الأمم المتحدة

CAT/C/72/D/918/2019

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

20 January 2022

Arabic

Original: English

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم  918/2019 * **

بلاغ مقدم من: أ. أ. (يمثله المحاميان روث نوردستروم وربيكا آلستراند)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: السويد

تاريخ تقديم الشكوى: 15 شباط/فبراير 2019 (تاريخ الرسالة الأولى)

تاريخ اعتماد القرار: 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2021

الموضوع: الترحيل إلى أفغانستان

المسائل الإجرائية: مدى إثبات الادعاءات بالأدلة

المسائل الموضوعية: خطر التعرض للتعذيب في حال الترحيل إلى البلد الأصلي (عدم الإعادة القسرية)

مادة الاتفاقية: 3

1 - 1 صاحب الشكوى هو أ. أ.، وهو مواطن أفغاني وُلِد في عام  1998 . ويدعي أن الدولة الطرف ستنتهك حقوقه بموجب المادة 3 من الاتفاقية إذا رحلته إلى أفغانستان. وأصدرت الدولة الطرف الإعلان عملاً بالمادة 22 ( 1 ) من الاتفاقية، وأصبح نافذاً اعتباراً من 8 كانون الثاني/يناير 1986 . ويمثل صاحب البلاغ المحاميان روث نوردستروم وريبيكا آلستراند.

1 - 2 وفي 15 شباط/فبراير 2019 ، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، من خلال مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، عملاً بالفقرة 1 من المادة 114 من نظامها الداخلي، عدم ترحيل صاحب الشكوى إلى أفغانستان ريثما تنظر اللجنة في البلاغ.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

2-1 صاحب الشكوى هو مواطن أفغاني، ولد في جمهورية إيران الإسلامية لأبوين أفغانيين. ولم يؤهل قط للحصول على وثائق الهوية الإيرانية، وبالتالي لم يلتحق بالمدرسة. ولم يسبق له أن زار أفغانستان. وانتقل والدا صاحب الشكوى إلى جمهورية إيران الإسلامية في التسعينيات بعد أن تعرضت حياتهما للخطر من قبل أقاربهما في ظل نزاع عائلي على الأراضي. وفي عام  2015 ، اعتقلت الشرطة الإيرانية صاحب الشكوى وشقيقه، وقيل لهما إن عليهما القتال في الجمهورية العربية السورية وإلا تم ترحيلهما إلى أفغانستان. ولم تتمكن الأسرة من العودة إلى أفغانستان بسبب العداء القائم. وبالتالي، هرب صاحب الشكوى وأخوه وأبواه إلى السويد في عام  2015 والتمسوا اللجوء في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2015 .

2 - 2 وفي البداية، رُفض طلب اللجوء الذي تقدمت به الأسرة. وفي غضون ذلك، تعرّف صاحب الشكوى وأسرته بكنيسة باجالا الخمسينية، وأصبحوا منخرطين بشكل كبير في الحياة الكنسية وحصلوا على قدر كبير من الدعم من قبل أعضاء الكنيسة. وقد أدت هذه التجربة إلى اعتناق صاحب الشكوى وشقيقه المسيحية، وتم تعميدهما كمسيحيين. وانضم الأخوان، بجانب ترددهما على الكنيسة للتعبّد ودراسة الكتاب المقدس، إلى فرقة موسيقية مسيحية ناطقة بالداري وأديا عروضاً في كنائس في مختلف أنحاء شمال السويد.

2 - 3 وقام صاحب الشكوى وشقيقه بضم اعتناقهما للمسيحية إلى طلبيهما للجوء، مؤكدين أنهما سيكونان بالتالي معرضين للخطر إذا أعيدا إلى أفغانستان. وجرى النظر في البلاغين بشكل منفصل ومنح شقيق صاحب الشكوى حق اللجوء. وقد مُنح والداه تصريحي إقامة مؤقتة على أساس تشخيص الأب بالإصابة بالسرطان في مراحله الأخيرة.

2 - 4 وفي 15 حزيران/يونيه 2017 ، استمعت الوكالة السويدية لشؤون الهجرة لطلب صاحب الشكوى. وفي قرارها برفض ادعائه، رأت أنه نظراً للعواقب الوخيمة للتحول للمسيحية في أفغانستان، لا بد أن صاحب الشكوى قد وزن بعناية خطر القيام بذلك مقابل معتقداته، إلا أنه لم يشرح بالقدر الكافي الأساس المنطقي الذي دفعه لترك الإسلام واعتناق المسيحية. وأكدت الوكالة أن منطقه لا يعكس على ما يبدو تجربة شخصية، بل ينطوي على إجابات عامة ومبهمة، مما أدى إلى استنتاج يفيد بأن تحوله الديني لم يكن قائماً على إيمان حقيقي. فلاحظت الوكالة، على سبيل المثال، أن ردّ صاحب الشكوى عندما سئل عن كيفية معرفته بأنه مستعد للمعمودية كان أنه قد حضر جميع دروس الكنيسة ودوراتها تحسباً لذلك. ولذلك، رأت الوكالة أنه لم يثبت أن إيمانه حقيقي وأنه لن يواجه أي خطر يهدده شخيصاً إذا أُعيد إلى أفغانستان، سواء أكان ذلك نتيجة لمعتقداته أم لتاريخ أسرة والديه. كما رأت أن الوضع في أفغانستان لا يستدعي الالتزام بتفعيل منح تصريح إقامة مؤقت لأسباب إنسانية.

2 - 5 واستمعت محكمة قضايا الهجرة إلى طعن صاحب الشكوى في 1 آب/أغسطس 2018 . ورفضت المحكمة الطعن، على أساس أن ردود صاحب الشكوى بشأن أسباب اعتناقه المسيحية كانت عامة ومبهمة للغاية، وأنه لم يتمكن من شرح هذه النقطة بالتفصيل لا أمام الوكالة السويدية لشؤون الهجرة ولا المحكمة. ورأت المحكمة أن صاحب الشكوى يقدر على ما يبدو العناصر الاجتماعية المرتبطة بالكنيسة في المقام الأول، وأن تحوله للدين الآخر يعكس رغبته في الانتماء إلى المجتمع المحلي وليس أي قناعة دينية. وخلصت إلى أنه، إذ لم يتمكن من إثبات كون اعتناقه المسيحية يستند إلى إيمان حقيقي، فإنه لن يعيش علناً كمسيحي في أفغانستان، وبالتالي فإنه غير معرض لخطر التعرض لمعاملة تؤدي إلى تفعيل التزامات الحماية.

2 - 6 غير أن إحدى رئيسات المحكمة ورئيسة محكمة قضايا الهجرة أصدرت رأياً مخالفاً اعترفت بموجبه بالصعوبات الكامنة في تقييم الأساس الحقيقي للقناعة الدينية للمرء والعوامل العديدة التي يمكن أن تعوق محاولة تقديم سرد موجز لمعتقدات المرء، بغض النظر عن صدق تلك المعتقدات. وإذ أشارت إلى افتقار تفسير صاحب الشكوى إلى العناصر المحددة، رأت رغم ذلك أنه قدم سرداً مفصلاً نسبياً أمام الوكالة السويدية لشؤون الهجرة والمحكمة، بشأن نظرته إلى المسيحية وأفكاره الشخصية بشأن أوجه الاختلاف بين الإسلام والمسيحية. ورأت أيضاً أن قدر المعرفة بالمسيحية الذي أبداه مطابق لما يمكن توقعه من شخص في مستواه التعليمي. وأشارت بشكل خاص إلى فهمه للتباين بين الإسلام والمسيحية في معاملة المرأة، فضلاً عن تحمسه لمشاركة إيمانه مع الآخرين. ولم تجد سبباً للتشكيك في صدق معتقدات صاحب الشكوى وصوتت لمنحه مركز اللاجئ والإقامة المؤقتة. ولم يحصل التصويت على تأييد كافٍ وتم تأييد الرفض. ورُفض الإذن بالاستئناف، وبالتالي أصبح قرار الترحيل نهائياً وواجب النفاذ.

2 - 7 ولقد واصل صاحب الشكوى أنشطته الدينية ونشر مقاطع فيديو لعروض الفرقة وصوراً له وهو يحضر أنشطة كنسية واقتباسات من الكتاب المقدس لمتابعيه على إنستغرام الناطق معظمهم بالداري والبالغ عددهم 000 12 شخصاً. ومن ثم، بدأ يتلقى تهديدات من الأفغان والإيرانيين، وقام بإبلاغ الشرطة عنها.

2 - 8 وفي 21 أيلول/سبتمبر 2018 ، قدم صاحب الشكوى طلباً إلى سلطات شؤون الهجرة لفحص هذه الملابسات المستجدة في سياق طلب لجوئه. وقال إن هذه التهديدات ألقت ضوءاً جديداً على الخطر الذي يواجهه في أفغانستان، وبالتالي تشكل عقبة دائمة تحول دون ترحيله بموجب قانون الأجانب. وقد تم وقف أمر الترحيل إلى حين صدور قرار محكمة قضايا الهجرة بشأن الطلب. وقدم صاحب الشكوى لقطات من حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المحادثات التي هدده فيها أحد أقاربه لكونه كافراً. كما أبلغ عن تهديدات أخرى كان قد قام بحذفها من حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي. وقررت المحكمة في قرارها المؤرخ 2 شباط/فبراير 2018 أن الوقائع المعروضة ليست ملابسات مستجدة، بل إضافات أو تعديلات على الادعاء السابق بأن اعتناقه المسيحية أمر معروف ة في أفغانستان، وهو ما سبق البت فيه من خلال قرار نهائي. ولذلك رُفض الطلب، ورُفع وقف أمر الإبعاد ورُفض الإذن بالطعن.

2 - 9 ويدعي صاحب الشكوى أن طلب لجوئه يعاني من عيوب إجرائية أثارها المجتمع المدني مراراً فيما يتعلق بنظام اللجوء عموماً. وفي حالة صاحب الشكوى على وجه الخصوص، ركز صانعو القرارات بشكل يكاد يكون حصرياً على مستوى معرفته النظرية بالدين وليس على تجربته الذاتية للعقيدة في سياق الكنيسة التي استقبلته والتي ربطها بالمسيحية. ويُنظر إلى حالات تغيير الدين في عين المكان بعين الريبة وتقيَّم وفقاً لعبء إثبات مفرط، مما يقلل فرصة النجاح لأدنى الحدود. وفي حالات مثل حالته، كما يتضح من محاضر الإجراءات، يتوقع من مقدمي الطلبات أن يشرحوا بإيجاز تبريرهم اللاهوتي لاختيار دين أو طائفة دوناً عن غيرها، رداً على أسئلة مقتصرة على رد مرضٍ واحدٍ لا غير، دون أي اعتبار للأسباب العاطفية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والشخصية التي يتوصل المرء من أجلها إلى قناعة معينة، أو لكيفية تجلي الإيمان وتطوره مع مرور الوقت، أو لصعوبة شرح كل هذه العناصر الشخصية للغاية في مثل هذه البيئة المشحونة بالضغوط. وما لم يتم استيفاء هذه المعايير المسبقة المقيّدة للغاية، يحكم على الفرد بأنه يفتقر إلى المصداقية، ونتيجة لذلك، فإن أي دليل يقدَّم لدعم صدق معتقدات الفرد لا يمنح وزناً إثباتياً ويرفض من أساسه. وفي حالة صاحب البلاغ، فهو لم يتلق تعليماً رسمياً، وكان أمياً عندما وصل إلى السويد ولم يكن معتاداً على مناقشة الدين بهذه العبارات، ولذلك اعتُقد أنه غير صادق. وبكل بساطة، لم تؤخذ شهادات من هم في أفضل وضع للحكم على مدى صدقه في الاعتبار.

2 - 10 ويوضح صاحب الشكوى أنه لم يتم مواصلة البحث في الخطر الذي يحدق به في أفغانستان بعد نتيجة تقييم المصداقية. وبغض النظر عن رأي الدولة الطرف في صدق اعتناقه للمسيحية، فإنها لم تنظر في أثر كون نشاطه على وسائط التواصل الاجتماعي معروفاً لدى الناس في أفغانستان، كما يتضح من خلال التهديدات التي تلقاها. ولذلك، لم تقيم الدولة الطرف بالقدر الكافي الخطر الذي يواجهه في أفغانستان، التي تعد ثاني أخطر مكان في العالم للشخص المسيحي، حيث يعرف أن المسيحيين يعانون من الاضطهاد الشديد. وعلى الرغم من أن لا أحد يعرف العدد الحقيقي، إلا أن أقل من 0 , 3 في المائة من السكان تقريباً يعترفون باعتناقهم أي عقيدة غير الإسلام. وتعدّ الرِّدّة - أي التخلي عن الإسلام لاعتناق دين آخر أو الإلحاد - جريمة حدود ، وهي أخطر أنواع الجرائم، في أفغانستان. وبناء على ذلك، لا يمكن العفو عن المرتدين، وإذا رفضوا التوبة أو تصرفوا بعد التوبة بأي شكل من الأشكال التي تشير إلى الرِّدّة، فيكون عقابهم الإعدام. ولا يشترط أن يمارس المرء الديانة المسيحية أو حتى أن يكون ملحداً ليتهَم بالردة. فمن الأمثلة على الأعمال العديدة التي تندرج تحت فئة الردة إنكار الإسلام وأركانه الخمسة أو الإعلان بأن محمداً ليس آخر الأنبياء. ووفقاً لصاحب الشكوى، تفيد مصادر عديدة بوجود خطر أكبر على المرتدين المتصوَّرين من قبل أسرهم ومجتمعهم المحلي. وهناك حالات موثقة من جرائم القتل دفاعاً عن "الشرف" خارج نطاق القضاء بسبب الردة. ويؤكد صاحب الشكوى أن الدولة الطرف لم تحقق في أي من هذه العناصر بعد أن خلصت إلى أنه يفتقر إلى المصداقية على أساس الأدلة الشفهية التي أدلى بها.

2 - 11 وحصل شقيق صاحب الشكوى على تصريح إقامة ومركز اللاجئ على أساس اعتناقه المسيحية، الذي حُكم بصدقه. وعلى النقيض من ذلك، ونظراً لعدم استيفاء صاحب الشكوى للمعايير المفروضة تعسفاً التي تعتقد سلطات الدولة الطرف أنها تجسد الإيمان، سوف يحرم من مجاورة المسيحيين الآخرين والتآلف معهم، ومن مودّة الإيمان التي تمنحها الصلاة المشتركة والتفاني، والدعم المجتمعي والقدرة على التعبير عن معتقداته. وبدلاً من ذلك، سيواجه خطراً جسيماً على الصعيد الشخصي إذا تم ترحيله، لا سيما بسبب الأنشطة التي مارسها في عين المكان منذ أن اعتنق المسيحية، والتي أصبحت معروف في أفغانستان. وعلاوة على ذلك، فإن عدم تصرفه وفقاً للمبادئ التوجيهية الاجتماعية والدينية الصارمة على أساس يومي يشكل خطراً مستمراً على حياته.

الشكوى

3- يدعي صاحب الشكوى أنه سيواجه خطراً حقيقياً وجسيماً وشخصياً على حياته لدى عودته إلى أفغانستان، وأن ترحيله دون إجراء تقييم دقيق وفقاً للمعايير الدولية سيرقى بالتالي إلى انتهاك الدولة الطرف للمادة 3 من الاتفاقية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن المقبولية والأسس الموضوعية، في مذكرة شفهية مؤرخة 4 أيلول/سبتمبر 2019 .

4 - 2 أولاً، تبلغ الدولة الطرف اللجنة بأن المادة 22 ( 1 ) من الفصل 12 من قانون الأجانب تنص على انقضاء سريان أمر الطرد غير الصادر عن المحاكم العامة بعد أربع سنوات من التاريخ الذي يصبح فيه نهائياً وغير قابل للطعن. وبالتالي، فإن قرار طرد صاحب الشكوى سيسقط بالتقادم في 2 شباط/فبراير 2022 .

4 - 3 وتؤكّد الدولة الطرف أن جزم صاحب الشكوى أنه يواجه خطر أن يعامَل بطريقة قد ترقى إلى مستوى انتهاك التزاماتها بموجب أحكام المادة 3 من الاتفاقية إذا أعيد إلى أفغانستان هو جزم لا يرقى إلى مستوى الحد الأدنى من الإثبات المطلوب لغرض المقبولية. وترى الدولة الطرف أن البلاغ يفتقر بشكل واضح إلى أساس صحيح وأنه غير مقبول وفقاً للمادة 22 ( 2 ) من الاتفاقية والمادة 113 (ب) من النظام الداخلي للجنة ( ) .

4 - 4 وإذا وجدت اللجنة أن البلاغ مقبول، وبما أن صاحب الشكوى لم يقدّم الأدلة الكافية لإثبات ادعاءاته بأن طرده إلى أفغانستان من شأنه أن ينتهك المادة 3 من الاتفاقية بسبب الخطر الذي يواجهه، كمتحول للمسيحية أو كشخص تنسب إليه معتقدات مسيحية، إذا أعيد إلى هناك، فإن الشكوى تفتقر إلى الأسس الموضوعية ولا تكشف عن وقوع انتهاك بموجب الاتفاقية.

4 - 5 وإذ تشير الدولة الطرف إلى اجتهادات اللجنة، فيجب على اللجنة أن تقوم، عند تحديد ما إذا كانت هناك أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأن من شأن إعادة شخص ما قسراً إلى دولة أخرى أن تعرّضه لخطر التعذيب بما يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية، بأخذ جميع الاعتبارات ذات الصلة في الحسبان، بما في ذلك وجود نمط مستمر من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية ( ) . غير أن الهدف من هذا التقييم، على النحو الذي أكدته اللجنة أيضاً، هو تحديد ما إذا كان الفرد المعني يواجه شخصياً خطراً حقيقياً ومتوقعاً بأن يتعرض للتعذيب في البلد الذي سيعاد إليه. ويترتب على ذلك أن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل سبباً كافياً في حد ذاته للجزم بأن شخصاً بعينه سيواجه ذلك الخطر. فقبل أن يتم توجيه اتهام بانتهاك المادة 3 من الاتفاقية، يجب أن تكون هناك أسباب إضافية تثبت أن الشخص المعني سيواجه شخصياً خطر التعرض لتلك المعاملة ( ) .

4 - 6 وعلاوة على ذلك، تذكّر الدولة الطرف بموقف اللجنة من أن عبء الإثبات يقع على عاتق صاحب الشكوى، إذ يجب عليه تقديم حجج مقنعة تثبت أن ما يواجهه من خطر تعرضه للتعذيب متوقع وقائم وشخصي وحقيقي. وبالإضافة إلى ذلك، يجب تقييم خطر التعذيب على أسس تتجاوز مجرد الافتراض أو الشك، على الرغم من أنه لا يتعين إثبات أن يكون محتملاً جداً ( ) .

4 - 7 وتشير الدولة الطرف إلى المعلومات المقدمة إلى مجلس حقوق الإنسان، الذي أشار إلى الإنجازات المعترف بها على نطاق واسع في مجال حقوق الإنسان في أفغانستان ( ) . وعلى الرغم من أن الدولة الطرف لا تقلل من شأن الشواغل المشروعة التي أُعرب عنها فيما يتعلق بحالة حقوق الإنسان الراهنة في أفغانستان، إلا أنها لا تجد سبباً لعدم التقيد بتقييم سلطات شؤون الهجرة التابعة لها الذي يفيد بأنه لا يمكن اعتبار الحالة السائدة على أرض الواقع ذات طابع يقتضي عامة حماية جميع ملتمسي اللجوء المنتمين لذلك البلد. وبناءً عليه، يجب على صاحب الشكوى أن يُظهر أنه سيواجه شخصياً خطراً حقيقياً بالتعرض لمعاملة تشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية لدى عودته إلى هناك. وتلاحظ الدولة الطرف أن السلطات المحلية لشؤون الهجرة والمحاكم المحلية قد قيَّمت الحالة السائدة في مجال حقوق الإنسان في أفغانستان فيما يتعلق بالظروف الفردية لصاحب الشكوى، وخلصت إلى أنه لم يثبت ادعاءه بأنه بحاجة إلى حماية دولية.

4 - 8 وتوجه الدولة الطرف انتباه اللجنة إلى أحكام قانون الأجانب، التي تنص على المبادئ التي تشكل أساس المادة 3 من الاتفاقية. ولذلك، فإنها تدفع بأن سلطات شؤون الهجرة تطبق نفس هذا النوع من الاختبار عند النظر في طلب اللجوء المستخدم لتقييم الشكاوى بموجب الاتفاقية. وتؤكد كذلك أن هذا الاختبار قد طُبق في حالة صاحب الشكوى، كما تشير إلى ذلك المادتان 1 و 2 من الفصل 4 من قانون الأجانب، أثناء البت في طلب اللجوء الذي قدمه صاحب الشكوى إلى السلطات المحلية.

4 - 9 وعلاوة على ذلك، تلاحظ الدولة الطرف أن السلطات المحلية، لدى تحديدها للخطر الذي يواجهه الفرد أثناء هذه الإجراءات، مؤهلة لتقييم المعلومات المقدمة إليها، وبصورة خاصة، فإنها تتمتع بالقدرة على قياس مصداقية إفادات مقدم الطلب وادعاءاته. وفي هذا الصدد، قامت كل من الوكالة السويدية لشؤون الهجرة ومحكمة قضايا الهجرة بتمحيص النظر في قضية صاحب الشكوى وفقاً لتلك المعايير.

4 - 10 وعلى سبيل التوضيح، تؤكد الدولة الطرف أن الوكالة السويدية لشؤون الهجرة أجرت مقابلة تمهيدية مع صاحب الشكوى بشأن طلب اللجوء الذي قدمه في 5 كانون الأول/ديسمبر 2015 ، وأجريت مقابلة موسعة بشأن اللجوء في 15 حزيران/يونيه 2017 بحضور محامي صاحب الشكوى الممول من القطاع العام. وبعد ذلك، عُرض المحضر على محاميه للتعليق عليه. وفي تقييم فردي عام، خلصت الوكالة إلى أن صاحب الشكوى لم يقدم أدلة معقولة على أن اعتناقه المسيحية كان قائماً على قناعة دينية حقيقية وشخصية، أو أنه ينوي العيش كشخص معتنق للمسيحية لدى عودته إلى أفغانستان. ولاحظت الوكالة، في جملة أمور، أن صاحب الشكوى لم يتمكن من تفسير سبب اختياره ترك الإسلام ولا ما تعنيه الديانة المسيحية له شخصياً. وعلاوة على ذلك، لم يتمكن من الإجابة على ماهية العقيدة المسيحية إلا بعبارات عامة، ولم يستطع ربط المعلومات التي قدمها بأي أحداث مر بها. وذكر أيضاً أنه لم يكن على علم بأي مخاطر قد ينطوي عليها اعتناق الدين الآخر، وادعى أن مثل هذه المخاطر ليست مهمة بالنسبة له على أي حال. واعتبرت الوكالة أيضاً أن رواية صاحب الشكوى بشأن أهمية التعميد في إطار المسيحية، وكذلك بالنسبة له شخصياً، كانت ذات طابع عام. ولم يتمكن من تفسير سبب تعميده في الوقت المختار. ورداً على بعض الأسئلة عن سبب اختياره أن يكون بروتستانتياً على وجه الخصوص ومعنى البروتستانتية، اكتفى صاحب الشكوى بأن يسأل عن سبب أهمية هذه النقطة، ولم يتمكن من تفسير معنى البروتستانتية. وبناء على ذلك، رأت الوكالة أن صاحب الشكوى لم يستطع أن يشرح بأي تفصيل سبب اختياره للمسيحية أو الفرع البروتستانتي للمسيحية، وخلصت إلى أنه لم يقدم أدلة معقولة على وجود تهديد فردي عليه في أفغانستان أو أن الحالة الأمنية هناك يمكن أن تعتبر ذات طابع يستدعي عموماً حماية جميع طالبي اللجوء من البلد. وتم رفض الطلب.

4 - 11 وطعن صاحب الشكوى في الحكم أمام محكمة قضايا الهجرة، وتمكن من المثول شخصياً والإدلاء بشهادته. وأجريت جلسة الاستماع بمساعدة مترجم فوري. وأيدت المحكمة، في تقييمها العام الفردي، النتيجة التي توصلت إليها الوكالة السويدية لشؤون الهجرة، إذ رأت أن صاحب الشكوى لم يقدم أدلة معقولة على أنه اعتنق المسيحية بدافع قناعة دينية شخصية حقيقية. ودفعت المحكمة، في جملة أمور، بأنه على الرغم من أن قرار التحول من الإسلام إلى المسيحية ينطوي على آثار وخيمة، لم يتمكن صاحب الشكوى من تقديم سوى ردود مبهمة وعامة عن سبب اختياره اعتناق الدين الآخر، ولم يتمكن من تقديم تفاصيل إضافية لشرح أسباب قراره. واعتبرت معرفته بالمسيحية ذات طابع عام. وخلصت المحكمة، التي لم تشكك في أنشطة الكنيسة التي ذكرها صاحب الشكوى، إلى أن روايته كانت على الأرجح بمثابة مؤشر على تقديره الشديد للدعم الاجتماعي الذي يتلقاه من الكنيسة. وخلصت المحكمة إلى أن صاحب الشكوى لم يثبت بأدلة معقولة أنه سيقيد بالعيش كمسيحي في أفغانستان أو أن آخرين في السويد أو أفغانستان ينعتونه بالمسيحي. ولذلك، خلصت المحكمة إلى أن صاحب الشكوى لم يثبت أنه يواجه خطراً في أفغانستان يلزم الدولة الطرف بتوفير الحماية.

4 - 12 وفي هذا الصدد، تدفع الدولة الطرف بأنه، فيما يتعلق بالقضية المعروضة على الوكالة السويدية لشؤون الهجرة، دعي صاحب الشكوى بمساعدة مترجم فوري ومحامٍ عام إلى استعراض محضر المقابلة قبل جلسة الاستماع وتقديم ملاحظات خطية لتصحيح أي معلومات مضللة. كما دعي إلى تقديم مذكرات خطية دعماً لاستئنافه بعد الجلسة. ولذلك، أتيحت لصاحب الشكوى عدة فرص لتقديم جميع الوقائع ذات الصلة وإجراء أي تصحيحات لازمة. وكانت لدى سلطات صنع القرارات في كلتا الهيئتين ما يكفي من وقائع ووثائق لضمان إجرائهما تقييمات مستنيرة وشفافة ومعقولة للمخاطر المتعلقة بحاجة صاحب الشكوى للحماية.

4 - 13 وفي هذا الصدد، تذكر الدولة الطرف باجتهادات اللجنة التي أفادت بضرورة إيلاء وزن كبير للاستنتاجات التي تخلص إليها أجهزة الدولة الطرف المعنية بشأن الوقائع ( ) . كما تشير إلى قرارات اللجنة التي ذكرت فيها بوضوح أن المحاكم المحلية هي التي عليها أن تقيّم الوقائع والأدلة في أي قضية بعينها، إلا إذا أمكن إثبات أن الأسلوب الذي قُيّمت به الوقائع والأدلة كان تعسفياً بصورة واضحة أو بلغ حد إنكار العدالة ( ) .

4 - 14 وبالنظر إلى ما تقدم وإلى كون الوكالة والمحاكم السويدية لشؤون الهجرة هيئات متخصصة ذوات خبرة في قانون اللجوء والممارسات المتبعة في هذا الشأن، تدعي الدولة الطرف بأنه لا يوجد سبباً يدفعها إلى اعتبار النتائج المحلية التي توصلت إليها قاصرة أو تعسفية، أو بمثابة إنكار للعدالة. وبناء عليه، يجب إيلاء أهمية كبيرة لتلك القرارات التي خلصت إلى أن إبعاد صاحب الشكوى إلى أفغانستان لا يعرضه لخطر شخصي على النحو المتوخى في الاتفاقية.

4 - 15 وبالإشارة إلى ادعاء صاحب الشكوى أنه يواجه خطر التعرض لمعاملة مخالفة للمادة 3 من الاتفاقية في أفغانستان باعتباره متحولاً إلى المسيحية، وأن اعتناقه المسيحية أصبح معروفاً للناس في أفغانستان عبر وسائط التواصل الاجتماعي، كما يتضح من التهديدات التي تلقاها، والتي يدعي أنها تعرضه لخطر التعرض لمعاملة تتنافى مع المادة 3 ، تلاحظ الدولة الطرف أنه لم يتمكن من تقديم أدلة معقولة لإثبات أن اعتناقه للمسيحية كان قائماً على أساس إيمان صادق، وبالتالي لم يتبين أنه ذو مصداقية.

4 - 16 وتؤكد الدولة الطرف أن صاحب الشكوى يرغب في الواقع في الاستعانة باللجنة كمحكمة من الدرجة الرابعة لتغيير الاستنتاجات المتعلقة بالمصداقية. وتذكّر بأن هذا ليس دور اللجنة حيث لا يوجد، كما هو الحال في هذه القضية، أساس يمكن الاستناد إليه بما يكفي لاعتبار أن القرارات المحلية تعاني من عيوب إجرائية تجعل القرار تعسفياً أو يرقى إلى مستوى إنكار العدالة.

4 - 17 وتقر الدولة الطرف بأن هناك معلومات قطرية تشير إلى أن الأفراد الذين يعودون إلى أفغانستان بعد أن تخلوا عن معتقداتهم الإسلامية أو اعتنقوا ديناً آخر أثناء عملية اللجوء يتعرضون لخطر الاضطهاد الحقيقي، مما يبرر الحماية الدولية. وأولئك هم ملتمسو اللجوء الذين يتولون عبء إثبات أن تحولهم كان نتيجة لقناعة دينية حقيقية. غير أن مجرد ادعاء التحول إلى دين آخر لا يكفي لاستنتاج وجود خطر اضطهاد حقيقي.

4 - 18 وتؤكد الدولة الطرف أن السلطات المحلية قد قيمت قضية صاحب البلاغ وفقاً لدليل الإجراءات والمعايير الواجب تطبيقها لتحديد وضع اللاجئ بمقتضى اتفاقية 1951 وبروتوكول 1967 الخاصين بوضع اللاجئين، وكذلك سابقة محكمة استئناف قضايا الهجرة ( ) . وأجري تقييم شامل للظروف المحيطة بالتحول بهدف تحديد ما إذا كان صاحب الشكوى سيعيش بالفعل كمسيحي في أفغانستان. وقد أخذ في الاعتبار أن التحول المزعوم حدث في السويد، وبالتالي لم يكن استمراراً لآراء دينية كان يعتنقها قبل الوصول إلى الدولة الطرف. ونتيجة لذلك، أولي اهتمام خاص لموثوقية ادعاء صاحب الشكوى بأنه اعتنق المسيحية ومصداقيته.

4 - 19 ووفقاً للمبادئ التوجيهية لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، عقدت محكمة قضايا الهجرة جلسة استماع شفهية للنظر في طبيعة عقيدة صاحب الشكوى، ودخوله المسيحية، وأي قناعات دينية كان يؤمن بها قبل اعتناقه المسيحية أو منذئذ، واحتمال استيائه من دينه السابق ومعتقداته السابقة، وأسلوب إظهاره إيمانه في سياق تجربته الشخصية ومشاركته في الأنشطة المتصلة بالكنيسة، وشمل ذلك النظر في شهادة المعمودية وشهادات الشهود لدعم ادعاءاته. وخلافاً لمزاعم صاحب الشكوى المعروضة على اللجنة، أخذت السلطات المحلية جميع الوثائق المقدمة في الاعتبار في تقييمها. ولم تشكك في أن صاحب الشكوى قد عُمّد أو أنه شارك في أنشطة كنسية. غير أنه تبين عدم كفاية هذه الأدلة لإثبات الادعاء بأن صاحب الشكوى قد غير دينه عن قناعة حقيقية وشخصية بالمسيحية، وفقاً لسابقة محلية راسخة ( ) .

4 - 20 وبعد أن رفضت محكمة استئناف قضايا الهجرة طلب الطعن الذي قدمه صاحب الشكوى، صار قرار طرده نهائياً وواجب النفاذ. وفي ذلك الوقت، قدم صاحب الشكوى طلباً لإعادة النظر في أهليته للحصول على مركز اللاجئ، عملاً بالمادتين 18 و 19 من الفصل 12 من قانون الأجانب، استناداً إلى ملابسات مستجدة تتعلق بتحوله المزعوم إلى المسيحية كانت قد طرأت منذ ذلك الحين، وحصول أسرته على تصاريح الإقامة في السويد.

4 - 21 وفي هذا السياق، تلاحظ الدولة الطرف أنه لا يجوز لسلطاتها أن تعيد النظر في قرار صادر عن سلطة أعلى ولا أن تفحص مدى دقة التقييمات التي تجريها سلطة أعلى. ولا يجوز النظر في مسألة إصدار تصريح إقامة إلا في مرحلة تنفيذ أمر الطرد إذا قدم الأجنبي أدلة على وجود ملابسات مستجدة تشكل عائقاً دائماً أمام التنفيذ ( ) . ولم يُر َ أن الأدلة التي قدمها صاحب الشكوى كملابسات مستجدة تندرج تحت تعريف الملابسات المستجدة بالمعنى الذي حدده قانون الأجانب. وعلاوة على ذلك، وبما أن صاحب الشكوى كان بالغاً، وأن التماسه اللجوء قد فحص بشكل منفصل عن التماس أفراد أسرته، فإنه لا يبدو من غير المعقول طرده إلى أفغانستان رغم أن أفراد أسرته منحوا، لأسباب مختلفة، تصاريح إقامة مؤقتة في السويد. وبناء عليه، لم تطرأ ملابسات مستجدة تكشف عن وجود عائق دائم أمام التنفيذ، وبالتالي لا يوجد ما يبرر إعادة النظر في قضية صاحب الشكوى.

4 - 22 وطعن صاحب الشكوى في هذا القرار أمام محكمة قضايا الهجرة التي رأت أن ما زعم عن تحول صاحب الشكوى إلى الديانة المسيحية تم النظر فيه بالفعل من جانب سلطات شؤون الهجرة. ولم تكن تلك الأدلة التي لا تقدم سوى المزيد من الدعم لنفس الزعم، مستجدة بالمعنى المقصود في المادة 19 من الفصل 12 من قانون الأجانب، التي وضعت لاستبعاد التعديلات أو الإضافات على الملابسات التي سبق ذكرها.

4 - 23 ولا علاقة للملابسات المذكورة بشأن صحة صاحب الشكوى وأفراد أسرته بما ذكره من حاجة إلى تلقي الحماية الدولية. وعلى أية حال، فإن الحالة الإنسانية لصاحب الشكوى لا تعتبر ذات طابع استثنائي يبرر إعادة النظر في حاجته إلى البقاء في الدولة الطرف. وبالتالي، رفضت محكمة قضايا الهجرة الطعن.

4 - 24 وتلاحظ الدولة الطرف كذلك ادعاءات صاحب الشكوى بوجود أوجه قصور منهجية في عملية اللجوء لدى الدولة الطرف، وتشير إلى مقالة قدمها مختلف أعضاء الكنيسة تأييداً لهذا الادعاء. وتشير الدولة الطرف إلى أن هذه المقالة تتضمن معلومات عامة، وهي معلومات نظرت فيها السلطات على أي حال، لكونها تنتمي إلى المجال العام. وبما أن المقالة لا صلة لها بالقضية الفردية لصاحب الشكوى، فإنها لا تضيف شيئاً إلى المسألة المطروحة أمام اللجنة. وتكرر الدولة الطرف التأكيد على أن الوكالات المحلية أقدر من مؤلفي المقالة الذين لم يلتقوا بالأفراد الذين أشاروا إليهم، على تقييم المخاطر المزعومة التي تهدد الأفراد من خلال مختلف الأنشطة، بما في ذلك المنشورات على وسائط التواصل الاجتماعي.

4 - 25 وتؤكد الدولة الطرف من جديد أنه قد تم بحث جميع الادعاءات التي قدمها صاحب الشكوى بحثاً كاملاً، ولكن تبين أنها لا تثبت وجود قناعة دينية حقيقية وشخصية. وتدفع الدولة الطرف بأنه لا يوجد ما يدعو إلى استنتاج أن إجراءات الدعوى المرفوعة أمام السلطات المحلية كانت غير مناسبة، أو أن القرارات التي تم التوصل إليها كانت تعسفية بأي شكل من الأشكال، أو أنها بلغت حد إنكار العدالة. وبما أن اللجنة ليست محكمة من الدرجة الرابعة، ولم تسنح لها الفرصة للاستماع إلى صاحب الشكوى وهو يدلي بشهادته وإثبات صحة شهادته لتتمكّن من إجراء تقييم مستنير تماماً لمصداقيته، ينبغي أن تعطي أهمية كبيرة للنتائج التي توصل إليها صناع القرارات الذين تمكنوا من إجراء تحقيق متعمق. ولذلك، فإن الدولة الطرف تدفع بعدم وجود أساس لإعادة تقييم الوقائع والأدلة.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

5-1 في 7 كانون الثاني/يناير 2020 ، قدم صاحب الشكوى تعليقات.

5 - 2 ورداً على الادعاء بأن الشكوى غير مقبولة لافتقارها الواضح إلى أساس سليم، يدفع صاحب الشكوى بأنه قد قدم ما يكفي من أدلة على صحة ادعاءاته، وبالتالي فإن البلاغ مقبول.

5 - 3 ويؤكد مجدداً تصريحه بأن ادعاءاته بشأن الخطر الذي يواجهه المتحولون إلى المسيحية في أفغانستان موثقة توثيقاً جيداً. ويشير إلى معلومات قطرية تؤكد أن 0 , 3 في المائة فقط من السكان يعترفون باتباع العقيدة المسيحية. وعلاوة على ذلك، فإن العدد الحقيقي غير معروف لأن المسيحيين يجبرون على ممارسة التقية خوفاً من أعمال الانتقام التي تهدد حياتهم. وتحتل أفغانستان المرتبة الثانية من حيث الخطورة في العالم للمسيحيين، الذين يواجهون اضطهاد اً شديد اً ، ويتعرضون على وجه الخصوص لخطر الاستهداف من قبل المجتمع المحلي، وفقاً لتقرير صدر عام  2017 ( ) . ولذلك، فقد أثبت أن كونه مسيحياً - وهو ما دعمه أيضاً بأدلته الخاصة وبشهادة الشهود - يعرضه لمخاطر جسيمة تتمثل في التعرض لمعاملة تشكل تعذيباً في أفغانستان، مما يعني أن الدولة الطرف ملزمة، بموجب المادة 3 من الاتفاقية، بعدم طرده أو إعادته أو تسليمه إلى ذلك البلد.

5 - 4 ويتفق صاحب الشكوى مع الدولة الطرف على أن الأسس الموضوعية لمطالباته تستند إلى ما إذا كانت هناك أسباب وجيهة للاعتقاد بأنه يواجه خطراً متوقعاً وقائماً وشخصياً وحقيقياً للتعرض لمعاملة منافية للاتفاقية في أفغانستان. وبعد أن ثبت أن المعاملة التي يعاني منها المسيحيون في أفغانستان تفي بالمعايير اللازمة، الأمر الذي لم يتم الاعتراض عليه على ما يبدو، فإن المسألة المطروحة هي ما إذا كان التقييم الذي أجرته الدولة الطرف، في حالته على وجه الخصوص، موثوقاً به بما فيه الكفاية من حيث تحديد مستوى الخطر الذي يتعرض له، وبالتالي ما إذا كان عليها الالتزام بتوفير الحماية الدولية له.

5 - 5 ويجادل صاحب الشكوى بأن سلطات الهجرة التابعة للدولة الطرف لم تقيّم هذا الخطر تقييم اً كافياً، لأنها وضعت معايير مرهقة بلا داع تم اختبار صحة تحوله الديني على أساسها، مما يعني فعلياً أن القرارات المحلية تكاد تكون قد استندت حصرياً إلى قدرته على تقديم حجج شفهية وكتابية مقنعة لوصف دوافعه الشخصية وقناعته الدينية. واستُنتِج أن ادعاءات صاحب الشكوى تفتقر إلى المصداقية، مما أدى إلى اعتبار شهادة الشهود المقدمة دعماً لادعائه ذات قيمة إثباتية ضئيلة أو معدومة. كما يذكر أن الأهمية القصوى التي توليها السلطات لمعرفته اللاهوتية، أو عدمها، تتعارض تعارضاً مباشراً مع التوجيه القانوني التفسيري بشأن طلبات اللجوء القائمة على أساس الدين، الصادر عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين ( ) . وفي ذلك التوجيه، يرد بوضوح أن معرفة المدّعين المفصلة بدينهم لا ترتبط بالضرورة بصدق المعتقد، وفي المقابل، فإن جمع المعلومات عن الهوية الدينية للفرد أو أسلوب حياته، باستخدام استجواب بصيغة سردية، بما في ذلك من خلال أسئلة مفتوحة تسمح للمدعي بشرح تجارب شخصية، غالباً ما يكون أكثر ملاءمة وفائدة بل وربما يكون ضرورياً. وكما يتضح في حالة صاحب الشكوى، فإن الأسئلة المغلقة لا تفيد إلا في الحصول على إجابات إلزامية، مما قد يؤدي إلى الحكم على الشخص الذي يجري المقابلة قياساً على الرد المتوقع فحسب، عوضاً عن مساعدة صانع القرار على بلورة فهم متعمق للطرق العديدة التي قد يتجلى بها الإيمان في حياة ذلك الفرد.

5 - 6 ويعيد صاحب الشكوى تأكيد زعمه بأن السلطات لم تقيّم حالة حقوق الإنسان في أفغانستان تقييماً كافياً في سياق ظروفه الشخصية. ويشير إلى أن الشريعة في أفغانستان لها الأسبقية على جميع القوانين الأخرى. وبموجب الشريعة الإسلامية، فإن جرائم الحدود ، التي تعتبر الأكثر خطورة، غير قابلة للتغيير. وفي حالة الردة، التي يعاقب عليها بالإعدام، تمنح فترة تفكير للسماح للفرد بالتوبة. ومع ذلك، يتم إعدام الأفراد الذين ينظر إليهم على أنهم متمادون في السلوك الإجرامي. ولا تقتصر الردة على تغيير الدين أو كون الشخص ملحداً إلحاداً بيّناً، بل تشمل العديد من الأعمال الأخرى، مثل الإدلاء بتصريحات تفسر على أنها تندد بالإسلام وركائزه الخمس أو تنفي أن يكون محمد آخر الأنبياء. ويعاقب بالإعدام على عدم التوبة أو على عدم القدرة على إقناع الآخرين بأن التوبة التي تمت كانت نصوحة.

5 - 7 وعلاوة على ذلك، فإن الأشخاص الذين لا يلتزمون بالأعراف الاجتماعية والثقافية والدينية المفروضة بصرامة يثيرون الريبة لدى الآخرين، مما يشكل في حد ذاته خطراً جسيماً يتمثل في التعرض للاضطهاد من خلال تشويه السمعة في الأوساط العامة والاعتداءات البدنية وإبلاغ السلطات. ويؤكد صاحب الشكوى مجدداً أن الدولة الطرف لم تحقق في الآثار المترتبة على ممارساته الدينية بصورة يومية، إذ اقتصر تركيزها على العواقب المترتبة على الاشتباه في اعتناقه المسيحية في أفغانستان. وهذا لا يجسد التزامات الدولة الطرف بموجب الاتفاقية، كما أنه لا يفي بالمعايير المنصوص عليها في التشريعات الوطنية، التي تحظر الترحيل إلى بلد يواجه فيه الفرد عقوبة بدنية أو عقوبة الإعدام أو الاضطهاد، بالإضافة إلى خطر التعرض للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة.

5 - 8 ويؤكد صاحب الشكوى كذلك أنه على الرغم من أنه قدم أدلة جديدة، في شكل لقطات من منشوراته على الإنترنت والتهديدات بالقتل ذات الصلة التي تلقاها بعد انتهاء إجراءات اللجوء - وهو ما يجادل بأنه دليل واضح على ملابسات مستجدة تشكل عقبة دائمة أمام إبعاده، حيث إنه لم يكن من الممكن تقديم أدلة على التهديدات في وقت سابق - إلا أن السلطات القضائية رفضت النظر في تلك الأدلة لأنها تتعلق بالادعاء السابق، وبالتالي تعتبر مكملة له.

5 - 9 ولذلك يؤكد صاحب الشكوى أنه قدم في كل مرة ادعاءات مثبتة بأدلة واضحة لوقيت بالرفض على أساس شهادته الشفهية. ولذلك، لم تف الدولة الطرف بالتزامها المتمثل في أن تقيّم التهديد الذي يواجهه بوصفه مسلماً اعتنق المسيحية ونشر علناً معلومات تتعلق بمعتقداته الدينية وتلقى بالتالي تهديدات حتى قبل ترحيله، تقييماً دقيقاً.

ملاحظات إضافية من الدولة الطرف

6-1 في 7 نيسان/أبريل 2020 ، لاحظت الدولة الطرف أن تعليقات صاحب الشكوى لم تضف شيئاً من حيث المضمون على الشكوى.

6 - 2 وتطعن الدولة الطرف في التقرير الصادر عن منظمات دينية الذي قدمه صاحب الشكوى عن وجود أوجه قصور إجرائية منهجية متأصلة في عملية اللجوء في الدولة الطرف، على أساس أن هذه المعلومات ذات طابع عام ولا صلة لها بحالة صاحب الشكوى. ولذلك، فإنها تدفع بأنه ينبغي تجاهل هذا التقرير. كما تطعن في إدراج صاحب الشكوى مقالات (لم تحدد الدولة الطرف المقالات التي تشير إليها) لم تعرض على السلطات المحلية كجزء من الإجراءات المحلية في قضية صاحب الشكوى بعينها، لأن أي ادعاءات في هذا الصدد غير مقبولة بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية.

6 - 3 وتؤكد الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول، وأن صاحب الشكوى لم يقدم أدلة مبنية على الأسس الموضوعية بأن الإجراءات المحلية اتسمت بالتعسف أو أن هناك عناصر لم تقدرها أو تنظر فيها السلطات. وبالتالي، لا يوجد في الشكوى ما يؤدي إلى استنتاج أن صاحب الشكوى يواجه خطراً حقيقياً وشخصياً ومتوقعاً بالتعرض لمعاملة مخالفة للاتفاقية، أو أن الدولة الطرف ستنتهك التزاماتها بموجب الاتفاقية إذا قامت بترحيله.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 22 ( 5 )(أ) من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تُبحث ولا يجري بحثها حالياً في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

7 - 2 ووفقاً للمادة 22 ( 5 )(ب) من الاتفاقية، لا تنظر اللجنة في أي ادعاء من فرد ما لم تتيقن من أن الفرد قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتلاحظ اللجنة ادعاء الدولة الطرف بأن "المقالات" التي قدمها صاحب الشكوى إلى اللجنة، والتي تتضمن معلومات عامة لا تتعلق بقضيته الفردية، لم تقدم من قبل إلى السلطات لاستعراضها محلياً. وتلاحظ اللجنة كذلك أنه في حين أن الدولة الطرف لم تحدد المعلومات التي تشير إليها بعينها، فإن شواغلها تبدو محصورة في معلومات ذات طابع عام، ولم تعترض على أن جميع توكيدات صاحب الشكوى فيما يتعلق بمطالبته الفردية باللجوء قد خضعت لاستعراض داخلي أو أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة فيما يتعلق بهذه الادعاءات الفردية. ولذلك، ترى اللجنة أنه لا يوجد ما يمنعها من أن تنظر في البلاغ بموجب المادة 22 ( 5 )(ب) من الاتفاقية، بعد أن حذفت من نظرها الادعاءات ذات الطابع العام المنتمية إلى الميدان العام.

7 - 3 وتؤكد الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول لافتقاره الواضح للاستناد إلى الأسس السليمة. بيد أن اللجنة ترى أن الحجج التي قدمها صاحب الشكوى تثير مسائل موضوعية ينبغي تناولها من حيث أسسها الموضوعية. وبناء على ذلك، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان المعنيان، وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية.

8 - 2 وفي هذه القضية، تتعلق المسألة المطروحة أمام اللجنة في البت فيما إذا كانت إعادة صاحب الشكوى إلى أفغانستان ستشكل انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف بموجب المادة 3 من الاتفاقية بعدم طرد أو إعادة شخص ("إعادة قسرية") إلى دولة أخرى في حال وجود أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيواجه فيها خطر التعرض للتعذيب.

8 - 3 ويجب على اللجنة أن تقيّم ما إذا كانت هناك أسباب وجيهة للاعتقاد بأن صاحب الشكوى سيتعرض شخصياً لخطر التعذيب لدى عودته إلى أفغانستان. وعند تقييم هذا الخطر، يجب على اللجنة أن تأخذ في الحسبان جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملاً بالمادة 3 ( 2 ) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. بيد أن اللجنة تذكّر بأن الهدف من هذا التقييم هو تحديد ما إذا كان الشخص المعني سيتعرض شخصياً لخطر حقيقي متوقع يتمثل في التعرض للتعذيب في البلد الذي سيعود إليه. ويترتب على ذلك أن وجود نمط من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما لا يشكل في حد ذاته سبباً كافياً لتحديد أن شخصاً معيناً سيتعرض لخطر التعذيب لدى عودته إلى ذلك البلد؛ ويجب تقديم أسباب إضافية تبين أن الشخص المعني سيكون شخصياً في خطر. وفي المقابل، لا يعني عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان أن شخصاً بعينه لن يتعرض للتعذيب في ظروف خاصة به تحديداً.

8 - 4 وتذكر اللجنة بتعليقها العام رقم  4 ( 2017 ) الذي ستقيّم اللجنة بموجبه "الأسباب الحقيقية" وتعتبر أن خطر التعرض للتعذيب متوقع وشخصي وقائم وحقيقي عندما يكون وجود الوقائع الموثوقة المتعلقة بالخطر في حد ذاته، عند اتخاذ قرارها، سيؤثر على حقوق صاحب الشكوى المكفولة في الاتفاقية في حال ترحيله. ويمكن أن تشمل مؤشرات الخطر الشخصي، على سبيل المثال لا الحصر: (أ) الأصل الإثني لصاحب الشكوى؛ (ب) والانتماء السياسي أو الأنشطة السياسية لصاحب الشكوى أو لأفراد أسرته؛ (ج) والاعتقال أو الاحتجاز من دون ضمان العدل في المعاملة والمحاكمة؛ (د) والحكم غيابياً؛ (ه) والتعرض للتعذيب سابقاً (الفقرة 45 ). وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية لأي بلاغ يقدم بموجب المادة 22 من الاتفاقية، يقع عبء الإثبات على صاحب البلاغ، الذي يجب عليه أن يدفع بقضية يمكن الترافع عنها، أي أن يقدم حججاً مدعومة بأدلة تبين أن خطر التعرض للتعذيب متوقع وقائم وشخصي وحقيقي (الفقرة 38 ). وتذكّر اللجنة أيضاً بأنها تولي وزناً كبيراً للنتائج الوقائعية التي تخلص إليها أجهزة الدولة الطرف المعنية، إلا أنها غير ملزمة بالأخذ بها، لأنها تملك حرية تقييم المعلومات المتاحة لها وفقاً للمادة 22 ( 4 ) من الاتفاقية، مع مراعاة جميع الملابسات ذات الصلة في كل قضية تنظر فيها (الفقرة 50 ).

8 - 5 وتحيط اللجنة علماً بإفادة صاحب الشكوى بأن هناك أسساً جوهرية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيتعرض، لدى عودته إلى أفغانستان، للتعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. فهو يدفع بأن هذا الخطر نابع من المعلومات التي نشرها على منصات التواصل الاجتماعي، والتي اطلع عليها 000 12 من متابعيه على إنستغرام الناطق معظمهم بالداري، فيما يتعلق بتحوله إلى المسيحية ومحتويات أخرى تتعلق بالمسيحية. ومن المرجح أن يتفاقم هذا الخطر مع زيادة نشر تلك المعلومات، على النحو الذي تيسره هذه المنصات وكما يتضح من خلال التهديدات التي تلقاها كنتيجة مباشرة لنشاطه على الإنترنت. ويذكر أنه في سياق المعلومات القطرية المتاحة بشأن معاملة المتحولين إلى المسيحية في أفغانستان، فلقد أظهر بوضوح أن اعتناقه المسيحية، استناداً إلى إيمان حقيقي، يخلق خطراً شديداً يتمثل في تعرضه لمعاملة مخالفة للاتفاقية، الأمر الذي لم تراعه سلطات الدولة الطرف بسبب فهم مغالٍ في التوجيه والمحدودية لتطور الإيمان الشخصي وتجليه. ويشير إلى أن هذا التفسير التقييدي أسفر عن استنتاج سلبي بشأن مصداقيته لا يستند سوى إلى شهادات شفهية، مما أدى إلى التمادي في عدم النظر في جميع الأدلة الداعمة في القضية ككل، في سياق خلفيته التعليمية والثقافية. وبالتالي، فإن ترحيله إلى أفغانستان سيمثل انتهاكاً من جانب الدولة الطرف لالتزاماتها بموجب المادة 3 من الاتفاقية.

8 - 6 وتلاحظ اللجنة أيضاً تأكيدات الدولة الطرف بأنه قد تم تناول جميع ادعاءات صاحب الشكوى بموضوعية، وأن وكالات الهجرة المتخصصة التابعة لها، وهي وكالات تستمتع بتجارب وخبرة في مسائل اللجوء، درستها على النحو الواجب وتمكنت من النظر في جميع المعلومات المعروضة عليها، بما في ذلك الشهادات الشفهية التي قدمها صاحب الشكوى في كلتا الهيئتين. غير أن الوكالات توصلت إلى استنتاج مفاده أن شهادة صاحب الشكوى كانت مبهمة ومعممة بشكل مفرط فيما يتعلق بأسباب تحوله إلى المسيحية، ولم تعكس التفكير الجاد الذي كان ليقتضيه هذا القرار لو كان صاحب الشكوى مدفوعاً حقاً بتغيير نظام معتقداته. ولم يتمكن صاحب الشكوى من عرض أفكاره بالتفصيل، ولا تحديد العناصر الهامة في الرمزية المسيحية، ولا شرح سبب انجذابه إلى البروتستانتية على وجه الخصوص، ولا سبب نبذه للإسلام. ولذلك، وجدت الوكالات أن رواية صاحب الشكوى للأحداث تفتقر إلى المصداقية وخلصت إلى أن التحول لم يكن قائماً على قناعة دينية حقيقية. ولم تطعن في حقيقة وقوع التعميد في حد ذاته ولا تردد صاحب الشكوى على الكنيسة وغيرها من الأحداث، ولكنها لم تستشعر أن شهادة الشهود نجحت في معالجة ضعف شهادة صاحب الشكوى نفسه فيما يتعلق بصدق التحول نفسه. وفي ظل ذلك، خلصت السلطات إلى أن صاحب الشكوى لن يكون لديه أي دافع لمواصلة ممارسته الحياة المسيحية في أفغانستان، وبالتالي فإنه لا يخاطر بإثارة الشكوك ومواجهة الاضطهاد نتيجة لذلك. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تزعم أن قضية صاحب الشكوى قد استعرضت استعراضاً جيداً وأن جميع الضمانات الإجرائية قد روعيت. وتلاحظ اللجنة كذلك تأكيدات الدولة الطرف بأن الشكوى الحالية لا تؤدي إلى استنتاج مفاده أن صاحب الشكوى سيواجه خطراً شخصياً جسيماً إذا أعيد إلى أفغانستان، وبالتالي لا يوجد دليل على انتهاك الدولة الطرف لالتزاماتها الدولية.

8 - 7 وتلاحظ اللجنة أنه، تمشياً مع المشورة الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بشأن عدم العودة ( ) ، أوقفت الوكالة السويدية لشؤون الهجرة جميع عمليات الترحيل إلى أفغانستان منذ 16 تموز/يوليه 2021 ، ولم تعد تصدر قرارات رفض في قضايا اللجوء الأفغانية ( ) . ولذلك، فإن اللجنة على يقين بأنه بمجرد رفع حظر الإبعاد، ستخضع قضايا اللجوء الأفغانية التي رُفضت سابقاً لاستعراض جديد في سياق حالة حقوق الإنسان في أفغانستان كما هي عليه في ذلك الوقت.

8 - 8 ومع أخذ ذلك في الاعتبار، ستكتفي اللجنة بالنظر في المعالجة الإجرائية لادعاءات صاحب الشكوى. أولاً، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تذكّر بأن عبء الإثبات يقع على عاتق صاحب الشكوى الذي عليه التدليل على ادعائه، وفقاً لدليل مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين. وتلاحظ اللجنة كذلك أن دليل المفوضية يسترسل في شرح هذا المبدأ القانوني الأساسي، مشيرة إلى أن واجب التأكد من جميع الوقائع ذات الصلة وتقييمها هو واجب مشترك بين مقدم الطلب والجهة التي تنظر في القضية، وفي بعض الحالات، قد يعود الأمر إلى فاحص الطلب في الاستعانة بجميع الوسائل المتاحة لديه الكفيلة باستخراج الدليل الضروري الداعم للطلب.

8 - 9 وقدم صاحب الشكوى أدلة شفهية إلى المصلحة السويدية لشؤون الهجرة في مقابلته الموضوعية، في 15 حزيران/يونيه 2017 ، وكان يبلغ من العمر آنذاك 19 عاماً. وخلال المقابلة، ذكر صاحب الشكوى أنه، رغم أنه مواطن من أفغانستان، لم تطأ قدماه ذلك البلد قط؛ وأنه يعاني من الاكتئاب والقلق؛ وأن لديه "الكثير من المشاكل ولذلك لا أستطيع التفكير بوضوح"؛ وأنه كان أمياً عندما وصل إلى السويد؛ وأن والده كان مصاباً بالسرطان، وهو مسؤول عن رعاية والديه وهذا الأمر ثقيل على كاهله؛ وأنه لم يسمح له قط بالدراسة في جمهورية إيران الإسلامية؛ وأن عم والده قد قُتل بسبب العداء حول أرض العائلة؛ وأن أسرة والدته حذرتها من العودة لأن حياتها ستكون معرضة للخطر في أفغانستان؛ وأن عم والدته لا يزال عضواً في حزب الإسلام، وعرض صورة له مع الزعيم؛ وأن شقيقه حاول الانتحار.

8 - 10 وذكر صاحب الشكوى، في شرحه لمعتقداته، أنه بسبب كل المشاكل التي يواجهها مع أخيه ووالده ومشاعر اليأس وخيبة الأمل والاكتئاب، ذهب إلى كنيسة مجاورة للصلاة، واستمع الناس في الكنيسة إلى قصة حياته وصلوا من أجله. وقد أشعرته تلك التجربة بالهدوء، وتبدد شعوره باليأس والقلق. ومنذ اليوم الذي أصبح فيه مسيحياً، شعر بتحسن ذهني. ولم يعد يذهب إلى المسجد لأنه مرتبط بالحزن: فقد اعتبر أنه لو كان الإسلام مسالماً لما كان هناك كل هذا القتال ولما قتل طالبان الناس. ولم تعجبه معاملة طالبان للنساء، وأوضح أن أسرة والدته هددت بقتلها بسبب عملها في قوة الشرطة في أفغانستان. وعلى النقيض من ذلك، كانت المسيحية تمثل البهجة في نظره: فالكل سعيد في الكنيسة، وهو يستمتع بالغناء والصلاة، والكتاب المقدس حافل بالنصائح الطيبة ويعلم أهمية مساعدة الناس. واستشهد بمقتطفاته المفضلة من الكتاب المقدس، وأوضح أن تعميده يعني ولادته من جديد، وأنه سيموت من أجل المسيحية لأن يسوع قد مات من أجل أتباعه، وأنه يتمنى زيارة بيت لحم. ولذلك، يبدو أنه قدم صورة لمعتقداته الشخصية وأسبابها، ورؤيته الشخصية لأوجه الاختلاف بين المسيحية والإسلام.

8 - 11 وكان ينبغي أن تؤدي أقوال صاحب الشكوى إلى إجراء تقييم فردي للتأكد مما إذا كان قد عانى من صدمة أو كان يعاني من أي حالات صحية عقلية من شأنها أن تؤثر على قدرته على تقديم أدلة واضحة. كما كان ينبغي لها أن تضع طلب اللجوء في سياق تعليمي وثقافي كان يتعين أن تصاغ على ضوئه توقعات قدرة صاحب الشكوى على التعبير عن المفاهيم اللاهوتية المعقدة وفهمها. وبدلاً من ذلك، كان المعيار الذي طُبق هو معيار مستوى الاعتبار المنطقي الذي يتعين توقعه موضوعياً بالنسبة لمدى الجدية التي يُنظر بها إلى "الردة"، التي لم يتم شرحها لصاحب الشكوى، في أفغانستان، البلد الذي لم يزره يوماً.

8 - 12 ووفقاً للقرار، أجاب صاحب الشكوى ب‍‍ "الصليب الأحمر" عندما سئل عن الرموز التي تعتبر أساسية في المسيحية. ومع ذلك، يظهر محضر المقابلة أن السؤال الذي طُرح كان في الواقع ما يلي: "هل هناك شيء في المسيحية، يعادل الهلال في الإسلام، تشعر أنه مهم بالنسبة لك؟" فأجاب صاحب الشكوى "الصليب الأحمر، مساعدة الناس". كان هذا السؤال مضللاً للغاية وغير مراع للسياق الثقافي المرتبط بالصورة الذهنية للصليب الأحمر، بجذوره المسيحية غير المباشرة، أو حقيقة أن جمعية الهلال الأحمر الإيرانية، تعادل الصليب الأحمر تماماً، حيثما نشأ صاحب الشكوى ( ) . كما أنه لم يراع أن الإسلام يرفض الرمزية ولا ينطوي على معادل للصليب المسيحي.

8 - 13 وفي هذا القرار أيضاً، نقل عن صاحب الشكوى أنه كان يعلم أنه مستعد لأن يتم تعميده لأنه كان قد حضر جميع الدروس الذي يشترط حضورها مسبقاً. وفي الواقع، سئل كيف عرف الأشخاص الذين عمدوه أنه مستعد، فأجاب بأنهم كانوا يعرفون لأنه استوفى الشروط الأساسية. وهذا يغير تماماً المعنى فيما يتعلق بالتزامه الشخصي تجاه تلقي التعميد، وشكل أساساً لإصدار استنتاج سلبي ضد صاحب الشكوى.

8 - 14 وتلاحظ اللجنة أن السلطات ركزت بوجه خاص على أسباب اعتناق صاحب الشكوى المسيحية. وتلاحظ أيضاً أن الوكالة السويدية لشؤون الهجرة وجدت في قرارها أن صاحب الشكوى لم يتمكن من إيضاح المنطق المتعلق بتحوله إلى المسيحية، وأن إجاباته ظلت غامضة وعامة وتفتقر إلى الخبرات المدركة ذاتياً. ولكن رغم هذا الاستنتاج، رُفض ببساطة طلب صاحب الشكوى تقديم ملحق شفهي. وتلاحظ اللجنة أن محكمة قضايا الهجرة اتبعت هذا المنطق إلى حد كبير، على الرغم من الرأي المخالف لإحدى القاضيات، الذي صرحت فيه بوضوح إن الشكوك لا تتعلق على ما يبدو إلا بثغرات في معرفة الكتاب المقدس، وهو ما يمكن تفهمه بالنظر إلى الخلفية التعليمية والثقافية لصاحب الشكوى. وليس هناك ما يشير إلى أن جميع الأدلة قد خضعت لتقييم مقترن في أي من الهيئتين. ورفضت المحكمة أيضاً النظر في التهديدات بالقتل، التي وردت نتيجة لمنشورات صاحب الشكوى على وسائل التواصل الاجتماعي عن معتقداته الدينية وما يتصل بها من أنشطة، باعتبارها ملابسات مستجدة تشكل عائقاً أمام ترحيله. وحتى بعد قبول التعريف الضيق للملابسات المستجدة بموجب التشريع المحلي، وردت هذه التهديدات بعد البت نهائياً في طلب اللجوء الذي قدمه صاحب الشكوى. وُرفضت التهديدات بالقتل باعتبارها مكملاً لمسائل تم البت فيها، دون إجراء تقييم بحسن نية لاحتمال أن يؤدي وجوده على وسائل التواصل الاجتماعي إلى تعرضه للتعذيب، في أي مرحلة من المراحل. وحتى إذا افترض أن التهديدات بالقتل قد وجهت بسوء نية لدعم طلب اللجوء الذي قدمه، وهو ما لا يوجد ما يشير إليه، فإن من واجب الدولة الطرف إجراء مثل هذا التقييم.

8 - 15 وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تستفسر في أي وقت من الأوقات عن الأثر الفعلي أو المحتمل الذي يمثله نشاط صاحب الشكوى الغزير على وسائط التواصل الاجتماعي، التي ينشر فيها محتوى مسيحياً واضحاً، على الخطر الذي يواجهه في أفغانستان. كما أنها لم تجد أن التشخيص الطبي الذي قدم بعد مقابلته الموضوعية، والذي أكد أنه تعرض لحدث صادم للغاية خلال طفولته واستمر في مواجهة تحديات خطيرة في مجال الصحة العقلية، يشكل سبباً لتعديل توقعاتها الموضوعية فيما يتعلق بقدرته على الإدلاء بشهادته، على الرغم من التوجيه الواضح في هذا الصدد، أو لإجراء تقييم لتوافر الرعاية الطبية في أفغانستان، على نحو ما اعتبره الطبيب أساسياً.

9 - وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تقم بواجبها المتمثل في إجراء تقييم فردي للمخاطر الشخصية والحقيقية التي قد يواجهها صاحب الشكوى في أفغانستان. ونظراً لعدم قيام الدول الطرف بوضع أدلته في سياق خلفيته الثقافية والتعليمية، والحصول على أدلة طبية مستقلة لإدراجها في تقييمها، والنظر في الأدلة ككل، وتمثيل ردود مقدم الطلب بدقة، لا سيما وأن هذه الردود استخدمت لتشكل أساس تقييم المصداقية وما يترتب على ذلك من رفض لادعائه، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف لم تقم بتقييم فردي كاف لخطر تعرض صاحب الشكوى للتعذيب إذا تم ترحيله إلى أفغانستان.

10 - وعملاً بالفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، تخلص اللجنة إلى أن ترحيل صاحب الشكوى إلى أفغانستان دون مثل ذلك التقييم سيشكل انتهاكاً من جانب الدولة الطرف للمادة 3 من الاتفاقية.

11 - وترى اللجنة أنه عملاً بالمادة 3 من الاتفاقية، فإن الدولة الطرف ملزمة بإعادة النظر في طلب اللجوء الذي قدمه صاحب الشكوى في ضوء التزاماتها بموجب الاتفاقية وهذا القرار، وبالعدول عن ترحيل صاحب الشكوى ريثما يتم البت في طلب لجوئه.

12 - وتدعو اللجنة الدولة الطرف، عملاً بأحكام الفقرة 5 من المادة 118 من النظام الداخلي للجنة، إلى إبلاغها، في غضون 90 يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار إليها، بما اتخذته من إجراءات استجابةً للملاحظات الواردة أعلاه.