد وقائع عملية النقل إلى السودان) ( ) . وتقر الدولة الطرف بقلة المعلومات الموثوقة المتاحة عن موقف السلطات الإريترية من عمليات الإعادة القسرية، بالنظر إلى أن الإعادة القسرية إلى إريتريا كانت في السنوات الأخيرة تتم من السودان فقط (وربما من مصر ). وخلاف اً للأشخاص الذين يعودون طوعا ً ، لا يستطيع هؤلاء الأشخاص تسوية أوضاعهم لدى الدولة الإريترية. وتبين التقارير القليلة الموجودة أن تصرف السلطات مع هؤلاء الأشخاص لا يختلف عن تصرفها مع الأشخاص الذين يعتقلون داخل البلد أو مع من يغادر البلد بصورة غير قانونية.

4 - 12 وتدفع الدولة الطرف بأنه من غير الجائز إلقاء عبء الإثبات على سلطات الهجرة فيما يتعلق بإقامة الدليل على أن صاحب الشكوى غادر إريتريا بصورة قانونية، وخاصة إذا كانت روايته قد اعتُبرت غير معقولة ( ) . وتعترض الدولة الطرف على استخدام صاحب الشكوى لقرار صادر عن المحكمة العليا للمملكة المتحدة كدليل، فتشير إلى أن المحكمة العليا للمملكة المتحدة رأت، في الحكم الصادر في قضية م. س. ت . وآخرون، أن طالب اللجوء الذي لم تثبت مصداقيته لا يجوز اعتباره قد غادر إريتريا بصورة غير قانونية. وقضت المحكمة أيضا ً بأن أعمال التسريح العادية هي أمرٌ مُحتَمَلٌ. ورأت أن رفض طالب اللجوء ليس كافيا ً في حد ذاته لكي يواجه خطرا ً حقيقيا ً من التعرض لمعاملة منافية للمادة 3 من الاتفاقية إذا أعيد إلى إريتريا ( ) . ولاحظت المحكمة العليا كذلك أن 9 أشخاص من أصل 10 لا يؤدون الخدمة الوطنية وأن السلطات الإريترية توافق على قضاء سبع سنوات في الخدمة. وفي هذه القضية، كان صاحب الشكوى يبلغ من العمر 35 عام اً حين غادر بلده. وقد ذكر في الأقوال التي أدلى بها أمام سلطات الهجرة أنه سرح في عام 2001 بعد أن التحق بالخدمة منذ عام 199 4 . وعليه، تستنتج الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لن يُستدعى بعد الآن لأداء الخدمة الوطنية في حالة عودته.

4 - 13 وفي الختام، ليس هناك ما يشير إلى وجود أسباب حقيقية تبرر الخوف من أن يواجه صاحب الشكوى خطراً محدداً وشخصياً من التعرض للتعذيب عندما يعود إلى إريتريا. فادعاءاته والأدلة المقدمة لا تسمح بالقول إن إعادة صاحب الشكوى قد تجعله في خطر حقيقي وملموس وشخصي من التعرض للتعذيب.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5 - 1 في 2 حزيران/يونيه 2020 ، قدم صاحب الشكوى تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية. وفيما يتعلق بالحالة في إريتريا، يدفع صاحب الشكوى بأن ممارسة التعذيب على نطاق واسع وبطريقة منهجية في البلد يؤكده تقرير المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في إريتريا لعام 2019 ( ) . وترى المقررة الخاصة أن انتهاكات حقوق الإنسان في البلد لا تزال موجودة وأن "السلطات الإريترية لم تشرع بعد في الإصلاحات المحلية ولم تشهد حالة حقوق الإنسان أي تغيير حتى الآن" ( ) . والأهم من ذلك، أنها تنتقد التغييرات الأخيرة التي طرأت على سياسة اللجوء السويسرية، فتشير صراحة إلى الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية الفيدرالية. وتقر المقررة الخاصة بأن إعادة طالبي اللجوء إلى إريتريا من شأنها أن تعرضهم للاعتقال والمضايقات والعنف ( ) . وفي عام 2016 ، أدانت لجنة التحقيق المعنية بحقوق الإنسان في إريتريا حدوث "هجوم مستمر وواسع النطاق ومنهجي على السكان المدنيين" ( ) ، وأعربت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان عن قلقها إزاء التعذيب والحق في الحياة في إريتريا ( ) . ويؤكد أصحاب الشكاوى أن البلدان الأوروبية لا تزال تحكم لصالح طالبي اللجوء الإريتريين، بسبب الحالة الحرجة في إريتريا. وفي الربع الأول من عام 2019 ، بلغت معدلات الاعتراف بصفة اللاجئ للإريتريين في الاتحاد الأوروبي 79 في المائة أو 81 في المائة تبع اً للمصادر، وبذلك تكون إريتريا البلد الأصلي صاحب ثاني أعلى معدل اعتراف بعد الجمهورية العربية السورية ( ) .

5 - 2 وفيما يتعلق بادعاءات التعرض للتعذيب أو سوء المعاملة في الماضي القريب، يؤكد صاحب الشكوى من جديد أنه عُذب بسبب كشفه معلومات عن عملية فورتو. وفيما يتعلق بأنشطته السياسية في إريتريا، يدفع صاحب الشكوى بأن شخصين مجهولين اختطفاه واستجوباه لمدة يومين لأنه تحدث مع أعضاء فريقه عن عملية فورتو ولأنه قال كلام اً صريح اً عن شكل معين من أشكال الاحتجاج ضد الحكومة ومارس حقه في حرية التعبير. وهو يعتبر معارضا ً سياسيا ً . ولهذا السبب، يؤكد صاحب الشكوى أنه سيواجه التعذيب أو سوء المعاملة إذا عاد إلى إريتريا.

5 - 3 وفيما يخص مصداقية الادعاءات، يقدم صاحب الشكوى معلومات إضافية عن (أ) فراره من الخدمة، و(ب) اعتقاله واحتجازه، و(ج) مغادرته إريتريا بصورة غير قانونية. ويدفع صاحب الشكوى بأن مغادرة الخدمة الوطنية في إريتريا هو أمرٌ يكاد يكون مستحيلا ً . وهو خدم في الجيش لمدة 19 عام اً ولم يُسرح وكان لا يزال في الخدمة الوطنية عندما هرب. وفيما يتعلق بالحجج التي دفعت بها الدولة الطرف بشأن مصداقية ادعاء التعرض للاعتقال والاحتجاز في شباط/فبراير 2013 ، يؤكد صاحب الشكوى أنه كان معصوب العينين عندما اختطف ولكن تعذر عليه أن يُبين ما إذا كانت المصابيح مضاءة أو مطفأة أثناء تعذيبه. وعدم تمكنه من ذلك لا يعني أن الوقائع التي رواها عن اعتقاله واحتجازه ليست لها مصداقية، كما ذكرت الدولة الطرف. وترجع التناقضات الطفيفة في روايته للأحداث إلى آثار الصدمة الناجمة عن اعتقاله واحتجازه، وقد ورد بيانها في بروتوكول إسطنبول ( )  والمجلة الطبية البريطانية ( ) . ويؤكد من جديد أن جلسة الاستماع إلى أقواله لم تستغرق سوى ساعتين وعقدت بعد مرور عدة سنوات على الأحداث المشار إليها. ويطعن صاحب الشكوى في حجة الدولة الطرف التي تفيد بأن مغادرة البلد بصورة غير قانونية لا تكفي في حد ذاتها لتعريض شخص فار من الخدمة للتعذيب. ويدفع بأنه لم يُسرح من الخدمة الوطنية بل كل ما في الأمر أنه نقل. ويدفع صاحب الشكوى كذلك بأنه في إريتريا، لا تؤخذ الخدمة الوطنية وحدها في الحسبان، بل أيض اً الجيش الشعبي الذي يجند في صفوفه رجال ونساء تتراوح أعمارهم بين 18 و 70 عاما، أو حتى 75 عاما ً . ففي عام 2012 ، تلقى عناصر الجيش الشعبي، الذين يزعم أنهم يخضعون لقيادة الجيش النظامي، أسلحة وكان عليهم المشاركة في التدريب العسكري أسبوعيا ( ) . وهناك احتمال كبير أن يطلب من صاحب الشكوى الانضمام إلى الجيش الشعبي. وعلى أية حال، سيتعين على صاحب الشكوى أن يخدم، مرة أخرى، إما في الخدمة الوطنية أو في الجيش الشعبي، وبذلك، سيجبر على الخدمة بشكل أو بآخر.

5 - 4 وفيما يتعلق بوجود خطر شخصي وحقيقي من التعرض للتعذيب و/أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة، يؤكد صاحب الشكوى أن إريتريا لم تغير النهج الذي تتبعه إزاء المواطن الذي يغادر البلد بصورة غير قانونية، كما لمَّحت الدولة الطرف. فلجنة التحقيق على سبيل المثال، أشارت إلى الإريتريين العائدين إلى بلدهم من السودان الذين اعتقلوا واحتجزوا لدى وصولهم ( ) . واعتُقل مواطنون إريتريون أعيدوا قسر اً إلى بلدهم في السنوات الأخيرة وسجنوا على الفور ( ) . ولا يُعرف بعد ما جرى لهم منذ ذلك الحين. وذكرت المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في إريتريا في عام 2017 أن السلطات الإريترية تعتبر الشخص الذي يتعذر عليه الحصول على تأشيرة الخروج ويتمكن مع ذلك من مغادرة إريتريا بمثابة معارض سياسي مثله مثل الخائن. وتوقيع الشخص على رسالة ندم - وهو فعل تطلبه الدولة الإريترية من أجل "تسوية" علاقته بها "يمنح . .. السلطات تفويضاً مطلقاً بتوقيع عقوبات تعسفية" ( ) . ويؤكد صاحب الشكوى أن هذه الرواية يؤكدها القرار الذي اتخذته اللجنة بشأن قضية أ. ن. سويسرا، التي رأت فيها أن الإبعاد إلى إريتريا ينتهك المواد 3 و 14 و 16 من الاتفاقية ( ) . وفي هذه القضية، اعتُقل صاحب الشكوى الذي غادر إريتريا بصورة غير قانونية فور عودته إلى البلد ثم احتجز لمدة شهرين في أغوردات، وعذب وصدرت في حقه عقوبة بالسجن لمدة سبع سنوات. ويدعي صاحب الشكوى أيضا ً أن المجلة الرقمية المستقلة Republik أكدت في عام 2020 ، بالاشتراك مع مجموعة الأبحاث السويسرية Reflekt، أن العائدين الذين تلقوا دعوات من السلطات لدى وصولهم إلى إريتريا تعرضوا للتعذيب أو الاحتجاز أو الاختفاء أو فروا من البلد مرة أخرى بسبب اضطهاد السلطات لهم ( ) . ولذلك، يؤكد صاحب الشكوى من جديد وجود خطر جسيم ومحدد عليه من التعرض للاعتقال والسجن والتعذيب لأنه غادر البلد بصورة غير قانونية وسيعتبر بمثابة فار من الخدمة إذا اضطر إلى العودة إلى إريتريا.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6 - 1 قبل النظر في أي ادعاءات ترد في شكوى ما، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كانت الشكوى مقبولة أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تأكدت اللجنة، وفق ما تقتضيه الفقرة 5 ( أ ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة ذاتها لم تُبحث وليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6 - 2 وتذكر اللجنة بأنه لا يمكنها، وفقاً للفقرة 5 ( ب ) من المادة 22 من الاتفاقية، أن تنظر في أي بلاغ يرد من فرد ما إلا إذا تأكدت من أنه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتلاحظ أن الدولة الطرف، في هذه القضية، لم تطعن في أن صاحب الشكوى استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، ولا في مقبولية الشكوى.

6 - 3 وترى اللجنة أن صاحب الشكوى قد أثبت بما فيه الكفاية ادعاءه بأن عودته إلى إريتريا ستعرضه لخطر الاضطهاد والتعذيب، لأنه سيُعتبر فار اً من الخدمة العسكرية ومؤيد اً لعملية فورتو. وبما أن اللجنة لا ترى موانع أخرى تحول دون قبول الشكوى، فإنها تعتبرها مقبولة بموجب المادة 3 من الاتفاقية وتشرع في النظر في أسسها الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7 - 1 نظرت اللجنة في الشكوى في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان المعنيان، وذلك وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية.

7 - 2 وفي هذه القضية، يجب على اللجنة أن تقيم مدى وجود أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب الشكوى سيواجه شخصياً خطر التعرض للتعذيب لدى عودته إلى إريتريا. وعند تقييم هذا الخطر، يجب على اللجنة أن تأخذ في الحسبان جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملاً بالمادة 3 ( 2 ) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. بيد أن اللّجنة تذكّر بأن الهدف من تحديد هذا الأمر هو إثبات ما إذا كان الشخص المعني سيواجه شخصيّاً خطر اً متوقعاً وحقيقياً يتمثّل في التعرّض للتعذيب لدى عودته إلى ذلك البلد، ولا بد من تقديم أسباب إضافية للبرهنة على أن الشخص المعني سيكون هو نفسه معرضاً للخطر. وفي المقابل، لا يعني عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان أن الشخص المعني قد لا يواجه خطر التعرض للتعذيب في ظل الظروف المحددة الخاصة به ( ) .

7 - 3 وتذكر اللجنة بتعليقها العام رقم 4 ( 2017 ) ، الذي ينص على نشوء التزام بعدم الإعادة القسرية كلما كانت هناك "أسباب حقيقية" تدعو إلى الاعتقاد بأن الشخص المعني سيكون في خطر التعرض للتعذيب في دولة يواجه الترحيل إليها، سواء كفرد أو كعضو في مجموعة قد تكون في خطر التعرض للتعذيب في بلد المقصد. وتذكر اللجنة بأن "الأسباب الحقيقية" تعتبر موجودة كلما كان خطر التعذيب "متوقعاً وشخصياً وقائماً وحقيقياً" (الفقرة 1 1 ) . وتشمل المؤشرات على وجود خطر شخصي، على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي: (أ) الأصل الإثني والانتماء الديني؛ و(ب) التعرض للتعذيب سابقاً؛ و(ج) الاحتجاز مع منع الاتصال أو الخضوع لأي شكل آخر من أشكال الاحتجاز التعسفي وغير القانوني في البلد الأصلي؛ و(د) الانتماء السياسي أو الأنشطة السياسية لصاحب الشكوى(الفقرة 4 5 ) .

7 - 4 وتشير اللجنة أيضاً إلى أن عبء الإثبات يقع على صاحب الشكوى، الذي يجب عليه تقديم حجج مقنعة، أي أن يسوق حججاً مدعومة بأدلة تُثبت أن خطر تعرُّضه للتعذيب هو خطر متوقع وقائم وشخصي وحقيقي ( ) . ولكن عندما يكون صاحب الشكوى غير قادر على تقديم تفاصيل عن قضيته، مثلاً إذا أثبت استحالة حصوله على وثائق تتعلق بادعائه التعرض للتعذيب أو الحرمان من الحرية، فإن الطرف الذي يقع عيه عبء الإثبات يتغير ويصبح لزاما ً على الدولة الطرف المعنية أن تحقق في هذه الادعاءات وتتحقق من صحة المعلومات التي تستند إليها الشكوى ( ) . وتذكّر اللجنة كذلك بأنها تولي أهمية بالغة للاستنتاجات الوقائعية التي تتوصل إليها أجهزة الدولة الطرف المعنية. إلا أنها ليست ملزمة بتلك الاستنتاجات . ويعني ذلك أن اللجنة ستجري تقييماً حراً للمعلومات المتاحة لها وفقاً للفقرة ( 4) من المادة 22 من الاتفاقية ، مع مراعاة جميع الظروف ذات الصلة بكل قضية ( ) .

7 - 5 وتحيط اللجنة علما ً بادعاء صاحب الشكوى أنه يمكن أن يتعرض في إريتريا للاضطهاد أو التعذيب بسبب مغادرته البلد بصورة غير قانونية تهربا ً من أداء الخدمة العسكرية وبعد ما تعرض له من تعذيب نتيجة إطلاع زملائه في فريق كرة القدم على معلومات عن عملية فورتو. وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بتأكيد الدولة الطرف أن التقارير الأخيرة عن إريتريا تبين أن الحالة في البلد شهدت تطور اً فيما يخص الأشخاص العائدين الذين غادروا البلد بصورة غير قانونية، وأن الشخص العائد بات يتعين عليه أن يدفع فقط ضريبة الشتات لإحدى البعثات الدبلوماسية الإريترية، وأن من لم يكمل مدة الخدمة الوطنية يجب عليه أن يوقع على إقرار بالذنب. وتحيط اللجنة علما كذلك بحجة الدولة الطرف التي دفعت فيها بأنه لو خدم صاحب الشكوى في الجيش منذ عام 1994 وغادر إريتريا في نيسان/أبريل 2013 ، وهو في سن 35 عاما ً ، لكانت المدة التي قضاها في الخدمة العسكرية بعد الوفاء بالتزامه بأدائها هي 19 عاما ً . ولذلك فمن غير المرجح أن يسجن أو يجبر على الالتحاق بالخدمة الوطنية من جديد إذا عاد إلى إريتريا. وفي الوقت نفسه، تلاحظ اللجنة أن افتراض الدولة الطرف، الذي يفيد بأن صاحب الشكوى ربما كان سيُعفى من واجباته العسكرية، لم يُدعم بأي دليل مادي.

7 - 6 وتحيط اللجنة علما ً بالتقرير الصادر في عام 2021 عن المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في إريتريا. ويفيد التقرير بأن ملتمسي اللجوء الذين يعادون إلى إريتريا يواجهون عقوبة شديدة عند عودتهم وفقا ً للمعلومات، ويشمل ذلك العزل التام فترات طويلة، والتعذيب، وسوء المعاملة ( ) . وتلاحظ اللجنة أيضا ً أن المقررة الخاصة السابقة أعربت عن قلقها لأن عودة 56 فردا ً من سويسرا إلى إريتريا طوعا ً في عام 2019 " يمكن أن تعرض الأفراد للخطر بالنظر إلى أن ظروف عودتهم لا يمكن رصدها رصداً كافياً" ( ) . وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن المقررة الخاصة ذكرت في بيان أمام مجلس حقوق الإنسان في 4 آذار/مارس 2022 أن التطورات الأخيرة في إريتريا لا تزال تشهد على عدم إحراز تقدم في حالة حقوق الإنسان في البلد ( ) .

7 - 7 وبناء على ذلك، لا يسع اللجنة أن تستنتج أن صاحب الشكوى في هذه القضية لا يواجه خطرا ً متوقعا ً وحقيقيا ً وقائما ً وشخصيا ً يتمثل في التعرض للتعذيب إذا أعيد إلى إريتريا. وبناءً عليه، ترى اللجنة أن الإعادة القسرية لصاحب الشكوى إلى إريتريا سيشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.

8 - وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة، عملاً بالمادة 22 ( 7 ) من الاتفاقية، أن إعادة صاحبَ الشكوى إلى إريتريا ستشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.

9 - وترى اللجنة، وفقاً لأحكام المادة 3 من الاتفاقية، أن على الدولة الطرف التراجع عن إعادة صاحب الشكوى قسراً إلى إريتريا. وتدعو اللجنة الدولة الطرف، عملاً بأحكام الفقرة 5 من المادة 118 من نظامها الداخلي، إلى إبلاغها، في غضون 90 يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار إليها، بما اتخذته من إجراءات استجابةً للملاحظات الواردة أعلاه.