الأمم المتحدة

CAT/C/56/D/578/2013

Distr.: General

6 April 2016

Arabic

Original: English

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

2 February 2016

Arabic

Original: French

البلاغ رقم 578/2013

قرار اتخذته اللجنة في دورتها السادسة والخمسين (9 تشرين الثاني/نوفمبر - 9 كانون الأول/ديسمبر 2015)

المقدم من: أ. ن. ( ت مثله الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب )

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب الشكوى

الدولة الطرف: بوروندي

تاريخ تقديم الشكوى : 10 كانون الأول/ديسمبر 2013 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

تاريخ صدور هذا القرار: 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2015

الموضوع : التعذيب على أيدي أفراد من الشرطة

المسائل الإجرائية: لا ت وجد أية مسائل إجرائية

المسائل الموضوعية : التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والالتزام بإجراء رصد منهجي لممارسات الاستجواب؛ والتزام الدولة الطرف بضمان قيام سلطاتها المختصة بإجراء تحقيق سريع ونزيه؛ والحق في تقديم شكوى؛ والحق في الحصول على تعويض

مواد الاتفاقية: الفقرة 1 من المادة 2، والمواد 11 و12 و13 و14، مقروءة بالاقتران مع المادتين 1 و16 من الاتفاقية

المرفق

قرار لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (الدورة السادسة والخمسون)

بشأن

البلاغ رقم 578/2013 *

المقدم من: أ. ن. (تمثله الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب )

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب الشكوى

الدولة الطرف: بوروندي

تاريخ تقديم الشكوى : 10 كانون الأول/ديسمبر 2013 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

إن لجنة مناهضة التعذيب ، المنشأة بموجب المادة 17 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،

وقد اجتمعت في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2015،

وقد فرغت من النظر في الشكوى رقم 578/2013 المقدم ة إليها نيابة عن أ. ن.، بموجب المادة 22 من الاتفاقية،

وقد وضعت في اعتبارها جميع المعلومات التي أتاحها لها صاحب الشكوى ومحاميه والدولة الطرف،

تعتمد ما يلي:

قرار بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية

1-1 صاحب الشكوى هو أ. ن.، المولود عام 1964 في مقاطعة موارو في بوروندي، والقاطن ب مدينة بوجومبورا. ويدعي أنه وقع ضحية لانتهاك الفقرة 1 من المادة 2 والمواد 11 و12 و13 و14، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 والمادة 16 من الاتفاقية على التوالي. ويمثل صاحب الشكوى محام.

1-2 في 19 كانون الأول/ديسمبر 2013، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، عملاً بالفقرة 1 من المادة 114 من نظامها الداخلي ، أن تمنع بشكل فعال، ما دامت الشكوى قيد نظر اللجنة، أي تهديد أو فعل من أفعال العنف يمكن أن يتعرض له صاحب الشكوى أو أسرته، خصوصاً بسبب تقديمه هذه الشكوى.

الوقائع كما عرضها صاحب الشكوى

2-1 كان صاحب الشكوى سائق حافلة في مدينة بوجومبورا أثناء حدوث الوقائع المذكورة. وفي 15 أيار/مايو 2012، عند حوالي الساعة 40/10 صباحاً، كان قد وصل لتوه إلى آخر محطة للحافلة في وسط مدينة بوجومبورا. وأثناء نزول الركاب ، اكتشف سائق الحافلة أنه لا يملك ما يكفي من الفكة ليرد إلى راكبيْن ما تبقى لهم ا من نقود بعد شراء تذاكر الركوب الخاصة بهم ا . ولذلك ترك الحافلة مع الراكبيْن للبحث عن الفكة المطلوبة. وتوجه إلى مكان تسجيل الحافلات القادمة من مختلف أحياء المدينة، وبعد خمس عشرة دقيقة عاد ليركن مركبته في انتظار ركاب جُدد.

2-2 وفجأة، توجه نحوه رجل شرطة بالزي الرسمي، يُدعى نويل نداييسابا، برفقة أربعة رجال شرطة آخرين بالزي الرسمي وكانوا مسلحين ببنادق ويحملون أحزم ة ذخيرة ، وأمسكوه بشكل مفاجئ من رقبته بينما كان لا يزال وراء مقود حافلته، ثم أمروه بمغادرة الحافلة .

2-3 وتلقى صاحب الشكوى بعدئذ ضربات عنيفة من أفراد الشرطة بأحذيتهم وأحزمتهم. وقالوا إنهم يرغبون في معاقبته لأنه لم يردّ، حسب قولهم، مبلغ 700 فرنك من فرنكات بوروندي (أي حوالي 45 سنتيماً من دولارات الولايات المتحدة) إلى أحد الركاب . ونُقل صاحب الشكوى بعد ذلك بالقوة إلى مركز الشرطة الملحق بمصلحة إدارة السوق المركزية لبوجومبورا، بجانب السوق المركزية القديمة في بوجومبورا، على بُعد 25 متراً من موقف الحافلات. وقد حاول عدد من زملاء صاحب الشكوى الذين شهدوا عملية ضربه اللحاق بأفراد الشرطة إلى مركزهم، لكنهم مُنعوا من ذلك. وأبلغ زملاء صاحب الشكوى الإذاعة الأفريقية العامة، التي أدانت ما حدث عَلَناً .

2-4 وحال وصول صاحب الشكوى إلى مركز الشرطة، أُمِرَ بالتمدد على الأرض. وكان الجزء الأعلى من جسده عارياً. وقد تعرَّض للضرب خلال أكثر من ساعتين، وقام أفراد الشرطة بسحبه من جهة إلى أخرى في الغرفة وسددوا إليه ضربات شديدة بالأحذية والأحزمة. ولشدة الضرب الذي تعرَّض له، فقد الوعي لمدة غير محددة. وتُرِكَ على الأرض دون مساعدة. ولم تتوقف ضروب سوء المعاملة إلا عندما تدخَّل مفوض الشرطة المسؤول عن المخفر المـُلحق بمصلحة الإ دارة المركزية في بوجومبورا الذي استدعى مرؤوسيه ليستفسر عما يحدث. ومع ذلك، لم تُقدم إلى صاحب الشكوى أية مساعدة أو عناية طبية رغم أن حالته كانت تستدعي ذلك بوضوح. وبما أن أفراد الشرطة صادروا هاتفه، لم يتمكن من طلب المساعدة بنفسه. وفي غضون ذلك، عَلِمَت أسرة صاحب الشكوى بما حصل بعد أن اتصل مَن شاهدوا الاعتداء عليه بأحد أصدقائه. وقام هذا الصديق بالمساعي اللازمة لزيارة الضحية، فوجده في حالة احتضار، يتصبب عرقاً، وجسده عارٍ ومنتفخ تغطيه الرضوض. وطالب فوراً بنقله إلى المستشفى.

2-5 ونُقل صاحب الشكوى ، بعد ساعتين تقريبا ًمن الوقائع، إلى ال قسم الاستعجالي في مستشفى ولي العهد تشارلز في بوجومبورا. وعَقِبَ تقديم طلب رأي خبير، أجرى أحد الأطباء الحكوميين، في اليوم التالي للوقائع، فحصاً حرر بعده شهادة طبية بتاريخ 16 أيار/ مايو 2012، تبين النتائج الطبية لما تعرَّض له من ضرب وتعنيف ( ) .

2-6 وتلقى صاحب الشكوى الرعاية الطبية الطارئة التي تستدعيها حالته. ومع ذلك، لا يزال يعاني من أوجاع حادة تتسبب له بصعوبات في تحريك ذراعه اليُمنى. وبالإضافة إلى ذلك، يعاني صاحب الشكوى من كَرب تالٍ للصدمة ومن حالة قلق شديد وشعور شديد بالذنب ناتج عن عدم قدرته على تلبية احتياجات أسرته، لا سيما أطفاله الأربعة. وهو يعاني من وضع اقتصادي هش للغاية. وبسبب الآثار الجسدية التي خلَّف تها سوء المعاملة، فَقَد جميع قدراته المهنية وبات غير قادر على ممارسة مهنته كسائق حافلة، وهي مهنة تتطلب شروطاً صحية صارمة للغاية. وبعد أن كان صاحب الشكوى يتقاضى مرتبا ً شهريا ً يبلغ 000 250 فرنك من فرنكات بوروندي (حوالي 160 دولاراً من دولارات الولايات المتحدة)، فَقَد الآن كل شكل من أشكال الدخل ولم ي عد قادراً على تلبية الاحتياجات الأساسية لأسرته.

2-7 ومنذ اليوم التالي للوقائع، فُتِحَ تحقيق بشأن أعمال التعذيب التي تعرَّض لها صاحب الشكوى . وفي 16 أيار/مايو 2012، قدَّم أحد ضباط الشرطة القضائية رأي خبير شكَّل أساساً لوضع شهادة طبية متخصصة حررها طبيب حكومي (الفقرة 2-5). لكن التحقيق الذي فُتِحَ شَمل شرطياً واحداً نفى عِلمه بأسماء أفراد الشرطة الآخرين.

2-8 وفي ظل عدم متابعة ما جاء في تقرير الخبير الطبي وما جاء في التحقيق متابعة فعالة ونزيهة، وجَّه صاحب الشكوى ، في 20 أيلول/سبتمبر 2012، رسالة إلى المـُدعي العام لدى محكمة الاستئناف ببوجومبورا بشأن دعوى التعرُّض للتعذيب. وذكر في الرسالة أن التحقيق لم يشمل سوى شخص واحد، رغم أن خمسة أفراد كانوا مشمولين بتهم التعذيب .

2-9 ويشير صاحب الشكوى إلى أن القضية حظيت بتغطية واسعة في وسائل الإعلام المحلية، لا سيما الإذاعة الأفريقية العامة التي تحظى بقبول واسع والتي كشفت الوقائع حال حدوثها. ولذلك لم تتمكن السلطات الإدارية والحكومية من تجاهل ما حدث.

2-10 وفي 13 كانون الأول/ديسمبر 2012، أغلق مكتب المدعي العام لدى محكمة الاستئناف في بوجومبورا التحقيق في هذا الملف وأحاله إلى محكمة حي روهيرو، تحت الرقم 17/2013RP. ويشير قاضي التحقيق في الملف أن المعاملة التي تعرَّض لها صاحب الشكوى تسببت له بـ "جروح". ويؤكد صاحب الشكوى أن التحقيق لم يشمل سوى شرطي واحد (نويل نداييسابا) من أفراد الشرطة المتورطين. ورغم الإشارة في الشكوى المؤرخة 20 أيلول/سبتمبر 2012 إلى ضرورة توسيع التحقيق ليشمل المتورطين الآخرين، لم يُستَجب ل هذا الطلب. ويبدو أن أسماء أفراد الشرطة الأربعة لم تُكشف من جانب رئيسهم. وفي ضوء عدم الإدلاء بهذه المعلومات ، ما يمنع تحديد الوقائع، كان يتعين على السلطات القضائية التحقق من هوية الجناة الآخرين المشتبه فيهم. وكشفت مصادر متطابقة أن جميع أفراد الشرطة الذين كانوا في مركز الشرطة المـُلحق بمصلحة إدارة السوق المركزية لبوجومبورا نُقِلوا منذ ذلك الحين إلى مراكز أخرى.

2-11 ويشير صاحب الشكوى أيضاً إلى أن التهم الموجهة إلى الشرطي الذي شمله التحقيق هي الضرب والتعنيف، بينما تكشف الوقائع حدوث أعمال تعذيب. وبالنظر إلى عدم اكتمال التحقيق وعدم نزاهته ، إلى جانب التوصيف المغلوط للوقائع، زار الضحية قاضي التحقيق عدة مرات لتوسيع نطاق التحقيق وضمان إعادة فتحه على نحو جدي وكامل. وبما أن هذه المساعي لم تكن مثمرة، قام صاحب الشكوى في 3 شباط/فبراير 2013 مرة أخرى بمراسلة المـُدعي العام لدى محكمة الاستئناف في بوجومبورا طالباً إليه إجراء تحقيق فعال وجدي وكامل يُفضي إلى ملاحقة جميع الأشخاص الذين يُشتبه في ارتكابهم لأعمال التعذيب المذكورة. لكن هذه المساعي كانت مجرَّد صيحة في وادٍ. ورغم خطورة هذه الوقائع، لم تجرِ ملاحقة الجناة ومعاقبتهم، ولم يحصل الضحية على أي تعويض.

2-12 ويُذكِّر صاحب الشكوى بمختلف المساعي التي قام بها، ويشير إلى أنه حاول استنفاد جميع سُبُل الانتصاف المحلية، لكن النتيجة لم تكن مُرضيةً له وتخطت إجراءات التظلُّم الآجال المعقولة. وعلاوة على ذلك، يؤكد أنه وغيره من ضحايا التعذيب يواجهون مخاطر شديدة عندما يسعَون إلى مقاضاة مرتكبي هذه الأعمال. ولا يؤدي مناخ الإفلات من العقاب الذي يسود في بوروندي إلا إلى زيادة الخطر الذي يتعرَّض له. ولذلك، يطلب صاحب الشكوى إلى اللجنة إعفاءه من شرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية وإعلان مقبولية البلاغ.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب الشكوى أنه كان ضحية انتهاكات من جانب الدولة الطرف للفقرة 1 من ا لمادة 2، والمواد 11 و12 و13 و14 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 ، و كذلك المادة 16 من الاتفاقية.

3-2 ووفقاً ل صاحب الشكوى ، فإن سوء المعاملة الذي تعرَّض له خلال أكثر من ساعتين، حيث تعرَّض للضرب بواسطة أحزمة وأحذية من جانب أفراد في الشرطة الوطنية لبوروندي، تشكل دون شك، أعمال تعذيب، وفقاً لما حددته المادة الأولى من الاتفاقية ( ) . ولا شك في أن هذه الأعمال القاسية، حسبما يتبين من التقرير الطبي، ارتُكِبَت عمداً من جانب موظفين حكوميين في الدولة الطرف.

3-3 وتذرَّع مقدم الشكوى بالفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية التي ينبغي بموجبها أن تتخذ الدولة الطرف التدابير التشريعية والإدارية والقضائية وغيرها من التدابير الفعالة لمنع أفعال التعذيب في أي إقليم خاضع لولايته ا . وفي هذه الحالة، لم يُجر أي تحقيق، رغم تحرير تقرير طبي. وعلاوة على ذلك، لم يتناول التحقيق سوى شخص واحد من المشتبه فيهم، واستند إلى توصيف قضائي مغلوط ولم يُستكمل لتحديد مسؤوليات أفراد الشرطة الآخرين. ويضيف صاحب الشكوى أن حالته ليست حالة فردية وأن الإفلات من العقاب على الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي يرتكبها رجال الشرطة في بوروندي لا يزال متفشياً على نطاق واسع. ونظراً لعدم اعتماد تدابير تشريعية أو تدابير أخرى لمنع التعذيب، فإن الدولة الطرف، وفقاً ل صاحب الشكوى ، لم تفِ بالتزاماتها بموجب الفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية.

3-4 ويتذرع صاحب الشكوى أيضاً بالمادة 11 من الاتفاقية، مشيراً إلى أن الدولة الطرف لم تفِ بالتزاماتها فيما يتعلق بحبس ومعاملة الأشخاص المعتقلين أو المحتجزين أو المسجونين. فقد كان احتجازه خارج نطاق القانون، ولم يوقف بطريقة رسمية بل جرى توقيفه تحفظياً في مركز للشرطة مُلحَق بمصلحة إدارة السوق المركزية لبوجومبورا، ولم يُخطَر بالتهم الموجهة إليه. وبالإضافة إلى ذلك، ونظراً للحالة الصحية الحَرِجَة التي كان فيها عَقِبَ توقيفه، لم تمارس السلطات المراقبة اللازمة على المعاملة التي تلقاها خلال فترة احتجازه لدى الشرطة. ونُقِلَ إلى المستشفى لتلقي علاج عاجل في ضوء الحالة التي كان عليها بعد أن تُرِكَ لمدة ساعتين مفترشاً الأرض قبل أن يتدخل أحد أصدقائه وبإلحاح لدى رئيس مركز الشرطة. ويضيف صاحب الشكوى أنه لا توجد في بوروندي آلية فعالة ومستقلة لمراقبة مراكز الاحتجاز، ويخلص إلى أن الدولة الطرف لم تفِ بالتزامها القيام بالمراقبة اللازمة فيما يتعلق بالمعاملة التي تعرَّض لها أثناء احتجازه في مركز الشرطة المـُلحَق بمصلحة إدارة السوق المركزية لبوجومبورا ( ) .

3-5 ويؤكد صاحب الشكوى أيضاً انتهاك الدولة الطرف للمادة 12 من الاتفاقية، التي تقضي بإجراء تحقيق فوري ونزيه كلما وُجدت أسباب معقولة تدعو إلى اعتقاد أن فعلا ً من أفعال التعذيب قد ارتُكب من جانب الدولة الطرف ( ) . ويشير إلى أنه ليس من الضروري لأغراض المادة 12، أن يقدم شكوى رسمية حسب الأصول. ويذكر في هذه الحالة بأن السلطات البوروندية كانت على علم بارتكاب أعمال تعذيب بحق صاحب الشكوى إذ إ ن ضابطا ً في الشرطة القضائية طلب رأي خبير في اليوم التالي لحدوث الوقائع، أي في 16 أيار/مايو 2012. ومع ذلك، لم يُجرَ أي تحقيق فعلي ومعمق ونزيه. وكان التحقيق الذي أُجري كما أُشير أعلاه جزئياً ولم يستوفِ الشروط التي تتيح تحديد الوقائع، وبالتالي تحديد جميع المسؤوليات. ويتبين عدم نزاهة التحقيق أيضاً من خلال سلبية السلطات في البحث عن أفراد الشرطة المتورطين، ما يعكس نية هذه السلطات حماية مرتكبي التعذيب في قضية لا تعقيد فيها لسهولة تحديد هوية الأشخاص المتورطين ولوجود شهود في المكان. وعلاوةً على ذلك، يؤكد الوصف القانوني المعتمد، أي الضرب والتعنيف، عدم فعالية التحقيق وانحيازه لأن صاحب الشكوى ضُرِب بعنف، وفقد وعيه ، وتعرض لكسر في ذراعه تسبب له بإعاقة، إضافة إلى العديد من الآلام الأخرى. ونتيجة لذلك، تصرفت الدولة الطرف بشكل يتنافى مع الالتزامات الواقعة على عاتقها بموجب المادة 12 من الاتفاقية.

3-6 وفيما يتعلق بالمادة 13 من الاتفاقية، يدَّعي صاحب الشكوى أن الدولة الطرف كانت ملزمة بضمان حقه في تقديم شكوى إلى السلطات الوطنية المختصة، وضمان النظر على وجه السرعة وبنزاهة في القضية. لكن الواقع أنه على الرغم من المساعي التي قام بها صاحب الشكوى ، ورغم الشروع في التحقيق، وطلب تثبيت النيابة العامة للقضية أمام محكمة حي روهيرو، وذلك في 13 كانون الأول/ديسمبر 2012، لم تنظر تلك المحكمة في القضية، إضافةً إلى أن الشرطي الوحيد الذي طاله التحقيق لم يعاقبه القضاء بعد. ويخلص صاحب الشكوى إلى ضرورة اعتبار الدولة الطرف منتهكة للمادة 13 من الاتفاقية.

3-7 ويتذرع صاحب الشكوى أيضاً بالمادة 14 من الاتفاقية حيث إن الدولة الطرف، بحرمانه من الإجراءات الجنائية، قد حرمته في نفس الوقت من إمكانية الحصول بطريقة قانونية على تعويض عن التعذيب. وبالإضافة إلى ذلك، ونظراً إلى سلبية السلطات القضائية، لن تحظى السبل الأخرى للانتصاف، من خلال دعوى مدنية بالتعويض عن الأضرار، بأي فرص للنجاح من الناحية العملية. فقلما اتخذت سلطات بوروندي تدابير لتعويض ضحايا التعذيب، وهو ما أثارته اللجنة في الملاحظات الختامية التي اعتمدتها عام 2006، بشأن التقرير الأولي للدولة الطرف (انظر الوثيقةCAT/C/BDI/CO/1، الفقرة 23). ويضيف صاحب الشكوى أنه لم يتمتع بأية تدابير لإعادة تأهيله بصورة كاملة ع ما أصابه من أضرار جسدية ونفسية واجتماعية ومالية. فهو لم يعد قادراً على العمل كسائق حافلة بسبب ما تعرض له من إصابات جسدية وجروح وهو يواجه صعوبات كبيرة للاندماج مجدداً في الحياة المهنية والاجتماعية. ولا تزال الجرائم المرتكبة في حقه بدون عقاب، كما أن معذبيه لم يُدانوا ولم يلاحقوا ولم يُحقق معهم ولم يُعاقبوا ، ما يشكل انتهاكاً لحقه في الحصول على تعويض بموجب المادة 14 من الاتفاقية.

3-8 ويؤكد صاحب الشكوى أن أشكال العنف التي تعرض لها هي ضروب من التعذيب، وفقاً للتعريف الوارد في المادة الأولى من الاتفاقية. وقال إن سوء المعاملة الت ي تعرض له ا يشكل في كل الأحوال معاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة ، في حالة عدم أخذ اللجنة ب هذا التوصيف، وعليه، فإن الدولة الطرف ملزمة أيضاً ، بموجب المادة 16 من الاتفاقية، بمنع وقمع ارتكاب هذه الأعمال أو التحريض عليها أو السكوت عنها من جانب موظفين حكوميين.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 في 28 نيسان/أبريل 2014، قدمت الدولة الطرف ملاحظات على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وترى الدولة الطرف، في المقام الأول، أن صاحب الشكوى لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية وفق ما تقتضيه الفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية. وبعد أقل من 24 ساعة على فتح التحقيق في الوقائع، طلب ضابط الشرطة القضائية المكلف بالملف رأي خبير وقام أحد الأطباء الحكوميين بتحرير وإصدار شهادة طبية. وعقب ذلك، قام ضابط الشرطة القضائية، بعد تجميع العناصر اللازمة لإثبات الحقيقة، بإحالة الملف إلى النيابة العامة التي فتحت بدورها الملف رقم RMBG604/NE ثم أحالته في 13 كانون الأول/ديسمبر 2012 إلى رئيس محكمة حي روهيرو لتثبيت القضية أمام هيئتها القضائية. وبذلك تكون السلطات البوروندية قد توخت العناية الواجبة في هذا الملف.

4-2 ووفقاً للدولة الطرف، كان من الممكن إجراء المحاكمة بالسرعة الكافية، لكن محامي الضحية خاض في نقاشات لا نهاية لها مع النيابة العامة مطالباً بملاحقة أفراد الشرطة الأربعة مع أن النيابة العامة اعتبرت في نهاية التحقيق أن شخصاً واحداً يُشتبه في مسؤوليته عما جرى. وبذلك يكون محامي صاحب الشكوى قد أسهم، بسعيه إلى فرض وجهة معينة للتحقيق على النيابة العامة، في تأخير الإجراءات. وكان بإمكان المحامي، إذا رأى حدوث مخالفات تتمثل في عدم اكتمال التحقيق وعدم نزاهته، رفع المخالفة للنائب العام للجمهورية (وهو الرئيس المباشر للنائب العام لدى محكمة الاستئناف في بوجومبورا) أو رفعها إلى وزير العدل وحافظ الأختام الذي يملك بموجب القانون سلطة إصدار أمر للنيابة العامة بمحاكمة هذا الشخص أو ذاك. وكان بوسع محامي صاحب الشكوى ، الذي كان مُلِم اً ب سبل الانتصاف المتاحة، انتظار جلسة الاستماع العامة للإشارة إلى مخالفات كهذه.

4-3 وتشير الدولة الطرف كذلك إلى أن صاحب الشكوى توجه شخصياً إلى مكتب رئيس محكمة حي روهيرو ووعده بأنه سيعود إليه بعقد مكتوب يعلن فيه عزمه الادعاء بالحق المدني للمطالبة بتعويض التماساً للجبر القانوني. ومنذ ذلك اليوم، ما زال رئيس المحكمة ينتظر عودته دون جدوى. وقد حُفظ الملف في انتظار تحديد تاريخ جلسة استماع عامة، لكنه افتُرض أن المعني الأساسي لم يعد مهتماً بالقضية. ولولا جميع هذه العقبات لربما كان القضاء قد أصدر قراراً في هذه القضية.

4-4 وتفيد الدولة الطرف أيضاً بأنه على عكس طلبات صاحب الشكوى ، لا يمكن اعتماد توصيف الوقائع على أنها أعمال تعذيب، بالنظر إلى تعريف التعذيب في قانون العقوبات البوروندي الذي يشترط أن تكون هذه الأعمال قد ارتُكبت للحصول على معلومات أو اعترافات. وفي هذه الحالة، رغم إبلاغ النيابة العامة في بوروندي بالأفعال البغيضة المرتكبة بحق صاحب الشكوى على يد أفراد من الشرطة، لا بد من الإشارة إلى أن هذه الأفعال ارتُكبت دون أن يكون أفراد الشرطة مكلفين بمهمة من جانب رؤسائهم: فأفراد الشرطة لم تكن لديهم أية ولاية تخولهم استخدام القوة لاسترجاع ديون مدنية محتملة يتوجب على سائق الحافلة تسديدها للزبائن. وبالتالي ، إذا طلب أحد الزبائن تدخل رجل شرطة تواجد في المكان بالصدفة واستجاب رجل الشرطة لهذا الطلب، فإن ما حصل حصل صدفةً وبسبب الجهل. وبذلك، لا يمكن للجنة أن تخلص إلى أن هذا الشرطي كان يقوم بمهمة معينة أسندها إليه رؤساؤه. وكانت الوقائع بالتالي نتيجة صدفة يؤسف لها ، دون أي تعمُّد أو تحضير مسبق. وعلاوةً على ذلك، فإن الأشخاص الذين يتهمهم صاحب الشكوى هم أفراد من رتبة متدنية في تدرج رتب الشرطة الوطنية، وعلى عكس مزاعم صاحب الشكوى ، لا يملكون أية صلاحية أو وسيلة ضغط لمنع الضحية من مباشرة إجراءات قانونية أمام المحاكم الوطنية. ومن ناحية أخرى، لا بد من الإشارة إلى أن جريمة الضرب والتعنيف يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 20 سنة، بحسب درجة خطورة المخالفة .

4-5 وفيما يتعلق بطلب صاحب الشكوى الحصول على تعويض، تؤكد الدولة الطرف أنه يعود للمحاكم البوروندية النظر في الموضوع وإصدار حكم تحدد فيه جَبر الضرر الناتج عن جريمة الضرب والتعنيف الخطيرة إذا ما تبين في النهاية أن الجريمة حدثت فعلاً. ويصدر القضاء البوروندي عادة قرارات يحكم فيها بتعويضات لجبر الأضرار لصالح الضحايا.

4-6 وفيما يتعلق بتدابير الحماية المطلوبة، ترى الدولة الطرف أن صاحب الشكوى الذي يعيش حالياً في بوروندي لم يتعرض لأي تهديد كما لم يتعرض أحد لأمنه الشخصي. ولذلك فإن التدابير المؤقتة التي طلبت اللجنة اتخاذها غير مناسبة وفي غير محلها .

4-7 وفيما يتعلق بجميع الأسباب المذكورة، تدعو الدولة الطرف اللجنة إلى استنتاج مفاده أن البلاغ غير مقبول لعدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية وأن السلطات البوروندية اتخذت تدابير ملائمة وفعالة بشكل فوري عقب ما حدث، كما تدعوها إلى رفض طلب صاحب الشكوى الحصول على جبر ، بما في ذلك طلب الحصول على تعويض، عن طريق إحالته إلى المحكمة المحلية المكلفة بالقضية التي ستقوم بدراسة طلبه الحصول على تعويض عن الضرر وتصدر الحكم بشأن هذه المسألة.

تعليقات صاحب الشكوى على المقبولية والأسس الموضوعية

5-1 في 1 أيلول/سبتمبر 2014، قدم صاحب الشكوى تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف. وأشار إلى أنه ما زال يعاني من نتائج التعذيب الذي تعرض له وأنه لم يستفد من أي تدبير من تدابير إعادة التأهيل، في حين لم يُعاقب الأشخاص الذين ارتكبوا الجرائم بحقه.

5-2 ولجوء صاحب الشكوى إلى اللجنة لا يعني أنه تخلى عن الشكوى التي تقدم بها لدى السلطات القضائية البوروندية. ويرفض صاحب الشكوى حجة الدولة الطرف ومفادها أنه تخلف عن الاتصال بالسلطات الوطنية.

5-3 وفيما يتعلق بتدابير الحماية التي اعتبرتها الدولة الطرف غير مفيدة وغير ملائمة، لم تقدم هذه الأخيرة أية أدلة ترمي إلى طمأنة صاحب الشكوى بشأن أمنه الشخصي. وعلاوةً على ذلك، تدهور الوضع كثيراً في البلد، لا سيما من خلال تشديد مواقف السلطة حيال جميع الأشخاص الذين عبروا عن آراء مخالفة لآراء النظام الحاكم. ولذلك، فإن لمخاوف صاحب الشكوى ما يبررها، لا سيما أن بوروندي لم تعتمد بعد قانون حماية الضحايا والشهود ولا تملك بالتالي إطارا ً تشريعيا ً وهيكليا ً في هذا الصدد.

5-4 وفيما يتعلق بالحجة القائلة إن صاحب الشكوى كان عليه اللجوء إلى سبل الانتصاف المحلية، وهي بحسب السلطات سبل موثوقة نظراً للحرص الذي أبدته السلطات في ردة فعلها على الأحداث، يذكِّر صاحب الشكوى أنه على الرغم من أن تحقيقاً فُتِح فعلياً في اليوم التالي للوقائع، فإن هذا التحقيق لم يُجرَ بطريقة تتسم بالعناية الواجبة والنزاهة، وواجه عقبات كبيرة. ورأى أن سبل الانتصاف يجب اعتبارها غير مرضية بالنظر إلى ما شاب التحقيق من مخالفات، وبسبب الإبطاء الذي تجاوز الحدود المعقولة. وبالإشارة إلى القرارات السابقة الصادرة عن اللجنة ( ) ، يذكر صاحب الشكوى أن على الدولة الطرف ضمان إجراء تحقيق أيا ً كان مصدر الشكوك. ولا يمكن أن يتحمل صاحب الشكوى مسؤولية تأخير الإجراء ل أن قرار إقفال المناقشات يعود للسلطات القضائية، لا سيما النائب العام. وينطبق الشيء نفسه على متابعة القضية وتتحمل الدولة المسؤولية الأساسية في تفحص قضية صاحب الشكوى حالما يُبلَّغ عن الوقائع. وفيما يتعلق بالإبطاء غير المعقول في الإجراءات، لا يمكن أن يُطلب إلى صاحب الشكوى انتظار جلسة الاستماع العامة - التي لم تُحدد بعد حتى اليوم - للإبلاغ عن المخالفات التي حدثت في التحقيق. فهذا يعني تحميل صاحب الشكوى مسؤولية عدم بذل السلطات للعناية اللازمة في دراسة القضية.

5-5 ومن ناحية أخرى، يؤكد صاحب الشكوى ، في إشارته مرة أخرى إلى القرارات السابقة للجنة ( ) ، أن سبل الانتصاف المحلية بدت مطوّلة إلى حد غير معقول لأنه لم يُجرَ أي تحقيق فعلي منذ الوقائع التي حدثت في أيار/مايو 2012. وفيما يتعلق بالحجة القائلة إن صاحب الشكوى مسؤول عن التأخير بسبب المساعي التي قام بها محاميه لدى قاضي التحقيق، يرد صاحب الشكوى بأن المساعي التي قام بها محاميه تشكل جزءاً طبيعياً من ممارسته لصلاحيات أي محامٍ يسعى إلى حسن سير العدالة في ظل الثغرات التي تخللت التحقيق والإجراءات. وبالإضافة إلى ذلك، لا بد من الإشارة إلى التناقض الذي تنطوي عليه حجة الدولة الطرف التي تلوم صاحب الشكوى من جهة بأنه لم يستخدم سبل الانتصاف المحلية، ثم تتهمه من ناحية أخرى بتأخير العملية لإصراره على اللجوء إلى هذه السبل.

5-6 وفيما يتعلق بالحجة الإضافية التي قدمتها الدولة الطرف ومفادها أن صاحب الشكوى كان ينوي الادعاء بالحق المدني للمطالبة بتعويض أمام محكمة روهيرو، لكنه تراجع في النهاية، يؤكد صاحب الشكوى أن فتح قضية ما لا يتوقف على ادعاء الضحية بالحق المدني ولا يمكن في أي حال من الأحوال أن تحل محل الإجراءات القضائية التي ينبغي أن تتخذها الدولة الطرف بحكم القانون.

5-7 وفيما يتعلق بمسألة توصيف الوقائع، يلاحظ صاحب الشكوى أن الدولة الطرف أقرت بأن الأفعال قيد النظر تسببت بآلام ومعاناة حادة ل صاحب الشكوى . ولا جدال أيضاً في أن موظفي الدولة الطرف كانوا متورطين. ويرفض صاحب الشكوى حجة الدولة الطرف ومفادها أن الأفعال ارتُكبت دون تكليف ودون أي نية أو تعمد مسبق. وكان الهدف بحسب ما اعترفت به الدولة الطرف هو معاقبة السارق المحتمل لأحد مستخدمي الحافلة. وبموجب تعريف التعذيب، يُعتبر العقاب أحد الأسباب غير المشروعة التي ذُكرت صراحة، دون أن يكون الهدف من التدخل هو بالضرورة الحصول على معلومات. ولا شك في أن صاحب الشكوى كان يخضع للسيطرة الجسدية الفعلية لموظفي الدولة الطرف، إذ تمكن أفراد الشرطة من السيطرة عليه كلياً، ولم يبدِ أية مقاومة. ولا يمكن بالتالي القول بأن أعمال العنف التي تعرض لها كانت جزءاً من التوقيف وأنها كانت ترمي إلى هدف مشروع. ومن ناحية أخرى، من غير المهم معرفة ما إذا كان أفراد الشرطة قد تلقوا أمر مهمة من رؤسائهم أم لا. فالفقرة 2 من المادة 2 من الاتفاقية لم تنص على أية ظروف خاصة يُبرر فيها استخدام التعذيب.

5-8 وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية وبالانتهاكات المزعومة للمواد 1 و2 و11 و12 و13 و14 و16، يؤكد صاحب الشكوى من جديد جميع الحجج التي قدمها في الشكوى الأولية .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

6-1 تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 5(أ) من المادة 22 من الاتفاقية، من أن المسألة نفسها لم تُبحث ولا يجري بحثها في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-2 و تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اعترضت على مقبولية الشكوى بسبب عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، قائلة إن ملفاً جنائياً بحدوث حالة ضرب وتعنيف فُتح وسُجل في 13 كانون الأول/ديسمبر 2012 أمام محكمة حي روهيرو تحت الرقم RMPG604/NE. وتشير اللجنة إلى أن الدولة الطرف أكدت أن الإجراءات لا تزال معلقة، دون أن تقدم أية معلومات أو عناصر أخرى يمكن أن تتيح للجنة تقييم مدى التقدم في هذا الإجراء ومعرفة الفعالية المحتملة له، رغم أنه مسجل في قائمة قضايا المحكمة منذ حوالي ثلاث سنوات. وتخلص اللجنة إلى أن تقاعس السلطات المختصة، في هذه الظروف، جعل من غير المحتمل فتح سبل انتصاف من شأنها تحقيق جبر ذي فائدة وأن الإجراءات الداخلية تجاوزت الآجال المعقولة على أي حال. ونتيجة لذلك، ترى اللجنة أن لا شيء يمنع من النظر في البلاغ بموجب الفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية.

6-3 وفي غياب عائق يحول دون مقبولية البلاغ، تباشر اللجنة النظر فيه من حيث الأسس الموضوعية لأوجه التظلم التي قدمها صاحب الشكوى بموجب المادة 1 والفقرة 1 من المادة 2 والمواد 11 و12 و13 و14 و16 من الاتفاقية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة في الشكوى مع إيلاء الاعتبار الواجب لجميع المعلومات التي قدمها إليها الطرفان، وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية.

7-2 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب الشكوى بأنه ضُرِب بعنف في 15 أيار/مايو 2012 على يد أفراد من الشرطة يرتدون الزي الرسمي ويحملون بنادق، ثم أوقف واقتيد إلى مركز الشرطة الملحق بمصلحة إدارة السوق المركزية لبوجومبورا؛ وأنه حال وصوله إلى مركز الشرطة، ضُرب لمدة تزيد ع لى ساعتين بالأحذية والأحزمة حتى فقد وعيه. وقد تُرك صاحب الشكوى ممدداً على الأرض دون مساعدة رغم الجروح الخطيرة التي أُصيب بها، ولم يُنقل إلى المستشفى إلا بعد ساعتين من الوقائع، وذلك بفضل تدخل أحد أقاربه. وتلاحظ اللجنة أن المعاملة التي لقيها صاحب الشكوى كانت متعمدة بينما كان بين أيدي موظفي الدولة الطرف، وكانت شديدة للغاية بحيث فقد وعيه، وأثرت عليه تأثيراً مستديماً ما زال قائماً حتى اليوم. وعلاوةً على ذلك، يبدو أن الهدف من ضروب سوء المعاملة التي تعرض لها كان على ما يبدو معاقبته على فعل قد يكون ارتكبه.

7-3 وأخذت اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف ومفادها أن ما قام به أفراد الشرطة أمر عرضي وأن هؤلاء لم يتصرفوا بناءً على أمر رسمي، ولذلك لا يمكن وصف هذه الأفعال بالتعذيب. وتلاحظ اللجنة في هذا الصدد أنه وفقاً للمعلومات التي قدمها صاحب الشكوى ، والتي لم تعترض عليها الدولة الطرف، فإن الأشخاص الذين اقتادوه وضربوه هم أفراد شرطة يرتدون الزي الرسمي، ويحملون بنادق وأحزمة عسكرية. ومن ناحية أخرى، ضُرب صاحب الشكوى ضرباً مبرحاً لمدة ساعتين على يد أفراد من الشرطة داخل مركز الشرطة الملحق بمصلحة إدارة السوق المركزية لبوجومبورا. وعلى أساس المعلومات المتاحة للجنة، تخلص اللجنة إلى أن ضروب سوء المعاملة التي تعرض لها صاحب الشكوى ارتكب ها موظفون حكوميون تابعون للدولة الطرف بصفة رسمية وأن هذه الأفعال هي بمثابة أعمال تعذيب وفقاً لما حددته المادة الأولى من الاتفاقية.

7-4 إن اللجنة ، وقد خلصت إلى وجود انتها ك للمادة الأولى من الاتفاقية، لن تنظر في ادعاءات صاحب الشكوى الأخرى بمقتضى المادة 16 من الاتفاقية.

7-5 ويحتج صاحب الشكوى أيضاً بالفقرة 1 من المادة 2 من الاتفاقية التي كان ينبغي للدولة الطرف بموجبها أن تتخذ تدابير تشريعية وإدارية وقضائية وغير ذلك من التدابير الفعالة لمنع ارتكاب أعمال تعذيب في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية. وتلاحظ اللجنة، في هذه الحالة، أن صاحب الشكوى ضُرب ضرباً مبرحاً، ثم احتُجز دون اتصال مباشر بأسرته أو بمحامٍ أو بطبيب. ورغم أن السلطات أُبلغت بالتفصيل عن الأفعال المرتكبة بحق الضحية، ورغم فتح تحقيق فوري في اليوم التالي للوقائع (أي في 16 أيار/مايو 2012) و رغم أن الملف أُحيل في 13 كانون الأول/ديسمبر 2012 إلى محكمة حي روهيرو، فإن مرتكبي الأفعال قيد النظر لم يُعاقبوا بعد. ونتيجة لذلك، تخلص اللجنة إلى وقوع انتهاك للفقرة 1 من المادة 2، مقروءة بالاقتران مع المادة 1 من الاتفاقية ( ) .

7-6 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بحجة صاحب الشكوى و أن الدولة الطرف انتهكت المادة 11 ، ذلك أن الدولة الطرف لم تمارس الرقابة اللازمة فيما يتعلق بالمعاملة التي لقيها صاحب الشكوى خلال احتجازه. وادعى على وجه الخصوص أنه لم يوقف بطريقة رسمية بل وُضع رهن الاحتجاز المؤقت؛ وأنه لم يُبلغ بالتهم الموجهة إليه؛ وأن احتجازه تم خارج نطاق القانون؛ وأنه لم يُعرض على طبيب بشكل فوري، رغم الحالة الحرجة التي كان فيها. وتذك ّ ر اللجنة من جديد بملاحظاتها الختامية المتعلقة بالتقرير الدوري الثاني لبوروندي الذي أعربت فيها عن قلقها إزاء ما يلي: فرط طول مدة الحجز الاحتياطي؛ وكثرة عدد حالات تجاوز المدة القانونية للحجز الاحتياطي؛ وعدم الاحتفاظ بسجل احتجاز أو الاحتفاظ بسجل احتجاز غير كامل؛ وعدم احترام الضمانات القانونية الأساسية للأشخاص مسلوبي الحرية؛ وعدم وجود أحكام تنص على إمكانية وصول الأشخاص المعوزين إلى طبيب وإلى المساعدة القانونية؛ واللجوء المفرط إلى الاحتجاز المؤقت في ظل عدم وجود مراقبة قانونية لهذا الاحتجاز وعدم وجود حد لمدته الإجمالية (انظر الوثيقةCAT/C/BDI/CO/2، الفقرة 10). وفي هذه الحالة، يبدو أن صاحب الشكوى لم يستفد من أي رقابة قانونية. وفي ظل غياب أية معلومات وجيهة من جانب الدولة الطرف من شأنها أن تثبت أن احتجاز صاحب الشكوى كان يخضع لرقابتها، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت المادة 11 من الاتفاقية.

7-7 وفيما يتعلق بالمادتين 12 و13 من الاتفاقية، تحيط اللجنة علماً بفتح تحقيق فوري لإلقاء الضوء على الوقائع منذ اليوم التالي لحدوثها. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بمزاعم صاحب الشكوى الذي قال إن التحقيق شابته عيوب كثيرة هي: التوصيف القانوني المعتمد؛ والتحقيق مع شرطي واحد من أصل أفراد الشرطة الخمسة المشتبه فيهم؛ ورغم تثبيت القضية أمام محكمة حي روهيرو في 13 كانون الأول/ديسمبر 2012، لم يُنظر في القضية بعد، أي بعد مرور ثلاث سنوات على بدء الإجراءات، ولم تعاقب السلطات القضائية الشرطي الوحيد الذي خضع للتحقيق. واعترضت الدولة الطرف على لجوء صاحب الشكوى إلى اللجنة بسبب تسجيلها لهذه الشكوى، لكنها لم تقدم أي عنصر يتيح للجنة تقييم مدى التقدم في هذا الإجراء، ومدى فعاليته المحتملة أو تفسير أسباب هذا التأخير. وترى اللجنة أن هذا التأخير ينتهك بشكل صارخ التزامات الدولة الطرف بموجب المادة 12 من الاتفاقية، التي تنص على إجراء تحقيق فوري ونزيه كلما كان هناك سبب معقول يدعو إلى الاعتقاد بأن فعلاً من أفعال التعذيب قد ارتكب. وبما أن الدولة الطرف لم تف بالتزامها هذا، فإنها أخلت كذلك بالمسؤولية الواقعة عليها بموجب المادة 13 من الاتفاقية بأن تكفل ل صاحب الشكوى حقه في تقديم شكوى، وهو واجب يفترض أن تقدم السلطات ردا ً مناسبا ً على مثل هذه الشكوى عن طريق فتح تحقيق فوري ونزيه ( ) .

7-8 وفيما يتعلق بالمادة 14 من الاتفاقية، أحاطت اللجنة علماً بمزاعم صاحب الشكوى الذي قال إنه لم يستفد من أي تدبير من تدابير إعادة التأهيل يرمي إلى إعادة تأهيله على أكمل وجه ممكن من النواحي الجسدية والنفسية والاجتماعية والمالية. وتذكِّر اللجنة بأن المادة 14 لا تقر فقط بالحق في الحصول على تعويض عادل وكاف، بل تفرض على الدول الأطراف الالتزام بالحرص على حصول ضحايا التعذيب على جبر. وتذكِّر اللجنة بتعليقها العام رقم 3(2012) بشأن تنفيذ الدول الأطراف للمادة 14، الذي قالت فيه إن على الدول الأطراف أن تضمن حصول ضحايا التعذيب أو سوء المعاملة على إنصاف وجبر كاملين وفعالين، بما في ذلك التعويض والوسائل اللازمة لإعادة تأهيلهم على أكمل وجه ممكن. فالجبر يجب أن ينطوي على رد الحقوق والتعويض فضلاً عن ضمانات بعدم تكرار الانتهاكات، على أن تراعى دائماً ظروف كل قضية ( ) . وبالنظر إلى عدم فتح تحقيق فعال ونزيه في هذه القضية، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف أخلت بالتزاماتها في إطار المادة 14 من الاتفاقية.

8- واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 7 من المادة 22 من الاتفاقية، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن وقوع انتهاك للفقرة 1 من المادة 2 مقروءة بالاقتران مع المواد 1 و11 و12 و13 و14 من الاتفاقية.

9- وتحث اللجنة الدولة الطرف، وفقاً للفقرة 5 من المادة 118 من نظامها الداخلي على أن تقوم بما يلي: (أ) استكمال التحقيق الذي شرع فيه بشأن الوقائع موضع النظر قصد تقديم جميع الأشخاص المسؤولين عن المعاملة التي تعرض لها صاحب الشكوى إلى العدالة؛ (ب) تقديم تعويض ملائم ل صاحب الشكوى ، بما في ذلك تعويضه عن الأضرار المادية وغير المادية التي تعرض لها، ورد حقوقه إليه، وإعادة تأهيله، وتقديم ضمانات بعدم التكرار؛ (ج) اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع أي تهديد أو عمل من أ عمال العنف يمكن أن يتعرض له صاحب الشكوى أو أسرته، لا سيما بسبب تقديمه هذا البلاغ؛ (د) إبلاغ اللجنة في غضون 90 يوماً من تاريخ إحالة هذا القرار بالخطوات المتخذة استجابة للآراء المعرب عنها أعلاه، بما في ذلك تعويض صاحب الشكوى .