الأمم المتحدة

CCPR/C/128/D/2924/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

4 November 2020

Arabic

Original: French

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5 ( الفقرة 4 ) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2016/2924* **

بلاغ مقدّم من:

رشيد بريح ( يمثله محام من مؤسسة الكرامة )

الشخصان المدعى أنهما ضحايا:

صاحب البلاغ وأحمد بريح ( والد صاحب البلاغ )

الدولة الطرف:

الجزائر

تاريخ تقديم البلاغ:

17 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 ( تاريخ الرسالة الأولى )

الوثائق المرجعية:

القرار المتخذ عملاً بالمادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 28 كانون الأول/ديسمبر 2016 ( لم يصدر في شكل وثيقة )

تاريخ اعتماد الآراء:

27 آذار/مارس 2020

الموضوع:

الاختفاء القسري

المسائل الإجرائية :

استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية:

الحق في سبيل انتصاف فعال؛ والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ وحق الفرد في الحرية وفي الأمان على شخصه؛ والكرامة الإنسانية؛ والاعتراف بالشخصية القانونية

مواد العهد:

المواد 2 ( الفقرتان 1 و 3 ) و 6 ( الفقرة 1 ) و 7 و 9 و 10 ( الفقرة 1 ) و 16 و 23 ( الفقرة 1 )

مواد البروتوكول الاختياري:

المواد 2 و 3 و 5 ( الفقرة 2 )

1 - صاحب البلاغ يُدعى رشيد أحمد خليل بريح، وهو عديم الجنسية. وهو يدّعي أن والده أحمد خليل محمود بريح، المولود في المغرب عام 1953 ، ضحية اختفاء قسري يعزى إلى الدولة الطرف، بما يشكل انتهاكاً للفقرة 3 من المادة 2 ، والمواد 6 و 7 و 9 و 10 و 16 ، والفقرة 1 من المادة 23 من العهد. ويدفع صاحب البلاغ كذلك بأنّه وأسرتَه ضحايا انتهاكات حقوقهم بموجب الفقرتين 1 و 3 من المادة 2 والمادة 7 والفقرة 1 من المادة 23 من العهد. وقد دخل العهد والبروتوكول الاختياري الملحق به حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في 12 كانون الأول/ديسمبر 1989 . ويمثّل صاحب البلاغ محام من مؤسسة الكرامة.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 أحمد بريح، وهو أب لسبعة أطفال، كان يقيم بالأساس في ولاية العيون التابعة لمخيمات تندوف، وبشكل عرضي في الجزائر العاصمة. وكان يعمل، عند توقيفه، مستشاراً لحقوق الإنسان لدى الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (جبهة البوليساريو). ولأنه كان يعتبر من مؤسسي الحركة، فإنه كان يخضع مباشرة للأمين العام لجبهة البوليساريو ( ) . وتدير جبهة البوليساريو المخيمات التي توجد على مقربة من مدينة تندوف الواقعة جنوب غرب الصحراء الجزائرية، والتي يعيش فيها اللاجئون. وأحمد بريح، بصفته مستشارا ً لحقوق الإنسان، كان قد انتقد بشدة، وفقا لأقاربه، الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان للاجئين في مخيمات تندوف وأبلغ بها الأمانة العامة لجبهة البوليساريو.

2 - 2 وفي كانون الثاني/يناير 2009 ، دعت قيادة جبهة بوليساريو أحمد بريح لإلقاء محاضرات في الجزائر العاصمة عن حالة حقوق الإنسان في المخيمات. وتشتبه أسرته في أنه كان ضحية كمين نصبه له مسؤولو جبهة البوليساريو، بموافقة السلطات الجزائرية، لاختطافه بعيدا ً من المخيمات ( ) .

2 - 3 وفي صباح يوم 6 كانون الثاني/يناير 2009 ، كان أحمد بريح موجودا ً بالقرب من ممثلية جبهة البوليساريو في وسط الجزائر العاصمة، وكان من المقرر أن ينتقل إلى جامعة الجزائر العاصمة بغرض إلقاء محاضرة. وبينما كان ينتظر على الرصيف سائق السيارة التي كانت ستقله إلى هناك، اختطفه أفراد من قوات الأمن الجزائرية بزي مدني. وأُجبر على ركوب سيارة غير معلّمة واقتيد إلى مكان مجهول.

2 - 4 وبعد اختفاء أحمد بريح، توجه صاحب البلاغ وشقيقه الأكبر، اللذان كانا يقيمان حينها في مخيمات اللاجئين في تندوف، وأفراد آخرون من أسرة أحمد بريح، إلى مكتب الأمين العام لجبهة البوليساريو بهدف الاستفسار عن مصير والدهما. وقد كرّروا مساعيهم هاته مع قادة آخرين في جبهة البوليساريو في الجزائر العاصمة. وليس إلا بعد شهرين من ذلك، وتحديدا ً في آذار/مارس 2009 ، أن تلقوا تأكيد شفهيا من أحد قادة جبهة البوليساريو يفيد بأن والدهم أوقف واحتُجز في سجن البليدة العسكري. وقد ادعى هذا القائد أنه زاره في 1 آذار/مارس، لكنه اكتفى بإبلاغهم بأنه بخير. وفي المقابل، رفض إبلاغهم بأسباب توقيفه واحتجازه.

2 - 5 وحينها، حاول الابن الأكبر لأحمد بريح الحصول على تأكيد لهذه المعلومات والاستفسار بنفسه عن حالة والده. وهكذا لم يفتأ يطلب إلى قيادة جبهة البوليساريو السماح له بزيارته في مكان احتجازه. وليس إلا في بداية نيسان/أبريل 2011 - أي بعد مرور أكثر من سنتين على اختطاف والده - أن سُمح له بزيارته، شريطة عدم إخبار أحد بذلك. وفي اليوم المحدد، ذهب برفقة أحد أعضاء جبهة البوليساريو إلى سجن بليدة العسكري الواقع على بعد 50 كيلومتراً جنوب الجزائر العاصمة، ووقف عند باب المحكمة العسكرية المجاورة للسجن العسكري. وقد رفض العسكري في البداية الاعتراف بوجود أحمد بريح في السجن، غير أنه بعد الحديث إلى رؤسائه بالهاتف سمح لابنه الأكبر وعضو جبهة البوليساريو بالدخول.

2 - 6 واقتيد الابن الأكبر لأحمد بريح بمفرده إلى غرفة صغيرة فارغة داخل أحد المباني الواقعة عند مدخل السجن. وبعد حوالي 20 دقيقة من الانتظار، أدخل عسكريون أحمد بريح إلى هذه الغرفة. وقد جرت المقابلة بين الضحية وابنه تحت إشراف نفس العسكريين واستمرت نحو عشرين دقيقة. ولم يستطع الابن خلال هذه المقابلة سوى طرح أسئلة عامة عن صحة والده وإعطائه أخباراً عن كل فرد من أفراد الأسرة. ولم يكن أحمد بريح يعرف، فيما يبدو، ما إذا كان سيحاكم، ولم يستطع إخبار ابنه بأسباب سجنه، مكتفيا بالقول إنه لا يستفيد من خدمات محام. غير أن الابن لاحظ أن والده لم يكن في صحة جيدة وأنه بدا قلقاً ومتعباً.

2 - 7 وعاد الابن الأكبر لأحمد بريح إلى سجن البليدة العسكري بعد بضعة أيام محمّلا بملابس وسجائر وأمتعة شخصية أخرى كان يرغب في تسليمها إلى والده. غير أنه لم يُسمح له برؤيته مرة أخرى، حيث اكتفى العسكريون المناوبون بإبلاغه بأنه يمكنه ترك الأمتعة الشخصية معهم وبأنّهم سيسلمونها إلى والده. وفي الأسابيع التي تلت هذه الزيارة، عاد الابن الأكبر لأحمد بريح مرا راً إلى سجن البليدة العسكري لطلب رؤيته من جديد، لكن في كل مرة كانت ترفض زيارته، وكان الجنود المناوبون يكتفون باستلام ما يأتي به من أمتعة، مؤكدين له أنها ستُسلّم إلى أحمد بريح.

2 - 8 وعندما أدرك الابن الأكبر لأحمد بريح أنه لن يسمح له برؤية والده مجددا، فإنه عاد أدراجه إلى مخيمات تندوف. وعندما كانت أسرة أحمد بريح تتصل بمسؤولي جبهة البوليساريو للحصول على معلومات جديدة عن أسباب احتجازه في سجن البليدة العسكري، وقرار السلطات الجزائرية عدم السماح لأفراد أسرته بزيارته، وإمكانية محاكمته، فإنها كانت تُقابَل دائما ً بالتجاهل ( ) . وهكذا تظل أسرة أحمد بريح دون أخبار عنه منذ زيارة ابنه الأكبر الوحيدة له في بداية نيسان/أبريل 2011 ، وذلك على الرغم من طلباتها ومساعيها المستمرة في هذا الصدد. وهي تخشى أن تكون خلافات أحمد بريح السياسية مع قادة جبهة البوليساريو والسلطات الجزائرية، ولا سيما بشأن إدارة مخيمات اللاجئين في تندوف وانتهاكات حقوق الإنسان هناك، السببَ المباشر لاختطافه واختفائه.

2 - 9 وفي تاريخ غير محدد، كتب الابن الأكبر لأحمد بريح إلى وزير العدل ليشرح له الوضع ويطلب منه التدخل لدى السلطات، من أجل السماح لأفراد أسرة الضحية بزيارته. ولعدم تلقيه أي رد، وجّه رسالة أخرى إلى وزير الدفاع لكنها ظلت هي الأخرى دون ردّ. وعلى الرغم من طلبات أسرة أحمد بريح المتكررة إلى جبهة البوليساريو والسلطات الجزائرية، فإنها لم تُبلَّغ قط بمصيره أو بأسباب احتجازه أو بإمكانية مثوله أمام هيئة قضائية، لأن الأطراف المعنية لم تردّ أي منها على طلباتها.

2 - 10 وفي 21 تشرين الأول/أكتوبر 2014 ، عرض صاحب البلاغ قضية والده على الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي ‬ . وعلى الرغم من إحالة الفريق العامل ال قضية إلى السلطات الجزائرية، فإن هذه الأخيرة لم ترد قط. ومع ذلك، استدعى أعضاء من قيادة جبهة البوليساريو عدة أفراد من أسرة الضحية بعد أن سجل الفريق العامل هذه القضية وأن أشارت إليها هيومن رايتس ووتش في تقرير عام ( ) . وقد هددوهم بالقول إنه "من مصلحتهم وقف أي إجراءات في الجزائر أو على الصعيد الدولي"، وطلبوا إليهم التوقف عن الاستفسار عن مصير أحمد بريح، مضيفين أن "المشكلة ستسوّى بشكل غير رسمي بين جبهة البوليساريو والسلطات الجزائرية". وحتى الآن، لم تتلق أسرة أحمد بريح أي معلومات أخرى عن مصيره. وأمام تهديدات عناصر جبهة البوليساريو، أُجبر عدد من أبناء أحمد بريح، بمن فيهم صاحب البلاغ وشقيقه الأكبر، على مغادرة مخيمات تندوف واللجوء إلى أوروبا خشية الاعتقال أو الانتقام.

2 - 11 وإذ شعر صاحب البلاغ بالإحباط، وجّه في 23 حزيران/ يونيه 2016 رسالة إلى النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر العاصمة يفصّل فيها وقائع وظروف اختفاء والده ويطلب من السلطات فتح تحقيق وإخبار الأسرة بنتائجها. غير أنه لم يُرد على هذا الطلب، وبالتالي تظل الأسرة دون معلومات حتى اليوم عن الضحية.

2 - 12 ويدفع صاحب البلاغ بأن سبل الانتصاف المحلية في الدولة الطرف غير متاحة بالفعل. ففي الواقع، لا يستطيع الأشخاص الذين يعيشون في مخيمات اللاجئين الخاضعة بحكم الواقع لإدارة جبهة البوليساريو تقديم طعن أمام المحاكم الجزائرية، إذ تحيلهم هذه الأخيرة بشكل منهجي إلى السلطات "القضائية" الموازية التي أنشأتها جبهة البوليساريو. ويشير صاحب البلاغ إلى أن شقيقه الأكبر بعث رسائل إلى وزيري العدل والدفاع، غير أنها ظلت دون ردّ وتلقّى في إثرها أم راً من جبهة البوليساريو بالتوقف عن اللجوء إلى السلطات الجزائرية. وبالإضافة إلى ذلك، وفي هذه القضية، اضطر وَلَدا الضحية، المكلفان من الأسرة باتخاذ الخطوات اللازمة للعثور على والدهما، إلى الفرار من الدولة الطرف حيث كانت سلامتهما مهدّدة بصورة حقيقية. وهكذا، بات مستحيلا ً عليهما بحكم الواقع المضي في الإجراءات على الصعيد المحلي.

الشكوى

3 - 1 يدّعي صاحب البلاغ أن والده ضحية اختفاء نفّذه رجال أمن جزائريين، ومن ثم يُنسب إلى الدولة الطرف وفقاً لتعريف حالات الاختفاء القسري الوارد في المادة 2 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. ويؤكد صاحب البلاغ أنه على الرغم من عدم وجود أي حكم في العهد يشير صراحةً إلى حالات الاختفاء القسري، فإن الممارسة تنطوي على انتهاكات للحق في الحياة، والحق في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والحق في الحرية وفي الأمان على شخصه. وفي هذه الحالة، يدّعي صاحب البلاغ انتهاك الدولة الطرف للفقرة 1 من المادة 6 ، والمادة 7 ، والفقرات من 1 إلى 4 من المادة 9 ، والفقرة 1 من المادة 10 ، والفقرة 16 ، والفقرة 1 من المادة 23 من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 ، وكذلك للفقرة 1 من المادة 2 ، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 .

3 - 2 ويُذكِّر صاحب البلاغ بالطابع الأسمى للحق في الحياة، وبكون الدولة الطرف ملزمة ليس فقط بالامتناع عن سلب الشخص حقه في الحياة سلباً تعسفياً، ولكن أيضاً بمنع أي فعل ينطوي على انتهاك للمادة 6 من العهد وبالمعاقبة عليه، بما في ذلك عندما يكون الجناة من أعوان الدولة. ‬ و يذكّر أيضا بالالتزام الواقع على الدولة بحماية حياة الأشخاص المحتجزين وبالتحقيق في جميع حالات الاختفاء، لأنه من شأن عدم التحقيق فيها أن يشكل في حد ذاته انتهاكاً للمادة 6 من العهد، بما في ذلك في الحالات التي لا يكون فيها أعوان الدولة مسؤولين عن الاختفاء. ويؤكّد صاحب البلاغ أن والده أوقف في كانون الثاني/يناير 2009 ، واحتُجز في سجن البليدة العسكري في تاريخ غير محدد. وهكذا، فقد تعرض أحمد بريح للاختفاء القسري مرتين: أما المرة الأولى فامتدت من يوم توقيفه إلى يوم الزيارة الوحيدة التي سمحت بها سلطات سجن البليدة لابنه الأكبر في نيسان/أبريل 2011 - أي بعد مرور أكثر من عامين على التوقيف - وأما المرة الثانية فامتدت من يوم إجراء تلك الزيارة إلى يوم تقديم هذا البلاغ. وقد مضى اليوم أكثر من ثماني سنوات على احتجاز أحمد بريح بصورة غير قانونية. وكان ينبغي للسلطات الجزائرية أن تتّخذ جميع التدابير اللازمة لضمان عدم تحول توقيفه إلى اختطاف، واحترام حقوقه الأساسية، وعدم احتجازه مع منع الاتصال، وذلك بهدف تحقيق جملة أمور منها السماح لأسرته بزيارته بانتظام والاعتراف بحقه في الاتصال بمحام لمساعدته والطعن في قانونية احتجازه. وبحرمان أحمد بريح من مجموع حقوقه ووضعه خارج نطاق حماية القانون، انتهكت السلطات الجزائرية التزامها بضمان حقه في الحياة. وهذه العناصر تشهد على عدم وفاء الدولة الطرف بالتزاماتها وتشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 6 من العهد.

3 - 3 ويذكّر صاحب البلاغ أيضاً بأن الحق في عدم التعرض لأعمال التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة حق مطلق لا يمكن الخروج عنه. والاحتجاز مع منع الاتصال يفرز تلقائيا بيئة مواتية لممارسة التعذيب، لأن الفرد يكون محروما من حماية القانون. ووفقا لاجتهادات اللجنة، يمكن أن تشكل هذه الممارسة في حد ذاتها انتهاكاً للمادة 7 من العهد. وتُلزم الدولة الطرف بفتح تحقيق بمجرد علمها بادعاء حدوث احتجاز مع منع الاتصال. وقد سبق للجنة أن شدّدت في الماضي على تعارض قوانين العفو عموماً مع واجب الدول في أن تحقّق مع أي شخص متورط في الاحتجاز مع منع الاتصال وأن تعاقبه ( ) . ويؤكّد صاحب البلاغ أن احتجاز أحمد بريح يكتسي، في ظل عدم تسجيله وغياب أي إجراء آخر كان سيسمح للأسرة بأن تعلم به، طابعا سريا. ومنذ زيارة ابنه الأكبر في نيسان/أبريل 2011 ، لم تتمكن أسرته من الاتصال به، ولم تقدم لها أي معلومات عن مصيره ومكان وجوده، ولم يُسمح لها بأي زيارات أخرى. ولم تفعل الدولة الطرف أي شيء لضمان عدم احتجاز أحمد بريح مع منع الاتصال ولم تجر أي تحقيقات في هذا الصدد. ولم تقدّم الدولة الطرف أي تفسير منذ توقيف أحمد بريح في كانون الثاني/يناير 2009 . وبالنسبة للمحتجزين، تمثّل استحالة الاتصال بالعالم الخارجي، المتأصلة في الاحتجاز مع منع الاتصال، معاناة نفسية هائلة وخطيرة بما يكفي لتندرج ضمن نطاق المادة 7 من العهد. ويدفع صاحب البلاغ من ثم بأن أحمد بريح هو ضحية انتهاك المادة 7 من العهد. وحالة الكرب والضيق وعدم اليقين الناجمة عن اختفاء أحمد بريح، وعدم اعتراف السلطات باختفائه، وعدم إجراء تحقيق في ذلك لأكثر من خمس سنوات، هي عناصر تشكل معاملة لا إنسانية لأسرته، وبالتالي، تشكل انتهاكاً للمادة 7 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

3 - 4 ويُذكّر صاحب البلاغ لاحقا بأن حق الفرد في الحرية وفى الأمان على شخصه المعترف به في المادة 9 من العهد، يحظر التوقيف والاحتجاز التعسفيين ويفرض على الدولة الطرف توفير عدد من الضمانات الإجرائية. ويدّعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوق والده بموجب المادة 9 من العهد في إطار: ( أ ) الفقرة 1 ، لأن أحمد بريح لم يكن موضع دعوى قضائية واحتُجز مع منع الاتصال في مناسبتين؛ و ( ب ) الفقرة 2 ، لأن الموظفين الذين أوقفوا أحمد بريح لم يذكروا أسباب توقيفه، ولم يقدموا إليه أي أم راً بذلك، ولأنه لم يتلقّ قط أي إخطار رسمي منذ توقيفه؛ و ( ج ) الفقرة 3 ، لأن أحمد بريح لم يُعرض بعد توقيفه على قاض مختص، ولا حوكم ولا أُفرج عنه، ولأن السنوات الثماني التي انقضت منذ توقيفه تجاوزت بكثير المدة القصوى للحبس الاحتياطي المتمثلة في 12 يوماً والمنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للجرائم المتصلة بالإرهاب؛ و ( د ) الفقرة 4 ، لأن أحمد بريح لم يتمكّن إطلاقاً من الطعن في قانونية احتجازه، نظراً إلى وضعه خارج نطاق حماية القانون.

3 - 5 ويُذكِّر صاحب البلاغ أيضاً بالطابع الأساسي والعالمي لمبدأ معاملة جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية تحترم الكرامة المتأصلة في شخص الإنسان، كما يرد في الفقرة 1 من المادة 10 من العهد. ولم يسمح لأحمد بريح بأي اتصال بالعالم الخارجي. والاحتجاز مع منع الاتصال يتسبب بطبعه في معاناة خطيرة بما يكفي لوصفها بأعمال تعذيب، بل أنه يعزّز أيضاً ممارسة أفعال لا إنسانية. ولأن أحمد بريح تعرّض لمعاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، بما يشكّل انتهاكاً للمادة 7 من العهد، فإنه كان بالأحرى ضحية انتهاك الفقرة 1 من المادة 10 لأن المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة تتعارض بطبيعتها مع احترام الكرامة المتأصلة في الإنسان.

3 - 6 ويذكِّر صاحب البلاغ أيضاً بأن لكل فرد الحق في أن يُعتَرف له بشخصيته القانونية. وفي هذا الصدد، يحيل إلى الملاحظات الختامية للجنة بشأن التقرير الدوري الثاني للجزائر المقدم بموجب المادة 40 من العهد، التي رأت فيها اللجنة أن الأشخاص المختفين، الذين لا يزالون على قيد الحياة ويخضعون للاحتجاز مع منع الاتصال، يُنتهك حقهم في أن يُعترف لهم بالشخصية القانونية، على النحو المنصوص عليه في المادة 16 من العهد ( ) . وبناء عليه، يشكل احتجاز أحمد بريح مع منع الاتصال انتهاكاً من جانب الدولة الطرف للمادة 16 من العهد.

3 - 7 وإذ يُذكِّر صاحب البلاغ بأن الفقرة 1 من المادة 23 من العهد تنصّ على الحق في حماية الأسرة، فإنه يدفع بأن اختفاء أحمد بريح قد حرم أسرته من والد وزوج، ويشكّل من ثم انتهاكاً لتلك المادة.

3 - 8 وتضمن الفقرة 3 من المادة 2 من العهد إمكانية حصول أي شخص يدّعي وقوع انتهاك لأي حق من حقوقه المحمية بالعهد على سبل انتصاف فعالة. ويرى صاحب البلاغ أنه يستحيل على أحمد بريح بحكم الواقع، كونه ضحية اختفاء قسري، أن يسلك أي سبيل من سبل الانتصاف. واستناداً إلى اجتهادات اللجنة، يذكِّر صاحب البلاغ بأن الدولة الطرف ملزمة بإجراء تحقيقات في ادعاءات انتهاك حقوق الإنسان، وبمقاضاة الأشخاص المزعوم تورطهم فيها وبمعاقبتهم؛ وهو يرى أن الدولة الطرف، بعدم استجابتها لطلبات أسرة الضحية، تكون قد تقاعست عن الالتزامات الواقعة عليها بموجب المادة 2 من العهد. وفي هذه الحالة، لا ينبع انتهاك الحق في سبيل انتصاف فعال من عدم استجابة السلطات الجزائرية فحسب، بل أيضاً من عدم قدرة أفراد أسرة أحمد بريح، بوصفهم لاجئين يعيشون في مخيمات تندوف، على اللجوء إلى محاكم الدولة الطرف التي خوّلت سلطات جبهة البوليساريو، بحكم الواقع، مهمة النظر في أي طعن مقدّم من اللاجئين الصحراويين على أراضيها. ويشكّل هذا الوضع عدم امتثال الدولة الطرف لالتزامها بضمان سبيل انتصاف فعال. وعليه، يطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تعترف بوقوع انتهاك للفقرة 3 من المادة 2 من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المواد 6 ، و 7 ، و 9 ، و 10 ، و 16 .

3 - 9 وأخيراً، يرى صاحب البلاغ أن عدم قدرة أسرة أحمد بريح على التواصل مباشرة مع السلطات الجزائرية - التي تحيلها تلقائيا ً إلى جبهة البوليساريو - يشكل تمييزا ً ضد اللاجئين الصحراويين ومخالفة لنطاق التزام الدولة الطرف بموجب الفقرة 1 من المادة 2 من العهد من حيث الاختصاص المحلي وكذا الاختصاص الشخصي. وكما أكّدت اللجنة ذلك في تعليقها العام رقم 15 ( 1986 ) ، وأشارت إليه في الفقرة 10 من تعليقها العام رقم 31 ( 2004 ) ، فإن التمتع بالحقوق المعترف بها في العهد لا يقتصر على مواطني الدول الأطراف بل يجب أن يشمل أيضاً جميع الأفراد، بصرف النظر عن جنسيتهم أو عن وضعهم كأشخاص عديمي الجنسية، مثل ملتمسي اللجوء واللاجئين والعمال المهاجرين وغيرهم من الأشخاص الذين قد يجدون أنفسهم في إقليم الدولة الطرف أو الخاضعين لولايتها. ولذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة بضمان احترام وفعالية الحقوق المنصوص عليها في العهد على مجموع أراضيها. وإذ تفوّض الدولة الطرف بحكم الواقع طرفا ً ثالثا ً - جبهة البوليساريو - مهمة النظر في شكاوى وطعون أشخاص يعيشون على أراضيها، فإنها تنتهك التزامها بموجب الفقرة 1 من المادة 2 من العهد بأن تكفل لأي شخص خاضع لولايتها القضائية، على نحو متساو مع غيره، الحق في سبيل انتصاف فعال تعترف به الفقرة 3 من المادة 2 .

3 - 10 ويطلب صاحب البلاغ أولاً إلى اللجنة أن تعترف بانتهاك حقوق أحمد بريح بموجب الفقرة 1 من المادة 6 ، والمادة 7 ، والفقرات من 1 إلى 4 من المادة 9 ، والفقرة 1 من المادة 10 ، والمادة 16 ، والفقرة 1 من المادة 23 من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 . ويطلب إليها ثانيا ً أن تعترف بانتهاك حقه وحقوق أسرته بموجب المادة 7 ، والفقرة 1 من المادة 23 من العهد، مقروءتان لوحدهما وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 ، وكذلك الفقرة 1 من المادة 2 ، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة. وعلاوة على ذلك، يطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تطلب إلى الدولة الطرف ما يلي: ( أ ) إطلاق سراح أحمد بريح إذا كان لا يزال على قيد الحياة؛ و ( ب ) ضمان حصوله على سبيل انتصاف فعال من خلال إجراء تحقيق دقيق وفعال في الاختفاء القسري لوالده وإبلاغه بنتائج التحقيق؛ و ( ج ) مباشرة إجراءات جنائية ضد المسؤولين المزعومين عن اختفاء أحمد بريح وتقديمهم إلى العدالة ومعاقبتهم وفقاً للالتزامات الدولية للدولة الطرف؛ و ( د ) تقديم تعويض مناسب إلى صاحب البلاغ وأصحاب الحقوق من أقارب الضحية عما تعرض له من انتهاكات. ويدعو اللجنة في الأخير إلى أن تُلزم السلطات الجزائرية بأن تكفل للاجئين الصحراويين المقيمين في مخيمات تندوف إمكانية الوصول مباشرة، وعلى قدم المساواة مع غيرهم، إلى المحاكم الجزائرية، حتى يتسنى لهم التمتع بحق فعلي في الانتصاف من أي انتهاك لحق يحميه العهد.

عدم تعاون الدولة الطرف

4 - في 28 كانون الأول /ديسمبر 2016 ، و 10 كانون الأول /ديسمبر 2018 ، طُلب إلى الدولة الطرف تقديم ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتلاحظ اللجنة أنها لم تتلق أي رد وتأسف لعدم تعاون الدولة الطرف التي لم تقدم تعليقاتها على هذه الشكوى. والدولة الطرف ملزمةٌ، بموجب الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري، بالتحقيق بحسن نية في جميع الادعاءات التي تَنسُب لها ولمن يمثلها ارتكاب انتهاكات لأحكام العهد، وبموافاة اللجنة بما تملكه من معلومات ( ) .

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

5 - 1 قبل النظر في أي شكوى ترد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، أن تحدد ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد.

5 - 2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. وتشير اللجنة إلى أن الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي قد أُبلغ بحالة الاختفاء هذه. بيد أنها تذكّر بأن إجراءات أو آليات مجلس حقوق الإنسان الخارجة عن نطاق الاتفاقيات والتي تتمثل ولايتها من جهة في دراسة حالة حقوق الإنسان في بلد أو إقليم محدد أو فحص انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، ومن جهة أخرى في تقديم تقارير عامة عنها، لا تندرج عموماً ضمن إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية بالمعنى المقصود في الفقرة 2 (أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ( ) . وتبعاً لذلك، ترى اللجنة أن دراسة الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي لقضية أحمد بريح لا يجعل البلاغ غير مقبول استناداً إلى هذا الحكم.

5 - 3 وبخصوص مسألة استنفاد سبل الانتصاف المحلية، تذكّر اللجنة بأن واجب الدولة الطرف لا يقتصر على إجراء تحقيقات معمّقة في ما تُبلَّغ به سلطاتها من انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان، لا سيما إذا تعلّق الأمر بانتهاك الحق في الحياة، وإنما يشمل أيضاً ملاحقة ومحاكمة ومعاقبة كل من يُزعم ضلوعه في هذه الانتهاكات ( ) . وقد نبهت أسرة أحمد بريح مراراً السلطات المختصة في الدولة الطرف إلى اختفائه القسري، غير أنها لم تجر أي تحقيق في هذا الصدد. وبالإضافة إلى ذلك، لم تقدم الدولة الطرف أي أدلّة قد يستخلص منها توافر سبيل انتصاف فعال ومتاح حتى اليوم. كما تشعر اللجنة بالقلق إزاء عدم تقديم الدولة الطرف أي معلومات أو ملاحظات بشأن مقبولية البلاغ أو أسسه الموضوعية ( ) .

5 - 4 وفي هذا الصدد، تذكّر اللجنة بأنها أعربت، في ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الرابع للجزائر، عن قلقها إزاء نقل اختصاصات الدولة الطرف بالفعل، بما فيها اختصاصاتها القانونية، إلى جبهة البوليساريو، وترى أن هذا الموقف يتعارض والتزامات الدولة الطرف باحترام وضمان الحقوق المعترف بها في العهد لجميع الأفراد الموجودين في أراضيها. وأعربت اللجنة عن قلقها أيضاً إزاء وضع ضحايا انتهاكات أحكام العهد في مخيمات تندوف الذين لا يتاح لهم سبيل انتصاف فعال في محاكم الدولة الطرف ( ) . وفي ضوء هذه الظروف، ترى اللجنة أنه لا شيء يمنعها، في هذه القضية، من النظر في البلاغ وفقاً للفقرة 2 ( ب ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

5 - 5 وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاءات صاحب البلاغ أن الدولة الطرف قد أخلّت بالتزامها المنصوص عليه في الفقرة 1 من المادة 2 من العهد والمتمثل في أن تضمن لأي شخص خاضع لولايتها القضائية، على قدم المساواة مع غيره، الحق في سبيل انتصاف فعال على النحو المعترف به في الفقرة 3 من تلك المادة. وإذ تشير اللجنة إلى اجتهاداتها التي رأت فيها أن أحكام المادة 2 من العهد تلقي التزامات عامة على الدول الأطراف، ولا تشكل بمفردها أساسا لتقديم ادعاء منفصل بموجب البروتوكول الاختياري، لأنه لا يمكن الاحتجاج بها إلا مقترنة مع مواد موضوعية أخرى منصوص عليها في العهد، فإنها تعتبر ادعاءات صاحب البلاغ بموجب الفقرة 1 من المادة 2 من العهد، مقروءة بالاقتران مع الفقرة 3 من المادة ذاتها، غير مقبولة بمقتضى المادة 3 من البروتوكول الاختياري ( ) .

5 - 6 وترى اللجنة ترى أن صاحب البلاغ قدم ما يكفي من الأدلة لإثبات ادعاءاته الأخرى لأغراض المقبولية، وتباشر من ثم النظر في الأسس الموضوعية للادعاءات المتعلقة بانتهاك الفقرة 3 من المادة 2 ، والفقرة 1 من المادة 6 ، والمادتين 7 و 9 ، والفقرة 1 من المادة 10 ، والمادة 16 ، والفقرة 1 من المادة 23 من العهد.

النظر في الأسس الموضوعية

6 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدمت لها، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

6 - 2 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تردّ على ادعاءات صاحب البلاغ، وتُذكّر باجتهاداتها التي تفيد بأن عبء الإثبات يجب ألا يقع على صاحب البلاغ وحده، خاصة وأن هذا الأخير لا يتساوى دائماً مع الدولة الطرف في إمكانية الحصول على عناصر الإثبات وأن الدولة الطرف غالبا ما تكون المالكة الوحيدة للمعلومات اللازمة ( ) . والدولة الطرف ملزمةٌ، بموجب الفقرة 2 من المادة 4 من البروتوكول الاختياري، بالتحقيق بحسن نية في جميع الادعاءات التي تَنسُب لها ولمن يمثلها ارتكاب انتهاكات لأحكام العهد، وبموافاة اللجنة بما تملكه من معلومات ( ) . وفي حال لم تقدّم الدولة الطرف أي توضيح بهذا الشأن، فإنه يتعين إيلاء ادّعاءات صاحب البلاغ الاهتمام الواجب ما دامت معللة بما فيه الكفاية.

6 - 3 وتذكّر اللجنة بأن مصطلح "الاختفاء القسري" لا يرد صراحة في أي مادة من مواد العهد، لكن الاختفاء القسري يشكّل مجموعة فريدة ومتكاملة من الأفعال التي تمثل انتهاكاً مستمراً لعدة حقوق مكرسة في هذا الصك، مثل الحق في الحياة والحق في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وحق الفرد في الحرية وفي الأمان على شخصه ( ) .

6 - 4 وتحيط اللجنة علماً بأن أحمد بريح شوهد لآخر مرة من قبل الأخ الأكبر لصاحب البلاغ في نيسان/أبريل 2011 ، بينما كان محتجزا في سجن البليدة العسكري. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات عن مصير أحمد بريح، ولم تؤكد قط احتجازه. وتذكّر اللجنة بأن سلب الشخص حريته ثم عدم الاعتراف بذلك، أو عدم الكشف عن مصير الشخص المختفي يعني، في حالات الاختفاء القسري، حرمانه من حماية القانون وتعريض حياته لخطر جسيم ودائم تعتبر الدولة مسؤولة عنه ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي دليل يمكن أن يثبت أنها أوفت بالتزامها بحماية حياة أحمد بريح. وعليه، تخلص إلى أن الدولة الطرف أخلَّت بالتزامها بحماية حياة أحمد بريح، بما يشكل انتهاكاً للفقرة 1 من المادة 6 من العهد.

6 - 5 وتقر اللجنة كذلك بحجم المعاناة التي تترتب عن الاحتجاز لأجلٍ غير مسمى مع الحرمان من الاتصال بالعالم الخارجي. وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 20 ( 1992 ) بشأن حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، الذي أوصت فيه الدولَ الأطراف باتخاذ تدابير تمنع الاحتجاز مع منع الاتصال. وتلاحظ في هذه القضية أنه في أعقاب السماح لابن أحمد بريح الأكبر برؤيته في سجن البليدة العسكري في نيسان/أبريل 2011 ، لم تتح لأسرته قط، بمن فيها صاحب البلاغ، أي معلومات عن حالته، وذلك على الرغم من محاولات زيارة سجن البليدة والطلبات المتكررة للحصول على معلومات من السلطات المختصة في الدولة الطرف. ولذلك، ترى اللجنة أن أحمد بريح قد لا يزال قيد الاحتجاز من قبل السلطات الجزائرية مع منع الاتصال وأنه وأسرته ضحية الاختفاء القسري الممتد من 6 كانون الثاني/يناير 2009 إلى نيسان/أبريل 2011 ، ومن نيسان/ أبريل 2011 حتى الآن، بما يشكّل انتهاكاً لحقوق أحمد بريح بموجب المادة 7 من العهد ( ) .

6 - 6 وفي ضوء ما تقدّم، لن تنظر اللجنة بصورة مستقلة في الادعاءات المتعلقة بانتهاك المادة 10 من العهد ( ) .

6 - 7 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بما عاناه صاحب البلاغ وأسرته من ضيق وشدّة ناجمين عن اختفاء أحمد بريح مرتين، ‬ وترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك حقوقهم بموجب المادة 7 مقروءة بمفردها وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد ( ) .

6 - 8 وفيما يتعلّق بادعاءات انتهاك المادة 9 من العهد، تحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ أن السيد أحمد بريح احتُجز تعسفا ودون أمر قضائي، ولم توجه إليه أي تهمة، ولم يعرض على سلطة قضائية تخوّله الطعن أمامها في قانونية احتجازه. ونظراً إلى عدم تقديم الدولة الطرف أي معلومات في هذا الصدد، فإن اللجنة ترى أنه يجب إيلاء ادعاءات صاحب البلاغ الاعتبار الواجب ( ) . وعليه، تخلص اللجنة إلى انتهاك حقوق أحمد بريح بموجب المادة 9 من العهد ( ) .

6 - 9 وتذكّر اللجنة أيضا ً بأن حرمان شخص ما عمداً من حماية القانون يشكل إنكاراً لحقه في أن يُعترف له بالشخصية القانونية، ولا سيما عندما تعرقل بصورة منهجية جهود أقارب الضحية الرامية إلى ممارسة حقهم في الوصول إلى سبل انتصاف فعالة ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدّم أي توضيح بشأن مصير أحمد بريح أو مكان وجوده، على الرغم من مساعي أقاربه في هذا الصدد ووجوده في عهدة سلطات الدولة الطرف عندما شوهد لآخر مرة. وتخلص اللجنة إلى أن اختفاء أحمد بريح قسراً منذ ما يزيد على 8 أعوام حرمه من حماية القانون ومن حقه في أن يُعترف له بشخصيته القانونية، بما يشكّل انتهاكاً للمادة 16 من العهد.

6 - 10 وفي ضوء ما تقدّم، لن تنظر اللجنة بصورة مستقلة في الادعاءات المتعلقة بانتهاك الفقرة 1 من المادة 23 من العهد ( ) .

6 - 11 ويحتج صاحب البلاغ أيضاً بأحكام الفقرة 3 من المادة 2 من العهد التي تلزم الدول الأطراف بأن تكفل لكل شخص سبل انتصاف ميسرة وفعالة وواجبة الإنفاذ لتأكيد الحقوق المكرسة في العهد. وتُذكِّر اللجنة بأنها تولي أهمية لإنشاء الدول الأطراف آليات قضائية وإدارية مناسبة لفحص الشكاوى ذات الصلة بانتهاكات الحقوق التي يكفلها العهد ( ) . وتذكّر أيضاً بتعليقها العام رقم 31 ( 2004 ) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، الذي تشير فيه على وجه الخصوص إلى أن عدم تحقيق الدولة الطرف في الانتهاكات المزعومة قد يفضي، في حد ذاته، إلى انتهاك مستقل للعهد.

6 - 12 وفي هذه القضية، نبّه صاحب البلاغ وأسرته مراراً السلطات المعنية إلى اختفاء أحمد بريح دون أن تحقق الدولة الطرف في حالة الاختفاء. ولم يتلقّ صاحب البلاغ أي معلومات في هذا الصدد. وعلاوة على ذلك، لا يزال أحمد بريح وصاحب البلاغ محرومين من أي إمكانية للوصول إلى سبيل انتصاف فعال لأنه يستحيل قانونا اللجوء إلى الإجراءات القضائية بعد أن نقلت الدولة الطرف سلطاتها القضائية بحكم الواقع إلى جبهة البوليساريو، ولأنه لا توجد سبل انتصاف فعالة للأشخاص المقيمين في مخيمات تندوف ( ) . وترى اللجنة أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاكٍ لحقوق أحمد بريح المكفولة بموجب الفقرة 3 من المادة 2 ، مقروءةً بالاقتران مع المواد 6 و 7 و 9 و 16 من العهد، ولحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب الفقرة 3 من المادة 2 ، مقروءةً بالاقتران مع المادة 7 من العهد.

7 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف لحقوق أحمد بريح بموجب المواد 6 و 7 و 9 و 16 من العهد، وكذلك الفقرة 3 من المادة 2 مقروءةً بالاقتران مع المواد 6 و 7 و 9 و 16 من العهد. وتلاحظ اللجنة أيضاً انتهاك الدولة الطرف حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 7 ، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد.

8 - والدولة الطرف مُلزمة، بموجب الفقرة 3 ( أ ) من المادة 2 من العهد، بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي منها ذلك أن توفر جبراً كاملاً للأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم المعترف بها في العهد. وفي هذه القضية، تُلزم الدولة الطرف بما يلي: ( أ ) إجراء تحقيق سريع وفعال وشامل ومستقل ونزيه وشفاف في اختفاء أحمد بريح وموافاة صاحب البلاغ بمعلومات مفصلة عن نتائج هذا التحقيق؛ و ( ب ) الإفراج فوراً عن أحمد بريح إن كان لا يزال محبوساً في مكان سري؛ و ( ج ) إعادة رفات أحمد بريح، في حالة وفاته، إلى أسرته في ظروف تحفظ الكرامة، وفقاً للمعايير والتقاليد الثقافية للضحايا؛ و ( د ) ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة ومحاكمتهم ومعاقبتهم؛ و ( ه ) جبر الضرر الذي لحق صاحب البلاغ وأحمد بريح، إن كان على قيد الحياة، جبراً كاملاً، ويشمل ذلك التعويض المناسب؛ و ( و ) اتخاذ تدابير ملائمة لترضية صاحب البلاغ. وعلى الرغم من نقل سلطات الدولة الطرف بحكم الواقع إلى جبهة البوليساريو، فإنه يتعين على الدولة الطرف أيضاً أن تحرص على أن يمارس ضحايا جرائم مثل التعذيب والإعدام خارج نطاق القضاء والاختفاء القسري المقيمين في مخيمات تندوف حقهم في سبيل انتصاف فعال من دون عراقيل. والدولة الطرف ملزمةٌ أيضاً باتخاذ تدابير تمنع تكرار مثل هذه الانتهاكات في المستقبل. وفي هذا الصدد، ترى اللجنة، كما أشارت إلى ذلك في ملاحظاتها الختامية بشأن التقرير الدوري الرابع للجزائر، أنه ينبغي للدولة الطرف أن تكفل، وفقاً لالتزاماتها بموجب الفقرة 1 من المادة 2 من العهد، حرية جميع الأشخاص الذين يدّعون انتهاك حقوقهم المكفولة بأحكام العهد، ويوجدون في أقاليمها، بما في ذلك في مخيمات تندوف، وتضمن أمنهم وحصولهم على سبل انتصاف فعالة.

9 - ولما كانت الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد أقرّت باختصاص اللجنة بالبتّ فيما إذا كان العهد قد انتُهك أم لا، وتعهّدت، بمقتضى المادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايت ها القضائية الحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حالة ثبوت الانتهاك، فإن اللجنة تودّ أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لإعمال آراء اللجنة هذه. والدولة الطرف مدعُوَّة أيضاً إلى إعلان هذه الآراء ونشرها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.