الأمم المتحدة

CAT/C/59/D/549/2013

Distr.: General

2 February 2017

Arabic

Original: English

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

25 January 2017

Arabic

Original: French

‎لجنة مناهضة التعذيب‏‏

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 549/2013 ‬ ‬ ‬ * **

بلاغ مقدم من: ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ عبد الرحمن كابورا (يمثله فيليب غرانت من الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من ال عقاب)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: بوروندي

تاريخ تقديم الشكوى: ‬ ٢٤ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٢ (تاريخ الرسالة الأولى)

تاريخ صدور هذا القرار: ‬ ١١ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٦

الموضوع: التعرض للتعذيب على أيدي أفراد شرطة وغياب التحقيق والجبر

المسائل الإجرائية: عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والتدابير الرامية إلى منع ارتكاب أفعال التعذيب؛ والرصد المنهجي للاحتجاز ولمعاملة المحتجزين؛ والتزام الدولة الطرف بالحرص على أن تُجري سلطاتها المختصة فوراً تحقيقات نزيهة؛ والحق في تقديم شكاوى؛ والحق في الحصول على جبر؛ وحظر استخدام الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب في دعوى قضائية

مواد الاتفاقية: المادة 2 (الفقرة 1)، والمواد 11 و12 و13 و14 و15، مقروءة بالاقتران مع المادتين 1 و16 من الاتفاقية

1-1 صاحب البلاغ هو عبد الرحمن كابورا ، الذي وُلد في بوروندي في عام 1975، ويقيم حالياً في جنوب أفريقيا حيث حصل على وضع اللاجئ. وهو يدّعي أن الدولة الطرف ( ) قد انتهكت المادة 2 (الفقرة 1) والمواد 11 و12 و13 و14 و15، مقروءة جميعاً بالاقتران مع المادة 1، وعلى سبيل التحوط مع المادة 16 من الاتفاقية، والمادة 16 مقروءة بمفردها. ويمثله محام هو السيد فيليب غرانت ، من الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب.

1-2 وفي 24 أيار/مايو 2013، طلبت اللجنة، عملاً بأحكام الفقرة 1 من المادة 114 من نظامها الداخلي، إلى الدولة الطرف أن تتخذ جميع التدابير اللازمة لكي يتسنى لها، ما دامت هذه القضية قيد النظر، أن تمنع أي تهديد أو أي فعل من أفعال العنف يمكن أن يستهدف صاحب البلاغ أو أسرته، ولا سيما بسبب تقديم شكواه هذه إلى اللجنة.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 شهدت بوروندي، بعد انتهاء الحرب الأهلية (1993-2006)، صراعاً على السلطة تسبب في جو من عدم الاستقرار وأدى إلى عزل رئيس حزب المجلس الوطني للدفاع عن الديمقراطية - قوات الدفاع عن الديمقراطية (حزب المجلس الوطني)، وإلقاء القبض على عدد معين من أنصاره.

2-2 وفي 4 أيار/مايو 2007، ألقى موظفون من دائرة الاستخبارات الوطنية القبض على صاحب البلاغ، الذي كان هو الممثل المحلي لحزب المجلس الوطني ورئيس الحي في محلية بويينزي في بوجومبورا، للإدلاء بشهادة ضد الرئيس السابق للحزب، وللاعتراف بأنه حاول بنفسه زعزعة استقرار الحزب الحاكم. ورفض صاحب البلاغ الاعتراف بأي دور له في ذلك. وعذبه موظفون من دائرة الاستخبارات الوطنية هم والمدير العام للدائرة لمدة أربع ساعات تقريباً، إذ ضربوه بالهراوات على أجزاء مختلفة من جسمه، ولا سيما على ظهره ووجهه وقدميه وأعضائه التناسلية. وضغطوا بأيديهم بشدة على أعضائه التناسلية وربطوها عن طريق سلك كهربائي بصفيحة ماء بها خمسة لترات. واستسلم صاحب البلاغ للضغط بسبب التعذيب ووقَّع على محضر اعترف فيه بمشاركته في محاولات لزعزعة استقرار الحزب الحاكم.

2-3 واحتُجز صاحب البلاغ لمدة شهرين وعشرين يوماً حتى 27 تموز/يوليه 2007، في أربعة مواقع مختلفة، وهي مقر دائرة الاستخبارات الوطنية، والمفوضية العامة للشرطة القضائية، وسجن غيتيغا (الذي يبعد عن منزله بأكثر من 100 كيلومتر)، وسجن مبيمبا في بوجومبورا. وأثناء احتجازه في المفوضية العامة للشرطة القضائية، أودع مع 10 محتجزين آخرين في زنزانة مساحتها 12 متراً مربعاً، ليس فيها نوافذ ولا يدخلها الضوء، ومن دون ماء أو غذاء أو رعاية طيلة الأيام السبعة عشر الأولى. واضطر إلى شرب ماء المرحاض للبقاء على قيد الحياة. وضربه الموظف المكلَّف بحراسته بأسلاك كهربائية على جميع أجزاء جسمه.

2-4 وفي 17 أيار/مايو 2007، أُحضِر صاحب البلاغ أمام قاضي التحقيق الذي أبلغه بأنه متهم بمحاولة القتل. وخلال جلسة الاستماع، لم يتمكن من الاتصال بمحام ولم يُمنح المساعدة القانونية.

2-5 واستطاع صاحب البلاغ، بعد نقله إلى سجن غيتيغا ، الالتقاء بمحام شَجَب أمام قاضي التحقيق، في 12 حزيران/يونيه 2007، أفعال التعذيب التي تعرض لها موكله، وطلب نقله إلى المستشفى، فأُذن له بذلك، ولكن الطبيب الذي فحصه في نهاية المطاف لم يقدم إليه سوى الرعاية الأساسية، لأن صاحب البلاغ أُعيد فوراً إلى السجن. وقد طلب صاحب البلاغ وجمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان، طلباً تكرر مراراً منذ بداية احتجازه، أن يمثله محام ويفحصه طبيب. وفي 27 حزيران/يونيه 2007، قدم محاميه شكوى رسمية بشأن إلقاء القبض على صاحب البلاغ وما عاناه من تعذيب إلى وكيل النيابة العامة للجمهورية في بلدية بوجومبورا، أُرسلت نسخة منها إلى النائب العام للجمهورية وأخرى إلى وكيل النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف في بوجومبورا. غير أن صاحب البلاغ لم يُبلَّغ قط بنتيجة شكواه.

2-6 وتلقى صاحب البلاغ، خلال احتجازه في تلك الأماكن المختلفة، زيارات من أعضاء جمعيات للدفاع عن حقوق الإنسان شاهدوا بأنفسهم مباشرة ما تعرض له من تعذيب وأدانوه علناً. فالجمعية البوروندية لحماية حقوق الإنسان، في تقرير وفي مقابلة إذاعية في أيار/مايو 2007، قد ذكرت أفعال التعذيب التي تعرض لها صاحب البلاغ والإصابات الناجمة عن إساءة المعاملة، التي أمكن لأعضاء الجمعية أن يشاهدوها بأنفسهم خلال زيارته. وبالإضافة إلى ذلك، زاره مندوبو اللجنة الدولية للصليب الأحمر أربع مرات. وتمكن الخبير المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في بوروندي ( ) وممثلون لمكتب الأمم المتحدة في بوروندي أثناء زيارات في أيار/مايو 2007 من ملاحظة آثار أفعال التعذيب التي تعرض لها صاحب البلاغ. وأثار الخبير المستقل الأمر مع وزير العدل البوروندي في أيار/مايو 2007. وعلاوة على ذلك، اعتمد الاتحاد البرلماني الدولي قراراً في 21 تشرين الأول/أكتوبر 2009 يشير فيه إلى قضية صاحب البلاغ.

2-7 وفي 24 تموز/يوليه 2007، أُفرج عن صاحب البلاغ مؤقتاً. ووفقاً للمعلومات المقدمة شفوياً إلى محاميه، فإن الدعوى القضائية المرفوعة ضد صاحب البلاغ بتهمة محاولة القتل قد حُفظت لعدم وجود أدلة. وعلى الرغم من الطلبات التي وجهها المحامي إلى وكيل النيابة العامة للجمهورية في بلدية بوجومبورا، لم تُبيَّن حتى الآن أي أسباب لحفظ الدعوى ( ) .

2-8 واضطر صاحب البلاغ، بعد الإفراج عنه، إلى الاختباء لأن أفراد الشرطة ظلوا يزورون بيته ويبحثون عنه بحثاً حثيثاً، ولأن رئيس المجلس البلدي أصدر إعلاناً بأنه شخص مطلوب ويعد بمكافأة لمن يعثر عليه ( ) .

2-9 وفي كانون الثاني/يناير 2008، فر صاحب البلاغ بسبب اشتداد الاضطهاد إلى جنوب أفريقيا حيث قدم طلباً للجوء. وفي 9 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، مُنح وزوجته وأطفالهما الأربعة وضع اللاجئين في جنوب أفريقيا.

2-10 وفي 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، رفع محاميه من جديد شكواه المتعلقة بالتعذيب إلى وكيل النيابة العامة في بلدية بوجومبورا، ولكن هذا المسعى الجديد لم يُسفر عن شيء. ويدعي صاحب البلاغ أنه حاول اللجوء إلى سبل الانتصاف المحلية المتاحة، التي تَبيَّن أنها لا تجدي نفعاً إذ تستغرق فترة تتجاوز حدود المعقول. وهو يؤكد أيضاً أن مباشرة إجراءات أخرى أمر محفوف بالخطر ومستحيل بسبب المراقبة المكثفة التي كانت مفروضة على منزله قبل الانتقال إلى منفاه الإجباري.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوقه بموجب المادة 2 (الفقرة 1) والمواد 11 و12 و13 و14 و15، مقروءة بالاقتران مع المادة 1، وعلى سبيل التحوط، بالاقتران مع المادة 16 من الاتفاقية، وكذلك مع المادة 16 مقروءة بمفردها. فقد ألحق به عمداً موظفو دائرة الاستخبارات آلاماً ومعاناة شديدة بغية الحصول على اعترافات منه. وهو يدّعي أن الاعتداءات التي تعرض لها تشكل أفعال تعذيب على النحو المحدد في المادة 1 من الاتفاقية.

3-2 ويشير صاحب البلاغ كذلك أن الدولة الطرف لم تتخذ التدابير التشريعية أو غير التشريعية اللازمة لمنع ممارسة التعذيب في بوروندي، وهو ما يتعارض مع التزاماتها المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية. ولم يُعاقَب أحد على أفعال التعذيب التي تعرض لها صاحب البلاغ.

3-3 ولم تمارس السلطات البوروندية المراقبة اللازمة على المعاملة التي لقيها صاحب البلاغ أثناء احتجازه في مقر دائرة الاستخبارات الوطنية، وهو احتجاز وقع خارج إطار القانون في ظل عدم صدور أمر إلقاء قبض. وعلاوة على ذلك، لا يوجد نظام لمراقبة أماكن الاحتجاز مراقبةً منهجية فعالة. ولذلك يرى صاحب البلاغ أن المادة 11 من الاتفاقية قد انتُهكت.

3-4 وعلى الرغم من أن السلطات البوروندية أُبلغت بأفعال التعذيب التي تعرض لها صاحب البلاغ، فإنها لم تجر تحقيقاً فورياً وفعالاً في الأمر، منتهكة بذلك التزامها بموجب المادة 12.

3-5 ولم يُتخذ أي إجراء بشأن الشكوى التي قدمها صاحب البلاغ في 27 حزيران/ يونيه 2007، على الرغم من دعمها بصور وشهادة طبية مؤرخة 12 حزيران/يونيه 2007. وعلاوة على ذلك، لم تتخذ الدولة الطرف أي إجراء لحماية صاحب البلاغ عند خروجه من السجن، كي لا يتعرض للترهيب بسبب الإجراءات التي اتخذها أمام السلطات القضائية. ولم يُنظَر في القضية بسرعة ونزاهة، خلافاً لما تنص عليه المادة 13.

3-6 ولم تمتثل الدولة الطرف للالتزام الواقع عليها بموجب المادة 14، ذلك أن الجرائم المرتكبة ضد صاحب البلاغ قد مرت دون عقاب، من جهة، كما أنه لم يتلق أي تعويض ولم يستفد من تدابير إعادة التأهيل بسبب ما تعرض له من تعذيب، من جهة أخرى.

3-7 ولم تُبطل السلطات البوروندية اعترافاته المنتزعة تحت التعذيب، بل على العكس من ذلك استخدمتها لرفع دعوى قضائية ضد صاحب البلاغ بتهمة محاولة القتل، ولإبقائه في الاحتجاز لمدة شهرين وعشرين يوماً، خلافاً لما تقتضيه أحكام المادة 15 من الاتفاقية.

3-8 ويؤكد صاحب البلاغ مجدداً أن أفعال العنف التي تعرض لها هي أفعال تعذيب وفقاً للتعريف الوارد في المادة 1 من الاتفاقية. ولكن، وعلى سبيل التحوط، إذا لم تأخذ اللجنة بهذا التوصيف فمن المؤكد أن الاعتداءات التي تعرض لها الضحية تشكل في جميع الأحوال معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، وأن الدولة الطرف ملزمة أيضاً، بمقتضى ذلك، بمنع وقمع ارتكاب هذه الأفعال أو التحريض عليها أو السكوت عنها من جانب موظفين حكوميين، وذلك بموجب المادة 16 من الاتفاقية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن أوضاع الاحتجاز التي عانى منها صاحب البلاغ تنطوي على انتهاك للمادة 16، لأنها ترقى إلى معاملة لا إنسانية ومهينة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬

4-1 في 15 تموز/يوليه 2014، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وطلبت الدولة الطرف اعتبار البلاغ غير مقبول لأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. فبعد الإفراج عنه مؤقتاً، اختفى عن الأنظار، منتهكاً بذلك جميع شروط الإفراج المؤقت ذاتها ومعيقاً بذلك مواصلة التحقيق في قضيته. وتدفع الدولة الطرف بأن من المستحيل على وكيل النيابة العامة إجراء تحقيقات فعالة من أجل التوصّل إلى الحقيقة في ادعاءات التعذيب في ظل غياب الضحية المدَّعى. وترى الدولة الطرف أنه لم تكن توجد مخاطر حقيقية وموضوعية تتهدد حياة صاحب البلاغ، وأنه لو كانت السلطات تريد قتله، لكان يمكنها أن تفعل ذلك دون مشاكل بدلاً من الإفراج عنه مؤقتاً بينما كان رهن الاحتجاز.

4-2 وتؤكد الدولة الطرف أن سبل الانتصاف المحلية التي يدّعي صاحب البلاغ أنه لجأ إليها أصبحت عديمة الفعالية بسببه هو لا بسبب السلطات، وهي تدعو صاحب البلاغ إلى العودة إلى بوجومبورا، لأنه لا يواجه أي خطر على سلامته البدنية. وترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ يحاول أن يستند إلى تحليل تعميمي بشأن النظام القضائي البوروندي ، وإلى ذرائع زائفة لكي يستنتج أنه لن يستفيد من أي سبيل قضائي منصف، وتكاد أقواله ترقى إلى حد ازدراء وإهانة السلطات والنظام القضائي في الدولة الطرف.

4-3 وتدفع الدولة الطرف بأن التحليل التاريخي الذي قدمه صاحب البلاغ للأحداث والنظم السياسية المختلفة التي شهدها البلد يتضمن أخطاء كثيرة، وبأنه لا توجد أي علاقة مباشرة بين التاريخ السياسي للبلد وحالته الشخصية المنعزلة. وتضيف أن الحوادث من هذا النوع موجودة في جميع حضارات العالم. وتطلب الدولة الطرف إلى اللجنة أن تضع في اعتبارها الجمود الناتج عن مغادرة صاحب البلاغ بلده بعد إطلاق سراحه ولجوئه إلى جنوب أفريقيا، وألا تعطي مصداقية لما يورده من اتهامات خطيرة في غياب مواجهة حضورية مدعومة بالأدلة. وترفض الدولة الطرف الاتهامات غير المدعومة بأي دليل يعتبَر قوياً.

4-4 وتفيد الدولة الطرف بأن تدابير فعالة قد اتُّخذت لمنع أفعال التعذيب، فعلى وجه الخصوص أصبح التعذيب جريمة خطيرة بموجب قانون العقوبات الجديد لعام 2009، الذي ينص على عقوبات شديدة ورادعة في هذا الصدد. وتدعو الدولة الطرف اللجنة إلى معاينة الوضع القائم فيها لكي يتبين لها أن الاتهامات التي تفيد بعدم ممارسة أي رقابة مستقلة ومنهجية على أماكن الاحتجاز وعلى معاملة الأشخاص المحتجزين هي مجرد تخمينات وتنم عن جهل بأداء النظام القضائي لعمله. وفيما يتعلق بالالتزام بإجراء تحقيقات سريعة ونزيهة في أفعال التعذيب التي تعرض لها صاحب البلاغ، تدفع الدولة الطرف بأنها لم تنتهك هذا الالتزام حيث أن صاحب البلاغ فر من البلد في أعقاب الإفراج المؤقت عنه، وأن هذه التحقيقات قد أصبحت تلقائياً مستحيلة بسبب غيابه.

4-5 وفيما يتعلق بتعويض صاحب البلاغ، تضيف الدولة الطرف أن من السابق لأوانه المطالبة بمنح تعويض، بالنظر إلى أن جريمة التعذيب لم تثبت ثبوتاً قطعياً بموجب حكم نهائي.

4-6 وأخيراً، تلاحظ الدولة الطرف أن التدابير المؤقتة للحماية التي طلبها صاحب البلاغ غير مناسبة ولا صلة لها بالموضوع في ضوء وضعه كلاجئ في جنوب أفريقيا، وهي تدعوه إلى العودة إلى وطنه، وتتعهد بحمايته وحماية أسرته عند عودته. وختاماً، ترفض الدولة الطرف ادعاءات صاحب البلاغ وتدعو اللجنةَ إلى اعتبارها غير قائمة على أسس موضوعية.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية ‬

5-1 في 8 تشرين الأول/أكتوبر 2014، قدم صاحب البلاغ تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف. وهو يرفض الحجة القائلة إنه لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية، ويؤكد من جديد عدم فتح أي تحقيق في قضيته على الرغم من مرور قرابة سبع سنوات وخمسة أشهر على الوقائع. ويذكّر بأن اللجنة لا تشترط، لأغراض مقبولية البلاغات الفردية، سوى استنفاد سبل الانتصاف الفعالة والمجدية والمتاحة. ويشير صاحب البلاغ إلى أن سلطات جنوب أفريقيا قد منحته وضع اللاجئ السياسي، وأنها بذلك قد اعترفت بما يواجهه من تهديدات حقيقية، وأن الدولة الطرف تقلل إلى أدنى حد من خطورة التهديدات التي اضطرته إلى الفرار ( ) . ويذكِّر صاحب البلاغ بقضية تراوري ضد كوت ديفوار ، التي رأت فيها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن الشخص الذي وقع ضحية تهديدات من جانب دوائر الأمن الوطني، وأُجبر على الفرار من بلده بسببها، يتعذر عليه - بشكل لا يمكن تجاوزه - استنفاد سبل الانتصاف المحلية. ويؤكد صاحب البلاغ من جديد أن سبل الانتصاف المحلية قد ثبت أنها غير مجدية ولا فعالة، واستغرقت وقتاً تجاوز حدود المعقول، وشكلت خطراً عليه، وأنه لا يمكنه اللجوء إلى أي سبيل انتصاف آخر بسبب وجوده في منفاه الإجباري.

5-2 ويُذكّر صاحب البلاغ بجميع الخطوات القانونية التي اتخذها، بما في ذلك شكواه بشأن التعذيب التي قدمها إلى قاضي التحقيق في 12 حزيران/يونيه 2007، وشكواه بشأن التعذيب التي قدمها في 27 حزيران/يونيه 2007 إلى وكيل النيابة العامة للجمهورية في بلدية بوجومبورا، واللتين لم تسفرا عن أي نتيجة. ويفيد بأن لم يكن توجد من الناحية الموضوعية أي فرصة لنجاح رفع دعوى ضد قاضي التحقيق والنائب العام بشأن إنكار العدالة وانتهاك الحدود الزمنية للإجراءات. وبالإضافة إلى ذلك، لا تقدم الدولة الطرف أي معلومات أو أرقام دقيقة بشأن القضايا الجنائية التي فتحتها السلطات القضائية ويمكن أن تؤكد وتُقيِّم فعالية سبل الانتصاف المحلية. وتدل الجهود الحثيثة التي بذلتها الشرطة لإلقاء القبض عليه بعد بضعة أسابيع من الإفراج المؤقت عنه على عزم السلطات البوروندية على التكتم على القضية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن عدة منظمات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، بالإضافة إلى الخبير المستقل المعني بحالة حقوق الإنسان في بوروندي والاتحاد البرلماني الدولي، قد أدانوا أفعال التعذيب التي ارتكبها موظفو دائرة الاستخبارات ضد صاحب البلاغ. وفي الختام، يؤكد صاحب البلاغ أن من غير المعقول أن يُتوقع منه أن ينتظر سبع سنوات وخمسة أشهر نتائج تحقيق مدَّعى لم يَثبت وجوده.

5-3 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، يؤكد صاحب البلاغ أن وصفه للسياق البوروندي لا ينطوي على أي إهانة أو مغالطات، ولا يهدف إلى تشويه سمعة الدولة الطرف، بل يعرض ملخصاً للوضع السائد في الدولة الطرف الذي له صلة بالنظر في هذا البلاغ.

5-4 ويكرر صاحب البلاغ الإشارة إلى أنه قدم بالفعل أدلة لدعم ادعاءاته المتعلقة بالتعذيب، ويضيف أن الدولة الطرف لم تدحض هذه الأدلة. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه يذكّر بأن الدولة الطرف لم تباشر قط أي تحقيق يسمح باستبعاد أو تأكيد ادعاءاته المتعلقة بالتعذيب.

5-5 ورداً على تعليقات الدولة الطرف التي وُصفت فيها معاملة صاحب البلاغ بأنها مزعجة ومؤسفة، رافضة بالتالي رفضاً ضمنياً أن يكون قد تعرض لأفعال تعذيب، يؤكد صاحب البلاغ من جديد ادعاءاته المقدَّمة سابقاً ويضيف أنه تعرض لمعاناة شديدة تتجاوز إلى حد بعيد مستوى الإزعاج الذي ذكرته الدولة الطرف، وهي معاناة حدثت له ليس فقط أثناء احتجازه بل أيضاً خلال استجوابه. وهو يشير إلى الأدلة التي قدمها، مثل الصور الفوتوغرافية والشهادة الطبية التي تؤيد روايته فضلاً عن ملاحظات رابطات الدفاع عن حقوق الإنسان والخبير المستقل. وعلاوة على ذلك، يؤكد صاحب البلاغ أن نوع المعاملة الذي عانى منه أثناء الاحتجاز، ألا وهو عدم تقديم الرعاية والحرمان من الماء والغذاء ومن دخول المرحاض، ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار لاستنتاج أنه قد وقع ضحية للتعذيب.

5-6 والتعذيب الذي تعرض له صاحب البلاغ كان لدوافع غير مشروعة، وخاصة الحصول منه قسراً على اعترافات ومعلومات، ولم يتوقف تعذيبه إلا بعد أن اعترف كتابةً بالوقائع المنسوبة إليه، وهو ما شكل أساساً لاحتجازه السابق للمحاكمة. وبالإضافة إلى ذلك، فمن الواضح أن جلاديه تعمدوا أن يعرضوه لمعاناة شديدة. فالأدوات المستخدمة فضلاً عن أساليب التعذيب المطبَّقة تؤكد أن الأفعال المرتكبة كانت متعمدة ومخططاً لها.

5-7 ويؤكد صاحب البلاغ أيضاً أن الدولة الطرف قد انتهكت التزاماتها الإيجابية بموجب المادة 2 (الفقرة 1) والمواد 11 و12 و13 و14 و15، ويكرر الحجج التي ساقها في رسالته الأولى. أما فيما يتعلق بانتهاك الفقرة 1 من المادة 2، فهو يشير إلى أن اعتماد تشريع ليس أمراً كافياً لمنع التعذيب بشكل فعال. ولا ترفض القوانين البوروندية رفضاً صريحاً صحة الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب، ولا تنص على عدم تقادم الحق في تقديم دعوى عامة في حالة أفعال التعذيب المرتكبة خارج السياقات المحددة لجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. وهو يُذكِّر بأنه أُوقِف بدون أمر توقيف، وأُطيلت فترة احتجازه على نحو غير قانوني، ودون أن تتاح له سبل انتصاف فعالة للطعن فيه، ولم يجر إحضاره أمام قاضٍ إلا بعد انقضاء الآجال المحددة، ولم يُسمح له بتلقي أي زيارة في الأيام الأولى من احتجازه، ولم يحصل على مساعدة قانونية عاجلة، ولم يتلق رعاية طبية مناسبة، ولم تُبحث شكواه على الفور بغية فتح تحقيق، ولم يخضع لأي فحص طبي، ولم يتلقّ قط أي تعويض.

5-8 وفيما يتعلق بانتهاك المادة 11 من الاتفاقية، يلاحظ صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تقدم أدلة ولا حتى تفاصيل بشأن سير العمل في نظام السجون، ويشير إلى الحجج المعروضة بهذا الشأن في الشكوى الأولى. ويؤكد أيضاً، فيما يتعلق بالتزام الدولة الطرف بإجراء تحقيق وفقاً للمادتين 12 و13 من الاتفاقية، أن الدولة لا يمكن أن تبرر تقاعسها بالاستناد إلى فرار صاحب البلاغ في حين أن السلطات كانت قد أُبلغت بأفعال التعذيب قبل مغادرته، وكان من مسؤوليتها إذن أن تحقق في تلك الادعاءات دون تأخير.

5-9 وفيما يتعلق بطلب الحصول على جبر، يكرر صاحب البلاغ أن الدولة الطرف ملزمة بموجب المادة 14 من الاتفاقية بأن تضمن لصاحب البلاغ الحق في الحصول على جبر كاف وفعال وكامل. وهو ينفي أن يكون قد طلب أي مبلغ، ويذكر تحديداً أنه أحال إل ى الفقه القضائي الدولي باعتباره مصدراً للتفسير والمقارنة. وهو يدعي أنه لا يزال حتى اليوم يعاني من حالة كرب شديد بسبب العيش في منفاه الإجباري، وأنه لم يستفد حتى الآن من تدابير إعادة التأهيل.

5-10 وأخيراً، يؤكد صاحب البلاغ وجاهة تدابير الحماية المؤقتة التي تمنحها اللجنة، ويشير إلى أن وضعه كلاجئ في جنوب أفريقيا لا يتيح الحماية لأسرته التي بقيت في بوروندي، وأن الوضع الحالي في البلد قد تدهور تدهوراً شديداً، بما يتسم به من توترات متفاقمة وأوضاع أمنية أكثر اضطراباً.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تُبحث وليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف قد اعترضت على مقبولية البلاغ بدعوى أن صاحبه لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية. فبعد تقديم الشكوى المتعلقة بالتعذيب أمام قاضي التحقيق في 12 حزيران/يونيه 2007، والشكوى الرسمية المتعلقة بالتعذيب إلى وكيل النيابة العامة في بلدية بوجومبورا في 27 حزيران/يونيه 2007، اختفى صاحب البلاغ عن الأنظار، الأمر الذي أعاق مواصلة التحقيق في قضيته، إذ تعذر على النائب العام إجراء تحقيقات فعالة لأغراض تَبيُّن الحقيقة بشأن ادعاءات التعذيب في غياب الضحية المدَّعى. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بموقف الدولة الطرف القائل بأن سبل الانتصاف المحلية التي يدّعي صاحب البلاغ أنه لجأ إليها لم تصبح عديمة الجدوى إلا بفعله هو لا بفعل السلطات. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات أو أدلة يمكن أن تستنتج منها اللجنة أنه فُتح تحقيق في القضية، وأن تقيس التقدم المحرز في التحقيق، وأن تقيّم مدى فعاليته المحتملة، على الرغم من مرور تسع سنوات على تقديم محامي صاحب البلاغ الشكويين المشار إليهما أعلاه. وتخلص اللجنة، في هذه الظروف، إلى أن تقاعس السلطات المختصة قد حال دون إمكانية اللجوء إلى سبيل انتصاف من شأنه أن يتيح جبراً فعالاً، وأن الإجراءات الداخلية قد تجاوزت بالفعل على أي حال الآجال المعقولة. وبناء على ذلك، ترى اللجنة ألا شيء يمنعها من النظر في البلاغ بموجب الفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية.

6-3 وفي غياب أي عائق يحول دون مقبولية البلاغ، تباشر اللجنة النظر فيه من حيث الأسس الموضوعية لأوجه التظلم التي قدمها صاحب البلاغ بموجب المادة 1، والفقرة 1 من المادة 2، والمواد 11 و12 و13 و14 و15 و16 من الاتفاقية. ‬

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة في الشكوى وهي تأخذ في الحسبان على النحو الواجب جميع المعلومات التي قدمها إليها الطرفان، وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية.

7-2 وتلاحظ اللجنة ادعاءات صاحب البلاغ بأنه أُوقف في 4 أيار/مايو 2007، على أيدي موظفي دائرة الاستخبارات الوطنية دون أمر توقيف، واقتيد إلى مقر الدائرة حيث استُجوب لكي يشهد ضد الرئيس السابق لحزب المجلس الوطني، ولكي يعترف بأنه حاول بنفسه زعزعة استقرار الحزب الحاكم. ولاحظت اللجنة كذلك ادعاءات صاحب البلاغ التي يؤكد فيها أنه، بعد أن نفى ضلوعه في أي فعل، قد تعرض للتعذيب لمدة أربع ساعات تقريباً على أيدي موظفي دائرة الاستخبارات الوطنية ومديرها العام الذين ضربوه بالهراوات على أجزاء مختلفة من جسمه، ولا سيما ظهره ووجهه وقدميه وأعضائه التناسلية، وضغطوا بأيديهم على أعضائه التناسلية بشدة وربطوها عن طريق سلك كهربائي بصفيحة ماء فيها خمسة لترات، فاستسلم للضغط ووقّع على اعترافات تفيد مشاركته في محاولات لزعزعة استقرار الحزب الحاكم، وأنه لم يتلق أي رعاية طبية، وأن أفعال التعذيب سببت له ألماً ومعاناة شديدين، وأنه أُخضع لها عمداً بغرض انتزاع اعترافات منه. وتحيط اللجنة علماً بالأدلة المقدمة، مثل الصور الفوتوغرافية والشهادة الطبية التي تؤيد رواية صاحب البلاغ، فضلاً عن أقوال رابطات الدفاع عن حقوق الإنسان والخبير المستقل الذين زاروه أثناء الاحتجاز. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لم تعترض على تورط موظفين حكوميين في الأمر، ولم تقدم معلومات وأدلة ذات صلة تتناقض مع هذه الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ. وفي ظل هذه الظروف، تستنتج اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ يجب أن تُؤخذ كلية في الاعتبار وأن الوقائع، كما قدمها، تشكل تعذيباً بالمعنى الوارد في المادة 1 من الاتفاقية ( ) .

7-3 ويحتج صاحب البلاغ أيضاً بالفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية التي كان يجب على الدولة الطرف بموجبها أن تتخذ " إجراءات تشريعية أو ادارية أو قضائية فعالة أو أية إ جراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي " . وتلاحظ اللجنة، في هذه القضية، أن صاحب البلاغ ضُرب ثم احتُجز لمدة شهرين وعشرين يوماً في أربعة أماكن مختلفة (مقر دائرة الاستخبارات الوطنية، والمفوضية العامة للشرطة القضائية، وسجن غيتيغا الذي يبعد عن منزله بأكثر من 100 كيلومتر، وسجن مبيمبا في بوجومبورا) دون أن يتمكن من الاتصال بمحام أو طبيب. وخلال احتجازه لدى الشرطة القضائية، ضربه الموظف المكلَّف بحراسته بأسلاك كهربائية على جميع أجزاء جسمه.

7-4 وفيما يتعلق بالمادتين 12 و13 من الاتفاقية، أحاطت اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ التي تفيد بأنه احتُجِز دون أساس قانوني خلال الفترة من 4 إلى 17 أيار/مايو 2007، وهو التاريخ الذي عُرض فيه على قاضي التحقيق، ووُجهت إليه رسمياً تهمة محاولة القتل. وعلى الرغم من تقديمه شكوى في 27 حزيران/يونيه 2007 أمام وكيل النيابة العامة للجمهورية وإرسال نسخة منها إلى كل من النائب العام للجمهورية وإلى وكيل النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف في بوجومبورا، ومن دعم شكواه بصور فوتوغرافية وبشهادة طبية مؤرخة 12 حزيران/يونيه 2007 تبيِّن أنه تعرض على الأرجح لأفعال التعذيب، ومن معرفة عدة جهات فاعلة بتلك الأفعال ومن قيامها بالإبلاغ عنها، ومن تحريك محاميه شكوى التعذيب من جديد في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، لم يُجر مع ذلك أي تحقيق في الأمر بعد مرور تسع سنوات على ما حدث. وترى اللجنة أن هذا التأخير غير معقول بشكل واضح. وعلاوة على ذلك، ترفض اللجنة حجة الدولة الطرف القائلة بأن عدم إحراز تقدم في التحقيق يُعزى إلى عدم تعاون صاحب البلاغ، الذي يوجد خارج البلد. ‬ وتذكّر اللجنة بالالتزام الواقع على عاتق الدولة الطرف، بموجب المادة 12 من الاتفاقية، ومفاده أن تضمن تلقائياً إجراء تحقيق فوري ونزيه كلما كانت هناك أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بوقوع فعل من أفعال التعذيب. وفي هذه الحالة، تلاحظ اللجنة حدوث انتهاك للمادة 12 من الاتفاقية.

7-5 وبالإضافة إلى عدم وفاء الدولة الطرف بهذا الالتزام، فإنها أخلت كذلك بالمسؤولية الواقعة عليها بموجب المادة 13 من الاتفاقية بأن تكفل لصاحب البلاغ الحق في تقديم شكوى، وهو ما يفترض أن تستجيب السلطات لهذه الشكوى على النحو المناسب بإجراء تحقيق سريع ونزيه ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ وأسرته قد تعرضا لتهديدات ولم تتخذ الدولة الطرف تدابير لحمايته عند خروجه من السجن كي لا يتعرض للترهيب بسبب الخطوات التي اتخذها أمام السلطات القضائية. ولم تقدم الدولة الطرف معلومات من شأنها أن تدحض هذا الجزء من البلاغ.

7-6 وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ المقدَّمة بموجب المادة 14 من الاتفاقية، تُذكّر اللجنة بأن هذا النص لا يعترف بالحق في تلقي تعويض عادل ومناسب فحسب، بل يفرض أيضاً على الدول الأطراف التزام الحرص على حصول من يقع ضحية لفعل من أفعال التعذيب على الجبر. وتذكّر اللجنة بأن الجبر يجب أن يشمل مجموع الأضرار التي تكبدها الضحية ويشمل، في جملة تدابير أخرى، رد الحق والتعويض وتدابير تكفل عدم تكرار الانتهاكات، وأن يراع ى دائماً ظروف كل قضية ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يدعي أنه يعاني من صدمات نفسية وآثار جسدية خطيرة ناجمة عن التعذيب، وأنه بصورة خاصة لا يستطيع البقاء واقفاً لأكثر من ساعة دون أن يشعر بألم شديد في ظهره. ومع ذلك، فإنه لم يُتح له الاستفادة من أي تدبير من تدابير الرعاية وإعادة التأهيل. وترى اللجنة أن عدم إجراء تحقيق فوري ونزيه قد حرم صاحب البلاغ من إمكانية التمتع بحقه في جبر الضرر، على النحو المنصوص عليه في المادة 14 من الاتفاقية ( ) .

7-7 وفيما يتعلق بالمادة 15، أحاطت اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ ومفاده أن الدعوى القضائية التي رُفعت ضده بتهمة محاولة القتل أُقيمت على أساس اعترافات انتُزِعت منه قسراً، كما يؤكد ذلك تقرير طبي. ولم تقدم الدولة الطرف حجة من شأنها دحض هذا الادعاء. وتُذكّر اللجنة بأن الصيغة العامة لنص المادة 15 من الاتفاقية تنبع من الطابع المطلق لحظر التعذيب، وبالتالي تُلزم كل دولة طرف بالتحقق مما إذا كانت الأقوال المستخدمة في دعوى تدخل ضمن اختصاصها لم تُنتزع تحت التعذيب ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الأقوال التي وقّع عليها صاحب البلاغ تحت التعذيب قد استُخدمت لتكون هي الأساس لاتهامه وتبرير استمرار احتجازه لفترة شهرين وعشرين يوماً (من 4 أيار/مايو إلى 27 تموز/ يوليه 2007)؛ وأن الفحص الطبي قد أكد أفعال التعذيب التي تعرض لها؛ وأن صاحب البلاغ أُفرج عنه مؤقتاً في 24 تموز/يوليه 2007 بسبب الافتقار إلى الأدلة المادية؛ وأنه طعن دون جدوى، عن طريق محاميه، في القيمة الإثباتية للاعترافات التي وقع عليها تحت التعذيب. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تفند أي ادعاء من هذه الادعاءات ولم تدرج في الملاحظات التي قدمتها إلى اللجنة أي معلومات عن هذا الموضوع أو بشأن موضوع حفظ الدعوى ضد صاحب البلاغ. وترى اللجنة أن الدولة الطرف كانت ملزمة بالتحقق من مضمون ادعاءات صاحب البلاغ التي تفيد بأن اعترافاته انتُزعت منه تحت التعذيب، حتى على الرغم من أنه كان خارج إقليمها الوطني، وأنها، بعدم تحققها من ذلك وباستخدامها هذه الأقوال في الدعوى القضائية ضده، والتي في إطارها أُفرج عنه مؤقتاً في وقت لاحق، قد انتهكت التزاماتها بموجب المادة 15 من الاتفاقية.

7-8 وفيما يتعلق بالتظلم المقدَّم بموجب المادة 16، أحاطت اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ التي تفيد بأنه، عند احتجازه في مقر المفوضية العامة للشرطة القضائية، قد تقاسم مع 10 محتجزين آخرين زنزانة مساحتها 12 متراً مربعاً، ليست فيها نوافذ ولا يدخلها الضوء، ومن دون أن يتلقى ماء أو غذاء أو رعاية طيلة سبعة عشر يوماً. وأنه اضطر إلى شرب ماء المرحاض للبقاء على قيد الحياة، وإلى افتراش الأرض للنوم في ظل أوضاع صحية مزرية، ولم يُسمح له برؤية الطبيب إلا في 12 حزيران/يونيه 2007، على الرغم من طلبه ومن حالته الصحية المثيرة للقلق. ويدعي كذلك أنه اعتباراً من 3 تموز/يوليه 2007 نُقِل إلى سجن مبيمبا الذي يتسم بسوء الوضع الصحي وبالاكتظاظ الشديد باستمرار. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن عدم وجود أي آلية لمراقبة مركز الاحتجاز التابع لدائرة الاستخبارات الوطنية والسجن المركزي في غيتيغا وسجن مبيمبا ، حيثُ كان محتجزاً،

8- ولجنة مناهضة التعذيب، إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك للفقرة 1 من المادة 2 مقروءة بالاقتران مع المادة 1، وللمواد 12 و13 و14 و15 و16، مقروءة بالاقتران مع المادة 11 من الاتفاقية.

9- وتحث اللجنة، وفقاً للفقرة 5 من المادة 118 من نظامها الداخلي، الدولة الطرف على الشروع في إجراء تحقيق نزيه في الأحداث المذكورة، بغرض مقاضاة الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا مسؤولين عن المعاملة التي تعرض لها الضحية، وعلى إبلاغها في غضون تسعين يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار، بالتدابير المتخذة استجابة إلى الآراء الواردة أعلاه، بما في ذلك تقديم تعويض مناسب وعادل ، يتضمن الوسائل اللازمة لإعادة الاعتبار إلى صاحب البلاغ على أكمل وجه ممكن.