الأمم المتحدة

CCPR/C/122/D/2217/2012

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

16 May 2018

Arabic

Original: English

اللج نة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2217/2012 * **

بلاغ مقدم من: إيلينا بوبوفا (يمثلها المحامي سيرغي غولوبوك )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحبة البلاغ

الدولة الطرف: الاتحاد الروسي

تاريخ تقديم البلاغ: ١٠ أيار/مايو ٢٠١٢ (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في ٢٩ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٢ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: ٦ نيسان/أبريل ٢٠١٨

الموضوع: التوقيف والغرامة نتيجة حدث عام غير مرخص به

المسألة الإجرائية: عدم إثبات الادعاءات

المسائل الموضوعية: الحق في التجمع وفي محاكمة عادلة

مواد العهد: ١٤(١) و٢١

مواد البروتوكول الاختياري: 2 و 5 (2)(ب)

١- صاحبة البلاغ هي إيلينا بوبوفا ، وهي مواطنة روسية من مواليد عام 1965. وهي تدَّعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها التي تكفلها لها المادتان 14(1) و21 من العهد.

بيان الوقائع

٢-١ في ٥ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١١، في الساعة التاسعة وخمسين دقيقة مساءً، أوقفت صاحبة البلاغ في مدينة سانت بطرسبرغ، الاتحاد الروسي، في جادة ليغوفسكي ، بشبهة تنظيم حدث عام غير مرخص به. وعلى وجه الخصوص، اتُّهِمت صاحبة البلاغ بحث مشاركين آخرين على ترديد كلمات محددة، مثل "روسيا دون بوتين" و "بغض النظر على من تصوتون، ستحصلون على [تعبير بذيء]". واتُّهِمت أيضاً بدعوة أشخاص آخرين بنشاط إلى المشاركة في هذا الحدث.

٢-٢ وحاول ضباط الشرطة الذين وصلوا إلى عين المكان إيقاف الحدث باستخدام مكبرات الصوت لتحذير المشاركين من أنهم كانوا يشاركون في حدث غير مرخص به وأمرهم بوقف جميع الأنشطة. وتفيد تقارير الشرطة وسجلات المحكمة بأن صاحبة البلاغ رفضت الإذعان وتم إيقافها، إلى جانب عدد من المشاركين الآخرين.

٢-٣ وخلال جلسات المحكمة، دافعت صاحبة البلاغ عن براءتها. وعلى الرغم من اعترافها بوجودها في جادة ليغوفسكي بالقرب من محطة قطار "موسكو" في ٥ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١١، فإنها أكدت أنها كانت هناك للقاء أحد معارفها ورأت حشداً من الناس وحضوراً مكثفاً للشرطة. وكان بعض الناس واقفين وبعضهم الآخر يمشي. وبعد فترة، بدأ الناس يرقصون في دائرة، وهو ما التقطته بآلة تصويرها. وفجأة، بدأ ضباط الشرطة يقبضون على الناس ويأخذونهم إلى سيارات دوريتهم. وتنكر صاحبة البلاغ ترديدها أي شعارات أو تنظيمها أي أحداث. وتدعي أنها سمعت آخرين يرددون "روسيا دون بوتين". وهي تنكر أنها قاومت عملية توقيفها أو اعتدت على ضباط الشرطة.

٢-٤ وأكدت إحدى الشهود في جلسة الاستماع، وهي زميلة صاحبة البلاغ K.O.V.، أنها رأتها في المكتب في حوالي الساعة الثامنة مساء، إذ أخبرتها صاحبة البلاغ أنها ستذهب قريباً من محطة السكك الحديدية "موسكو" من أجل "مساعدة أحدهم" وأن من المحتمل أنها ستُؤخذ إلى مركز الشرطة. وأكد شاهد آخر، هو ضابط الشرطة M.K.V.، أنه وضباط شرطة آخرون وصلوا إلى عين المكان في حوالي الساعة العاشرة مساءً. وكانت الحشود تردد "شعارات مناهضة للحكومة"، ثم شكل بعض المشاركين "رقصة دائرية". وقال إن ضباط الشرطة كانوا قد حذروا المشاركين بأن عليهم وقف الحدث وإن السيدة بوبوفا كانت أيضاً ضمن الرقصة الدائرية وكانت تردد الشعارات. وقد اعتُقِل المشاركون جميعهم ووُضعوا في حافلات الشرطة. وقال إن السيدة بوبوفا أمسكته خلال عملية الإيقاف بزي الشرطة الذي كان يرتديه.

٢-٥ وفرضت المحكمة على صاحبة البلاغ غرامة إدارية قدرها ٠٠٠ ١ روبل ( ) . ورأت أن صاحبة البلاغ انتهكت أحكام القانون الاتحادي رقم 54-FZ "بشأن التجمعات والاجتماعات والمظاهرات والمواكب والاعتصامات" (القانون المتعلق بالأحداث العامة) المؤرخ ١٩ حزيران/ يونيه ٢٠٠٤، لأنها لم تقدم "إشعاراً" إلى السلطات المحلية. ويجب تقديم هذا الإشعار قبل الحدث المقرر تنظيمه بما لا يقل عن 10 أيام.

٢-٦ وأبلغت السلطة المحلية واللجنة المعنية بالمسائل المتعلقة بالقانون والنظام والأمن في مدينة سانت بطرسبرغ المحكمةَ بأن هذا الإشعار لم يُقدَّم. واعتبرت المحكمة أيضاً أن ضباط الشرطة في مسرح الحدث قد حذروا المشاركين بوقف أنشطتهم. وذكرت المحكمة في قرارها أن ضباط الشرطة تصرفوا في حدود السلطة المخولة لهم، وفقاً للمادة ١٧(2) من القانون المتعلق بالأحداث العامة.

٢-٧ واعتبرت المحكمة كذلك أن صاحبة البلاغ أنكرت تنظيم التجمع لا لشيء إلا لتفادي العقوبة الإدارية، وأن أفعالها محظورة بوضوح بموجب المادة 20-2(1) من قانون الجرائم الإدارية الذي يحظر عقد أي تجمع عام غير مرخص به.

٢-٨ وطعنت صاحبة البلاغ في القرار أمام محكمة مقاطعة سمولينسكي في سانت بطرسبرغ. وفي ١٢ آذار/مارس ٢٠١٢، رفضت المحكمة المحلية طعنها الاستئنافي وأيدت تعليل المحكمة الابتدائية. وحضرت صاحبة البلاغ الإجراءات في المحكمة المحلية ولكن لم يحضرها مدع عام كان غائباً أيضاً في أول جلسة استماع في المحكمة.

٢-٩ وتدعي صاحبة البلاغ أنه كان بإمكانها الطعن في قرار المحكمة المحلية من خلال إجراءات المراجعة القضائية الرقابية، لكنها اعتبرت أن ذلك الإجراء غير فعال وليس من الضروري استنفاده.

الشكوى

٣-١ تدعي صاحبة البلاغ أن خصائص الإجراءات الإدارية ضدها تقع ضمن اختصاص المادة ١٤(1) من العهد. ووفقاً للتعليق العام رقم ٣٢(2007) الصادر عن اللجنة بشأن الحق في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية وفي محاكمة عادلة، تعني الإجراءات العادلة تكافؤ وسائل الدفاع، ومن ثم تعني أيضاً تطبيق مبدأ المحاكمة الحضورية. ولا يكون هذا التنازع ممكناً من دون حضور الطرفين، الدفاع والادعاء. ففي قضية أوزيروف ضد روسيا ، رأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن النظر في قضية معينة في غياب مدع عام يخلط بين دور المدعي العام ودور القاضي ويثير شكوكاً مشروعة بشأن نزاهة الهيئة القضائية. وفي غياب المدعي العام، من الواضح أن على القاضي تقمص هذا الدور، أو كإجراء بديل، وقف النظر في القضية. ولما كا ن المدعي العام غائباً في الدعوى المقامة ضد صاحبة البلاغ، فإن هذه الأخيرة تدعي أن الدولة الطرف قد انتهكت حقها في محاكمة عادلة بموجب المادة 14(1).

٣-٢ وحتى مع افتراض أن صاحبة البلاغ نظمت "حدثاً جماهيرياً"، رغم أنها تنكر ذلك، فإن توقيفها وإدانتها وفرض غرامة إدارية عليها أمر غير ضروري في مجتمع ديمقراطي. وتجدر الإشارة إلى أن التجمع في ٥ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١١ كان رداً "مباشراً" على الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية التي أُجريت في ٤ كانون الأول/ديسمبر واعتُبِر أنها زُوِّرت. وكان المشتركون في أحداث 5 كانون الأول/ديسمبر ٢٠١١ قدموا إلى جادة ليغوفسكي للاحتجاج سلمياً على النتائج. وقد لاحظت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في اجتهادها القضائي أن على الدول الأطراف أن تثبت ضرورة القيود المفروضة ( ) . ولم توضح المحاكم في هذه القضية كيف فقدت أفعال صاحبة البلاغ طابعها السلمي في الممارسة العملية أو كيف أخلت بالسلم العام، مثلاً بمنع انسياب حركة المرور أو مرور المشاة. واكتفت المحاكم بإجراء استعراض رسمي لمعرفة ما إذا كان قد تم الحصول على إذن مسبق من السلطات المحلية. وتدعي صاحبة البلاغ أن حقوقها بموجب المادة 21 من العهد قد انتُهكت.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

٤-١ ا عترضت الدولة الطرف، في ٣١ كانون الثاني/يناير ٢٠١٣، على مقبولية البلاغ. وأكدت أن صاحبة البلاغ أُمِرت بدفع غرامة إدارية لانتهاكها المادة 20-2(1) من قانون الجرائم الإدارية للاتحاد الروسي. وكان قد طُعِن في هذا القرار أمام المحكمة المحلية لسمولنينسكي ، التي كانت قد أيدت قرار المحكمة الأدنى درجة، مما أدى إلى إعمال قرار ٦ شباط/فبراير ٢٠١٢.

٤-٢ وأفادت محكمة مدينة سانت بطرسبرغ بأن صاحبة البلاغ لم تقدم طعناً. وادعت الدولة الطرف كذلك أن صاحبة البلاغ لم ترفع شكوى إلى مكتب المدعي العام، وفقاً للمادة 25-11(1)(3) من قانون الجرائم الإدارية. ولما كانت صاحبة البلاغ لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية، يجب إعلان عدم مقبولية البلاغ.

٤-٣ وفي 19 حزيران/ يونيه 2013، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. ودفعت بأن صاحبة البلاغ أوقفت في ٥ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١١ عند "مقاومتها أوامر مشروعة" من موظفي إنفاذ القانون الذين كانوا يؤدون واجباتهم الرسمية المتمثلة في حماية السلامة العامة. وخلال الحدث المعني، قالت إيلينا بوبوفا لمشاركين آخرين الكلمات المحددة التي يجب ترديدها ونسقت الأنشطة، ومن ثم كانت بمثابة منظم للحدث، الذي كان تلقائياً وغير مأذون به وفقاً لما هو مطلوب. ورفض المشاركون إطاعة أوامر مشروعة وأُزيحوا بالقوة. ووُجهت إلى صاحبة البلاغ تهمة انتهاك المادتين 20-2(1) و19-3(1) من قانون الجرائم الإدارية لرفضها إطاعة الأوامر المشروعة للمكلفين بإنفاذ القانون.

٤-٤ وتؤكد الدولة الطرف أن المادة ٣١ من دستور الاتحاد الروسي تعطي مواطني الاتحاد الروسي حق تنظيم "تجمعات واجتماعات ومظاهرات ومسيرات واعتصامات" سلمية. وينص القانون المتعلق بالأحداث العامة على أن من مبادئ تنظيم حدث عام "المشروعية"، أي الامتثال لأحكام دستور الاتحاد الروسي والقانون المذكور والقوانين التشريعية الأخرى. وتقتضي المادة ٥(4)(1) من القانون المتعلق بالأحداث العامة تقديم إشعار للسلطات المحلية.

٤-٥ أُمِرت صاحبة البلاغ، بموجب قرار المحكمة الصادر في ٦ شباط/فبراير ٢٠١٢، بدفع غرامة إدارية. وطعنت في هذا القرار، ولكن طعنها رُفِض. واحتُجزت صاحبة البلاغ أيضاً خلال ١٤ ساعة. وتنص المادة 27-5(3) من قانون الجرائم الإدارية على أن أي شخص متهم بارتكاب جريمة إدارية يمكن أن يُحتجَز لمدة تصل إلى ٤٨ ساعة.

٤-٦ وتفيد الدولة الطرف كذلك بأن محكمة مقاطعة سمولنينسكي نظرت على النحو الواجب في ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة ٢١ من العهد، التي لا تفرض أي قيود على الحق في التجمع السلمي، باستثناء تلك التي تكون ضرورية في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وتنص المادة ١٧(3) من دستور الاتحاد الروسي على التمتع الكامل بحقوق الإنسان والحريات شريطة ألا يعوق ذلك حقوق الآخرين وحرياتهم. والهدف من شرط تقديم إشعار هو حماية النظام العام وحقوق المواطنين الآخرين وحرياتهم، ومن ثم فهو لا يشكل انتهاكاً لحقوق حرية التجمع بموجب المادة ٢١ من العهد.

٤-٧ وفيما يتعلق بادعاءات صاحبة البلاغ بموجب المادة ١٤(1)، تؤ كد الدولة الطرف أن المادة 25-11 (1) من قانون الجرائم الإدارية تنص على أن من حق مدع عام يشارك في إجراءات قانونية أن يبدأ دعوى إدارية ويشارك في جلسات الاستماع ويقدم الأدلة والالتماسات ويؤدي أعمالاً أخرى حسبما ينص عليه القا نون الاتحادي. وتنص المادة 25-11 (2) من القانون ذاته على أن المدعي العام لا يُخطَر إلا بوقت وتاريخ ومكان الجلسات المتعلقة بالجرائم الإدارية التي يرتكبها القصر وتلك المتصلة بالإجراءات التي بدأها هو بنفسه. وفي ظروف أخرى، لا يشترط القانون الاتحادي من المدعي العام أن يشارك في جميع جلسات الاستماع الإدارية.

٤-٨ وكما يتضح من سجلات المحكمة، استطاعت صاحبة البلاغ المشاركة في الإجراءات وتوضيح موقفها فيما يتعلق بالجريمة المزعومة. وفي مرحلة الاستئناف في محكمة مقاطعة سمولنينسكي ، مثل صاحبة البلاغ محاميها، سيرغي غولوبوك . ومن ثم فإن صاحبة البلاغ مارست فعلاً حقها الدستوري في الدفاع في سياق إجراءات المحكمة.

٥-١ رداً على ملاحظات الدولة الطرف، تكرر صاحبة البلاغ تأكيد موقفها فيما يتعلق بمقبولية ادعاءاتها، وتطلب إلى اللجنة أن تنظر في مقبولية البلاغ في مجمله. وتلاحظ أن الدولة الطرف احتجت بأن الغرامة التي فرضت عليها تتماشى مع التشريعات الروسية. بيد أن جوهر ادعاءاتها يتعلق بما إذا كانت القيود المفروضة عليها ضرورية في مجتمع ديمقراطي، بالمعنى المقصود في المادة ٢١ من العهد. والاحتجاج رداً على مسألة هامة، هي ادعاءات تلفيق نتائج الانتخابات، كان بطريقة "سلمية تماماً ولا تضر أو تهدد أي شخص أو أي شيء".

٥-٢ وتدعي صاحبة البلاغ أن رد الدولة الطرف على ادعاءات صاحبة البلاغ بخصوص انتهاك المادة 14 (1) لم يكن صائباً. وكانت صاحبة البلاغ فعلاً ممثلة بمحام، ولكنها تؤكد أن غياب المدعي العام انتهك مبدأ المساواة في وسائل الدفاع.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٦-١ قبل النظر في أي ادعاءات ترد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، بموجب المادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً بموجب البروتوكول الاختياري.

٦-٢ وقد استيقنت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٦-٣ وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ لم تستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة إذ لم تقدم طعناً تطلب فيه مراجعة قضائية رقابية. وتذكّر اللجنة باجتهادها القانوني الذي يفيد بأن تقديم الطلبات إلى المحكمة أو إلى مكتب المدعي العام لإجراء مراجعة قضائية رقابية لقرارات المحاكم التي دخلت حيز النفاذ وتخضع للسلطة التقديرية للقاضي يشكل سبيل انتصاف استثنائياً وأن على الدولة الطرف أن تثبت وجود احتمال معقول في أن تتيح هذه الطلبات انتصافاً فعالاً في سياق ظروف القضية ( )

٦-٤ وأحاطت اللجنة علماً بادعاء ات صاحبة البلاغ بموجب المادة ١٤ (1) من العهد بأن المدعي العام كان غائباً أثناء الإجراءات الإدارية ضد صاحبة البلاغ، الأمر الذي أثار شكوكاً مشروعة بشأن نزاهة القضاء. ولكن، في غياب أي معلومات أخرى ذات صلة في الملف، وفي ضوء تفسير الدولة الطرف بشأن غياب المدعي العام خلال تلك الإجراءات (انظر الفقرة 4-7 أعلاه)، ترى اللجنة أن صاحبة البلاغ لم تقدم أدلة كافية تثبت هذه الادعاءات لأغراض المقبولية. وبناءً على ذلك، تعلن اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

٦-٥ وترى اللجنة أن صاحبة البلاغ قدَّمت، لأغراض المقبولية، أدلة كافية تدعم ادعاءاتها المتبقية بموجب المادة 21 من العهد، وتعلن أن هذه الأدلة مقبولة وتباشر نظرها في الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

٧-١ نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

٧-٢ وتشير اللجنة إلى ادعاء صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف، إذ أخضعتها للتوقيف الإداري والغرامة، انتهكت حقها في حرية التجمع. وتجادل صاحبة البلاغ بأنها أوقفت في مظاهرة سلمية جرت في رد "مباشر وفوري" على الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية، التي اعتُبِر أنها زُوِّرت. وتحتج الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ أوقفت وغُرِّمت لتنظيمها حدثاً عاماً دون تقديم إشعار للسلطات المحلية قبل الحدث بعشرة أيام وفقاً لما يقتضيه القانون الاتحادي رقم54-FZ، ولعدم إذعانها للأوامر المشروعة الصادرة عن ضباط الشرطة الذين حاولوا تفريق الحدث.

٧-٣ وتذكِّر اللجنة بأن حق التجمع السلمي، الذي تكفله المادة 21 من العهد، حق أساسي من حقوق الإنسان لا غنى عنه ليعبر الفرد علناً عن وجهات نظره وضروري في مجتمع ديمقراطي ( ) . ويترتب على هذا الحق إمكانية تنظيم تجمع سلمي والمشاركة فيه في مكان عام. ويحق لمنظمي التجمعات عموماً اختيار مكان التجمع على مرأى ومسمع من جمهورهم المستهدف، ولا يجوز فرض أي قيد على هذا الحق إلا إذا (أ) فُرِضَ على نحو يتوافق مع القانون؛ (ب) كان ضرورياً في مجتمع ديمقراطي لحفظ الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وعندما تفرض دولة طرف قيوداً بهدف التوفيق بين حق الشخص في التجمع السلمي والمصالح آنفة الذكر ذات الاهتمام العام، ينبغي لها أن تسترشد بهدف تيسير الحق لا السعي إلى فرض قيود غير ضرورية أو غير متناسبة على هذا الحق ( ) .

٧-٤ وفي هذه القضية، شكل التوقيف الإداري لصاحبة البلاغ والغرامة المفروضة عليها انتهاكاً لحقها في التجمع السلمي. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تدفع بأن القيود فُرِضت طبقاً للمادة ٣١ من دستور الاتحاد الروسي والمادة ٥(4)(1) من القانون المتعلق بالأحداث العامة، التي تشترط إشعار السلطات المحلية مسبقاً (انظر الفقرة 4-4 أعلاه). وتلاحظ اللجنة أيضاً حجة الدولة الطرف بأن الهدف من شرط تقديم إشعار هو حماية النظام العام وكذلك حقوق المواطنين الآخرين وحرياتهم (انظر الفقرة 4-6 أعلاه). بيد أن اللجنة تشير كذلك إلى ادعاء صاحبة البلاغ أن اعتقالها وإدانتها وفرض غرامة إدارية عليها أمر غير ضروري في مجتمع ديمقراطي من أجل تحقيق الأهداف المشروعة التي ذكرتها الدولة الطرف (انظر الفقرة 3-2 أعلاه)، حتى وإن كانت القيود مشروعة بموجب القانون المحلي. وتؤكد صاحبة البلاغ كذلك أن الاحتجاج رداً على مسألة هامة، هي ادعاءات تلفيق نتائج الانتخابات، كان بطريقة سلمية تماماً ولا تضر أو تهدد أي شخص أو أي شيء (انظر الفقرة 5-1 أعلاه).

٧-٥ وقد سبق للجنة أن أكدت أن اشتراطات الإشعار قد تتفق مع القيود المسموح بها المنصوص عليها في المادة ٢١ من العهد ( ) . ولكن، على الرغم من أن نظام الإشعارات المسبقة قد يكون هاماً لسير المظاهرات العامة بسلاسة، فإن إنفاذها لا يمكن أن يصبح غاية في حد ذاتها ( ) . فيظل من واجب الدولة الطرف مع ذلك أن تبرر أي تدخل في الحق في التجمع السلمي في ضوء الجملة الثانية من المادة ٢١. ويصدق ذلك بشكل خاص على المظاهرات العفوية، التي لا يمكن بطبيعتها أن تخضع لنظام مطول يقتضي تقديم إشعار مسبق.

٧-٦ وتشير اللجنة إلى ادعاء صاحبة البلاغ أن المحاكم لم تستعرض سوى مسألة ما إذا كان قد تم الحصول على إذن مسبق، ولم توضح كيف فقدت أفعال صاحبة البلاغ طابعها السلمي أو كيف أخلت بالسلم العام، مثلاً بمنع انسياب حركة المرور أو مرور المشاة (انظر الفقرة 3-2 أعلاه)، وهو وصف لم تعترض عليه الدولة الطرف. لذلك ترى اللجنة، استناداً إلى الأدلة المعروضة عليها، أن الدولة الطرف لم تثبت أن توقيف صاحبة البلاغ وتغريمها عقب احتجاج عام عفوي وسلمي كان ضرورياً في مجتمع ديمقراطي ومتناسباً مع مصالح الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الأخلاق العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم، حسب مقتضيات المادة 21 من العهد. ولهذه الأسباب، تخلص اللجنة، في هذه القضية، إلى أن الدولة الطرف قد انتهكت المادة 21 من العهد.

٨- وإن اللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك لحقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة 21 من العهد.

٩- والدولة الطرف ملزمة، وفقاً للمادة 2(3)(أ) من العهد، بأن تتيح للأفراد الذين انتهكت حقوقهم المشمولة بالعهد انتصافاً فعالاً.

١٠- واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان حدث انتهاك للعهد أم لا، وتعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالاً إذا ثبت حدوث انتهاك، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لإنفاذ آراء اللجنة.