الأمم المتحدة

CAT/C/62/D/683/2015

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

26 December 2017

Arabic

Original: English

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 683/2015 * * *

المقدم من : إ. أ. (يمثله المحامي طارق حسن)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب الشكوى

الدولة الطرف : سويسرا

تاريخ تقديم الشكوى : 26 أيار/مايو 2015 (تاريخ الرسالة الأولى)

تاريخ اعتماد هذا القرار : ١٤ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٧

الموضوع : الإبعاد إلى السودان

المسائل الإجرائية : عدم إثبات الادعاءات

المسائل الموضوعية : خطر التعرض للتعذيب عند الإبعاد إلى البلد الأصلي (عدم الإعادة القسرية)

مواد الاتفاقية : ٣

١- 1 صاحب الشكوى هو إ. أ.، من مواطني السودان، وُلد في أشابا بدارفو ر في 12 آذار/ مارس 1983. وقدم طلب اللجوء في سويسرا، لكن طلبه رُفض. وهو معرض للإبعاد إلى السودان ( ) . ويدعي أن من شأن إكراهه على المغادرة أن يشكل انتهاكا ً من سويسرا للمادة 3 من الاتفاقية. وأصدرت سويسرا في 2 كانون الأول/ديسمبر 1986 الإعلان المطلوب بموجب المادة 22 من الاتفاقية. ويمثل صاحب الشكوى المحامي طارق حسن.

١- ٢ وفي ٢٩ أيار/مايو ٢٠١٥، طلبت اللجنة، عن طريق مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، إلى الدولة الطرف عدم إبعاد صاحب الشكوى ما دامت شكواه قيد النظر. وفي ٢ حزيران/ يونيه ٢٠١٥، أبلغت الدولة الطرف اللجن ة بأن ترحيل صاحب الشكوى قد علق ريثما تنظر اللجنة في شكواه.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

٢-١ يقول صاحب الشكوى إ ن مليشيا ال جنجويد هاجمت قريته وأحرقتها في عام ٢٠٠٢، الأمر الذي أجبر سكانها، بمن فيهم صاحب الشكوى، على الفرار. وذهب أولا ً وقبل كل شيء إلى الخرطوم ( ) . وبعد عام من ذلك، ذهب إلى قريةِ طويلة، بدارفور، حيث عمل بائعاً وفي الزراعة. وفي عام ٢٠٠٤، هاجمت مليشيا ال جنجويد ومليشيات عربية أخرى قرية طويلة فأسفر الهجوم عن قتل بعض سكانها ومواشيهم. وتمكن صاحب الشكوى من الفرار بمعيّة شقيقه الذي أصيب بجراح في الهجوم. ومشيا ً حوالي ٩٠ دقيقة حتى اعتقلهما موظفون حكوميون كانوا مارّين من المكان في سيارة رسمية واقتادوهما إلى السجن ( ) .

٢-٢ ويدعي صاحب الشكوى أنه استجوب مرات عدة أثناء احتجازه بتهمة توريد أسلحة إلى مجموعة الفُور الإثنية وهي الجماعة التي ينتمي إليها. وكان أصيب أثناء الاحتجاز ب كسر في يده وآخر في ساقه ( ) . وأطلق سراحه بعد ستة أشهر من الاحتجاز. وبعد فترة من الزمن، غادر السودان وسافر عبر ليبيا وإيطاليا ووصل إلى سويسرا في ١١ تموز/يوليه ٢٠٠٥. وفي ١٢ تموز/ يوليه ٢٠٠٥ ، قدم طلب اللجوء الأول.

٢-٣ وفي ٢٥ أيلول/سبتمبر ٢٠٠٦، رفض المكتب الاتحادي للمهاجرين سابقا ً (الذي يسمى حاليا ً أمانة الدولة للهجرة) طلب اللجوء لأنه اعتبر الادعاءات الواردة فيه غير معقولة. وفي ٢٤ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٦، طعن صاحب الشكوى في قرار المكتب؛ ورفضت المحكمة الإدارية الاتحادية هذا الطعن في ١٦ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٩.

٢-٤ وفي ٣١ كانون الثاني/يناير ٢٠١٤، قدم صاحب الشكوى طلب اللجوء الثاني، مدعياً أن ه اكتسب مكانة سياسية مرموقة وهو في سويسرا، إذ إنه أصبح عضوا ً في الفرع السويسري لحركة العدل والمساواة، وهي جماعة معارضة سودانية، وأمينه للشؤون الاجتماعية والإعلامية. وفي ٥ شباط/فبراير ٢٠١٥، رفضت أمانة الدولة للهجرة طلب اللجوء الثاني الذي قدمه. فقد اعتبرت الأنشطة التي يضطلع بها بصفته أمين الشؤون الاجتماعية والإعلامية بحركة العدل والمساواة لا تكفي لجلب اهتمام السلطات السودانية. وترى أنه ليس ت له مكانة سياسية بارزة لأنه مجرد مؤيد للحركة المذكورة في جملة مؤيدين كُثُر. وحتى على افتراض أن السلطات السودانية لاحظت وجوده، فإنها لن تكون مهتمة به. والحال أن أنشطته تعطي الانطباع بأن هدفه البقاء في سويسرا لا معارضة حكومة السودان. وفي ١٣ شباط/فبراير ٢٠١٤، اعتقلت شرطة الكانتون صاحب الشكوى وقدمته إلى المكتب الاتحادي للمهاجرين من أجل الحصول على الوثائق الرسمية. ويدعي في هذا السياق أن هويته كُشفت للسفارة السودانية.

٢-٥ وطعن صاحب الشكوى في قرار أمانة الدولة للهجرة لدى المحكمة الإدارية الاتحادية. وأيدت المحكمة قرار الأمانة فرفضت طعن صاحب الشكوى في ٢٦ آذار/مارس ٢٠١٥. فقد رأت أن السلطات السودانية قد تهتم بالمواطنين السودانيين الذين يمارسون أنشطة سياسية بارزة تميّزهم ع ن زمرة المجهولين المكوّنة من مجرد مشاركين في تظاهرات سياسية. وترى أن صاحب الشكوى لم يثبت أنه ناشط منفي بارز من شأن السلطات السودانية أن تعتبره خطرا ً ، ذلك أنه اكتفى بالانضمام إلى فرع حركة العدل والمساواة في سويسرا في تموز/يوليه ٢٠١٢ (وهذه حقيقة تَأكّدت في كانون الثاني/ يناير ٢٠١٣) ( ) . واعتبرت تقديم حركة العدل والمساواة رسالتين اثنتين تثبتان عضويته كان على سبيل المجاملة بالنظر إلى أنهما لم تصدرا إلا بعد شهرين من عضوية صاحب الشكوى. واعتبرت أيضا ً أن الصور التي قدمها صاحب الشكوى والتي تُظهره رفْقة أعضاء بارزين في حركة العدل والمساواة في مؤتمر دولي يبدو أنها التقطت قبل بدء المؤتمر لأن أُطُر الحركة وأفراد الجمهور لا يظهرون في أي من الصورتين مع صاحب الشكوى. لذا، فإن السلطات السودانية لن تهتم به. واعتبرت المحكمة إضافة إلى ذلك أن صاحب الشكوى لم يكن ناشطا ً سياسيا ً عندما كان في السودان وأنه أصبح عضوا ً في الفرع السويسري لحركة العدل والمساواة كي يحصل على الإقامة في سويسرا.

٢-٦ ويؤكد صاحب الشكوى أنه كان عضوا ً بارزا ً وفاعلا ً جدا ً في الفرع السويسري لحركة العدل والمساواة على مدى ثلاث سنوات تقريبا ً . وخلافا ً لفتوى المحكمة، لا يمكن وصفه بأنه مجرد مشارك في الأنشطة المختلفة التي تنظمها الحركة. فبالنظر إلى أنه شارك في العديد من المؤتمرا ت والتُقطت له صور عدة فيها، فإن أ غلب الظن أنه جلب انتباه حكومة السودان. ويدعي أن نشاطه السياسي حقيقي. وبعد رفض طلب اللجوء الأول، اضطُر إلى الاختباء خوفا ً من ترحيله إلى السودان. ورغم إقامته غير القانونية، قرر الانضمام إلى الفرع السويسري لحركة العدل والمساواة، الأمر الذي يدلّ على التزامه بقضيتها.

٢-٧ ويخشى صاحب الشكوى أن كونه فرداً غير عربي ينتمي إلى فرع من فروع في إثنية الفور، الممثَّل أفرادها في حركة العدل والمساواة، يجعله عرضة بوجه خاص لخطر اضطهاد السلطات السودانية له. ويؤكد أن المحكمة الإدارية الاتحادية اعترفت في حكمها رقم E-1979/2008( ) بأن المواطنين السودانيين المعادين إلى السودان بعد إقامة طويلة في الخارج يستجوبهم جهاز الاستخبارات السوداني ويسألهم عن اتصالاتهم المحتملة مع الجماعات المعارضة في المنفى.

الشكوى

٣-١ يدعي صاحب الشكوى أنه إن أعيد إلى السودان، سي واجه خطرا ً حقيقيا ً بالتعرض للتعذيب على يد السلطات السودانية بالنظر إلى عضويته في فرع حركة العدل والمساواة في سويسرا ومنصبه السياسي فيها بصفته أمين الشؤون الاجتماعية والإعلامية. ويدعي أن الدولة الطرف سوف تسلك مسلكا ً ينتهك المادة ٣ من الاتفاقية إن هي رحّلته إلى السودان.

٣-٢ ويجادل صاحب الشكوى بأن المحكمة الإدارية الاتحادية لم تأخذ في الحسبان معظم الأدلة التي قدمها ليثبت أن مكانته السياسية مرموقة بحيث تعرضه لخطر التعذيب إن أعيد إلى السودان ( ) . ويدعي أنه أبلغ السلطات السويسرية بالمهام المتعددة التي يضطلع بها بوصفه أمينا ً للشؤون الاجتماعية والإعلامية، بما فيها تعريف المواطنين السودانيين الوافدين الجدد بحركة العدل والمساواة، والمشاركة في اجتماعاتها وفي مؤتمراتها الدولية وتنظيم هذه الاجتماعات والمؤتمرات.

٣-٣ ولكي يدعم صاحب الشكوى ادعاءاته المتعلقة بنشاطه السياسي في سويسرا، قدم رسالتين من حركة العدل والمساواة تثبتان أنه عضو فيها ( ) ، ونسخة من بطاقة العضوية في الحركة، وتقريرا ً عن جلسة الاستماع التي عقدت في ١٨ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٤، وصورتين له بمعيّة العديد من قادة الحركة التُقطتا في اجتماع للحركة في فولكسهاوس في زيوريخ وفي مقر "نداء جنيف". وثمة أسباب وجيهة تحمل على الاعتقاد بأنه سوف يتعرض لخطر حقيقي إن أعيد إلى السودان، لا سيما بالنظر إلى أن أمانة الدولة للهجرة كشفت هويته وأنشطته السياسية للسلطات السودانية.

٣-٤ ويدعي أنه لولا اهتمامه الحقيقي بالسياسة لاجتنب أنشطة مكّنت السلطات السويسرية من اكتشاف مكان وجوده. أضف إلى ذلك أن رسالتَي حركة العدل والمساواة لم تصدرا على سبيل المجاملة لأن المنظمة لا تقبل الأشخاص الذين لا تعتبرهم ملتزمين سياسيا ً حقا ً . ويؤكد في هذا الصدد أن الحركة تشعر بقلق شديد إزاء تسلل مبلّغين يعملون لصالح السلطات السودانية.

٣-٥ ويؤكد صاحب الشكوى أيضا ً أن السلطات السودانية كثفت بطشها بالمناضلين السياسيين، ولا سيما من كان منهم من دارفور ( ) . ويجزم بأن ظروف السجن في السودان سيئة جدا ً وأن السجناء كثيرا ً ما يعاملون معاملة سيئة ( ) . ويشير إلى السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تنص على أن أي شخص يعارض أو يشتبه في أنه يعارض النظام السوداني الحالي معرّض لخطر الاحتجاز وسوء المعاملة والتعذيب في السودان حتى لو لم يكن من القادة أو الشخصيات البارزة داخل الحركات السياسية ( ) . وقد يتعاظم هذا الخطر إ ذا كان الشخص قضى فترة طويلة من الوقت في الخارج ( ) . ولما كان مناصراً لحركة العدل والمساواة وعضواً فاعلاً في فرعها السويسري قضى في الخارج أكثر من ١٠ سنوات، فإنه يدعي مشروعية خوفه من أن يعتقل عند إعادته إلى السودان ويعرض للتعذيب أو غيره من أشكال المعاملة اللاإنسانية أو المهينة.

٣-٦ ويؤكد صاحب الشكوى أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة لأن المحكمة الإدارية الاتحادية، بوصفها محكمة متخصصة، هي السلطة الوطنية التي لها كلمة الفصل في مسائل اللجوء. زد على ذلك أن هذا البلاغ لم يُنظر فيه وليس قيد النظر في إطار أي من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

٤-١ قدمت الدولة الطرف في ٢٧ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٥ ملاحظاتها على الأسس الموضوعية للبلاغ. و وجّهت نظر اللجنة إلى أن صاحب الشكوى قدم طلبا ً إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ٤ آذار/مارس ٢٠١٠ بخصوص حكم المحكمة الإدارية الاتحادية الصادر في ١٦ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٩. ولم تمنح المحكمة الأوروبية الطلب أثرا ً إيقافيا ً ، وأعلنت أنه غير مقبول لأنه واضح البطلان.

٤-٢ وعن القرارات المتعلقة بطلبي اللجوء الأول والثاني، تدفع الدولة الطرف بأن أمانة الدولة للهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية محّصت ا النظر في ادعاءات خطر تعرض صاحب الشكوى للاضطهاد إن هو رحّل إلى السودان. وتعتقد أن هذه الشكوى المعروضة على اللجنة لا تتضمن أي ادعاءات أو أدلة جديدة.

٤-٣ وتشير الدولة الطرف إلى أن سلطاتها نظرت كما يجب فيما إذا كان صاحب الشكوى سيواجه خطرا ً متوقعا ً وحقيقيا ً وشخصيا ً بالتعرض للتعذيب إن رحّل إلى بلده الأصلي، وانتهت إلى أن ترحيله إلى السودان لن ينتهك المادة ٣ من الاتفاقية.

٤-٤ وتذكّر الدولة الطرف باجتهادات اللجنة التي جاء فيها أن حدوث انتهاكات صارخة وممنهجة لحقوق الإنسان في البلد الأصلي لا يعد في حد ذاته سببا ً كافيا ً للخلوص إلى أن صاحب الشكوى سيتعرض لخطر التعذيب عند عودته إلى بلده الأصلي. وفي المقابل، لا يعني عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان أن الشخص قد لا يتعرض للتعذيب بحكم الظروف الخاصة به ( ) . وترى الدولة الطرف أن العنف في السودان غير متفشّ حالياً . غير أن حالة الحرب الأهلية وتفشي العنف، كما ورد في حكم المحكمة الإدارية الاتحادية الصادر في ٢٦ آذار/ مارس ٢٠١٥، تنطبق على دارفور. أضف إلى ذلك النزاعات المسلحة في ولايتَي جنوب كردفان والنيل الأزرق. وتحيل الدولة الطرف إلى اجتهادات المحكمة الإدارية الاتحادية، التي تقبل إعادة التوطين داخل السودان، لا سيما أنه يمكن الحصول على الحماية من السلطات في منطقة الخرطوم.

٤-٥ وتدفع الدولة الطرف بأن المحكمة الأوروبية نصّت، في حكمها الصادر في قضية أ. أ. ضد سويسرا ( ) ، أن الوضع الأمني وحالة حقوق الإنسان في السودان يبعثان على القلق وأنهما تفاقما ً . بيد أن المحكمة الأوروبية رأت أن على صاحب الشكوى، حتى في مثل هذه الظروف، أن يثبت لسلطات اللجوء الوطنية أن المعاملة التي سيعامل بها عقب ترحيله ستتنافى مع المادة ٣ من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وسلّمت المحكمة الأوروبية بأن أعضاء المعارضة السياسية والأفراد المشتبه في صلاتهم بجماعات متمردة في دارفور، والطلاب، والصحفيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان أكثر عرضة من غيرهم، في حين أن جميع المعارضين للنظام الحالي أو المشتبه في معارضتهم له معرضون للخطر عموما ً ( ) . وترى المحكمة الأوروبية أن حكومة السودان ترصد أيضا ً أنشطة المعارضة في الخارج.

٤-٦ وتحيل الدولة الطرف إلى تقارير معلومات أساسية مختلفة عن أوضاع حقوق الإنسان في السودان تشير إلى جملة من الأمور، منها أن حكومة السودان لا تحقق في قضايا التعذيب أو إفراط أعوان الأمن في استخدام القوة ( ) ، وأن السلطات السودانية لا تهتم عموما ً إلا بالأنشطة التي ت رى أنها تضر بمصالحها إضرارا ً بالغا ً ، وأنها لن تهتم بشخص اكتفى بتقديم طلب لجوء في الخارج ( ) . وتشير التقارير أيضا ً إلى أن جهاز الأمن والمخابرات الوطني واصل التعسف في اعتقال مَن يُعتقد أنهم معارضون لحزب المؤتمر الوطني الحاكم واحتجازهم ( ) . لكن، بالنظر إلى الأوضاع الراهنة في البلد، تجادل الدولة الطرف بأن صاحب الشكوى لم يثبت أنه سيواجه شخصيا ً خطر التعرض للتعذيب إذا أعيد إلى السودان ( ) .

٤-٧ وفيما يتعلق بادعاءات صاحب الشكوى أنه ع ُ ذ ّ ب وعومل معاملة سيئة وأن يده وساقه كسرتا أثناء احتجازه في السودان، تدفع الدولة الطرف بأنه لم يفصّل القول في ملابسات هذه الحوادث ولم يقدم أي أدلة تدعم ادعاءاته في هذا الصدد. وخلال إجراءات اللجوء الأولى، دقّق كل من المكتب الاتحادي للمهاجرين والمحكمة الإدارية الاتحادية النظر في مزاعم صاحب الشكوى ولم يجدا أنها ذات مصداقية. وخلال إجراءات اللجوء الثانية، اقتصر صاحب الشكوى على تكرار ادعاءاته السابقة دون أن يقدم أي أدلة جديدة.

٤-٨ وكان صاحب الشكوى أكد أنه اكتفى بالاتصال بحركة العدل والمساواة في سويسرا وانخرط في السياسة عقب الانتهاء من إجراءات اللجوء الأولى. ولم يدّع أنه كان ناشطا ً سياسيا ً قبل مغادرته السودان ( ) ، ولم يُلفت أي اهتمام سلبي من السلطات السودانية عندما كان في السودان. وعقب إجراءات اللجوء الأولى، خلصت السلطات السويسرية المعنية باللجوء إلى أن المزاعم المتعلقة باحتجازه في السودان لا تبدو ذات مصداقية ( ) . والظاهر أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تشاطرها هذا الرأي.

٤-٩ ووجدت سلطات اللجوء الوطنية أن عضوية صاحب الشكوى في الفرع السويسري لحركة العدل والمساواة والأنشطة المزعومة المتصلة بعمل أمين العلاقات الاجتماعية والإعلامية لم يسفرا عن تبوّئه مكانة من شأنها أن تعرضه لخطر الاضطهاد. واعترف صاحب الشكوى نفسه بأنه لا يتقلّد منصبا ً إداريا ً رفيعا ً داخل الحركة ( ) وأنه ليس الشخص الوحيد المكلف بالشؤون الإعلامية. واستعمال لقب "أمين" يشير إلى دور عام لا يستلزم مؤهلات محددة أو مستوى رفيعا ً من الالتزام. وترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ وصف دوره بعبارات غامضة، مدعيا ً أنه شا رك في اجتماعات ومؤتمرات عديدة و ثق اثنان منها فقط بصُوَر. ولم يكن لديه اتصال إلا بالأمين العام لحركة العدل والمساواة في لندن في مناسبة واحدة رغم ادعائه أنه كثير الاتصال بكبار أعضاء الحركة وأنه ينشر بانتظام معلومات على الوافدين الجدد من السودان. وتدعي الدولة الطرف أن صاحب الشكوى، بخلاف صاحب الطلب المقدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أ. أ. ضد سويسرا ، ليس له مكانة سياسية ممتدة في الزمن أو راسخة منذ أمد بعيد، ولا هو معرض مباشرة للسلطات السودانية أو على اتصال بها. ويستند حكم المحكمة الأوروبية المذكور إلى ظروف محددة، ولا يمكن توظيفه أساساً لاستنتاج أن جميع المواطنين السودانيين المنخرطين في نشاط سياسي في سويسرا يواجهون خطرا ً شخصيا ً بالتعرض للتعذيب إن أعيدوا إلى السودان، أيا ً كانت طبيعة التزامهم السياسي المزعوم ونطاقه ومدته.

٤-١٠ وتؤكد الدولة الطرف أن أمانة الدولة للهجرة درست الظروف الخاصة بقضية صاحب الشكوى كما يجب ( ) . ويبدو أن صاحب الشكوى حاول، بعد رفض طلب اللجوء الأول، أن يكتسب مكانة سياسية من أجل الحصول على الإقامة. وكان الهدف من أنشطته السياسية المزعومة التأثير على السلطات السويسرية لا على الأوضاع في السودان. وهذا هو السبب في أنه أشار في طلب اللجوء الثاني إلى أنه اكتسب مكانة سياسية بعد رفض طلب اللجوء الأول. ولذلك ترى الدولة الطرف أن وصف الأنشطة التي اضطلع بها مبالغ فيه وغير مدعوم بأدلة.

٤-١١ ولا يبرر صاحب الشكوى ادعاءه أن من شأن مكانته السياسية أن تجعله هدفا ً للاضطهاد. وتؤكد الدولة الطرف أن السلطات السودانية قادرة على التمييز بين المواطنين السودانيين الكثيرين الذين يشاركون في الاحتجاجات في أنحاء أوروبا للحصول على تصاريح إقامة والمناضلين السياسيين الحقيقيين الذين يعارضون النظام وقد يشكلون خطرا ً عليه والذين يلفتون انتباه السلطات السودانية قبل مغادرتهم ا لسودان. وتجادل الدولة الطرف بأن هوية صاحب البلاغ لم ت كشف للسلطات السودانية عندما طلب وثائقه، لأنه لم يتكلم العربية أو الإنكليزية في حضور وفد السودان. وعليه، فإن الدولة الطرف لا ترى من المحتمل أن تُكتشف هويته عند عودته إلى السودان.

٤-١٢ ولا يمكن للأدلة التي قدمها صاحب الشكوى أن تؤدي إلى تقييم مختلف. وقدم رسالتين اثنتين من عبد الرحمن شرف الدين مؤرختين ٢٥ آذار/مارس ٢٠١٣ تفيدان بأنه "عضو فاعل" و"داعم قوي" و"عضو مؤهل تأهيلا ً عاليا ً " من أعضاء حركة العدل والمساواة. ولاحظت المحكمة الإدارية الاتحادية أن هاتين الرسالتين أُصدرتا عقب انضمام صاحب الشكوى إلى الحركة في نهاية كانون الثاني/يناير ٢٠١٣، ورأت أنهما أُصدرتا على سبيل المجاملة ( ) . ولا يمكن اعتبار الرسالة الآتية من أحمد أتيم المؤرخة ١٣ آذار/مارس ٢٠١٣ والتي تثبت عضوية صاحب الشكوى في حركة العدل والمساواة، ولا بطاقة عضويته فيها، إن كانت حقيقية، دليلا ً على أنه قد يواجه خطرا ً خاصا ً بالتعرض لمعاملة سيئة إن أعيد إلى السودان. زد على ذلك أن المحكمة الإدارية الاتحادية رأت أن الصورتين اللتين تُظهران صاحب الشكوى وهو يشارك في اجتماعين للحركة في مبنى " فولكسهاوس " بمدينة زيوريخ في 26 تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٣ وفي مقر "نداء جنيف" في ٢٥ شباط/فبراير ٢٠١٤، التُقطتا في إطار خاص ولا تؤكدان أنه عضو بارز في الحركة. وأكد صاحب الشكوى نفسه أن صورته مع أمينَين لشؤون الإعلام، توم حاجو وجبريل إبراهيم، التُقطت قبل وصول الجمهور. أما الصورة الأخرى التي التقطت له من الجمهور فتبيّن أن المقعد بجوار أمين الشؤون الاجتماعية والإعلامية لم يكن مخص َّ صاً ل ه. وتدفع الدولة الطرف بأن أيا ً من الصورتين لم تظهر صاحب الشكوى مع الجمهور وبأنهما التقطتا أثناء اجتماعين للجنة صغيرة وبحضور عدد قليل من الأفراد. ويضاف إلى ذلك أن صاحب الشكوى نفسه قال إنه لم يتناول الكلمة في الاجتماع الذي عقد في فولكسهاوس ، وادعى بدلا ً من ذلك أنه ساعد على تنظيم الاجتماع والاتصال بقادة الجبهة الثورية السودانية.

٤-١٣ وتذكّر الدولة الطرف بأن المكتب الاتحادي للمهاجرين والمحكمة الإدارية الاتحادية خلصا خلال إجراءات اللجوء الأولى إلى أن مزاعم صاحب الشكوى المتعلقة باحتجازه في السودان تعوزها المصداقية. فقد أفادت المحكمة الإدارية الاتحادية بأن المعلومات التي قدمها صاحب الشكوى عن دوره وأنشطته في حركة العدل والمساواة غير مقنعة. وفي إطار طلب اللجوء الثاني، ذكر صاحب الشكوى أنه عضو في الحركة منذ أواخر كانون الثاني/يناير ٢٠١٣. غير أنه جاء في رسالة السيد شرف الدين المؤرخة ٢٥ آذار/مارس ٢٠١٣ أن صاحب الشكوى عضو في الحركة منذ ١٥ تموز/يوليه ٢٠١٢. وترى الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يقدم قط توضيحات في هذا الصدد.

٤-١٤ وتؤكد الدولة الطرف أن السلطات الوطنية قيّمت ما زعمه صاحب البلاغ من خطر اضطهاد إن أعيد إلى السودان تقييما ً دقيقا ً وأنه لم يقدم أي ة مزاعم أو أدلة جديدة من شأنها أن تشكك في الاستنتاج الذي خلصت إليه . وإذ تشير الدولة الطرف إلى استنتاجات إجراءَي اللجوء، تدعي أنه ينبغي إيلاء اهتمام كبير للاستنتاجات الوقائعية التي خلصت إليها أجهزة الدولة الطرف، ما لم يكن تقدير الوقائع أو الأدلة ظاهر التعسف أو يبلغ حد إنكار العدالة ( ) . وفي هذه القضية، لم يدفع صاحب الشكوى بأن إجراءات اللجوء الوطنية شابَتْها مخالفات كهذه. ويضاف إلى ذلك أن القرار بشأن إكراه صاحب الشكوى على المغادرة إلى السودان يتوافق مع الممارسة العامة التي تتبعها السلطات السويسرية بخصوص الأشخاص الذين يدعون أنهم زاولوا أنشطة سياسية في سويسرا قبل ترحيلهم.

٤-١٥ وتكرر الدولة الطرف في الختام أنه لا توجد أي أسباب جوهرية تحمل على الاعتقاد بأن صاحب الشكوى سيواجه شخصياً خطراً متوقعاً وحقيقياً بأن يتعرض للتعذيب أو سوء المعاملة في حال إعادته إلى السودان. وعليه، تطلب الدولة الطرف إلى اللجنة أن تخلص إلى أن ترحيل صاحب الشكوى إلى السودان لن يبلغ حد انتهاك سويسرا المادة ٣ من الاتفاقية.

تعليقات صاحب الشكوى على ملاحظات الدولة الطرف

٥-١ في ٣١ آذار/مارس ٢٠١٦، قدم صاحب الشكوى تعليقاته ردا ً على ملاحظات الدولة الطرف يصف فيها المواجهة بينه وبين أحد الحراس أثناء احتجازه. وشتم الحارس صاحب الشكوى، فردّ هذا الأخير بمحاولة الهجوم عليه. وبعدئذ، غادر الحارس مسرح الحادث للبحث عن بندقية؛ وعندما عاد، ضرب صاحب الشكوى على ساقيه. وعانى صاحب الشكوى آلاما ً حادة بعدئذ. واقتيد إلى مكتب مجاور حيث ضُرب مرارا ً وتكرارا ً . ويحيل صاحب الشكوى بخصوص مزاعمه في هذا الصدد إلى تقرير جلسة شفوية عقدت في ٢٨ آذار/مارس ٢٠٠٦ أثناء إجراءات اللجوء الأولى.

٥-٢ ويؤكد صاحب الشكوى ادعاء الدولة الطرف أنه لم يكن ناشطا ً سياسيا ً قبل مغادرته السودان. لكنه يعترض على الزعم الذي يذهب إلى أنه لم يكن في نزاع مع السلطات، لأنه احتجز ستة أشهر، ووصف ظروف هذا الحادث بالتفصيل؛ وهي شهادة يرى أنها تثبت مصداقية مزاعمه. ويدفع بأنه ينبغي تمحيص النظر في الاختلافات بين الجلستين المتعلقتين بإجراءات اللجوء الأولى والثانية كيلا ً تفسَّر على حساب متلمس اللجوء المعني ( ) . ويؤكد أنه وصف بالتفصيل الزنزانة التي استجوب فيها. وينبغي اعتبار الأوصاف المفصلة التي قدمها أثناء جلسة اللجوء الثاني توضيحات إضافية وليس تناقضات. ويدفع بأن الغرض من مقابلة اللجوء الأولى عامة في واقع الأمر، لأنه قُصد بها أن تكون فرصة لتقديم معلومات عن الهوية ورحلة الوصول وما إلى ذلك. ويوضح أنه لم يستطع وصف العلاج الطبي الذي تلقاه أخوه المصاب عندما كان في السجن لأنه قُدم خارج زنزانة صاحب الشكوى. ودحض ادعاءات الدولة الطرف أن مزاعمه تفتقر إلى المصداقية لأن ها ت نقصها التفاصيل، واعترض على عدم مراعاة الاختلافات الثقافية المتعلقة بالتواصل في السودان وفي سويسرا.

٥-٣ وفيما يتعلق باعتبار سلطات اللجوء الوطنية أنه من غير المحتمل أن يكون أُفرج عن صاحب الشكوى في الظروف المذكورة، خاصة كونه هدّد بقتل الحارس أثناء شجارهما، يقرّ بأن الدولة الطرف ربما كانت محقّة في افتراض كون الإفراج عنه أمرا ً غير مألوف . وأقر أيضا ً بأن أسباب الإفراج عنه من الاحتجاز غير واضحة. ونظرا ً إلى أنه لم يكن ناشطا ً سياسيا ً ، فلم يكن هناك أي سبب حقيقي للإبقاء عليه محتجزا ً . ومع ذلك، لا يمكن الخلوص من عدم وضوح الظروف الغامضة المحيطة بالإفراج عنه إلى أن احتجازه في السودان يفتقر إلى المصداقية. فعلى العكس من ذلك، يؤكد أن ظروف احتجازه في السودان وُصفت وصفا ً يتسم بالمصداقية والاتساق، وأن روايته للأحداث ليست فيها أي تناقضات، وأن السلطات السودانية تعرف هويته قطعاً.

٥-٤ وعن أنشطته السياسية في سويسرا، يحيل صاحب الشكوى إلى السوابق القضائية للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية أ. أ. ضد سويسرا ، التي تفيد بأن أوضاع المعارضين السياسيين لحكومة السودان لا تزال محفوفة بالمخاطر. ويدعي أن الأشخاص ذوي المكانة الخاصة ليسوا وحدهم المعرضين للخطر، بل جميع من يعارضون النظام الحالي أو يُعتقد أنهم يعارضونه ( ) . وأكدت المحكمة الإدارية الاتحادية السويسرية هذا التفسير في حكمها الصادر في ٢٧ كانون الثاني/يناير ٢٠١٦ بشأن قضية أخرى تتعلق بظروف مشابهة ( ) . ويدعي صاحب الشكوى أن وقائع قضيته مشابهة، بل إن أنشطته السياسية أوضح للعيان . وعلى وجه التحديد، ليس مجرد نائب ل لأمين وحسب وإنما هو الأمين الرئيسي للشؤون الاجتماعية والإعلامية وأمين فرع حركة العدل والمساواة في سويسرا. ويحيل في هذا الصدد إلى جلسة ١٩ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٤ التي وصف أثناءها دوره واتصالاته وأدلته الداعمة، بما فيها رسالتا الدعم وصورتاه وهو يشارك في اجتماعين للحركة. بيد أنه يدفع بأنه لا يمكن دعم انتظام أنشطته السياسية ووتيرتها فعليا ً بأدلة.

٥-٥ ويعترض صاحب الشكوى أيضا ً على ادعاء الدولة الطرف أنه انخرط في العمل السياسي للحصول على تصريح إقامة في سويسرا مجادلاً بالقول إن جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني يرصد بانتظام أنواع الأنشطة التي يضطلع بها ( ) . لذلك فهو يخشى الملاحقة والرصد. وفي ضوء مشاركته في مؤتمرات حركة العدل والمساواة ودوره الإعلامي في الحركة، لا بد من اعتبار حجج الدولة الطرف خاطئة. ويدعي أن المحكمة الإدارية الاتحادية قالت في القرار الآنف الذكر المتعلق بقضية ظروفُها مشابهة إن مواطني السودان المعادين إلى بلدهم الأصلي بعد سنوات عدة (عاش صاحب الشكوى في الخارج نحو ١١ سنة وقت تقديم تعليقاته) تستجوبهم السلطات الأمنية السودانية عموما ً . وقالت أيضا ً إن الأشخاص الذين كانوا على اتصال بإحدى الجماعات المعارضة في جنيف وملتزمين سياسيا ً ضد حكومة السودان من الأرجح أن السلطات الأمنية السودانية ترصدهم. وبناء على ذلك، يدعي صاحب الشكوى أن السلطات ستعتقل الأشخاص الذين هم في وضع مشابه وتحتجزهم عند عودتهم. ويخلص إلى أن عدم كونه على اتصال مباشر بالسلطات السودانية غير وجيه.

٥-٦ وأخيرا ً ، يكرر صاحب الشكوى أن روايته لظروف احتجازه كانت دقيقة وأنه ينبغي اعتبار أنَّ دوره و نشاطه في حركة العدل والمساواة يتسمان بالمصداقية. وعن تاريخ دخوله الحركة، ذكر خلال الجلسة الشفوية التي عقدت في ١٨ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٤ أنه أصبح عضوا ً في حوالي سنة ٢٠١٣. وفي وقت لاحق، ما انفك يقول إنه أصبح عضوا ً في تموز/يوليه ٢٠١٢. ويعني بذلك أنه لا يوجد تناقض في هذا الصدد. وعن الصورتين اللتين تثبتان حضوره اجتماعين للحركة، يقر صاحب الشكوى بأنهما يُظهرانه في اجتماعين للجان صغيرة ذات مشاركة محدودة. ومع ذلك، فإن مكانته المرموقة تمكنه من المشاركة في اجتماعات مقصورة على كبار أعضاء الحركة. والحال أن هذا الأمر يعرضه لخطر مراقبة السلطات السودانية. ويعترض أيضا ً على تقييم الدولة الطرف الذي يرى أن ادعاءاته مبالغ فيها. ومن الأدلة على خلاف ذلك الرسالتان اللتان تؤكدان عضويته في الحركة والصورتان المشار إليهما سابقا ً ، إضافة إلى بيانات الوقائع الدقيقة والمفصلة التي تثبت دوره بوصفه أمينا ً للشؤون الاجتماعية والإعلامية.

٥-٧ وفي الختام، يدفع صاحب الشكوى بأنه إن أعيد إلى السودان تعرّض للاعتقال والاحتجاز، ومن ثم لمعاملة من شأنها أن تنتهك المادة ٣ من الاتفاقية. ويطلب إلى اللجنة أن تخلص إلى أن من شأن ترحيله إلى السودان أن يخلّ بالتزام الدولة الطرف بمقتضى المادة ٣ من الاتفاقية بعدم طرد شخص أو إعادته ("إعادته قسرا ً ") إلى دولة أخرى إن وُجدت أسباب وجيهة تدعو إلى اعتقاد أنه سيكون في خطر تعرض للتعذيب.

٥-٨ وفي ٤ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٧، أحال محامي صاحب الشكوى إلى السوابق القضائية للجنة في قضية ن. أ. أ. ضد سويسرا ( ) ، وطلب أن تتخذ اللجنة قرارها بسرعة في هذه القضية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٦-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وتحيط اللجنة علما ً بتأكيد الدولة الطرف أن صاحب الشكوى قدم طلبا ً إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يعترض فيه على حكم المحكمة الإدارية الاتحادية بشأن تقديمه طلب اللجوء الأول، وأن المحكمة الأوروبية اعتبرت الطلب غير مقبول لأنه يستند بوضوح إلى أسس واهية. وإذ تلاحظ اللجنة أنه لم يُقدَّم أي شكوى إضافية إلى المحكمة الأوروبية بشأن الحكم النهائي المتعلق بطلب اللجوء الثاني، إذ تولي الاهتمام الواجب لعدم اعتراض الدولة الطرف بأي شكل من الأشكال على المقبولية ، تأكّدت ، وفق ما تنص عليه المادة ٢٢(٥) (أ) من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تبحث وليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٦-٢ وتذكّر اللجنة بأنها، وفقاً للمادة 22(5)(ب) من الاتفاقية، لا تنظر في أي بلاغ مقدم من فرد من الأفراد إلا بعد أن تكون قد تأكّدت من أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتلاحظ، في القضية محل النظر، أن الدولة الطرف لم تعترض على أن صاحب الشكوى استنفد هذه السبل. لذا، ترى أنه لا يوجد ما يمنع ها من ال نظر في البلاغ بموجب المادة 22(5)(ب) من الاتفاقية.

النظر في الأسس الموضوعية

٧-١ عملاً بالمادة 22(4) من الاتفاقية، نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان المعنيان.

٧-٢ ففي القضية موضع النظر، يتمثل الموضوع المطروح أمام اللجنة فيما إذا كانت إعادة صاحب الشكوى إلى السودان ستنتهك التزام الدولة الطرف بموجب المادة 3 من الاتفاقية بعدم طرد شخص أو إعادته ("إعادته قسرا ً ") إلى دولة أخرى إن وُجدت أسباب وجيهة تدعو إلى اعتقاد أنه سيكون في خطر تعرض للتعذيب.

٧-٣ ويجب على اللجنة أن تقيّم ما إذا كانت هناك أسباب وجيهة تحمل على اعتقاد أن صاحب الشكوى سيتعرض شخصياً لخطر التعذيب لدى عودته إلى السودان. ويجب عليها أيضا ً ، عند تقديرها ل هذا الخطر، مراعاة جميع الاعتبارات المتصلة بالموضوع، وفقاً للمادة 3(2) من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. بيد أن اللجنة تذكّر بأن الهدف المتوخى يتمثل في تحديد ما إذا كان الشخص المعني سيواجه شخصياً خطراً متوقعاً وحقيقياً بالتعرض للتعذيب في البلد الذي يعاد إليه. ويستتبع ذلك أن وجود نمط من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد ما ليس في حد ذاته سببا ً كافيا ً للجزم بأن شخص اً بعينه سيكون في خطر تعرض للتعذيب لدى عودته إلى ذلك البلد؛ فيجب تقديم أسس إضافية تبين أن الفرد المعني سيتعرض شخصياً للخطر. وعلى النقيض من ذلك، لا يعني عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان أن الشخص المعني قد لا يواجه خطر التعرض للتعذيب في ظل الظروف المحددة الخاصة به ( ) .

٧-٤ وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 1(1997) بشأن تنفيذ المادة 3 من الاتفاقية، ومفاده أنه ينبغي تقييم خطر التعرض للتعذيب على أسس تتجاوز مجرد الافتراض أو الشك. ولئن كان من غير الضروري إثبات أن وقوع هذا الخطر "مرجح بشدة" (الفقرة 6)، فإن اللجنة تذكّر بأن عبء الإثبات يقع عموماً على عاتق صاحب الشكوى، الذي يجب عليه أن يعرض قضية وجيهة يبين فيها أنه يواجه خطراً متوقعاً وحقيقياً وشخصياً ( ) . وتذكّر اللجنة أيضا ً بأنها تولي، وفقاً لتعليقها العام رقم 1، أهمية كبرى لما تخلص إليه الأجهزة التابعة للدولة الطرف المعنية من استنتاجات تتعلق بالوقائع، دون أن تكون في الوقت نفسه ملزمة بقبول تلك الاستنتاجات، بيد أنها مخولة صلاحية تقييم الوقائع بحرية استناداً إلى كامل ملابسات كل قضية بمقتضى الفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية ( ) .

٧-٥ وفي إطار تقييم خطر التعرض للتعذيب في هذه القضية، تحيط اللجنة علما ً بادعاءات صاحب الشكوى أنه احتجز في السودان، وأنه استجوب مرات عدة، وأنه كسرت يده وساقه أثناء الاحتجاز. وتحيط علما ً أيضا ً ب ادعا ئه أن من شأن ترحيله إلى السودان أن يعرضه لخطر التعذيب شخصيا ً على يد السلطات السودانية بسبب مكانته السياسية الناجمة عن عضويته في فرع حركة العدل والمساواة في سويسرا، ومشاركته في اجتماعات كبار أعضائه ا ، ودوره بوصفه أمينا ً للشؤون الاجتماعية والإعلامية في الحركة. وتحيط اللجنة علما ً كذلك بأن صاحب الشكوى، لدعم ادعاءاته، أحال إلى تقارير عن تكثيف البطش بالمناضلين السياسيين، خاصة من كان منهم من دارفور. وجادل بالقول إن القادة أو الشخصيات البارزة في الحركات السياسية ليسوا وحدهم المعرضين لخطر الاحتجاز وسوء المعاملة والتعذيب في السودان، بل كل من يعارض النظام الحالي أو يشتبه في أنه يعارضه، وأن هذا الخطر قد يزيد إن كان الشخص المعني أمضى فترة طويلة في الخارج.

٧-٦ وتحيط اللجنة علما ً بحجة الدولة الطرف التي تذهب إلى أن حدوث انتهاكات صارخة وممنهجة لحقوق الإنسان في البلد الأصلي لا يعد في حد ذاته سببا ً كافيا ً للخلوص إلى أن صاحب الشكوى سيتعرض لخطر التعذيب إن رُحل إلى بلده الأصلي. وتحيط علما ً أيضا ً بادعاء الدولة الطرف أن صاحب الشكوى، بصرف النظر عن تقلّب الأوضاع الأمنية وأوضاع حقوق الإنسان في بلده الأصلي عموما ً وفي دارفور خصوصا ً ، لم يثبت لسلطات اللجوء السويسرية أنه سيواجه شخصيا ً خطر التعرض للتعذيب في حال ترحيله إلى السودان بسبب مكانته المزعومة بوصفه عضوا ً معارضا ً في فرع حركة العدل والمساواة بسويسرا. وتحيط اللجنة علما ً كذلك بحجة الدولة الطرف التي تقول إن ادعاءات صاحب الشكوى المتصلة بتعرضه للتعذيب وسوء المعاملة فيما مضى، خاصة الظروف التي ي زعم أنه عانى منها أثناء احتجازه في السودان، لم تُعتبر ذات مصداقية خلال إجراءات اللجوء الأولى ولم يُقدَّم أي دليل إضافي في ذلك الصدد خلال إجراءات اللجوء الثانية. وتحيط علما ً بإفادة الدولة الطرف بأن صاحب الشكوى لم يكن ناشطا ً سياسيا ً قبل مغادرته السودان. ومع ذلك، تحيط اللجنة علماً ب اعتراض صاحب الشكوى على أنه لم يلفت أي انتباه سلبي من السلطات عندما كان في السودان، و بو صفه لظروف احتجازه والإفراج عنه، و ب كون مزاعمه كانت ذات مصداقية لأنها لم تتضمن أي تناقضات. وتلاحظ أن صاحب الشكوى لم يقدم أي أدلة تدعم ادعاءاته أن السلطات السودانية عاملته معاملة قاسية قبل مغادرته أو توحي بأن الشرطة أو أي سلطات أخرى في السودان كانت تبحث عنه في الإبّان. ولم يدّع، سواء أمام السلطات السويسرية المعنية باللجوء أو في شكواه إلى اللجنة، أنه سوف توجَّه إليه تهم بمقتضى القانون المحلي في السودان.

٧-٧ وفيما يتعلق بأنشطة صاحب الشكوى السياسية ، تحيط اللجنة علما ً بحجة الدولة الطرف أن صاحب الشكوى لم يتصل بحركة العدل والمساواة إلا في سويسرا، وأن عضويته في الحركة والأنشطة المزعومة المتعلقة بالوظيفة التي يدّعي أنه كان يتولاها ضمنها في سويسرا لا تمكنه من تبوؤ مكانة خاصة من شأنها أن تعرضه لخطر الاضطهاد، لا سيما أنه نفسه أقر بأنه لم يكن عضوا ً سامياً في الحركة. وتحيط اللجنة علما ً بأن الدولة الطرف أفادت بأن صاحب الشكوى وصف دوره في الحركة المذكورة بعبارات غامضة. أضف إلى ذلك أن مشاركته في أنشطة الحركة لم توثق إلا بصورتين اثنتين لم تُلتقطا بحضور جمهور، ولم يتصل بالأمين العام للحركة في لندن إلا في مناسبة واحدة رغم ادعائه تكرار اتصالاته بكبار أعضاء الحركة. زد على ذلك أنه لم يكن لديه مكانة محددة من شأنها أن تجعل منه هدفا ً للاضطهاد أو تعرضه للسلطات السودانية أو الاتصال بها بشكل مباشر . وتحيط اللجنة علما ً أيضا ً بادعاء صاحب الشكوى أن السلطات السودانية ترصد أعضاء المعارضة في الخارج، لكنها تلاحظ أنه لم يتوسّع في هذا الادعاء ولم يقدم أي دليل لدعمه. وترى أنه لم يقدم ما يكفي من الأدلة على ممارسته أي نشاط سياسي على درجة من الأهمية بحيث يجلب انتباه السلطات السودانية، ولم يقدم أي دليل آخر لإثبات أن السلطات في بلده الأصلي تبحث عنه وأنه سيواجه خطرا ً شخصيا ً بالتعرض للتعذيب إن أعيد إلى السودان. وعن زعمه أنه سوف يعتقل ويستجوب عند عودته إلى السودان بسبب إقامته الطويلة في الخارج وطلب اللجوء الذي قدمه، تذكّر اللجنة بأن مجرد وجود احتمال التعرض للاعتقال والاستجواب لا يكفي لاستنتاج وجود خطر تعرض للتعذيب أيضاً ( ) .

٧-٨ وتذكّر اللجنة بأن عليها أن تستيقن من أن صاحب الشكوى معرض لخطر التعذيب إن أعيد إلى السودان ( ) . وتلاحظ أنه كان لديه فرصة ذهبية لتقديم أدلة داعمة وتفاصيل إضافية عن ادعاءاته إلى المكتب الاتحادي للمهاجرين والمحكمة الإدارية الاتحادية، لكن الأدلة المقدمة لم تمكّن السلطات الوطنية من أن تخلص إلى أن مشاركته في أنشطة سياسية في سويسرا، إن ثبتت، ستعرضه لخطر التعذيب إن أعيد إلى السودان. وتلاحظ أنه لم يدفع بأن إجراءات اللجوء الوطنية شابتها أي مخالفات. وعن ممارسة الدولة الطرف المتمثلة في قبول إعادة التوطين الداخلي في السودان، توجه اللجنة الانتباه إلى سوابقها القضائية التي تفيد بأن الفرار أو إعادة التوطين داخليا ً ليس بديلا ً موثوقا ً ودائما ً ، لا سيما عند شيوع انعدام الحماية واحتمال تعرّض الشخص المعني للمزيد من أخطار الاضطهاد أو الضرر البالغ في منطقة أخرى من الدولة يعاد إليها ( ) . بيد أن اللجنة تذكّر بأن وقوع انتهاكات حقوق الإنسان في البلد الأصلي لصاحب الشكوى ليس في حد ذاته كافيا ً لاستنتاج أن الشخص سيواجه خطرا ً متوقعا ً وحقيقيا ً وشخصيا ً بالتعرض للتعذيب في البلد الذي يعاد إليه. وفي ضوء ما سلف، ترى اللجنة أن المعلومات التي قدمها صاحب الشكوى غير كافية لإثبات ادعائه أنه سيواجه خطراً شخصياً متوقعاً وحقيقياً بالتعرض للتعذيب في حال إعادته إلى السودان ( ) .

٨- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 22(7) من الاتفاقية، تخلص إلى أن قرار الدولة الطرف إعادة صاحب الشكوى إلى السودان ليس من شأنه أن يشكل انتهاكاً ل لمادة 3 من الاتفاقية.