الأمم المتحدة

CAT/C/68/D/855/2017

Distr.:

Arabic

Original:

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

24 December 2019

Arabic

Original: English

لجنة مناهضة التعذيب

القرار الذي اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية بشأن البلاغ رقم 855/2017 * **

البلاغ مقدم من: سوسيث واسيثا راناواكا (تمثله المحامية ميكايلا باييرز )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: أستراليا

تاريخ تقديم الشكوى: 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2017 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 115 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار: 5 كانون الأول/ديسمبر 2019

الموضوع: خطر التعرض للتعذيب في حال الترحيل إلى البلد الأصلي (عدم الإعادة القسرية)؛ ومنع التعذيب

المسألة الإجرائية: المقبولية – ادِّعاءاتٌ == ظاهرةُ البطلان

المسألة الموضوعية: ترحيل صاحب الشكوى من أستراليا إلى سري لانكا

مادتا الاتفاقية: 3 و22

1- صاحب الشكوى هو سوسيث واسيثا راناواكا ، وهو مواطن سريلانكي مولود في 16 أيلول/سبتمبر 1977. وقد وُلد في مدينة ماتارا ، بالمقاطعة الجنوبية، وهو من أصل سنهالي وذو عقيدة بوذية. وقد رُفض طلب لجوئه إلى أستراليا، وصدر في حقه أمر بالترحيل إلى سري لانكا. وهو يدعي أنه سيواجه خطر التعرض للتعذيب لدى عودته إلى سري لانكا، وهو ما يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية. وقد أصدرت الدولة الطرف الإعلان بموجب المادة 22(1) من الاتفاقية، ودخل حيز النفاذ في 28 كانون الثاني/يناير 1993. وتمثل صاحب الشكوى محامية.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

2-1 في الفترة من عام 2003 إلى عام 2012، كان صاحب الشكوى يعمل في إدارة مصنع تابع لتعاونية إنتاج الشاي HenegamaAkuressa في سري لانكا. وكان عمه، باندو راناواكا ، يتمتع بقدر من النفوذ في قطاع التعاونيات، إذ كان رئيساً للمجلس الوطني لتنمية التعاونيات وللمجلس الوطني للتعاونيات. وكان صاحب الشكوى ووالده وعمه، باندو ، من مناضلي حزب الحرية السريلانكي. وبحلول عام 2004، كان حزب الحرية السريلانكي قد شكل ائتلاف اً مع عدة أحزاب صغيرة سُمي التحالف المتحد من أجل حرية الشعب. وشارك صاحب الشكوى في أنشطة مختلفة للتحالف.

2-2 وفي الوقت الذي نُظمت فيه الانتخابات البرلمانية في عام 2010، كان صاحب الشكوى قد أصبح ساخطاً على رئيس سري لانكا فتحوَّل إلى موالٍ للحزب الوطني المتحد. وفي أثناء الحملة الانتخابية في عام 2010، أطلق النار على صاحب الشكوى أشخاص مجهولون، يُفترض أنهم من مؤيدي التحالف المتحد من أجل حرية الشعب. وتلقى أيضاً تهديدات بالقتل في مقر المصنع. واختُطف أثناء الحملة الانتخابية وضُرب على أيدي أنصار التحالف، الذين ضغطوا عليه للعودة إليه. وحاول تقديم شكوى إلى الشرطة ولكنه أُمر بأن يتوقف عن انتقاد الحكومة. وظل يتعرض للمضايقة، بطرق منها تلقي مكالمة هاتفية من نائب وزير الإدارة العامة، داهاناياكي ، ووقفه عن العمل. بل إن زوجته قد أبلغته، بعد مغادرته سري لانكا، بأن ضباطاً من إدارة التحقيقات الجنائية حضروا إلى بيته وسألـوا عن مكان وجوده.

2-3 ووصل صاحب الشكوى على متن قارب إلى جزيرة كريسماس، في أستراليا، في 11 نيسان/أبريل 2012. وفي حزيران/ يونيه 2012، طلب الحصول على تأشيرة حماية. ورفض نائب وزير الهجرة وحماية الحدود في أستراليا طلبه في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2012. وطلب صاحب الشكوى إلى محكمة مراجعة قضايا اللاجئين إعادة النظر في ذلك القرار، ولكنها أيدت قرار الرفض الأصلي في 22 شباط/فبراير 2013. وفي 22 آذار/مارس 2013، استأنف صاحب الشكوى هذا القرار أمام محكمة الدائرة الاتحادية التي أعادت المسألة إلى محكمة مراجعة قضايا اللاجئين. وفي 19 آب/أغسطس 2014، أيدت المحكمة مرة أخرى قرار الرفض الأصلي الذي أصدره نائب الوزير. وفي 17 أيلول / سبتمبر 2014 ، التمس صاحب الشكوى من محكمة الدائرة الاتحادية إجراء مراجعة قضائية لذلك القرار . ورُفض طلبه في 23 أيلول / سبتمبر 2016. وفي 26 تشرين الأول / أكتوبر 2016 ، استأنف قرار الرفض أمام المحكمة الاتحادية، التي رفض ت الطلب في 31 آذار/مارس 2017. ورُفض في 12 تشرين الأول / أكتوبر 2017 طلبُه الحصول على إذن خاص بالاستئناف أمام المحكمة العليا . وفي 8 تشرين الثاني / نوفمبر 2017 ، طلب صاحب الشكوى إلى وزير الهجرة وحماية الحدود أن يتدخل، ولكن باء طلبُه بالرفض في 9 تشرين الثاني / نوف مبر 2017. ويدّعي صاحب الشكوى أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المتاحة محلياً.

2-4 ويدفع صاحب الشكوى بأن والدته أبلغته، بعد الجلسة الثانية في محكمة مراجعة قضايا اللاجئين، بأن داهاناياكي ، نائب وزير الإدارة العامة، قد قدم شكوى عليه. واتصل به عمه، باندو ، ونصحه ألاّ يقلق وقال إن الشكوى ستتبدد من تلقاء نفسها بسبب غياب صاحب الشكوى. وفي آب/أغسطس 2014، وبعد أن أصدرت محكمة مراجعة قضايا اللاجئين قرارها الثاني ، حصل صاحب الشكوى على نسخة من شكوى داهاناياكي ، التي اتهمه فيها بإساءة استخدام مركبات تعاونية الشاي في أنشطة سياسية وبتدمير آلات المصنع. ويفيد صاحب الشكوى بأن نزاعه مع داهاناياكي يعود إلى عام 2009 عندما أصبح عمه وداهاناياكي خصمين سياسيين وتنافسا على الترشح لعضوية المجلس الإقليمي للتحالف المتحد من أجل حرية الشعب. وحتى بعد فوز داهاناياكي في الانتخابات، استمر التنافس السياسي بينهما.

2-5 وفي ضوء هذه الأدلة الجديدة وفي سياق التكهنات المتعلقة بدوافع التحالف الدقيقة لاستهدافه، يعتقد صاحب الشكوى أنه هو نفسه لم يكن الهدف الرئيسي للاعتداءات، وإنما عمه، باندو . ولم يكن داهاناياكي يرغب في تحييد عم صاحب الشكوى، باندو ، كقوة سياسية، فحسب بل أيضاً في إهانته. وقد شن داهاناياكي سلسلة من الاعتداءات على باندو ، كان أحدها الاعتداء على ابن شقيق باندو ومساعدِه في حياته السياسية، الذي كان أضعف من باندو . ورغم أن باندو تمكن من النجاة من حملة عدائية شُنت عليه، إلا أنه ضعُف وقلت قدرته على حماية ابن أخيه.

الشكوى

3 -1 يدّعي صاحب الشكوى أن ترحيله إلى سري لانكا سيشكل انتهاكاً لحقوقه التي تكفلها المادة 3 من الاتفاقية. كما يدعي أن هناك أسباباً حقيقية تدعو إلى الاعتقاد أن خصم عمِّه السياسي، أي نائب وزير الإدارة العامة، سيسعى إلى إيذائه كوسيلة لإيذاء عمه. وتدل الشكوى التي قدمها داهاناياكي على صاحب الشكوى على وجود هذه النية لديه. وبما أن قانون العقوبات في سري لانكا يجرم تدمير ممتلكات الحكومة، يدعي صاحب الشكوى أنه معرَّض بالفعل لخطر السجن إذا أُعيد إلى سري لانكا. ويؤكد أيضاً أن من شأن أي احتجاز مطول أن يشكل في حد ذاته معاملة لا إنسانية، نظراً إلى سوء ظروف الاحتجاز في سري لانكا ( ) ، كما يؤكد أنه معرض بشدة لخطر التعذيب إما باستخدام التعذيب كأداة من أدوات الاستجواب أو بأوامر من داهاناياكي . وهو يدفع بأن الاعتداءات على المحتجزين ليست روتينية فحسب، بل هي أيضاً القاعدة في سري لانكا.

3-2 ويدعي صاحب الشكوى أيضاً أنه سيتعرض للأذى بوصفه ملتمس لجوء رُفض طلبه. ونظر اً إلى أنه كان السنهالي الوحيد على متن القارب الذي كان يحمل 98 شخصاً آخرين من التاميل ، فإن السلطات السريلانكية ستشتبه في أنه ساعد متعاطفين مع حركة نمور تحرير تاميل إيلام في الفرار من البلد.

3-3 ويقدم صاحب الشكوى عدة ادعاءات تتعلق بالجلسة الثانية التي عقدتها محكمة مراجعة قضايا اللاجئين وبالقرار الذي اتخذته. فهو يدعي، أولاً، أن المحكمة أخطأت عندما تجاهلت القلق الذي أبداه بشأن السرية، رغم أنه لم يكن واثقاً من أن السلطات الأسترالية لن تكشف لسلطات سري لانكا معلومات تضر به. وعندما سألته المحكمة عن هذه المسألة، لم يستطع الإجابة، إذ كان يعتقد أن القيام بذلك سيُعتبر فعلاً من أفعال التحدي. وثانياً، لم تنظر المحكمة في الدوافع الممكنة الأخرى، كالانتقام، التي حدت بالتحالف المتحد من أجل حرية الشعب إلى مضايقة صاحب الشكوى. وأخيراً، أخطأت المحكمة في استنتاجها أن بإمكان باندو ، بصفته شخصية ذات نفوذ سياسي في التحالف، أن يحمي صاحب الشكوى. ورغم أن المحكمة أشارت إلى تقرير صادر عن اللجنة الآسيوية لحقوق الإنسان في عام 2013 جاء فيه أن باندو اعتدى على أشخاص دون أن يُعاقب، لإثبات أن لديه من النفوذ ما يجنبه المساءلة، يحتج صاحب الشكوى بأن هذا ينم عن أن مركز باندو في التحالف لا ينفك يزداد ضعفاً وأنه أصبح عرضة لمثل هذه الاتهامات التي حاكها عضو أقوى منه في التحالف. وأخطأت المحكمة أيضاً عندما رفضت طلبه استناداً إلى أنه لا يمارس أي نشاط سياسي في أستراليا، لأن هذا المنطق لا يأخذ بعين الاعتبار حقيقة أن رغبة التحالف في إيذائه لا تتوقف على نشاطه السياسي الحالي، بل على اتصاله بعمه وارتباطه السياسي السابق به.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 في 30 أيار/مايو 2018، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، وذكرت أن ادعاءات صاحب الشكوى غير مقبولة من حيث الاختصاص الموضوعي وأنها ظاهرة البطلان. وحتى لو رأت اللجنة أن ادعاءات صاحب الشكوى مقبولة، فينبغي ُرفضها لعدم استنادها إلى أساس موضوعي.

4-2 وتدفع الدولة الطرف بأن عدداً من ادعاءات صاحب الشكوى بشأن ما قد يتعرض له من الأذى لدى عودته إلى سري لانكا لا يبلغ حد التعذيب بالمعنى المقصود في المادة 3 من الاتفاقية. فادعاءاته أن التحالف المتحد من أجل حرية الشعب سيستهدفه عن طريق المضايقة والدعاوى القضائية وشن حملة سياسية للإضرار بعمه، ادعاءات غير مقبولة من حيث الموضوع، لأن الالتزام بعدم الإعادة القسرية بموجب المادة 3 من الاتفاقية يقتصر على الظروف التي تتوفر فيها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد أن الشخص العائد سيواجه خطر التعرض للتعذيب. وتدفع الدولة الطرف كذلك بأن اللجنة فرّقت بين التعذيب وبين المعاملة التي لا تصل إلى مستوى التعذيب، بما فيها المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، لأغراض تحديد مدى انطباق المادة 3. لذلك، ترى الدولة الطرف أن ادعاءات صاحب الشكوى فيما يتعلق بالدعوى القضائية التي يُدعى أنها أُقيمت عليه، ومحاولات تقويض مسار عمه السياسي، لا تصل إلى مستوى التعذيب وبالتالي لا توجب على الدولة الطرف الالتزام بعدم الإعادة القسرية بموجب المادة 3.

4-3 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن ادعاءات صاحب الشكوى غير مقبولة باعتبارها ظاهرة البطلان بموجب الفقرة الفرعية (ب) من المادة 113 من النظام الداخلي للجنة، حيث لم يُثبت وجاهة الدعوى لأغراض المقبولية. فقد نُظر في ادعاءاته بدقة في إطار سلسلة من الإجراءات المحلية وتَبيّن أن هذه الادعاءات لا توجب على الدولة الطرف الالتزام بعدم الإعادة القسرية بموجب الاتفاقية أو بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ونُظر في ادعاءاته أيضاً في إطار إجراءات محلية منيعة خلُصت إلى عدم مصداقيتها. وعلاوةً على ذلك، لم يقدم صاحب الشكوى أي معلومات جديدة في بلاغه إلى اللجنة. وتحيل الدولة الطرف إلى الفقرة 9 من تعليق اللجنة العام رقم 1(1997) بشأن تنفيذ المادة 3 من الاتفاقية في سياق المادة 22، الذي ذكرت فيه اللجنة أنها ليست هيئة استئناف أو هيئة شبه قضائية؛ لذلك، فإنها تولي أهمية كبيرة لما تخلص إليه أجهزة الدولة الطرف من استنتاجات بشأن الوقائع ( ) .

4-4 وتشير الدولة الطرف إلى أن النظر بشفافية وحسب ما يمليه المنطق في مقبولية ادعاءات صاحب الشكوى هو عنصر إجرائي رئيسي في عملية النظر في الشكاوى الفردية ولا غنى عنه لنجاح إطار الشكاوى. وتشير الدولة الطرف كذلك إلى أن اللجنة، في بعض الآراء التي اعتمدتها مؤخراً في سياق الرد على معلومات مفصلة قدمتها الدولة الطرف ورأت فيها أن ادعاءات أصحاب الشكاوى غير مقبولة من حيث الاختصاص الموضوعي أو أنها ظاهرة البطلان، قد لاحظت أن المسائل المثارة بشأن المقبولية وثيقةُ الارتباط بالأسس الموضوعية. وتلاحظ الدولة الطرف أن من الضروري للجنة، وفقاً لما يقتضيه النظام الداخلي، أن تنظر وتبت في المعلومات المقدمة من الدولة الطرف، وتلاحظ أيضاً أن الشكاوى التي تثير ادعاءات لا تدخل في نطاق تعريف التعذيب الوارد في المادة 1 من الاتفاقية، أو تثير ادعاءات ظاهرة البطلان، غير مقبولة. وعلى هذا الأساس، تطلب الدولة الطرف أن تنظر اللجنة على وجه التحديد في الحجج التي ساقتها الدولة الطرف فيما يتعلق بمقبولية الشكوى وأن ترُد في آرائها على هذه الحجج. وتدفع الدولة الطرف كذلك بأن ادعاءات صاحب الشكوى تفتقر إلى الأسس الموضوعية حتى لو رأت اللجنة أن البلاغ مقبول.

4-5 وتذكِّر الدولة الطرف بأن نائب وزير الهجرة وحماية الحدود في أستراليا رفض في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2012 طلب صاحب الشكوى الحصول على تأشيرة حماية. ولم يقبل النائب العديد من ادعاءاته، ومنها أن التحالف المتحد من أجل حرية الشعب سيطالب بعودته بعد أن ترك الحزب وأن التحالف احتجزه. وبينما قَبِل النائب احتمال وجود صلة بين صاحب الشكوى والتحالف وأنه ربما واجه بعض المشاكل إنْ كان قد حوّل تأييده بالفعل إلى حزب معارض، فإنه لم يقبل ادعاء صاحب الشكوى أنه شخصية سياسية بارزة إلى حد يبرر استمرار استهدافه. وأحاط النائب علماً أيض اً بالفترة الزمنية الكبيرة التي انقضت منذ تحول الولاء السياسي لصاحب الشكوى، فضل اً عن عدم اتخاذ أي إجراء سلبي في حقه. ورأى النائب كذلك أن السلطات لن تستهدف صاحب الشكوى، بوصفه بوذياً سنهالياً، عند عودته إلى سري لانكا، وأنه رغم أنه قد يخضع لاستجواب روتيني عند وصوله، فإن هذا الاستجواب لن يصل إلى مستوى تعرضه الفعلي لخطر الضرر الجسيم.

4-6 وتدفع الدولة الطرف بأن المحكمة، بتأييدها لقرار الرفض الأصلي، رأت أن التناقض الشديد لصاحب الشكوى فيما يتعلق بولائه السياسي يكشف عن جهله بالأحزاب التي يدّعى أنه كان يؤيدها. ورغم ادعائه أنه كان زعيماً شاباً في مجتمعه المحلي، فإنه عندما سُئل عن ردة فعل أتباعه على تغير ولائه السياسي، بدا صاحب الشكوى وكأنه لم يتوقع مثل هذا السؤال. ولاحظت محكمة مراجعة قضايا اللجوء، في قرارها الثاني بعد إحالة المحكمة الاتحادية القضية إليها، أن صاحب الشكوى أمضى في سري لانكا أكثر من سنتين بعدما أصبح، كما يدعي، مستهدفاً من التحالف المتحد من أجل حرية الشعب. ولاحظت المحكمة أيضاً عدم تسجيل أي محاولة لاعتقاله أو إلحاق ضرر جسيم به رغم أن المعلومات القُطرية أشارت إلى أن التحالف كثيراً ما اعتقل أفراداً وسجنهم لأسباب سياسية في عام 2011. وخلُصت المحكمة أيض اً إلى أنه لم يمارس نشاطاً سياسي اً أثناء وجوده في أستراليا؛ وأن التحالف لا يزال هو الائتلاف الحاكم ولا يحتاج إلى دعم صاحب الشكوى؛ وأن صاحب الشكوى لم يقدم أي دليل على تلقيه تهديدات من داهاناياكي .

4-7 وتلاحظ الدولة الطرف أيضاً أن صاحب الشكوى ادعى لأول مرة، في طلبه تدخُّل الوزير، المؤرخ 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، أن استهدافه المزعوم من جانب التحالف كان جزءاً من حملة لتدمير مسار عمه السياسي. وقررت إدارة الهجرة والجنسية عدم إحالة المسألة إلى الوزير، لأن الطلب لم يُثبت وجود ظروف فريدة أو استثنائية.

4-8 وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب الشكوى أثار، في طلبه تدخُّل الوزير وفي بلاغه إلى اللجنة، عدة ادعاءات تتعلق بسلوك واستنتاجات محكمة مراجعة قضايا اللاجئين بشأن إحالة القضية (انظر الفقرة 3-3 أعلاه). فأولاً، تؤكد الدولة الطرف أنه كان بإمكان صاحب الشكوى أن يطلب إلى المحكمة في جلستها، عن طريق ممثِّله، إصدار أوامر تحافظ على سرية الإجراءات، ولكنه لم يفعل. وتدفع الدولة الطرف بأن المحكمة نظرت صراحة، في قرارها الثاني، في الخطوات المتخذة لحماية سريته. وسمحت المحكمة أيضاً لصاحب الشكوى بتقديم أدلة لم يسبق أن قدمها بسبب شواغله المتعلقة بالسرية، وبالتالي قدم أدلة وثائقية تتعلق بعمه. ولم يدّع صاحب الشكوى أن هذه الأدلة الإضافية كانت ستغير قرار المحكمة لو قُدمت في الجلسة الأولى، أو أن هناك مزيداً من الأدلة لم يتمكن من تقديمها إلى المحكمة بسبب شواغله المتعلقة بالسرية. وعلاوة على ذلك، لم يقدم أي دليل يثبت أن المحكمة قد أخلت بالتزامها، بموجب قانون الهجرة، بعدم نشر أي بيان قد يكشف عن هوية مقدم الطلب أو أقاربه، أو قد أخلت بأي شرط آخر من شروط السرية. وثانياً، وعلى عكس ادعائه، حددت المحكمة صراحة الانتقام بوصفه السبب المرجَّح لاستهداف صاحب الشكوى بالمضايقة من قِبل التحالف في الماضي، واعتبرت الانتقام العاملَ المحفز المحتمل لاستهدافه. ومع ذلك، وجدت المحكمة أن احتمالات القيام بأي عمل انتقامي في حقه مستقبلاً قد قلت بسبب عدم ممارسته أي نشاط سياسي منذ مغادرته سري لانكا. وأخيراً، تؤكد الدولة الطرف أن ما يدّعيه صاحب الشكوى من خطر التعرض للأذى بسبب صلته بعمه لا يكفي لإثبات وجود أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد أنه سيواجه شخصياً خطر التعرض للتعذيب إذا أعيد إلى سري لانكا.

4-9 وفيما يتعلق بتقييم خطر التعرض الشخصي للتعذيب، تدفع الدولة الطرف بأن وجود مخاطر عنف عامة لا يُعد سبباً كافياً للجزم بأن شخصاً بعينه معرض لخطر لتعذيب لدى عودته إلى ذلك البلد، وبأن صاحب الشكوى لم يثبت وجود أسباب إضافية تبين أنه سيتعرض بشكل متوقع وفعلي وشخصي لخطر التعذيب إذا أُعيد إلى سري لانكا. وتكرر الدولة الطرف أن المسائل التي أثارها صاحب الشكوى، فيما يتعلق بعودة ملتمسي اللجوء وانتهاكات حقوق الإنسان في سري لانكا، قد نُظر فيها بعناية ودقة في إطار الإجراءات المحلية، بما في ذلك في ضوء المعلومات المقدمة من مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمات غير الحكومية ووزارات الخارجية التابعة لحكومات أخرى ( ) .

4-10 وتخلص الدولة الطرف إلى أن صاحب الشكوى لم يقدم أدلة كافية تثبت أنه سيتعرض شخصياً لدى عودته إلى سري لانكا لخطر المعاملة التي تصل إلى حد التعذيب، بموجب المادة 1 من الاتفاقية.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 31 آذار/مارس 2019، قدم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. ويدّعي صاحب الشكوى، في سياق الطعن في تأكيد الدولة الطرف أنه لم يقدم إلى اللجنة أي معلومات جديدة مفيدة، أنه قدم أدلة إضافية بشأن أفعال داهاناياكي لم تكن متاحة من قبل.

5-2 ويدعي صاحب الشكوى أن أشخاصاً مجهولي الهوية هاجموا مؤخراً منزله في سري لانكا. ويفيد أيضاً بأن عمه باندو تُوفي في 15 نيسان/أبريل 2018 في ظروف مريبة وأن داهاناياكي لا يزال يرغب في الانتقام وسيركّز عليه أكثر.

5-3 وفيما يتعلق باستنتاج السلطات الأسترالية أنه ليس لصاحب الشكوى مكانة سياسية رفيعة، يدعي صاحب الشكوى أن من ليست لديهم هذه المكانة قد يكونون معرضين لخطر أكبر. فقتله أو تعذيبه هو وسيلة لممارسة ضغط أشد على عمه، ومن الأسهل على المعارضين تقويض الدعم الأساسي لأي سياسي عن طريق مضايقة مؤيديه. وبخصوص ادعاء وجود مشاكل في مصنع الشاي، يعترض صاحب الشكوى على ما ذكرته الدولة الطرف من أن ما حدث له لا يكاد يُذكر وأن السلطات لم تستهدفه. ويضيف أن سري لانكا لا تزال غير مستقرة سياسياً.

5-4 وفيما يتعلق بالتشكيك في مصداقية رواية صاحب الشكوى لأنشطته السياسية، يدعي صاحب الشكوى أن الطبيعة المتغيرة للسياسة في سري لانكا قد أربكته بشأن أسماء الأحزاب السياسية ورموزها. وقال إن نشاطه السياسي يقوم على ولائه لشخصيات سياسية معينة وقدرته على حشد الشباب، لا على إلمامه بالأفكار السياسية أو السياسات العامة. وهو يدعي أن بإمكانه التحدث عن الجهات الفاعلة السياسية الرئيسية في المنطقة التي عمل فيها دون الحاجة إلى تتبع رموز التحالفات السياسية المتغيرة. ويؤكد أن السلطات الأسترالية خلصت إلى عدم مصداقيته لأنه لم يتلق تعليمه في الديمقراطية الغربية المتقدمة.

5-5 أما بالنسبة إلى شواغل صاحب الشكوى المتعلقة بالسرية، فيدفع بأنه لم يُسمح له، في جلسة محكمة مراجعة قضايا اللاجئين، بالتحدث إلى ممثله إلا في نهاية مقابلة شاقة استغرقت ثلاث ساعات، عندما كان مجهداً للغاية. وبالتالي، لا غرابة في عدم الخوض في مسألة السرية في ذلك الوقت.

5-6 ويكرر صاحب الشكوى ادعاءه أن الخطر الشخصي المحدق به مرتبط بعلاقته وتعاونه مع عمه، باندو . وهو يدفع بأن من الخطأ أن يُستنتج أن التهديد الموجه إليه قد انتفى بوفاة باندو . ويدعي صاحب الشكوى، في إشارة إلى استنتاجات السلطات الأسترالية أن باندو كان يوفر له الحماية، أنه معرض لخطر ضرر أكبر لأنه لم يعد يتمتع بحماية باندو .

معلومات إضافية قدمها صاحب الشكوى

6- في 4 أيار/مايو 2019، قدم صاحب الشكوى شهادة وفاة عمه، التي جاء فيها أن من غير المستبعد أن يكون التسمم السبب في الوفاة.

ملاحظات إضافية قدمتها الدولة الطرف

7-1 في 23 آب/أغسطس 2019، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها على التعليقات والمعلومات الإضافية التي قدمها صاحب البلاغ. وتؤكد الدولة الطرف أن مصدر ترجمة المقال الصحفي الذي قدمه صاحب الشكوى غير واضح، وأن الترجمة ليست معتمدة. وبالإضافة إلى ذلك، لم يُدل الشهود بشهاداتهم مشفوعة باليمين أو الإقرار. وترى الدولة الطرف أن هذه المسائل تقوض مصداقية الوثائق وموثوقيتها. وحتى لو كانت الشهادة ذات مصداقية وموثوقية، بالنظر إلى أن شهادات الشهود تقر بأن "جماعة مجهولة" قد نفذت التخريب المزعوم، لا يمكن استنتاج أن للتخريب أية صلة بالانتماء السياسي لصاحب الشكوى. وعلاوة على ذلك، لا تزال المسألة فيما يبدو قيد التحقيق. ونتيجة لذلك، ترى الدولة الطرف أن هذه المعلومات الإضافية لا تغير من استنتاجاتها الأصلية في شيء.

7-2 وتلاحظ الدولة الطرف كذلك أنه قد جاء في شهادة الوفاة أن الشخص المتوفى هو شاندرابالا راناواكا ، بينما يُشار إلى عم صاحب الشكوى في جميع الإجراءات المحلية باسم باندو راناواكا . ومن شأن اختلاف الاسم في شهادة الوفاة، التي لم يُدوَّن فيها اسم باندو كاسم بديل أو كلقب، أن يقوض مصداقية ادعاءات صاحب الشكوى. وفي حين تشير الشهادة إلى عدم استبعاد التسمم وإلى أنه ينبغي إحالة القضية لاستكمال التحقيق، لم يقدم صاحب الشكوى أي دليل بشأن إجراء مزيد من التحقيقات. وترى الدولة الطرف أن ادعاءه أنه يواجه خطر التعرض لضرر أكبر نتيجةً لوفاة عمه ادعاءٌ في غير محله. ويترتب على ذلك منطقياً أنه إذا كان الخطر المحدق به يقوم على علاقته بعمه، فإن هذا الخطر قد قل بشدة نتيجةً لوفاة عمه.

7-3 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب الشكوى بشأن عدم الاستقرار السياسي في سري لانكا، تدفع الدولة الطرف بأنه جرى النظر في المعلومات القطرية المحدثة في سياق جميع العمليات المحلية، وأن المعلومات القطرية المؤرخة 23 أيار/مايو 2018، التي أعدتها وزارة الخارجية والتجارة الأسترالية، تشير إلى أن خطر إساءة المعاملة التي يمكن أن تصل إلى حد التعذيب قد قلّ في سري لانكا. وتقدم الدولة الطرف معلومات أيضاً عن الخطوات الإجرائية التي يتعيّن اتخاذها بشأن العائدين إلى سري لانكا.

7-4 وتحيط الدولة الطرف علماً بالادعاءات المتعلقة بالحماية، التي أثيرت في رسالة صاحب الشكوى المؤرخة 31 آذار/مارس 2019، وهي تؤكد أنه جرى بالفعل تقييم هذه الادعاءات ورُفضت في إجراءات محلية كثيرة. وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى ما شاب ادعاءاته من تناقضات وعدم مصداقية، التي تناولتها قرارات محلية وآليات استعراض مختلفة.

7-5 وفيما يتعلق بادعاء صاحب الشكوى أنه لم يخض في مسألة السرية في ذلك الوقت بسبب طبيعة إجراءات محكمة مراجعة قضايا اللاجئين، تكرر الدولة الطرف الإعراب عن موقفها، وهو أنه أتيحت لصاحب الشكوى فرصة كافية لإثارة أي شواغل تتعلق بالسرية.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8-1 قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تيقنت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية من أن المسألة نفسها لم تُبحث وليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8-2 وتذكِّر اللجنة بأنها لا تنظر، عملاً بالفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية، في أية شكوى ما لم تتحقق من استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف، في هذه القضية، لم تطعن في مقبولية الشكوى على هذا الأساس. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن الفقرة 5(ب) من المادة 22 لا تمنعها من النظر في هذه الشكوى.

8-3 وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول من حيث الاختصاص الموضوعي وأنه ظاهر البطلان، إذ لم يُثبت صاحب الشكوى وجود أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد أنه سيواجه خطر التعرض لضرر متوقع وقائم وشخصي وحقيقي، بما في ذلك التعذيب ، إذا أُعيد إلى سري لانكا. وفيما يتعلق بالاختصاص الموضوعي، تحيط اللجنة علماً بحجة صاحب الشكوى أنه سيتعرض لخطر الاحتجاز والتعذيب إذا أُعيد إلى سري لانكا. وترى اللجنة أن هذه الادعاءات تثير تساؤلات في إطار المادة 3 من الاتفاقية. وتبعاً لذلك، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحب الشكوى بموجب المادة 3 مقبولة من حيث الاختصاص الموضوعي. وترى اللجنة أيضاً أن صاحب الشكوى قد أثبت بما فيه الكفاية، لأغراض المقبولية، ادعاءاته المستندة إلى المادة 3 من الاتفاقية، فيما يتعلق بخطر تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة إذا أُعيد إلى سري لانكا، بسبب أنشطته السياسية السابقة وعلاقته بعمه وتعاونه معه، الذي تستهدفه حملة سياسية معادية.

8-4 وحيث إن اللجنة لا ترى أي عقبات أخرى تحول دون مقبولية البلاغ، فإنها تعلن قبوله وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

9-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 22(4) من الاتفاقية.

9-2 وفي هذه القضية، تتمثل المسألة المعروضة على اللجنة في تحديد ما إذا كان الإبعاد القسري لصاحب الشكوى إلى سري لانكا سيشكل انتهاكاً للالتزام الواقع على عاتق الدولة الطرف بموجب المادة 3 من الاتفاقية بعدم طرد أو إعادة شخص ("قسرياً") إلى دولة أخرى إذا وُجدت أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد أنه سيتعرض لخطر التعذيب.

9-3 ويجب على اللجنة أن تُقيِّم ما إذا كانت هناك أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد أن صاحب الشكوى سيتعرض شخصياً لخطر التعذيب لدى عودته إلى سري لانكا. وعند تقييم ذلك الخطر، يجب على اللجنة أن تراعي جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملاً بالمادة 3(2) من الاتفاقية، ومن جملتها وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. وفي هذا السياق، تشير اللجنة إلى أنها أعربت أثناء نظرها في التقرير الدوري الخامس لسري لانكا ( ) عن قلقها الشديد بشأن التقارير التي تشير إلى أن عمليات الاختطاف والتعذيب وإساءة المعاملة التي ترتكبها قوات أمن الدولة في سري لانكا، بما فيها الشرطة، تواصلت في مناطق عديدة من البلد بعد انتهاء الصراع مع حركة نمور تحرير تاميل إيلام في أيار/مايو 2009 ( ) . ومع ذلك، تذكّر اللجنة بأن الهدف من التقييم الذي أُجري في سياق الشكاوى الفردية هو تحديد ما إذا كان الفرد المعني سيتعرض شخصياً بشكل متوقع وفعلي لخطر التعذيب في البلد الذي سيُعاد إليه. وبالتالي فإن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل في حد ذاته سبباً كافياً للجزم بأن شخصاً معيناً سيكون عرضةً للتعذيب لدى عودته إلى ذلك البلد؛ إذ يجب أن تكون هناك أسباب إضافية تثبت أنه سيتعرض شخصياً للخطر ( ) .

9-4 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 4(2017) بشأن تنفيذ المادة 3 من الاتفاقية في سياق المادة 22، التي تقيِّم اللجنة وفقاً لها "الأسباب الحقيقية" وتنظر فيما إذا كان خطر التعرض للتعذيب متوقعاً وشخصياً وقائماً وحقيقياً عندما يكون لوجود وقائع ذات مصداقية تتصل بالخطر نفسه، وقت اتخاذ قرارها، تأثيرٌ على حقوق صاحب الشكوى بموجب الاتفاقية في حالة ترحيله. وقد تشمل مؤشرات وجود الخطر الشخصي، على سبيل المثال لا الحصر، ما يلي: (أ) الأصل الإثني لصاحب الشكوى؛ (ب) الانتماء السياسي أو الأنشطة السياسية لصاحب الشكوى أو لأفراد أسرته؛ (ج) التوقيف أو الاحتجاز دون ضمان العدل في المعاملة والمحاكمة؛ (د) صدور حكم غيابي في حقه؛ (ه) التعرض للتعذيب سابقاً (الفقرة 45). وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية لأي بلاغ يُقدم بموجب المادة 22 من الاتفاقية، يقع عبء الإثبات على صاحب البلاغ الذي يتعين عليه أن يعرض قضية يمكن الترافع عنها، أي أن يقدم حججاً مدعومة بأدلة تبين أن خطر التعرض للتعذيب متوقع وقائم وشخصي وحقيقي (الفقرة 38) ( ) . وتذكّر اللجنة أيضاً بأنها تعطي وزناً كبيراً للنتائج الوقائعية التي تخلص إليها أجهزة الدولة الطرف المعنية، وإن كانت اللجنة غير ملزمة بهذه النتائج، لأن بإمكانها أن تجري تقييماً حراً للمعلومات المتاحة لها وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية، مع مراعاة جميع الظروف الخاصة لكل قضية (الفقرة 50).

9-5 وفي هذه القضية، يدعي صاحب الشكوى أنه سيواجه خطر التعرض للتعذيب إذا أُعيد إلى سري لانكا لأنه تعرض للمضايقة والتهديد والاختطاف ولإطلاق النار عليه من جانب مؤيدي حزبه السياسي السابق، وهو التحالف المتحد من أجل حرية الشعب، بعد أن غيّر ولائه السياسي إلى الحزب الوطني المتحد في عام 2010. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاء صاحب الشكوى أن المضايقات التي تعرض لها في الماضي كانت في الواقع جزءاً من حملة شنّها المنافس السياسي لعمه بهدف تدمير مساره المهني، وأن احتمال تعرضه للأذى قد زاد بسبب وفاة عمه، الذي كان سيحميه لو بقي على قيد الحياة. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعائه أنه معرض لخطر الأذى لكونه ملتمِس لجوء رُفض طلبه، ولا سيما أنه كان السنهالي الوحيد على متن القارب الذي توجه إلى أستراليا وأنه سيُشتبه في أنه ساعد متعاطفين مع حركة نمور تحرير تاميل إيلام كانوا هاربين من سري لانكا على متن نفس القارب. وتدرك اللجنة أيض اً ادعاءاته بشأن سلوك واستنتاجات محكمة مراجعة قضايا اللاجئين (انظر الفقرة 3-3 أعلاه).

9-6 ومع ذلك، تلاحظ اللجنة إفادة الدولة الطرف بأن صاحب الشكوى لم يقدم أدلة موثوقة ولم يثبت وجود خطر متوقع وحقيقي وشخصي بالتعرض للتعذيب على أيدي السلطات في حال إعادته إلى سري لانكا، وبأنه قد نُظر في ادعاءاته جميعها في إطار إجراءات تحديد وضع اللاجئ وطلب الحماية التكميلية، وفقاً للتشريعات المحلية مع مراعاة حالة حقوق الإنسان الراهنة في سري لانكا. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن سلط ات الدولة الطرف قد رأت أن من المعقول أن يكون صاحب الشكوى قد تعرض لبعض المضايقات والتهديدات من جانب مؤيدي التحالف المتحد من أجل حرية الشعب، لكنها لاحظت أن صاحب الشكوى، رغم سوء النية المزعوم من جانب التحالف واعتقال وسجن المعارضين السياسيين خلال هذه الفترة، بقي في سري لانكا لمدة سنتين إضافيتين لم يحاول خلالهما التحالفُ ولا أي سلطات أخرى القبض عليه أو حتى زيارة منزله. ولاحظت الدولة الطرف أيضاً أنه كان بإمكان التحالف إيذاء صاحب الشكوى لو أراد ذلك، نظراً لأن صاحب الشكوى سافر مراراً في البلد لأغراض مختلفة، منها زيارة زوجته في كولومبو في عطلات نهاية الأسبوع. وخلصت سلطات الدولة الطرف إلى أن عدم الاهتمام الواضح بإيذاء صاحب الشكوى يدل على أنه لم يكن مصدر قلق يُذْكر بالنسبة للتحالف أو على أنه يتمتع بحماية أقاربه. وأكدت الدولة الطرف أيضاً أن خطر إلحاق الضرر المزعوم به بسبب علاقته بعمه لم يثبت وجود خطر شخصي في التعرض للضرر لدى عودته، وأن هذا الخطر لم يعد قائماً لأن عمه، الذي يُزعم أنه الهدف الفعلي للمضايقة، قد توفي في نيسان/أبريل 2018.

9-7 وتلاحظ اللجنة في هذا البلاغ أن سلطات الدولة الطرف نظرت في أقوال صاحب الشكوى وفي أدلته فضلاً عن المعلومات القطرية، ولكنها لم تقبل الكثير من رواياته عن أنشطته السياسية السابقة وما ترتب عليها من مضايقات واعتداءات بسبب ما شاب هذه الروايات من تناقضات وبسبب افتقارها إلى التفاصيل وإلى المصداقية. وبالنظر إلى عدم توفُّر معلومات تثبت استمرار اهتمام سلطات سري لانكا به، وعدم ممارسته أي نشاط سياسي منذ عام 2012، خلصت سلطات الدولة الطرف إلى أن صاحب الشكوى لن يتعرض لدى عودته لخطر التعذيب بسبب أنشطته السياسية. وعلاوةً على ذلك، تحيط اللجنة علماً بما خلصت إليه الدولة الطرف من أن صاحب الشكوى لم يثبت وجود خطر شخصي بالتعرض للتعذيب بسبب علاقته بعمه، وأن من المعقول استنتاج أن تعرُّضه المزعوم لخطر الأذى قد انتهى بوفاة عمه مؤخراً. وفيما يتعلق بهذا الاستنتاج، تلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى لم يشرح بالقدر الكافي سبب استهدافه تحديداً من قِبل هـذا المنافس السياسي لعمه وسبب استمرار إلحاق الأذى به حتى بعد وفاة عمه. وفيما يتعلق بالخطر المزعوم نتيجة لوضعه كملتمِس لجوء رُفض طلبه، تلاحظ اللجنة أن سلطات الدولة الطرف نظرت في احتمال تعرض ملتمِسي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم لخطر إساءة معاملة لدى عودتهم إلى سري لانكا، ولكنها لم تقبل القول إنه سيُشتبه في أن صاحب الشكوى دعم حركة نمور تحرير تاميل إيلام، وإن كان قد يخضع لبعض التدقيق عند وصوله. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن سلطات الدولة الطرف قد أحاطت علماً بما أدلى به صاحب الشكوى نفسُه من أن هذا الاشتباه غير محتمل بالنظر إلى أصله السنهالي وإلى دعمه المستمر للأحزاب القومية السنهالية. وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن سلطات الدولة الطرف قد نظرت على النحو المناسب في ادعاءات صاحب الشكوى.

9-8 وفيما يتعلق بادعاء صاحب الشكوى أن محكمة مراجعة قضايا اللاجئين لم تقبل ما أبداه من قلق بشأن السرية، تذكِّر اللجنة بتعليقها العام رقم 4، الذي ذكرت فيه أنه ينبغي أن تنظر الدولة الطرف في كل قضية بشكل فردي ونزيه ومستقل عن طريق سلطاتها الإدارية و/أو القضائية المختصة، وفقاً للضمانات الإجرائية الأساسية، ولا سيما ضمان إجراء عملية سريعة وشفافة، وإجراء مراجعة لقرار الترحيل، وتقرير الأثر الإيقافي للطعن (الفقرة 13). وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى، رغم ادعائه أنه لا يثق في إجراءات السرية التي اتخذتها المحكمة بعكس تأكيدات المحكمة، لم يبيّن كيف أن التقييم المفصل الذي أجرته المحكمة لطلبه تأثر بعدم الاستقلالية أو بعدم النزاهة، أو كيف أن التقييم المعني قد اتسم بتعسف أو جور بيّنين أو قد بلغ حد حرمانه من العدالة.

10- وفي ضوء الاعتبارات الواردة أعلاه، واستناداً إلى جميع المعلومات المقدمة من صاحب الشكوى والدولة الطرف، بما فيها المعلومات المتعلقة بالحالة العامة لحقوق الإنسان في سري لانكا، ترى اللجنة أن صاحب الشكوى لم يقدّم في هذه القضية ما يثبت ادعاءاته أن عودته إلى سري لانكا ستنطوي على انتهاك للمادة 3 من الاتفاقية ( ) . وعلاوةً على ذلك، لم يثبت صاحب الشكوى أن سلطات الدولة الطرف لم تُجر تحقيقاً سليماً في ادعاءاته.

11- وبناءً على ذلك، تخلُص اللجنة إلى أن صاحب الشكوى لم يقدم أسباباً كافية تحملها على الاعتقاد أنه سيواجه خطراً حقيقياً ومتوقعاً وشخصياً وقائماً بالتعرض للتعذيب لدى عودته إلى سري لانكا.

12- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 22(7) من الاتفاقية، تخلص إلى أن ترحيل الدولة الطرف صاحبَ الشكوى إلى سري لانكا لا يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.