الأمم المتحدة

CAT/C/62/D/688/2015

Distr.:

Arabic

Original:

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

21 December 2017

Arabic

Original: English

‎ لجنة مناهضة التعذيب‏‏

قرار اعتمدته اللجنة بموجب المادة 22 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 688/2015 * **

بلاغ مقدم من: ت. ز. (تمثله المحامية ستيفاني موتز )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب الشكوى

الدولة الطرف: سويسرا

تاريخ تقديم الشكوى: 7 تموز/يوليه 2015 (تاريخ الرسالة الأولى)

تاريخ اعتماد هذا القرار : ٢٢ تشرين الثاني / نوفمبر ٢٠١٧

الموضوع: إبعاد صاحب الشكوى من سويسرا إلى إثيوبيا

المسائل الإجرائية: عدم إثبات الادعاءات

المسائل الموضوعية: خطر التعرض للتعذيب عند الإبعاد إلى البلد الأصلي (عدم الإعادة القسرية)

مواد الاتفاقية: 3 و22(2)

١- صاحب البلاغ هو ت. ز. ( ) ، وهو مواطن إثيوبي من مواليد 7 آب/أغسطس 1981. وقدم طلب لجوء في سويسرا، لكنه رُفض . وسُمح له بالبقاء في سويسرا حتى ٢٣ شباط / فبراير ٢٠١٥، وهو مُعرَّض للترحيل القسري . ويدعي أن ترحيله إلى إثيوبيا سيشكل انتهاكاً من سويسرا للمادة 3 من الاتفاقية . وتمثل صاحبَ الشكوى المحامية ستيفاني موتز .

١-٢ وفي 10 تموز/يوليه 2015، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، عن طريق مقررها المعني بالشكاوى الجديدة والتدابير المؤقتة، ألا تطرد صاحب الشكوى إلى إثيوبيا ما دامت شكواه قيد نظر اللجنة. وفي ١٤ تموز/يوليه، أبلغت الدولة الطرف عن تعليق ترحيل صاحب الشكوى بناءً على طلب اللجنة.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

٢-١ صاحب الشكوى، الذي ينتمي إلى إثنية الغوراج ، قادم من أديس أبابا. ويدعي أنه انضم في عام ١٩٩٥ (وفقاً للتقويم الإثيوبي)، إلى رابطة شباب أديس أبابا ( ) ، التي كانت مخترقة من الحزب الحاكم، الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي. واعترافاً بعمله الدؤوب وصيته الذائع في المجتمع المحلي، رقّى الحزب الحاكم صاحب الشكوى داخل الرابطة وسجله لمتابعة دورات تدريبية سياسية ووظفه في نهاية المطاف في جهاز الاستخبارات.

  ٢-٢ وجمع صاحب الشكوى، بصفته عضواً في جهاز الاستخبارات، تقارير عن أنشطة المعارضين من أعضاء الرابطة الآخرين وأحال أسماء المشتبه فيهم من أعضاء المعارضة إلى الحزب الحاكم. وأدت تقاريره إلى اعتقال ما بين شخصين وثلاثة أشخاص شهرياً. وقبل انتخابات عام ٢٠١٠، وُجهت إلى صاحب الشكوى وزملائه تعليمات بإبلاغ الشرطة المحلية عن أي أنشطة مشبوهة. وأسفر ذلك عن اعتقال حوالي ١٠٧ أفراد. وبعد أن سمع صاحب الشكوى شائعات عن سوء المعاملة في السجن، زار شخصين أُفرج عنهما ورأى أنهما تعرَّضا لسوء المعاملة وأصيبا بجروح بالغة. وصُدم صاحب الشكوى وشعر بالذنب. وفي اجتماع داخلي عقده جهاز الاستخبارات بعد مرور شهر أو شهرين على ذلك الحدث، انفعل صاحب البلاغ وطالب بالإفراج عن المحتجزين، مهدداً بإبلاغ منظمات حقوق الإنسان بالأمر. وبعد ذلك مرض مرضاً شديداً ومكث في بيته. وفي الوقت نفسه، أشيع في مقاطعته أنه يعمل في جهاز الاستخبارات. واستقال منه في آب/أغسطس ٢٠١١ خلافاً لما أوصاه به رؤساؤه.

٢-٣ وبعد مرور عشرة أيام على استقالته، فتش أربعة ضباط شرطة منزله وصادروا أمتعته واعتقلوه. وأمضى صاحب الشكوى الليلة في مركز شرطة ووريدا ٢٤، ثم اقتيد إلى سجن مايكيلاوي حيث عُذب عذاباً شديداً مدة ثلاثة أشهر. واتهمه الضباط بالتجسس لصالح أحزاب المعارضة والتعاون مع بيرهانو نيغا الذي شارك في تأسيس مجموعة غنيبوت 7 ( ) . وأذاقه الضباط أشد العذاب لأنه لم يقدم أجوبة مرضية. وعندما تفككت مفاصله بسبب إقدام الضباط على جذب ساقيه في اتجاهين مختلفين، أُغمي عليه واقتيد إلى مستشفى الشرطة. وخلال الأيام القليلة التي قضاها في المستشفى، زاره أشخاص حاولوا إقناعه بالعدول عن الاستقالة، لكنه رفض. وطيلة شهر ونصف بعد ذلك، لم تُسأ معاملته قط وأُفرج عنه بعد توقيع عدة وثائق. وظل طيلة ١٥ يوماً عقب إطلاق سراحه يختبئ في منازل مختلف أصدقائه.

٢-٤ وخشية الاعتقال مرة أخرى، فر صاحب الشكوى في 21 تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١ إلى السودان بجواز سفر مزور. وفي ٣٠ كانون الثاني/يناير ٢٠١٢، وصل إلى سويسرا بعد السفر عبر إسبانيا وفرنسا. وفي ٣١ كانون الثاني/يناير، طلب اللجوء في سويسرا.

٢-٥ وفي شباط/فبراير ٢٠١٣، انضم صاحب الشكوى رسمياً إلى منظمة غينبوت 7 في سويسرا. ونظم منذ ذلك الوقت تجمعات وشارك فيها وبث رسائل معارضة على إذاعة غينبوت 7 ومحطات إذاعية أخرى. وهو عضو أيضاً في الفريق الإعلامي المسؤول عن العلاقات العامة لفرقة العمل الإثيوبية المعنية بحقوق الإنسان والديمقراطية في سويسرا. وعلاوة على ذلك، شارك في مناقشات عامة مع معارضين وصحفيين بارزين، وألقى قصائده في العديد من التجمعات المعارضة. وفي حزيران/ يونيه ، صوره أحد موظفي السفارة الإثيوبية أثناء مشاركته في مظاهرة معارضة خلال حدث نظمته الحكومة الإثيوبية. ويدير صاحب الشكوى أيضاً مدونة على الإنترنت ينتقد فيها الحكومة الإثيوبية، ويُعلم الآخرين بحالة حقوق الإنسان في البلد.

٢-٦ وعقب جلستين شفويتين عُقدتا في ١٥ شباط/فبراير ٢٠١٢ و١١ تموز/يوليه ٢٠١٤، رفض المكتب الاتحادي للهجرة (المعروف حالياً باسم وزارة الدولة لشؤون الهجرة) في الدولة الطرف طلب لجوئه في ٢٦ أيلول/سبتمبر ٢٠١٤، بعد أن رأى أن هناك تضارباً بين أقواله أثناء مقابلة فرز الطلب وأقواله أثناء مقابلة اللجوء الأساسية. وفي 30 تشرين الأول / أكتوبر، طعن صاحب الشكوى في هذا القرار أمام المحكمة الإدارية الاتحادية . ورفضت المحكمة طعنه، في حكمها الصادر في 20 كانون الثا ني/يناير ٢٠١٥، وأكدت قرار المكتب الاتحادي للهجرة. وأُذن لصاحب الشكوى بالبقاء في البلد حتى ٢٣ شباط/فبراير.

الشكوى

٣-١ يدعي صاحب الشكوى أن الدولة الطرف ستنتهك المادة ٣ من الاتفاقية إذا رحلته إلى إثيوبيا، حيث سيواجه خطراً حقيقيا ً بأن تُعرّضه أجهزة الدولة للاضطهاد والمعاملة اللاإنسانية بسبب عمله في جهاز الاستخبارات في السابق واستقالته منه، وبسبب عضويته في منظمة غينبوت 7 ومشاركته في أنشطة معارضة في سويسرا.

٣-٢ ويذكُر أن البرلمان الإثيوبي أعلن في عام ٢٠١١ أن غينبوت 7 منظمة إرهابية، ويشير إلى أن الحكومة تستهدف أعضاء المنظمة، وأن من المرجح أن يُعتقل هؤلاء تعسفاً ويُعاملوا معاملة سيئة في السجن. ويدعي أنه أصبح شخصاً بارزاً في دوائر المعارضة في سويسرا، الأمر الذي يزيد من خطر تعرضه للاعتقال والاحتجاز والتعذيب عند عودته إلى إثيوبيا.

٣-٣ ويفيد صاحب الشكوى أيضاً بأن التقرير الطبي عن إصابته في الورك مطابق لروايته للتعذيب الذي تعرض له في إثيوبيا، وأن التشخيص بيَّن أنه يعاني كثيراً من اضطراب الكرب التالي للرضح، وأنه يتلقى العلاج منه في مستشفى للأمراض النفسية منذ عام ٢٠١٥.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

٤-١ قدمت الدولة الطرف، في ١٣ كانون الثاني/يناير ٢٠١٦، ملاحظاتها على أسس البلاغ الموضوعية. وتقر الدولة الطرف بأن حالة حقوق الإنسان في إثيوبيا مقلقةٌ من نواح كثيرة . غير أن هذه الحالة لا تشكل في حد ذاتها سبباً كافياً للخلوص إلى أن صاحب الشكوى سيواجه خطر التعرض ل لتعذيب لدى عودته إلى بلده الأصلي ( ) . وترى الدولة الطرف أنه لم يقدم دليلاً يُستنتج منه أنه سيواجه خطراً متوقعاً وحقيقاً وشخصياً يتمثل في التعرض للتعذيب في حال إعادته إلى إثيوبيا .

٤-٢ وتذهب الدولة الطرف إلى أن التعرض للتعذيب في الماضي عامل من العوامل التي تؤخذ بعين الاعتبار لدى تقييم خطر التعذيب الذي يمكن أن يواجهه صاحب الشكوى في حال إعادته إلى بلده. لكن صاحب الشكوى لم يقدم أي شهادة طبية عن التعذيب الذي تعرض له في السابق أثناء إجراءات اللجوء، بل ورد في محضر المحكمة الإدارية الاتحادية أنه كان يبدو في صحة جيدة وقت إصدار قرارها. وبعد انتهاء إجراءات اللجوء في ٢٠ كانون الثاني / يناير ٢٠١٥، آنذاك فقط حصل صاحب الشكوى على شهادات طبية وقدمها إلى اللجنة، هي كالآتي: تقرير طبي مؤرخ ٢ نيسان/أبريل ٢٠١٥ بشأن أشعة سينية لحوضه، وتقريران حن حالته النفسية مؤرخان ١٣ أيار/مايو ٢٠١٥ و١٧ حزيران/يونيه ٢٠١٥ جاء فيهما أن لديه نزعة إلى الانتحار بسبب اضطراب الكرب التالي للرضح وأنه أودع المستشفى خشية إيذاء نفسه. وتذهب الدولة الطرف إلى أن المشاكل الصحية التي ذكرها صاحب الشكوى حدثت بعد انتهاء إجراءات اللجوء المحلية، وترى أن من غير المرجح أن تكون ناجمة عن التعذيب المزعوم وقوعه في الماضي.

٤-٣ وتشير الدولة الطرف إلى أن التناقضات الوقائعية التي تخللت أقوال صاحب الشكوى تقوض مصداقيتها. ففي مقابلة اللجوء الأولى، ذكر صاحب الشكوى أنه استقال من جهاز الاستخبارات في 19 حزيران / يونيه ٢٠١١، واعتُقل في ٣ ٠ آب/أغسطس، واقتيد إلى السجن في اليوم التالي. لكنه وقع في تناقض خلال المقابلة الثانية إذ قال إن أفراد الشرطة جاؤوا إلى منزله بعد مرور 10 أيام فقط على استقالته. وعندما سئل عن هذا التناقض عزا ذلك إلى خطأ في تحويل التواريخ انطلاقاً من التقويم الإثيوبي. ومع ذلك، تلاحظ الدولة الطرف أن محضري المقابلتين، اللذين يتضمنان تلك التواريخ، قرئا على صاحب الشكوى بالأمهرية التي يفهمها فهماً تاماً، وأنه أكد دقتهما. ولذلك تعتبر الدولة الطرف تفسيره للتناقض المذكور غير مقنع بما فيه الكفاية.

٤-٤ وتحيط الدولة الطرف علماً بتضارب آخر في مضمون الوثائق التي وقعها صاحب الشكوى قبل أن يطلَق سراحه. ففي الجلسة الأولى قال إن الوثائق تفيد بأنه وافق على سحب استقالته ومواصلة العمل في جهاز الاستخبارات. أما في الجلسة الثانية، فقال إنه لم يقرأ تلك الوثائق قبل توقيعها. وعندما طُلب منه توضيح هذا التناقض، أقر بأنه لم يطّلع على الوثائق لكن ما قاله في الجلسة الأولى كان مجرد افتراض لمضمونها، أي أنها تشير إلى أنشطته المزعومة لصالح الجماعات المعارضة وتعهده بالتوقف عنها. وترى الدولة الطرف أن صاحب الشكوى، باعتباره موظفاً سابقاً في جهاز الاستخبارات تلقى التدريب اللازم للاضطلاع بمهامه، كان ينبغي أن يتمكن من تقديم وصف أدق للأحداث التي وقعت منذ استقالته إلى حين الإفراج عنه.

٤-٥ ودفعت الدولة الطرف، في معرض الإشارة إلى استنتاج سلطات اللجوء المختصة، بأن ادعاءات صاحب الشكوى بشأن أنشطته في جهاز الاستخبارات في إثيوبيا غير معقولة. ورأيها أن الادعاءات لا تُعتبر معقولة إذا لم تُعرض مسائل أساسية عرضاً ملموساً ومفصلاً ومتميزاً بما يكفي، وتظل توحي من ثم بأن الشخص لم يمر بالأحداث المذكورة. وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أن صاحب الشكوى عجز عن تقديم وصف دقيق لعمله موظفاً في جهاز الاستخبارات، وعرض فقط تعليقات عامة. وعندما سئل عن أنواع التقارير التي كان يتناولها في عمله في جهاز الاستخبارات، اكتفى بالقول، من دون تفاصيل، إنها كانت تتعلق بأحزاب المعارضة ومؤيديها. وعلاوة على ذلك، لم يتمكن من وصف هيئة رؤسائه أو زملائه. وترى الدولة الطرف أن صاحب الشكوى يفتقر إلى المعارف اللازمة بشأن أنشطة جهاز الاستخبارات وأن روايته لا تعطي الانطباع بأنه مر فعلاً بالأحداث المذكورة.

٤-٦ وفيما يتعلق بادعائه أن عضويته في منظمة غينبوت 7 وأنشطته السياسية في سويسرا ستجعلانه عرضة للتعذيب عند عودته، ترى الدولة الطرف أن من غير المرجح أن يكون صاحب الشكوى قد لفت انتباه السلطات الإثيوبية إليه. وتعترف الدولة الطرف بأن الحكومة الإثيوبية أعلنت في عام 2011 أن غينبوت 7 منظمة إرهابية، ومن ثم فهي تولي أعضاءها اهتماماً خاصاً. لكنها تدفع بأن الحكومة لا تولي شخصاً اهتمامها إلا عندما ترى أن أنشطته تشكل تهديداً حقيقياً للنظام السياسي القائم، وتذهب الدولة الطرف إلى أن صاحب الشكوى لا يحمل هذه الصفات. ولما لم تكن السلطات الإثيوبية تبحث عنه وقت مغادرته البلد، فإن الدولة الطرف تعتقد أن من غير المحتمل أن يكون قد أصبح منذ ذلك الحين هدفاً للاضطهاد بسبب أنشطته في سويسرا. وليس هناك دليل على أنه واحد من أهم الشخصيات المعارضة في المنفى التي توليها السلطات الإثيوبية وأجهزة الأمن اهتماماً خاصاً. ولاحظت المحكمة الإدارية الاتحادية أن صاحب الشكوى لم يذكر قط، مثلاً، إلقاء القبض على أندارغاتشو تسيغي، أحد قادة منظمة غينبوت 7، الذي اعتُقل في اليمن، ولم يُثبت أن له ارتباطاً وثيقاً بأبرز الشخصيات المعارضة وبأنشطتها. وعلاوة على ذلك، تبدو الشهادات التي يُزعم أنها من أعضاء منظمة غينبوت 7 في الولايات المتحدة الأمريكية بشأن الأنشطة السياسية التي كان يضطلع بها صاحب الشكوى غير ذات صلة بالشكوى - عدا الشهادات المتعلقة بمشاركته في البث الإذاعي - لأن الرسائل تبدو مجرد نسخ من دون توقيع وتتضمن معلومات غير دقيقة بل خاطئة عن أنشطته في إثيوبيا. ولذلك ليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد أنه سيواجه عند عودته خطر التعرض للتعذيب بسبب أنشطته السياسية في سويسرا.

٤-٧ وتُذكر الدولة الطرف أيضاً بأن مظاهرات سياسية عديدة تُنظَّم في سويسرا، وبأن الصور أو تسجيلات الفيديو، التي تُظهر أحيانا مئات الأشخاص، تتاح علناً عبر وسائط الإعلام ذات الصلة، ومن المستبعد أن تتمكن السلطات الإثيوبية من تحديد هوية كل شخص، أو أن تعرف أي شيء عن انتساب صاحب الشكوى المزعوم إلى المنظمة المعارضة.

٤- ٨ وترى الدولة الطرف أيضاً أن ادعاءات صاحب الشكوى بشأن سفره إلى سويسرا لا تُصدق. فقد قال إنه لا يعرف الخطوط الجوية المالكة للطائرة التي ركبها من الخرطوم إلى مدريد، وإن سفره بالقطار من هناك إلى باريس استغرق قرابة ساعة. وتعتبر الدولة الطرف هذه البيانات غير ذات مصداقية، لا سيما وأن صاحبها يدعي أنه عمل في جهاز الاستخبارات عدة سنوات.

٤-٩ وأخيراً، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب الشكوى كان يبدو يقظاً ورزيناً ويعرف ما يقول في مقابلتي اللجوء. والدولة الطرف، إذ تأخذ في اعتبارها البروتوكولات المتعلقة بجلسات اللجوء، ترى أن من غير المرجح ألا يكون صاحب الشكوى قد قدم جميع التفسيرات التي كان يعتزم تقديمها. وإذا كان أي قول من أقواله غير مفصل، فلأنه أورده موجزاً وغامضاً في المقام الأول. وتخلص الدولة الطرف إلى أن أقواله لا تشكل أي أساس للاعتقاد أنه مر فعلاً بالأحداث التي وصفها، على الرغم من أنه مُنح الفرصة لتقديم سرد كامل للوقائع والأدلة. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنه أكد أثناء الجلسات أنه يفهم المترجم الشفوي فهماً تاماً، وأكد دقة المحضَرين بعد أن تُرجما له باللغة الأمهرية.

٤-١٠ وفي ضوء ما تقدم، ترى الدولة الطرف أن ليس هناك ما يدعو إلى الخلوص إلى أن ترحيل صاحب الشكوى سيكون غير معقول. ولذلك تدعو الدولة الطرف اللجنة إلى أن تستنتج أن إعادته إلى إثيوبيا لن تشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية .

معلومات إضافية من صاحب الشكوى وتعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف

٥-١ قدم صاحب الشكوى، في ١٤ أيلول/سبتمبر ٢٠١٦، مزيداً من الأدلة على أنشطته السياسية المتواصلة في سويسرا بصفته مدوناً وشاعراً منذ عام ٢٠١٥. وفي هذا الصدد، أرفق بملفه ثلاثة مقالات تنتقد الحكومة الإثيوبية، نُشرت على موقعي Zehabesha وEthioforum الإخباريين الإثيوبيين على الإنترنت. وعلق صاحب الشكوى في أحد المقالات بالقول إن على الصحفيين في إثيوبيا أن يتخذوا إجراءات ضد النظام القمعي مثلما فعل صحفي في كازاخستان؛ وأرشد الإثيوبيين في مقالة أخرى إلى سبل النصر في الكفاح ضد الحكومة.

٥-٢ وقدم صاحب الشكوى أيضاً مقطعي فيديو يظهر فيهما على تلفزيون إثيوبيا على الساتل ، ESAT. ويُظهر مقطع بُث في 26 آذار/مارس ٢٠١٦ صاحب الشكوى وهو ينشد قصيدة أثناء تجمع نظمته مجموعات معارضة في جنيف حضره أيضاً أريغاوي بيرهي ، وهو سياسي إثيوبي بارز في المنفى. أما المقطع الثاني فهو عبارة عن مقابلة مدتها ساعة أجراها صاحب الشكوى مع تلفزيون ESAT. ويرِد أنه انتقد، أثناء المقابلة، النظام الإثيوبي على عدم اعتماد وتنفيذ سياسات ملائمة، ولا سيما فيما يتعلق بالمجاعة المستمرة في البلد. ويدعي صاحب الشكوى أنه قال أيضاً خلال المقابلة إنه سيواصل أنشطته السياسية حتى يتمكّن الإثيوبيون من ممارسة حقوقهم بحرية. ويؤكد صاحب الشكوى أيضاً، في معرض الإشارة إلى منشوراته الإلكترونية وظهوره في وسائط الإعلام، أنه أصبح مدوناً سياسياً بارزاً وشاعراً اتهم الحكومة بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان وسن سياسة قمعية. ويعرب عن يقينه من أنه قد لفت انتباه الحكومة باعتباره موظفاً سابقاً في جهاز الاستخبارات ومعارضاً سياسياً بارزاً في المنفى حالياً، ويواجه من ثم خطراً حقيقياً يتمثل في التعرض للتعذيب عند عودته إلى إثيوبيا.

٥-٣ وفي ٢٨ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٦، قدم صاحب الشكوى تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف، مدعياً أن حالة حقوق الإنسان في إثيوبيا، بما في ذلك حالة المعارضين السياسيين والأصوات المعارضة، قد تدهورت منذ نهاية عام 2015، الأمر الذي يزيد من خطر تعرضه للتعذيب عند عودته.

٥-٤ ورداً على ادعاءات الدولة الطرف أن مشاكله الصحية ظهرت بعد انتهاء الإجراءات المحلية في ٢٠ كانون الثاني/يناير ٢٠١٥، يدفع صاحب الشكوى بأن التقرير الطبي المؤرخ ٢ نيسان/أبريل ٢٠١٥ يؤكد أن إصابته لم تكن حديثة العهد وقت الفحص، وأن الأعراض التي تؤثر في وركه اليسرى مطابقة لإصابة قديمة في العظام وتمزق شديد في العضلة المقربة. ويذكر صاحب الشكوى أيضاً أن المحكمة الإدارية الاتحادية لم تقرر أنه كان في صحة جيدة، بل أشارت فقط إلى افتقار ملف القضية إلى أدلة طبية. ويرى أن اعتراضات الدولة الطرف غير منطقية، لأنها أكدت أن إصابته وقعت لاحقاً بينما كان قد وصفها بالفعل خلال مقابلة اللجوء. وفيما يتعلق باضطراب الكرب التالي للرضح، يقدم صاحب الشكوى تقرير طبيب نفسي إضافياً مؤرخاً ٢٧ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٥ يتضمن معلومات مفصلة عن سجله الطبي ويؤكد أنه يعاني من نوبات اكتئاب، ويتضمن كذلك تشخيصاً لحالة شديدة من اضطراب الكرب التالي للرضح ناتجة عما سبق أن تعرض له من تعذيب. ويؤكد صاحب الشكوى أن الأدلة الطبية المقنعة التي قدمها تثبت أنه عُذب في إثيوبيا وتؤكد صدق أقواله. ويشير صاحب الشكوى إلى أن الدولة الطرف لم تأمر بإجراء فحص طبي مستقل ولم تتخذ أي خطوات لإبطال أدلته الطبية.

٥-٥ وفيما يتعلق بأوجه التضارب بين مقابلة الفرز ومقابلة اللجوء الرئيسية، يوضح صاحب الشكوى ضرورة مراعاة اختلاف طابعي الجلستين لدى تقييم صدق أقوال ملتمس اللجوء ( ) . فالهدف من مقابلة الفرز الأولى هو مجرد تلخيص الأسباب التي دفعت ملتمس اللجوء إلى مغادرة بلده. وتستند أوجه التضارب كلها إلى مقابلة الفرز، لكن صاحب الشكوى يؤكد أنه قدم رواية صحيحة وكاملة أثناء مقابلة اللجوء الرئيسية المطولة والمفصلة. ويُذكر أن الدولة الطرف لم ترُد على هذا التفسير، الذي سبق تقديمه في الشكوى.

٥-٦ وبخصوص الفترة الزمنية المنقضية بين استقالة صاحب الشكوى واعتقاله، يُذكّر بأنه قدم جميع التواريخ حسب التقويم الإثيوبي، ويدفع بضرورة وجود خطأ في تحويل التواريخ إلى التقويم الغريغوري . ولما لم يكن صاحب الشكوى معتاداً على التقويم الغريغوري ، فقد تعذر عليه تصحيح الخطأ.

٥-٧ وعن مضمون الوثائق التي وقعها قبل إطلاق سراحه من السجن، لم يذكر صاحب الشكوى أثناء مقابلة الفرز أنه قرأها بالفعل؛ بل افترض أن هذه الوثائق تتضمن عادة التبليغ عن أي أفعال معارضة والتعهد بالامتثال للحكومة في المستقبل. وسبق أن قدم صاحب الشكوى رواية كاملة وصحيحة أثناء مقابلة اللجوء الرئيسية. أما أوجه التضارب في قضيته فهي طفيفة إذ يتعلق الأمر بما إذا كان يعرف بالفعل مضمون الوثائق أم أنه افترض فقط معرفته. وهذا التضارب الطفيف لا يكفي لوصف أقواله بأنها غير معقولة.

٥-٨ وبخصوص تعليق الدولة الطرف أنه كان ينبغي أن يقدم مزيداً من التفاصيل عن الأحداث التي وقعت في الفترة الممتدة من استقالته إلى إطلاق سراحه، يوضح صاحب الشكوى أن هيكل مقابلة اللجوء الرئيسية يقوم مبدئياً على توجيه الأسئلة إلى ملتمس اللجوء وإجابته عليها. وقد أجاب صاحب الشكوى على كل سؤال بتفصيل تام؛ وكانت مقابلة اللجوء الرئيسية معه أطول بكثير من المتوسط، إذ عُقدت من التاسعة صباحاً إلى السادسة وخمس دقائق مساءً، وطُرح عليه خلالها 220 سؤالاً. ولا يفهم صاحب الشكوى حجم التفاصيل الإضافية التي كان يُتوقع منه أن يقدمها، لأنه قدم بالفعل وصفاً مفصلاً لزيارتيه القصيرتين لضحيتين من ضحايا التعذيب في إثيوبيا.

٥-٩ وفيما يتعلق بعمله في جهاز الاستخبارات في إثيوبيا، يذكر صاحب الشكوى أنه لم يدّع قط أنه كان مسؤولاً رفيع المستوى مطلعاً على كل صغيرة وكبيرة. فخلال مقابلة اللجوء الرئيسية، وصف صاحب الشكوى نطاق مسؤولياته وكل التجارب التي مر بها عندما كان في جهاز الاستخبارات: إذ كان عليه في البداية أن يشارك في دورات تدريبية ثم كُلف بمهمة استعراض تقارير عن المعارضين المشتبه فيهم وطباعتها وإحالتها إلى رؤسائه. وأفضت هذه التقارير في بعض الأحيان إلى إلقاء القبض على المعارضين المشتبه فيهم، لكنه لم يكن صاحب هذا القرار.

٥-١٠ وبخصوص عجزه عن وصف هيئة رؤسائه، يشير صاحب الشكوى إلى أنه لم يُسأل عن ذلك قط خلال مقابلة اللجوء الرئيسية. وليس بمقدور ملتمس اللجوء في هذه المقابلات التكلم بحرية، بل يلزمه الرد على الأسئلة المطروحة. ويدفع صاحب الشكوى بأن مقابلته كانت أصلاً طويلة على غير عادتها وتجاوزت ساعات العمل المعتادة. ويبين محضر مقابلته أنه أجاب على جميع الأسئلة المطروحة، ولم يوجه إليه أي سؤال عن وصف هيئة رؤسائه. ولو طُرح عليه سؤال من هذا القبيل لأجاب عليه.

٥-١١ ورداً على تعليقات الدولة الطرف على رزانته أثناء مقابلة اللجوء، يشير صاحب الشكوى إلى عدة أجزاء من محضر الاستجواب يرِد فيها أنه كان منفعلاً جداً أحياناً واضطر إلى أخذ استراحات قصيرة. ويذكر أنه وجد مشقة كبيرة بوجه خاص عندما طُلب منه الحديث عما تعرض له من تعذيب وعن زيارتيه إلى ضحيتي التعذيب اللذين أُلقي عليهما القبض نتيجة لتقاريره. وجدير بالذكر أن صاحب الشكوى نفسه وقع ضحية للتعذيب، لذا فإن إعادة رواية قصة تعذيبه أثرت حتماً تأثيراً مؤلماً من جديد وكان لها وقع على قدرته على الإجابة على الأسئلة اللاحقة. ومع ذلك، يفيد صاحب الشكوى بأنه حاول تقديم إجابات على جميع الأسئلة التي طُرحت أثناء المقابلة.

٥-١٢ وفيما يتعلق بأنشطته السياسية في سويسرا، يذكر صاحب الشكوى أنه يبث بانتظام مقالات عن انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في إثيوبيا على تلفزيون ESAT الذي يراقبه جهاز الاستخبارات الإثيوبي. ويضيف قائلاً إنه عضو نشط في منظمة غينبوت 7، ويحضر اجتماعاتها بانتظام، حوالي ثلاث مرات في الشهر. واضطلع مؤخراً بمهمة أمنية في حدث نُظم لجمع الأموال في بيرن عندما زار بيرهانو نيغا ، وهو قائد بارز لمنظمة غينبوت 7، سويسرا. وفي ضوء القمع السياسي الذي استهدف مؤخراً المعارضين السياسيين والاعتقالات التي شملت المدونين والصحفيين في إثيوبيا، يدعي صاحب الشكوى أن من المحتمل للغاية أن يكون قد لفت انتباه الحكومة الإثيوبية إليه بسبب منشوراته وقصائده النقدية، وعضويته في منظمة غينبوت 7.

٥-١٣ وعن ادعاءات الدولة الطرف عدم اتساق الوقائع التي سردها بخصوص رحلته الجوية إلى سويسرا والوقت الذي استغرقه السفر بالقطار من مدريد إلى باريس، يرى صاحب الشكوى أن هذه المعلومات ليست لها صلة بجوهر أقواله.

٥-١٤ وبالإضافة إلى ذلك، يدفع صاحب الشكوى، في معرض وصف الحالة العامة لحقوق الإنسان في إثيوبيا، بأن الحكومة تعمد تعسفاً إلى اعتقال ومضايقة الصحفيين والمدونين، وتستعين أيضاً بشركة أجنبية للتكنولوجيا للتجسس على الصحفيين والمنابر الإعلامية مثل تلفزيون ESAT الذي بث مقابلات ومناقشات يظهر فيها صاحب الشكوى. ويشير إلى اعتقال مدون انتقد " الصورة التي تسوقها الحكومة الإثيوبية بعناية باعتبارها دولة نامية مزدهرة " ، فيدعي أنه لفت انتباه الحكومة إليه لأنه نشر تعليقات نقدية مماثلة على الإنترنت. وعلاوة على ذلك، يؤكد أن منظمة هيومن رايتس ووتش وصفت، في تقرير عن إثيوبيا ( ) ، ضروب التعذيب المرتكب ضد المحتجزين على نحو مطابق لروايته للتعذيب أثناء مقابلة اللجوء: إذ يُستجوب المحتجزون أثناء الليلة الأولى أو الليالي التي تليها ثم يُفرج عنهم بعد مرور عدة أسابيع أو أشهر، على غرار حال صاحب الشكوى.

٥-١٥ وفي الختام، يدعي صاحب الشكوى، الذي كان موظفاً سابقاً في جهاز الاستخبارات لفائدة الحكومة وأصبح ناشطاً سياسياً بارزاً ومدوناً له مواقف تنتقد الحكومة، أنه يواجه خطراً حقيقياً وشخصياً ومتوقعاً بأن يتعرض للتعذيب إذا عاد إلى إثيوبيا. ويؤكد أن ترحيله سيشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.

تعليقات إضافية مقدمة من صاحب الشكوى

٦-١ قدم صاحب الشكوى، في ١ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٦، تقريراً طبياً إضافياً مؤرخاً ٢٨ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٦ وتقرير أشعة سينية. ويرد في التقرير أن تمزق عضلته المقربة لا يمكن أن يكون حديث العهد ولا بد أنه حدث قبل سنتين على الأقل، وأن هذه الإصابة ليست معتادة بل هي مطابقة لأسلوب التعذيب الذي وصفه. ويدفع بأن هذه الأدلة الإضافية تؤكد كذلك صدق أقواله.

٦-٢ وفي ١٤ آذار/مارس ٢٠١٧، قدم صاحب الشكوى شهادة طبية إضافية جاء فيها أنه يعاني من اضطراب شديد في النوم، وعدم التركيز، وهوس التفكير، بسبب عدم تسوية وضعه كمهاجر. ويأخذ أدوية كثيرة للعلاج من اضطراب الكرب التالي للرضح ونوبات الاكتئاب الشديد. وبناءً على ما تقدم، طلب النظر في هذه القضية.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٧-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب المادة 22 من الاتفاقية. وقد تحققت اللجنة، حسبما تقتضيه الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تُبحث وليست قيد البحث بموجب أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٧-٢ وتذكّر اللجنة بأنها، وفقاً للفقرة (5)(ب) من المادة 22 من الاتفاقية، لا تنظر في أي بلاغ يرِد من فرد ما لم تكن قد تحققت من أنه استنفد جميع وسائل الانتصاف المحلية المتاحة. وتشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف، في هذه القضية، لم تطعن في مقبولية البلاغ على هذا الأساس. وعليه، لا ترى اللجنة أي مانع لقبول البلاغ، وتعلن أنه مقبول .

النظر في الأسس الموضوعية

٨-١ عملاً بالفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية، نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان.

٨-٢ والمطروح على اللجنة، في هذه القضية، هو تحديد ما إذا كان ترحيل صاحب الشكوى إلى إثيوبيا سيشكل انتهاكاً لالتزام الدولة الطرف بموجب المادة 3 من الاتفاقية بأن تمتنع عن طرد أي شخص أو إعادته ( " رده " ) إلى دولة أخرى، إذا كانت هناك أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد أنه سيواجه خطر التعرض للتعذيب.

٨-٣ ويجب على اللجنة أن تقدر أثمّةَ أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد أن صاحب الشكوى سيتعرض شخصياً لخطر التعذيب عند إعادته إلى إثيوبيا. ولدى تقييم هذا الخطر، يجب على اللجنة أن تراعي جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملاً بالفقرة 2 من المادة 3 من الاتفاقية، بما في ذ لك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. غير أن اللجنة تذكّر بأن الهدف من ذلك هو تحديد ما إذا كان الفرد المعني سيواجه شخصياً خطراً متوقعاً وحقيقياً يتمثل في التعرض للتعذيب لدى إعادته إلى ذلك البلد؛ وعندها يجب تقديم أسس إضافية تبين أنه سيتعرض شخصياً لذلك الخطر. وفي المقابل، فعدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان لا يعني أن شخصاً بعينه قد لا يتعرض للتعذيب في الظروف التي تخصه على وجه التحديد ( ) .

٨-٤ وتُذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 1(1997) بشأن تنفيذ المادة 3، وتؤكد من جديد أن وجود خطر التعذيب يجب أن يقيّم على أسس تتجاوز مجرد الافتراض أو الشك. وليس من الضروري أن يثبت المرء أن هذا الخطر محتمل للغاية، ومع ذلك تذكِّر اللجنة بأن عبء الإثبات يقع عادة على صاحب الشكوى، الذي يجب عليه أن يقدم حججاً وجيهة تثبت أنه يواجه خطراً متوقعاً وحقيقياً وشخصياً (الفقرة 6) ( ) . وتذكِّر اللجنة أيضاً بأنها تولي، وفقاً لتعليقها العام رقم 1، أهمية بالغة للنتائج الوقائعية التي تخلص إليها أجهزة الدولة الطرف المعنية، لكنها ليست ملزمة، في الوقت نفسه، بالتقيد بتلك النتائج بل لديها، بموجب الفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية، صلاحيات تقييم الوقائع بحرية استناداً إلى مجمل ملابسات كل قضية ( ) .

٨-٥ ويدعي صاحب الشكوى أنه قد يتعرض للاضطهاد أو التعذيب في إثيوبيا بسبب عمله سابقاً في جهاز الاستخبارات واستقالته منه، وعضويته في منظمة غينبوت 7، وأنشطته السياسية في سويسرا. ويشير إلى ما تعرض له من تعذيب في إثيوبيا بعد استقالته من ذلك الجهاز. ويضيف قائلاً إن غينبوت 7 اعتُبرت منظمة إرهابية في عام ٢٠١١، وإن أعضاءها العاديين أنفسهم قد يُعتقلون تعسفاً ويؤذون في السجن.

٨-٦ وتلاحظ اللجنة في هذه القضية أن صاحب الشكوى يدعي أنه اعتُقل ونُكل به في السجن بسبب استقالته من جهاز الاستخبارات التابع للحكومة الإثيوبية، وأنه قدم، بعد اختتام إجراءات اللجوء الوطنية، تقارير طبية تشير إلى أن إصابته في الورك يمكن أن تكون قد لحقته من جراء أفعال مطابقة لما رواه عن التعذيب. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف أفادت بأن صاحب الشكوى لا هو قدم وصفاً دقيقاً بما يكفي لعمله في جهاز الاستخبارات ولا هو أعطى أدلة ملموسة تبين أنه عمل بالفعل في ذلك الجهاز، وبأن أقواله لم تُظهر إلمامه بكيفية عمل جهاز الاستخبارات. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف أفادت بأن بيانات صاحب الشكوى تتضمن تضارباً في الوقائع المذكورة بشأن المدة الفاصلة بين استقالته واعتقاله، ومضمون الوثائق التي وقعها قبل الإفراج عنه، مما يقوض صدق ادعاءاته. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف ذكرت أن أنشطته السياسية في سويسرا ليست مت واصلة ومكثفة بحيث يمكن اعتبارها تهديداً خطيراً للحكومة الإثيوبية. وتحيط اللجنة علماً كذلك بادعاء صاحب الشكوى أن السلطات الإثيوبية تراقب بالفعل أعضاء المعارضة في الخارج، لكنها تلاحظ أنه لم يقدم تفاصيل بشأن هذا الادعاء ولم يعرض أدلة تثبته. وتحيط اللجنة علماً أيضا بتقارير الطب النفسي عن تشخيص إصابته باضطراب الكرب التالي للرضح ومزاعم عدم اتزانه النفسي أثناء مقابلة اللجوء.

٨-٧ وتذكِّر اللجنة بأنها ملزمة بأن تتحقق من خطر تعرض صاحب الشكوى حالياً أم لا للتعذيب في حال إعادته إلى إثيوبيا ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى مُنح فرصة كافية ليقدم، على الصعيد الوطني إلى المكتب الاتحادي للهجرة والمحكمة الإدارية الاتحادية، أدلة تدعم ادعاءاته وتفاصيل إضافية توضحها، بما في ذلك الشهادات الطبية، لكن الأدلة التي قدمها لم تسمح للسلطات الوطنية المعنية باللجوء بأن تستنتج أن تعرضه المزعوم للتعذيب في السابق سيجعله عرضة للتعذيب إذا أعيد إلى إثيوبيا. وتلاحظ اللجنة أن صاحب الشكوى لم يدفع بأن مخالفات شابت إجراءات اللجوء الوطنية. وبناءً على ذلك، تلاحظ اللجنة أنه لم يقدم أدلة كافية على أنه عمل في جهاز الاستخبارات، وعلى أن مشاركته في أنشطة سياسية في سويسرا، بما في ذلك المنشورات والقصائد النقدية التي عرضها على تلفزيون ESAT، وكونه عضواً عادياً في منظمة غينبوت 7، تكتسي قدراً من الأهمية بحيث تلفت انتباه السلطات الإثيوبية إليه بالفعل، ولم يقدم أدلة تثبت أن السلطات الإثيوبية تبحث عنه أو أنه سيواجه شخصياً خطر التعرض للتعذيب إذا أعيد إلى بلده الأصلي. واللجنة قلقة إزاء التقارير المتعددة عن انتهاكات حقوق الإنسان في إثيوبيا التي تشمل اللجوء إلى التعذيب ( ) ، وقمع المعارضين السياسيين واعتقال المدونين والصحفيين ( ) . ومع ذلك، تذكّر اللجنة بأنه يجب، لأغراض المادة 3 من الاتفاقية، أن يواجه الفرد المعني خطراً متوقعاً وحقيقياً وشخصياً بأن يتعرض للتعذيب في البلد الذي يعاد إليه. وفي ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن المعلومات التي قدمها صاحب الشكوى لا تكفي لتثبت أنه سيواجه خطراً متوقعاً وحقيقياً وشخصياً بالتعرض للتعذيب في حال إعادته إلى إثيوبيا.

٩- واللجنة إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، تخلص إذن إلى أن ترحيل الدولة الطرف صاحب الشكوى إلى إثيوبيا لن يشكل انتهاكاً للمادة 3.