الأمم المتحدة

CCPR/C/124/D/2892/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

18 December 2018

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة ٥(٤) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم ٢٨٩٢/٢٠١٦ * ** ***

البلاغ مقدم من : مارات أبدييف (يمثله المحامي ريسبك أدملييف)

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف: قيرغيزستان

تاريخ تقديم البلاغ: ٢٣ حزيران/يونيه ٢٠١٦ (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ عملاً بالمادة ٩٧ من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في ١٥ حزيران/يونيه ٢٠١٦ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : ١٧ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٨

الموضوع : انتزاع اعترافات تحت وطأة التعذيب على يد الشرطة؛ وعدم إجراء تحقيق فعال في ادعاءات التعذيب

المسائل الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ وإثبات الادعاءات بأدلة

المسائل الموضوعية : التعذيب؛ والتحقيق الفوري والنزيه في التعذيب؛ والإكراه على الاعتراف

مواد العهد : ٢(3) و7 و14 ( 3) ( ز)

مواد البروتوكول الاختياري : ٣ و٥ ( 2) ( ب)

١ - صاحب البلاغ هو مارات أبدييف، المواطن الكازاخستاني المولود في عام ١٩٧٦. وهو يقضي حالي اً عقوبة بالسجن في قيرغيزستان. ويدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه التي تكفلها المادة ٧، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 2 ( 3) والمادة ١٤ ( 3) ( ز) من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى قيرغيزستان في ٧ كانون الثاني/يناير ١٩٩٥. ويمثل صاحب البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 في نحو الساعة 12 من ظهر يوم ١٥ شباط/فبراير ٢٠١٢، ألقت الشرطة القبض على صاحب البلاغ في شقته للاشتباه في ارتكابه جريمة قتل وسرقة سيارة. وتعرض للضرب على أيدي ضباط الشرطة أثناء إلقاء القبض عليه، واقتيد إلى إدارة التحقيقات الجنائية الرئيسية التابعة للشرطة في بيشكيك. وتعرض هناك للضرب على يد العديد من أفراد الشرطة لمدة ثلاث إلى أربع دقائق بينما كان ملقى على الأرض، حيث ضربوه بالأيدي والأقدام في الرأس وفي الأجزاء الرخوة من جسمه. وبعد ذلك تحدث إلى أحد كبار الضباط، الذي أمر بنقله إلى إدارة الشؤون الداخلية لمنطقة بيرفومايسكي في بيشكيك. ويدعي صاحب البلاغ أن ضباط الشرطة هددوه بقولهم إن مصير أبنائه في أيديهم.

٢-٢ وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، أثناء وجوده في إدارة الشؤون الداخلية لمنطقة بيرفومايسكي ، هدده ضابط يرتدي ملابس مدنية باغتصابه بعصا الشرطة وبدأ ينزع سروال صاحب البلاغ مع ضربه في نفس الوقت في رأسه. وقاوم صاحب البلاغ، وبعد ١٠ إلى ١٥ دقيقة تُرك بمفرده في أحد المكاتب. وفي كل مرة يمر فيها الضباط من المكتب كانوا يضربونه في رأسه. وفي وقت لاحق أحضر الضباط كيسين من البلاستيك ووضعوهما على رأسه. وقاوم صاحب البلاغ، وضُرب على الجانب الأيسر من ضلوعه. و تمكن من عض الأكياس البلاستيكية وخرقها قبل أن يختنق. واقترح أحد الضباط استخدام الصعق الكهربائي. وطلب صاحب البلاغ بعد ذلك مقابلة المحقق، وضُرب مرة أخرى في أجزاء مختلفة، بما فيها الرأس. وفي نحو الساعة 30/11 مساءً، تحدث صاحب البلاغ إلى المحقق. وأبلغ المحقق صاحب البلاغ بأن اعترافه يمكن أن يعيد إليه وثائق إثبات ملكية الأراضي، وهي الوثائق التي صادرتها الشرطة أثناء تفتيش شقته. ووقع صاحب البلاغ على الاعتراف. وفي حوالي الساعة 30/12 من صباح اليوم التالي، اقتيد إلى مركز الاحتجاز المؤقت في وحدة الشؤون الداخلية بمنطقة بيرفومايسكي. وفي اليوم التالي، نُقل إلى مرفق الاحتجاز المؤقت في الإدارة الرئيسية للشؤون الداخلية في بيشكيك.

2-3 وفي ١٧ نيسان/أبريل ٢٠١٢، قدمت والدة صاحب البلاغ شكوى إلى مكتب نيابة منطقة بيرفومايسكي في بيشكيك بشأن ادعاء تعذيب ابنها على أيدي ضباط الشرطة والتفتيش غير القانوني لشقته من قبل الشرطة، وهو التفتيش الذي اختفى خلاله مبلغ ٥٠٠ ٤٧ دولار. وفي ٢٥ نيسان/أبريل، رفض مكتب النيابة فتح دعوى جنائية استناداً إلى تحقيق أُجري في ادعاءاتها، لعدم كفاية الأدلة. واستجوب وكيل النيابة ضباط الشرطة الذين تولوا البحث عن صاحب البلاغ وإلقاء القبض عليه، فأنكروا ضلوعهم في اختفاء هذا المبلغ من المال. وطلب وكيل النيابة أيضاً المعلومات المسجلة في الوثائق الطبية لمرفق الاحتجاز المؤقت في الإدارة الرئيسية للشؤون الداخلية في بيشكيك ولمركز الاحتجاز السابق للمحاكمة رقم ١ في بيشكيك. واستناداً إلى هذه الوثائق، لم يكن صاحب البلاغ يعاني من أي إصابات بدنية. ولم يطلب المحقق إجراء فحص طبي شرعي لصاحب البلاغ وأغلق ملف التحقيق استناداً إلى شهادات ضباط الشرطة.

2-4 وفي ٧ أيار/مايو ٢٠١٢، ألغى مكتب نيابة مدينة بيشكيك قرار وكيل النيابة الصادر في 25 نيسان/أبريل ٢٠١٢ وأمر مكتب نيابة منطقة بيرفومايسكي بإجراء تحقيقات إضافية. وفي ٦ حزيران/يونيه، بعد إجراء التحقيقات الإضافية، رفض مكتب نيابة منطقة بيرفومايسكي فتح دعوى جنائية بحجة وجود دعوى جنائية أخرى ضد صاحب البلاغ منظورة أمام محكمة بيرفومايسكي المحلية في بيشكيك. وفي ٨ حزيران/يونيه، ألغت نيابة منطقة بيرفومايسكي هذا القرار وأمرت بإجراء تحقيقات إضافية. وفي ١٨ حزيران/يونيه، رفض مكتب نيابة منطقة بيرفومايسكي مرة أخرى فتح دعوى جنائية بعد أن استجوب أحد الشاهدين اللذين حضرا تفتيش شقة صاحب البلاغ بشأن الأموال التي يُدعى اختفاؤها أثناء التفتيش. ولم يُجر تحقيق إضافي في الادعاءات المتعلقة بالتعذيب. وفي ٩ تموز/يوليه، ألغى مكتب نيابة منطقة بيرفومايسكي القرار الصادر في ١٨ حزيران/يونيه. وفي ١٨ تموز/يوليه، أُغلق ملف التحقيق مرة أخرى مع رفض فتح دعوى جنائية ودون إجراء أي تحقيق إضافي في ادعاءات التعذيب. وقد ألغى مكتب نيابة مدينة بيشكيك هذا القرار في ٢٠ تموز/يوليه.

٢-٥ وفي ٣٠ تموز/يوليه ٢٠١٢، قرر مكتب نيابة مدينة بيشكيك عدم فتح دعوى جنائية استناداً إلى المعلومات التي جُمعت حديثاً. وطلب مكتب النيابة نتائج الفحص الطبي الشرعي، التي بينت أن صاحب البلاغ لم يكن يعاني من أي إصابات. واستجوب وكيل النيابة أيضاً الطبيب العام لمركز الاحتجاز السابق للمحاكمة رقم ١، الذي ذكر أن صاحب البلاغ كان يعاني، في 18 شباط/فبراير ٢٠١٢، لدى دخوله المركز، من كدمات على كتفيه. وتلقى وكيل النيابة أيض اً الشهادة الطبية رقم 927 من مستشفى مدينة بيشكيك رقم ٤، التي جاء فيها أنه كان مصاباً بكدمات. وعند سؤال صاحب البلاغ عن طبيعة الكدمات، أوضح للطبيب العام أنه أُصيب بها أثناء تدريب رياضي قبل إلقاء القبض عليه، ووقع على بيان بهذا المعنى في سجلات مركز الاحتجاز السابق للمحاكمة . ولم تتلق الوحدة الطبية لمركز الاحتجاز السابق للمحاكمة أي شكاوى من صاحب البلاغ. وأفاد صاحب البلاغ بأنه تلقى من ضباط الشرطة ت وجيه ات قبل الفحص بأن يقول إن الكدمات نتجت عن أنشطته الرياضية.

2-6 وفي ٣ آب/أغسطس ٢٠١٢، قدم صاحب البلاغ شكوى إلى مكتب النيابة العامة ضد ضباط الشرطة الذين يُدعى أنهم عذبوه. وفي ٨ آب/أغسطس، وُجهت رسالة من مكتب النيابة العامة إلى والدة صاحب البلاغ، تخطر فيها صاحب البلاغ بإلغاء قرار عدم فتح دعوى جنائية الصادر في ٣٠ تموز/يوليه ٢٠١٢ وبإحالة القضية إلى مكتب نيابة مدينة بيشكيك لإجراء تحقيق إضافي.

2-7 وفي ٩ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢، رفض مكتب نيابة مدينة بيشكيك فتح دعوى جنائية. وأشار وكيل النيابة إلى الدعوى الجنائية المقامة ضد صاحب البلاغ لتبرير شهادة ضباط الشرطة أنهم لم يسيئوا استعمال سلطتهم أثناء استجواب صاحب البلاغ. و استجوب وكيل النيابة صاحب البلاغ ولكنه لم يستجوب الشهود الذين حددتهم والدة صاحب البلاغ - وهم نزلاء نفس الزنزانة في مركز الاحتجاز السابق للمحاكمة رقم ١ - الذين رأوا إصاباته . واستنتج وكيل النيابة عدم وجود أدلة تدعم ادعاءات صاحب البلاغ أنه تعرض للتعذيب. وألغى مكتب النيابة العامة هذا القرار في ١٢ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٢.

2-8 وفي 28 كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٢، قرر مكتب نيابة منطقة بيرفومايسكي مجدداً، بعد إجراء تحقيق إضافي، عدم فتح دعوى جنائية. وأشار وكيل النيابة إلى شهادة طبية من مستشفى مدينة بيشكيك رقم 4 مؤرخة ١٧ شباط/فبراير ٢٠١٢، تفيد بأن صاحب البلاغ خضع لفحص من قِبل طبيب، وأن الطبيب لاحظ كدمات على جسمه. وأرفق وكيل النيابة بقراره إجابةً على الاستفسارات الموجهة إلى مركز الاحتجاز السابق للمحاكمة رقم ١ تفيد بأن من غير الممكن العثور على الأشخاص الذين كانوا محتجزين في الزنزانة مع صاحب البلاغ.

٢-9 وفي ٣٠ أيلول/سبتمبر ٢٠١٣، قدم المحامي الجديد لصاحب البلاغ طلباً إلى محكمة بيرفومايسكي المحلية لإلغاء قرار مكتب نيابة منطقة بيرفومايسكي المؤرخ ٢٨ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٢ على أساس أنه غير قانوني ولا يقوم على أي أساس. وفي ١٦ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٣، رأت المحكمة أن الأوامر الصادرة من مكتب النيابة العامة والمؤرخة ١٢ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٢ لم تُنفذ. فبوجه الخصوص، لم يُعثر على نزلاء نفس الزنزانة في مركز الاحتجاز السابق للم حاكمة رقم ١، ولم يُستجوب رئيس وضباط مرفق الاحتجاز المؤقت في الإدارة الرئيسية للشؤون الداخلية في بيشكيك، الذي احتُجز فيه صاحب البلاغ في الفترة من ١٦ إلى ١٨ شباط/فبراير ٢٠١٢، بشأن الإصابات المسجلة في الشهادة الطبية رقم ٩٢٧ المؤرخة ١٧ شباط/فبراير ٢٠١٢. وألغت المحكمة قرار مكتب النيابة، وأعادت القضية لإجراء مزيد من التحقيق.

٢-١٠ وفي ٧ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٣، رفض مكتب نيابة منطقة بيرفومايسكي مرة أخرى فتح دعوى جنائية، وأدرج في قراره المعلومات التي سبق أن جمعتها النيابة. واستنتج مكتب النيابة أن شكاوى صاحب البلاغ لُفقت لغرض تجنب المسؤولية القانونية.

2-11 وطعن المحامي في القرار المؤرخ ٧ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٣ أمام محكمة بيرفومايسكي المحلية في بيشكيك في ٢٥ شباط/فبراير ٢٠١٤. ورفضت المحكمة الطعن في ١٤ آذار/مارس، حيث رأت أن قرار وكيل النيابة استند إلى تحقيق شامل وأن ادعاءات صاحب البلاغ لا يمكن تأكيدها. وفي ٢٦ آذار/مارس، قدم المحامي نقضاً أمام محكمة مدينة بيشكيك، التي رفضت النقض في ١٣ أيار/مايو. وطعن المحامي في قرار الرفض أمام المحكمة العليا، في إطار إجراءات المراجعة القضائية، في ١٩ أيار/مايو،

الشكوى

3-١ يدعي صاحب البلاغ انتهاك حقوقه بموجب المادة ٧ من العهد في ضوء تعرضه المتكرر للضرب، والتهديدات النفسية المتعلقة بأطفاله، وتهديده بالاغتصاب، وخنقه بالأكياس البلاستيكية على أيدي ضباط الشرطة.

٣- 2 ويدعي صاحب البلاغ أنه حاول دون جدوى، منذ أكثر من عامين، إقامة دعوى جنائية ضد ضباط الشرطة الذين عذبوه. وهو يدعي أن الدولة الطرف لم تجر تحقيقاً فعالاً في ادعاءاته، وهو ما ينتهك المادة 2(3) من العهد، مقروءةً بالاقتران مع المادة ٧ منه.

3-3 وأخير اً، يدعي صاحب البلاغ أنه أجبر، تحت وطأة التعذيب، على إدانة نفسه، وهو ما ينتهك المادة 14 ( 3) ( ز) من العهد.

٣-٤ ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تخلص إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المادة 7 من العهد، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة ٢ ( 3) والمادة ١٤ ( 3) ( ز) منه؛ وأن تحث الدولة الطرف على إجراء تحقيق فعال في ادعاءاته ومعاقبة الضباط المدانين بتعذيبه؛

ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها على الشكوى في مذكرة شفوية مؤرخة 18 آب/أغسطس 2017. وتفيد الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ قُبض عليه في ١٥ شباط/فبراير ٢٠١٢ للاشتباه في ارتكابه جريمة قتل عمد. وفي ١٤ آذار/مارس، وجهت إليه تهمة القتل العمد بموجب المادة ٩٧، وتهمة الحيازة غير القانونية لسيارة بموجب المادة ١٧٢ من القانون الجنائي. وفي ١٥ آذار/مارس ٢٠١٢، أُحيل الملف الجنائي لصاحب البلاغ إلى محكمة بيرفومايسكي المحلية لمحاكمته. وأصدرت محكمة بيرفومايسكي المحلية حكماً على صاحب البلاغ في ٨ أيار/مايو ٢٠١٣ بالسجن لمدة ١٨ عاماً. وأيدت هذا الحكم محكمة مدينة بيشكيك في ٢١ أيار/مايو ٢٠١٤. وفي الوقت نفسه، انتفع صاحب البلاغ بقانون العفو المعتمد بمناسبة مرور خمسة وستين عاماً على صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فخُفضت فترة العقوبة، التي لم يقضها، بمقدار الخمس. وقد أُدين صاحب البلاغ على أساس فحوصات الطب الشرعي والفحوصات العرقية والطبية النفسية، وشهادات الشهود، والأدلة التي جُمعت، والاعتراف الأولي الذي أدلى به. واستندت إدانة صاحب البلاغ أيضاً إلى إعادة تمثيل أوضاع الأحداث وظروفها وإلى التحقق من مدى مطابقة إفاداته لما جرى في الواقع. ولم تُلاحظ أثناء المحاكمة أية أدلة أو ظروف غير مقبولة من شأنها أن تضع إدانة صاحب البلاغ موضع شك.

4-2 وتولى مكتب النيابة التحقيق في ادعاءات صاحب البلاغ تعرضه للتعذيب في مناسبات عديدة، ولم يتسن تأكيدها. أما ادعاء صاحب البلاغ أن قرار وكيل النيابة المؤرخ ٧ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٣ برفض فتح دعوى جنائية غير قانوني ولا مبرر له، فقد رفضته محكمة بيرفومايسكي المحلية في ١٤ آذار/مارس ٢٠١٤. و أما النتائج التي توصلت إليها محكمة بيرفومايسكي المحلية فقد أيدها قرار محكمة مدينة بيشكيك الصادر في ١٣ أيار/مايو ٢٠١٤ وقرار المحكمة العليا الصادر في ١٥ تموز/يوليه ٢٠١٤.

٤- 3 وفيما يتعلق بالطلب الذي قدمه صاحب البلاغ للحصول على تعويض عن التعذيب، تؤكد الدولة الطرف أن المحاكم المحلية ذات الاختصاص العام هي المنوط بها النظر في مطالبات التعويض عن الضرر المعنوي، وتحديد مبلغ التعويض استناداً إلى طبيعة الضرر المادي والمعنوي الذي لحق بالضحية. وتزعم أن صاحب البلاغ لم يقدم طلباً إلى المحاكم المحلية للحصول على تعويض.

٤- 4 وتلاحظ الدولة الطرف أيض اً أن المادة ٩٦ من النظام الداخلي للجنة تنص على أن تُقدم الشكوى من الشخص بنفسه أو من ممثله إن كان الشخص المعني غير قادر على تقديم البلاغ بنفسه. وتنص التشريعات الوطنية على أن أي توكيل رسمي عن الأشخاص الذين يقضون عقوبة السجن ينبغي أن يُوقَّع عليه من مدير السجن. وهذا لم يحدث في حالة هذا البلاغ.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

٥-1 قدّم صاحب البلاغ، في ١٩ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٧، تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف. ويشير صاحب البلاغ إلى أن ملاحظات الدولة الطرف بشأن محاكمته وثبوت إدانته لا تتصل بموضوع الشكوى؛ فصاحب البلاغ لا يطلب إلى اللجنة مراجعة الوقائع والأدلة أو إثبات براءته.

٥- 2 أما الجزء الثاني من ملاحظات الدولة الطرف فلا يقدم إجابات بشأن فعالية التحقيق في ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بالتعذيب. ويكرر صاحب البلاغ ادعاءاته أن التحقيق لم يكن فعال اً، مشيراً إلى أنه صدرت على مدى سنتين ثمانية قرارات بعدم فتح دعوى جنائية ضد ضباط الشرطة. ولم يُنفذ أي من أوامر النيابة بإجراء مزيد من التحقيق. ولم تجر الدولة الطرف تحقيقاً شاملاً في ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بالانتهاكات بموجب المادتين ٧ و١٤ (3) (ز) من العهد. وذكر صاحب البلاغ، في شكواه، أسماء ضباط الشرطة الذين عذبوه لإرغامه على الاعتراف. ولم تستجوب النيابة إلا الأشخاص ذوي المصلحة في إخفاء حقيقة التعذيب. بل إن مكتب النيابة لم يأمر بإجراء فحص طبي شرعي في بداية التحقيق. ولم يتسن العثور على الشهود الذين حددهم صاحب البلاغ ووالدته. وذكرت النيابة، في القرارات اللاحقة، أن الشهادة الطبية المؤرخة ١٧ شباط/فبراير ٢٠١٢ أشارت إلى أن صاحب البلاغ كان مصاباً بكدمات وأن من الممكن احتجازه في مرفق الاحتجاز المؤقت. ورغم الإشارة الصريحة إلى أن صاحب البلاغ كان يعاني من إصابات، أُغلق ملف التحقيق، مع الإشارة إلى بيان من رئيس مرفق الاحتجاز المؤقت - وهو مؤسسة مسؤولة بالكامل أمام وزارة الداخلية - يفيد بعدم ورود أي شكاوى من صاحب البلاغ. وأشار وكلاء النيابة، دون التحقق على النحو الواجب من ادعاءات صاحب البلاغ، إلى الدعوى الجنائية ضد صاحب البلاغ بوصفها في حد ذاتها دليلاً على أن ضباط الشرطة لم يسيئوا استعمال سلطتهم. وأشار وكلاء النيابة أيضاً إلى أن الشكوى التي قدمتها والدة صاحب البلاغ كانت محاولة لتجنب المسؤولية القانونية ( ) .

5- 3 وفيما يتعلق بالمطالبة بالتعويض، يشير صاحب البلاغ إلى أن التشريعات الوطنية لا تسمح للضحية الذي يدعي تعرضه للتعذيب بأن يقيم دعوى مدنية للحصول على تعويض إلا بعد ثبوت إدانة الجناة بحكم من محكمة جنائية. وفي حالة صاحب البلاغ، لم يُجر التحقيق على النحو السليم، ومن ثم لم تُفتح دعوى جنائية ولا يمكنه إقامة دعوى مدنية. وبالإضافة إلى ذلك، لم تقدم الدولة الطرف أمثلة لحالات حكمت فيها المحاكم بتعويض عن الضرر المعنوي.

5-4 وأخيراً، يشير صاحب البلاغ إلى أن اللجنة لا تشترط توقيع مدير السجن على التوكيل؛ وإنما يكفي توقيع صاحب البلاغ وحده.

ال مسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً لما تقتضيه المادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

٦-٢ وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية .

٦-٣ وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أن جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة قد استُنفِدت. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بملاحظة الدولة الطرف أن سبل الانتصاف المحلية لم تُستنفد فيما يتصل بمسألة التعويض عن التعذيب التي يُدعى أن صاحب البلاغ تعرض له. وتلاحظ اللجنة أن السلطات المحلية أنكرت حدوث التعذيب، ورفضت فتح دعوى جنائية ضد ضباط الشرطة. ولذلك، ليس من الواضح الأساس الذي كان بإمكان صاحب البلاغ أن يستند إليه لإقامة دعوى مدنية للحصول على تعويض، وهو إجراء مرتبط بنتائج الإجراءات الجنائية المتخذة ضد الجناة. ونظراً إلى عدم اعتراض الدولة الطرف على مسألة استنفاد صاحب البلاغ لسبل الانتصاف المحلية، ترى اللجنة أن شروط الفقرة 2(ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري استوفيت.

٦-4 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة ١٤ ( 3) ( ز)، تلاحظ اللجنة أن هذه المادة تنطبق عند البت في تهمة جنائية. و لم يقدم صاحب البلاغ تفاصيل عن محاكمته، ولم يرفق نسخة من الحكم الصادر في قضيته، ولم يطرح ادعاءات بشأن الطابع التعسفي للإجراءات القضائية في قضيته الجنائية. واستناداً إلى المعلومات المتاحة في الملف، لا يتسنى للجنة تقييم إلى أي مدى أخذت المحكمة في اعتبارها، لدى النطق بحكمها النهائي، اعتراف صاحب البلاغ الذي يُدعى أنه انتُزع تحت وطأة التعذيب. لهذا السبب، ترى اللجنة أن هذا الجزء من الشكوى لا تدعمه أدلة كافية وغير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

٦-5 وترى اللجنة أن ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 7 من العهد، مقروءة منفردة ومقترنة بالمادة 2(3) منه، تدعمه أدلة كافية لأغراض المقبولية، وتمضي إلى النظر في الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

٧-١ نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحتها لها الأطراف، وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

٧-2 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أنه تعرض للتعذيب من قبل ضباط الشرطة منذ لحظة القبض عليه في ١٧ شباط/فبراير ٢٠١٢ إلى أن وقع على اعتراف في وقت متأخر من مساء اليوم نفسه. وفي هذا الصدد، تلاحظ اللجنة أن نُسخ وثائق التحقيق في ملف القضية تشير إلى الشهادة الطبية الصادرة من المستشفى رقم ٤ والمؤرخة 17شباط/فبراير ٢٠١٢، والتي تذكر أن صاحب البلاغ مصاب بكدمات. وترد نفس المعلومات في السجلات الطبية لمركز الاحتجاز السابق للمحاكمة رقم ١، الذي احتُجز به صاحب البلاغ.

٧-3 وتذكِّر اللجنة بأن الدولة الطرف مسؤولة عن أمن أي شخص تحتجزه، وأنه، عندما تبدو على أي شخص محتجز علامات الإصابة، يتعين على الدولة الطرف أن تقدم الأدلة التي تثبت عدم مسؤوليتها ‬ ( ) . وقد رأت اللجنة في مرات عديدة أن عبء الإثبات في مثل هذه الحالات لا يمكن أن يقع على عاتق صاحب البلاغ وحده، ولا سيما بالنظر إلى أن الدولة الطرف هي فقط التي يمكنها في كثير من الأحيان الحصول على المعلومات ذات الصلة ( ) .‬‬‬‬

7-4 وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تدحض ادعاءات صاحب البلاغ فيما يتعلق بالأدلة الوثائقية أو غيرها من الأدلة. وإذ تأخذ اللجنة في اعتبارها المعلومات المفصلة التي قدمها صاحب البلاغ بشأن معاملته من جانب ضباط الشرطة لدى القبض عليه، بما في ذلك أسماء هؤلاء الضباط، والكدمات التي لوحظت على كتفي صاحب البلاغ، وادعاؤه أن ضباط الشرطة أجبروه على الإدلاء ببيان زائف عن طبيعة إصاباته إلى الطبيب العام أثناء الفحص الطبي الذي أُجري له في مستشفى المدينة رقم ٤، وكذلك عدم تقديم الدولة الطرف توضيحاً كافياً يدحض ذلك ، تخلص اللجنة إلى حدوث انتهاك لحقوق صاحب البلاغ بموجب المادة ٧ من العهد.

٧-٥ وتحيط اللجنة علم اً بالادعاء الآخر لصاحب البلاغ أن التحقيق في قضيته لم يكن فعالاً. وتذكِّر اللجنة بأنه يتعين على كل دولة طرف أن تحقق على الفور وبشكل نزيه في أي شكوى تتعلق بإساءة المعاملة على نحو ينتهك المادة 7، للوفاء بواجبها إتاحة سبيل انتصاف فعال ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن والدة صاحب البلاغ قدمت في ١٧ نيسان / أبريل ٢٠١٢ شكوى إلى مكتب نيابة بيرفومايسكي تدعي تعرض ابنها للتعذيب. وبدأ التحقيق واتخذ وكيل النيابة قرار عدم فتح دعوى جنائية في 25 نيسان/أبريل، أي بعد أسبوع من تلقي الشكوى. وتلاحظ اللجنة، مع ذلك، أن في خلال فترة سنتين أُعيد فتح ملف التحقيق ثماني مرات؛ ولم تُنفذ التعليمات الواردة في قرارات إعادة فتح ملف التحقيق؛ ولم يُستجوب الشهود الذين أشار إليهم صاحب البلاغ ووالدته؛ ولم يُجر فحص طبي شرعي رغم تقديم شهادة طبية تبين إصابة صاحب البلاغ بكدمات على جسمه. وبالنظر إلى هذه الظروف، يمكن القول إن التحقيق، وإن كان بدأ على الفور، لم يُستكمل في الوقت المناسب.

٧-٦ وفيما يتعلق بنزاهة التحقيق، تلاحظ اللجنة ادعاءات صاحب البلاغ أن ضباط الشرطة الذين ألقوا القبض عليه هم فقط الذين استُجوبوا أثناء التحقيق الأولي، وأن مكتب النيابة لم يتمكن من العثور على رفقاء زنزانته في مركز الاحتجاز السابق للمحاكمة رقم ١ واستجوابهم، وأنه لم يصدر أمر بإجراء فحص طبي شرعي. وتلاحظ اللجنة أن هيئة التحقيق لم تبرر عدم الأمر بإجراء فحص طبي شرعي منذ بداية التحقيق. ولا يشير الفحص الطبي الشرعي المذكور في قرار مكتب نيابة مدينة بيشكيك، المؤرخ ٣٠ تموز/يوليه ٢٠١٢، إلى تاريخ الفحص أو مكانه أو نتيجته. لذا، لا يمكن للجنة ان تتحقق من مسألة ما إذا كان هذا التحقيق أُجري أصلاً في الواقع.

7- 7 وتلاحظ اللجنة كذلك أنه، استناد اً إلى المعلومات المتاحة في الملف، يبدو أن وكلاء النيابة، في سياق التحقيق في ادعاء صاحب البلاغ تعرضه للتعذيب، لم يستجوبوا صاحب البلاغ نفسه قبل أيلول/سبتمبر ٢٠١٢. وترد إشارة إلى استجوابه للمرة الأولى في قرار مكتب نيابة مدينة بيشكيك المؤرخ ٩ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢، وهو القرار السادس من ثمانية قرارات بعدم فتح دعوى جنائية. أما أفراد الشرطة الذين يُدعى أنهم عذبوا صاحب البلاغ، فقد استُجوبوا منذ بداية التحقيق. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن النيابة لم تتمكن من استجواب رفقاء زنزانة صاحب البلاغ في مركز الاحتجاز السابق للمحاكمة رقم ١ لتعذر تحديد مكان وجودهم. واللجنة إذ تأخذ في اعتبارها توافر السجلات المتعلقة بالأشخاص المحتجزين في مرافق الاحتجاز، وفي ظل عدم ورود مزيد من التوضيح من الدولة الطرف، لا يمكنها أن تقبل هذا الادعاء بوصفه حجة صحيحة. واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أيضاً الملاحظات السالفة الذكر، تستنتج أن التحقيق في ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بتعرضه للتعذيب لم يكن نزيهاً. ولا يمكن القول إن التحقيق كان وافياً ( ) .

٧-٨ وإضافةً إلى ذلك، تأخذ اللجنة في الاعتبار، كما ذُكر آنفاً، أن تشريعات الدولة الطرف تربط إمكانية إقامة دعوى مدنية للحصول على تعويض في حالات التعذيب بثبوت إدانة الجناة من خلال إجراءات جنائية. وفي هذه القضية، فإن عدم إجراء السلطات تحقيقاً فعالاً في ادعاءات صاحب البلاغ حرمه من إمكانية طلب تعويض عن التعذيب المزعوم.

7-9 في ضوء ما تقدم، ترى اللجنة أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 2 ( 3) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 7 منه.

٨ - واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة ٥ ( 4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف لحقوق صاحب البلاغ التي تكفلها المادة 7 من العهد، مقروءة منفردة ومقترنة بالمادة 2 ( 3) منه.

٩- ويقع على عاتق الدولة الطرف، بموجب الفقرة 3 ( أ) من المادة 2 من العهد، التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي منها ذلك تقديم الجبر الكامل للأفراد الذين انتُهكت حقوقهم التي يكفلها العهد. وفي هذه القضية، يتعين على الدولة الطرف، في جملة أمور، اتخاذ خطوات من أجل ما يلي: (أ) إجراء تحقيق شامل وفعال في ادعاءات صاحب البلاغ المتعلقة بتعرضه للتعذيب، ومقاضاة المسؤولين عن تعذيبه ومحاكمتهم ومعاقبتهم، إن ثبت ذلك؛ و(ب) تقديم تعويض لصاحب البلاغ عن الانتهاكات التي تعرض لها. ويقع على عاتق الدولة الطرف التزام أيضاً باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

١٠ - واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ إذا ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغتها الرسمية. ‬

مرفق

رأي فردي لعضو اللجنة خوسيه سانتوس بايس (رأي مخالف)

1 - ي ؤسفن ي أن ني لا يمكنن ي تأييد ما انته ت إليه اللجنة من استنتاج مؤداه أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 7 من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2 ( 3) منه (الفقرة 8).

2- تنطوي هذه القضية على العديد من الادعاءات المتعلقة بالتعذيب، ولكن عند تحليلها بشكل مفصل تنشأ شكوك في مصداقية صاحب البلاغ. فقد ذكر صاحب البلاغ أن الشرطة قبضت عليه في ١٥ شباط/فبراير ٢٠١٢ للاشتباه في ضلوعه في جريمة قتل وسرقة سيارة (الفقرة 2-1). وحُكم عليه في وقت لاحق بالسجن لمدة 18 سنة (الفقرة 4-1). وهو يدعى أنه تعرض للضرب على أيدي ضباط الشرطة أثناء إلقاء القبض عليه واقتيد إلى إدارة الشرطة في بيشكيك، حيث تعرض مرة أخرى للضرب بينما كان ملقى على الأرض. وادعى أيضاً أن ضباط الشرطة ضربوه في اليوم نفسه عدة مرات بأيديهم وأرجلهم في الرأس والأجزاء الرخوة من جسمه (الفقرة 2-1)، ووضعوا كيسين من البلاستيك على رأسه، وأنه قاوم وتلقى لكمة في ضلوعه اليسرى (الفقرة 2-2 ). ومع ذلك، لا يقدم صاحب البلاغ أي وصف لإصاباته، ولا يشير إلى أية زيارة إلى المستشفى أو أية فحوص طبية في مرافق الاحتجاز التي احتُجز فيها.

٣- وقدمت والدة صاحب البلاغ، في ١٧ نيسان/أبريل ٢٠١٢، شكوى إلى مكتب نيابة منطقة بيشكيك بخصوص التعذيب المزعوم الذي تعرض له ابنها على أيدي ضباط الشرطة، أي بعد شهرين من القبض عليه. واستجوب النائب العام ضباط الشرطة الذين يُدعى مشاركتهم في الضرب، وطلب أيضاً الاطلاع على المعلومات المسجلة في الوثائق الطبية الواردة من مرافق الاحتجاز التي احتُجز فيها صاحب البلاغ. وتشير هذه الوثائق إلى أن صاحب البلاغ لم يكن يعاني من أي إصابات بدنية. ولذلك، رفضت نيابة المنطقة فتح دعوى جنائية لعدم كفاية الأدلة (الفقرة 2-3). وينبغي أيضاً أن يوضع في الاعتبار أن آثار الإصابات البدنية، إن حدث ذلك بالفعل، من المفترض أن تكون اختفت في ذلك الوقت.

٤- وصحيح أن مكتب نيابة مدينة بيشكيك ألغى قرار وكيل النيابة عدة مرات، وأمر بإجراء تحقيقات إضافية. وتكرر رفض وكيل نيابة المقاطعة إقامة دعوى جنائية (الفقرة 2-4). ومع ذلك، في ٣٠ تموز/يوليه ٢٠١٢، أصدر مكتب نيابة مدينة بيشكيك قراراً أيضاً بعدم فتح دعوى جنائية على أساس المعلومات المجمعة حديثاً، وهي نتائج الفحوصات الطبية الشرعية، التي تفيد بأن صاحب البلاغ لم يكن يعاني من أية إصابات (الفقرة 2-5). ومن الجدير بالذكر أيضاً أن صاحب البلاغ لا يشير مطلقاً إلى أي فحص طبي شرعي ويدعي عدم إجراء فحص من هذا القبيل .

5- واستجوب وكيل النيابة أيضاً الطبيب العام في مركز الاحتجاز السابق للمحاكمة رقم ١، الذي أوضح أنه في 18 شباط/فبراير ٢٠١٢، لدى دخول صاحب البلاغ المركز وادعائه أنه تعرض مراراً قبل ثلاثة أيام فقط للضرب في الرأس والأجزاء الرخوة من جسمه وضلوعه اليسرى (الفقرة 2 أعلاه)، لم تُلاحظ إلا كدمات على كتفيه، لا على رأسه. وبينت شهادة طبية أخرى من مستشفى مدينة بيشكيك أن صاحب البلاغ كان مصاباً بكدمات. ولكن عند سؤاله عن طبيعة الكدمات، أوضح للطبيب العام أن هذه الكدمات حدثت أثناء التدريب الرياضي قبل إلقاء القبض عليه، ووقع على هذا البيان في سجلات مركز الاحتجاز السابق للمحاكمة. وعلاوةً على ذلك، لم تتلق الوحدة الطبية للمركز أي شكوى من صاحب البلاغ (الفقرتان 2-5 و2-8 ).

6 - وصحيح أن صاحب البلاغ واصل تقديم شكاوى إلى السلطات (الفقرات من 2-6 إلى 2-10)، ولكن اعتُبرت هذه الشكاوى ملفقة بهدف تجنب المسؤولية القانونية (الفقرة 2-10)، ورفضت المحكمة المحلية في نهاية الأمر طعن صاحب البلاغ المقدم في ١٤ آذار/مارس ٢٠١٤، حيث خلصت إلى أن قرار وكيل النيابة استند إلى تحقيق شامل وأن ادعاءات صاحب البلاغ لا يمكن تأكيدها (الفقرة 2-11).

٧- واستناداً إلى الأدلة المتاحة والوقائع المقدمة من صاحب البلاغ والدولة الطرف، من الصعب تحديد ما إذا كان صاحب البلاغ كان يعاني بالفعل من إصابات بدنية وما إذا كانت سلطات الدولة الطرف لم تجر تحقيقاً فعالاً وعلى النحو الواجب في ادعاءاته، رغم تكرر فتح وغلق ملف التحقيقات في هذه الدعاءات. ونظرا لأن آثار الإصابات البدنية لم يتسن، مع مرور الوقت، ملاحظتها ولا تزال لا يمكن ملاحظتها، فإن أي تحقيق جنائي لا يمكنه أن يكشف مثل هذه الإصابات. وعلاوةً على ذلك، تؤكد البيانات التي وقعها صاحب البلاغ أنه أُصيب بكدمات أثناء التدريب الرياضي قبل إلقاء القبض عليه، وتشير السجلات الطبية المتاحة إلى وجود كدمات على كتفيه، لا على رأسه التي يدعي أنه ضُرب فيها عدة مرات (الفقرة 5 أعلاه)؛ ويبدو ذلك متعارضاً مع استنتاجات اللجنة (الفقرتان 7-3 و7-4).

8 - ووفقاً للاجتهادات السابقة للجنة وللفقرة 26 من تعليقها العام رقم 32 ( 2007) بشأن الحق في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية وفي محاكمة عادلة، يقع عموماً على عاتق محاكم الدول الأطراف أن تقيّم الوقائع والأدلة في كل قضية على حدة، إلا إذا أمكن إثبات أن هذا التقييم أو التطبيق كان ظاهر التعسف أو بلغ حد الخطأ البيّن أو إنكار العدالة، أو أن المحكمة انتهكت بصورة أخرى التزامها بالاستقلالية والنزاهة. ومن واقع ملف القضية، لا أجد ما يؤكد أن الدولة الطرف لم تبذل العناية الواجبة في هذه القضية، إذ استنتجت الدولة الطرف دائماً أن ادعاءات صاحب البلاغ لا تدعمها أدلة كافية.

٩ - ونظرا ً إلى عدم وجود علامات واضحة تدل على إصابة بدنية، ومع الأخذ في الاعتبار السجلات الطبية المتاحة التي تشير فقط إلى كدمات، والبيانات التي وقعها صاحب البلاغ نفسه والتي تبين كيفية حدوث هذه الكدمات، تكون سلطات الدولة الطرف قد توصلت إلى ما يمكن اعتباره استنتاجاً معقولاً.

١٠- في ضوء ما تقدم، وعلى خلاف استنتاجات اللجنة، فإنني أستنتج أن ادعاءات صاحب البلاغ لا تدعمها أدلة كافية، وبالتالي لا تثبت حدوث انتهاك في هذه القضية.