الأمم المتحدة

CCPR/C/126/D/2699/2015

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

25 November 2019

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري بشأن البلاغ رقم 2699/2015 * ** ***

بلاغ مقدم من: سيمن سبورنوف (يمثله المحامي سيرجي رومانوف )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: الاتحاد الروسي

تاريخ تقديم البلاغ : 22 حزيران/ يونيه 2015 ( تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي (المادة 92 حالياً)، والمحال إلى الدولة الطرف في 7 ك انون الأول/ديسمبر 2015 ( لم يصدر في شكل وثيقة) ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬

تاريخ اعتماد الآراء : 25 تموز/يوليه 2019

الموضوع : التعذيب؛ الإكراه على تجريم النفس

المسائل الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف المحلية (الطعن بالنقض في الاتحاد الروسي)

المسائل الموضوعية: التعذيب؛ الإكراه على الاعتراف

مواد العهد: 7 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادتين 2 ( 3) ، و 14 ( 3) ( ز)

مواد البروتوكول الاختياري: 5 ( 2) ( ب)

1- صاحب البلاغ هو سيمن سبورنوف ، مواطن من الاتحاد الروسي مولود في عام 1983. وهو يدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادة 7 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادتين 2(3) و 14 ( 3) ( ز) من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 1 كانون الثاني/يناير 1992. ويمثّل صاحب البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 في 22 كانون الثاني/يناير 2013 ، ألقى ثلاثة أفراد من الشرطة القبض على صاحب البلاغ بشبهة إلحاق إصابات جسدية خطيرة بشخص أودت بحياته. واقتيد صاحب البلاغ إلى دائرة الشرطة في كستوفسك ، وهناك تعرض للضرب. وفي 24 كانون الثاني/يناير 2013 ، وردت وحدة التحقيقات في فرع لجنة التحقيق في الاتحاد الروسي في كستوفسك إفادات تؤكد تعرض صاحب البلاغ للضرب على أيدي أفراد الشرطة. وفي 4 شباط/فبراير 2013 ، رفض أحد المحققين تحريك دعوى جنائية في هذه القضية في ظل غياب ركن الجريمة ( ) .

2 - 2 وفي 22 أيار/مايو 2013 ، وجه صاحب البلاغ خطاباً إلى منظمة ” لجنة مناهضة التعذيب “ غير الحكومية، وادعى في خطابه أن الشرطة مارست العنف في حقه عدة مرات والتمس الحصول على المساعدة القانونية.

2 - 3 وفي 8 آب/أغسطس 2013 ، قضى نائب المدعي العام في مدينة كستوفسك بأن التحقيق الذي أجراه كبير المحققين، عقب الشكوى المقدمة في 24 كانون الثاني/يناير 2013 ، كان ناقص اً وقاصر اً، وبناء على ذلك، ألغى نائب المدعي العام قرار المحقق، الصادر في 4 شباط/فبراير 2013، وأمر بفتح تحقيق جديد. وفي 15 آب/أغسطس 2013 ، رفض أحد كبار المحققين في فرع لجنة التحقيق في الاتحاد الروسي في كستوفسك تحريك دعوى جنائية. وفي 15 تشرين الأول/أكتوبر 2013 ، ألغى نائب المدعي العام في منطقة نيزيغورودسك القرار الصادر في 15 آب/أغسطس 2013 باعتباره قرار اً غير مشروع ولا يستند إلى أساس.

2 - 4 وفي 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 ، رفض أحد كبار المحققين في فرع لجنة التحقيق في الاتحاد الروسي في كستوفسك تحريك دعوى جنائية في ظل غياب ركن الجريمة. واستند المحقق في هذا القرار إلى إفادات أفرادٍ من الشرطة في الإدارة الجنائية التابعة لوزارة الداخلية في منطقة نيزيغورودسك نفوا فيها استخدام أي أساليب غير مشروعة في التحقيق مع صاحب البلاغ، وإلى فحوى الوثائق الطبية.

2 - 5 وفي 10 نيسان/أبريل 2014 ، طُعِن أمام محكمة مدينة كستوفسك بمنطقة نيزيغورودسك في قرار رفض إقامة دعوى جنائية، الصادر في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2013. وفي 24 نيسان/أبريل، ورفضت محكمة المدينة هذا الطعن. ‬

2-6 ويدعي صاحب البلاغ أنه تعرض للضرب، وهو ما يتنافى مع أحكام المادة 7 من العهد. ‬ وقد أُلقي القبض عليه في 22 كانون الثاني/يناير 2013 بشبهة إصابة شخص بضرر جسدي إصابة مميتة. وتعرض للضرب في مركز الشرطة. ويدعي صاحب البلاغ أن رجل شرطة يدعى فاء أغلق الباب فيما شرع آخر في ركله على ذراعيه وقدميه وبعد ذلك، وضعت الأصفاد في يديه ورُبط بحبل بإحكام، وتُرك في وضعية لم تكن مريحة على الإطلاق لمدة ساعة ونصف. وفي تلك الأثناء، كان الشرطي فاء يركله على الظهر ومكان الكليتين مطالب اً إياه بالإقرار بالذنب. وهو ما أصاب صاحب البلاغ بضرر معنوي، بما في ذلك إصابته بألم جسدي في الظهر والذراعين والرأس. وفي وقت لاحق، اقتيد للمثول أمام محقق يدعى باء الذي لم يستجوبه بل أدرج في الملف الشروحات المكتوبة والوثائق المقدمة من الشرطي فاء. وحضر محام استدعاه الشرطي باء. ولم يقدم هذا المحامي نفسه إلى صاحب البلاغ، ووقع على جميع أوراق التحقيق للمصادقة عليها، دون أن يقرأها. ووقع صاحب البلاغ أيض اً على جميع الأوراق للمصادقة شعور اً منه بالفزع والخوف على حياته ( ) .

2 - 7 وفي 23 كانون الثاني/يناير 2013 ، تجاهل محام عينته وحدة التحقيقات إفادات صاحب البلاغ بشأن وجود علامات على رأسه ناجمة عن تعرضه للضرب. وفيما بعد، أُفرج عن صاحب البلاغ غير أن صحته تدهورت لدى وصوله إلى منزل والديه فاستدعت والدته سيارة إسعاف. وأبلغ صاحب البلاغ موظفي الطوارئ بتعرضه للضرب على أيدي أفراد الشرطة. ثم حضر رجل شرطة في وقت لاحق وسجل ادعاءاته.

2-8 وفي 23 كانون الثاني/يناير 2013 أيضاً، تلقى صاحب البلاغ مكالمة هاتفية من المحقق المدعو باء، الذي طلب منه الحضور إلى مركز الشرطة. بيد أن صاحب البلاغ لم يفعل بسبب سوء حالته الصحية. وفي وقت لاحق من نفس اليوم، أُدخل صاحب البلاغ إلى المستشفى.

2 - 9 وفي 24 كانون الثاني/يناير 2013 ، حضر إلى المستشفى أفراد الشرطة الثلاثة الذين شاركوا في ضرب صاحب البلاغ واقتادوه من هناك إلى مركز الشرطة. وفي الطريق، تعرض صاحب البلاغ للضرب وطلب منه سحب الشكوى التي رفعها ضد الشرطة؛ ووافق على الطلب كرها. وفي مركز الشرطة، فُتح سجل رسمي لاعتقال صاحب البلاغ، وأودع في مرفق للاحتجاز المؤقت. وطلب منه التوقيع على إقرار بأن إصاباته ناجمة عن سقطة.

2 - 10 وأثناء خضوع صاحب البلاغ للمحاكمة على الجريمة المزعومة، شكا تعرضه للتعذيب على أيدي المحققين، ولكن ذلك لم يُجد شيئاً.

2 - 11 وفي 7 أيار/مايو 2014 ، أدانت محكمة مدينة كستوفسك صاحب البلاغ بموجب المادة 111 من قانون العقوبات (إلحاق إصابة خطيرة بشخص عمداً) وحكمت عليه بالسجن لمدة سبع سنوات. وخلال المحاكمة، أدلت مساعدة طبية بشهادتها أمام المحكمة، وأفادت بأنها كانت في الخدمة، في 23 كانون الثاني/يناير 2013 ، وتوجهت برفقة زميل لها إلى منزل صاحب البلاغ الذي كان يعاني من حالة صداع. وأخبرها صاحب البلاغ أنه تعرض للضرب على أيدي الشرطة لإكراهه على الإقرار بالذنب. وعُرض على طبيب جراح ليفحص حالته ثم أُدخل إلى المستشفى ( ) .

2-12 وفي 28 تموز/يوليه 2014 ، نظرت محكمة نيزيغورودسك الإقليمية في الدعوى الاستئنافية، وأيدت الحكم الصادر في حق صاحب البلاغ ( ) . وفي 1 تشرين الأول/أكتوبر 2014 ، رفض قاض في المحكمة الإقليمية مباشرة الطعن بالنقض كما طلب صاحب البلاغ في 12 أيلول/سبتمبر 2014. وبذلك، تكون جميع سبل الانتصاف المحلية قد استُنفدت وفق اً لصاحب البلاغ.

2 - 13 وقُدِّمت إفادة شاهد إلى المحكمة أدلت بها سيدة تمثل منظمة ” لجنة مناهضة التعذيب “ غير الحكومية، وذكرت فيها أنها كانت مناوبة، في 23 كانون الثاني/يناير 2013 ، حين طلبت والدة صاحب البلاغ حضور سيارة إسعاف. وعندما وصل موظفو الطوارئ إلى العنوان المحدد، رأوا صاحب البلاغ ممدد اً. وقال إنه يشعر بالصداع والدوار والغثيان. وأكد مساعدٌ طبي حالة صاحب البلاغ، وأضاف أن وجهه متورم. ويشير صاحب البلاغ أيض اً إلى إفادات شهود آخرين تدعم ادعاءاته بشأن تعرضه للضرب.

2 - 14 ويفيد صاحب البلاغ بأن تشخيص حالته يشير، وفق اً لما ورد في شهادة طبية صادرة في 24 كانون الثاني/يناير 2013 ، إلى إصابته برضوض في الأنسجة اللينة من الرأس والأطراف العلوية. وكشف التشخيص أيض اً إصابته بتسمم كحولي. وخلص أحد الخبراء إلى أن الإصابات التي كشف عنها صاحب البلاغ ربما تكون قد نجمت عن أداة كليلة أو ضربة يد. ومن المحتمل أن تكون هذه الإصابات قد وقعت في 23 كانون الثاني/يناير 2013.

2 - 15 ويفيد صاحب البلاغ بأن منظمة ” لجنة مناهضة التعذيب “ غير الحكومية خلصت في قضيته إلى الاستنتاجات التالية: (أ) إن رجال الشرطة تصرفوا بصفتهم الرسمية؛ (ب) إن صاحب البلاغ أصيب بضرر جسدي من جراء الإجراءات غير المشروعة التي اتخذها أفراد الشرطة؛ (ج) إنه تعرض للعنف على نحو غير مشروع، وهو ما تأكد من عدد الإصابات وطبيعتها؛ و(د) إن الهدف من ممارسة هذا العنف هو الحصول على اعتراف عن طريق الإكراه.

2 - 16 ويفيد صاحب البلاغ بأن مبادئ القانون الدولي وقواعده المعترف بها عالمي اً والمعاهدات الدولية التي أبرمها الاتحاد الروسي تشكل، وفقاً لحكم صدر عن المحكمة العليا في 10 أيلول/سبتمبر 2003 ، جزء اً لا يتجزأ من النظام القانوني المحلي. ويسنُّ الاتحاد الروسي مباشرة، في نطاق ولايته، حقوق الإنسان والحريات المنصوص عليها في مبادئ وقواعد القانون الدولي وفي المعاهدات الدولية التي أبرمها الاتحاد. وتُلزم كل دولة طرف، طبقاً للمادة 13 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، بأن‏ تضمن لأي فرد يدعي أنه تعرض للتعذيب في أي اقليم يخضع لولايتها القضائية، الحق في أن يرفع شكوى إلى سلطاتها المختصة وفي أن تنظر هذه السلطات في حالته على وجه السرعة وبنزاهة. وينبغي اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان حماية مقدم الشكوى والشهود من كافة أنواع المعاملة السيئة أو التخويف نتيجة لشكواه أو لأي أدلة تقدم.

2 - 17 ويحيل صاحب البلاغ كذلك إلى الاجتهاد القضائي لكل من لجنة مناهضة التعذيب والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضايا التعذيب، ويشير إلى أن كل شكوى تقدم بشأن التعذيب يجب أن تفضي إلى فتح تحقيق لكي يتسنى معاقبة المسؤولين عن ذلك. بيد أن السلطات تقاعست، في قضيته، عن إجراء تحقيق سريع وشامل في شكاوى التعذيب التي قدمها. والتحقيق الذي أجري لم يكن فعال اً ولا يمكن اعتباره تحقيق اً مستقل اً أو نزيها. وقد أعربت لجنة مناهضة التعذيب، في ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الخامس للاتحاد الروسي، عن قلقها إزاء تقاعس السلطات الوطنية عن إجراء تحقيقات سريعة وفعالة ومستقلة في ادعاءات التعذيب (CAT/C/RUS/CO/5) .

الشكوى

3 - 1 يدعي صاحب البلاغ أن حقوقه المكفولة بموجب المادة 7 من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3) ، قد انتهكت لأن الدولة الطرف ملزمة بتأمين سبل انتصاف فعالة في قضايا التعذيب. ويدعي أنه تعرض للتعذيب على أيدي أفراد الشرطة أثناء التحقيق الأولي. ولم تستبعد سلطات إنفاذ القوانين والمحاكم الاعترافات التي انتزعت منه بالإكراه؛ بل إنها استخدمت هذه الاعترافات أساساً لإدانته، وهو ما يشكل انتهاك اً للمادة 7. ولم تجر الدولة الطرف تحقيقاً سريعاً وفعالاً ولم توفر له سبيل انتصاف كافي اً عن انتهاك المادتين 7 و 2 ( 3) .

3 - 2 ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن حقوقه بموجب المادة 14 ( 3) ( ز) من العهد قد انتهكت لأن أفراد الشرطة لجأوا إلى تعذيبه لإجباره على الإقرار بجريمة لم يرتكبها. ومع أن صاحب البلاغ شكا إلى المحكمة إكراهه على الاعتراف، وأكد الشهود الإصابات التي لحقت به، فإن المحكمة لم تقيم هذه الادعاءات كما ينبغي. ونتيجة لذلك، استُند في إدانة صاحب البلاغ إلى الاعترافات التي تم الحصول عليها بطريقة تشكل انتهاك اً للمادة 14 ( 3) ( ز).

3 - 3 ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تدعو الدولة الطرف إلى توفير سبيل انتصاف فعال له يتمثل في إجراء تحقيق سريع وشامل وفعال في ادعاءات تعرضه للتعذيب؛ وملاحقة المسؤولين عن ذلك أمام القضاء ومعاقبتهم؛ وإعادة النظر في الدعوى الجنائية المرفوعة ضده في محاكمة جديدة توفر له فيها جميع ضمانات المحاكمة العادلة؛ وجبر الضرر الناجم عن تعذيبه واحتجازه واعتقاله بشكل غير مشروع وعن انتهاك ضمانات المحاكمة العادلة، بما في ذلك التعويض وإعادة التأهيل؛ ووضع آلية لإجراء تحقيقات مستقلة وفعالة في ادعاءات التعذيب، تمشياً مع المبادئ المتعلقة بالتقصّي والتوثيق الفعالين بشأن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أيضاً أن تدعو الدولة الطرف إلى منع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

‬ ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4 - 1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 20 نيسان/أبريل 2016 ، ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ.

4 - 2 وتؤكد الدولة الطرف في هذه الملاحظات، أن المادة 401 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن القرار القضائي الذي دخل حيز النفاذ قابلٌ للطعن بالنقض. وعمل اً بالمادة 401(2) من هذا القانون، يمكن تقديم الطعن إلى هيئة رئاسة المحكمة العليا في الجمهورية أو محكمة الإقليم ( krai ) أو محكمة المدينة ذات الأهمية الاتحادية أو محكمة إقليم الحكم الذاتي أو محكمة مقاطعة الحكم الذاتي أو إلى الهيئة الجنائية في المحكمة العليا للاتحاد الروسي.

4-3 وفيما يتعلق بفعالية الطعن بالنقض، تحيل الدولة الطرف إلى قرار صادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية أبراميان وآخرون ضد الاتحاد الروسي ( ) ، خلصت فيه المحكمة إلى أن تقديم طلب النقض إلى المحاكم الإقليمية والمحكمة العليا في القضايا المدنية، وهو إجراء سُنَّ في إطار إصلاح قانون الإجراءات المدنية (القانون رقم353-FZ) ودخل حيز النفاذ في 1 كانون الثاني/يناير 2012 ، يُلزَم باستنفاده الشخص الذي ينوي تقديم شكوى إلى المحكمة .

4 - 4 وتشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ في هذه القضية لم يطعن بالنقض أمام المحكمة العليا للاتحاد الروسي في الحكم الذي أصدرته محكمة مدينة كستوفسك في 24 نيسان/أبريل 2014 أو في الحكم الذي أصدرته محكمة نيزيغورودسك الإقليمية. وقدم محامي صاحب البلاغ طعن اً بالنقض إلى محكمة نيزيغورودسك الإقليمية فقط، وقررت هذه المحكمة، في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2014 ، رفض إحالة قضية صاحب البلاغ ليُنظر فيها بموجب إجراءات الطعن بالنقض.

4 - 5 وبالإضافة إلى ذلك، تشير الدولة الطرف إلى أن تحليل ملف الدعوى الجنائية المرفوعة ضد صاحب البلاغ لا يظهر منه أن المحاكم قيمت الأدلة تقييم اً تعسفي اً أو ارتكبت خط اً واضح اً أو أن المحاكمة ككل كانت غير عادلة. وقد تحقَّقت المحكمة الابتدائية من ادعاءات الدفاع التي تفيد بأن موظفي إنفاذ القانون مارسوا الضغط الجسدي على صاحب البلاغ. وخلصت المحكمة إلى أن تلك المزاعم غير مدعمة بسند.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5 - 1 في 11تموز/يوليه 2016 ، قدم صاحب البلاغ تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية.

5 -2 ويفيد صاحب البلاغ بأنه تقدم إلى محكمة مدينة كستوفسك ، في 10 نيسان/ أبريل 2014 ، بطعن في القرار الصادر عن وحدة التحقيقات، في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، برفض إقامة دعوى جنائية . وفي 24 نيسان/أبريل 2014 ، رفضت محكمة مدينة كستوفسك الطعن المقدم. ‬ وقدم صاحب البلاغ، في سياق المحاكمة الجنائية التي خضع لها، طعن اً إلى محكمة نيزيغورودسك الإقليمية، ورفضت المحكمة هذا الطعن في 5 حزيران/ يونيه 2014. وفي 28 حزيران/ يونيه 2014 ، نظر الكوليجيوم القضائي المختص بالقضايا الجنائية في محكمة نيزيغورودسك الإقليمية في الطعنين المقدميْن من صاحب البلاغ ومحاميه ولكنه رفضهما. ‬

5 - 3 وبمقتضى حكم صادر في 1 تشرين الأول/أكتوبر 2014 ، رفض قاض في محكمة نيزيغورودسك الإقليمية مباشرة النظر بموجب إجراءات النقض في الطعن المقدم من صاحب البلاغ، في 12 أيلول/سبتمبر 2014 ، في الحكم الاستئنافي الصادر عن المحكمة الإقليمية في 28 حزيران/ يونيه 2014 .

5 -4 ويشير صاحب البلاغ إلى أن محكمة مدينة كستوفسك أدانته، في 7 أيار/مايو 2014 ، بموجب المادة 111 من قانون العقوبات، وحكمت عليه بالسجن لمدة سبع سنوات. وفي 28 تموز/يوليه 2014 ، نظر الكوليجيوم القضائي المختص بالقضايا الجنائية في محكمة نيزيغورودسك الإقليمية في طعن آخر قدمه صاحب البلاغ ومحاميه ولكنه رفضه. وبذلك، اكتسب القرار الصادر في 7 أيار/مايو 2014 ، صفة الأمر المقضي به.

5 - 5 ويشير صاحب البلاغ إلى أن الأساس الذي استند إليه القرار الصادر عن محكمة مدينة كستوفسك ، في 24 نيسان/أبريل 2014 ، برفض إحالة دعوى الطعن بالنقض للنظر فيها بموجب إجراء النقض، والحكم الاستئنافي الصادر عن محكمة نيزيغورودسك الإقليمية في 5 حزيران/ يونيه 2014 هو أن المحكمة الابتدائية نظرت في الحجج المقدمة بشأن ممارسة أفراد الشرطة للعنف ضد صاحب البلاغ، ورفضت هذه الحجج. وعليه، فإنه من الواضح، وفق اً لصاحب البلاغ، أن تقديم طعن إلى المحكمة العليا للاتحاد الروسي ما كان سيجدي شيئاً لأن طلب الطعن بالنقض الذي قدمه صاحب البلاغ قد رُفض على أي حال.

5-6 وفيما يتعلق بملاحظات الدولة الطرف بشأن الحكم الذي أصدرته المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية أبراميان وآخرون ضد الاتحاد الروسي ، في 12 أيار/مايو 2015 ، يشير صاحب البلاغ إلى أن المحكمة قضت، في 19 نيسان/أبريل 2016 ، في قضية كاشلان ضد روسيا (الطلب رقم 60189/15) ، بأن تقديم طعن بالنقض، وفقاً للقانون المنقح رقم518-FZ، ليس من سبل الانتصاف التي ينبغي استنفادها لأغراض المادة 35 ( 1) من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية. وذكرت أن اللجوء إلى هذا الطعن لا يؤخذ في الاعتبار عند حساب المهلة المحددة لتقديم شكوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

5-7 ويشير صاحب البلاغ أيضاً إلى أن الاجتهاد القضائي للجنة يقضي بأن توفر الدولة الطرف، التي تعتبر أن سبل الانتصاف المحلية لم تُستنفد، معلومات محددة بشأن فعالية سبيل الانتصاف المعني.

5-8 وفي هذه القضية، تكتفي الدولة الطرف بالإشارة إلى أن صاحب البلاغ لم يقدم طعن اً إلى المحكمة العليا، ولم تأخذ في الاعتبار أن الطعن بالنقض الذي سبق أن قدمه صاحب البلاغ قد رُفِض.

5-9 ويفيد صاحب البلاغ بأنه لم يجد أمامه سبيل انتصاف فعالاً يلجأ إليه بعد أن رُفض الطعن بالنقض الذي قدمه. ولذلك، فهو يرى أنه قد استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. ‬

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

6-1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 25 تموز/يوليه 2016 ، ملاحظاتها بشأن مقبولية الشكوى. وتوضح الدولة الطرف أن المحكمة الابتدائية قررت إعطاء دور أساسي للأقوال التي أدلى بها صاحب البلاغ في التحقيق الأولي، عندما استُجوِب بوصفه متهما ً ، وللمعلومات التي قدمها أحد الشهود، نظر اً لتطابق رواية كل منهما وشمولها وخلوها من أي تناقضات بارزة. وتشير الدولة الطرف أيض اً إلى أن هذه الأقوال أُدلي بها بُعيْد الأحداث التي تدينه وفي حضور محامي الدفاع. وبالإضافة إلى ذلك، أطلع صاحب البلاغ على حقوقه، قبل الإدلاء بأقواله، وأبلغ بإمكانية استخدام هذه الشهادات ضده في حالة التراجع عن الأقوال في المستقبل. وكانت شهادات صاحب البلاغ متماسكة. وتطابقت علاوة على ذلك، مع نتائج الفحص الذي أجراه خبير الطب الشرعي بشأن طبيعة الضرر الجسدي الذي أصاب الضحية والأدوات التي تسببت فيه، ومع أقوال الشهود وغير ذلك من الأدلة الواردة في الملف. وفي المحكمة، أفاد صاحب البلاغ بأنه أقرَّ بالذنب مكرها غير أن المحكمة نظرت بعين ناقدة إلى هذه الإفادة في سياق تقييمها. وسعى صاحب البلاغ إلى دعم مزاعمه بالاستشهاد بأقوال عدد من الشهود والسجلات الطبية التي تفيد بتلقيه الرعاية الطارئة وإدخاله المستشفى.

6-2 وبعد تحليل الأدلة، رأت المحكمة أنه ليس بوسعها أن تؤكد صيغة الوقائع التي سردها الدفاع بشأن تعرض صاحب البلاغ للضرب على أيدي أفراد الشرطة، لأنه ما من شاهد على إيقاع الضرر الجسدي بصاحب البلاغ. فالشهود لم يعلموا بأمر هذا الضرر إلا من التوضيحات التي قدمها صاحب البلاغ وشهادات الشهود اتسمت بالتناقض. فقد أكد عدة شهود أنهم رأوا صاحب البلاغ مورم الوجه في 23 و 24 كانون الثاني/يناير 2013. بيد أن جميع الموظفين الطبيين في سيارة الإسعاف أكدوا أنه لم يتبيَّنوا أي ضرر ظاهر عليه.

6-3 وأكدت الزوجة السابقة لصاحب البلاغ أنها أنجبت طفلة في 18 كانون الثاني/ يناير 2013. وكانت تهاتف صاحب البلاغ كل يوم وكان من المفترض أن يحضر لإخراجها من المستشفى عندما يُؤذن لها بالخروج. وقد تحدثت إلى صاحب البلاغ، في 23 كانون الثاني/ يناير 2013 ، ولم يخبرها شيئاً عن تعرضه للضرب على أيدي أفراد الشرطة. ولم يبلغها بذلك إلا في الاتصال الهاتفي الثاني الذي جرى بينهما في وقت لاحق من اليوم نفسه، وأخبرها حينها أنه سيتعذر عليه الحضور إلى المستشفى عندما يُؤذن لها بالخروج. وفي المحكمة، لم يتمكن صاحب البلاغ من توضيح السبب الذي منعه من إخبار زوجته بتعرضه للضرب أثناء المحادثة الهاتفية الثانية.

6-4 وشهد عدة شهود أن صاحب البلاغ كان، في 23 كانون الثاني/يناير 2013 ، يعاني من حالة صداع نتيجة تعرضه للضرب. غير أنه قال، أثناء مثوله أمام المحكمة، أنه لم يكن يدرك سبب شعوره بأنه ليس على ما يرام واعتقد أن الأمر ناجم عن شرب الكحول. وهذا يؤكد المعلومات الواردة في الملف الطبي الخاص بإدخاله إلى المستشفى في 23 كانون الثاني/يناير 2013 بسبب الإصابة بتسمم كحولي. وبالإضافة إلى ذلك، شهد صاحب البلاغ بأنه، في 24 كانون الثاني/يناير 2013 ، وافق، تحت تأثير السكر، على اتهام أفراد الشرطة بإيعاز من شخص يدعى كاف.

6-5 وأكد كاف، في الأقوال التي أدلى بها، أنه لم يشر على صاحب البلاغ بالتوجه إلى الشرطة. وبالإضافة إلى ذلك، لم يشاهد كاف صاحب البلاغ وهو يتعرض للضغط أو الضرر الجسدي على أيدي الشرطة في 23 كانون الثاني/يناير 2013. وأفاد كاف في شهادته بأن أفراد الشرطة لم يستخدموا العنف، وأن صاحب البلاغ أدلى بشهادته طوع اً، وفي حضور محام.

6-6 وفي المحكمة، أكد صاحب البلاغ أنه لم يتعرض للضرب أو العنف أثناء التحقيق. وفي جلسات الاستجواب، لم يؤكد قط أنه ضُرب لإكراهه على الإقرار بالذنب. ونفى صاحب البلاغ صحة الشهادة التي تفيد بأن كاف ضربه ثم أشار عليه بإرسال خطاب إلى الشرطة يدعي فيه أنه اعترف مكره اً. وأوضح صاحب البلاغ أيض اً أن جلسات الاستجواب التي خضع لها كمشتبه فيه أو كمتهم جرت في حضور محام ولكنه لم يخبر المحامي بتعرضه لأي ضغط من أفراد الشرطة.

6-7 وفي 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 ، رفض أحد كبار المحققين إقامة دعوى جنائية ضد الشرطة في قضية صاحب البلاغ لعدم توفر ركن الجريمة. ويفيد قرار المحقق بأن الشرطي الذي سجل أقوال صاحب البلاغ في 23 كانون الثاني/يناير 2013 قد خضع للاستجواب إلى جانب شرطييْن آخرين. ونفى الضباط جميع اً استخدام أساليب غير مشروعة في استجواب صاحب البلاغ، وأكدوا أنه أدلى بأقواله طوعاً.

6-8 والإصابات التي وجدت على جسم صاحب البلاغ ووثقها أحد الخبراء في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، لا يمكن أن تقود لوحدها إلى استنتاج استخدام أساليب غير مشروعة في التحقيق مع صاحب البلاغ لإكراهه على الإقرار بالذنب. وقد انتهت جلسات الاستجواب في الساعة 10/16 من يوم 22 كانون الثاني/يناير 2013 في حين أن الادعاءات لم تقدم إلا في 24 كانون الثاني/يناير 2013. وبالإضافة إلى ذلك، أكد عدد من الشهود أنهم رأوا صاحب البلاغ مورم الوجه في 21 كانون الثاني/يناير 2013.

6-9 ووفق اً للدولة الطرف، فإن حق صاحب البلاغ في الاستعانة بمحام لم ينتهك. وقد أكد المحامي الذي تولى تمثيل صاحب البلاغ، في مرحلة الاشتباه ثم في مرحلة الاتهام، عقد جلسات الاستجواب وفق اً للمقتضيات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية، وعدم حضور أي موظف من الشرطة خلالها. وبالإضافة إلى ذلك، لم يطلب صاحب البلاغ قط تغيير المحامي الذي يمثله، ولم يُبرم أي اتفاق آخر بشأن التمثيل القانوني ولم يكن هناك ما يدل على أن مستوى التمثيل القانوني لصاحب البلاغ لم يكن مرضي اً.

6-10 وتشير الدولة الطرف أيض اً إلى أن صاحب البلاغ تظلم، في الطعون بالنقض التي قدمها في القرار الصادر في 7 أيار/مايو 2014 والقرار الاستئنافي الصادر في 28 تموز/ يوليه 2014، من إكراهه على الاعتراف ولكنه سعى أيضاً إلى أن يُحاكم بموجب المادة 109 من قانون العقوبات بدل اً من المادة 111 ، وهو بذلك، يقر بوجود علاقة سببية بين أفعاله وموت الضحية.

6-11 وفي ضوء ما سبق، ترى الدولة الطرف أن الحجج التي دفع بها صاحب البلاغ بشأن استخدام أساليب غير مشروعة في حقه قد قُيِّمت، على ما يبدو، تقييم اً صحيح اً من المحاكم التي اعتبرتها بمثابة استراتيجية دفاعية. وبناء على ذلك، ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ، في هذه القضية، لم يُنتهك أي حق من حقوقه.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

7-1 في 28 أيلول/سبتمبر 2016 ، قدم صاحب البلاغ تعليقات على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية. وأشار في البداية إلى أن شهود العيان الوحيدين على تعرضه للضرب هم ضباط الشرطة الذين قاموا بفعل الضرب، ويجب أن يُنظر بعين ناقدة إلى أقوالهم عند تقييمها لأن لهم مصلحة في الأمر. وهناك من ناحية أخرى، العديد من عناصر الإثبات، بما في ذلك عدة أقوال أدلى بها الشهود ونتائج الفحوص التي أجراها الخبير، التي تبرهن على صحة صيغة الوقائع التي قدمها صاحب البلاغ، بما في ذلك استخدام القوة ضده، وبناء عليه، كان ينبغي إجراء تحقيق فعال.

7-2 ويفيد صاحب البلاغ بأن الشرطي فاء أغلق باب المكتب فيما شرع شرطي آخر في ضربه بهراوة على الذراعين والقدمين. وبعد الانتهاء من ضرب صاحب البلاغ، وضعت الأصفاد في يديه وربط بحبل لمدة ساعة ونصف. وركله الشرطي فاء على الظهر ومكان الكليتين مطالب اً إياه بالإقرار بالذنب. وكابد صاحب البلاغ معاناة معنوية، بما في ذلك الألم الجسدي. ولم يستطع أن يتحمل هذه المعاملة مما جعله يوقع على الاعترافات كما أُمِر. وعندما عاد إلى منزل والديه، اضطرت والدته إلى استدعاء سيارة إسعاف بسبب سوء حالته الصحية. وأخبر الموظفين الطبيين عن تعرضه للضرب، وفي اليوم التالي، طلب منه المفتش باء التوجه إلى مركز الشرطة. ولكن صاحب البلاغ لم يفعل بسبب حالته الصحية. وفي وقت لاحق من نفس اليوم، أُدخل صاحب البلاغ إلى المستشفى. وفي 24 كانون الثاني/يناير 2013 ، اقتاده ثلاثة أفراد من الشرطة إلى مركز الشرطة. وضُرب مرة أخرى. وأُلقي القبض عليه رسمي اً وأجبر على أن يؤكد كتابة أن إصاباته ناجمة عن سقطة.

7-3 ويدعي صاحب البلاغ أن هذه الوقائع يمكن أن تُثبتها شهادة عدة شهود. وفيما يتعلق بالشاهد كاف، يشير صاحب البلاغ إلى نفي الدولة الطرف أن يكون هذا الشاهد قد أشار على صاحب البلاغ بالاتصال بالشرطة أو رأى أفراد الشرطة وهم يضربونه أو عاين إصابات على جسده في 23 كانون الثاني/يناير 2013. ويفيد صاحب البلاغ بأن كاف أكد لمنظمة ” لجنة مناهضة التعذيب “ غير الحكومية بأنه كان موجود اً بصحبة صاحب البلاغ في قرية زيليتسينو بين الساعة 10 صباح اً و 12 ظهر اً من يوم 22 كانون الثاني/يناير 2013. وفي القرية، قصد اً البقالة واشتريا أغراض اً مختلفة. وكان ف. ف. واقف اً وراء منضدة البائع. ولم تكن هناك إصابات جسدية على كاف. ولا على صاحب البلاغ ولم يكونا يعانيان من أي مشاكل صحية. وعندما غادر كاف وصاحب البلاغ وتقدم اً في سيرهما أكثر، شاهد اً سيارة حمراء غريبة. وترجل من السيارة شخصان أو ثلاثة يرتدون زي اً مدني اً. وقدموا أنفسهم لكاف وصاحب البلاغ على أنهم من الشرطة وقالوا إنهم يريدون الحديث عن قضية باء. (الشخص الذي توفي). واقتيد كاف وصاحب البلاغ إلى مركز الشرطة. وفي الطريق، لم يتعرضا للتهديد والعنف من رجال الشرطة. وعند الوصول إلى مركز الشرطة، أُدخل الرجلان إلى مكتبين منفصلين. وكبل رجال الشرطة كاف بوضع الأصفاد في يديه من الخلف وتحت ركبتيه. ولم يكن بإمكانه أن يرى ما يحدث خلف ظهره. وفي لحظة ما، شرع رجال الشرطة في ركل كاف على ظهره لمدة تراوحت بين 10 دقائق و 20 دقيقة. وفي وقت لاحق، جاء شرطي مجهول الهوية وأزال الأصفاد عن كاف.

7-4 ثم اقتيد كاف إلى مكتب الشرطي باء، حيث كان صاحب البلاغ موجود اً بالفعل. ويدعي كاف أن وجه صاحب كان آنئذ متورم اً. وطلب صاحب البلاغ من كاف أن يقر بأن باء كان مديناً لصاحب البلاغ بألف روبل، وأنه خبطه لهذا السبب، فرفض كاف أن يشهد بذلك وأُفرِج عنه. ووفق اً لصاحب البلاغ، فإن كاف، الذي تعرض أيض اً للعنف، غير أقواله وتراجع عن الشكوى المقدمة ضد الشرطة بدافع الخوف.

7-5 ويفيد صاحب البلاغ، فيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف أنه لم يتظلم أمام المحكمة من تعرضه للضرب والتهديد أثناء جلسات الاستجواب، بأنه شكا إلى القاضي مباشرة تعرضه للتعذيب، ولكن القاضي لم يقبل شكواه. ووفق اً لقرار المحكمة الصادر في 7 أيار/مايو 2014 ، فإن صاحب البلاغ تظلم أثناء المحاكمة من تعرضه للضرب، وأوضح أنه أقر بالذنب تحت الضغط الذي مارسته عليه الشرطة. وقال إن ثلاثة من رجال الشرطة كانوا موجودين ولكنه لا يتذكر سوى اسم فاء. وعند مواجهة كاف، أكد صاحب البلاغ أنه اعترف بدافع الخوف من رجال الشرطة الموجودين. ومرة أخرى، استسلم للضغط الذي مورس عليه ووقع على اعترافاته في حضور محام.

7-6 ويشير صاحب البلاغ إلى استنتاج الدولة الطرف الذي يفيد بأن وجود إصابات لا يمكن أن يُستشف منه، في حد ذاته، تعرض صاحب البلاغ للتعذيب. ويرى صاحب البلاغ أن الشخص حين يُقتاد إلى مركز للشرطة وهو في صحة جيدة ثم ينصرف منه وهو مصاب، يكون من واجب الدولة الطرف أن تقدم تفسيرا ً معقولا ً لمنشأ إصابته. وإذا لم تفعل، فإن ذلك يعني وقوع انتهاك لمبدأ حظر التعذيب والمعاملة القاسية.

7-7 ولم تكن تظهر على صاحب البلاغ أي إصابات حتى تاريخ القبض عليه، ولم يكن يعاني من مشاكل صحية. غير أنه تعرض لإصابات في رأسه وجسمه عندما غادر مركز الشرطة. وهذا ما أقر به صاحب البلاغ في أقواله وأكدته السجلات الطبية والعديد من أقوال الشهود، بمن في ذلك الأطباء. فالسجل الطبي رقم 53 في مستشفى كستوفسك المركزي، المؤرخ 24 كانون الثاني/يناير 2013 ، يشير إلى أن صاحب البلاغ أُدخل، في 23 و24 كانون الثاني/يناير 2013، إلى قسم الرضوض والصدمات التابع للمستشفى لتلقي العلاج بناء على التشخيص التالي : ” الإصابة برضوض في الأنسجة اللينة من الرأس “ . وبالإضافة إلى ذلك، استُشهِد في قرار رفض إقامة دعوى جنائية، الصادر في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 ، بالنتائج التي توصل إليها الخبير نون في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2013. وقد خلص الخبير إلى أن الإصابات التي ظهرت في شكل رضوض في الأنسجة اللينة من الرأس، كما كشف صاحب البلاغ، تشكل صدمة رضية وربما تكون قد نجمت عن استخدام أداة كليلة أو ضربة يد أو هراوة. ويمكن أن تكون هذه الإصابات قد وقعت في 23 كانون الثاني/يناير 2013. ويرى صاحب البلاغ أنه لو كان مصاب اً بصدمة رضية من هذا النوع حين اقتيد إلى مركز الشرطة لكان ينبغي أن تُسجل إصابته خلال إتمام إجراءات تسليمه.

7-8 ويتضمن الملف معلومات طبية موضوعية تفيد بأن صاحب البلاغ لحقت به إصابات أثناء احتجازه في مركز الشرطة. ولم يُقدم المحقق ولا الدولة الطرف في ردهما أدلة مقنعة تبين سبب وقوع تلك الإصابات.

7-9 والأدلة تدحض أقوال أفراد الشرطة الذين نفوا استخدام العنف في حق صاحب البلاغ. ويشير صاحب البلاغ إلى خطورة الإصابات وإلى أنه ضُرب بهدف إكراهه على الاعتراف. ويشير أيض اً إلى طبيعة الأفعال التي ارتكبها أفراد الشرطة وتسببت له في ألم ومعاناة شديدين. وفي ضوء ذلك، يرى صاحب البلاغ أن المعاملة المذكورة أعلاه تعد بمثابة تعذيب.

7-10 وقد تقاعست سلطات إنفاذ القانون والمحاكم، في قضية صاحب البلاغ، عن تقييم مزاعم التعذيب كما ينبغي. وعلاوة على ذلك، لم تستبعد المحاكم الاعترافات التي أدلى بها كرها، وانتزعت منه عن طريق التعذيب، بل استخدمتها في إدانته، وهو ما يشكل انتهاكاً لمقتضيات المادة 7 من العهد. ولم تبادر الدولة الطرف إلى إجراء التحقيقات اللازمة في ادعاءات صاحب البلاغ، وهو ما يشكل انتهاك اً للمادة 7 ، مقروءة بالاقتران مع المادة 2 ( 3). وقد انتُهِكت أيضاً المادة 14 ( 3) ( ز)، لأن الشرطة لجأت إلى تعذيب صاحب البلاغ لإكراهه على الإقرار بارتكاب جريمة قتل.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

8 -2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف اعترضت على مقبولية البلاغ بموجب المادة 5 ( 2) ( ب) من البروتوكول الاختياري، لأن صاحب البلاغ لم يقدم شكوى إلى المحكمة العليا للاتحاد الروسي بموجب إجراءات النقض. وتحيط اللجنة علم اً بانتقاد صاحب البلاغ لفعالية الإجراء المشار إليه نظر اً إلى أن الطعن بالنقض الذي قدمه إلى محكمة نيزيغورودسك الإقليمية سبق أن رُفض. وأشار صاحب البلاغ أيض اً إلى أن إقامة الدليل على فعالية سبيل انتصاف بعينه يقع على عاتق الدولة الطرف، وهو ما لم يحدث في هذه القضية.

8-3 وتلاحظ اللجنة أن إجراءات الطعن بالنقض في الدولة الطرف وضعت لمراجعة قرارات المحاكم التي أصبحت نافذة مراجعة تتناول المسائل القانونية فقط لا غير. واتخاذ القرار بإحالة أو عدم إحالة قضية ما إلى محكمة النقض لكي تنظر فيها هو بطبيعته قرار تقديري، وليس مقيد اً بأجل معين، ويتخذه قاض منفرد. وبالنظر إلى هذه الخصائص، ترى اللجنة أن طلبات المراجعة بالنقض هذه تتضمن عناصر سبيل الانتصاف الاستثنائي. وبناء عليه، يجب على الدولة الطرف أن تبيّن، وفقاً للاجتهاد القضائي للجنة، وجود احتمال معقول لأن يتيح هذا الإجراء سبيل انتصاف فعالاً في ظروف هذه القضية. وفي ظل عدم ورود أي توضيح من الدولة الطرف بشأن مدى فعالية إجراءات المراجعة بالنقض في قضايا مماثلة لهذه القضية، ترى اللجنة أن أحكام المادة 5(2)( ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ. ‬

8-4 وبناء على ذلك، تعلن اللجنة مقبولية البلاغ لأنه يثير مسائل تندرج في إطار المادة 7 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3) والمادة 14 ( 3) ( ز) من العهد، وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

9-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5(1) من البروتوكول الاختياري .

9-2 ويدعي صاحب البلاغ أنه تعرض للضرب على أيدي أفراد الشرطة أثناء خضوعه للتحقيق الأولي بتهمة القتل. وإثبات اً لذلك، ادعى أنه تعرض للضرب على أيدي ثلاثة أفراد من الشرطة، أشار إلى أحدهم باسم فاء، وأن شرطي اً ركله على الذراعين والقدمين. وبعد ذلك، وضعت الأصفاد في يديه ورُبط بحبل بإحكام وتُرك في وضعية لم تكن مريحة على الإطلاق لمدة ساعة ونصف. وركله الشرطي فاء على الظهر ومكان الكليتين مطالب اً إياه بالإقرار بالذنب. وهو ما أصاب صاحب البلاغ بضرر معنوي، بما في ذلك إصابته بألم جسدي في الظهر والذراعين والرأس. وبعيد التعرض للضرب، أُصيب صاحب البلاغ بالفزع فوقع على الاعترافات كما أمرته الشرطة. ويدعي صاحب البلاغ أن سلطات إنفاذ القانون والمحاكم لم تستبعد الاعترافات التي انتزعت منه بالإكراه، بل إنها استخدمت هذه الاعترافات أساس اً لإدانته لاحقاً. ووُقِّعت الوثائق الرسمية المتعلقة بالتحقيق من محام اختارته وحدة التحقيق ثم وقعها صاحب البلاغ للمصادقة. وبعد أن أُفرج عن صاحب البلاغ وعاد إلى منزل والديه، استدعت والدته سيارة إسعاف بسبب سوء حالته الصحية والآلام التي كان يعاني منها. وشكت الأم إلى موظفي الطوارئ تعرض ابنها للضرب على أيدي الشرطة. ولذلك، كان لا بد من إدخال صاحب البلاغ إلى المستشفى في 23 و 24 كانون الثاني/يناير 2013 .

9-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف أشارت في ملاحظاتها إلى قرار المحكمة الابتدائية إعطاءَ دور أساسي للأقوال التي أدلى بها صاحب البلاغ في التحقيق الأولي لأن عدد اً كبير اً من الأدلة أكدت ما جاء فيها. وادعت الدولة الطرف أيض اً أن ادعاءات صاحب البلاغ بشأن تعرضه للتعذيب قد قيمت تقييم اً صحيح اً من المحاكم التي اعتبرتها استراتيجية دفاعية (انظر الفقرتين 6 - 1 و 6 - 2) . وأشارت الدولة الطرف أيض اً إلى أن المحقق فتح تحقيقاً في ادعاءات صاحب البلاغ بشأن تعرضه لسوء المعاملة من الشرطة ولكنه رفض إقامة دعوى جنائية في ظل عدم توفر ركن الجريمة، لأن أفراد الشرطة المعنيين نفوا، عند استجوابهم، ممارسة العنف في حق صاحب البلاغ.

9-4 وترى اللجنة أن الدولة الطرف، في هذه القضية، لم تقدم أدلة موثوقة تثبت عدم تورط أي شرطي في إساءة معاملة صاحب البلاغ وإلحاق إصابات جسدية به، وتثبت أن صحة صاحب البلاغ لم تكن على ما يرام قبل أن يلقي عليه رجال الشرطة القبض. وترى اللجنة أيض اً أن الدولة الطرف لم تثبت بطريقة مقنعة أن سلطاتها عالجت ادعاءات صاحب البلاغ بشأن تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة معالجة مجدية.

9-5 وتشير اللجنة إلى أن عبء الإثبات في قضايا التعذيب أو سوء المعاملة لا يجوز أن يتحمله صاحب البلاغ وحده، ولا سيما بالنظر إلى أن فرص صاحب البلاغ والدولة الطرف في الوصول إلى الأدلة لا تكون دائماً متكافئة، وأن الدولة الطرف تكون، في كثير من الأحيان، هي الجهة الوحيدة القادرة على الوصول إلى لمعلومات ذات الصلة. ومن واجب الدولة الطرف ( ) إجراء تحقيق سريع وفعال ومستقل ( ) في جميع الادعاءات الموثوقة المتعلقة بانتهاك المادة 7 من العهد. وفي ظل هذه الظروف، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بتعرضه للتعذيب وسوء المعاملة يجب أن تولى الاعتبار الواجب. وبناءً عليه، تستنتج اللجنة أن الوقائع، كما عرضها صاحب البلاغ، تكشف عن انتهاكٍ لحقوقه المكفولة بموجب المادة 7 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2(3) من العهد. ‬ ‬ ‬

9-6 وتحيط اللجنة علماً أيض اً بادعاء صاحب البلاغ الذي يفيد بأن حقوقه المكفولة بموجب المادة 14 ( 3) ( ز) قد انتهكت لأنه أُكره على الإقرار بارتكاب جريمة وأن الاعترافات التي أدلى بها تحت الإكراه استُخدمت أساس اً لإدانته لاحقاً. ولم تدحض الدولة الطرف هذه الادعاءات تماماً. بل إنها أنكرت بصفة عامة ادعاءات صاحب البلاغ بشأن تعرضه للتعذيب. ونظر اً لخلو الملف من أي معلومات أو حجج ذات أهمية، وفي ضوء الاستنتاج الذي توصلت إليه اللجنة بحدوث انتهاك للمادة 7 من العهد، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع قيد النظر تعد أيض اً بمثابة انتهاك لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 14 ( 3) ( ز). ‬

10 - وإذ تتصرف اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف للمادة 7 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2(3) وللمادة 14 ( 3) ( ز) من العهد.

11- والدولة ملزمةٌ، بموجب أحكام المادة 2 ( 3) ( أ) من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي منها ذلك جبرَ ضرر الأشخاص، الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد، جبراً كاملاً. وعليه، فإن الدولة الطرف ملزمةٌ في جملة أمور، باتخاذ الخطوات المناسبة من أجل ما يلي: (أ) إجراء تحقيق شامل وفعال في ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بتعرضه للتعذيب، ومقاضاة المسؤولين عن تعذيبه ومعاقبتهم، إذا ثبت ذلك؛ (ب) الإفراج عن صاحب البلاغ، وإبطال الأحكام التي أصدرتها المحكمة الابتدائية في حق صاحب البلاغ وإجراء محاكمة جديدة، عند الاقتضاء، مع توفير جميع ضمانات المحاكمة العادلة له؛ (ج) ومنح صاحب البلاغ تعويضاً كافياً عن الانتهاكات التي حاقت به. والدولة الطرف ملزمةٌ أيضاً بأن تتخذ جميع التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

12- وإذ تأخذ اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في البت في حدوث انتهاك للعهد من عدمه، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليميها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ إذا ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع.

المرفق

رأي فردي لعضو اللجنة خوسيه مانويل سانتوس بايس (رأي مخالف)

1- يؤسفني أن أقول إنه لا يسعني أن أتبنَّى قرار اللجنة الذي خلصت فيه إلى حدوث انتهاكٍ لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 7 من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2(3) والمادة 14 ( 3) ( ز) من العهد.

2- لقد استقر في الاجتهاد القضائي للجنة أن تقييم الوقائع والأدلة في كل قضية أو تطبيق التشريعات الداخلية هو أمر مخولٌ لمحاكم الدول الأطراف ما لم يكن هذا التقييم ظاهر التعسف أو يعد بمثابة حرمان من العدالة. ولكن يبدو، أن اللجنة لم تتبع هذا الاجتهاد القضائي في هذه القضية. ‬

3- وفيما يتعلق بانتهاك المادة 7 من العهد، ترى اللجنة أولاً أن الدولة الطرف لم تقدم أدلة موثوقة تثبت عدم تورط أي شرطي في إساءة معاملة صاحب البلاغ وإلحاق إصابات جسدية به، وتثبت أن صحة صاحب البلاغ لم تكن على ما يرام قبل أن يقبض عليه رجال الشرطة (الفقرة 9 - 4). غير أن هذا فيه مطالبةٌ للدولة بإثبات مستحيل. فكيف يمكن لدولة أن تثبت أن شخص اً ما يتمتع بصحة جيدة إذا كان الشخص المعني لم يصبح بعد تحت إشرافها؟ ويصبح هذا السؤال وجيها خاصة إذا ما وُضع في الاعتبار أن المزاعم التي تفيد بأن صاحب البلاغ كان في صحة جيدة قبل إلقاء القبض عليه مصدرها الأساسي هو صاحب البلاغ نفسه (الفقرتان 7 - 6 و7 - 7).

4- ورأت اللجنة أيضاً أن الدولة الطرف لم تثبت بطريقة مقنعة أن سلطاتها عالجت ادعاءات صاحب البلاغ بشأن تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة معالجة مجدية (الفقرة 9 - 4). وانطلاق اً من واجب الدولة الطرف في إجراء تحقيق سريع وفعال ومستقل في جميع الادعاءات الموثوقة المتعلقة بانتهاك المادة 7 من العهد، رأت اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ ينبغي أن تولى الاعتبار الواجب (الفقرة 9 - 5).

5- غير أن هذا الاستنتاج لا يعكس، فيما يبدو، وقائع هذه القضية على وجه الدقة. فالدولة الطرف دحضت ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة (الفقرة 6 - 1)، وأوضحت أن المحكمة الابتدائية قررت إعطاء دور أساسي للأقوال التي أدلى بها صاحب البلاغ أثناء التحقيق الأولي عندما خضع للاستجواب في مرحلة الاتهام، ولشهادة شاهد عيان، وهي كانت داعمة ولم تتضمن تناقضات تُذكر. وقد أدلى صاحب البلاغ بهذه الأقوال بُعيد وقوع الأحداث التي تُدينه، في حضور محامي الدفاع، وبعدما أُطلِع على حقوقه. وكانت شهادة صاحب البلاغ متماسكة وتطابقت أيضاً، مع نتائج الفحص الذي أجراه خبير الطب الشرعي بشأن طبيعة الضرر الجسدي الذي أصاب الضحية والأدوات التي تسببت فيه، ومع أقوال الشهود وغير ذلك من الأدلة الواردة في الملف.

6- وبعد تحليل الأدلة (الفقرة 6 - 2)، رأت المحكمة أنه ليس بوسعها أن تؤكد صيغة الوقائع التي سردها الدفاع بشأن تعرض صاحب البلاغ للضرب على أيدي أفراد الشرطة، لأنه ما من شاهد من الشهود شاهد بأم العين إيقاع الضرر الجسدي بصاحب البلاغ. فالشهود لم يعلموا بأمر هذا الضرر إلا من التوضيحات التي قدمها صاحب البلاغ وشهادات الشهود اتسمت بالتناقض. وأكد عدة شهود أنهم رأوا صاحب البلاغ مورم الوجه في 23 و24 كانون الثاني/يناير 2013. وفي المقابل، أكد جميع الموظفين الطبيين الذين كانوا على متن سيارة الإسعاف، في 23 كانون الثاني/يناير، أنه لم يكن بالإمكان تبيُّن إصابات ظاهرة.

7- غير أن صاحب البلاغ يزعم (الفقرتان 2 - 14 و7 - 7) أن السجل الطبي رقم 53 في مستشفى كستوفسك المركزي، المؤرخ 24 كانون الثاني/يناير 2013، يشير إلى أن صاحب البلاغ قد أُدخل، في 23 و24 كانون الثاني/يناير 2013، إلى قسم الرضوض والصدمات التابع للمستشفى لتلقي العلاج، بناء على التشخيص التالي : ” الإصابة برضوض في الأنسجة اللينة من الرأس “ . وبالإضافة إلى ذلك، خلص أحد الخبراء، في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، إلى أن الإصابات التي ظهرت في شكل رضوض في الأنسجة اللينة والرأس، كما كشف صاحب البلاغ، تشكل صدمة رضية وربما تكون قد نجمت عن استخدام أداة كليلة أو ضربة يد أو هراوة. ويُحتمل أن تكون هذه الإصابات قد وقعت في 23 كانون الثاني/يناير 2013 (ألقي القبض على صاحب البلاغ في 22 كانون الثاني/يناير 2013)، غير أن هذا الاستنتاج ليس استنتاج اً قاطع اً بما فيه الكفاية.

8- وفي هذا الصدد، تذكر الدولة الطرف (الفقرة 6 - 4) أن عدة شهود شهدوا بأن صاحب البلاغ كان يعاني من حالة صداع، في 23 كانون الثاني/يناير 2013، نتيجة تعرضه للضرب. غير أنه قال موضح اً في المحكمة إنه لم يكن يعرف سبب شعوره بأنه ليس على ما يرام واعتقد أن شعوره ذاك سببه تناول الكحول (الفقرة 2 - 14)، وهو ما تأكد من السجل الطبي المتعلق بإدخاله المستشفى في 23 كانون الثاني/يناير 2013، ومن الشهادة التي أدلى بها صاحب البلاغ، في 24 كانون الثاني/يناير 2013، ومفادها أنه وافق، تحت تأثير السكر، على اتهام أفراد الشرطة بإيعاز من شخص يدعى كاف. غير أن كاف أكّد في الأقوال التي أدلى بها (الفقرة 6 - 5) أنه لم يوعز إلى صاحب البلاغ بالتوجه إلى الشرطة، ولم يشاهد كاف أيض اً صاحب البلاغ وهو يتعرض للضغط أو الضرر الجسدي على أيدي أفراد الشرطة في 23 كانون الثاني/يناير 2013. وأفاد كاف في شهادته بأن أفراد الشرطة لم يستخدموا العنف وأن صاحب البلاغ أدلى بشهادته طوع اً، وفي حضور محام.

9- وفي المحكمة (الفقرة 6 - 6)، أكد صاحب البلاغ أنه لم يتعرض للضرب أو العنف أثناء التحقيق. وفي جلسات الاستجواب، لم يؤكد قط أنه ضُرب من أجل أن يُنتزع منه إقرار بالذنب كرها. ونفى صاحب البلاغ صحة الشهادة التي تفيد بأن كاف ضربه ثم أشار عليه بإرسال خطاب إلى الشرطة يدعي فيه أنه اعترف مكره اً. وقد عقدت جلسات الاستجواب الذي خضع له صاحب البلاغ في حضور محام، ولكنه لم يذكر شيئ اً للمحامي قط عن تعرضه لأي ضغط من أفراد الشرطة.

10 - وفي 4 شباط/فبراير 2013 (الفقرة 2 - 1)، و15 آب/أغسطس 2013 (الفقرة 2 - 3)، و23 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 (الفقرتان 2 - 4 و6 - 7)، رفض المحققون إقامة دعوى جنائية ضد أفراد الشرطة في ظل عدم توفر ركن الجريمة. واستُجوب الشرطي الذي سجل إفادات صاحب البلاغ في 23 كانون الثاني/يناير 2013 إلى جانب شرطييْن آخرين. ونفى رجال الشرطة الثلاثة جميعهم استخدام أساليب غير مشروعة في استجواب صاحب البلاغ، وأكدوا أنه أدلى بأقواله طوعاً. وفي 24 نيسان/أبريل 2014، رفضت محكمة المدينة الطعن الذي قدمه صاحب البلاغ في قرار الرفض (الفقرة 2 - 5)

11- والإصابات التي وجدت على جسم صاحب البلاغ (الفقرة 6 - 8) ووثقها أحد الخبراء في 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، لا يمكن أن تقود لوحدها إلى استنتاج استخدام أساليب غير مشروعة في التحقيق مع صاحب البلاغ لإكراهه على الإقرار بالذنب. وقد انتهت جلسات الاستجواب في الساعة 10/16 من يوم 22 كانون الثاني/يناير 2013 في حين أن الادعاءات لم تقدم إلا في 24 كانون الثاني/يناير 2013. وبالإضافة إلى ذلك، أكد عدد من الشهود أنهم رأوا صاحب البلاغ مورم الوجه في 21 كانون الثاني/يناير (أي قبل أن يلقي رجال الشرطة القبض عليه). ولذلك، رأت الدولة الطرف أن الحجج التي دفع بها صاحب البلاغ بشأن استخدام أساليب غير مشروعة في حقه قد قُيِّمت، على ما يبدو، تقييم اً صحيح اً من المحاكم التي اعتبرتها بمثابة استراتيجية دفاعية. وعليه، خلصت إلى عدم حدوث انتهاك لأي حق من حقوق صاحب البلاغ في هذه القضية (الفقرة 6 - 11).

12- وأمام هذه العناصر المتناقضة الواردة في الملف (انظر أيض اً الفقرة 4 - 5)، لا أفهم كيف يمكن أن تستنتج اللجنة وجوب إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بالتعذيب وسوء المعاملة، وعدم إثبات الدولة الطرف، بطريقة مقنعة أن سلطاتها عالجت هذه الادعاءات معالجة مجدية. ولذلك، فالاستنتاج الذي كنت سأخلص إليه هو عدم حدوث انتهاك لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 7، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2(3) من العهد .

13- ولا أفهم، للأسباب نفسها، الأساس المنطقي الذي قاد إلى استنتاج حدوث انتهاك لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 14 ( 3) ( ز) من العهد بسبب اعترافات يزعم أنها انتزعت منه بالإكراه. وقد أقر صاحب البلاغ نفسه وشاهد من الشهود معاً، كما سبق الذكر في الفقرتين 8 و9 من هذا الرأي، بأن صاحب البلاغ أدلى بشهادته طوع اً وفي حضور محام، وأنه لم يتعرض للضرب أو العنف أثناء التحقيق. وفي 7 أيار/مايو 2014 (الفقرة 2 - 11)، أعلنت محكمة مدينة كستوفسك إدانة صاحب البلاغ بموجب المادة 111 ( 4) من قانون العقوبات المتعلقة بإلحاق إصابة خطيرة بشخص عمداً تودي بحياة الضحية، وحكمت عليه بالسجن لمدة سبع سنوات. وخلال المحاكمة، ذكرت مساعدة طبية في شهادتها أنها كانت في الخدمة، في 23 كانون الثاني/يناير 2013، وزارت منزل صاحب البلاغ برفقة زميل لها. وأكدت كذلك أن صاحب البلاغ كان يعاني من حالة صداع وأنه أدخل إلى المستشفى لإصابته بارتجاج. ورغم ذلك، رأت محكمة الاستئناف أنه ثبت أن صاحب البلاغ أدلى باعترافاته طوعاً ودون أي إكراه وفي حضور محام (الحاشية 6).

14- وبناء على هذه المعلومة، كنت أيض اً، سأستنتج، في هذه القضية، عدم حدوث انتهاك لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 14 ( 3) ( ز) من العهد.