الأمم المتحدة

CAT/C/65/D/822/2017

لجنة مناهضة التعذيب

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

7 February 2019

Arabic

Original: English

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 822/2017 * **

بلاغ مقدم من : ي. ج. (يمثله المحامي أورس إبنوثر)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: سويسرا

تاريخ تقديم الشكوى: ٢٢ نيسان/أبريل ٢٠١٧ (تاريخ الرسالة الأولى)

تاريخ اعتماد هذا القرار: ٢٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٨

الموضوع: الطرد إلى جمهورية إيران الإسلامية

المسائل الإجرائية: لا يوجد

المسألة الموضوعية: خطر التعرض للتعذيب عند العودة إلى البلد الأصلي

مواد الاتفاقية: ٣

١ - 1 صاحب الشكوى هو ي.ج.، مواطن من جمهورية إيران الإسلامية مولود في 21 أيلول/سبتمبر ١٩٨١. وقد طلب اللجوء في سويسرا، لكن طلبه رُفض. وتقرَّر إبعاده إلى جمهورية إيران الإسلامية، وهو يدَّعي أن إقدام سويسرا على إعادته قسراً إلى بلده الأصلي يشكل انتهاكاً للمادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب. ويمثله محام.

١ - ٢ وفي ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠١٧، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، عن طريق مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، عملاً بالمادة ١١٤ من نظامها الداخلي، عدم طرد صاحب الشكوى إلى جمهورية إيران ا لإسلامية ريثما تنظر في شكواه.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

٢ - 1 شعر صاحب الشكوى بميله إلى شؤون السياسة حين كان في سن المراهقة، وقاده هذا الميل إلى دراسة العلاقات الدولية. وشارك في مظاهرة قبل إجراء ا لانتخابات الرئاسية الإيرانية، في ١٣ حزيران/يونيه ٢٠٠٩، بعشرة أيام. ثم شارك في مظاهرة أخرى نظمت في إطار الحركة الخضراء في شيراز في ٨ شباط/فبراير ٢٠١١ . وعندما طوَّق الموظفون المدنيون ووحدة تابعة لميليشيا الباسيج المشاركين، حاول صاحب الشكوى الفرار وضاعت منه محفظته أثناء ذلك. ولما فطن لما أ ضاعه، التفت فرأى وراءه أفراداً من الشرطة وقد التقطوا، على الأرجح، محفظته. وفي وقت لاحق، اعتقل في ١٢ شباط/فبراير ٢٠١١ و ظل محتجزاً في زنزانة تحت الأرض. وفي ١٥ شباط/فبراير ٢٠١١، استجوبته المحكمة لمدة ساعة واحدة ( ) . وبعد ذلك بيوم واحد، أُفرج عنه بكفالة. وتجنباً لمزيد من الاضطهاد، غادر جمهورية إيران الإسلامية في ٩ نيسان/أبريل ٢٠١١.

٢ - ٢ و و صل صاحب الشكوى إلى سويسرا في تاريخ غير محدد، وقدم طلبه الأول للحصول على اللجوء في ٤ تموز/يوليه ٢٠١١، ورفضت أمانة الدولة لشؤون الهجرة طلبه في ٢٣ أيلول/سبتمبر ٢٠١١ لأنه لم يدل بوثائق تثبت هويته ولم يعط أسباباً معقولة تبرر عدم تمكنه من حيازة هذه الوثائق. ورفضت المحكمة الإدارية الاتحادية، في ١٣ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١، الطعن الذي قدمه.

٢ - ٣ وفي أيلول/سبتمبر ٢٠١١، أصبح صاحب الشكوى عضو اً في الرابطة الديمقراطية لشؤون اللاجئين. وسرعان ما أسندت إليه مسؤوليات إضافية داخل الرابطة بفضل مؤهلاته التعليمية. وفي عام ٢٠١٢، بدأ يح رر البلاغات وينشر الأخبار على ال صفحة الناطقة باللغة الفارسية التابعة للرابطة على شبكة الإنترنت ، بوصفه عضوا ً في فريق يتألف من خمسة أشخاص ( ) وبات منذ أيلول/سبتمبر ٢٠١٣، هو الشخص الوحيد المسؤول عن هذه الصفحة على الإنترنت.

٢ - ٤ وفي ٢٣ تموز/يوليه ٢٠١٢، قدم صاحب الشكوى طلباً ثانياً للحصول على اللجوء، وادعى فيه أنه ناشطٌ سياسياً كعضو في الرابطة الديمقراطية لشؤون اللاجئين منذ أيلول/ سبتمبر ٢٠١١، أي قبل أن يصدر القرار الأول بشأن طلب اللجوء. وفي ٧ شباط/ فبراير ٢٠١٤، رفضت أمانة الدولة لشؤون الهجرة طلبه. وفي ٩ نيسان/أبريل ٢٠١٤، رفضت المحكمة الإدارية الاتحادية الطعن الذي قدَّمه صاحب الشكوى . ورأت المحكمة أن صفته كعضو في الرابطة الديمقراطية لشؤون اللاجئين لا تكفي كعامل يعرضه لخطر الاضطهاد إذا ما عاد إلى جمهورية إيران الإسلامية، لأن نشاطه لا يختلف كثير اً عن النشاط الذي يمارسه سائر الإيرانيين في المنفى.

٢ - 5 ومنذ أيلول/سبتمبر ٢٠١٤، أصبح صاحب الشكوى هو المسؤول الرئيسي عن الموقع الشبكي لإذاعة " صوت المقاومة " ( Stimme des Widerstandes )، بوصفه مذيع البرنامج الذي يُبث أسبوعياً. ويُعد كل ستة أشهر، تقريراً يقدم إلى اللجنة التنفيذية للرابطة الديمقراطية لشؤون اللاجئين. وصاحب الشكوى هو الوحيد الذي يساهم بمواد إلى جانب المحرر. وترد في الموقع الشبكي المقابل الناطق باللغة الفارسية إشارةٌ تفيد بأن صاحب الشكوى هو الشخص المسؤول عن الموقع. وهو يدلي أيضاً بتصريحات مناهضة للنظام الإيراني في صفحته على موقع فيسبوك ( ) ، حيث اسمه الكامل وصورته مكشوفان للعلن، ويشارك في العديد من المظاهرات والتجمعات للوقوف في وجه الاضطهاد الذي يُمارس في جمهورية إيران الإسلامية والدعوة إلى مراعاة حقوق الإنسان ( ) . وفي ١٧ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٢، وقع على عريضة موجهة إلى الرئيس السابق للمجلس الاتحادي السويسري، مطالباً بإغلاق السفارة الإيرانية في برن بسبب موظفي السفارة الذين يعرف عنهم أنهم يمارسون التجسس.

٢ - ٦ وفي ٦ كانون الثاني/يناير ٢٠١٥، قدم صاحب الشكوى طلباً ثالثاً للحصول على اللجوء مستند اً في ذلك إلى نشاطه السياسي المستمر. وفي 30 كانون الثاني/يناير 2015، رفضت أمانة الدولة لشؤون الهجرة طلبه. فرفضت أولاً طلب صاحب الشكوى عقد جلسة استماع أخرى، نظراً إلى أنه أ ثبت الوقائع كتابة واستعان بمحام في ال طلب الثالث الذي قدمه للحصول على اللجوء. وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، أقرت أمانة الدولة لشؤون الهجرة بأن السلطات الإيرانية ترصد النشاط السياسي في الخارج، ولكنها تركز اهتمامها على الأفراد الذين تعتبرهم من معارضي الحكومة الثابتين والخطرين. و بإمكان السلطات الإيرانية أن تميز بين المعارضين الملتزمين و بين نشطاء المنفى من أمثال صاحب الشكوى، الذين لم يكونوا نا ش طين سياسياً في جمهورية إيران الإسلامية، وهم بذلك، ليسوا مستهدفين من السلطات. ورأت أمانة الدولة لشؤون الهجرة أن الوثائق التي قدمها صاحب الشكوى ل دعم ادعائه الالتزام السياسي الشديد بأنشطته، تشير إلى أنه ركز على تطورات وأحداث معروفة عموما ً في جمهورية إيران الإسلامية من دون أن يفرق بين معارضته هو والأشكال المألوفة للمعارضة السياسية في المنفى. ولاحظت أمانة الدولة لشؤون الهجرة أيضاً أن صاحب الشكوى لم يبد أ في إبراز سجله السياسي إلا بعدما ر ُ فض طلب اللجوء الأول، ساعياً بذلك إلى الحصول على تصريح بالإقامة. ولذلك، فإن أمانة الدولة لشؤون الهجرة تشكُّ في أن يكون صاحب الشكوى ملتزماً سياسياً في ظل عدم اضطلاعه بأنشطة سياسية في جمهورية إيران الإسلامية. وهي تشك أيضاً في أن تكون السلطات الإيرانية قادرة على رصد الكم الهائل من البيانات المتاحة على شبكة الإنترنت؛ فهي لا تركز إلاَّ على المعارض ين ذ و ي ال قناعات الراسخة، على عكس صاحب الشكوى، م ما يجعل هم يُعدُّ ون مصدر تهديد خطير للدولة. ولم تقع أمانة الدولة لشؤون الهجرة على أي مؤش رات توحي بأن السلطات الإيرانية على علم بأنشطة صاحب الشكوى المزعومة، وخلصت إلى أنه لا يملك ذلك السجل السياسي الذي يجذب انتباه السلطات الإيرانية.

٢ - ٧ وقدم صاحب الشكوى طعن اً شدَّد فيه على تعرضه للاضطهاد في جمهورية إيران الإسلامية بسبب مشاركته في إحدى المظاهرات. وأصبح من الأعضاء النشطين في الرابطة الديمقراطية لشؤون اللاجئين في أيلول/سبتمبر ٢٠١١، أي قبل انتهاء إجراءات طلب اللجوء الأول الذي قدمه، وشيئاً فشيئاً تعزز التزامه. واعتبر تقييم أمانة الدولة لشؤون الهجرة بمثابة تعميم، لأنه بات الآن يشغل وظيفة تنطوي على مسؤوليات مختلفة، وبرز كشخص له سجل سياسي واضح. وهناك عدة إيرانيين حصلوا على صفة اللاجئ استناداً إلى اضطلاعهم ب أنشطة في المنفى فقط. ولو أن أمانة الدولة لشؤون الهجرة نظرت حقاً في مضمون أقوال صاحب الشكوى وأتاحت له ال فرصة ل كي ي شرح وضعه، لكانت وقفت على حاله المثير للشفقة وما يعنيه أن تنتقد النظام الإيراني من تعقيدات.

٢ - ٨ وفي ٢٣ شباط/فبراير ٢٠١٧، أيَّدت المحكمة الإدارية الاتحادية قرار أمانة الدولة لشؤون الهجرة. ورأت أن ادعاءات صاحب الشكوى ب شأن تعرضه للاضطهاد في جمهورية إيران الإسلامية عقب مشاركته في إحدى المظاهرات غير معقولة؛ وأن وضعه بصفته المسؤول الرئيسي عن الموقع الشبكي للرابطة الديمقراطية لشؤون اللاجئين لا يختلف اختلافاً جوهرياً، على ما يبدو، عن العمل الذي كان يؤديه سابقاً بصفته مجرد عضو في الفريق؛ وأنه لا يملك سلطة تخوله اتخاذ قرارات هامة ضمن الرابطة؛ وأن وضعه بصفته مذيع أخبار لا يشكل دليل اً على تنامي سجله السياسي؛ وأن قراءة الأخبار لا تعتبر من النشاط السياسي المكشوف؛ وأن نشاطه على موقع فيسبوك كان عموماً عبارة عن منشورات معارضة اقتصرت على سرد أحداث أو شجب انتهاكات في جمهورية إيران الإسلامية؛ وأن ال صور التي التقطت ل ه أثناء مشاركته في إحدى المظاهرات لم يظهر فيها كواحد من المعارضين الثابتين لحكومة جمهورية إيران الإسلامية. وخلصت المحكمة إلى أن صاحب الشكوى ليس منكشفاً بالقدر الذي يعرضه لخطر الاضطهاد في جمهورية إيران الإسلامية باعتباره من معارضي الحكومة الثابتين والخطرين.

٢ - ٩ وقد أقرت الرابطة الديمقراطية لشؤون اللاجئين، في خطاب مؤرخ ١٩ نيسان/ أبريل ٢٠١٧ وجهته إلى اللجنة، بأن صاحب الشكوى هو عضو نشيط منذ أيلول/ سبتمبر ٢٠١١ ومعارض يناصب النظام الإيراني العداء. وأن احتمال تعرضه للاضطهاد في حالة عودته إلى جمهورية إيران الإسلامية مرجح بشدة بالنظر إلى انخراطه في الرابطة.

الشكوى

٣ - ١ يؤكد صاحب الشكوى أنه ضحية انتهاك الدولة الطرف للمادة ٣ من الاتفاقية، لأن سلطاتها أصدرت الأمر بطرده إلى بلد سي تعرض فيه حتماً لمعاملة تتنافى مع الاتفاقية.

٣ - ٢ ويشير صاحب الشكوى إلى التهديد المتمثل في الضرر الجسيم ال ذ ي يلحق بمن يعارض النظام الإيراني حتى لو كان شخصاً مغموراً ( ) . وقد رأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في حكميها بشأن قضية ر . س. ضد السويد وقضية م . أ. ضد سويسرا ، أن أي شخص يتظاهر ضد النظام الإيراني الحالي أو يعارضه بأي شكل من الأشكال يمكن أن يتعرض لخطر الاحتجاز وسوء المعاملة أو التعذيب ( ) . وذكرت اللجنة في قضية تاهموريسي ضد سويسرا (CAT/C/53/D/489/2012) أن التقارير الأخيرة تفيد بأن السلطات في جمهورية إيران الإسلامية ترصد حتى المعارضة الأقل شأناً عن كثب، وأن السلطات الإيرانية ترصد عملياً الاتصالات على شبكة الإنترنت ومنتقدي النظام داخل البلد وخارجه على حد سواء (الفقرة 7 - 6). وأعربت اللجنة عن قلقها أيضاً بشأن اللجوء على نحو شائع إلى احتجاز المعارضين السياسيين في جمهورية إيران الإسلامية وتعذيبهم (الفقرة 7 - 5).

٣ - ٣ ويطعن صاحب الشكوى في استنتاج المحكمة الإدارية الاتحادية أن أنشطته السياسية في سويسرا لا تدل على أنه يملك سجلاً سياسياً حافلاً. ويستشهد بقرارات اتخذتها المحكمة في قضايا أخرى، قضت فيها بأن أعضاء الرابطة الديمقراطية لشؤون اللاجئين الذين يشغلون مواقع رفيعة منكشفون بالقدر الكافي الذي يعرضهم لخطر الاضطهاد في حال أُعيدوا قسراً إلى جمهورية إيران الإسلامية ( ) ، ورجَّحت بشدة أن يكون أصحاب الطلبات من الإيرانيين الناشطين سياسياً في المنفى، الذين يشاركون في المظاهرات، عرضةً للاضطهاد بسبب نشاطهم السياسي إذا ما أُعيدوا إلى جمهورية إيران الإسلامية ( ) . وفي هاتين القضيتين، واستنتجت المحكمة من وقائع معروفة لدى السلطات السويسرية المعنية باللجوء أن السلطات الإيرانية ترصد بانتظام ما يقوم به مواطنوها في الخارج من أنشطة واحتجاجات، وتجمع تلك البيانات وتتخذ إجراءات صارمة في حق المنشقين. ويؤكد صاحب الشكوى أن أنشطته تغني عن أي برهان حتى وإن لم يكن يشغل موقعاً قيادياً بصورة رسمية. وهو يشغل موقعاً هام اً في الرابطة ودوره أساسي في الأنشطة التي ينطوي عليها هذا الموقع. وعمله كمذيع لا يمثل مجرد نقل للأخبار السياسية، بل هو بيان شخصي بشأن الحالة السائدة في جمهورية إيران الإسلامية. ولن تعتبره السلطات الإيرانية " مُبَلّغاً " بل ناشطاً ملتزماً التزاماً مخلصاً بالقضية، وترى فيه لذلك، مصدر خطر على النظام. فمشاركته في الأنشطة السياسية تظهر أنه يملك سجل اً سياسياً مماثلاً لسجل غيره من الناشطين الذين ينتمون إلى الرابطة الديمقراطية لشؤون اللاجئين أو الذين كانوا ينتمون إليها وحصلوا على اللجوء. فدور صاحب الشكوى لا يقتصر على الاضطلاع بوظيفة إدارية أو المشاركة في المظاهرات مشاركة غير فاعلة ( ) ، بل هو يتصدر الطليعة في الأنشطة التي تمارس داخل الرابطة وخارجها كذلك. وهو مسؤول عن موقعين شبكيين نُشر عليهما اسمه ورقم هاتفه وصورته الشخصية حتى يتسنى لأي كان الاتصال به أو إرسال تعليقاته إليه.

٣ - ٤ وقد تجاهلت السلطات السويسرية وجود تقارير موثوقة تؤكد أن السلطات الإيرانية تراقب بدقة الأنشطة السياسية التي يمارسها ا لإيراني و ن في المهجر وتسجلها ( ) . ويكشف تقريرٌ لدائرة الهجرة في الدانمرك عن أدلة تثبت أن ملتمسي اللجوء واللاجئين يخضعون لمراقبة شديدة من السفارات الإيرانية وشبكاتها من المخبرين ( ) . ويؤكد تقرير مفصل صادر عن المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين وجود خطر حقيقي على المواطنين الإيرانيين المقيمين في سويسرا، الذين يشغلون موقعاً رفيعاً في الرابطة الديمقراطية لشؤون اللاجئين، من التعرض للاضطهاد في حال طردوا إلى جمهورية إيران الإسلامية ( ) .

٣ - ٥ ولذلك، فإنه من المرجح جد اً أن يكون قد جذب انتباه السلطات الإيرانية، التي لن تكتفي باعتبار أنشطته السياسية تشويهاً لصورة النظام - وهو ما يشكل في حد ذاته جريمة في جمهورية إيران الإسلامية - بل سترى فيه أيضاً تهديداً خارجياً للأمن الداخلي في البلد. وبالنظر إلى حالة حقوق الإنسان التي يُرثى لها في هذا البلد والقمع المفضوح الذي يمارسه النظام الحالي للمعارضة أياً كان نوعها، يشعر صاحب الشكوى بخوف له ما يبرره من التعرض للتعذيب إذا ما أعيد إلى جمهورية إيران الإسلامية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

٤ - ١ في ٢٥ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٧، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. وتذكِّر الدولة الطرف بأن الدول الأطراف لا يجوز لها، عملاً بالمادة 3 من الاتفاقية، أن تطرد أي شخص أو أن تعيده أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب. وللفصل في توافر هذه الأسباب من عدمه، يتعين على السلطات المختصة أن تأخذ في الحسبان جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك، عند الاقتضاء، وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية. وفيما يخص تعليق اللجنة العام رقم 1(1997) بشأن تنفيذ المادة 3 من الاتفاقية في سياق المادة ٢٢، يتعين على صاحب الشكوى أن يثبت أنه يواجه خطراً شخصياً وماثل اً ومحدق اً من التعرض للتعذيب عند عودته إلى بلده الأصلي. ويجب أن يقدر خطر التعذيب على أسس تتجاوز مجرد الافتراض أو الشك. ويجب أن تكون هناك أسباب تستدعي وصف خطر التعذيب بأنه محدق (الفقرتان 6 و7). ويجب أن تؤخذ في الاعتبار العناصر التالية لتبيُّن مدى وجود هذا الخطر: الأدلة على وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية؛ و أي ادعاءات تتعلق بالتعذيب أو سوء المعاملة وردت في الماضي القريب والأدلة المستقلة التي تدعم تلك الادعاءات؛ والنشاط السياسي لصاحب الشكوى داخل الدولة المعنية أو خارجها؛ وأي أدلة على مصداقية صاحب الشكوى؛ وأي تضارب في الوقائع التي يدعيها صاحب الشكوى (الفقرة 8).

٤ - ٢ ووجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل في حد ذاته سبباً كافياً يُستنتج منه أن شخصاً بعينه سيتعرض للتعذيب عند عودته إلى ذلك البلد؛ ويجب على اللجنة أن تحدد ما إذا كان الشخص المعني سيواجه شخصياً خطر التعرض للتعذيب في البلد الذي سيُعاد إليه ( ) . ويجب تقديم أسباب إضافية توضح، لأغراض المادة ٣(١) من الاتفاقية، أن خطر التعذيب متوقع وحقيقي وشخصي ( ) .

٤ - ٣ وعلى الرغم من أن حالة حقوق الإنسان في جمهورية إيران الإسلامية تنطوي على جوانب عدة تثير القلق، مثل اللجوء بشكل مكثف ومنهجي إلى ممارسة التعذيب النفسي والجسدي لانتزاع الاعترافات، فإن الحالة السائدة في البلد الأصلي لصاحب الشكوى لا تشكل في حد ذات ها سبب اً كافي اً يُستنتج منه أنه سيتعرض ل خطر ا لتعذيب إذا ما أُعيد إلى هناك. وصاحب الشكوى لم يتمكن من إثبات وجود خطر متوقع وحقيقي وشخصي عليه من التعرض للتعذيب. ولا يدعي أيضاً أنه تعرض للتعذيب على أيدي السلطات الإيرانية.

٤ - ٤ وفيما يتعلق بالنشاط السياسي لصاحب الشكوى في بلده الأصلي، يدعي هذا الأخير أنه كان من مناصري الحركة الخضراء منذ الانتخابات التي جرت في عام ٢٠٠٩، وأنه قام بصفته هذه، بتعليق الملصقات في القرى وتوزيع أشرطة خضراء. وشارك أيضاً في مظاهرتين. وقد نظرت السلطات السويسرية المعنية باللجوء في هذه الادعاءات ، على النحو الواجب ، واعتبرتها غير موثوقة. ولم يقم صاحب الشكوى الدليل على قيامه بنشاط سياسي حقيقي يجعله مكشوفاً. وبناء على ذلك، يُستبعد أن تكون السلطات الإيرانية قد حاولت العثور استناداً إلى بطاقة هويته التي يزعم أنها ضاعت منه، والتي ربما تكون في الواقع، قد وقعت في يد شخص آخر أو تكون سرقت منه.

٤ - ٥ وفيما يتعلق بالنشاط السياسي لصاحب الشكوى في سويسرا، تقر الدولة الطرف بأن السلطات الإيرانية ترصد الأنشطة السياسية التي يمارسها م واطن و ها في الخارج. ولكن ينبغي تقييم كل حالة على حدة للتحقق مما إذا كان هناك احتمال كبير لأن تنشأ عن ممارسة أنشطة سياسية في المنفى آثارٌ سلبية خطيرة في حال العودة. وجهاز الاستخبارات الإيرانية يركز اهتمامه أساساً على الأشخاص الذين يملكون سجل اً معيناً ، ولا يدخل نشاطهم في نطاق الاحتجاج الجماعي ويشغلون مواقع أو يضطلعون بأنشطة تمثل تهديد اً خطير اً وحقيقي اً للنظام الإيراني. وهو قادر تماماً على تمييز الأنشطة السياسية التي تعكس قناعة شخصية شديدة عن الأنشطة التي تمارس أساس اً بغرض الحصول على تصريح الإقامة. وقد رأت المحكمة الإدارية الاتحادية في قرارها المؤرخ ٢٣ شباط/فبراير ٢٠١٧ أن ما يهم في تقدير ما إذا كان شخص ما في خطر، هو ما يبذله من جهود ملموسة في سبيل إحداث تغيير محدد الهدف وفعال في الأوضاع السياسية السائدة في البلد وليس مسمى الوظيفة التي يشغلها أو عدد الأنشطة التي يمارسها.

٤ - ٦ وبالنظر إلى أن صاحب الشكوى لم يتمكن من إقامة الدليل على أنشط ته السياسية المزعومة في جمهورية إيران الإسلامية وتعرضه للملاحقة القضائية فيما بعد، لا يوجد سبب يدعو للاعتقاد بأن السلطات الإيرانية كانت تعتبره معارضاً سياسياً قبل أن يغادر البلد. ف أنشطته لا تتخطى حدود الاحتجاجات السياسية المعروفة عموم اً في المنفى. وكونه مسؤول اً عن الموقع الشبكي للرابطة الديمقراطية لشؤون اللاجئين لا يعني أنه يضطلع بدور فعال أو مهم في اتخاذ القرارات في المنظمة. وليس في قراءة الأخبار في الإذاعة أيض اً ما يدل على انخراط مكشوف في الشأن السياسي. وينطبق نفس الشيء على منشورات صاحب الشكوى على موقع فيسبوك، وهي منشورات تقدم معلومات ذات صلة بأحداث أو انتقادات للحالة في جمهورية إيرا ن الإسلامية. وهذه المنشورات لا ت صنع له سجل ذلك المعارض المكشوف الذي قد يعتبره النظام الإيراني معارضاً خطير اً . والصور التي التقطت ل صاحب الشكوى أثناء مشاركته في مظاهرات شتى لا تنطوي أيضاً على خطر كبير من التعرض للتعذيب في حالة العودة إلى جمهورية إيران الإسلامية لأنها لا تكشف اضطلاعه بمهمة محددة في هذا السياق. والخطابان اللذان ورد اً من الرابطة الديمقراطية لشؤون اللاجئ ين لدعمه لا ي غير ان شيئاً في هذا التقييم لأن من المرجح أن يكونا وثائق ميسِّرة .

٤ - ٧ وخلال جلسة ٥ شباط/فبراير ٢٠١٤ التي أدلى فيها صاحب الشكوى بإفادته بشأن طلب اللجوء الثاني، صرح بأنه انضم إلى الرابطة الديمقراطية لشؤون اللاجئين في بداية تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١. ولم يزعم الانضمام إلى المنظمة في أيلول/سبتمبر ٢٠١١ إلا فيما بعد. وبالنظر إلى أن طلب اللجوء الأول الذي قدمه قد رُفض في ٢٣ أيلول/سبتمبر ٢٠١١، يصبح واضحاً أن انخراطه في الشأن السياسي في المنفى أعقب رفض طلب اللجوء، بعكس ما ادعاه . والسلطات الإيرانية قادرة على تمييز هذه الأنشطة الرامية إلى البروز عن الانخراط الحقيقي النابع من قناعة داخلية.

٤ - ٨ وفي ضوء الكم الهائل من المعلومات المتاح ة على الإنترنت يكاد يكون من غير المرجح أن تراقب السلطات الإيرانية كل تلك المعلومات. فهي تفضل بالأحرى التركيز على المعارضين الذين يمثلون خطر اً محتملاً على النظام. ويؤكد هذا الافتراض كثرة الأنشطة التي تشهدها جميع أنحاء أوروبا الغربية تعبيراً عن انتقاد النظام الإيراني. و لا توجد، في هذه القضية، دلائل محددة على علم السلطات الإيرانية بأنشطة صاحب الشكوى أو على أنها تأبه لها.

٤ - ٩ وبالإشارة إلى الممارسة التي تتبعها السلطات السويسرية، تُذكِّر الدولة الطرف بأن المحكمة الإدارية الاتحادية رفضت طلب شخص يملك سجلاً مماثلاً لسجل صاحب الشكوى ( ) . وبالإشارة إلى الممارسة التي تتَّبعها اللجنة، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لا يشغل موقع المسؤول عن الرابطة في كانتون من الكانتونات السويسرية، على عكس صاحب الشكوى في قضية تاهموريسي ضد سويسرا .

٤ - ١٠ وفيما يتعلق بمصداقية صاحب الشكوى ومدى تماسك المعلومات التي قدمها، خلصت السلطات السويسرية المعنية باللجوء إلى أن ادعاءات صاحب الشكوى غير قابلة للتصديق. ويشار على وجه الخصوص، إلى أنه قدم معلومات غامضة ومتناقضة جزئياً فيما يتعلق بالجرائم التي اتهم بارتكابها في جمهورية إيران الإسلامية. ولم يوضح سبب الإفراج عنه بكفالة في حين أن محاميه توقَّع له أن يعاقب ب أقصى عقوبة على جرائمه. والادعاءات التي قدمها بشأن رحلته إلى سويسرا هي أيضاً ادعاءات غير قابلة للتصديق، بالنظر إلى أنه زعم أنه سافر على متن شاحنة اختبأ فيها ولم يتسنَّ له الخروج منها سوى مرة واحدة، وكان ذلك في تركيا.

٤ - ١١ وفي ضوء ما تقدم، ترى الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يقم الدليل على أن ثمة أسباباً جدية تدعو إلى الاعتقاد بأنه يواجه خطراً محدداً وشخصياً من التعرض للتعذيب على أيدي السلطات الإيرانية.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف

٥ - ١ قدم صاحب الشكوى تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف في ٣٠ كانون الثاني/يناي ر 2018. ولا تجادل الدولة الطرف في أنه كان ناشطاً سياسياً في جمهورية إيران الإسلامية بل تؤكد فقط أن أنشطته لا تصل إلى الحد الذي من شأنه أن يثير انتباه السلطات الإيرانية بسبب آرائه السياسية. وعليه، فإن نشاطه السياسي في جمهورية إيران الإسلامية ليس موضع خلاف. وفيما يتعلق بالغموض والتضارب الذي يُزعم أنه طبع إفادته بشأن الجرائم التي اتهم بارتكابها في جمهورية إيران الإسلامية، يوضح صاحب الشكوى أن السلطات الإيرانية نفسها كانت غامضة جد اً فيما يتعلق بتلك الجرائم. ومن المعتاد جد اً أن تتهم الحكومة المواطنين بارتكاب ال جرائم زوراً مع تعمد إبقاء الادعاءات غامضة قدر الإمكان.

٥ - ٢ وعندما أجرت الدولة الطرف تحليلاً لأنشطته، نظرت في كل نشاط على حدة، ولم تقيم جميع أنشطته السياسية تقييماً شاملاً. غير أن أعماله العديدة بوجه عام تثبت أنه ناشط سياسياً بدرجة كبيرة، مما يجعله مكشوفاً. ويظهر من أنشطته ومسؤولياته داخل الرابطة الديمقراطية لشؤون اللاجئين أنه بات عضو اً مهم اً ونافذاً في المنظمة. فهو مسؤول عن الموقع الشبكي للرابطة ويحرر العديد من المقالات لنشرها في صحيفة كانون ( Kanoun ) التابعة لها، وهي مقالات تنتقد حكومة جمهورية إيران الإسلامية.

٥ - ٣ وعلى عكس ادعاءات الدولة الطرف، فإن صاحب الشكوى يؤدي في واقع الأمر، دوراً قيادياً خلال المظاهرات والمناسبات التي تنظمها الرابطة الديمقراطية لشؤون اللاجئين وائتلاف يجمع القوى الديمقراطية الإيرانية ( ) . وتبرهن مجمل المهام العديدة التي يؤديها داخل الرابطة الديمقراطية لشؤون اللاجئين، من تحرير المقالات وإدارة الموقع الشبكي وقيادة الاحتجاجات، على أنه يضطلع بدور مهم داخل الرابطة، وعلى أنه يمثل شخصية محورية وعضو اً نشيطاً في صفوف المعارضة. ولا يمكن المجادلة في مدى وجود قناعة شخصية وراء عضويته في الرابطة بالاستناد فقط إلى الشهر الذي انضم فيه إليها، خاصة أن عملية الانضمام إلى منظمة ما قد يستغرق شهوراً.

٥ - ٤ ويؤكد صاحب الشكوى أنه يقدم البرنامج الإذاعي " صوت المقاومة " الذي أطلقته المعارضة ، وأن المقالات التي يحررها لفائدة صحيفة "كانون" أُذيعت في هذا البرنامج. وهو من الأشخاص الذين يقدمون البرنامج الإذاعي في أكثر الأحيان ( ) . ويدلي بخطاب مؤرخ ٢٤ آذار/مارس ٢٠١٥، موجه من الفرع السويسري للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، وبخطاب آخر مؤرخ ١٠ آذار/مارس ٢٠١٥، موجه من لجنة حزب کومله کردستان إیران في الخارج. وهما خطابان يؤكدان أن صاحب الشكوى هو من الناشطين المعروفين في مجال الدفاع عن الحقوق المدنية. ويؤكد كلا الخطاب ين أن أنشطته السياسية تجعله عرضة للاضطهاد في حال عاد إلى جمهورية إيران الإسلامية.

٥ - ٥ ويشير صاحب الشكوى كذلك إلى سجله العام على موقع فيسبوك ومنشوراته اليومية بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يرتكبها النظام الإيراني. وتشير التقارير إلى أن الحكومة تمارس عملية مراقبة سرية واسعة تشمل الأشخاص الذين يعد ُّ ون من منتقدي النظام. وقد أقرت اللجنة نفسها بأن السلطات الإيرانية ترصد عملياً الاتصالات عبر ا لإ نترنت ومنتقدي النظام داخل جمهورية إيران الإسلامية وخارجها ( ) . ويؤكد صاحب الشكوى أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان رأت، في قضية ر. س. ضد السويد ، أن القادة السياسيين ليسوا هم وحدهم من يتعرض للاضطهاد والاعتقال التعسفي، بل أيض اً الأشخاص الذين يشاركون في سلمياً في المظاهرات ( ) . ويزعم أيضاً أن الحكومة أنشأت، في عام ٢٠١٠، وحدة شرطة الفضاء الإلكتروني لتمشيط شبكة ال إ نترنت بحث اً عن الأشخاص الذين يستهدفون النظام بـ " نشر الأكاذيب " و " الإساءات " ( ) .

٥ - ٦ و مع تصاعد حدة التوتر، في عام 2017، الذي بات في أوجه مع الاحتجاجات الجماهيرية التي شهدتها جمهورية إيران الإسلامية، اشتدت حملة القمع التي تشنها الحكومة على أي شكل من أشكال الاختلاف في الرأي. و من غير المستغرب أن ت قدم الحكومة، في عام ٢٠١٧، على سن قوانين جديدة تجرم أي شكل من أشكال التعبير يعتبر " مناهضاً لإدارة البلد ومؤسساته السياسية " ( ) . وأعرب الأمين العام عن قلقه أيضاً بشأن استمرار القيود المفروضة على الحريات العامة وما يتصل بذلك من اضطهاد للأطراف الفاعلة في المجتمع المدني (A/HRC/34/40).

٥ - ٧ وفي الختام، يشير صاحب الشكوى إلى وجود احتمال ات كبيرة جد اً ل أن تكون حكومة جمهورية إيران الإسلامية على علم بانخراطه في الصف المعارض وبآرائه المعارض ة بسبب أنشطته العديدة في سويسرا . و رأى أن الدولة الطرف لم تشمل في تقييمها جميع الأنشط ة التي يضطلع بها، ول ذلك، فاتها أن صاحب الشكوى هو، إجمالاً، نشيط جد اً ويضطلع بدور حاسم في معارضة النظام الإيراني في سويسرا، ولذلك، فهو مكشوف بشدة ومعرض للاضطهاد من السلطات الإيرانية عند عودته.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية ال بلاغ

٦ - ١ قبل النظر في أيّ ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تحققت اللجنة، حسبما تقتضيه الفقرة 5 ( أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم يجر بحثها، ولا يجري بحثها بموجب أي إجراء من إجراءات التحقيق أو التسوية الدولية.

٦ - ٢ وتذكّر اللجنة بأنها، وفقاً للمادة 22(5) ( ب) من الاتفاقية، لا تنظر في أي بلاغ إلا إذا تحققت من أن صاحبه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف، في هذه القضية، لم تطعن في استنفاد صاحب الشكوى جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

٦ - ٣ وإذ لا ترى اللجنة أي حائل آخر يحول دون المقبولية، فإنها تعلن قبول البلاغ المقدم بموجب المادة 3 من الاتفاقية وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

٧ - ١ نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، بموجب المادة 22(4) من الاتفاقية.

٧ - ٢ و تتعلق المسألة الم عروضة على اللجنة في هذه القضية، بتحديد ما إذا كانت إعادة صاحب الشكوى إلى جمهورية إيران الإسلامية تشكل انتهاكاً من الدولة الطرف لالتزامها، بموجب المادة ٣ من الاتفاقية، بألا تطرد أي شخص أو أن تعيده ("أن ترده") إلى دولة أخرى إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب.

٧ - ٣ ويجب على اللجنة أن تقيِّم ما إذا كانت هناك أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن صاحب الشكوى معرض شخصياً لخطر التعذيب في حالة ترحيله إلى جمهورية إيران الإسلامية. و عند تقييم ذلك الخطر، يجب على اللجنة أن تراعي جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملا ً بأحكام المادة ٣ ( ٢) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. بيد أن اللجنة تذكّر بأن الهدف المتوخى يتمثل في تحديد ما إذا كان الشخص المعني يواجه شخصياً خطراً متوقعاً وحقيقياً من التعرض للتعذيب في البلد الذي يعاد إليه. ويستتبع ذلك أن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل في حد ذاته سبب اً كافي اً للجزم بأن شخص اً بعينه سيواجه خطر التعرض للتعذيب عند عودته إلى ذلك البلد؛ ويجب تقديم أسس إضافية تبين أن الشخص المعني سيواجه شخصياً هذا الخطر. وفي المقابل، لا يعني عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان أن شخصاً بعينه قد لا يتعرض للتعذيب في الظروف الخاصة به تحديداً. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى سيُحرم من الخيار القانوني المتمثل في اللجوء إلى اللجنة للحصول على أي شكل من أشكال الحماية في حالة انتهاك حقوقه المكفولة بموجب الاتفاقية، لأن إيران ليست طرفاً فيها ( ) .

٧ - ٤ وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم ٤(2017) بشأن تنفيذ المادة ٣ في سياق المادة ٢٢، الذي ينص على نشوء التزام بعدم الإعادة القسرية كلما وجدت أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأن الشخص المعني سيواجه خطر التعرض للتعذيب في الدولة التي يُحتمل أن يُرحَّل إليها، سواء كفرد أو كعضو في مجموعة قد تكون معرضة لخطر التعذيب في بلد المقصد. وتقوم الممارسة التي تتبعها اللجنة على القول بوجود "أسباب حقيقية" كلما كان خطر التعذيب متوقعاً وشخصياً وماثلاً وحقيقياً" (الفقرة 11). وقد تشمل المؤشرات على وجود خطر شخصي على سبيل المثال لا الحصر، الانتماء السياسي أو النشاط السياسي لصاحب الشكوى، وتعرضه سابقاً، للتعذيب أو الحبس الانفرادي أو أي شكل آخر من أشكال الاحتجاز التعسفي وغير القانوني في البلد الأصلي، والهروب سراً من البلد الأصلي بعد تلقي تهديدات بالتعذيب (الفقرة 45). وتقيم اللجنة وزناً كبيراً للنتائج الوقائعية التي تقدمها أجهزة الدولة الطرف المعنية؛ ولكنها لا تتقيد بهذه النتائج وتجري تقييماً مستقلاً للمعلومات المتاحة لها وفقاً للمادة 22(4) من الاتفاقية، مع مراعاة جميع الظروف ذات الصلة بكل قضية (الفقرة 50).

٧ - ٥ وتلاحظ اللجنة في هذه القضية، أن صاحب الشكوى يؤكد أنه تعرض للسجن في جمهورية إيران الإسلامية بسبب مشاركته في إحدى المظاهرات. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف لا تجادل، وفقاً لصاحب الشكوى، في أنه كان نشيط اً سياسي اً في جمهورية إيران الإسلامية، ولكنها تطعن في مستوى هذا النشاط السياسي. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف تشير إلى وجود تناقضات وأوجه تضارب في أقوال صاحب الشكوى وفي المعلومات التي قدمها.

٧ - ٦ وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لا ترى في النشاط السياسي لصاحب الشكوى في سويسرا نشاطاً دائم اً ومكثفاً من شأنه أن يعتبر تهديداً حقيقياً وخطيراً لحكومة جمهورية إيران الإسلامية. وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى لم يثبت بشكل واضح أنه بدأ نشاطه السياسي في سويسرا قبل أن يُرفض الطلب الأول الذي قدمه للحصول على اللجوء. وتستبعد الدولة الطرف أن يكون النشاط السياسي لصاحب الشكوى في سويسرا قد أثار انتباه السلطات الإيرانية لأن أجهزة الاستخبارات الإيرانية حتى وإن كانت تراقب الأنشطة السياسية التي تمارس في الخارج في إطار معارضة النظام فإنها تركز اهتمامها على الأشخاص الذي يملكون سجلاً معيناً ويشغلون مواقع أو يمارسون أنشطة تشكل تهديداً خطيراً وحقيقي ا ً للنظام الحالي. وفي هذا الصدد، تحيط اللجنة علماً بالأدلة التي قدمها صاحب الشكوى لإثبات مشاركته في هذه الأنشطة.

٧ - ٧ وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تعترف بأن حالة حقوق الإنسان في جمهورية إيران الإسلامية يمكن أن تثير قلقاً مشروعاً. وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى أن المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في جمهورية إيران الإسلامية ذكر في تقريره الأخير أن تشريعات البلد لا تزال تجيز تطبيق عقوبات مثل وبتر الأطراف على الأفراد الذين يدانون بارتكاب جرائم معينة (A/HRC/37/68، الفقرة 29). ويفيد هذا التقرير بأن حكومة جمهورية إيران الإسلامية ترفض مقولة أن عقوبات الجلد وبتر الأطراف هي بمثابة تعذيب، وتؤكد أنها عقوبات فعالة لردع الإجرام. وأعرب الأمين العام عن قلقه أيضاً بشأن استمرار القيود المفروضة على الحريات العامة وما يتصل بذلك من اضطهاد للأطراف الفاعلة في المجتمع المدني (انظر الفقرة 5 - 6 أعلاه). وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف نفسها تعترف برصد السلطات الإيرانية للأنشطة السياسية التي يمارسها مواطنوها في الخارج، رغم أنها تؤكد أن أجهزة الاستخبارات تركز اهتمامها بالدرجة الأولى، على الأشخاص الذين يملكون سجلاً معيناً ويشغلون مواقع أو يمارسون أنشطة تمثل تهديد اً خطيراً وحقيقياً للنظام الإيراني (انظر الفقرة 4 - 5 أعلاه).

٧ - 8 ولكن اللجنة تُذكِّر بأن وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان في البلد الأصلي لصاحب الشكوى لا يكفي في حد ذاته لكي يُستنتج أنه معرض شخصياً لخطر التعذيب ( ) . وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحب الشكوى أُتيحت له فرصة كبيرة لكي يقدم للسلطات السويسرية أدلة تدعم ادعاءاته وتفاصيل أكثر خلال سلسلة إجراءات اللجوء الثلاث. غير أن الأدلة التي قدمها صاحب الشكوى لا تثبت ادعائه بالقدر الكافي، ولا يمكن أن يُستنتج منها أن مشاركته في أنشطة سياسية في جمهورية إيران الإسلامية وفي سويسرا يمكن أن تعرضه لخطر التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة عند عودته إلى جمهورية إيران الإسلامية.

٧ - ٩ وتخلص اللجنة، استناداً إلى المعلومات المعروضة عليها، إلى أن صاحب الشكوى لم يثبت أن أنشطته السياسية تكتسي قدر اً من الأهمية يكفي لجذب انتباه السلطات في بلده الأصلي، وترى أن المعلومات التي قدمها ليس فيها ما يبرهن على أنه يواجه خطراً شخصياً ومتوقعاً وحقيقياً من التعرض للتعذيب في حال أُعيد إلى جمهورية إيران الإ سلامية ( ) .

٨ - وفي ضوء ما تقدَّم، ترى اللجنة أن المعلومات التي قدمها صاحب الشكوى لا تكفي لإثبات ادعاءه وجود خطر شخصي ومتوقع وحقيقي عليه من التعرض للتعذيب إذا ما أُعيد إلى جمهورية إيران الإسلامية.

٩ - واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة ٢٢ ( ٧) من الاتفاقية، تقضي بأن إقدام الدولة الطرف على إعادة صاحب الشكوى إلى جمهورية إيران الإسلامية لن يشكل انتهاك اً للمادة ٣ من الاتفاقية.