الأمم المتحدة

CCPR/C/SR.2771

Distr.: General

13 December 2011

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الدورة المائة

محضر موجز للجلسة 2771

المعقودة في قصر الأمم، جنيف، يوم الجمعة، 29 تشرين الأول/أكتوبر 2010، الساعة 00/10

الرئيس: السيد إيواساوا

المحتويات

الاحتفال بالدورة المائة للجنة المعنية ب حقوق الإنسان

افتتحت الجلسة الساعة 20/10.

الاحتفال بالدورة المائة للجنة المعنية ب حقوق الإنسان

1 - الرئيس قال إنه سعيد بافتتاح يوم الاحتفال بالدورة المائة للجنة المعنية ب حقوق الإنسان. ويحمل هذا اليوم عنوان " رد الأداء والآفاق " وسيكون فرصة لتقييم الأنشطة التي أنجزتها اللجنة حتى اليوم والتفكير في سبل مساعدتها على التصدي على أفضل نحو للصعوبات التي قد تعترضها في أداء مهمتها. وأنشئت اللجنة عام 1976 ل تفسير العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ومراقبة تطبيقه من قبل الدول الأطراف. وأسهمت منذ انعقاد دورتها الأولى عام 1977، مساهمة كبيرة، في إثراء أحكام القضاء المتعلق ة بالحقوق المدنية والسياسية، ولا سيما من خلال ملاحظاتها الختامية. ولا بدّ من الإثناء على تفاني جميع أعضاء اللجنة السابقين، الذين ساهموا، كل على طريقته، في تطوير القانون الدولي ل حقوق الإنسان. وإلى جانب العهد، تقوم اللجنة أيضاً برصد تطبيق البروتوكولين الاختياريين: البروتوكول الأول ينظم إجراء دراسة البلاغات الفردية، بينما يهدف الثاني إلى إلغاء عقوبة الإعدام. وقد حققت اللجنة إنجازات كثيرة يصعب تعدادها هنا، و لكن لا جدل في أن تصديق 166 دولة على العهد و113 دولة على البروتوكول الاختياري الأول و72 دولة على البروتوكول الاختياري الثاني، يشكل بحد ذاته مؤشراً على تنامي عزم الدول على احترام الحقوق المدنية والسياسية.

2 - واعتمدت اللجنة حتى يومنا هذا، عقب دراسة التقارير الدورية المقدمة من الدول الأطراف، الآلاف من الملاحظات الختامية، التي أبلغت من خلالها الدول الأطراف بكيفية الوفاء على أفضل وجه بالتزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان، وذلك ب تعديل تشريعاتها واعتماد سياسات عامة جديدة. ومع مرور الدورات، صارت الدول تتقبل أكثر فأكثر طريقة العمل وتوصيات اللجنة. كما أصبحت هذه العملية فرصة ل بعض الدول لتقييم الإجراءات التي ا تخذ ت ها وإخضاع تشريعاتها وسياساتها وممارساتها لتدقيق عام. و بمساعدة المؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني وشركاء آخرين ، وضعت الدول الأطراف الآلاف من توصيات اللجنة موضع التنفيذ الفعال .

3 - وتتمتع ال لجنة المعنية ب حقوق الإنسان، من بين جميع الهيئات المنشأة بموجب معاهدات، بأوسع خبرة في مجال دراسة البلاغات التي يتقدم بها أفراد. والإجراءات المتبعة في هذا المجال إجراءات شبه قضائية، وتعتبر اللجنة أن لآرائها "بعض الخصائص الرئيسية التي يتسم بها ا لقرار ال قضائي". وقد سجلت حتى هذا التاريخ ما يناهز 000 2 بلاغ ونظرت في أكثر من 700 منها بناء على الأسس الموضوعية. وقامت على مر السنين بوضع مجموعة كبيرة من أحكام القضاء التي أعطت من خلالها تفسيرات حاسمة للحقوق المحمية بموجب العهد. ف على سبيل المثال، فسرت اللجنة أن المادة 26 التي تكرس مبدأ المساواة أمام القانون وحماية القانون على قدم المساواة، إنما تنص على حق مستقل لا يقتصر تطبيقه على الحقوق الواردة في العهد. وقد شهد العديد من القضايا التي نظرت فيها خاتمة سعيدة بفضل تنفيذ الدول لآرائها : فقد تم تخفيف العديد من عقوبات الإعدام، وأطلق سراح بعض السجناء قبل انتهاء مدة عقوبتهم، وحصل عدد من ملتمسي اللجوء على تصاريح بالإقامة، وعدد من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان على تعويضات. ويظهر تطور التشريعات الوطنية الذي غالباً ما ساهمت فيه آراء اللجنة، حجم المنفعة التي تعود بها هذه الآراء على أصحاب الحقوق في بلد ما، حين يُصار إلى تطبيقها بشكل فعّال.

4- ومن الجوانب الأخرى الهامة من أعمال اللجنة صياغة تعليقات عامة. وتقوم اللجنة من خلال هذه النصوص بتفسير الحقوق المنصوص عليها في العهد. و قد اعتمدت حتى هذا التاريخ 33 تعليقاً عاماً. ومع حلول دورتها المائة، أنهت القراءة الأولى لمشروع التعليق العام رقم 34 الخاص بالمادة 19 من العهد التي تتناول حرية التعبير. ولا ريب في أن هذا التعليق العام الجديد، سيتيح بعد اعتماده فهماً أفضل للحقوق المحمية بموجب هذه المادة الأساسية من مواد العهد.

5- وتطورت إجراءات اللجنة على مر الدورات لخدمة مصالح ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان على نحو أفضل . وتفتخر اللجنة بكونها أول هيئة منشأة بموجب معاهد ات تعتمد إجراءات لمتابعة تنفيذ ملاحظاتها الختامية وآرائها . وقد اعتمدت هيئات معاهدات أخرى، إجراءات مماثلة، يقيناً منها بفائدة هذه الممارسة. و من الابتكارات الأخرى الحاسمة في ممارسات اللجنة طلب اتخاذ تدابير حماية مؤقتة تجنب إصابة شخص تجري النظر في بلاغه بضرر لا سبيل إلى إصلاحه .

6- وزيادة إسناد المحاكم الوطنية والإقليمية والدولية إلى قرارات الهيئات المنشأة بموجب معاهدات وملاحظاتها الختامية وآرائها العامة، لهي خير دليل على أن أعمال هذه الهيئات تؤخذ مأخذ الجد. ف على سبيل المثال، استندت محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري الذي أصدرته عام 2004 بشأن التبعات القانونية لبناء جدار داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى آراء اللجنة وتعليقاتها العامة التي تفسّر العهد. كما تستخدم ملاحظات اللجنة الختامية و أحكام قضائها في إطار الاستعراض الدوري الشامل الذي يجريه مجلس حقوق الإنسان حيث يسترشد بها جزئياً لوضع ال توصي ة النهائية. و ما من شك في أن تعزيز الحوار بين الهيئات الوطنية والإقليمية والدولية المعنية بحقوق الإنسان، و ما ينتج عن ذلك من منفعة متبادلة يثقل عمل اللجنة في سبيل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها.

7- ومن بين التحديات الرئيسية التي تواجهها اللجنة في الوقت الراهن التوصل إلى تحسين أساليب عملها وتحقيق التجانس بينها وبين أساليب عمل الهيئات الأخرى المنشأة بموجب معاهدات. وفي هذا الصدد ، اعتمدت اللجنة مبادئ توجيهية ل صياغة التقارير فضلاً عن إجراء جديد للنظر في التقارير الدورية التي تقدمها الدول الأطراف، على أساس قوائم بالمسائل التي يتم إعدادها قبل تقديم التقرير. ومن شأن هذه التدابير تخفيف عبء العمل الواقع على عاتق الدول ا لأ طراف واللجنة، والمساهمة في إعداد تقارير أكثر استهدافاً، لمصلحة الجميع. هذا فضلاً عن أنها شاركت ، مع الهيئات الأخرى المنشأة بموجب المعاهدات، في المناقشات التي جرت في كل من دبلن وبوزنان بشأن تعزيز النظام. وكانت اللجنة منذ نشأتها سباقة في العديد من المجالات وهي عازمة على مواصلة أداء وظائفها بأكبر قدر ممكن من الفعالية.

8- السيد ندياي (مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان) قال إن ال لجنة المعنية ب حقوق الإنسان قدمت، خلال الأعوام ال ثلاثين من وجود ها ، مساهمة حاسمة في المساعي الدولية المبذولة لحماية حقوق ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وحماية كرامة الإنسان في جميع الظروف. فقد حملت اللجنة الدول على تعديل تشريعاتها وسياساتها وممارساتها بفضل التوصيات التي قدمتها . و أسفر تطبيق إجراء المتابعة عن تعزيز فعالية توصيات اللجنة بأنه أتاح لها مراقبة تنفيذ تلك التوصيات عن كثب. وتكتسب اللجنة شهرتها أيضاً بما تصدره من أحكام قضائية لدى النظر في البلاغات الفردية ، وتفسيرها ل لحقوق المنصوص عليها في العهد يعتبر بمثابة حجية. ولا يقتصر الأمر على إيراد آرائها في كتب القانون الدولي لحقوق الإنسان في العالم أجمع ، بل إن لها آثاراً ملموسة. إذ أسفرت عن تخفيف عقوبات بالإعدام وإطلاق سراح محتجزين وتعويض ضحايا الانتهاكات. وتفتخر مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بأنها ت تول ى أمانة هيئة مرموقة كهذه . ف أعمال اللجنة مادة مرجعية في العديد من أنشطة المفوضية، ولا سيما في مجالات التدريب والمساعدة ال تق نية التي تقدمها للدول. ومن أولويات المفوضية ل لفترة 2010-2011 تعزيز آليات حماية حقوق الإنسان. وتقدم مساعدة تق نية للدول وغيرها من الأطراف الفاعلة كالمؤسسات الوطنية ل حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، بغية مساعدتها على تنفيذ توصيات هيئات المعاهدات بشكل فعّال. ويمكن في هذا الصدد التنويه بمبادرة بعض الدول إلى اعتماد تشريعات تعترف في القانون الداخلي بآراء ال لجنة المعنية ب حقوق الإنسان، لتمكين الضحايا من الاستناد إليها لطلب الانتصاف أمام المحاكم الوطنية. و للاحتفال بدورتها المائة، قامت اللجنة بدعوة عدة شخصيات مرموقة في مجال القانون الدولي، أسهم كل منها في تقدم العدالة وتعزيز الوعي العالمي بحقوق الإنسان. ولا شك في أن ذلك سيزيد النقاشات ثقلاً وفائدة .

9- السيد فوانغكيتكييو (رئيس مجلس حقوق الإنسان) شكر ال لجنة المعنية ب حقوق الإنسان على دعو ته لحضور الاحتفال بدورتها المائة. وقال إ ن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يشكل هو والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، جوهر ا لشرعة الدولية لحقوق الإنسان. على أن تقييم مدى احترام الدول الأطراف للمعايير التي تنص عليها هذه الصكوك قد يكون أمراً بالغ الصعوبة ما لم تمارس الهيئات المنشأة بموجب معاهدات مراقبة نزيهة ومستقلة . ويجدر بالتالي الإثناء على عمل اللجنة الذي لا يقدر بقيمة والذي أسهم إسهاماً كبيراً في إعمال الحقوق المدنية والسياسية بفضل مراقبتها المستمرة لتطبيق العهد وما أصدر ته من أحكام قضائية وما أجرته من حوارات بنّاء ة مع الدول الأطراف وغيرها من الجهات الفاعلة.

10- و ي سعى مجلس حقوق الإنسان منذ إنشائه إلى أداء مهامه بنفس روح الحوار والتعاون مع الدول الأعضاء. وستتحقق بلا شك فوائد كبيرة بمضي جميع هيئات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في هذا الاتجاه عن طريق تبادل تجاربها.

11- ومع أنه ليست هناك قناة تبادل رسمية بين الهيئتين، فإن المجلس يأخذ في اعتباره أعمال اللجنة على نطاق واسع، ولا سيما في إطار الاستعراض الدوري الشامل. فالتقارير التجميعية التي أعدتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان لتستعين بها في الاستعراض الدوري، أسهمت في زيادة التعريف بأعمال اللجنة وتعميمها على جمهور أ وسع وإعادة التأكيد على توصياتها. وفي المقابل، دفع الاستعراض الدوري الشامل العديد من الدول إلى التصديق على صكوك جديدة تتعلق بحقوق الإنسان أو إلى تقديم تقاريرها إلى الهيئات المنشأة بموجب معاهدات. وه ذا فضلاً عن أن عمل اللجنة في مجال وضع المعايير، وتعليقاتها العامة، بصفة خاصة، يثري مناقشات المجلس ويساعد الدول على تحديد مواقفها. وفي هذا السياق يُترقب صدور التعليق العام المقبل بشأن المادة 19 بكثير من الاهتمام، لما سيوفره من إضاءة مفيدة للنقاش المكثف الجاري حالياً في المجلس حول مفهوم " تشويه صورة الأديان". وكثيرة هي الحالات التي وضع فيها أعضاء اللجنة كفاءاتهم في تصرف المجلس ب مشاركتهم في فرق عمل وموائد مستديرة وغيرها من اللقاءات؛ ولا بدّ من تعزيز هذا النوع من التعاون.

12- وإذ يتمثل أحد الأدوار المسندة إلى مجلس حقوق الإنسان في العمل على أن تكون أنشطة منظومة الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان منسقة وأن تأخذ جميع هيئات المنظومة قضية حقوق الإنسان بعين الاعتبار بشكل منهجي، فمن الضروري مواصلة تعزيز التآزر بين المجلس وجميع هيئات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان. وستُناقش هذه المسألة في إطار استعراض أعمال المجلس وسير عمله؛ وتهدف هذه العملية التي يفترض أن تنتهي في ربيع عام 2011، إلى تقييم ما تم إنجازه حتى الآن وما يمكن تحسينه ليسهم ا لمجلس بمزيد من ال فعالية في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها. وتثير مهارات اللجنة وحياده إعجاب المجلس إلى حد كبير و يتمنى لها مواصلة أنشطتها بنجاح.

13- الرئيس شكر السيد ندياي والسيد فوانغكيتكييو وأعطى الكلمة للسيد روبر بادنتير ، وزير العدل السابق والرئيس السابق للمجلس الدستوري الفرنسي.

14- السيد بادنتير أثنى على عمل اللجنة الدؤوب لصالح حقوق الإنسان وشكرها على تفضلها بدعوته إلى إلقاء كلمة أما م ها بمناسبة الاحتفال بدورتها المائة. وقال إن فرنسا حين ألغت عقوبة الإعدام عام 1981، كانت الدولة الخامسة والثلاثين في العالم التي تقدم على ذلك . أما اليوم ، فهناك 138 دولة من بين 192 دولة عضو في الأمم المتحدة ألغت عقوبة الإعدام بحكم القانون أو بحكم الواقع؛ وهو ما يبيّن التقدم الذي أحرز في غضون ثلاثين عاماً نحو إلغاء عقوبة الإعدام في العالم. و هذه المحصلة المشجعة ناجمة بالتأكيد عن جهود الدول، و لكنها تعود بالأخص إلى الوعي الدولي الذي يعبر عنه تزايد الصكوك الدولية التي تلزم الدول قانوناً بالكف عن تطبيق عقوبة الإعدام، فضلاً عن عمل المنظمات غير الحكومية والمناضلين من أجل إ لغاء عقوبة الإعدام في أنحاء العالم أجمع . وفيما يتعلق بالصكوك الدولية، تجدر الإشارة في أوروبا إلى الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان والبروتوكول رقم 6 الذي يحظر على الدول الأطراف اللجوء إلى عقوبة الإعدام، على الأقل في أوقات السلم، والبروتوكول رقم 13، الذي يوسع نطاق حظر عقوبة الإعدام ليشمل أوقات الحرب. وصادقت جميع الدول الأوروبية على البروتوكول رقم 6، باستثناء بيلاروس ، وه ي دول ة ذات نظام شمولي في أوروبا؛ علماً بأن هناك حتى في هذا البلد حركة قوية تدفع نحو وقف أحكام الإعدام، وتحرز قضية الإلغاء الكثير من التقدم. ويمكننا بالتالي القول بأن عقوبة الإعدام أضحت محظورة في القارة الأوروبية، وفي ذلك انتصار كبير لحقوق الإنسان، خاصة بالنظر إلى تاريخ أوروبا الذي لطخته جرائم لا تحصى، ولا سيما في القرن العشرين. وهناك نصوص إقليمية أخرى تنص على إلغاء عقوبة الإعدام. ف قد صادقت 11 دولة من أمريكا اللاتينية على البروتوكول الملحق بالاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1990 ؛ وفي أفريقيا ألغت 27 دولة طرفاً في الميثاق الأفريقي عقوبة الإعدام بحكم القانون أو بحكم العمل، وفي عام 2009 لحق كل من بوروندي وتوغو بالتيار المطالب بإلغاء حكم الإعدام. بالإضافة إلى ذلك، اعتمدت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب عام 2008 قراراً يلزم الدول الأفريقية بتطبيق وقف اختياري لعقوبات الإعدام.

15- وبالإضافة إلى الصكوك الإقليمية هناك الصكوك الدولية، من بينها صكان بالغا الأهمية هما: البروتوكول الاختياري للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الرامي إلى إلغاء عقوبة ا لإعدام، والذي صدقت عليه 72 دولة حتى الآن ، ومعاهدة روما لعام 1998 التي تنص على إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، التي صدقت عليها 111 دولة حتى الآن . و ل لصك الثاني بعد معنوي خاص: فمن خلال إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة، مكلفة ب ملاحقة ومعاقبة مرتكبي أبشع الجرائم ومحكمة ترفض مع ذلك تطبيق عقوبة الإعدام، منعت البشرية نفسها من تسليم مرتكبي الفظائع بحق البشرية لحبل المشنقة. ومن العناصر الأخرى الحاسمة ل تقدم قضية إلغاء عقوبة الإعدام، اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة في عامي 2007 و 2008 لقرارين يدعوان إلى تطبيق وقف اختياري لعقوبة الإعدام (A/RES/62/149 وA/RES/63/168). وستجرى مناقشات جديدة حول موضوع إلغاء عقوبة الإعدام، ويتعين على الجميع المساهمة فيها.

16- ومع ذلك لا ت زال هناك مواقع مثيرة لدواعي قلق كبير ومجالات أساسية تتطلب اتخاذ إجراءات بشأنها. فمن الدول التي لا تزال تطبق عقوبة الإعدام، هناك ثلاث دول تستدعي بشكل خاص أن تتخذ إجراءات مشددة بشأنها . فالصين هي في الوقت الراهن أكثر الدول التي تنفذ فيها أحكام الإعدام. وبما أن عدد عمليات التنفيذ تعتبر سراً من أسرار الدولة، ولا تنفذ عقوبات الإعدام دائماً بشكل علني، فلا أحد يعرف بالتحديد ما هو عدد المحكومين الذي ينفذ بحقهم حكم الإعدام سنوياً. وتشير التقديرات إلى أن هذا العدد يتراوح بين 000 2 و 000 10 عملية إعدام، وإن اتفق عموماً على أنه يصل إلى 000 8 . ولا بد من بذل الجهود ودعم عمل الحركة الصينية المناصرة لإلغاء عقوبة الإعدام، وهي حركة غير معروفة جيداً و لكنها تحمل الكثير من الآمال و تتعاظم أهميتها ، ولا سيما في الأوساط الأكاديمية والقضائية.

17- والموقع الثاني الذي يثير قلقاً كبيراً هو الولايات المتحدة الأمريكية. فهذه القوة العظمى التي طالما ناضلت لانتصار أنظمة الحرية على أنظمة الديكتاتورية، لا تزال تنفذ عقوبة الإعدام. و لكن تجدر الإشارة إلى أن هذه الممارسة تتركز في معظمها في الولايات الجنوبية، ولا سيما ولايات تكساس وفلوريدا وفيرجين ي ا، وأن 13 ولاية من بين 50 ولاية قد ألغتها، وأن ثلاث ولايات أقدمت على إلغائها منذ فترة وجيزة وهي ولايات نيوجرسي ونيويورك و نيومكسيكو. وأصدرت المحكمة العليا من جانبها عدداً من القرارات التي قلّصت إلى حد كبير نطاق تطبيق عقوبة الإعدام. ولا تنفك الحركة الأمريكية المناصرة لإلغاء عقوبة الإعدام عن تسجيل النقاط وإحراز تقدم، بدليل تناقص عدد عمليات تنفيذ الإعدام بشكل كبير (بما أنه انخفض إلى مقدار النصف في غضون عشر سنوات)، ولا تتوقف ممارسة الوقف الاختياري لتنفيذ العقوبات عن الانتشار في مختلف الولايات. ويتعين بالتالي تقديم الشكر للمنظمات التي تناضل داخل الولايات المتحدة من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، وتذكير الولايات المتحدة بأن مفهوم "قوة الإقناع " يقتضي منها أن تنضم إلى الحركة، لأنها اليوم الديمقراطية الغربية الوحيدة التي لا تزال تطبق عقوبة الإعدام.

18- وأخيراً، وأمام هذ ه الحصيلة التي تدعو إلى التفاؤل، هناك سؤال بالغ الصعوبة يطرح نفسه في خضم معركة إلغاء عقوبة الإعدام على المستوى العالمي. ذلك أن هناك بالفعل منطقة لا تكتفي فحسب بمقاومة إلغاء عقوبة الإعدام، بل تطبقها بشكل متزايد. وتقع هذه المنطقة بشكل خاص في الشرق الأدنى والشرق الأوسط. وأظهرت الإحصاءات رصد 624 عملية تنفيذ الإعدام في سبعة بلدان هي: المملكة العربية السعودية والعراق وإيران ومصر وليبيا وسوريا واليمن. وفي إيران، لا ينفك عدد أحكام الإعدام عن التزايد. ففي عام 2009، تم إعدام ما لا يقل عن 388 شخصاً، من بينهم 5 قاصرين، وهو ما يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي، وعدداً كبيراً من النساء، بعضهن رجماً بالحجارة . وتكمن الصعوبة في هذه البلدان في كون عقوبة الإعدام تطبق باسم الشريعة التي يقول المسؤولون إ نهم لا يريدون مخالفتها. و لكننا نعرف من آراء بعض الفقهاء المسلمين المرموقين والمستنيرين، أن الشريعة تجيز عقوبة الإعدام و لكنها لا تجعلها إلزامية . ونجد الموقف عينه في بعض نصوص الإنجيل، التي لا تدعو جميع أجزائها إلى إلغاء عقوبة الإعدام. ولا بدّ من محاورة المناصرين المسلمين لإلغاء عقوبة الإعدام وحثهم على مواصلة بيان ما يمكن أن يتيحه " تفسير " منفتح للشريعة من خيار ل لدول. وعلى أساس هذا الخيار، يتوقف مقدار التقدم الذي يمكن إحرازه ل إلغاء عقوبة الإعدام في هذه المنطقة من العالم .

19- وختم السيد بادنتير قائلاً إن غريزة الموت تحرّك دائماً الكائنات البشرية التي تشكل الفصيلة الوحيدة، إلى جانب الجر ذ ان، التي تقتل لأجل القتل. ولأن إلغاء عقوبة الإعدام يتيح بالتحديد كبح هذه الغريزة والتحكم بها ، فهو لا يشكل فقط إحدى أكبر قضايا حقوق الإنسان، بل و كذلك واحداً من أكبر الانتصارات التي يمكن للبشرية أن تحققها على نفسها وأكثرها فرادة وعظمة ونبلاً.

20- الرئيس شكر السيد بادنتير وأعطى الكلمة للسيد بيجاوي ، الرئيس السابق لمحكمة العدل الدولية، ووزير الخارجية السابق والرئيس السابق للمجلس الدستوري في الجزائر.

21- السيد بيجاوي أفاد قائلاً بأنه لن يتناول، بسبب ضيق الوقت الجزء الأول من مداخلته التي خصصها للإشعاع الدولي للجنة المعنية ب حقوق الإنسان، و أنه سيقصر مداخلاته على ضرورة التوفيق بين العالمية والتنوع، مع الإشارة بوجه خاص إ لى أفريقيا.

22- وأضاف قائلاً إن وقت التوقيع على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، في خضم بروز التنوع الثقافي للشعوب، لم يكن من الميسور إطلاقاً التوصل إلى نهج مفاهيمي كهذا، وكان هذا الاعتراف العالمي يشكل ، و هو لا يزال تحدياً ع ظ يماً للإنسان . و بات القانون الدولي المعاصر يفرض كمبدأ وجود مفهوم عالمي لحقوق الإنسان، من خلال مجموعة من الحقوق المقر بها كحقوق مشتركة بين الجميع، في أي مكان وأي زمان، و هي حقوق تشكل، وفقاً لنص إعلان عام 1948 " معياراً مشتركاً للإنجاز لدى الشعوب والأمم كافةً". وأمام النهج التقليدي للقانون الدولي الذي كان يعكس السياسة الدولية للدول، المتسمة بالعنف والاعتداءات، جاء تعزيز النهج ال معاصر للقانون الدولي بالفكرة البسيطة والبديهية لتساوي حال جميع الناس، بمثابة انتصار للإنسان على نفسه. ولتأكيد العالمية بما يتجاوز تنوع الثقافات، تعيين البحث عن القاسم الرئيسي الثابت، ألا وهو وحدة البشر وفرادتهم ، التي أفضت بطبيعة الحال إلى أن كرامة الإنسان تعرف كل أشكال التنوع الثقافي. ويذكر هذا الاكتشاف المعاصر الجدل الكبير الذي شهد ت ه شبه الجزيرة ا لأ يبيرية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر حول طبيعة "وحوش" أ مريكا. و بالتأكيد على أن هؤلاء الوحوش ينتمون بالفعل إلى الجنس البشري ، تحول علماء الدين ومن بينهم فرانسيسكو دي فيتوريا وفرانسيسكو سواريز وخاصة بارتولوميه دي لاس كازاس ، الفقهاء وخبراء في القانون البشري، إلى الآباء المؤسسين بالفعل لعالمية حقوق الإنسان. فهناك إذاً حقوق أساسية ملازمة للإنسان، و ليس لها بهذه الصفة صلة ب الزمان والمكان. ومن وجهة النظر هذه ، هناك سند للتأكيد على أن حقوق الإنسان الأساسية العالمية تكتسي طابعاً يفوق البعد القانوني البحت. ولا جدل في أن الحق في الحياة هو، في إطار الاعتراف العالمي به ، حق مستقل عن القانون الدولي والقانون الداخلي للدول، فهذا الحق أسبق على وجود القانون. والنتيجة المنطقية للحق في الحياة، ه ي حق كل شخص في العيش على طريقته، بحرية ودون أي إكراه، وهو ما يفتح آفاقاً واسعة أما م حقوق الإنسان. و لكن الواقع يعلمنا أن كل مجتمع داخلي وكل فئة اجتماعية تعيش حقبات مختلفة، إن كان من حيث إعمال حقوق الإنسان أو التطلع إليها. وتتباين الآمال بالنسبة لكل شخص وكل جماعة وكل شعب، و يحدد كل فرد مضمون حقوق الإنسان التي يتمتع بها أ و التي يتطلع إليها. ولهذا السبب، يتحدث الإعلان العالمي لعام 1948، في مادته الأولى، عن "معيار مشترك" لا يمكن تحقيقه إلا من خلال خوض معارك دائمة.

23- وأصبح هناك إذن حقوق لا تخضع لسلطة الدولة ، وهي حقوق محمية عالمياً . فهناك أولاً حقوق الشعوب، ولا سيما الحق في تقرير المصير. ثم تأتي الحقوق التي تعتبر "أساسية" وبالذات الحقوق الأولية المرتبطة بكرامة الفرد. هذا ومن المسلَّم به عموماً أن الحالات التي تنتهك فيها حقوق الإنسان " على نطاق واسع ومنهجي "، ينبغي أن تخرج عن النطاق الحصري للدولة و أن تؤدي إلى تدخل دولي. على أن القانون لا يتجلى فيما تقوله النصوص، بل في كيفية استخدامه من قبل الجهات الفاعلة، وإذا كانت عالمية حقوق الإنسان شرطاً لا يمكن الاستغناء عنه، فمن الضروري تحقيقها على أساس ال حوار بين الثقافات الذي لا يقل عنها أهمية. وربما استطاعت ا للجنة المعنية ب حقوق الإنسان عبر هذا الطريق التصدي على نحو أفضل لفرادة وخصوصية القارة الأفريقية في مجال حقوق الإنسان. فلا ينبغي النظر إلى النسبية الثقافية كتهديد قاتل لعالمية حقوق الإنسان.

24- وليست أفريقيا هي الوحيدة ال معنية بالنقاش الذي يتناول باستمرار عالمية حقوق الإنسان والنسبية الثقافية، بل فهناك أيضاً آسيا وأمريكا الجنوبية. وهكذا يأخذ قضاة محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان بعين الاعتبار معتقدات المجتمعات التقليدية وطقوسها وأنماط عيشها، انطلاقاً من إ يمانهم العميق بأن مراعاة الواقع الاجتماعي لمجتمع بشري معين لا يتعارض مع عالمية حقوق الإنسان، وأنه أساسي ل تلبية مقتضيات هذه العالمية. وعليه فإن المحكمة حكمت بالتعويض عن المعاناة التي عاشها المجتمع المحلي مايا آشي في غواتيمالا عقب مجزرة راح ضحيتها 268 شخصاً في تموز/يولي ه 198 2 ، لأنه لم ي تمكن من دفن موتاه وفقاً للطقوس التي كان يتبعها الأسلاف. وكذلك، أعلنت المحكمة في قضية بيع غواتيمالا لأملاك شاسعة إلى شركات بريطانية متجاهلة حقوق الهنود، أن الشعوب الأصلية تعتبر "العلاقة بالأرض عنصراً مادياً وروحياً ينبغي أن تتمتع به بشكل تام لصون تراثها الثقافي ونقله إلى الأجيال المقبلة". أما فيما يتعلق بالنسبية الثقافية في آسيا، ف تفكر رابطة أمم جنوب شرق ي آسيا في وضع نظام إقليمي لحماية حقوق الإنسان، من المزمع إنجازه عام 2020؛ وفي انتظار ذلك، أكدّ إعلان بانكوك الذي اعتمده وزراء وممثلو الدول الآسيوية عام 1993 في سياق الإعداد للمؤتمر العامل بشأن حقوق الإنسان، في مادته الثامنة، على أنه "ينبغي النظر إلى حقوق الإنسان (...) مع مراعاة أهمية الخصائص الوطنية والإقليمية ومختلف الخلفيات التاريخية والثقافية والدينية".

25- وفي حال ة أفريقيا فقد خضعت هذه القارة أولاً لذل الاستعمار ثم ل ظل الاستعمار الجديد . وكان الحديث عن حقوق الإنسان مرتبطاً تاريخياً وثقافياً ب الاستعمار والرأسمالية الأوروبية. و الغموض الشديد الذي كان يكتنفه إبان حقبة التبعية حيث كان يُ درس ولا يطبق ، قد حولّ ه إلى مخادعة إيديولوجية. والدول الأفريقية القائمة الآن ، و التي حصلت على استقلال ها منذ خمسين عاماً فقط ، كثيراً ما تعاني من جميع مشاكل التخلف؛ وغالباً ما تخضع ل نظام قانوني يفتقر إلى التجانس . و هياكلها المؤسسية هشة في أغلب الأحيان وقد رسمت حدودها بشكل اصطناعي مما فرض طوقاً على بعض الإثنيات وفتت إثنيات أخرى، و شكل سبباً حتمياً للنزا عات. وعلاوة على ذلك، تعيش الدول الأفريقية أحياناً استقلالاً إسمياً ، وإذا كانت القارة تشهد هيمنة أنظمة سياسية شمولية، فيعزى ذلك إلى أن هذه الأنظمة تعتبر الأكثر قدرة على ضمان قدر من الأمن والصحة والتضامن و مصادر الدخل ، وعلى صون الحياة الآمنة ضمن إطار الجماعة. فلا قيمة للفرد في أفريقيا ب دون جماعته. و أخيراً ، ينبغي إدراك أن ثقافة الديمقراطية المعاصرة ما زالت حديثة في أفريقيا. ونادراً ما تتاح للأفارقة فرصة ممارسة الحكم الذاتي في إطار نظام معارضة ومشاركة بالمعنى الحقيقي. ومن هنا، لا يمكن للمراقب المحايد، إلا إذا تجاهل كل هذه الحقائق المعيقة، أن ينتظر أساساً من أفريقيا أن تعكس صورة قارة تنيره ا منافع حقوق الإنسان. بيد أن أفريقيا تخطّ اليوم مسيرتها الخاصة في مجال حقوق الإنسان. إذ إنها تشهد اليوم حيوية بالغة ووفرة من النشاط الفكري الذي له صدى كبير في مجال حقوق الإنسان، تضطلع به منظمات غير حكومية ومنظمات حكومية دولية وجامعات وأحزاب سياسية و رابطات بكافة أشكالها . ولا يتصور إذاً أن لا يتمخض هذا النشاط عن توليفة من التجارب تعكس شدة التمسك ب حقوق الإنسان. وقد حل تاريخ المجتمعات البشرية جمعاء على أن التطورات ثمرة الاستعارة المتبادلة . ولن تفلت أفريقيا م ن ذلك، وهذا مكمن ال تفاؤل و ال أمل. فلا بد من أن يترك لها الوقت الكافي لتقييم هذه القضايا واكتساب الخبرات اللازمة. فخمسون عاماً من العمل على إزالة الاستعمار ليست سوى فترة وجيزة في مسيرة قارة وفي مسيرة ال عالم. إن حقوق الإنسان التي نشأت في أوروبا جاءت حصيلة زمن تاريخي طويل وثمرة نضجت بفضل تجارب التاريخ الأوروبي الموفقة منها والمخفقة. وتشهد أفريقيا اليوم تطورات إيجابية. وستتنامى مع الوقت علاقات جديدة إزاء التراث الثقافي بإرادة الأفريقي ي ن أنفسهم. و ربما كانت حقوق الإنسان ضرور ي ة في أفريقيا أكثر من أية قار ة أخرى. فهي تشكل، و ستظل تشكل أفضل إطار معياري لتحرر الأفريقيين و تأمين مستقبل أوفر حظاً ؛ شريطة أن يتولى الأفريقيون بأنفسهم تقرير مصيرهم. وتشكل حقوق الإنسان سلاح اً للقارة الأفريقية، ف هي وسيلة قوية للتحرر من الاستبداد والاستعمار الجديد. على أنه إذا أريد لها أن تفضي إلى التحرر، فلا بد أن تكون الثمرة الطبيعية التي يطرحها الزمان والمكان في أفريقيا . ولا شك في أن أجيال الاستقلال كانت أسرع خطى في قطع صلة الرحم بالقيود التقليدية .

26- وغني عن البيان أن لا مجال ل لديمقراطية وحقوق الإنسان الانتظار. و معارك القضاء على نقص النمو يجب أن تسترشد با ستراتيجية مشتركة واستراتيجية واحدة تكون كذلك في خدمة تعزيز حقوق الإنسان في الوقت عينه. و لا بد لعملية التحوّل الاقتصادي أن تضم حقوق الإنسان لا أن تستبعدها. وسيكون من الخطأ تأجيل تعزيز حقوق الإنسان إلى مراحل لاحقة من التنمية، لأن كل مادة وكل قطاع وكل عنصر يستمد من الآخر الطاقة اللازمة لتقدمه.

27- ولا بد من الوقوف وقفة إجلال لجميع ضحايا اعتداءات الإنسان الدائمة على الإنسان عبر القرون وحتى يومنا هذا. فالناجون من المجازر التي ارتكبت بحق الهنود لا يزالون حتى اليوم يطالبون بالعدالة، بينما خُطت مأساة الإنسان الأسود التي يعجز اللسان عن وصفها على جدران متحف غوريه في السنغال، التي تحمل رسالة مؤثرة ومفعمة بالإنسانية، كتبها الشاعر إدوار مونيك من موريشيوس.

28- الرئيس شكر السيد بيجاوي وقال إن من المقرر القيام بعد إلقاء الكلمات التمهيدية، حوار بإجراء يمكن أن يتناول أي جانب من جوانب عمل اللجنة، أو أية مسألة أثارها المتحدثون الضيوف.

29- السيد ساغانوما (اليابان) لفت الانتباه إلى أن است ع راض اللجنة للتقارير الدورية قد أفرز على الدوام أفكاراً جديدة أتاحت تحسين وضع حقوق الإنسان في الدول. ف الاجتماع فرصة ممتازة للنظر في الممارسات السابقة و في سبل تحسين الأداء . وبما أن مجلس حقوق الإنسان قد شرع في مناقشة سير عمله، ف إن الفرصة مؤاتية لدراسة كيفية تعزيز تعاون اللجنة مع المجلس. ف على سبيل المثال، يمكن مراعاة التوصيات الناجمة عن الاستعراض الدوري الشامل الذي وضعه المجلس، بالنظام في قوائم المسائل التي ترسل إلى ا لدول الأطراف، وبالذات في ال قوائم التي يتم وضعها قبل إعداد التقارير. كما يمكن ل رئيس اللجنة موافاة المجلس بأعمال اللجنة، كما كان يفعل ذلك أمام لجنة حقوق الإنسان، ليكون ا لمجلس على علم أفضل ب أنشطة اللجنة والاستفادة من خبراتها ومهاراتها. والحرص على استقلال اللجنة أمر واجب مع ذلك .

30- السيد جزائري (الجزائر) قال إن اليوم المخصص للاحتفال بالدورة المائة للجنة يُعدّ فرصة فريدة للدول الأطراف وأعضاء اللجنة لتبادل ا لآراء بالمعنى الحقيقي . ذلك أن التقاء اللجنة بالدول الأطراف يكون عموماً ب هدف انتخاب أعضائها ولا يتبقى من ال وقت ما يكفي لمناقشة المسائل المتعلقة بسير عمل اللجنة وسبل تحسينه ، ل ما فيه صالح قضية حقوق الإنسان. و عليه، ضم السيد جزائري صوته إلى صوت ممثل اليابان الذي دعا إلى تعزيز العلاقات بين اللجنة، عبر رئيسها، ومجلس حقوق الإنسان.

31- وأعرب السيد جزائري عن رغبته في التطرق إلى صعوبة تواجهها الدول الأطراف حين تُرسل إليها بلاغات تقدم بها أفراد، ويُطلب منها إبداء ملاحظاتها بشأنها . وقال إن النظام الداخلي للجنة ينص على إمكانية أن ترد الدول في الوقت عينه على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. فإذا ارتأت الدولة أن الدعوى غير مقبولة بسبب عدم انتفاء سبل الانتصاف الداخلية، بمعنى أن الإجراءات القضائية لا تزال جارية ، وتعذر عليها إبداء تعليقات على الأسس الموضوعية ؛ لأن ذلك يرجع إلى السلطة التنفيذية. ومطالبة السلطة التنفيذية في دول ة ما بأن تتخذ موقفاً من قضية تتولى البت فيها السلطة القضائية، إنما هو أمر يتنافى مع المبدأ الدستوري لفصل السلطات. وقال إنه سيكون ممتناً للجنة إذا أعادت النظر في هذه المسألة و قامت ب دراسة إمكانية عدم تطبيق ما كان يشكل على أي حال قاعدة اختيارية فقط من قواعد النظام الداخلي ، إلا إذا تبين أن النظام القضائي للدولة المعنية عاجز عن أداء مهامه.

32- السيد غاريغ يز ( إ سبانيا) قال إن من المبادئ الأساسية ل لديمقراطية ا لإ سبانية ضمان حقوق الإنسان وإعمالها، اقتناعاً منها بأنها تشكل تراثاً عالمياً وغير قابل للتصرف ينتمي إلى جميع أبناء البشر. و الدفاع عن حقوق الإنسان في مقدمة سياسة الحكومة الإسبانية التي تتعاون بنشاط مع جميع الهيئات المنشأة بموجب معاهدات.

33- ومضى قائلاً إن إ سبانيا مؤمنة بفائدة الملاحظات والتوصيات التي تقدمها الهيئات المنشأة بموجب الصكوك الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وأنها تولي من ثم أهمية كبيرة لآلية المتابعة التي أنشأتها اللجنة والتي شكلت نموذجاً لهيئات أخرى.

34- و استطرد قائلاً إن إلغاء عقوبة الإعدام، التي هي عقوبة قاسية ومهينة لكرامة الإنسان، تندرج في عالمية حقوق الإنسان، تلك القيمة التي كان فقهاء مدرسة سالامانكا أول من حمل رايتها. وأعرب السيد غاريغ يز عن سعادته البالغة بانضمام السيد بادنتير والسيد بيجاوي إلى أعضاء اللجنة الدولية لمناهضة عقوبة الإعدام التي أنشئت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2010، بمبادرة من الحكومة الإسبانية، والتي تضم 10 شخصيات مرموقة من جميع أنحاء العالم. وعلى ال لجنة المعنية ب حقوق الإنسان أ ن تضطلع بدور رئيسي في معركة إلغاء عقوبة الإعدام، التي ينبغي أن تكون أولى خطواتها تطبيق وقف اختياري لتنفيذ العقوبات. ولها أن تعتمد في هذه المعركة على دعم إسبانيا الثابت، التي هي عضو في "مجموعة أصدقاء" البروتوكول الاختياري الثاني للعهد، الرامي إلى إلغاء عقوبة الإعدام.

35- السيد شارينغر (ألمانيا) قال إن العهد يشكل، إلى جانب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، النص المرجعي فيما يخص الحقوق المدنية والسياسية، وإن ال لجنة المعنية ب حقوق الإنسان هي أهم هيئة لوضعه موضع التنفيذ . فت ع م ق تحليلها لدى النظر في ا لتقارير الدورية والمناقشات الصريحة التي تجريها مع الدول ذات فائدة كبرى . ف التعليقات العامة تساعد الدول على الوفاء بالتزاماتها على نحو أفضل. على أن دورها في دراسة الشكاوى الفردية التي تقدم بموجب البروتوكول الاختياري الأول هو الذي يلمه المواطنون العاديون بدرجة أكبر لأنها تعتبر الهيئة التي يلجأ إليها لالتماس الانتصاف في حالة انتهاك الحقوق . ومساهمة ال لجنة المعنية ب حقوق الإنسان في إثراء محتوى الحقوق الأساسية لا تقدر ب ثم ن ، ولا تشك ألمانيا في قدر تها على التصدي ل عبء عمل ها الثقيل والاستجابة لضرورة تحقيق مزيد من التناسق بين أنشطتها.

36- السيد بيشيه (سويسرا) ذكّر بالأهمية التي توليها سويسرا لعمل ال لجنة المعنية ب حقوق الإنسان، بصفتها الدولة المضيفة لها ودولة طرف اً في العهد. و قد استطاعت بذلك الوقوف على ما تقدمه أعمال اللجنة من مساهمة أساسية وما تخلفه توصياتها من أثر ملموس على المستوى الوطني. واللجنة أكثر بكثير من مجرد كونها هيئة مكلفة برصد احترام الحقوق المكرسة في العهد؛ إذ إ نها أول من يفسره ويدعمه . ف قد حددت اللجنة خلال تعليقاتها العامة مضمون وآثار التزامات كثيرة في ميادين عدة . من ذلك مثلاً إبراز مبدأ التناسب في تطبيق شرط عدم التقيد في حالات الطوارئ، وساعدت بشكل كبير في الدفع قدماً بقضية إلغاء عقوبة الإعدام، حيث أسهمت حميتها المعنوية في قرار بعض الدول ب إلغاء هذه العقوبة. و أ سهمت كذلك في توسيع نطاق تطبيق الدول الأطراف للعهد خارج حدودها الإقليمية ، معززة بذلك حماية حقوق الإنسان. وأخيراً أرست معايير لضمان الحق في محاكمة عادلة.

37- وأضاف قائلاً إن الاحتفال يشكل كذلك مناسبة للتطلع إلى المستقبل. ومن الضروري بذل الجهود لزيادة التعريف باللجنة لتحظى أعمالها بالمزيد من الاعتراف والمشروعية. وقد يكون من المفيد زيادة اطلاع الجمهور العام على أعمال اللجنة ، ونشر وثائق ها على نطاق أوسع.

38- السيد ة خانا (الولايات المتحدة الأمريكية) قالت إنه لا بد من الإثناء على المساهمات البارزة للجنة المعنية ب حقوق الإنسان في مجال تعزيز الحقوق المدنية والسياسية، وهي حقوق عالمية، تتجاوز ثقافة كل بلد. ول استعراض التقارير الدورية دور حاسم في إطار السعي الحثيث إلى توفير حماية أفضل للحقوق الأساسية. فهو يتيح للدول الأطراف فرصة ل تقي يم سياساتها وممارساتها. وهي بذلك تُخضع نفسها أيضاً لنقد المجتمع الدولي والمجتمع المدني. والولايات المتحدة الأمريكية لا توافق دائماً على التوصيات التي تقدمها اللجنة و لكنها تأخذها بعين الاعتبار، وهي على يقين بأن العملية تتيح لكل دولة تحسين وضعها الداخلي. ولا يزال هناك بالفعل الكثير مما يتع ي ن فعله. إذ في العالم أجمع رجال ونساء لا يتمتعون بالحريات التي هي في نظر آخر ي ن تحصيل حاصل ، كحرية التعبير وحرية التجمع والعبادة وحرية انتخاب قادتهم. ف دور اللجنة لا يزال بالغ الأهمية ومن الضروري توفير الموارد اللازمة لها لتمكينها من مواصلة تعزيز كرامة الجميع وتمتعهم بحقوقهم غير القابلة للتصرف.

39- السيدة أوبير (النرويج) قالت إ ن الهيئات المنشأة بموجب معاهدات تحتل مكانة هامة في منظومة حقوق الإنسان. على أنه يمكن تعزيز دورها بزيادة التعريف بأعمالها وإتاحة سبل الاطلاع عليها . وقد يكون عرض الجلسات المخصصة لاستعراض التقارير الدورية على ا لإ نترنت وسيلة ممتازة لتحقيق هذا الهدف. ويلزم أيضاً تحقيق المزيد من التناسق والاتساق بين أساليب عمل مختلف اللجان . وعليه، حين تدعى الدول الأطراف، كما حدث مع النرويج مؤخراً، إلى تقديم تقاريرها إلى عدة هيئات معاهدات خلال مهل متقاربة قد يكون من السليم دعوتها إلى تناول جميع التقارير الدورية والوثيقة الأساسية المشتركة كرزمة واحدة، والتمكن من الإشارة ، في تقرير موجه إلى هيئة محددة ، إلى تقرير أعدّ بموجب صك آخر. و س يُخفف بذلك عبء العمل الواقع على عاتق الدول بشكل كبير. واللجنة من ناحيتها ترى أعباءها تتنامى أكثر فأكثر، وتواجه شعبة خدمات المؤتمرات صعوبات متكاثرة لتأمين ترجمة تقارير الدول؛ وعلى هذه الأخيرة أن تلتزم بعدد الصفحات المحدد والسعي إلى أن تكون صياغة التقارير على مستوى كافٍ من الجودة.

40- وتح ي ي النرويج المبادرات الملموسة التي قامت بها بعض اللجان لترشيد الأنشطة المتعلقة باستعراض التقارير الدورية، ولا سيما الممارسة الجديدة التي اتبعتها لجنة مناهضة التعذيب، التي قررت لجنة حقوق الإنسان اعتمادها، والتي تنطوي على وضع قائمة بالمسائل الواجب تناولها في التقارير الدورية، ما يتيح إعداد تقارير هادفة ودقيقة. ولكي يكون الأسلوب الجديد فعالاً، لا بد للجان النظر في التقارير في مهل معقولة وألا تطلب معلومات إضافية. ويجب أيضاً أن يكون ل لمجتمع المدني والمؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان قدرة على ا لمشاركة قبل ذلك في إعداد القوائم .

41- وتقدر النرويج تفسير هيئات المعاهدات ل لصكوك ذات الصلة بها والإيضاحات التي توفرها بشأن الالتزامات الناجمة عنها، عن طريق ما تقدمه من ملاحظات ختامية وتعليقات عامة و ما تتخذه من قرارات بشأن بلاغات الأفراد. ومتابعة تنفيذ هذه التوصيات على المستوى الوطني ل هي ضمانة لفعالية ومصداقية منظومة حقوق الإنسان برمتها. ويصح ذلك أي ضاً بخصوص التوصيات التي تقدم في إطار الاستعراض الدوري الشامل، وتؤيد النرويج أية مبادرة ترمي إلى تعزيز التنسيق بين أعمال الهيئات المنشأة بموجب معاهدات ومجلس حقوق الإنسان.

42- السيد بيليه (فرنسا) قال إن فرنسا ترحب ب عمل ال لجنة المعنية ب حقوق الإنسان، وهي أقدم لجنة في منظومة الأمم المتحدة وتلعب دوراً رئيسياً في مجال حماية حقوق الإنسان وتعزيزها، ولا سيما من خلال تعليقاتها العامة ودراستها للبلاغات الفردية.

43- وأضاف قائلاً إن فرنسا شديدة التمسك باستقلالية اللجنة، ولا بد من أن توفر لها الإمكانيات البشرية والمادية الكافية لأداء مهمتها في ظل أفضل الظروف الممكنة، وتمنى معرفة رأي اللجنة في هذا الصدد. ومن الضروري أيضاً ألا تؤدي التوصيات التي يقدمها مجلس حقوق الإنسان في إطار الاستعراض الدوري الشامل إلى إضعاف الملاحظات الختامية للجنة المعنية ب حقوق الإنسان، بل إلى تعز ي زها؛ وربما استطاعت اللجنة أن تبدي تعليقاتها في هذا المجال.

44- وطلب السيد بيليه كذلك معرفة آراء اللجنة بشأن مسألة عقوبة الإعدام منذ اعتماد التعليق العام رقم 6 المتعلق بالحق في الحياة، ولا سيما فيما يخص تعريف " أشد الجرائم خطورة". وقال إنه يود معرفة رأي اللجنة حول التوجه العام في هذا المجال.

45- السيد لوباتان (فلبين) استفسر عن طريقة تطبيق اللجنة للمادة 14 من ا لعهد لدى النظر في البلاغات الفردية وإصدار قراراتها . ذلك أنه قد سبق بالفعل وأنه أعطت اللجنة رأيها بخصوص إدانة متهمين أو براءاتهم، في حين لم يكن هؤلاء قادرين على أن يقدموا لها أية تفسيرات. بل و تتجنب محكمة العدل الدولية قدر المستطاع ، لدى ال نظر في قضايا تتعلق بحك م الإعدام ، إبداء رأيها في إدانة الأشخاص المعنيين او براءاتهم.

46- السيد هرزني (لجنة التنسيق الدولية للمؤسسات الوطنية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان) شكر السيد بادنتير والسيد بيجاوي على مرافعتهم المؤيدة لإلغاء عقوبة الإعدام على الصعيد العالمي . وقال إن العهد يشدد على عدد كبير من القيم الأساسية العالمية، وإنه يتعين بمناسبة الاحتفال بالدورة المائة، الإقرار بالدور الرئيسي الذي تضطلع به ال لجنة المعنية ب حقوق الإنسان في عملية تنفيذ العهد، وعدم نسيان الأشخاص المحرومين من حرياتهم وحقوقهم الأساسية.

47- و أضاف قائلاً إن المؤسسات الوطنية، ه ي الهيئات المستقلة المنشأة بموجب المبادئ المتعلقة بمركز وسير عمل المؤسسات الوطنية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان (مبادئ باريس) تسعى إلى تقليل الهوة بين المعايير الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والواقع الوطني. ومن الضروري اتخاذ إجراءات لدعم عمل هذه المؤسسات والسماح لها بزيادة مشاركتها في الجهود المبذولة لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها. و في هذا الصدد أعرب السيد هرزني عن استغرابه لأن اللجنة لم تتخذ قراراً بعد، مثلاً في شكل تعليق عام ، بشأن دور المؤسسات الوطنية، في حين أنها تشير أكثر فأكثر في ملاحظتها الختامية التي ت عتمدها عقب استعراض التقارير الدورية، إلى الدور الذي تلعبه المؤسسات الوطنية، وتعتبر هذه الأخيرة مصدراً لمعلومات موثوقة في عملية استعراض تقارير البلد ان . وتستند المؤسسات الوطنية بدورها بانتظام إلى أحكام قضاء اللجنة وتعليقاتها العامة لتفسير العهد والتحقق مما إذا كانت أحكامه قد انتهكت.

48- و قال إن تعزيز التعاون الاستراتيجي بين ال لجنة المعنية ب حقوق الإنسان والمؤسسات الوطنية أ م ر ضروري لتيسير تطبيق العهد، وهو أمر يمكن تحقيقه بالفعل . ف إعلان مراكش، الذي اعتمد في حزيران/يونيه 2010 في ختام حلقة دراسية جمعت خبراء من المؤسسات الوطنية من جميع أنحاء العالم وتناولت مسألة تعزيز الهيئات المنشأة بموجب المعاهدات، قد سلط الضوء على ضرورة ترشيد العلاقات بين الهيئات المنشأة بموجب المعاهدات والمؤسسات الوطنية.

49- السيدة مارشال (مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين) قالت إن التعاون مع اللجنة المعنية ب حقوق الإنسان يكتسي أهمية خاصة بالنسبة للمفوضية، خاصة وأن العهد وبروتوكوليه الاختياريين، والصكوك الدولية الأخرى المتعلقة بحقوق الإنسان، تشكل جميعها جزءاً لا يتجزأ من الإطار القانوني الذي تندرج في ه مهمة الحماية التي تضطلع بها المفوضية لصالح ملتمسي اللجوء واللاجئين وعديمي الجنسية والمشردين داخل بلدهم. وقد اعتادت المفوضية إبلاغ اللجنة بدواعي قلقها إزاء خطر انتهاك الحقوق الأساسية التي قد يتعرض لها الأشخاص المحتاج ي ن لحماية دولية جراء تطبيق إجراءات معينة أو عدم توفر ضمانات، بما في ذلك خطر ترحيلهم إلى بلد قد يتعرضون فيه لل خطر أو يصبحون عديمي الجنسية.

50- وأضافت قائلة إن المفوضية ترحب بأن تضمّن اللجنة ملاحظاتها الختامية توصيات ترمي إلى تعزيز تطبيق العهد لفائدة الأشخاص المشمولين بولاية المفوضية. و قد عززت المفوضية على مر السنين تعاونها مع اللجنة وهي تستند إلى توصيات ها وأحكام قضاتها للدفاع عن حماية الأشخاص المشمولين بولايتها، فضلاً عن أنشطة الدعاية التي تقوم بها مع الدول. و في هذا المضمار ، يمكن للجنة أن تعتبر المفوضية شريكاً تنفيذياً في الميدان. و في إطار الاحتفالات بالذكرى الستين لإبرام الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين والذكرى الخمسين لإبرام اتفاقية خفض حالات انعدام الجنسية، المزمع إجراؤها عام 2011، تضاعف المفوضية جهودها لتعزيز انضمام الدول إلى هاتين الاتفاقيتين. وبمقدور اللجنة أن تساعد المفوضية في هذا الجهد وذلك بأن تفرض الدول بانتظام لدى استعراض ال تق ا رير ال دوري ة ب الانضمام إلى هاتين الاتفاقيتين وتطبيقهما على نحو فعال دائماً ب اعتماد القوانين اللازمة. و تود المفوضية كذلك تشجيع اللجنة على مراعاة مسائل رئيسية أخرى، لا يتم تناولها في إطار الحوار مع الدول الأطراف، كاحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية ، لا سيما في المناطق الحدودية، ومبدأ حرية تنقل اللاجئين والمشردين وعديمي الجنسية، وظروف احتجاز الأشخاص المحتاجين ل لحماية الدولية، خاصة في المطارات، والحق في لم شمل الأسر، وإمكانية الوصول بالفعل إلى مراكز تسجيل المواليد ، وضرورة أن تدرج الدول في تشريعاتها المتعلقة بالجنسية ضمانات تحول دون بقاء الأطفال بدون جنسية، وحماية الأطفال من ملتمسي اللجوء وغير المصحوبين بذويهم، ومكافحة الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي للنساء والأطفال، وحماية ضحايا الاتجار، وتحسين فرص حصول النساء والفتيات اللاجئات على التعليم والعمل، وتأمين وحماية المشردين وتهيئة بيئة مؤاتية لتطبيق حلول مستدامة. وتود المفوضية صياغة تعليق عام، بالتعاون مع ال لجنة المعنية ب حقوق الإنسان ولجنة حقوق الطفل، يكون مخصصاً للحق في اكتساب جنسية.

51- السيد لاست (المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وآيرلندا الشمالية) أعاد التأكيد على إعجاب حكو مة بلده بأعمال اللجنة. وقال إن السلطات البريطانية أحاطت علماً مع التقدير ب إجراء متابعة الملاحظات الختامية، الذي يشجع التفاعل بين اللجنة والدول الأطراف في الفترة الفاصلة بين عمليتي استعراض ا لتقارير الدورية. ومن الملائم أن تقوم جميع هيئات المعاهدات بوضع إجراء كهذا. فمشروع النظر في التقارير الدورية على أساس قائمة بالمسائل الواجب معالجتها قبل تقديم التقارير إنما يشكل مبادرة ممتازة تكفل إجراء حوار أكثر تركيزاً وتخفف على الدول الأطراف عبء إعداد التقارير. وتحيي بريطانيا العظمى الدور الذي تلعبه المنظمات غير الحكومية التي تدعم دور اللجنة وتدفعها إلى تعزيز التعاون من منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الوطنية المعنية بحماية حقوق الإنسان.

52- السيد لالا ه شكر السيد بادنتير والسيد بيجاو ي على العرضين اللذين تقدما بهما واللذين سيشكلان مصدر إلهام حقيقي لأعمال اللجنة المستقبلية. و بصفته أقدم عضو في اللجنة، قال إنه لاحظ على مر السنين تزايد اهتمام ا لدول الأطراف بأعمال اللجنة. وهذا التطور مشجع للغاية وغالباً ما تكون اقتراحات وانتقادات الدول بناءة للغاية .

53- السيدة شانيه قالت إنه علاوة على الاحتفال بالدورة المائة، ينبغي ل اجتماع ا للجنة أن ي حدد معالم عملها المستقبلي، آخذاً انتقادات الدول الأطراف بعين الاعتبار . وقد أولي الاعتبار الواجب لتعليقات ممثل الجزائر. و أشارت السيدة شانيه مع ذلك إلى أنها لم تفهم تماماً ما كان المغزى من ملاحظة ممثل الفلبين، إذ إ نها لا ترى في أي قرار اتخذت اللجنة موقفاً حيال إدانة شخص ما. ف اللجنة لا تتدخل في قرارات المحاكم المحلية ويقتصر دورها على التحقق من مطابقة الإجراءات المتبعة لأحكام العهد.

54- وأضافت قائلة إن الانتقاد المتعلق بعدم كفاية التعريف بأعمال اللجنة له ما يبرره . وقد تم إحراز قدر من التقدم و لكن لا يزال هناك الكثير مما يتع ي ن فعله. وتسعى اللجنة إلى تحسين إجراءاتها وتعليل البيروقراطية في العمل، وإن تعين الإقرار بثقل بيروقراطية منظ و مة الأمم المتحدة في بعض الأحيان. وقد وضعت اللجنة برامج طموحة للغاية وستسعى في المستقبل إلى الانفتاح على المنظمات غير الحكومية وتعزيز فعالية الحوار مع الدول الأطراف.

55- واستطردت قائلة إن المعايير العالمية مستمدة من القواعد ال آمرة ولا يمكن التقليل من شأنها للدفاع عن خصوصيات ثقافية ومحلية. وينص العهد نفسه في المادة 27 على التنوع الديني واللغوي والثقافي ويجيز بعض القيود ، لا سيما فيما يخص حرية التعبير، ل مكافحة الكراهية القائمة على أساس الدين. وصحيح أن المفاوضات بشأن العهد قد جرت في حقبة الاستعمار و أن العهد يعكس قيماً أمريكية وأوروبية، إلا أن ما تجدر ملاحظ ته هو أن الاتفاقيات التي صيغت لاحقاً مع دول لم تشارك في مفاوضات العهد، مثل الاتفاقية المتعلقة بحق الطفل، قد استرشدت بال حقوق المنصوص عليها في العهد، وهذا ما يعزز عالمية الحقوق المكرسة فيه .

56- و من ضمن النقاط الإيجابية، ذكرت السيدة شانيه أن الدول تستفيد من الصكوك الدولية لتحسين قوانينها الداخلية، مثل كندا التي طبقت، وفقاً لأحكام اللجنة القضائية ، القرار ال ت ي لا تجيز ل دولة ألغت عقوبة الإعدام تسليم شخص إلى دولة يتعرض فيها لعقوبة الإعدام. ويجدر تعديل التعليق العام رقم 6 المتعلق بالحق في الحياة مع مراع ا ة أحكام القضاء الجديدة للجنة والتطورات الإيجابية التي أشار إليها السيد بادنتير ، و التي يتعين على اللجنة مواكبتها بل واستحثاثها وتستند المحاكم الدولية، مثل محكمة العدل الدولية، إلى أحكام قضاء اللجنة ولا بدّ من زيادة تعزيز المبادلات بين المحاكم الوطنية والدولية والهيئات المنشأة بموجب معاهدات.

57- واستطردت قائلة إن أهمية مجلس حقوق الإنسان والاستعراض الدوري الشامل قد تضاعفت وأن ذلك يستوجب قيام الهيئات المنشأة بموجب معاهدات بتنسيق إجراءاتها ليتسنى لها العمل في أفضل الظروف. و لدى استعراض حالة حقوق الإنسان في دولة بعينها، يمكن لمجلس حقوق الإنسان أن يأخذ بالاعتبار، بالإضافة إلى التعليقات الختامية للجنة، الاستنتاجات التي توصلت إليها هذه الأخيرة بشأن البلاغات المتعلقة بالدولة المعنية. ورأت السيدة شانيه أن مجلس حقوق الإنسان سيأخذ في الاعتبار التعليق العام الخاص بحرية الرأي (المادة 19) الذي باشرت اللجنة في صياغته، وأن اللجنة ستواصل تبادل الآراء معه بشكل مفيد .

رفعت الجلسة الساعة 00/ 13 .