الأمم المتحدة

CAT/C/72/D/871/2018

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو  العقوبة القاسية أو  اللاإنسانية أو  المهينة

Distr.: General

28 January 2022

Arabic

Original: French

لجنة مناهضة التعذيب

القرار الذي اتخذته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية بشأن البلاغ رقم 871/2018 * **

بلاغ مقدم من : سيدي عبد الله أبهاه (تمثله المحامية ألفا أوليد)

الشخص المدَّعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : المغرب

تاريخ تقديم البلاغ : 9 أيار/مايو 2018 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادة 115 من النظام الداخلي للجنة، المحال إلى الدولة الطرف في 17 أيار/مايو 2018 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اتخاذ القرار : 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2021

الموضوع : التعذيب أثناء الاحتجاز

المسائل الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ إساءة استعمال الحق في تقديم شكوى

المسائل الموضوعية : التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ التدابير الرامية إلى منع ارتكاب أعمال تعذيب؛ الاستعراض المنظم لترتيبات احتجاز السجناء ومعاملتهم؛ التزام الدولة الطرف بكفالة شروع السلطات المختصة في إجراء تحقيق عاجل ونزيه؛ الحق في تقديم شكوى؛ الحق في الحصول على تعويض

مواد الاتفاقية : 1 و2 و11 و12 و13 و14 و15 و16

1 - 1 يُدعى صاحب البلاغ سيدي عبد الله أبهاه، وهو مواطن مغربي وُلد عام  1975 في الصحراء الغربية. يدَّعي أن الدولة الطرف انتهكت المواد 1 و 2 و 11 و 12 و 13 و 14 و 15 و 16 من الاتفاقية. وقد أصدرت الدولة الطرف الإعلان المنصوص عليه في المادة 22 ( 1 ) من الاتفاقية في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2006 . وتمثل المحامية ألفا أوليد صاحب البلاغ.

1 - 2 في 17 أيار/مايو 2018 ، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف عن طريق مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، عملاً بالمادة 114 ( 1 ) من نظامها الداخلي، وفي  ضوء المعلومات المقدمة من صاحب البلاغ، ما  يلي: (أ) تعليق العمل بجميع تدابير الحبس الانفرادي المطبقة على صاحب البلاغ؛ (ب) السماح لصاحب البلاغ بتلقي زيارة طبيب يختاره بنفسه؛ (ج) تحديد بدائل للاحتجاز وتنفيذها على الفور، من قبيل الإقامة الجبرية، تجنباً لمزيد من التدهور في حالته الصحية . وفي  ضوء المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ، كررت اللجنة في 1 حزيران/يونيه و 29 حزيران/يونيه و 21 أيلول/سبتمبر 2018 تأكيد جميع التدابير المؤقتة المطلوبة في 17 أيار/مايو 2018 . وطلبت اللجنة أيضاً إلى الدولة الطرف، في 21 أيلول/سبتمبر 2018 ، موافاتها بمعلومات عن ادعاءات صاحب البلاغ بشأن التزامها بتطبيق التدابير المؤقتة، وهي معلومات قدمتها الدولة الطرف وترد في الفقرات من 6 - 1 إلى 6 - 5 من هذا القرار.

1 - 3 في 21 أيلول/سبتمبر 2018 ، وبناءً على طلب من الدولة الطرف، قررت اللجنة عن طريق مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة النظر في مقبولية البلاغ بمعزل عن أسسه الموضوعية. وفي  5 آب/أغسطس 2019 ، أعلنت اللجنة مقبولية البلاغ. وذكَّرت بالتدابير المؤقتة وطلبت إلى الدولة الطرف تيسير زيارات أفراد أسرة صاحب البلاغ والسماح لصاحب البلاغ بالتكلم بانتظام مع أسرته ومع محاميته، ومراعاة المسافة الكبيرة التي تفصل بينهم؛ وفي  هذا السياق، دعت اللجنة الدولة الطرف إلى نقل صاحب البلاغ إلى مركز احتجاز أقرب إلى أسرته ؛ وفي  ضوء المعلومات المقدمة من صاحب البلاغ، كررت اللجنة، في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2020 ، تأكيد جميع التدابير المؤقتة المطلوبة، وطلبت إلى الدولة الطرف موافاتها بمعلومات عن ادعاءات صاحب البلاغ بشأن التزامها بتطبيق التدابير المؤقتة، وهي معلومات قدمتها الدولة الطرف وترد في الفقرة 9 - 10 من هذا القرار.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2010 ، بدأ آلاف الصحراويين المقيمين في الصحراء الغربية بمغادرة منازلهم للإقامة في مخيمات مؤقتة على مشارف المدن، بما  في ذلك مخيم أكديم إزيك بالقرب من مدينة العيون. وكان الغرض من هذه الخطوة التنديد بأشكال التمييز التي يشعر الصحراويون أنهم يتعرضون لها من جانب الدولة الطرف. وانضم صاحب البلاغ إلى المخيم المذكور في أيامه الأولى وكان مسؤولاً عن لجنة الإمدادات الخاصة بالمقيمين في المخيم.

2 - 2 وفي 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 ، هاجم أفراد من الجيش المغربي، وكانوا مسلحين بالمدافع المائية وعبوات الغاز المسيل للدموع، مخيم أكديم إزيك الذي كان يقيم فيه أكثر من 000 20 صحراوي آنذاك. وخلال عملية الإجلاء القسري للمخيم، اندلعت مواجهات بين الجيش والمتظاهرين الصحراويين، قُتل خلالها جنود مغربيون حسبما أفادت به تقارير. وأعقب ذلك موجة قمع عنيفة قادتها قوات الأمن المغربية، بدعم من المدنيين المغربيين المقيمين في الأراضي الصحراوية.

2 - 3 وفي 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 ، اختطفت السلطات المغربية صاحب البلاغ من منزله، وكان السيد م. ب. حاضراً، وهو محتجز الآن أيضاً في إطار قضية أكديم إزيك. وخلال العملية، طرحت القوات الخاصة صاحب البلاغ والسيد م. ب. أرضاً، وانهالت عليهما بالضرب، وشتمتهما، وهددتهما بالقتل رمياً بالرصاص. ورغم عدم صدور رد فعل عن الصديقين، اللذين كانا مصدومين، بدأ أفراد القوات الخاصة، الذين ثارت ثائرتهم، بضربهما ضرباً مبرحاً باستهداف جميع أطراف جسديهما ووجهيهما. واختلطت الشتائم والتهديدات بهذا العنف البدني الشديد. وبعد تصفيد يديهما، طُرحا في مركبتين وهما معصوبي العينين حيث واصل أفراد الشرطة ممارسة العنف إزاءهما إلى أن وصلا إلى مقر المديرية العامة للأمن الوطني في العيون. ولم  يُقدَّم إلى صاحب البلاغ قط مذكرة توقيف.

2 - 4 وكان على صاحب البلاغ أن يخضع في مقر المديرية العامة لاستجواب مدته تسع ساعات، وهو عارٍ تماماً، ومصفد اليدين إلى ظهره، ومعصوب العينين. وقد تعرَّض لجميع أنواع العنف، ولا  سيما ضربه على كامل جسده العاري بأدوات مختلفة منها القضبان الحديدية، واستخدام حزام لضربه على خصيتيه. ومما  تعرض له بوجه خاص أن باعد أفراد الشرطة ساقيه من أجل إدخال كرسي بلاستيكي بينهما. وفي  هذا الوضع، كان الألم ينتشر في جميع أنحاء جسمه كلما سحبوا معصمي صاحب البلاغ المكبّلين نحو ساق الكرسي. وأُخضع صاحب البلاغ أيضاً لأساليب تعذيب محددة، مثل "الفلقة" و"الدجاجة المشوية"، بهدف إيقاع أشد الألم به دون أن يصل ذلك إلى حد الموت الفوري بغية انتزاع اعترافاته. واستطاع التعرف على صوت رئيس شرطة سابق، وضع أمامه صورة لأحد الرجال، وطالبه بتحديد هويته. ولما  ردَّد صاحب البلاغ أنه يجهل هوية الشخص الذي يظهر في الصورة، استشاط المسؤول غضباً وأمر مساعديه الحاضرين برفع حدة التعذيب. وتعرَّض صاحب البلاغ أيضاً لمعاملة مهينة، مثل تهديده بالاغتصاب واللمس الجنسي، وتبوّل الذين قاموا بتعذيبه على وجهه المدمَّى بالجروح. وكان الغرض من هذه الأعمال إرغامه على تحديد هوية صديقه م. ب. ضمن مجموعة من الصور وتسجيلات الفيديو التي لم  يكن يظهر فيها. ورغم أوامر السلطات، استمر صاحب البلاغ في إنكار أن صديقه م. ب. يظهر في الصورة المعروضة عليه، فاستمر الموظفون في تعذيبه. وفي  وقت لاحق، أزال جلّادوه العصابة عن عينيه لكي يشاهد تسجيل فيديو جرى تحميله على أحد هواتفهم. ويظهر في الشريط رجل يتبوّل على جثة، لكن صاحب البلاغ أنكر أن يكون ذلك الرجل هو صديقه م. ب..

2 - 5 وأُلقي صاحب البلاغ مرة أخرى في سيارة، وكان معصوب العينين ومصفد اليدين، ونُقل بعد ذلك إلى مركز الدرك لمدينة العيون. وتُرك هناك قابعاً على ركبتيه، معصوب العينين ومصفد اليدين أمام حائط خارج مركز الدرك مع صديقه م. ب.، الذي تعرف عليه بسبب صراخه من شدة الألم. وبعد مرور بعض الوقت وهو على هذه الحال، اقتيد صاحب البلاغ إلى داخل المبنى. وعرض عليه جلادوه الصورة نفسها وتسجيل الفيديو نفسه. وبعد أن أنكر مجدداً هوية الشخص الذي يظهر في الصورة والتسجيل، تعرض لأعمال العنف والتعذيب نفسها، وكان موجوداً في رواق يشرف عليه أفراد الدرك. بعد ذلك، تُرك ووجهه إلى الحائط لأكثر من أربع وعشرين ساعة، وكان مصفد اليدين ومعصوب العينين، ولا  يرتدي غير لباس خفيف أثناء تلك الليلة الشتوية، ويعاني من العطش، والجوع، والإرهاق، والضعف الشديد بعد يومين من التعذيب. وخلال الساعات الأربع والعشرين هذه، استمر الحراس في ممارسة أعمال التعذيب إزاءه، عن طريق ضربه، والتبوّل عليه، وسكب الزيت على جسده، وملء فتحتي أنفه بالسجائر المشتعلة.

2 - 6 وعلى إثر هذه الساعات الأربع والعشرين، اقتيد صاحب البلاغ في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 إلى أحد مكاتب الدرك حيث أُرغم على توقيع وثائق لم  يطَّلع على مضمونها. واكتشف، أثناء الإجراءات القضائية، أن تقرير التحقيق، المؤرخ 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 ( ) ، يتضمن اتهامات مزورة وأجوبة على أسئلة لم  يردّ عليها قط.

2 - 7 وفي 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 ، نُقل صاحب البلاغ جواً إلى مدينة الرباط، ولم  يتوقف الموظفون المكلفون بإنفاذ القانون عن ممارسة أعمال العنف إزاءه وضربه أثناء مدة نقله، قبل المثول أمام قاضي التحقيق الذي كان يرتدي زياً عسكرياً. وخلال هذه المقابلة، كشف صاحب البلاغ عن علامات الضرب والجروح العديدة التي غطت جسده. وبالإضافة إلى ذلك، أدلى بشهادته عن التعذيب الذي تعرّض له خلال اليومين السابقين لمقابلته مع قاضي التحقيق. ولم  تُسجَّل أيٌّ من ادعاءاته هذه، ولم  يُجر أي تحقيق فيها. فقد اكتفى قاضي التحقيق بإصدار أمر احتجازه في سجن سلا 2 ، بالرباط، في اليوم التالي مباشرةً. ووُجهت إليه تهمة المشاركة مع عصابة إجرامية في ضرب أحد أفراد الشرطة والتسبب في وفاته مع سبق الإصرار.

2 - 8 ووُضع صاحب البلاغ في الحبس الانفرادي في سجن سلا 2 لأكثر من ثلاثة أسابيع، ولم  يحصل خلالها إلا  على الحد الأدنى الضروري من أسباب البقاء. وتعرض أيضاً لجلسات تعذيب مشابهة لتلك التي تعرض لها من قبل. وفي  نهاية هذه الأسابيع الثلاثة، في 8 كانون الأول/ديسمبر 2010 ، تمكن صاحب البلاغ من تلقي زيارة شقيقه لمدة خمس دقائق فقط، وكان شقيقه قد علم قبل بضعة أيام فحسب أن صاحب البلاغ في أيدي السلطات وأنه على قيد الحياة.

2 - 9 وفي 4 آذار/مارس 2011 ، مثل صاحب البلاغ لأول مرة أمام قاضي التحقيق. وندد مرة أخرى بالتعذيب الذي تعرض له، ومرة أخرى، لم  يُفتح أي تحقيق. وفي  مثوله الثاني أمام المحكمة في 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 ، أكد صاحب البلاغ من جديد أنه أُجبر على التوقيع على اعترافه بعد تعرضه للتعذيب، وكان مقيَّد اليدين. وبرَّر قاضي التحقيق التهم التي وجّهها إلى صاحب البلاغ معتبراً أن هذا الأخير أدلى بأقواله طواعيةً، وأحال القضية إلى المحكمة العسكرية بالرباط. وجرت محاكمة صاحب البلاغ والمتهمين معه في 1 شباط/فبراير، ثم في الفترة من 8 إلى 16 شباط/فبراير 2013 في مدينة الرباط. وفي  15 شباط/فبراير 2013 ، رفضت المحكمة العسكرية بالرباط طلب إجراء تحقيق ( )( ) ، في التعذيب الذي تعرض له صاحب البلاغ ( ) . وفي 17 شباط/فبراير 2013 ، حُكم على صاحب البلاغ بالسجن المؤبد - على أساس اعترافات مزعومة رغم نفيه الإدلاء بها قائلاً إنه تعرّض للتعذيب - لانضمامه إلى عصابة إجرامية، وارتكاب أعمال عنف أفضت إلى وفاة موظف أثناء أداء مهامه مع سبق الإصرار، وارتكاب أفعال همجية على جثة.

2 - 10 وبعد هذه المحاكمة، أكّد العديد من المنظمات الدولية عدم وجود أدلة، وعدم إجراء تحقيق فعلي في الادعاءات المتعلقة بالتعذيب. ونفّذ صاحب البلاغ نفسه في مناسبات عديدة إضراباً عن الطعام، مستنكراً ظلم الإجراءات، وعدم عقد أي جلسة أمام محكمة النقض التي قدّم إليها طلب طعنه.

2 - 11 وفي 27 تموز/يوليه 2016 ، نقضت محكمة النقض حكم المحكمة العسكرية وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف بالرباط. وبدأت محاكمة جديدة في 26 كانون الأول/ديسمبر 2016 . وذكّر المحامون والمتهمون بالادعاءات المتعلقة بالتعذيب بمجرد افتتاح جلسة المحاكمة الجديدة. وطلب جميع المتهمين إلى محكمة الاستئناف عدة مرات طوال فترة المحاكمة إلغاء المحاضر الموقَّعة تحت التعذيب وسحبها من ملف الإجراءات ( ) . وفي  25 كانون الثاني/يناير 2017 ، أي بعد مرور أكثر من ست سنوات على هذه الوقائع، وافق رئيس محكمة الاستئناف على إجراء فحص طبي شرعي على المتهمين. غير أنه عُهد بهذه المهمة إلى ثلاثة أطباء شرعيين مغربيين لم  يسبق أن تدربوا على دليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو  العقوبة القاسية أو  اللاإنسانية أو  المهينة (بروتوكول اسطنبول)، ولا  يتحلون بضمانات الاستقلال الكافية. ولهذا السبب، رفض صاحب البلاغ الخضوع للفحص الطبي لأنه كان يخشى تزوير نتائج التقرير واستخدامها لتأكيد صحة المحاضر.

2 - 12 وفي 19 تموز/يوليه 2017 ، أكدت محكمة الاستئناف بالرباط حكم السجن المؤبد الصادر في حق صاحب البلاغ عقب محاكمة انتَهكت مرة أخرى جميع القواعد الأساسية للحق في الدفاع وفي محاكمة عادلة، بحيث لم تسمح المحكمة بإجراء تحقيق في الادعاءات المتعلقة بالتعذيب. وفي  29 أيلول/سبتمبر 2017 ، قدم صاحب البلاغ طعناً بالنقض، وهو طعن رفضته محكمة النقض في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 .

2 - 13 وفي 16 أيلول/سبتمبر 2017 ، نُقل صاحب البلاغ من سجن العرجات إلى سجن القنيطرة. وبالنظر إلى أن أفراد أسرته ومحامِيه لم  يُبلغوا بذلك، فقد حُرم صاحب البلاغ بطريقة تعسفية من زيارات أسرته دون أي مبرر. وفي  4 كانون الأول/ديسمبر 2017 ، وُضع في الحبس الانفرادي داخل غرفة دورة المياه لمدة عشرة أيام دون أي سبب ( ) . وحُرم أيضاً من إمكانية التكلم مع محاميته الفرنسية التي مُنعت من دخول المغرب ( ) ، ولم  يُعرض على طبيب خلال هذه الفترة على الرغم من تدهور حالته البدنية. ووُضع صاحب البلاغ في زنزانة بالطابق الأرضي تعمّها الرطوبة وتنقصها التهوية، حيث كانت جدرانها مغطَّاة بالعفن ويتسرب منها الماء. وتُرك مرات عديدة في زنزانته لمدة اثنتين وعشرين ساعة في اليوم، بل أكثر من ذلك. وكانت مساحة الفناء المخصص للترجّل أشبه بممر صغير، له جدار عالٍ لا  يسمح بدخول أشعة الشمس. وكان صاحب البلاغ يشعر بالبرد باستمرار، وعانى معاناة شديدة من العزلة ونقص الإضاءة. ولا  يزال وضعه دون تغيير حتى يومنا هذا، ولم  تعد أسرته قادرة على زيارته كل أسبوع لأن السجن يبعد أكثر من 200 1 كيلومتر عن مدينة العيون. وبالإضافة إلى ذلك، لا  يُسمح له بإجراء مكالمات هاتفية مع أسرته إلا  مرة واحدة في الأسبوع، لبضع دقائق.

2 - 14 وفي 1 آذار/مارس 2018 ، أضرب صاحب البلاغ وبقية المجموعة في سجن القنيطرة عن الطعام لمدة أربع وعشرين ساعة، فرفضوا تناول الطعام ما لم  يُنقلوا إلى سجن قريب من مناطق أسرهم، وما لم  يتوقف الحراس عن مضايقتهم كل يوم. وأبلغ مدير السجن السجناء بأنه تلقى مذكرة رسمية تشير إلى أنهم سيوضعون في الحبس الانفرادي إن هم أضربوا عن الطعام. وبناءً على ذلك، وُضع صاحب البلاغ وسجناء آخرون في 9 آذار/مارس 2018 في الحبس الانفرادي حتى 12 نيسان/أبريل 2018 . ووُضع صاحب البلاغ، طوال الثلاثة والثلاثين يوماً من الإضراب عن الطعام، في زنزانة تزيد مساحتها على مترين مربعين بقليل، وكانت بلا  تهوية، وتعمّها رطوبة شديدة - حيث يغطي العفن جدرانها - وباردة ودون إضاءة طبيعية، ودون سرير، ودون الحد الأدنى من النظافة الصحية. وكانت الزنزانة أيضاً مليئة بالهوام، ويقع المرحاض فيها مباشرةً بجانب مكان وضع الرأس عند الاستلقاء للنوم. ويعاني صاحب البلاغ منذ انتهاء حبسه الانفرادي من الضائقة التنفسية.

2 - 15 وفي 9 آذار/مارس 2018 ، طعنت محامية صاحب البلاغ في قرار إيداع موكلها مجدداً في الحبس الانفرادي. ثم قدمت، في 12 آذار/مارس 2018 ، شكوى إلى الوكيل العام للملك ضد موظف عمومي بتهمة إساءة المعاملة عمداً. وعلى الرغم من تقديم هذه الشكوى مرة أخرى في 10 نيسان/أبريل 2018 ، لم  تردّ السلطات المغربية عليها حتى الآن.

2 - 16 وفي 14 أيار/مايو 2018 ، أبلغت محامية صاحب البلاغ اللجنة بأن المعني وُضع مجدداً، منذ 7 أيار/مايو 2018 ، في الحبس الانفرادي. وفي  27 حزيران/يونيه و 27 تموز/يوليه و 5 أيلول/سبتمبر 2018 ، أكدت المحامية أن صاحب البلاغ لا  يزال يوضع في الحبس الانفرادي لمدة اثنتين وعشرين ساعة في اليوم، وأنه لم  يُعرض على طبيب مع أن حالته الصحية تشهد تدهوراً. وفيما عدا زيارتين أجراهما أفراد من أسرته، واتصال صاحب البلاغ بأسرته بالهاتف لبضع دقائق كل يوم جمعة، فإنه لا  يُسمح له بإجراء اتصالات بأحد خارج السجن، وهو يخضع لتفتيش منتظم بطريقة تعسفية.

2 - 17 ويشعر صاحب البلاغ يومياً بآثار التعذيب الذي تعرض له. فهو يعاني من صعوبة في النوم، وتنتابه الكوابيس ونوبات الرعب ليلاً، ويتعرض لفقدان الذاكرة، ويرتعش جسمه وتصيبه نوبات القلق، ولا  تزال آثار التعذيب تظهر على يديه وساقيه. وظهرت عليه أيضاً أعراض قال إنه لم  يعرفها قبل احتجازه وهي: آلام في الظهر، وآلام حادة في ساقه، ومرض الربو، ومشاكل معوية، والضائقة التنفسية.

2 - 18 وفي 16 كانون الثاني/يناير 2021 ، طلب صاحب البلاغ من وكيل الملك في المحكمة الابتدائية بالخميسات ضمان تنفيذ تدابير الحماية التي طلبتها اللجنة. وعلى الرغم من الموعد الطبي المقرر في 9 آذار/مارس 2021 ، لم  يُنقل صاحب البلاغ بعد إلى الطبيب. ولا  تزال حالته الصحية تشكل مصدر قلق. ولم  تتغير ظروف احتجازه. ولا  يزال في الحبس الانفرادي.

الشكوى

3 - 1 يشتكي صاحب البلاغ من أنه حُرم من الاتصال بمحتجزين آخرين ومن أن ليس لديه أي أخبار من الخارج. وبالإضافة إلى ذلك، ليس في زنزانته تدفئة أو  إضاءة طبيعية أو  تهوية. وحُرم من إمكانية الحصول على كمية كافية من المياه، وهو لم  يتمكن من الاستحمام إلا  نادراً جداً، وأحياناً تفصل المرة التي يستحم فيها عن الأخرى عدة أشهر. وتؤثر ظروف احتجاز صاحب البلاغ تأثيراً سلبياً على صحته التي تدهورت على مدى سنوات احتجازه العديدة، ولا  سيما بعد إيداعه الحبس الانفرادي لمدة ثلاثة وثلاثين يوماً.

3 - 2 ويدَّعي صاحب البلاغ أن الاعتداء البدني الذي تعرض له عند اعتقاله واستجوابه في مركز الشرطة، ثم في مركز الدرك بمدينة العيون، إضافةً إلى المعاملة التي تعرض لها أثناء نقله جواً بغية انتزاع اعترافات منه، تشكل جميعها أعمال تعذيب بموجب المادة الأولى من الاتفاقية. ذلك أن طريقة ما  يسمَّى ب‍‍ "الفلقة" و"الدجاجة المشوية" هما أعمال تعذيب أساساً. ويرى صاحب البلاغ أن ما  عاناه من أعمال ومعاملة يشكلان، على الأقل، معاملة أو  عقوبة قاسية أو لا  إنسانية أو  مهينة وفقاً للمادة 16 . وعلاوة على ذلك، يشكل تقاعس السلطات المغربية عن إنشاء نظام فعال لمنع التعذيب انتهاكاً للمادة 2 من الاتفاقية.

3 - 3 وعلى الرغم من آثار العنف الجسدي وأقوال صاحب البلاغ أمام قاضي التحقيق في المحكمة العسكرية، لم  يأخذ هذا الأخير في الاعتبار ادعاءاته ولا  إصاباته، ولم  يأمر بإجراء تقييم طبي. وبالإضافة إلى ذلك، لم  تأخذ المحكمة العسكرية أيضاً في الحسبان، عند البتّ في إدانة صاحب البلاغ، ادعاءاته بالتعرض للتعذيب. وأسفر عدم إجراء تحقيق حتى الآن عن عدم السماح لصاحب البلاغ بالاستفادة من تدابير إعادة التأهيل والتعويض والرعاية وضمانات عدم تكرار الجريمة، مما  يشكل انتهاكاً للمادة 14 من الاتفاقية.

3 - 4 و فيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، لقد انقضى ما  يقرب من ثماني سنوات على الوقائع وتقديم الادعاءات الأولى المتعلقة بالتعذيب، ولم  يُفتح أي تحقيق. ولم  يُغيِّر نقض الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية والحكم الجديد لمحكمة الاستئناف بالرباط أي شيء في هذه القضية. ولا  توجد حتى الآن آلية مستقلة قادرة على معالجة شكاوى المحتجزين فيما يتعلق بأشكال إساءة المعاملة التي يتعرضون لها أثناء احتجازهم.

3 - 5 وقد لاحظت اللجنة بالفعل، في قضية أسفاري ضد المغرب ( ) المتعلقة بمتهم آخر في هذه القضية، أن السيد أسفاري استنكر أعمال التعذيب التي تعرض لها في عدة مناسبات أمام مختلف المحاكم المغربية، دون أن يُجرى تحقيق بشأنها، وأن المحكمة العسكرية لم  تأخذ في اعتبارها الادعاءات بالتعذيب. ولاحظت اللجنة في هذه القضية أيضاً أن المغرب تجاوز المهل المعقولة، اذ انتظر أكثر من ست سنوات لإجراء تحقيق في أعمال التعذيب المزعومة.

3 - 6 ووفقاً للمادة 11 من الاتفاقية، يجب على الدولة الطرف أن تقوم باستعراض منظَّم للترتيبات المتعلقة بحجز ومعاملة الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال التوقيف أو  الاعتقال أو  السجن في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية، وهو ما لم  يحدث في هذه القضية. ثم إن ظروف الاحتجاز، وسوء التغذية، وسوء المعاملة، والتعسف، وعدم وجود آلية فعالة لتقديم شكاوى المحتجزين في المغرب أمورٌ جرى استنكارها في تقارير الهيئات والمنظمات الدولية.

3 - 7 ويُذكِّر صاحب البلاغ بأنه مثل أمام قاضي التحقيق في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 وعلامات التعذيب بادية عليه، وأن القاضي لم  يُسجل هذه الوقائع في محضر ولم  يفتح تحقيقاً على الفور بشأنها. وفي  4 آذار/مارس 2011 ، استنكر صاحب البلاغ صراحةً أمام قاضي التحقيق التعذيب الذي تعرض له، ومع ذلك، لم  يُفتح أي تحقيق. وبالإضافة إلى ذلك، لم  تأخذ المحاكم في الاعتبار ادعاءاته بالتعرض للتعذيب عند البت في إدانته. ولذا يمكن الخلوص إلى أن الدولة الطرف لم  تفِ بالتزاماتها بموجب المادتين 12 و 13 من الاتفاقية.

3 - 8 أخيراً، ما  فتئ صاحب البلاغ يذكر أمام السلطات الوطنية أن إدانته لا  تستند إلا  إلى اعترافات مزعومة رغم تأكيده بأنه لم  يعترف بشيء، وإنما أُرغم تحت التعذيب على وضع بصماته على وثيقة لم  يطَّلع على مضمونها، وكان مقيّد اليدين ومعصوب العينين. ولم  تحقق السلطات المغربية قط لمعرفة ما  إذا كانت أقواله صحيحة. وعلى الرغم من أقواله أمام قاضي التحقيق، أخذت المحكمة العسكرية ثم محكمة الاستئناف بالرباط في اعتبارهما المحضر الأول مع أنه يتضمن اعترافات مزعومة موقَّعة تحت التعذيب. وعلى الرغم من أن صاحب البلاغ قد طعن، عن طريق محاميه، في القيمة الإثباتية للاعترافات الموقَّعة تحت التعذيب في مراحل مختلفة من الإجراءات المتخذة ضده، فقد أقرت محكمة الاستئناف بهذه المحاضر دون التحقيق فيها. ولأن الدولة الطرف لم  تُجرِ أي تحقيق واستخدمت هذه الاعترافات في الإجراءات القضائية ضد صاحب البلاغ، فقد انتهكت بوضوح التزاماتها بموجب المادة 15 من الاتفاقية.

3 - 9 ويطلب صاحب البلاغ وضع حد لحبسه الانفرادي، وإرسال طبيب خارجي إلى السجن ليؤكد بطريقة موضوعية ما  إذا كانت حالته الصحية متوافقة مع احتجازه.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4 - 1 في 16 تموز/يوليه 2018 ، طعنت الدولة الطرف في مقبولية الشكوى لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية وإساءة استعمال الحق في تقديم شكوى.

4 - 2 وتفيد الدولة الطرف بأن اعتقال أشخاص أثناء تفكيك مخيم أكديم إزيك قد جرى بسبب تورطهم في أعمال إجرامية أسفرت عن مقتل 11 فرداً من أفراد إنفاذ القانون العزَّل. وكانت المحاكمة موضوع متابعةٍ من جانب المجتمع المدني والمراقبين والصحفيين المحليين والدوليين الموجودين ميدانياً. ونُقِض قرار المحكمة العسكرية، وأُحيلت القضية إلى محكمة مدنية هي محكمة الاستئناف بالرباط، التي أكدت حكم الإدانة الصادر بحق صاحب البلاغ بالسجن المؤبد. وطعن صاحب البلاغ مرة أخرى في هذا القرار أمام محكمة النقض. وعليه، ترى الدولة الطرف أن سبل الانتصاف المحلية لم  تُستنفد بعد، ولا  سيما أن الإجراءات القضائية لا  تزال جارية.

4 - 3 وقُدمت الشكوى إلى اللجنة بعد مرور ثماني سنوات تقريبا ً على الوقائع المزعومة. ولا  تُخفي الدولة الطرف في هذا الإطار استغرابها إزاء الأسباب الحقيقية التي دفعت صاحب البلاغ إلى أن ينتظر كل هذه السنوات قبل التفكير في اتخاذ هذا الإجراء.

4 - 4 ولم يقدم صاحب البلاغ قط شكوى رسمية بشأن الأفعال التي يزعم أنه تعرّض لها أثناء فترة احتجازه لدى الشرطة أو  بعدها، وهو لم  يتخذ أي إجراء في هذا الصدد لدى أي سلطة قضائية، أو  حتى لدى الآليات الوطنية الأخرى لحقوق الإنسان، سواء على الصعيد المحلي أو  الوطني. وعلاوة على ذلك، وبناء على الادعاءات المتعلقة بالتعذيب التي أثيرت أمام محكمة الاستئناف بالرباط، أمرت المحكمة بإجراء فحص طبي، لكن صاحب البلاغ رفض الخضوع له.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5 - يُصرّ صاحب البلاغ، في تعليقاته المؤرخة 17 تموز/يوليه 2018 ، على أن مرور أكثر من ثماني سنوات على الوقائع، دون أن تُجري الدولة الطرف تحقيقاً رغم ادعاءاته المتكررة أمام مختلف الهيئات القضائية المغربية، يشكل في حد ذاته دليلاً على الطابع غير الفعال لسبل الانتصاف المحلية. وهو يرى أنه لا  يمكن اعتبار الطعن الذي لا  يزال معلقاً لدى محكمة النقض سبيل انتصاف مفيداً وفعالاً لأن هذه المحكمة لا  تبتّ إلا  في المسائل القانونية، وتقوم بذلك بناءً على القضية المعروضة عليها، وفي  هذه الحالة الأفعال التي اتُهم صاحب البلاغ بارتكابها. وعلاوة على ذلك، فإن الدولة الطرف لم  تقدم تفاصيل عن سبل الانتصاف المفيدة رغم ادعائها أن سبل الانتصاف المحلية لم  تُستنفد.

ملاحظات إضافية من الطرفين

الدولة الطرف

6 - 1 بناءً على الدعوة الموجهة من اللجنة إلى الدولة الطرف، المؤرخة 21 أيلول/سبتمبر 2018 ، لإرسال تعليقاتها رداً على ادعاءات صاحب البلاغ فيما يتعلق بالتزامها بالتدابير المؤقتة التي طلبتها اللجنة، بعثت الدولة الطرف بردّها في 24 تشرين الأول/أكتوبر 2018 . وتنفي الدولة الطرف بقوة ادعاءات إساءة المعاملة التي أبلغ عنها صاحب البلاغ، ولا  سيما الطريقة التي جرت فيها عمليات نقله والمتابعة الخاصة بحالته الصحية.

6 - 2 وتوضح الدولة الطرف أن صاحب البلاغ خضع، وهو في سجن القنيطرة، لإجراء تأديبي استغرق عشرة أيام، في الفترة من 4 إلى 13 كانون الأول/ديسمبر 2017 ، على أساس المادة 61 من القانون رقم  23 / 98 المؤرخ 25 آب/أغسطس 1999 المتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات السجنية ، بعد أن خالف النظام الداخلي للمؤسسة السجنية، إذ  وُجد بحوزته هاتف محمول بينما يحظر هذا النظام رسمياً إدخال أشياء بعينها إلى الزنزانة وحيازتها. كما  أضرب عن الطعام في الفترة من 9 آذار/مارس إلى 10 نيسان/أبريل 2018 مع محتجزين آخرين، ووُضعوا جميعاً في أماكن مخصصة للمحتجزين المضربين عن الطعام لتيسير متابعتهم، ولا  سيما متابعة حالتهم الصحية. ورأت الدولة الطرف أنه لا  يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار إيداعهم في هذه الأماكن المخصصة إجراء تأديبياً. وقد خضع صاحب البلاغ، طوال هذه الفترة، لمتابعة طبية متعمقة.

6 - 3 وتفيد الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ نُقل في 5 أيار/مايو 2018 ، لا  في 7 أيار/مايو 2018 على نحو ما  أفاد به محاميه، إلى السجن المحلي تيفلت 2 ، وهو سجن جديد. وصاحب البلاغ محتجز حالياً في زنزانة فردية - تبعاً لنظام الاحتجاز العادي - وتفي هذه الزنزانة بالمعايير الدولية للاحتجاز. ولا  يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار إيداعه في زنزانة فردية بمثابة احتجاز في الحبس الانفرادي، الذي ينظم القانون معاييره وعملية تطبيقه تنظيماً صارماً. وفي  الفترة من 7 إلى 15 أيار/مايو 2018 ، خضع صاحب البلاغ لإجراء تأديبي لأنه خالف مجدداً النظام الداخلي للسجن.

6 - 4 وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ كان دائماً موضوع متابعة طبية مناسبة، وهو يستفيد دوماً عند الاقتضاء من جميع تدابير الرعاية الطبية اللازمة. ويُظهر سجله الطبي تفاصيل جميع خدمات الرعاية التي تلقاها. ويتم وصف علاج له باستمرار دون أي قيود. وتجري مساهمة الأطباء من خارج المؤسسة السجنية في الرعاية المقدمة إلى المحتجزين بناءً على تقييم الطبيب العامل أو  الأطباء العاملين في السجن.

6 - 5 ولا تزال حالة صاحب البلاغ حتى الآن طبيعية ومستقرة تماماً ( ) . وخلافا ً لما  يُزعم، فإنه ليس بأي حال من الأحوال منقطعاً عن أي اتصال بالخارج. فهو يتمتع بحقه في تلقي الزيارات، ويتلقى زيارات من أسرته على نحو منتظم وطبيعي تماماً، ويتواصل بحرية مع محاميه. ويتابع المجلس الوطني لحقوق الإنسان - وهو المؤسسة الوطنية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان التي اعتمدها التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ضمن الفئة ألف - ظروف احتجاز صاحب البلاغ عن كثب وبانتظام.

صاحب البلاغ

7 - 1 في 8 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 ، كان صاحب البلاغ لا  يزال في الحبس الانفرادي في سجن تيفلت 2 وقد بدأ يومه الثامن والثلاثين من الإضراب عن الطعام لكي يوضع حد لحبسه الانفرادي وللتدابير الانتقامية التي يتعرض لها، ولكي يُعرض أيضاً على طبيب. وهو يؤكد أنه رغم أحكام القانون المغربي الواضحة تماماً ( ) ، لم  يُعرض على طبيب حتى الآن. وما  فتئت حالته الصحية تتدهور، ليس بسبب آثار الاضراب عن الطعام فحسب، بل أيضاً نتيجةً لظروف سجنه غير المستقرة، ولا  سيما انخفاض درجات الحرارة، وعدم توفير الأغطية ولا  أي حماية أخرى.

7 - 2 وفي 20 كانون الأول/ديسمبر 2018 ، أبلغ صاحب الشكوى اللجنة بأن الدولة الطرف لم  تنفّذ بعد أياً من التدابير المؤقتة المطلوبة. ومع ذلك، يُسمح له بالخروج من زنزانته لمدة ساعة في اليوم رغم عمليات التفتيش المتكررة لزنزانته وعدم إمكانية استشارة طبيب.

قرار اللجنة بشأن المقبولية

8 - 1 في 5 آب/أغسطس 2019 ، نظرت اللجنة، في دورتها السابعة والستين، في مقبولية الشكوى واعتبرتها مقبولة لما  تثيره من مسائل تتعلق بالمادتين 1 و 2 وبالمواد من 11 إلى 16 من الاتفاقية. وخلصت اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم  تُظهر أن سبل الانتصاف المتاحة لشجب أعمال التعذيب قد أتيحت في الممارسة العملية لصاحب البلاغ بغية تأكيد حقوقه بموجب الاتفاقية.

8 - 2 وخلصت اللجنة إلى أن فترة السنة التي انقضت بين الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط وتقديم الشكوى إلى اللجنة لا  يمكن اعتبارها إساءة استعمال للحق في تقديم شكوى، وأشارت إلى أن الاتفاقية ونظامها الداخلي لا  يحددان مهلة زمنية لتقديم شكوى.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

9 - 1 في 12 حزيران/يونيه و 9 أيلول/سبتمبر 2020 ، كررت الدولة الطرف اعتراضها على مقبولية البلاغ. ثم أدلت بملاحظات على طلبات اللجنة باتخاذ تدابير مؤقتة وعلى ظروف احتجاز صاحب البلاغ.

9 - 2 وقالت إن صاحب البلاغ لم  يخضع قط للحبس الانفرادي، خلافا ً لما لا  يزال يدَّعيه. وسيكون من غير المنصف اعتبار إيداع صاحب البلاغ في الحبس الانفرادي، الذي كان استجابةً لتدبير تأديبي منفَّذٍ في إطار أحكام القانون ومحدودٍ زمنياً تحديداً صارماً، على أنه حبس انفرادي لا  يزال مستمراً. وبالفعل، لم  يكن يُسمح لصاحب البلاغ بتلقي زيارات أسرية، ولكن طبيباً كان يزوره يومياً، كما  كان يسعه استقبال محاميه. بيد أنه لم  يرد قط طلب لهذه الغاية أثناء هذا التدبير التأديبي.

9 - 3 وبعد نقله إلى سجن تيفلت 2 ، تلقى صاحب البلاغ عدة زيارات من ممثل النيابة العامة ( ) . وهو محتجز في زنزانة فردية تبلغ مساحتها 20 متراً مربعاً وتفي بالمعايير الدولية ذات الصلة، ولديه أغطية وجهاز تلفزيون. ولا  يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار إيداع السجين في زنزانة فردية على أنه حبس انفرادي. إذ  يتمتع صاحب البلاغ بحقه في المشي ساعة واحدة في اليوم وفي  تلقي الزيارات الأسرية، وقد تلقى ما  مجموعه 27 زيارة. وهو يتواصل مع أسرته عبر الهاتف الثابت للسجن مرة في الأسبوع لمدة عشر دقائق. ونتيجةً لجائحة مرض فيروس كورونا ( كوفيد-19 )، يحق لصاحب البلاغ إجراء أربع مكالمات هاتفية في الأسبوع لمدة خمس وعشرين دقيقة.

9 - 4 ومنذ نقله إلى سجن تيفلت 2 ، استفاد صاحب البلاغ من 32 استشارة داخلية في الطب العام، و 13 استشارة داخلية في طب الأسنان، واستشارتين خارجيتين متخصصتين. كما  استفاد من ثلاثة تحاليل بيولوجية لم  تُظهر قط حالة غير طبيعية.

9 - 5 وأُتيحت لصاحب البلاغ إمكانية توجيه شكاواه إلى النائب العام ( ) ، لكن ملفه أُغلق بعد عقد جلسة الاستماع لعدم استناده إلى أساس. واشتكت والدة صاحب البلاغ وشقيقته أيضا ً من سوء المعاملة التي تعرض لها المعني، وهو ما  دحضه النائب العام والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ، على التوالي. ولا  يتردد صاحب البلاغ في ممارسة حقه ما  أمكن في تقديم شكوى، لمجرد الضغط على إدارة السجن كي تمنحه المعاملة الخاصة التي يطالب بها أو  تقوم بنقله ( ) .

9 - 6 و فيما يتعلق بالوقائع، ترى الدولة الطرف أن من غير المقبول اعتبار أن أجهزة إنفاذ القانون "هاجمت" مخيم أكديم إزيك على نحو ما  يبدو من الشكوى. فقد هاجم عشرات الأفراد سيارة إسعاف، وهو ما  يتبيَّن من تسجيل فيديو نُشر على الإنترنت، مما  أسفر عن مقتل أحد عناصر الحماية المدنية بالحجارة، ثم هاجم الأفراد حاجزاً للدرك الملكي، حيث قتلوا أحد عناصر الدرك. وتم تصوير أحد المعتدين وهو يتبوّل على جثة القتيل. ولدى وصولهم إلى مدينة العيون، ارتكب الأفراد عملاً همجياً آخر، هو ذبح أحد أفراد القوات المساعدة بدم بارد.

9 - 7 وأثناء التحقيق، ثبت بما لا  يدع مجالاً للشك أن صاحب البلاغ كان من بين الجناة الرئيسيين في أعمال العنف والمذابح المرتكبة ضد أجهزة إنفاذ القانون. وقد ألقي القبض عليه في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 واحتُجز لدى الشرطة حتى 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 ، بناء على تعليمات من مكتب النائب العام في مدينة العيون. وأُبلغت أسرته باعتقاله. وأثناء استجوابه، اعترف صاحب البلاغ طوعاً وبطريقة عفوية بالتهم الموجهة إليه. وفي  وقت لاحق، قرأ أقواله ووقّع عليها دون إكراه، ووضع بصمة إبهامه بجانب توقيعه، بل وكتب اسمه الشخصي واسمه العائلي أيضاً. و فيما يتعلق بما  يدَّعيه صاحب البلاغ من معاناة من جراء "اختطافه من قبل السلطات المغربية"، فإن الدولة الطرف تنفي هذه التأكيدات التي لا  أساس لها جملة وتفصيلاً، فهي محض خيال ولا  تهدف سوى إلى تعطيل سير الإجراءات والتحقيق، وقبل كل شيء، إلى تمكين صاحب البلاغ من تبرئة نفسه من الوقائع البالغة الخطورة التي وُجهت إليه تهم بشأنها.

9 - 8 و فيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، تشير الدولة الطرف إلى أنه في أعقاب ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة التي أثيرت أمام محكمة الاستئناف بالرباط، أمرت المحكمة بإجراء فحص طبي؛ بيد أن صاحب البلاغ رفض الخضوع له. وبهذا الرفض، يُبين صاحب البلاغ بوضوح سوء نيته وعدم اهتمامه بإثبات الوقائع والحقيقة. ويؤكد هذا الرفض أيضاً، في حد ذاته، أن صاحب البلاغ يعلم أن ادعاءاته كاذبة. وكانت المحكمة قد عيَّنت لجنة ثلاثية يرأسها أستاذ مُعاون في الطب الشرعي، وتتألف من طبيب متخصص في طب الرضوح وطب العظام، وطبيب نفسي وخبير جنائي بمحكمة الاستئناف بالرباط. وعليه، تدحض الدولة الطرف الادعاءات القائلة بأن فحوص الطب الشرعي قد عُهد بها إلى ثلاثة أطباء شرعيين لم  يتلقوا تدريباً متعلقاً ببروتوكول اسطنبول ولا  يتحلون بضمانات الاستقلال الكافية.

9 - 9 وخلافا ً لادعاءات صاحب البلاغ بأن المحاكم المغربية تُصدر بشكل منهجي إدانات تستند إلى حد كبير إلى اعترافات المتهمين التي تنتزعها الشرطة القضائية، تجدر الإشارة إلى أن قانون المسطرة الجنائية ينص على أن المحاضر أو  التقارير التي يعدّها أفراد الشرطة القضائية لتدوين الجرائم البسيطة والمخالفات تكون صحيحة إلى أن يثبت العكس، في حين أن المحاضر التي يعدّها أفراد الشرطة القضائية في إطار الجرائم الأخرى تشكل مجرد معلومات خاضعة للسلطة التقديرية السيادية للقاضي. واعتمدت محكمة الاستئناف، لدى اتخاذ قرارها، أدلة أخرى غير أقوال المتهمين، بما  في ذلك شهادات شهود الادعاء، ومقاطع فيديو وصور لأماكن وقوع الجرائم، وتسجيلات لمكالمات هاتفية.

9 - 10 وفي 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 ، أعربت الدولة الطرف عن استغرابها إزاء إعادة إحالة تدابير الحماية المؤقتة، ونددت بالطابع الكاذب والمتكرر للادعاءات التي أفاد بها محامي صاحب البلاغ . فظروف احتجاز صاحب البلاغ كانت ولا  تزال طبيعية تماماً. وقد اشتكى المعني بالفعل في عدة مناسبات من ظروف احتجازه، غير أنه تبين أن ادعاءاته لا  تقوم على أساس. ومنذ وصوله إلى سجن تيفلت 2 ، لم  يأتِ أي محام يمثله إلى السجن ولم  يطلب أي محام التكلم معه هاتفياً، وهذه تفاصيل تقوم إدارة السجن بتسجيلها. ومن جانبه، لم  يطلب صاحب البلاغ التكلم مع محام. وأخيراً، تجدر الإشارة إلى أن صاحب البلاغ في حالة صحية مُرضية حتى الآن.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

10 - 1 يلاحظ صاحب البلاغ، في تعليقاته المؤرخة 21 كانون الأول/ديسمبر 2020 ، أن الدولة الطرف تُواصل محاولة عكس عبء الإثبات. إذ لم  تفِ المحاكم وأعضاء النيابة العامة الذين عُرضت عليهم القضية بالالتزام بفتح تحقيق على نحو تلقائي رغم وجود أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن اعتراف صاحب البلاغ قد انتُزع منه عن طريق التعذيب وسوء المعاملة، ولا  بالالتزام بإصدار أمر على الفور لإجراء فحص طبي مستقل.

10 - 2 وملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية لا  توفر أي دليل يثبت الامتثال لأحكام المادتين 1 و 2 والمواد من 11 إلى 16 من الاتفاقية. ولا  تشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ قد خضع لأي فحص طبي خلال فترة الأفعال المشتكى منها، أو  أنه حصل على مساعدة قانونية وطبية فورية ومستقلة، أو  أنه تمكن من الاتصال فوراً بأسرته. بل على العكس من ذلك تماماً، يتّضح من المحضر أن المعني لم  يتمكن من الاتصال بأسرته أو  بمحاميه. وفي  غياب معلومات من الدولة الطرف للطعن في هذه الادعاءات، يجب اعتبار أن الدولة الطرف لم  تفِ بالتزاماتها بموجب المادتين 2 ( 1 ) و 11 من الاتفاقية.

10 - 3 ولم تُبيّن الدولة الطرف أن قاضي التحقيق أو  المحكمة العسكرية أخذا في الحسبان ادعاءات صاحب البلاغ بالتعرض للتعذيب والإصابة بجراح، أو  طلبا فتح تحقيق، أو  على الأقل، إجراء فحص طبي، رغم أن أعمال العنف هذه سبَّبت آلاماً حادة لصاحب البلاغ. وكان هناك تقاعس عن التحقيق من جانب السلطات، وهو ما  يتنافى مع التزام الدولة الطرف بموجب المادة 12 من الاتفاقية. فلم تفِ الدولة الطرف بهذا الالتزام، كما  أنها لم  تفِ بمسؤوليتها بموجب المادة 13 عن ضمان حق صاحب البلاغ في تقديم شكوى.

10 - 4 واستُخدمت أقوال صاحب البلاغ، التي ثبت مع ذلك أنها انتُزعت تحت التعذيب، باعتبارها دليلاً في الإجراءات. ويتضح من قراءة حكم محكمة الاستئناف أن اعتراف صاحب البلاغ أثَّر تأثيراً حاسماً في قرار الإدانة، رغم أن الدولة الطرف لم  تفِ بالتزامها بالشروع فوراً في إجراء تحقيق نزيه في ادعاءات التعذيب. ولم  تأخذ محكمة الاستئناف ادعاءات التعذيب على محمل الجد عند إدانة صاحب البلاغ على أساس اعترافه، وأنكرت حتى تقديم هذه الادعاءات أثناء الإجراءات.

10 - 5 وثبت بالفعل أيضاً أن الفحوص الطبية التي أمرت بها محكمة الاستئناف لم  تكن محايدة، وأن هذه الفحوص لم  تجرِ، على أي حال، في إطار عملية تحقيق في التعذيب الذي تعرض له صاحب البلاغ. ومن ثم، لا  يمكن توجيه اللوم إلى صاحب البلاغ لرفضه الخضوع لهذه الفحوص. وبناءً على هذه العناصر، يجب اعتبار أن الدولة الطرف لم  تفِ بالتزاماتها بموجب المادة 15 من الاتفاقية.

10 - 6 و فيما يتعلق بالحالة الراهنة لصاحب البلاغ، فإن النائب العام لم  يُخطره قط بإغلاق ملفه. ولا  تقدم الدولة الطرف أي دليل على أن جميع الشكاوى المقدمة قد عولجت. وليس لدى محامي صاحب البلاغ إذن للتواصل معه، على الرغم من الطلبات المتكررة بهذا المعنى. وأخيرا ً ، تجدر الإشارة إلى أن عدد الاستشارات مرتفع إلى درجة لا  يمكن الإشارة فيها جدياً إلى أن الحالة الصحية لصاحب البلاغ "مُرضية".

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في الأسس الموضوعية

11 - 1 عملاً بالمادة 22 ( 4 ) من الاتفاقية، نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان.

11 - 2 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن الاعتداءات البدنية التي تعرض لها عند اعتقاله، وعند استجوابه في مركز الشرطة، ثم في مركز الدرك بمدينة العيون، إضافة إلى المعاملة التي تعرض لها أثناء نقله جواً بغية انتزاع اعترافات منه، تشكل أفعال تعذيب بموجب المادة الأولى من الاتفاقية. وقد مثل صاحب البلاغ أمام قاضي التحقيق في المحكمة العسكرية في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 ، وكانت علامات التعذيب بادية عليه، وهو ما  ندد به صراحةً أمام قاضي التحقيق في 4 آذار/مارس 2011 ، ثم أمام المحكمة العسكرية، التي رفضت طلب إجراء تحقيق في ادعاءات التعذيب هذه في 15 شباط/فبراير 2013 ، باعتبار أن صاحب البلاغ لم  يُثرها في مرحلة التحقيق الأولي. وتحيط اللجنة علما ً أيضا ً بادعاءات صاحب البلاغ أنه تعرض لما  يسمى بأسلوب الفلقة وأسلوب "الدجاجة المشوية"، وهما من أعمال التعذيب أساساً. وحسب الدولة الطرف، لم  يُثر صاحب البلاغ رسميا ً ادعاءات التعذيب أمام السلطات المختصة. وتشير اللجنة إلى سوابقها القضائية التي تفيد بأن كل شخص محروم من حريته يجب أن يتلقى مساعدة قانونية وطبية فورية ومستقلة ويجب أن يكون قادرا ً على الاتصال بأسرته لمنع التعذيب ( ) . وتحيط اللجنة علما ً كذلك بالحبس الانفرادي الذي فُرض على صاحب البلاغ في عدة مناسبات، وتشير إلى موقفها من هذا الموضوع، وهو أن الحبس الانفرادي يمكن أن يشكل عملا ً من أعمال التعذيب أو  معاملة لا  إنسانية وأنه ينبغي تنظيمه لكي يكون الخيار الأخير الذي يطبَّق في ظروف استثنائية، ولأقصر فترة ممكنة، تحت إشراف صارم ومع توافر إمكانية المراجعة القضائية ( ) . وإذ  تضع اللجنة في اعتبارها تأكيد صاحب البلاغ أنه لم  يتمكن من الحصول على أي من هذه الضمانات أثناء احتجازه السابق للمحاكمة وحبسه الانفرادي، ونظرا ً لعدم ورود معلومات مقنعة من الدولة الطرف للطعن في هذه الادعاءات، ترى اللجنة أن الاعتداءات البدنية والإصابات بجراح التي يؤكد صاحب البلاغ أنه تعرض لها لدى اعتقاله واستجوابه واحتجازه تشكل تعذيبا ً بالمعنى المقصود في المادة الأولى من الاتفاقية ( ) .

11 - 3 وتحيط اللجنة علما ً بادعاء صاحب البلاغ أن ما  عاناه من أفعال ومعاملة يشكلان على الأقل معاملة أو  عقوبة قاسية أو لا  إنسانية أو  مهينة وفقاً للمادة 16 من الاتفاقية، ما لم  يجرِ اعتبارهما من أعمال التعذيب. وترى اللجنة أن هذه الادعاءات تتعلق بوقائع تُعد أيضاً انتهاكاً للمادة الأولى من الاتفاقية. وبناء عليه، لا  ترى اللجنة أن من الضروري النظر بشكل منفصل في الشكاوى المقدمة بموجب المادة 16 ( ) .

11 - 4 كما يحتج صاحب البلاغ بالمادة 2 ( 1 ) من الاتفاقية، التي تنص على أن تتخذ الدول الأطراف إجراءات تشريعية أو  إدارية أو  قضائية فعالة أو  أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي. وتشير اللجنة إلى ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الرابع للمغرب، التي أعربت فيها عن قلقها إزاء الأحداث المتعلقة بالصحراء الغربية والادعاءات، في جملة أمور، المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب ( ) ، وحثَّت اللجنة الدولة الطرف على اتخاذ تدابير عاجلة وملموسة لمنع جميع أعمال التعذيب وسوء المعاملة، والإعلان عن سياسة تؤدي إلى نتائج قابلة للقياس فيما يتعلق بهدف القضاء على جميع أعمال التعذيب وسوء المعاملة التي يرتكبها موظفو الدولة. وفي  هذه القضية، تحيط اللجنة علما ً بادعاءات صاحب البلاغ بشأن المعاملة التي تلقاها من موظفي الدولة أثناء احتجازه لدى الشرطة، دون أن يتمكن من الاتصال بأسرته ولا  الاستعانة بمحام ولا  استشارة طبيب. ولم  تتخذ سلطات الدولة أي خطوات للتحقيق في أعمال التعذيب التي تعرَّض لها صاحب البلاغ وفرضِ جزاءات، عند الاقتضاء، على الرغم من علامات التعذيب التي كانت بادية عليه والشكاوى التي قدمها في هذا الصدد أمام قاضي التحقيق وأمام المحكمة العسكرية. وفي  ضوء ما  ورد أعلاه، تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك لأحكام المادة 2 ( 1 )، مقروءة بالاقتران بالمادة الأولى من الاتفاقية ( ) .

11 - 5 ويدّعي صاحب البلاغ أن أحكام المادة 11 من الاتفاقية انتُهكت لأن الدولة الطرف لم  تمارس الإشراف اللازم على طريقة معاملته أثناء احتجازه. وعلى الرغم من تدهور حالته الصحية، لم  يتلقَّ الرعاية المناسبة من طبيب من اختياره؛ واحتُجز في حالة من سوء التغذية وتعرَّض لسوء المعاملة والتصرفات التعسفية من جانب سلطات السجن؛ ولم  تتوفر لديه سبل الانتصاف الفعالة للطعن في سوء المعاملة. وتشير اللجنة إلى ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الرابع للمغرب، التي أعربت فيها عن أسفها لعدم وجود معلومات عن التنفيذ العملي للضمانات الأساسية، مثل كفالة زيارة طبيب مستقل وإخطار الأسرة ( ) . وفي  هذه القضية، لم  تقدم الدولة الطرف معلومات عن ظروف احتجاز صاحب البلاغ والمتابعة الطبية التي أُجريت له وشكاواه من سوء المعاملة أثناء الاحتجاز إلا  للفترة التي أعقبت نقله في أيار/مايو 2018 إلى السجن المحلي تيفلت 2 ، بينما كان محتجزا ً منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2010 . ونظرا ً لعدم وجود أي دليل مقدم من الدولة الطرف لإثبات أن فترة احتجاز صاحب البلاغ بأكملها كانت بالفعل تحت إشرافها، وفي  غياب أي دليل على التعامل الفعال مع شكاوى صاحب البلاغ ومتابعته الطبية بعد نقله إلى سجن تيفلت 2 ، تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك للمادة 11 من الاتفاقية ( ) .

11 - 6 ويجب على اللجنة عندئذٍ أن تقرر ما  إذا كان عدم قيام السلطات القضائية بالتحقيق في ادعاءات صاحب البلاغ بالتعرض للتعذيب يشكل انتهاكا ً من جانب الدولة الطرف لالتزاماتها بموجب المادة 12 من الاتفاقية. وتحيط اللجنة علما ً بادعاءات صاحب البلاغ بأنه: (أ) مثل في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2010 أمام قاضي التحقيق في المحكمة العسكرية وكانت علامات التعذيب بادية عليه، ومنها آثار الضرب والجروح العديدة التي غطت جسده، ولكن قاضي التحقيق لم  يسجل هذه الوقائع في المحضر؛ (ب) ثم استنكر صاحب البلاغ صراحةً أمام قاضي التحقيق، في 4 آذار/مارس 2011 ، أعمال التعذيب التي تعرض لها؛ (ج) أُثيرت الادعاءات نفسها أمام المحكمة العسكرية بحضور النائب العام؛ (د) لم  يشرع النائب العام في أي وقت من الأوقات في إجراء تحقيق. وتردّ الدولة الطرف على ذلك بالقول إن صاحب البلاغ لم  يُثر رسميا ً ادعاءات التعذيب أمام السلطات المختصة، وإن في أعقاب إحالة القضية إلى محكمة مدنية، وإثارة ادعاءات التعذيب أمام محكمة الاستئناف بالرباط، أمرت المحكمة بإجراء فحص طبي، ولكن صاحب البلاغ رفض الخضوع له بسوء نية. ووفقا ً لصاحب البلاغ، لم  يكن التقييم الطبي الذي أمرت به محكمة الاستئناف محايدا ً ولم  يكن مقررا ً في إطار تحقيق في أعمال التعذيب التي تعرض لها. وتلاحظ اللجنة كذلك أنه وفقا ً للمعلومات المقدمة إليها، رفضت محكمة النقض في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2020 طعن صاحب البلاغ بالنقض.

11 - 7 وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن قاضي التحقيق في المحكمة العسكرية لم  يطلب إجراء أي فحص طبي للمعني رغم أن علامات العنف كانت بادية على جسده بوضوح، ولم  يُجرَ أي تحقيق بهذا الشأن. كما  أن المحكمة العسكرية لم  تأخذ في الاعتبار ادعاءات صاحب البلاغ بالتعرض للتعذيب عند البت في قرار إدانته، وتنفي الدولة الطرف أن تكون هذه الادعاءات قد قُدمت أصلاً أثناء سير الإجراءات. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف تجاوزت إلى حد بعيد المهلة المعقولة للبت في قضية صاحب البلاغ أمام العدالة: إذ لم  يُفتح أي تحقيق بعد مضي أحد عشر عاماً على وقائع القضية وتقديم الادعاءات الأولى المتعلقة بالتعذيب. ولم  تغيّر إجراءات النقض شيئاً في هذا الوضع، ولا  يزال صاحب البلاغ محتجزا ً على أساس اعترافه الموقّع تحت الإكراه. وفي  ضوء ما  ورد أعلاه، ترى اللجنة أن عدم إجراء أي تحقيق في ادعاءات التعذيب في حالة صاحب البلاغ يتنافى مع التزام الدولة الطرف بموجب المادة 12 من الاتفاقية بضمان قيام السلطات المختصة بإجراء تحقيق فوري ونزيه كلما وُجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عملاً من أعمال التعذيب قد ارتُكب ( ) .

11 - 8 وفي هذه الظروف، لم  تفِ الدولة الطرف أيضاً بالتزامها بموجب المادة 13 من الاتفاقية بضمان حق صاحب البلاغ في إقامة دعوى، وهو ما  يقتضي ضمناً أن تستجيب السلطات لهذه الدعوى استجابة مناسبة عن طريق إجراء تحقيق سريع ونزيه فيها ( ) . وتلاحظ اللجنة أن المادة 13 لا  تتطلب تقديم شكوى متعلقة بالتعذيب بالشكل الواجب وفقا ً للإجراء المنصوص عليه في التشريعات المحلية، كما  أنها لا  تتطلب إعلانا ً صريحا ً عن الرغبة في إقامة دعوى جنائية؛ ويكفي أن تتقدم الضحية، ببساطة، وأن توجه انتباه سلطات الدولة إلى الوقائع لكي تكون الدولة ملزمة بأن تعتبر ذلك تعبيرا ً ضمنيا ً ولكن لا  لبس فيه عن رغبة الشخص المعني في فتح تحقيق فوري ونزيه، على النحو الذي يقتضيه هذا الحكم من أحكام الاتفاقية ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن وقائع القضية تشكل أيضاً انتهاكاً للمادة 13 من الاتفاقية.

11 - 9 و فيما يتعلق بالادعاءات التي ساقها صاحب البلاغ في إطار المادة 14 من الاتفاقية، تشير اللجنة إلى أن أحكام هذه المادة تعترف بحق ضحية فعل من أفعال التعذيب في تلقي تعويض عادل وكاف، وتُلزم الدول الأطراف بضمان جبر الضحية عن كل ما  لحق بها من ضرر. وتذكر اللجنة أن الجبر يجب، بالضرورة، أن يغطي مجموع الأضرار التي لحقت بالضحية وأن يشمل رد الحق إلى نصابه، والتعويض، فضلاً عن تدابير من شأنها أن تضمن عدم تكرار الانتهاكات، مع الحرص دوماً على مراعاة ملابسات كل قضية ( ) . وفي  هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يؤكد أنه يعاني من عواقب جسدية ونفسية نتيجةً للإيذاء الذي تعرض له. وقد حال عدم إصدار قاضي التحقيق في المحكمة العسكرية أمراً بإجراء فحص طبي له دون استفادته من تدابير إعادة التأهيل والتعويض والرعاية وضمانات عدم تكرار الجريمة. وعليه، ترى اللجنة أن عدم إجراء تحقيق سريع ونزيه حرم صاحب البلاغ من إمكانية الاستفادة من حقه في الجبر، وفي  ذلك انتهاك للمادة 14 من الاتفاقية ( ) .

11 - 10 ويؤكد صاحب البلاغ أيضا ً أنه ضحية انتهاك المادة 15 من الاتفاقية بسبب إدانته على أساس اعترافات انتُزعت منه تحت التعذيب. وهو يؤكد أنه لم  يعترف بشيء، بل أُجبر على التوقيع - بينما كان مقيّد اليدين ومعصوب العينين - على وثيقة لم  يطَّلع على مضمونها.

11 - 11 وتشير اللجنة إلى أن الطابع العام لأحكام المادة 15 مستمد من الطابع المطلق لحظر التعذيب، ولذا فهو يعني ضمناً التزام أي دولة طرف بأن تتحقق من أن الإفادات المدرجة في الدعاوى الخاضعة لاختصاصها لم  يُدلَ بها تحت وطأة التعذيب ( ) . وفي  هذه القضية، يرى صاحب البلاغ أن الأقوال التي وقّعها تحت التعذيب قد استُخدمت كأساس لاتهامه ولإدانته، وهو يدفع بأنه طعن، عن طريق محاميه، في القيمة الإثباتية للاعترافات الموقّعة تحت التعذيب في مراحل مختلفة من الإجراءات المتخذة ضده، دون جدوى. وتحيط اللجنة علما ً أيضا ً بأن المحكمة لم  تأخذ ادعاءات التعذيب في الاعتبار عند إدانة صاحب البلاغ على أساس اعترافه، وأنكرت أن تكون هذه الادعاءات قد قُدمت أثناء سير الإجراءات. وترى اللجنة أن الدولة الطرف كانت ملزمة بالتحقق من مضمون ادعاءات صاحب البلاغ. ولأن الدولة الطرف لم  تشرع في عملية التحقق، واستخدمت هذه الأقوال في الإجراءات القضائية المتخذة ضد صاحب البلاغ، فإنها قد انتهكت بوضوح التزاماتها بموجب المادة 15 من الاتفاقية. وتشير اللجنة إلى أنها أعربت، في ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الرابع للمغرب ( ) ، عن قلقها لأن الاعتراف، في نظام التحقيق المعمول به في الدولة الطرف، كثيرا ً ما  يشكل دليلا ً يمكن على أساسه ملاحقة الشخص قضائياً وإدانته، مما  يهيئ ظروفا ً مواتية لاستخدام التعذيب وإساءة المعاملة ضد الشخص المشتبه به ( ) .

11 - 12 أخيرا ً ، تلاحظ اللجنة أنها كررت في أربع مناسبات تأكيد التدابير المؤقتة التي طلبتها إلى الدولة الطرف وقت تسجيل هذه الشكوى، وهي: تعليق العمل بجميع تدابير الحبس الانفرادي المطبقة على صاحب البلاغ؛ والسماح لصاحب البلاغ بتلقي زيارة طبيب يختاره بنفسه؛ وتحديد بدائل للاحتجاز وتنفيذها على الفور، من قبيل الإقامة الجبرية، تجنباً لأي تدهور إضافي في حالته الصحية. وعلاوة على ذلك، أشارت اللجنة، في قرارها المؤرخ 5 آب/أغسطس 2019 بشأن مقبولية الشكوى، إلى التدابير المؤقتة وطلبت إلى الدولة الطرف تيسير الزيارات التي تقوم بها أسرة صاحب البلاغ إلى هذا الأخير، والسماح لصاحب البلاغ بأن يلتقي بأسرته ومحاميه بانتظام. كما  دعت اللجنة الدولة الطرف إلى نقل صاحب البلاغ إلى مركز احتجاز أقرب إلى أسرته مراعاةً للمسافة الكبيرة التي تفصل بينهما. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف أصرَّت على الطعن في الادعاءات التي أبلغ عنها محامي صاحب البلاغ وعلى القول بأن ظروف احتجاز صاحب البلاغ كانت ولا  تزال طبيعية تماما ً ، دون أن تلتزم بالتدابير التي طلبتها اللجنة أو  أن تبلغ عن أي عوائق تعترض تنفيذها.

11 - 13 وتشدد اللجنة على أن الدولة الطرف، بتصديقها على الاتفاقية واعترافها طوعا ً باختصاص اللجنة بموجب المادة 22 ، تعهدت بالتعاون بحسن نية مع سير إجراء الشكاوى الفردية المنصوص عليه في تلك المادة وإنفاذه بالكامل. وبناءً على ذلك، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف، بعدم التزامها بالتدابير المؤقتة المطلوبة، قد أخلّت بالتزاماتها بموجب المادة 22 من الاتفاقية.

12 - واللجنة، إذ  تتصرف بموجب المادة 22 ( 7 ) من الاتفاقية، تقرر أن الوقائع المعروضة عليها تكشف حدوث انتهاك من جانب الدولة الطرف للمادة 2 ( 1 ) من الاتفاقية، مقروءة بالاقتران بالمادة الأولى، وبالمواد 11 إلى 15 و 22 منها.

13 - وتحثّ اللجنة الدولة الطرف على القيام بما  يلي: (أ) منح صاحب البلاغ تعويضاً عادلاً وكافياً، بما  في ذلك الوسائل اللازمة لإعادة تأهيله على أكمل وجه ممكن؛ (ب) البدء في تحقيق شامل ونزيه في الأحداث المشار إليها، بما  يتفق تماماً مع المبادئ التوجيهية لبروتوكول اسطنبول، قصد تقديم المسؤولين عن المعاملة التي تلقاها صاحب البلاغ إلى المحاكمة؛ (ج) وضع صاحب البلاغ مجدداً ضمن نظام جماعي في سجن أقرب إلى أسرته؛ (د) الامتناع عن ممارسة أي شكل من أشكال الضغط أو  التخويف أو  الانتقام التي من شأنها أن تضرّ بالسلامة الجسدية والمعنوية لصاحب البلاغ، وأن تشكل من ناحية أخرى انتهاكاً لالتزامات الدولة الطرف بموجب الاتفاقية بأن تتعاون بحسن نية مع اللجنة من أجل تطبيق أحكام الاتفاقية؛ (ه) تمكين صاحب البلاغ من تلقي زيارات من أسرته ومحاميه في السجن.

14 - وتدعو اللجنة، طبقاً للمادة 118 ( 5 ) من نظامها الداخلي، الدولة الطرف إلى إطْلاعها، ضمن أجل لا  يتجاوز 90 يوماً بدءاً من تاريخ إرسال هذا القرار، على التدابير التي تكون قد اتخذتها متابعةً للملاحظات الواردة أعلاه.