الأمم المتحدة

CCPR/C/121/D/2764/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

19 December 2018

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدته ا اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2764/2016 * * *

المقدم من: سيريل جيرفي موتونو زوغو

الشخص المدعى أنه ضحية: أشيل بينوا زوغو أنديلا (والد صاحب البلاغ)

الدولة الطرف: الكاميرون

تاريخ تقديم البلاغ: ٢٨ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٤ (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في ٢٦ نيسان / أبريل ٢٠١٦ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: ٨ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٧

الموضوع: إجراءات جنائية بتهمة اختلاس أموال عامة؛ والاحتجاز المطوّل

المسائل الإجرائية: عدم إثبات الادعاءات؛ واستنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ والتعارض مع أحكام العهد

المسائل الموضوعية: الحق في سبيل انتصاف فعال؛ والمعاملة اللاإنسانية والمهينة؛ والاحتجاز التعسفي؛ والسجن بسبب عدم الوفاء بالتزام تعاقدي وعدم رجعية القانون الجنائي؛ وحق الفرد في الاعتراف به كشخص أمام القانون؛ والتمييز

مواد العهد: 2(3)، و7، و9(1) و(3) و(4) و(5)، و11، و14(1) و(2) و(3)(ج) و(5)، و15(1)، و16 و26

مواد البروتوكول الاختياري: 2، و3، و5(2)(ب)

١- صاحب البلاغ المؤرخ ٢٨ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٤ هو سيريل جيرفي موتونو زاغو ، وهو مواطن كاميروني مقيم في فرنسا. ويقدم صاحب البلاغ بلاغه نيابة عن والده أشيل بينوا زوغو أنديلا ، وهو مواطن كاميروني مولود في ١٠ نيسان/أبريل ١٩٥٦ في ياوندي، ويحتجز حالي اً في السجن المركزي في ياوندي. ويدعي صاحب البلاغ، بالنيابة عن والده، انتهاك الكاميرون لحقوقه بموجب المواد 2(3)، و7، و9(1) و(3) و(4) و(5)، و11، و14(1) و(2) و(3)(ج) و(5)، و15(1)، و16 و26 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الكاميرون في 27 أيلول/سبتمبر 1984. ولا يمثل صاحب البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

٢-١ يُحتجز السيد زوغو أنديلا ، البالغ من العمر 59 سنة، في السجن المركزي في ياوندي ( كوندنغي ) منذ 29 آذار/مارس 2011، وهو تاريخ توقيفه على أيدي أفراد الشرطة القضائية.

٢-٢ وتتعلق التهم الموجهة إلى السيد زوغو أنديلا بعدم تنفيذ عقد بين الشركة الكاميرونية للتأجير البحري (الشركة)، التي كان رئيسها ومديرها العام، والصندوق المستقل لتسديد الديون التابع للدولة الكاميرونية. وينسب إلى السيد زوغو أنديلا الاحتيال في حيازة ممتلكات تابعة للدولة الكاميرونية، بعد تحويل 20 سفينة اشترتها الدولة بتكلفة ٣٠ مليار فرنك من فرنكات الجماعة المالية الأفريقية (فرنك أفريقي). ويُدّعى أيض اً أنه متهم بعدم دفع إيرادات تشغيل البواخر آنفة الذكر للخزانة العامة، وهي بواخر كان مسؤول اً عن إدارتها.

٢-٣ وتندرج القضية في إطار اتفاق ائتمان بقيمة ٤٠ مليون دولار من دولارات الولايات المتحدة منحتها مؤسسة الإقراض الرسمي الإسبانية الكاميرون في 30 تشرين الأول/أكتوبر ١٩٩٦ بغرض قيام أحواض السفن الإسبانية ببناء 20 باخرة صيد لفائدة القطاع الخاص الكاميروني. وفي اليوم ذاته، وقع نائب وزير مالية الكاميرون والشركة، ممثلة بالسيد زوغو أنديلا ، اتفاق إعادة. وبمقتضى عقد التأجير هذا، تضع حكومة الكاميرون على ذمة الشركة بواخر صيد الجمبري موضوع المشروع، مقابل دفع إيجار، حتى اكتمال تغطية النفقات المتصلة بالتمويل المتلقى من مؤسسة الإقراض الرسمي الإسبانية، على أن يسدد الإيجار في آجال استحقاق الديون تجاه المؤسسة المانحة. وقد كانت مدة المدفوعات المقررة خمس عشرة سنة ابتداء من الشهر الثاني عشر الذي يعقب تاريخ تسليم آخر سفينة، فيما يتعلق بالقرض ألف، وثماني سنوات ونصف السنة من تاريخ تسليم كل سفينة، فيما يتعلق بالقرض باء.

٢-٤ ويفيد صاحب البلاغ بأن تشغيل السفن كان يُعطل باستمرار بتدخلات الإدارة الكاميرونية، لا سيما الصعود لتفتيش السفن من دون أساس قانوني، ورفض رخص الصيد وأذون الإبحار، ما أثر سلب اً على إدارة الشركة إدارة فعالة ومنَعها من الوفاء بالمواعيد الثلاثة الأولى لدفع الإيجار المكون من مقدار رئيسي وفوائد بقيمة إجمالية تناهز مليار اً وثمانمائة مليون فرنك أفريقي. لذا اقترحت الشركة على الطرف المتعاقد الآخر، أي الدولة الكاميرونية، إعادة جدولة متأخرات الإيجار. لكن اقتراحها لم يلق استجابة.

٢-٥ وفي ٤ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٢، صدرت تعليمات حكومية بإنهاء العقد واسترداد متأخرات الإيجار واستعادة السفن. وهكذا فمنذ شهر آذار/مارس 2003، وضعت السفن تحت الحراسة القضائية، وخضعت لإدارة مسؤولين مختلفين، ووُقع كمّ مهول من عقود التأجير الغامضة، دون أن يدفع فلس واحد لصناديق الخزانة العامة الكاميرونية. وأصبح تجريد الشركة من السفن رسمي اً برسالة إنهاء من رئيس الحكومة بتاريخ 23 حزيران/ يونيه 2003.

٢-٦ وفي ١٠ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٨، رفع الصندوق الكاميروني المستقل لتسديد الديون دعوى على السيد زوغو أنديلا بتهمة اختلاس أموال عامة وحيازة ممتلكات الغير دون وجه حق. وفي ٢٩ آذار/مارس ٢٠١١، ألقي القبض عليه في منزله في دوالا على أيدي أفراد الشرطة القضائية ونقل إلى مديرية الشرطة القضائية في ياوندي.

٢- 7 وفي ٣٠ آذار/مارس ٢٠١١، أحضر السيد زوغو أنديلا أمام المدعي العام لمحكمة مفوندي الإقليمية، بياوندي. وفي اليوم ذاته، اتهمه قاضي تحقيق بجريمة "اختلاس أموال عامة" و"حيازة ممتلكات الغير دون وجه حق" ووضع في الحبس رهن المحاكمة. وفي ٣١ آذار/مارس ٢٠١١، أمر قاضي التحقيق بتجميد كل الحسابات المصرفية للسيد زوغو أنديلا ولجميع شركاته. وفي ١٤ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١ نفذت في منزله عملية تفتيش وحجز، بناء على إنابة قضائية.

٢-٨ وقد دام احتجازه رهن المحاكمة في البداية ستة أشهر ثم مدد مرتين، عمل اً بالمادة ٢٢١ من قانون الإجراءات الجنائية الكاميروني، بحيث دامت مدته الإجمالية والقانونية ثمانية عشر شهر اً.

٢-٩ وقبل انقضاء المدة القانونية لهذا الاحتجاز السابق للمحاكمة، طلب السيد زوغو أنديلا ، بمساعدة محاميه، إلى قاضي التحقيق، في 14 أيلول/سبتمبر 2011، إلغاء قرار الاحتجاز السابق للمحاكمة الصادر في ٣٠ آذار/مارس ٢٠١١، محتج اً في البداية بتقادم الوقائع موضوع التنازع (حدثت الوقائع في عام 1996 ولم تبدأ التحقيقات الأولية إلا في عام 2008، أي بعدها باثني عشر عاما؛ بينما يبدأ أجل تقادم الجرائم، في القانون الجنائي الكاميروني، بعد عشر سنوات). كما يدعي من جهة أخرى عدم الاختصاص المكاني والموضوعي لهذه المحكمة وللمدعي العام ولقاضي التحقيق، وفق اً للمادة ٢٩٤ من قانون الإجراءات الجنائية الكاميروني، الذي ينص على ما يلي:

" يرجع الاختصاص للمحكمة:

(أ) التي تقع في مكان ارتكاب الجريمة ؛

(ب) أو في مكان إقامة المتهم ؛

(ج) أو في مكان توقيف المتهم ".

٢-١٠ ويدعي صاحب البلاغ أن الجرائم التي اتهم بها السيد زوغو أنديلا لا يمكن أن تكون قد ارتكبت في ياوندي، ذلك أن الأموال المزعوم اختلاسها تتأتى حصر اً من بواخر صيد تنشط قبالة ساحل دوالا وليس ياوندي، التي لا توجد فيها جبهة بحرية. وبالإضافة إلى ذلك، ألقي القبض على المتهم في منزله في دوالا و ل م يكن له قط عنوان أو منزل في ياوندي. وعليه، يدفع صاحب البلاغ بأن محكمة مفوندي الإقليمية ليست مختصة إقليمي اً للنظر في هذه القضية.

٢-١١ وعلاوة على ذلك، طلب السيد زوغو أنديلا إنهاء احتجازه رهن المحاكمة على أساس أن قاضي التحقيق يفتقر إلى الاختصاص الموضوعي، لما كان الأمر يتعلق بنزاع مدني وتجاري - وليس بقضية جنائية - بين شخصين اعتباريين هما الدولة الكاميرونية والشركة الكاميرونية للتأجير البحري، وهي شركة محدودة وقعت عقد تأجير في 30 في تشرين الأول/أكتوبر 1996. وترتبت على عدم الوفاء بهذا العقد الدعوى القضائية المرفوعة على السيد زوغو أنديلا الذي اتهم نيابة عن الشركة، بصفته شخص اً طبيعيا ً .

٢-١٢ وفي ١٠ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١١، رفض قاضي التحقيق طلبات السيد زوغو أنديلا القائمة على تقادم الوقائع وعدم اختصاص المحكمة والقاضي. وفي ١٣ تشرين الأول / أكتوبر ٢٠١١، طعن صاحب البلاغ في هذا القرار أمام دائرة المراقبة التابعة لمحكمة الاستئناف بمنطقة الوسط في ياوندي، مكرر اً طلباته الرئيسية. وفي ٢٤ تموز/يوليه ٢٠١٢، أعلنت هذه المحكمة أن الطعن غير مقبول طبق اً للمادة ٢٦٩ من قانون الإجراءات الجنائية ( ) ، وهو قرار اعتبره صاحب البلاغ بلا أساس قانوني، علاوة على أنه صدر بعد الآجال القانونية بعشرة أشهر، خلاف اً لل مهلة المقررة في المادة ٢٧٥ (٢) من قانون الإجراءات الجنائية، وهي عشرة أيام. وبالإضافة إلى ذلك، لم يُخطر السيد زوغو أنديلا بهذا الحكم إلا في ١٧ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢، ما جعله يقدم طعن اً آخر في 20 أيلول/سبتمبر ٢٠١٢ أمام المحكمة العليا في الكاميرون.

٢-١٣ ويفيد صاحب البلاغ بأن المحكمة العليا لم تنظر قط في هذا الطعن، رغم أن المادة ٤٧٤ (٣) و(٤) من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن تفصل المحكمة العليا الطعون في غضون عشرين يوم اً. لذا كان ينبغي أن تصدر قرارها بشأن الطعن في موعد أقصاه 10 تشرين الأول/أكتوبر 2012. لكن المحكمة العليا لم تصدر أي قرار حتى الآن ( ) .

٢-١٤ وفي ٢١ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢، أبلغ السيد زوغو بصدور أمر في 12 أيلول/سبتمبر 2012 يقضي بإحالة القضية إلى "المحكمة الجنائية الخاصة" - المنشأة حديث اً - وذلك قبل الإخطار بالحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بمنطقة الوسط بتاريخ 24 تموز/يوليه ٢٠١٢. ويقال إن احتجاز السيد زوغو أنديلا رهن المحاكمة استمر بناء على هذا الأمر. ويدعي صاحب البلاغ أن هذا الإجراء غير قانوني وأن القضية لم تكن قط موضع تحقيق قضائي منذ إحالتها إلى المحكمة الجنائية الخاصة. وعلاوة على ذلك، لم يخطر السيد زوغو أنديلا بصفة رسمية قط بأمر الإحالة هذا.

٢-١٥ وفي 22 تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، طعن السيد زوغو أنديلا أمام رئيس قضاة المحكمة العليا في أمر إحالة القضية إلى المحكمة الجنا ئ ية الخاصة المؤرخ 12 أيلول/سبتمبر 2021، محتج اً بحدوث خروق منها انتهاك الحق في الدفاع، وازدواج الدعوى، وتنازع الاختصاص، وإساءة استعمال السلطة. ويدفع صاحب البلاغ بأن هذا الطعن أمام المحكمة العليا لم يكن مجدي اً ولا مفيد اً، كغيره من الطعون المقدمة.

٢-١٦ وإذ لاحظ السيد زوغو أنديلا أن أمر الاحتجاز السابق للمحاكمة الذي يخضع له انقضى في ٣٠ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢، بعد تمديده مرتين بستة أشهر، فقد طلب إلى رئيس محكمة مفوندي الإقليمية، وهو قاضي الإحضار، إخلاء سبيله على الفور، وفق اً لأحكام المادة ٥٨٤ وما يليها من قانون الإجراءات الجنائية. وفي ١٨ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٢، رفض هذا الطلب استناد اً إلى أمر الإحالة الصادر في 12 أيلول/سبتمبر ٢٠١٢.

٢-١٧ وفي ٢٤ تشرين الأول/أكتوبر 2012، رفع السيد زوغو أنديلا دعوى إلى رئيس محكمة الاستئناف بمنطقة الوسط، مدعي اً حدوث انتهاك لحقه في افتراض البراءة ومشير اً إلى الطابع المنحاز وغير القانوني لأمر الإحالة المذكور أعلاه الذي صدر في حقه. ويقول إنه على حد علمه، لم يتخذ أي إجراء بشأن هذا الطعن.

٢-١٨ وفي ٣٠ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٢، طعن السيد زوغو أنديلا في الأمر الصادر عن قاضي الإحضار في 18 تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٢. وفي ٢٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢، أمر رئيس محكمة الاستئناف بمنطقة الوسط، في سياق الإحضار، وبقرار فرعي مؤقت، إرجاء البت في طلب الإفراج الفوري المقدم من السيد زوغو أنديلا ، إلى حين فصل المحكمة العليا الطعون المعلقة منذ أكثر من ثلاث سنوات. ولم يخطر المعني بالأمر بهذا القرار إلا في 14 شباط/فبراير ٢٠١٤، أي بعد اعتماده بما يزيد عن خمسة عشر شهر اً. ونتيجة لذلك، مُنع السيد زوغو أنديلا من ممارسة حقه في الطعن في هذا القرار.

٢-١٩ وفي ١٣ نيسان/أبريل ٢٠١٥، قدم السيد زوغو أنديلا مرة أخرى إلى رئيس محكمة مفوندي ، عمل اً بالمادة ٥٨٤(١) من قانون الإجراءات الجنائية، طلب إفراج فوري، على أساس عدم شرعية توقيفه واحتجازه. ونظرت القضية في جلسة استماع أولى في 12 أيار/مايو 2015، ثم أجلت إلى يوم 19 أيار/مايو 2015. وأجل نظر القضية مرة أخرى إلى ٢٦ أيار/مايو ٢٠١٥ "بسبب تحضيرات العيد الوطني الذي يحل موعده في 20 أيار/مايو ٢٠١٥"، ثم أجل مرة أخرى إلى ٩ حزيران/ يونيه ٢٠١٥ دون مناقشة، لمجرد أن النيابة العامة كانت قد طلبت بالفعل رفض الدعوى، مشيرة إلى إحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الخاصة لفصلها بناء على الأمر الصادر في 12 أيلول/سبتمبر ٢٠١٢.

٢-٢٠ وفي ٢١ أيار/مايو ٢٠١٥، اقتيد السيد زوغو أنديلا إلى مكتب رئيس المحكمة الجنائية الخاصة لإعلامه بأن قضيته قد سجلت بالفعل وإخطاره بتاريخ الجلسة الأولى. ودفع صاحب البلاغ بأن أمر الإحالة إلى هذه المحكمة كان محل نزاع أمام المحكمة العليا، في إطار طعن لا يزال قيد النظر. وبعد نقاشات طويلة ورفض السيد زوغو أنديلا القاطع توقيع الإخطارات المعتادة، وافق رئيس المحكمة على وقف تسجيل القضية إلى أن تبت المحكمة العليا في طلب إلغاء قرار الإحالة والطلبات الأخرى.

٢-٢١ وقدم السيد زوغو أنديلا أيض اً طلب اً إلى رئيس الجمهورية في ٧ آب/أغسطس ٢٠١٤، لكنه لم يتلق ردّ اً. وفي ٢٧ نيسان/أبريل ٢٠١٥، قدم كذلك طلب اً إلى اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والحريات، لكنه لم يتلق رد اً على هذا الطلب أيض اً.

٢-٢٢ ويدعي صاحب البلاغ أن والده، السيد زوغو أنديلا لم يُسمع بشأن الأفعال المنسوبة إليه منذ اتهامه في عام ٢٠١١. وقد أودع في الحبس رهن المحاكمة قبل خمس سنوات دون أن يجري أي تحقيق منذ ذلك الحين.

٢-٢٣ وقد أصيب السيد زوغو أنديلا منذ دخوله السجن بأمراض كثيرة هي مرض القلب وارتفاع ضغط الدم وال سكري ومشاكل في العينين والأسنان ( ) . وقد حالت إمكاناته المالية المحدودة دون حصوله على المساعدة الطبية منذ 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2013، على الرغم من تدهور حالته الصحية بشدة.

٢- ٢٤ وبالإضافة إلى ذلك، جُمدت جميع الأصول الشخصية والمهنية للسيد زوغو أنديلا منذ 31 آذار/مارس 2011، ما يمنعه من الحصول على أي خدمات قانونية أو طبية غير مجانية. وعلاوة على ذلك، فقد فُتش منزله في ١٤ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١١ وحجزت ممتلكاته في اليوم ذاته.

٢-٢٥ وفي ١٤ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٦، أعلم صاحب البلاغ اللجنة بأنه قدم إلى المحكمة العليا، عقب الإخطار بجلسة الاستماع الأولى المقرر عقدها في 12 تشرين الأول / أكتوبر ٢٠١٦ أمام المحكمة الجنائية الخاصة، طلب اً جديد اً لإلغاء القرارات القضائية وتسجيل القضية في المحكمة. وقد أجبر السيد زوغو مانديلا على مغادرة زنزانته لحضور الجل سة، لكنه رفض الذهاب للمشاركة في ما يسميه استهزاء بالعدالة.

الشكوى

٣- 1 يعتد صاحب البلاغ بالمادة ٢(٣) من العهد إذ يرى أن السيد زوغو أنديلا حرم من الحق في سبيل انتصاف فعال، بالنظر إلى الجهود العديدة العقيمة التي بذلها من أجل الانتصاف.

٣-٢ ويدعي صاحب البلاغ أن الدولة الكاميرونية انتهكت حقوق السيد زوغو أنديلا بموجب المادة 9(1 و3 و4 و5) من العهد، إذ يرى أن اعتقاله واحتجازه تعسفيان. وبالفعل، لا يزال صاحب البلاغ محتجز اً رهن المحاكمة منذ ٣٠ آذار/مارس ٢٠١١، بينما انقضت مدة الاحتجاز القصوى المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية في ٣٠ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢. وقد مضى حتى الآن أكثر من خمس سنوات على احتجاز السيد زوغو أنديلا بوصفه متهم اً من دون محاكمة.

٣-٣ ويدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك لأحكام المادة ١١ من العهد، إذ يرى أن النزاع بين السيد زوغو أنديلا والدولة الكاميرونية نزاع تعاقدي، ما يجعل سجنه غير قانوني.

٣-٤ ويدعي صاحب البلاغ حدوث انتهاك لحقوق السيد زوغو أنديلا بموجب المادة ١٤(١) من العهد، إذ لم تكن قضيته موضوع محاكمة عادلة وعلنية من قبل هيئة قضائية مختصة ونزيهة. كما يدعي أيض اً حدوث إخلال بمبدأ نقل الاختصاص بفعل الطعن، إذ منعت إحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الخاصة هيئة الاستئناف من النظر في طعنه وانتهكت من ثم حقه في محاكمة عادلة. وأفاد صاحب البلاغ بأن قاضي التحقيق فبرك خلسة أمر إحالة دون الشروع في تحقيق قضائي، وهي أساليب قائمة على المماطلة والخداع تكشف الطابع المنحاز وغير القانوني الذي اتسم به أمر الإحالة. وهو يرى أيض اً أنه لم يستفد من افتراض البراءة، ما يشكل انتهاك اً للمادة ١٤(٢).

٣-٥ وعلاوة على ذلك، يرى صاحب البلاغ، بالنظر إلى الآجال المفرطة العديدة التي استغرقها نظر قضية السيد زوغو أنديلا وإلى أنه لم يحاكم حتى الآن، أنه لا بد من استنتاج حدوث تأخير مفرط في الإجراءات، ما يشكل انتهاك اً للمادة 14(3)(ج) من العهد.

٣-٦ وبالإضافة إلى ذلك، يفيد صاحب البلاغ بأن المحكمة الجنائية الخاصة هيئة قضائية استثنائية حديثة النشأة لا تعترف بالحق في الاستئناف، ما يشكل انتهاك اً للمادة 14(5) من العهد.

٣-٧ ويُدعى أن مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي انتهك هو الآخر، إذ احتجز السيد زوغو أنديلا قبل إنشاء المحكمة المكلفة بقضيته، ما يشكل انتهاك اً للمادة 15(1) من العهد. وعلاوة على ذلك، يخضع التنظيم الجنائي للأعمال التجارية في الكاميرون للقانون رقم 2003/008 المؤرخ 10 تموز/يوليه 2003، الذي يعاقب على الجرائم التجارية بعقوبة أقصاها السجن خمس سنوات. وقد اعتمد هذا القانون بعد القانون الجنائي الصادر في تشرين الثاني/نوفمبر 1965، الذي ينص على عقوبة بالسجن مدى الحياة على جريمة اختلاس الأموال العامة. وعليه فقد كان يتعين تطبيق مفهوم القانون الأكثر تساهلا.

٣-٨ ويدعي صاحب البلاغ أن المادة ١٦ من العهد قد انتهكت لما اعترى الإجراءات الجنائية من التباس بين الشخصية القانونية للشركة، بصفتها شخص اً اعتباري اً، وشخصية السيد زوغو أنديلا ، بصفته شخص اً طبيعي اً، ما تسبب في حرمانه من شخصيته القانونية.

٣-٩ كذلك يرى السيد زوغو أنديلا أنه تعرض للتمييز، انتهاك اً للمادة ٢٦، إذ كان المدان الوحيد في النزاع بينما غُض الطرف عن مسؤولين حكوميين سامين، رغم إدارتهم السفن محل النزاع وحيازتهم لها منذ عام 2003.

٣-١٠ لذا، يطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تقرّ بأن احتجاز السيد زوغو أنديلا احتجاز تعسفي؛ وأن توصي حكومة الكاميرون بإطلاق سراحه على الفور؛ وأن تعوضه عما لحقه من أضرار مهنية ومادية وجسدية ومعنوية ونفسية، بمبلغ إجمالي قدره ٢٠٠ مل يون من دولارات الولايات المتحدة ( ) .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

٤-١ تنازع الدولة الطرف، في ملاحظاتها المقدمة في ١٩ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٦، في مقبولية البلاغ، مؤكدة أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية لأغراض الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري. وإضافة إلى ذلك، تدفع الدولة الطرف بأن ادعاءات صاحب البلاغ واهية الأساس.

٤-٢ وتقدم الدولة الطرف، بداية، عرض اً للوقائع، بما في ذلك سعي الكاميرون، من باب الحرص على تطوير أنشطة الصيد البحري وتحديثها، إلى الحصول من إسبانيا على قرض مباشر مقداره 40 مليون دولار تسدد على مدى خمس عشرة سنة على 30 دفعة متساوية القيمة كل ستة أشهر. ولتشغيل السفن، أنشئت شركة هي الشركة الكاميرونية للتأجير البحري، وعُين السيد زوغو أنديلا رئيس اً لها. وهكذا وقع في 30 تشرين الأول/أكتوبر 1996 اتفاق إعادة بين الدولة والشركة، ووضعت الدولة على ذمة الشركة بواخر الصيد العشرين في إطار عقد إيجار. وكان يُفترض أيض اً أن تخصص العائدات المتأتية من تشغيل السفن بدورها لخدمة الديون عن طريق آلية لتموين حساب وسيط، فُتح لضمان سداد أقساط القرض في مواعيدها. وكان ينبغي أن يكون لهذا الحساب، قبل الشروع في تنفيذ الجدول الزمني للقرض، رصيد إيجابي لا يقل مقداره عن ملياري فرنك أفريقي. وهكذا تحتفظ الدولة بملكية البواخر العشرين إلى حين سداد الديون المستحقة بأكملها. وعلاوة على ذلك، يسلّم الاتفاق، في حال إخلال الشركة بأي من التزاماتها، بحق الدولة في سحب السفن دون إشعار سابق، ودون المساس بأي إجراءات منصوص عليها في القوانين والأنظمة.

٤-٣ وتدفع الدولة الطرف بأن المخطط المقرر لم ينفذ للأسف. فقد تميز السيد زوغو أنديلا ، في استغلاله للسفن، على العكس، بأفعال تملّك سافرة. فبسط، على هذا النحو، هيمنته الحصرية على الشركة، وأبعد فعلي اً بقية المشغلين الذين شاركوا في المشروع؛ وبات البعض من السفن يحمل اسمه ( أنديلا )؛ وبذريعة البحث عن أسواق جديدة، وتجنب اً لمراقبة الدولة، نقل 12 سفينة من سفن الأسطول إلى الكونغو وموزامبيق والسنغال وموريتانيا. كما أن صاحب أغلبية الأسهم والمسير الرئيسي في جميع هذه الشركات كان السيد زوغو أنديلا . وقد وقعت هذه الشركات عقود اً لاستئجار بواخر صيد مع الشركة الكاميرونية للتأجير البحري مقابل دفع إيجارات. وهكذا وقع، في ١ تموز/يوليه ٢٠٠٠ في داكار، ملحق لتعديل عقد الاستئجار المبرم في عام ١٩٩٩، بغرض ترفيع الأجر التعاقدي إ لى 15 مليون فرنك أفريقي للسفينة ( ) . وفي العقود الموقعة مع مشغلين مختلفين في هذه البلدان، كانت الشركات المنشأة على هذا النحو تعرّف بأنها مالكة بواخر الصيد.

٤-٤ وعلى الرغم من تشغيل السفن الفعال، لم يودع قط أي مبلغ في الحساب الوسيط. وهكذا تحملت الدولة عبء تسديد الديون، بمقدار ٤٠ مليون دولار. وعلاوة على ذلك، لم يمتثل المعني بالأمر أي اً من الالتزامات النابعة من اتفاق الإعادة. ورغم تعدد رسائل التنبيه، لم يلحظ أي تطور إيجابي. لذا قرر وزير المالية والميزانية، وفق اً للمادة ١٩ من اتفاق الإعادة، إلغاء الاتفاق برسالة مؤرخة ٢٠ حزيران/ يونيه ٢٠٠٣، ودعا مدير الشركة إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لإرساء بواخر الصيد في ميناء دوالا. ولم ينفذ هذا الأمر. فرفعت الدولة دعوى من أجل استرداد السفن. وهكذا فُتشت السفن الثماني العائمة في المياه الإقليمية الكاميرونية وأُعيدت إلى ميناء دوالا. أما السفن الاثنتا عشرة الأخرى المنقولة إلى خمسة بلدان هي إسبانيا، والسنغال، وموزامبيق، والكونغو، وموريتانيا، فقد خُرّب البعض منها وحُجز البعض الآخر وباعه دائنون أجانب. وقد اصطدمت عمليات استرداد السفن الست الموجودة في الكونغو بتعطيلات منهجية من جهات متعاونة مع السيد زوغو أنديلا . وشب حريق في سفينة ( أنديلا السابعة)؛ وغرقت سفينة أخرى ( أنديلا العاشرة).

٤-٥ وتكرر الدولة الطرف أن الحكومة اضطرت إلى تحمل عبء خدمة الديون، والشروع في إجراءات لاسترداد حقها في ملكية السفن المنقولة إلى الخارج، والتدخل أحيان اً لأسباب إنسانية من أجل تسوية أوضاع البحارة المتخلى عنهم في الخارج.

4-6 وفيما يتعلق بالإجراءات، تشير الدولة الطرف إلى أن تأكيد صاحب البلاغ تقديم طلب إلى قاضي التحقيق في بداية الدعوى، بتاريخ 14 أيلول/سبتمبر 2011، بغرض إنهاء الاحتجاز تأكيد غير صحيح. وبالفعل، يكشف ملف القضية أن الاستجواب بدأ في 28 تموز/يوليه 2011. وفي ذلك التاريخ، لم يُثِر المتهم أي اعتراض. وقد أنكر الوقائع. لذا لا يسعه الدفع بأن طلبه قدم في بداية الدعوى. أما الطلب المقدم في 14 أيلول/سبتمبر 2011 فكان موضوعه عدم الاختصاص وعدم سماع الدعوى بسبب التقادم. لذا فإن الموضوع الرئيسي لهذا الطلب لم يكن متعلقاً بالإفراج عن المتهم وإنما بالأسس الموضوعية للقضية.

4-7 وترى الدولة الطرف أن التشريعات الكاميرونية تتضمن مع ذلك آليات تتيح التماس الإفراج، لا سيما المواد من 222 إلى 235 من قانون الإجراءات الجنائية، وهي مواد لم يستخدمها السيد زوغو أنديلا .

4-8 وبخصوص الاحتجاز رهن المحاكمة، طبَّق قاضي التحقيق أحكام المادة 218(2) من قانون الإجراءات الجنائية، التي تقتضي منه إصدار أمر يبرر قراره احتجاز المتهم رهن المحاكمة ( ) وقد أُخطر السيد زوغو أنديلا بهذا الأمر الصادر في 30 آذار/مارس 2011 في اليوم ذاته، لكنه لم يطعن في هذا القرار. وفيما تلا من مراحل الإجراءات، لم يقدم أي طلب للإفراج عنه وفقاً للأحكام المذكورة آنفاً. وترى الدولة الطرف أن الاعتراضات المقدمة وطلب عدم سماع الدعوى أمور لا يمكن اعتبارها طعناً في قرار سلب الحرية الصادر عن قاضي التحقيق، وأن صاحب البلاغ يحاول عبثاً تغيير موضوع طعنه.

4-9 وتفيد الدولة الطرف، خلافاً لما ادعاه صاحب البلاغ، بأن محكمة الاستئناف بمنطقة الوسط فسرت المادة 269 من قانون الإجراءات الجنائية تفسيراً صائباً، في قرارها رفض الطعن المقدم من السيد زوغو أنديلا في 24 تموز/يوليه 2012، لما كان موضوع الطلب المقدم إلى قاضي التحقيق يتعلق باعتراض وبعدم سماع الدعوى، بينما تنص المادة 269 على أنه لا يجوز للمتهم أن يطعن سوى في الأوامر المتعلقة بالاحتجاز رهن المحاكمة. وتحديد نطاق أفعال قاضي التحقيق التي يجوز للمتهم الطعن فيها يتوخى أموراً منها تجنب تعطيل الإجراءات بخطوات هدفها المماطلة. وهكذا يستبعد طعن المتهم في أمر إحالة صادر عن قاضي التحقيق، لا سيما أن هذه الخطوة يجب أن تفهم على أنها رفض من المتهم الخضوع للمحاكمة. وقد أكدت المحكمة العليا هذا التحليل في قرارها الصادر في 1 تموز/يوليه 2015، إذا استنتجت أن "مقدم الطعن، إذ أثار اعتراضات في بداية الدعوى قبل استجوابه الموضوعي، والحال أنه لم يطعن في الأمر الذي استند إليه بضرورة احتجازه رهن المحاكمة وفقاً لأحكام المادة 218(2) من قانون الإجراءات الجنائية بشأن الاحتجاز السابق للمحاكمة بالمعنى الوارد في المادة 269 من هذا القانون، فلا يمكنه الادعاء أنه قدم الطعن وفقاً لمقتضيات المادة 269 من قانون الإجراءات الجنائية".

4-10 وتخلص الدولة الطرف إلى أن طعن السيد زوغو أنديلا في أفعال قاضي التحقيق لم يشكل طلب إفراج بالمعنى الوارد في المواد من 222 إلى 235 من قانون الإجراءات الجنائية، وأنه لم يستنفد سبل الانتصاف التي تتيح الإفراج عنه بكفالة أو من دونها.

4-11 وبخصوص الطعون المقدمة من السيد زوغو أنديلا في إجراء حضوري للطعن في شرعية احتجازه، معترضاً فيها على التحقيق القضائي، ادعى صاحب البلاغ أن استمرار قاضي التحقيق في تحقيقاته بعد طعن المتهم في قرار رفض الاعتراض شكّل انتهاكاً لمبدأ انتقال الاختصاص بفعل الطعن ومبادئ أخرى في إطار الحق في محاكمة عادلة. وتردّ الدولة الطرف بالقول إن قاضي التحقيق كان يمكنه بصفة مشروعة، بموجب القانون المنطبق، مواصلة التحقيق القضائي بعد تقديم السيد زوغو أنديلا طعنه. وبالفعل، تنص المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية بوضوح لا مزيد عليه، على أن "الطعن في أفعال تحقيق غير أوامر الإحالة وعدم سماع الدعوى لا يوقف التحقيق القضائي". وتضيف الدولة الطرف أن الملف ودفتر التحقيق - وهو السجل الذي تُقيَّد فيه باحترام التسلسل الزمني أعمال قاضي التحقيق - يكشفان بما لا لبس فيه إجراء تحقيق قضائي في هذه القضية. وفي الفترة من 30 نيسان/أبريل 2011 إلى 12 أيلول/سبتمبر 2012، اضطلع قاضي التحقيق، دون انقطاع، بأعمال تحقيق منها جلسات الاستماع إلى المدعي بالحق المدني، وجلسات الاستماع إلى الشهود، وإصدار إنابات قضائية دولية ووطنية ( ) .

4-12 وتضيف الدولة الطرف أن السيد زوغو أنديلا دُعي في جميع مراحل الإجراءات إلى الإدلاء برأيه. وكان ملف القضية متاحاً لمحاميه طيلة الإجراءات، وفقاً لما تقتضيه المادة 171 (الفقرات من 1 إلى 4) من قانون الإجراءات الجنائية. وفي المرة الأولى، أي في 28 تموز/ يوليه 2011، نفى صاحب البلاغ الوقائع ثم رفض الكلام، في إطار استجوابه الموضوعي. وفي المرة الثانية، أي في 14 أيلول/سبتمبر 2011، قدم محاموه اعتراضاً (تقادم الوقائع وافتقار قاضي التحقيق إلى الاختصاص الإقليمي والقاضي الجنائي إلى الاختصاص الموضوعي) ( ) . وفي المرة الثالثة، أي في 2 آب/أغسطس 2012، رفض السيد زوغو المثول أمام قاضي التحقيق متذرعاً بغياب محاميه. وتضيف الدولة الطرف أن حق المتهم في التزام الصمت مكرس في المادة 170 من قانون الإجراءات الجنائية، ويمكن أن يشكل استراتيجية دفاع، لكن هذه الاستراتيجية ينبغي ألا تعطل سير التحقيق القضائي. أما الطعون التي قدمها السيد زوغو أنديلا محتجاً على شرعية القرارات بالاستناد إلى تجاوز مدة الاحتجاز واستمرار التحقيق القضائي بعد الطعن في قرار قاضي التحقيق، القاضي برفض حجتي عدم الاختصاص والتقادم، فهي مجرد طعون تسويفية.

4-13 وتضيف الدولة الطرف، بخصوص مسألة الآجال، أن ادعاء صاحب البلاغ بشأن تأخر الإخطار بالأمر المذكور (الفقرة 2-14) ادعاء باطل، نظراً إلى أن السيد زوغو رفض في 21 أيلول/سبتمبر 2012 استلام نسخة من المحضر وتوقيعها على النحو المبين في المحضر ( ) .

4-14 وفيما يتعلق باختصاص المحكمة الجنائية الخاصة، تشير الدولة الطرف إلى أن هذه الهيئة القضائية تنفرد باختصاص نظر المنازعات المتعلقة باختلاس أموال عامة يتجاوز مقدارها 50 مليون فرنك أفريقي. لذا فقد أصدرت المحكمة العليا حكمها بشأن الطعن المقدم من السيد زوغو أنديلا ، بينما تنظر المحكمة في القضية المعروضة عليها بامتثال صارم لحقوق الدفاع. وقد عين تاريخ الجلسة الأولى أمام المحكمة الجنائية الخاصة ليوم 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 ( ) .

4-15 والمحكمة الجنائية الخاصة هيئة قضائية منشأة بالقانون رقم 2011/28 المؤرخ 14 كانون الأول/ديسمبر 2010 (المعدل بالقانون رقم 2012/11 المؤرخ 16 تموز/يوليه 2012). وتنص المادة 2 من هذا القانون على اختصاص المحكمة "في أن تنظر، حيثما كان مقدار الضرر الأدنى 50 مليون فرنك أفريقي، جرائم اختلاس الأموال العامة والجرائم ذات الصلة المنصوص عليها في القانون الجنائي والاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها الكاميرون". والمحكمة هيئة قضائية ذات ولاية خاصة وليست ذات ولاية استثنائية كما يدعيه صاحب البلاغ. كما أن مبدأ التقاضي على درجتين لم ينتهك. وتنص المادة 11 من القانون على جواز الطعن في قرارات المحكمة الجنائية الخاصة ( ) .

4-16 وفيما يتعلق بتكليف المحكمة الجنائية الخاصة في ضوء مبدأ عدم الرجعية المنصوص عليه في العهد، تدفع الدولة الطرف بأن القانون رقم 2011/028 قانون إجرائي واجب التطبيق على الفور. وتنص المادة 15 من هذا القانون على ما يلي:

"(1) تباشر الهيئات القضائية المكلفة بالإجراءات ذات الصلة بالأفعال المشار إليها في المادة 2 من هذا القانون، إما في مرحلة التحقيق القضائي أو في أثناء المحاكمة، إصدار قراراتها ؛

(2) ترفع إلى هذه المحكمة، فور صدور هذا القانون، قرارات الإحالة والإحالة الجزئية أو عدم سماع الدعوى جزئياً الصادرة عن قاضي تحقيق المحكمة الإقليمية في إطار الإجراءات المتعلقة بالأفعال المشار إليها في المادة 2 أعلاه".

4-17 وهكذا، عمد قاضي تحقيق محكمة مفوندي الإقليمية إلى إغلاق التحقيق القضائي بقرار إحالة وعدم سماع الدعوى جزئياً في 12 أيلول/سبتمبر 2012، أي بعد صدور القانون آنف الذكر. وعليه فإن مبدأ عدم رجعية القانون الجنائي الأشد صرامة لم ينتهك.

4-18 وفيما يتعلق باستمرار احتجاز السيد زوغو أنديلا وادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 9، تشير الدولة الطرف إلى صدور أمر قضائي في إطار التحقيق برر هذا الاحتجاز، إذ تنص المادة 262 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "إذا ما أحيلت إلى المحكمة قضية تشكل وقائعها جنحة، فإن قرار الإحالة لا ينهي الاحتجاز السابق للمحاكمة أو تدبير الحراسة القضائية، عندما تتجاوز مدة العقوبة القصوى المترتبة على هذه الجنحة مدة الاحتجاز". لذا استمر الاحتجاز خدمة لمصلحة العدالة.

4-19 وبخصوص ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 11 من العهد أن وقائع القضية تندرج ضمن المنازعات التجارية ولا تشكل جرائم جنائية، تشير الدولة الطرف إلى أن المسألة مسألة تقييم وتوصيف للوقائع وهي معروضة حالياً على هيئاتها القضائية، التي لم تحسم موقفها منها بعد، وأنه ليس للجنة من ثم أن تفصل في هذه المسألة. وعلاوة على ذلك، دأبت اللجنة على اعتبار أن حظر الاحتجاز بسبب الديون المكرس في المادة 11 لا ينطبق على الجرائم الجنائية المتصلة بديون مدنية. وفي هذه القضية، يحاكم السيد زوغو أنديلا بتهمة اختلاس أموال عامة، وهي جريمة تغطيها وتعاقب عليها المادة 184 من القانون الجنائي. ولهذه الأسباب، لا يجوز تطبيق المادة 11 من العهد.

4-20 وبخصوص المادة 2(3)، تدفع الدولة الطرف بأن السيد زوغو أنديلا ، إذ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية لطلب إطلاق سراحه رغم توافر هذه السبل، فلا يمكنه أن يزعم أنه حرم من سبيل انتصاف فعال.

4-21 وبخصوص ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 16، تشير الدولة الطرف إلى أن المسؤولية الجنائية للأشخاص الاعتباريين لا تستبعد المسؤولية الفردية للأشخاص الطبيعيين الذين ارتكبوا الأفعال ذاتها أو تواطؤوا في ارتكابها. وعبثاً يحاول السيد زوغو أنديلا الاختباء خلف الشخصية الاعتبارية للشركة التي كان يمثلها للإفلات من المحاكمة.

4-22 وأخيراً تدفع الدولة الطرف بأن ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 26 لا أساس لها، إذ لم يشرح كيفية تشابه حالة الأشخاص الآخرين الملاحقين بتهمة اختلاس أموال عامة مع حالة السيد زوغو أنديلا ، كما لم يثبت حدوث تمييز لا مبرر له في المعاملة.

4-23 وتدعو الدولة الطرف اللجنة إلى رفض ادعاءات صاحب البلاغ باعتبارها بلا أساس واستنتاج عدم اختصاصها في فرض عقوبات مالية على الدول.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 2 آذار/مارس 2017، قدم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف. وقد أضاف كذلك ادعاءً بموجب المادة 7 من العهد، إذ قال إن ظروف المعيشة والاحتجاز المزرية التي يواجهها السيد زوغو أنديلا كان لها أثر على صحته. وعلاوة على ذلك، يدفع بأن جميع ممتلكاته وأصوله قد جمدت ظلماً. لذا يتعذر على السيد زوغو أنديلا الحصول على العلاج المناسب والغذاء الكافي والوفاء بالتزاماته المالية الجارية، بما فيها أتعاب المحامين. وعليه يدعي صاحب البلاغ أن قرار تجميد الحسابات أو بيع الممتلكات بصورة غير قانونية أو حجز أثاث منزل السيد زوغو أنديلا ، علاوة على احتجازه ورفض علاجه وتزويده بغذاء ملائم للنظام الغذائي الذي وصفه له أطباؤه أفعال تشكل اعتداء على سلامته الجسدية ومعاملة لا إنسانية ومهينة.

5-2 ومن الناحية القانونية يؤكد صاحب البلاغ ويكرر ادعاءاته بالقول إن سبل الانتصاف عديمة الجدوى وأن السيد زوغو أنديلا ما كان ملزماً بتقديم طلب سراح بكفالة، ما دام قد طلب عدم سماع الدعوى على أساس تقادم الوقائع، وهو طلب كان يفترض أن يجبر قاضي التحقيق على عدم النظر في القضية والأمر بإلغاء قرار الاحتجاز رهن المحاكمة الصادر في 30 آذار/مارس 2011.

5-3 ويعترض صاحب البلاغ على استنتاجات المحكمة العليا الصادرة في 1 تموز/ يوليه 2015 . وهو ينفي إجراء أي تحقيق قضائي في قضية السيد زوغو أنديلا ، ويتهم الدولة الطرف بفبركة وثائق مزورة ( ) لعرضها على اللجنة، ويؤكد من جديد أن احتجاز السيد زوغو أنديلا منذ 30 آذار/مارس 2011 دون محاكمة تدبير مجحف.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً لما تقتضيه المادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

6-2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لمتطلبات المادة 5(2)(أ) من البروتوكول الاختياري من أن المسألة ذاتها ليست قيد النظر في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تطعن في مقبولية البلاغ بحجة أن سبل الانتصاف المحلية لم تُستنفد بالمعنى الوارد في المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

6-4 وفي هذا الخصوص، تحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 9(1) و(3) و(4) و(5) من العهد فيما يتعلق بالاحتجاز التعسفي المزعوم للسيد زوغو أنديلا . وتحيط اللجنة علماً بادعاء الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية، إذ لم يستخدم آلية التماس السراح، لا سيما المواد من 222 إلى 235 من قانون الإجراءات الجنائية (بشأن طلبات السراح بكفالة أو من دونها).

6-5 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 9(5) من العهد الذي سعى من خلاله إلى الحصول على تعويض عن احتجاز السيد زوغو أنديلا ، الذي يصفه بالتعسفي. إلا أن اللجنة تلاحظ أن هذا الادعاء لم يُثر أمام محاكم الدولة الطرف. وتذكر اللجنة باجتهاداتها التي تفيد بأن على صاحب البلاغ الاستفادة من جميع سبل الانتصاف المحلية للوفاء بمتطلبات الفقرة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري، بقدر ما تبدو هذه السبل متاحةً وفعالةً ( ) . وعليه، فإن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

6-6 وتلاحظ اللجنة أن السيد زوغو أنديلا طلب إلى قاضي التحقيق في 14 أيلول / سبتمبر 2011 إلغاء قرار احتجازه رهن المحاكمة، وذلك بحجة عدم اختصاص القاضي مكانياً وموضوعياً وتقادم الوقائع. ورفض قاضي التحقيق طلبه في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2011. فطعن السيد زوغو أنديلا عند ذلك في القرار أمام دائرة مراقبة التحقيق التابعة لمحكمة الاستئناف بمنطقة الوسط في ياوندي، التي أعلنت عدم مقبولية الاستئناف. عندها قدم المتهم طعناً أمام المحكمة العليا في الكاميرون، في 20 أيلول/سبتمبر 2012، ورُفِضَ هذا الطعن أيضاً.

6-7 وتلاحظ اللجنة علاوةً على ذلك أن صاحب البلاغ قدم إلى رئيس محكمة مفوندي الإقليمية، وهو قاضي الإحضار، طلباً لإطلاق سراحه على الفور، وفقاً لما تجيزه المادة 584 من قانون الإجراءات الجنائية (الفقرة 2-16)، بعد أن مُدد حبسه مرتين وغدا احتجازه رهن المحاكمة بلا أساس منذ 30 أيلول/سبتمبر 2012، إذ تجاوز فترة 18 شهراً المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية. ورُفِض طلبه في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2012. وفي 30 تشرين الأول/أكتوبر 2012، قدم السيد زوغو أنديلا طعناً في هذا القرار قوبل بالرفض. وفي 13 نيسان/أبريل 2015، قدّم طلب مثول جديداً (الفقرة 2-19) قوبل بالرفض أيضاً.

6-8 وفي هذه الظروف، لا يسع اللجنة أن تخلص إلى أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق باحتجازه السيد زوغو أنديلا بعد 30 أيلول/سبتمبر 2012. لذا تعلن اللجنة مقبولية الادعاء المتعلق بالمادة 9(1) و(3) و(4) من العهد بموجب المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

6-9 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن السيد زوغو أنديلا حُرِم من سبيل انتصاف فعال، ما ينتهك المادة 2(3) من العهد. وتذكر اللجنة بأنه لا يجوز للأفراد الاعتداد بالمادة 2 من العهد إلا بالاقتران مع أحكام أخرى منه، وترى أن ادعاءات صاحب البلاغ في هذا الخصوص يجب اعتبارها غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري ( ) .

6-10 وفي إطار المادة 7 من العهد، تحيط اللجنة علماً في المقام الأول بادعاءات صاحب البلاغ فيما يتعلق بظروف معيشة السيد زوغو أنديلا ، وهي مرتبطة باحتجازه وبتجميد أصوله، في إطار الإجراءات القضائية المتخذة في حقه. وقد أشار أيضاً إلى شواغل صحية وإلى رفض سلطات السجون تزويده بالعلاج وبغذاء ملائم لحالته الصحية. وتلاحظ اللجنة، بالاستناد إلى العناصر الواردة في الملف، أن صاحب البلاغ لم يثر هذه الادعاءات أمام المحاكم المحلية. كما أنه لم يدعم هذا الادعاء بما يكفي من الأدلة أمام اللجنة، عدا تقديم شهادة طبية بتاريخ 26 آب/أغسطس 2016، تعرض السوابق الصحية للسيد زوغو أنديلا ( ) . وبناءً عليه، ترى اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ ينبغي اعتباره غير مقبول أيضاً بموجب المادتين 2 و5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري ( ) .

6-11 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ انتهاك حقوق والده بموجب المادة 11، إذ يعتبر السيد زوغو أنديلا أنه سُجِنَ لإخلاله بالتزام تعاقدي. وتذكر اللجنة باجتهاداتها التي تفيد بأن حظر الاحتجاز بسبب المديونية، المكرس في المادة 11 من العهد، لا ينطبق على الجرائم الجنائية المتصلة بديون مدنية، وبأن المتورط في احتيال أو إفلاس بسيط أو احتيالي معرّض لعقوبة السجن وإن كان غير قادر على تسديد ديونه ( ) . وتلاحظ اللجنة أن السيد زوغو أنديلا يُلاحق جنائياً في هذه القضية بتهمة اختلاس أموال عامة، وهي تهمة تغطيها وتعاقب عليها المادة 184 من القانون الجنائي، وأنه لا يمكن الدفع بأن الوقائع موضوع النزاع تتعلق بالإخلال بالتزام تعاقدي. وعليه، فإن الوقائع تندرج بالفعل في نطاق الجرائم الجنائية ولا علاقة لها بالعجز عن الوفاء بالتزام تعاقدي، بحيث تخلص اللجنة إلى أن هذا الادعاء يتعارض من حيث الاختصاص الموضوعي مع المادة 11 من العهد، ويجب من ثم اعتباره غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري ( ) .

6-12 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 14(1) و(2) أن قضية السيد زوغو أنديلا لم تكن موضوع محاكمة عادلة وعلنية من قبل محكمة مختصة ومحايدة، وأن إحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الخاصة شكلت انتهاكاً لحقه في محاكمة عادلة وفي افتراض البراءة. وادعى صاحب البلاغ أيضاً أن استمرار قاضي التحقيق في تحقيقاته بعد طعن صاحب البلاغ في قرار رفض الاعتراض المقدم شكّل انتهاكاً لمبدأ انتقال الاختصاص بفعل الطعن ولمبادئ أخرى في إطار الحق في محاكمة عادلة.

6-13 وتلاحظ اللجنة أن معظم ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 14(1) تتعلق بتطبيق محاكم الدولة الطرف القانون الوطني. وقد ردّت الدولة الطرف بالقول إنه يجوز لقاضي التحقيق بصورة مشروعة مواصلة تحقيقاته القضائية بعد الطعن المقدم من السيد زوغو أنديلا ، وفق ما تجيزه له المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية. وتذكّر اللجنة بأنه يقع عموماً على عاتق محاكم الدول الأطراف أن تنظر في الوقائع والأدلة أو تطبيق التشريعات المحلية في دعوى بعينها، إلا إذا أمكن التحقق من أن تقييم الأدلة أو تطبيق التشريعات كان تعسفياً بوضوح، أو انطوى على خطأ سافر أو بلغ حد إنكار العدالة ( ) . وبناءً عليه، تعلن اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-14 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 14(5) أن المحكمة الجنائية الخاصة محكمة استثنائية لا تعترف بالتقاضي على درجتين. وتذكر اللجنة بأن المادة 14(5) من العهد تنصّ على حق كل شخص مدانٍ بجريمة في أن تنظر محكمة أعلى درجة في قرار إدانته والحكم الصادر في حقه، طبقاً للقانون. بيد أن اللجنة تلاحظ أن السيد زوغو أنديلا متهم في هذه القضية بجرائم اختلاس أموال عامة وحيازة ممتلكات الغير دون وجه حق، وهي جرائم يغطيها ويعاقب عليها القانون الجنائي الكاميروني، ولم يُحاكم المتهم بها بعدُ. لذا فهو يفتقر إلى صفة الضحية، من حيث الاختصاص الشخصي، ويجب من ثم رفض ادعائه بموجب المادة 14(5) في مرحلة المقبولية بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

6-15 وأحاطت اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ حدوث انتهاك للمادة 15 من العهد، لأن السيد زوغو أنديلا سُجن قبل إنشاء المحكمة الجنائية الخاصة المكلفة بمحاكمته. وتلاحظ اللجنة أن المتهم يُلاحق بجريمة اختلاس أموال عامة، تعاقب عليها المادة 184 من قانون العقوبات الكاميروني لعام 1965، وهي أفعال قد ارتكبت في الفترة ما بين عامي 1996 و2003، وأن تغيير المحكمة لم يغير توصيف الجريمة القانوني ولا العقوبة المترتبة عليها. لذا تخلص اللجنة إلى أن ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 15 يتعارض من حيث الاختصاص الموضوعي مع الحقوق المكرسة في العهد، ولا يجوز من ثم قبوله بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-16 وبخصوص ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 16 أن السيد زوغو أنديلا لا يتحمل المسؤولية الجنائية، التي ينبغي أن يتحملها الشخص الاعتباري، وهي الشركة التي كان رئيسها ومديرها العام، ترى اللجنة أن هذا الادعاء مرفوض أيضاً ما دام السيد زوغو أنديلا متهماً بصفته الشخصية بجرائم معينة يُدعى أنه ارتكبها عندما كان على رأس الشركة، وملاحق بحكم المنصب. لذا فإن هذا الادعاء متعارض من حيث الاختصاص الموضوعي مع المادة 16 وينبغي اعتباره غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري.

6-17 وبخصوص ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 26، تلاحظ اللجنة أن هذا الادعاء لم يُعرض أمام المحاكم المحلية. وعلاوة على ذلك، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يدعم هذا الادعاء بما يكفي من الأدلة، إذ لم يُثبت ما يدعيه من تمييز في المعاملة مقارنة بأشخاص آخرين يخضعون لولاية الدولة الطرف، على أساس أي من الأسباب المعروضة في المادة 26 من العهد. لذا تعلن اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادتين 2 و5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

6-18 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ دعم بما يكفي من الأدلة، لأغراض المقبولية، ادعاءاته بموجب المادة 9(1) و(3) و(4) من العهد والمادة 14(2) و(3)(ج) من العهد، وتشرع من ثم في دراسة البلاغ من حيث الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفق ما تقتضيه المادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

7-2 وتذكر اللجنة بأن المادة 9 من العهد تنص على أنه "لا يجوز توقيف أحد أو احتجازه تعسفاً". وتذكر اللجنة أيضاً بأنه يجب، بعد التقييم الأولي الذي يحدد ضرورة تطبيق الاحتجاز السابق للمحاكمة، إعادة النظر بصفة دورية في تدبير الاحتجاز لمعرفة ما إذا كان لا يزال معقولاً وضرورياً بالنظر إلى الحلول الممكنة الأخرى ( ) . وتنص المادة 9(3) على أن "الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية [...] من حقه أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو أن يفرج عنه". وتلاحظ اللجنة أن السيد زوغو أنديلا محتجز رهن المحاكمة منذ 30 آذار/مارس 2011، في أعقاب توجيه الاتهامات إليه. وتلاحظ كذلك أن محاكم الدولة الطرف بررت استمرار احتجازه بأسباب إجرائية محضة، وقد أُحيلت القضية إلى المحكمة الجنائية الخاصة دون أن يُنظر في مسألة احتجازه في جوهرها. وتلاحظ اللجنة عدم إجراء أي تقييم لشرعية الاحتجاز. وبناءً عليه، تخلص اللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف لم تقدم أي أسباب تبرر استمرار احتجاز السيد زوغو أنديلا ، إلى حدوث انتهاك للمادة 9(1) و(3) و(4).

7-3 وبخصوص مسألة التأخير المفرط في الإجراءات، تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن السيد زوغو أنديلا لم يُسمع بشأن الأفعال المنسوبة إليه منذ اتهامه في عام 2011 واحتجازه رهن المحاكمة الذي مر عليه اليوم أكثر من 6 سنوات. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بالآجال الأخرى التي احتج عليها صاحب البلاغ، لا سيما القرار الصادر في 24 تموز/ يوليه 2012، في أعقاب الطعن المقدم من السيد زوغو أنديلا ، وهو قرار صدر عن محكمة الاستئناف بمنطقة الوسط بعد انقضاء الأجل المنصوص عليه في القانون الكاميروني بما يزيد عن 10 أشهر (الفقرة 2-12). وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن المحكمة العليا لم تصدر حكمها بشأن الطعن المقدم في 20 آذار/مارس 2012 (الفقرتان 2-12 و2-13) إلا في 1 تموز/يوليه 2015، أي بعد 3 سنوات تقريباً.

7-4 وتذكر اللجنة بأن المادة 14(3)(ج) تنص على حق كل فرد "في أن يحاكم دون تأخير لا مبرر له" ( ) . وتذكر اللجنة كذلك بأن السيد زوغو أنديلا أوقف في 29 آذار/مارس 2011؛ وأنه أحضر أمام المدعي العام لمحكمة موفوندي الإقليمية في 30 آذار/مارس 2011؛ واتهم في اليوم ذاته بتهمة اختلاس أموال عامة وحيازة ممتلكات الغير دون وجه حق، ووضع في الحبس رهن المحاكمة. وقد دفعت الدولة الطرف بأن قاضي التحقيق اضطلع بأعمال تحقيق متعددة في الفترة ما بين نيسان/أبريل 2011 وأيلول/سبتمبر 2012؛ ثم أُحيلت القضية بأمر منه إلى المحكمة الجنائية الخاصة. ويتضح أيضاً من المعلومات المتاحة للجنة أن جلسة الاستماع الأولى أمام المحكمة الجنائية الخاصة عُقدت في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2016 (الفقرة 2-25). وأحاطت اللجنة علماً بما وردها من الدولة الطرف من معلومات عن التهم الموجهة إلى السيد زوغو أنديلا ، ومدى تعقيد القضية، والمتطلبات الإجرائية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية. بيد أن الدولة الطرف لم تقدم أي سبب محدد يبرر طول المدة المنقضية بين اتهام السيد زوغو أنديلا في 30 آذار/مارس 2011 وعقد الجلسة الأولى في 12 تشرين الأول/أكتوبر 2016. كما أنها لم تقدم إلى اللجنة أي معلومات عن أي تقدم محرز في المحاكمة منذ تلك الجلسة الأولى. وترى اللجنة أن هذا التأخير يزداد خطورة بحكم أن السيد زوغو أنديلا محتجز رهن المحاكمة، بلا انقطاع، منذ توقيفه في عام 2011.

7-5 وتخلص اللجنة، في ضوء المعلومات المقدمة إليها، وفي غياب توضيحات شافية من الدولة الطرف، إلى حدوث انتهاك للمادة 14(3)(ج). وفي ضوء هذا الاستنتاج، تقرر اللجنة عدم النظر على حدة في ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 14(2) من العهد.

8- إن اللجنة، إذ تتصرف بموجب أحكام المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف لأحكام المادة 9(1) و(2) و(3) و(4) والمادة 14(3)(ج) من العهد فيما يتعلق بالسيد زوغو أنديلا .

9- وعملاً بالمادة 2(3)(أ) من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بأن تضمن لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعالاً. ويشمل ذلك دفع الدول الأطراف تعويضاً كاملاً للأشخاص الذين انتهكت حقوقهم المعترف بها في العهد. وفي هذه القضية، فإن الدولة الطرف ملزمة بأمور منها: (أ) الإفراج فوراً عن السيد زوغو أنديلا في انتظار محاكمته؛ و(ب) محاكمة السيد زوغو أنديلا على وجه السرعة؛ و(ج) تقديم تعويض مناسب إلى السيد زوغو أنديلا عما تعرض له من انتهاكات. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري؛ قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وإضافة إلى ذلك، تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف نشر هذه الآراء على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.