الأمم المتحدة

CAT/C/56/D/586/2014

Distr.: General

12 March 2016

Arabic

Original: English

اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة

Distr.: General

28 January 2016

Arabic

Original: English

لجنة مناهضة التعذيب‏‏

البلاغ رقم 586 / 2014

القرار الذي اعتمدته اللجنة في دورتها السادسة والخمسين ( 9 تشرين الثاني/نوفمبر- 9 كانون الأول/ديسمبر 2015)

المقدم من : ‬ ر. ج. وآخرون (يمثلهم محام، يوهان لاغرفلت )

الشخص المدعى أنه ضحية : أصحاب الشكوى

الدولة الطرف : السويد

الموضوع : الإبعاد إلى الاتحاد الروسي

المسائل الإجرائية : المقبولية، الإثبات

المرفق

بشأن

المقدم من : ‬ ر . ج . وآخرون (يمثلهم محام، يوهان لاغرفلت )

الشخص المدعى أنه ضحية : أصحاب الشكوى

الدولة الطرف : السويد

وقد اجتمعت في 25 تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٥،

وقد فرغت من النظر في الشكوى رقم 586/2014 المقدمة من ر. ج . وآخرين بموجب المادة 22 من الاتفاقية،

تعتمد ما يلي: ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬

1-1 أصحاب الشكوى هم السيد ر. ج. وزوجته ل. ج . وأطفالهما الأربعة القصر. وجميعهم من رعايا الاتحاد الروسي وشيشانيو الأصل وينحدرون من أقلية ميوكي (Mialkhiy). وإبان تقديم البلاغ، كان أصحاب الشكوى مقيمين في السويد في انتظار ترحيلهم إلى الاتحاد الروسي ويزعمون أن تنفيذ السويد قرار ترحيلهم سيشكل انتهاكاً لحقوقهم بموجب المادة 3 من الاتفاقية. ولم يكن قرار ترحيل الأسرة محدداً بتاريخ معين، غير أنهم عندما قدموا الشكوى كانوا قد تلقوا بالفعل استدعاء إلى مجلس الهجرة لمناقشة عودتهم. ويمثل محام أصحاب الشكوى .

1-2 وفي 30 كانون الثاني/يناير 2014، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، بموجب المادة 114 من نظامها الداخلي، أن تمتنع عن ترحيل أصحاب الشكوى إلى الاتحاد الروسي ما دام هذا البلاغ قيد نظرها.

2-1 وُلد صاحب الشكوى الأول، ر. ج . ، في كازاخستان في 12 آب/أغسطس 1969، في حين وُلدت زوجته وأولاده الثلاثة الأكبر في الشيشان، ووُلد طفله الأصغر في السويد في نيسان/أبريل 2012. وكان صاحب الشكوى عضواً نشطاً في المقاومة أثناء اندلاع الأزمة الشيشانية في الفترة 1994-1996. وفي عام 1999، عندما استعرت نيران الأزمة مجدد اً، واصل دعم المقاومة الشيشانية بتقديم الطعام والمؤونة إلى المقاومين.

2-2 وفي عام 2007، وُجهت إلى صاحب الشكوى تهمة الضلوع في قتل عدد من أفراد الشرطة. وتم توقيفه واحتجازه في زنزانة انفرادية لمدة 10 أيام تعرض خلالها للضرب المبرح والتعليق رأساً على عقب والتعذيب بالصعق الكهربائي، ونتج عن التعذيب تحطيم أسنانه وكسر عدد من أضلعه. وبعد تقديم رشوة إلى السلطات، أُطلق سراح صاحب الشكوى ومكث في المستشفى شهرين يتعافى من جراحه، ثم عاد بعد تعافيه يمد يد العون للمقاومين الشيشانيين، ساعياً للعمل في الخفاء.

2-3 وفي أيلول/سبتمبر 2011، أوقف ابن أخ صاحب الشكوى بتهمة الضلوع في تفجيرات غروزني التي وقعت في آب/أغسطس 2011. ونبّه صاحبَ الشكوى أحدُ معارفه في الشرطة إلى إصدار مذكرة توقيفه بحقه، فاستبد به القلق من توقيفه هو أيض اً، إذ راودته الشكوك بأن ابن أخيه ربما تعرض للتعذيب ولم يقو على تحمل أساليب الاستجواب فأفشى بمعلومات بشأنه. ولاذ صاحب الشكوى بالفرار إلى إنغوشيا ، وفي اليوم التالي اتصل بزوجته التي أخبرته أن قوات الأمن جاءت إلى المنزل وأحرقت سيارته وعثرت على أسلحة خارج المنزل. ويزعم صاحب الشكوى أن السلطات هي من قامت بوضع هذه الأسلحة خارج منزله للإيقاع به.

2-4 وقامت زوجة صاحب الشكوى ببيع المنزل بعد ذلك لتدفع بثمنه رشوة إلى السلطات لإغلاق ملف قضيته. غير أنها عوضا ً عن ذلك اتُهمت بالتواطؤ معه، وظلت قوات الأمن تتحرى عن مكانه المرة تلو الأخرى. ولم تتمكن زوجة صاحب البلاغ وأولاده من الالتحاق به في إنغوشيا إلا في أواخر شباط/فبراير 2012، حيث قرروا حينئذ مغادرة الاتحاد الروسي. وفي 11 آذار/مارس 2012، وصل أفراد الأسرة إلى السويد.

2-5 وقدّم صاحب الشكوى طلب لجوء في 12 آذار/مارس 2012. وفي 15 تموز/ يوليه 2013، رفض مجلس الهجرة طلبه متذرعاً بعدم اتساق أقوال أصحاب الشكوى في شهاداتهم وافتقارها إلى المصداقية. ولم يقتنع المجلس بأن محل إقامتهم الأخير كان في الشيشان، بل مضى إلى أن الوضع في الشيشان قد تغير منذ عام 2007 وأن سلطات الاتحاد الروسي لم يعد يعنيها سوى من لا يزال مقاوماً نشطاً للنظام وليس المقاتلين السابقين. غير أن المجلس أقرّ بأن صاحب الشكوى كان ناشطاً في المقاومة الشيشانية خلال أزمتي 1994-1996 و1999، وبأنه تعرض فعلاً للتعذيب على يد الشرطة في عام 2007 وأُطلق سراحه برشوة. وخلص المجلس إلى أنه لم يعد هناك نزاع مسلح أو أي أزمة خطيرة أخرى في الشيشان.

2-6 واستأنف صاحب الشكوى قرار المجلس لدى محكمة الهجرة التي رفضت بدورها طلبه في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، حيث خلصت إلى أن تعرض صاحب الشكوى للتعذيب في عام 2007 لا يشكل بذاته سبباً كافياً لطلب الحماية. وأيدت المحكمة استنتاج المجلس بأن طبيعة النزاع في الشيشان قد تغيرت منذ عام 2007 وأن أقوال أصحاب الشكوى تفتقر إلى المصداقية.

2-7 وفي 19 كانون الأول/ديسمبر 2013، رفضت محكمة الاستئناف الخاصة بالهجرة طلب صاحب الشكوى للحصول على إذن باستئناف قرار محكمة الهجرة، فأصبح الحكم بذلك نهائياً. ويدفع أصحاب الشكوى بأنهم قد استنفدوا بذلك جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

الشكوى

3-1 يدفع أصحاب الشكوى بأن ثمة أسباباً وجيهة تدعو للاعتقاد بأن صاحب الشكوى الأب سيتعرض للتعذيب إذا أعيد إلى الاتحاد الروسي. فهو يدّعي أن شقيقه قد تعرض للضرب حتى الموت عندما كان في حجزة الشرطة، في عام 2003، وأن مصير ابن أخيه لا يزال مجهولاً منذ توقيفه في أيلول/سبتمبر 2011 ولا يستبعد أن يكون قد لقي مصرعه هو الآخر وهو في حجزة الشرطة. إضافة إلى ذلك، يزعم صاحب الشكوى أن زوجته تلقت زيارات من عناصر أمنية تفتش عنه بعد فراره إلى إنغوشيا ويخلص إلى أن الأحداث التي تعرض لها تنم عن نمط من التنكيل والاضطهاد. ويرى أصحاب الشكوى أن السويد، إذا أعادتهم، ستنتهك مبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه بموجب المادة 3 من الاتفاقية.

3-2 ويقدم أصحاب الشكوى رسالة من مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (1) ، مؤرخة 4 شباط/فبراير 2011، عن طلبات الحماية التي قد يقدمها لاجئون شيشانيون. وتقول المذكرة إنه في حين أن التقييم القاطع للمفوضية في عام 2003 هو أن جميع طالبي اللجوء الشيشانيين هم بحاجة إلى الحماية الدولية، فإن الوضع قد تغير في عام 2011 نظراً لتحسن الوضع الأمني إجمال اً. غير أن المفوضية ذكرت أن حقوق وسلامة أعضاء التشكيلات المسلحة غير القانونية وأقاربهم والمعارضين السياسيين والناشطين في ميدان حقوق الإنسان هي الأكثر عرضة للخطر. وأوصت المفوضية في المذكرة بالنظر في منح الحماية الدولية للاجئين الشيشانيين على حسب معطيات كل حالة على حدة. وأضافت أن إعادة التوطين داخلياً سواء في الشيشان أو في أي منطقة أخرى من الاتحاد الروسي ينبغي أن لا تُعتبر حلاً متاحاً لطالبي اللجوء الشيشانيين اللائذين بالفرار من الاضطهاد بمفهوم الفقرة ألف من المادة 1 من الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين.

ملاحظات الدولة الطرف ‬ بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4-1 في 11 تموز/يوليه 2014، دفعت الدولة الطرف بأن قضية أصحاب الشكوى تم تقييمها بموجب قانون الأجانب لعام 2005، الذي دخل حيز النفاذ في 31 آذار/ مارس 2006. وحيث أن اللجنة تحيط جيد اً بفحوى هذا القانون، جراء النظر في بلاغات أخرى قدمت إليها ضد السويد بشأن حالات ترحيل أجانب، وبما أن القرارات والأحكام المحلية تتضمن وصفاً للقوانين المحلية التي ينبغي أن يبلغ بها أصحاب الشكوى، فإن الدولة الطرف لا ترى لزوماً لتقديم أي معلومات إضافية في هذا الصدد. غير أنه قد يكون من الجدير بالذكر أن قانون الأجانب لعام 2005 والتعديلات التي أُدخلت عليه، متاح ة باللغة الإنكليزية على شبكة الإ نترنت.

4-2 وتدفع الدولة الطرف بأن أصحاب الشكوى، من الأول إلى الخامس، قد وصلوا إلى السويد في 11 آذار/مارس 2012، وفقاً للمعلومات التي قدموها بأنفسهم، وأنهم قدموا طلبات لجوئهم في اليوم التالي لوصولهم. أما صاحب الشكوى السادس فقد وُلد في السويد في 27 نيسان/أبريل 2012 وقُدم طلب لجوء بشأنه في 8 آب/أغسطس 2012 عن طريق محامي الأسرة. وقد رفض مجلس الهجرة طلبات اللجوء التي قدمها أصحاب الشكوى وقرر في 15 تموز/يوليه 2013 ترحيلهم إلى الاتحاد الروسي. واستؤنف القرار لدى محكمة الهجرة التي رفضت طلبت الاستئناف في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2013. ثم رفضت محكمة الاستئناف الخاصة بالهجرة إعطاء الإذن بالطعن في قرار محكمة الهجرة، فأصبح قرار ترحيلهم بذلك نافذاً وغير قابل للطعن فيه.

4-3 وتدفع الدولة الطرف بأنه، وفقاً للفقرة الأولى من المادة 22 من الباب 12 من قانون الأجانب، فإن أمر الإبعاد غير الصادر عن محكمة عامة ينتهي مفعوله بعد 4 سنوات من اللحظة التي يصبح فيها نهائياً ولا يمكن الطعن فيه. وفي هذا الصدد، تود الدولة الطرف أن توجه عناية اللجنة إلى أن أجل التقادم سيسري على قرار ترحيل أصحاب الشكوى في 19 كانون الأول/ديسمبر 2017. ويعني ذلك، أول اً، أن قرار ترحيل أصحاب الشكوى لن يعود نافذاً بعد ذلك التاريخ ولن يعود أصحاب الشكوى من ثم عرضة لتهديد الإبعاد. وثاني اً، سيُدرس أي طلب لجوء وإقامة جديد وما يستند إليه من أسباب دراسة شاملة من جديد، وسيكون أي قرار بالرفض من مجلس الهجرة قابلاً لاستئنافه لدى محكمة الهجرة ومحكمة الاستئناف الخاصة بالهجرة. علاوة على ذلك، فإن ترتيبات إنفاذ أمر الإبعاد قد تستغرق زمناً طويلاً. وبالتالي، فمن الأهمية القصوى أن تنظر اللجنة في مقبولية هذا البلاغ و/أو أسسه الموضوعية قبل تاريخ التقادم بفترة كافية لإفساح ما يكفي من الوقت لاتخاذ تلك الترتيبات في حال خلصت اللجنة إلى أن البلاغ غير مقبول ولا ينطوي على أي انتهاك للاتفاقية.

4-4 وتدفع الدولة الطرف بأن ما يدعيه أصحاب الشكوى أمام اللجنة أساساً هو أن صاحب الشكوى الأول قد تعرض للتوقيف والتعذيب على يد السلطات الشيشانية في عام 2007، حيث اتهم بضلوعه في مقتل عدة عناصر من أفراد الشرطة ، كما اتُهم في عام 2011 بضلوعه في عدد من التفجيرات التي وقعت في غروزني في آب/أغسطس من العام ذاته، واتُهم كذلك بحيازة أسلحة ومتفجرات بصورة غير قانونية. وتزعم صاحبة الشكوى إنها اتهمت بالتواطؤ مع زوجها في أنشطته. أما أصحاب الشكوى الأطفال، فإن أسباب طلبات لجوئهم ترتبط بأسباب طلبي والديهما. ويدّعي أصحاب الشكوى أن حياتهم ستتعرض للخطر إذا أعيدوا للاتحاد الروسي، ويزعمون بذلك أن إبعادهم إلى الاتحاد الروسي سيشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.

4-5 وتدفع الدولة الطرف بأنها ليست لديها أي معلومات تشير إلى أن هذه المسألة لم تُبحث ولا يجري بحثها في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية ، وتنتظر من اللجنة أن تؤكد هذه المعلومة في إطار نظرها في مقبولية البلاغ.

4-6 ولا تعترض الدولة الطرف على الادعاء الذي يفيد بأن جميع سبل الانتصاف المحلية قد استنفدت في هذه القضية.

4-7 وتذهب الدولة الطرف إلى أن تأكيد أصحاب الشكوى أنهم سيواجهون خطر التعرض لمعاملة تشكل خرقاً لل مادة 3 من الاتفاقية إذا أُعيدوا إلى الاتحاد الروسي لا يرقى إلى أدنى مستويات الإثبات اللازم لأغراض المقبولية . وبالتالي، فهي تدفع بأن البلاغ يفتقر إلى أسس وجيهة ومن ثم فهو غير مقبول بموجب الفقرة 2 من المادة 22 من الاتفاقية والمادة 113(ب) من النظام الداخلي للجنة (2) . وفيما يخص الأسس الموضوعية للبلاغ، فتشير الدولة الطرف بشكل عام إلى ما يلي في هذا السياق.

4-8 تدفع الدولة الطرف ب أنه في حال اعتبرت اللجنة البلاغ مقبولاً فإن المسألة المعروضة عليها تتعلق بما إذا كان ت إعادة أصحاب الشكوى قسراً إلى الاتحاد الروسي ت نطوي على انتهاك لالتزام السويد بموجب المادة 3 من الاتفاقية بعدم ترحيل أو إعادة شخص إلى بلد آخر عندما تكون هناك أسباب وجيهة تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون عرضة للتعذيب في هذا البلد . و لدى البت في ما إذا كانت إعادة شخص قسر اً إلى بلد آخر تشكل خرقاً للمادة 3، يجب على اللجنة أن تراعي جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في ذلك البلد . ب يد أن الهدف من البت في هذه المسألة، كما شددت اللجنة نفسها مرار اً، هو تحديد ما إذا كان الشخص المعني سيواجه شخصياً خطر اً متوقع اً وحقيقي اً با لتعرض ل لتعذيب في البلد الذي س ي عاد إليه . وعلى ذلك، فإن وجود نمطٍ ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلدٍ ما لا يشكّل في حدّ ذاته سبباً كافياً لاستنتاج أن شخص اً بعينه سيتعرض لخطر التعذيب بعد إعادته إلى ذلك البلد. ‬ إذ يتعيّن، لإثبات وقوع انتهاك للمادة 3 من الاتفاقية، وجود أسباب أخرى تُدلّل على أن الفرد المعني سيتعرض لهذا الخطر شخصياً إبان عودته (3) .

4-9 وتدفع الدولة الطرف بأنه ع ند البتّ فيما إذا كانت إعادة أصحاب الشكوى قسراً إلى الاتحاد الروسي تشكّل خرقاً للمادة 3 من الاتفاقية، ينبغي مراعاة الاعتبارين التاليين : (أ) الحالة العامة لحقوق الإنسان في الاتحاد الروسي ؛ وبشكل خاص (ب) احتمال تعرّض أصحاب الشكوى شخصياً لخطر التعذيب لدى إعادتهم إلى هذا البلد . ‬ من جهة أخرى، تذكّر الدولة الطرف بالأحكام السابقة للجنة التي أكدت فيها أن عبء الإثبات في حالات كهذه يقع على عاتق صاحب الشكوى، الذي ينبغي أن يقدم قضية مقنعة تثبت أنه يواجه خطراً متوقعاً وحقيقياً وشخصياً ب التعرض للتعذيب (4) . إضافةً إلى ذلك، يجب أن يُقيَّم خطر التعرّض للتعذيب على أُسس تتجاوز مجرد النظرية أو الشك. ‬ ومع أنه لا يلزم في تقييم هذا الخطر أن يفيَ بمعيار أن يكون خطر التعرض للتعذيب "مرجح اً بشدة"، فإنه يجب أن يكون خطراً شخصياً وحاضراً (5) .

4-10 وتدفع الدولة الطرف بأنه ما دام الاتحاد الروسي طرفاً في الاتفاقية وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فإن من المفترض أن تكون اللجنة ملمة جيداً بالوضع العام لحقوق الإنسان في هذا البلد، بما في ذلك الوضع الراهن في إقليم شمال القوقاز. وفي هذا الصدد، تكتفي الدولة الطرف بالإحالة إلى المعلومات المتعلقة بحالة حقوق الإنسان في الاتحاد الروسي، التي يمكن الاطلاع عليها في التقارير الصادرة بهذا الشأن مؤخراً (6) . ومع أن التقارير الحالية تُظهر أن مستوى العنف والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في الشيشان والاتحاد الروسي قد تراجع إجمال اً في السنوات الأخيرة، فإن الدولة الطرف تلاحظ أنه لا تزال ترِد تقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات الاختفاء والاعتداء والتعذيب والقتل. ولهذا السبب، لا تريد الدولة الطرف أن تفند الشواغل التي ربما يمكن الإعراب عنها بصورة مشروعة عن الحالة الراهنة لحقوق الإنسان في الاتحاد الروسي وبخاصة في إقليم شمال القوقاز. غير أن الوضع الراهن في الشيشان، حسبما ورد في التقارير المذكورة أعلاه، لا يكفي بحد ذاته لإثبات أن الوضع العام في الإقليم يبلغ من السوء حداً يرجح حدوث انتهاك للمادة 3 من الاتفاقية لمجرد ترحيل أصحاب الشكوى إلى هذا البلد (7) . وعليه، تحتج الدولة الطرف بأن إبعاد أصحاب الشكوى إلى الاتحاد الروسي لن ينطوي على خرق للاتفاقية إلا إذا تمكنوا من إثبات أن ذلك سيعرضهم شخصياً لمعاملة تتنافى مع أحكام المادة 3 من الاتفاقية. وتدفع الدولة الطرف بأن أصحاب الشكوى عجزوا عن إثبات ادعاءاتهم بهذا الشأن.

4-11 وتودّ الدولة الطرف أن توجه عناية اللجنة إلى أن العديد من أحكام قانون الأجانب تجسد المبادئ ذاتها التي تكرسها المادة 3 من الاتفاقية. وبالتالي فإن السلطات السويدية تطبّق لدى نظرها في طلبات اللجوء بموجب قانون الأجانب ذات المعايير التحليلية التي تطبّقها اللجنة عند بحث أي شكوى بموجب الاتفاقية. ومما يدل على أن المعايير ذاتها قد طُبقت في الحالة قيد النظر أن السلطات السويدية قد أشارت، في سياق إصدار قراراتها، إلى المواد 1 و2 و2 ( أ ) من الباب الرابع من قانون الأجانب. علاوة على ذلك، فإن المواد 1-3 من الباب 12 من قانون الأجانب تحظر إبعاد أي أجنبي إلى بلد توجد أسباب وجيهة تدعو إلى الافتراض بأنه قد يتعرض فيه لعقوبة الإعدام أو العقوبة البدنية أو التعذيب أو غير ذلك من أشكال المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة، أو إبعاده إلى بلد لا يحظى فيه بالحماية من إرساله إلى بلد يمكن أن يتعرض فيه لهذه المخاطر.

4-12 إضافة إلى ذلك، تدفع الدولة الطرف بأن السلطات الوطنية في موقع يؤهلها جيد اً لتقييم المعلومات التي يقدمها طالب اللجوء وترجيح مصداقية ادعاءاته. وتودّ، في هذا الصدد، أن تسلط الضوء على أن مجلس الهجرة ومحكمة الهجرة قد بحث ا بشكل مستقيض حالة أصحاب الشكوى. فقد أجرى مجلس الهجرة مقابلات عدة مع كلٍ من صاحبي الشكوى الأب وزوجته، عندما قدم أصحاب الشكوى طلبات لجوئهم، لإعطائهم فرصة كافية لتعليل حاجتهم إلى الحماية وتوضيح جميع الملابسات التي يستند إليها مجلس الهجرة في تقييمه. وقد أجريت هذه المقابلات المستفيضة مع أصحاب الشكوى بحضور محاميهم ومترجم شفوي أكّد أصحاب الشكوى حسن فهمهم لترجمته. إضافة إلى ذلك، أجرى مجلس الهجرة أيض اً مقابلات تركز على الأطفال مع صاحبة الشكوى الأم، بوصفها والدة أصحاب الشكوى الثالث والرابع والخامس، ومع صاحبي الشكوى الأب والأم بوصفهما والدي صاحب الشكوى السادس المولود في السويد، عندما قُدّم طلب لجوء باسمه. زد على ذلك أن أصحاب الشكوى أسندوا قضيتهم كتابياً أمام مجلس الهجرة ومحكمتي الهجرة، وكان يمثلهم محامٍ طيلة الفترة التي استغرقتها إجراءات اللجوء. وقد استأنفوا قرار مجلس الهجرة أمام محكمة الهجرة التي أيّدت ذلك القرار. وفي ظل هذه المعطيات، ترى الدولة الطرف أنه يجب اعتبار أن مجلس الهجرة ومحكمتي الهجرة قد استندت إلى معلومات كافية، إضافة إلى الوقائع والوثائق المتصلة بهذه القضية، لتضمن أن لديها أساساً متيناً لإجراء تقييمٍ للمخاطر مستنير وشفاف ومعقول بشأن حاجة أصحاب الشكوى إلى الحماية في السويد.

4-13 وتود الدولة الطرف، في هذا السياق، أن تشير إلى الفقرة 9 من التعليق العام للجنة رقم 1 (1997) بشأن تنفيذ المادة 3 من الاتفاقية، بالإضافة إلى ما ذهبت إليه في أحكامها السابقة، بخصوص أن اللجنة ليست هيئة استئناف أو هيئة شبه قضائية أو هيئة إدارية، وأنه ينبغي إعطاء وزن معتبر للاستنتاجات الوقائعية التي تخلص إليها هيئات الدولة الطرف المعنية (8) . علاوة على ذلك، فقد دأبت اللجنة على تأكيد أن تقييم الوقائع والأدلة في قضية من القضايا يرجع إلى محاكم الدول الأطراف في الاتفاقية وليس إلى اللجنة، ما لم يثبت أن الطريقة التي تم بها تقييم هذه الوقائع والأدلة كانت تعسفية بشكل واضح أو تشكل إنكاراً للعدالة (9) .

4-14 وتدفع الدولة الطرف بأن مجلس الهجرة ومحكمتي الهجرة هيئات متخصصة ذات باع طويل في ميدان قانون اللجوء وممارساته، وتدفع بأن ما من سبب يدعو لاستنتاج أن الأحكام الصادرة عن هذه الهيئات الوطنية مغلوطة أو أن نتيجة الإجراءات المحلية كانت تعسفية أو تشكل إنكاراً للعدالة. وبالتالي، ترى الدولة الطرف أن اللجنة يجب أن تعطي وزناً كبيراً لآراء سلطات الهجرة السويدية، بصيغتها الواردة في الأحكام الصادرة بإبعاد أصحاب الشكوى إلى الاتحاد الروسي.

4-15 إضافة إلى ذلك، تدفع الدولة الطرف بأن أصحاب الشكوى ادّعوا أن إبعادهم إلى الاتحاد الروسي سيشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية لأنهم سيتعرضون حال عودتهم إلى معاملة تتنافى مع الحقوق المكرسة في الاتفاقية، وهو ما يرجع بشكل أساسي إلى الاتهامات الموجهة ضد صاحب الشكوى الأول بشأن ضلوعه في التفجيرات التي وقعت في غروزني في آب/أغسطس 2011 وحيازته أسلحة نارية ومتفجرات. وترى الدولة الطرف، شأنها شأن سلطات الهجرة، أن هناك عدداً من العوامل التي تشكك في مصداقية ادعاء أصحاب الشكوى بشأن خطر تعرضهم للتعذيب إذا أعيدوا إلى الاتحاد الروسي، بما يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية. وتتفق الدولة الطرف مع نتائج التقييم الذي أجراه مجلس الهجرة ومحكمة الهجرة بأن أقوال أصحاب الشكوى تتضارب مع الحقائق المعروفة عموماً عن بلدهم الأصلي. وترى من ثم أن أقوال أصحاب الشكوى يصعب تصديقها وستبين بالتفصيل فيما يلي الملابسات التي استند إليها تقييم مصداقية أصحاب الشكوى في هذا الصدد.

4-16 فأولاً، قدّم أصحاب الشكوى، لإثبات هوياتهم، كتيب الخدمة العسكرية لصاحب الشكوى الأول، وجوازاً محلياً لصاحبة الشكوى الثانية، وشهادات ميلاد أصحاب الشكوى الثالث والرابع والخامس. وتتفق الدولة الطرف مع رأي مجلس الهجرة ومحكمة الهجرة بأن الوثائق المذكورة لا تثبت هوية أصحاب الشكوى بصورة قاطعة. فكتيب الخدمة العسكرية، وفقاً لما أشار إليه مجلس الهجرة، قديم وبدائي جداً ولا يتضمن ملاحظات حديثة العهد. أضف إلى ذلك أن الصفحة التي تسجل فيها السلطات الروسية المعلومات المتعلقة بإصدار جواز دولي أو جواز وطني سابق كانت مفقودة من جواز صاحبة الشكوى الثانية. ولم تقدم صاحبة الشكوى تفسيراً مقنعاً لسبب فقدان هذه الصفحة من جوازها الوطني. علاوة على ذلك، فإن شهادات ميلاد أصحاب الشكوى الثالث والرابع والخامس كانت بدائية جداً ولا تحمل صوراً شخصية ولا يمكن التحقق منها. وتشاطر الدولة الطرف في هذا الصدد رأي مجلس الهجرة بأن من المرجح أن أصحاب الشكوى يخفون معلومات ذات أهمية فائقة في سياق عملية اللجوء.

4-17 وفي ضوء هذه الاستنتاجات وبما أن سرد أصحاب الشكوى لرحلتهم من إنغوشيا إلى السويد كانت غامضة وتفتقر إلى التفاصيل، فإن الدولة الطرف، شأنها شأن مجلس الهجرة، لا يسعها استبعاد إمكانية أن أصحاب الشكوى قد غادروا الاتحاد الروسي بصورة قانونية بواسطة جواز ا ت دولية وبتأشيرات دخول رسمية إلى منطقة شنغن ، أو أنهم كانوا يقيمون في مكان ما خارج الشيشان قبل مغادرتهم إلى السويد. ومع أن التحليل اللغوي يشير إلى أن أصحاب الشكوى من أصل شيشاني بالفعل، فإنهم لم يقدموا أي وثائق تدل على مكان إقامتهم الأخير. وعليه، تشاطر الدولة الطرف مجلس الهجرة رأيه بأن أصحاب الشكوى ربما كانوا يقيمون في مكان آخر في الاتحاد الروسي قبل مغادرتهم إلى السويد. وتدفع الدولة الطرف من ثم بأنه، حتى لو كان أصحاب الشكوى قد أثبتوا بشكل معقول أنهم من رعايا الاتحاد الروسي، فإنهم لم يثبتوا بشكل معقول أن مكان إقامتهم الأخير هو الشيشان.

4-18 علاوة على ذلك، فإن صاحبي الشكوى الأول والثاني ادعيا انتما ء هما إلى أقلية ميوكي (Mialkhiy) التي ما فتئ أعضاؤها يتعرضون للتمييز والمضايقات من السلطات الروسية. غير أن الدولة الطرف تلاحظ أن أصحاب الشكوى لم يدعوا أنهم قد تعرضوا شخصي اً لأي اضطهاد على أساس أصلهم الإثني ولم يتذرعوا به وحده كأساس لطلب اللجوء. وبأية حال، ترى الدولة الطرف أن مجرد انتماء أصحاب الشكوى إلى هذه الفئة ليس بحد ذاته كافياً لإثبات أن إبعادهم إلى الاتحاد الروسي يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.

4-19 وقد ذكر صاحب الشكوى الأول أمام اللجنة أنه كان مقاتلاً نشطاً في صفوف المتمردين أثناء الحرب الأولى مع الاتحاد الروسي، في الفترة بين عامي 1994 و1996، وأن السلطات الروسية كانت تضع العين عليه بسبب صلاته بزعيمي التمرد، شامل باسييف ودوكو عمروف . غير أن الدولة الطرف تلاحظ أن صاحب الشكوى الأول لم يدّع أمام سلطات الهجرة المحلية أن السلطات الروسية فتحت أي إجراءات تحقيق رسمية بشأنه في ضوء اتصالاته المزعومة بزعيمي التمرد المذكورين. إضافة إلى ذلك، يتجلى بوضوح من المعلومات المتاحة عن بلد المنشأ أن السلطات تبدو مهتمة أساساً بالمتمردين الذين استمروا في نشاطهم خلال السنوات القليلة الماضية ولم تعد تبدي اهتماماً بالمتمردين الذين أوقفوا نشاطهم في السنوات الأخيرة. وتلاحظ الدولة الطرف أيض اً أن صاحب الشكوى الأول لو كان مناصراً فعلاً لقوات التمرد وكانت لديه صلات بدوكو عمروف كما يدعي، لما تركته السلطات الروسية وشأنه على الأرجح. ومع أن صاحب الشكوى الأول ادّعى أمام اللجنة أنه ساعد المتمردين في عامي 2007 و2008 بتزويدهم بالطعام والأدوية، فإنه لم يدّع قط أن نشاطه هذا قد استرعى انتباه السلطات. بل على العكس من ذلك، ذكر صاحب الشكوى الأول للجنة أنه كان يعمل خفية خلال تلك الفترة ولذلك لم يثر انتباه السلطات. وفي ضوء ما تقدم، ترى الدولة الطرف أن من المستبعد أن تكون أنشطته تلك قد استدعت أي تهديدات ضده من جانب السلطات.

4-20 إضافة إلى ذلك، زعم صاحب الشكوى الأول أمام اللجنة أنه انتقد النظام علناً بعد مقتل شقيقه في عام 2003. وذكر كذلك أن السلطات ظلت تراقبه بعد ذلك. غير أنه لم يتمكن من تحديد كيف أبدى تلك الانتقادات أو كيف تسنى له القطع بكونه مراقبا ًمن السلطات فعلاً وأنها ليست مجرد تكهنات. وبالتالي، ترى الدولة الطرف أن أصحاب الشكوى لم يثبتوا بشكل معقول حاجتهم إلى الحماية على هذا الأساس.

4-21 ويدّعي صاحب الشكوى الأول أيض اً أنه اعتُقل في عام 2007 بتهمة الضلوع في مقتل رجل شرطة. ويدّعي أنه قد تعرض خلال توقيفه، الذي دام عشرة أيام، للضرب المبرح والتعذيب بالصعق الكهربائي. غير أنه قدم أقوال اً متناقضة عن سبب توقيفه أثناء إجراءات طلب اللجوء المحلية. ففي مقابلة أجراها معه مجلس الهجرة في 13 نيسان/أبريل 2012، قال صاحب الشكوى الأول إنه كان متهماً بقتل سبعة من رجال الشرطة في عام 2007 وإنه تعرض للتوقيف والتعذيب لهذا السبب. غير أنه ذكر في مقابلة أخرى أجراها معه المجلس في 14 آذار/مارس 2012، أنه بعد مقتل صديق ابن أخيه في 22 آب/أغسطس 200 7 ، عثرت الشرطة على رقم هاتفه في جوال القتيل. وتلقى في اليوم التالي مكالمة هاتفية من الشرطة تطلب منه تسليم شريحة جواله، وأن ذلك كان سبب توقيفه. علاوة على ذلك، أثناء جلسة استماع شفوية أمام محكمة الهجرة، ذكر صاحب الشكوى الأول أنه كان قد تبادل رقم هاتفه مع صديق ابن أخيه وأن سلطات شرطة غروزني استدعته لاحق اً للحضور إلى مركز الشرطة. ويقول إنهم عرضوا عليه في المركز صورة جثة صديق ابن أخيه قائلين إنه قتل سبعة من أفراد الشرطة. وقال صاحب الشكوى إن الشرطة استجوبته بشأن اتصالاته بصديق ابن أخيه وهنالك تعرض للتعذيب بالصعق الكهربائي. إضافة إلى ذلك، ذكرت صاحبة الشكوى الثانية، في مقابلة أجريت معها يوم 3 نيسان/أبريل 2012، أن هاتفاً جوالاً يحتوي على رقم زوجها وُجد قرب جثة رجل شرطة وأن ذلك كان سبب توقيفه. وقالت إن ذلك حدث على الأرجح في عام 2007. وترى الدولة الطرف، شأنها شأن محكمة الهجرة، أن أصحاب الشكوى لم يقدموا تفسيراً مقنعاً للتناقضات المذكورة أعلاه، ما يؤثر سلباً على مصداقية روايتهم.

4-22 ولم يشكك مجلس الهجرة أو محكمة الهجرة في صدقية ادعاءات صاحب الشكوى الأول بشأن تعرضه للتعذيب. بل لم تر ضرورة لإجراء تحقيق طبي في هذه الادعاءات. وتتفق الدولة الطرف مع مجلس الهجرة ومحكمة الهجرة بأن تعرض صاحب الشكوى الأول للتعذيب في عام 2007 لا يشكل بحد ذاته دليلاً كافياً على أنه قد يتعرض هو أو أسرته لمعاملة تتنافى ومضمون المادة 3 من الاتفاقية إذا أعيد إلى بلده الأصلي. وتخلص الدولة الطرف، كما خلص مجلس الهجرة، إلى أهمية التشديد على أن صاحب الشكوى الأول يعترف بأنه قد عاش في الشيشان بعد عام 2007 دون التعرض لأي تهديدات محددة حتى أواخر عام 2011. وعلاوة على ذلك، فإن تقييم الحاجة إلى الحماية، كما ذكرت محكمة الهجرة في هذا السياق، يجب أن يستند إلى ظروف أمنية راهنة وأن يأخذ في الاعتبار المعلومات ذات الصلة ببلد طالب اللجوء. وتظهر المعلومات المتاحة عن بلد المنشأ أن النزاع في الشيشان قد تغيرت معالمه في السنوات الأخيرة. وتشير التقارير إلى أن المتمردين الشيشانيين لم يعودوا يقاتلون من أجل استقلال الشيشان عن الاتحاد الروسي وإنما لتشكيل دولة إسلامية في القوقاز تقوم على تعاليم الشريعة الإسلامية (10) . وبالتالي فإن السلطات الروسية، كما ذُكر أعلاه، أصبحت مهتمة بالمتمردين المتورطين حالياً في القتال بشكل رئيسي وليس بالمتمردين الذين كانوا ناشطين في السنوات الأخيرة. وفي ضوء ما تقدم، تتفق الدولة الطرف مع نتائج تقييم مجلس الهجرة ومحكمتي الهجرة بأن صاحب الشكوى الأول لم يعد يواجه خطر التعرض لمعاملة تتنافى ومقتضى المادة 3 من الاتفاقية للأسباب المذكورة.

4-23 علاوة على ذلك، قدّم صاحب الشكوى الأول إحضاريتين من الشرطة تستدعيه فيهما للاستجواب كشاهد. ووفقاً لصاحب الشكوى الأول فإن الإحضاريتين أرسلتا على عنوان بيته السابق في الشيشان، وأن مالك البيت الجديد سلم الإحضاريتين لشقيقته التي أرسلتهما إليه في السويد. وتتفق الدولة الطرف مع الرأي الذي أعرب عنه مجلس الهجرة ومحكمة الهجرة بأن الإحضاريتين لا تكفيان بحد ذاتهما لإثبات حاجة أصحاب الشكوى إلى الحماية. وفي هذا الصدد، تلاحظ الدولة الطرف أولاً الطابع البدائي للإحضاريتين ومن ثم تدني قيمتهما الإثباتية، وثانياً أنهما لا تذكران التهمة الموجهة إلى صاحب الشكوى الأول، وثالثاً أنه لا يمكن ربطهما به مباشرة لأنه لم يثبت بشكل معقول هويته في الأساس.

4-24 وبما أن أصحاب الشكوى لم يثبتوا بشكل معقول حاجتهم إلى الحماية بواسطة الأدلة الخطية المذكورة، فقد انتقل مجلس الهجرة السويدي ومحكمتا الهجرة إلى تقييم ما إذا كانت الأقوال الشفوية لأصحاب الشكوى تثبت بشكل معقول حاجتهم إلى الحماية في السويد. وفي هذا الصدد، تلاحظ الدولة الطرف أن التركيز، لدى تقييم مصداقية الأقوال الصادرة في سياق طلب اللجوء، يكون على مدى اتساق هذه الأقوال وخلوها من أي تناقضات جوهرية. علاوة على ذلك، فإن المعطيات المذكورة ينبغي ألا تناقض حقائق معروفة عموماً. ومن المهم كذلك ألا تتغير السمات الرئيسية لتلك الأقوال أثناء إجراءات اللجوء التي تجريها مختلف السلطات.

4-25 وتدفع الدولة الطرف بأن مجلس الهجرة ومحكمة الهجرة شككا في مصداقية الأسباب التي ساقها صاحبا الشكوى لتبرير طلب اللجوء بسبب تناقض أقوالهما بشأن أحداث 7 أيلول/سبتمبر 2011. فعلى سبيل المثال، عندما قدم صاحب الشكوى الأول طلب لجوئه ادّعى أنه كان في بيت قريبه لدى توقيف ابن أخيه. وقال لاحقاً إنه غادر المنزل عشية 4 أو 5 أيلول/سبتمبر 2011. غير أنه خلال التحقيق الذي أجراه مجلس الهجرة قال إنه كان نائماً في المنزل مع أسرته عندما أخبره جاره، في وقت باكر صباح يوم 7 أيلول/سبتمبر 2011، بوجود مركبات عسكرية أمام منزل ابن أخيه. وقال إنه توجه حينئذ لمنزل ابن أخيه ليستعلم عما يجري، لكنه لم يجده في المنزل إذ تم اعتقاله فعلاً فقفل عائداً إلى بيته. وأثناء جلسة الاستماع الشفوية أمام محكمة الهجرة، سرد صاحب الشكوى الأول صيغة ثالثة عن أحداث 7 أيلول/سبتمبر 2011 لم يرِد فيها ذكر يومي 4 و5 أيلول/سبتمبر مطلقاً. فقد ادّعى أنه لم يعد إلى المنزل بعد ذهابه إلى منزل ابن أخيه، وإنما توجه من هناك مباشرة إلى وسط القرية حيث استقل سيارة أجرة إلى منزل صديقه في إنغوشيا . وترى الدولة الطرف أن التناقضات المذكورة أعلاه قد أضعفت مصداقية أقوال صاحب الشكوى الأول.

4-26 إضافة إلى ذلك، قدم صاحب الشكوى الأول معلومات متضاربة عن كيف ومتى حصل على رقم هاتف رجل ربما كان قادر اً على مساعدته. فقد ادّعى أمام مجلس الهجرة بأنه حصل على رقم هاتفه من مكالمات هاتفية أجراها من المنزل بعد عودته من بيت ابن أخيه. غير أنه ذكر أمام محكمة الهجرة أنه حصل على رقم هاتفه من سائق سيارة أجرة في وسط القرية، حيث توجه بعد زيارة منزل ابن أخيه.

4-27 وقدمت صاحبة الشكوى الثانية كذلك أقوال اً متناقضة عن أحداث 7 أيلول/سبتمبر 2011. فقد ذكرت أمام محكمة الهجرة أن صاحب الشكوى الأول عاد إلى المنزل بعد ذهابه إلى منزل ابن أخيه ومن هناك توجه لاحق اً إلى وسط القرية. غير أنها قالت أثناء جلسة الاستماع الشفوية أمام محكمة الهجرة إنها ذهبت إلى منزل ابن أخ زوجها هي الأخرى، حيث التقت زوجها قبل أن يغادر إلى وسط القرية. وتؤيد الدولة الطرف نتيجة التقييم الذي أجرته محكمة الهجرة بأن من الغريب ألا يتذكّر أي من صاحبي الشكوى الأول والثانية أحداث ذاك اليوم بوضوح، لا سيما أن هذه الأحداث وقعت في نفس اليوم الذي يدعيان أنهما أصيبا فيه بالفزع إلى حد اضطر صاحب الشكوى الأول إلى الفرار من منزله تاركاً خلفه زوجته وأطفاله الثلاثة. وترى الدولة الطرف أن حقيقة تناقض أقوال صاحبي الشكوى واختلاف رواية كل منهما عن الآخر، تؤثر سلباً على مصداقية أقوالهما.

4-28 علاوة على ذلك، أدلت صاحبة الشكوى الثانية بأقوال متضاربة بشأن بيع منزلهما. فقد ذكرت أمام مجلس الهجرة أنها باعت المنزل إ لى سمسار يشتري المنازل بسعر زهيد ثم يعيد بيعها بسعر أعلى. غير أنها قالت أمام محكمة الهجرة إن رجلاً اسمه حسين اشترى المنزل وسمح لها ولأطفالها بالبقاء فيه إلى أن انتقلوا إلى منزل صديق زوجها في إنغوشيا .

4-29 وخلال التحقيق المرافق لإجراءات اللجوء الذي أجراه مجلس الهجرة، أجاب صاحب الشكوى الأول عن سؤاله ما إذا كان مطلوباً من السلطات في جميع أنحاء الاتحاد الروسي بقوله إنه ربما كان الأمر كذلك. غير أنه أكد في مذكرة خطية أن أحد أصدقائه أخبره بأنه مطلوب لدى السلطات الاتحادية حيث رأى ملصق اً يحمل صورته منذ 20 شباط/ فبراير 2012، أي في الوقت الذي يدّعي صاحب الشكوى الأول أنه كان لا يزال في بلده الأصلي. وتخلص الدولة الطرف من ثم إلى تناقض أقوال صاحب الشكوى الأول في هذا الصدد.

4-30 ومن جهة أخرى فإن جزء اً كبير اً من أقوال أصحاب الشكوى تستند إلى استنتاجاتهم الخاصة، من قبيل ادعاء أن صاحب الشكوى الأول تم تصويره بكاميرا مراقبة وهو يقود السيارة في طريقه إلى غروزني، وادعاء أن ابن أخيه أعطى السلطات اسمه تحت وطأة التعذيب. فلم تسند أي معلومات موضوعية هذين الادعاءين. كما أن الأقوال التي أدلى بها أصحاب الشكوى أثناء عملية اللجوء لم تكن معقولة ولا قابلة للتصديق لأكثر من سبب. فإذا كانت الشرطة تشك فعلاً بأن سيارة صاحب الشكوى الأول استُخدمت في تنفيذ أعمال إرهابية، فلا يبدو من المعقول أن تضرم النار في هذه السيارة عندما قامت بتفتيش منزله. ولا يبدو من المعقول كذلك أن الشرطة عندما ألقت القبض على ابن أخ صاحب البلاغ لم تتوجه إلى بيته لتوقيفه هو أيض اً، لا سيما أن منزله يقع على مسافة مئات الأمتار فقط من منزل ابن أخيه. وتلاحظ الدولة الطرف أنه لو كان صاحب الشكوى الأول قد تلقى تهديدات من السلطات فعلاً، فإنه يبدو من المعقول أن يحذر أسرته وأن يفروا جميعاً من المنزل مباشرة، لا سيما أنه يزعم تعرضه للاضطهاد على يد الشرطة عدة مرات سابقاً.

4-31 وتدفع الدولة الطرف أيضاً بأن المعلومات الواردة في القضية لا تبين أن صاحب الشكوى الأول أو أي فرد من أفراد أسرته قد تعرضوا بعد عام 2007 لأي شكل من أشكال المعاملة التي تستوجب توفير الحماية. وفي ضوء ما تقدم، اعتبرت محكمة الهجرة أن أصحاب الشكوى لم يثبتوا على نحو قابل للتصديق أن السلطات المحلية مهتمة بهم أو أنهم قد يواجهون خطر التعرض لمعاملة تشكل أحد الأسس الموجبة للحماية إذا أعيدو إلى موطنهم الأصلي.

4-32 وفي المحصلة، تدفع الدولة الطرف بأن جوانب عديدة من ادعاءات أصحاب الشكوى لا تبدو قابلة للتصديق، لأن أصحاب الشكوى غيروا أقوالهم أثناء الإجراءات ولأن السبب الذي يطلبون اللجوء لأجله ينطوي على عناصر متناقضة. وعليه، فإن ادعاءات أصحاب الشكوى تفتقر إلى المصداق ي ة والظروف التي يتذرعون بها لا تكفي لإثبات أن خطر التعذيب المزعوم يستوفي الاشتراطات التي تحكم طبيعة الخطر من حيث إمكانية توقّعه وكونه حقيقياً وشخصي اً. وبالتالي فإن إنفاذ أمر الإبعاد لا يشكل ، في ظل هذه الظروف، انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية. ‬ وبما أن ادعاء أصحاب الشكوى بموجب المادة 3 لا يستوفي حتى أبسط معايير الإثبات، فينبغي إعلان عدم مقبولية البلاغ لافتقاره الواضح إلى أسس وجيهة.

4-33 وبخصوص الأسس الموضوعية، تؤكد الدولة الطرف مجدداً أن البلاغ الحالي لا ينم عن خرق للاتفاقية.

تعليقات أصحاب الشكوى

5-1 يدفع أصحاب الشكوى، في رسالة مؤرخة 6 تشرين الأول/أكتوبر 2014، بأن ملاحظات الدولة الطرف تتضارب مع التقارير الصادرة عن حالة حقوق الإنسان في الاتحاد الروسي، وبخاصة تقرير إدارة القانون الدولي وحقوق الإنسان وقانون المعاهدات في وزارة الخارجية السويدية (11) ، حيث يذكر هذا التقرير أن معظم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لا تزال تحدث في شمال القوقاز، وأن السكان المدنيين يتعرضون، باسم مكافحة الإرهاب، لانتهاكات على شكل أعمال تعذيب وتوقيف عشوائي واختطاف. وهناك تقارير غير مؤكدة عن اغتيالات سياسية وأعمال اختفاء نُفذت بأوامر من السلطات، وأن اعتداءات القوات الأمنية على السكان المدنيين ما زالت مستمرة دون عواقب قضائية في أغلب الأحيان، وأن القليل من الضحايا لديهم الجرأة على الاعتراض خوفاً من الانتقام؛ وأن من الصعب إذن الحصول على إحصاءات موثوقة عن الجرائم التي تشكل انتهاكات لحقوق الإنسان في الشيشان. ويدفع أصحاب الشكوى بأن التقرير يصف بلداً يعتدي بشكل روتيني على المحتجزين، وينكّل بمن يجرؤون على الاعتراض وتنعدم فيه فرص إحقاق العدالة للضحايا ومحاسبة المسؤولين. ويدفع أصحاب الشكوى كذلك بأن تحليل الدولة الطرف للتغير المفترض في طبيعة النزاع الدائر هو تحليل "مضلل أو عديم الصلة"، وأنه وفقاً لمفوض حقوق الإنسان سابقاً لدى مجلس أوروبا، توماس هامربرغ ، فإن مناخاً من الرعب يسود الشيشان. ويدفع أصحاب الشكوى بأن إصدار أحكام حول من هو معرض للخطر ومن ليس معرضاً له ليس "نشاطا ًفكرياً لا صلة له بما يجري على أرض الواقع". ويشيرون إلى بيان للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا (12) يصف "مناخ الرعب المتفشي" واختفاء المعارضين الحكوميين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والأعمال الانتقامية ضد أسر من يُشتبه بأنهم من المقاتلين، والتضييق على وسائط الإعلام والمجتمع المدني، كل ذلك في مناخ يسوده "التفرد بالسلطة" في الشيشان. ويشير أصحاب الشكوى كذلك إلى أن المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة دعت إلى المساءلة وأشارت إلى ما لاحظته أثناء بعثتها إلى الاتحاد الروسي في عام 2011 (13) ، من انتكاسات خطيرة تشمل أعمال القتل والتنكيل والتضييق التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان والصحافيون ووسائط الإعلام المستقلة، وإلى مظاهر إخفاق جسيم في تسيير العدالة. ويشير أصحاب الشكوى أخيراً إلى تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش العالمي لعام 2014، الذي يرد فيه سرد مفصل لسلسلة انتهاكات مماثلة (14) . ويدفع أصحاب الشكوى بأن تلك هي الخلفية التي يجب أن ينطلق منها الحكم على روايتهم.

5-2 ويؤكد أصحاب الشكوى مجدداً أن صاحب الشكوى الأول كان مقاتلاً نشطاً في المقاومة الشيشانية في فترة النزاع 1994-1996، وأنه استمر في دعم المقاومة بعد تجدد الأعمال القتالية في عام 1999 بتوفير الطعام للمقاومين. ويدفعون كذلك بأن أخيه تعرض للضرب المبرح المتكرر حتى لقي مصرعه أثناء احتجازه في عام 2003 بتهمة الانخراط في المقاومة، وأن صاحب الشكوى الأول كان يجاهر بمعارضته للنظام ومن ثم كان خاضعاً لمراقبة السلطات بين الحين والآخر، وأنه تم توقيفه بالفعل في عام 2007 حيث تعرض للضرب والتعذيب، وقد استمر بعد إطلاق سراحه في إيصال الطعام والإمدادات إلى المقاومين إلى أن تم توقيف ابن أخيه، في أعقاب التفجيرات التي وقعت في غروزني عام 2011، وخشي صاحب الشكوى أن تتوجه نحوه أصابع الاتهام حيث قد يكشف ابن أخيه تحت وطأة التعذيب عن معلومات عن أنشطته الداعمة للمقاومة. وهم يدفعون بأن صاحب الشكوى الأول اتخذ قراره بالفرار إلى إنغوشيا استناداً إلى ما تقدم.

5-3 وفيما يتعلق بالتناقضات التي اعترت أقوالهم، يدفع أصحاب الشكوى بأن ثمة أوجه تضارب طفيفة لا تمس مصداقيتهم، وأن الدراسات الحديثة عن الشهادات وأقوال الشهود تثبت أن الإدلاء بنفس الشهادة أكثر من مرة على نحو متطابق تماماً هو مؤشر "تلقين" ويحدّ من مصداقية تلك الشهادة (15) . وبخصوص هويتهم، يدفع أصحاب الشكوى بأن الوثائق التي قدموها لا تستوفي المعايير الغربية لكنها لا تمس بمسألة إثبات هويتهم الأساسية. وفيما يخص الإحضاريتين ، يدفع أصحاب الشكوى بأنه قد ثبت منذ زمن طويل أن ذلك هو "الشكل الذي تصدر به الإحضاريات " في بلدهم وليس من المفهوم لماذا تتطرق الدولة الطرف إلى البديهيات "ما لم يكن الغرض هو التلويح بأن تلك الوثائق مزيفة".

5-4 ويدفع أصحاب الشكوى بأن مكان إقامتهم الأخير لا يمكن إثباته بأوراق الهوية، غير أن لا صلة لذلك بطلب اللجوء، حسب قولهم. ويشير أصحاب الشكوى إلى رسالة من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (مرفق نسختها) جاء فيها أن من غير المعقول أن يلتمس طالب اللجوء الشيشاني اللجوء في أي مكان آخر في الاتحاد الروسي. ويدفعون كذلك بأن صاحب الشكوى الأول قد تعرض للضرب والتعذيب على يد سلطات الاتحاد الروسي. وقد قبلت الدولة الطرف تلك الشهادة لكنها آثرت بعد ذلك "تجاهل مسؤولياتها المنصوص عليها في معاييرها الداخلية كما في الفقه القانوني الدولي". ويشير أصحاب الشكوى في هذا السياق إلى حكم صادر في 9 آذار/مارس 2010 عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ر. س. ضد السويد (الطلب رقم 41827/07) جاء فيه أنه إذا سبق لسلطات بلد ما أن عذبت شخصاً، فإنه يجب التسليم بأن ذلك الفعل سيتكرر مجدداً. وقد أدرج مجلس الهجرة هذا الحكم ضمن مبادئه التوجيهية الداخلية ووقع عليه وزير الشؤون الخارجية آنذاك. وفي مبدأ آخر من المبادئ التوجيهية الداخلية، أكد وزير الخارجية ضرورة إحالة طالبي اللجوء لخبراء الطب الشرعي من أجل فحص الإصابات الناجمة عن التعذيب. ويؤكد صاحب الشكوى الأول أخيراً أن أخاه قُتل في حجزة السلطات الروسية وأن مصير ابن أخيه، الذي اعتُقل عام 2011، لا يزال مجهولاً، ونظراً لسجل حقوق الإنسان في الاتحاد الروسي، فليس من غير المعقول أن يكون قد قُتل هو الآخر. وفي المحصلة، يدفع أصحاب الشكوى بأن ثمة نمطاً واضحاً من أفعال المضايقة والاضطهاد الشخصية وأن ثمة أسباباً وجيهة تدعو للاعتقاد بأن خطر تعرض صاحب الشكوى الأول ل لتعذيب هو خطر حقيقي ووشيك ومرجح بشدة.

ملاحظات إضافية للدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

6-1 في رسالة مؤرخة 19 كانون الثاني/يناير 2015، تدفع الدولة الطرف فيما يخص اعتراضات أصحاب الشكوى بشأن الوضع العام الراهن لحقوق الإنسان في الاتحاد الروسي، بأن المع ل ومات المتعلقة بهذا الوضع متاحة في التقارير الصادرة حديثاً وتفترض أن اللجنة ملماً جيداً بحالة حقوق الإنسان في البلد المعني، بما في ذلك في شمال القوقاز. ولا تريد الدولة الطرف أن تقلل من شأن الشواغل التي يمكن الإعراب عنها بصورة مشروعة فيما يخص الوضع الراهن لحقوق الإنسان في الاتحاد الروسي وبخاصة في إقليم شمال القوقاز، غير أنها تدفع بأن الوضع الراهن في الشيشان لا يكفي، بحد ذاته، لإثبات أن الوضع العام في الإقليم يبلغ من السوء حداً يجعل إبعاد أصحاب الشكوى إليه إجراء ينطوي على خرق للمادة 3 من الاتفاقية (16) . وعليه، تحتج الدولة الطرف بأن إبعاد أصحاب الشكوى إلى الاتحاد الروسي لن ينطوي على خرق للاتفاقية إلا إذا أثبتوا أنهم سيتعرضون من جرائه شخصياً لمعاملة تتنافى م ع مضمون المادة 3 من الاتفاقية.

6-2 وتود الدولة الطرف أن تؤكد أيض اً أن أياً من مجلس الهجرة أو محكمة الهجرة لم يشككا في صدقية ادعاءات صاحب الشكوى الأول بخصوص تعرضه للتعذيب. لذا لم تكن هناك ضرورة لإجراء فحص طبي بخصوص هذه الادعاءات. غير أنه بغض النظر عن هذه المسلّمة، ترى الدولة الطرف، شأنها شأن مجلس الهجرة ومحكمة الهجرة، أن حقيقة تعرض صاحب الشكوى الأول للتعذيب في عام 2007 لا تكفي ليثبت بشكل معقول أنه قد يواجه هو أو أسرته خطر التعرض لمعاملة تتنافى مع مقتضى المادة 3 من الاتفاقية إذا عادوا إلى بلدهم الأصلي.

6-3 وترى الدولة الطرف أن هناك عدداً من العوامل التي تثير الشك في صدقية ادعاء أصحاب الشكوى بأنهم قد يتعرضون للتعذيب على نحو يتنافى مع المادة 3 من الاتفاقية إذا أعيدوا إلى الاتحاد الروسي. وتؤيد الدولة الطرف في هذا الصدد نتائج تقييم مجلس الهجرة ومحكمة الهجرة، بأن أقوال أصحاب الشكوى تتضمن معلومات متضاربة وتتعارض مع الوقائع المعروفة عموماً عن بلدهم الأصلي.

6-4 وباختصار، تدفع الدولة الطرف، بالإشارة إلى ما تقدم وإلى ما جاء في ملاحظاتها الأولية، بأن أصحاب الشكوى لم يثبتوا بشكل معقول أن سلطات الاتحاد الروسي يعنيها أمرهم أو أنهم إذا عادوا إلى الاتحاد الروسي قد يواجهون خطر التعرض لمعاملة تشكل أساساً موجباً للحماية. وعليه، تتمسك الدولة الطرف بموقفها القائل إن ادعاءات أصحاب الشكوى، وفقاً لما خلصت إليه السلطات المحلية، تفتقر إلى المصداقية وأن الظروف التي تذرعوا بها لا تكفي لإثبات أن خطر التعذيب المزعوم يستوفي الاشتراطات التي تحكم طبيعة هذا الخطر من حيث إمكانية توقّعه وكونه حقيقياً وشخصي اً. وبالتالي، فإن إنفاذ أوامر الإبعاد لا يشكل، في ظل هذه الظروف، خرقاً للمادة 3 من الاتفاقية.

6-5 وأخيراً، تشدد الدولة الطرف على أنها تتمسك تماماً بموقفها إزاء مقبولية هذه الشكوى وأسسها الموضوعية، على النحو المبين في ملاحظاتها المؤرخة 11 تموز/يوليه 2014.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب المادة 22 من الاتفاقية.

7-2 و تذكِّر اللجنة بأنها، عملاً بالفقرة 5(ب) من المادة 22 من الاتفاقية، لا تنظر في أي بلاغ مقدّم من فرد ما لم تتحقق أن هذا الفرد قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. ‬ وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تعترض على أن جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة قد استنفدت في هذه الحالة، وتخلص من ثم إلى أنه لا يوجد سبب يحول دون النظر ف ي البلاغ بموجب مقتضيات الفقرة 5 (ب) من المادة 22 من الاتفاقية.

7-3 وتحيط اللجنة علماً بدفع الدولة الطرف بأن البلاغ يفتقر بوضوح إلى أسس وجيهة وهو من ثم غير مقبول بموجب الفقرة 2 من المادة 22 من الاتفاقية. غير أن اللجنة تلاحظ أن الشكوى تثير مسائل موضوعية بموجب المادة 3 من الاتفاقية وأن هذه المسائل ينبغي أن تُبحث من حيث الأسس الموضوعية. وحيث لا ترى اللجنة أي أسباب إضافية تحول دون قبول البلاغ، فإنها تعلنه من ثم مقبولاً وتنتقل إلى النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأُسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة في الشكوى في ضوء جميع المعلومات التي أتاح ها لها الطرفان ، وذلك وفقاً للفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية.

8-2 و في ما يتعلق بادعاء صاحب الشكوى الأول بموجب المادة 3 من الاتفاقية، يجب على اللجنة أن تقيم ما إذا كان ت ثمة أسباب جوهرية تدعو إلى الاعتقاد بأنه قد يواجه شخصياً خطر التعرض للتعذيب، في حال إعادته إلى الاتحاد الروسي. ولتقييم هذا الخطر، يجب على اللجنة أن تراعي جميع الاعتبارات ذات الصلة، عملاً بالفقرة 2 من المادة 3 من الاتفاقية، بما في ذلك وجود نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان. ب يد أن اللجنة تذكّر بأن الهدف من ذلك التقييم هو تحديد ما إذا كان الشخص المعني سيواجه شخصياً خطر اً متوقع اً وحقيقي اً با لتعرض ل لتعذيب في البلد الذي س ي عاد إليه (17) . ويستتبع ذلك أن وجود نمطٍ ثابت من الانتهاكات الجسيمة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في بلدٍ ما لا يشكّل في حدّ ذاته سبباً كافياً لإثبات أن شخصاً بعينه سيتعرض لخطر التعذيب بعد إعادته إلى ذلك البلد ، فلا بد من وجود أسباب إضافية تبيّن أن الفرد المعني معرض لهذا الخطر شخصي اً. وفي المقابل، فإن عدم وجود نمط ثابت من الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان لا يعني أن شخصاً بعينه ليس معرضاً للتعذيب في الظروف التي تخصه على وجه التحديد .

8-3 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 1 (1997) بشأن تنفيذ المادة 3 من الاتفاقية، ال ذي جاء فيه أنّ تقييم خطر التعذيب يجب أن يتم على أسس تتجاوز مجرد الافتراض أو الشك. و في حين لا يتحتم إثبات أن هذا الخطر "مرجح وقوعه بشدة" (الفقرة 6)، فإن اللجنة تلاحظ أن عبء الإثبات يقع عامة على عاتق صاحب الشكوى الذي يجب عليه أن يقدم أدلة مقنعة على مواجهته خطر اً متوقعاً وحقيقياً وشخصياً بالتعرض للتعذيب (18) . وتذكر اللجنة أيض اً بأنها، وفقاً لتعليقها العام رقم 1، تولي أهمية كبيرة للاستنتاجات الوقائعية التي تقدمها أجهزة الدولة الطرف المعنية ( ) دون أن تتقيد بتلك الاستنتاجات، وإنما تتمتع بسلطة تقييم الوقائع بحرية استناداً إلى كامل ملابسات كل قضية بمقتضى الفقرة 4 من المادة 22 من الاتفاقية.

8-4 وتلاحظ اللجنة، في هذه الحالة، أن الدولة الطرف تسلّم باستمرار صدور تقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان في الاتحاد الروسي، بما في ذلك أعمال الاختفاء والاعتداء والتعذيب والقتل. غير أنها في حين لا تقلل من شأن الشواغل التي يمكن إثارتها بصورة مشروعة فيما يخص حالة حقوق الإنسان في الاتحاد الروسي وبالأخص في إقليم شمال القوقاز، فإنها تدفع بأن الوضع الحالي في الشيشان، على النحو الوارد وصفه في التقارير المذكورة أعلاه، لا يكفي بحد ذاته لإثبات أن الوضع الراهن في الإقليم يبلغ من السوء حداً يجعل إبعاد أصحاب الشكوى ينطوي على انتهاك للمادة 3 من الاتفاقية.

8-5 وتحيط اللجنة علماً، في سياق تقييم خطر التعرض للتعذيب في الحالة قيد النظر، باحتجاج أصحاب الشكوى بأن صاحب الشكوى الأول يواجه خطر اً متوقع اً وحقيقي اً وشخصي اً بالتعرض للسجن والتعذيب إذا أعيد إلى الاتحاد الروسي. وتحيط اللجنة علماً كذلك بادعاءات أصحاب الشكوى بأن أخ صاحب الشكوى الأول قد تعرض للضرب المبرح وقُتل أثناء احتجازه في عام 2003 بتهمة انخراطه في أنشطة المقاومة؛ وبأن صاحب الشكوى الأول كان يجهر بنقده للنظام وكانت السلطات تراقبه بشكل متقطع؛ وبأنه تعرض للتوقيف والضرب والتعذيب في عام 2007؛ وأنه واصل تقديم الطعام والإمدادات للمقاومين بعد إطلاق سراحه؛ وأن ابن أخيه قد اعتُقل بعد التفجيرات التي وقعت في غروزني في عام 2011؛ وأن صاحب الشكوى الأول يخشى توجيه أصابع الاتهام إليه لأن ابن أخيه قد يكشف للسلطات ، تحت وطأة التعذيب، معلومات عن أنشطته .

8-6 وبالنسبة لموقف الدولة الطرف من تقييم خطر تعرض صاحب الشكوى الأول للتعذيب، فتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف أقرّت بأن صاحب الشكوى قد تعرض للتعذيب بالفعل في عام 2007 ولم تشكك في روايته بشأن انتماء أخيه وابن أخيه إلى المقاومة الشيشانية ووفاة أخيه أثناء الاحتجاز وتوقيف ابن أخيه في عام 2011. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف تشكك بالمقابل في عناصر أخرى من رواية أصحاب الشكوى، لا سيما ما إذا كان مكان إقامتهم الأخير هو الشيشان فعلاً والتفاصيل الدقيقة لما حدث في 7 أيلول/سبتمبر 2011 قبيل مغادرة صاحب الشكوى الأول الشيشان. غير أن اللجنة تعتبر أن توخي الدقة التامة نادراً ما تكون متوقعة من ضحايا التعذيب وأن وجود تناقضات من قبيل ما قد ينطوي عليه عرض أصحاب الشكوى للوقائع ليس حجة تبعث على التشكيك في صحة ادعاءات هم عموماً (20) . وأشارت الدولة الطرف أيض اً إلى الطابع البدائي للإحضاريتين الصادرتين بحق صاحب الشكوى الأول ومن ثم تدني قيمتهما الإثباتية وأنهما لم تنصا على التهمة الموجهة إليه.

8-7 وتلاحظ اللجنة أنه حتى لو لم تؤخذ الوقائع الخلافية في الاعتبار، يظل من الثابت غير المختلف عليه أن صاحب الشكوى قد تعرض للتوقيف والتعذيب فعلاً في الماضي لاتهامه بدعم أنشطة ال ا نفصاليين في الشيشان، وأن أفراداً من أسرته تعرضوا للاضطهاد بسبب ضلوعهم في مثل هذه الأنشطة، وأن سلطات الاتحاد الروسي كانت تفتش عنه بعد مغادرته البلد مثلما يثبت من الإحضاريتين اللتين قدمهما وإن لم يُذكر السبب فيهما. ونظراً للوضع العام لحقوق الإنسان في الشيشان، ولا سيما بوجود تقارير موثوقة عن كون الأفراد الذين تعتبرهم السلطات على صلة بأنشطة المقاتلين أكثر عرضة للتوقيف التعسفي والتعذيب، وهي تقارير أشارت إليها الدولة الطرف نفسها في ملاحظاتها، فإن اللجنة تخلص إلى أن صاحب الشكوى الأول قد أثبت أن خطر تعرضه للتعذيب إذا أعيد إلى الاتحاد الروسي هو خطر متوقع وحقيقي وشخصي.

9 - وتخلص لجنة مناهضة الت عذيب، إذ تتصرف بمقتضى المادة 22 (7) من الاتفاقية، إلى أن ترحيل ر. ج. قسراً إلى بلده الأصلي يشكل انتهاكاً للمادة 3 من الاتفاقية.

10- ونظراً للارتباط الشديد بين هذه القضية وقضية كل من زوجة السيد ر. ج. وأطفالهما الأربعة الذين كانوا قُصراً عندما قدمت الأسرة طلب لجوئها في السويد، فإن اللجنة لا ترى ضرورة للنظر في هذه القضايا على حدة.

11- وفي ضوء ما تقدم، تخلص اللجنة، إذ تتصرف بمقتضى المادة 22(7) من الاتفاقية، إلى أن إبعاد الدولة الطرف أصحاب الشكوى إلى الاتحاد الروسي يشكل خرقاً للمادة 3 من الاتفاقية.

12- وترى اللجنة أن الدولة الطرف ملزمة، وفقاً للمادة 3 من الاتفاقية، بالامتناع عن إعادة أصحاب الشكوى قسراً إلى الاتحاد الروسي أو إلى أي بلد آخر قد يواجهون فيه خطراً حقيقياً بالإبعاد أو الإعادة إلى الاتحاد الروسي. وتدعو اللجنة الدولة الطرف، عملا ًبأحكام الفقرة 5 من المادة 118 من نظامها الداخلي، إلى أن تبلغها في غضون 90 يوم اً من تاريخ إحالة هذا القرار، بالتدابير التي اتخذتها استجابة للاعتبارات المذكورة أعلاه.