الأمم المتحدة

CAT/C/72/D/805/2017

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

20 January 2022

Arabic

Original: French

لجنة مناهضة التعذيب

قـــرار اعتمدته اللجنة بموجب المـــادة 22 مـــن الاتفاقية بشأن البلاغ رقـــم 805/2017 * **

المقدم من: أ. ل. (يمثله المحامي برونو فيناي ، ثم إيمانويل داود، وأدلايد جاكان )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: المغرب

تاريخ تقديم الشكوى: 5 كانون الثاني/يناير 2017 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 115 من نظام اللجنة الداخلي والمحال إلى الدولة الطرف في 17 شباط/فبراير 2017 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار: 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2021

الموضوع: التعذيب

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ وعدم المقبولية لنقص الحجج

المسائل الموضوعية: لا يوجد

مواد الاتفاقية: 1 و 12 و 13 و 14 و 15 و 16

1 - المشتكي هو أ. ل.، وهو مواطن فرنسي وُلد في 28 نيسان/أبريل 1968 . وهو محتجز حالي اً في فرنسا بعد نقله من المغرب حيث ألقي القبض عليه في إطار مشاركته المزعومة في قضية إرهاب بفرنسا. ويدعي انتهاك الدولة الطرف المواد 1 و 12 و 13 و 14 و 15 و 16 من الاتفاقية بسبب أعمال تعذيب وسوء معاملة قال إنه تعرض لها أثناء اعتقاله واحتجازه في المغرب. وأصدرت الدولة الطرف الإعلان المطلوب بمقتضى الفقرة 1 من المادة 22 من الاتفاقية في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2006 . ويمثل صاحبَ الشكوى المحامي برونو فيناي في أول الأمر، ثم إيمانويل داود وأدلايد جاكان .

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

2 - 1 في 21 تموز/يوليه 2014 ، سافر صاحب الشكوى إلى الأراضي المغربية قادم اً من تونس لزيارة صديق له. وفي 26 تموز/يوليه 2014 ، في حوالي الساعة 00 / 15 ، ألقى القبض عليه 5 من أفراد الشرطة بزي مدني في ميناء طنجة على متن الحافلة التي كانت تقلّه إلى إسبانيا. فاقتادوه إلى مركز للشرطة في طنجة حيث طُلب منه أن يؤكد أنه أدين بالفعل في فرنسا بتهمة إرهاب مرتبطة بالبوسنة ( ) . ثم سأله أفراد الشرطة عن سبب مجيئه إلى المغرب وأسماء الأشخاص الذين رآهم أثناء إقامته. ونتيجة رفضه التعاون، تعرض للعديد من الاعتداءات، من بينها صعق أعضائه التناسلية بالكهرباء وتهديده باللواط مع مشاهدة شريط فيديو ( ) . واتهم بأنه ذهب إلى الجمهورية العربية السورية وأنه مؤيد لجماعة إرهابية. ثم اقتيد في ليلة 26 إلى 27 تموز/يوليه 2014 إلى مركز شرطة حي المعاريف الملحق بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية في مدينة الدار البيضاء.

2 - 2 وخلال هذه الرحلة، تعرض صاحب الشكوى للعديد من أشكال المعاملة السيئة اللفظية والبدنية، مثل الصفع واللكم. وكان الشرطيان اللذان أشرفا عليه هما الأعنف بدني اً. واستجوب 6 أيام في مركز شرطة المعاريف. وعادة ما كانت الاستجوابات تجرى ليل اً بين الساعة العاشرة ليل اً والرابعة صباحا. وكان 7 من الشرطة يرتدون ملابس مدنية حاضرين أثناء الاستجوابات، وكذلك رئيس شرطة طويل القامة يراقبهم.

2 - 3 وفي 27 تموز/يوليه 2014 ، في الساعة 30 / 01 ، احتجز صاحب الشكوى لدى الشرطة. وفي اليوم نفسه، أبلغته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بحقه في التحدث إلى محام. وجاء في محضر الإخطار أن صاحب الشكوى عَهِد إلى القنصلية العامة لفرنسا في المغرب بمسألة تعيين محام للدفاع عنه ( ) . وفي 28 تموز/يوليه 2014 ، أجرت الفرقة مقابلة مع صاحب الشكوى وأبلغته الغرضَ من احتجازه وحقوقه الإجرائية وإمكانية التزامه الصمت واتصاله بأحد أفراد أسرته وتوكيل محام والاتصال به وتلقي المعونة القضائية. وأجرت الفرقة مقابلة ثانية في 30 تموز/يوليه 2014 .

2 - 4 وبعد ستة أيام من الاستجواب، في 31 تموز/يوليه 2014 ، مثل صاحب الشكوى أمام قاضي التحقيق فندد على الفور بالتعذيب الذي تعرض له دون أن يسجله القاضي في محضر الاستجواب. ورغم شهادته، لم يعجّل قاضي التحقيق بإجراء تحقيق ولا هو أمر بإجراء فحص طبي، معتبراً أنه لا يظهر على جسد صاحب البلاغ أثر واضح للتعذيب. ولذلك لم يحل قاضي التحقيق الشكوى إلى المدعي العام، الأمر الذي ينتهك المادتين 39 و 49 من قانون المسطرة الجنائية ( ) . وفي اليوم نفسه، مدد الحبس الاحتياطي لصاحب الشكوى فترة 96 ساعة أخرى مرة واحدة بإذن من وكيل الملك لدى محكمة الاستئناف بمدينة الرباط.

2 - 5 وفي 1 آب/أغسطس 2014 ، أبلغت الشرطة صاحب الشكوى بأن احتجازه لدى الشرطة قد رفع وأنه يمكنه العودة إلى فرنسا. وطلب منه توقيع وثيقتين باللغة العربية التي لا يفهمها ولا يمكنه قراءتها، لكنهما قدمتا إليه بوصفهما محضرين لا بد منهما للإفراج عنه، فوقّعهما وفهم بعدئذ أنهما كانتا في الحقيقة محضرَي الجلستين اللتين سببتا إدانته.

2 - 6 ويذكر محضر استجواب أولي مؤرخ 1 آب/أغسطس 2014 أن قاضي التحقيق أبلغ صاحب الشكوى الوقائعَ التي اتهم بها. وفي محضر استجواب مفصل مؤرخ 16 تشرين الأول/أكتوبر 2014 ، سجل قاضي التحقيق أنه بعد أنه أَخبر صاحب الشكوى بالوقت المسموح له به لإخطار دفاعه بتاريخ 24 أيلول/سبتمبر 2014 ، رفض الكشف عن سبب رفضه إخطار دفاعه مضيفاً أنه مكث في السجن منذ 1 آب/أغسطس 2014 وأنه لم يعد قادر اً على الانتظار أكثر من ذلك. وكلّف قاضي التحقيق محاميا ً معيَّنا ً في إطار المعونة القضائية. وأبلغ صاحب الشكوى قاضي التحقيق أنه لا يتكلم العربية، ولذلك يلتمس خدمات مترجم شفوي، لكن القاضي أخبره بأنه سبق له أن أدلى بتصريحاته باللغة العربية، سواء أثناء التحقيق الأولي أو أمام قاضي التحقيق، إبّان التحقيق الابتدائي بحضور محاميته في إطار المعونة القضائية. وبعد أن رفض صاحب الشكوى الإجابة، تكفّل محام من نقابة المحامين بالرباط بالترجمة الشفوية من العربية إلى الفرنسية والعكس بالعكس.

2 - 7 وفي 8 تشرين الأول/أكتوبر 2014 ، رفعت زوجة صاحب الشكوى شكوى إلى عناية عميد القضاة ( ) للتنديد باختطاف صاحب الشكوى واعتقاله تعسف اً، الذي شُتم بالقول إنه جزائري قذر وقيل له اعترف وإلا فإن رئيس الشرطة سيضخم قضيته ( ) . وذكرت الزوجة في تلك الشكوى أيض اً أن محامي زوجها سافر إلى المغرب حيث استقبلته السلطات؛ وبعد اطلاعه على ملف التحقيق، لاحظ أنه لا يوجد فيه أي دليل يدعم اعتقال صاحب الشكوى.

2 - 8 وفي جلسة الاستماع أمام الغرفة الجنحية الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، طلب صاحب الشكوى، بمساعدة محاميه، إلغاء محاضر الاحتجاز لدى الشرطة. ورفض هذا الطلب وحكم عليه في 22 كانون الثاني/يناير 2015 بالسجن 5 سنوات. وإضافة إلى ذلك، قضت المحكمة بأنه تُقُيّد بالفترة القانونية للاحتجاز لدى الشرطة ( ) . واستأنف صاحب الشكوى الحكم دافع اً بجملة أمور منها أن محرّر المحضر خانه وأنه وقّع رغم اً عنه إذ إنه لا يتقن العربية وأنه استجوب بالفرنسية خلال أيام التحقيق الستة ( ) . وفي 3 حزيران/يونيه 2015 ، أيدت محكمة الاستئناف بالرباط الحكم الأول، لكنها خففت الحكم إلى الحبس سنتين مع مراعاة الظروف المخففة، مع إجراء الطرد من البلاد ( ) . ولم يطعن بالنقض في هذا الحكم، الذي أصبح نهائي اً من ثم.

2 - 9 وفي 9 كانون الثاني/يناير 2015 ، رفع صاحب الشكوى شكوى إلى اللجنة. وبُعيد تسجيلها، في أيار/مايو 2015 ، تعرض لضغوط من ممثلي سلطات مغربية شتى، من بينها سلطات سجون، "نصحوه" بسحب شكواه. وكان حينئذ ينتظر قرار اً في مرحلة الاستئناف. وقال له مدير السجن والحراس ورفقاء السجن، جميعهم، إن عقوبته ستكون أشد بكثير إن أبقى على شكواه أمام اللجنة. ومع اشتداد الضغوط، وكذلك التهديد بعدم قبول طلبه نقله إلى فرنسا، سحب شكواه من اللجنة في 17 أيلول/سبتمبر 2015 .

2 - 10 وفي 29 حزيران/ يونيه 2016 ، وافقت السلطات المغربية على طلب صاحب البلاغ نقله. وفور نقله إلى فرنسا في اليوم نفسه احتجز لدى الشرطة. وفي 19 تموز/يوليه 2016 ، أُحضر أمام المحكمة الابتدائية في باريس بتهمة الانتماء إلى عصابة إجرامية بهدف الإعداد لأعمال إرهابية ( ) . وذكر أنه تعرض للتعذيب في المغرب وجُعل يوقّع أوراق اً باللغة العربية، وهو ما كرره أثناء استجوابه في 13 أيلول/سبتمبر 2016 . وفي 13 أيلول/سبتمبر 2018 ، أحال قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية في باريس القضية إلى محكمة الجنح. وفي جلسة عقدت يومي 6 و 7 آذار/مارس 2019 ، أدانت محكمة الجنح صاحب الشكوى بالمشاركة في عصابة إجرامية قصد الإعداد لعمل إرهابي في إطار العود. ولا يزال استئنافه جاري اً.

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب الشكوى أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المادتين 1 و 16 من الاتفاقية بتعرضه للتعذيب وسوء المعاملة أثناء استجوابه في الفترة من 26 إلى 31 تموز/يوليه 2014 .

3 - 2 ويدعي صاحب الشكوى أيض اً حدوث انتهاك للمادتين 12 و 13 من الاتفاقية، إذ إن قاضي التحقيق والوكيل العام رفضا التحقيق في ادعاءات التعذيب المتكررة، إضافة إلى الضغوط التي مورست عليه ليسحب شكواه المسجلة لدى اللجنة في عام 2015 .

3 - 3 وأخيرا ً ، يدعي صاحب الشكوى أنه ضحية انتهاك لحقوقه بموجب المادة 14 من الاتفاقية، وذلك لأن السلطات القضائية، بدل اً من فتح تحقيق ادعاءات التعذيب، حرمته الحقَّ في الحصول على تعويض عن الأضرار التي لحقت به، بما فيها حقه في الوصول إلى العدالة والحصول على تعويض وعلى الرعاية الطبية، بما في ذلك الرعاية النفسانية، وضمانات عدم تكرار أعمال التعذيب.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4 - 1 في 9 حزيران/ يونيه 2017 ، طعنت الدولة الطرف في مقبولية الشكوى. وتوضح أن الشرطة ألقت القبض على صاحب الشكوى في 26 تموز/يوليه 2014 بسبب تورطه في أنشطة إرهابية، من بينها تجنيد متطوعين للالتحاق بجبهة النصرة (التي أعيد تسميتها بفتح الشام) وابتعاثهم إليها. وتَبين أن صاحب الشكوى كان على صلة وثيقة جد اً بعدد من الكيانات الإرهابية، لا سيما في باكستان والجمهورية العربية السورية وليبيا. وفي 1 آب/أغسطس 2014 ، قدمت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية صاحب الشكوى إلى قاضي التحقيق لدى ملحقة محكمة الاستئناف بالرباط الذي أمر بحبسه في سجن سلا 2 بتهمة تشكيله عصابة إجرامية بغية الإعداد لارتكاب أعمال إرهابية في إطار مشروع جماعي يهدف إلى الإخلال الخطير بالنظام العام. وفي 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 ، نُقل إلى سجن القنيطرة المركزي.

4 - 2 وفيما يتعلق بما يدعيه صاحب الشكوى من عدم قانونية سلبه حريته، تؤكد الدولة الطرف أنه احتجز لدى الشرطة 5 أيام و 8 ساعات و 30 دقيقة. وبعد أن بدأ احتجازه لدى الشرطة في 27 تموز/يوليه 2014 في الساعة 30 / 13 ، الذي دام 96 ساعة في أول الأمر، مُدد مرة واحدة بإذن كتابي من النيابة العامة، وانتهى في 1 آب/أغسطس 2014 في الساعة 00 / 10 وقت تقديمه أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط قصد مقاضاته بتهم المشاركة في عصابة إجرامية ترمي إلى إعداد أعمال إرهابية وارتكابها في إطار مشروع جماعي يهدف إلى تقويض النظام العام بالتخويف أو الإرهاب أو العنف.

4 - 3 وتوضح الدولة الطرف أنه بعد إلقاء القبض على صاحب الشكوى، أُخطر، في جملة أمور، بأسباب إلقاء القبض عليه وبحقه في التزام الصمت وفي أن يساعده محام وأن يبلغ أسرته. وأُخطرت السلطات القنصلية الفرنسية والجزائرية بالقبض عليه واختار صاحب الشكوى السماح للقنصلية العامة لفرنسا في المغرب بأن تتولى تعيين محام له.

4 - 4 وعن أفعال التعذيب المزعومة التي قال صاحب الشكوى إنه تعرض لها، توضح الدولة الطرف أنه يتبين أن هذه الادعاءات متناقضة من حيث إنها لم ترد في الشكوى الأولى التي رفعها صاحب الشكوى إلى اللجنة. وفي هذا السياق، يجدر بالإشارة أنه لا صاحب الشكوى ولا محاميه أثارا أي ادعاءات تعذيب أو سوء معاملة أمام الوكيل العام للملك وقاضي التحقيق، وأن هذين لم يلاحظا أي شيء محدد يشبه آثار أو أمارات التعذيب أو سوء المعاملة أثناء مثوله أمامهما. وبالمثل، لم يثر صاحب الشكوى ولا محاميه تلك الادعاءات أمام المحكمة أثناء المحاكمة.

4 - 5 وإضافة إلى ذلك، فإن انسحاب صاحب الشكوى، الذي برّره بالضغوط التي يزعم أنها مورست عليه أثناء احتجازه في سجن القنيطرة المركزي في إطار تنفيذ الحكم عليه بالسجن سنتين، دليل على مناورات المماطلة التي دبرها هو ومحاميه التي كان القصد منها عبث اً تشويه سمعة تدخل أجهزة إنفاذ القانون المغربية التي مكّنت من إيقافه عندما كان يسعى إلى توظيف المغرب بلدَ عبور في ترحاله بين مختلف بؤر التوتر وأماكن تجنيد المقاتلين لصالح الجماعات الإرهابية العاملة في أفغانستان والبوسنة والجمهورية العربية السورية وليبيا.

4 - 6 وعن ادعاء توقيع صاحب الشكوى وثيقتين باللغة العربية - وهي لغة يزعم أنه لا يفهمها - علم لاحق اً أنهما محضرا جلستي استماع كانتا سبب إدانته على حد قوله، تؤكد الدولة الطرف أنه، عكس ما يزعم، وقّع محضري الجلستين على غرار الإشارات المتعلقة باحتجازه لدى الشرطة وإخبار عائلته وإبلاغ قنصليتي فرنسا والجزائر في الرباط بإلقاء القبض عليه. وكان هذا التوقيع بعد قراءة مضمون تصريحاته باللغة العربية، وهي لغة يفهمها ليس مـــن حيث أصـــوله الجزائـرية فحسب، وإنمـــا من جهة إقامته المتكـــررة في بلدان عربية أيضـــ اً - وهي تصريحات أكدها بوضع توقيعه، طوعاً، أسفل المحضرين.

4 - 7 وفيما يخص ادعاءات صاحب الشكوى المرتبطة بالضغوط التي زعم أنه تعرض لها لسحب شكواه الأولى من اللجنة، تلاحظ الدولة الطرف أنه استفاد -أسوةً بجميع السجناء الآخرين في السجون المغربية - من جميع الآليات التي أتاحتها له المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بشأن رفع الشكاوى. فهناك سبل عدة متاحة للسجناء لرفع شكاواهم، مثل الحق في تقديم تظلّماتهم شفاهةً أو كتابةً إلى مدير المؤسسة أو المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج أو السلطات القضائية أو لجنة المراقبة الإقليمية. ويمكنهم أيض اً رفع قضاياهم إلى مجلس النواب والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ومؤسسة وسيط والمنظمات غير الحكومية. ويضاف إلى ذلك وجود صناديق بريد في السجون في متناول السجناء وعائلاتهم لتسهيل رفع شكاواهم مباشرة إلى المندوب العام أو هيئة أخرى دون المرور بإدارة السجن.

4 - 8 وتدفع الدولة الطرف بأنه كان في إمكان صاحب الشكوى - الذي كان على دراية جيدة بهذه الآليات المختلفة التي استخدمها في مناسبات عدة في شكاوى شتى- أن يتصل بالمندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج والوكيل العام للملك ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان والقنصلية العامة لفرنسا في المغرب، غير أنه لم يشر قط إلى أي ضغط أو تخويف. وتتساءل الدولة الطرف في هذا السياق عن سبب انتظاره قرابة 10 أشهر بعد مغادرته المغرب لتوجيه هذه التهم.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5 - 1 في 18 أيار/مايو 2020 ، دفع صاحب الشكوى بأن ملاحظات الدولة الطرف عبارة عن مزاعم قاطعة لا تستند إلى أي دليل ملموس. وعن سلبه حريته خارج نطاق القانون، يوضح أنه منذ إلقاء القبض عليه وحتى تقديمه إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية - واحتجازه لدى الشرطة - اقتاده عناصر من الشرطة إلى مكان لم يُكشف عنه وعذب نحو 10 ساعات. إِذَن فقد احتجز تعسف اً خلال هذه الفترة. هذا، ورغم أنه أشار إلى أنه يرغب في تلقى المساعدة أثناء جلسات الاستماع، فقد استُمع إليه دون محام.

5 - 2 وعن ادعاءاته بشأن التعذيب، يرى صاحب الشكوى أن عدم ذكره هذه العناصر في شكواه الأولى المرفوعة إلى اللجنة ليس له أي أثر على صحة الوقائع المبلغ عنها. ويؤكد أن العديد من الهيئات الوطنية والدولية تذكّر بأن تقديم أدلة على أعمال التعذيب أمر معقد جد اً. وإضافة إلى ذلك، أبلغ عن هذه الأقوال بدقة شديدة في إطار الإجراءات الفرنسية، وتحديد اً في رسالة بعث بها إلى قاضي التحقيق كُتبت في مركز التوقيف فيلبانت في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2016 . وتثبت تصريحاته، وهي دقيقة ومفصلة، أنه كان ضحية أعمال تعذيب عبارة عن صعق على أعضائه التناسلية بالكهرباء وكذلك عن تهديدات بالاغتصاب. ويجب اعتبار تصريحاته دليل اً واضح اً على أعمال التعذيب التي تعرض لها ولا يمكن التشكيك فيها. ويضاف إلى ذلك أن مصداقية تصريحاته تشهد عليها وتؤكدها جميع تقارير المنظمات الدولية عن انتشار التعذيب في المغرب في إطار الإجراءات الجنائية.

5 - 3 واحتج صاحب الشكوى بعدئذ بالمخالفات الكثيرة في الإجراءات: (أ) ألقي القبض عليه في حوالي الساعة 00 / 13 ، لكنه لم يحتجز لدى الشرطة إلا في الساعة 30 / 01 في صباح اليوم التالي؛ و(ب) حتى لو عهد بمسألة تعيين محام إلى القنصلية العامة لفرنسا في المغرب، لم يكن لديه محام لا في أول جلسة استماع له وهو محتجز لدى الشرطة ولا في الجلسة الثانية ( ) ؛ و(ج) عندما مثل أمام قاضي التحقيق، وقد حظي بمساعدة محام آنئذ، تراجع عن تصريحاته السابقة وأكد طوال الإجراءات أن اعترافه انتزع بالتعذيب، وهي أقوال استغلت في إطار الإجراءات، وهو ما يتنافى مع المادة 15 من الاتفاقية. ولذلك فإن الإدانات التي أصدرتها المحاكم المغربية تستند فقط إلى التصريحات والأقوال التي أدلى بها دون حضور محام.

5 - 4 ويرى صاحب الشكوى أن ادعاء الدولة الطرف بشأن فهمه اللغةَ العربية لا يؤثر على الوقائع التي كان ضحيتها. وإضافة إلى ذلك، فيما يتعلق بآليات الشكاوى المختلفة التي ذكرتها الدولة الطرف مع إشارتها إلى أنه كان على دراية جيدة بها واستخدمها، يلاحظ أن أي اً من هذه العناصر لا تؤيده أي وثيقة أو دليل.

5 - 5 وأخير اً يستنكر صاحب الشكوى كون الوقائع التي قُضي فيها على أنها تدينه في الإجراءات المغربية اعتُبرت مجدد اً دليل إثبات في إطار الإجراءات الفرنسية.

مداولات اللجنة

النظر في المقبولية

6 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كان الادعاء مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد استيقنت اللجنة، وفق ما تقتضيه الفقرة 5 (أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة ذاتها لم تُبحث وليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6 - 2 وتذكّر اللجنة بأنه لا يجوز لها بمقتضى الفقرة 5 (ب) من المادة 22 من الاتفاقية أن تنظر في أي بلاغ مقدَّم من فرد من الأفراد إلا بعد الاستيثاق من أنه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتحيط علم اً باعتراض الدولة الطرف في القضية محل النظر على ادعاء استنفاد صاحب الشكوى جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة مشيرةً إلى أنه لا صاحب الشكوى ولا محاميه أثارا ادعاءات التعذيب أو سوء المعاملة أمام الوكيل العام أو قاضي التحقيق أو المحكمة أثناء المحاكمة. وتحيط علم اً أيض اً بحجج صاحب الشكوى بشأن ما يلي: (أ) الصبغة المعقدة للأدلة على أعمال التعذيب؛ و(ب) كونه احتج بالتعذيب أثناء محاكمته في فرنسا؛ و(ج) كون تصريحاته يجب أن تعتبر دليل اً واضح اً على أعمال التعذيب التي تعرض لها؛ و(د) كون التقارير الواردة من المنظمات الدولية تشهد على انتشار التعذيب في المغرب في إطار الإجراءات الجنائية. وأخير اً، تلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى لم يطعن بالنقض في الحكم الذي أصدرته محكمة الاستئناف بالرباط في 3 حزيران/ يونيه 2015 .

6 - 3 وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى لا يزعم أنه أثار ادعاءات التعذيب أمام سلطات الدولة الطرف. ومع أنه يؤكد أنه لم يكن دائم اً يساعده محام في المرحلة الأولية من الإجراءات، تلاحظ اللجنة أن محامي اً كان يساعده بالفعل أثناء الإجراءات أمام المحاكم المحلية، غير أن الأحكام الصادرة في المرحلة الابتدائية وفي الاستئناف لا تشير إلى أي ادعاءات تعذيب أو سوء معاملة أثارها صاحب الشكوى أو محاميه. وأخير اً، تلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى لا يدعي أنه أظهر لسلطات الدولة الطرف علامات واضحة على التعذيب، الأمر الذي ربما أدى إلى اضطرارها إلى إجراء تحقيق فوري ونزيه عملاً بالمادة 12 من الاتفاقية. وعن الادعاءات الأخرى المتصلة بعدم اتباع الإجراءات، تلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى لم يطعن بالنقض في حكم الاستئناف الصادر في حقه ولا هو وضّح أسباب عدم فعله ذلك. وعلى هذا تخلص اللجنة، عمل اً بالفقرة 5 (ب) من المادة 22 من الاتفاقية، إلى أن البلاغ غير مقبول لأن سبل الانتصاف المحلية لم تستنفد.

7 - وبناءً عليه، تقرر اللجنة ما يلي:

(أ) عدم مقبولية البلاغ بموجب الفقرة 5 (ب) من المادة 22 من الاتفاقية؛

(ب) أن يبلَّغ صاحب الشكوى والدولة الطرف هذا القرار.