الرسالة مقدمة من:

ن. م. (يمثلها المحامي هاوارد كينيدي)

الشخص المدّعي أنه ضحية:

صاحبة الرسالة

الدولة الطرف:

تركيا

تاريخ الرسالة:

4 حزيران/يونيه 2015 (تاريخ تقديم الرسالة أول مرة)

الوثائق المرجعية:

أُحيلت إلى الدولة الطرف في 22 تموز/يوليه 2015 (لم تُصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اتخاذ القرار:

9 تموز/يوليه 2018

1 - صاحبة الرسالة هي ن. م.، وهي مواطنة من سنغافورة من مواليد عام 1976. وتدّعي أنها وقعت ضحية لانتهاكات من جانب تُركيا لأحكام المواد 2 و 3 و 15 و 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. ويُمثّل صاحبة الرسالة المحامي هاوارد كينيدي. وفيما يخص تُركيا، دخلت الاتفاقية حيز النفاذ في 20 كانون الأول/ديسمبر 1985 بينما دخل البروتوكول الاختياري الملحق بها حيز النفاذ في 29 تشرين الأول/أكتوبر 2002.

الوقائع كما عرضتها صاحبة الرسالة

2-1 في عام 1997، تزوجت صاحبة الرسالة من مواطن تركي أنجبت منه ابنتين في تركيا. ووُلدت الابنة الأولى، وهي ز.ك.، في عام 1999؛ بينما وُلدت الثانية، وهي ه.ك.، في عام 2001.

2-2 وفي عام 2003، انتقلت الأسرة للإقامة في ماليزيا. وفي عام 2004، ترك الأب منزل الأسرة بعد أن قال لزوجته إنها طالق ، معلناً انفصاله عنها. واستمرت الابنتان في العيش مع أمّهما في ماليزيا. واحتفظت الأم بجوازَي سفر الابنتين ووثائق هوية أخرى، بما في ذلك بطاقات الخروج الخاصة بهم. وفي العام نفسه، بدأت إجراءات الطلاق الرسمية في سنغافورة في محكمة الشريعة.

2-3 وفي 28 آذار/مارس 2005، حصل الأب، دون موافقة صاحبة الرسالة، على ”رسائل موافقة“ وعلى وثائق سفر تركية من أجل ه. ك. من قنصلية تركيا في سنغافور ة. وتدّعي صاحبة الرسالة أنها لم تكن على علم بتلك الأعمال. وفي 16 شباط/فبراير 2006، أخذ الأب الطفلتين من البيت والمدرسة دون موافقة صاحبة الرسالة. و ”وجّه [الأب] تهديدات إلى الأم وتعامل معها بعنف“. وبعدئذ، أعاد الطفلتين إلى صاحبة الرسالة لتظلا في كنفها. ورفعت صاحبة الرسالة بلاغا عن الحادث إلى الشرطة.

2-4 وفي 24 شباط/فبراير 2006، قضت الطفلتان عطلة نهاية الأسبوع مع الأب بموجب اتفاق بين الوالدين. وفي تلك المناسبة، اختطف الأب الطفلتين وذهب به ما من ماليزيا إلى تركيا. وفي 27 شباط/فبراير 2006، أبلغ أخُ الأبِ صاحبةَ الرسالة بأن الطفلتين توجدان في تركيا. ورفعت صاحبة الرسالة بلاغا إلى الشرطة في ماليزيا، فأُصدر أمرٌ بتوقيف الأب. وفي 29 شباط/فبراير 2006، رفعت صاحبة الرسالة شكوى لدى قنصلية تركيا في سنغافورة؛ ثم ذهبت إلى تركيا في أوائل آذار/مارس 2006.

2-5 وفي غضون ذلك، رفع الأب في آذار/مارس 2006 في تركيا دعوى للطلاق من صاحبة الرسالة ومنحه حضانة الطفلتين. وفي 21 آذار/مارس 2006، أُوصي، في تقرير أعدّه خبراء من أجل محكمة الأسرة في تركيا، أن تمُنح الحضانة إلى صاحبة الرسالة في حالة الطلاق، على أن تبقى الحضانة مؤقتا مع الأب إلى أن يحين ذلك. وفي 4 نيسان/أبريل 2006، ردّت محكمة من محاكم الأسرة في كوجيلي دعوى الطلاق والحضانة لأن الأب سحب طلب الطلاق والحضانة الذي رفعه.

2-6 وفي 10 نيسان/أبريل 2006، رفعت صاحبة الرسالة بلاغا إلى الشرطة في تركيا، تضمّن عنوان إقامة الأب وتفاصيل اختطاف الطفلتين في ماليزيا. وقالت أيضا إنها تريد إعادة الطفلتين إلى كنفها. وفي 18 نيسان/أبريل 2006، رفعت بلاغا إلى المدعي العام الأوّل في إسطنبول. وفي اليوم نفسه، تقدّمت بدعوى لبدء إجراءات الطلاق في تركيا في محكمة أسرة ثانية في كوجيلي. وفي 25 تموز/يوليه 2007، توقّف سير دعوى الطلاق لأن صاحبة الرسالة سحبت طلبها بموجب رسالة مؤرخة 4 حزيران/يونيه 2007.

2-7 وفي 18 نيسان/أبريل 2006 كذلك، شرع الأب في إجراءات للطلاق في تركيا.

2- 8 وفي 8 آب/أغسطس 2006، تمّ الطلاق رسميا بين صاحبة الرسالة والأب في سنغافورة. ومنحت المحكمة حضانة الطفلتين إلى صاحبة الرسالة، لكنهما ظلتا في تركيا مع والدهما.

2-9 وفي 19 آذار/مارس 2007، خلُص تقرير أعدّه خبراء كلّفهم مكتب الادعاء العام في تركيا بمقارنة توقيعات صاحبة الرسالة مع التوقيعات على رسائل الموافقة على إصدار وثائق سفر للطفلتين لمغادرة سنغافورة، أن التوقيع على تلك الرسائل هو بالفعل توقيع صاحبة الرسالة، وذلك بتحليل نسخة من هذه الرسائل وليس الرسائل الأصلية. وبناء على ذلك، قرّر مكتب الادعاء العام، في 21 آذار/مارس 2007، عدم متابعة الأب بتهمة الاختطاف أو التزوير. وفي 4 أيار/مايو 2007، رفعت صاحبة الرسالة طعنا في القرار إلى المحكمة الجنائية العليا في سكاريا. وفي 14 أيار/مايو 2007، رُدّت دعوى الاستئناف التي رفعتها.

2-10 وفي 26 أيار/مايو 2007، أخذت صاحبة الرسالة ابنتيها سرّا إلى الجمهورية العربية السورية. وألقت السلطات السورية القبض على صاحبة الرسالة. وأعيدت الطفلتان وصاحبة الرسالة إلى تركيا بناءً على طلب وجّهه السفير التركي إلى الجمهورية العربية السورية. وفي 19 تموز/يوليه 2007، قضت محكمة تركية بعدم متابعة صاحبة الرسالة قضائيا لأخذها ابنتيها إلى الجمهورية العربية السورية. وأُيّد هذا الحكم في مرحلة الاستئناف في 15 كانون الأول/ديسمبر 2007.

2-11 وفي 5 شباط/فبراير 2010، قضى مكتب المدعي العام الأوّل في كوجيلي أنه ما من أسباب تُبرّر متابعة الأب قضائيا بتهمة التزوير أو الاختطاف. وفي 18 شباط/فبراير 2010، رفعت صاحبة الرسالة طعنا في ذلك القرار إلى محكمة جنائية عليا ثانية في سكاريا. وفي 28 نيسان/أبريل 2010، رفضت المحكمة طعنها وأيّدت قرار عدم متابعة الأب قضائيا. وترى صاحبة الرسالة أن سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بمسألة الاختطاف والتزوير قد استنفدت.

2-12 وفي غضون ذلك، رفع الأب في 18 كانون الأول/ديسمبر 2007 دعوى للطلاق لدى محكمة الأسرة الأولى في كوجيلي. وانتهت إجراءات دعوى الطلاق والحضانة ف ي تلك المحكمة في 27 نيسان/أبريل 2011؛ وفي 10 حزيران/يونيه 2011، أصدرت المحكمة قرارها بمنح الأب حضانة الطفلتين. ورفعت صاحبة الرسالة طعنا في القرار في 15 حزيران/يونيه 2011 إلى محكمة الاستئناف العليا في تركيا. وفي 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، أُبلِغت صاحبة الرسالة بأ نه سيُبتّ في طعنها في أيار/مايو 2012. وفي 24 أيلول/سبتمبر 2012، أيّدت محكمةُ الاستئناف العليا الحكمَ الذي أصدرته المحكمة الأدنى درجةً.

2-13 وتوضِّح صاحبة الرسالة أن فرص تواصلها مع ابنتيها كانت محدودة جدا منذ اختطافهما. فقد قضت المحاكم التركية بألا تلتقي ابنتيها إلا تحت المراقبة ولمدة تتراوح من 4 إلى 5 ساعات في الشهر، وفي الأعياد الدينية. وصاحبة الرسالة تذهب بالطائرة من ماليزيا إلى تركيا من أجل تلك الزيارات، وهي وحدها من يتحمل تكاليف ذلك.

2-14 وقامت صاحبة الرسالة، خلال زياراتها لتركيا في عامي 2006 و 2007، بإبلاغ الشرطة عن تعرضها لحالات عنف وسلوك عدواني من الأب. وتدّعي أيضا أن الأب تجاهل في بعض الأحيان ترتيبات اتصالها بابنتيها التي قضت بها المحاكم.

الشكوى

3-1 تدّعي صاحبة الرسالة أنها ضحية للتمييز الجنساني بمقتضى الاتفاقية، بما يشكّل انتهاكا للمواد 2 و 3 و 15 (مقروءة بالاقتران مع التوصية العامة رقم 21 (1994) بشأن المساواة في الزواج والعلاقات الأسرية) و 16 (1) (ج) و (د). وتزعم وجود دليلين على الانتهاك. أولا، أخفقت السلطات التركية في منع اختطاف ابنتيها، وفي صون حقوق صاحبة الرسالة المكفولة لها كأم. ثانيا، أخفقت السلطات التركية في توفير سبل انتصاف فعالة لصاحبة الرسالة عن طريق المحاكم.

3-2 وتدّعي صاحبة الرسالة أنها لم توقّع رسائل الموافقة في سنغافورة وأن التوقيع مزوّر. والدليل الوحيد الذي قدمه الأب هو تقرير خبراء (انظر الفقرة 2-9) يقول إن التوقيعات على رسائل الموافقة هي توقيعات صاحبة الرسالة. غير أن الخبراء حلّلوا نسخا من الرسائل، وليس الرسائل الأصلية. وتدفع صاحبة الرسالة بأنه حتى إذا كانت هي من وقّعت رسائل الموافقة، فقد كان ينبغي لقنصلية تركيا ألا تصدر وثائق سفر للابنتين. وادّعى الأب أن صاحبة الرسالة كانت حاضرة في القنصلية عند حصوله على وثائق السفر، ولكنها كانت ترتدي النقاب ولم يكن ليتسنى التعرف عليها. وتزعم صاحبة الرسالة أن الأختام على جواز سفرها تُثبت أنها كانت في ماليزيا آنذاك، وأن ما يدفع به الأب يكشف عن موقف تمييزي تجاه النساء اللاتي يخترن ارتداء النقاب. وأخذ السلطات التركية برواية الأب للوقائع، بما يصبّ في مصلحته، يدل على إيلاء أهمية أقل إلى الأدلة المقدمة من صاحبة الرسالة بسبب نوع جنسها، ويكشف عن شيوع ثقافة تقبّل آراء الرجال في المسائل الأسرية، وهو ما يشكّل انتهاكا للمادتين 15 (مقروءة بالاقتران مع التوصية العامة رقم 21) و 16 (1) (ج) من الاتفاقية، على التوالي.

3-3 وأبلغت صاحبةُ الرسالة الشرطةَ التركية في 10 نيسان/أبريل 2006 باختطاف ابنتيها. غير أنه لم يُتخذ أي إجراء حتى آذار/مارس 2007. وحالات التأخّر المفرط في سير الدعاوى المدنية والجنائية، وعدم معالجة ادعاءات صاحبة الرسالة على وجه السرعة، وعدم توفير سبيل انتصاف قضائي فعال لها، كلُّها أمور تشكّل انتهاكا للمادة 15 من الاتفاقية، مقروءة بالاقتران مع التوصية العامة رقم 21.

3-4 ومنذ لحظة إبلاغ صاحبة الرسالة الشرطةَ في تركيا بالاختطاف، أخفقت السلطات في حماية حقوقها كأم، بما يكفل لها التواصل الكافي مع ابنتيها. وبعدم حماية تلك الحقوق، تكون الدولة الطرف قد انتهكت المادة 16 (1) (د) من الاتفاقية. وتدّعي صاحبة الرسالة أن الإخفاق في إنفاذ الأوامر القاضية بإتاحة التواصل ترجع إلى الاعتقاد الراسخ بأن الأب، بوصفه رب الأسرة، هو صاحب القرار، وهو ما يشكّل انتهاكا للمادة 16 (1) (ج) من الاتفاقية، مقروءة بالاقتران مع التوصية العامة رقم 21.

ملاحظات الدولة الطرف المبدئية بشأن مقبولية الرسالة

4 - في مذكرة شفوية مؤرخة 16 أيلول/سبتمبر 2015، طعنت الدولة الطرف في مقبولية الرسالة. وأكّدت أن سبل الانتصاف المحلية لم تُستنفد لأن دعوى الاستئناف التي رفعتها صاحبة الرسالة فيما يتعلق بالطلاق والحضانة لم يُفصل فيها بعد. وعلاوة على ذلك، تنصّ المادة 148 من دستور تركيا على أنه يحق لصاحبة الرسالة أن تقدم إلى المحكمة الدستورية دعوى فردية تدّعي فيها انتهاك حقوقها الإنسانية بعد الانتهاء من عملية الاستئناف.

تعليقات صاحبة الرسالة على ملاحظات الدولة الطرف المبدئية بشأن المقبولية

5-1 في 11 شباط/فبراير 2016، قدمت صاحبة الرسالة تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية. وتُلاحظ أن ملاحظات الدولة الطرف غير دقيقة، لأنه لا توجد أي دعوى لها رهن الاستئناف. وأوضحت أن الدعاوى التي جرت في تركيا كانت من فصيلين: فصيل تعلق بالاختطاف والتزوير (الدعاوى الجنائية) بينما تعلق الفصيل الآخر بالطلاق (الدعاوى المدنية/الأسرية).

5-2 ويمكن الطعن في الأحكام الصادرة بعد 23 كانون الأول/ديسمبر 2012 ( ) برفع دعوى فردية إلى المحكمة الدستورية لأسباب تتعلق بالحقوق والحريات الأساسية التي يحميها الدستور واتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان). لكن في حالة صاحبة الرسالة، انتهت إجراءات الدعاوى الجنائية في 28 نيسان/أبريل 2010 عندما أيّدت المحكمة الجنائية العليا الثانية في سكاريا قرار عدم متابعة الأب قضائيا بتهمة التزوير والاختطاف. ولأن ذلك القرار يسبق بدء سريان إمكانية رفع الدعاوى إلى المحكمة الدستورية، فإن سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بالدعاوى الجنائية تكون قد استُنفدت، فلا إمكانية متاحة للاستئناف أمام المحكمة الدستورية.

5-3 وفيما يتعلق بالدعاوى الأسرية، أيّدت محكمة الاستئناف العليا الحكم الصادر عن المحكمة الأدنى درجة في 24 أيلول/سبتمبر 2012. وتقول صاحبة الرسالة أن محاميها أشار عليها بأن رفع طعنٍ إلى المحكمة الدستورية لم يكن ليُنظر فيه لأن قضيتها مسألة تتعلق بالحياة الخاصة، ومن ثمّ فما من مخوِّل لها لتقوم بذلك. وتدفع صاحبة الرسالة بأنه حتى إذا كان مخولا له رفع الطعن، لم تكن المحكمة الدستورية لتُوفر لها سبيل انتصاف فعال. حيث لم يكن ليتسنى لها رفع طعن إلى المحكمة الدستورية إلا فيما يتعلق بالدعاوى الأسرية، ولم يكن الانتصاف ليكون فعالا لأن المسائل الجنائية والأسرية جدّ متشابكة لدرجة أنه لم يكن ليتسنى الخروج بنتيجة عادلة وشاملة بناءً على وقائع المسائل الأسرية فحسب. وتشير صاحبة الرسالة إلى أنه يجوز للجنة أن تُسقط شرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية في حالة لوحظ عدم توفر سبيل انتصاف فعال في المحاكم (الاستئنافية) الوطنية.

5-4 وتدفع صاحبة الرسالة كذلك بأن محاميها في تركيا هو من أشار عليها بأن جميع سبل الانتصاف المحلية قد استُنفدت عند رفع أوّل التماس إلى اللجنة. وتقول صاحبة الرسالة إنه في حال عدم صواب ما أشار به محاميها، فإنه لا ينبغي منعُها من التماس الانتصاف لأنها اعتمدت على مشورته الـمُقصّرة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

6-1 في مذكرة شفوية مؤرخة 18 نيسان/أبريل 2017، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية هذه القضية وأسسها الموضوعية.

6-2 تحتج الدولة الطرف أولا أن صاحبة الرسالة لم تقدم أدلة محددة بشأن الانتهاكات المزعومة للمادتين 15 و 16 من الاتفاقية. وإضافة إلى ذلك، لا يمكن الاحتجاج بالاتفاقية فيما يتعلق بادعاء صاحبة الرسالة عدم اتباع الإجراءات القانونية الواجبة في التحقيق. فنطاق ما تنظر فيه اللجنة لا يشمل إلا ادعاءات انتهاك الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية، وأيُّ ادعاءات بشأن عدالة التحقيق لا تدخل ضمن هذا النطاق.

6-3 وفيما يتعلق بالدعاوى الأسرية، تُكرِّر الدولة الطرف أن صاحبة الرسالة لم ترفع دعوى فردية إلى المحكمة الدستورية، ومن ثمّ فهي لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية. وفي هذا الصدد، تشير الدولة الطرف إلى أن قرار محكمة الاستئناف العليا المؤرخ 24 أيلول/سبتمبر 2012، الذي أيّد قرار محكمة الأسرة في كوجيلي منحَ حضانة الطفلتين إلى الأب، أصبح نهائيا في 3 كانون الثاني/يناير 2013، ولم يرفع الطرفان دعوى لتعديل الحكم. والقانون المتعلق بإنشاء محكمة تركيا الدستوري ة وبنظامها الداخلي (القانون رقم 6216)، الذي ينص على رفع دعوى فردية إلى المحكمة الدستورية، دخل حيز النفاذ في 24 أيلول/سبتمبر 2012. وبموجب هذا القانون، يمكن الطعن في الأحكا م التي أصبحت نهائية بعد 23 أيلول/سبتمبر 2012 برفع دعوى فردية إلى المحكمة الدستورية. وعلاوة على ذلك، تشير الدولة الطرف إلى أن محكمة الأسرة في كوجيلي قضت، بعد الأخذ في الاعتبار اتفاقيةَ حقوق الطفل وأهميةَ معرفة آراء الأطفال وما يفضلونه، أن مصالح الطفلتين المثلى تقتضي بقاءهما مع الأب. فقد تبيّن للمحكمة أن الطفلتين تقيمان مع والدهما منذ وقت طويل وأنهما تتابعان دراستهما في تركيا. وفي جلسة مغلقة عُقدت أثناء سير الدعوى، قالت الطفلتان إنهما ترغبان في البقاء مع أبيهما لكنهما ترغبان أيضا في البقاء على تواصل مع صاحبة الرسالة. وأُصدر أمر مؤقت قضى بالسماح بأن تكون هناك علاقة شخصية بين صاحبة الرسالة والطفلتين. غير أن صاحبة الرسالة اختطفت الطفلتين وأخذتهما إلى الجمهورية العربية السورية. وعلاوة على ذلك، لم يكن يمكن للأب دخول ماليزيا دون التعرض للاحتجاز، بسبب إصدار السلطات الماليزية أمرا بإلقاء القبض عليه. بينما، في المقابل، تستطيع صاحبة الرسالة الدخول إلى تركيا والخروج منها بحرية. ولاحظت المحكمة أيضا أن منح الحضانة للأم سيُوقف فعليا العلاقة بين الطفلتين وأبيهما، وهو أمر ليس في صالح النمو النفسي للطفلتين. وأخيرا، تؤكد الدولة الطرف أن صاحبة الرسالة لم تقدم أي أدلة على ادعاءاتها بالتعرض للتمييز الجنساني في الدعاوى الأسرية.

تعليقات إضافية من صاحبة الرسالة

7-1 في 21 آب/أغسطس 2017، كررت صاحبة الرسالة الدفع بأن الدولة الطرف لم توفر لها سبيل انتصاف فعال لأنها امرأة. وتدّعي أن هذا التمييز كان شديدا لأنها ليست من مواطني تركيا، ولأن النظام القانوني التركي منحاز إلى الرجل التركي باعتباره رب الأسرة وهو من تُسند إليه عُهدة الأطفال.

7-2 وتدّعي صاحبة الرسالة أن الدولة الطرف لم تمتثل إلى الاتفاقية المتعلقة بالجوانب المدنية للاختطاف الدولي للأطفال، وتجاهلت كذلك قرارات المحاكم في سنغافورة وماليزيا التي منحت الحضانة إلى صاحبة الرسالة.

7-3 وتقول صاحبة الرسالة إن توخي العدالة الإجرائية والتقيّد بالإجراءات القانونية الواجبة لا يقتصران على الإعراب عن الحق في محاكمة عادلة، بل هما من المفاهيم المجسّدة في مبادئ المساواة المنصوص عليها في الاتفاقية ومن ثمّ فهما ليسا خارج نطاق الاتفاقية.

7-4 وتعترض صاحبة الرسالة على قول الدولة الطرف إن التوقيع على وثائق سفر الطفلتين غير مزوّر، وتعرِض تقديم استنتاجات خبير معترف به دوليا من سنغافورة لتُبيِّن أن توقيعها زُوِّر. وتقول كذلك إن وصف الدولة الطرف للجلسة المغلقة المعقودة مع الطفلتين لا أساس له من الصحة.

7-5 وتؤكد صاحبة الرسالة مرة أخرى أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية، وترفض الزعم القائل بوجود سبيل انتصاف فعال متاح لها أمام المحكمة الدستورية.

7-6 وتعرب صاحبة الرسالة عن أسفها لأخذ طفلتيها إلى الجمهورية العربية السورية وتؤكد التزامها باللجوء إلى القانون لإعادة طفلتيها إلى كنفها، لكنها تشير إلى أنها اضطرت إلى اللجوء إلى أخذ حقها بيديها بسبب العقبات التي واجهتها مرارا وتكرارا من السلطات التركية.

معلومات إضافية من الدولة الطرف

8-1 في 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2017، كررت الدولة الطرف ملاحظاتها السابقة، وأكدت أن النظام القانوني التركي يقوم على مبدأ المساواة أمام القانون، وأن المادة 41 من الدستور توفر إطارا للمساواة بين الرجل والمرأة، وأن النظام المدني يقوم على مبدأ المساواة.

8-2 وتقول الدولة الطرف إن ادعاءات صاحبة الرسالة بشأن الاتفاقية المتعلقة بالجوانب المدنية للاختطاف الدولي للأطفال ليست من اختصاص اللجنة. وعلاوة على ذلك، وبما أن ماليزيا ليست طرفا في ذلك الصك، فلا يمكن أن يسري على هذه الحالة. وأخيرا، تشدد الدولة الطرف على أن صاحبة الرسالة لم ترفع دعوى إلى المحكمة الدستورية بشأن الدعاوى الأسرية، ومن ثم فهي لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية في هذا الشأن.

معلومات إضافية من صاحبة الرسالة

9 - في 8 آذار/مارس 2018، أكدت صاحبة الرسالة أنه مخوّل للجنة النظر في الاتفاقية المتعلقة بالجوانب المدنية للاختطاف الدولي للأطفال بحكم إمكانية أخذها في الاعتبار المبادئ العامة للقانون الدولي. وتؤكد صاحبة الرسالة مرة أخرى أنها تعرضت للتمييز من جانب الدولة الطرف لأنها امرأة ولأنها أجنبية. وتكرر أن السبب وراء عدم إرجاع طفلتيها إليها بسُرعة هو تلقي الأب معاملة أفضل بسبب نوع جنسه. وأخيرا، تؤكد صاحبة الرسالة أن جميع سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت في رأيها.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة: النظر في المقبولية

10-1 يجب على اللجنة أن تُقرر، وفقاً للمادة 64 من نظامها الداخلي، ما إذا كانت الرسالة مقبولة بموجب البروتوكول الاختياري. ويتعين عليها، عملاً بالمادة 72 (4)، بأن تقوم بذلك قبل النظر في الأسس الموضوعية للرسالة.

10-2 وتلاحظ اللجنة بادئ ذي بدء أن هذه المسألة لم يُنظر فيها، ولا يجري النظر فيها، في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وعليه، ل ا يوجد ما يمنعها بموجب المادة 4 (2) (أ) من البروتوكول الاختياري من النظر في هذه الرسالة.

10-3 وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف تطعن في مقبولية هذه الرسالة بموجب المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري، بحجة أن صاحبة الرسالة لم ترفع إلى المحكمة الدستورية طعنا في قرار محكمة الاستئناف العليا المؤرخ 24 أيلول/سبتمبر 2012 الذي أيّد قرار م حكمة الأسرة في كوجيلي المؤرخ 10 حزيران/ يونيه 2011، وقضى بمنح الأب حضانة الطفلتين، وقد أصبح ذلك القرار نهائيا في 3 كانون الثاني / يناير 2013 وفقا لما ذكرته الدولة الطرف. وعليه، فإن صاحبة الرسالة، حسب رأي الدولة الطرف، لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية.

10-4 وتُذكّر اللجنة بأنه، بموجب المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري، لا يمكنها النظر في أي رسالة ما لم تكن قد تأكّدت من استنفاد جميع سُبل الانتصاف المتاحة محلياً، باستثناء إذا كان تطبيق سُبل الانتصاف مطوّلاً بدرجة غير معقولة وكان من غير المرجّح أن يوفّر انتصافا فعالا.

10-5 وقد أحاطت اللجنة علما بالتفسيرات التي قدمتها صاحبة الرسالة بشأن عدم جدوى استنفاد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بجانب الدعاوى الأسرية من قضيتها، لأن رفع دعوى إلى المحكمة الدستورية لم يكن ليتسنى رفعه إلا فيما يتعلق بالدعاوى الأسرية، ولم يكن سبيل الانتصاف هذا ليكون فعالا لأن المسائل الجنائية والأسرية جدّ متشابكة لدرجة أنه لم يكن ليتسنى الخروج بنتيجة عادلة وشاملة. غير أن اللجنة تلاحظ أنه يمكن الطعن في قرارات المحاكم الصادرة في تركيا بعد 23 أيلول/سبتمبر 2012 برفع دعوى فردية إلى المحكمة الدستورية لأسباب تتعلق بالحقوق والحريات الأساسية التي يحميها الدستور التركي والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. ولم يُعرب عن أي مؤاخذة فيما يتعلق بإمكانية اللجوء إلى هذا الإجراء. وإضافة إلى ذلك، ما من شيء في المواد التي يتضمنها الملف يُسوّغ للجنة أن تخلص إلى أن سبيل الانتصاف المعني لم يكن ليكون فعالا في دعاوى الطلاق وحضانة الطفلتين، أو إلى أن صاحبة الرسالة لم تكن لتحصل على الانتصاف عن طريق سبيل الانتصاف هذا تحديدا في حال رفعت استئنافا إلى المحكمة الدستورية. ولم تُبيّن صاحبة الرسالة، على سبيل المثال، كيف أن الاستئناف لا ينطبق على دعاوى الطلاق أو حضانة الأطفال، أو ما إذا سبق للمحكمة الدستورية أن ردّت دعاوى استئناف مماثلة لدعاواها دون النظر فيها. ومجرد القول إن رفع طعن دستوري في تركيا لا يشكل سبيل انتصاف فعال لا يمكن أن يبرّر إسقاط اللجنة شروط المقبولية المنصوص عليها في المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري. وبناءً عليه، تقضي اللجنة بأن هذا العنصر من الرسالة غير مقبول بموجب المادة 4 (1) من البروتوكول الاختياري.

10-6 وأحاطت اللجنة علما كذلك بادعاءات صاحبة الرسالة بموجب المواد 2 و 3 و 15 (مقروءة بالاقتران مع التوصية العامة رقم 21) و 16 (1) (ج) و (د) من الاتفاقية. غير أنها تلاحظ أن صاحبة الرسالة لم تقدم معلومات وإيضاحات كافية لإثبات ادعاءاتها. وفي ظل خلوّ الملف من مزيد من المعلومات أو الإيضاحات، تخلص اللجنة إلى أن هذا العنصر من الرسالة غير مقبول بموجب المادة 4 (2) (ج) من البروتوكول الاختياري.

11 - وبناء على ذلك، تُقرِّر اللجنة:

(أ) أن الرسالة غير مقبولة بموجب المادتين 4 (1) و 4 (2) (ج) من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن تُبلَّغ الدولةُ الطرف وصاحبةُ الرسالة بهذا القرار.