الأمم المتحدة

CCPR/C/120/D/2256/2013

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

22 August 2017

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2256/2013 * **

المقدم من: س. (يمثلها محام، هو سيرجي أ. غولوبوك، وجمعية المساعدة على الجبر (RedressTrust)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحبة البلاغ

الدولة الطرف: سري لانكا

تاريخ تقديم البلاغ: 11 شباط/فبراير 2013 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوث ائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 13 حزيران/يونيه 2013 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 27 تموز/يوليه 2017

الموضوع: عدم التحقيق في ادعاءات الاغتصاب

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية - تأخير مطول بشكل غير معقول

المسائل الموضوعية: الاغتصاب كشكل من أشكال التعذيب، على أساس التمييز بسبب الأصل العرقي والانتماء إلى أقلية ونوع الجنس

مواد العهد: الفقرتان 1 و3 من المادة 2، والمادتان 3 و7، والفقرة 1 من المادة 24، والمادة 26

مواد البروتوكول الاختياري: المادة 2 والفقرة 2(أ) و(ب) من المادة 5

1- صاحبة البلاغ هي س.، المواطنة السريلانكية المولودة في 28 آب/أغسطس 1983. وهي تدعي أن سري لانكا انتهكت حقوقها بموجب المواد 2(1) و(3)، و3، و7، و24(1)، و26 من العهد. ويمثل صاحبة البلاغ محام، هو سيرجي أ. غولوبوك، وجمعية المساعدة على الجبر . وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى سري لانكا في 3 كانون الثاني/ يناير 1998 ( ) .

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

2-1 تنتمي صاحب ة البلاغ إلى طائفة التاميل الهنود. وفي 12 آب/أغسطس 2001، عندما كانت في سن 17 سنة، اختطفها رجلان من السنهاليين وهي في طريق عودتها إلى المنزل من مدرسة الأحد في مدينة تالاواكيل في منطقة نوارا إليا، بالإقليم الأوسط، في سري لانكا. واغتصبها الرجلان داخل سيارتهما بين الساعة 2 والساعة 6 مساءً. وهي تدعي أن التاميل الهنود الذين يعيشون على زراعة الشاي، مثل صاحبة البلاغ وأسرتها، هم تاريخياً الأقلية الأشد تهميشاً والأشد حرماناً من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية في سري لانكا.

2- 2 وفي 14 آب/أغسطس 2001، قدمت صاحبة البلاغ شكوى بشأن الاغتصاب إلى مركز شرطة تالاواكيل. وقد أُجبرت على الإدلاء بأقوالها عن طريق مترجم شفوي غير رسمي يترجم إلى اللغة السنهالية نظراً إلى عدم توفير تسهيلات لتسجيل أقوالها باللغة التاميلية، رغم أن اللغة التاميلية هي إحدى اللغات الرسمية في سري لانكا ( ) . وأُخذت صاحبة البلاغ بعد ذلك إلى مستشفى كوتاغالا وبعد ذلك إلى مستشفى نوارا إليا حيث مكثت لحين خروجها في 16 آب/أغسطس 2001. وتشير السجلات الطبية إلى أن حالتها هي "حالة اغتصاب" ( ) .

2-3 وتعرفت الضحية على الجانيين اللذين اعتُقلا في 18 آب/أغسطس 2001 واحتُجزا احتياطياً لدى الشرطة. واتخذت المحكمة الجزئية في نوارا إيليا إجراءات غير مستعجلة بناءً على شكوى صاحبة البلاغ. وفي 28 آب/أغسطس 2001، أُفرج عن المشتبه فيهما بكفالة. وقد أشار محامي المتهمين علناً، أثناء جلسة الاستماع، إلى أن صاحبة البلاغ عاهرة محترفة؛ ولم يتخذ أي من القضاة إجراءً لحماية كرامة صاحبة البلاغ بوصفها ضحية اغتصاب، رغم الطلبات الملحة لمحامي صاحبة البلاغ. وتقوي هذه المواقف الوصمة التي لصقت بصاحبة البلاغ بوصفها امرأة ضحية للاغتصاب في مجتمع محافظ. ولم ترد أية إشارة أثناء الإجراءات إلى أنها كانت قاصراً في وقت ارتكاب الجريمة.

2-4 وفي عام 2005، أي بعد أكثر من ثلاث سنوات، خلصت المحكمة الجزئية إلى وجود أدلة كافية لتوجيه تهمة إلى الجانيين المزعومين وأحالت القضية إلى المدعي العام. وفي 23 تشرين الأول/أكتوبر 2006، وجهت المحكمة العليا في كاندي اتهاماً لكلا المشتبه فيهما بموجب المادتين 357 و364(2)(زاي) من قانون العقوبات، مقروءتين بالاقتران مع المادة 32 منه ( ) .

2-5 وفي 26 آذار/مارس 2007، وافقت المحكمة العليا على شروط جديدة للإفراج بكفالة عن المشتبه فيهما، وأُفرج عنهما مرة أخرى بكفالة في 27 نيسان/أبريل 2007. وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر 2007، بدأت إجراءات المحاكمة ولكن أُرجئت جلسة الاستماع لعدم تقديم النيابة لجميع الأدلة في الوقت المناسب.

2-6 وأُجلت الإجراءات بعد ذلك: في 1 شباط/فبراير 2008 لغياب القاضي رئيس الجلسة؛ وفي 30 أيار/مايو 2008 لغياب وكيل النيابة؛ وفي 30 كانون الثاني/يناير 2009، بسبب غياب قاضٍ دائم؛ وفي 15 أيار/مايو 2009 لعدم تلقي المحكمة بعد لجميع الأدلة. وفي 19 تشرين الأول/أكتوبر 2009، تقرر إحالة القضية إلى المحكمة العليا الجديدة في نوارا إليا، التي كانت أُنشئت لتوها.

2-7 ونظرت المحكمة العليا الجديدة القضية رسمياً في أوائل عام 2010. وفي 12 تموز/ يوليه 2010، بدأت إجراءات المحاكمة ولكن أُرجئت جلسة الاستماع بسبب التأخر في نقل ملف القضية. وفي 5 تشرين الأول/أكتوبر 2010، أُجلت القضية لعدم حضور أحد المتهميْن المحاكمة. وفي 20 نيسان/أبريل 2011، أُجلت العملية مرة أخرى بناءً على طلب محامي أحد المتهميْن. وبدأ عرض الأدلة في 14 حزيران/يونيه 2011، واستمر حتى وقت تقديم الشكوى إلى اللجنة ( ) . ولم تتغيب صاحبة البلاغ عن أية جلسة ولم تكن مسؤولة عن أي تأخر في الإجراءات. وفي عام 2004، أقامت صاحبة البلاغ دعوى مدنية للحصول على تعويض، ولا تزال الدعوى منظورة أمام المحكمة المحلية في نوارا إليا.

2-8 وبالإضافة إلى ما ترتب على الاغتصاب من ضرر بدني مباشر وصدمة، عانت صاحبة البلاغ من عواقب نفسية سلبية مستمرة. فاعتباراً من عام 2001، تعرضت صاحبة البلاغ وأسرتها للمضايقة من جانب الجانيين اللذين حاولا تخويفها لكي تسحب شكواها المقدمة إلى الشرطة، مما حملها على ترك أسرتها والانقطاع عن الدراسة للاختباء في بيت آمن ( ) . ولصقت بصاحبة البلاغ أيضاً وصمة عار باعتبارها ضحية اغتصاب، واضطرت إلى ترك ثلاث وظائف حيث اعتبُرت إما عاهرة أو امرأة "سهلة". ونتيجة لذلك، كانت في وقت تقديم بلاغها الأولي عاطلة عن العمل. وكان للوصمة التي لصقت بها تأثير أيضاً على حياتها الشخصية حيث واجهت صعوبات بالغة في العثور على زوج؛ وقد تزوجت في نهاية المطاف. غير أنها أحجمت عن الإنجاب بسبب الشعور بالعار.

2-9 وتدعي صاحبة البلاغ أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية الفعالة، حيث انقضت 11 سنة منذ طلبها الحصول على انتصاف ( ) ، وهي مدة تشكل "تأخيراً مطولاً بشكل غير معقول" ( ) .

الشكوى

3-1 تدعي صاحبة البلاغ أنها عانت من آلام بدنية ونفسية شديدة بسبب الاغتصاب. ومما زاد من معاناتها أنها قاصر ( ) وفتاة وتنتمي إلى أقلية التاميل الهنود، مما يجعل عملية الاغتصاب على درجة من الخطورة بحيث تشكل تعذيباً بموجب المادة 7 من العهد. وتؤكد صاحبة البلاغ أن من واجب الدول الأطراف، وفقاً لتعليق اللجنة العام رقم 20(1992) بشأن حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، توفير الحماية وسبل الانتصاف القانونية في حالات الاغتصاب الذي يرتكبه أشخاص عاديون. وتدعي صاحبة البلاغ أيضاً أن عواقب الاغتصاب لا تتوقف على وضع الجاني، وأن الدولة، وفقاً لاجتهادات المحاكم الدولية والإقليمية وهيئات حقوق الإنسان، مسؤولة عن أي انتهاك لالتزاماتها فيما يتعلق بحظر التعذيب أو أي شكل آخر من أشكال إساءة المعاملة إذا فشلت الدولة في توفير الحماية من الاغتصاب وغيره من أشكال العنف المسلط على المرأة والتصدي لذلك على النحو المناسب.

3-2 وتحتج صاحبة البلاغ بأنها انتظرت أكثر من 11 سنة للحصول على انتصاف فعّال. وهذا التأخير لا مبرر له لأن المتهميْن معروفان والقضية لا تنطوي على أية مسائل قانونية أو وقائعية معقدة. ولا تُوجد أي آلية تظلم محلية تتيح لصاحبة البلاغ التعجيل بالإجراءات الجنائية أو المدنية، وبالنظر إلى أن كلتا القضيتين كانت لا تزال في المرحلة الابتدائية في وقت تقديم شكواها، فمن المرجح أن يحدث تأخير أطول في إجراءات المحاكم الأعلى درجة. وتدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف لم تفِ بالتزاماتها الإيجابية بتوفير الحماية لها، وبإجراء تحقيق فعال في ادعائها ومقاضاة الجناة، وبذلك انتهكت الدولة الطرف حقوقها بموجب المادة 2(3) من العهد، مقروءةً بالاقتران مع المادة 7 منه.

3-3 وإضافةً إلى ذلك، تدعي صاحبة البلاغ أن سلطات الدولة الطرف لم تأخذ بنهج مراعٍ للأطفال وفعّال أثناء التحقيق وإجراءات المحاكمة، ولم توفر لها أي سبل انتصاف فعالة، وبذلك انتهكت المادة 2(3) من العهد، مقروءةً بالاقتران مع المادة 24(1) منه.

3-4 وأخيراً، تدعي صاحبة البلاغ أن عدم اتخاذ إجراءات فعالة عقب تعرضها للاغتصاب يشكل انتهاكاً من جانب الدولة الطرف للمواد 2(1) و3 و26 من العهد، نظراً إلى المعاملة التمييزية التي تلقتها من جانب سلطات سري لانكا التي لم توفر لها الحماية بوصفها امرأة من التاميل. وتشير صاحبة البلاغ إلى أن ادعاءاتها في ذلك الصدد جديرة بالنظر في سياق التمييز الأزلي والواسع الانتشار ضد النساء والتاميل الهنود في الدولة الطرف. وتزعم أيضاً أن نوع جنسها وأصلها العرقي جعلاها هدفاً سهلاً للاغتصاب الذي ينبغي النظر إليه في حد ذاته بوصفه فعلاً من أفعال التمييز. وتفيد بأنها حُرمت من الحق في تقديم شكوى بلغتها رغم الأحكام القانونية التي تسمح لها بذلك. وهي ترى أن الموقف العام لموظفي الدولة العاملين في النظام القضائي، بما في ذلك تقاعس القضاة عندما أُطلق عليها لفظ العاهرة أثناء إجراءات المحاكمة، يشكلان أيضاً تمييزاً ضدها بوصفها امرأة وفرداً من أقلية التاميل الهنود.

3-5 وتطلب صاحبة البلاغ، كسبيل انتصاف، إجراء تحقيق مستقل ومقاضاة الجانيين المزعوميْن والإسراع بالنظر في الدعوى المدنية التي أقامتها والبت فيها ودفع تعويض مناسب لها ( ) . كما تطلب الاستفادة من إعادة التأهيل على أكمل وجه ممكن وتقديم اعتذار علني اعترافاً بانتهاكات حقوقها.

ملاحظات الدولة الطرف

4-1 في 2 كانون الأول/ديسمبر 2014، أفادت الدولة الطرف، في سياق ردها على طلب اللجنة الحصول على معلومات وملاحظات بشأن المقبولية والأسس الموضوعية، أفادت الدولة الطرف بأنها لا تستطيع تقديم ملاحظاتها بسبب حكم المحكمة العليا في قضية سينغاراسا ( ) ، متعللةً باحترام حكم محاكمها المحلية.

4-2 وقد أُثيرت في قضية سينغاراسا مسألة إمكانية التقاضي بشأن توصيات اللجنة وإنفاذها على المستوى المحلي. ويشكل حكم المحكمة العليا سابقة تفسيرية للازدواجية في سياق سري لانكا ( ) . فقد رأت المحكمة أن الانضمام إلى البروتوكول الاختياري بقرار من رئيس الدولة هو "ممارسة مزعومة للسلطة التشريعية"، وأنه نظراً إلى عدم اتخاذ أية خطوات لإضفاء صبغة قانونية على الحقوق المنصوص عليها في العهد، ستكون نتائج اللجنة غير قابلة للإنفاذ وبالتالي لا يُتوقع من المحكمة أن تضعها موضع التنفيذ ( ) .

تعليقات أخرى مقدمة من صاحبة البلاغ

5- أفادت صاحبة البلاغ، في رسالتها إلى اللجنة المؤرخة 15 حزيران/يونيه 2017، بأن المحكمة العليا في كاندي أدانت المغتصبيْن في كانون الأول/ديسمبر 2015 وحكمت على كل منهما بالسجن لمدة 23 سنة. وبينما ترحب بإدانة الجانيين، التي تأخرت كثيراً، تشير صاحبة البلاغ إلى أن الحكم لم يتناول معظم الانتهاكات التي شملت حقوقها وإلى أن سبل الانتصاف المحلية غير فعالة. وتذكِّر صاحبة البلاغ بالاجتهادات السابقة للجنة، وتدفع بأن الانتصاف الأخير لا ينبغي أن يعوق تقييم الأسس الموضوعية لشكواها، بما في ذلك تقييم مسألة ما إذا كانت قد استفادت من سبيل انتصاف مناسب وفعّال من عدمه ( ) . وترى صاحبة البلاغ أن الإدانات التي أُعلنت مؤخراً لا تغير من حقيقة أن التحقيقات وإجراءات التقاضي امتدت لفترة طويلة وتأخرت بشكل غير معقول، وأن صاحبة البلاغ لم تحصل على أي انتصاف مدني. ولذلك تطلب صاحبة البلاغ إلى اللجنة أن تعلن مقبولية البلاغ، وتقيّم الأسس الموضوعية لشكواها، وتنظر في مدى كفاية الانتصاف المقدم، وتعلن ضرورة اتخاذ الدولة الطرف إجراءات أخرى لتوفير سبيل انتصاف مناسب وفعال.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يتعين على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري. وفي غياب رد من الدولة الطرف، ينبغي إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحبة البلاغ.

6-2 وقد تيقنت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري ، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6-3 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحبة البلاغ أنها استنفدت جميع سبل الانتصاف المحلية الفعالة، على النحو الذي تشترطه المادة 5(2) (ب) من البروتوكول الاختياري، بقدر ما يشكل طلبها الحصول على سبيل انتصاف، الذي كان قد تأخر بالفعل 11 سنة في وقت تقديم بلاغها الأولي، "تأخيراً مطولاً بشكل غير معقول" ( ) . فأولاً، تلاحظ اللجنة أنه أمكن التعرف على هوية الجانيين المزعوميْن في وقت مبكر، ولم تنطو القضية على أية مسائل وقائعية أو قانونية معقّدة تبرر هذا التأخير. وثانياً، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تكن مسؤولة عن التأخير ولم يتسنَّ لها الوصول إلى أية آلية تظلم محلية للإسراع بالإجراءات الجنائية أو المدنية. وثالثاً، تلاحظ اللجنة أن السلطات استغرقت أكثر من خمس سنوات لكي تودع (في عام 2006) أول قرار اتهام ضد الجانيين المزعوميْن، وأن القضية في وقت تقديم البلاغ الأولي كانت قد تأخرت سبع سنوات أخرى نتيجة لسلسلة من التأجيل. وفيما يتعلق بالدعوى المدنية، فإنها ظلت منظورة لمدة ثماني سنوات أمام المحكمة المحلية. وبالإضافة إلى ذلك، تلاحظ اللجنة أن من المرجح حدوث المزيد من التأخير في الإجراءات المحلية، لأن الإجراءات الجنائية والمدنية كانت في المرحلة الابتدائية في وقت تقديم البلاغ الأولي ( ) . وتذكِّر اللجنة، وفقاً لما أكدته في اجتهاداتها السابقة، أن الإجراءات المعروضة على المحاكم العليا في سري لانكا، كمحكمة الاستئناف، تستغرق مدة طويلة ( ) . وتذكِّر اللجنة كذلك باجتهادها الذي رأت فيه أن أي انتصاف لا يجد فرصة للنجاح لا يمكن اعتباره انتصافاً، ولا حاجة إلى استنفاده لأغراض البروتوكول الاختياري ( ) . ومع ذلك، تشير اللجنة إلى أن الجانيين أُدينا في نهاية الأمر وحُكم عليهما في كانون الأول/ ديسمبر 2015، أي بعد نحو 14 سنة من تقديم صاحبة البلاغ شكواها إلى الشرطة. وبما أن الدولة الطرف لم تطعن في مقبولية أي من مزاعم صاحبة البلاغ، ترى اللجنة أنه يتعين إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءاتها أن تطبيق سبل الانتصاف المحلية في ملابسات هذه القضية استغرق وقتاً يتجاوز الحدود المعقولة. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن شروط المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري استوفيت.

6-4 وتلاحظ اللجنة ادعاءات صاحبة البلاغ أن اغتصابها على درجة من الخطورة بحيث يشكل تعذيباً، وأن الدولة الطرف انتهكت حقوقها بعدم توفير سبل انتصاف يمكن الوصول إليها وفعالة للدفاع عن حقها في عدم التعرض للتعذيب. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحبة البلاغ قدمت سجلات طبية كدليل على الاغتصاب الذي أدى إلى معاناتها من آلام بدنية ونفسية. وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاءات صاحبة البلاغ أن ما تعرضت له من آلام ومعاناة يُعزى إلى أن سلطات سري لانكا فشلت في منع العنف القائم على نوع الجنس وفي التحقيق في هذه الانتهاكات ومقاضاة مرتكبيها على نحو فعال، وفي تقديم أي نوع من الدعم أو الانتصاف إليها. وتدعي صاحبة البلاغ كذلك أن الدولة الطرف قصّرت في حمايتها أثناء الإجراءات، لأن (أ) الدولة الطرف لم توفر لها مترجماً شفوياً رسمياً؛ (ب) القضاة لم يقروا بضعفها بوصفها قاصراً وتنتمي إلى أقلية إثنية؛ (ج) أحد القضاة سكت عن الادعاءات الباطلة تماماً بأنها عاهرة محترفة؛ (د) التأخير في التحقيق والتقاضي طال أمده بشكل غير معقول ( ) . ونظراً إلى أن الدولة الطرف فشلت في حماية صاحبة البلاغ من الاغتصاب، أو التصدي له بشكل مناسب، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحبة البلاغ المتعلقة بانتهاك المادة 7 من العهد، مقروءة منفردة ومقترنة بالمادة 2(3) منه، تدعمها أدلة كافية لأغراض المقبولية.

6-5 وفيما يتعلق بادعاءات صاحبة البلاغ المتصلة بالمادة 24(1) من العهد، تلاحظ اللجنة أنه لم يرد، حسب أقوال صاحبة البلاغ، أي إشارة أثناء الإجراءات إلى أنها كانت قاصراً في وقت اغتصابها، وأن سلطات الدولة الطرف لم تقرّ بضعفها بوصفها قاصراً. ومع ذلك، ترى اللجنة أيضاً أن صاحبة البلاغ لم تقدم أدلة كافية بشأن الرعاية الخاصة التي كان ينبغي للدولة الطرف أن تقدمها إليها بوصفها قاصراً، مع الأخذ في الاعتبار أنها كانت ممثلة بمحامٍ أثناء التحقيق وإجراءات المحكمة وأنها أصبحت بالغة بعد 14 يوماً من بداية التحقيق في قضيتها. وبناءً على ذلك، تعلن اللجنة أن ذلك الجزء من الشكوى الذي يشير إلى المادة 24 من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3) منه، غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6-6 وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاءات صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها في عدم التعرض للتمييز بوصفها امرأة من التاميل، التي تكفلها لها المواد 2(1) و3 و26 من العهد. وترى اللجنة أن صاحبة البلاغ قدمت أدلة كافية تدعم هذا الادعاء لأغراض المقبولية، وتعلن مقبوليته من حيث ما يطرحه من مسائل بموجب المادة 26. ونظراً إلى عدم إثارة أية مسألة مستقلة بموجب المادتين 2(1) و3 من العهد، لن تنظر اللجنة في مقبولية ادعاءات صاحبة البلاغ بموجب هذين الحكمين.

6-7 ونظراً إلى استيفاء جميع شروط المقبولية، تعلن اللجنة مقبولية البلاغ فيما يتعلق بالادعاءات المقدمة بموجب المادة 7، مقروءة منفردة ومقترنة بالمادة 2(3) والمادة 26، وتنتقل إلى دراسة البلاغ من حيث أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

7-2 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ انتهاك المادة 7 من العهد، مقروءة منفردة ومقترنة بالمادة 2(3) منه، تلاحظ اللجنة أن الإجراءات الجنائية والإجراءات المدنية في هذه القضية معلقة منذ عام 2001 وعام 2004، على التوالي، وأنها جارية فيما يتعلق بسبل الانتصاف المدني، في حين صدر الحكم الجنائي على الجانيين في كانون الأول/ديسمبر 2015. وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحبة البلاغ أن الحماية من الاغتصاب والتحقيق في فعل الاغتصاب لا يمكن أن يرتبطا بوضع الجاني، وأن أية دولة، وفقاً للاجتهاد القضائي للمحاكم الدولية والإقليمية وهيئات حقوق الإنسان، مسؤولة عن أي انتهاك لالتزاماتها فيما يتعلق بحظر التعذيب أو غيره من ضروب إساءة المعاملة، إذا فشلت في توفير الحماية من الاغتصاب أو غيره من أشكال العنف ضد المرأة أو فشلت في التصدي لذلك على نحو مناسب.

7-3 وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ عجّلت بتقديم شكوى إلى الشرطة في 14 آب/أغسطس 2001، أي بعد يومين من تعرضها للاغتصاب. وأمكن التعرف على المشتبه فيهما وقُبض عليهما في 18 آب/أغسطس 2001؛ ولكن أُفرج عنهما بكفالة في 28 آب/أغسطس 2001. واستغرقت السلطات خمس سنوات لإصدار أول قرار اتهام في حق المشتبه فيهما، وكانت القضية في وقت تقديم البلاغ الأولي إلى اللجنة قد تأخرت سبع سنوات أخرى بسبب سلسلة التأجيل. وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تكن مسؤولة عن أي تأخير في إجراءات المحاكمة ولم تتغيب عن أية جلسة. كما لا تنطوي القضية على أية مسائل قانونية أو وقائعية معقدة يمكن أن تبرر التأخير، وعلاوةً على ذلك أمكن التعرف على هوية الجانيين في وقت مبكر. وتلاحظ اللجنة ادعاءات صاحبة البلاغ أن مرور 14 سنة من الاغتصاب إلى الإدانة يشكل تأخيراً مطولاً بشكل غير معقول في إجراءات التحقيق في شكواها ومقاضاة المشتبه فيهما جنائياً. وتأخرت أيضاً الدعوى المدنية التي أقامتها صاحبة البلاغ ضد الجانيين تأخراً غير معقول.

7-4 وتكرر اللجنة اجتهادها الذي ذهبت فيه إلى أن العهد لا يمنح الأفراد الحق في مطالبة الدولة الطرف بمقاضاة شخص آخر جنائياً ( ) . ومع ذلك، ترى اللجنة أن من واجب الدولة الطرف إجراء تحقيق فوري ونزيه وشامل في الانتهاكات المدعاة لحقوق الإنسان، ومقاضاة المشتبه فيهم، ومعاقبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات ( ) ، وتوفير أشكال أخرى للجبر، منها التعويض ( ) . وأقرت اللجنة أيضاً بواجب الجهات الحكومية وغير الحكومية في المعاقبة على الانتهاكات ( ) . ومن واجب الدولة الطرف، بموجب المادة 2(3) من العهد، أن تضمن فعالية سبل الانتصاف. ويتسم الإسراع والفعالية بأهمية خاصة في سياق البت في القضايا التي تنطوي على ادعاءات بهذه الجسامة، كالاغتصاب. وترى اللجنة أن الدولة الطرف لا يجوز لها التنصل من مسؤولياتها بموجب العهد بالإشارة إلى أن المحاكم المحلية نظرت بالفعل في المسألة أو لا تزال تنظر فيها، عندما يتضح أن سبل الانتصاف الممنوحة أو المطروحة في الدولة الطرف طالت بشكل غير معقول وتبدو غير فعالة. وفيما يتعلق بادعاءات صاحبة البلاغ المتعلقة بمعاناتها البدنية والنفسية نتيجة للاغتصاب وفشل الدولة الطرف في حمايتها من الاغتصاب وفي التصدي له على نحو مناسب، ترى اللجنة أن عدم إجراء تحقيق فعال، واستمرار الإجراءات مدةً طويلةً لا مبرر لها لمقاضاة المشتبه فيهما ومعاقبة المسؤولين بعد مضي 14 سنة كاملة، دون تقديم جبر كافٍ، والمعاملة التي تلقتها صاحبة البلاغ أثناء إجراءات المحاكمة، عندما وجهت إليها كلام مهين، كل ذلك أسهم في وقوع صاحبة البلاغ ضحية مرة أخرى، ومما فاقم الأمر أنها كانت قاصراً عندما اغتصبت. وتذكِّر اللجنة بأن الحق في الحماية بموجب المادة 7 من العهد، على النحو المشار إليه في الفقرة 5 من تعليقها العام رقم 20 وفي اجتهاداتها السابقة، لا يشمل فحسب الألم البدني وإنما أيضاً المعاناة النفسية ( ) . وفي ملابسات هذه القضية، تستنج اللجنة أن صاحبة البلاغ وقعت ضحية معاملة تخالف المادة 7 من العهد، مقروءة منفردة ومقترنة بالمادة 2(3) منه ( ) .

7-5 وفيما يتعلق بادعاء صاحبة البلاغ تعرضها للتمييز على أساس (نوع) الجنس واللغة والأصل العرقي، بموجب المادة 26 من العهد، تشير اللجنة إلى اجتهادها الراسخ الذي رأت فيه أن ليس كل تفرقة في المعاملة تشكل تمييزاً إلا إذا كان المعيار الذي تستند إليه هذه التفرقة معقولاً وموضوعياً، وكان الهدف منها هو تحقيق غاية مشروعة بموجب العهد. وفي هذه القضية، ادعت صاحبة البلاغ أنها استُهدفت بوصفها فتاة مراهقة تنتمي إلى الطائفة العرقية الأشد تهميشاً وحرماناً في سري لانكا، وأن الشرطة لم توفر لها أثناء التحقيق في شكواها المتعلقة بالاغتصاب أي ترجمة شفوية أو تحريرية رسمية من اللغة التاميلية إلى اللغة السنهالية في سياق تسجيل أقوالها، وأنها اضطُرت إلى الإدلاء بأقوالها عن طريق مترجم شفوي غير رسمي يترجم إلى اللغة السنهالية، رغم أن اللغة التاميلية هي إحدى اللغات الرسمية في سري لانكا. وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحبة البلاغ أنها لم تُمنح الحماية التي تحتاج إليها كامرأة من طائفة التاميل العرقية، وأن القضاة لم يقروا بضعفها بوصفها قاصراً وعضواً في أقلية عرقية، ولم يتدخلوا لوقف المعاملة المهينة لصاحبة البلاغ، وخاصة عندما وصفها محامي الدفاع علناً ومراراً بأنها "عاهرة محترفة". ورأت صاحبة البلاغ ذلك اعتداءً على كرامتها وسمعتها، ومما يزيد وضعها سوءاً أن المجتمع الذي تعيش فيه يعتبرها "ملوثة" لأنها فقدت بكارتها قبل الزواج.

7-6 وتذكِّر اللجنة بالفقرة 10 من تعليقها العام رقم 18(1989) بشأن عدم التمييز، التي تشير فيها إلى أنه، في دولة ما، إذا كانت الظروف العامة لجزء معين من السكان تمنع أو تعوق تمتعهم بحقوق الإنسان، ينبغي للدولة أن تتخذ إجراءات محددة لتصحيح هذه الظروف. وفي هذا الصدد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتوفير الحماية من أفعال التمييز، كالعنف ضد المرأة، وبخاصة الاغتصاب، وضمان المساءلة عن هذه الأفعال. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في ادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المادة 26، وأن الدولة الطرف لم تمكِّن صاحبة البلاغ من تقديم شكوى بلغتها الأم، وهي التاميلية، على النحو الذي يكفله قانون الإجراءات الجنائية ( ) . وتلاحظ اللجنة أيضاً أن قضاة الدولة الطرف لم يقروا بضعف صاحبة البلاغ بوصفها قاصراً تنتمي إلى أقلية عرقية، ولا سيما لأنهم لم يفعلوا شيئاً لمنع الإهانة العلنية غير المبررة لصاحبة البلاغ من جانب محامي الدفاع، مما ألقى بظلال من الشك على أخلاق صاحبة البلاغ ومصداقيتها، وذلك دون أي مراعاة لسمعتها أو شرفها أو كرامتها. وترى اللجنة، في ضوء الوقائع المعروضة عليها والتي لم تعترض عليها الدولة الطرف، أن صاحبة البلاغ لم تتمكن من التمتع بالمساواة أمام القانون وبالحماية العادلة التي يكفلها القانون، وبذلك عانت من التمييز القائم على أساس الأصل العرقي ونوع الجنس، وهو ما ينتهك المادة 26 من العهد. وعلاوةً على ذلك، تستنتج اللجنة أن فشل الدولة الطرف في إجراء تحقيق فعال في شكوى صاحبة البلاغ، وفي اتخاذ إجراءات فورية لمقاضاة الجانيين المزعومين، وفي تقديم الجبر لصاحبة البلاغ، يصل إلى درجة التمييز ضد صاحبة البلاغ على أساس نوع الجنس والأصل العرقي، وهو ما ينتهك المادة 26 من العهد.

8- واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك سري لانكا للمادة 7 من العهد، مقروءة منفردة ومقترنة بالمادة 2(3) منه، وللمادة 26 من العهد مقروءة منفردة.

9- وعملاً بالفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال، في شكل جبر كامل، للأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم بموجب العهد. وبناءً على ذلك، يقع على عاتق الدولة الطرف، في هذه القضية، التزام بجملة أمور، منها منح صاحبة البلاغ ما يلي: (أ) تعويض مناسب عن الضرر الذي تعرضت له؛ و(ب) سبل ترضية مناسبة، منها الاعتذار العلني، بهدف رد الاعتبار والشرف؛ و(ج) إعادة التأهيل الاجتماعي والنفسي. ويقع على عاتق الدولة الطرف التزام أيضاً باتخاذ خطوات لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- وإذ تأخذ اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف ، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد وأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً وواجب الإنفاذ في حالة ثبوت وقوع انتهاك ، تود اللجنة أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُرجى من الدولة الطرف أيضاً أن تنشر آراء اللجنة.