الأمم المتحدة

CCPR/C/126/D/2311/2013

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

30 September 2019

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة ٥(٤) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم ٢٣١١/٢٠١٣ * **

بلاغ مقدم من: باخيتزان توريغوزينا (تمثلها المحامية آنا سميرنوفا )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحبة البلاغ

الدولة الطرف: كازاخستان

تاريخ تقديم البلاغ: ٣٠ أيار/مايو ٢٠١٣ (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة ٩٧ من النظام الداخلي للجنة (المادة ٩٢ حاليا ً )، الذي أحيل إلى الدولة الطرف في ٩ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٣ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: ٢٥ تموز/يوليه ٢٠١٩

الموضوع: رفض الإذن بعقد تجمع سلمي

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ وعدم إثبات الادعاءات بأدلة كافية

المسائل الموضوعية: حرية التجمّع؛ وعدم التمييز

مواد العهد: ٢١ و٢٦

مواد البروتوكول الاختياري: ٢ و٥(٢)(ب)

١- صاحبة البلاغ هي باخيتزان توريغوزينا ، المواطنة الكازاخستانية المولودة في عام 1962. وهي تدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها التي تكفلها المادتان 21 و٢٦ من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في ٣٠ أيلول/سبتمبر ٢٠٠٩. وتمثّل صاحبةَ البلاغ محامية.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

٢-١ صاحبة البلاغ هي رئيسة المنظمة غير الحكومية "Ar.Rukh.Khak". وقدمت صاحبة البلاغ، في ١ آذار/مارس ٢٠١٢، طلباً إلى محافظة ألماتي (Akimat) ( ) للإذن لها بعقد تجمع سلمي (اجتماع) ( ) موضوعه "100 يوم بعد إطلاق النار على الناس في جاناوزين "، وذلك يوم 24 آذار/مارس ٢٠١٢، من الساعة 12 ظهراً إلى الساعة 2 عصراً، في الميدان المقابل لقصر الجمهورية، بجوار النصب التذكاري لآباي كونانبايولي . وكان من المتوقع أن يشارك في التجمع ألف شخص. وفي 6 آذار/مارس 2012، تلقت صاحبة البلاغ رداً خطياً من السلطات المحلية يفيدها بأن المحافظة قررت عدم الإذن بعقد الاجتماع المعني لأن طلب صاحبة البلاغ المقدم في ١ آذار/مارس ٢٠١٢ "لم يتضمن معلومات عن مكان عمل (دراسة) الممثل المخول [للاجتماع] (منظم) [الاجتماع] والشخص المسؤول عن حفظ النظام العام [أثناء الاجتماع]".

٢-٢ وفي ٧ آذار/مارس ٢٠١٢، قدمت صاحبة البلاغ طلبا ً ثانيا ً إلى محافظة ألماتي تضمَّن المعلومات المطلوبة، أي مكان عمل منظم الاجتماع والشخص المسؤول عن حفظ النظام العام أثناء الاجتماع. وبالإضافة إلى ذلك، قدمت صاحبة البلاغ قائمة ب ‍ ٢٩ موقعاً بديلاً في ألماتي إذا قررت المحافظة عدم إمكانية عقد الاجتماع في الميدان المقابل لقصر الجمهورية بجانب النصب التذكاري لآباي كونانبايولي ، وهو المكان الذي أُشير إليه في الطلب الأولي لصاحبة البلاغ.

٢-٣ وفي ١٩ آذار/مارس ٢٠١٢، تلقت صاحبة البلاغ من محافظة ألماتي رفضاً للإذن بعقد الاجتماع في أي من المواقع ال ‍ 30 المشار إليها في طلبيها ( ) . وأشار ال قرار، الموقَّع من نائب محافظ ألماتي ، إلى القرار السابق الذي اعتمده مجلس مدينة ألماتي (Maslikhat) ( ) في ٢٩ تموز/ يوليه ٢٠٠٥، بالإذن بتنظيم جميع المناسبات العامة غير الحكومية "ذات الطابع الاجتماعي والسياسي" في الميدان الواقع خلف سينما ساري أركا ( ) . ويقضي نفس القرار الصادر عن مجلس مدينة ألماتي بعقد المناسبات الرسمية، ذات الطابع المحلي والوطني، التي تنظمها الهيئات الحكومية المعنية، وكذلك المناسبات الأخرى التي يشارك فيها مسؤولون رفيعو المستوى من الدولة والمدينة، في ميدان الجمهورية. أما الميادين والحدائق الأخرى فتُستخدم للأنشطة الرسمية والثقافية والترفيهية، وفقا ً لأغراضها المعمارية والوظيفية.

٢-٤ وفي ١٦ أيار/مايو ٢٠١٢، قدمت صاحبة البلاغ التماساً إلى الدائرة الثانية لمحكمة ألمالينسكي المحلية في ألماتي بموجب الفصل 27 من قانون الإجراءات المدنية، طلبت فيه إلى المحكمة أن تعلن عدم قانونية قرار المحافظة الصادر في ١٩ آذار/مارس ٢٠١٢ لأنه يتعارض مع المادة ٢١ من العهد ومع المعايير الدولية المتعلقة بالحق في التجمع السلمي. واحتجت صاحبة البلاغ، تحديداً، في التماسها بأن المحافظة لم تقدم أي مسوِّغ بشأن أسباب وغرض قرارها الذي يقيد حقها في التجمع السلمي. وعلاوة على ذلك، نظراً إلى أن قرار المحافظة برفض الإذن بعقد الاجتماع استند إلى لائحة داخلية، هي قرار مجلس مدينة ألماتي ، فيكون تقييد الحق في التجمع السلمي مخالفاً أيضاً لمقتضيات المادة ٢١ من العهد على النحو المنصوص عليه في القانون.

٢-٥ وفي ١٩ حزيران/يونيه ٢٠١٢، قررت الدائرة الثانية لمحكمة ألمالينسكي المحلية في ألماتي أن قرار المحافظة الصادر في ١٩ آذار/مارس ٢٠١٢ قانوني ومبرر، وبالتالي رفضت التماس صاحبة البلاغ. وذكرت المحكمة أن الإذن بعقد الاجتماع رُفض لمصلحة النظام العام ولحماية الصحة العامة وحقوق وحريات الآخرين، ولذلك، لم يتعارض قرار المحافظة مع مقتضيات المادة ٢١ من العهد. وترى المحكمة أن معظم المواقع التي أُشير إليها في الطلبات المقدمة من صاحبة البلاغ كانت قريبة جداً من طرق ذات حركة مرور كثيفة. كما أن هذه الطرق مستخدمة للمواصلات العامة. وعلاوة على ذلك، كانت المواقع التي اختارتها صاحبة البلاغ قريبة من الهياكل الأساسية الرئيسية للمدينة ومحطات ربط السكك الحديدية وأماكن الأنشطة الترفيهية والترويحية التي تجتذب أعداداً غفيرة من الناس. وخلصت المحكمة إلى أنه نظراً إلى أن العدد المتوقع للمشاركين في الاجتماع كان حوالي ألف شخص، فكان سيترتب على الاجتماع عقبات تؤدي إلى انقطاع خدمات النقل العام العادية والإخلال بالنظام العام وأمن المواطنين "أثناء فترة الاحتفالات" ( ) .

٢-٦ وفي ٢٧ حزيران/يونيه ٢٠١٢، طعنت صاحبة البلاغ في قرار الدائرة الثانية لمحكمة ألمالينسكي المحلية في ألماتي أمام مجلس الاستئناف القضائي لمحكمة مدينة ألماتي . وطلبت صاحبة البلاغ أن تلغي محكمة الاستئناف قرار المحكمة الابتدائية وأن تعلن عدم قانونية قرار المحافظة، لتعارضه مع المادة ٣٢ من الدستور ( ) والمادة ٢١ من العهد . وفي 14 آب/أغسطس 2012، رُفض استئناف صاحبة البلاغ. وخلص مجلس الاستئناف القضائي إلى أن قرار المحافظة قانوني وأن حق صاحبة البلاغ في التجمع السلمي لم يُنتهك، لأنها لم تستفد من إمكانية تنظيم الاجتماع في الموقع المحدد في قرار مجلس مدينة ألماتي .

٢-٧ وفي ٧ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢، قدمت صاحبة البلاغ طعناً بالنقض أمام مجلس النقض القضائي لمحكمة مدينة ألماتي للاعتراض على قرارات المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف. واحتجت، في جملة أمور، بأن هاتين المحكمتين لم تطبقا على نحو سليم قانون إجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية، وأن القرارات الصادرة عنهما تتعارض مع المعايير الدولية المتعلقة بالحق في التجمع السلمي. واحتجت صاحبة البلاغ أيضا ً بأن محافظة ألماتي لم تطرح عليها إمكانية تنظيم الاجتماع في الموقع المحدد في قرار مجلس مدينة ألماتي . وفي ١٨ تشرين الأول/أكتوبر 2012، أيد مجلس النقض القضائي قرار الدائرة الثانية لمحكمة ألمالينسكي المحلية، وقرار مجلس الاستئناف القضائي، ورفض الطعن بالنقض الذي قدمته صاحبة البلاغ.

٢-٨ وفي ١٦ كانون الثاني/يناير ٢٠١٣، قدم ت صاحبة البلاغ طلباً إلى المحكمة العليا لإجراء مراجعة قضائية رقابية للقرارات السابقة التي أصدرتها المحاكم. وفي ١٤ آذار/ مارس ٢٠١٣، رفض المجلس المعني بالقضايا المدنية والإدارية التابع للمحكمة العليا طلب صاحبة البلاغ باعتباره لا يستند إلى أي أساس. وفي تاريخ غير محدد، قدَّمت صاحبة البلاغ طلباً إلى مكتب الادعاء العام لإجراء مراجعة قضائية رقابية. ورفض نائب المدعي العام طلبها في ٤ أيار/مايو ٢٠١٣. وبناءً على ذلك، تفيد صاحبة البلاغ بأنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة والفعالة . ‬

الشكوى

٣-١ تدعي صاحبة البلاغ أن حظر تنظيم الاجتماع يشكل انتهاكاً لحقوقها بموجب المادة 21 من العهد. وهي تحتج، بشكل خاص، بأن اشتراط الحصول مسبقاً على إذن من السلطات المحلية من أجل تنظيم تجمع سلمي يشكل تقييداً غير قانوني للحق في التجمع السلمي بالمعنى المقصود في المادة ٢١ من العهد. وتذكِّر في هذا السياق بأن قانون إجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية يشترط، لعقد أي تجمع سلمي في مكان مفتوح، تقديم طلب إلى الهيئة التنفيذية المحلية (المحافظة) قبل عشرة أيام على الأقل من المناسبة المقررة، والحصول على إذن خطي. وتدفع صاحبة البلاغ كذلك بأن قرار محافظة ألماتي برفض الإذن بالاجتماع، وقرارات محاكم الدولة الطرف، لم تقدم أي مسوِّغ بشأن أسباب وغرض فرض قيد على حقها في التجمع السلمي، الذي تحميه المادة ٢١ من العهد.

٣-٢ وتفيد صاحبة البلاغ، في سياق الإشارة إلى الاجتهادات السابقة للجنة، بأن شرط إخطار السلطات بنية التجمع السلمي قد يكون متوافقاً مع القيود المسموح بها المنصوص عليها في المادة ٢١ من العهد، إن كان هذا الشرط، وبشكل عادي، لغرض "حفظ الأمن الوطني أو السلامة العامة، أو النظام العام، أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة، أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم" ( ) . وتدعي صاحبة البلاغ أن حظر عقد الاجتماع المعني، بالنظر إلى أنه لا يمثل تهديدا ً لما ذُكر أعلاه، إلى جانب الشرط العام الذي يقضي بعقده فقط في مكان واحد مخصص لهذا الغرض، يتنافى مع المادة ٢١ من العهد.

٣-٣ وتدعي صاحبة البلاغ أيضاً أن بُعد المكان المقترح عن الشوارع المزدحمة يجعل الاجتماع لا جدوى منه. ولذلك تحتج بأن الدولة الطرف، بتحديدها موقعاً واحداً فقط لعقد التجمعات السلمية في ضواحي ألماتي ، وهو الميدان الواقع خلف سينما ساري أركا، انتهكت حقها الذي تكفله المادة ٢١ من العهد. وتؤكد صاحبة البلاغ أن الغرض من التجمعات السلمية ليس مجرد جمع الناس المتفقة في الرأي، وإنما أيضاً نقل الأفكار والاعتراضات إلى السلطات الحكومية والمجتمع ووسائط الإعلام الجماهيري. وهذا هو السبب في عقد التجمعات عادةً في الميادين الرئيسية وفي تنظيم المظاهرات في الشوارع الرئيسية.

٣-٤ وتفيد صاحبة البلاغ بأن قرار مجلس مدينة ألماتي قسَّم بالفعل جميع المناسبات العامة التي تُعقد في ألماتي إلى مناسبات تنظمها الدولة ومناسبات غير حكومية، وقسَّمها من حيث محتواها إلى مناسبات "ذات طابع اجتماعي وسياسي" أو ذات طابع آخر. وبناءً على ذلك، وعملا ً بقرار مجلس مدينة ألماتي ، يمكن أن تُعقد جميع المناسبات التي تنظمها وتديرها الدولة، وكذلك المناسبات ذات الطابع غير السياسي (كالمناسبات الرياضية والمسابقات والحفلات الموسيقية والمناسبات التجارية والمعارض)، في أي ميدان أو شارع مناسب، أو حديقة أو ساحة مناسبة.. أما جميع المناسبات ذات الطابع "الاجتماعي والسياسي" فتُعقد فقط في الميدان الواقع خلف سينما ساري أركا. وبما أن هذه المناسبات يتولى تنظيمها وعقدها أساساً ممثلو المعارضة السياسية، والمنظمات غير الحكومية، والناشطون المدنيون، لغرض إثارة مسائل ذات طابع اجتماعي وسياسي، فإن حقهم في حرية التجمع السلمي يُقيَّد حصراً على أسس سياسية. ولذلك، فإن إذن سلطات الدولة الطرف بتنظيم المناسبات العامة "ذات الطابع الاجتماعي والسياسي" في مكان واحد فقط مخصص لهذا الغرض، والإذن بعقد المناسبات التي تنظمها الدولة والمناسبات العامة غير السياسية في أماكن أخرى، له دوافع سياسية وينطوي على تمييز، ويشكل انتهاكاً من الدولة الطرف لحقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة ٢٦ من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

٤-١ تذكِّر الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة ٢٩ كانون الثاني/يناير ٢٠١٤، بالوقائع التي يستند إليها هذا البلاغ، وتؤكد أنه ينبغي للجنة أن تعلن عدم مقبولية البلاغ لعدم استناده إلى أي أساس.

٤-٢ وتؤكد الدولة الطرف أن المادة ٣٢ من الدستور تكفل حق المواطنين في التجمع السلمي وفي تنظيم اجتماعات وحشود جماهيرية ومظاهرات ومواكب واعتصامات. غير أن إعمال هذا الحق يجوز تقييده بحكم القانون لمصلحة أمن الدولة والنظام العام وحماية صحة الآخرين وحقوقهم وحرياتهم. ويحدد قانون إجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية شكل وطريقة التعبير عن الاهتمامات المجتمعية أو الجماعية أو الشخصية في الأماكن العامة، فضلاً عن بعض القيود التي يجوز فرضها على ذلك. وتمنح المادة ٧ من هذا القانون الهيئات التنفيذية المحلية سلطة حظر عقد المناسبات العامة في حالات منها تهديد هذه المناسبات "للنظام العام وأمن المواطنين".

٤-٣ وترى الدولة الطرف، في سياق الإشارة إلى القرارات الصادرة عن المحاكم المحلية، أن القرار الذي اتخذه مجلس مدينة ألماتي في 29 تموز/يوليه ٢٠٠٥ بالإذن بعقد جميع المناسبات العامة غير الحكومية "ذات الطابع الاجتماعي والسياسي" في الميدان الواقع خلف سينما ساري أركا، لا يتعارض مع المادة ٢١ من العهد التي تجيز فرض قيود على ممارسة الحق في التجمع السلمي بما يتفق مع القانون المحلي ويكون ضرورياً في أي مجتمع ديمقراطي لتحقيق مصالح الأمن الوطني أو السلامة العامة، أو النظام العام، أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة، أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

٤-٤ وتؤكد الدولة الطرف أن رفض الإذن بعقد الاجتماع يبرره أيضاً أن المواقع المشار إليها في الطلبات المقدمة من صاحبة البلاغ قريبة جدا ً من الطرق ذات حركة المرور الكثيفة. كما أن هذه الطرق تستخدمها وسائل المواصلات العامة. وعلاوة على ذلك، فإن الأماكن التي اختارتها صاحبة البلاغ مخصصة للأنشطة الترفيهية والترويحية للمواطنين. وبما أن العدد المتوقع للمشاركين في الاجتماع كان نحو ألف شخص، فكان سيترتب على الاجتماع عقبات تؤدي إلى انقطاع خدمات النقل العام العادية والإخلال بالنظام العام وأمن المواطنين.

٤-٥ وتحتج الدولة الطرف بأن تنظيم تجمعات واجتماعات ومسيرات ومظاهرات سلمية غير محظور في إقليمها. غير أن قانون إجراءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية يشترط أن يحصل منظمو هذه المناسبات على إذن من الجهاز التنفيذي المحلي قبل عقد هذه المناسبة العامة.

٤-٦ وتؤكد الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تستفد من إمكانية تنظيم الاجتماع في الموقع المحدد في قرار مجلس مدينة ألماتي . ولذلك قررت المحاكم المحلية، بعد دراسة الأدلة المقدمة في قضية صاحبة البلاغ، عدم الموافقة على طلباتها بالاستئناف.

٤-٧ وتدفع الدولة الطرف كذلك بأنها درست الممارسة المتبعة في عدة بلدان أخرى، وخلصت إلى أن القيود المفروضة على المناسبات العامة في بعض البلدان أكثر صرامة من مثيلتها في كازاخستان. ففي مدينة نيويورك، على سبيل المثال، يُشترط أن يطلب الإذن قبل 45 يوماً من عقد المناسبة نفسها وأن يُحدد مسارها. ويحق لسلطات المدينة تغيير مكانها إذا كان موقعها غير مقبول. ولدى بلدان أخرى، مثل السويد، قائمة سوداء بأسماء منظمي المظاهرات التي سبق حظرها أو تفريقها. وفي فرنسا، يحق للسلطات المحلية حظر أي مظاهرات. وفي المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية، يحق للسلطات تطبيق حظر مؤقت. وفي المملكة المتحدة أيضاً، لا يُسمح بالمناسبات التي تُعقد في الشارع إلا بعد الحصول على إذن من الشرطة. وفي ألمانيا، يجب الحصول على إذن من السلطات لتنظيم أي مناسبة جماهيرية أو اجتماع أو مظاهرة، سواء في مكان مغلق أم مفتوح. وبوجه عام، خسرت البلدان الأوروبية في السنوات الأخيرة مليارات من الأموال بسبب الأضرار التي لحقت بالممتلكات العامة والخاصة أثناء "الاضطرابات المتعددة" لكي يمكن إنفاذ حقوق فئات معينة في عقد مناسبات جماهيرية. وعلاوة على ذلك، تعطلت الشبكات الخاصة والعامة وشبكات النقل نتيجة لذلك.

٤-٨ ولغرض حماية حقوق الآخرين وحرياتهم وحماية النظام العام ونظام النقل والهياكل الأساسية الأخرى، حددت سلطات الدولة الطرف أماكن خاصة للمناسبات العامة غير الحكومية. وفي الوقت الراهن، تنتشر هذه الأماكن في جميع العواصم الإقليمية تقريباً، وفي بعض المقاطعات، بحسب قرارات الهيئات التنفيذية المحلية.

٤-٩ ولذلك، ترى الدولة الطرف أن قوانينها ولوائحها المحلية تتوافق مع مقتضيات القانون الدولي الواجب التطبيق ومع ممارسات البلدان الأخرى، وأن سلطاتها ومحاكمها المحلية امتثلت لمتطلبات المادتين ٢١ و٢٦ من العهد برفضها الإذن لصاحبة البلاغ بعقد الاجتماع.

٤-١٠ وتدفع الدولة الطرف كذلك بأن صاحبة البلاغ لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية. وتذكِّر بأن نائب المدعي العام رفض، في ٤ أيار/مايو ٢٠١٣، طلب صاحبة البلاغ إجراء مراجعة قضائية رقابية. غير أن المادتين 384 و385 من قانون الإجراءات المدنية تمنحان صاحبة البلاغ الحق في أن تطلب إلى المدعي العام أن يقدم طلباً إلى المحكمة العليا لإجراء مراجعة قضائية رقابية. وبما أن صاحبة البلاغ لم تقدم طلباً من هذا القبيل، فإن بلاغها المعروض على اللجنة يجب إعلانه غير مقبول بموجب المادة ٥(٢)(ب) من البروتوكول الاختياري.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

٥-١ في 14 نيسان/أبريل 2014، قدمت صاحبة البلاغ تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف . ‬ وتدفع بأنه رغم إفادة الدولة الطرف بأن الحق في التجمع السلمي بموجب المادة ٢١ من العهد مكفول في كازاخستان، ولا يمكن تقييده إلا في ظروف معينة محدودة ( ) ، لا ينطبق أي ظرف من هذه الظروف على قضيتها لأن الاجتماع الذي كان من المزمع عقده في ٢٤ آذار/ مارس ٢٠١٢ ذو طبيعة سلمية بحتة. وتلاحظ صاحبة البلاغ في هذا السياق أن الدولة الطرف لم تقدم أي أدلة مقنعة تثبت أن الاجتماع المزمع استهدف أياً من الأغراض المحظورة بموجب قانونها المحلي. وتحتج صاحبة البلاغ بأن رفض الإذن بالاجتماع لمجرد الاشتباه، الذي لا أساس له، في أن الاجتماع قد يفضي إلى التحريض على العنف، لا يمكن اعتباره إجراءً متناسباً.

‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ‬ ٥-2 وتؤكد صاحبة البلاغ، في سياق الإشارة إلى الحجة الإضافية للدولة الطرف التي تبرر بها رفض الإذن بالاجتماع (انظر الفقرة 4-4 أعلاه)، أن محافظة ألماتي لم توضح الغرض المشروع الذي قررت بموجبه عدم الإذن بعقد الاجتماع في جميع المواقع ال ‍ ٣٠ المشار إليها في طلبات صاحبة البلاغ. وهي تفيد أيضاً بأن محافظة ألماتي لم تبين سبب اعتبار تقييد حقها في التجمع السلمي، برفض الإذن بالاجتماع، أمراً "ضرورياً" لحماية أحد تلك الأغراض المشروعة. وهي ترى أن إشارة الدولة الطرف إلى ضرورة ضمان عدم انقطاع نظام النقل العام أو حماية الأماكن الخضراء، بوصفه الأساس لتقييد الحق في التجمع السلمي، لا يمكن اعتباره ذا صلة ومتناسباً، لأنه يهدد جوهر هذا الحق. ولذلك، لا يستوفي هذا التقييد شرط كونه "ضرورياً" لحماية هدف مشروع.

٥-٣ وتشير صاحبة البلاغ إلى أن تفسير الدولة الطرف لممارسات بلدان أخرى في تنظيم ممارسة الحق في التجمع السلمي (انظر الفقرة 4-7 أعلاه) خاطئ، لأنه ليس لدى أي من البلدان المذكورة في ملاحظات الدولة الطرف نظام يحدد مواقع خاصة لعقد جميع المناسبات أو الاجتماعات العامة غير الحكومية ذات الطابع الاجتماعي أو السياسي، تبعد كثيراً عن عامة الناس.

٥-٤ وتحتج صاحبة البلاغ بأن أية مناسبة عامة، في إطار الحق في التجمع السلمي، ينبغي اعتبارها استخداماً مشروعاً للأماكن العامة، مثل الميادين والشوارع والحدائق، وما إلى ذلك، لفترة زمنية معقولة، إلى جانب استخدامها لأغراض "عادية"، مثل السماح لوسائل المواصلات والمشاة بالتنقل بحرية.

٦- في 17 حزيران/يونيه 2014، كررت الدولة الطرف ملاحظاتها الأولية. وفي 19 أيلول/ سبتمبر 2014، قدمت صاحبة البلاغ تعليقات على الملاحظات الإضافية للدولة الطرف، وكررت ادعاءاتها الأولية.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٧-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة ٩٧ من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

٧-٢ وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة ٥(٢)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٧-٣ وتلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ لم تستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة لها، حيث لم تقدم طلباً إلى المدعي العام لإجراء مراجعة قضائية رقابية أمام المحكمة العليا. وتذكّر اللجنة باجتهادها القانوني الذي رأت فيه أن تقديم التماس إلى مكتب الادعاء لطلب مراجعة قرارات المحاكم التي دخلت حيز النفاذ، وهو ما يخضع للسلطة التقديرية لوكيل المدعي العام، يشكل سبيل انتصاف استثنائياً، وأن على الدولة الطرف أن تثبت وجود احتمال معقول في أن تتيح هذه الطلبات انتصافاً فعالاً في ظروف القضية ( ) . ‬ بيد أن الدولة الطرف لم تبين ما إذا كانت الطلبات المقدمة إلى المدعي العام لغرض إجراء مراجعة قضائية رقابية أمام المحكمة العليا قد نجحت في القضايا التي تتعلق بالحق في التجمع السلمي، ولم تبين عدد هذه الحالات ( ) . وتلاحظ اللجنة أيضا ً أن صاحبة البلاغ قدمت، في ١٦ كانون الثاني/يناير ٢٠١٣، طلباً إلى المحكمة العليا لإجراء مراجعة قضائية رقابية للقرارات التي سبق أن أصدرتها المحاكم. وفي ١٤ آذار/مارس ٢٠١٣، رفضت المحكمة العليا طلبها باعتباره لا أساس له. وفي تاريخ غير محدد، قدَّمت صاحبة البلاغ طلباً إلى مكتب المدعي العام لإجراء مراجعة قضائية رقابية. ورفض نائب المدعي العام طلبها في ٤ أيار/مايو ٢٠١٣. وترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تثبت أن تقديم طلب آخر إلى النائب العام لكي يطلب إلى المحكمة العليا إجراء مراجعة قضائية رقابية كان من الممكن أن يكون سبيل انتصاف فعالاً في هذه القضية. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة عدم وجود ما يمنعها، بموجب المادة ٥(٢)(ب) من البروتوكول الاختياري، من النظر في هذا البلاغ . ‬

٧-٤ وترى اللجنة أن صاحبة البلاغ قدمت، لأغراض المقبولية، ما يكفي من الأدلة لإثبات ادعاءاتها بموجب المادتين 21 و26 من العهد. ومن ثم، تعلن اللجنة أن البلاغ مقبول وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية . ‬

النظر في الأسس الموضوعية

٨-١ نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة ٥(١) من البروتوكول الاختياري.

٨-٢ ويتبين من المواد المعروضة على اللجنة أن محافظة ألماتي رفضت طلب صاحبة البلاغ الإذن لها بعقد تجمع (اجتماع) سلمي في واحد من ال ‍ 30 مكاناً التي حددتها، واستند الرفض إلى القرار السابق الذي اتخذه مجلس مدينة ألماتي في ٢٩ تموز/يوليه ٢٠١٥، والذي يقضي بأن تُعقد جميع المناسبات العامة غير الحكومية ذات "الطابع الاجتماعي والسياسي" في مكان محدد مخصص لهذه الأغراض، هو الميدان الواقع خلف سينما ساري أركا. وتلاحظ اللجنة كذلك أن قرار محافظة ألماتي أيدته محاكم الدولة الطرف، بدايةً من المحاكم المحلية وانتهاءً بالمحكمة العليا. وخلصت المحاكم أيضاً إلى أنه نظرا ً لبلوغ العدد المتوقع للمشاركين في الاجتماع نحو ألف شخص، فكان سيترتب على عقده عقبات تؤدي إلى انقطاع خدمات النقل العام العادية والإخلال بالنظام العام وأمن المواطنين .

٨-٣ وتلاحظ اللجنة أيضا ً ادعاء صاحبة البلاغ أن حقها في التجمع السلمي بموجب المادة ٢١ من العهد انتُهك برفض السلطات التنفيذية المحلية الإذن بالاجتماع في أي من ال ‍  30 مكاناً التي حددتها، إلى جانب الشرط العام بأن يُعقد الاجتماع في مكان محدد بعيد. وبما أن الاجتماع المزمع كان ذا طابع سلمي بحت، تحتج صاحبة البلاغ بأن سلطات الدولة الطرف كان ينبغي أن تبين سبب اعتبار تقييد حقها في التجمع السلمي ، ب رفض الإذن بعقد الاجتماع، أمراً "ضرورياً" لحماية أحد الأغراض المشروعة المنصوص عليها في المادة ٢١ من العهد.

٨-٤ وتشير اللجنة إلى أن الحق في التجمع السلمي، الذي تكفله المادة ٢١ من العهد، هو حق أساسي من حقوق الإنسان لا غنى للفرد عنه لكي يعبر علناً عن آرائه وأفكاره، ولا غنى عنه أيضاً في أي مجتمع ديمقراطي ( ) . ويترتب على هذا الحق إمكانية تنظيم تجمع سلمي في مكان عام والمشاركة فيه. ويحق عموماً لمنظمي أي تجمع اختيار مكان يقع على مرأى ومسمع من جمهورهم المستهدف، ولا يجوز تقييد هذا الحق إلا إذا فُرض هذا التقييد وفقاً للقانون وكان ضرورياً في مجتمع ديمقراطي للحفاظ على الأمن الوطني أو السلامة العامة، أو النظام العام، أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة، أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وعندما تفرض دولة طرف قيوداً بهدف التوفيق بين حق الشخص في التجمع والمصالح آنفة الذكر ذات الاهتمام العام، ينبغي لها أن تسترشد بهدف تيسير الحق، لا السعي إلى فرض قيود غير ضرورية أو غير متناسبة على هذا الحق. ولذلك يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بأن تبرر تقييدها للحق المشمول بحماية المادة ٢١ من العهد ( ) .

٨-٥ وتلاحظ اللجنة كذلك أنه رغم أن السلطات قد تنظر إلى شرط الحصول على إذن مسبق لعقد تجمع سلمي بوصفه شرطاً مهماً لسلاسة عقد المناسبات العامة، لا يمكن أن يصبح إنفاذ هذا الشرط غاية في حد ذاته ولا يمكن أن يقيد جوهر الحق في التجمع السلمي. وفي هذا السياق، تلاحظ اللجنة حجة الدولة الطرف أن الدستور يكفل حماية الحق في التجمع السلمي، وأن إعمال هذا الحق لا يمكن أن يُقيَّد إلا بموجب القانون لمصلحة أمن الدولة، والنظام العام، وحماية صحة الآخرين وحقوقهم وحرياتهم، والأداء الطبيعي لوسائل المواصلات، والحفاظ على الهياكل الأساسية. وتحيط اللجنة علما ً أيضا ً بحجة صاحبة البلاغ أن الاجتماع المزمع كان سيتسم بطابع سلمي، وأن الدولة الطرف لم تقدم أي دليل يثبت أن الاجتماع كان يهدف إلى تحقيق أحد الأغراض المحظورة بموجب قانونها المحلي. وتشير اللجنة إلى أن القيود المفروضة على الحق في التجمع السلمي، حتى وإن أذن بها القانون المحلي، يجب أيضا ً أن تُبرر في كل حالة على حدة من حيث المعايير التي ترسيها المادة ٢١ من العهد ( ) . ولذلك ترى اللجنة، في ضوء المعلومات المعروضة عليها، أن الدولة الطرف لم تقدم في هذه القضية أي مبرر أو إيضاح للكيفية التي كان الاجتماع المزمع سينتهك بها، في الواقع العملي، مصالح الأمن الوطني أو السلامة العامة، أو النظام العام، أو الحماية الواجبة للصحة العامة أو الآداب العامة، أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم، على النحو المقرر في المادة ٢١ من العهد. وبناءً على ذلك، تستنج اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها تشكل انتهاكاً لحقوق صاحبة البلاغ التي تكفلها المادة ٢١ من العهد.

٨-٦ وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحبة البلاغ أن إذن سلطات الدولة الطرف بتنظيم المناسبات العامة ذات "الطابع الاجتماعي والسياسي" في مكان واحد فقط مخصص لهذا الغرض، بينما تأذن بتنظيم المناسبات العامة غير السياسية وتلك التي تديرها الدولة في أماكن أخرى، هو إجراء ذو دوافع سياسية وتمييزي، ويصل إلى درجة انتهاك الدولة الطرف لحقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة ٢٦ من العهد. ورغم أن الدولة الطرف لم ترد على هذا الادعاء تحديداً، فإنها أقرت في ملاحظاتها إلى اللجنة بأن القوانين واللوائح المحلية تأذن بتنظيم المناسبات العامة غير الحكومية ذات "الطابع الاجتماعي والسياسي" فقط في مناطق محددة لهذا الغرض، بموجب قرارات من الهيئات التنفيذية المحلية (انظر الفقرات 4-2 و4-3 و4-8 أعلاه).

٨-٧ وتذكِّر اللجنة بما أشارت إليه في الفقرة ١ من تعليقها العام رقم ١٨(١٩٨٩) بشأن عدم التمييز، وهو أن المادة ٢٦ تخوّل لجميع الأشخاص المساواة أمام القانون والتمتع بحماية القانون على قدم المساواة، وتحظر أي شكل من أشكال التمييز بموجب القانون وتكفل لجميع الأشخاص الحماية المتساوية والفعالة من التمييز على أي أساس كان، مثل العرق، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو النسب، أو أي وضع آخر. وتذكّر اللجنة أيضاً باجتهاداتها السابقة التي قضت فيها بعدم اعتبار كل تفريق قائم على الأسس المشار إليها في المادة ٢٦ من العهد بمثابة تمييز، ما دام يقوم على معايير معقولة وموضوعية ( ) ، وما دام يتوخى هدفاً مشروعاً بموجب العهد ( ) . بيد أن اللجنة تلاحظ أن كلاً من الدولة الطرف والمحاكم المحلية لم تثبت في هذه القضية أن قرار مجلس مدينة ألماتي بالإذن بتنظيم المناسبات العامة غير الحكومية ذات "الطابع الاجتماعي والسياسي" في ألماتي ، بما فيها المناسبة التي نظمتها صاحبة البلاغ، في مكان واحد فقط مخصص لهذا الغرض، يستند إلى معايير معقولة وموضوعية ويتوخى تحقيق هدف مشروع بموجب العهد. وعلاوةً على ذلك، لم تقدم الدولة الطرف أي دليل على وجود عوامل يمكن أن تبرر التمييز بين اللوائح المطبقة على المناسبات ذات "الطابع الاجتماعي والسياسي" التي تعقدها المنظمات غير الحكومية، من جهة، والمناسبات التي تديرها الدولة أو المناسبات غير السياسية، من جهة أخرى.

٨-٨ وفي الظروف المذكورة أعلاه، ترى اللجنة أن رفض محافظة ألماتي الإذن بعقد تجمع سلمي في أيٍّ من الأماكن ال ‍ 30 التي حددتها صاحبة البلاغ، استناداً إلى القرار السابق لمجلس مدينة ألماتي الذي يقضي بأن تُعقد جميع المناسبات العامة غير الحكومية ذات "الطابع الاجتماعي والسياسي" في مكان محدد مخصص لتلك الأغراض، هو إجراء يصل إلى انتهاك حقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة ٢١ من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة ٢٦ منه.

٩- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة ٥(٤) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف لحقوق صاحبة البلاغ المنصوص عليها في المادة 21 من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 26 منه.

١٠- ووفقاً لأحكام الفقرة ٣(أ) من المادة ٢ من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحبة البلاغ. ويعني ذلك أن تمنح الدولة الطرف الأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد تعويضاً كاملاً عما أصابهم من ضرر. وبناءً على ذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، بأن تتخذ الإجراءات المناسبة لمنح صاحبة البلاغ تعويضاً كافياً وبأن تعيد إليها أية تكاليف قانونية تكون قد تكبدتها. ويقع أيضاً على عاتق الدولة الطرف التزام باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وفي هذا الصدد، تكرر اللجنة أنه ينبغي للدولة الطرف، وفقاً لالتزاماتها بموجب المادة ٢(٢) من العهد، أن تراجع تشريعاتها، لا سيما قانون إج راءات تنظيم وعقد التجمعات والاجتماعات والمسيرات والاعتصامات والمظاهرات السلمية، وكذلك قرارات الهيئات التنفيذية المحلية المتخذة بموجب ذلك القانون، على النحو الذي تم تطبيقه في هذه القضية، بهدف ضمان إمكانية التمتع الكامل بالحقوق التي تكفلها المادتان 21 و26 من العهد في الدولة الطرف ( ) .

١١- وإذ تأخذ اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد، والتزمت، عملاً بالمادة ٢ من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ إذا ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون ١٨٠ يوماً معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.