الأمم المتحدة

CCPR/C/123/D/2673/2015

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

17 August 2018

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2673/2015 * * *

البلاغ مقدم من : م. س. ب. ب . (يمثلها و. ج. فيشر)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبة البلاغ وابنتها

الدولة الطرف: هولندا

تاريخ تقديم البلاغ : 10 حزيران/يونيه 2013 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة و المحال إلى الدولة الطرف في 1 0 تشرين الثاني / ن وفمبر 201 5 (لم يصدر في شكل وثيقة )

تاريخ اعتماد الآراء : 25 تموز/يوليه 2018

الموضوع: حجب إعانة الطفل عن طالب الإعانة غير الحامل لتصريح إقامة

المسألة الإجرائية: وضع الضحية

المسائل الموضوعية: الحق في الحياة الأسرية؛ والتمييز القائم على أساس أوضاع أخرى

مواد العهد: 23 و24(1) و26

مادة البروتوكول الاختياري: 1

1- صاحبة البلاغ هي م. س. ب. -ب ، المولودة في 25 آب/أغسطس 1972. وهي تقدم البلاغ باسمها وباسم ابنتها القاصر، س. ب.، المولودة في 10 نيسان/أبريل 2001. وكانت صاحبة البلاغ وابنتها، في وقت تقديم البلاغ، من مواطني سورينام؛ واكتسبتا منذ ذلك الحين الجنسية الهولندية. وتدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها وحقوق ابنتها التي تكفلها المواد 23 و24(1) و26 من العهد. ودخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى هولندا في 11 آذار/مارس 1979. ويمثل صاحبة البلاغ محام.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 وصلت صاحبة البلاغ وابنتها إلى هولندا في 19 تشرين الأول/أكتوبر 2005 بتأشيرة زيارة مدتها 90 يوماً. وأقامت صاحبة البلاغ وابنتها منذ وصولهما إلى هولندا لدى والد صاحبة البلاغ المقيم في هولندا والذي كان يعيش في الدولة الطرف في وقت وصول صاحبة البلاغ وابنتها. وكشف فحص طبي أُجري في هولندا لابنة صاحبة البلاغ عن إصابتها بنقص استقلابي نادر يمنع الدماغ من معالجة ما يكفي من الغلوكوز. وبعد تشخيص حالتها، اتبعت نظاماً غذائياً مولِّداً للكيتون يكفل تمكين نسيج الدماغ من معالجة الكيتونات بدلاً من الغلوكوز. غير أن نقص الغلوكوز ألحق بها إعاقةً بدنيةً ونفسيةً - اجتماعيةً دائمةً ( ) . وكان بإمكان صاحبة البلاغ العودة إلى سورينام، ولكن الغذاء اللازم للنظام الغذائي المولِّد للكيتون غير متوافر في سورينام. وتشير صاحبة البلاغ إلى أن الاستشاريين الطبيين والأطباء أكدوا أن عدم حصول ابنتها على الغذاء اللازم سيعرضها لحالة طوارئ طبية في شكل تلف للدماغ أو أشكال أخرى من التدهور البدني أو العقلي الجسيم، أو ربما الوفاة.

2-2 وفي 13 حزيران/يونيه 2006، طلبت صاحبة البلاغ تصريح إقامة لابنتها لأسباب طبية. وباشرت بعد ذلك سلسلة من الإجراءات الطويلة فيما يتعلق بالحالة الصحية لابنتها ووضعها المتعلق بالإقامة. وفي هذه الفترة، كانت إقامة صاحبة البلاغ وابنتها في هولندا قانوني ة "بانتظار الإجراءات". وفي 16 أيلول/سبتمبر 2009، حصلتا على تصريحي إقامة ساريين لمدة عام. وفي عام 2010، مُنحتا الجنسية الهولندية.

2-3 وطلبت صاحبة البلاغ في 11 حزيران/يونيه 2006، عندما كان طلب الإقامة قيد النظر، الحصول لابنتها على "إعانة الطفل العامة". وهذه الإعانة تُدفع لجميع الأسر ذات الأطفال وتُدفع للوالدين لمصلحة الطفل ولمنفعته. وفي 13 حزيران/يونيه 2008، قدمت صاحبة البلاغ طلباً جديداً للحصول على إعانة الطفل العامة. ورفض مصرف التأمين الاجتماعي الطلب في 10 تموز/يوليه 2008. وطعنت صاحبة البلاغ في هذا القرار أمام محكمة أمستردام المحلية، وادعت أن رفض طلب حصولها على الإعانة عن الربع الثاني من عام 2007 إلى الربع الثالث من عام 2008 يمثل تمييزاً غير قانوني يقوم على وضعها المتعلق بالإقامة. وفي 9 كانون الأول / ديسمبر 2009، رفضت المحكمة المحلية طعن صاحبة البلاغ، ورأت أنها لم تكن مخوَّلة الحصول على إعانة الطفل لأنها لم تكن تحمل تصريح إقامة في الفترة المعنية. وحكمت المحكمة المحلية بأن حصول غير المواطنين على تصريح إقامة شرط لحصولهم على إعانة الطفل العامة. وأُضيف الطعن اللاحق الذي قدمته صاحبة البلاغ في قرار المحكمة المحلية إلى ثماني حالات مماثلة أخرى تنظرها محكمة الاستئناف المركزية المعنية بالخدمات العامة ومسائل الضمان الاجتماعي. وفي 15 تموز/يوليه 2011، ألغت محكمة الاستئناف المركزية قرار المحكمة المحلية وقرار مصرف التأمين الاجتماعي، وأمرت المصرف بمراجعة قراره في ضوء استنتاج محكمة الاستئناف المركزية الذي خلصت فيه إلى أن قانون إعانة الطفل العامة يفرِّق في مسألة الأهلية للحصول على الإعانات بين الجنسية والوضع المتعلق بالإقامة. ورأت محكمة الاستئناف المركزية عدم وجود ما يسوغ استبعاد شخص من إعانات الطفل العامة بسبب حالته المتعلقة بالهجرة في الحالات التالية: (أ) إذا كان مقدم الطلب قد أقام في الدولة الطرف فترة طويلة بعلم سلطات الدولة الطرف؛ و(ب) إذا أقام بشكل قانوني في الدولة الطرف "بانتظار الإجراءات"؛ و(ج) إذا أقام رابطة مع هولندا يمكن أن يُعتبر معها مقيماً في البلد. ورأت محكمة الاستئناف المركزية أيضاً أنه عند استيفاء تلك الشروط، يكون استبعاد الوالدين من الحصول على إعانة الطفل العامة في الفترات التي أقاما فيها بشكل قانوني في هولندا غير سليم. وطعن مصرف التأمين الاجتماعي في حكم محكمة الاستئناف المركزية أمام المحكمة العليا. وفي 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، ألغت المح كمة العليا حكم محكمة الاستئناف المركزية وأيدت حكم محكمة أمستردام المحلية الصادر في 9 كانون الأول/ديسمبر 2009.

2-4 وعاشت صاحبة البلاغ وابنتها في فقر نتيجة لرفض طلبها الحصول على إعانة الطفل العامة. وفي 14 آب/أغسطس 2006، طلبت صاحبة البلاغ إعانات تكميلية من بلدية أمستردام التي وافقت على منح إعانة شهرية قدرها 208,71 يورو إلى حين البت في طلب صاحبة البلاغ الحصول على تصريح إقامة. وفي عام 2007، استُعيض عن هذه الإعانة بمبلغ يُدفع لابنة صاحبة البلاغ من الوكالة المركزية لاستقبال ملتمسي اللجوء في إطار نظام المدفوعات المستحقة لفئات معينة من الأجانب، وهو النظام الذي بدأ تنفيذه في 1 كانون الثاني/ يناير 2007. وبلغت هذه الإعانة 215,33 يورو شهرياً في عام 2007 وازدادت إلى 217,77 شهرياً في عام 2008. وفي 1 أيلول/سبتمبر 2008 أوقفت الوكالة المبالغ المدفوعة لأن صاحبة البلاغ لم تعد تُصنَّف، هي وابنتها، في فئة مهاجر " بانتظار الإجراءات "، حيث لم يعد طلبهما المتعلق بالحصول على تصريح إقامة قيد النظر. وطعنت صاحبة البلاغ في القرار؛ ولكن رفضت محكمة لاهاي الإقليمية الطعن في 24 شباط/فبراير 2009.

2-5 واعتمدت صاحبة البلاغ وابنتها على والد صاحبة البلاغ في توفير الغذاء، وعلى المتبرعين، من أمثال صاحب عمل الوالد ومدرسة ابنتها، في توفير العلاج واحتياجات ابنتها، كالمشاية والكرسي الخاص والكرسي المتحرك. وتكفلت المدرسة بتكاليف علاجها، في حين تكفلت مؤسسة خيرية ممولة من الدولة الطرف بتكاليف نظامها الغذائي. وكانت بلدية أمستردام قد رفضت في بادئ الأمر دفع تكلفة كرسي الاستحمام وجهاز صعود السلم. ولكن وافقت البلدية في 11 آب/أغسطس 2008 على تحمل هذه التكاليف بعد تقديم التماس للغرض. وفي 23 نيسان/أبريل 2009، منحت البلدية صاحبة البلاغ إعانة ضمان اجتماعي شهرية قدرها 144 يورو لتغطية تكاليف الإيجار والوقود للفترة من 25 تموز/يوليه 2008 إلى 31 أيار/مايو 2009، وإعانة ضمان اجتماعي تكميلية قدرها 110,81 يورو اعتباراً من 25 تموز/يوليه 2008. وكانت البلدية قد قررت في 30 أيلول/سبتمبر 2008 منح هذه الإعانة للفترة من 14 حزيران/يونيه 2008 إلى 25 تموز/يوليه 2008. وحُرمت صاحبة البلاغ من أي استحقاق ضمان اجتماعي يُدفع لها شخصياً، وكان ما تدفعه الدولة الطرف لصاحبة البلاغ لا يسمح لها ولابنتها بالحد الأدنى من عيش الكفاف.

الشكوى

3-1 تحتج صاحبة البلاغ بأن إعانة الطفل العامة ينبغي أن تُعتبر وسيلة لوفاء الدولة الطرف بالتزاماتها بموجب المادتين 23 و24 من العهد. وتدعي صاحبة البلاغ أن رفض الدولة الطرف لطلبها المتعلق بالحصول على الإعانة العامة للطفل بسبب وضعها المتعلق بالإقامة يشكل تمييزاً ضدها وضد ابنتها ويتجاهل المصالح الفضلى للطفل، وهو ما ينتهك المواد 23 و24 و26 من العهد. وتدفع صاحبة البلاغ بأن السلطات المحلية كان ينبغي لها أن تأخذ في الاعتبار الظروف الخاصة لحالتها، التي تخرج عن سيطرتها، ومنها أنها لا تستطيع هي وابنتها مغادرة الدولة الطرف بسبب الحالة الصحية لابنتها؛ وبأن إجراءات الحصول على تصريح إقامة استغرقت عدة سنوات؛ وبأن رفض منحها إعانة الطفل العامة دفع بها هي وابنتها إلى دائرة الفقر.

3-2 ولم تأخذ السلطات في اعتبارها أيضاً أن صاحبة البلاغ لم تحاول الالتفاف على لوائح الهجرة أو سياساتها. فقد تواصلت مع السلطات مباشرةً لدى وصولها وطلبت تصريح إقامة استناداً إلى الأحوال الطبية لابنتها. وكان وضع الإقامة الخاص بصاحبة البلاغ وابنتها في أغلب فترة بقائهما في الدولة الطرف هو "بانتظار الإجراءات"، مما جعل إقامتهما قانونية في الفترة التي كان فيها طلبهما الحصول على تصريح إقامة قيد النظر.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 أشارت الدولة الطرف، في ملاحظاتها على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، المؤرخة 10 أيار/مايو 2016، أن البلاغ ليس موقعاً من صاحبة البلاغ وإنما من ممثلها القانوني، وأن التوكيل الرسمي الذي يحمله ممثلها القانوني غير مؤرخ. وتشير الدولة الطرف إلى أن ذلك يثير شكوكاً بشأن ما إذا كان الممثل القانوني يمثل صاحبة البلاغ في وقت تقديم البلاغ. وتطلب صاحبة البلاغ أن تأخذ اللجنة ذلك في الاعتبار عند النظر في مقبولية البلاغ.

4-2 وتقدم الدولة الطرف معلومات عن تشريعاتها المحلية المتعلقة بإعانات الضمان الاجتماعي، وتشير إلى وجود نوعين من نظم التأمين الاجتماعي، هما: نظم تأمين الموظفين، ونظم التأمين الوطني. وتغطي نظم تأمين الموظفين الأشخاص الملتحقين، أو الذين كانوا ملتحقين، بعمل مدفوع الأجر. وأما نظم التأمين الوطني فتُطبق على الأشخاص المقيمين في هولندا والأشخاص الملتحقين بعمل مدفوع الأجر في هولندا ومن ثم يخضعون لضريبة الدخل الهولندية. ويُعد قانون إعانة الطفل العامة نظاماً للتأمين الوطني. ويمنح هذا القانون الأشخاص المؤمن عليهم، الذين يتولون رعاية الأطفال القصَّر أو دعمهم، حقاً في إعانة الطفل. ولذلك تؤول إعانة الطفل إلى الوالدين أو مقدم الرعاية لا إلى الطفل. وتُعد إعانة الطفل مساهمة في التكاليف المتصلة برعاية الأطفال وتنشئتهم، وليس الغرض منها أن تغطي جميع تلك التكاليف ولا أن تكون نظاماً عاماً لدعم الدخل. وتُمول إعانة الطفل من الصناديق العامة وتدفع كل ثلاثة أشهر. وتُحدد الإعانة على أساس مبلغ أساسي يُعدل مرتين في العام وفقاً للمستويات العامة للأسعار ويعتمد جزئياً على عمر الطفل في أول يوم من فترة الأشهر الثلاثة المعنية. وتُستحق الإعانة لفترة الثلاثة أشهر إذا كان الوالد أو مقدم الرعاية، الطالب للإعانة، مؤمناً عليه بموجب القانون في اليوم الأول لفترة الثلاثة أشهر تلك. ومن المبادئ الأساسية للقانون أن يكون كل شخص يقيم في هولندا أو يعمل بها ويخضع لضريبة الدخل بناءً على ذلك مؤمناً عليه بموجب القانون. أما الأجانب الذين لم يُسمح لهم بدخول هولندا فهم غير مؤمن عليهم بموجب القانون.

4-3 ويربط قانون الاستحقاقات الاجتماعية لعام 1998 استحقاق الإعانات المختلفة والإعفاءات والتصاريح والرخص بالإقامة القانونية في هولندا. والهدف من القانون هو إنهاء وضع غير منصف وغير مرغوب في هولندا. وفي سبعينات وثمانينات القرن العشرين، نجح الكثير من الأجانب غير المؤهلين للإقامة في هولندا في إطالة فترة إقامتهم الفعلية في البلد، وذلك جزئياً لأنهم تمكنوا من طلب استحقاق الإعانات العامة، مثل إعانة البطالة والمساعدة الاجتماعية. ويربط قانون الاستحقاقات الاجتماعية بين وضع الإقامة غير المشروطة للأجنبي وبين استحقاقه للإعانات العامة. فلا يجوز للأجنبي الذي سُمح له بدخول البلد لغرض الإقامة المؤقتة أن يطلب مثل هذه الاستحقاقات.

4-4 وأما الأجانب المقيمون بشكل قانوني في هولندا بانتظار البت في طلب حصولهم على الإقامة، فلا يُحجب عنهم جميع أشكال المساعدات أو الإعانات الاجتماعية. ورغم أن هؤلاء الأجانب لا يتمتعون بأية حقوق في إطار نظام الضمان الاجتماعي العادي، تُتاح لهم مساعدات اجتماعية بديلة. وبموجب نظام المدفوعات المستحقة لفئات معينة من الأجانب، تُوفر للأجانب غير الملتمسين للجوء سبل المعيشة الضرورية في شكل إعانة مالية وخطة لتغطية النفقات الطبية. وفي إطار هذه الترتيبات، يُخصص اعتماد مالي للقصَّر بوصفهم فئة ضعيفة جداً. ومن ثم تُتاح أبسط المساعدات، مثل الرعاية الصحية الضرورية طبياً، لكل أجنبي مقيم في هولندا. وعلاوةً على ذلك، يحق للأشخاص دون 18 سنة الالتحاق بالتعليم بغض النظر عن حصولهم على تصريح إقامة. وتُتاح أيضاً المساعدة القانونية بغض النظر عن الوضع المتعلق بالإقامة.

4-5 وفي 13 حزيران/يونيه 2006، طلبت صاحبة البلاغ تصريح إقامة لابنتها لأسباب طبية. ورفضت دائرة الهجرة والتجنس الطلب في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2006. وفي 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2006، قدمت صاحبة البلاغ إلى المحكمة المحلية في لاهاي مذكرة اعتراض وطلباً للحصول على إعانة مؤقتة. وفي 29 أيار/مايو 2007، وافقت المحكمة، التي عقدت جلستها في أمستردام، على منح الإعانة المؤقتة، وهو ما يعني عدم ترحيل صاحبة البلاغ إلى حين البت في طلبها المتعلق بمراجعة قرار دائرة الهجرة. وكانت صاحبة البلاغ وابنتها في ذلك الوقت تقيمان بصورة قانونية في هولندا بموجب قانون الأجانب لعام 2000، ومن ثم كانتا تستحقان بدلاً مالياً بموجب نظام المدفوعات المستحقة لفئات معينة من الأجانب . وفي 15 أيلول/سبتمبر 2009، أجرت لجنة الاعتراضات التابعة لدائرة الهجرة والتجنس مقابلة مع صاحبة البلاغ بشأن اعتراضها. واتضح في الجلسة التي عقدتها اللجنة أن الحالة تنطوي على مجموعة استثنائية جداً من العوامل. وفي التاريخ نفسه، مُنحت صاحبة البلاغ وابنتها تصريح إقامة بسبب ظروف فردية استثنائية، وذلك بموجب قرار وزاري تقديري اتُخذ وفقاً لقانون الأجانب لعام 2000. وكان تصريحا الإقامة ساريين لمدة عام واحد وجرى تمديدهما لمدة عام آخر. وفي 26 تشرين الأول/أكتوبر 2010، اكتسبت صاحبة البلاغ وابنتها الجنسية الهولندية. ويمثل "إجراء الاختيار"، الذي استخدمته صاحبة البلاغ وابنتها، وسيلة قصيرة ومباشرة لمن هم في وضع مماثل لوضع صاحبة البلاغ، الذين سبق لهم اكتساب الجنسية الهولندية بسبب الميلاد في سورينام قبل عام 1975، لاكتساب الجنسية الهولندية من جديد. وقد أضافت صاحبة البلاغ ابنتها، التي لم يسبق لها اكتساب الجنسية الهولندية، إلى الطلب المقدم بموجب إجراء الاختيار.

4-6 وفي الفترة من 1 كانون الثاني/يناير 2007 إلى 15 تشرين الأول/أكتوبر 2009، كانت صاحبة البلاغ تحصل على إعانة مالية بلغ مجموعها 313,30 7 يورو بموجب نظام المدفوعات المستحقة لفئات معينة من الأجانب . وبعد إصدار تصريحي إقامة لصاحبة البلاغ وابنتها، وافق مصرف التأمين الاجتماعي في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 على طلب صاحبة البلاغ دفع إعانة لابنتها اعتباراً من 1 تشرين الأول/أكتوبر 2009.

4-7 وفيما يتعلق باحتجاج صاحبة البلاغ بأن حرمانها هي وابنتها من إعانة الطفل العامة، عندما كانا يحملان تصريح إقامة، ينتهك حقوقهما بموجب المواد 23 و24 و26 من العهد، تؤكد الدولة الطرف أن من الشائع أن يُطبق هذا التمييز على أساس وضع الإقامة، وبالتالي الجنسية ( ) . وليست جميع أشكال المعاملة غير العادلة محظورة بموجب الاتفاقية، وإنما فقط المعاملة غير العادلة التي تشكل تمييزاً. وفي هذه القضية، يستند التمييز في المقام الأول إلى وضع الإقامة وإلى وجود مبرر كاف له. وتتمتع الدول بهامش معين لتقدير ما إذا كانت الاختلافات الموجودة في حالات مماثلة تبرر المعاملة المختلفة، فضلاً عن تقدير مدى هذه الاختلافات، ويتفاوت نطاق الهامش التقديري بحسب الظروف والموضوع وخلفيته. ويدعم قانون الاستحقاقات الاجتماعية سياسة هولندا المتعلقة بالهجرة. ويهدف الربط بين الاستحقاقات الاجتماعية ووضع الإقامة إلى منع الأجانب المقيمين إقامة غير قانونية في البلد أو المقيمين إقامة قانونية إلى حين البت في طلب حصولهم على تصريح إقامة من إطالة مدة إقامتهم أو إنشاء إقامة قانونية في الظاهر بحيث يصبح من غير الممكن طردهم بمجرد استكمال الإجراءات المتعلقة بهم. وينشأ عن نظم فردية أخرى حقٌّ للأجانب المقيمين إقامة قانونية في الحصول على مساعدات وإعانات ومدفوعات إلى حين البت في طلبات حصولهم على تصريح إقامة. ونظراً إلى أن صاحبة البلاغ قدمت طلباً كان لا يزال قيد النظر، فإنها استفادت من نظام يسمح بتوفير الضروريات الأساسية في ذلك الوقت.

4-8 والالتزام غير المشروط بمساواة الأجانب غير المقيمين إقامة قانونية في المعاملة مع مواطني البلد والأفراد الذين سُمح لهم بدخول البلد من شأنه أن يمنع الدولة من وضع سياسة للهجرة تحمي الرفاه الاقتصادي للبلد. وتُتناول مسألة سياسة الهجرة أساساً على مستوى الدول الوطنية. ويتعارض مع هذا المبدأ أن تلتزم الدول بالاعتراف بنفس الحقوق للمقيمين إقامة غير قانونية، وبذلك تطيل الوضع غير القانوني وتمنع الدولة من إيجاد توازن عادل بين المصلحة العامة والمصالح الشخصية للأفراد المعنيين. ويحق للدول بموجب القانون الدولي أن تراقب دخول الأجانب وإقامتهم وطردهم. وتحيل الدولة الطرف إلى حكم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية ناشيتش وآخرون ضد السويد ( ) ، التي رأت فيها المحكمة أن التدابير الرامية إلى ضمان التنفيذ الفعال لضوابط الهجرة تهدف إلى حفظ الرفاه الاقتصادي لأي بلد، وبالتالي تخدم هدفاً مشروعاً بالمعنى المقصود من المادة 8(2) من اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان). وتحتج الدولة الطرف بأن الموازنة بين المصلحة العامة والمصلحة الفردية، بقصر استحقاق الإعانات الاجتماعية الكاملة على المقيمين إقامة قانونية في هولندا، هو أمر موضوعي ومعقول. ويصدق ذلك حتى وإن أقام الأشخاص مدة طويلة في البلد بعلم الدولة. ولا تُعد إقامة شخص في هولندا مدة طويلة دون تصريح إقامة سارٍ سمة شخصية راسخة وثابتة، وإنما هي مسألة اختيار. وتقتضي المصلحة العامة الحد من إمكانية طلب إعانات إذا كان الشخص لا يحمل تصريح إقامة سارياً، وإلا أُتيحت الفرصة لإطالة الإقامة التي هي أصلاً غير قانونية.

4-9 وفيما يتعلق بادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المادة 23 من العهد، تحتج الدولة الطرف بأن هذا الحكم لا يترتب عليه التزام بدفع إعانات الطفل. وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ أنها كانت تعيش في فقر بسبب عدم حصولها على إعانة الطفل، تدفع الدولة الطرف بأن إعانة الطفل العامة ليست نظاماً عاماً لدعم الدخل ولا تُدفع إلى الأسر ذات الأطفال كوسيلة لتوفير الحد الأدنى من عيش الكفاف.

4-10 وفيما يتعلق بادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المادة 24 من العهد، تؤكد الدولة الطرف أن هذا الحكم يُلزِم الوالدين بمسؤولية أساسية عن أطفالهما، منها المسؤولية المالية، وأن هذا الحكم لا يمكن أن يُفهم منه أنه مُلزِم لأية دولة بدفع إعانات للأطفال. وفي هذا الصدد، تلاحظ الدولة الطرف أن إعانة الطفل العامة ليست استحقاقاً ممنوحاً للطفل. ووفقاً لنظام الضمان الاجتماعي الهولندي، يستفيد الأطفال من الضمان الاجتماعي بشكل غير مباشر، حيث تُدفع استحقاقات الضمان الاجتماعي إلى الوالدين وإلى مقدمي الرعاية للأطفال.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 27 حزيران/يونيه 2016، قدمت صاحبة البلاغ تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف. وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف أن إعانة الطفل العامة ليست نظاماً عاماً لدعم الدخل، تؤكد صاحبة البلاغ أن هذا النظام يهدف إلى تلبية الاحتياجات، ومن ثم يوفر للأسر المستوى الأدنى من عيش الكفاف.

5-2 وتحتج صاحبة البلاغ كذلك بأن المبلغ الذي دُفع إليها في إطار نظام المدفوعات المستحقة لفئات معينة، وهو 218 يورو شهرياً، يقل كثيراً عن المستوى الأدنى لعيش الكفاف في هولندا. وهي تكرر ما ذكرته في بلاغها المقدم في 10 حزيران/يونيه 2013، وتحتج بأن ظروفها هي وابنتها استثنائية وتسوِّغ الموافقة على طلبها الحصول على إعانة الطفل العامة.

ا لمسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر ، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد .

6-2 وقد تيقنت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية .

6-3 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحبة البلاغ أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية الفعالة المتاحة لها. ونظراً إلى عدم تقديم الدولة الطرف أي اعتراض في هذا الصدد، تعتبر اللجنة أن متطلبات الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري قد استوفيت.

6-4 وتلاحظ اللجنة إفادة الدولة الطرف بأن التوكيل الرسمي الذي يحمله محامي صاحبة البلاغ غير مؤرخ، مما يثير شكوكاً بشأن ما إذا كان المحامي يمثل صاحبة البلاغ في إجراءاتها أمام اللجنة. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أن التوكيل الرسمي، الموقع من صاحبة البلاغ، يخوّل محاميها تقديمَ شكوى فردية نيابة عنها إلى اللجنة وتمثيلها في الإجراءات المعروضة على اللجنة. ولذلك لا ترى اللجنة ما يمنعها بموجب المادة 1 من البروتوكول الاختياري من دراسة الشكوى.

6-5 ونظراً إلى عدم تقديم أية طعون أخرى في مقبولية البلاغ، تعلن اللجنة أن ادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المواد 23 و24 و26 من العهد مقبولة، وتنتقل إلى دراسة البلاغ من حيث أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحتها لها الأطراف، على النحو المنصوص عليه في المادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

7-2 وتلاحظ اللجنة حجة صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف، برفضها طلب صاحبة البلاغ الحصول على إعانة الطفل العامة المقدم استناداً إلى الإجراءات الجارية بخصوص طلبها الحصول على تصريح إقامة، قد ارتكبت تمييزاً ضدها وضد ابنتها، وهو ما ينتهك حقوقهما التي تكفلها المواد 23 و24 و26 من العهد. وتلاحظ اللجنة كذلك حجة الدولة الطرف أن قصر استحقاق الإعانات الاجتماعية بكاملها على المقيمين بشكل قانوني في البلد يخدم هدفاً مشروعا ويتسم بالموضوعية والمقبولية.

7-3 وتذكِّر اللجنة باجتهاداتها السابقة التي قضت فيها بأنه رغم أن أية دولة طرف غير ملزمة بموجب العهد باعتماد تشريعات الضمان الاجتماعي، ولكن إن فعلت الدولة الطرف ذلك فيجب أن تمتثل هذه التشريعات والترتيبات المتعلقة بتطبيقها للمادة 26 من العهد ( ) .

7-4 وتذكّ ِر اللجنة بتعليقها العام رقم 18 (1989) بشأن عدم التمييز، حيث أشارت إلى أن مصطلح "التمييز" كما هو مستخدم في العهد ينبغي أن يُفسر على أنه يعني أي تفرقةٍ أو استبعادٍ أو تقييدٍ أو تفضيلٍ لأي سبب من الأسباب مثل العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأيٍ آخر أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد أو أي وضع آخر، ويكون غرضه أو أثره هو إلغاء أو إضعاف الاعتراف بجميع الحقوق والحريات والتمتع بها وممارستها من قِبل جميع الناس على قدم المساواة ( ) . ومع ذلك، لا يشكّل كل تفريق في المعاملة ، على الأسس المذكورة في المادة 26، تمييزاً إذا كانت معايير ذاك التفريق معقولة وموضوعية، وإذا كان الغرض منها تحقيق هدف مشروع بموجب العهد ( ) . و لذا فإن المسألة المطروحة على اللجنة تكمن في تحديد ما إذا كان ت المعاملة التمييزية لصاحبة البلاغ وابنتها في الحصول على الإعانات الاجتماعية تستوفي معايير المعقولية والموضوعية ومشروعية الهدف ( ) .

7-5 وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تميِّز في مسألة استحقاق إعانة الطفل العامة على أساس وضع إقامة الشخص الأجنبي. وقد طبقت الدولة الطرف هذه القاعدة على جميع طالبي إعانة الطفل الذين لا يحملون تصريح إقامة في البلد. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحبة البلاغ طلبت في 13 حزيران/يونيه 2006 تصريح إقامة لابنتها لأسباب طبية وأن المحكمة المحلية في لاهاي وافقت في 29 أيار/مايو 2007 على طلب صاحبة البلاغ الحصول على إعانة مؤقتة، مما منحها هي وابنتها إقامة قانونية في هولندا إلى حين البت في طلبهما المتعلق بالحصول على تصريح إقامة. وتلاحظ اللجنة كذلك حجة صاحبة البلاغ، التي لم تطعن فيها الدولة الطرف، وهي أن صاحبة البلاغ وابنتها كانتا مؤهلتين، اعتباراً من 1 كانون الثاني/ يناير 2007، للاستفادة من المساعدات البديلة لنظام التأمين الاجتماعي للأجانب غير المقيمين في البلد، وذلك بموجب نظام المدفوعات المستحقة لفئات معينة من الأجانب الذي ينص على تقديم مساعدة مالية خاصة للقصَّر. وبناءً على ذلك، كان لصاحبة البلاغ وابنتها الحق في إعانات مالية، وفي نظام يكفل تغطية النفقات الطبية، وفي نيل التعليم بالنسبة لابنتها، وفي المساعدة القانونية. وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تبين أن المساعدة المالية البديلة التي أتيحت لهما أثرت سلباً على صحة ابنتها، بالمقارنة مع نظام إعانة الطفل العامة. وفي ضوء هذه الظروف، ترى اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تبين كيف أن المعاملة التمييزية لصاحبة البلاغ وابنتها لم تستوف معايير المعقولية والمقبولية ومشروعية الهدف. ولذلك تستنتج اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن حدوث انتهاك لحقوق صاحبة البلاغ وابنتها بموجب المادة 26 من العهد.

7-6 وبناءً على ما تقدم من استنتاجات، ترى اللجنة كذلك أن صاحبة البلاغ لم تثبت أن الدولة الطرف، برفضها طلب صاحبة البلاغ الحصول على إعانة الطفل العامة، انتهكت حقوقها هي وابنتها بموجب المادتين 23 و24 من العهد.

8- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها لا تكشف عن انتهاك الدولة الطرف لحقوق صاحبة البلاغ وابنتها بموجب المواد 23 و24 و26 من العهد.