الأمم المتحدة

CCPR/C/129/D/2337/2014

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

16 October 2020

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2337 / 2014 * **

المقدم من: أوليغ فولتشيك (لا يمثله محام)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 22 كانون الثاني/ يناير 2014 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 23 تموز/يوليه 2020

الموضوع: توقيف واحتجاز ناشط في مجال حقوق الإنسان؛ وعدم وجود محاكمة عادلة في قضية إدارية

المسائل الإجرائية استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ وعدم كفاية الأدلة

المسائل الموضوعية : الاعتقال والاحتجاز التعسـفيان؛ والمحاكمة العادلة؛ والتمييز لأسباب سياسية

مواد العهد : 9 ( 1 ) و( 3 )، و 14 ( 1 ) و( 3 )(ب) و( 5 )، و 26

مادة البروتوكول الاختياري: 2

1- صاحب البلاغ هو أوليغ فولتشيك ، وهو مواطن بيلاروسي من مواليد عام 1967 . ويدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المواد 9 ( 1 ) و( 3 )، و 14 ( 1 ) و( 3 )(ب) و( 5 )، و 26 من العهد . وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى بيلاروس في 30 كانون الأول/ديسمبر 1992 . ولا يمثل صاحب البلاغ محامٍ .

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 صاحب البلاغ ناشط في مجال حقوق الإنسان، وهو يرأس منذ عام 1998 مركزاً لحقوق الإنسان يقدم المساعدة القانونية للجمهور . وفي 27 كانون الثاني/يناير 2012 ، في الساعة 15/15 ، أوقفه شرطيان يرتديان ملابس مدنية، هما س . ول . ، طلبا رؤية جواز سفره . وعندما لم يقدم صاحب البلاغ جواز سفره، اقتاداه إلى دائرة شرطة المقاطعة المركزية في مينسك . وقد تم تفتيش صاحب البلاغ وأخذ الشرطيان اللذان قبضا عليه أمتعته الشخصية لمدة نصف ساعة . ثم أعيدت إليه أمتعته وحرر شرطي آخر، ك . ، محضر تفتيش شخصي في حضور شاهد واحد هو الشرطي، ل . ، الذي ألقى القبض عليه . وبعد ذلك، أعد الشرطي ك . محضر الاعتقال بموجب المادة 17 ( 1 ) من قانون المخالفات الإدارية (الشغب البسيط)، استناداً إلى تصريح الشرطيين اللذين قبضا على صاحب البلاغ والذي أشارا فيه إلى أنه كان يزعج الناس في الشارع بالصراخ بصوت عالٍ وباستخدام لغة مسيئة ( ) .

2-2 وفي اليوم نفسه، قرر رئيس دائرة شرطة المقاطعة المركزية في مينسك احتجاز صاحب البلاغ قبل جلسة المحكمة . وقد احتُجز صاحب البلاغ في مركز مينسك الإصلاحي . ولم يُبلغ أقارب صاحب البلاغ ومحاميه بمكان وجوده، رغم طلبه بذلك . ولم يُبلغ صاحب البلاغ بالتهم الموجهة إليه . وفي 30 كانون الثاني/يناير 2012 ، نظرت محكمة المقاطعة المركزية في مينسك في قضية صاحب البلاغ . وحُكم على صاحب البلاغ بالحبس الإداري لمدة أربعة أيام بموجب المادة 17 ( 1 ) من قانون المخالفات الإدارية . واحتُسب وقت احتجازه اعتباراً من وقت إلقاء القبض عليه في الساعة 30/15 من يوم 27 كانون الثاني/يناير 2012 . واستند قرار المحكمة إلى شهادة الشاهدين الوحيدين في قضيته - وهما الشرطيان اللذان اعتقلاه - واللذان ذكرا أن صاحب البلاغ بدأ، ردا على طلبهما رؤية جواز سفره، في الصراخ واستخدام لغة مهينة، مخلا بذلك بالنظام العام وتعكير صفو السلم .

2-3 وفي 17 شباط/فبراير 2012 ، رُفض الاستئناف الذي قدمه صاحب البلاغ، المؤرخ 6 شباط/فبراير 2012 ، أمام محكمة مدينة مينسك . ورأت محكمة الاستئناف أن المحكمة الابتدائية قد أجرت تقييماً صحيحاً للأدلة في قضية صاحب البلاغ وأن العقوبة المفروضة عليه كانت قانونية . ورفضت طلبي المراجعة القضائية، المؤرخين 19 أيار/مايو و 11 تموز/يوليه 2012 ، المقدمين من صاحب البلاغ إلى رئيس المحكمة العليا، في 21 حزيران/ يونيه و 20 آب/أغسطس 2012، على التوالي .

2 - 4 ووفقاً لصاحب البلاغ، لم تكن المحكمة مستقلة، و حظي الشرطيان اللذان ألقيا القبض عليه بمحادثة خاصة مع القاضي قبل الجلسة . وكانا حاضرين في الجلسة ورافقاه إلى المحكمة . وكان القاضي منحازاً واتخذ نهجاً اتهامياً . ومنع الصحافيين من التسجيل الصوتي في المحكمة . ولم يلتق صاحب البلاغ بمحاميه إلا قُبيل جلسة المحكمة ولم يتمكن إلا وقتها من قراءة المعلومات الواردة في ملفه . ولم يكن للعقوبة التي اختارتها المحكمة ما يبررها في ضوء ملابسات قضيته . ولم تقم محكمة مدينة مينسك، بصفتها محكمة الدرجة الثانية، بإعادة النظر في استئنافه على أساس الوقائع، على النحو الذي تقتضيه المادة 14 ( 5 ) من العهد .

2-5 ويدعي صاحب البلاغ أن جواز سفره اختفى من مكتبه أثناء احتجازه . ويدعي أن أفراد الشرطة استخدموا مفتاحه، الذي صادروه منه، لفتح مكتبه . وفي 2 شباط/فبراير 2012 ، قدم صاحب البلاغ شكوى إلى رئيس لجنة التحقيق في مينسك، مدعياً أن جواز سفره قد سُرق وطلب إجراء تحقيق جنائي . وفي 26 نيسان/أبريل 2012 ، رفض المدعي العام للمقاطعة المركزية في مينسك طلب صاحب البلاغ على أساس عدم وجود أدلة على حدوث السرقة . وقد حصل صاحب البلاغ على جواز سفر جديد بعد فترة شهرين، بدلاً من 15 يوماً، مما عطل جدول سفره لحضور مناسبات حقوق الإنسان التي تجري في الخارج .

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن احتجاز الشرطة له وإلقاء القبض عليه بعد ذلك، كعقوبة من المحكمة، يرقى إلى انتهاك للمادة 9 ( 1 ) من العهد . كما يدعي أن عدم قيام السلطات بإخطاره بالتهم الموجهة إليه، وعدم إعلام أسرته ومحاميه باعتقاله، وعدم تقديمه فوراً إلى قاضٍ، يشكل انتهاكاً للمادة 9 ( 3 ) من العهد . ويدعي أن هناك انتهاكاً آخر للمادة 9 ( 3 ) لأن رئيس دائرة شرطة المقاطعة المركزية في مينسك، وليس القاضي، من أذن باحتجازه .

3-2 وإضافة إلى ذلك، يدعي صاحب البلاغ أن النهج المتحيز والاتهامي الذي انتهجه القاضي في محكمة المقاطعة انتهك المادة 14 من العهد . كما أن كون قرار محكمة المقاطعة استند فقط إلى الأدلة التي قدمها الشرطيان اللذان ألقيا القبض عليه يشكل انتهاكاً للمادة 14 . وانتهك عدم توفر الوقت الكافي والتسهيلات اللازمة لإعداد دفاعه حقوقه بموجب المادة 14 ( 3 )(ب) . وشكل عدم تقييم محكمة الاستئناف لوقائع قضيته على النحو الواجب انتهاكاً للمادة 14 ( 5 ) .

3-3 وعلاوة على ذلك، يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت المادة 26 من العهد، لأن توقيفه ورفض السلطات إصدار جواز سفره الجديد بموجب إجراء الطوارئ الذي مدته 15 يوماً استندا إلى آرائه السياسية ونشاطه في مجال حقوق الإنسان .

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

4-1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 12 حزيران/ يونيه 2015 ، ملاحظاتها بشأن أسس البلاغ الموضوعية . ووفقاً للدولة الطرف، فقد أثبتت المحاكم المحلية المخالفة الإدارية بصاحب البلاغ على النحو الواجب . وقد تم اختيار العقوبة المفروضة وفقاً للقانون ولم تصل إلى الحد الأقصى المحدد في الحكم ذي الصلة . وقد راجعت المحكمة قضية صاحب البلاغ يوم عرضها عليها . وقد احتسبت المدة التي قضاها صاحب البلاغ رهن الاحتجاز في مجموع مدة احتجازه . ووفقاً لملف القضية، لم يقدم صاحب البلاغ أي طلبات، بما في ذلك طلب الحصول على محام . وكان ممثلاً بمحام في المحكمة . ‬‬‬

4-2 وفي انتهاك للمادة 8 ( 6 ) من قانون الإجراءات الإدارية والإنفاذ، تم التفتيش الشخصي لصاحب البلاغ في حضور شاهد واحد فقط وليس شاهدين . لكن بما أن المواد التي تم العثور عليها لم تكن لها علاقة بالدعوى الإدارية، لم يكن لذلك الانتهاك أي أثر على قرار المحكمة النهائي في قضية صاحب البلاغ . والواقع أن صاحب البلاغ وقع على المحضر المتعلق بالتفتيش من دون أن يثير أي اعتراضات .

4-3 ولا تجد الدولة الطرف أي سبب لتغيير القرار الإداري في قضية صاحب البلاغ .

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

5-1 في 23 حزيران/ يونيه 2015 ، قدم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف . وهو يشير إلى أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية، إذ قدم طلبين إلى محكمتين بموجب إجراء المراجعة القضائية الرقابية الذي لا تعتبره اللجنة سبيل انتصاف فعالاً، في أي حال من الأحوال .

5-2 ويكرر صاحب البلاغ تأكيد الادعاءات التي أثيرت في رسالته الأولى بأن محكمة الم قاطعة استندت في قرارها حصراً إلى شهادة الشرطيين اللذين ألقيا القبض عليه، واللذين لم يكونا شاهدين موضوعيين . ولم يكن هناك شهود آخرون أو أدلة أخرى في قضيته . ويكرر تأكيد ادعاءاته بشأن الانتهاك أثناء إجراء التفتيش الفردي وما ترتب عليه من سرقة جواز سفره، ويكرر التأكيد أنه لم يمثل أمام قاض على الفور . ويشير إلى المادتين 10 ( 30 )(2 ) و 11 ( 2 ) من قانون الإجراءات الإدارية والإنفاذ، التي تنص على وجوب تقديم قضايا الأشخاص المحتجزين إدارياً إلى المحكمة في غضون 48 ساعة .

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، عملاً بالمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري .

6-2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية .

6-3 وتشير اللجنة إلى ادعاء صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة له وأن الدولة الطرف لم تعترض على هذا الادعاء . وتشير اللجنة أيضاً إلى ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 14 ( 3 )(ب) بأنه لم يكن لديه الوقت والتسهيلات الكافيين للتحضير لجلسة المحكمة وأنه لم يلتق بمحاميه إلا قُبيل الجلسة . وتلاحظ اللجنة كذلك أن محضر جلسة محكمة المقاطعة، المتاح في الملف، لا يتضمن أي شكوى من صاحب البلاغ أو محاميه بشأن ضيق الوقت لإعداد الدفاع أو طلبا لتأجيل الجلسة . وتخلص اللجنة، في ضوء المعلومات المعروضة عليها، إلى أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية فيما يتعلق بهذا الجزء من البلاغ، وبالتالي فهو غير مقبول بموجب المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري . وترى اللجنة أنه ما من شيء يمنعها، بموجب المادة 5 ( 2 )(ب) من البروتوكول الاختياري، من النظر فيما تبقى من البلاغ . ‬‬‬

6-4 وتشير اللجنة إلى ادعاء صاحب البلاغ بأن الحكم الإداري الصادر ضده بالحبس أربعة أيام من محكمة المقاطعة المركزية في مينسك في 30 كانون الثاني/يناير 2012 انتهك حقوقه بموجب المادة 9 ( 1 ) من العهد . وتذكِّر اللجنة بأيلولة اختصاص تقييم الوقائع والأدلة أو تطبيق التشريعات الداخلية في القضايا إلى محاكم الدول الأطراف بوجه عام، ما لم يمكن التثبّت في قضية ما من أن هذا التقييم أو التطبيق كان تعسفياً بوضوح أو بلغ حد إنكار العدالة، أو أن المحكمة لم تلتزم الاستقلالية والحيدة في أداء واجبها ( ) . وفي هذه القضية، تشير اللجنة إلى حجج الدولة الطرف بأن المحكمة بتت في القضية الإدارية لصاحب البلاغ يوم عرضها عليها، وأن مدة احتجاز صاحب البلاغ قبل جلسة المحكمة احتُسبت في مجمل مدة توقيفه الإداري، وأن العقوبة التي اختارتها المحكمة كانت ضمن الحدود المنصوص عليها في المادة 17 ( 1 ) من قانون المخالفات الإدارية . ولا يمكن للجنة، استناداً إلى المعلومات الواردة في الملف، أن تخلص إلى أن محكمة المقاطعة المركزية في مينسك تصرفت بصورة تعسفية أو افتقرت إلى الحياد . ولهذا السبب، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 9 ( 1 ) من العهد غير مدعومة بأدلة كافية وغير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري .

6-5 وتشير اللجنة إلى ادعاء صاحب البلاغ أن احتجازه في الفترة من 27 إلى 30 كانون الثاني/يناير 2012 قد انتهك حقه في المثول فوراً أمام قاض بموجب المادة 9 ( 3 ) من العهد . وتلاحظ اللجنة أن المادة 9 ( 3 ) تنطبق على الأشخاص المعتقلين أو المحتجزين بتهم جنائية . ولذلك، يجب على اللجنة أن تقرر ما إذا كان الاحتجاز الإداري لصاحب البلاغ يندرج في إطار المادة 9 ( 3 ) . وفي هذا الصدد، تشير اللجنة إلى أنه رغم صلة التهم الجنائية من حيث المبدأ بأفعال يعاقب عليها القانون الجنائي المحلي ( ) ، ينبغي أن يفهم مفهوم " تهمة جنائية " ضمن حدود المعنى الوارد في العهد ( ) . وفي هذه القضية، عوقب صاحب البلاغ على مخالفة إدارية وحكم عليه بالحبس الإداري لمدة أربعة أيام . وترى اللجنة أن هذه العقوبة كان هدفها معاقبة صاحبة البلاغ على أعماله واستخدام ذلك رادعاً للمخالفات المماثلة في المستقبل - وهي أهداف مماثلة للهدف العام للقانون الجنائي ( ) . ولذلك، ترى اللجنة أن هذه الادعاءات تندرج تحت الحماية المنصوص عليها في المادة 9 ( 3 ) من العهد .

6-6 وتشير اللجنة إلى ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 14 ( 1 ) بشأن عدم استقلالية المحكمة وتقييمها للأدلة في قضيته، وتحديداً استناد قرار المحكمة حصراً إلى أقوال الشرطيين اللذين اعتقلاه . وتشير اللجنة إلى أن ادعاء صاحب البلاغ يتعلق بتقييم الوقائع والأدلة، التي لا تقيِّمها اللجنة، ما لم يمكن التثبّت في قضية ما من أن هذا التقييم كان تعسفياً بوضوح أو بلغ حد إنكار العدالة، أو أن المحكمة لم تلتزم الاستقلالية والحيدة في أداء واجبها ( ) . ولا تسمح المعلومات المعروضة على اللجنة بأن تخلص إلى أن إجراءات المحكمة قد شابها أي تقصير من هذا القبيل . ولهذا السبب، ترى اللجنة أن ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 14 ( 1 ) من العهد غير مدعومة بأدلة كافية وغير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري .

6-7 وتماشياً مع النتيجة التي خلصت إليها اللجنة بأن التهم الإدارية الموجهة إلى صاحب البلاغ كانت جنائية بطبيعتها، ترى أن ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 14 ( 5 ) من العهد، بشأن عدم إجراء محكمة مدينة مينسك مراجعة حقيقية لاستئنافه، يندرج في نطاق المادة 14 . غير أن اللجنة تشير إلى أن قرار محكمة مدينة مينسك لا يشير فقط إلى الجوانب الإجرائية لجلسة الاستماع التي أجرتها محكمة الم قاطعة ، بل يشير إلى "المعلومات الواردة في الملف"، وهو ما يشير إلى أن المحكمة باشرت تقييم الوقائع والأدلة ولم تقصر المراجعة على المسائل القانونية فقط . وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم ما يكفي من الأدلة لإثبات ادعاءاته في إطار المادة 14 ( 5 ) من العهد لأغراض المقبولية، وتعلن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري .

6-8 وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة أن المعلومات الواردة في الملف ل يست كافية لإثبات ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 26 من العهد بشأن الدافع السياسي لاعتقاله، وتعلن أن هذا الجزء من الشكوى غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري .

6-9 وتعتبر اللجنة بقية ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 9 ( 1 ) و( 3 ) من العهد بشأن احتجازه الإداري لمدة ثلاثة أيام من جانب الشرطة في الفترة من 27 إلى 30 كانون الثاني/يناير 2012 والتأخير في عرض قضيته على قاض مقبولة، وتمضي في نظرها في الأسس الموضوعية .

النظر في الأسس الموضوعية

7-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي قدمها إليها الطرفان، وفق ما تقتضيه المادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري .

7-2 وتشير اللجنة إلى ادعاء صاحب البلاغ بأن حقوقه بموجب المادة 9 ( 1 ) و( 3 ) من العهد قد انتُهكت عندما احتُجز في 27 كانون الثاني/يناير 2012 بتهمة ارتكاب مخالفة إدارية، وأُبقي رهن الاحتجاز، بإذن من رئيس دائرة شرطة المقاطعة المركزية في مينسك، حتى 30 كانون الثاني/يناير 2012 ، عندما أُخذ إلى المحكمة . وتشير اللجنة أيضاً إلى ادعاء صاحب البلاغ بأن أقصى مهلة يجب أن يمثل فيها الشخص المحتجز إدارياً أمام قاض هي 48 ساعة . وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 35(2014 ) الذي يوضح أن المادة 9 ( 1 ) تقتضي الامتثال للقواعد المحلية التي تحدد متى يتعين الحصول على إذن من قاض أو موظف آخر بمواصلة الاحتجاز، وتحدد الأماكن التي يجوز فيها احتجاز الأفراد، ومتى يجب أن يَمثُل الشخص المحتجز أمام محكمة، وتوضح الحدود القانونية لفترة الاحتجاز (الفقرة 23 ) . وعلى الرغم من أن الدولة الطرف لم تتناول ادعاءات صاحب البلاغ بشأن الاحتجاز المطول، تشير اللجنة إلى أن المادتين 10 ( 30 ) و( 2 )، و 11 ( 2 ) من قانون الإجراءات الإدارية والإنفاذ، اللتين أشار إليهما صاحب البلاغ، لا تحددان على ما يبدو حدوداً زمنية للاحتجاز الإداري ولإحالة القضايا الإدارية إلى المحكمة . وهذه الحدود الزمنية مبينة في المادة 8 ( 4 )( 2 ) من القانون، التي تحدد الاحتجاز الإداري الذي تأذن به الوكالة التي تقوم بالإجراءات الإدارية في 72 ساعة . وتحدد المادة 10 ( 30 )( 1 ) من القانون مهلة أقصاها خمسة أيام لتقديم القضايا الإدارية إلى محكمة .

7-3 وفي الوقت نفسه، تشير اللجنة إلى الفقرة 12 من تعليقها العام رقم 35 الذي وضحت فيه مفهوم الاحتجاز التعسفي، مشيرة إلى أنه لا يجوز اعتبار مفهوم "التعسف" صنواً لمفهوم "مخالفة القانون"، بل يجب تفسيره بشكل أوسع ليشمل عناصر مخالفة الأعراف والظلم وعدم قابلية التنبؤ وعدم اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، علاوة على عناصر عدم المعقولية وانعدام الضرورة والتناسب . ‬ وإذ تطبق اللجنة هذا التعريف على هذه القضية، تلاحظ أنه لا المستندات الواردة في الملف ولا ملاحظات الدولة الطرف تبرر ضرورة احتجاز صاحب البلاغ لمدة ثلاثة . وهكذا ترى اللجنة أن احتجاز صاحب البلاغ في الفترة من 27 إلى 30 كانون الثاني/يناير 2012 لم يكن معقولاً ولا ضرورياً ولا متناسباً مع سوء السلوك المزعوم، وبالتالي فهو تعسفي، وينتهك المادة 9 ( 1 ) من العهد .

7-4 وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 9 ( 3 ) بأنه لم يمثل على الفور أمام قاضٍ، تذكّر اللجنة بموقفها، المشار إليه في تعليقها العام رقم 35 ( 2014 )، وهو أن 48 ساعة كافية عادة للتحضير لجلسة استماع في المحكمة، ويجب أن يقتصر أي تأخير يتجاوز 48 ساعة على الحالات الاستثنائية القصوى وأن تكون له مبرراته وفقاً للظروف السائدة (الفقرة 33 ) . وتلاحظ اللجنة أن هذا الشرط لا ينبغي أن ينطبق فقط على الحالات التي تنطوي على احتجاز إداري مطول كذلك، بل ينبغي أيضاً أن يكون حتى أكثر صرامة في حالات المخالفات البسيطة، مثل هذه القضية . ونظراً لعدم وجود معلومات من الدولة الطرف عن وجود أي ظروف استثنائية في هذه القضية لتبرير التأخير في عرض صاحب البلاغ على قاضٍ، ترى اللجنة أن هناك انتهاكاً للمادة 9 ( 3 ) من العهد ( ) .

8- وترى اللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف للمادة 9 ( 1 ) و( 3 ) من العهد .

9- ووفقاً لأحكام المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ . ويعني ذلك أن تمنح الدولة الطرف الأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم التي يكفلها العهد تعويضاً كاملاً عما أصابهم من ضرر . ووفقاً لذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، باتخاذ الخطوات المناسبة لتقديم تعويض كافٍ لصاحب البلاغ عن الانتهاك الذي تعرض له . ويقع أيضاً على عاتق الدولة الطرف التزام باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل .

10- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف قد اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد وقع انتهاك للعهد أم لا، وأنها تعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر س بيل انتصاف فعالاً عندما يثبت وقوع انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات بشأن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع تنفيذ . ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية .