الأمم المتحدة

CERD/C/106/D/61/2017

ا لا تفاقي ـ ة الدوليـة ل لقض ــ اء عل ـ ى جميع أشكال التمييز العنصري

Distr.: General

26 July 2022

Arabic

Original: Spanish

لجنة القضاء على التمييز العنصري

رأي اعتمدته اللجنة بموجب المادة 14 من الاتفاقية، بشأن البلاغ رقم 61/2017 * **

بلاغ مقدم من : ياكو ساتشا بيريث غوارتامبيل (لا يمثله محام)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : إكوادور

تاريخ تقديم البلاغ : 10 شباط/فبراير 2017 (الرسالة الأولى)

تاريخ اعتماد هذا الرأي : 28 نيسان/أبريل 2022

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ عملاً بالمادة 91 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 28 آذار/مارس 2017 (لم يصدر في شكل وثيقة)

الموضوع : التمييز بسبب عدم الاعتراف بالزواج عل ى طريقة الأسلاف

المسائل الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف المحلية ؛ وعدم إثبات الادعاءات بأدلة

المسائل الموضوعية : التمييز على أساس الأصل القومي أو الإثني

مواد الاتفاقية : 1 ( 1 ) و( 2 ) و( 4 )؛ و 2 ( 1 )(أ) و( 2 )؛ و 5 (أ) و(د) ‘ 4 ‘ ؛ و 9 ( 1 )

1 - 1 صاحب البلاغ هو ياكو ساتشا بيريث غوارتامبيل، المولود في 26 شباط/فبراير 196 9 . وهو مواطن إكوادوري، من أفراد مجتمع السكان الأصليين في إسكاليراس، ينتمي إلى شعب الكيتشوا/كانياري، وهو رئيسُ اتحاد شعوب الكيتشوا بإكوادور، والمنسق العام لمركز التنسيق لمنظمات الشعوب الأصلية في منطقة الأنديز. ويدَّعي أنه ضحية انتهاك الدولة الطرف حقوقَه المكفولة بموجب المواد 1 ( 1 ) و( 2 ) و( 4 )؛ و 2 ( 1 )(أ) و( 2 )؛ و 5 (أ) و(د) ‘ 4 ‘؛ و 9 ( 1 ) من الاتفاقية. وقد صدقت إكوادور على الاتفاقية في عام 1966 ، وقدمت الإعلان المتعلق بالمادة 14 في 18 آذار/مارس 197 7 . ولا يمثل صاحب َ البلاغ محام.

1 - 2 وفي 21 آب/أغسطس 2013 ، تزوج صاحب البلاغ، في مجتمع السكان الأصليين في إسكاليراس، بمانويلا لابيناس بيك، وهي صحفية وأكاديمية تحمل الجنسيتين البرازيلية والفرنسية. وعُقد هذا القِران أمام السلطات التقليدية لشعب الكيتشوا كانياري في مجتمع السكان الأصليين في إسكاليراس، تبعاً لتقاليدهم الثقافية والروحية. وسُجل هذا الزواج بالتالي في سجل الزيجات المعقودة على طريقة الأسلاف الخاص بمجتمع السكان الأصليين في إسكاليراس ( ) ، وكذلك في سجل الزيجات المعقودة على طريقة الأسلاف الخاص باتحاد شعوب الكيتشوا بإكوادور ( ) . وفي عام 2015 ، أُلغيت تأشيرة السيدة لابيناس بيك، عقب توقيف الزوجين أثناء مسيرة للدفاع عن حقوق الشعوب الأصلية. واضطرت السيدة لابيناس بيك إلى مغادرة البلد بعد بدء إجراءات ترحيلها. وقدم صاحب البلاغ وزوجته طلباً للحصول على تأشيرة لمِّ شمل الأسرة حتى تتمكن السيدة لابيناس بيك من العودة إلى إكوادور للعيش مع زوجها واستئناف عملها واندماجها في الحياة الاجتماعية. ورُفض هذا الطلب لأن زواجهما ليس مسجلاً في السجل المدني للدولة الطرف. وقدم صاحب البلاغ إلى المديرية العامة للسجل المدني والتعريف وإصدار بطاقات الهوية طلباً لتسجيل زواجه، رُفض بحجة أن الدولة الطرف لا تعترف بالزواج الذي يُعقد أمام السلطات التقليدية للسكان الأصليين، بل فقط بالزواج الذي يُعقد أمام السلطات المدنية المعنية بالسجل المدني. وقدم صاحب البلاغ إلى وحدة القضاء الجنائي في منطقة كيتو الحضرية دعوى لطلب الحماية الدستورية، طلب فيها تسجيل زواجه في السجل المدني ومنح تأشيرة لمِّ شمل الأسرة لزوجته. ورُفضت هذه الدعوى على أساس أن زواجه يفتقر إلى قيمة قانونية، بالنظر إلى أن الولاية ال قضا ئية الشعوب الأصلية ليس ت مختص ة في إبرام عقود الزواج وتسجيلها. ورُفضت الدعوى أيضاً على أساس أنه لا يوجد ما يمنع صاحب البلاغ وزوجته من عقد زواجهما أمام السلطة المختصة. وقدم صاحب البلاغ إلى محكمة العدل الإقليمية في بيتشينتشا طلباً لاستئناف هذا القرار، رُفض بدعوى أن الزواج لم يُعقد وفقاً للقوانين ذات الصلة، أي القانون المدني والقانون الأساسي لإدارة شؤون الهوية والبيانات المدنية. ويدعي صاحب البلاغ أن رفض الدولة الطرف الاعتراف بزواجه المبرم أمام سلطة مجتمعه المنشأة على نحو قانوني و م شر و ع والمعترف بها من قِبل مجلس مجتمعه يشكل تمييزاً. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن رفض منح التأشيرة لزوجته يشكل انتقاماً منه بسبب أنشطته في مجال الدفاع عن حقوق الشعوب الأصلية، وبخاصة فيما يتعلق بمعارضة الأنشطة الاستخراجية في أقاليم الشعوب الأصلية. كما يدعي صاحب البلاغ أنه لم تُنتهك حقوقه الفردية فحسب، بل كذلك الحقوق الجماعية للشعوب الأصلية في صون ثقاف ا تها وتقاليدها وممارساتها وأعرافها واستمرارها التاريخي. وبالتالي، تنتهك وقائع هذه القضية حق الشعوب الأصلية في تقرير المصير وفي الاستقلال القضائي وفي احترام ممارساتها ومؤسساتها القائمة منذ آلاف السنين، مثل الزواج: فالزواج مؤسسة تعود إلى ما قبل قيام الدولة لها طقوس ورموز واحتفالات ومراسم خاصة تتوافق مع ممارساتها الثقافية والروحية المستمدة من نظرتها للكون. كما يدعي صاحب البلاغ أن حقه في مراعاة الأصول القانونية الواجبة انتُهك عندما طلب وزير الداخلية إلى المحكمة، بعدما رفضت قاضية ٌ ترحيل زوج ته ، استشارة وزارته لاتخاذ القرار النهائي، وهو ما شكَّل تدخلاً للسلطة التنفيذية في السلطة القضائية.

1 - 3 وفي 4 كانون الأول/ديسمبر 2019 ، أعلنت اللجنة قبول البلاغ، وفقاً للمادة 14 من الاتفاقية والمادة 94 من نظامها الداخلي. ففي المقام الأول، وفيما يتعلق بالاختصاص القائم على صفة الشخص المعني، خلصت اللجنة إلى أن الشكوى التي قدمها صاحب البلاغ باسم الشعوب الأصلية، التي انتُهكت حقوقها الجماعية بعدم الاعتراف بزواج السكان الأصليين، شكوى عامة. وبالتالي، قررت اللجنة النظر حصراً في الشكوى التي قدمها صاحب البلاغ باسمه شخصياً، باعتباره فرداً متضرراً بشكل مباشر وشخصي بسبب رفض تسجيل زواجه ورفض منح التأشيرة لزوجته. وفي المقام الثاني، خلصت اللجنة إلى أن صاحب البلاغ قد استنفد سبل الانتصاف القضائية المحلية المتاحة والفعالة على نحو معقول فيما يتعلق برفض تسجيل زواجه ورفض منح التأشيرة لزوجته، بعدما قدَّم دعوى للحصول على الحماية الدستورية واستأنف القرار الصادر بشأنها. وفي المقام الثالث، رأت اللجنة أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بادعاءات الاضطهاد السياسي، وأعلنت عدم مقبولية هذا الجزء من البلاغ. وفي المقام الرابع، خلصت اللجنة إلى أن صاحب البلاغ لم يدعم بما يكفي من الأدلة الجزء المتعلق في بلاغه بانتهاك الحق في مراعاة الأصول القانونية الواجبة، وأعلنت أيضاً عدم مقبولية هذا الجزء من البلاغ. وأخيراً، وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أنه ضحية للتمييز العنصري لأن سلطات الدولة الطرف لم تعترف بزواجه المعقود على طريقة الأسلاف ولم توافق على تسجيله، ورفضت بالتالي منح زوجته تأشيرة لمِّ شمل الأسرة، رغم أن زواجه عُقد أمام سلطة مجتمعه المنشأة على نحو قانوني وشرعي والمعترف بها من قِبل مجلس مجتمعه، أحاطت اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أن زواج صاحب البلاغ يجب أن يستوفي الشروط المنصوص عليها في القانون الوطني لأغراض تسجيله في السجل المدني. بيد أن اللجنة خلصت، في ضوء المادة 1 من دستور الدولة الطرف، التي تنص على أن إكوادور دولة متعددة الثقافات والقوميات، والمادة 11 ( 1 ) من إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية ( ) ، وتوصيتها العامة رقم 23 ( 1997 )، إلى أن صاحب البلاغ دعم ادعاءاته المتعلقة بالمواد 1 ( 4 )، و 2 ( 1 )(أ) و( 2 )، و 5 (د) ‘ 4 ‘ من الاتفاقية بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية، ويتعين النظر فيها من حيث الأسس الموضوعية. وطلبت اللجنة إلى الطرفين أن يقدمَا إليها كتابياً ملاحظات وتعليقات بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. وللاطلاع على المزيد من المعلومات بشأن الوقائع، وادعاءات صاحب البلاغ، وملاحظات الطرفين وتعليقاتهما بشأن مقبولية البلاغ، وقرار اللجنة في هذا الصدد، انظر القرار المتعلق بالمقبولية ( ) .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

2 - 1 في 26 آذار/مارس 2020 ، ادعت الدولة الطرف أن المديرية العامة للسجل المدني والتعريف وإصدار بطاقات الهوية هي الكيان المكلف بموجب القانون العام بإدارة وتقديم الخدمات المتعلقة بإدارة شؤون الهوية والأحوال الشخصية وسجلات الحالة المدنية ( ) . وبالتالي، تتمثل الاختصاصات الحصرية لإدارة السجل المدني في "إبرام العقود وإجازة وتسجيل وتوثيق البيانات المتعلقة ب الأحوال الشخصية وسجلات الحالة المدنية وتعديلاتها" ( ) .

2 - 2 وتدعي الدولة الطرف أن صاحب البلاغ اعترف باختصاص إدارة السجل المدني عندما عقد زواجه الأول أمامها في عام 1998 ، وعندما سجل لديها فيما بعدُ حالته كأرمل، وكذلك عندما غيَّر اسمه من كارلوس رانولفو بيريث غوارتامبيل إلى ياكو ساتشا بيريث غوارتامبيل، عملاً بأحكام المادة 78 من القانون الأساسي لإدارة شؤون الهوية والبيانات المدنية. وترى الدولة الطرف بالتالي أنه كان أيضاً بإمكان صاحب البلاغ أن يعقد زواجه الثاني في عام 2013 أمام سلطات الدولة المختصة.

2 - 3 وتشير الدولة الطرف إلى أن تَمكُّن صاحب البلاغ من تغيير اسمه يدل، في حد ذاته، على وجود إمكانية ممارسة الحق في الهوية بلا تمييز. كما توضح الدولة الطرف أن وجود نهج متعدد الثقافات مكَّن صاحب البلاغ من م مارس ة نشاطه السياسي، حيث سجَّل في عام 2019 ترشيحه لمنصب محافظ مقاطعة أثواي وانتُخب لتَولي هذا المنصب السياسي. وترى الدولة الطرف أن ما سبق ذكره يبين عدم وقوع انتهاك للمادة 1 ( 4 ) من الاتفاقية. وعلى وجه الخصوص، لم يشكل رفض إدارة السجل المدني تسجيل زواج صاحب البلاغ المعقود على طريقة الأسلاف فعلاً تمييزياً، إذ لم يتعلق الأمر بإجراء مؤسسي محدد ضد أي جماعة عرقية أو إثني ة معين ة . وتذكر الدولة الطرف بأن اللجنة طلبت، في قضية ل. ر. وآخرين ضد الجمهورية السلوفاكية ( ) ، تقديم أدلة دقيقة على ارتكاب الفعل الذي يشكل التمييز المزعوم. وتدعي الدولة الطرف عدم وجود أي تمييز في وقائع هذه القضية. وبالفعل، تمارس الشعوب الأصلية طقوس أسلافها فيما يتعلق بالزواج من دون أي تمييز بفضل الإطار الدستوري ودون الدستوري الذي يشجع التعددية الثقافية والقومية ولا يحظر الزواج على طريقة أسلاف الشعوب الأصلية.

2 - 4 وتحاج الدولة الطرف بأنه لم يقع أيضاً أي انتهاك للمادة 2 ( 1 )(أ) من الاتفاقية، وتُذكر بأن المادة 11 ( 2 ) من الدستور تنص على أنه لا يجوز التمييز ضد أي شخص بسبب الأصل الإثني، أو مكان الولادة، أو السن، أو نوع الجنس، أو الهوية الجنسانية، أو الهوية الثقافية، أو الحالة المدنية، أو اللغة، أو الدين، أو الإيديولوجية، أو الانتماء السياسي، أو السوابق الجنائية، أو الوضع الاجتماعي-الاقتصادية، أو الوضع من حيث الهجرة، أو الميل الجنسي، أو الحالة الصحية، أو الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية، أو الإعاقة، أو الاختلاف البدني، أو أي تفريق آخر، فردي أو جماعي، مؤقت أو دائم، يهدف أو يؤدي إلى إضعاف أو إبطال الاعتراف بالحقوق أو التمتع بها أو ممارستها. وبالإضافة إلى ذلك، تحمي المادة 21 من الدستور حق الفرد في بناء هويته الثقافية والحفاظ عليها وفي اتخاذ قرار انتمائه إلى جماعة أو عدة جماعات ثقافية.

2 - 5 وأخيراً، تحاج الدولة الطرف بأنه لم يقع أيضاً أي انتهاك للمادتين 2 ( 2 ) و 5 (د) ‘ 4 ‘ من الاتفاقية لأن أحكام القانون الأساسي للمجالس الوطنية للمساواة ( ) ،  والخطتين الوطنيتين للفترتين 2013 - 2017 و 2017 - 2021 بشأن المساواة بين القوميات والشعوب تستوفي تماماً مقتضيات الاتفاقية المستمدة من هاتين المادتين. وتدعي الدولة الطرف أن السلطات القضائية التي بتت في دعوى الحماية وفي طلب الاستئناف اللذين قدمهما صاحب البلاغ أجرت تحليلاً دقيق اً لمعيار السلطة المختصة بإبرام عقود الزواج المدنية وتسجيلها. والسلطات المختصة بإبرام عقود الزواج هي موظفو إدارة السجل المدني أو أي شخص آخر مرخص له يمارس ، بحكم مهنته ، أنشطة ذات صلة بالقانون الأساسي لإدارة شؤون الهوية والبيانات المدنية، مثل الموثقين، وليس السلطات التقليدية لمجتمع السكان الأصليين في إسكاليراس؛ والسلطة المختصة بتسجيل عقود الزواج هي المديرية العامة للسجل المدني والتعريف وإصدار بطاقات الهوية، وليس اتحاد شعوب الكي ت شوا بإكوادور.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

3 - 1 في 15 آب/أغسطس 2020 ، ادعى صاحب البلاغ أنه يجب على إدارة السجل المدني أن تحترم دستور الدولة الطرف، وهو القانون الأسمى الذي يعلو على أي قانون آخر. وبالفعل، تنص المادة 424 من الدستور على أنه "ينبغي أن تكون معايير وإجراءات السلطة العامة متوافقة مع الأحكام الدستورية؛ وإلا فلن يكون لها أي أثر قانوني".

3 - 2 ويشير صاحب البلاغ إلى أن المادة 1 من الدستور تنص على أن إكوادور دولة متعددة القوميات. وتكفل المادة 57 من الدستور للشعوب والقوميات الأصلية الحقوق الجماعية في "أن تعزز بحرية هويتها، وشعورها بالانتماء، وتقاليد أسلافها، وأشكال تنظيمها الاجتماعي، [.. .] وأن تطور أنماطها الخاصة بها للتعايش والتنظيم الاجتماعي [.. .] وأن تضع قانونها الخاص أو العرفي وتطوره وتطبقه وتنفذه". وبالإضافة إلى ذلك، تمنح المادة 171 الشعوب والقوميات الأصلية الحق في ممارسة "الوظائف القضائية، استناداً إلى تقاليد أسلافها وقانونها الخاص"؛ ويجب على المؤسسات والسلطات العامة أن تحترم القرارات الصادرة عمن يؤدون هذه الوظائف.

3 - 3 ويدعي صاحب البلاغ بالتالي أنه كان على إدارة السجل المدني أن تحترم عقد زواجه المبرم على طريقة الأسلاف أمام السلطات التقليدية للشعب الذي ينتمي إليه و أن تعترف به، بالنظر إلى أن الدستور يعترف بالوظائف القضائية للسلطات التقليدية للشعوب الأصلية ويحميها.

3 - 4 كما يدعي صاحب البلاغ أنه كان على إدارة السجل المدني أيضاً أن تحترم القانون الدولي، وفقاً للمادتين 424 و 426 من الدستور. وتنص هاتان المادتان من الدستور، على التوالي، على أن "المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها الدولة والتي تعترف بحقوق ٍ أفضل من تلك الواردة في الدستور تسمو على أي معيار قانون ي أو إجراء آخر تعتمده السلطة العامة"، وعلى أنه "ينبغي إعمال الحقوق المكرسة في الدستور والصكوك الدولية لحقوق الإنسان وإنفاذها على الفور. ولا يجوز الاحتجاج بعدم وجود قانون أو بجهل القوانين لتبرير انتهاك الحقوق".

3 - 5 وفي هذا الصدد، يذكر صاحب البلاغ بأن اتفاقية منظمة العمل الدولية لعام 1989 (رقم 16 9 ) بشأن الشعوب الأصلية والقبلية في البلدان المستقلة، التي صدقت عليها الدولة الطرف، تكفل صون وتعزيز ثقافات الشعوب وأنماط حياتها ومؤسساتها الخاصة، التي لا يجوز التمييز على أساسها في حقوق المواطنة. وعلى وجه الخصوص، تنص المادة 2 منها على أنه "تتحمل الحكومات المسؤولية عن وضع إجراءات منسقة ونظامية، بمشاركة الشعوب المعنية، لحماية حقوق هذه الشعوب"، من خلال تدابير من أجل "ضمان استفادة أفراد هذه الشعوب، على قدم المساواة، من الحقوق والفرص التي تضمنها القوانين واللوائح الوطنية لغيرهم من أفراد السكان". وتنص المادة 5 منها أيضاً على أنه "يُعترف بالقيم والممارسات الاجتماعية والثقافية والدينية والروحية لهذه الشعوب وتتم حمايتها"، وعلى أنه "تحترم سلامة قيم وممارسات ومؤسسات هذه الشعوب". كما تنص المادة 8 منها على أنه "يولى الاعتبار الواجب عند تطبيق القوانين واللوائح الوطنية على الشعوب المعنية لعاداتها أو لقوانين العرف الخاصة بها"، وعلى أنه "تتمتع هذه الشعوب بحق الاحتفاظ بعاداتها ومؤسساتها الخاصة، عندما لا تتعارض هذه العادات والنظم مع الحقوق الأساسية التي يحددها النظام القانوني الوطني، أو مع حقوق الإنسان المعترف بها دولياً". وينص إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية، بدوره، على أن الحق المكفول للشعوب الأصلية في تقرير مصير ها يشمل الحق في أن تحدد بحرية وضعها السياسي والاجتماعي والثقافي، ويحق لها، في إطار ممارسة حقها في تقرير المصير، أن تتمتع بالاستقلال الذاتي أو الحكم الذاتي في المسائل المتصلة بشؤونها الداخلية والمحلية، ويحق لها كذلك صون وتعزيز مؤسساتها السياسية، والقانونية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية (المواد 3 و 4 و 5 ). كما ينص هذا الإعلان على أن للشعوب الأصلية الحق في إحياء تقاليدها وعاداتها الثقافية واحتفالاتها (المادة 11 )، والحق في الاحتفاظ بمؤسساتها السياسية والاجتماعية (المادة 20 )، والحق في تحديد هويتها وفقاً لعاداتها (المادة 3 3 ). ويذكر صاحب البلاغ بأن الإعلان الأمريكي بشأن حقوق الشعوب الأصلية يؤكد أن لهذه الشعوب "الحق في الحفاظ على نظمها الأسرية وصونها وتعزيزها" (المادة السابعة عشرة ).

3 - 6 وبناء على ما تقدم، يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت المواد 1 ( 4 )، و 2 ( 1 )(أ) و( 2 )، و 5 (د) ‘ 4 ‘ من الاتفاقية، مقروءة بالاقتران مع الصكوك الدولية المذكورة سابقاً، إذ لا يُعقل أن ت كون إدارة السجل المدني هي وحدها المختصة ب إبرام عقود الزواج والموافقة عليها وتسجيلها وتوثيقها، لأن الاعتراف بزواج معقود أمام سلطات تقليدية يستند إلى مبدأ تقرير الشعوب مصيرها وإلى اعتراف الدستور بإكوادور كدولة متعددة القوميات.

3 - 7 ويوضح صاحب البلاغ أن الشعوب الأصلية نظمت حياتها ومجتمعها، قبل بناء الدولة الطرف بآلاف السنين، من خلال زيجات على طريقة الأسلاف تُعقد أمام مؤسساتها ووفقاً لثقافاتها الخاصة بها. ويدعي صاحب البلاغ أن عدم الاعتراف باختصاص المؤسسات التقليدية للشعوب الأصلية يشكل فعلاً من أفعال التمييز، لأنه يحرم السكان الأصليين وأفراد أسرهم من حقوقهم المدنية (مثل الحصول على تأشيرة لمِّ شمل الأسرة )، ويجبرهم بالتالي على الاندماج قسراً في مؤسسة الزواج المدني التي حددتها الدولة.

3 - 8 وبالتالي، فإن عقد عدة زيجات للسكان الأصليين في أثواي، على نحو ما أشارت إليه الدولة الطرف لإثبات عدم وجود التمييز، يشكل بالتحديد أساساً للاعتراف قانوناً بوجود هذه الزيجات و"للتوقف عن اعتبار حياة السكان الأصليين شكلاً من الفولكلور". ويوضح صاحب البلاغ أن موضوع شكواه ليس وجود عائق يمنع سلطات السكان الأصليين من عقد زيجات على طريقة الأسلاف، وإنما عدم اعتراف الدولة الطرف بصحة هذه الزيجات التي تعقدها مؤسسات الشعوب الأصلية القائمة منذ آلاف السنين. وفي الواقع، دأب أفراد الشعوب الأصلية على عقد زواجهم أمام مؤسسات خاصة بهم، ولكن يجب أن تعترف الدولة بهذه العقود حتى يتسنى لهم التمتع على قدم المساواة مع غيرهم بالحقوق المدنية (مثل الحق في الحصول على تأشيرة لمِّ شمل الأسرة، في هذه الحالة ).

3 - 9 ورداً على حجة الدولة الطرف أن صاحب البلاغ عقد زواجه الأول في عام 1998 وفقاً لقانون الدولة الطرف، يدعي أنه لا يجوز أن تُستخدم ضده في هذه القضية مسألة عدم اتباعه عاداته في الماضي - بسبب صعوبات، ناجمة عن الاستعمار، تواجهها عدة شعوب في العيش والتفكير بطريقتها الخاصة، وتبعاً لفلسفاتها وتنظيمها الاجتماعي. ويوضح صاحب البلاغ أن إعادة تأكيد هوية السكان الأصليين لم تبدأ إلا مؤخراً، بعد تكريسها في الدستور المعتمد في عام 200 8 .

3 - 10 ويحاج صاحب البلاغ، فيما يتعلق بحجة الدولة الطرف أن تغيير اسمه يشكل دليلاً على عدم التمييز، بأن إثبات عدم وجود التمييز في تغيير الأسماء لا يُسوغ ما ينطوي عليه عدم الاعتراف بالزواج على طريقة الأسلاف من تمييز. ويوضح صاحب البلاغ أيضاً أن إحدى مراحل العملية الاستعمارية تمثلت في فرض أسماء مسيحية على أفراد الشعوب الأصلية؛ وبالتالي، فهم حالياً بصدد تغيير أسمائهم للتحرر من الاستعمار.

3 - 11 وفيما يتعلق بشغل صاحب البلاغ منصب محافظ مقاطعة أثواي للكيتشوا - كانياري بفضل وجود نهج متعدد الثقافات، وهو ما يشكل في رأي الدولة الطرف دليلاً آخر على عدم وجود التمييز في إكوادور (انظر الفقرة 2 - 3 أعلاه )، يوضح أيضاً أنه، على العكس من ذلك، تعرض للتجريم تحديداً لمنعه من ممارس ة أنشطته، لدرجة أن لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان طلبت اتخاذ تدابير وقائية لصالحه ( ) . ويُذكر صاحب البلاغ أيضاً بأن محللين سياسيين فسروا توقيف السيدة لابيناس بيك على وجه التحديد بأنه فعل عنصري وانتقامي استهدفه بسبب أنشطته للدفاع عن حقوق الشعوب الأصلية، التي يمارسها أيضاً في إطار منصبه كمحافظ ( ) .

3 - 12 وأخيراً، يطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تحمي حقه في الزواج وفقاً للنظام القضائي للشعوب الأصلية، وتوصي بتسجيل هذا الزواج في السجل المدني حتى يتسنى له ولزوجته الحصول لاحقاً على تأشيرة لمِّ شمل الأسرة على قدم المساواة مع المواطنين الآخرين.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في الأسس الموضوعية

4 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات والأدلة المستندية التي قدمها الطرفان، وفقاً للمادة 14 ( 7 )(أ) من الاتفاقية والمادة 95 من نظامها الداخلي.

4 - 2 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يدعي وقوع انتهاك للمواد 1 ( 4 )، و 2 ( 1 )(أ) و ( 2 ) ، و 5 (د) ‘ 4 ‘ من الاتفاقية، لأن عدم الاعتراف باختصاص السلطات التقليدية للشعوب الأصلية التي عقدت زواجه - والتي دأبت على إبرام عقود الزواج وفقاً لثقافات الشعوب الأصلية وعاداتها منذ آلاف السنين قبل بناء الدولة الطرف - وبالتالي عدم الاعتراف بزواجه، مسألة تشكل فعلاً تمييزياً يترتب عليه حرمانه من الحقوق المدنية التي يتمتع بها الأشخاص الآخرون الذين يعقدون زواجهم وفقاً لقانون الدولة الطرف. كما تلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن رفض طلبه تأشيرة لمِّ شمل الأسرة ودفْعَه إلى عقد زواجه وفقاً للإجراءات القضائية المدنية العادية يشكلان إجراءين هدفهما إجباره على ال ا ندماج في مؤسسة الزواج المدني التي حددتها الدولة. ويتعارض ذلك مع دستور الدولة الطرف، الذي ينص على أن إكوادور دولة متعددة القوميات، ويكفل للشعوب والقوميات الأصلية الحق في تطبيق وإنفاذ قانونها الخاص أو العرفي، ويمنحها الحق في ممارسة وظائف قضائية، استناداً إلى تقاليد أسلافها وقانونها الخاص. ووفقاً لصاحب البلاغ، يجب على المديرية العامة للسجل المدني والتعريف وإصدار بطاقات الهوية أن تحترم هذه القوانين وكذلك القانون الدولي الذي يعترف بحق الشعوب الأصلية في تقرير المصير وفي الاستقلال القضائي وفي احترام ممارساتها ومؤسساتها القائمة منذ آلاف السنين، والذي ينص على أنه يجب على الدول، عند تطبيق التشريعات الوطنية على الشعوب الأصلية، أن تولي الاعتبار الواجب لعاداتها وقانونها العرفي.

4 - 3 كما تحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أنها لا تحظر إبرام عقود الزواج على طريقة أسلاف الشعوب الأصلية وأن رفض تسجيل عقد الزواج المعني في هذه القضية لا يشكل إجراء مؤسسياً محدداً ضد أي جماعة عرقية أو إثنية معينة. وبالإضافة إلى ذلك، تحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أن إبرام عقود الزواج المدنية وتسجيلها وتوثيقها في إكوادور من الاختصاصات الحصرية لموظفي السجل المدني والمديرية العامة للسجل المدني والتعريف وإصدار بطاقات الهوية، وليس من اختصاص السلطات التقليدية لمجتمع السكان الأصليين في إسكاليرا س أو اتحاد شعوب الكيتشوا بإكوادور. وبالتالي، كان على صاحب البلاغ أن يعقد زواجه أمام سلطات الدولة المختصة.

تقرير المصير والاستقلال الذاتي وقضاء الشعوب الأصلية

4 - 4 تلاحظ اللجنة أن دستور الدولة الطرف، المعتمد في عام 2008 ، الذي ينص على أن إكوادور دولة متعددة الثقافات والقوميات (المادة 1 )، يعترف "للجماعات، والمجتمعات، والشعوب والقوميات الأصلية" ويكفل لها التمتع بالحقوق الجماعية في "أن تصون وتطور وتعزز بحرية هويتها، وشعورها بالانتماء، وتقاليد أسلافها، وأشكال تنظيمها الاجتماعي"، وكذلك في "أن تصون وتطور أشكال تعايشها وتنظيمها الاجتماعي، وأساليبها في إرساء وممارسة السلطة في أقاليمها المعترف بها قانوناً وفي أراضي مجتمعاتها الموروثة عن أسلافها"، وفي "أن تضع وتطور وتطبق وتنفذ قانونها الخاص أو العرفي، الذي لا يجوز أن ينتهك الحقوق الدستورية، ولا سيما حقوق النساء والأطفال والمراهقين"، وكذلك في "أن تُنشئ منظماتٍ لتمثيلها وتحافظَ عليها، في إطار احترام التعددية والتنوع الثقافي والسياسي والتنظيمي. وتعترف الدولة بجميع أنماط تعبيرها وتنظيمها وتُشجعها" (المادة 57 ، الفقرات 1 ، و 9 ، و 10 ، و 1 5 ). كما ينص الدستور على أنه "تمارس سلطات المجتمعات والشعوب والقوميات الأصلية وظائف قضائية داخل إقليمها، استناداً إلى تقاليد أسلافها وقانونها الخاص"، وعلى أنه يجب على الدولة أن تكفل "احترام المؤسسات والسلطات العامة " قرارات قضاء الشعوب الأصلية، التي تخضع للمراقبة الدستورية (المادة 17 1 ). وبالإضافة إلى الدستور، تلاحظ اللجنة أن القانون الأساسي للسلطة القضائية ينص أيضاً، فيما يخص "نطاق اختصاص قضاء الشعوب الأصلية"، على أنه "تمارس سلطات المجتمعات والشعوب والقوميات الأصلية وظائف قضائية داخل إقليمها، استناداً إلى تقاليد أسلافها وقانونها الخاص" (المادة 343 )، وعلى أنه ينبغي أن يراعي الموظفون العامون في إجراءاتهم وقراراتهم مبدأ التنوع، بأخذهم في الاعتبار "قانون الشعوب الأصلية وأعراف وممارسات أسلافها"، ومبدأ عدم جواز المحاكمة على ذات الجرم مرتين، أي أنه "لا يجوز [.. .] لأي سلطة إدارية أن تصدر حكماً في قضية بتت فيها السلطات القضائية للشعوب الأصلية ولا أن تعيد النظر فيها"، ومبدأ "تغليب أحكام قضاء الشعوب الأصلية" الذي يعني أنه في "حالة وجود شك فيما إذا كان الاختصاص للقضاء العادي أم لقضاء الشعوب الأصلية، يُفضل إسناده لقضاء الشعوب الأصلية، على نحو يكفل أكبر قدر من استقلاله وأقل قدر ممكن من التدخل فيه"، ومبدأ "التفسير المراعي لتعدد الثقافات"، الذي يعني أنه ينبغي تفسير "الحقوق من منظور يراعي تعدد الثقافات" مع مراعاة "العناصر الثقافية المتصلة بعادات الشعوب والقوميات والجماعات والمجت م عات الأصلية، وممارسات أسلافها، ومعاييرها، وإجراءات قانونها" (المادة 34 4 ).

4 - 5 وبالإضافة إلى ذلك، تلاحظ اللجنة أن اتفاقية منظمة العمل الدولية لعام 1989 (رقم 16 9 ) بشأن الشعوب الأصلية والقبلية في البلدان المستقلة، التي صدقت عليها الدولة الطرف، تحمي أيضا ً ممارسات الشعوب الأصلية ومؤسساتها (المادة 5 )، وتشير إلى أنه، عند تطبيق القوانين الوطنية على الشعوب الأصلية "ينبغي أن يولى الاعتبار الواجب لعاداتها أو لقوانين العرف الخاصة بها"، وإلى أن الشعوب الأصلية ينبغي أن "تتمتع بحق الاحتفاظ بعاداتها ومؤسساتها الخاصة، عندما لا تتعارض هذه العادات والنظم مع الحقوق الأساسية التي يحددها النظام القانوني الوطني، أو مع حقوق الإنسان المعترف بها دولياً" (المادة 8 ). وعلى غرار ذلك، ينص إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية على أن للشعوب الأصلية "الحق في تقرير مصيرها" (المادة 3 ). وفي إطار ممارستها هذا الحق، "يحق لها التمتع بالاستقلال الذاتي أو الحكم الذاتي" (المادة 4 )، "وصون وتعزيز مؤسساتها السياسية، والقانونية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية" (المادة 5 )، "وممارسة تقاليدها وعاداتها الثقافية وإحيائها"، بما في ذلك الحق في الحفاظ على مظاهر ثقافاتها، مثل الاحتفالات، وحمايتها وتطويرها (المادة 11 )، "وتقرير هياكلها واختيار أعضاء مؤسساتها وفقاً لإجراءاتها الخاصة" (المادة 33 )، "وتعزيز وتطوير وصون هياكلها [.. .] وكذلك نظمها أو عاداتها القانونية، وفقاً لمعايير حقوق الإنسان الدولية" (المادة 3 4 ). وينص الإعلان الأمريكي بشأن حقوق الشعوب الأصلية، بدوره، على أن "تعترف الدول اعترافاً كاملاً بالشخصية القانونية للشعوب الأصلية، مع احترام أشكال تنظيمها" (المادة التاسعة )، وعلى أن "للشعوب الأصلية الحق في تعزيز وتطوير وصون هياكلها المؤسسية [.. .] ونظمها أو عاداتها القانونية، وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان"، وعلى أنه "يجب على النظام القانوني الوطني والإقليمي والدولي أن يعترف بقوانين الشعوب الأصلية ونظمها القانونية ويحترمها" (المادة الثانية والعشرون ). وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن هذا الإعلان ينص على وجوب أن تعترف الدول بمختلف النظم الأسرية للشعوب الأصلية "وكذلك بأنماط الزواج التي تتبعها" وأن تحترمها وتحميها (المادة السابعة عشرة، الفقرة 1 ).

4 - 6 وترى اللجنة أن المعايير السالفة الذكر المتعلقة بالاعتراف بالحق في تقرير المصير، والاستقلال الذاتي، وقضاء الشعوب الأصلية، والحكم الذاتي، من خلال السلطات التقليدية للشعوب الأصلية التي تطبق القانون العرفي، تتماشى مع مبدأ التعددية القانونية. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة اعتراف الدولة الطرف، في المادة 1 من دستورها، بأنها دولة متعددة الثقافات والقوميات. ويعني ذلك أن ثمة نظماً مختلفة للحكم والتنظيم الاجتماعي تتعايش داخل هيئات مختلفة مثل القضاء العادي وقضاء الشعوب الأصلية، وتقوم على خصائص ثقافية وسياسية وتاريخية. وعلاوة على ذلك، ترى اللجنة أن الغرض الرئيسي ل إقرار حق الشعوب الأصلية في تقرير مصيرها ليس سوى الاعتراف بالتنوع الثقافي الموجود في الإقليم الوطني لدولة ما وضمان حمايته وصونه بصفة خاصة، لأنه، فضلاً عن كونه تراثاً حقيقياً غير مادي، يستتبع الإعمال الفعال لحقوق الشعوب الأصلية، التي تشمل حقها في صون وتطوير مؤسساتها السياسية والقانونية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية.

الالتزامات بموجب الاتفاقية في ضوء القانون العرفي للشعوب الأصلية

4 - 7 تذكر اللجنة بأن مبدأ حظر التمييز المنصوص عليه في الاتفاقية يقتضي أن تكفل الدول الأطراف لجميع الأشخاص الخاضعين لولايتها القضائية التمتع بحقوق متساوية بحكم القانون وبحكم الواقع. ووفقاً للمادة 2 ( 1 )(ج) من الاتفاقية، تتخذ كل دولة طرف تدابير فعالة لإعادة النظر في السياسات الحكومية الوطنية والمحلية، ولتعديل أو إلغاء أو إبطال القوانين والأنظمة التي تؤدي إلى التمييز العنصري أو تديمه حيث وُجد. وفي هذا الصدد، سبق للجنة أن أشارت إلى أنه يجب على الدول أن تتخذ تدابير إيجابية لإعمال حقوق الإنسان المكفولة للشعوب الأصلية، إما بإزالة العقبات المتبقية أو باعتماد تدابير تشريعية وإدارية معينة للوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاقية ( ) . ولذلك، أكدت اللجنة، على سبيل المثال، أن الاعتراف بما للشعوب الأصلية في أراضيها التقليدية من حقوق قائمة على استخدامها منذ غ ا بر العصور وعلى قانونها العرفي، يستتبع الالتزام باحترام هذه الحقوق وحمايتها في الممارسة العملية، مع وجوب اتخاذ تدابير خاصة لهذا الغرض ( ) . وكما أكدت اللجنة من قبل، يُعتبر تجاهل الحق الأصيل للشعوب الأصلية في أراضيها التقليدية - الذي يستند إلى قانونها العرفي - شكلاً من التمييز لأنه يُبطل أو يضعف الاعتراف بحقوق الشعوب الأصلية في الملكية أو تمتُّعها بها أو ممارستها لها على قدم المساواة مع الآخرين، وهي الحقوق المرتبطة بهويتها ( ) .

عدم التمييز في التمتع بالحقوق المتعلقة بالزواج

4 - 8 في هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن عقد الزواج على طريقة الأسلاف المسجل في سجل عقود الأحوال الأسرية لمجتمع السكان الأصليين في إسكاليراس، يتضمن ما يلي:

حضر أمام سلطة هذا المجتمع للسكان الأصليين الأخُ كارلوس بيريث غوارتامبيل والأخت مانويلا لابيناس بيك، بحرية وعن وعي وطواعيةً، رفقة الشاهدين ميريان تشوتشوكا بوغو وروث نويمي بوغو بيريث، كي يسجلا في سجل عقود الأحوال الأسرية لهذا المجتمع عقد الزواج التالي المبرم على طريقة الأسلاف. هوية الزوج: كارلوس بيريث غوارتامبل، الحامل لبطاقة التعريف رقم 010247544 9 . مكان وتاريخ الميلاد: كاتشيبوكارا/إسكاليراس، أبرشية تاركي، 26 شباط/فبراير 196 9 . الحالة الأسرية: أرمل، توفيت زوجته ماريا بيرونيكا ثيبايوس أوغونيا في 16 تشرين الأول/أكتوبر 2012 ، وقد أنجبا طفل ي ن [.. . ]. هوية الزوجة [.. . ]. عنوان الزوجين [.. . ]. مكان وتاريخ عقد الزواج: لاغوناس دي كيمساكوتشا ، ليلة اكتمال البدر، في 21 آب/أغسطس 2013 بالتقويم الغربي. وحضرت للتوقيع على هذا العقد أيضاً روسا إيناس غوارتامبيل غينانساكا، التي تعهدت، بوصفها جدة وعرابة القاصرتين [.. .] بتوفير كل الدعم اللازم لضمان تنشئتهما تنشئة حسنة وشاملة، استناداً إلى مبدأ "العيش الكريم"، وبالتشارك والتعاون مع والد القاصرتين وفقاً لقانون الشعوب الأصلية. ويستند هذا الإجراء من إجراءات الحوكمة المجتمعية الرشيدة إلى أحكام المواد 1 ، و 10 ، و 11 ، و 56 ، و 57 ، و 68 ، و 171 من الدستور؛ والمواد 1 ، و 2 ، و 3 ، و 5 ، و 8 من اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 169 ؛ و المواد 1 ، و 2 ، و 3 ، و 4 ، و 5 ، و 9 ، و 11 ، و 33 ، و 34 من إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية؛ والمادتين 343 و 344 من القانون الأساسي للوظيفة القضائية وقانون الشعوب الأصلية القائم منذ آلاف السنين؛ ونباشر تسجيل عقد هذا الزواج المبرم على طريقة الأسلاف في سجل مجتمع إسكاليراس، [.. .] و سيحال إلى اتحاد منظمات السكان الأصليين والمزارعين في أثواي وإلى اتحاد شعوب الكيتشوا بإكوادور ( ) .

4 - 9 كما تلاحظ اللجنة أن سجلات الزيجات المعقودة على طريقة الأسلاف الخاصة باتحاد منظمات السكان الأصليين والمزارعين في أثواي وباتحاد شعوب الكيتشوا بإكوادور توثق بعبارات مماثلة الزواج المعقود على طريقة الأسلاف أمام سلطات مجتمع السكان الأصليين من شعب الكيتشوا - كانياري في إسكاليراس بين صاحب البلاغ والسيدة لابيناس بيك.

4 - 10 وتلاحظ اللجنة أن السلطات التقليدية لمجتمع السكان الأصليين في إسكاليراس، التي أبرمت عقد الزواج وفقاً لعاداتها القائمة منذ آلاف السنين، تحققت من هوية الزوجين، وسنِّهما، وحالتهما المدنية السابقة، وعنوانهما، والطابع الطوعي لزواجه م ا، ومكان الزواج وتاريخه، وجرى كل ذلك بحضور شاهدين.

4 - 11 وتلاحظ اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لم تعترف بزواج صاحب البلاغ لأنه لم يُعقد أمام سلطات الدولة المنشأة بموجب القانون المدني والقانون الأساسي لإدارة شؤون الهوية والبيانات المدنية. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تطلب أيضاً إلى صاحب البلاغ إعادة عقد زواجه أمام سلطات السجل المدني. وترى اللجنة أن ما سبق ذكره قد يعرض للخطر ممارسات ثقافية تشكل تراثاً ثقافياً. وفي هذه القضية، أدى رفض الدولة الطرف الاعتراف بزواج صاحب البلاغ إلى حرمانه من التمتع بحق مدني مرتبط بالزواج، هو الحصول على تأشيرة لمِّ شمل الأسرة، مما أثر على حقه في احترام حياته الأسرية.

4 - 12 وتذكر اللجنة بالفقرة 1 من المادة السابعة عشرة من الإعلان الأمريكي بشأن حقوق الشعوب الأصلية، التي تنص على أنه يجب على الدول أن تعترف بأنماط زواج الشعوب الأصلية وتحترمها وتحميها. وتذكر اللجنة أيضاً بأن الشعوب الأصلية تمارس، بموجب المادتين 57 و 171 من دستور الدولة الطرف، وظائف قضائية وتتبع أنماطاً للحكم خاصة بها، استناداً إلى تقاليد أسلافها وقانونها الخاص أو العرفي. وبالإضافة إلى ذلك، تذكر اللجنة بضرورة تفسير الحقوق من منظور متعدد الثقافات، وفقاً للقانون الأساسي للوظيفة القضائية في ا لدولة الطرف، مع مراعاة العناصر الثقافية المتصلة بالعادات، وممارسات الأسلاف، والمعايير أو الإجراءات المنصوص عليها في قانون الشعوب الأصلية (الفقرة 4 - 4 ). وترى اللجنة بالتالي أن تسجيل عقود الزواج التي تبرمها السلطات التقليدية للشعوب الأصلية وفقاً لعاداتها القائمة منذ آلاف السنين والاعتراف بآثارها القانونية لا ي ُ جرد الدولة الطرف من اختصاصها في مجال القانون المدني، وإنما يساهم بالأحرى في إرساء التعاون والتنسيق اللازمين اللذين ينبغي أن ي ُ شكلا محور العلاقة بين النظام العادي ونظام الشعوب الأصلية - الذي لا ينبع فقط من الإطار الدستوري الذي يعزز التعددية الثقافية والتعددية القومية، وإنما كذلك من حق الشعوب الأصلية في الاستقلال الذاتي والحكم الذاتي (الفقرة 4 - 6 ) ( ) .

4 - 13 ولذلك، ترى اللجنة أنه لا ينبغي للدولة الطرف، من أجل الوفاء بالتزاماتها بموجب المادة 5 (د) ‘ 4 ‘ من الاتفاقية، أن تكتفي بعدم حظر إبرام عقود الزواج الخاصة بالسكان الأصليين (الفقرة 2 - 3 ) أو بعدم منع السلطات التقليدية للسكان الأصليين من تحرير عقود الزواج في أقاليمها، وإنما يجب عليها أن تتخذ، بالتعاون مع السلطات التقليدية للشعوب الأصلية، كل التدابير اللازمة ل تسجيل تلك العقود في السجل المدني، ما لم تتعارض مع التزامات دولية أخرى في مجال حقوق الإنسان أو مع مقتضيات التشريعات المحلية لإبرام عقود الزواج. وكان من شأن ذلك أن يتيح لصاحب البلاغ في هذه القضية والسيدة لابيناس بيك إمكانية التمتع بالحقوق المدنية ذاتها التي يتمتع بها الأزواج الذين اعترفت إدارة السجل المدني بعقود زواجهم. وبناء على ما تقدم، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تبين وقوع انتهاك للحقوق المكفولة لصاحب البلاغ بموجب المادة 5 (د) ‘ 4 ‘ من الاتفاقية.

5 - وفي ضوء ملابسات هذه القضية، ترى اللجنة، وهي تتصرف بموجب المادة 14 ( 7 )(أ) من الاتفاقية، أن الوقائع المعروضة عليها تبين انتهاك الدولة الطرف المادة 5 (د) ‘ 4 ‘ من الاتفاقية.

6 - وتذكر اللجنة بأنه، وفقاً لقاعدة عرفية تشكل أحد المبادئ الأساسية للقانون الدولي المعاصر بشأن مسؤولية الدول، يستتبع أي انتهاك لالتزام ٍ دولي سبب ضرراً واجب َ جبره على نحو كامل ( ) . وبالتالي، ينبغي للدولة الطرف، في جملة أمور، (أ) أن تباشر تسجيل زواج صاحب البلاغ والسيدة لابيناس بيك في السجل المدني، حتى يتسنى لهما لاحقاً طلب تأشيرة لمِّ شمل الأسرة؛ و(ب) أن تقدم لصاحب البلاغ تعويضاً مناسباً عن الضرر الذي لحق به؛ و(ج) أن تقدم لصاحب البلاغ اعتذاراً عن انتهاك حقوقه؛ و(د) أن تعدل تشريعاتها وفقاً لهذا الرأي، بغية تضمينها أحكاماً متعلقة بالاعتراف بعقود الزواج التي تبرمها السلطات التقليدية للشعوب الأصلية وفقاً لعاداتها وقانونها العرفي وبتسجيل هذه العقود، ما لم تتعارض مع التزامات دولية أخرى في مجال حقوق الإنسان أو مع مقتضيات التشريعات المحلي ة لإبرام عقود الزواج؛ و(ه) أن تضع برنامجاً لتدريب موظفي السجل المدني والقضاة وغيرهم من الموظفين القضائيين بشأن صحة عقود زواج السكان الأصليين التي تبرمها سلطاتهم التقليدية والاعتراف بها؛ و (و) أن تنشر هذا الرأي على نطاق واسع وتترجمه إلى لغة الكي ت شوا.

7 - وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أن تقدم إليها، في غضون 90 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لتنفيذ هذا الرأي .