الصفحة

أولا - مقدمة

2

ثانيا - الأهداف والنطاق

4

ثالثا - الإطار القانوني

6

رابعا - الالتزامات العامة للدول الأطراف فيما يتعلق بحقوق نساء وفتيات الشعوب الأصلية بموجب المادتين 1 و 2 من الاتفاقية

7

ألف - المساواة وعدم التمييز، مع التركيز على نساء وفتيات الشعوب الأصلية وأشكال التمييز المتقاطعة

7

باء - الوصول إلى العدالة والنظم القانونية المتعددة

11

خامسا - التزامات الدول الأطراف فيما يتعلق بالأبعاد المحدَّدة لحقوق نساء وفتيات الشعوب الأصلية

15

ألف - منع العنف الجنساني ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية والحماية منه (المواد 3 و 5 و 6 و 10 (ج) و 11 و 12 و 14 و 16)

15

ب ــــ اء - الحق في المشاركة الفعالة في الحياة السياسية والعامة (المواد 7 و 8 و 14)

19

جيم - الحق في التعليم (المادتان 5 و 10)

21

دال - الحق في العمل (المادتان 11 و 14)

22

هاء - الحق في الصحة (المادتان 10 و 12)

24

واو - الحق في الثقافة (المواد 3 و 5 و 13 و 14)

25

زاي - الحقوق في الأراضي والأقاليم والموارد الطبيعية (المادتان 13 و 14)

26

حاء - الحق في الغذاء والماء والبذور (المادتان 12 و 14)

27

طاء - الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة (المادتان 12 و 14)

28

أولا - مقدمة

1 - تقدم هذه التوصية العامة إرشادات إلى الدول الأطراف بشأن التدابير التشريعية والسياساتية وغيرها من التدابير ذات الصلة لضمان تنفيذ التزاماتها فيما يتعلق بحقوق نساء وفتيات الشعوب الأصلية بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. ويقدر عدد أفراد الشعوب الأصلية على مستوى العالم بنحو 476,6 مليون شخص، منهم أكثر من النصف (238,4 مليونا) من النساء ( ) . والتمييز والعنف ظاهرتان يتكرر حدوثهما في حياة العديد من نساء وفتيات الشعوب الأصلية اللواتي يعشن في المناطق الريفية والنائية والحضرية. وتنطبق هذه التوصية العامة على نساء وفتيات الشعوب الأصلية داخل أقاليم الشعوب الأصلية وخارجها على السواء.

2 - وتأخذ هذه التوصية العامة في الاعتبار أصوات نساء وفتيات الشعوب الأصلية بوصفهن من الجهات الفاعلة والقيادات المؤثرة في مجتمعاتهن المحلية وخارجها. وهي تحدد وتعالج مختلف أشكال التمييز المتقاطع التي تواجهها نساء وفتيات الشعوب الأصلية، ودورهن الرئيسي كقائدات، وصاحبات معارف ، وناقلات للثقافة في أوساط شعوبهن ومجتمعاتهن المحلية وأسرهن ، وكذلك في المجتمع ككل. ودأبت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة على تحديد أنماط التمييز التي تواجهها نساء وفتيات الشعوب الأصلية في ممارسة حقوق الإنسان الخاصة بهن ( ) ، والعوامل التي لا تزال تؤدي إلى تفاقم التمييز ضدهن. وكثيرا ما يكون هذا التمييز متقاطعا وقائما على عوامل من قبيل الجنس؛ والهوية الجنسانية؛ وال منشأ أو الوضع الأصلي أو الهوية الأصلية؛ والعرق؛ والانتماء الإثني؛ والإعاقة؛ والسن؛ واللغة؛ والوضع الاجتماعي والاقتصادي؛ والوضع فيما يتعلق بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز ( ) .

3 - ويجب فهم التمييز المتقاطع ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية في سياق الطابع المتعدد الأوجه لهويتهن. فهن يواجهن التمييز والعنف الجنساني اللذين كثيرا ما ترتكبهما جهات حكومية وغير حكومية. وهذه الأشكال من التمييز و ا ل عنف منتشرة على نطاق واسع وكثيرا ما يفلت مرتكبوها من العقاب. وكثيرا ما يكون لدى نساء وفتيات الشعوب الأصلية صلة وعلاقة لا تنفصمان بشعوبهن وأراضيهن وأقاليمهن ومواردهن الطبيعية وثقافتهن. ولكفالة الامتثال لأحكام المادتين 1 و 2 والأحكام الأخرى ذات الصلة من الاتفاقية، يجب أن تعكس إجراءات الدولة وتشريعاتها وسياساتها الهوية المتعددة الأوجه لنساء وفتيات الشعوب الأصلية وأن تحترمها. وينبغي للدول الأطراف أيضا أن تأخذ في الاعتبار التمييز المتقاطع الذي تتعرض له نساء وفتيات الشعوب الأصلية على أساس عوامل من قبيل الجنس؛ والهوية الجنسانية؛ وال منشأ أو الوضع الأصلي أو الهوية الأصلية؛ والعرق؛ والانتماء الإثني؛ والإعاقة؛ والسن؛ واللغة؛ والوضع الاجتماعي والاقتصادي؛ والوضع فيما يتعلق بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز.

4 - ويجب أن تدمج الإجراءات التي تتخذها الدولة لمنع التمييز ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية والتصدي له في جميع مراحل حياتهن منظورا جنسانيا ، ومنظورا متقاطعا، ومنظورا يراعي شؤون نساء وفتيات الشعوب الأصلية، ومنظورا م شتركا بين الثقافات، ومنظورا متعدد التخصصات. ويأخذ المنظور الجنساني في الاعتبار المعايير التمييزية، والممارسات الاجتماعية الضارة، والقوالب النمطية، والمعاملة الدونية التي أثرت تاريخيا على نساء وفتيات الشعوب الأصلية، ولا تزال تؤثر عليهن في الوقت الحاضر. ويتطلب المنظور المتقاطع أن تنظر الدول في العديد من العوامل التي تتضافر لزيادة تعرض نساء وفتيات الشعوب الأصلية للمعاملة غير المتساوية والتعسفية وتفاقم عواقبها، وذلك على أساس الجنس؛ والهوية الجنسانية؛ والمنشأ أو الوضع الأصلي أو الهوية الأصلية؛ والعرق؛ والانتماء الإثني؛ والإعاقة؛ والسن؛ واللغة؛ والوضع الاجتماعي الاقتصادي؛ والوضع فيما يتعلق بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، من بين عوامل أخرى. وينبغي للدول أن تأخذ في الاعتبار التكافل والترابط بين جميع هذه العوامل لدى اعتمادها للقوانين والسياسات والميزانيات الوطنية والتدخلات المتعلقة بنساء وفتيات الشعوب الأصلية. وتعاني نساء وفتيات الشعوب الأصلية من التمييز المتقاطع داخل أقاليمهن وخارجها على السواء. والتمييز المتقاطع ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية هو تمييز هيكلي ومتأصل في الدساتير والقوانين والسياسات، وكذلك البرامج والإجراءات والخدمات الحكومية.

5 - وينطوي المنظور المراعي لشؤون نساء وفتيات الشعوب الأصلية على فهم ال تمييز بين تجاربهن وواقعهن واحتياجاتهن في مجال حماية حقوق الإنسان وتجارب وواقع واحتياجات رجال الشعوب الأصلية، على أساس اختلافاتهم الجنسية والجنسانية. وينطوي أيضا على النظر في وضع فتيات الشعوب الأصلية بوصفهن نساء ناميات، الأمر الذي يتطلب أن تكون ال تدخلات متناسبة مع أعمارهن ونمائهن وحالتهن. وينطوي المنظور المشترك بين الثقافات على مراعاة تنوع الشعوب الأصلية، بما في ذلك ثقافاتها ولغاتها ومعتقداتها وقيمها، وتقدير وقيمة هذا التنوع على المستوى الاجتماعي. وأخيرا، يتطلب المنظور المتعدد التخصصات تقدير الهوية المتعددة الأوجه لنساء وفتيات الشعوب الأصلية، وكيف أن القانون والصحة والتعليم والثقافة والروحانية والأنثروبولوجيا والاقتصاد والعلم والعمل، من بين جوانب أخرى، شكلت ولا تزال تشكل التجربة الاجتماعية لنساء وفتيات الشعوب الأصلية وتشجع التمييز ضدهن. وهذه المنظورات والنهج أساسية لمنع التمييز ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية والقضاء عليه، ولتحقيق هدف العدالة الاجتماعية عندما تتعرض حقوق الإنسان الخاصة بهن للانتهاك.

6 - ويجب تطبيق حظر التمييز بموجب المادتين 1 و 2 من الاتفاقية بشكل صارم لضمان حقوق نساء وفتيات الشعوب الأصلية، بمن فيهن من يعشن في عزلة طوعية أو في المراحل الأولى من الاتصال، في تقرير المصير والوصول إلى أراضيهن وأقاليمهن ومواردهن وثقافتهن وبيئتهن وكفالة سلامتها. وينبغي أيضا تنفيذ حظر التمييز لضمان حقوقهن في المشاركة الفعالة والمتساوية في صنع القرار وفي التشاور، داخل المؤسسات الممثلة لهن ومن خلالها، من أجل الحصول على موافقتهن الحرة المسبقة المستنيرة قبل اعتماد وتنفيذ التدابير التشريعية أو الإدارية التي قد تؤثر عليهن. وتضع هذه المجموعة من الحقوق الأساس لفهم شامل للحقوق الفردية والجماعية لنساء الشعوب الأصلية. ويشكل انتهاك أي من هذه الحقوق أ و ما يتصل بها من حقوق تمييزا ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية.

7 - وفي إطار تنفيذ هذه التوصية العامة، تهيب اللجنة بالدول الأطراف أن تراعي السياق الصعب الذي تمارس فيه نساء وفتيات الشعوب الأصلية حقوق الإنسان الخاصة بهن ويدافعن عنها. فهن يتأثرن بشدة بالتهديدات الوجودية المرتبطة بتغير المناخ والتدهور البيئي وفقدان التنوع البيولوجي والحواجز التي تحول دون الوصول إلى الأمن الغذائي والمائي ( ) . وكثيرا ما يكون للأنشطة الاستخراجية التي تضطلع بها مؤسسات الأعمال وغيرها من الجهات الفاعلة الصناعية والمالية والعامة والخاصة أثر مدمر على البيئة والهواء والأرض والممرات المائية والمحيطات والأقاليم والموارد الطبيعية للشعوب الأصلية، وقد تنتهك حقوق نساء وفتيات الشعوب الأصلية. وتحتل نساء وفتيات الشعوب الأصلية موقع الصدارة في الطلب والعمل على الصعيد المحلي والوطني والدولي في مجال تهيئة بيئة نظيفة وآمنة وصحية ومستدامة. ويواجه العديد من المدافعات عن حقوق الإنسان البيئية من نساء الشعوب الأصلية القتل والمضايقة والتجريم والتسفيه المستمر لعملهن. ويقع على عاتق الدول الأطراف التزام بضمان أن تتخذ الجهات الفاعلة الحكومية ومؤسسات الأعمال دون إبطاء تدابير لضمان بيئة ومنظومة عالمية تتسمان بالنظافة والصحة والاستدامة، بما في ذلك تفادي الخسائر والأضرار المتوقعة، ومنع العنف الاجتماعي الاقتصادي والبيئي، وجميع أشكال العنف ضد المدافعات عن حقوق الإنسان البيئية من نساء الشعوب الأصلية ومجتمعاتهن المحلية وأقاليمهن. ويقع على عاتق الدول الأطراف أيضا التزام بالتصدي لآثار الاستعمار، والعنصرية، وسياسات الدمج، والتحيز الجنساني، والفقر، والنزاعات المسلحة، والعسكرة، والتشريد القسري، وفقدان الأراضي، واستخدام العنف الجنسي كأداة من أدوات الحرب، وغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان المثيرة للجزع التي كثيرا ما ترتكب ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية ومجتمعاتهن المحلية.

ثانيا - الأهداف والنطاق

8 - تعتبر اللجنة التحديد الذاتي للهوية، وفقا للمعايير الدولية ( ) ، مبدأ توجيهيا في القانون الدولي في تحديد وضع صاحبات الحقوق بوصفهن نساء وفتيات من الشعوب الأصلية ( ) . بيد أن اللجنة تسلم بأن بعض نساء وفتيات الشعوب الأصلية قد يفضلن عدم الكشف عن وضعهن بسبب العنصرية والتمييز الهيكليين والنظاميين، وكذلك السياسات الاستعمارية والمتصلة بالعملية الاستعمارية. وتنطبق هذه التوصية العامة والحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية على جميع نساء وفتيات الشعوب الأصلية، داخل أقاليمهن وخارجها؛ وفي بلدانهن الأصلية، وأثناء عبورهن، وفي بلدان مقصدهن؛ وكمهاجرات، وكلاجئات خلال دورة تشريدهن القسري أو غير الطوعي، وكأشخاص عديمي الجنسية.

9 - ويؤثر العنف الجنساني، بما في ذلك العنف النفسي والجسدي والجنسي والاقتصادي والروحي والسياسي والبيئي، سلبا على حياة العديد من نساء وفتيات الشعوب الأصلية. وكثيرا ما تعاني نساء الشعوب الأصلية من العنف في المنزل وفي مكان العمل وفي المؤسسات العامة والتعليمية؛ وأثناء تلقي الخدمات الصحية والتعامل مع أنظمة رعاية الطفل؛ وفي توليهن زمام القيادة في الحياة السياسية والمجتمعية؛ وكمدافعات عن حقوق الإنسان؛ وعندما يتعرضن للحرمان من الحرية؛ وعندما يودعن في مؤسسات. وتتعرض نساء وفتيات الشعوب الأصلية بشكل غير متناسب لخطر الاغتصاب والتحرش الجنسي؛ وعمليات القتل لأسباب جنسانية، وقتل الإناث؛ وحالات الاختفاء والاختطاف؛ والاتجار بالأشخاص ( ) ؛ وأشكال الرق المعاصرة؛ والاستغلال، بما في ذلك استغلال بغاء المرأة ( ) ؛ والرق الجنسي؛ والعمل القسري؛ والحمل القسري؛ وسياسات الدولة التي تفرض وسائل منع الحمل القسرية واللوالب الرحمي ة ؛ والعمل المنزلي غير اللائق أو غير المأمون أو غير المدفوع بأجر كاف ( ) . وتسلط اللجنة الضوء بوجه خاص على خطورة التمييز والعنف الجنساني ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية ذوات الإعاقة اللواتي يعشن في مؤسسات.

10 - وتهيب اللجنة بالدول الأطراف أن تبذل الجهود فورا لجمع البيانات من أجل إجراء تقييم كامل لحالة نساء وفتيات الشعوب الأصلية، وأشكال التمييز والعنف الجنساني التي يواجهنها. ويجب على الدول أن تبذل جهودا لجمع بيانات مصنفة حسب مجموعة من العوامل، بما في ذلك الجنس؛ والسن؛ والمنشأ أ و الوضع الأصلي أو الهوية الأصلية؛ والإعاقة، وأن تتعاون مع نساء الشعوب الأصلية ومنظماتهن، فضلا عن المؤسسات الأكاديمية والمنظمات غير الربحية، في هذا الصدد. وتؤكد اللجنة أيضا ضرورة أن تتحكم الشعوب الأصلية في عمليات جمع البيانات في مجتمعاتها المحلية، وفي كيفية تخزين البيانات وتفسيرها واستخدامها وتقاسمها.

11 - ويتمثل أحد الأسباب الجذرية للتمييز ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية في عدم التنفيذ الفعال لحقوقهن في تقرير المصير والاستقلال الذاتي والضمانات ذات الصلة، على النحو الذي يتجلى في جملة أمور منها استمرار نزع ملكيتهن لأراضيهن وأقاليمهن ومواردهن الطبيعية. وتقر اللجنة بأن الصلة الحيوية بين نساء الشعوب الأصلية وأراضيهن تشكل في كثير من الأحيان أساس ثقافتهن وهويتهن وروحانيتهن ومعارفهن الموروثة عن أجدادهن وبقائهن. وتواجه نساء الشعوب الأصلية عدم الاعتراف القانوني بحقوقهن في الأرض والأقاليم وثغرات واسعة النطاق في تنفيذ القوانين القائمة لحماية حقوقهن الجماعية. وفي كثير من الأحيان تضطلع الحكومات والجهات الفاعلة من الأطراف الثالثة بأنشطة تتعلق بالاستثمار والبنية التحتية والتنمية و ال حفظ ومبادرات التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره والسياحة والتعدين وقطع الأشجار والاستخراج دون كفالة المشاركة الفعالة للشعوب الأصلية المتضررة والحصول على موافقتها. وتتمتع اللجنة بفهم واسع النطاق لحق نساء وفتيات الشعوب الأصلية في تقرير المصير، بما في ذلك قدرتهن على اتخاذ قرارات مستقلة وحرة ومستنيرة بشأن الخطط المتعلقة بحياتهن وصحتهن.

12 - وتسلم اللجنة بأن نساء وفتيات الشعوب الأصلية كافحن وما زلن يكافحن ضد سياسات الدمج القسري وغيرها من الانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الإنسان، التي قد ترقى في بعض الحالات إلى مستوى الإبادة الجماعية ( ) . وأدت بعض سياسات الدمج هذه - لا سيما الإيداع القسري في المدارس والمؤسسات الداخلية وتشريد الشعوب الأصلية من أراضيها باسم التنمية - إلى عمليات قتل واختفاء وعنف جنسي وإساءة نفسية، وقد ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية الثقافية ( ) . ومن الأهمية بمكان أن تتصدى الدول الأطراف لعواقب أوجه الإجحاف التاريخية وأن تقدم الدعم والجبر إلى المجتمعات المحلية المتضررة في إطار عملية كفالة العدالة والمصالحة وبناء مجتمعات خالية من التمييز والعنف الجنساني ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية. وتسلط اللجنة الضوء بشكل خاص على ضرورة أن تتصرف الدول بشكل استباقي لحماية حقوق نساء وفتيات الشعوب الأصلية اللواتي يعشن في المناطق الحضرية، حيث يواجهن العنصرية والتمييز وسياسات الدمج والعنف الجنساني.

ثالثا - الإطار القانوني

13 - تُستمد حقوق نساء وفتيات الشعوب الأصلية من مواد الاتفاقية، كما ترد بمزيد من التفصيل في التوصيات العامة للجنة، ومن الصكوك الدولية المحددة لحماية حقوق الشعوب الأصلية، مثل إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية واتفاقية منظمة العمل الدولية ، 1989 ( رقم 169) بشأن الشعوب الأصلية والقبلية في البلدان المستقلة. وتعتبر اللجنة الإعلان إطارا موثوقا به لتفسير التزامات الدولة الطرف والالتزامات الأساسية بموجب اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. وجميع الحقوق المعترف بها في الإعلان ذات صلة بنساء الشعوب الأصلية، سواء بحكم انتمائهن إلى هذه الشعوب والمجتمعات المحلية أو بوصفهن أفرادا، وتتعلق في نهاية المطاف بضمانات مكافحة التمييز الواردة في الاتفاقية نفسها. وبالإضافة إلى ذلك، تتضمن جميع المعاهدات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان تدابير حماية ذات صلة بحقوق نساء وفتيات الشعوب الأصلية ( ) .

14 - ولدى تناول حقوق فتيات الشعوب الأصلية، تشير اللجنة أيضا إلى اتفاقية حقوق الطفل والتعليق العام رقم 11 (2009) للجنة حقوق الطفل بشأن أطفال الشعوب الأصلية وحقوقهم. ويقع على عاتق الدول الأطراف التزام بحماية فتيات الشعوب الأصلية من جميع أشكال التمييز. وإن تهيئة بيئة تمكينية وآمنة تتيح لفتيات الشعوب الأصلية تولي زمام القيادة ومشاركتهن الفعالة أمر بالغ الأهمية للتمتع الكامل بحقوقهن في ما يتعلق بالأقاليم والثقافات وبيئة نظيفة وصحية ومستدامة ( ) . وعلاوة على ذلك، تعترف اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة بوضع فتيات الشعوب الأصلية بوصفهن نساء ناميات، مما يدعو إلى استجابة حكومية تتلاءم مع مصالحهن واحتياجاتهن الفضلى، وتكييف الإجراءات والخدمات الحكومية مع عمر فتيات الشعوب الأصلية ونمائهن وقدراتهن المتطورة وظروفهن.

15 - وينبغي أيضا تفسير اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بطريقة تراعى فيها خطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي اتفقت فيها الدول على أن تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات أمر بالغ الأهمية للتنمية المستدامة والقضاء على الفقر ( ) . ويشكل إعلان ومنهاج عمل بيجين أيضا وثيقة مرجعية هامة في هذه التوصية العامة. وتشير اللجنة أيضا إلى القرارات التي اتخذتها لجنة وضع المرأة فيما يتعلق بنساء الشعوب الأصلية ( ) .

رابعا - الالتزامات العامة للدول الأطراف فيما يتعلق بحقوق نساء وفتيات الشعوب الأصلية بموجب المادتين 1 و 2 من الاتفاقية

ألف - المساواة وعدم التمييز، مع التركيز على نساء وفتيات الشعوب الأصلية وأشكال التمييز المتقاطعة

16 - ينطبق حظر التمييز المنصوص عليه في المادتين 1 و 2 من الاتفاقية على جميع حقوق نساء وفتيات الشعوب الأصلية التي تكفلها الاتفاقية، ومنها بالتبعية الحقوق المنصوص عليها في الإعلان، الذي يكتسي أهمية جوهرية لتفسير الاتفاقية في السياق الحالي. وحظر التمييز ركيزة هامة من ركائز القانون الدولي لحقوق الإنسان ومبدأ أساسي من مبادئه. فنساء وفتيات الشعوب الأصلية لهن الحق في العيش في مأمن من جميع أشكال التمييز على أساس عوامل منها الجنس؛ والهوية الجنسانية؛ والمنشأ أو الوضع الأصلي أو الهوية الأصلية؛ والعرق؛ والانتماء الإثني؛ والإعاقة؛ والسن؛ واللغة؛ والوضع الاجتماعي والاقتصادي؛ والوضع فيما يتعلق بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز ( ) .

17 - وينبغي أن يُفهم التمييز ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية وآثاره من حيث البعد الفردي والبعد الجماعي لهؤلاء النساء والفتيات. فبالنسبة للبعد الفردي، يتخذ التمييز ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية أشكالا متقاطعة وتمارسه جهات حكومية وغير حكومية على السواء، بما في ذلك في المجال الخاص، على أساس الجنس؛ والهوية الجنسانية؛ والمنشأ أو الوضع الأصلي أو الهوية الأصلية؛ والعرق؛ والانتماء الإثني؛ والإعاقة؛ والسن؛ واللغة؛ والوضع الاجتماعي والاقتصادي؛ والوضع فيما يتعلق بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز؛ من بين عوامل أخرى. وتعد العنصرية والقوالب النمطية التمييزية والتهميش والعنف الجنساني انتهاكات مترابطة تعاني منها نساء وفتيات الشعوب الأصلية. ويهدد التمييز والعنف الجنساني الاستقلال الذاتي الفردي لجميع نساء وفتيات الشعوب الأصلية، وحريتهن وأمنهن الشخصيين، وخصوصيتهن، وسلامتهن، وقد يضران أيضا بالجماعة ورفاهها. وعلى النحو المبين في التوصية العامة رقم 29 (2013) بشأن الآثار الاقتصادية المترتبة على الزواج والعلاقات الأسرية، وعلى فسخ الزواج وإنهاء العلاقات الأسرية، يمكن أن تعاني نساء الشعوب الأصلية كأفراد من التمييز باسم العقائد والتقاليد والثقافة والشرائع والممارسات الدينية والعرفية. وبالإضافة إلى ذلك، كثيرا ما تعاني نساء الشعوب الأصلية، بمن فيهن ذوات الإعاقة، من انتزاع أطفالهن منهن تعسفا واختطافهم. ويعانين أيضاً من القرارات التمييزية والمتحيزة جنسانيا فيما يتعلق بحضانة أطفالهن - سواء تزوجن أو لم يتزوجن - أو بالنفقة بعد الطلاق. ولنساء وفتيات الشعوب الأصلية كأفراد الحق في العيش في مأمن من التمييز وانتهاكات حقوق الإنسان طوال دورة حياتهن ولهن الحق في اختيار مساراتهن وخططهن في الحياة.

18 - أما بالنسبة للبعد الجماعي، فيتسبب التمييز ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية، عندما يقترن بالعنف الجنساني، في تهديد وعرقلة الحياة الروحية للشعوب والمجتمعات الأصلية، وصلتها بأمنا الأرض، وسلامتها الثقافية وبقائها، وتماسكها الاجتماعي. ويتسبب التمييز والعنف الجنساني في تأثير ضار على استمرار وصون معارف الشعوب الأصلية وثقافاتها وآرائها وهوياتها وتقاليدها. ويشكل عدم حماية حق الشعوب الأصلية في تقرير المصير، وحقها في الأمن الجماعي في حيازة أراضي الأجداد ومواردها، وحق نساء هذه الشعوب في المشاركة الفعالة في جميع المسائل التي تمسهن وموافقتهن عليها، تمييزا ضد هؤلاء النساء ومجتمعاتهن.

19 - وعلى النحو المبين في ديباجة الإعلان، فإن الحقوق الجماعية لا غنى عنها لوجود الشعوب الأصلية ورفاهها وتنميتها المتكاملة، بمن فيها نساؤها وفتياتها. ولا ينبغي أبداً تجاهل الحقوق الفردية لنساء وفتيات الشعوب الأصلية أو انتهاك هذه الحقوق سعياً وراء مصالح جماعية أو فئوية، لأن احترام ب ُ عد َ ي حقوق الإنسان الخاصة بهن أمر أساسي ( ) .

20 - ويستديم التمييز ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية بالقوالب النمطية الجنسانية، ولكن أيضاً بأشكال العنصرية التي يغذيها الاستعمار والعسكرة. وتتجلى هذه الأسباب الكامنة وراء التمييز بشكل مباشر وغير مباشر في القوانين والسياسات التي تعوق إمكانية تمتع نساء وفتيات الشعوب الأصلية بحق استخدام الأراضي والحق في ملكيتها، وممارسة حقوقهن على أقاليمهن ومواردهن الطبيعية والاقتصادية، وإمكانية حصولهن على القروض والخدمات المالية والفرص المدرة للدخل. وتعوق تلك الأسباب الكامنة أيضاً الاعتراف بالأشكال الجماعية والتعاونية لملكية الأراضي واستخدامها، وتعوق حماية هذه الأشكال ودعمها. فوسائل الحماية القانونية لحقوق نساء الشعوب الأصلية في الأراضي لا تزال ضعيفة، وهو ما يعرضهن في كثير من الأحيان للتجريد من الحيازة والتشريد والاحتجاز ونزع الملكية والاستغلال ( ) . ويؤدي عدم امتلاك الشعوب الأصلية لسند قانوني يثبت حقها في أقاليمها إلى زيادة تعرضها لعمليات التوغل غير القانونية ولتنفيذ مشاريع التنمية من قبل جهات حكومية وغير حكومية على السواء، دون موافقة حرة مسبقة مستنيرة من هذه الشعوب. وتواجه نساء وفتيات الشعوب الأصلية - ولا سيما الأرامل أو ربات الأسر المعيشية أو اليتامى - عراقيل بشكل غير متناسب في الحصول على الأراضي، ويؤدي ذلك إلى فقدان سبل عيشهن وتهديد ثقافتهن، وصلتهن الجوهرية ببيئتهن، وأمنهن الغذائي والمائي، وصحتهن.

21 - ولا تزال نساء وفتيات الشعوب الأصلية في جميع أنحاء العالم لا يتمتعن بالمساواة أمام القانون التي تنص عليها المادة 15 من الاتفاقية. ففي أنحاء كثيرة من العالم، لا تملك نساء الشعوب الأصلية القدرة على إبرام العقود وإدارة الممتلكات بشكل مستقل عن أزواجهن أو أولياء أمورهن من الذكور. ويواجهن أيضا تحديات في امتلاك الأراضي وحيازتها والتحكم فيها ووراثتها وإدارتها، ولا سيما عندما يصبحن أرامل ويضطررن إلى رعاية أسرهن بمفردهن. وكثيرا ما يكون هناك تمييز ضد نساء الشعوب الأصلية في قوانين الميراث - سواء في النظم القانونية الحكومية أو النظم القانونية للشعوب الأصلية. وعادة ما تعاني نساء الشعوب الأصلية ذوات الإعاقة من الحرمان من الأهلية القانونية، مما يؤدي إلى مزيد من انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك في مجالات الوصول إلى العدالة، والعنف المؤسسي، والتعقيم القسري. وخلافا للمادة 9 من الاتفاقية، لا يزال العديد من القوانين يميز ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية فيما يتعلق بنقل جنسيتهن ووضعهن من حيث الانتماء إلى الشعوب الأصلية إلى أطفالهن عندما يتزوجن بأشخاص لا ينتمون إلى هذه الشعوب الأصلية. ويمكن أن تؤدي هذه القوانين إلى تمييز عابر للأجيال واستيعاب قسري، وهو ما يندرج ضمن نطاق ومعنى التمييز ضد النساء على النحو المعرف في المادة 1 من الاتفاقية ( ) . ولذلك، يجب على الدول أن تضمن حق نساء وفتيات الشعوب الأصلية في اكتساب الجنسية و/أو الوضع من حيث الانتماء إلى الشعوب الأصلية أو تغيير الجنسية والوضع أو الاحتفاظ بهما أو التخلي عنهما، وحقهن في نقلهما إلى أطفالهن وأزواجهن، وحقهن في الحصول على معلومات عن هذه الحقوق، كجزء من كفالة حقهن في تقرير المصير وحقهن في التحديد الذاتي للهوية.

22 - وشددت اللجنة في توصيتها العامة رقم 34 (2016) بشأن حقوق المرأة الريفية على أهمية حقوق نساء الشعوب الأصلية في الأرض والملكية الجماعية والموارد الطبيعية والمياه والبذور والغابات ومصائد الأسماك بموجب المادة 14 من الاتفاقية ( ) . وهذه الحقوق مكفولة أيضاً لنساء الشعوب الأصلية بوصفهن أفراداً من شعوبهن ومجتمعاتهن المحلية سواء بموجب الإعلان أو القواعد القانونية الدولية ذات الصلة. وتتمثل الحواجز الرئيسية التي تحول دون إعمال هذه الحقوق في عدم توافق القوانين الوطنية مع القانون الدولي؛ والتنفيذ غير الفعال للقوانين على الصعيدين الوطني والمحلي؛ والقوالب النمطية الجنسانية التمييزية والممارسات التمييزية، ولا سيما في المناطق الريفية؛ وغياب الإرادة السياسية؛ وتحويل الأراضي والموارد الطبيعية إلى بضاعة ذات طابع تجاري وأمْوَلتها . وقد تكون القوانين العرفية للشعوب الأصلية، وكره النساء، والمؤسسات القائمة حواجز أيضا. وكثيرا ما تعاني نساء الشعوب الأصلية ذوات الإعاقة من أشكال متقاطعة من التمييز على أساس الجنس؛ والنوع الجنساني؛ والإعاقة؛ والمنشأ أو الوضع الأصلي أو الهوية الأصلية، ويتجلى هذا التمييز في حرمانهن من الأهلية القانونية الكاملة، مما يزيد من خطر تعرضهن للاستغلال والعنف والانتهاك، ويقوض حقوقهن في الأراضي والأقاليم والموارد ( ) . وعلاوة على ذلك، تعاني نساء وفتيات الشعوب الأصلية من المثليات ومزدوجات الميل الجنسي ومغايرات الهوية الجنسانية وحاملات صفات الجنسين بانتظام من أشكال تمييز متقاطعة. ويساور اللجنة القلق إزاء أشكال عدم المساواة والتمييز والعنف الجنساني التي تؤثر على نساء وفتيات الشعوب الأصلية في الفضاء الرقمي، بما في ذلك الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وجميع المنصات التكنولوجية.

23 - وتوصي اللجنة الدول الأطراف بما يلي :

(أ) وضع سياسات شاملة للقضاء على التمييز ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية، تتمحور حول المشاركة الفعالة لأولئك اللاتي يعشن داخل أقاليم الشعوب الأصلية وخارجها، والسعي إلى التعاون مع الشعوب الأصلية على نطاق أوسع. وينبغي أن تشمل هذه السياسات تدابير تتصدى للتمييز المتقاطع الذي تعاني منه نساء وفتيات الشعوب الأصلية، بمن فيهن ذوات الإعاقة والمهق؛ والمسنات؛ والمثليات ومزدوجات الميل الجنسي ومغايرات الهوية الجنسانية وحاملات صفات الجنسين؛ والنساء والفتيات في حالات الفقر؛ والنساء اللاتي يعشن في المناطق الريفية والحضرية؛ والنساء المشردات قسرا واللاجئات والمهاجرات داخل بلدانهن وخارجها؛ والنساء والفتيات اللواتي أصبحن أرامل أو ربات أسر معيشية أو يتامى بسبب النزاعات المسلحة الوطنية والدولية. وينبغي للدول الأطراف أن تجمع بيانات، مصنفة حسب السن والإعاقة، بشأن أشكال التمييز والعنف الجنسانيين اللذين تواجههما نساء وفتيات الشعوب الأصلية، وأن تضطلع بهذه الجهود بطرق تحترم لغات الشعوب الأصلية وثقافاتها ؛

(ب) تقديم معلومات، في تقاريرها الدورية المقدمة إلى اللجنة، عن التدابير التشريعية والقضائية والإدارية والتدابير المتعلقة بالميزانية وتدابير الرصد والتقييم، وغير ذلك من التدابير، فيما يتعلق بنساء وفتيات الشعوب الأصلية بوجه خاص ؛

(ج) إلغاء وتعديل جميع الصكوك التشريعية والسياساتية ، مثل القوانين والسياسات واللوائح والبرامج والإجراءات الإدارية والهياكل المؤسسية ومخصصات الميزانية والممارسات، التي تميز بشكل مباشر أو غير مباشر ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية ؛

(د) كفالة المساواة لنساء الشعوب الأصلية أمام القانون وكفالة امتلاكهن للقدرة على إبرام العقود وإدارة الممتلكات ووراثتها، على قدم المساواة مع الرجال، وأيضاً كفالة الاعتراف بالأهلية القانونية لنساء الشعوب الأصلية ذوات الإعاقة ودعم آليات ممارسة الأهلية القانونية ؛

(ه) اعتماد تشريعات تضمن بشكل كامل حقوق نساء وفتيات الشعوب الأصلية في الأرض والمياه والموارد الطبيعية الأخرى، بما في ذلك حقهن في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة، وتضمن الاعتراف بحقهن في المساواة أمام القانون واحترام هذا الحق، كما تضمن تمتع نساء الشعوب الأصلية في المناطق الريفية والحضرية بتكافؤ الفرص في الحصول على الملكية وسند الملكية والحيازة والسيطرة على الأراضي والمياه والغابات ومصائد الأسماك وتربية الأحياء المائية وغيرها من الموارد التي امتلكنها أو شغلنها، أو التي استخدمنها أو اكتسبنها بخلاف ذلك، بوسائل منها حمايتهن من التمييز والتجريد من الملكية ( ) ؛

(و) كفالة حصول نساء وفتيات الشعوب الأصلية على ما يكفي من المعلومات بشأن القوانين وسبل الانتصاف القائمة للمطالبة بحقوقهن بموجب الاتفاقية. وينبغي أن تكون المعلومات متاحة بلغات الشعوب الأصلية وبأشكال اتصال مناسبة ثقافيا، مثل الإذاعات المجتمعية. وينبغي أيضا إتاحة المعلومات لنساء وفتيات الشعوب الأصلية ذوات الإعاقة بطريقة براي، والصيغ السهلة القراءة، ولغة الإشارة، وغير ذلك من الوسائط ؛

(ز) كفالة حماية نساء وفتيات الشعوب الأصلية من التمييز الذي تمارسه جهات حكومية وغير حكومية، بما في ذلك المؤسسات التجارية والشركات، داخل أقاليم هذه الشعوب وخارجها، لا سيما في مجالات المشاركة السياسية، والتمثيل، والتعليم، والعمالة، والصحة، والحماية الاجتماعية، والعمل اللائق، والعدالة، والأمن ؛

(ح) اعتماد تدابير فعالة تكفل الاعتراف القانوني بأراضي الشعوب الأصلية، وأقاليمها، ومواردها الطبيعية، وملكيتها الفكرية، والمعارف العلمية والتقنية ومعارف الشعوب الأصلية، والمعلومات الوراثية والتراث الثقافي لهذه الشعوب، كما تكفل الحماية القانونية لكل ذلك، واتخاذ خطوات لضمان الاحترام الكامل لحق هذه الشعوب في الموافقة الحرة المسبقة المستنيرة؛ وحقها في تقرير المصير بشأن خطة حياتها؛ وحقها في المشاركة الفعالة، ولا سيما مشاركة الفئات المهمشة من نسائها وفتياتها، مثل ذوات الإعاقة، في صنع القرار بشأن المسائل التي تمسها ؛

(ط) اعتماد تدابير فعالة تكفل القضاء على جميع سياسات الاستيعاب القسري أو غيرها من أنماط الحرمان من الحقوق الثقافية وغيرها من الحقوق التي تؤول للشعوب الأصلية، كما تكفل منع هذه السياسات، بسبل منها التعجيل بالتحقيق والمساءلة وإقامة العدل وجبر الضرر عن سياسات وممارسات الاستيعاب السابقة والحالية التي تعرض لخطر كبير الهوية الثقافية للشعوب الأصلية، وإنشاء هيئات للحقيقة والعدالة والمصالحة وضمان تزويدها بالموارد الملائمة والكافية .

باء - الوصول إلى العدالة والنظم القانونية المتعددة

24 - يتطلب وصول نساء الشعوب الأصلية إلى العدالة اتباع نهج شامل متعدد التخصصات يتجلى منه إدراك أن وصولهن إلى العدالة مرتبط بتحديات أخرى يواجهنها في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك العنصرية والتمييز العنصري وآثار الاستعمار؛ والتمييز الجنسي والجنساني ؛ والتمييز على أساس الوضع الاجتماعي والاقتصادي؛ والتمييز على أساس الإعاقة؛ والحواجز التي تحول دون حصولهن على أراضيهن وأقاليمهن ومواردهن الطبيعية؛ وغياب خدمات صحية وتعليمية كافية ومناسبة ثقافيا؛ والاضطرابات والتهديدات لحياتهن الروحية ( ) . وعلى النحو الذي أشارت إليه آليات عالمية أخرى من آليات حقوق الإنسان، يجب أن تتاح للشعوب الأصلية إمكانية الوصول إلى العدالة التي تكفلها على السواء النظم القانونية الحكومية والنظم القانونية والعرفية لهذه الشعوب ( ) .

25 - وتكرر اللجنة التأكيد على أن حق الشعوب الأصلية في الحفاظ على هياكلها ونظمها القضائية هو عنصر أساسي من عناصر حقها في الاستقلال الذاتي وحقها في تقرير المصير ( ) . وفي الوقت نفسه، ينبغي أن تكون نظم العدالة الخاصة بالشعوب الأصلية وممارساتها متسقة مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، على النحو المبين في الإعلان ( ) . وبناء على ذلك، ترى اللجنة أن الاتفاقية مرجع هام للنظم القانونية، سواء منها الخاصة بالشعوب الأصلية أو بغيرها، في معالجة القضايا المتصلة بالتمييز ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية.

26 - وقد اعترفت اللجنة في توصيتها العامة رقم 33 (2015) بشأن لجوء المرأة إلى القضاء بستة عناصر أساسية في هذا الصدد ( ) . وهذه العناصر الستة المترابطة - وهي، إمكانية التقاضي أمام نظم العدالة، وتوافرها وسهولة الوصول إليها، وجودتها وتوفير سبل الانتصاف للضحايا، ومساءلتها - تنطبق أيضاً في حالة نساء وفتيات الشعوب الأصلية، اللواتي ينبغي أن تتاح لهن سبل الوصول إلى العدالة وسبل الانتصاف من منظور جنساني، ومنظور متعدد الجوانب، ومنظور نساء وفتيات الشعوب الأصلية، ومنظور متعدد الثقافات، ومنظور متعدد التخصصات، على النحو المحدد في الفقرتين 4 و 5 من هذه التوصية العامة .

27 - ووفقا للعناصر الأساسية الستة ، يجب على الدول أن تضمن أن جميع نظم العدالة، سواء منها الخاصة بالشعوب الأصلية أو بغيرها، تحدث تأثيرها في الوقت المناسب لتوفير سبل انتصاف ملائمة وفعالة لنساء وفتيات الشعوب الأصلية ضحايا التمييز والعنف الجنساني والناجيات منهما. ويستلزم إعمال ذلك توافر مترجمين شفويين وتحريريين وعلماء أنثروبولوجيا وعلماء نفس ومهنيين في مجال الرعاية الصحية ومحامين ووسطاء ثقافيين ذوي خبرة، وسلطات روحية وطبية من الشعوب الأصلية، كما يستلزم تدريبا، يندرج فيه منظور جنساني، بشأن واقع نساء وفتيات الشعوب الأصلية وثقافاتهن وآرائهن. وينبغي أيضا أن يكون لدى نظم العدالة أساليب لجمع الأدلة تكون مناسبة ومتوافقة مع ثقافتهن وآرائهن. وينبغي تدريب موظفي العدالة باستمرار في مجال حقوق نساء وفتيات الشعوب الأصلية، والبعدين الفردي والجماعي لهويتهن، بهدف إرساء درجة كبيرة من الكفاءة الثقافية في مسائل الشعوب الأصلية لدى هؤلاء الموظفين. وفي هذا الصدد، من الأهمية بمكان احترام مختلف مفاهيم إقامة العدل والعمليات التي توجد في نظم الشعوب الأصلية ونظم غيرها، والاستماع بتفاعل إلى الشعوب الأصلية والتعاون معها. ويمكن أن تكون إقامة العدل عملية مصالحة وشفاء للشعوب الأصلية، تهدف إلى إعادة الوئام إلى أقاليمها ومجتمعاتها ( ) . وينبغي للدول أيضا أن تقوم بشكل استباقي بتوظيف وتعيين قاضيات من نساء الشعوب الأصلية.

28 - وينبغي للدول الأطراف أيضاً أن تكفل إنشاء محاكم وهيئات قضائية وغيرها من الهيئات في جميع أنحاء أقاليمها، سواء في المناطق الحضرية أو الريفية أو النائية، وتكفل إدامتها وتمويلها. وينبغي أيضا أن تكون نظم العدالة الخاصة بالشعوب الأصلية متاحة بسهولة وأن تكون كافية وفعالة. وينبغي أن تتاح لنساء وفتيات الشعوب الأصلية وتعمم عليهن المعلومات المتعلقة بكيفية الاستفادة من السبل القضائية في نظم العدالة، سواء منها الخاصة بالشعوب الأصلية أو بغيرها. وينبغي أن تكون الخدمات القضائية الأساسية وخدمات المساعدة القانونية المجانية متاحة في مواقع على مقربة من نساء ومجتمعات الشعوب الأصلية. ويجب على الدول أن تعتمد تدابير تكفل معرفة نساء الشعوب الأصلية بأماكن اللجوء إلى العدالة، وتكفل أن تكون نظم العدالة متاحة وعادلة وميسورة التكلفة.

29 - وتواجه نساء الشعوب الأصلية عقبات في وصولهن إلى نظم العدالة، سواء منها الخاصة بالشعوب الأصلية أو بغيرها، وهي عقبات يمكن أن تكون حادة بوجه خاص في حالة نساء وفتيات الشعوب الأصلية ذوات الإعاقة. فهن يعانين من الحرمان بصفة منتظمة من الحق في الانتصاف القانوني. ونتيجة لذلك، فإن العديد من قضايا التمييز والعنف الجنساني ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية تنتهي بالإفلات من العقاب. ومن الحواجز التي يواجهنها في الوصول إلى العدالة وجبر الضرر نقصُ المعلومات بلغات الشعوب الأصلية بشأن سبل الانتصاف القانونية المتاحة في نظم العدالة، سواء منها الخاصة بالشعوب الأصلية أو بغيرها. وتشمل الحواجز الأخرى تكاليف المساعدة القانونية وغياب المساعدة القانونية المجانية؛ وتجاهل ضمانات مراعاة الأصول القانونية الواجبة؛ وعدم وجود مترجمين فوريين، بما في ذلك مترجمون متخصصون في لغة الإشارة؛ ورسوم المحكمة؛ وبُعد المسافة إلى المحاكم؛ والأعمال الانتقامية والعقابية ضد من يبلغ منهن عن الجرائم؛ وعدم امتلاك بطاقات هوية ووسائل لإثبات الهوية؛ وافتقار موظفي العدالة إلى التدريب بشأن الحقوق والاحتياجات الخاصة لنساء وفتيات الشعوب الأصلية. وكثيرا ما تواجه نساء وفتيات الشعوب الأصلية ذوات الإعاقة حواجز فيما يتعلق بالوصول المادي إلى المباني التي تضم وكالات إنفاذ القانون والجهاز القضائي، وإمكانية الوصول إلى المعلومات الهامة ووسائل النقل والاتصالات والإجراءات وخدمات الدعم.

30 - وفي نظم العدالة الخاصة بغير الشعوب الأصلية، كثيرا ما تعاني نساء وفتيات الشعوب الأصلية من العنصرية والتمييز العنصري الهيكلي والنظمي وأشكال التهميش، وكثيرا ما يضطررن إلى المشاركة في إجراءات غير ملائمة ثقافيا ولا تأخذ في الاعتبار تقاليد الشعوب الأصلية وممارساتها. وغالبا ما تعكس الهياكل القضائية الاستعمار المستمر. وتشمل العقبات وجود أقاليم الشعوب الأصلية في مناطق نائية، بحيث تضطر نساء وفتيات هذه الشعوب إلى قطع مسافات طويلة من أجل تقديم الشكاوى؛ والأميّة؛ وعدم معرفة القوانين والسبل القضائية القائمة. وكثيرا ما لا تحصل نساء الشعوب الأصلية على خدمات الترجمة الشفوية اللازمة لكفالة مشاركتهن مشاركة كاملة في الإجراءات القانونية، ويوجد نقص في أساليب جمع الأدلة المناسبة ثقافيا. ونادراً ما يحصل موظفو العدالة على تدريب بشأن حقوق نساء وفتيات الشعوب الأصلية من منظور بُعديها الفردي والجماعي. كما أن إمكانية حصول نساء وفتيات الشعوب الأصلية على الرعاية الطبية المتخصصة محدودة عندما يتعرضن لأعمال الاغتصاب والعنف الجنسي.

31 - وغالبا ما يهيمن الذكور على نظم العدالة الخاصة بالشعوب الأصلية، وغالبا ما تتسم هذه النظم بالتمييز ضد النساء والفتيات، ذلك ما لا يترك لهن إلا حيزاً محدوداً للمشاركة والتعبير عن شواغلهن وشغل مناصب صنع القرار ( ) . وسبق للجنة أن أعربت في الماضي عن قلقها بشأن تأثير القوالب النمطية الجنسانية على نشاط النظم القانونية للشعوب الأصلية ( ) . وبوجه عام، أوصت اللجنة بأن تعتمد نظم العدالة، سواء منها الخاصة بالشعوب الأصلية أو بغيرها، تدابير تكفل الامتثال للمعايير الدولية لحقوق الإنسان ( ) .

32 - وغالبا ما تكون نساء الشعوب الأصلية أيضا أكثر تمثيلا في السجون، وكثيراً ما يعانين من الاحتجاز التعسفي السابق للمحاكمة، ويواجهن التمييز، والعنف الجنساني، والمعاملة اللاإنسانية، وأشكال التعذيب في حال مخالفة القانون. وتتفاقم هذه المشاكل بسبب أوجه القصور في الدعم القانوني الذي يقدمه محامو المساعدة القضائية. وتسلط اللجنة الضوء على حق كل فتاة من الشعوب الأصلية مخالفة للقانون في محاكمة عادلة وفي المساواة أمام القانون والمساواة في التمتع بالحماية أمام القانون ( ) .

33 - وتوصي اللجنة الدول الأطراف بما يلي :

(أ) كفالة وصول نساء وفتيات الشعوب الأصلية إلى نظم عدالة ملائمة، سواء منها الخاصة بالشعوب الأصلية أو بغيرها، وصولا فعليا خاليا من التمييز العنصري و/أو التمييز الجنساني، والتحيز، والقوالب النمطية، والعقاب، والانتقام ؛

(ب) اعتماد تدابير لتمكين نساء وفتيات الشعوب الأصلية ذوات الإعاقة من الوصول المادي إلى المباني التي توجد فيها أجهزة إنفاذ القانون والسلطات القضائية، وإلى المعلومات، ووسائل النقل، وخدمات الدعم، والإجراءات البالغة الأهمية لوصولهن إلى العدالة ( ) ؛

(ج) توفير التدريب المستمر للقضاة وجميع موظفي إنفاذ القانون في نظم العدالة، سواء منها الخاصة بالشعوب الأصلية أو بغيرها، فيما يتعلق بحقوق نساء وفتيات الشعوب الأصلية والحاجة إلى اتباع نهج للعدالة يسترشد بمنظور جنساني، ومنظور متعدد الجوانب، ومنظور نساء وفتيات الشعوب الأصلية، ومنظور متعدد الثقافات، ومنظور متعدد التخصصات، على النحو المحدد في الفقرتين 4 و 5. وينبغي أن يكون التدريب بشأن نظم العدالة الخاصة بالشعوب الأصلية جزءا من التدريب المقدم لجميع المهنيين القانونيين ؛

(د) توظيف وتدريب وتعيين نساء من الشعوب الأصلية في مناصب قاضيات ومناصب أخرى في المحاكم، سواء في نظم العدالة الخاصة بالشعوب الأصلية أو بغيرها ؛

(ه) كفالة المساواة في الوصول إلى العدالة لجميع نساء وفتيات الشعوب الأصلية، بسبل منها توفير الترتيبات التيسيرية والتعديلات الإجرائية لأولئك اللواتي يحتجن إليها بسبب السن أو الإعاقة أو المرض، وهو ما يمكن أن يشمل الترجمة بلغة الإشارة وأشكال دعم التواصل الأخرى، وكذلك الأطر الزمنية الأطول لتقديم الطلبات ؛

(و) كفالة أن تشمل نظم العدالة مترجمين فوريين ومترجمين تحريريين وعلماء أنثروبولوجيا وعلماء نفس ومهنيين في مجال الرعاية الصحية متخصصين ومدربين في مجال احتياجات نساء وفتيات الشعوب الأصلية، مع إعطاء الأولوية لنساء الشعوب الأصلية المؤهلات ( ) ، وتوفير معلومات عن سبل الانتصاف القانونية في نظم العدالة، سواء منها الخاصة بالشعوب الأصلية أو بغيرها، بلغات الشعوب الأصلية وفي أشكال يسهل الوصول إليها. وينبغي تنظيم حملات توعية للتعريف بسبل الانتصاف والسبل القانونية في هذا الصدد، فضلا عن التعريف بوسائل الإبلاغ عن حالات العنف الهيكلي والنّظمي. وتكتسي آليات المتابعة أهمية بالغة في حالات العنف والتمييز الجنسانيين ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية ؛

(ز) كفالة حصول نساء وفتيات الشعوب الأصلية، اللاتي يفتقرن إلى الوسائل الكافية وانتُزعت منهن أهليتهن القانونية، على مساعدة قانونية مجانية وجيدة، بما في ذلك في حالات العنف الجنساني ضد المرأة. وينبغي للدول الأطراف أن تدعم ماليا المنظمات غير الحكومية التي تقدم مساعدة قانونية مجانية ومتخصصة لنساء وفتيات الشعوب الأصلية ؛

(ح) كفالة توافر المؤسسات القضائية وسبل الانتصاف والخدمات القضائية في المناطق الحضرية وفي أماكن قريبة من أقاليم الشعوب الأصلية ؛

(ط) اعتماد تدابير وسياسات تتعلق بالعدالة الجنائية، وتدابير وسياسات مدنية وإدارية، تراعي الظروف التاريخية للفقر والعنصرية والعنف الجنساني التي أثرت ولا تزال تؤثر على نساء وفتيات الشعوب الأصلية ؛

(ي) اعتماد تدابير لكفالة حصول جميع نساء وفتيات الشعوب الأصلية على المعلومات والتوعية بشأن القوانين القائمة، والنظام القانوني، وكيفية الوصول إلى نظم العدالة، سواء منها الخاصة بالشعوب الأصلية أو بغيرها. ويمكن أن تكون هذه التدابير في شكل حملات توعية، ودورات تدريبية مجتمعية، ومراكز المساعدة القانونية والمتنقلة التي تقدم هذه المعلومات ؛

(ك) كفالة تمتع نساء وفتيات الشعوب الأصلية تمتعا فعليا بالحق في محاكمة عادلة، والمساواة أمام القانون والمساواة في الحماية أمام القانون ؛

(ل) كفالة أن تكون الوسائل المتكاملة لجبر الضرر عن انتهاكات حقوق الإنسان عنصرا رئيسيا من عناصر إقامة العدل في نظم العدالة، سواء منها الخاصة بالشعوب الأصلية أو بغيرها، بما في ذلك النظر في الضرر الروحي والجماعي .

خامسا - التزامات الدول الأطراف فيما يتعلق بالأبعاد المحدَّدة لحقوق نساء وفتيات الشعوب الأصلية

ألف - منع العنف الجنساني ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية والحماية منه (المواد 3 و 5 و 6 و 10 (ج) و 11 و 12 و 14 و 16)

34 - يمثل العنف الجنساني ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية شكلا من أشكال التمييز بموجب المادة 1 من الاتفاقية، ومن ثم فهو مسألة تسري عليها جميع الالتزامات الناشئة بموجب الاتفاقية. وبموجب المادة 2 من الاتفاقية، يجب على الدول الأطراف أن تعتمد دون إبطاء تدابير لمنع وإزالة جميع أشكال العنف الجنساني ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية ( ) . وبالمثل، تقتضي المادة 22 من الإعلان أن تولي الدول اهتماما خاصا للحماية الكاملة لحقوق نساء الشعوب الأصلية وكفالة حقهن في العيش في مأمن من العنف والتمييز. وقد تطور حظر العنف الجنساني ضد المرأة ليصبح أحد مبادئ القانون الدولي العرفي، وهو ينطبق على نساء وفتيات الشعوب الأصلية ( ) .

35 - ويؤثر العنف الجنساني بشكل غير متناسب على نساء وفتيات الشعوب الأصلية. وتشير الإحصاءات المتاحة إلى أن نساء الشعوب الأصلية أكثر عرضة للاغتصاب من النساء من غير الشعوب الأصلية ( ) . فالتقديرات تشير إلى أن امرأة من بين كل ثلاث نساء من الشعوب الأصلية تُغتصب في حياتها ( ) . وفي حين أن هناك مجموعة متزايدة من الأدلة على حجم العنف الجنساني وطبيعته وعواقبه على الصعيد العالمي، فإن المعارف المتاحة عن حالات حدوثه في صفوف نساء الشعوب الأصلية تظل محدودة وتميل إلى التباين بشكل كبير بحسب المشكلة والمنطقة ( ) . وتسلط اللجنة الضوء على الحاجة إلى أن تشارك الدول في جهود جمع البيانات، بالتعاون مع منظمات الشعوب الأصلية ومجتمعاتها المحلية، بغية فهم نطاق مشكلة العنف الجنساني ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية. وتسلط الضوء أيضا على ضرورة أن تتصدى الدول للتمييز والقوالب النمطية ولإضفاء الشرعية الاجتماعية على العنف الجنساني الذي يرتكب ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية.

36 - وتعرب اللجنة عن جزعها إزاء الأشكال العديدة للعنف الجنساني المرتكب ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية ( ) ، إذ أن هذا العنف يحدث في جميع فضاءات ومجالات التفاعل الإنساني، بما في ذلك الأسرة ( ) والمجتمع المحلي والأماكن العامة وأماكن العمل والبيئات التعليمية والفضاء الرقمي ( ) . ويمكن لهذا العنف أن يكون نفسيا أو جسديا أو جنسيا أو اقتصاديا أو سياسيا أو شكلا من أشكال التعذيب. وكثيرا ما يرتكب العنف الروحي ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية، مما يضر بالهوية الجماعية لمجتمعاتهن المحلية، وبارتباطهن بحياتهن الروحية وثقافتهن وأقاليمهن وبيئتهن ومواردهن الطبيعية. وغالبا ما يحدث العنف ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية ذوات الإعاقة ونساء الشعوب الأصلية المسنات في المؤسسات، ولا سيما منها المؤسسات المغلقة والمنفصلة. وكثيرا ما تقع نساء وفتيات الشعوب الأصلية ضحايا للاغتصاب والمضايقة والاختفاء والقتل وقتل الإناث.

37 - ويعد التهجير القسري شكلا رئيسيا من أشكال العنف الذي يؤثر على نساء وفتيات الشعوب الأصلية، ويقطع صلتهن بأراضيهن وأقاليمهن ومواردهن الطبيعية، ويضر بشكل دائم بخططهن في الحياة وبمجتمعاتهن المحلية. كما أنهن يتأثرن بالعنف البيئي، الذي يمكن أن يكون في شكل ضرر بيئي أو تدهور بيئي أو تلوث أو إخفاق من جانب الدولة في منع وقوع ضرر متوقع مرتبط بتغير المناخ. وتشمل أشكال العنف الأخرى التي تؤثر عليهن الاستغلال في البغاء؛ وأشكال الرق المعاصرة مثل الاسترقاق المنزلي؛ والحمل لفائدة الغير قسراً؛ واستهداف نساء الشعوب الأصلية المسنات غير المتزوجات بوصفهن ساحرات أو أنهن مصابات بمس من أرواح شريرة؛ ووصم النساء المتزوجات اللاتي لا يستطعن الإنجاب؛ وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث. وتشدد اللجنة بوجه خاص على مشكلة الاتجار بالبشر التي تؤثر على نساء وفتيات الشعوب الأصلية والناجمة عن عسكرة أراضي الشعوب الأصلية من جانب الجيوش الوطنية، والجريمة المنظمة، وعمليات التعدين وقطع الأشجار، وعصابات المخدرات، إضافة إلى توسيع القواعد العسكرية داخل أراضي وأقاليم الشعوب الأصلية.

38 - وهناك نقص كبير في الإبلاغ عن حالات العنف الجنساني ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية، في حين يتمتع مرتكبوه بانتظام بالإفلات من العقاب بسبب القدرة المحدودة للغاية لنساء وفتيات الشعوب الأصلية في الوصول إلى العدالة، وكذلك بسبب نظم العدالة الجنائية المتحيزة أو المعيبة ( ) . وتزيد العنصرية والتهميش والفقر وتعاطي الكحول والمخدرات من مخاطر تعرضهن للعنف الجنساني ( ) . كما أنهن يعانين من العنف الجنساني الذي ترتكبه أو تتغاضى عنه الجهات الحكومية وغير الحكومية على حد سواء. وتشمل الجهات الحكومية أعضاء الحكومة والقوات المسلحة وسلطات إنفاذ القانون والمؤسسات العامة، بما في ذلك في قطاعات الصحة والتعليم والسجون ( ) . وتشمل الجهات غير الحكومية الأفراد من الخواص، والمؤسسات التجارية، والشركات الخاصة، والجماعات شبه العسكرية والمتمردة، والجهات غير القانونية، والمؤسسات الدينية ( ) .

39 - ويقع على عاتق الدول الأطراف التزام ببذل العناية الواجبة لمنع الجناة والتحقيق معهم ومعاقبتهم، وتقديم التعويضات لنساء وفتيات الشعوب الأصلية ضحايا العنف الجنساني. وينطبق هذا الالتزام على نظم العدالة، سواء منها الخاصة بالشعوب الأصلية أو بغيرها ( ) . وينبغي تنفيذ العناية الواجبة من منظور جنساني متعدد الجوانب يعنى بنساء الشعوب الأصلية ويكون متعدد الثقافات والتخصصات على النحو المحدد في الفقرتين 4 و 5، مع مراعاة الأسباب والآثار الجنسانية المفضية إلى العنف الذي تتعرض له نساء الشعوب الأصلية.

40 - ويقوض العنف الجنساني المرتكب ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية النسيج الروحي والثقافي والاجتماعي الجماعي للشعوب الأصلية ومجتمعاتها المحلية، مما يسبب ضررا جماعيا قد يمتد أحيانا عبر الأجيال. وقد استخدمت جهات متعددة العنف الجنسي المرتكب ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية خلال النزاعات المسلحة وأوقات الاضطرابات كسلاح من أسلحة الحرب وكاستراتيجية للسيطرة على مجتمعات الشعوب الأصلية وإلحاق الأذى بها.

41 - وينبغي أن يكون لدى الدول إطار قانوني فعال وخدمات دعم كافية للتصدي لهذا العنف الجنساني. ويجب أن يشمل هذا الإطار تدابير لمنع جرائم العنف الجنساني والتحقيق فيها ومعاقبة مرتكبيها وتقديم المساعدة والتعويضات لضحاياها من نساء وفتيات الشعوب الأصلية، إضافة إلى توفير خدمات لمعالجة الآثار الضارة للعنف الجنساني والتخفيف من حدتها. ويمتد هذا الالتزام العام ليشمل جميع مجالات عمل الدولة، بما في ذلك السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، على الصعد الإقليمي والوطني والمحلي، إلى جانب الخدمات الحكومية المخصخصة . وهو يقتضي صياغة قواعد قانونية، بما في ذلك صياغتها على المستوى الدستوري، ووضع سياسات وبرامج حكومية، وأطر مؤسسية، وآليات رصد ترمي إلى القضاء على جميع أشكال العنف الجنساني ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية، سواء ارتكبته جهات حكومية أو غير حكومية ( ) .

42 - توصي اللجنة أن تقوم الدول الأطراف بما يلي:

(أ) اعتماد وتنفيذ تشريعات تمنع العنف الجنساني ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية وتحظره وتستجيب له، وتتضمن منظورا جنسانيا متعدد الجوانب يعنى بنساء وفتيات الشعوب الأصلية ويكون متعدد الثقافات والتخصصات، على النحو المحدد في الفقرتين 4 و 5. وينبغي أيضا عند وضع التشريعات وتنفيذها النظر على نحو كاف في دورة حياة جميع نساء وفتيات الشعوب الأصلية، بمن فيهن ذوات الإعاقة؛

(ب) الاعتراف بجميع أشكال العنف الجنساني المرتكبة ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية ومنعها والتصدي لها والمعاقبة عليها والقضاء عليها، بما في ذلك العنف البيئي والروحي والسياسي والهيكلي والمؤسسي والثقافي، وكذلك العنف الذي يعزى إلى الصناعات الاستخراجية؛

(ج) كفالة لجوء نساء وفتيات الشعوب الأصلية في الوقت المناسب وبفعالية إلى نظم العدالة، سواء منها الخاصة بالشعوب الأصلية أو بغيرها، بما في ذلك الاستفادة من أوامر الحماية وآليات الوقاية عند الحاجة، ومن التحقيق الفعال في قضايا المفقودات والمقتولات من نساء وفتيات الشعوب الأصلية دون أي شكل من أشكال التمييز والتحيز؛

(د) إلغاء جميع القوانين التي تمنع نساء وفتيات الشعوب الأصلية من الإبلاغ عن العنف الجنساني أو تثنيهن عن ذلك، مثل قوانين الوصاية التي تحرم المرأة من الأهلية القانونية أو تحد من قدرة النساء ذوات الإعاقة على الإدلاء بشهاداتهن أمام المحكمة؛ وممارسة ما يسمى ” الحجز بغرض الحماية “ ؛ والقوانين المقيدة للهجرة التي تثني النساء، بمن فيهن خادمات المنازل من المهاجرات وغير المهاجرات، عن الإبلاغ عن هذا النوع من العنف؛ والقوانين التي تجيز الاعتقالات المزدوجة في قضايا العنف العائلي أو مقاضاة النساء عند تبرئة الجاني ( ) ؛

(ه) كفالة أن تكون خدمات الدعم، بما في ذلك العلاج الطبي، والمشورة النفسية الاجتماعية، والتدريب المهني، وكذلك خدمات إعادة الإدماج والملاجئ، متاحة ويسهل الوصول إليها ومناسبة ثقافيا لنساء وفتيات الشعوب الأصلية ضحايا العنف الجنساني. وينبغي تصميم جميع الخدمات في إطار منظورات متعددة الثقافات والتخصصات، على النحو المبين في الفقرة 5، وأن تخصص لها موارد مالية كافية؛

(و) توفير الموارد لنساء وفتيات الشعوب الأصلية الناجيات من العنف الجنساني للوصول إلى النظام القانوني للإبلاغ عن حالات العنف تلك. ويمكن أن تشمل الموارد خدمات النقل والمساعدة القانونية والتمثيل والوصول إلى المعلومات بلغات الشعوب الأصلية؛

(ز) ينبغي للدول أن تبذل العناية الواجبة لمنع جميع أشكال العنف والمعاملة اللاإنسانية والتعذيب ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية المحرومات من حريتهن. ويجب على الدول أن تكفل التحقيق في تلك الأفعال والمعاقبة عليها على النحو المناسب عند وقوعها. وينبغي للدول أيضا أن تعتمد تدابير تكفل توعية نساء وفتيات الشعوب الأصلية المحرومات من حريتهن بكيفية الإبلاغ عن هذه الأفعال وإلى أين يلجأن. وينبغي للدول كذلك أن تعطي الأولوية للسياسات والبرامج الرامية إلى تعزيز إعادة الإدماج الاجتماعي لنساء وفتيات الشعوب الأصلية المحرومات من حريتهن، مع احترام ثقافتهن وآرائهن ولغاتهن؛

(ح) يجب على الدول أن تتقيد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في حالات النزاع المسلح، بما في ذلك حظر جميع أشكال التمييز والعنف الجنساني ضد المدنيين والمقاتلين من الأعداء، إلى جانب حظر الإضرار بالأرض والموارد الطبيعية والبيئة؛

(ط) جمع بيانات مصنفة وإجراء دراسات بصورة منهجية، بالتعاون مع مجتمعات ومنظمات الشعوب الأصلية، لتقييم حجم العنف الجنساني ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية ومدى خطورته وأسبابه الجذرية، ولا سيما فيما يتعلق بالعنف والاستغلال الجنسيين، للاسترشاد بها في اتخاذ تدابير لمنع هذا العنف والتصدي له.

باء - الحق في المشاركة الفعالة في الحياة السياسية والعامة (المواد 7 و 8 و 14)

43 - تعاني نساء وفتيات الشعوب الأصلية من الاستبعاد من عملية صنع القرار في العمليات المحلية والوطنية والدولية، وكذلك في مجتمعاتهن المحلية ونظم الشعوب الأصلية ( ) . ولكن، بموجب المادة 7 من الاتفاقية، فإن لهن الحق في المشاركة الفعالة على جميع المستويات في الحياة السياسية والعامة والمجتمعية. ويشمل هذا الحق المشاركة في صنع القرار داخل مجتمعاتهن المحلية، وكذلك مع السلطات المتوارثة وغيرها من السلطات؛ وعمليات التماس الموافقة والتشاور بشأن الأنشطة الاقتصادية التي تضطلع بها الجهات الفاعلة الحكومية والخاصة في أقاليم الشعوب الأصلية؛ ومناصب الخدمة العامة ومناصب صنع القرار على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية والدولية؛ وعملهن كمدافعات عن حقوق الإنسان ( ) .

44 - وتواجه نساء وفتيات الشعوب الأصلية حواجز متعددة ومتقاطعة تحول دون مشاركتهن على نحو فعال وهادف وحقيقي. وتشمل هذه الحواجز العنف السياسي؛ وانعدام الفرص التعليمية أو عدم التكافؤ فيها؛ والأمية؛ والعنصرية؛ والتحيز الجنساني؛ والتمييز على أساس الطبقة الاجتماعية والوضع الاقتصادي؛ والقيود اللغوية؛ والحاجة إلى السفر لمسافات طويلة للوصول إلى أي شكل من أشكال المشاركة؛ والحرمان من الحصول على خدمات الرعاية الصحية، بما في ذلك خدمات الرعاية والحقوق في مجال الصحة الجنسية والإنجابية؛ وعدم إمكانية الحصول على الدعم الاقتصادي فيما يتعلق بالعمليات القانونية والسياسية والمؤسسية والمجتمعية وعمليات المجتمع المدني أو المعلومات المتعلقة بها، بما يتيح التصويت والترشح للمناصب السياسية وتنظيم الحملات وتأمين التمويل لها. ويمكن أن تكون الحواجز التي تحول دون هذه المشاركة عالية بشكل خاص في سياق النزاعات المسلحة، بما في ذلك في عمليات العدالة الانتقالية، التي كثيرا ما تستبعد فيها نساء وفتيات الشعوب الأصلية ومنظماتهن من مفاوضات السلام أو يتعرضن فيها للاعتداء والتهديد عندما يحاولن المشاركة فيها. وينبغي للدول الأطراف أن تعمل على وجه السرعة لكفالة حصول جميع نساء وفتيات الشعوب الأصلية على الحواسيب والإنترنت وغير ذلك من أشكال التكنولوجيا لتيسير إدماجهن الكامل في العالم الرقمي.

45 - وتقر اللجنة بالتهديدات التي تواجهها المدافعات عن حقوق الإنسان من الشعوب الأصلية، رغم أن عملهن يحميه الحق في المشاركة في الحياة السياسية والعامة. وتتعرض للخطر بوجه خاص نساء وفتيات الشعوب الأصلية المدافعات عن حقوق الإنسان البيئية في سياق النهوض بحقوقهن في الأراضي والأقاليم، واللواتي يعارضن تنفيذ المشاريع الإنمائية إلا بعد الحصول على الموافقة الحرة المسبقة المستنيرة للشعوب الأصلية المعنية. وفي كثير من الحالات، تواجه نساء وفتيات الشعوب الأصلية المدافعات عن حقوق الإنسان عمليات القتل؛ والتهديدات والمضايقات؛ وحالات الاحتجاز التعسفي؛ وأشكال التعذيب؛ وتجريم عملهن ووصمهن وتشويه سمعتهن. وتواجه العديد من منظمات نساء وفتيات الشعوب الأصلية عقبات تحول دون الاعتراف بها ككيانات قانونية على الصعيد الوطني، مما يعوق قدرتهن على الحصول على التمويل وعلى العمل بحرية واستقلالية. وترى اللجنة أنه ينبغي للدول الأطراف أن تعتمد تدابير فورية مراعية للمنظور الجنساني للاعتراف علنا بنساء وفتيات الشعوب الأصلية المدافعات عن حقوق الإنسان وتقديم الدعم إليهن وحماية حريتهن وأمنهن وحقهن في تقرير المصير، وكفالة ظروف آمنة وبيئة مواتية لعملهن في مجال الدعوة، تكون خالية من مخاطر التمييز والعنصرية والقتل والمضايقة والعنف.

46 - توصي اللجنة أن تقوم الدول الأطراف بما يلي:

(أ) اتخاذ تدابير لتعزيز المشاركة المجدية والحقيقية والمستنيرة لنساء وفتيات الشعوب الأصلية في الحياة السياسية والعامة وعلى جميع المستويات، بما في ذلك في مناصب صنع القرار، ويمكن أن تشمل تدابير خاصة مؤقتة، مثل تحديد الحصص والأهداف والحوافز وبذل الجهود لكفالة التكافؤ في التمثيل، وذلك وفقا للتوصية العامة رقم 23 (1997) بشأن المرأة في الحياة السياسية والعامة والتوصية العامة رقم 25 (2004) بشأن التدابير الخاصة المؤقتة، والمواد 18 و 19 و 32-1 و 44 من الإعلان ( ) ؛

(ب) إنشاء آليات للمساءلة لمنع الأحزاب السياسية والنقابات العمالية من التمييز ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية، وكفالة حصولهن بشكل فعال على سبل انتصاف قضائية مراعية للمنظور الجنساني تتيح لهن الإبلاغ عن هذه الانتهاكات عند وقوعها. ومن الأهمية بمكان أيضا تدريب الموظفين الحكوميين على إعمال حق نساء وفتيات الشعوب الأصلية في المشاركة الفعالة في الحياة العامة؛

(ج) نشر المعلومات وجعلها في متناول نساء وفتيات الشعوب الأصلية، وكذلك لباقي المجتمع عموما، بشأن فرص ممارسة حقهن في التصويت، والمشاركة في الحياة العامة، والترشح للانتخابات، وتشجيع توظيفهن في الخدمة العامة، بما في ذلك على مستوى صنع القرار. ويمكن أن تشمل التدابير الرامية إلى تيسير حصول النساء والفتيات ذوات الإعاقة على الخدمات استخدام لغة الإشارة وصيغة سهلة القراءة وطريقة براي؛

(د) بذ ل العناية الواجبة لمنع جميع أشكال العنف السياسي المرتكبة ضد السياسيات والمرشحات والمدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات من نساء الشعوب الأصلية، والتحقيق فيها والمعاقبة عليها على المستويات الوطنية والمحلية والمجتمعية، والاعتراف بأشكال التنظيم وانتخاب الممثلين المتوارثة واحترامها؛

(ه) إنشاء وتعزيز وكفالة سبل تقلد نساء الشعوب الأصلية للمناصب السياسية من خلال تمويل الحملات؛ والتدريب على المهارات؛ وتقديم الحوافز؛ وأنشطة التوعية لدى الأحزاب السياسية من أجل ترشيحهن؛ وإنشاء مرافق الرعاية الصحية ورعاية الأطفال الملائمة، بالإضافة إلى خدمات الدعم لرعاية كبار السن، واعتماد التدابير والإصلاحات التشريعية اللازمة لكفالة حق نساء وفتيات الشعوب الأصلية في المشاركة السياسية، وإنشاء آليات للحوافز والرصد، إلى جانب فرض عقوبات على عدم قيام الأحزاب السياسية بتنفيذ تدابير خاصة مؤقتة لزيادة المشاركة السياسية لنساء وفتيات الشعوب الأصلية؛

(و) كفالة أن الأنشطة الاقتصادية، بما في ذلك الأنشطة المتصلة بقطع الأشجار والتنمية والاستثمار والسياحة والاستخراج والتعدين وبرامج التخفيف من حدة تغير المناخ والتكيف معه ومشاريع الحفظ، لا يتم تنفيذها في أقاليم الشعوب الأصلية والمناطق المحمية إلا إذا كانت تشمل المشاركة الفعالة لنساء الشعوب الأصلية، بما في ذلك الاحترام الكامل لحقهن في الموافقة الحرة المسبقة المستنيرة والقيام بعمليات التشاور الملائمة. ومن الأهمية بمكان ألا تؤثر هذه الأنشطة الاقتصادية تأثيرا سلبيا على حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق نساء وفتيات الشعوب الأصلية ( ) ؛

(ز) كفالة وجود وإنشاء حيز لنساء وفتيات الشعوب الأصلية للمشاركة كصانعات قرارات وفاعلات في جهود بناء السلام وعمليات العدالة الانتقالية، تمشيا مع التوصية العامة رقم 30 (2013) بشأن وضع المرأة في سياق منع نشوب النزاعات وفي حالات النزاع وما بعد انتهاء النزاع ومع قرار مجلس الأمن 1325 (2000) وقراراته اللاحقة؛

(ح) اتخاذ خطوات استباقية وفعالة للاعتراف بحياة نساء وفتيات الشعوب الأصلية المدافعات عن حقوق الإنسان وسلامتهن وعملهن وتوفير الدعم والحماية في هذا الصدد، وكفالة قيامهن بأنشطتهن في بيئات آمنة وتمكينية وشاملة. وينبغي أن تشمل التدابير التي تتخذها الدولة إنشاء آليات حكومية متخصصة لحماية المدافعات عن حقوق الإنسان وحماية مشاركتهن الحقيقية والهادفة، بالتعاون مع الشعوب الأصلية.

جيم - الحق في التعليم (المادتان 5 و 10)

47 - تواجه نساء وفتيات الشعوب الأصلية حواجز متعددة تحول دون تمكينهن من الالتحاق بالمدارس والبقاء فيها وإتمام الدراسة، وذلك في جميع مستويات التعليم وفي المجالات الدراسية غير التقليدية ( ) . ومن أهم الحواجز التعليمية التي تعترضهن ما يلي: الافتقار إلى مرافق تعليمية تصممها الشعوب الأصلية أو تنشئها أو تسيطر عليها؛ والفقر؛ والتنميط الجنساني والتهميش التمييزيان ( ) ؛ ومحدودية الأهمية الثقافية للمناهج التعليمية؛ والتلقين فقط باللغة السائدة؛ وندرة التربية الجنسية. وكثيرا ما تضطر نساء وفتيات الشعوب الأصلية إلى السفر لمسافات طويلة للوصول إلى المدارس، مما يعرضهن لخطر العنف الجنساني في الطريق وعند الوصول. وأثناء وجودهن في المدرسة، قد يتعرضن للعنف الجنسي أو العقوبة البدنية أو تسلط الأقران. ويبلغ العنف الجنساني والتمييز في التعليم مستويات حادة بشكل خاص عندما تنفذ سياسات الاستيعاب القسري في المدارس. وتواجه فتيات الشعوب الأصلية ذوات الإعاقة عقبات خاصة تحول دون حصولهن على التعليم والبقاء في المدرسة، بما في ذلك عدم إمكانية الوصول الفعلي؛ ورفض مسؤولي المدارس تسجيلهن؛ والاعتماد على المدارس المنفصلة للأطفال ذوي الإعاقة. كما أن الزواج القسري و/أو زواج الأطفال، والعنف الجنسي، وحمل المراهقات، والعبء غير المتناسب للمسؤوليات الأسرية، وعمل الأطفال، والكوارث الطبيعية، والنزاعات المسلحة، كلها عوامل يمكن أن تعوق أيضا ولوج فتيات الشعوب الأصلية إلى المدارس.

48 - توصي اللجنة أن تقوم الدول الأطراف بما يلي:

(أ) كفالة تمتع نساء وفتيات الشعوب الأصلية تمتعا كاملا بالحق في التعليم من خلال:

’1‘ ضمان تكافؤ فرصهن في الحصول على تعليم جيد في جميع المراحل التعليمية، بما في ذلك عن طريق دعم الشعوب الأصلية لإعمال الحقوق المكفولة في المادتين 14 و 15 من الإعلان؛

’2‘ التصدي للقوالب النمطية التمييزية المتصلة بأصل نساء وفتيات الشعوب الأصلية وتاريخهن وثقافتهن وتجاربهن؛

’3‘ إنشاء برامج للمنح الدراسية والمعونة المالية لتعزيز التحاق نساء وفتيات الشعوب الأصلية بالمدارس، بما في ذلك في المجالات الدراسية غير التقليدية مثل العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والاعتراف بمعارف ومساهمات الشعوب الأصلية، بما في ذلك نساء هذه الشعوب، في العلم والتكنولوجيا وحماية هذه المعارف والمساهمات؛

’4‘ إنشاء نظم دعم متعددة التخصصات لنساء وفتيات الشعوب الأصلية لتقليص حصتهن غير المتكافئة من أعمال الرعاية غير المدفوعة الأجر ومكافحة زواج الأطفال ومساعدة الضحايا في الإبلاغ عن أعمال العنف الجنساني والاستغلال في العمل. وينبغي أن تكون نظم الدعم الاجتماعي فعالة من الناحية التشغيلية وفي المتناول ومراعية للاعتبارات الثقافية؛

(ب) كفالة توفير تعليم جيد وشامل للجميع وميسور التكلفة لجميع نساء وفتيات الشعوب الأصلية، بمن فيهن ذوات الإعاقة. وينبغي للدول أن تزيل الحواجز وأن توفر الموارد والتسهيلات الكافية لكفالة حصول نساء وفتيات الشعوب الأصلية ذوات الإعاقة على التعليم. وينبغي للدول أن تضمن توافر التثقيف الجنسي المناسب للعمر والقائم على البحث العلمي ( ) ؛

(ج) تشجيع اعتماد مناهج دراسية تعكس تعليم الشعوب الأصلية ولغاتها وثقافاتها وتاريخها ونظم معارفها ومنظوماتها المعرفية ( ) . وينبغي أن تمتد هذه الجهود لتشمل جميع المدارس، بما في ذلك مدارس التعليم السائد. وينبغي اعتماد المناهج الدراسية بمشاركة نساء وفتيات الشعوب الأصلية.

دال - الحق في العمل (المادتان 11 و 14)

49 - لا تتاح لنساء الشعوب الأصلية سوى فرص محدودة للحصول على عمل لائق وآمن وذي أجر مجز، مما يقوّض استقلالهن الاقتصادي. وهن يسهمن إسهاما كبيرا في القطاع الزراعي، غير أن أعدادهن كبيرة جدا في الزراعة الكفافية ؛ وفي وظائف موسمية متدنية المهارات أو لبعض الوقت بأجر منخفض أو بدون أجر؛ أو في الأنشطة المنزلية. ويزاول عدد كبير من نساء وفتيات الشعوب الأصلية أيضا أعمالا منزلية ذات أجر منخفض وفي ظروف عمل غير آمنة. ويؤدي الارتفاع الشديد في أعدادهن في العمالة غير النظامية إلى ضُعف الدخل والمزايا والحماية الاجتماعية. وهن يعانين أيضا من قوالب نمطية تمييزية جنسانية ومن تحيز عنصري في مكان العمل، بما في ذلك منعهن المتكرر من ارتداء أزيائهن أو التحدث بلغاتهن. وغالبا ما تعاني نساء الشعوب الأصلية أشكالا من العنف الجنساني والتحرش في العمل، ويمكن أن تُعَدَّ المعاملة التي يتلقينها عملا قسريا وأشكالا من العبودية. وينبغي للدول أن تهيئ فرصا متكافئة لنساء وفتيات الشعوب الأصلية من أجل الحصول على التعليم والتدريب اللازمين لزيادة آفاق توظيفهن، ولتيسير انتقالهن من الاقتصاد غير النظامي إلى الاقتصاد النظامي. وينبغي للدول أيضا أن تضمن استمرار الشعوب الأصلية ونسائها في متابعة ممارسة مِهنها ومِهنهن والاستفادة منها، دون تمييز.

50 - توصي اللجنة بأن تقوم الدول الأطراف بما يلي :

(أ) كفالة ظروف عمل تكون متكافئة وآمنة وعادلة ومواتية لنساء وفتيات الشعوب الأصلية، وكفالة أمن الدخل لهن، بسبل منها:

’ 1‘ توسيع وتعزيز فرص التدريب المهني والوظيفي لهن؛

’ 2‘ توسيع نطاق الفرص المتاحة لنساء الشعوب الأصلية من أجل أن يزاولن الأعمال التجارية ويصبحن رائدات أعمال. و ينبغي للدول دعم مؤسسات العمل التجاري التي تقودها نساء الشعوب الأصلية ومساعدة المجتمعات المحلية للشعوب الأصلية على توليد الثروة من خلال تحسين فرص الحصول على رأس المال وفرص الأعمال التجارية؛

’ 3‘ تيسير انتقالهن من الاقتصاد غير النظامي إلى الاقتصاد النظامي، إذا رغبن في ذلك؛

’ 4‘ حماية الصحة والسلامة المهنيتين لنساء الشعوب الأصلية في جميع أشكال العمل؛

’ 5‘ توسيع نطاق تغطية الحماية الاجتماعية وتوفير خدمات رعاية أطفال مناسبة لنساء الشعوب الأصلية، بمن فيهن العاملات لحسابهن الخاص ( ) ؛

’ 6‘ ضمان أن تتمكن الشعوب الأصلية ونساؤها من مواصلة ممارسة مِهنهما والاستفادة منها، دون تمييز، وكذلك ضمان الحقوق الجماعية في الأراضي التي تقوم فيها وعليها هذه المهن؛

7‘الإدماج الكامل للحق في ظروف عمل عادلة ومواتية ومبدأ الأجر المتساوي لقاء العمل المتساوي القيمة في الأطر القانونية والسياساتية ، مع إيلاء اهتمام خاص لنساء وفتيات الشعوب الأصلية اللائي يعملن بصورة قانونية( ). وينبغي للدول الأطراف أن تشجع ريادة الأعمال عن طريق كفالة المساواة في فرص حصول نساء الشعوب الأصلية على القروض وغيرها من أشكال الائتمان المالي، من دون ضمانات، لتمكينهن من إنشاء مؤسساتهن التجارية الخاصة والنهوض باستقلالهن الاقتصادي؛

(ب) اتخاذ خطوات لمنع التمييز والعنصرية والقوالب النمطية والعنف الجنساني والتحرش الجنسي ضد نساء الشعوب الأصلية في مكان العمل، ولإنشاء وإنفاذ آليات فعالة للإبلاغ والمساءلة، بسبل منها عمليات تفتيش منتظمة على العمل؛

( ج ) كفالة حصول نساء وفتيات الشعوب الأصلية على التدريب على المهارات المهنية والوظيفية، في مجالات منها العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وكذلك تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وغيرها من الميادين التي استُبعدت الشعوب الأصلية منها على مر التاريخ.

هاء - الحق في الصحة (المادتان 10 و 12(

51 - لا تتاح لنساء وفتيات الشعوب الأصلية سوى فرص محدودة للحصول على خدمات رعاية صحية كافية، بما في ذلك خدمات ومعلومات الصحة الجنسية والإنجابية، وهن يواجهن تمييزا عنصريا وجنسانيا ضمن النظم الصحية. وفي كثير من الأحيان لا يُحترم حقهن في الموافقة الحرة المسبقة المستنيرة في قطاع الصحة. وغالبا ما يكون الاختصاصيون الصحيون متحيزين على أساس عرقي وجنساني، وغير مراعين لواقع نساء الشعوب الأصلية وثقافتهن وآرائهن، وغالبا ما لا يتحدثون بلغات الشعوب الأصلية، ونادرا ما يقدمون خدمات تحترم كرامة نساء الشعوب الأصلية وخصوصيتهن وموافقتهن المستنيرة واستقلاليتهن الإنجابية. وكثيرا ما تواجه نساء الشعوب الأصلية صعوبات في تأمين إمكانية الوصول إلى المعلومات والتثقيف في مجال الصحة الجنسية والإنجابية، بما في ذلك المعلومات والتثقيف بشأن وسائل تنظيم الأسرة، ومنع الحمل، والحصول على إجهاض مباح آمن. وكثيرا ما يقعن ضحايا للعنف الجنساني في النظام الصحي، بما في ذلك العنف التوليدي؛ والممارسات القسرية، مثل عمليات التعقيم غير الطوعي أو المنع القسري للحمل؛ والعراقيل في قدرتهن على تقرير عدد الأولاد والمباعدة بين الولادات. وكثيرا ما تُجرَّم القابلات والمولّدات المنتميات إلى الشعوب الأصلية، كما أن النظم الصحية غير النابعة من الشعوب الأصلية تقلل من قيمة المعارف التقنية. وللجوائح تأثير غير متناسب على نساء وفتيات الشعوب الأصلية، ويجب على الدول الأطراف أن تضمن الوصول إلى خدمات رعاية صحية واختبارات وتطعيم تكون مقبولة ثقافيا، خلال حالات الطوارئ هذه.

52 - توصي اللجنة بأن تقوم الدول الأطراف بما يلي :

(أ) كفالة توافر خدمات ومرافق صحية ذات نوعية جيدة تكون ميسرة ومعقولة التكلفة وملائمة ثقافيا ومقبولة لنساء وفتيات الشعوب الأصلية، بمن فيهن ذوات الإعاقة والمسنّات والنساء والفتيات المثليات ومزدوجات الميل الجنسي ومغايرات الهوية الجنسية وحاملات صفات الجنسين، وكفالة الموافقة الحرة المسبقة المستنيرة؛ والسرّيّة؛ واحترام الخصوصية لدى تقديم الخدمات الصحية؛

(ب) ضمان حصول نساء وفتيات الشعوب الأصلية على معلومات سريعة وشاملة ودقيقة، في أشكال يسهل الاطلاع عليها، عن خدمات الصحة الجنسية والإنجابية والوصول إلى هذه الخدمات بتكلفة ميسورة، بما في ذلك خدمات الإجهاض المأمون وأشكال منع الحمل الحديثة؛

( ج ) كفالة نشر المعلومات الصحية على نطاق واسع بلغات الشعوب الأصلية، بسبل منها وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي؛

(د) كفالة الاعتراف بالنظم الصحية للشعوب الأصلية، ومعارفها المتوارثة، وممارساتها، وعلومها وتكنولوجياتها، ومنع تجريمها والمعاقبة عليه؛

(ه) توفير تدريب مراع للاعتبارات الجنسانية والثقافية، من منظور جنساني ومتعدد الثقافات على النحو المبين في الفقرتين 4 و 5، للأخصائيين الصحيين، بمن فيهم العاملون الصحيون المجتمعيون والمولِّدات، الذين يعالجون نساء وفتيات الشعوب الأصلية، وتشجيع نساء الشعوب الأصلية على دخول المهن الطبية؛

(و) اتخاذ خطوات لمنع جميع أشكال العنف الجنساني، والممارسات القسرية، والتمييز، والقوالب النمطية الجنسانية، والتحيز العنصري لدى تقديم الخدمات الصحية.

واو - الحق في الثقافة (المواد 3 و 5 و 13 و 14)

53 - إن الثقافة عنصر أساسي في حياة نساء وفتيات الشعوب الأصلية. وهي ترتبط ارتباطا جوهريا بأراضيهن وأقاليمهن وتاريخهن وديناميات مجتمعاتهن المحلية. ويوجد الكثير من مصادر الثقافة لنساء وفتيات الشعوب الأصلية، بما في ذلك اللغات، والزي، وطريقة إعدادهن للطعام، وممارستهن لطب الشعوب الأصلية، واحترامهن للأماكن المقدسة، وممارستهن للدين وتقاليدهن، ونقلهن لتاريخ وتراث مجتمعاتهن المحلية وشعوبهن. ولنساء الشعوب الأصلية حقّ لا في التمتع بثقافتهن فحسب، ولكن أيضا في تحدي الجوانب التي يعددنها تمييزية من ثقافتهن، مثل القوانين والسياسات والممارسات البالية التي تتعارض مع القانون الدولي لحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين. ووفقا للمادة 12 من اتفاقية حقوق الطفل، يحق أيضا لفتيات الشعوب الأصلية التعبير عن آرائهن والمشاركة في المسائل الثقافية التي تمسّهن، إما مباشرة أو عن طريق ممثل، وفقا لسنهن ونضجهن ( ) . وينبغي للدول أيضا أن تكفل مشاركة نساء وفتيات الشعوب الأصلية مشاركة كاملة في الأنشطة الرياضية والترفيهية، دون أي شكل من أشكال التمييز.

54 - وإن نزع ملكية أقاليم الشعوب الأصلية وأراضيها ومواردها الطبيعية، وعدم الاعتراف القانوني بها والاستخدام غير المأذون به لها، وكذلك التدهور البيئي، بما في ذلك فقدان التنوع البيولوجي، والتلوث، وتغير المناخ، هي تهديدات مباشرة لحقّ نساء وفتيات الشعوب الأصلية في تقرير المصير ولسلامتهن الثقافية وبقائهن، وكذلك الاستخدام غير المأذون به لمعارفهن التقنية وممارستهن الروحية وتراثهن الثقافي، والاستيلاء عليها، من قبل جهات حكومية وأطراف ثالثة. وينبغي للدول أن تحمي لغات الشعوب الأصلية وثقافتها ومعارفها وتحافظ عليها، بسبل منها استخدام الأدوات الرقمية؛ والمعاقبة على الاستيلاء عليها واستخدامها دون إذن؛ واحترام وحماية أراضي الشعوب الأصلية وأقاليمها وأماكنها المقدسة.

55 - توصي اللجنة بأن تقوم الدول الأطراف بما يلي :

(أ) كفالة الحقوق الفردية والجماعية لنساء وفتيات الشعوب الأصلية في الحفاظ على ثقافتهن وهويتهن وتقاليدهن، وفي اختيار طريقهن وخططهن الخاصة في الحياة؛

(ب) احترام حقوق الشعوب الأصلية في الأراضي والأقاليم والموارد، وفي بيئة آمنة ونظيفة ومستدامة وصحية، وحماية تلك الحقوق وتوسيع نطاقها، كشرط مسبق للحفاظ على ثقافة نساء وفتيات الشعوب الأصلية؛

( ج ) بذل العناية الواجبة لمنع المخالفين والتحقيق معهم ومعاقبتهم، وتقديم جبر ضرر للضحايا في حالات الاستخدام غير المأذون به للمعارف الثقافية والتراث الثقافي لنساء وفتيات الشعوب الأصلية أو الاستيلاء عليه، دون موافقتهن الحرة المسبقة المستنيرة، وتقاسم المنافع بإنصاف معهن؛

(د) التعاون مع الشعوب الأصلية، بما في ذلك النساء، على وضع برامج ومناهج تعليمية ملائمة ثقافيا؛

(ه) دراسة العلاقة بين التكنولوجيا والثقافة، حيث يمكن أن تكون الأدوات الرقمية مهمة لنقل لغات وثقافات الشعوب الأصلية والحفاظ عليها. وفي الحالات التي تُستخدم فيها الأدوات الرقمية لدعم نقل ثقافات الشعوب الأصلية والحفاظ عليها، فإنها ينبغي أن تُتاح لنساء وفتيات الشعوب الأصلية، وأن تكون ملائمة ثقافيا لهن؛

(و) الاعتراف بالملكية الفكرية؛ والتراث الثقافي؛ والمعرفة العلمية والطبية؛ وأشكال التعبير الأدبي والفني والموسيقي والراقص؛ والموارد الطبيعية لنساء الشعوب الأصلية، وحمايتها. ولدى اعتماد تدابير، يجب على الدول الأطراف أن تأخذ بعين الاعتبار ما تفضِّله نساء وفتيات الشعوب الأصلية. ويمكن أن تشمل التدابير الاعتراف بمؤلفات نساء وفتيات الشعوب الأصلية الفردية أو الجماعية وتسجيلها وحمايتها في إطار النظم الوطنية لحقوق الملكية الفكرية، وينبغي أن تمنع الاستخدام غير المأذون به للملكية الفكرية والتراث الثقافي والمعارف العلمية والطبية وأشكال التعبير الأدبي والفني والموسيقي والراقص والموارد الطبيعية لنساء وفتيات الشعوب الأصلية من قبل أطراف ثالثة. وينبغي للدول أيضا أن تحترم مبدأ الموافقة الحرة المسبقة المستنيرة للكاتبات والفنانات المنتميات إلى نساء الشعوب الأصلية، واحترام الأشكال الشفوية أو غيرها من الأشكال العُرفية لنقل معارفهن التقليدية وتراثهن الثقافي وأشكال التعبير العلمي أو الأدبي أو الفني لديهن ( ) ؛

(ز) بذل العناية الواجبة لاحترام وحماية الأماكن المقدسة للشعوب الأصلية وأقاليمها، ومحاسبة من ينتهكونها.

زاي - الحقوق في الأراضي والأقاليم والموارد الطبيعية (المادتان 13 و 14(

56 - إن الأراضي والأقاليم جزء لا يتجزأ من هوية نساء وفتيات الشعوب الأصلية ورُآهن وسبل عيشهن وثقافتهن وروحهن. وترتبط حياتهن ورفاههن وثقافتهن وبقاؤهن ارتباطا جوهريا باستخدام أراضيهن وأقاليمهن ومواردهن الطبيعية، والتمتع بها. ويؤدي الاعتراف المحدود بملكيتهن للأقاليم المتوارثة؛ وغياب سندات التملك لأراضيهن والحماية القانونية لتقاليدهن وتراثهن؛ وعدم الاعتراف بحقوق الشعوب الأصلية في سندات تملك الأراضي وسندات التملك للشعوب الأصلية على المستويات التعاهدي والدستوري والتشريعي في الكثير من البلدان ( ) إلى تقويض حقوقها ويغذي عدم احترام الجهات الفاعلة الحكومية والخاصة لتلك الحقوق، ولا سيما الحقوق في الملكية الجماعية للأراضي والموارد وحيازتها واستخدامها والتمتع بها. ويمكن لعدم الاعتراف بحقوق الشعوب الأصلية في الأراضي أن يؤدي إلى الفقر؛ وإلى انعدام الأمن الغذائي والمائي؛ والحواجز التي تحول دون الوصول إلى الموارد الطبيعية الضرورية للبقاء؛ وخلق ظروف غير آمنة، مما يؤدي إلى العنف الجنساني ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية. ويتعين على الدول بموجب القانون الدولي تحديد حدود أقاليم الشعوب الأصلية، وترسيمها، وتحديد ملكيتها، وكفالة ضمان ملكيتها، لمنع التمييز ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية.

57 - توصي اللجنة بأن تقوم الدول الأطراف بما يلي :

(أ) الاعتراف بحقوق الشعوب الأصلية ونسائها في الملكية الفردية والجماعية للأراضي وفي التصرف في تلك الأراضي، التي تشملها نظمها العرفية لحيازة الأراضي، ووضع سياسات وقوانين تعكس هذا الاعتراف على نحو واف في الاقتصادات المحلية والوطنية؛

(ب) الاعتراف قانونا في المعاهدات والدساتير والقوانين على المستوى الوطني بحق الشعوب الأصلية في تقرير المصير والوجود، وبحقوقها في أراضيها وأقاليمها ومواردها الطبيعية؛

( ج ) اشتراط الموافقة الحرة المسبقة المستنيرة لنساء وفتيات الشعوب الأصلية قبل الإذن بمشاريع اقتصادية وتنموية واستخراجية ومشاريع للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه على أراضيهن وأقاليمهن، تؤثر على مواردهن الطبيعية. ويوصى بتصميم بروتوكولات للموافقة الحرة المسبقة المستنيرة لتوجيه هذه العمليات؛

(د) منع وتنظيم أنشطة المؤسسات التجارية والشركات وغيرها من الجهات الفاعلة الخاصة التي قد تقوّض حقوق نساء وفتيات الشعوب الأصلية في أراضيهن وأقاليمهن وبيئتهن، بما في ذلك اتخاذ تدابير للمعاقبة على انتهاكات حقوق الإنسان هذه، وكفالة توافر وسائل الانتصاف وتوفير سبل جبر الضرر ومنع تكرار تلك الانتهاكات؛

(ه) اعتماد استراتيجية شاملة للتصدي للقوالب النمطية والمواقف والممارسات التمييزية، التي تقوض حقوق نساء الشعوب الأصلية في الأراضي والأقاليم والموارد الطبيعية ( ) .

حاء - الحق في الغذاء والماء والبذور (المادتان 12 و 14(

58 - لنساء وفتيات الشعوب الأصلية دور رئيسي في مجتمعاتهن المحلية في تأمين الغذاء والماء وأشكال سبل العيش والبقاء. ويؤدي نزع ملكية أراضيهن، والتشريد القسري لهن، وعدم الاعتراف بحقوق الشعوب الأصلية في الأراضي إلى الحد من فرصهن في تحقيق الأمن الغذائي والمائي، وفي إدارة هذه الموارد الطبيعية اللازمة. ويمكن أن يتسبب تنفيذ الأنشطة الاستخراجية وغيرها من الأنشطة الاقتصادية والمشاريع الإنمائية في تلوّث الأغذية والمياه، وانقطاع إمداداتهما، وتدهور جودتهما، ويعيق الأشكال الرئيسية للزراعة المتوارثة. ويؤدي أيضا تغير المناخ وغيره من أشكال التدهور البيئي إلى تهديد الأمن الغذائي، وإلى تلوّث إمدادات المياه وانقطاعها. وينبغي للدول اتخاذ تدابير عاجلة لكفالة ما يلزم من السبل لحصول نساء وفتيات الشعوب الأصلية على ما يكفي من الغذاء والتغذية والمياه. ومن دواعي القلق بوجه خاص تزايدُ الاستغلال التجاري للبذور، وهي جزء أساسي من المعارف المتوارثة والتراث الثقافي للشعوب الأصلية. وهذا الاستغلال التجاري للبذور غالبا ما يتمّ دون تقاسمٍ للمنافع مع نساء الشعوب الأصلية. وتكاثُر المحاصيل المحوَّرة وراثيا أو المعدَّلة وراثيا هو مصدر قلق للشعوب الأصلية، وهو غالبا ما يتمّ دون أي مشاركة من نساء أو فتيات الشعوب الأصلية.

59 - توصي اللجنة بأن تقوم الدول الأطراف بما يلي :

(أ) كفالة حصول نساء وفتيات الشعوب الأصلية على ما يكفي من الغذاء والماء والبذور والاعتراف بمساهمتهن في إنتاج الأغذية، والاستقلالية، والتنمية المستدامة؛

(ب) حماية الأشكال المتوارثة من الزراعة ومصادر العيش لنساء الشعوب الأصلية وكفالة المشاركة المجدية لنساء الشعوب الأصلية وفتياتها في تصميم واعتماد وتنفيذ خطط الإصلاح الزراعي وإدارة الموارد الطبيعية والتحكم فيها؛

( ج ) بذل العناية الواجبة لمنع العنف الجنساني ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية والتحقيق فيه والمعاقبة عليه عند مزاولة الأعمال الزراعية وشراء الغذاء وجلب المياه لأسرهن ومجتمعاتهن المحلية، وكفالة حصولهن على فوائد التقدم العلمي والابتكار التكنولوجي حتى يتمكنّن من تحقيق الأمن الغذائي والمائي، وحتى يتسنى تعويضهن عن مساهماتهن ومعارفهن التقنية. وينبغي للدول الأطراف أيضا الاعتراف بمساهماتهن العلمية.

طاء - الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة (المادتان 12 و 14(

60 - يشمل الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة مناخا آمنا ومستقرا؛ والغذاء والماء المأمونين والكافيين؛ والنظم الإيكولوجية الصحية والتنوع البيولوجي؛ والبيئة غير السامة؛ والمشاركة؛ والوصول الى المعلومات؛ والوصول إلى العدالة في المسائل البيئية ( ) . وتشير نساء وفتيات الشعوب الأصلية إلى ” أمنا الأرض “ ، وهو مفهوم يعكس الصلة الحيوية التي تربطهن ببيئة صحية وبأراضيهن وأقاليمهن ومواردهن الطبيعية. ويهدد التلوث الناجم عن النشاط البشري، والتلوث، وإزالة الغابات، وحرق الوقود الأحفوري، وفقدان التنوع البيولوجي تلك الصلةَ. ويمثّل عدم قيام الدول باتخاذ إجراءات كافية لمنع هذه الحالات من الأضرار البيئية الخطيرة والتكيف معها ومعالجتها، شكلا من أشكال التمييز والعنف ضد نساء وفتيات الشعوب الأصلية لا بد من التصدي له على الفور. وعلاوة على ذلك، ينبغي للدول أن تتخذ خطوات للاعتراف بمساهمة نساء الشعوب الأصلية من خلال معرفتهن التقنية بحفظ التنوع البيولوجي واستعادته، وإشراكهن في عملية صنع القرار والمفاوضات والمناقشات المتعلقة بالعمل المناخي وتدابير التخفيف والتكيّف. وينبغي للدول أيضا أن تعمل على وجه السرعة على دعم عمل نساء وفتيات الشعوب الأصلية المدافعات عن حقوق الإنسان البيئية وضمان حمايتهن وأمنهن.

61 - توصي اللجنة بأن تقوم الدول الأطراف بما يلي :

(أ) كفالة أن تعكس القوانين والسياسات المتعلقة بالبيئة وتغير المناخ وتدابير الحد من مخاطر الكوارث الآثارَ النوعية لتغير المناخ وغيرها من أشكال التدهور والضرر البيئيين، بما في ذلك الأزمة الثلاثية الأبعاد التي يعاني منها كوكبنا ( ) ؛

(ب) كفالة حصول نساء وفتيات الشعوب الأصلية على فرص متساوية للمشاركة الفعالة والمجدية في صنع القرارات المتعلقة بالبيئة والحد من مخاطر الكوارث وتغير المناخ ( ) ؛

( ج ) كفالة توافر سبل انتصاف وآليات مساءلة فعّالة لمحاسبة المسؤولين عن الأضرار البيئية، وكفالة وصول نساء وفتيات الشعوب الأصلية إلى العدالة في المسائل البيئية؛

(د) كفالة الموافقة الحرة المسبقة المستنيرة لنساء وفتيات الشعوب الأصلية في المسائل التي تؤثر على بيئتهن وأراضيهن وتراثهن الثقافي ومواردهن الطبيعية، بما في ذلك أي مقترح بتصنيف أراضيهن منطقة محمية لأغراض الحفظ أو التخفيف من آثار تغير المناخ أو احتجاز الكربون وتبادل حقوق إطلاق الانبعاثات الكربونية، أو تنفيذ مشروع للطاقة الخضراء على أراضيهن؛ وفي أي مسألة أخرى تؤثر تأثيرا كبيرا على حقوق الإنسان الواجبة لهن.