الأمم المتحدة

CAT/C/62/D/721/2015

Distr.:

Arabic

Original:

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr. General

27 March 2018

Arabic

Original : French

لجنة مناهضة التعذيب

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 2 2 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 721/2015 * **

المقدم من: ج. ب. (يمثله المحاميان بوريس فيكشتروم ، وغابرييلا تاو)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدول الطرف: سويسرا

تاريخ تقديم البلاغ: 16 كانون الأول/ديسمبر 2015 (تاريخ الرسالة الأولى)

تاريخ صدور القرار: 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2017

الموضوع: ترحيل صاحب البلاغ إلى بلغاريا

المسائل الإجرائية: عدم إثبات الادعاءات؛ وتقديم شكوى ظاهرة البطلان

المسائل الموضوعية: عدم الإعادة القسرية؛ وخطر التعرض للتعذيب أو العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في حال الترحيل إلى بلغاريا بموجب لائحة دبلن

مواد الاتفاقية: 3 و16

1-1 صاحب البلاغ هو ج. ب.، وهو مواطن أفغاني من إثنية الطاجيك ومن مواليد عام 1990. وقد طلب اللجوء في سويسرا لكن طلبه رُفِض. وهو يدعي أن إعادته قسراً إلى بلغاريا بموجب لائحة دبلن ستشكل انتهاكاً من سويسرا لأحكام المادة 3 من الاتفاقية. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً انتهاك حقوقه بموجب المادة 16 من الاتفاقية. ويمثله المحاميان بوريس فيكشتروم وغابرييلا تاو.

1-2 وفي 18 كانون الأول/ديسمبر 2015، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، عن طريق مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، أن تمتنع عن ترحيل ج. ب. إلى بلغاريا ما دامت شكواه قيد نظر اللجنة.

1-3 وفي 21 كانون الأول/ديسمبر 2015، أبلغت الدولة الطرف اللجنة بأن وزارة الدولة لشؤون الهجرة طلبت إلى السلطة المختصة، وفقاً لممارستها الثابتة، عدم اتخاذ أي إجراء في سبيل تنفيذ قرار ترحيل صاحب البلاغ، بحيث يُكفل له البقاء في سويسرا ما دامت شكواه قيد نظر اللجنة.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 وُلِدَ ج. ب. في عام 1990 في باري سلطانبور ، بإقليم ننغرهار في أفغانستان. وبعد ختم تعليمه الثانوي، درس النظم المعلوماتية وتكنولوجيا الهواتف المتنقلة في بيشاور في باكستان، ونال شهادات عديدة في هذا المجال. ثم عاد إلى أفغانستان حيث عمل في متجر والده في جلال آباد قرابة السنتين. وبعدها، بدأ العمل في شركة " إيكاباد تكنولوجي" شبه الحكومية في كابل. وتعامل في هذه الشركة مع منظمات أجنبية كثيرة، بما فيها قواعد عسكرية في جميع أنحاء البلد، حيث ركّب نظماً لتشغيل البرمجيات. وبعد أن بدأ صاحب البلاغ العمل في هذه الشركة، اتصل به وبأسرته أفراد من الطالبان وطلبوا منه التعاون معهم بالنظر إلى وصوله إلى المنشآت العسكرية. ورفض صاحب البلاغ وأسرته التعاون مع الطالبان وبدأوا يتلقون تهديدات بالقتل. ونتيجةً لذلك فرّوا إلى جلال آباد في باكستان لكنهم لم يشعروا بالأمن الكامل هناك بسبب وجود أعداد كبيرة من جماعات الطالبان. وبعدها فرّ صاحب البلاغ إلى أوروبا.

2-2 ودخل صاحب البلاغ بلغاريا حيث احتُجز طيلة تسعة أشهر في مركز بوشمان ت شي . وهو يدعي أنه تعرض لإساءة المعاملة أثناء احتجازه: فقد كان الحراس يضربونه بانتظام، وكانت ظروف النظافة الصحية متدنيةً، ولم يحصل إلا على القليل من الغذاء. وقد كان متردداً في طلب اللجوء في بلغاريا، لكنه فعل ذلك بسبب تهديدات السلطات البلغارية. وقد أُجبر على توقيع وثائق عديدة باللغة البلغارية التي لا يفهما. وبعد تسعة أشهر من احتجازه، أُطلق سراحه فجأة ونُقِلَ إلى صوفيا. وقد غادر بلغاريا ووصل إلى سويسرا حيث طلب اللجوء في 7 آب/أغسطس 2015.

2-3 وفي 12 تشرين الأول/أكتوبر 2015، رفضت وزارة الدولة لشؤون الهجرة طلب لجوئه. واعتبرت الوزارة أن من الممكن إعادة صاحب البلاغ إلى بلغاريا وفقاً للائحة دبلن، لما كانت بلغاريا بلد لجوئه الأول. ورأت أن صاحب البلاغ لن يتعرض لانتهاك مبدأ عدم الإعادة القسرية ما دامت بلغاريا قد انضمت إلى الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين. لذا، لم تنظر وزارة الدولة لشؤون الهجرة في ادعاءات صاحب البلاغ بشأن المخاطر التي قد يواجهها في حال إعادته إلى أفغانستان. وبخصوص ادعاءات صاحب البلاغ بشأن إساءة المعاملة التي خضع لها في بلغاريا، رأت الوزارة أن التدابير التي تتخذها دولة ما لتحديد الهجرة لا تشكل انتهاكاً للمادة 3 من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (التعذيب وإساءة المعاملة)، وأن بلغاريا دولة تحترم سيادة القانون وتوجيهات الاتحاد الأوروبي بشأن التدابير المتخذة لمعاجلة طلبات اللجوء ومعاملة ملتمسي اللجوء، ما يجعل طرد صاحب البلاغ إجراءً قانونياً.

2-4 وطعن صاحب البلاغ في قرار وزارة الدولة لشؤون الهجرة. وفي 29 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، رفضت المحكمة الإدارية الاتحادية هذا الطعن باعتباره ظاهر البطلان. ورأت المحكمة أنه لئن صح أن صاحب البلاغ طلب اللجوء في بلغاريا لتجنب احتجازه طيلة 18 شهراً، فإن ذلك لا يغير كونه طلب اللجوء هناك وأن بصماته سُجلت في النظام البلغاري. ونتيجةً لذلك، توجب على بلغاريا اتخاذ قرار بشأن طلب اللجوء. وبخصوص ادعاءات صاحب البلاغ فيما يتعلق بمواطن القصور العامة التي تعتري النظام البلغاري لاستقبال ملتمسي اللجوء، رأت المحكمة الإدارية الاتحادية أن من المفترض أن بلغاريا تحترم التزاماتها الدولية النابعة من المعاهدات الدولية، بما فيها اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والتوجيهات الأوروبية، ما لم يستطع صاحب البلاغ إثبات العكس. وعلاوةً على ذلك، رأت المحكمة أن خوف صاحب البلاغ من إعادته إلى أفغانستان ليس مبرراً بأسباب موضوعية.

الشكوى

3-1 يدفع صاحب البلاغ بأن ترحيله إلى بلغاريا سيشكل انتهاكاً لحقوقه بموجب المادتين 3 و16 من الاتفاقية.

3-2 ويشير صاحب البلاغ إلى أنه لن يستفيد من إجراءات اللجوء في بلغاريا وسوف يتعرض من ثمّ للإعادة القسرية إلى أفغانستان، حيث ستكون حياته في خطر بسبب مشاكله مع الطالبان ( ) .

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أنه يواجه خطر الخضوع لإساءة المعاملة وللتعذيب في حال نقله إلى بلغاريا، وذلك بسبب القصور العام الذي يعتري نظام الاستقبال في البلد، لا سيما في مراكز احتجاز المهاجرين غير النظاميين ( ) . ويؤكد أن إساءة المعاملة التي خضع لها أثناء احتجازه في بلغاريا خلفت لديه اكتئاباً شديداً واضطرابات نفسية لاحقة للإصابة ( ) .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ

4-1 في 17 حزيران/ يونيه 2016، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. وبدأت الدولة الطرف بعرض موجز للوقائع وللمعلومات العامة المتعلقة بالقانون الأوروبي والسويسري المنطبق. ففي 7 آب/أغسطس 2015، قدم صاحب البلاغ طلب لجوء في سويسرا. ولدى استجوابه من جانب وزارة الدولة لشؤون الهجرة، ذكر أنه مواطن أفغاني زاول تعليماً مدرسياً ومهنياً في باكستان، ثم عاد إلى بلده للعمل فيه. وفي عام 2014، غادر أفغانستان بسبب مشاكل مع الطالبان. وقد وصل إلى أوروبا عبر بلدان منها بلغاريا، حيث أُلقي عليه القبض واحتُجز في مركز بوشمانتشي . وقد مكث هناك في ظروف نظافة صحية مزرية، وتعرض للجوع ولقذارة المكان. وأُفرج عنه بعد تسعة أشهر، وأُجبر على الإدلاء ببصماته وعلى تقديم طلب لجوء في 18 آذار/مارس 2015، ثم نُقل إلى مركز لملتمسي اللجوء في صوفيا. ودون انتظار الرد على طلب لجوئه، غادر بلغاريا لأن الأفغان لا يلقون القبول الحسن عموماً ولا يجدون عملاً هناك. وقد عبر هنغاريا (حيث قدم طلب لجوء في 6 و27 أيار/مايو 2015) والنمسا (حيث طلب أيضاً اللجوء في 2 آب/أغسطس 2015) وإيطاليا قبل أن يحط الرحال بسويسرا. وفي 17 أيلول/ سبتمبر 2015، قدمت وزارة الدولة لشؤون الهجرة إلى بلغاريا طلباً لاستعادة صاحب البلاغ، بعد مقارنة بصماته بمحتوى الوحدة المركزية لنظام يوروداك ، ما كشف أن صاحب البلاغ سبق له طلب اللجوء في بلغاريا في 18 آذار/مارس 2015. وفي 1 تشرين الأول/أكتوبر 2015، قبلت السلطات البلغارية طلب وزارة الدولة لشؤون الهجرة. وبقرار صادر في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، رأت الوزارة أن بلغاريا مسؤولة عن معالجة طلب اللجوء، إذ استنتجت أن صاحب البلاغ قدم طلب لجوء في بلغاريا في 18 آذار/مارس 2015 ( ) . لذا لم تنظر الوزارة في طلب اللجوء وأمرت بنقل صاحب البلاغ إلى بلغاريا وفقاً للفقرة 1(ب) من المادة 31(أ) من القانون الاتحادي المتعلق باللجوء والمعتمد في 26 حزيران/ يونيه 1998.

4-2 وفي 26 تشرين الأول/أكتوبر 2015، طعن صاحب البلاغ أمام المحكمة الإدارية الاتحادية في قرار وزارة الدولة لشؤون الهجرة المذكور آنفاً وطلب إبطال هذا القرار والشروع في بحث طلب لجوئه. وقد ادعى إجمالاً أن ظروف الاستقبال والإيواء في بلغاريا مزرية، وأن حالة ملتمسي اللجوء يمكن وصفها بالكارثة الإنسانية الحقيقية، على نحو ما تكشف عنه تقارير دولية عديدة، وأنه احتُجز في سجن طيلة تسعة أشهر في ظروف غير لائقة، حيث تعرض للجوع ولقذارة المكان. وفي 29 تشرين الأول/أكتوبر 2015، رفضت المحكمة الإدارية الاتحادية طعن صاحب البلاغ. واعتبرت المحكمة، في جملة أمور، أن خوف صاحب البلاغ من أن تعيده السلطات البلغارية إلى أفغانستان لا يقوم على أي أسباب وجيهة، وأنه لم يقدم أي دليل ملموس من شأنه إثبات أن بلغاريا لا تحترم مبدأ عدم الإعادة القسرية، وستخل من ثم بالتزاماتها الدولية إذا أعادته إلى بلد ستكون فيه حياته أو سلامته البدنية أو حريته في خطر شديد، أو يُحتمل أن يُجبر فيه على الذهاب إلى بلد كهذا. وعلاوة على ذلك، رأت المحكمة أن صاحب البلاغ لم يثبت أيضاً أن ظروف إقامته في بلغاريا كانت من المشقة والخطورة ما يجعلها تشكل معاملة مخالفة للمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان أو المادة 3 من اتفاقية مناهضة التعذيب.

4-3 وتشير الدولة الطرف إلى أن المادة 3 من الاتفاقية التي استشهد بها صاحب البلاغ تنص على أنه لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو أن تعيده أو أن تسلمه إلى دولة أخرى إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى اعتقاد أنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب (الفقرة 1). وتراعي السلطات المختصة لتحديد ما إذا كانت هذه الأسباب متوافرة جميعَ الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك، في حالة الانطباق، وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية (الفقرة 2). وقد جسدت اللجنة عناصر هذه المادة في اجتهاداتها، وقدمت على وجه الخصوص إرشادات دقيقة بشأن تطبيق هذا الحكم في تعليقها العام رقم 1(1997) بشأن تطبيق المادة 3 من الاتفاقية في سياق المادة 22، حيث اعتبرت اللجنة أن صاحب البلاغ يجب أن يُثبت تعرضه لخطر شخصي ومحدق وفعلي لأن يخضع للتعذيب في حال ترحيله إلى بلد منشئه. ويجب أن يُقيَّم وجود هذا الخطر على أسس تتجاوز مجرد الافتراض أو الشك. ويجب أيضاً أن تكون الادعاءات متعلقة بوقائع تبين أن الخطر فعلي. وتعدد الفقرة 8 من التعليق العام رقم 1 العناصر التي يجب أخذها في الحسبان لاستنتاج وجود ذلك الخطر؛ ومن بين هذه العناصر: توافر أدلة على وجود نمط ثابت من الانتهاكات الخطيرة أو الصارخة أو الواسعة النطاق لحقوق الإنسان في الدولة المعنية (الفقرتان (أ) و(د))؛ وادعاءات التعرض للتعذيب أو إساءة المعاملة في ماض قريب وتوافر عناصر إثبات من مصادر مستقلة (الفقرتان (ب) و(ج))؛ والأنشطة السياسية لصاحب البلاغ داخل دولة المنشأ أو خارجها (الفقرة (ه))؛ ووجود أدلة على مصداقية صاحب البلاغ (الفقرة (و))؛ والمفارقات الوقائعية في ما يدعيه صاحب البلاغ (الفقرة (ز)).

4-4 وتشير الدولة الطرف إلى أن المادة 16 من الاتفاقية توسع نطاق الحماية التي توفرها أحكام معينة من الاتفاقية حيال أفعال التعذيب بحيث يشمل الأفعال التي تشكل عقوبة أو معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة. ووفقاً لاجتهاد اللجنة الراسخ والصريح، فإن الالتزامات المنصوص عليها في المادة 3 من الاتفاقية لا تشمل حالات إساءة المعاملة المقصودة في المادة 16 من الاتفاقية ( ) . ولا تنطبق المادة 3 إلاّ حيثما وُجدت أسباب جدية لاعتقاد أن صاحب بلاغ معرض لخطر التعذيب كما يرد تعريفه في المادة 1 من الاتفاقية ( ) . ونتيجة لذلك فإن الادعاء بموجب المادة 16 غير مقبول من حيث الاختصاص الموضوعي، إذ يتعارض وأحكام الاتفاقية. لذا فإن ما يليه من ادعاءات بشأن احتمال تعرض صاحب البلاغ لإساءة المعاملة في حال نقله إلى بلغاريا أمور تبعية.

4-5 وتدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يطعن في كون بلغاريا مختصة من حيث المبدأ في معالجة طلب لجوئه وفقاً للفقرة 1 من المادة 12 من لائحة دبلن الثالثة، بالنظر إلى أن السلطات البلغارية قبلت طلب الاستعادة المقدم من سويسرا. وبخصوص الإبعاد إلى بلغاريا، يدعي صاحب البلاغ أنه لن يستفيد من إجراءات لجوء عادلة ومنصفة في بلغاريا وأنه لن يكون محمياً من طرد تعسفي إلى بلد منشئه، ما يشكل انتهاكاً لمبدأ عدم الإعادة القسرية. ولإثبات هذه الادعاءات، يقدم صاحب البلاغ تقارير بشأن مواطن قصور إجراءات اللجوء في بلغاريا وانخفاض عدد ملتمسي اللجوء غير السوريين الحاصلين على صفة اللاجئ في هذا البلد. وكما يتضح في جملة أمور من مسوغات المحكمة الإدارية الاتحادية في هذه القضية، تطبق التشريعات المتعلقة بحق اللجوء في بلغاريا ولا تتسم فيها إجراءات اللجوء بقصور هيكلي فادح بحيث يحرم ملتمسو اللجوء من أي فرصة لتكون طلباتهم موضوع دراسة جدية أو من أي سبيل انتصاف فعال، أو من الحماية في نهاية المطاف من ترحيل تعسفي إلى بلد منشائهم.

4-6 وقبلت السلطات البلغارية صراحة استعادة صاحب البلاغ طبقاً للفقرة 1(ب) من المادة 18 من لائحة دبلن الثالثة، وقد أقرت من ثم بوجود إجراء قيد التنفيذ في بلغاريا وسلمت باختصاصها في معالجة طلب اللجوء. وفي هذا الخصوص، يتضح من تقرير لجنة هلسنكي البلغارية الصادر في تشرين الأول/أكتوبر 2015، الذي أشار إليه صاحب البلاغ، أن الأشخاص الذين تعيدهم إلى بلغاريا دول أخرى أعضاء في الاتحاد الأوروبي يستفيدون مبدئياً من إجراءات اللجوء لدى عودتهم إلى البلد؛ وعندما يكون الإجراء قيد التنفيذ، كما يبدو فيه الحال في هذه القضية، ينتقل ملتمسو اللجوء إلى مركز استقبال. وأفاد صاحب البلاغ بأن احتجازه حدث في سياق توقيفه من قبل الشرطة عندما كان في وضع غير نظامي ولم يكن قد قدم بعد طلب لجوئه في بلغاريا. وبعد أن سجلت السلطات هذا الطلب، أطلق سراح صاحب البلاغ ونقل إلى مأوى لملتمسي اللجوء في صوفيا. ويفترض أنه بات في مأمن من تدابير الاحتجاز التي تتخذ في حق الأشخاص الذين يدخلون البلد في كنف السرية ويقيمون فيه بلا وجه حق.

4-7 وتدفع الدولة الطرف بأن خوف صاحب البلاغ من أن تأمر السلطات البلغارية بطرده إلى أفغانستان لا يقوم على أي أساس وجيه. ولم يقدم صاحب البلاغ عناصر ملموسة من شأنها إثبات تجاهل بلغاريا مبدأ عدم الإعادة القسرية، وعدم وفائها من ثم بالتزاماتها الدولية بإبعاده إلى بلد ستكون فيه حياته أو سلامته البدنية أو حريته معرضة لخطر فعلي، أو قد يجبر فيه على الذهاب إلى بلد كهذا. وبلغاريا طرف متعاقد سام في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وتخضع من ثم لسلطة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. لذا سيكون باستطاعة صاحب البلاغ تقديم شكوى فردية في حق بلغاريا، بما في ذلك طلب اتخاذ إجراءات مؤقتة، إذا رأى أنه معرض لخطر الترحيل من هذا البلد على نحو ينتهك أحكاماً منها أحكام المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، على نحو ما قضت به المحكمة مؤخراً في قضية شبيهة بهذه القضية ( ) .

4-8 وتدرك الدولة الطرف أن ظروف أماكن الاحتجاز البلغارية اعتبرت في بعض الحالات غير لائقة. وقد وقفت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في قرار نموذجي، على مشكلة هيكلية في نظام السجون البلغارية، تعزى إلى أسباب منها الاكتظاظ وانعدام الخصوصية وعدم احترام الكرامة الشخصية في استخدام دورات المياه ( ) . وإضافة إلى ذلك، لم تنازع وزارة الدولة لشؤون الهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية، في قراريهما، في مسألة الاحتجاز ولا في ظروف البؤس التي ادعاها صاحب البلاغ، الذي لم يدفع، بعكس ما يؤكده في بلاغه، بتعرضه لاعتداءات بدنية متكررة من جانب حراس المركز. وعلى أي حال، فما دام صاحب البلاغ قد أطلق سراحه ونقل إلى مركز خاص بملتمسي اللجوء في صوفيا (وهو المركز الذي يدعي أنه غادره بينما كان طلب لجوئه قيد النظر)، فإن خوفه من التعرض مجدداً للتوقيف في حال عودته إلى بلغاريا يبدو بلا أساس. ذلك أنه لم يقدم في الواقع أي سبب يحمل على اعتقاد أنه معرض للاحتجاز مرة أخرى في بلغاريا، والحال أنه سيدخل بصفة ملتمس لجوء منقول طبقاً للائحة دبلن الثالثة (ولم يرفض طلبه بعد في هذا البلد) وليس بصفة أجنبي دخل هذا البلد في كنف السرية ويقيم فيه بصورة غير قانونية.

4-9 وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يثر في أي مرحلة من مراحل إجراءات اللجوء في سويسرا مسألة تعرضه لإساءة المعاملة في بلغاريا ( ) . وفي الواقع، لم يدع صاحب البلاغ تعرضه لضروب شتى من الأذى على أي موظفي تلك الدولة إلا في سياق الشكوى التي قدمها إلى اللجنة. وعلاوة على ذلك، تؤكد الدولة الطرف أن بلغاريا دولة خاضعة لسيادة القانون، لديها جهاز شرطة فعال حريص وقادر على توفير الحماية الكافية من اعتداءات الغير. ولا يتضمن الملف أي عنصر يوحي بأن الأمر سيكون مختلفاً في حالة صاحب البلاغ الخاصة. وهكذا سيكون على صاحب البلاغ الاتصال بأجهزة الشرطة المختصة في بلغاريا إذا شعر بأنه معرض لخطر فعلي في هذا البلد. وبالمثل إذا اعتبر صاحب البلاغ أنه يلقى من ممثلين بلغاريين معاملة مجحفة أو غير قانونية، فسيتعين عليه استخدام سبل الانتصاف الفعالة واللجوء إلى السلطات القضائية المختصة. وإضافة إلى ذلك، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يثبت أن ظروف معيشته في بلغاريا بلغت من المشقة والخطورة ما يجعلها تشكل معاملة مخالفة للمادة 1 وكذلك المادة 16 من الاتفاقية.

4-10 وتشير الدولة الطرف إلى أن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (مفوضية شؤون اللاجئين) دعت، في تقريرها المؤرخ 2 كانون الثاني/يناير 2014، الدول الأطراف في لائحة دبلن إلى أن توقف بصفة مؤقتة عمليات نقل ملتمسي اللجوء إلى بلغاريا بسبب مواطن القصور الخطيرة التي تعتري نظام معالجة طلبات اللجوء وظروف استقبال ملتمسي اللجوء في هذا البلد. بيد أن المفوضية سحبت هذا القول في تحديث لتقريرها في نيسان/أبريل 2014 ( ) ، بعد إعادة النظر في الحالة واستنتاج تحسن ظروف استقبال ملتمسي اللجوء في بلغاريا، طالبة إلى الدول توخي الحذر عند نقل الأشخاص الضعفاء. وتلاحظ الدولة الطرف أن المفوضية لم تغير حتى اليوم موقفها القائم على تقريرها الأخير آنف الذكر.

4-11 ومع ذلك تواصل منظمات أخرى الإبلاغ عن استمرار الصعوبات الشديدة في بلغاريا، لا سيما فيما يتعلق بالوصول إلى إجراءات اللجوء أو بظروف استقبال ملتمسي اللجوء، إلى جانب نقص تدابير الإدماج والحصول على الرعاية الطبية في حالة اللاجئين المعترف بهم أو الأشخاص المشمولين بحماية مؤقتة. فقد لاحظت لجنة هلسنكي البلغارية، في تقريرها آنف الذكر الصادر في تشرين الأول/أكتوبر 2015، بوصفه تحديثاً لتقرير العام السابق الذي أشارت فيه إلى تحسن الأوضاع بقدر كبير في بلغاريا منذ آذار/مارس 2014، تدهور الأوضاع الذي يعزى بالأساس إلى تدفق أعداد كبيرة من ملتمسي اللجوء حالياً إلى معظم الدول الأوروبية، وخاصة منها البلدان الواقعة على حدود الاتحاد الأوروبي. وفي الوقت نفسه، تبرز لجنة هلسنكي البلغارية أيضاً تدني الظروف المادية السائدة في مراكز الاستقبال البلغارية وكذلك رداءة ظروف احتجاز العديد من ملتمسي اللجوء، بمن فيهم الأشخاص المعادون إلى بلغاريا في إطار لائحة دبلن والأسر التي لديها أطفال. وفي ظل هذه الظروف، وحتى في غياب أسباب تدعو إلى استنتاج وجود مواطن قصور هيكلية في بلغاريا، ينبغي الانتباه، في مُلابسات هذه القضية، إلى التحذير الصادر عن المفوضية في نيسان/أبريل 2014 بشأن نقل الأشخاص الضعفاء. وفي هذه القضية، ترى الدولة الطرف مع ذلك أن صاحب البلاغ، بالنظر إلى حالته الشخصية، ورغم مشاكله الطبية، لا يعاني ضعفاً خاصاً وأن احتياجاته المحددة يمكن أن تلبى لدى عودته إلى بلغاريا.

4-12 وبخصوص حالة صاحب البلاغ الصحية، يفيد التقرير الطبي الصادر في كانون الأول/ ديسمبر 2015 بإصابته باكتئاب شديد دون أعراض ذهانية مع احتمال وجود اضطرابات نفسية لاحقة للصدمة، ما يستدعي متابعةً خارجيةً مكثفةً على مدى أشهر. وإضافةً إلى ذلك يفيد الطبيب بوجود خطر انتحار في حال إعادته قسراً إلى بلده. وتقضي اجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لا تمنح مقدمي الشكاوى حقاً في البقاء في دولة طرف بغرض مواصلة الاستفادة من الخدمات الطبية لتلك الدولة. ولا يشكل ترحيل أجنبي من البلد انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان بالنظر إلى وضعه الطبي إلا في حالات خاصة وفي ظروف استثنائية جداً ( ) . وبالفعل لا تشكل الإعادة القسرية للأشخاص المرضى انتهاكاً للمادة 3 إلا إذا تقدم المرض بالشخص واستفحل حتى بات موته وشيكاً ( ) . وعلى وجه الخصوص، فإن احتمال انتحار شخص تقرر إبعاده و/أو محاولته الانتحار سبب لا يمكن أن يمنع الدولة الطرف من تنفيذ التدبير المقرر، شريطة أن تكون قد اتخذت تدابير ملموسة لتجنب تنفيذ التهديدات ( ) . وعلى غرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، اعتبرت اللجنة أيضاً أن "الطرد في حد ذاته لا يشكل معاملةً أو عقوبةً قاسيةً أو لا إنسانيةً أو مهينةً إلا في حالات نادرة للغاية" (بالمعنى الوارد في المادة 16 من الاتفاقية) وأن ما يعانيه صاحب البلاغ من هشاشة نفسية واضطرابات لاحقة للصدمة لا تشكل ظروفاً من هذا القبيل ( ) . وتدفع الدولة الطرف بأن هذه القضية لا تتضمن ظروفاً نادرةً للغاية بالمعنى الوارد في الاجتهاد آنف الذكر، بالنظر إلى التقرير الطبي المقدم. وعليه فإن حالة صاحب البلاغ الصحية لا تشكل، طبقاً للاتفاقية، عائقاً أمام ترحيله إلى بلغاريا.

4-13 وبمعزل عن ذلك، ترى الدولة الطرف أن من المهم الإشارة إلى أن إمكانية نقل صاحب البلاغ ستُقيم بصفة نهائية عند تنظيم هذا النقل. وستأخذ وزارة الدولة لشؤون الهجرة عند ذلك بعين الاعتبار حالة صاحب البلاغ الصحية وستحيل إلى السلطات البلغارية المعلومات ذات الصلة لضمان استمرار متابعته الطبية في بلغاريا. وتوجد في بلغاريا بنية أساسية طبية مشابهة لما يوجد في سويسرا، وهي كافية لمعالجة الإصابات المشخصة لدى صاحب البلاغ. زد على ذلك أن هذه الدولة مقيدة بلائحة الاستقبال وملزمة من ثم بتوفير الرعاية الطبية اللازمة، بما فيها الحد الأدنى من الرعاية الطارئة والعلاج الأساسي للأمراض وللاضطرابات العقلية الخطيرة. ولا يوجد إذاً أي دليل على أن السلطات البلغارية سترفض منح صاحب البلاغ ما يحتاجه من رعاية أو لن تكفل له العناية الطبية اللازمة، بحيث تكون حياته أو صحته في خطر شديد.

4-14 وتدفع الدولة الطرف، لكل الأسباب المذكورة، بأن صاحب البلاغ لم يثبت وجود أسباب جدية للخوف من أن يتعرض بصورة فعلية وشخصية للتعذيب أو لمعاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة في حال نقله إلى بلغاريا.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، ردّ صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف، مشيراً إلى أن حالة ملتمسي اللجوء في بلغاريا تدهورت منذ بداية أزمة الهجرة في صيف عام 2015، ولا تزال مثيرةً للقلق. وتوصي مفوضية شؤون اللاجئين في آخر تحليل أجرته للحالة في بلغاريا بأن تؤجل البلدان الأوروبية ترحيل ملتمسي اللجوء الضعفاء إلى بلغاريا في إطار لائحة دبلن بسبب مواطن القصور الخطيرة التي تعتري ظروف الاستقبال وإجراءات اللجوء في هذا البلد. وتشير المفوضية إلى أمور منها عدم وجود إجراءات للتعرف على الأشخاص الضعفاء والتكفل بهم على النحو المناسب، والمشاكل المتعلقة بالوصول إلى إجراءات لجوء منصفة ( ) . ويؤكد آخر تقرير لقاعدة بيانات اللجوء بشأن بلغاريا تفاقم المشاكل التي تعتري نظام اللجوء البلغاري ( ) . وفي هذا السياق، أوقفت عديد الولايات القضائية الأوروبية عمليات الترحيل إلى بلغاريا بالنظر إلى ما يواجهه ملتمسو اللجوء من مخاطر شديدة تتعلق بإساءة المعاملة. ويشمل ذلك القرارات التي اتخذتها محاكم في المملكة المتحدة وألمانيا ( ) وبلجيكا ( ) وهولندا ( ) وإيطاليا ( ) ، وهي قرارات تبين قلق الولايات القضائية الأوروبية الشديد بشأن احترام الحقوق الأساسية لملتمسي اللجوء في بلغاريا. ويرى صاحب البلاغ أن قضاء المحاكم الأوروبية هذا يجسد توافقاً متزايداً في الآراء بشأن المشاكل الخطيرة التي تعتري نظام اللجوء البلغاري إلى حد يجعله غير قادر على ضمان الحقوق الأساسية لملتمسي اللجوء.

5-2 ويدفع صاحب البلاغ بأن تحليل الدولة الطرف بشأن ادعائه بموجب المادة 16 غير صحيح. فقد رأت اللجنة، في تعليقها العام رقم 2(2007) بشأن تنفيذ الدول الأطراف للمادة 2، أن المادة 3 تنطبق أيضاً على المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة من منظور المادة 16. وإذ صرحت اللجنة بأن حظر الإعادة القسرية ينطبق أيضاً على إساءة المعاملة، فقد سايرت القضاء الدولي في هذا الصدد، لا سيما قضاء اللجنة المعنية بحقوق الإنسان والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

5-3 وعدا عن خطر التعرض لإساءة المعاملة في بلغاريا، يدفع صاحب البلاغ بأن ترحيله سيشكل في حد ذاته انتهاكاً للمادة 16 بالنظر إلى ظروفه الخاصة. فهو يعاني اكتئاباً واضطرابات نفسية لاحقة للصدمة من جراء إساءة المعاملة التي لقيها في بلغاريا أثناء احتجازه. وهو يستفيد حالياً من رعاية طبية متخصصة في سويسرا، وهي رعاية غير مضمونة أيضاً في حال ترحيله إلى بلغاريا. وسيكون ترحيله بذلك مؤذياً بصفة خاصة وسيعرقل في المدى الطويل إمكانية شفائه إن لم يحل دونها. ولهذه الأسباب، يتمسك صاحب البلاغ بأن ترحيله سيشكل انتهاكاً للمادة 16.

٥-٤ ويشير صاحب البلاغ إلى أن الدولة الطرف تعترف من جهة بأن نظام اللجوء البلغاريَّ تعتريه مشاكل وأنه يكشف عن قدر من أوجه القصور العامة، دون أن تحددها. ومن جهة أخرى، تخلص الدولة الطرف إلى أن هذه المشاكل ليست من الخطورة ما يجعلها تسلّم بعرقلة الوصول إلى إجراءات لجوء عادلة ومنصفة. ويدفع صاحب الشكوى بأن الوصول في بلغاريا إلى إجراءات اللجوء في حال الترحيل بموجب لائحة دبلن متاح من حيث المبدأ فقط. فقد ذكرت المفوضية أن إجراءات اللجوء المحسومة غيابي اً لا يمكن إعادة فتحها إلا بوجود أسباب موضوعية لغياب ملتمس اللجوء عن بلغاريا. وإذا تعذر على الشخص المنقول تقديم هذا التبرير على نحو يقنع السلطات المختصة، فسيعتبر مهاجر اً غير نظامي ويُحتجز رهن الترحيل إما في صوفيا ( بوشمانتشي ) أو في ليوبيمتش بالقرب من الحدود مع تركيا، حيث تتسم ظروف الاحتجاز بقص و ر شديد، كما يتضح من عدد التقارير الصادرة عن منظمات غير حكومية و مؤسسات دولية ( ) . ويظهر من اتصالات صاحب البلاغ مع لجنة هلسنكي البلغارية، وهي منظمة غير حكومية، أن إجراء لجوئه في بلغاريا حُسم وأنه أُخطر بذلك القرار في غيابه. لذا، يؤكد صاحب الشكوى أن الدولة الطرف مخطئة في افتراض أن طلب لجوئه لا يزال قيد النظر، وأنه غير معرض من ثم لخطر الاحتجاز. ونظر اً إلى انتهاء الإجراء، يُرجّح بقدر كبير أن يعامل صاحب البلاغ بوصفه مهاجر اً في وضع غير قانوني في بلغاريا لدى عودته إلى هذا البلد وأن يُحتجز طيلة فترة الإجراءات الخاصة به.

٥-٥ ويشير صاحب البلاغ أيض اً إلى تقرير المجلس الأوروبي بشأن اللاج ئين والمنفيين ( ) . ويدفع بأن الدولة الطرف كان عليها أن تتعمق في تحقيقاتها لمعرفة وضعه في بلغاريا. وقد كان ذلك ضروريا ً من أجل تقييم خطر احتجاز صاحب البلاغ في بلغاريا، ما دام العديد من تقارير المنظمات غير الحكومية ومنظمة الأمم المتحدة فضل اً عن المحاكم الأوروبية ينتقد انتقاد اً شديد اً ظروف احتجاز ملتمسي اللجوء في ذلك البلد. وبناء على ذلك، يلاحظ صاحب الشكوى أن الدولة الطرف لم تحقق في القضية بعناية وشخصت الحالة تشخيص اً مغلوط اً. وعلاوة على ذلك، فقد أثبت صاحب البلاغ، على أساس المعلومات المستقاة من لجنة هلسنكي البلغارية ومصادر أخرى، بما في ذلك تقرير المجلس الأو روبي المعني باللاجئين والمنفيين ( ) ، أنه معرض لخطر الاحتجاز مرة أخرى في حال نقله إلى بلغاريا. وبناء عليه، يرى صاحب البلاغ أن الدولة الطرف قد انتهكت حقه في الوصول إلى سبيل انتصاف فعال من من ظور المادتين ٣ و١٦ من الاتفاقية ( ) .

٥-٦ ويفيد صاحب البلاغ بأن المحكمة الإدارية الاتحادية لم تقدم أي تحليل فعلي للمعلومات المتعلقة بالحالة في بلغاريا والمقدمة من صاحب البلاغ في إطار الطعن الذي قدمه. فقد اكتفت المحكمة ببساطة ببناء قرارها السلبي على افتراض احترام بلغاريا النظام القانوني الأوروبي، دون أدنى إشارة إلى معلومات وقائعية لدحض المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ والتي تبين الثغرات الخطيرة التي تعتري نظام الاستقبال وإجراءات اللجوء. وهكذا خلصت المحكمة إلى أنه "في غياب نمط ثابت من الانتهاكات المنهجية للمعايير الأوروبية الدنيا، يٌفترض أن بلغاريا تمتثل التزاماتها بشأن حقوق ملتمسي اللجوء في أراضيها" وأن "المدّعي في هذه القضية لم يثبت أن السلطات البلغارية سترفض النظر في طلب حمايته". ويدفع صاحب البلاغ بأن تحليل المحكمة لا يفي بوضوح بالمعايير التي وضعتها اللجنة بخصوص إجراء "مراجعة فعلية ومستقلة ونزيهة لقرار الطرد أو الإبعاد" وينتهك حقه في سبيل انتصاف فعال.

٥-٧ ويؤكد صاحب الشكوى الظروف المهينة واللاإنسانية السائدة في مراكز استقبال ملتمسي اللجوء، فضل اً عن احتمال ألا يتلقى أي رعاية وأن يُترك من ثم للعيش في الشوارع في خصاصة تامة ( ) . و حتى إذا بقي طليق اً، فسوف يواجه، وهو الذي يعاني مشاكل نفسية خطيرة، إما الظروف المهينة واللاإنسانية في مراكز استقبال ملتمسي اللجوء، وإما الفقر المدقع في الشوارع دون الحصول على المأوى، ناهيك من الرعاية الطبية. لذا فسيكون ترحيله غير قانوني من منظور المادة ١٦ من الاتفاقية حتى في حال بقائه طليقا ً .

٥-٨ وينازع صاحب البلاغ في تأكيد الدولة الطرف أنه لم يقدم أدلة ملموسة تثبت أن بلغاريا لا تحترم مبدأ عدم الإعادة القسرية. وفي الواقع، فإن أوجه قصور نظام اللجوء البلغاري معروفة، ومن بينها نقص المترجمين الشفويين والموظفين الآخرين المعنيين بالتسج يل وبجلسات الاستماع ( ) . ونقص التمثيل القانوني ا لملائم والمعلومات عن حالة الملف ( ) . وهكذا، فليس هناك ما يضمن استفادة صاحب البلاغ من إجراءات لجوء عادلة تحترم مبدأ عدم الإعادة القسرية. وعلى النحو المشار إليه في تقرير تحقيق المجلس الأوروبي المعني باللاجئين والمنفيين، فإن إمكانية الاستفادة من إجراءات لجوء عادلة في بلغاريا مسألة نظرية. وإضافة إلى ذلك، أشار صاحب البلاغ إلى إحصاءات رسمية بلغارية مفادها أن نسبة رفض طلبات اللجوء تعادل ٩١ في المائة في حالة الملتمسين غير السوريين. وعلى نحو أكثر تحديد اً، يبرز أن نسبة رفض طلبات ا لأفغان بلغت ٩٤ في المائة في عام ٢٠١٥. وقد أكدت لجنة هلسنكي البلغارية أن طلبات اللجوء التي يقدمها الملتمسون الأفغان "ترفض بأعداد ضخمة". وأخير اً، وفيما يتعلق بخطر التعرض للإعادة القسرية المتسلسلة، من المهم الإشارة إلى أن بلغاريا وقعت مع تركيا في أيار/مايو ٢٠١٦ اتفاق إعادة قبول يتعين على تركيا بموجبه استعادة الأشخاص الذين دخلوا بلغاريا بطريقة غير قانونية عبر الحدود التركية. ولا توجد أي معلومات متاحة عن تنفيذ ذلك الاتفاق، لكنّ ه من غير المستبعد أن يُرحّل صاحب البلاغ إلى تركيا، وهو بلد مرّ به قبل دخول بلغاريا.

٥-٩ وفيما يتعلق بخطر التعرض لسوء المعاملة في بلغاريا، لا تنازع الدولة الطرف في أن ظروف المعيشة السائدة في مراكز الاحتجاز البلغارية يجب أن توصف بأنها غير لائقة. وإذ اعتبرت الدولة الطرف أن صاحب البلاغ غير معرض لخطر الاحتجاز مرة أخرى في حال نقله إلى بلغاريا، فلم تبحث في سياق ملاحظاتها خطر تعرضه لإساءة المعاملة في سياق الاحتجاز. وقد انتقد مفوض مجلس أوروبا لحقوق الإنسان، في أعقاب زيارته إلى بلغاريا في شباط/فبراير ٢٠١٥، احتجاز ملتمسي اللجوء في بلغاريا في كثير من الأحيان وبصورة غير قانونية، ووصف ظروف المعيشة في مراكز الاحتجاز بأنها غير ملائمة، وندد بحالات إ س اءة المعاملة في مرافق الاحتجاز ( ) .

٥-١٠ ويعترض صاحب البلاغ على تحليل الدولة الطرف الذي لا يعترف بأنه شخص ضعيف بوجه خاص و ي عتبر أنه هذا لم يثبت أن ظروفه المعيشية في بلغاريا ستكون "من المشقة والخطورة" ما يجعلها تشكل معاملة تتنافى وأحكام المادة 1 من الاتفاقية أو المادة 16 منها. ويدعي أنه ينبغي اعتباره ملتمس لجوء ضعيف الحال، بالنظر إلى أنه خضع في السابق لإساءة المعاملة في بلغاريا، وهو السبب الذي جعله يتلقى عناية أطباء نفسانيين في سويسرا.

٥-١١ وتأكيد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ " لم يذكر في أي مرحلة من مراحل اللجوء في سويسرا أنه تعرض لإساءة المعاملة في بلغاريا" وأنه "لم يدّع تعرضه لضروب من الأذى على أيدي موظفي تلك الدولة إلا في سياق الشكوى التي قدمها إلى اللجنة" تأكيد مغلوط تفنده عناصر ملف إجراءاته التي تفيد بأنه ذكر خضوعه للتعذيب أثناء احتجازه في بلغاريا وأنه تعرض أيض اً لظروف لا إنسانية ومهينة. وقد صرح قائل اً أثناء جلسته السريعة في مركز التسجيل والإجراءات في بازل: "كنت مسجون اً طيلة سنة في بلغاريا. وخضعت هناك للكثير من التعذيب ( "vielFolter" ) ( ) "و"كان الوضع في السجن مريع اً وغير صحي. فقد كان المكان قذر اً جد اً. وكانوا يقدمون لنا الطعام مرة واحدة في اليوم. وكان الغذاء من الرداءة ما يـأباه الحمار نفسه . وكان القمل يجتاح رؤوسنا جميعا ً " ( ) . وهكذا فإن صاحب البلاغ ذكر أعمال التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة التي تعرض لها أثناء احتجازه في بلغاريا. ولم تحرص السلطات السويسرية على أن تطلب منه تفاصيل عما ادعاه من تعذيب وظروف لا إنسان ية ومهينة في مركز الاحتجاز؛ وبالفعل لم تطرح عليه السلطات السويسرية سؤال اً واحد اً بشأن هذه المسألة طوال إجراءات لجوئه. لذا فإن عدم تضمن ملف الإجراءات المزيد من التفاصيل أو المعلومات لا يُعاب عليه بل ينم عن قصور في تحقيقات الدولة الطرف. وهذا التقصير ينتهك الالتزام بإجراء مراجعة فعلية ومستقلة ونزيهة لقرار الطرد أو الإبعاد. وبالفعل، فإن تعرض ملتمس ما للتعذيب في دولة المقصد عنصر وجيه بصورة منطقية لتحليل خطر حدوث انتهاك للحظر مستقبل اً. وهكذا كان على الدولة الطرف من ثم أن تحقق في هذا الجانب من الملف لتتمكن من إجراء تقييم سليم للمخاطر المترتبة على إبعاد صاحب البلاغ.

٥- ١٢ وفيما يتعلق بظروف معيشة ملتمسي اللجوء الضعفاء في بلغاريا، فمن الممكن ألا يحصل الأشخاص المنقولون بموجب لائحة دبلن على المأوى والغذاء والرعاية الطبية. وتعاني المرافق نقائص بسبب قلة الإمكانات المالية. وهذا الوضع مثير للقلق بصفة خاصة في حالة ملتمسي اللجوء الضعفاء مثل صاحب البلاغ. وبخصوص دفع الدولة الطرف بأن بلغاريا "دولة تحترم سيادة القانون ولديها جهاز شرطة فعال وقادر على توفير الحماية الكافية من اعتداءات الغير"، يجدر بالإشارة أن العديد من تقارير المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة وكذلك المقالات الصحفية يشهد على العنف الذي يلقاه من الشرطة وحرس الحدود وموظفي السجون وعامة الناس الأشخاصُ الذين يلتمسون الحماية في بلغاريا. وعلاوة على ذلك، صرّح مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين بأن بلغاريا تشجع التعصب. وفي كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٥، دعت منظمة العفو الدولية الحكومة البلغارية إلى التحقيق في شكاوى اللاجئين والمهاجرين المتعلقة بأعمال الإيذاء والعنف والابتزاز التي يتعرضون لها على أيدي الشرطة. وتستنتج الدولة الطرف خطأ أن صاحب البلاغ ليس شخص اً ضعيف الحال وأن احتياجاته يمكن ت لبيتها في بلغاريا. ويفيد القرار الصادر عن المحكمة الإدارية لشتوتغارت في ١٥ حزيران/ يونيه ٢٠١٥ بأن الحصول على الرعاية الطبية في بلغاريا منقوص.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغ ما، يجب أن تقرر اللجنة ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من ‏الاتفاقية.

6-2 وقد تأكدت اللجنة، وفق ما تقتضيه الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تُبحَث ولا يجري بحثها حالي اً في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وتذكّر اللجنة بأنه لا يمكنها، وفقاً للفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية، أن تنظر في أي بلاغ يرد من فرد ما إلا إذا تأكدت من أنه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. وتلاحظ اللجنة، في هذه القضية، أن الدولة الطرف أقرت بأن صاحب البلاغ استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

٦-٤ وتلاحظ اللجنة في هذه القضية أن الدولة الطرف تنازع في مقبولية البلاغ بقدر ما يثير ادعاءات بموجب المادة 12 من الاتفاقية. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تؤكد أن الالتزامات المنصوص عليها في المادة 3 من الاتفاقية لا تشمل حالات إساءة المعاملة المشار إليها في المادة 16 منها، وأن الادعاء المقدم بموجب المادة 16 غير مقبول من ثم من حيث الاختصاص الموضوعي، إذ يتعارض مع أحكام الاتفاقية. وتلاحظ اللجنة دفع صاحب البلاغ بأن تحليل الدولة الطرف فيما يتصل بادعائه بموجب المادة ١٦ تحليل مغلوط، وبأن حظر الإعادة القسرية ينطبق أيض اً على إساءة المعاملة وأن ترحيله سيشكل في حد ذاته انتهاك اً للمادة ١٦ بالنظر إلى ظروفه الخاصة، لا سيما الاكتئاب والاضطرابات النفسية اللاحقة للإصابة، وبأن الرعاية الطبية المتخصصة التي يستفيد منها حالي اً في سويسرا ليست مضمونة أبد اً في حال ترحيله إلى بلغاريا. وفي هذا الخصوص، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ يستخدم معلومات ذات طابع عام دون تقديم أدلة ملموسة لتدعيم هذه الادعاءات. وفي ظل هذه الظروف، وفي غياب أي معلومات مفيدة أخرى في ملفه، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يدعّم بالقدر الكافي لأغراض المقبولية ادعاءاته بموجب المادة 16.

٦-٥ غير أن اللجنة ترى أن الحجج التي قدمها صاحب البلاغ تثير مسائل مهمة بموجب المادة 3 من الاتفاقية، وأنه ينبغي النظر فيها من حيث الأسس الموضوعية. وبناء عليه فإن اللجنة إذ لا ترى ما قد يحول دون مقبولية البلاغ، تعلن أن البلاغ مقبول بموجب المادة ٣ من الاتفاقية.

النظر في الأسس الموضوعية

٧-١ نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية.

٧-٢ ويجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كانت الدولة الطرف، بترحيل صاحب البلاغ إلى بلغاريا، ستخل بالتزامها بموجب الفقرة 1من المادة 3 من الاتفاقية التي تنص على عدم طرد أو إعادة شخص إلى دولة أخرى إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى اعتقاد أنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب.

٧-٣ ويجب على اللجنة أن تقيم ما إذا كانت هناك أسباب حقيقية تدعو إلى اعتقاد أن صاحب البلاغ معرض شخصياً لخطر التعذيب في حال إعادته إلى بلغاريا. ولدى تقييم هذا الخطر، ينبغي للجنة، وفقاً للفقرة 2 من المادة 3 من الاتفاقية، أن تراعي جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. بيد أن اللجنة تذكّر بأن الهدف من هذا التقييم هو تحديد ما إذا كان الفرد المعني يواجه شخصياً خطراً متوقعاً وحقيقياً يتمثل في التعرض للتعذيب في البلد الذي سيعاد إليه. ويستتبع ذلك أن وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلد معين ليس في حد ذاته سبباً كافياً للقول إن هذا الشخص سيتعرض للتعذيب عند عودته إلى هذا البلد؛ ويجب تقديم أسباب إضافية تدعو إلى اعتقاد أن الشخص المعني سيواجه ذلك الخطر شخصياً. وفي المقابل، فإن عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان لا يعني أن شخصاً ما لا يمكن أن يتعرض لخطر التعذيب بحكم ظروفه الخاصة ( ) .

٧-٤ وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 1 الذي يفيد بوجوب أن يقدر خطر التعذيب على أسس تتجاوز مجرد الافتراض أو الشك. ورغم عدم اشتراط أن يكون ذلك الخطر شديد الاحتمال ( ) ، تذكّر اللجنة بأن عبء الإثبات يقع عموماً على عاتق صاحب البلاغ الذي يتعين عليه عرض حجج وجيهة تبين أنه يواجه خطراً متوقعاً وحقيقياً وشخصياً ( ) . وتذكِّر اللجنة أيضاً بأنها تولي، وفقاً لتعليقها العام المذكور، وزناً كبيراً للنتائج الوقائعية التي تخلص إليها أجهزة الدولة الطرف المعنية، رغم كون اللجنة، في الوقت نفسه، غير ملزمة بتلك النتائج بل إنها مخولة، بموجب الفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية، لتقدّر الوقائع بحرية بالاستناد إ لى جميع الظروف المحيطة بكل قضية ( ) .

٧-٥ ويدعي صاحب البلاغ أنه لن يتمكن من الوصول إلى إجراءات اللجوء في بلغاريا، وأنه قد يتعرض هناك للاحتجاز وإساءة المعاملة والتعذيب وللإعادة القسرية إلى أفغانستان أو النقل إلى تركيا. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يؤكد أنه واجه مشاكل مع الحراس في مراكز الاحتجاز في بلغاريا. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن احتجاز صاحب البلاغ حدث في سياق توقيفه من جانب الشرطة، عندما كان في وضع غير قانوني ولم يكن بعد قد طلب اللجوء في بلغاريا. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ نفسه يؤكد أنه لم يطلب اللجوء في بلغاريا لدى وصوله إلى البلد، ومن ثم، فمن المرجح أن يكون قد احتجز لأنه اعتبر مهاجر اً غير شرعي. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن صاحب البلاغ أطلق سراحه بعد تسجيل السلطات طلب لجوئه ونُقل إلى مأوى خاص بملتمسي اللجوء في صوفيا. وتلاحظ اللجنة دفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ غادر بلغاريا دون أن انتظار الر د على طلب لجوئه، لأن الأفغان عموم اً لا يلقون فيها القبول الحسن ولا يجدون فيها عملا ً . وقد أفاد بأنه مرّ بهنغاريا (حيث قدم طلب لجوء في 6 و27 أيار/مايو 2015)، والنمسا (حيث قدم أيض اً طلب لجوء في 2 آب/أغسطس 2015) وإيطاليا قبل أن يحط الرحال ب سويسرا.

٧-٦ وفي هذه القضية تلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن حقه في سبيل انتصاف فعال قد انتهك لأن الدولة الطرف أخلت بالتزامها بإجراء مراجعة فعالة ومستقلة ونزيهة لقرار الإعادة. وتلاحظ اللجنة بالاستناد إلى ملاحظات الدولة الطرف أن وزارة الدولة لشؤون الهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية لم تنازعا، في قراريهما، لا في الاحتجاز ولا في ظروف البؤس التي ادعاها صاحب البلاغ، الذي لم يدفع، على عكس ما يؤكده في بلاغه، بتعرضه لاعتداءات بدنية متكررة على أيدي حراس السجن. وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يثبت أن ظروف المعيشة في بلغاريا تبلغ "من المشقة والخطورة" ما يجعلها تشكل معاملة تتنافى وأحكام المادة 1 من الاتفاقية أو المادة 16 منها. وتلاحظ اللجنة تأكيد صاحب البلاغ أن إجراء لجوئه في بلغاريا حُسم وأنه أُخطر بالقرار في غيابه. بيد أن اللجنة تلاحظ أن هذه المعلومات مستمدة من اتصالات صاحب البلاغ المزعومة مع لجنة هلسنكي البلغارية وأنه لم يقدم أي وثيقة مفيدة في هذا الخصوص. وقد قبلت السلطات البلغارية صراحة استعادة صاحب البلاغ طبق اً للفقرة 1(ب) من المادة 18 من لائحة دبلن الثالثة، وأقرت في هذا السياق بوجود إجراء لجوء قيد النظر في بلغاريا واعترفت باختصاصها في معالجة طلب اللجوء. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم أي تفاصيل تدعّم ادعاءاته المتعلقة بتعرضه للتعذيب.

٧-٧ وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يدفع بأن إساءة المعاملة التي لقيها أثناء احتجازه في بلغاريا خلفت لديه حالة اكتئاب شديد واضطرابات نفسية لاحقة للصدمة، ما يجعله شخص اً ضعيف الحال بصفة خاصة. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن الدولة الطرف أفادت بأن هذه القضية لا تتضمن، بالنظر إلى التقرير الطبي المقدم، ظروف اً نادرة جد اً، ومن ثم فإن حالة صاحب البلاغ الصحية لا تشكل، طبق اً للاتفاقية، حائل اً دون ترحيله إلى بلغاريا. وتحيط اللجنة علم اً بدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لا يعاني، بالنظر إلى حالته الشخصية وعلى الرغم من مشاكله الطبية، ضعف اً خاص اً وأن احتياجاته المحددة يمكن تلبيتها بعد عودته إلى بلغاريا.

٧-٨ وتذكِّر اللجنة بأنه يعود لها أمر تحديد ما إذا كان صاحب البلاغ معرض اً حالياً لخطر ال تعذيب في حال إعادته إلى بلغاريا ( ) . وتلاحظ أن صاحب البلاغ أُتيحت له فرصة إثبات ادعاءاته وتوضيحها، على الصعيد الوطني، أمام وزارة الدولة لشؤون الهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية، لكن الأدلة التي قدمها لم تقنع السلطات المختصة في الدولة الطرف بأنه قد يواجه خطر التعرض لأعمال تعذيب لدى عودته بصفته ملتمس لجوء من أفغانستان وبالنظر إلى حالة إجراءات اللجوء المتعلقة به والظروف المادية والتجربة التي عاشها في مراكز الاحتجاز في بلغاريا.

٧-٩ وعلاوة على ذلك تذكِّر اللجنة بأن وجود انتهاكات لحقوق الإنسان في بلد العودة لا يكفي في حد ذاته لاستنتاج أن مقدم بلاغ معرض شخصياً لخطر التعذيب هناك. وتستنتج اللجنة، في ضوء المعلومات المعروضة عليها، أن صاحب الشكوى لم يثبت في هذه القضية أنه تعرض للتعذيب في السابق، وتخلص إلى أن المعلومات المقدمة لا تثبت أنه سيتعرض شخصياً لخطر التعذيب في حال ترحيله إلى بلغاريا.

٨- وفي هذه الظروف، ترى اللجنة أن المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ غير كافية لإثبات ادعائه أنها سيواجه خطراً شخصياً متوقعاً وحقيقياً يتمثل في الخضوع للتعذيب في حال إعادته إلى بلغاريا.

٩- واللجنة، إذ تتصرف بمقتضى الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، تخلص إلى أن إعادة صاحب البلاغ إلى بلغاريا لن يشكل انتهاكاً من جانب الدولة الطرف لأحكام المادة 3 من الاتفاقية.