الأمم المتحدة

CCPR/C/127/D/2728/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

23 September 2020

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2728 / 2016 * ** ***

المقدم من: السيد يواني تيتيوتا (يمثله المحامي مايكل ج. كد)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: نيوزيلندا

تاريخ تقديم البلاغ: 15 أيلول/سبتمبر 2015 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 16 شباط/فبراير 2016 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 24 تشرين الأول/أكتوبر 2019

الموضوع: الترحيل إلى كيريباس

المسائل الإجرائية: المقبولية - الافتقار الواضح إلى أساس سليم؛ المقبولية - صفة الضحية

المسألة الموضوعية: الحق في الحياة

مادة العهد: 6 ( 1 )

مواد البروتوكول الاختياري: المادتان 1 و 2

1 - 1 صاحب البلاغ هو يواني تيتيوتا، وهو مواطن من كيريباس ولد في السبعينات. وقد رُفض طلبه الحصول على صفة اللاجئ في نيوزيلندا. ويدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقه في الحياة بموجب العهد بإبعاده إلى كيريباس في أيلول/سبتمبر 2015 . وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في 26 آب/أغسطس 1989 . ويمثّل صاحب البلاغ محام.

1 - 2 وفي 16 شباط/فبراير 2016 ، طلبت اللجنة إلى الدولة الطرف، عملاً بالمادة 94 من نظامها الداخلي، وعن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، أن تمتنع عن إبعاد صاحب البلاغ إلى كيريباس ريثما تنظر اللجنة في البلاغ.

عرض الوقائع

2 - 1 يدعي صاحب البلاغ أن آثار تغير المناخ وارتفاع مستوى سطح البحر أجبرته على الهجرة من جزيرة تاراوا في كيريباس إلى نيوزيلندا. وقد غدا الوضع في تاراوا غير مستقر على نحو متزايد بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر من جراء الاحترار العالمي. وقد أصبحت المياه العذبة نادرة بسبب التلوث بالمياه المالحة والاكتظاظ في تاراوا. وكانت محاولات التصدي لارتفاع مستوى سطح البحر فاشلة إلى حد كبير. وقد تآكلت الأراضي الصالحة للسكن في تاراوا، مما أدى إلى أزمة سكن ومنازعات على الأراضي تسببت في وفيات عديدة. وهكذا أصبحت كيريباس بيئة عنيفة لا يمكن لصاحب البلاغ وأسرته العيش فيها.

2 - 2 وقد طلب صاحب البلاغ اللجوء في نيوزيلندا، لكن محكمة الهجرة والحماية رفضت طلبه. ومع ذلك، لم تستبعد المحكمة إمكانية أن يؤدي التدهور البيئي إلى "فتح مسالك داخل اتفاقية اللاجئين أو قضاء الأشخاص المشمولين بالحماية". ورفضت كل من محكمة الاستئناف والمحكمة العليا بعد ذلك استئناف صاحب البلاغ بخصوص المسألة ذاتها.

2 - 3 وفي القراره المؤرخ 25 حزيران/يونيه 2013 ، نظرت محكمة الهجرة والحماية للمرة الأولى بالتفصيل في برنامج العمل الوطني للتكيف لعام 2007 الذي قدمته كيريباس بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. وكما وصفته المحكمة، أشار برنامج العمل إلى أن الغالبية العظمى من السكان تعول على موارد رزق معيشية تعتمد بشدة على الموارد البيئية. وعرض برنامج العمل مجموعة من المشاكل الناشئة عن الآثار الحالية والمتوقعة للأحداث والعمليات المتصلة بتغير المناخ. ومن بين آثار تغير المناخ، كان هناك احتمال كبير لأن يؤثر تآكل السواحل والتضام على المساكن والأراضي والممتلكات. وفي جنوب تاراوا، أقيم 60 جدارا ً بحريا ً بحلول عام 2005 . بيد أن العواصف العاتية وارتفاع المد الربيعي تسببت في فيضانات في المناطق السكنية، مما أجبر بعض السكان على الانتقال إلى النزوح إلى مناطق أخرى. وتبذل محاولات لتنويع إنتاج المحاصيل، بالاتجاه مثلا ً نحو إنتاج المحاصيل النقدية. ومعظم المحاصيل المغذية متوفرة ويمكن تحويلها إلى أغذية تحفظ على مدى آجال طويلة. غير أن صحة السكان قد تدهورت عموما، كما يتبين من حالات نقص الفيتامين ألف وسوء التغذية والتسمم بالأسماك وغير ذلك من الأمراض التي تعكس حالة انعدام الأمن الغذائي.

2 - 4 ونظرت المحكمة بعد ذلك في شهادة الخبير جون كوركوران، وهو مرشح لنيل درجة الدكتوراه في بحوث تغير المناخ في كيريباس من جامعة وايكاتو في نيوزيلندا. ووصف السيد كوركوران، وهو مواطن من كيريباس، هذا البلد بأنه مجتمع في أزمة سببها تغير المناخ والضغط السكاني. ولا يتجاوز ارتفاع الجزر التي تشكل البلد ثلاثة أمتار فوق مستوى سطح البحر. أما التربة فهي فقيرة وعقيمة عموما ً . ومعدل البطالة مرتفع. وقد زاد عدد سكان جنوب تاراوا من 641 1 نسمة في عام 1947 إلى 000 50 نسمة في عام 2010 . وفي تاراوا وبعض جزر كيريباس الأخرى، أدت ندرة الأراضي إلى توترات اجتماعية. وكثيراً ما اندلعت معارك عنيفة وأسفرت في بعض الأحيان عن وقوع إصابات ووفيات. وأضر النمو السكاني والتحضر السريعان في جنوب تاراوا بإمدادات المياه العذبة. ولا توجد جزيرة في كيريباس لديها مياه عذبة سطحية. ونتيجة لازدياد عدد السكان، تجاوز معدل استخراج المياه من عدسة المياه العذبة معدل تجديدها من خلال تغلغل مياه الأمطار. وقد ساهم تلوث جزيرة تاراوا بالنفايات في تلوث عدسة المياه العذبة، مما جعل البعض من احتياطيات المياه الجوفية الخمسة غير صالحة للإمداد بمياه الشرب العذبة. وتتزايد العواصف شدة، لتغمر المياه الأراضي في أماكن معينة في جنوب تاراوا فتجعلها غير صالحة للسكن. وكثيرا ما تهب تلك العواصف ثلاث مرات أو أربع في الشهر. ويتسبب ارتفاع مستويات سطح البحر في زيادة تواتر حالات خرق الجدران البحرية، وهي جدران ليست عالية بما يكفي على أي حال لمنع تسرب المياه المالحة داخل الأراضي عندما يعلو المد. ولا يمكن استخدام الآبار المنزلية في المناطق السكنية ذات الكثافة السكانية العالية التزود بالمياه بسبب تزايد التلوث، كما أن شبكات مستجمعات مياه الأمطار لا تتوفر إلا في المنازل المشيدة من مواد دائمة. وهكذا، لا يحصل قرابة 60 في المائة من سكان جنوب تاراوا على المياه العذبة إلا من الإمدادات المقننّة التي يوفرها مجلس المرافق العامة. ويشكل انجراف القمامة إلى الشاطئ مخاطر صحية على أصحاب الأراضي المحليين. وأفاد السيد كوركوران بأن حكومة كيريباس تتخذ بعض الخطوات لمعالجة هذا الوضع. فقد وضعت برنامج عمل لمساعدة المجتمعات المحلية على التكيف مع تغير المناخ ( ) .

2 - 5 ثم نظرت المحكمة في الشهادة التي أدلى بها صاحب البلاغ أثناء جلسة الاستئناف. ويفيد عرض المحكمة للشهادة بأن صاحب البلاغ ولد في جزيرة تقع في شمال تاراوا تستغرق الرحلة إليها عدة أيام بالقارب. وقد أكمل تعليمه الثانوي وحصل على عمل في شركة تجارية انتهى عمله فيها في منتصف التسعينيات عندما زالت الشركة. ولم يتمكن من العثور على عمل منذ ذلك الحين. وفي عام 2002 ، انتقل صاحب البلاغ وزوجته للعيش مع أسرة زوجته في بيت تقليدي في قرية في تاراوا. وكان البيت في الطابق الأرضي وكان مجهزا ً بالكهرباء والماء، لكنه غير موصول بخدمات الصرف الصحي. وابتداء من أواخر التسعينات، ازداد انعدام الأمن تدريجيا في تاراوا بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر. وأصبحت تاراوا مكتظة بسبب تدفق السكان من الجزر الخارجية، لأن معظم الخدمات الحكومية، بما فيها خدمات المستشفى الرئيسي، كانت تقدم في تاراوا. ومع اكتظاظ القرى، ظهرت التوترات. ومنذ أواخر التسعينات أيضاً، عانت تاراوا مقدارا كبيرا من التآكل الساحلي عند ارتفاع المد. وكانت المياه تغمر سطح الأرض بانتظام، بل كان ارتفاعها قد يصل إلى مستوى الركبة عند علو المد على نحو خاص. وتأثرت وسائل النقل، إذ كانت المياه تغمر الممر الرئيسي الفاصل بين شمال تاراوا وجنوبها في الكثير من الأحيان. وقد سببت هذه الحالة مشقة كبيرة لصاحب البلاغ ولسكان الجزيرة الآخرين. وأصبحت الآبار التي يعتمدون عليها مالحة. وأدى ترسب المياه المالحة في الأرض إلى إتلاف المحاصيل. وجردت الأرض من غطائها النباتي في أماكن كثيرة، وغدا من الصعب زراعة المحاصيل. وكانت أسرة صاحب البلاغ تعتمد إلى حد كبير على أنشطة الكفاف من صيد الأسماك والزراعة. وكثيراً ما كان الجدار البحري المقابل لمنزل أصهاره يتصدع ويتطلب إصلاحاً مستمراً. وغادر صاحب البلاغ وزوجته كيريباس إلى نيوزيلندا رغبة في الإنجاب، وكان قد بلغهما من مصادر إعلامية أن بلدهما لا مستقبل فيه. وكان صاحب البلاغ مسلّما بأن تجاربه شائعة بين الناس في جميع أنحاء كيريباس. وكان يعتقد أن حكومة كيريباس عاجزة عن وقف ارتفاع مستوى سطح البحر. ولم يكن من الممكن إعادة نقل السكان داخل البلد. وكان والدا صاحب البلاغ يعيشان في تاراوا في ظل الضغوط البيئية والسكانية ذاتها.

2 - 6 واستمعت المحكمة أيضاً إلى الشهادة الشفوية التي أدلت بها زوجة صاحب البلاغ. وجاء في محاضر المحكمة أنها أفادت بأنها ولدت في أواخر السبعينات في جزيرة أروراي، في جنوب كيريباس. وفي عام 2000 ، انتقلت أسرتها إلى تاراوا. وتزوجت من صاحب البلاغ في عام 2002 . وكان منزل والديها يقع على حافة جدار بحري. ولم يكن المنزل والأرض ملكاً لوالديها، وإنما لأحد الجيران. ومنذ وصولها إلى نيوزيلندا، توفي الجار وبات أبناؤه يطالبون الأسرة بإخلاء المنزل. وكان أحد أشقائها قد حصل على عمل في جنوب تاراوا، وكان يوفر الدعم المالي للأسرة. وإذا أجبرت الأسرة على إخلاء المنزل، فستضطر إلى العودة إلى جزيرة أروراي والاستقرار في قطعة أرض صغيرة. وقد أعربت عن انشغالها بصحة الأسرة ورفاهها. فقد كانت الأرض تتآكل بسبب آثار ارتفاع مستوى سطح البحر. وكانت مياه الشرب ملوثة بالملح. وكانت المحاصيل تحتضر، وكذلك أشجار جوز الهند. وقد سمعت أخبارا عن إصابة أطفال بالإسهال وحتى وفاتهم بسبب سوء نوعية مياه الشرب. وقالت إن الأراضي غدت مكتظة جدا، والبيوت متراصة، مما يؤدي إلى انتشار الأمراض.

2 - 7 ونظرت المحكمة كذلك في العديد من الوثائق الداعمة التي قدمها صاحب البلاغ، بما في ذلك عدة مقالات علمية صادرة عن كيانات الأمم المتحدة وخبرائها. وحللت المحكمة ما إذا كان يمكن اعتبار صاحب البلاغ لاجئاً أو شخصاً محمياً بموجب الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين أو اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أو العهد. واستنتجت أن صاحب البلاغ ذو مصداقية تامة. ولاحظت أن قدرة الأراضي الواقعة في جزيرة تاراوا المرجانية على استيعاب السكان قد تأثرت سلباً بفعل النمو السكاني والتحضر ومحدودية تطوير الهياكل الأساسية، لا سيما فيما يتصل بالصرف الصحي. وقد تفاقمت هذه الآثار من جراء الأحداث البيئية المفاجئة مثل العواصف، والعمليات البطيئة مثل ارتفاع مستوى سطح البحر. ولاحظت المحكمة أن صاحب البلاغ ظل عاطلاً عن العمل عدة سنوات قبل وصوله إلى نيوزيلندا، وأنه كان يعيش على صيد الأسماك وزراعة الكفاف ويتلقى دعماً مالياً من شقيق زوجته. وأحاطت المحكمة علما بقول صاحب البلاغ إنه لا يرغب في العودة إلى كيريباس بسبب الصعوبات التي واجهها مع أسرته هناك، من جراء الضغوط المجتمعة التي يفرضها الاكتظاظ السكاني وارتفاع مستوى سطح البحر. ولم يعد البيت الذي كانوا يعيشون فيه في جنوب تاراوا متاحاً لهم في المدى الطويل. وعلى الرغم من أن أسرة كل من الزوجين تملك أرضا في جزير أخرى، فسوف يواجهان ضغوطا بيئية مماثلة هناك، كما أن الأراضي المتاحة محدودة المساحة ويشغلها أفراد آخرون من الأسرة.

2 - 8 وبعد تحليل مطول للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، خلصت المحكمة إلى أن "آثار التغير البيئي والكوارث الطبيعية لن تدرج الأشخاص المتضررين في نطاق اتفاقية اللاجئين في حالات كثيرة، لكنه لا توجد قواعد أو افتراضات صارمة وسريعة لعدم الانطباق. ويجب الحرص على بحث الحيثيات الخاصة بالقضية". وبعد إنعام النظر، خلصت المحكمة إلى أن صاحب البلاغ لا يواجه بصورة موضوعية خطراً حقيقياً بأن يُضطهد إذا ما أعيد إلى كيريباس. فلم يكن قد واجه أي نزاع على الأراضي فيما مضى ولا يوجد دليل على وجود احتمال حقيقي لأن يلحقه ضرر جسدي خطير من العنف المرتبط بالمنازعات على السكن أو الأراضي أو الممتلكات في المستقبل. وسوف يكون باستطاعته العثور على أرض لتوفير السكن لنفسه ولأسرته ( ) . وعلاوة على ذلك، لا يوجد ما يؤيد ادعاءه أنه غير قادر على زراعة الأغذية أو الحصول على مياه الشرب. كما لا يوجد دليل على أن الظروف البيئية التي واجهها أو سيواجهها لدى عودته كانت من الخطر ما يجعل حياته مهددة. ولهذه الأسباب، لا يعتبر صاحب البلاغ "لاجئا" وفقا للتعريف الوارد في الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين.

2 - 9 وفيما يتعلق بالعهد، لاحظت المحكمة أن الحق في الحياة يجب أن يفسر تفسيراً واسعاً، أخذا بتعليق اللجنة العام رقم 6 ( 1982 ) بشأن الحق في الحياة. واستشهدت المحكمة بتعليق أكاديمي جاء فيه أن المادة 6 من العهد تنص على أن الحرمان التعسفي من الحياة ينطوي على تدخل: (أ) لا ينص عليه القانون؛ و(ب) لا يتناسب مع الغايات المنشودة؛ و(ج) لا لزوم له في الظروف الخاصة بالقضية ( ) . وعلى هذا الأساس، سلمت المحكمة بأن الحق في الحياة ينطوي على التزام إيجابي من جانب الدولة بإعمال هذا الحق باتخاذ تدابير مبرمجة لتوفير الضرورات الأساسية للحياة. غير أن صاحب البلاغ لم يستطع الإشارة إلى أي فعل أو تقصير من جانب حكومة كيريباس قد ينب ئ بخطر حرمانه تعسفاً من حياته في نطاق المادة 6 . ورأت المحكمة أن حكومة كيريباس ناشطة على الساحة الدولية فيما يتعلق بالتهديدات التي يشكلها تغير المناخ، كما يتضح من برنامج عملها لعام 2007 . وعلاوة على ذلك، لم يستطع صاحب البلاغ أن يثبت وجود درجة كافية من الخطر على حياته أو على حياة أسرته في الوقت المقصود. وبالإشارة إلى اجتهادات اللجنة في قضية ألبرسبرغ وآخرين ضد هولندا (CCPR/C/87/D/1440/2005)، ذكرت المحكمة أن خطر انتهاك العهد يجب أن يكون "وشيكاً" بموجب البروتوكول الاختياري. ويعني هذا أن الخطر على الحياة يجب أن يكون على الأقل محتمل الحدوث. ولم تقدم أي أدلة لإثبات عنصر الوشاكة هذا. وسلمت المحكمة أنه بالنظر إلى زيادة إمكانية التنبؤ بالنظام المناخي، فإن الخطر الذي يتعرض له صاحب البلاغ وأسرته من ارتفاع مستوى سطح البحر والكوارث الطبيعية الأخرى يمكن، بالمعنى الواسع، أن يعتبر أوشك من الخطر المحدق بحياة أصحاب البلاغ في قضية ألبرسبرغ وآخرين ضد هولندا. غير أن الخطر الذي يتعرض له صاحب البلاغ وأسرته لا يزال أقل بكثير من الحد الأدنى المطلوب لإثبات وجود أسباب جوهرية تحمل على اعتقاد أنهم معرضون لخطر الحرمان التعسفي من الحياة في نطاق المادة 6 من العهد. ويظل هذا الخطر نابعا ً بالأساس من التخمين أو الظن. ولا يوجد دليل على أن حالة صاحب البلاغ في كيريباس ستكون محفوفة بالمخاطر إلى حد أن يجعل حياته أو حياة أسرته مهددة. ولاحظت المحكمة قول زوجة صاحب البلاغ إنها تخشى أن يغرق أطفالها الصغار في حادث مد وجزر أو عاصفة. بيد أنه لم تقدم أدلة تثبت أن حالات الوفاة الناجمة عن هذه الأحداث متواترة بحيث ترفع احتمال وفاة صاحب البلاغ أو أفراد أسرته إلى مستوى يتجاوز التخمين والظن، ناهيك من خطر يمكن وصفه بالحرمان التعسفي من الحياة. وبناء على ذلك، لا توجد أسباب وجيهة تدعو إلى اعتقاد أن صاحب البلاغ أو أيا ً من أفراد أسرته معرضون لخطر انتهاك حقوقهم بموجب المادة 6 من العهد. وخلصت المحكمة أيضا ً إلى عدم وجود احتمال كبير لانتهاك حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 7 من العهد بإبعاده إلى كيريباس.

2 - 10 وقدم صاحب البلاغ نسخة من قرار المحكمة العليا، التي رفضت استئنافه قرار محكمة الهجرة والحماية في 20 تموز/يوليه 2015 . ورأت المحكمة، في جملة أمور، أن كيريباس تواجه بلا شك تحديات، لكن صاحب البلاغ لن يتعرض، إذا ما أعيد إليها، لضرر جسيم. وعلاوة على ذلك، لا يوجد دليل على أن حكومة كيريباس لا تتخذ إجراءات لحماية مواطنيها من آثار التدهور البيئي قدر المستطاع. كما أن المحكمة العليا لا تعتقد أن هناك احتمالا لحدوث خطأ جوهري في تطبيق العدالة. ومع ذلك، لم تستبعد المحكمة العليا إمكانية أن يؤدي التدهور البيئي الناجم عن تغير المناخ أو الكوارث الطبيعية الأخرى إلى "فتح مسالك داخل اتفاقية اللاجئين أو قضاء الأشخاص المشمولين بالحماية".

الشكوى

3 - يدعي صاحب البلاغ أن نيوزيلندا قد انتهكت، بإبعاده إلى كيريباس، حقه في الحياة بموجب العهد. فقد أدى ارتفاع مستوى سطح البحر في كيريباس إلى تقلص المساحات الصالحة للسكن، مما أسفر بدوره عن نزاعات عنيفة على الأراضي تشكل خطرا ً على حياة صاحب البلاغ، وعن تدهور البيئة وتلوث إمدادات المياه العذبة بالمياه المالحة.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4 - 1 قدمت الدولة الطرف في ملاحظاتها المؤرخة 18 نيسان/أبريل 2016 وقائع إضافية تتعلق بالبلاغ. ففي عام 2007 ، وصل صاحب البلاغ وزوجته إلى نيوزيلندا. وأنجبا ثلاثة أطفال هناك، رغم أن هؤلاء الأطفال لا يحق لأي منهم الحصول على الجنسية في نيوزيلندا. وظل أفراد الأسرة في نيوزيلندا دون إذن بعد انتهاء صلاحية تصاريح إقامتهم في 3 تشرين الأول/أكتوبر 2010 .

4 - 2 وفي 24 أيار/مايو 2012 ، قدم صاحب البلاغ، بمساعدة محامٍ، طلباً للاعتراف به كلاجئ و/أو شخص مشمول بالحماية. ويصدر موظفو شؤون اللاجئين والحماية، بموجب القانون المحلي، قرارات ابتدائية بشأن هذه الطلبات. وينص قانون الهجرة لعام 2009 ، على وجوب الاعتراف للشخص بصفة اللاجئ إذا كان لاجئاً بالمعنى المقصود في الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين. ويجب الاعتراف بالشخص كشخص مشمول بالحماية بموجب العهد إذا كانت هناك أسباب حقيقية تدعو إلى اعتقاد أنه سيتعرض لخطر الحرمان التعسفي من الحياة أو المعاملة القاسية في حال ترحيله من نيوزيلندا. ويتطابق تعريف الحرمان التعسفي من الحياة في قانون الهجرة لعام 2009 مع التعريف الوارد في العهد. ويأخذ صناع القرار في الدولة الطرف باجتهادات اللجنة. وفي 24 آب/أغسطس 2012 ، رفض أحد موظفي شؤون اللاجئين والحماية طلب صاحب البلاغ.

4 - 3 وتتولى محكمة الهجرة والحماية إعادة النظر في الطعون المتعلقة بالاعتراف بصفة اللاجئ و/أو الشخص المشمول بالحماية. وفي 25 حزيران/يونيه 2013 ، رفضت المحكمة طعن صاحب البلاغ في قرار الرفض الصادر عن موظف شؤون اللاجئين والحماية. وفي 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 ، رفضت محكمة الدرجة الأولى طلب صاحب البلاغ الحصول على إذن باستئناف ذلك القرار. وفي 8 أيار/ مايو 2014 ، رفضت محكمة الاستئناف طلب صاحب البلاغ الحصول على إذن باستئناف قرار محكمة الدرجة الأولى. وفي 20 تموز/يوليه 2015 ، رفضت المحكمة العليا طلب صاحب البلاغ الحصول على إذن باستئناف قرار محكمة الاستئناف. وقد قدم صاحب البلاغ جميع طلباته وطعونه بمساعدة محام.

4 - 4 وفي 15 أيلول/سبتمبر 2015 ، احتُجز صاحب البلاغ وصدر أمر بالترحيل. وفي 16 أيلول/ سبتمبر 2015 ، أجرى موظف الهجرة مقابلة مع صاحب البلاغ، بحضور محاميه وبمساعدة مترجم شفوي. وعرض صاحب البلاغ ظروفه الشخصية في استمارة من 28 صفحة، تولى موظف الهجرة تقييمها بعد ذلك في إطار عملية النظر في قرار الإلغاء. وينص القانون المحلي على وجوب أن يجري موظف الهجرة تقييما لقرار الإلغاء إذا قدم الشخص المعني معلومات بشأن ظروفه الشخصية، وكانت المعلومات ذات صلة بالالتزامات الدولية للدولة الطرف. ولم يعتبر موظف الهجرة المكلف بتقييم حالة صاحب البلاغ أن أمر الإبعاد ينبغي إلغاؤه. وفي 22 أيلول/سبتمبر 2015 ، رفض وزير الهجرة طلب صاحب البلاغ إلغاء قرار إبعاده. وفي 23 أيلول/سبتمبر 2015 ، أُبعد صاحب البلاغ إلى كيريباس، وغادر أفراد أسرته بعدها بوقت قصير. ولم يعودوا إلى نيوزيلندا.

4 - 5 وترى الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول لأن ادعاء صاحب البلاغ الضمني بموجب المادة 6 ( 1 ) من العهد ليس مدعوماً بأدلة كافية لإثبات وجاهة الدعوى، وذلك، أولاً، لعدم وجود دليل على إلحاق ضرر فعلي أو وشيك بصاحب البلاغ. فقد خلصت اللجنة، في قرارها المتعلق بقضية بيدون وآخرين ضد فرنسا (CCPR/C/85/D/1400/2005)، أن الشخص الذي يدعي أنه ضحية انتهاك حق من الحقوق المنصوص عليها في العهد "عليه أن يبيّن أن ثمة فعلاً أو تقصيراً من جانب دولة طرف قد أثر بالفعل تأثيراً سلبياً على تمتعه بهذا الحق أو أن هذا الأثر وشيك الوقوع" (الفقرة 4 - 3 ). ورأت اللجنة أن أصحاب البلاغ لم يثبتوا، لأغراض المقبولية، ما ادعوه من انتهاك لحقوقهم بموجب العهد. وفي هذه القضية، لا يوجد دليل على أن صاحب البلاغ قد تعرض لخطر وشيك بحرمانه تعسفاً من الحياة عند إبعاده إلى كيريباس. وعلاوة على ذلك، لا يوجد دليل على أن صاحب البلاغ يواجه مثل هذا الخطر. كما أنه لا يوجد دليل على أن حالته تختلف اختلافاً جوهرياً عن حالة سائر الناس في كيريباس. وقد أكدت السلطات المحلية أن استنتاجاتها ينبغي ألا تُفهم على أنها تعني أن التدهور البيئي الناجم عن تغير المناخ لا يمكن أبداً أن يفتح مسلكا داخل قضاء الأشخاص المشمولين بالحماية. ومع ذلك، رأت السلطات أن صاحب البلاغ وأسرته لم يثبتوا أنهم في هذا المسلك.

4 - 6 وثانياً، تتناقض الأدلة التي قدمها صاحب البلاغ مع ادعائه. ويتألف بلاغه من رسالتين موجزتين، ويبدو أنه يستند إلى الأدلة التي قدمها إلى محكمة الهجرة والحماية، علاوة على قرارات السلطات المحلية. ونظرت المحكمة في كم هائل من المعلومات والأدلة التي قدمها كل من صاحب البلاغ وأحد الخبراء بشأن آثار تغير المناخ وارتفاع مستوى سطح البحر على شعب كيريباس وخصائصها الجغرافية. وقبلت المحكمة الأدلة، بما فيها أدلة صاحب البلاغ، في مجملها. غير أنها استنتجت عدم وجود دليل على أنه قد واجه أو أنه يواجه خطراً حقيقياً بأن يلحقه ضرر بدني جسيم من جراء العنف المرتبط بالمنازعات المتصلة بالسكن أو الأراضي أو الممتلكات. كما استنتجت عدم وجود دليل يدعم ادعاء صاحب البلاغ أنه غير قادر على زراعة محاصيل الكفاف أو الحصول على مياه الشرب في كيريباس. وادعى صاحب البلاغ أن من الصعب، وليس من المستحيل، زراعة المحاصيل نتيجة لتسرب المياه المالحة إلى الأرض. ورأت المحكمة أنه لا يوجد دليل على أن الظروف البيئية التي واجهها صاحب البلاغ أو يحتمل أن يواجهها عند عودته إلى كيريباس هي من الخطورة بحيث تجعل حياته مهددة، أو تحول دون استئناف أسرته حياتها السابقة بكرامة. وسلمت المحكمة بأن على الدول التزامات إيجابية بحماية الحياة من المخاطر الناجمة عن الأخطار الطبيعية المعروفة، وأن عدم توفير هذه الحماية قد يشكل انتهاكاً للمادة 6 ( 1 ) من العهد. غير أن صاحب البلاغ لم يستطع إبراز أي فعل أو تقصير من جانب حكومة كيريباس قد ينب ئ بخطر حرمانه تعسفاً من حياته في نطاق المادة 6 ( 1 ) من العهد؛ ولم يستطع إثبات وجود خطر كاف على حياته أو على حياة أسرته في الوقت ذي الصلة. وخلصت المحكمة إلى أن الخطر الذي يتعرض له صاحب البلاغ من جراء تغير المناخ لا يزال أقل بكثير من الحد الأدنى المطلوب لإثبات وجود أسباب جوهرية تحمل على اعتقاد أنهم معرضون لخطر الحرمان التعسفي من الحياة في نطاق المادة 6 من العهد. ويظل هذا الخطر، على حد قول المحكمة، "نابعا ً بالأساس من التخمين أو الظن". وقد جاء في اجتهادات اللجنة أن محاكم الدول الأطراف في العهد هي التي تقيّم عموما الوقائع والأدلة في قضية معينة.

4 - 7 والبلاغ ليس مدعما ً بأدلة كافية أيضا ً لأن صاحب البلاغ لم يقدم أي قرائن أخرى بالإضافة إلى تلك التي سبق للسلطات المحلية فحصها. وقبلت محكمة الهجرة والحماية الأدلة التي قدمها صاحب البلاغ. واعتبرت محكمة الاستئناف أن قرار محكمة الهجرة والحماية اتسم بالشمول وحسن التنظيم ودقة التعليل. ولاحظت المحكمة العليا أن حصول صاحب البلاغ على الإذن بالاستئناف يقتضي منه تقديم حجج متينة تثبت أن استنتاجات المحكمة بشأن الوقائع كانت خاطئة، وأنه سيكون من الصعب الوفاء بهذا الشرط لأن المحكمة لم تطعن في الأدلة التي قدمها صاحب البلاغ. وأكدت المحاكم المحلية أن صاحب البلاغ لم يثبت أنه سيكون ضحية لانتهاك المادة 6 من العهد بالعودة إلى كيريباس، وأن استنتاجات المحكمة كان لها من ثم ما يبررها.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5 - أكد صاحب البلاغ في تعليقاته المؤرخة 25 تموز/يوليه 2016 أنه عانى وأسرته "مشاكل صحية خطيرة بقدر معقول" منذ عودتهم إلى كيريباس في أيلول/سبتمبر 2015 . فقد أصيب أحد أطفاله بتسمم دموي خطير، أسفر عن ظهور بثور في جميع أنحاء جسمه. زد على ذلك أن صاحب البلاغ وأسرته غير قادرين على زراعة المحاصيل. وقبل أن تصدر المحكمة العليا لنيوزيلندا قرارها بشأن قضية صاحب البلاغ في عام 2015 ، كان صاحب البلاغ قد قدم إلى المحكمة معلومات جديدة، وهي تقرير التقييم الخامس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. وأشار التقرير إلى أن كيريباس ستواجه مشاكل خطيرة في الاستمرار إذا تواصل ارتفاع درجات الحرارة العالمية ومستوى سطح البحر.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

6 - 1 تعتبر الدولة الطرف في ملاحظاتها المؤرخة 16 آب/أغسطس 2016 أن البلاغ لا أساس له من الصحة للأسباب التي ذكرتها سابقاً. وتقر الدولة الطرف بأن الحق في الحياة هو الحق الأسمى بموجب العهد، وهو حق لا يسمح بأي انتقاص منه، وينبغي ألا يفسر تفسيراً ضيقاً. والدول الأطراف مطالبة باعتماد تدابير إيجابية لحماية الحق في الحياة. غير أن صاحب البلاغ لم يقدم أدلة تثبت ادعاءه أنه يواجه ضرراً فعلياً أو وشيكاً. وقد خلصت اللجنة، في اجتهاداتها السابقة، أن الادعاءات التي تقوم على انتهاكات مفترضة يحتمل أن تحدث مستقبلا ً للحقوق المكفولة بالعهد ادعاءات غير مقبولة ( ) . وخلصت اللجنة أيضاً إلى أن الادعاءات غير مقبولة في حال افتقار صاحب البلاغ إلى صفة الضحية بسبب عدم إثبات تأثير فعل صادر عن دولة طرف أو تقصير منها تأثيراً سلبياً بالفعل على تمتعه بالحق ذي الصلة، أو إثبات أن هذا التأثير وشيك الحدوث ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، خلصت اللجنة إلى أن طلب عدم الرد غير مدعم بالأدلة الكافية عندما قدم صاحب بلاغ ادعاءات عامة بشأن تعرضه لخطر التوقيف والاحتجاز التعسفيين على نحو يمكن أن يفضي في نهاية المطاف إلى التعذيب والموت، لكنه أقر بعدم التعرض لأي تهديد مباشر لحياته ( ) .

6 - 2 وبالإضافة إلى ذلك، ترى الدولة الطرف أنه لا يوجد دليل على أن أصحاب البلاغ يواجهون الآن خطراً وشيكاً بحرمانهم تعسفاً من الحياة بعد عودتهم إلى كيريباس. ولا يعرض البلاغ حالة مماثلة للوقائع المعروضة في قضية بليير ليوينهوف وفالينو دي بليير ضد أوروغواي . فقد رأت اللجنة في تلك القضية أن توضيح القضية يتوقف على معلومات في حوزة الدولة الطرف وحدها، واعتبرت من ثم ادعاءات صاحب البلاغ مبررة إذ لم تدحضها الدولة الطرف بأدلة وشروح مقنعة ( ) .

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

7 - 1 قدَّم صاحب البلاغ تعليقات إضافية في 29 كانون الأول/ديسمبر 2016 . ويدعي أن الدولة الطرف أيدت خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ لعام 2015 النتائج الواردة في تقرير التقييم الخامس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ( ) . ويذكر التقرير ارتفاعا في مستوى سطح البحر بما لا يقل عن 0 , 7 متر في البلدان النامية في المحيط الهادئ، وما نتج عن ذلك من نقص في هطول الأمطار وتسرب المياه المالحة إلى العدسات الجوفية ومستودعات المياه الجوفية. وهكذا يبدو أن الدولة الطرف قد فتحت الباب لقبول المفهوم القانوني للاجئ من تغير المناخ حيثما كان الفرد يواجه خطر التعرض لضرر جسيم. وبالنسبة إلى اللاجئين من تغير المناخ، لا ينشأ خطر حدوث الضرر الجسيم عن أعمال العنف وإنما عن عوامل بيئية يسببها البشر بصورة غير مباشرة.

7 - 2 ويواجه صاحب البلاغ خطراً متوسط المدى بأن يلحقه ضرر جسيم في كيريباس، وهي بلد يفقد كتلة من أراضيه ويتوقع أن يستمر وجوده لمدة تتراوح من 10 سنوات إلى 15 سنة أخرى. وطعن صاحب البلاغ في قرار محكمة الهجرة والحماية لأنه لم يوافق على استنتاجها فيما يتعلق بالإطار الزمني لحدوث الضرر الجسيم الذي سيلحقه. ويذكر صاحب البلاغ أن تقرير الخبير الذي قدمه إلى محكمة الهجرة والحماية يؤكد ادعاءاته.

7 - 3 وستكون حياة صاحب البلاغ، وكذلك حياة زوجته وأطفاله، معرضة للخطر بتفاقم آثار تغير المناخ. وقد تجاهلت السلطات المحلية إلى حد كبير الأدلة والصور المعبرة التي قدمها خبير تغير المناخ جون كوركوران.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

8 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، عملاً بالمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

8 - 2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

8 - 3 وإذ تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تعترض على ادعاء صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة، ترى أن المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في البلاغ.

8 - 4 وتحيط اللجنة علماً بادعاء الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري لأن صاحب البلاغ لم يثبت بما فيه الكفاية ادعاء كونه كان يواجه خطراً وشيكاً بحرمانه تعسفاً من الحياة عند إبعاده إلى كيريباس. وتذكّر اللجنة في هذا الصدد باجتهاداتها في قضايا سابقة حيث رأت أنه لا يمكن للشخصِ أن يدّعي أنه ضحية بالمعنى الوارد في المادة 1 من البروتوكول الاختياري إلا إذا تضرر فعلياً ( ) . ويتوقف المدى الفعلي لمراعاة هذا الشرط على درجة الضرر. بيد أن أي شخص يدَّعي أنه وقع ضحية انتهاك حق يكفله العهد يجب عليه أن يثبت إما أن دولة طرفاً قد عرقلت فعلاً ممارسة حقه، بفعل منها أو تقصير، وإما أن هذه العرقلة باتت وشيكة، مستنداً فيما يقدمه من حجج إلى عناصر منها مثلا القوانين النافذة أو قرار قضائي أو إداري أو ممارسة قضائية أو إدارية ( ) . وإذا لم يكن القانون، أو الممارسة، قد طُبِّق فعلاً على نحو ألحق الضرر بذلك الشخص، فيجب على أي حال أن يكون ممكن التطبيق على نحو يجعل احتمال الضرر الذي يدعيه الضحية أكثر من احتمال نظري ( ) . ويجب على الأفراد الذين يدعون أنهم ضحايا انتهاك دولة طرف للمادة 6 من العهد أن يثبتوا أن أفعال الدولة الطرف قد أدت إلى انتهاك حقهم في الحياة، في حالتهم الخاصة، أو أنها تشكل تهديداً قائماً أو وشيكاً لتمتعهم بهذا الحق ( ) .

8 - 5 غير أن اللجنة تلاحظ أن البلاغ الذي قدمه صاحب البلاغ توخى منع ترحيله الوشيك من نيوزيلندا إلى كيريباس. وبناء على ذلك، فإن المسألة المطروحة على اللجنة ليست ما إذا كان صاحب البلاغ، وقت تقديم البلاغ، ضحية لانتهاك سابق للعهد، بل ما إذا كان قد أثبت ادعاءه أنه واجه عند ترحيله خطراً حقيقياً يتمثل في إلحاق ضرر بحقه في الحياة لا يمكن جبره. وترى اللجنة أنه في سياق الحصول على صفة الضحية في حالات الترحيل أو التسليم، يرتبط شرط الوشاكة في المقام الأول بقرار إبعاد الفرد، بينما تؤثر وشاكة أي ضرر يتوقع حدوثه في الدولة المستقبلة في تقييم الخطر الحقيقي الذي يواجهه الفرد. وتلاحظ اللجنة في هذا الخصوص أن ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بظروف العيش في تاراوا وقت ترحيله لا تتعلق بضرر مستقبلي افتراضي، بل بأزمة حقيقية ناجمة عن نقص مياه الشرب وفرص العمل، وتهديد بالعنف الخطير من جراء المنازعات على الأراضي.

8 - 6 واستناداً إلى المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ إلى السلطات المحلية وفي بلاغه، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ أثبت بما فيه الكفاية، لأغراض المقبولية، أن تأثير تغير المناخ وما يرتبط به من ارتفاع في مستوى البحر في إمكانية العيش في كيريباس وفي الحالة الأمنية في الجزر، جعله يواجه خطراً حقيقياً بعرقلة حقه في الحياة المكفول بالمادة 6 من العهد نتيجة لقرار الدولة الطرف إبعاده إلى كيريباس. وبناء عليه، ترى اللجنة أن المادتين 1 و 2 من البروتوكول الاختياري لا تمنعان قبول هذا البلاغ. ولذا تشرع اللجنة في بحث الأسس الموضوعية للبلاغ.

النظر في الأسس الموضوعية

9 - 1 نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

9 - 2 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن الدولة الطرف، بإبعاده إلى كيريباس، عرضته لخطر على حياته انتهاكاً للمادة 6 من العهد، وأن سلطات الدولة الطرف لم تقيّم على النحو الواجب الخطر المقترن بإبعاده.

9 - 3 وتذكّر اللجنة بالفقرة 12 من تعليقها العام رقم 31 ( 2004 ) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد، الذي تشير فيه إلى التزام الدول الأطراف بعدم تسليم أي شخص أو ترحيله أو طرده أو إبعاده بأي طريقة أخرى من إقليمها عندما توجد أسباب موضوعية تدعو إلى الاعتقاد بوجود خطر حقيقي بتعرض الشخص لضرر لا يمكن جبره، مثل الخطر المتصوَّر في المادتين 6 و 7 من العهد. وأشارت اللجنة أيضاً إلى أن الخطر يجب أن يكون شخصياً، وأنه لا يمكن أن يكون نابعاً من الظروف العامة في الدولة المستقبلة فحسب، إلا في الحالات القصوى ( ) ، وأن تقديم أسباب جوهرية لإثبات وجود خطر حقيقي بالتعرض لضرر لا سبيل إلى جبره مقيدٌ باشتراطات صارمة ( ) . وقد يكون الالتزام بعدم تسليم الأشخاص أو ترحيلهم أو نقلهم بشكل آخر، عملاً بالمادة 6 من العهد، أوسع من نطاق مبدأ عدم الرد بموجب القانون الدولي للاجئين، لأنه قد يقتضي أيضاً حماية الأجانب الذين لا يحق لهم الحصول على صفة اللاجئ. غير أنه ينبغي للدول الأطراف أن تتيح لجميع ملتمسي اللجوء الذين يدعون وجود احتمال حقيقي بأن يتعرض حقهم في الحياة للانتهاك في دولة المنشأ إمكانية الاستفادة مما قد يوفر لهم الحماية من الإعادة القسرية من إجراءات تحديد وضع اللاجئ أو وضع آخر لحمايتهم كأفراد أو جماعات ( ) . وبناء على ذلك، يجب النظر في جميع الوقائع والملابسات، بما يشمل النظر في الحالة العامة لحقوق الإنسان في البلد الأصلي لصاحب البلاغ ( ) . وتذكر اللجنة بأن من واجب أجهزة الدول الأطراف بصورة عامة دراسة وقائع القضية والأدلة المقدمة فيها بغية تحديد ما إذا كان هذا الخطر قائماً، إلاّ إذا كان من الممكن إثبات أن تقييم هذه الوقائع والأدلة كان تعسفياً أو انطوى على خطأ واضح أو على إنكار للعدالة ( ) .

9 - 4 وتذكر اللجنة بأن الحق في الحياة لا يمكن أن يُفهم فهما صحيحا إذ فُسّر على نحو تقييدي، كما أن حماية ذلك الحق تقتضي أن تتخذ الدول تدابير إيجابية. وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 36 ( 2018 ) بشأن الحق في الحياة، الذي أثبتت فيه أن الحق في الحياة يشمل أيضاً حق الأفراد في العيش بكرامة وعدم التعرض لأفعال أو أوجه تقصير تتسبب لهم في وفاة غير طبيعية أو مبكرة (الفقرة 3 ) ( ) . وتذكر اللجنة أيضا بأن التزام الدول الأطراف باحترام وكفالة الحق في الحياة يشمل التهديداتِ التي يمكن توقعها بصورة معقولة والحالات التي تهدد الحياة ويمكن أن تؤدي إلى فقدانها ( ) . وقد تنتهك الدول الأطراف المادة 6 حتى وإن لم تسفر هذه التهديدات والحالات عن خسائر في الأرواح ( ) . وعلاوة على ذلك، تذكر اللجنة بأن التدهور البيئي وتغير المناخ والتنمية غير المستدامة تشكل بعضاً من أكثر التهديدات وشاكة وخطورة لقدرة الأجيال الحاضرة والمقبلة على التمتع بالحق في الحياة ( ) .

9 - 5 وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أنها والمحاكم الإقليمية لحقوق الإنسان استنتجت أن التدهور البيئي يمكن أن يضر بالتمتع الفعلي بالحق في الحياة ( ) ، وأن التدهور البيئي الشديد يمكن أن يؤثر سلباً في رفاه الفرد ويؤدي إلى انتهاك الحق في الحياة ( ) .

9 - 6 وفي هذه القضية، تذكّر اللجنة بأن من واجبها أن تحدد ما إذا كان قد حدث تعسف أو خطأ أو ظلم واضح في تقييم سلطات الدولة الطرف لادعاء صاحب البلاغ أنه تعرض لدى إبعاده إلى كيريباس لخطر حقيقي يهدد حقه في الحياة بموجب المادة 6 من العهد. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف نظرت في إفادات صاحب البلاغ وأدلته بصورة شاملة وسلمت بمصداقيتها، وأنها نظرت في مطالبته بالحماية بموجب الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين وبموجب العهد. وتلاحظ اللجنة أن محكمة الهجرة والحماية والمحكمة العليا قد سلمتا في قراريهما بإمكانية أن تشكل آثار تغير المناخ أو غيرها من الكوارث الطبيعية أساساً للحصول على الحماية. وعلى الرغم من أن محكمة الهجرة والحماية استنتجت أن صاحب البلاغ يتمتع بالمصداقية الكاملة وقبلت الأدلة التي قدمها، فقد رأت أن هذه الأدلة لا تثبت أنه معرض لخطر وشيك أو محتمل بحرمانه تعسفا من الحياة لدى عودته إلى كيريباس. ورأت المحكمة بوجه خاص أنه لا يوجد دليل على ما يلي: (أ) أن صاحب البلاغ كان قد واجه في الماضي أي نزاع على الأراضي، أو أنه معرض فعليا لأي أذى بدني في نزاع من هذا القبيل في المستقبل؛ أو (ب) أن صاحب البلاغ غير قادر على إيجاد قطعة أرض لتوفير مسكن له ولأسرته؛ أو (ج) أن صاحب البلاغ عاجز عن زراعة المحاصيل الغذائية أو الحصول على مياه الشرب؛ أو (د) أن صاحب البلاغ يواجه ظروفاً بيئية تهدد حياته؛ أو (ه) أن حالة صاحب البلاغ تختلف اختلافاً جوهرياً عن حالة أي شخص آخر مقيم في كيريباس؛ أو (و) أن حكومة كيريباس لم تتخذ تدابير برنامجية لتوفير الضرورات الأساسية للحياة، من أجل الوفاء بالتزامها الإيجابي بإعمال حق صاحب البلاغ في الحياة. ولاحظت المحكمة أن حكومة كيريباس قد اتخذت خطوات لمعالجة آثار تغير المناخ، وفقاً لبرنامج العمل الوطني للتكيف لعام 2007 الذي قدمته كيريباس بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.

9 - 7 ولدى تقييم ما إذا كانت سلطات الدولة الطرف قد وفرت لصاحب البلاغ تقييماً فرديا كافياً للخطر المحدق بحقه في الحياة، تلاحظ اللجنة أولاً ادعاء صاحب البلاغ أن تضاؤل مساحة الأراضي الصالحة للسكن على نحو متزايد في تاراوا قد أدى إلى نزاعات عنيفة على الأراضي أسفرت على وفاة أشخاص. وفي هذا الخصوص، ترى اللجنة أن حالة العنف العامة لا تعتبر من الشدة بحيث تولد خطرا ً حقيقيا ً بالتعرض لضرر لا يمكن جبره بمعنى المادتين 6 أو 7 من العهد في أقصى الحالات، حيث ينشأ خطر حقيقي بحدوث الضرر بمجرد تعرض الفرد لهذا العنف عند عودته ( ) ، أو حيثما يكون الفرد المعني في حالة ضعف خاصة ( ) . وتلاحظ اللجنة، لدى تقييمها لظروف صاحب البلاغ، عدم وجود حالة نزاع عام في كيريباس. وتلاحظ أن صاحب البلاغ يشير إلى حوادث عنف متفرقة بين مطالبين بالأراضي أسفرت عن عدد غير محدد من الإصابات، وتلاحظ إفادة صاحب البلاغ أمام السلطات المحلية بأنه لم يكن طرفا قط في نزاع من هذا القبيل. وتلاحظ اللجنة أيضاً ما ورد في بيان المحكمة من أن صاحب البلاغ يبدو مسلّما بأنه لا يدعي إلحاق ضرر محدد به، بل خطرا عاما يواجهه جميع الأفراد في كيريباس. وتلاحظ اللجنة كذلك عدم تقديم صاحب البلاغ معلومات عما إذا كانت الحماية التي توفرها الدولة كافية للتصدي لخطر الضرر الذي تحدثه الجهات الفاعلة غير الرسمية التي تمارس أعمال عنف في سياق المنازعات على الأراضي. وفي حين لا تعترض اللجنة على الأدلة التي قدمها صاحب البلاغ، ترى أن صاحب البلاغ لم يُثبت وجود أي تعسف أو خطأ واضحين في تقييم السلطات المحلية لما إذا كان يواجه خطراً حقيقياً وشخصياً ومتوقعاً إلى حد معقول يهدد حقه في الحياة نتيجة لأعمال عنف ناجمة عن الاكتظاظ أو المنازعات على الأراضي الخاصة في كيريباس.

9 - 8 وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحب البلاغ أمام السلطات المحلية أنه سيتضرر بشدة من عدم الحصول على مياه الشرب في تاراوا، نظراً إلى أن عدسات المياه العذبة قد استنفدت بسبب التلوث بالمياه المالحة الناجم عن ارتفاع مستوى سطح البحر. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة ما جاء في تقرير الباحث في مجال تغير المناخ جون كوركوران وفي إفادته من أن 60 في المائة من سكان جنوب تاراوا يحصلون على المياه العذبة من الإمدادات المقننَة التي يوفرها مجلس المرافق العامة. وتلاحظ اللجنة استنتاج السلطات المحلية عدم وجود دليل على أن صاحب البلاغ لن يحصل على مياه الشرب في كيريباس. وبينما تدرك اللجنة المشقة التي قد يسببها تقنين المياه، تلاحظ أن صاحب البلاغ لم يقدم معلومات كافية تشير إلى أن إمدادات المياه العذبة غير متاحة أو غير كافية أو غير مأمونة بحيث تنشئ خطرا صحيا متوقعا إلى حد معقول من شأنه أن ينال من حقه في التمتع بحياة كريمة أو يتسبب في وفاته وفاة غير طبيعية أو مبكرة.

9 - 9 وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاء صاحب البلاغ أمام السلطات المحلية أن حقه في الحياة قد انتُهك لأنه حرم من سبل عيشه، إذ أتلفت محاصيله بسبب رواسب الملح في الأرض. وتلاحظ اللجنة أن السلطات المحلية قد خلصت إلى أن صاحب البلاغ ذكر أن زراعة المحاصيل أمر صعب لكنه ليس مستحيلاً. وتسلم اللجنة بأن الافتقار إلى سبل عيش بديلة في أماكن معينة قد يعرض الأفراد بشدة للآثار الضارة الناجمة عن تغير المناخ. غير أن اللجنة تلاحظ نقصا في المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ عن مصادر العمل البديلة وعن مدى توافر المساعدة المالية لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية في كيريباس. وتلاحظ اللجنة كذلك استنتاج المحكمة أن معظم المحاصيل المغذية لا تزال متاحة في كيريباس. ولا تشير المعلومات التي أتيحت للجنة إلى وجود خطر حقيقي ومتوقع إلى حد معقول، وقت ترحيله، بأن يتعرض لحالة من العوز والحرمان من الغذاء والخصاصة الشديدة يمكن أن تهدد حقه في الحياة، بما في ذلك حقه في العيش الكريم. لذا ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت أن تقييم السلطات المحلية في هذا الخصوص كان تعسفياً أو خاطئاً بوضوح، أو أنه يصل إلى حد إنكار العدالة.

9 - 10 وتلاحظ اللجنة تأكيد صاحب البلاغ أنه يواجه خطراً على حقه في الحياة بسبب الاكتظاظ السكاني والفيضانات المتكررة والمتزايدة الشدة وخروق الجدران البحرية. وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحب البلاغ أن محاكم الدولة الطرف أخطأت في تحديد الإطار الزمني الذي يمكن أن يلحق فيه ضرر جسيم صاحبَ البلاغ في كيريباس، ولم تقم وزناً كافياً للشهادة التي أدلى بها الخبير الباحث في مجال تغير المناخ. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ أكد في تعليقاته المقدمة في عام 2016 أن كيريباس ستصبح غير صالحة للسكن في غضون فترة تتر او ح من 10 سنوات إلى 15 سنة.

9 - 11 وتحيط اللجنة علماً بملاحظة محكمة الهجرة والحماية أن الضرر الناجم عن تغير المناخ يمكن أن ينشأ عن أحداث مفاجئة وعمليات بطيئة الحدوث. وتشير التقارير إلى أن الأحداث المفاجئة هي أحداث مميزة لها أثر فوري وواضح على مدى ساعات أو أيام، في حين أن العمليات البطيئة قد يكون لها أثر سلبي تدريجي على سبل العيش والموارد على مدى أشهر أو سنوات. ويمكن أن تكون الأحداث المفاجئة، مثل العواصف والفيضانات الشديدة، والعمليات البطيئة الحدوث، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر والملوحة وتدهور الأراضي، دافعا إلى تنقل أفراد يلتمسون الحماية من الأضرار المتصلة بتغير المناخ عبر الحدود ( ) . وترى اللجنة أن آثار تغير المناخ في الدول المستقبلة قد تؤدي، في غياب جهود وطنية ودولية قوية، إلى جعل الأفراد عرضة لانتهاك حقوقهم بموجب المادتين 6 أو 7 من العهد، وهو ما يجعل الدول المستقبلة مطالبة بالوفاء بالتزاماتها بعدم الرد. وعلاوة على ذلك، ولما كان احتمال غرق بلد بأكمله احتمالا في غاية الخطورة، فإن ظروف الحياة في هذا البلد قد تغدو متعارضة مع الحق في العيش بكرامة قبل أن يتحول الخطر إلى واقع.

9 - 12 وفي هذه القضية، تقبل اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن ارتفاع مستوى سطح البحر من شأنه أن يجعل كيريباس غير صالحة للسكن. غير أنها تلاحظ أن الإطار الزمني المتراوح من 10 سنوات إلى 15 سنة، حسبما ذكره صاحب البلاغ، يمكن أن يسمح بتدخلات من جانب كيريباس بمساعدة المجتمع الدولي، قصد اتخاذ تدابير إيجابية لحماية سكانها، وإعادة توطينهم، عند الاقتضاء. وتلاحظ اللجنة أن سلطات الدولة الطرف قد درست هذه المسألة دراسة مستفيضة، وخلصت إلى أن كيريباس تتخذ تدابير تكيفية للحد من أوجه الضعف القائمة وبناء القدرة على مجابهة الأضرار المرتبطة بتغير المناخ. وليس في وسع اللجنة، استناداً إلى المعلومات المتاحة لها، أن تخلص إلى أن تقييم السلطات المحلية الذي اعتبر أن التدابير التي اتخذتها كيريباس تكفي لحماية حق صاحب البلاغ في الحياة بموجب المادة 6 من العهد، كان تقييما ً تعسفيا ً أو خاطئا ً في هذا الخصوص، أو أنه شكل إنكاراً للعدالة.

9 - 13 وفي ضوء هذه النتائج، ترى اللجنة أن محاكم الدولة الطرف وفرت لصاحب البلاغ تقييماً فردياً لحاجته إلى الحماية وأحاطت علماً بجميع العناصر التي قدمها صاحب البلاغ عند تقييمها الخطر الذي واجهه عندما نقلته الدولة الطرف إلى كيريباس في عام 2015 ، بما في ذلك الظروف السائدة في كيريباس، والمخاطر المتوقعة على صاحب البلاغ وسكان الجزر الآخرين، والوقت المتبقي لسلطات كيريباس والمجتمع الدولي للتدخل، والجهود المبذولة بالفعل لمعالجة الوضع الخطير جدا في الجزر. وترى اللجنة أنه رغم اعتراض صاحب البلاغ على الاستنتاجات الوقائعية التي خلصت إليها الدولة الطرف، فإن المعلومات التي أتيحت لها لا تثبت أن سير الإجراءات القضائية في قضية صاحب البلاغ كان تعسفياً بصورة واضحة أو شكل خطأً جلياً أو إنكاراً للعدالة، أو أن المحاكم أخلت، بطريقة أخرى، بواجب الاستقلال والنزاهة.

9 - 14 ودون المساس بمسؤولية الدولة الطرف المستمرة عن أن تأخذ في اعتبارها في حالات الترحيل في المستقبل الوضع السائد في كيريباس في ذلك الوقت والبيانات الجديدة والمحدثة المتعلقة بآثار تغير المناخ وارتفاع مستوى سطح البحر على ذلك الوضع، فإن اللجنة لا يسعها اعتبار أن حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 6 من العهد قد انتهكت عند ترحيله إلى كيريباس في عام 2015 .

10 - واللجنة المعنية بحقوق الإنسان، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها لا تسمح لها بأن تستنتج أن إبعاد صاحب البلاغ إلى كير ي باس شكل انتهاكاً لحقوقه المكفولة بموجب الفقرة 1 من المادة 6 من العهد .

المرفق الأول

رأي فردي (مخالف) قدمه عضو اللجنة السيد دنكان لاهي موهوموزا

1 - بعد النظر بعناية في وقائع هذا البلاغ، أرى أن صاحب البلاغ يعرض قضية تكشف عن حدوث انتهاك وينبغي من ثم أن تكون مقبولة. وتؤكد الوقائع المعروضة على اللجنة من جديد ضرورة اتباع نهج يراعي الإنسان في تناول مسائل حقوق الإنسان. وبناء عليه، أعارض الموقف الذي توصل إليه بقية أعضاء اللجنة. وقد وضعت الدولة الطرف على عاتق صاحب البلاغ عبء إثبات غير معقول إذ طالبته بإثبات حقيقة خطر واحتمال تعرضه للحرمان التعسفي من الحياة، في إطار المادة 6 من العهد. وظروف المعيشة التي عرضها صاحب البلاغ، والتي نتجت عن تغير المناخ في كيريباس، خطيرة جدا وتشكل خطراً حقيقياً وشخصياً ومتوقعاً إلى حد معقول يهدد حياته بمعنى المادة 6 ( 1 ). وعلاوة على ذلك، يتعين على اللجنة تناول المشاكل الحرجة وغير القابلة للتدارك إلى حد كبير فيما يتعلق بتغير المناخ، وذلك باتباع نهج يتوخى احترام قداسة الحياة البشرية.

2 - ويقدم صاحب البلاغ أدلة، لا يعترض عليها الدولة الطرف ولا بقية أعضاء اللجنة، على أن ارتفاع مستوى سطح البحر في كيريباس أدى إلى تضاؤل الحيز الصالح للسكن، وهو ما جعل حياة الأفراد في خطر بسبب المنازعات العنيفة على الأراضي، وأدى إلى تدهور بيئي شديد تسبب في تلوث إمدادات المياه وتدمير المحاصيل الغذائية، علما أن أسرة صاحب البلاغ تعتمد إلى حد كبير على زراعة الكفاف وصيد الأسماك. ومنذ إبعاد صاحب البلاغ إلى كيريباس، لم يتمكن هو وأسرته من زراعة المحاصيل. وعلاوة على ذلك، أفيد بأن الأراضي في تاراوا (حيث يقع بيت صاحب البلاغ وأسرته) معرضة للفيضانات الشديدة، إذ تغمر المياه الأراضي إلى عمق الركبة عندما يعلو المد كثيرا. وبالإضافة إلى التقارير المتعلقة بإصابة الأطفال بالإسهال ووفاتهم بسبب سوء نوعية مياه الشرب، عانى صاحب البلاغ وأسرته لدى عودتهم إلى كيريباس مشاكل صحية كبيرة، حيث أصيب أحد أطفاله بتسمم دموي خطير تسبب في ظهور بثور في جميع أنحاء جسمه.

3 - وفي حين أن الخطر الذي يتعرض له الشخص المطرود أو المبعد، يجب أن يكون شخصياً - وليس نابعاً من الظروف العامة، إلا في الحالات القصوى، ينبغي ألا تكون عتبة الخطر المشترط عالية أكثر من اللازم أو غير معقولة. ورغم أن اجتهادات اللجنة تشدد على ارتفاع عتبة الاشتراط فيما يتعلق بتقديم أسباب جوهرية لإثبات وجود خطر حقيقي بحدوث ضرر لا يمكن إصلاحه، فإن من الأهمية بمكان بحث جميع الوقائع والظروف ذات الصلة، بما في ذلك الحالة العامة لحقوق الإنسان في بلد منشأ صاحب البلاغ ( ) . وقد حرصت اللجنة، كنتيجة طبيعية لارتفاع عتبة الاشتراط، على الموازنة بين معيار قد لا يمكن بلوغه وضرورة النظر في جميع الوقائع والظروف ذات الصلة، التي تشمل أمورا منها الحالة الخطيرة في بلد صاحب البلاغ.

4 - وتعتبر اللجنة أن الحق في الحياة يشمل حق الأفراد في العيش بكرامة وعدم التعرض لفعل وتقصير يُقصد به أو يُتوقع منه أن يتسبب في وفاتهم وفاةً غير طبيعية أو مبكرة ( ) . كما تعتبر التدهور البيئي وتغير المناخ من أخطر التهديدات لقدرة الأجيال الحاضرة والمقبلة على التمتع بالحق في الحياة. واعترافا بهذا الواقع، فإن الدول ملزمة بالحفاظ على البيئة وحمايتها من الضرر والتلوث وتغير المناخ ( ) .

5 - وأرى أن صاحب البلاغ يواجه خطراً حقيقياً وشخصياً ومتوقعاً إلى حد معقول يهدد حقه في الحياة نتيجة للظروف السائدة في كيريباس. وينبغي أن تكون الصعوبة الكبيرة في الحصول على المياه العذبة بسبب الظروف البيئية كافية لبلوغ عتبة الخطر المشترط، دونما حاجة إلى بلوغ مرحلة انعدام المياه العذبة تماما. وهناك أدلة على وجود صعوبة كبيرة في زراعة المحاصيل. كما أن عدم انتظام حالات الوفاة الناجمة عن الظروف البيئية (كما أشارت إليه محكمة الهجرة والحماية) ينبغي ألا يفهم منه أن عتبة الخطر لم تبلغ ( ) . ومن غير البديهي لحماية الحياة في الواقع انتظار أن تصبح الوفيات متواترة وأن يزداد عددها بقدر كبير كي تعتبر عتبة الخطر قد بلغت. وقد دأبت اللجنة على اعتبار أن الخطر على الحياة يمكن أن يشكل انتهاكاً للحق، حتى وإن لم يسفر عن خسائر في الأرواح ( ) . وينبغي أن تكون الأخطار الصحية الشديدة التي تعرض لها طفل صاحب البلاغ بالفعل من جراء الظروف البيئية كافية. ويكفي أن صاحب البلاغ وأسرته يواجهون بالفعل صعوبات كبيرة في زراعة المحاصيل وفي العيش على زراعة الكفاف التي يعتمدون عليها إلى حد كبير. ويكشف النظر في حالة صاحب البلاغ وحالة أسرته، في ضوء جميع الوقائع والظروف السائدة في بلدهم الأصلي، عن معيشة تفتقر إلى الكرامة التي يسعى العهد إلى حمايتها.

6 - وأخيرا، ولئن كان من الجدير بالثناء اتخاذ كيريباس تدابير تكيفية للحد من أوجه الضعف القائمة والتصدي لعواقب تغير المناخ، فمن الواضح أن أوضاع المعيشة تظل غير متفقة ومعايير الكرامة في حالة صاحب البلاغ، على نحو ما يقتضيه العهد. ويسري هذا الواقع على أناس كثيرين آخرين في البلد، لكن ذلك لا يجعله أكثر كرامة بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعيشون في مثل هذه الظروف. والإجراء الذي اتخذته نيوزيلندا أشبه بإجبار شخص غارق على العودة إلى سفينة تغرق، بحجة أن هناك، في نهاية الأمر، ركابا آخرين على متن السفينة. وحتى وإن كانت كيريباس تتخذ التدابير اللازمة لمعالجة الوضع، طالما ظل هذه الوضع مزريا، فإن حياة الأشخاص وكرامتهم تظلان في خطر.

ا لمرفق الثاني

رأي فردي لعضو اللجنة فاسيلكا سانسين (مخالف)

1 - آسَف لألا يتسنى لي تأييد الأغلبية في استنتاجها أن اللجنة لا يسعها، استناداً إلى المعلومات المتاحة لها، أن تخلص إلى أن تقييم السلطات المحلية، الذي اعتبرت فيه أن التدابير التي اتخذتها كيريباس تكفي لحماية حق صاحب البلاغ في الحياة بموجب المادة 6 من العهد، كان تقييما تعسفيا أو خاطئا في هذا الخصوص، أو أنه شكل إنكاراً للعدالة (انظر الفقرتين 9 - 12 و 9 - 13 ). ويصح هذا بصفة خاصة ما دامت الدولة الطرف لم تقدم، في رأيي، أدلة على إجراء تقييم سليم لمدى حصول صاحب البلاغ وأطفاله الذين يعولهم على مياه الشرب المأمونة في كيريباس.

2 - وقد دفع صاحب البلاغ، في جملة أمور، بأن نيوزيلندا قد انتهكت المادة 6 ( 1 ) من العهد، بإبعاده وأسرته إلى كيريباس، علما أنهم لا يحصلون على مياه الشرب المأمونة، وهو ما يشكل خطراً وشيكاً على حياتهم. وترد الأدلة، التي لم تطعن فيها الدولة الطرف، في الفقرات 2 - 4 و 2 - 6 و 5 من آراء اللجنة.

3 - وعلى العكس من ذلك، خلصت الدولة الطرف إلى أنه لا يوجد دليل يؤيد ادعاء صاحب البلاغ أنه لا يستطيع الحصول على مياه الشرب أو أنه لا يستطيع الوصول إليها (الفقرة 2 - 8 من الآراء). وقلقي نابع من أن مفهوم "مياه الشرب" ينبغي ألا يساوى بمفهوم "مياه الشرب المأمونة". إذ يمكن اعتبار المياه صالحة للشرب، وهي تحتوي على كائنات دقيقة خطرة على الصحة، لا سيما صحة الأطفال (وقد ولد أطفال صاحب البلاغ الثلاثة في نيوزيلندا ولم يتعرضوا من ثم قط لأحوال المياه في كيريباس).

4 - وتكرر اللجنة في آرائها (الفقرة 9 - 6 ) حجة الدولة الطرف، وهي أن محكمة الهجرة والحماية وإن استنتجت أن صاحب البلاغ يتمتع بالمصداقية الكاملة وقبلت الأدلة التي قدمها، فقد رأت أن هذه الأدلة لا تثبت أنه معرض لخطر وشيك أو محتمل بحرمانه تعسفا من الحياة لدى عودته إلى كيريباس. ورأت المحكمة بوجه خاص أنه لا يوجد دليل على أنه لن يتمكن من زراعة الأغذية أو الحصول على مياه الشرب، أو على أن حكومة كيريباس لم تتخذ تدابير برنامجية لتوفير الضرورات الأساسية للحياة، من أجل الوفاء بالتزامها الإيجابي بإعمال حق صاحب البلاغ في الحياة. وتستند هذه الاستنتاجات إلى كون حكومة كيريباس اتخذت خطوات لمعالجة آثار تغير المناخ، وفقاً لبرنامج العمل الوطني للتكيف لعام 2007 . وبينما تدرك اللجنة في آرائها (الفقرة 9 - 8 ) المشقة التي قد يسببها تقنين المياه، تلاحظ أن صاحب البلاغ لم يقدم معلومات كافية تشير إلى أن إمدادات المياه العذبة غير متاحة أو غير كافية أو غير مأمونة بحيث تنشئ خطرا صحيا متوقعا إلى حد معقول من شأنه أن ينال من حقه في التمتع بحياة كريمة أو يتسبب في وفاته وفاة غير طبيعية أو مبكرة.

5 - غير أن الخبراء، في تقاريرهم، ومن ضمنها تقرير المقررة الخاصة المعنية بحق الإنسان في مياه الشرب المأمونة وخدمات الصرف الصحي عن بعثتها إلى كيريباس في تموز/يوليه 2012 (A/HRC/24/44/Add.1)، حذرت من أن الاستراتيجية الإنمائية الوطنية للفترة 2003 - 2007 وخطة كيريباس للتنمية للفترة 2008 - 2011 تتضمنان سياسات وأهدافاً ذات صلة مباشرة بالمياه لكن الأولويات التي حددت للسنوات الثلاث الأولى في السياسة الوطنية للموارد المائية لعام 2008 والسياسة الوطنية للصرف الصحي لعام 2010 لم تنفذ بعد. لذلك، أرى أن من واجب الدولة الطرف، وليس صاحب البلاغ، أن تثبت أن صاحب البلاغ وأسرته سيتسنى لهم في الواقع الحصول على مياه الشرب المأمونة (أو حتى مياه الشرب) في كيريباس، وفاء بالتزامها الإيجابي بحماية الحياة من التهديدات الناجمة عن الأخطار الطبيعية المعروفة.

6 - وبالنظر إلى كل ما تقدم، فإنني لست مقتنعة بأن ادعاء صاحب البلاغ بشأن عدم الحصول على مياه الشرب المأمونة غير مثبت، إذ أرى أن تقييم الدولة الطرف لحالة صاحب البلاغ وأسرته كان تعسفياً بصورة واضحة أو خاطئاً على نحو جلي. ولهذه الأسباب، فإنني في ظروف هذه القضية أختلف مع اللجنة في استنتاجها أن الوقائع المعروضة عليها لا تسمح لها بأن تخلص إلى أن إبعاد صاحب البلاغ إلى كير ي باس شكل انتهاكاً لحقوقه المكفولة بموجب الفقرة 1 من المادة 6 من العهد.