الأمم المتحدة

CCPR/C/SR.2772

Distr.: General

5 December 2011

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الدورة المائة

محضر موجز للجلسة 2772

المعقودة في قصر ويلسون، جنيف، يوم الجمعة، 29 تشرين الأول/أكتوبر 2010، الساعة 00/15

الرئيسة: السيدة ماجودينا (نائبة الرئيس)

ثملاحقا: السيد إيواساوا (الرئيس)

المحتويات

الاحتفال بالدورة المائة للجنة المعنية بحقوق الإنسان (تابع)

افتتحت الجلسة الساعة 10/15

الاحتفال بالدورة المائة للجنة المعنية بحقوق الإنسان (تابع)

1- الرئيسة دعت السيد أنطونيو كانسادو ترينيداد، القاضي بمحكمة العدل الدولية والرئيس السابق لمحكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، إلى إلقاء كلمته.

2- السيد كانسادو ترينيداد قال إن الاحتفال بالدورة المائة للجنة المعنية بحقوق الإنسان يُعد يوماً هاماً بالنسبة إلى جميع الذين يكرّسون أنفسهم لحماية حقوق الإنسان على الصعيد الدولي. فاللجنة ترصد بأمانة منذ إنشائها الامتثال للعهد بوسائل منها الآراء التي تصدرها بشأن البلاغات بموجب البروتوكول الاختياري، وملاحظاتها الختامية على تقارير الدول الأطراف وتعليقاتها العامة.

3-وإنه لشرف عظيم أن يُدعى إلى إلقاء كلمة أمام اللجنة بمناسبة دورتها المائة. فقد ساعد قبل أكثر من ثلاثة عقود خلت شُعبة حقوق الإنسان السابقة على تجهيز المجموعة الأولى من البلاغات. وكانت أكثريتها تتعلق بأوروغواي. وكان العديد من مناطق أمريكا الجنوبية في نهاية السبعينات يعاني من الأنظمة التسلطية والقمعية، وكانت تمثل أحد أول التحديات الذي واجهته اللجنة. ومنذ ذلك التاريخ، أسهمت أي إسهام في جميع القارات في الحماية الدولية لحقوق الإنسان.

4-ويوضح تناول اللجنة البلاغات تفسيرها لأحكام العهد المتعلقة بحظر التعذيب أو إساءة المعاملة بصورة قاطعة، وحظر الرق والسخرة والعمل القسري، وبمجموعة واسعة من الحقوق والحريات الأساسية المحمية. فقد عالجت، في آرائها بشأن البلاغات، مسائل حيوية مثل الحقوق غير القابلة للانتقاص وحالات الطوارئ. ورأت اللجنة في آرائها بشأن قضيتي بروكس ضد هولندا و زوان –دي فريس ضد هولندا في عام 1987، انتهاكاً للمادة 26 من العهد فيما يتعلق باستحقاقات الضمان الاجتماعي، ودعمت بطريقة مبتكرة حقاًمستقلاً يتمثل بعدم التمييز، ومهدت بذلك الطريق إلى تطورات أخرى في هذا المجال.

5-وعند تناول مسألة الإجراء التعسفي الذي تتخذه السلطات الحكومية، تفادت اللجنة، في آرائها، موازاة التعسف بإجراء "ضد القانون". وفي قضية ماركِش دي مورايش ضد أنغولا في عام 2005، عمدت إلى تفسير أوسع نطاقاً شمل عناصر الظلم وعدم اتخاذ الإجراءات القانونية السليمة وعدم مناسبة إمكانية التنبؤ. وفي قضية موخيكا ضد الجمهورية الدومينيكية في عام 1994 وقضية تشيشمبي ضد زائير في عام 1996، حذّرت اللجنة من أن التفسير الذي يفسحالمجال للدول الأعضاء بالتسامح إزاء التهديدات الصادرة عن السلطات الحكومية ضد حرية الأفراد غير المحتجزين وأمنهم في إطار الولاية القضائية للدول الأطراف المعنية أو التغاضي عن هذه التهديدات أو تجاهلها سيبطل فعالية الضمانات الواردة في العهد.

6-وأوضحت اللجنة، في ملاحظاتها الختامية على تقارير الدول الأطراف، نطاق الحقوق التي يحميها العهد والالتزامات التي تقع على عاتق الدول الأطراف. وأثبتت اللجنة أيضاً أثر القانون الدولي لحقوق الإنسان في القانون الدولي العام، بالاعتراف مثلا باستمرار الالتزامات الدولية بحقوق الإنسان في حالات خلافة الدول.

7-وأتاحت التعليقات العامة للجنة المعنية بحقوق الإنسان، التي صدر منها إلى حد الآن 33 تعليقاً، توجيهات ثمينة لتفسير مختلف أحكام العهد. فقد تناولت اللجنة مبدأ الإنسانية، الذي عادةً ما يُستشهد به في مجال القانون الإنساني الدولي، في تعليقيها العامين رقمي 9 و11 على المادة 10 من العهد بشأن المعاملة الإنسانية للأشخاص المحرومين من حريتهم. وكانت اللجنة صائبة في تعليقها العام رقم 31، عندما ارتأت أن القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان يكمل الواحد منهما الآخر ولا يستبعده.وقد تشبّع كذلك مبدأ الإنسانية في تناول اللجنة موضوع الحق الأساسي في الحياة بالمعنى الواسع في تعليقيها العامين رقمي 6 و14. وشدّدت اللجنة على أن الواجب الأعلى هو منع الحروب وغيرها من أعمال العنف الجماعي، وناشدت جميع الدول من أجل تخليص العالم من أخطار الأسلحة النووية. وركزت اللجنة في تعليقها العام رقم 18 على اتساع نطاق المبدأ الأساسي لعدم التمييز، وأشارت إلى أنه بينما حدّدت المادة 2 الحقوق الواجب حمايتها من التمييز على الحقوق الواردة في العهد، فإن المادة 26 مضت أبعد من ذلك وتضمنت حقاً قائماً بذاته وحظرت التمييز بحكم القانون أو بحكم الأمر الواقع في أي ميدان تحكمه السلطاتالحكومية وتحميه.

8-وفي تعليقها العام الطويل رقم 32، حددت اللجنة الحق في المساواة أمام المحاكم وفي محاكمة عادلة بصفته أحد العناصر الأساسية لحماية حقوق الإنسان، وهو وسيلة للحفاظ على سيادة القانون.وتشتمل المادة 14، في رأي اللجنة، على ضمانات يجب على الدول الأطراف أن تحترمها بصرف النظر عن تقاليدها القانونية وقوانينها المحلية. ويُمنع في جميع الأوقات منعاً باتاً الانحراف عن المبادئ الأساسية للمحاكمة العادلة، بما في ذلك افتراض براءة المتهم.وترتبطالمسألة بصورة عامة بالوصول إلى العدالة، حيث إن المادة 14 تشمل الحق في الوصول إلى المحاكم وفي المساواة أمامها. ولا يقتصر هذا الحق على مواطني الدول الأطراف، بل يجب أن يكون متاحاً لجميع الأشخاص الموجودين في إقليم الدولة الطرف أو الخاضعين لولايتها القضائية بصرف النظر عن الجنسية أو انعدام الجنسية أو غيرهم من الأشخاص. وأضافت اللجنة أن الضمانات الواردة في المادة 14 تنطبق في جميع الظروف بما في ذلك ما يتعلق بمهمة اتخاذ القرار الذي يعهد به القانون المحلي إلى إحدى الهيئات القضائية للبتّ في عمليات الترحيل أو الإبعاد.

9-وبيّن التعليق العام رقم 15 أن المادة 13 من العهد ترمي بوضوح إلى منع عمليات الطرد التعسفي، حيث تنص المادة على أن عمليات الطرد هذه لا يمكن أن تنفذ إلا طبقاً "لقرار اتُّخذ وفقاً للقانون"، دون تمييز، وتمكين الأجانب من اللجوء إلى وسائل الطعن في قرار الطرد.

10-وقد أثَّرت بعض التعليقات العامة الموضوعية والإجرائية على السواء في آليات حماية حقوق الإنسان الأخرى، على مستوى الأمم المتحدة وعلى الصعيد الإقليمي كذلك. وأشار على سبيل المثال إلى التعليق العام رقم 24 بشأن المسائل المتعلقة بالتحفظات التي تبديها الدول الأطراف عند التصديق على العهد أو على البروتوكول الاختياري في رأيه الشخصي بشأن قضية بليك ضد غواتيمالا ، الذي اتخذت محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان بشأنها قراراً بعد ذلك بوقت قصير.

11-ولم يغب عن ذهنه طوال مدة ولايته كرئيس لمحكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان (1999-2004)، إدراك اللجنة الشديد لعامل الزمن في تسوية الحالات التي تثير مسائل اختصاص من حيث الزمان. ففي التعليق العام رقم 26 بشأن استمرارية الالتزامات، أفادت اللجنة بكل شجاعة أن العهد ليس من قبيل المعاهدات التي تنطوي ضمناً، بحكم طبيعتها، على الحق في النقض. وشددت على أن القانون الدولي لا يسمح لدولة صدّقت على العهد أو انضمت إليه أو خلفت دولة أخرى فيه أن تنقض هذا العهد أو تنسحب منه. فالحقوق المجسدة في العهد هي ملك للسكان الذين يعيشون في إقليم الدولة الطرف. وتؤول تلك الحماية إلى الإقليم وتظل ملكاً لسكانه، برغم ما يطرأ على حكومة الدولة الطرف من تغيير، بما في ذلك تقسيمها إلى أكثر من دولة واحدة أو تحوّلها إلى دولة خلف أو أي إجراء لاحق تتخذه الدولة الطرف ويستهدف حرمانها من الحقوق التي يضمنها العهد.

12-ونظرت اللجنة في تعليقها العام رقم 31 في الالتزام المفروض على الدول الأطراف باحترام الحقوق التي يعترف بها العهد وكفالتها. وهذه الالتزامات العامة، إلى جانب الالتزامات الخاصة المتعلقة بكل حق محمي، هي جميعها التزامات ذات حُجية مطلقة تجاه الأطراف كافة، وذلك نظراً إلى أن المادة 2 أوضحت أن لكل دولة من الدول الأطراف مصلحة قانونية في أداء كل دولة طرف أخرى لالتزاماتها. ويُفرض التزام عام على الدول الأطراف بأن تكفل الحقوق المشمولة بالعهد لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها، بغض النظر عن الظروف. وينبغي للقوانين المحلية للدول الأطراف وممارساتها المحلية بالتالي أن تتوافق مع أحكام العهد وأن تتوفر سبُل الانتصاف الميسّرة والفعالة من أجل إعمال الحقوق المحمية. ويؤكد التعليق العام رقم 31 أيضاً أنه على الدول الأطراف أن تكفل الانطباق المباشر لأحكام العهد في القانون المحلي وآثاره التفسيرية في تطبيق القانون المحلي. وتنص الفقرة 3 من المادة 2 على أن تتعهد كل دولة طرف بأن تكفل توفير سبيل فعال للتظلم لأي شخص تنتهك حقوقه. ولاحظت اللجنة أن هذا السبيل يمكن أن يشمل الرد، وإعادة الاعتبار، وأشكال الترضية، مثل الاعتذارات العلنية، والاحتفالات التذكارية العلنية، وضمانات عدم التكرار، وإدخال تغييرات على القوانين والممارسات ذات الصلة، فضلاً عن إحالة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان إلى القضاء. وتبنت اللجنة أيضاً الرأي القائل إنه يمكن لحق الفرد في سبيل التظلم أن يشمل في بعض الظروف مطالبة الدول الأطراف بإتاحة تدابير مؤقتة وتنفيذها لتفادي استمرار الأوضاع، والسعي للتعويض في أقرب وقت ممكن عن أي أذى قد ينجم عن هذه الانتهاكات.

13-وبالتالي حددت اللجنة بطريقة جيدة، في تفسيرها للعهد، البعدين الزماني والمكاني الصحيحين. وكمثل على البعد الزماني تأييدها لمفاهيم الأوضاع المستمرة والآثار الدائمة، وفي بعض الظروف، لمفهوم الضحايا المحتملين. وكمثل على البعد المكاني تأييدها لتطبيق الحقوق المحمية خارج إقليم الدولة الطرف.

14-وترتبط تفسيرات اللجنة بنظام حماية يركز بالتأكيد على الضحايا. وبالتالي، اتبعت معايير تفسيرية تتجذر في المبدأين المؤاتيين للإنسان و الضحية . واعتمدت نهجاً شاملاً يتعلق بالحقوق المحمية فيما بينها كطريقة تؤدي إلى الاعتراف بتكافلها وعدم تجزئتها المتبادلين. وعملت أيضاً في إطار عالمية حقوق الإنسان.

15-وأشارت أحكام متتالية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في السنوات الأخيرة إلى آراء اللجنة بشأن البلاغات. وأشارت لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان أيضاً إلى عدد من الأحكام في آرائها وتعليقاتها العامة. وهو على ثقة من أن المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب لن تشكل استثناءً لهذا الاتجاه.

16-وأشارت محكمة العدل الدولية في السنوات الأخيرة، في كل من القضايا الخلافية والآراء الاستشارية، إما إلى أحكام العهد ذات الصلة أو إلى عمل اللجنة. ورأت المحكمة في قرارها بشأن القضية المتعلقة بالعمليات المسلحة في الأراضي الإقليمية للكونغو ( جمهورية الكونغو الديمقراطية ضد أوغندا ، 2005)، أن أحكام العهد تنطبق في هذه القضية. واستشهدت المحكمة في قرارها الصادر في قضية تطبيق الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها ( البوسنة والهرسك ضد صربيا والجبل الأسود ، 2007)، بالمادتين 2 و3 من العهد لدعم تفسيرها لمعنى كلمة "تتعهّد" في الاتفاقية. ورأت المحكمة في رأيها الاستشاري بشأن الآثار القانونية الناشئة عن تشييد جدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة (2004)، أنه لا يجري وقف العمل بالعهد بصورة غير مشروطة في أوقات النزاع، وأنه ينطبق خارج إقليم الدول الأطراف عندما تمارس ولايتها القضائية على هذه الأقاليم، كما يبرز ذلك من التاريخ التشريعي للعهد والممارسة المتسقة للجنة المعنية بحقوق الإنسان. وأشارت المحكمة في رأيها الاستشاري بشأن شرعية التهديد بالأسلحة النووية أو باستخدامها، إلى المادة 6 من العهد. وفي رأي منفصل ذيل به رأياً استشارياً للمحكمة بشأن "اتساق إعلان الاستقلال من جانب واحد فيما يتعلق بكوسوفو مع القانون الدولي"، إلى المادة 1 من العهد وإلى موقف اللجنة بشأن خلافة الدول آليات فيما يتعلق بمعاهدات حقوق الإنسان وبتطبيق هذه الحقوق خارج الأراضي الإقليمية للدول.

17-ويمكن أن يُستَنتَج مما سبق أن إسهام اللجنة في تطور القانون الدولي لحقوق الإنسان كان رائعاً. وهنّأ اللجنة بمناسبة عقد دورتها المائة، وأعرب عن ثقته في أنها ستواصل إسهامها القيّم في قضية حقوق الإنسان أثناء دوراتها المائة المقبلة.

18- الرئيسة دعت السيد إيببي رايدل، الأستاذ في معهد الدراسات الدولية الإنمائية العليا وعضو اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلى إلقاء كلمته.

19- السيد رايدل شكر اللجنة على دعوتها إياه لإلقاء كلمة في اجتماعها المكرّس للاحتفال بالدورة المائة. وقال إنه بإمكان جميع أعضاء هيئات المعاهدات أن يفخروا بالإنجازات الرائعة التي حققتها اللجنة في العقود الأخيرة. فقد دافعت بحزم عن حقوق الإنسان، في مناخ مسيّس جداً أحياناً، وكانت مثلاً تحتذي به هيئات المعاهدات الدولية الأخرى لحقوق الإنسان. وطوّرت في ملاحظاتها الختامية الدقيقة والمبتكرة في كثير من الأحيان بشأن تقارير الدول الأطراف وفي آرائها بشأن البلاغات المقدمة بموجب البروتوكول الاختياري فهم الناس لطبيعة الالتزامات التي تقع على عاتق الدول الأطراف ونطاقها. وألهم العديد من اقتراحاتها وتوصياتها وآرائها عمل هيئات المعاهدات الأخرى، بالرغم من التركيز المختلف نوعاً ما النابع من العناصر الخاصة بالمعاهدات. وفي بعض الأحيان، وبخاصة في مجالات تتداخل فيها الحقوق، تنافست الأفكار على النحو الصحيح. وبإمكان الاجتماعات المشتركة بين اللجان واجتماعات الرؤساء أن تتناول مسائل تفيد من اعتماد نهج موحد.

20-وعلى مدى الأربعين سنة الماضية، ساعدت اللجنة أيما مساعدة على توضيح معنى الالتزامات. وأوضحت للدول الأطراف أبعاد شروط التحفظات والنقض. وقيّمت نطاق الرصد حتى أثناء النزاعات المسلحة. وكانت المنهجية المتبعة مقنعة دوماً بصورة جعلت هيئات المعاهدات الأخرى تعتمدها في كثير من الأحيان.

21-وأوضحت التعليقات العامة للجنة وآراؤها بشأن البلاغات توضيحاً كبيراً محتوى ضمانات حقوق الإنسان في العهد. وبفضل التوسّع التدريجي لنطاق سوابق اللجنة، عرّفت الضمانات المبهمة تعريفاً دقيقاً على نحو يتشابه مع القرارات القضائية الصادرة بموجب القانون المحلي أو الإقليمي لحقوق الإنسان. وبديهي أن القرارات المتخذة على الصعيد الدولي لم تكن تنفَّذ بعد على الصعيد الوطني. والنزاع بشأن ما إذا كانت استنتاجات اللجنة "قرارات" أو مجرد "توصيات" مسألة أكاديمية إلى حدّ ما في الواقع. والمهم، حتى في المعنى القانوني البحت، أن للاستنتاجات غير الملزمة والتي تعتبر توصيات نفس الأثر عملياً مقارنة بالقرارات الملزمة الصادرة عن المحاكم بسبب كيفية تعامل وسائط الإعلام والبرلمانات والحكومات عملياً مع هذه الاستنتاجات. بيد أن بعض الدول الأطراف تشدد على عدم التزامها بآراء اللجنة، ومع ذلك لا يمكنها أن تتجاهلها بصفتها توصيات غير ملزمة. وكما أشارت اللجنة بحق في تعليقها العام رقم 33 وتوصيات اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تعليقها العام رقم 3، فإنه ينتظر من الدول الأطراف أن تعمل بحسن نية، وفقاً للمادة 26 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات. ولو اعتبرت الدول الأطراف أنها غير مرتبطة بأي التزامات، فإن ذلك سيتعارض مع هدف العهد والبروتوكول الاختياريوغرضهما.

22-وركزت المناقشة أيضاً على الطبيعة القانونية للآراء عند التفاوض بشأن نص البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وكان أحد الأسئلة المطروحة هو مدى اجتهاد البرلمانات الوطنية ذات السيادة عندما يتعلق الأمر بإدراج الالتزامات المنصوص عليها في العهد في القانون المحلي. وأكدت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بشدة أن للدول الأطراف التزام قانوني واضح بالقيام بذلك. لكن الدول الأطراف حرة، على الأقل في إجراءات الإبلاغ التي تقع عليها، في الأخذ بخيارات مدروسة في مجال السياسات العامة لا تنتهك الضمانات الأساسية للعهد.

23-ويمكن اعتبار عمل اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بصفته "هندسة اجتماعية تدريجية" ناجحة ترمي إلى تعزيز حقوق الإنسان بتوضيح التزامات الدول الأطراف الواجب احترامها وتنفيذها، وكفالة تماثل آرائها مع قرارات الهيئات القضائية إلى أبعد حد ممكن. وأفادت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في تعليقها العام رقم 33 بأنه رغم أن وظيفتها لدى النظر في البلاغات الفردية ليست وظيفة هيئة قضائية بهذا المعنى، فإن الآراء التي تصدرها اللجنة تنطوي على بعض السمات الرئيسية للقرار القضائي. فهي آراء تتوصل إليها بروح قضائية، بما في ذلك اشتراط حياد أعضاء اللجنة واستقلالهم، والدقة في تفسير لغة العهد، والطابع الحاسم للقرارات. ولاستعمال مصطلحات القانون العام، تُستَمد الالتزامات القانونية من أحكام العهد والبروتوكول الاختياري، بينما يمكن أن تعتبر الملاحظات الختامية والتوصيات والتعليقات العامة رأياً قاطعاً ذا حجية صادراً عن هيئة لها سلطات،رغم أنها وثائق غير ملزمة قانوناً بالمعنى الدقيق للعبارة.

24-وقد جرى تلقي التعليقات العامة لهيئات المعاهدات تلقياً حسناً وأصبحت هيكلة تقارير الدول الأطراف أشد تركيزاً نتيجة لذلك.

25-ويتعلق الجزء الأول لكلا العهدين الدوليين بمسألة تقرير المصير. وبالرغم من أن اللجنتين لم تتناولا المادة 1 بصفتها حقاً قائماً بذاته، فقد ناقشتا المسألة وقدمتا توصيات بشأنها في سياق مواد أخرى. ومع ذلك، نادراً ما طُرحت مسألة تقرير المصير في إطار البلاغات حيث إنه من غير المرجح أن يزعم أفراد انتهاك حقهم في تقرير المصير. ومن جهة أخرى، فإن عدم وجود قواعد الاستقلال الذاتي وعدم قبول حقوق المشاركة والجوانب المحددة على سبيل المثال للحق في التعليم وفي حرية التعبير يمكن أن ترجح كفّة الانتهاك المزعوم لحق في حد ذاته. وجرت محاولة، في ضوء ممارسة اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، لترك القضايا التي تغطيها المادة 1 خارج نطاق البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بيد أنه أُبقي عليها في نهاية المطاف. ولا يُعرف ما إذا كان هذا القرار سيؤثر على عملية التصديق. وأشار إلى النقد الموجّه إلى لجنته بأنها ستتبع ممارسة اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وتترك مسألة تقرير المصير لإجراء الإبلاغ الخاص بالدول الأطراف أو لآليات مجلس حقوق الإنسان. ويجري تناول مسألة تقرير المصير، التي تكتسي طابعاً سياسياً إلى حدّ كبير، ضمن المناقشات الدولية الحكومية الرفيعة المستوى في الجمعية العامة أو حتى في مجلس الأمن.

26-وقد أُدرجت حيثما أمكن، أحكام البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بأكملها في البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الآخر. وبالرغم من مختلف الإجراءات التي طُوِّرت في الستينات في أوج حقبة الحرب الباردة، تحولت ممارسة حقوق الإنسان ببطء ولكن بشكل مطرد إلى موازاة المحتوى الرئيسي للضمانات بموجب العهدين. وعليه، فإن جميع الحقوق التي يقضي بها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية قابلة مبدئياً للتطبيق قضائياً على الصعيد الوطني ولا تمثل مجرد بيانات برنامجية للسياسات العامة، كما تحتج بذلك بعض الدول. ومع ذلك فإن الأمر يتضمن قبول الالتزام الثلاثي بالاحترام والحماية والأداء، وبمفهوم المحتوى الرئيسي لكل حق من الحقوق التي تعتبر الحدّ الأدنى لبقاء إنسان أو "مجموعة لوازم البقاء" له.

27-وتمّ بداية من تاريخ نفاذ العهدين في عام 1976 وحتى موعد عقد المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان في عام 1993، التحجج باختلاف الحقوق المدنية والسياسية عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبوجوب التعامل معها بصورة مختلفة، بيد أن هذا الموقف لم يعد يمثل الرأي العام السائد لدى المجتمع الدولي لحقوق الإنسان. فقد أوضح إعلان وبرنامج عمل فيينا أن حقوق الإنسان كافّة عالمية وغير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتشابكة. وأضاف أنه على المجتمع الدولي أن يتعامل مع حقوق الإنسان عالمياً على نحو يتوخى فيه الإنصاف والتكافؤ على قدم المساواة وبالقدر نفسه من الاهتمام. ومع ذلك، لا تزال بعض الدول تسعى لمعالجة مجموعتي الحقوق بصورة مختلفة. وأكدت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في جميع تعليقاتها العامة، منذ التعليق العام رقم 3 في عام 1991، أنه في حالةعدم وجود حقوق بقاء أساسية، مثل الحق في تكافؤ الوصول إلى أماكن العمل، والحق في ظروف عمل عادلة، والحق في الضمان الاجتماعي، والحق في المرافق الصحية، والحق في ضمانات التعليم الأساسي، والحق في المشاركة الثقافية، تفتقد الحقوق المدنية والسياسية أُسسها الحيوية. فحرية التعبير دون الحصول على مورد أساسي للغذاء وخدمات الرعاية الصحية الأساسية تكاد تكون عديمة.

28-والحق في الحياة مكفول بموجب المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وفي ممارسة اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، أثبت الحق في الحياة أنه أكثر الأحكام العامة أهمية وشمل أحياناً في نطاقه الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتناولت لجنته بعض المسائل ذات الصلة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تحت عنوان الحق في الحياة. ومن البديهي أنه دون ضمان فعال للحق في الحياة ستصبح الحقوق الأخرى كافة شبه منعدمة. وكما أشار مانفريد نوفاك وروزالين هيغينز والسير نايجل رودلي وبرتران رامشاران والكثير غيرهم، فإن الحق في الحياة حق لا يمكن الانتقاص منه حتى في أوقات الطوارئ. بل إن بعض المعلقين ذهبوا إلى إضفاء صبغة القواعد الآمرة عليه. ومنذ البداية، رفضت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان تفسيراً ضيقاً لهذا الحق يشمل فقط الحق في الحماية من القتل التعسفي. بيد أنها ركزت، بصفة عامة، ولا سيما بموجب البروتوكول الاختياري، على البعد السلبي للحقوق. فقد رأت ميلاً لتناول الأبعاد الإيجابية في إطار الالتزام بالحماية، عندما يتصل الأمر، مثلا، بأوضاع السجون والوصول إلى العدالة.

29-ومع ذلك، طرحت اللجنة في السنوات الأخيرة، أسئلة أوسع نطاقاً تتصل بالحق في الحياة، مثل نسبة وفيات الرضع، والعمر المرتقب ومسألة الإجهاض المثيرة للجدل الشديد. فقد أشارت اللجنة مثلاً في ملاحظتها الختامية بشأن بيرو، إلى أن عمليات الإجهاض السرية تمثل السبب الرئيسي لوفيات الأمهات. واعتبرت أن مسائل أخرىتنبع من الحق في الحياة، مثل الممارسات التقليدية الضارة ومكافحة فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز وحتى الصحة البيئية والقضايا الغذائية. وفي قضية هوامان ضد بيرو ، رفض مستشفى إجراء عملية إجهاض علاجي لجنين منعدم الدماغ، بالرغم من إجازة التشريعات القائمة العملية وتأكيد طبيبٍ أن الأم، التي كانت قاصرة، ستتعرض لخطر يهدد حياتها وأنها ستعاني من أضرار نفسية بليغة. وخلصت اللجنة إلى انتهاك مواد مختلفة بيد أنها لم تشر إلى المادة 6تحديداً. وفي تعليقيها العامين رقمي 6 و14 بشأن الحق في الحياة، مضت اللجنة إلى حدّ بعيد في تفصيل تدابير حماية الحياة. ومع ذلك، تشكل هذه التدابير مجرد توصيات ولا توجد ضمانات تكفل تطبيق الدول الأطراف لها بصورة طوعية.

30-وكانت للجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فرصة سانحة للتفكير في المسائل المتعلقة بالحق في الحياة بموجب أحكام عهدها . ففي تعليقها العام رقم 14، تناولت الحق في الصحة. وشددت باستمرار على الالتزامات الرئيسية التي تقع على عاتق جميع الدول، غنية كانت أم فقيرة، إن هي أرادت أن تتفادى انتهاك الحق في الصحة. وشملت الوصول إلى المرافق الصحية؛ والحصول على قسط أدنى من الغذاء يكون كافياً وآمناً غذائياً؛ والحصول على المأوى والسكن والمرافق الصحية وعلى كمية مناسبة من ماء الشرب؛ والحصول على الأدوية الأساسية وفقاً لتعريف منظمة الصحة العالمية. وبإمكان جميع الدول الأطراف أن تؤدي هذه الالتزامات، حتى وإن كانت تمر بضائقة مالية عسيرة، لأن معياري عدم التمييز والمساواة لا يقومان على الموارد أساساً. وإذا تعذّر على الدول الأطراف أداء التزاماتها، ينبغي لها أن تلتمس التعاون والمساعدة الدوليين، وفقاً للمادة 2(1) من العهد.

31-وقد بذلت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان مساعي مشتركة لقراءة الحق في الحياة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عن طريق الحق في الحياة، كانت في رأيه مبررة تبريراً كاملاً، على الأقل حتى بدء نفاذ البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

32-وهنّأ اللجنة على ممارستها المثالية وأعرب عن الأمل في أن يتواصل تعاونها مع شقيقاتها من هيئات المعاهدات، ولا سيما لجنته. وتمنى كل النجاح للجنة المعنية بحقوق الإنسان في دوراتها المائة المقبلة.

33- السيد رمشاران (المفوض السامي لحقوق الإنسان بالإنابة ونائبهسابقاً) قال إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان وعدت في عام 1947 بوضع شرعة دولية لحقوق الإنسان تتألف من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان ومن تدابير التنفيذ. وأدت هذه الرؤية إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وجرى التشديد، في مرحلة الصياغة، على أن يكون للعهد مغزى لعامة الناس في حياتهم اليومية، ووضع مجموعة من المعايير والإنجازات على الصعيد العالمي. وأدى ذلك إلى المعايير الأساسية التي يتضمنها العهد، ومبدأ الإنسانية الذي يقوم عليه العهد بأكمله.

34-وكان بدء نفاذ العهد مثيراً إلى حد كبير، واستوجب خبرة عالية من أعضاء اللجنة الأوائل في السياق السياسي للحرب الباردة. ومن أجل فهم كيفية تطور العهد، أوصى طلاب قانون حقوق الإنسان بوجوب الرجوع إلى الوثيقة A/2929، وهي تعليق على الأعمال التحضيريةللعهدين الدوليين. وفضلاً عن ذلك، ناقشت اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة كل بند من بنود العهد في الفترة من عام 1945 إلى عام 1966، وثمة تقارير مفصلة متاحة عن هذه المناقشات. وأوصى ببذل جهود لإصدار الوثيقة A/2929، إلى جانب هذه التقارير، لنشر المعلومات المتعلقة بتاريخ اللجنة والعهد. ودعا أيضاً ممثل سويسرا، الرئيس الحالي للجمعية العامة، إلى تشجيعها على إصدار بيان يشدد على أهمية هذا الاحتفال.

35-واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، أكثر من أي هيئة معاهدات أخرى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، أعطت مضموناً للمفهوم الحديث لحماية حقوق الإنسان في القانون الدولي. وبرهنت عن عمق تبصّر في الأبعاد الدولية للنظام العام للحماية، مما أدى إلى ذياع صيت مفهوم قواعد النظام العام الدولي في القانون الدولي. وكان التعليق العام للجنة بشأن شرعية حيازة الأسلحة النووية واستخدامها، الذي اعتمدته في عام 1984 في أوج الحرب الباردة، إسهاماً أساسياً في مفهوم الحماية الحديث. فقد خصص مجلس الأمن مؤخراً جلسة لمناقشة إزالة الأسلحة النووية؛ وكانت اللجنة سبّاقة بكثير إلى هذه المسألة مقارنة بأي هيئة دولية أخرى.

36-وفضلاً عن ذلك، أوضحت اللجنة، في ملاحظاتها الختامية وقراراتها بموجب البروتوكول الاختياري وتعليقاتها العامة، الجوانب الأخرى للقانون الدولي لحقوق الإنسان وطورت العديد من هذه الجوانب. وساعدت على استحداث معنى نظام الحماية الوطني الذي يُتَوقَّع من كل حكومة أن تضعه وترعاه. وطلبت أن يتّسق الشكل الدستوري والتشريعي والقضائي والتعليمي والمؤسسي والوقائي لبلد ما مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.

37-كما أسهمت اللجنة إسهاماً بارزاً في الأبعاد الوقائية للحماية، وطلبت إلى الحكومات أن تثبت أن لديها قوانين ومؤسسات وسياسات مصمَّمة لمنع انتهاكات حقوق الإنسان، وبخاصة الانتهاكات الجسيمة. وأوضحت القانون المتعلق بحماية تخفيف الآثار والحماية العلاجية، ودعت الدول الأطراف إلى التعجيل بوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان حالما تتناهى إلى علمها. وطوّرت اللجنة القانون المتعلق بالحماية العلاجية والتعويضية؛ وتعد سوابق اللجنة بموجب البروتوكول أحد أثرى سبل التظلم والتعويض. وبالإضافة إلى ذلك، وضعت المبدأ القانوني للمعاصرة في حماية حقوق الإنسان، وطلبت وجوب تفسير القانون وتطبيقه في ضوء الظروف المعاصرة. وبالتالي فقد جعلت من قانون حماية حقوق الإنسان قانوناً حياً وأسهمت في التطور التدريجي للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

38-وينبغي للجنة، في المستقبل، أن تدرك مسؤولياتها القيادية التي ينبغي لها أن تتحملها في سعيها لحماية حقوق الإنسانعلى الصعيد العالمي. ولها موقف لا تُوازى أهميته، نظراً إلى أن هيئات معاهدات حقوق الإنسان تمثل حاليا أهم دعامة لحماية هذه الحقوق. وتنبع أهميتها من تمثيلها القانون، وللجنة موقف تفخر به في هذا السياق. وتُدعى هيئات المعاهدات لكفالة اتساق الحماية الوطنية لحقوق الإنسان مع قواعد السياسة العامة الدولية والقانون العرفي الدولي وقانون معاهدات محدَّدة. ودعا اللجنة إلى التفكير في كيفية تحمل هذا الدور الريادي في عالم سريع التغير وفي كيفية زيادة التعريف بأنشطتها عالميا على نحو يكفل تأثيرها تأثيراً عملياً في الحماية الوطنية لحقوق الإنسان.

39-وينبغي للجنة أيضاً أن تعمم بصورة دورية فهمها لشروط المسؤولية الوطنية عن حماية حقوق الإنسان. وإلى حد الآن، لقي مفهوم مسؤولية الحماية عناية شديدة من منظور المسؤولية الدولية للحماية، بينما كان ينبغي أن يكون التشديد على المسؤولية الوطنية. ومن المفيد أن تصدر الأمانة العامة للأمم المتحدة أو إحدىالمؤسسات الأكاديمية تقريراً عالمياً دورياً عن المسؤولية الوطنية للحماية يستند إلى نظر اللجنة في التقارير القطرية والشكاوى المقدَّمة بموجب البروتوكول الاختياري.

40-وحيث إن اللجنة ستطور عملها ودورها مستقبلاً، ينبغي لها أن تنظر في كيفية تحسين الاستراتيجيات الوقائية لحقوق الإنسان. وبينما كانت اللجنة صائبة في التشديد على واجب الحكومات في منع الانتهاكات، ينبغي لها الآن أن تركز على الحاجة إلى وضع استراتيجيات وقاية واسعة النطاق. وقد حان الوقت لكي تنظر في كيفية إتاحة سوابقها الرئيسية للقضاة في جميع أنحاء العالم باللغات المحلية، وقد يكون كان ذلك بمساعدة مؤسسات مثل رابطة المحامين الدولية ولجنة الحقوقيين الدولية. ونظراً إلى أنه ينبغي للجهود المبذولة في مجال تطوير التثقيف بحقوق الإنسان أن تتأثر بعمل اللجنة، اقتُرح عليها أن تنظر في نشر دليل مبسط عن العهد ومكانته في الثقافة العالمية لحقوق الإنسان يستخدمه المدرسون. ويظل تجذر ثقافةٍ عالميةٍ لحقوق الإنسان أحد أكثر التحديات إلحاحاً لحركة حقوق الإنسان.

41- السيدة موتوك قالت إن احتفال اللجنة الحالي يوفّر فرصة للتفكير في أحوال البشر، التي ترتبط أساساً بمنظور اللجنة لحقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة لم تنتخب عضواً من أوروبا الشرقية إطلاقاً كرئيس لها؛ رغم أن هذه المنطقة ساهمت بردودٍ أدبية وفلسفية هامة على الطغيان ومحرقة اليهود.

42-وينبغي أن تسعى الجنة مستقبلاً لكفالة تزويد فرادى الدول والشعوب بالوسائل الكافية لتفسير متطلبات العهد وعالمية حقوق الإنسان وفقاً للمنطق الداخلي لتطورها الثقافي. وينبغي لها أيضاً أن تسعى لتحسين صورتها، التي تتطلب المزيد من الشفافية في عملها والتشديد على التعاون مع المنظمات غير الحكومية. وإذ تثني على مبادرة إنشاء جهة وصل مع المنظمات غير الحكومية، فقد حثت اللجنة على إنشاء جهة وصل مع الدول الأطراف، حيث إن العديد منها لا يزال يفتقر إلى وسائل الاستفادة من عمل اللجنة. كما ينبغي تعزيز العلاقات القائمة بين المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان واللجنة. ومن أجل تفادي الوقوع ضحية تجزئة منظومة حقوق الإنسان للأمم المتحدة، ينبغي للجنة أن تكثف تعاونها مع مجلس حقوق الإنسان، والإبقاء في الوقت نفسه على امتيازها القضائي وحيادها.

43- السيد عمر قال إن هيئات المعاهدات أُنشِئت على أساس رؤية متفائلة: فقد أثبت اعتماد الدول معاهدات حقوق الإنسان الرئيسية والتصديق عليها وتنفيذها رغبتها في تحسين حالة حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم والسعي لتحقيق مستقبل أفضل للجميع. وقد أُحرِز تقدم هائل منذ إنشاء نظام هيئات المعاهدات. وبالرغم من مرور الزمن، ظلت أهداف هيئات المعاهدات هي نفسها. ومع ذلك، وبسبب زيادة حجم النظام، أصبحت الموارد محدودة مع استمرار تزايد حجم العمل. ويجب إيجاد حل لهذه المشكلة إذا أردنا الحفاظ على زخم عمل هيئات المعاهدات. وفي الوقت نفسه، تصدّق الدول على عدد متزايد من المعاهدات وتسعى للوفاء بالتزاماتها في مجال الإبلاغ. ويجب النظر في كيفية مساعدتها لتفادي ازدواج العمل. وبينما توجد حاجة إلى تعزيز التنسيق في أساليب عمل هيئات المعاهدات، فإن فكرة إنشاء هيئة معاهدات دائمة حالياً فكرة سابقة لأوانها وغير مناسبة.

44- السيد أوفلاهرتي شجّع الدول على إيلاء عناية خاصة للعلاقة القائمة بين مجلس حقوق الإنسان، وبخاصة عملية الاستعراض الدوري الشامل، وبين هيئات المعاهدات أثناء استعراض المجلس، الجاري حالياً. وينبغي بذل جهود للإبقاء على التفريق بين الاستعراض الدوري الشامل ونظام هيئات المعاهدات، مع التشديد على قيام النظامين في حد ذاتهما وتكاملهما. وينبغي أن يتناول استعراض المجلس المشاكل المحتملة لتوصيات الاستعراض الدوري الشامل لتتسق مع استنتاجات هيئات المعاهدات. وينبغي العناية أيضاً بكيفية توسيع نطاق العملية الاستشارية الوطنية لإجراء الاستعراض الدوري الشامل لكي تسهم في تقديم التقارير إلى هيئات المعاهدات. ويجب مراعاة الحاجة إلى تنسيق متابعة توصيات الاستعراض الدوري الشامل وتوصيات هيئات المعاهدات لإيصال رسالة متَّسَقة إلى الدول في مجال حقوق الإنسان.

45-ورداً على السؤال الذي ألقاه ممثل الجزائر بشأن النظر في البلاغات، قال إن النظر في المقبولية يجري بشكل منفصل عن الأسس الموضوعية في بعض القضايا. ويمثل الطابع العاجل العنصر الرئيسي عند النظر في البلاغات حيث إن الأمر كثيراً ما يتعلق بحياة أشخاص. وبالتالي يجب عدم وضع إجراءات من شأنها أن تطيل الخطر المحدق بأصحاب الشكاوى. ولا تدعو اللجنة السلطة التنفيذية في أي دولة من الدول إلى التنافس مع السلطة القضائية. وحيث إن اللجنة هيئة من هيئات المعاهدات، فإن الكيان الوحيد الذي يمكن أن تنخرط معه هو الدولة، والطريقة الوحيدة التي يمكن لدولة ما أن تنخرط بها مع اللجنة هي السلطة التنفيذية. وتتاح التعليقات العامة للجنة إلى الدول على شكل مشاريع. وبإمكان الدول أن تُبدي آراءها بشأنها.

46-ورحّب بالتعليقات التي أبداها المتحدث باسم المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ولا سيما بشأن الحاجة إلى تعميق هذه المؤسسات علاقاتها مع اللجنة. وتشعر اللجنة ببالغ الامتنان للجهود التي تبذلها المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان.

47-ورداً على السؤال المتعلق بزيادة التوعية بالعهد، قال إن الدول الأطراف كثيراً ما تتجاهل البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام. وينبغي لعدد أكبر من الدول الأطراف أن يقبل إجراء الشكاوى المقدمة من الأفراد، وينبغي لجميع الدول الأطراف أن تعمل مع اللجنة على تعزيز التعريف بالعهد على الصعيد الوطني. ويجب على الدول أن تمتثل لإجراءات اللجنة، وبخاصة التزامها بتقديم التقارير، نظراً إلى أن العديد منها تأخر عن تقديم التقارير لعدة سنوات. وحث الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي مكّنت من وجود اللجنة على منحها الموارد الكفيلة بأداء ولايتها.

48- السيد ريفاس بوسادا قال إن الاجتماع الحالي يمثل فرصة أمام اللجنة للوقوف على عملها والتطلع إلى المستقبل. ومن بين التحديات الرئيسية التي تواجه اللجنة هيكلة الدور الذي تضطلع به المنظمات غير الحكومية وتنظيمه وترشيده. وتتلقى اللجنة كمّيات متزايدة من المعلومات من المنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية. ولا تُنظَّم هذه المعلومات أو تُستخدَم بفعالية. ويمثل إنشاء مركز للحقوق المدنية والسياسية في جنيف خطوة هامة نحو تنسيق أنشطة المنظمات غير الحكومية. وينبغي للجنة أن تبذل جهوداً حثيثة لإدارة استخدام المعلومات الواردة من مصادر غير حكومية. ومن أهمّ التحديات التي ستواجهها اللجنة مستقبلاً تحقيق التوازن بين النظر في المعلومات الواردة من الدول ومن المجتمع المدني وتجهيزها، من أجل كفالة أفضل استخدام ممكن لجميع المعلومات المتاحة للجنة.

49- السيد سالفيولي قال إنه يتفق مع السيد ريدال بشأن الحاجة إلى ربط الحقوق المدنية والسياسية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وعلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تنقد عملها وألا يغيب عن بالها إطلاقاً التقدم الواجب إحرازه. وأعرب عن رغبته في سماع رأي السيد كانساندو ترينيداد بشأن كيفية تعزيز تكافل حقوق الإنسان في سوابق اللجنة. وتساءل عن كيفية تحسين اللجنة قراراتها بشأن عدم اتساق أحكام القانون الداخلي مع أحكام العهد. ويجب أن تكون هناك مراجع مشتركة بين هيئات المعاهدات، التي يجب أن تنظر كل واحدة في سوابق الأخرى من أجل العمل نحو وضع أنظمة تكفل حقوق الضحايا وحمايتها على أفضل وجه.

50- السيدة كيلر قالت رداً على السيد بادنتير والسيد رامشاران، إن وزارة الخارجية السويسرية أعلنت أن إلغاء عقوبة الإعدام سيكون عنصراً رئيسياً في السياسة الخارجية لسويسرا.

51- السيد فتح الله قال إن الأوضاع التي تحدّث عنها السيد بيدجاوي لا تنطبق على أفريقيا فحسب بل أيضاً على بقية أنحاء العالم، وبالتالي ينبغي إيلاء العناية إلى كيفية تناول عقوبة الإعدام في ظلّ هذه الظروف. ويجب أن تكون صكوك حقوق الإنسان أكثر فعاليّة بموارد محدودة. وينبغي أن يكتسي تنفيذ الصكوك الحالية أولوية قصوى، بدلاً من استحداث صكوك جديدة. فالعهد يمثل وثيقة شاملة تغطي جميع قضايا حقوق الإنسان، يزدوج العديد منها في الصكوك القانونية الأخرى. ويجب التنسيق بين هيئات المعاهدات وجميع هيئات الأمم المتحدة الأخرى، بما فيها الجمعية العامة من أجل تفادي ازدواجية صكوك حقوق الإنسان. وينبغي إيلاء عناية خاصة إلى تدابير المتابعة التي تتخذها هيئات المعاهدات. وهي أساليب متابعة نظرية بالنسبة إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان. وينبغي تخصيص موارد إضافية للزيارات القطرية تكفل متابعة أكثر عملية.

52- السير نايجل رودلي قال إنه من المؤسف أن تفرض خطط سفر أعضاء اللجنة التخلي عن إسهامات المنظمات غير الحكومية حتى نهاية الجلسة الحالية. ورحّب بالتطورات التي طرأت على تفاعل هيئات المعاهدات مع المنظمات غير الحكومية على مر السنين الأخيرة، وبزيادة مراعاة المعلومات الواردة من مصادر غير حكومية. وأعرب عن امتنانه لمشاركة المتكلمين الضيوف في هذا الاجتماع. ورحّب بتذكير الجزائر بالحاجة إلى إجراء نقد ذاتي لممارسات اللجنة ومراجعتها. فكثيراً ما استعرضت اللجنة أساليب عملها. وأعرب عن أمله في أن تبدأ اللجنة قريباً في استعراض التعليقات العامة الأقدم عهداً، ولا سيما التعليقات المتعلقة بالحق في الحياة والاحتجاز التعسفي. وتلتزم اللجنة بتحسين مشاوراتها مع المنظمات غير الحكومية، والتي تُعتَبرُ مساهماتها قيّمة جداً.

53- السيد تاران (منظمة العمل الدولية) قال مهنئاً اللجنة المعنية بحقوق الإنسان بمناسبة انعقاد الدورة المائة التي تمثل معلماً بارزاً، وتولي منظمة العمل الدولية وتركيبتها الثلاثية الأطراف عناية خاصة إلى عالمية حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتصرف وعدم تجزئتها. وينبغي إضافة مبدأ رابع إلى هذه المبادئ الثلاثة وهو: التكامل - لا لجميع الحقوق الواردة في المعاهدات الرئيسية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في حد ذاتها فحسب بل أيضاً بين هذه الحقوق ومعايير العمل الدولية. وتمثل هذه المعايير مكوناً من مكونات القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يشمل الحقوق المدنية والسياسية وكذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وفي بعض الحالات الحقوق الثقافية. ويُعتبر التكامل بين معايير العمل لدى منظمة العمل الدولية والحقوق المكفولة في المعاهدات الرئيسية أمراً حيوياً لإعمال هذه الحقوق وتلك المعايير.

54-ولا مجال لتكامل أكثر اندماجاً من حرية تكوين الجمعيات والاعتراف الفعّال بالحق في المساومة الجماعية، اللذين يمثلان أحد أهم المبادئ الرئيسية الأربعة الواردة في إعلان منظمة العمل الدولية المتعلق بالمبادئ والحقوق الأساسية في العمللعام 1998، الذي التزمت باحترامه وتنفيذه جميع الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية البالغ عددها 183 دولة. وتشكل حرية تكوين الجمعيات أساس إعمال حقوق الإنسان الأخرى، ولا سيما الحقوق المتعلقة بعالم العمل. وبفضل حرية الانضمام إلى الجمعيات، ولا سيما النقابات، وصياغة المطالب بصورة جماعية والتفاوض مع أصحاب العمل والحكومات، يتمكن العمال من الحصول على عمل لائق، يعرّف بصفته ظروفاً لائقة للعمل ومكافأة وحماية اجتماعية وأمناً اجتماعياً وضماناً اجتماعياً. ويتيح العمل اللائق، في الواقع، الأساس المادي لإعمال حقوق الإنسان الأخرى.

55-ويتجلى التكامل أيضاً في التعاون بين لجنة الخبراء المعنية بتطبيق الاتفاقيات والتوصيات التابعة لمنظمة العمل الدولية التي تمثل آلية الإشراف لديها، وهيئات معاهدات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. وتقدم لجنة الخبراء التقارير بصورة منتظمة إلى عدد من هيئات المعاهدات وتسهم في مداولاتها بخبرتها وتجربتها إسهاماً نشطاً. وكثيراً ما تستشهد لجنة الخبراء كذلك بتعليقات هيئات المعاهدات وآرائها وسوابقها عند النظر في تقارير الدول الأطراف بشأن تنفيذها معايير العمل الدولية. ويشير هذا التعاون إلى إمكانية زيادة تعزيزه بين آلية الإشراف التابعة لمنظمة العمل الدولية واللجنة المعنية بحقوق الإنسان. ويتطلع إلى احتفال اللجنة بدورتها المائتين في عالم يكفل عالمية حقوق الإنسان وتكاملها وإعمالها.

56- السيد موتزينبرغ (مركز الحقوق المدنية والسياسية) قال إن أساليب عمل اللجنة تطورات تطوراً كبيراً منذ دورتها الأولى المعقودة في عام 1977. بل إن اللجنة تطورت من هيئة تكتفي بتلقي تقارير الدول الأطراف إلى هيئة تتضمن ملاحظاتها الختامية تفاصيل متزايدة وتشمل توصيات محددة بتغيير التشريعات أو الممارسات التي لا تتسق مع العهد. ورغم ذلك يمكن للملاحظات الختامية للجنة أن تكون أكثر وضوحاً، وأن تؤثر بدرجة أكبر لو أُحيلت إلى الملاحظات المماثلة التي تبديها هيئات المعاهدات الأخرى.

57-وتطوّر كذلك دور المجتمع المدني في عملية الإبلاغ وأصبح له طابع مؤسسي. فقد أُنشئ مركز الحقوق المدنية والسياسية في حزيران/يونيه 2008 تحديداً بغية تعزيز الصلات القائمة بين منظمات المجتمع المدني وهيئات المعاهدات. وبمناسبة عقد الدورة المائة للجنة المعنية بحقوق الإنسان، أصدر المركز دليلاً يتضمّن الدور الذي يضطلع به المجتمع المدني في مجال الإبلاغ. ويمكن تعزيز الصلات القائمة بين اللجنة والمنظمات غير الحكومية لو تمكنت اللجنة من إجراء لقاءات مع المنظمات غير الحكومية أثناء دوراتها. وقد ترغب اللجنة في النظر على سبيل المثال في تخصيص ساعة واحدة للمنظمات غير الحكومية قبل النظر في تقرير أي دولة طرف، على غرار ما تقوم به لجنة مناهضة التعذيب.

58-وكثيراً ما تعوق متابعة الدول الأطراف للملاحظات الختامية للجنة الصيغة المبهمة جداً للتوصيات أو استحالة تنفيذها عملياً أثناء فترة الاثنى عشر شهراً التي تحددها اللجنة. وينبغي للجنة أن تكتفي، في الوضع المثالي، بوضع التوصيات التي يكون تنفيذها قابلاً للقياس، بما ييسر عمل المقررة الخاصة المعنية بمتابعة الملاحظات الختامية. وفي هذا الصدد، ينبغي تخصيص موارد إضافية تمكّن الأمانة من تعزيز دعم المقررة الخاصة.

59-وتتاح فرص التحسين الأخرى بإمكانية مواصلة تطوير بعثات المتابعة الميدانية التي يقوم بها أعضاء اللجنة. وستمكن متابعة الحوار الذي بادرت إليه اللجنة مع الدول الأطراف في جنيف أو نيويورك من فهم أفضل للتدابير التي اتخذتها الدولة الطرف أو لم تتخذها أو التخفيف من العبء الملقى على عاتق المقررة الخاصة المعنية بمتابعة الملاحظات الختامية، التي يمكنها أن تستند إلى ما تخلص إليه من نتائج إثر زيارات تقييم المتابعة إلى الدول الأطراف المعنية.

60- السيد هايلر (منظمة العفو الدولية) قال إن اللجنة المعنية بحقوق الإنسان كثيراً ما كانت سباقة، منذ إنشائها، إلى تطوير القانون الدولي لحقوق الإنسان. وبالرغم مما حققته من إنجازات عديدة، لا تزال هناك تحديات هامة تعترض سبيل الدول الأطراف في الوفاء بالتزاماتها بموجب العهد، لتحسين أساليب عمل اللجنة وإسهام المجتمع المدني في العملية. وما زالت هناك بعض الدول التي وقّعت على العهد فقط ولم تصدّق عليه، بينما لم تقم دول أخرى حتى بالتصديق عليه. وأصدرت عدة دول إعلانات وأبدت تحفظات تقيّد بعض أحكام العهد، بما في ذلك الأحكام غير القابلة للنقض، كالأحكام المتعلقة بالحق في الحياة وفي عدم التعرض للتعذيب ولسوء المعاملة. وتثير طبيعة هذه التحفظات ونطاقها قلقاً بالغاً، وتحث منظمته الدول الأطراف على الاعتراض على هذه التحفظات.

61-ولاحظت منظمة العفو الدولية مع الأسف أن أغلبية تقارير الدول الأطراف لا تقدَّم في المواعيد التي حدّدتها لها اللجنة. وبينما رحّبت المنظمة بالخطوات التي اتخذتها اللجنة للنظر في أوضاع الدول الأطراف بالرغم من عدم وجود تقرير، لاحظت أنه بإمكان العملية أن تستفيد من مزيد من الشفافية والدعاية. فممارسة اللجنة النظر في أوضاع الدول التي لا تقدم تقارير في جلسات مغلقة وعدم الإعلان عن الملاحظات الختامية بشأنها فور الكشف عنها للدولة الطرف المعنية يحدّ من مشاركة المنظمات غير الحكومية ومن الجهود التي تبذلها في مجال الدعوة لمتابعة تنفيذ الدول الأطراف التوصيات التي تتضمنها تلك الملاحظات.

62-وفيما يتعلق بعملية تقديم التقارير بصورة عامة، كثيراً ما لاحظت منظمة العفو الدولية تناقضاً شديداً بين بلاغة الحكومات في مجال حقوق الإنسان ومدى تنفيذها مواد العهد. ولاحظت أيضاً عدم وجود آليات متابعة ومساءلة على الصعيد الوطني. ويتيح تشكيل دوائر محلية تشمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية والجماعات المهنية والأوساط الأكاديمية والبرلمانيين، عملية المتابعة وتسهر على مساءلة الحكومة، مسألة أساسية للامتثال لسوابق اللجنة وضمان تأثير ملاحظاتها الختامية على الصعيد الوطني.

63-وبالرغم من ترحيب منظمة العفو الدولية بالتحسينات التي أدخلتها اللجنة في السنوات الأخيرة على إجراء متابعة الملاحظات الختامية، فإنه ثمة حاجة إلى مزيد من التقييم الموضوعي المتعمق والنوعي للإجراءات التي تتخذها الدول الأطراف على الصعيد الوطني. ويمكن تيسير هذا التقييم بالزيارات القطرية التي يجريها أعضاء اللجنة لاستعراض التنفيذ، وتنظيم حلقات دراسية لمتابعة الملاحظات الختامية على الصعيد الإقليمي أو عقد دورة آذار/مارس للجنة في منطقة معينة، حيث يمكنها أن تنظر في تقارير الدول الأطراف في هذه المنطقة وتنفّذ أنشطة المتابعة. والمواد الإضافية اللازمة للجنة ولأمانتها وللمنظمات غير الحكومية والدول الأطراف من أجل إتاحة هذه المتابعة تمثل استثماراً جيداً لأنها تساعد على تعزيز المساءلة عن العهد وتنفيذه على الصعيد الوطني. وكانت اللجنة سباقة إلى تطوير قانون حقوق الإنسان وأساليب عمل جديدة في أوساط هيئات معاهدات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وتتطلع منظمته إلى مواصلة العمل مع اللجنة في هذه المجالات.

64- السيد بايو (الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان) قال إنه ينبغي أن تشمل متابعة الملاحظات الختامية للجنة مشاركة المجتمع المدني في جميع المستويات. وقد ترغب اللجنة في النظر في تنظيم المقررة الخاصة المعنية بمتابعة الملاحظات الختامية إفادات من جانب المنظمات غير الحكومية مرة أو مرتين في السنة بشأن التقدم الذي تحرزه الدول الأطراف في تنفيذ أحكام العهد. وقد ترغب اللجنة أيضاً في النظر في صياغة توصيات أكثر وضوحاً تيسّر وقوف الدول الأطراف والمنظمات غير الحكومية على مدى تنفيذها.

65-وفي سياق مرصد مراقبة حماية المدافعين عن حقوق الإنسان - وهو برنامج مشترك يديره الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب - وجّه انتباه اللجنة إلى مشكلة الاعتداءات على المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يتعاونون مع اللجنة والذين يوجدون بصورة عامة في العديد من الدول الأطراف في العهد. وبالنظر إلى ارتفاع عدد انتهاكات الحقوق في العديد من أنحاء العالم، لا بد لهيئات المعاهدات من تعزيز إسهامها في حماية هؤلاء الأشخاص فوراً. وحث اللجنة، عند النظر في التقرير الدوري لكل دولة من الدول الأطراف، على أن تتناول بصورة منتظمة حالة المدافعين عن حقوق الإنسان في تلك الدولة. ودعت المنظماتُ الأعضاء في الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان أيضاً اللجنة إلى عدم التردد في الاستشهاد بالمادة 92 من نظامها الداخلي لمنع الضرر الذي لا يمكن جبره والذي يلحق بالمدافعين عن حقوق الإنسان ضحايا الانتهاكات. ويقترح الاتحاد أن تصدر اللجنة تعليقاً عاماً بشأن حرية تكوين الجمعيات كوسيلة لتذكير الدول الأطراف بالتزاماتها الدولية تجاه المدافعين عن حقوق الإنسان.

66- السيدة كوستا (مرصد حقوق الإنسان) قالت إنه ثمة أربعة مجالات حيوية لمواصلة تعزيز عمل اللجنة وامتثال الدول الأطراف لأحكام العهد. أولاً، ينبغي للحكومات أن تواصل تعيين أعضاء للجنة يتمتعون بأفضل الكفاءات في مجالي المعرفة والخبرة. وثانياً، ينبغي للجنة عند تفسيرها العهد، أن تشدد على الحزم والوضوح. وينبغي تخصيص الموارد اللازمة لها للاضطلاع بولايتها، وهي: النظر في تقارير الدول الأطراف وشكاوى الأفراد في حينها، وصياغة تعليقات عامة وكفالة تنفيذ توصياتها. وثالثاً، ينبغي أن تمضي اللجنة في إعطاء الأولوية لتعزيز توعية الجمهور بدورها، وبتعليقاتها العامة واستنتاجاتها بشأن فرادى الدول الأطراف. ولذلك ينبغي لجميع الوثائق الصادرة عن اللجنة أن تُحرر بأسلوب سهل. وينبغي اتخاذ خطوات لمواصلة تطوير تبسيط موقع اللجنة على الشبكة العالمية. ورابعاً، ينبغي زيادة التشديد على تنفيذ استنتاجات اللجنة بشأن الدول الأطراف - في الملاحظات الختامية وفي الآراء بشأن البلاغات الفردية على السواء. وينبغي أن تكون أولوية كل فريق من أفرقة الأمم المتحدة القطرية كفالة تنفيذ استنتاجات هيئات المعاهدات. وتتطلع منظمتها إلى المشاركة بنشاط في هذه المساعي.

67- السيد برات (الهيئة الدولية لضريبة الضمير والسلام) قال إن منظمته هي منظمة غير حكومية تُعنى بمسألة واحدة. وهي نشطة في مجال الاستنكاف الضميري عن أداء الخدمة العسكرية. وكانت اللجنة واضحة في هذا المجال، استناداً إلى التفاعل بين جوانب عملها الثلاثة، وهي: النظر في تقارير الدول الأطراف، والنظر شبه القضائي في بلاغات الأفراد وصياغة التعليقات العامة.

68-ويكتسي التعليق العام رقم 22 للجنة على المادة 18 (حرية الفكر والوجدان والدين) أهمية حيوية بالنسبة إلى المسألة التي تدافع عنها منظمته. وذكرت اللجنة أن الحق في الاستنكاف الضميري يمكن أن يُستمدّ من المادة 18 من العهد. واعتمدت اللجنة في هذا البيان على نظرها قبل ذلك في تقارير الدول الأطراف. وتناولت بلاغات قدمها مستنكفون ضميرياً حُكم عليهم بالسجن بسبب رفضهم أداء الخدمة العسكرية في دولة طرف لم تعتمد تشريعاً يتعلّق بالاستنكاف الضميري. ورأت اللجنة في هذه البلاغات، أنهم ضحايا انتهاك المادة 18 وأكدت عقب ذلك سوابقها في قضايا مماثلة.

69- السيد دازاياس (الجمعية الدولية لحقوق الإنسان) رحّب ببيان السيد انديايي بشأن الخدمات الاستشارية والمساعدة التقنية التي يمكن لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أن تقدمها إلى الدول الأطراف. وحيث إنه كثيراً ما تكون هناك فجوات في التنفيذ وعدم تنفيذ توصيات اللجنة باستمرار، ينبغي للدول الأطراف أن تعتمد تشريعاً مواتياً يشمل مقررات اللجنة في نظامها القانوني المحلي. واقترح على الأمانة صياغة مشروع نموذج تمكيني وإتاحته للدول الأطراف.

70-ورحبت منظمته بتشديد السيد ريبال على الحق في الحياة وضمّت صوتها إلى السيد بادنتار في الثناء على التقدم المحرز عالمياً صوب إلغاء عقوبة الإعدام. ورحّبت ببيان السيد بدجاوي في التركيز على الكرامة البشرية بصفتها مصدراً لجميع حقوق الإنسان وبادلته مشاعر التفاؤل بالمستقبل. ولاحظت منظمته أن السيد رامشاران شارك في مؤتمر جامعة بيركلي لبدء تنفيذ مشروع 2048، حيث أجريت مناقشات بشأن النظام الداخلي لمحكمة دولية لحقوق الإنسان تكلّف بإصدار قرارات ملزمة، استفسر عن الوقت الذي سيستغرقه إنشاء هذه المحكمة.

71- السيد كانسادو ترينيداد (القاضي بمحكمة العدل الدولية) قال رداً على الأسئلة التي طرحها السيد سالفيولي، إنه يُقر بالحاجة إلى إثراء مشترك للقرارات السابقة التي اتخذتها الهيئات. وقدّم مثل محكمة العدل الدولية، التي حلّلت عند مناقشة مسألة الجبر في قضايا مشتركة، السوابق القضائية التي اتخذتها محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان في هذا المجال في الفترة من عام 1998 إلى عام 2005. وهو مثل عن أهمية الحوار الواجب إجراؤه لا بين المحاكم فحسب بل أيضاً بين الهيئات القضائية وغير القضائية من أجل توفير الحماية الدولية لحقوق الإنسان.

72-وقال إنه يوافق على لزوم توجيه أنظمة حماية حقوق الإنسان وجهة العناية بالضحايا. ومن بين آليات الحماية كافة، فإن الآلية الوحيدة التي بادر إليها الأفراد أنفسهم هي نظام شكاوى الأفراد، الذي يمثل أقوى دعامة لحماية حقوق الإنسان. وحيث إن الضحايا هم الذين بادروا إلى هذا النظام، فهم مخوّلون باختيار أفضل إجراء في رأيهم لحماية حقوقهم. وخلافاً لأسلافه، فإنه لا يرى أي خطر ناجم عن انتشار هيئات حقوق الإنسان؛ بل يعتبره أمراً مطمئناً أن يتزايد عدد الهيئات المخصصة لحماية هذه الحقوق، سواء أكانت ذات طبيعة قضائية أم شبه قضائية أم إدارية. والمعيار الذي يجب الأخذ به هو مصالح الضحايا الفُضلى. ويرى أن انتشار هيئات حقوق الإنسان لا يمثل خطراً على تجزؤ القانون الدولي. وخلاف ذلك، فإنه يؤكد قدرة القانون الدولي على تسوية عدد أكبر من النزاعات بصورة فعالة داخل الدول. وعليه، من المهم تعزيز الحوار بين الهيئات كافة حتى تتمكن من تنسيق عملها، مع مراعاة كون الإنسان هو الهدف النهائي للحقوق التي تنشأ من القانون الدولي.

73- الرئيسة قالت إن متكلمين أكدوا لها أنهم سيقدّمون ردوداً خطيةً على اللجنة تتناول أي أسئلة وجهت إليهم ولم يردّوا عليها.

74- السيد إيواساوا (الرئيس) يترأس الجلسة.

75- الرئيس شكر جميع المشاركين في الاحتفال بالدورة المائة، وبخاصة المتكلمون الضيوف على إسهاماتهم. وستدرس اللجنة جميع التعليقات المُقدَّمة وستواصل العمل من أجل إقامة عالم تُحمى فيه حقوق الإنسان حماية كاملة.

76-ونظراً إلى أن هذه الجلسة ستكون آخر جلسة يرأس فيها اللجنة، فقد أعرب عن رغبته في الوقوف على أهم الإنجازات التي توصّلت إليها أثناء السنتين الماضيتين. وشملت ما يلي: استكمال القراءة الأولى للتعليق العام رقم 34 على المادة 19 بشأن حرية التعبير؛ واعتماد إجراء جديد يشمل صياغة قائمة مسائل قبل الإبلاغ؛ واعتماد مبادئ توجيهية منقحة لإعداد التقارير؛ والمساهمة في عمل لجنة القانون الدولي في موضوع التحفظات على المعاهدات؛ وتنظيم الاحتفال الحالي بالدورة المائة للجنة.

77- السيد بوزيد و السيد عمر و السيد سالفيولي أشادوا برئاسة السيد إيواساوا الممتازة للجنة.

78- الرئيس شكر أعضاء اللجنة وجميع موظفي الأمانة على دعمهم وثقتهم.

79-وأعلن عن اختتام الدورة المائة للجنة.

رُفعت الجلسة الساعة 05/18