الأمم المتحدة

CAT/C/61/D/625/2014

Distr.: General

2017

Arabic

Original: English

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

21 September 2017

Arabic

Original: English

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 625/2014 ‬ * **

المقدم من: ج. إ. (يم ثله المحامي نيلز - إيريك هانسن )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: الدانمرك

تاريخ تقديم البلاغ: 14 آب/أغسطس 2014 (تاريخ ال رسالة الأولى)

تاريخ اعتماد هذا القرار: ‬ ١٠ آب/أغسطس ٢٠١٧‬‬‬‬‬

الموضوع: الإبعاد إلى باكستان

المسائل الإجرائية: مدى دعم الادعاءات بأدلة

المسائل الموضوعية: عدم الإعادة القسرية؛ وخطر التعرّ ض للتعذيب لدى الإعادة إلى البلد الأصلي

مواد الاتفاقية: ٣

١-١ صاحب الشكوى اسمه ج. إ.، وهو مواطن باكستاني مولود في 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 1980. وهو مسيحي بالميلاد. ويدعي أن من شأن ترحيل الدانمرك إياه إلى باكستان أن ينتهك المادة 3 من الاتفاقية. ‬ ويمثله محام. وأصدرت الدانمرك إعلاناً بموجب المادة 22 من الاتفاقية في 26 حزيران/يونيه 1987.

١-٢ وفي 26 آب/أغسطس 2014، أرسلت اللجنة، عن طريق مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، طلباً إلى الدولة الطرف، عملاً بالمادة 114 من نظامها الداخلي، بعدم طرد صاحب الشكوى ما دامت قضيته قيد النظر.

الوقائع ‬ كما عرضها صاحب البلاغ

٢-١ صاحب الشكوى مواطن باكستاني مولود في 1 تشرين الثاني/نوفمبر 1980. وهو مسيحي بالميلاد. وكان يعيش في بلدة إقبال بإسلام آباد . وأصبح عضو اً في منظمة دينية تسمى "يسوع أمل الحياة" في عام ٢٠٠٤. وتتمثل مهمته الأساسية في المنظمة في تعريف معتنقي الديانات الأخرى بالكتاب المقدس ( ) . وفي حزيران/يونيه ٢٠٠٨، كان بينه وبين أحد الملالي سجال عن الإسلام والمسيحية في مناسبة نُظمت في مركز دراسات المسيحية في إسلام آباد . وهدده الملاّ لفظي اً. وفي وقت لاحق، في ١٥ كانون الثاني/يناير ٢٠١٠، سرقت سيارته. وبعد ثلاثة أيام، تلقى رسالة تهدده بـ "عواقب وخيمة" إن واصل الدعوة إلى الكتاب المقدس ( ) .

٢-٢ وفي ١٠ آب/أغسطس ٢٠١١، هاجم ثلاثة رجال مجهولين صاحب الشكوى وضربوه وهو يقود سيارة الأجرة. ويشير إلى أن الرجال الثلاثة دخلوا سيارة الأجرة وطلبوا منه أن يتوقف في مكان يدعى باني غال ا . وهناك انهالوا عليه ضرب اً على الرأس بحجر وقطعوا معصمه. ويدعي أنهم قالوا له إن ذلك جزاء عدم توقفه عن الدعوة إلى "إلهه الكاذب". وأغمي عليه واستيقظ في المعهد الباكستاني للعلوم الطبية حيث مكث نحو ١٠ أيام ( ) .

٢- 3 ويوضح صاحب الشكوى أن أربعة عناصر من الشرطة هاجموه في تاريخ غير محدد عندما كان في سيارة الأجرة في موقف سيارات الأجرة. وعصبوا عينيه واقتادوه إلى مركز شرطة حيث ضربوه وعلقوه من رجليه إلى السقف وملأوا أنفه بالماء. واتهموه بتوزيع الكتاب المقدس على المسلمين وقالوا له إنه ينبغي أن يعتنق الإسلام. ثم اتهموه زُوراً بحيازة غير قانونية للكحول مدّعين أنه كان يخفي ٢٤ قنّينة كحول في سيارة الأجرة. ونتيجة لذلك، اتهم واحتجز. وبعد احتجازه مدة أسبوع تقريب اً، أفرج عنه بكفالة من رئيس منظمة "يسوع أمل الحياة". ويشير إلى أن ندوب اً تظهر على جبينه وذراعيه وساقيه نتيجة هذا الحادث ( ) .

٢-٤ ويذكر صاحب الشكوى أيض اً أنه تلقى رسالة في بيته في ٣ كانون الثاني/يناير ٢٠١٤ تهدد بقتله هو وأسرته. ونتيجة لذلك، نقل زوجته وأولاده من إسلام آباد إلى فيصل آباد حيث يسكن والدا زوجته وغادر باكستان. وأشار في المقابلة التي أجراها معه مجلس طعون اللاجئين الدانمركي إلى أن عدد اً من الأشخاص اتصلوا بأسرته بعد مغادرته باكستان يسألون عن مكان وجوده، وأن أسرته تنظر في الانتقال إلى مكان آخر من جراء ذلك. ويدعي أنه لم يلتمس الحماية من السلطات في باكستان لأنها لا تحمي المسيحيين. فعلى سبيل المثال، قُتل صبي مسيحي في عام ٢٠١٤ في مركز شرطة ولم تحرّك السلطات ساكناً.

٢-٥ وفي 12 شباط/فبراير 2014، دخل صاحب الشكوى الدانمرك دون وثائق سفر صالحة. وفي تاريخ غير محدد، قدم طلب اً للجوء. وفي ٢٣ أيار/مايو ٢٠١٤، رفضت دائرة الهجرة الدانمركية طلبه ومنحته تصريح إقامة. وفي ٤ آب/أغسطس ٢٠١٤، أكد مجلس طعون اللاجئين قرار دائرة الهجرة ورفض طلب اللجوء. فقد وجد المجلس أن تفسيرات صاحب الشكوى اختُلقت للمناسبة، وأن من غير المرجح أن يكون تعرض للاضطهاد بسبب دينه في باكستان، بالنظر إلى أن الحوادث المزعومة المرتبطة بهذا الاضطهاد كانت تقع "كل سنة أو سنة ونصف". وفضل اً عن ذلك، رأى المجلس أن صاحب الشكوى، وإن كان قد أدلى بأقوال متسقة عن أحداث يدعي أنها تشكل أسباب اً لطلبه اللجوء، فإنه قدم أجوبة شديدة الإبهام ومراوغة عندما سئل عن بعض التفاصيل. فعلى سبيل المثال، عندما سرقت سيارته، أبلغ صاحب الشكوى الشرطة بذلك لكنه لم يبلغها برسالة التهديد التي تلقاها. وعندما سئل عن السبب، أجاب بأن عناصر الشرطة مسلمون؛ لذا، فلن يوفروا له الحماية. ووجد المجلس أيض اً أن أقوال صاحب الشكوى بخصوص رسالة التهديد المؤرخة ١٥ كانون الثاني/يناير ٢٠١٠ لم تكن متسقة مع الرسالة التي قدمها خلال جلسة الاستماع أمام المجلس. ففي المقابلات التي أجرتها معه دائرة الهجرة، أشار صاحب الشكوى إلى أن الرسالة غير موقعة. أما الوثيقة التي قدمها إلى المجلس فكانت موقعة من جماعة دينية. وبالإضافة إلى ذلك، اعتبر المجلس غير معقولةٍ تفسيراتُ صاحب الشكوى عن سبب عدم تقديم الرسالة المذكورة، التي لم تعرض إلا بعد رفض طلب اللجوء، في مرحلة مبكرة من إجراءات اللجوء ( ) . ومع أن المجلس رأى أنه لا يمكن استبعاد كون الندوب التي على ساق صاحب الشكوى، حسبما يظهر في الصورة التي قدمها، تتسق مع ادعاءاته القائلة إن سببها الاعتداء الذي تعرض له في عام ٢٠١١ ( ) ، فإنه خلص إلى أن إصابات صاحب الشكوى، بالنظر إلى طبيعتها، قد تكون حدثت في سياق آخر. وفي ضوء الشكوك التي تحوم حول مصداقية صاحب الشكوى، رأى المجلس أنه حتى لو كانت الإصابات ناجمة عن الهجوم الذي وصفه صاحب الشكوى، فإنه لن يغير تقييمه، أي إن صاحب الشكوى لن يُضطهد إن أعيد إلى باكستان.

٢-٦ وفيما يتعلق بالحادث الذي وقع في مركز الشرطة، وجد المجلس أن من غير المرجح أن يكون الدافع إلى الاعتقال شيء آخر غير حيازة الكحول، الأمر الذي يتفق مع مضمون تقرير الشرطة الذي قدمه صاحب الشكوى إلى المجلس. ورأى المجلس إضافة إلى ذلك أن ادعاء صاحب الشكوى أنه تعرض للاعتداء عندما اعتقل في سياق هذه التهم لن يجعله يغير تقييمه، بالنظر إلى أنه أطلق سراحه لاحق اً ولم يُتصل به في إطار تلك التهم. وشدد المجلس على أن إصابات صاحب الشكوى ليست دائمة مقارنة بالفترة الزمنية الطويلة بين ذلك الحادث والإفراج عنه ومغادرته البلد. وأخير اً، فيما يتعلق بطلب صاحب الشكوى وقف الدعوى في انتظار نتيجة التحقيق الطبي في ادعاءاته المتصلة بالتعذيب، لم يجد المجلس أي سبب لفعل ذلك لأن نتائج هذا التحقيق لن تؤثر في قراره بشأن طلب اللجوء الذي قدمه.

٢-٧ ويذكر صاحب الشكوى أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، إذ إ ن قرارات المجلس لا يمكن الطعن فيها.

الشكوى ‬‬‬‬‬‬

٣-١ يدعي صاحب الشكوى أن من شأن إبعاد الدولة الطرف إياه إلى باكستان أن ينتهك التزاماتها بموجب المادة ٣ من الاتفاقية لأن من المحتمل أن يضطهده المسلمون ويعذبوه بسبب أنشطته ومعتقداته المسيحية، وهو السبب نفسه الذي ضويق لأجله وهدد واعتدي عليه فيما مضى. ويدعي إضافة إلى ذلك أن السلطات الباكستانية لن توفر له الحماية أو تحقق في أي ادعاءات تتعلق بالتعذيب قد يتفوه بها لأنه مسيحي.

٣-٢ ويدعي صاحب الشكوى أن الدولة الطرف منعت عنه الفحص الطبي رغم الندوب الظاهرة الناجمة عن التعذيب الذي تعرض له، وأن شكواه تتطابق مع شكوى أميني ضد الدانمرك ( ) و ك. ه. ضد الدانمرك ( ) حيث وجدت اللجنة انتهاك اً للاتفاقية لأن الدولة الطرف رفضت طلب الفحص الطبي الذي قدمه صاحبا الشكويين للبتّ فيما إذا كانا تعرضا للتعذيب أم لا. ويشير إلى أن عدم توفير الدولة الطرف الحماية لصاحب إحدى الشكويين - ك. ه. ضد الدانمرك - من الإعادة أدى إلى عواقب وخيمة لأنه تعرض للتعذيب بعد إبعاده إلى بلده الأصلي.

٣- 3 ويدعي صاحب الشكوى إضافة إلى ذلك أن الشرطة سوف تستجوبه وتعذبه عند وصوله إلى المطار، في حال إعادته إلى باكستان، بسبب الندوب الظاهرة على ساقيه وذراعيه وجبينه.

٣-٤ ويدعي صاحب الشكوى أيض اً وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان واستخدام التعذيب في باكستان، ويشير إلى "مبادئ مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التوجيهية المتعلقة بالأهلية لتقييم احتياجات توفير الحماية الدولية للأقليات الدينية من باكستان" التي تشمل المسيحيين من بين الفئات المحتمل أن تتعرض للخطر ( ) .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية ‬‬‬‬‬‬

٤-١ أدلت الدولة الطرف في ٢٦ شباط/فبراير ٢٠١٥ بملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وأكدت أن الشكوى لا أساس لها على الإطلاق، وهي من ثم غير مقبولة. فإن خلصت اللجنة إلى مقبولية ادعاءات صاحب الشكوى، فإن الدولة الطرف تدفع بأنه لا توجد أدلة أو أسباب وجيهة تحمل على الاعتقاد بأن يتعرض للتعذيب إن أعيد إلى باكستان.

٤-٢ ووصفت الدولة الطرف هيكلية المجلس وتركيبته. وقالت إن أنشطة المجلس تستند إلى المادة ٥٣(أ) من قانون الأجانب التي ينظر بموجبها في جميع قرارات دائرة الهجرة المطعون فيها، ما لم تُعتبر الطلبات لا أساس لها على الإطلاق. والمجلس هيئة شبه قضائية مستقلة ويُعتبر بمثابة محكمة بالمعنى المقصود في المادة 39 من الأمر التوجيهي لمجلس الاتحاد الأوروبي المتعلق بالمعايير الدنيا للإجراءات المتخذة في الدول الأعضاء لمنح صفة اللاجئ وسحبها (2005/85/EC) . ويتمتع أعضاء المجلس بالاستقلالية، بموجب قانون الأجانب، ولا يجوز لهم التماس التوجيهات من السلطة التي عينتهم أو رشحتهم. وقرارات المجلس نهائية. بيد أنه يجوز للأجانب تقديم طعن لدى المحاكم العادية التي تتمتع بسلطة القضاء في أي مسألة تتعلق بحدود اختصاص سلطة عامة. ويضاف إلى ذلك أن المحكمة العليا قضت بأن مراجعة المحاكم العادية قرارات المجلس تنحصر في مسائل قانونية؛ ولا تجوز مراجعة تقييم المجلس للأدلة.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

٤-٣ ووصفت الدولة الطرف إجراءات الدعاوى المرفوعة أمام المجلس. وهذه الإجراءات شفهية. ‬ ويجوز للمجلس، عند الاقتضاء، أن يعيِّن مستشاراً قانونياً لملتمس اللجوء دون أن يدفع له أتعاباً. ‬ وتستند قرارات المجلس إلى تقييم فردي ومحدد للقضية المعروضة عليه، وتُقيَّم أقوال ملتمس اللجوء عن الأسس التي يقوم عليها طلب اللجوء في ضوء جميع الأدلة المتصلة بالموضوع، بما في ذلك المعلومات المعروفة عن بلده الأصلي. وتؤكد الدولة الطرف في هذا الصدد أن لدى المجلس مجموعة شاملة من المعلومات الأساسية العامة عن أوضاع البلدان التي تستقبل منها الدانمرك ملتمسي اللجوء، بما في ذلك معلومات مستمدة من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ووزارة الخارجية الدانمركية، وشعبة المعلومات عن البلدان الأصلية التابعة لدائرة الهجرة الدانمركية، والمجلس الدانمركي للاجئين، وغير ذلك من مصادر المعلومات الموثوق بها الأخرى. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

٤-٤ وعن السند القانوني الذي يُمنح اللجوء بمقتضاه، تشير الدولة الطرف إلى أن المادة 7(1) من قانون الأجانب تنصّ على إصدار تصريح إقامة للأجنبي إن كان وضعه يندرج ضمن تعريف اللاجئ بموجب الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين. ‬ وعملاً بالمادة 7(2) من القانون المذكور، يُمنح تصريح الإقامة إذا كان ملتمس اللجوء معرّضاً لعقوبة الإعدام أو التعذيب أو المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة في حال عودته إلى بلده الأصلي. ‬ وإضافة إلى ذلك، تنصّ المادة 31(2) من قانون الأجانب أيض اً على عدم جواز إعادة أي أجنبي إلى بلدٍ يحتمل أن يتعرّض فيه للاضطهاد للأسباب المنصوص عليها في الاتفاقية. ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

٤-٥ وتشير الدولة الطرف إلى أن تعرّض ملتمس اللجوء للتعذيب أو سوء المعاملة في بلده الأصلي قد يكون أساسياً في تقييم المجلس لمدى استيفاء الشروط التي تنص عليها المادة 7(1) من قانون الأجانب. غير أنه لا يمكن، وفقاً لسوابق المجلس، اعتبار أن شروط منح اللجوء قد استوفيت في جميع الحالات التي يكون فيها ملتمس اللجوء قد تعرض للتعذيب في بلده الأصلي. وتشير الدولة الطرف إلى قضية أ. أ. س. ضد السويد، التي رأت فيها اللجنة أن التعرض للتعذيب سابق اً ليس سوى اعتبار واحد في البتّ فيما إذا كان الشخص يواجه خطر اً شخصي اً بالتعرض للتعذيب عند عودته إلى بلده الأصلي، وأنه يتعين عليها النظر فيما إذا كان التعذيب حدث مؤخر اً أم لا، وفي الظروف التي تكون متصلة بالواقع السياسي السائد في البلد المعني ( ) .

٤-٦ وتشير الدولة الطرف إلى أنه عندما يُحتج بالتعذيب سبباً لطلب اللجوء، يأخذ المجلس في الحسبان عوامل من قبيل طبيعة التعذيب، بما في ذلك مدى الانتهاك وجسامته ووتيرته وعمر ملتمس اللجوء والمدة الفاصلة بين التعذيب المزعوم ومغادرة ملتمس اللجوء بلده الأصلي. وتشير الدولة الطرف أيض اً إلى أن ثمة مسألة حاسمة تدفع إلى مراجعة طلب اللجوء، وهي الأوضاع السائدة في البلد الأصلي عند عودة ملتمس اللجوء المحتملة إليه، وتحيل إلى قضية م. س. م. ف. ف. ضد السويد حيث أخذت اللجنة في الاعتبار تغيّر الأوضاع في البلد الأصلي لصاحب الشكوى – السلفادور - حيث توقف النزاع المسلح قبل ١٠ سنوات من رفع الشكوى إلى اللجنة ( ) . وتشير الدولة الطرف، إضافة إلى ذلك، إلى أن المجلس يأخذ في الحسبان المعلومات التي تتحدث عما إذا كانت وقعت انتهاكات لحقوق الإنسان ممنهجة، أو جسيمة، أو صارخة، أو جماعية في البلد الأصلي.

٤-٧ وعن ادعاء صاحب الشكوى المتعلق برفض الدولة الطرف إجراء فحص طبي من أجل البحث عن أمارات التعذيب على جسده، تشير الدولة الطرف إلى أنه عندما يُحتج بالتعذيب سبب اً لطلب اللجوء، يجوز للمجلس أن يأمر بإجراء هذا الفحص، لكن هذا القرار لا يتخذ إلا أثناء جلسة المجلس لأن تقييم الحاجة إلى فحص طبي يتوقف على أقوال ملتمس اللجوء، ولا سيما مصداقيته. ولذلك، فإن المجلس لا يأمر عموم اً بفحص للكشف عن أمارات التعذيب عندما يفتقر ملتمس اللجوء إلى المصداقية أثناء إجراءات اللجوء. وإضافة إلى ذلك، يرى المجلس أنه حتى لو ثبت أن ملتمس اللجوء قد تعرض للتعذيب في السابق، فإنه لا يأمر بإجراء فحص طبي إن رأى أنه لا يوجد خطر حقيقي بالتعرض للتعذيب عند العودة في الوقت الراهن،. وتحيل الدولة الطرف إلى قضية م. أُ. ضد الدانمرك ( ) حيث رأت اللجنة أنه لم يكن هناك انتهاك للاتفاقية بسبب عدم مصداقية صاحب الشكوى رغم قوله إنه تعرض للتعذيب والأدلة الطبية التي قدمها لإثبات هذا الادعاء ( ) . وتحيل الدولة الطرف أيض اً إلى حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية كروز فاراس وآخرون ضد السويد ( ) ، التي قضت فيها المحكمة بأنه على الرغم من الأدلة الطبية التي قدمها صاحب الطلب، فإنه لم يبين أسباب اً وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأن طرده يعرضه لخطر حقيقي بأن يعامل معاملة لاإنسانية أو مهينة لدى عودته إلى بلده الأصلي بسبب تضارب أقواله أثناء إجراءات اللجوء. وعلى هذا، ترى الدولة الطرف أنه لم يكن ثمة حاجة، كما قرر المجلس، إلى فحص طبي في القضية محل النظر، استناد اً إلى عدم مصداقية صاحب الشكوى ( ) . وتضيف أن التقرير الطبي الذي قدمه صاحب الشكوى والمؤرخ ٢٠ آب/أغسطس ٢٠١١ لا يثبت ادعاءه أنه ضحية للتعذيب.

٤-٨ أضف إلى ذلك أن الدولة الطرف تؤكد أن المجلس وضع في الاعتبار جميع المعلومات المتصلة بالموضوع في قراره المؤرخ ٤ آب/أغسطس ٢٠١٤ وأن صاحب الشكوى لم يقدم أي معلومات جديدة إلى اللجنة. وتحيل الدولة الطرف إلى الحكم الذي قضت به المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية ر. س. ضد السويد حيث رأت أن "السلطات الوطنية هي، مبدئي اً، الأقدر على تقييم ليس الوقائع فحسب، بل مصداقية الشهود بوجه خاص أيض اً، لأنهم هم الذين سنحت لهم الفرصة رؤية سلوك الفرد المعني وسماعه وتقييمه" ‬ ( ) . وتشير الدولة الطرف إلى أن المجلس، بعد إجرائه تقييم اً وافي اً لمصداقية صاحب الشكوى وظروفه الخاصة، وجد أنه لم يثبت أنه قد يتعرض للتعذيب إذا أعيد إلى باكستان. فعلى سبيل المثال، استناد اً إلى الوقت الذي مرّ بين الحوادث التي ذكرها صاحب الشكوى بوصفها أسباب اً لطلب اللجوء، وجد المجلس أنه لم يوفق في إثبات أنه اضطُهد لأسباب دينية، سواء على يد الموظفين العموميين أو غيرهم. وتذكّر الدولة الطرف بأنه نظر اً إلى أن أقوال صاحب الشكوى كانت متضاربة ومتناقضة أثناء إجراءات اللجوء، فإن المجلس لم يقبلها على أنها وقائع ( ) . وتذكّر الدولة الطرف أيض اً بأن المجلس استنتج أنه على الرغم من أن صاحب الشكوى قد يكون اعتُقل بالفعل في عام ٢٠١٢، فإنه لم يثبت أن سبب الاعتقال كان شيئ اً آخر غير الحيازة غير المشروعة للكحول. ورأى، إضافة إلى ذلك، أن ادعاءه أنه اعتُدي عليه أثناء الاستجواب لا يمكن أن يبرر بمفرده اللجوء، فقد أُفرج عنه لاحق اً ولم يُتصل به بعدئذ في إطار هذه القضية. وتذكّر الدولة الطرف أيض اً بأن المجلس شدد على طبيعة الاعتداء الذي لم يسفر عن إصابات دائمة ، وكذلك الوقت الطويل الذي انقضى بين إطلاق سراحه ومغادرته باكستان.

٤-٩ وترى الدولة الطرف أن صاحب الشكوى يحاول استخدام اللجنة هيئةَ استئناف وأن شكواه لا تعبر سوى عن عدم موافقته على تقييم مصداقيته الذي أجراه المجلس. وتشير أيض اً إلى أن صاحب الشكوى لم يكشف عن حدوث أي مخالفة في عملية اتخاذ القرار أو عن وجود أي عامل خطر لم يأخذه المجلس في الحسبان كما ينبغي. وتحيل الدولة الطرف إلى سوابق اللجنة التي جاء فيها أن مسؤولية النظر في الأدلة في قضية بعينها تقع على عاتق الدول الأطراف إلا إن أمكن إثبات أن الطريقة التي قُيمت بها الأدلة كانت واضحة التعسف أو تبلغ حد إنكار العدالة ( ) .

٤-١٠ وتدفع الدولة الطرف بأنه لم يقم الدليل بأي شكل من الأشكال على ادعاء صاحب الشكوى أن الشرطة سوف تنظر إليه على أنه شخص مثار اهتمام لدى وصوله إلى باكستان بسبب ندوبه.

٤-١١ وفيما يتعلق بإحالة صاحب الشكوى إلى قضية أميني ضد الدانمرك ( ) ، تشير الدولة الطرف إلى أنها تختلف عن القضية موضع النظر، لأن صاحب الشكوى في تلك القضية قدم أدلة موضوعية تثبت أنه تعرض للتعذيب في بلده الأصلي قُبيل وصوله إلى الدانمرك. كما أثبت أنه سوف يتعرض للتعذيب في حال إعادته. وعن ادعاء صاحب الشكوى أن قضيته تشبه قضية ك. ﻫ. ضد الدانمرك ( ) ، تشير الدولة الطرف إلى أن المجلس اعتبر حقيقيةً في تلك القضية ادعاءات صاحب الشكوى أنه سوف يتعرض للتعذيب على يد طالبان إن أعيد إلى أفغانستان.

٤- 12 وفيما يتعلق بالوضع العام للمسيحيين في باكستان، تشير الدولة الطرف إلى أنه ليس من الخطورة بحيث يحتمل أن يتعرض صاحب الشكوى، الذي وُلد مسيحي اً، للاضطهاد بسبب دينه، علم اً بأنه شخص مغمور جد اً. وتحيل الدولة الطرف إلى تقرير أصدرته وزارة داخلية المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وآيرلندا الشمالية ( ) يفيد بأن عدد المسيحيين في باكستان يقدر بنحو ثلاثة إلى أربعة ملايين شخص؛ وهم، رغم تعرضهم للتمييز والاعتداء، ليسوا ضحايا جزاءات قانونية رسمية بسبب دينهم ( ) . وتشير الدولة الطرف إلى أن الأحكام القانونية المتعلقة بالتجديف لا تؤدي تلقائي اً إلى تهم جنائية وإلى السجن ( ) . وتحيل الدولة الطرف إلى تقرير آخر من وزارة الداخلية يشير إلى أن المسيحيين، رغم التمييز، يستطيعون ممارسة دينهم في باكستان. فيمكنهم الذهاب إلى الكنيسة والمشاركة في الأنشطة الدينية ولديهم مدارسهم ومستشفياتهم الخاصة بهم ( ) . زد على ذلك أن الحكومة تريد توفير الحماية للمسيحيين ضحايا اعتداءات جهات فاعلة غير حكومية، علم اً بأن الانتقال إلى مكان آخر خيار عملي ( ) .

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف

٥-١ في ١٠ حزيران/يوني ه ٢٠١٦، قدم صاحب الشكوى تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف. فهو يرى أن الدولة الطرف لم تثبت أن بلاغه لا أساس له على الإطلاق، وأنه ينبغي اعتباره مقبول اً من ثم. ويؤكد أن هذه الحجة ترتبط ارتباط اً وثيق اً بالأسس الموضوعية للبلاغ، ولذلك ينبغي اعتباره مقبول اً. وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، يؤكد صاحب الشكوى أنه أثبت أن الدولة الطرف انتهكت المادة ٣ من الاتفاقية، خاصة بسبب رفض سلطات الدولة الطرف طلبه الخضوع لفحص طبي لتحديد ما إذا كان تعرض للتعذيب قبل وصوله إلى الدانمرك.

٥-٢ ويكرر صاحب الشكوى أن شكواه مطابقة لشكوى ك. ه. ضد الدانمرك ( ) حيث مُنع صاحب الشكوى فحص اً طبي اً. وقضى قرار اللجنة بقبوله مجدد اً في الدانمرك - بعد أن رُحل - ومُنح صفة اللاجئ. ويكرر أيض اً أن قضيته تشبه كثير اً قضية أميني ضد الدانمرك ( ) . ويحيل إلى قرار اللجنة في قضية ب. ك. ضد الدانمرك ( ) حيث رأت اللجنة أن الدولة الطرف، برفضها طلب اللجوء الذي قدمه صاحب الشكوى دون أن تأمر بفحص طبي، لم تحقق بما يكفي فيما إذا كانت هناك أسباب وجيهة تحمل على الاعتقاد بأن صاحب الشكوى قد يتعرض للتعذيب إن أعيد إلى بلده الأصلي.

٥-٣ وعن إحالة الدولة الطرف إلى حكم المحكمة الأوروبية في قضية ر. س. ضد السويد ، يشير صاحب الشكوى إلى أن المحكمة اختلفت في تلك القضية مع استنتاج الدولة الطرف، إذ إنها وجدت رواية مقدم الطلب متسقة طوال الإجراءات، وأن الجوانب الغامضة فيها لم تقوض مصداقيتها ( ) . وأعلنت المحكمة أن من شأن إبعاد مقدم الطلب إلى بلده الأصلي أن ينتهك المادة ٣ من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. ويؤكد صاحب الشكوى أن المحكمة توصلت إلى هذا الانتهاك لأنه كان يتعين على السلطات السويدية أن تأمر بفحص طبي لتحديد السبب المحتمل لندوب مقدم الطلب، مع الأخذ في الاعتبار أنه قدم دعوى ظاهرة الوجاهة بشأن أسبابها ( ) .

٥-٤ ويدعي صاحب الشكوى أن الدولة الطرف انتهكت المادة ٣ من الاتفاقية بحرمانه من إمكانية إجراء فحص طبي كان سيؤكد أنه تعرض للتعذيب، استناد اً إلى مصداقيته فقط. ويجادل بأن قضيته دُعمت بما يكفي من الأدلة لأول وهلة، لا سيما بسبب الشهادة الطبية التي قدمها معهد باكستان للعلوم الطبية، ورسالة منظمة "يسوع أمل الحياة" التي تؤكد أنه اضطُهد بسبب أنشطته المرتبطة بالمنظمة ( ) . ويؤكد هذا الأمرَ أن دائرة الهجرة، عندما قدم طلب اللجوء، لم تطلب إليه حتى ملء استمارة الموافقة على إجراء فحص طبي.

٥-٥ ويشير صاحب الشكوى إلى أنه كان ينبغي أن يستفيد من معيار إثبات مختلف عن اللاجئين الذين لم يتعرضوا للتعذيب، خاصة مع الأخذ في الحسبان، كما قال لسلطات الدولة الطرف، أنه لم يتمكن من تذكّر العديد من الأحداث بوضوح بسبب الإصابات في رأسه الناجمة عن التعذيب. وعليه، فإن المجلس، بحرمانه من فحص طبي، لم يحترم مبدأ "تفسير الشك لصالح المدّعى عليه" وطبق معيار إثبات خاطئ اً. ويدفع صاحب الشكوى بأنه لا يمكن الحصول على شهادة طبية تفيد بأن شخص اً ما قد تعرض للتعذيب بسبب أنشطته. وكان من الضروري في قضيته تطبيق مبدأ "تفسير الشك لصالح المدّعى عليه" وإمكانية إجراء فحص طبي للتأكد من وقوع التعذيب ( ) . ويشير إلى أن سلطات الدولة الطرف لم ترخّص في هذا النوع من الفحص الطبي إلا في حالتين فقط خلال عام ٢٠١٥ ( ) . ويدعي أن مما يثير الريبة، بالنظر إلى أن عدد طلبات اللجوء كان مرتفع اً جد اً في عام ٢٠١٥، أن السلطات لم تر من اللازم إجراء فحوص طبية إلا في هذا العدد المحدود من القضايا ( ) .

٥-٦ ويشير صاحب الشكوى إلى أن قضايا كهذه مستثناة من المساعدة القانونية حسب مشروع قانون جديد معروض على البرلمان يعدّل القانون المتعلق بالمساعدة القانونية والقانون المتعلق بإقامة العدل بخصوص رفع الشكاوى إلى هيئات الشكاوى الدولية المنشأة بمقتضى اتفاقيات حقوق الإنسان ومتابعتها. وينص هذا المشروع على أنه متى قرر المجلس عدم الترخيص بإجراء فحص طبي، تعذر الاحتجاج بذلك لتقديم شكوى إلى اللجنة.

معلومات إضافية من الدولة الطرف

٦-١ في 29 آذار/مارس 2017، كررت الدولة الطرف قولها إن الشكوى غير مقبولة وإنها لا تكشف عن أي انتهاك للاتفاقية. وتشير إلى أن صاحب الشكوى لم يقدم في تعليقاته أي معلومات جديدة عن أسباب طلبه اللجوء، خاصة فيما يتعلق بنزاعاته في بلده الأصلي. وأحالت إلى قضية ر. ك. ضد أستراليا ( ) حيث أشارت اللجنة إلى أنه يجب تقييم خطر التعرض للتعذيب على أسس تتجاوز مجرد الافتراض أو الشك، وأنه إذا كان لا يُشترَط أن يكون التعرض للخطر مرجَّحاً للغاية، فإن عبء الإثبات يقع عموماً على عاتق صاحب الشكوى الذي يجب عليه أن يقدم حجة مقنعة بأنه يواجه خطراً متوقعاً وحقيقياً وشخصي اً، وأنه ينبغي إيلاء كثير من الاعتبار للنتائج التي تخلص إليها أجهزة الدولة الطرف المعنية. وتجادل الدولة الطرف بأن صاحب الشكوى لم يثبت أن التقييم الذي أجراه المجلس كان تعسفيا أو بلغ حد الخطأ البيّن أو الحرمان من العدالة، وتكرر أن صاحب الشكوى لم يوفق في تحديد أي مخالفة ارتكتبها السلطات أثناء إجراءات اللجوء المتعلقة به ( ) .

٦-٢ وتحيل الدولة الطرف إلى قضية س. أ. ب. ضد سويسرا ( ) ، التي رأت فيها اللجنة أنه رغم ادعاء أصحاب الشكوى أنهم تعرضوا لإصابات خطيرة ولاضطراب الكرب التالي للرضح نتيجة الاضطهاد في بلدهم الأصلي، فإنهم لم يقدموا أدلة كافية تمكّنها من استنتاج أن تلك الإصابات نجمت عن الاضطهاد المزعوم على يد سلطات بلدهم ( ) .

٦-٣ وتلاحظ الدولة الطرف أنه لا حاجة إلى الترخيص في إجراء فحص طبي لأمارات التعذيب حتى في الحالات التي تشير فيها الفحوص الطبية، ومن بينها تلك التي يجريها الفريق الطبي الدانمركي التابع لمنظمة العفو الدولية، إلى أن إصابات ملتمس اللجوء تتسق مع أقواله المتعلقة بالتعذيب إنْ لم يأخذ المجلس بروايته، لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار انخراطه في العمل السياسي واقعة من الوقائع أو أن السلطات اكتشفت هذا الانخراط. وفي هذه الحالات، لن يقدم فحص طبي تجريه إدارة الطب الشرعي مزيد اً من التوضيحات بشأن المسألة، لأن هذا الفحص سيكتفي ببيان الضرر الذي قد يكون حاق بملتمس اللجوء بالطريقة التي وصفه بها، علم اً بأنه قد يكون لحق به بطرق عديدة أخرى. وبناء عليه، لا حاجة إلى تأجيل قرار بشأن قضية ما ريثما يُجرى فحص طبي لن يوضح بأي حال لماذا تعرض ملتمس اللجوء لإصابات يدعي أنها نتيجة للتعذيب. وتحيل الدولة الطرف إلى قضية ز. ضد الدانمرك ( ) التي رأت فيها اللجنة أنه رغم رفض الدولة الطرف طلب صاحب الشكوى إجراء فحص طبي، فإنه لم يوفق في إثبات عناصر أساسية لادعاءاته؛ لذلك رأت أنه لم يَثبت أن السلطات لم تُجر تقييم اً سليم اً لخطر التعرض للتعذيب ( ) .

٦-٤ وتحيل الدولة الطرف أيض اً إلى قضية م. ب. وآخرون ضد الدانمرك ، حيث رأت اللجنة أنه، بالنظر إلى أن صاحب الشكوى قد طلب على وجه التحديد من المجلس أن يأمر بإجراء فحص طبي للكشف عن أمارات التعذيب لإثبات مصداقيته، كان يمكن إجراء تقييم نزيه ومستقل يُبيِّن إن كان سبب تناقضات أقواله يرجع إلى التعذيب الذي تعرض له ( ) . وتشير الدولة الطرف إلى أنها لا توافق على هذا القرار، إذ إنها غير ملزمة البتّة بإجراء فحص طبي في كل مرة يطلبه فيها ملتمس لجوء، بما في ذلك الحالات التي يكون صاحب الشكوى قدم فيها معلومات طبية تشير إلى أنه تعرض للتعذيب. وتضيف الدولة الطرف أن القرار المتعلق بما إذا كان ينبغي الأمر بإجراء فحص طبي يستند إلى تقييم فردي لكل حالة على حدة.

٦-٥ وعن حجة صاحب الشكوى أنه كان ينبغي أن يستفيد من معيار إثبات مختلف بسبب تعرضه للتعذيب في الماضي، تشير الدولة الطرف إلى أنه متى أدلى ملتمس اللجوء بأقوال متضاربة، فإن المجلس يأخذ في الحسبان تفسيره أسباب ذلك التضارب في تقييمه لمصداقيته. وفي حالة الأشخاص الذين تعرضوا للتعذيب، يضع المجلس، عملي اً، معيار إثبات أكثر تساهلاً. لكنْ، في القضية موضع النظر، لم يعتبر المجلس قول صاحب الشكوى إنه تعرض للتعذيب في باكستان واقعةً من الوقائع بسبب تعارض عناصر أساسية من أسباب طلبه اللجوء.

٦-٦ وفيما يتعلق بادعاءات صاحب الشكوى بشأن مشروع القانون الجديد (رقم ٩٧) الذي عُرض على البرلمان والذي يعدل قانون المساعدة القانونية وقانون إقامة العدل بخصوص رفع الشكاوى إلى هيئات الشكاوى الدولية المنشأة في إطار اتفاقيات حقوق الإنسان ومتابعتها ( ) ، تلاحظ الدولة الطرف أن مشروع القانون لا يؤثر إطلاق اً في قضية صاحب الشكوى، إذ إنه لا يحكم سوى الأهلية للمساعدة القانونية المجانية لرفع الشكاوى إلى الهيئات الدولية، وتكرر أن قرار إجراء فحص طبي للتحقق من أمارات التعذيب يرتبط بمصداقية ملتمس اللجوء ارتباط اً وثيقا ً .

٦- 7 وعن ادعاء صاحب الشكوى أن دائرة الهجرة لم تطلب إليه حتى ملء استمارة موافقة على إجراء فحص طبي، تلاحظ الدولة الطرف أن المجلس هيئة شبه قضائية مستقلة تقيّم الأدلة تقييم اً محايد اً. لذا، لو رأت من المناسب إجراء فحص طبي لالتمست موافقة صاحب الشكوى أثناء مثوله أمامها. وفيما يتعلق بادعائه أن المجلس لم يأمر بإجراء فحص طبي بحثاً عن أمارات التعذيب في عام ٢٠١٥ سوى مرتين، تشير الدولة الطرف إلى أن طلب إجراء ذلك الفحص في حالات قليلة فقط أمر طبيعي، آخذة في الحسبان أن المجلس منح اللجوء في ٨١ في المائة من الحالات، في عام ٢٠١٥ دون حاجة إلى الأمر بإجراء فحص طبي في الحالات التي مُنحت فيها صفة اللاجئ.

٦-٨ وعن أوضاع المسيحيين في باكستان، تكرر الدولة الطرف أنها ليست من الخطورة بحيث يُعتبر صاحب الشكوى معرض اً للتعذيب بسبب دينه إن أعيد إلى هذا البلد. وتحيل إلى المعلومات الأساسية المتاحة للعموم ( ) التي تفيد بأن بعض المسيحيين يتعرضون للتمييز والاعتداء في باكستان، وأن هناك تقارير عن عدم تحقيق الشرطة عموم اً مع مرتكبي التجاوزات التي تتعرض لها الأقليات الدينية أو القبض عليهم أو ملاحقتهم ( ) . بيد أنه توجد أدلة أيض اً على التدابير التي اتخذتها السلطات لحمايتهم من العنف ( ) . وتكرر الدولة الطرف أنه يمكن للمسيحيين ممارسة شعائرهم الدينية في باكستان، وتضيف أنه على الرغم من أنهم يواجهون التمييز المتنامي ويُستهدفون بسبب دينهم، فإن الأدلة تبين أنهم ليسوا معرضين، عموم اً، لخطر حقيقي بالاضطهاد أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة ( ) . وتحيل إلى قرار اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بشأن شكوى رفعتها مسيحية من باكستان تدعي الاضطهاد بسبب دينها. وكانت اللجنة أخذت في الحسبان التعديلات التي أدخلت مؤخر اً على قوانين التجديف، والفحص الشامل والدقيق للأدلة الذي أجرته الدولة الطرف والذي جاء فيه أن صاحبة البلاغ لم تكن في نزاع مع السلطات في باكستان، ورأت أن من شأن ترحيلها إلى باكستان ألا ينتهك المادة ٧ من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ( ) .

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية‬‬‬‬‬

٧-١ قبل النظر في أي شكوى مقدَّمة في بلاغ ما، يجب على لجنة مناهضة التعذيب أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد استيقنت اللجنة، حسبما تقتضيه الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تبحث وليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٧-٢ وتذكِّر اللجنة بأنها لا تنظر، عملاً بالفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية، في أي شكوى يقدمها أي فرد ما لم تستيقن من أن الفرد قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتلاحظ اللجنة، في هذه القضية، أن الدولة الطرف لم تعترض على أن صاحب الشكوى قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة ( ) . وعليه، فإن اللجنة ترى أن الشروط المنصوص عليها في الفقرة 5(ب) م ن المادة 22 من الاتفاقية قد اس توفيت. ‬‬‬‬‬‬

٧-٣ وتتمسك الدولة الطرف بالقول إنه ينبغي اعتبار الشكوى غير مقبولة عملاً بالمادة 113(ب) من نظام اللجنة الداخلي إذ إنه لا أساس لها على الإطلاق. بيد أن اللجنة تلاحظ أن صاحب الشكوى عرض بالتفصيل الوقائع والأساس الذي استندت إليه ادعاءاته انتهاكَ الاتفاقية، ومن ثم تعتبر أن الشكوى قد دُعمت بقدر كافٍ من الحجج لأغراض المقبولية. وإذ لا ترى اللجنة أي حائل آخر يحول دون قبول البلاغ المقدم بمقتضى المادة 3 من الاتفاقية، فإنها تعلن مقبوليته وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية‬‬‬‬‬

٨-١ نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية. ‬

٨-٢ وتتلخص المسألة المطروحة على نظر اللجنة فيما إذا كان ترحيل صاحب الشكوى إلى باكستان سيشكل انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف بموجب المادة 3 من الاتفاقية بعدم طرد أو إعادة ("ردّ") شخص إلى دولة أخرى عندما تكون هناك أسباب وجيهة تحمل على الاعتقاد أنه معرض للتعذيب.

٨-٣ ويجب على اللجنة أن تقيّم ما إذا كانت هناك أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب الشكوى سيواجه شخصياً خطر التعذيب عند عودته إلى باكستان. ويجب عليها، عند تقدير هذا الخطر، مراعاة جميع الاعتبارات ذات الصلة، وفقاً للمادة 3(2) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. بيد أن اللجنة تذكّر بأن الهدف من التقييم يكمن في إثبات ما إذا كان الفرد المعني سيواجه شخصياً خطراً متوقعاً وحقيقياً بالتعرض للتعذيب في البلد الذي يعاد إليه. ‬ ويستتبع ذلك أن وجود نمط من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد من البلدان لا يشكل في حد ذاته سبب اً كافي اً لاستنتاج أن شخص اً معين اً سيواجه خطر التعرض للتعذيب عقب عودته إلى ذلك البلد؛ فلا بد من إيراد أسباب إضافية تبين أن الفرد المعني سيواجه شخصياً هذا الخطر. وفي المقابل، لا يعني انعدام نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أن الشخص المعني قد لا يواجه خطر التعرض للتعذيب في حالته الخاصة به ( ) .‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

٨-٤ وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 1(1997) بشأن تنفيذ المادة 3 من الاتفاقية، ومفاده أنه يجب تقييم خطر التعرض للتعذيب على أسس تتجاوز مجرد الافتراض أو الشك. ولئن كان من غير الضروري إثبات أن وقوع هذا الخطر مرجح كثير اً (الفقرة 6)، فإن اللجنة تشير إلى أن عبء الإثبات يقع عموماً على عاتق صاحب الشكوى الذي يتعين عليه أن يعرض قضية وجيهة يبين فيها أنه يواجه خطراً متوقعاً وحقيقياً وشخصياً ( ) . وتذكّر اللجنة أيض اً بأنها تولي أهمية كبرى لما تخلص إليه أجهزة الدولة الطرف المعنية من استنتاجات تتعلق بالوقائع ( ) ، دون أن تكون في الوقت نفسه ملزمة بقبول تلك الاستنتاجات، غير أنها مخولة صلاحية تقييم الوقائع بحرية استناداً إلى كامل ملابسات كل قضية بمقتضى الفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية. ‬‬‬‬‬‬

٨-٥ وفي إطار تقييم خطر التعرض للتعذيب في هذه القضية، تحيط اللجنة علم اً بادعاء صاحب الشكوى أن ثمة خطر اً متوقع اً وحقيقي اً وشخصي اً بأن يتعرض للاضطهاد والتعذيب في حال إعادته إلى باكستان على يد المسلمين أو السلطات أو الشرطة بسبب معتقداته وأنشطته المسيحية، مع الأخذ في الحسبان أنه سبق أن تعرض للمضايقة والتهديد والاعتداء لتلك الأسباب. وتحيط اللجنة علم اً في هذا الصدد بادعاءات صاحب الشكوى أنه تلقى رسالتي تهديد وتعرض للاعتداء والضرب في مناسبتين على الأقل في سياق أنشطته الدينية. فأما في المرة الأولى فكان ذلك على يد ثلاثة رجال مجهولين بينما كان يسوق سيارة الأجرة في آب/أغسطس ٢٠١١. وأما في المرة الثانية، ففي تاريخ غير محدد على يد أربعة من عناصر الشرطة اقتادوه إلى مركز شرطة حيث ضربوه وعلقوه من رجليه من السقف وملأوا أنفه بالماء؛ وأعقب ذلك اتهامه زوراً بحيازة غير قانونية لكحول. وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بملاحظة الدولة الطرف أن السلطات المحلية خلصت إلى أن صاحب الشكوى يفتقر إلى المصداقية لجملة من الأمور، منها أنه عندما سُرقت سيارته لم يبلغ الشرطة إلا بالسرقة دون رسالة التهديد التي تلقاها. وحاجت الدولة الطرف أيض اً بأن صاحب البلاغ قدم بيانات متضاربة عن رسالة التهديد المؤرخة ١٥ كانون الثاني/يناير ٢٠١٠، لأنه قال في البداية إن كاتبها مجهول، لكنه قدم لاحق اً إلى المجلس رسالة موقعة من جماعة دينية، وتناقضت أقواله بشأن الكيفية التي حصل بها على هذه الرسالة. فقد قال في بداية الأمر إنها ليست بحوزته، ولكن بعد رفض طلبه اللجوء قدمها إلى المجلس على أنها دليل، مشير اً إلى أنه سلّمها إلى أمّه التي احتفظت بها وأرسلتها إليه.

٨-٦ وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بادعاء صاحب الشكوى أنه على الرغم من أنه أرى المجلسَ أمارات التعذيب على جسده وطلب إليه إجراء فحص طبي متخصص للتحقق مما إذا كانت تلك الإصابات ناجمة عن التعذيب، فإن المجلس رفض طلبه اللجوء دون أن يأمر بذلك الفحص. وتحيط علم اً أيض اً بحجة الدولة الطرف أن الفحص لم يكن مناسب اً، أي اً كانت نتائجه، لأنه لم يكن ليثبت أن صاحب الشكوى تعرض للاعتداء بسبب أنشطته لفائدة المنظمة المسيحية "يسوع أمل الحياة"، وأن الفحص لم يكن ليبرهن على أن الخطر على صاحب الشكوى في باكستان سيكون شخصي اً وحقيقي اً في الوقت الراهن. وتحيط علم اً، إضافة إلى ذلك، بحجة الدولة الطرف أن الشهادة الطبية التي قدمها صاحب الشكوى لا تثبت أنه وقع ضحية التعذيب، لأن الإصابات المذكورة قد تكون نجمت عن التعذيب أو "العديد من الأسباب الأخرى، كحادثة أو حرب".

٨- 7 وتلاحظ اللجنة أنه لا جدال في أن صاحب الشكوى احتجز لدى الشرطة في باكستان وتعرض للعنف واتهم بحيازة الكحول خارج نطاق القانون ( ) . وتلاحظ اللجنة أيض اً أن المجلس رأى أنه، على الرغم من أن صاحب الشكوى أدلى ببيانات متسقة بشأن الأحداث المدعى أنها أسباب طلبه اللجوء، فإنه قدم في المقابلات التي أجرتها معه دائرة الهجرة والمجلس بيانات غير متسقة بشأن رسالة التهديد المؤرخة ١٥ كانون الثاني/يناير ٢٠١٠، بما في ذلك مَن وقّعها والطريقة التي حصل بها عليها. وتحيط اللجنة علم اً بادعاء صاحب الشكوى أنه أبلغ سلطات الدولة الطرف بأنه لا يستطيع أن يتذكر العديد من الأحداث بوضوح بسبب الصدمة في الرأس عندما كان يعذب، وأنه ينبغي من ثم أن يستفيد من معيار إثبات مختلف ( ) .

٨-٨ وتذكّر اللجنة بأنه رغم أن صاحب الشكوى هو الملزم بإقامة دعوى ظاهرة الوجاهة لطلب اللجوء، فإن ذلك لا يعفي الدولة الطرف من بذل جهود كبيرة لتحديد إن كان ثمة أسباب تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب الشكوى سيكون في خطر التعرض للتعذيب في حال إعادته ( ) . وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن صاحب الشكوى قدم إلى سلطات الدولة الطرف ما يكفي من المواد لدعم ادعاءاته المتعلقة بتعرضه للتعذيب، بما في ذلك تقرير طبي ( ) ، وتمكينها من مواصلة التحقيق في ادعاءاته بطرق منها إجراء فحص طبي متخصص. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف، إذ رفضت طلب لجوء صاحب الشكوى دون أن تحقق أكثر في ادعاءاته أو تأمر بإجراء فحص طبي، قد قصرت في تحديد إن كان ثمة أسباب وجيهة تحمل على الاعتقاد بأن صاحب البلاغ قد يواجه خطر التعذيب في حال إعادته. وعلى هذا، ترى اللجنة أن إبعاد صاحب الشكوى إلى باكستان في هذه الظروف سيكون بمثابة انتهاك للمادة 3 من الاتفاقية ‬ ( ) .‬‬‬‬

٩- وتستنتج اللجنة، وهي تتصرف بمقتضى الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، أن ترحيل الدولة الطرف صاحب الشكوى إلى باكستان سيكون بمثابة انتهاك للمادة 3 من الاتفاقية.

١٠- وتدعو اللجنة الدولة الطرف، وفقاً للفقرة 5 من المادة 118 من نظامها الداخلي، إلى إبلاغها، في غضون 90 يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار، بما اتخذته من إجراءات استجابةً للملاحظات الواردة أعلاه.