الأمم المتحدة

CCPR/C/120/D/2285/2013

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

7 December 2017

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

القرار الذي اعتمدته اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2285/2013 * ** ***

بلاغ مقدم من: باسم أحمد عيسى ياسين وآخرين ( يمثلهم المحامون بريت ثييليه، ومايكل سفارد وإيميلي شيفر )

الأشخاص المدعى أنهم ضحايا: أصحاب البلاغ

الدولة الطرف: كندا

تاريخ تقديم البلاغ : 28 شباط/فبراير 2013 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة، و الذي أُحيل إلى الدولة الطرف في ٢٧ آب/أغسطس ٢٠١٣ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد ال آراء : ٢٦ تموز /يوليه ٢٠١٧

الموضوع: مسؤولية الدولة عن أنشطة الشركات الخاصة

المسائل الإجرائية : عدم التمتع بالأهلية القانونية؛ التعارض مع أحكام العهد ؛ عدم إثبات الادعاءات بالأدلة

المسائل الموضوعية: تقييد حرية التنقل ؛ انتهاك حرمة المنازل؛ حرمان الشخص من حقه في التمتع بثقافته الخاصة

مواد العهد: ٧ و١٢ (١) و١٧ و٢٧

مواد البروتوكول الاختياري: المادتان 1 و2

١- أصحاب البلاغ هم باسم أحمد عيسى ياسين، المولود عام ١٩٧٧ في قرية بلعين الفلسطينية؛ وميساء أحمد عيسى ياسين، المولودة عام ١٩٧٨ في بلعين؛ ولمياء أحمد عيسى ياسين، المولودة عام ١٩٨٢ في القدس؛ ونورا أحمد عيسى ياسين، المولودة عام ١٩٨٣ في القدس؛ وتغريد أحمد عيسى ياسين، المولودة عام ١٩85 في بلعين؛ ومحمد أحمد عيسى ياسين، المولود عام 1989 في بلعين؛ وعبدالله أحمد عيسى ياسين، المولود عام 1991 في بلعين؛ وإسراء أحمد عيسى ياسين، المولودة عام 1987 في بلعين؛ ويسرا يوسف محمد ياسين، المولودة عام ١٩٥٧ في بلعين؛ ومازن أحمد عيسى ياسين، المولود عام 1980 في بلعين؛ وتركة الراحل أحمد عيسى عبد الله ياسين؛ ومحمد إبراهيم أحمد أبو رحمة، نائب رئيس مجلس بلعين القروي، نيابة عن مجلس بلعين القروي. وهم يدَّعون أن كندا انتهكت حقوقهم المكفولة بموجب المواد 2 و7 و12 و17 و27 من العهد. ويمثل أصحاب البلاغ محامٍ . و قد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة لكندا في 19 آب/أغسطس 1976.

الوقائع كما عرضها أصحاب البلاغ

٢-١ تقع قرية بلعين الفلسطينية شمال القدس وغرب رام الله في الضفة الغربية، في الأرض الفلسطينية المحتلة. وأراضي القرية متاخمة لحدود عام 1967 مع إسرائيل، وهي حدود تعرف باسم الخط الأخضر. وفي عام 1991، قررت السلطات الإسرائيلية أن الأراضي التي كانت تعتبر سابقا ً أراض ي خاصة و/أو تحت الولاية البلدية لقرية بلعين هي من "أراضي الدولة". واستُخدمت الأراضي التي صودرت بهذه الطريقة لبناء جزء من ال كتلة الاستيطانية المعروفة باسم موديعين عيليت.

٢-٢ وقد بدأ البناء على أجزاء من الأراضي المصادرة في عام ٢٠٠١، فيما بدأ بناء المستوطنة المعروفة باسم ماتيتياهو الشرقية في حوالي عام 2003 ، وهي مستوطنة بُنيت فوق أراضي أصحاب البلاغ بالتحديد. وتشكل الأراضي التي بنيت عليها هذه المستوطنة حوالي ٢٥ في المائة من الأراضي البلدية التاريخية للقرية (حوالي ٧٠٠ دونم أو 70 هكتار اً) . وقد ساهمت شركة غرين بارك إنترناشيونال (GreenParkInternational,Inc.) وشركة غرين ماونت إنترناشيونال (GreenMountInternational,Inc.) ، وهما شركتان عبر وطنيتين يقع مقرهما في كندا، في بناء جزء كبير من المستوطنة وفي التسويق لشراء الوحدات السكنية المشتركة الملكية بين السكان الإسرائيليين.

٢-٣ وحتى تاريخ المصادرة، كان أصحاب البلاغ يستخدمون هذه الأراضي لأغراض كسب العيش، بما في ذلك لزراعة أشجار الزيتون ورعي الأغنام والماعز. ولم يؤد منع سكان بلعين من الوصول إلى أراضيهم إلى تقييد سبل عيشهم فحسب بل حرمهم من إمكانية التمتع بها، بما في ذلك ممارسة ثقافتهم والتعبير عنها على أراضيهم ومزاولة الأنشطة الترويحية عليها. فعلى سبيل المثال، ت شك ل بساتين الزيتون أحد الرموز التقليدية للثقافة الفلسطينية ، كما يشكل جمع الزيتون أحد الأنشطة المجتمعية. وقد كان عمر العديد من أشجار الزيتون التي اقتلعت لبناء المستوطنة يتراوح بين 50 و100 عام أو أكثر من ذلك، وقد زرعها آباء وأجداد سكان بلعين، ومن ثَمَّ فإن لها قيمة عائلية.

٢-٤ ورغم أن إسرائيل مسؤولة عن حرمان أصحاب البلاغ من حقوقهم على الأراضي المذكورة، فإن شركتي غرين بارك إنترناشيونال وغرين ماونت إنترناشيون ا ل أتاحتا بناء المستوطنة وحققتا فوائد منه. ولم توفر آليات المساءلة في إسرائيل سبيل انتصاف فعال اً لأصحاب البلاغ. إذ قُدمت أربعة التماسات إلى المحكمة العليا في إسرائيل، بوصفها محكمة العدل العليا، ضد حكومة إسرائيل وضد قائد جيش الدفاع الإسرائيلي في الضفة الغربية، وغيرهما من المدعى عليهم.

٢ -٥ وقدم رئيس المجلس القروي، أحمد عيسى ياسين، الالتماس الأول في ٥ أيلول/ سبتمبر ٢٠٠٥. واستناد اً إلى الفق ه القضائي الإسرائيلي بشأن هذه المسألة، ط عن الالتماس في مسار الجدار ال فاص ل ("الجدار") داخل أراضي بلعين، الذي اقتطع أكثر من نصف أراضيها البلدية. وصدر القرار المتعلق بهذا الالتماس في ٤ أيلول/سبتمبر ٢٠٠٧. وقبلت المحكمة حجة أصحاب البلاغ بأن المسار اختير لدعم بناء المستوطنة الجديدة وليس لأسباب أمنية، وأمرت الحكومة وقائد الضفة الغربية بتقديم مسار بديل للجدار الأمني العازل يكون أقل إضرار اً بسكان بلعين. ونتيجة لذلك القرار، نُقل الجدار، في تموز/يوليه ٢٠١١، إلى مسار أكثر قرب اً من مستوطنة موديعين عيليت، فاستعادت بلعين حوالي ٢٥ في المائة من أراضيها. ولا يزال حوالي ٢٥ في المائة من أراضي بلعين خلف الجدار.

٢-٦ وقُدم الالتماس الثاني في ٤ كانون الثاني/يناير ٢٠٠٦ وطعن في قانونية تصاريح البناء و أشغال البناء التي نُفذت لبناء المستوطنة. واستند هذا الالتماس إلى قانون التخطيط والبناء الأردني المكرس في الأوامر العسكرية الإسرائيلية التي تطبق على الأراضي الفلسطينية المحتلة ( ) . وأثناء المداولات بشأن هذا الالتماس، صدر أمر زجري مؤقت بوقف جميع أ شغ ال البناء في الحي الجديد. وأطلقت الإدارة المدنية الإسرائيلية عملية إعادة تخطيط، أفضت إلى إصدار تراخيص بناء جديدة تتماشى مع ما سبق إنجازه من أعمال بناء. ولذلك رُفض الالتماس.

٢-٧ وفي ٥ أيلول/سبتمبر ٢٠٠٧، رُفض التماس ثالث ضد عملية التخطيط الجديدة. وقُدم التماس رابع في محاولة للحصول على قرار ذي مفعول رجعي بإلغاء إعلان صدر عام 1991 يعتبر جزء اً من أراضي بلعين من "أراضي الدولة". ورُفض الالتماس في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر 2006. ورغم أن أصحاب البلاغ علموا خلال التقاضي بشأن الالتماس الأول أن الإعلان المتعلق بالأرض استند إلى ادعاءات شراء زائفة - وهي حقيقة أخفيت عنهم وقت الإعلان - رأت المحكمة أن ادعاءات أصحاب البلاغ قد يكون لها ما يبررها، لكن لا يمكن البت في هذه المسألة بعد سنوات عديدة من الإعلان.

٢-٨ وعقب دعاوى قانونية رفعت في إسرائيل، سعى أصحاب البلاغ إلى مساءلة غرين بارك إنترناشيونال وغرين ماونت إنترناشيونال عن أعمالهما على أراضي بلعين وطالبوا بتعويضات أمام النظام القضائي الكندي. واستند أصحاب البلاغ، في صياغة شكاواهم، إلى القانون الدولي، وادعوا انتهاك حريتهم في التنقل وحرمانهم من الوصول إلى الأرا ضي واستخدامها والتصرف فيها رغم أنهم استخدموها لأغراض كسب العيش على مر السنين. وطالبوا أيض اً بمساءلة الشركتين لمساعدتهما وتحريضهما على ارتكاب جري مة الحرب المتمثلة في نقل سكان سلطة ا لاحتلال إلى الأراضي المحتلة، بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

٢-٩ وبالتالي، رفع المجلس القروي لبلعين وأحمد عيسى عبدالله ياسين، في تموز/يوليه ٢٠٠٨، دعوى مدنية أمام المحكمة العليا لكيبيك ( ) . وفي ١٨ أيلول/سبتمبر ٢٠٠٩، رفضت المحكمة القضية لعدم الاختصاص على أساس عدم مناسبة المحكمة . وفي تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٩، قدم أصحاب البلاغ طعن اً إلى محكمة الاستئناف في كيبيك، التي أكدت قرار المحكمة العليا في ١١ آب/أغسطس ٢٠١٠. وفي ٦ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٠، قدم أصحاب البلاغ طلب اً للحصول على إذن بالاستئناف أمام المحكمة العليا في كندا، لكن الطلب رُفض في ٣ آذار/مارس ٢٠١١. وجاء قرار المحكمة العليا متسق اً مع قرار سابق لها بعدم مراجعة قضية الرابطة الكندية لمكافحة الإفلات من العقاب ضد شركة أنفيل ماينين غ المحدودة ، وهو قرار رأت فيه محكمة الاستئناف في كيبيك أن المحاكم الكندية تفتقر إلى الاختصاص القضائي الذي يخولها النظر في الدعاوى المقدمة ضد شركات كندية تعمل في الخارج. وسعى المدعون في تلك القضية إلى مساءلة شركة أنفيل ماينينغ المحدودة، وهي شركة مسجلة في كيبيك، عن التواطؤ في المذابح التي وقعت في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ورأت محكمة الاستئناف أن المحاكم الكندية تفتقر إلى الاختصاص القضائي في حالة عدم وجود أي صلة بأنشطة وقعت داخل الأراضي الكندية.

الشكوى

٣-١ يدَّعي أصحاب البلاغ أنهم ضحايا انتهاك حقوقهم المكفولة بموجب المادة 12 من العهد. فمنذ عام ١٩٩٦، حظرت الأوامر العسكرية الصادرة عن القائد العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة دخول الفلسطينيين إلى مناطق الاستيطان وطبقت نظام تصاريح على الفلسطينيين الذين يعملون في المستوطنات. وفي عام ٢٠٠٢، أصدر القائد أمر اً يمنع الفلسطينيين من دخول مستوطنة موديعين عيليت من دون تصريح. ودخلت القيود المفروضة على التنقل حيز النفاذ عندما بدأت الشركتان الكنديتان أ شغ ال البناء.

٣-٢ وقد انتُهكت حرية تنقل أصحاب البلاغ لأنهم باتوا غير قادرين على الوصول إلى أراضيهم، التي يستخدمونها منذ أجيال في الزراعة والرعي وغير ذلك من سبل كسب العيش، بسبب المستوطنات غير القانونية التي بنتها الشركتان. وبالتالي، أخلت كندا بالالتزام الذي يقع على عاتقها خارج حدودها الوطنية بضمان احترام المادة ١٢(١) من العهد لعدم توفيرها سبل انتصاف فعالة لأصحاب البلاغ لأنها لم تسائل الشركتين عن الانتهاك الذي ارتكبتاه ولم تضع القواعد الملائمة التي تضمن عدم انت ه اك أنشطة شركاتها لأحكام العهد.

٣-٣ ويزعم أصحاب البلاغ أيضاً أنهم ضحايا انتهاك المادتين 7 و17. فبناء مستوطنة موديعين عيليت أدى إلى إخلائهم قسر اً من أراض ترتبط ارتباط اً وثيق اً بمساكنهم وتشكل جزء اً لا يتجزأ من عمل كل أسرة معيشية ، ولذلك ينبغي إدراجها في نطاق تعريف "المنزل". ويرى أصحاب البلاغ، مثلهم مثل القرويين الفلسطينيين عموم اً، الأراضي الزراعية القريبة من منازلهم جزء اً من منازلهم. وتقع الأراضي الزراعية التي يستخدمها أصحاب البلاغ وسيلة رئيسية لكسب العيش أو وسيلة لممارسة مهنتهم ضمن نطاق المادة ١٧. وعلاوة على ذلك، تعرض أصحاب البلاغ لتدخل غير قانوني في الحقوق التي تكفلها لهم المادة ١٧. فبناء الشركتين لهذه الوحدات السكنية والتسويق لها وبيعها للمستوطنين الإسرائيليين أنشطة محظورة بموجب القانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب (اتفاقية جنيف الرابعة)، وهي بالتالي أنشطة غير قانونية بالمعنى المقصود في المادة ١٧. وعلاوة على ذلك، رأت اللجنة أن أشكال الحماية تنطبق، بموجب هذه المادة، على "التدخلات والاعتداءات، سواء أكانت صادرة عن سلطات الدولة أم عن أشخاص طبيعيين أو قانونيين" ( ) ، وأنه يتوجب على الدول الأطراف ألا تقوم بعمليات تدخل لا تتفق مع المادة 17 من العهد وأن توفر الإطار التشريعي الذي يحظر على الأشخاص الطبيعيين أو القانونيين القيام بهذه الأفعال ( ) .

٣-٤ وقد انخرطت الشركتان في أنشطة أسفرت عن انتهاكات للمادتين ١٧ و٧ من العهد بسبب تدخلهما التعسفي وغير القانوني في مساكن أصحاب البلاغ. ولذلك، أخلت كندا بالالتزام الذي يقع على عاتقها خارج حدودها الوطنية بضمان احترام هذه الأحكام لأنها لم توفر سبل انتصاف فعالة لأصحاب البلاغ تتيح لهم مساءلة الشركتين عن الانتهاكات ولأنها لم تنظم عمل الشركات بما يكفي لضمان عدم انتهاك أنشطتها لهذه الأحكام.

٣-٥ ويدعي أصحاب البلاغ كذلك أنهم ضحايا انتهاك المادة 27. ورغم أنهم ليسوا أعضاء أقلية عرقية في حد ذاتها، فإنهم جزء من السكان الفلسطينيين الأصليين الذين يجري تدمير ثقافتهم المرتبطة ب إنتاجهم الزراعي وما يتصل بذلك من ارتباط وثيق بالأرض، من أجل بناء مستوطنات غير قانونية، لا يسمح لهم بدخولها. ولأن الشركتين متواطئتان في انتهاك إسرائيل للمادة ٢٧، تكون كندا قد أخلت بالالتزام الذي يقع على عاتقها خارج حدودها الوطنية بضمان تطبيق المادة ٢٧ لأنها لم تقدم لأصحاب البلاغ سبل انتصاف فعالة لمساءلة الشركتين عن هذه الانتهاكات ولم تضع ما يكفي من قواعد ناظمة لأنشطة شركاتها بما يضمن عدم انتهاك هذه الأنشطة للمادة ٢٧.

٣-٦ ويشير أصحاب البلاغ إلى القواعد والأحكام الدولية التي توضح، في رأيهم، أن التزامات تقع على عاتق كندا خارج حدودها الوطنية، بموجب العهد، بما في ذلك واجب حماية أو ضمان الحقوق الواردة في العهد، وذلك بتنظيم أنشطة الشركات الكندية في الخارج، وواجب التحقيق في أي أنشطة تنتهك حقوق الإنسان، وأن على كندا أن تضمن إتاحة سبل الانتصاف لضحايا تلك الانتهاكات. لذا يمكن تقاسم المسؤولية بين دولتين عن أي فعل غير مشروع دولي اً، بموجب المادة ١٦ من مشاريع المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً. وعلاوة على ذلك، قصدت اللجنة ضمن اً أن التزام الدول باحترام وضمان الحقوق المنصوص عليها في العهد تظل قائمة حتى عندما يكون الشخص موجود اً خارج إقليم الدولة، أو غير خاضع لولايتها القضائية أو لسيطرتها الفعلية. ويشير أصحاب البلاغ إلى الملاحظات الختامية التي اعتمدتها اللجنة بشأن التقرير الدوري السادس لألمانيا، الذي ذكرت فيه اللجنة ما يلي:

ترحب اللجنة بالتدابير التي اتخذتها الدولة الطرف لإتاحة سبل الانتصاف ضد شركات ألمانية في الخارج يُزعم أنها تعمل بصورة تتعارض مع معايير حقوق الإنسان ذات الصلة، لكنها تشعر بالقلق من أن سبل الانتصاف قد لا تكون كافية في جميع الحالات (الفقرة 2 من المادة 2). وتشجع اللجنة الدولة الطرف على أن تعلن بوضوح توقعها من جميع المؤسسات التجارية العاملة في إقليمها و/أو الخاضعة لولايتها القضائية أن تحترم معايير حقوق الإنسان، وفقاً للعهد، في كل عملياتها. كما تُشجّع الدولة الطرف على أن تتخذ التدابير المناسبة لتعزيز سبل الانتصاف المتاحة لحماية ضحايا أنشطة مؤسسات الأعمال التجارية التي تعمل في الخارج ( ) .

٣-٧ ويقتبس أصحاب البلاغ أيض اً من مبادئ ماسترخت المتعلقة بالالتزامات الخارجية للدول في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي اعتمدها عام 2011 خبراءُ دوليون بارزون في مجال حقوق الإنسان. وبينما تركز هذه المبادئ على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإن مبدأ عدم قابلية الحقوق للتجزئة وترابطها يعني أنها ذات صلة بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أيضا ً . وينص المبدأ ٣ على ما يلي: "جميع الدول ملزمة باحترام حقوق الإنسان، بما في ذلك الحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، سواء أكان داخل أراضيها أو خارجها". وتشمل المبادئ الالتزام بضمان حماية حقوق الإنسان من الانتهاك على يد جهات فاعلة غير حكومية، بما في ذلك الشركا ت. فالمبدأ ٢٤ ينص على ما يلي: " يجب على جميع الدول اتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم قيام الجهات غير الحكومية الفاعلة التي تكون في وضع يسمح لها بالتنظيم، كما هو مبين في المبدأ ٢٥، مثل الأفراد والمنظمات والشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال، بإبطال أو إضعاف التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويشمل ذلك اتخاذ تدابير إدارية وتشريعية وتحقيقية وقضائية بالإضافة إلى غير ذلك من التدابير. وي قع على عاتق بقية الدول واجب الامتناع عن إبطال أو إعاقة تنفيذ هذا الالتزام بالحماية" . وينص المبدأ ٢٥ على ما يلي: " يجب على الدول اعتماد وإنفاذ تدابير لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، من خلال الوسائل القانونية وغيرها، بما في ذلك الوسائل الدبلوماسية، في كل من الظروف التالية: ... (ب) عندما تحمل الأطراف الفاعلة غير الحكومية جنسية الدولة المعنية؛ (ج) فيما يتعلق بمؤسسات الأعمال، عندما تكون الشركة أو حتى الشركة الأصلية أو المسيطرة، لها مركز نشاط، مسجل أو موجود، أو حتى مكان أعمالها الرئيسي أو أنشطتها التجارية الرئيسية في الدولة المعنية". ويتناول، المبدأ ٢٧، من بين مبادئ أخرى، وبالتفصيل الالتزام العام بتوفير سبيل انتصاف فعال، إذ ينص على ما يلي: "يجب على جميع الدول أن تتعاون لضمان عدم قيام الجهات غير الحكومية الفاعلة بتقويض التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لأي شخص. وهذا الالتزام يشمل اتخاذ تدابير لمنع انتهاكات حقوق الإنسان من طرف الجها ت غير الحكومية الفاعلة، وإخضاعه ا للمحاسبة على تلك الانتهاكات، وضمان سبل انتصاف فعالة للمتضررين".

٣-٨ وينص المبدأ التوجيهي 26 من المبادئ التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان: تنفيذ إطار الأمم المتحدة المعنون "الحماية والاحترام والانتصاف" على ما يلي: " ينبغي أن تتخذ الدول الخطوات المناسبة لضمان فعالية الآليات القضائية المحلية عند تناول انتهاك المؤسسات التجارية لحقوق الإنسان، بما في ذلك النظر في سبل الحد من الحواجز القانونية والعملية وغيرها من الحواجز ذات الصلة التي يمكن أن تؤدي إلى الحرما ن من الوصول إلى سبل الانتصاف " . ويمكن أن تشمل هذه الحواجز القانونية الحالة التي "يُحرم فيها المدعون من تطبيق أحكام العدالة في دولة مضيفة ولا يستطيعون الوصول إلى محاكم أوطانهم الأصلية بغض النظر عن الأسس الموضوعية للدعوى" ( ) .

٣-٩ وبما أن شكاواهم رُفضت في كندا على أساس عدم مناسبة المحكمة ، لم تتح لأصحاب البلاغ فرصة الاستماع إليهم بشكل كامل والبت في قضيتهم بناء على أسسها الموضوعية. ونتيجة لذلك، حُرم أصحاب البلاغ من الوصول إلى أي سبيل انتصاف فعال.

٣-١٠ كما يستتبع الالتزام، الذي يقع على عاتق الدول خارج حدودها الوطنية بحماية أو ضمان حقوق الإنسان، تنظيم الشركات التي تأسست في أحد الأقاليم الخاضعة لولايتها. وبما أن الشركتين تأسستا في كندا، يقع على الدولة الطرف التزام بضمان عدم انتهاكهما لحقوق الإنسان في الداخل أو في الخارج، بما في ذلك حقوق الإنسان التي يحميها العهد.

٣-١١ وما لم تكن هناك ظروف استثنائية، وحده سلوك أجهزة الدولة يمكن أن يُنسب إلى الدولة ويرتب عليها مسؤولية. بيد أن هذا التصرف يشمل إخفاق الدولة في اعتماد القواعد التنظيمية أو في تطبيقها تطبيق اً فعلي اً، حيثما يشكل هذا الإخفاق انتهاك اً لتعهدات الدولة المتعلقة بحقوق الإنسان. وقد أكدت هيئات حقوق الإنسان، بما فيها اللجنة، هذا المبدأ ( ) . ويشير أصحاب البلاغ أيض اً إلى تقرير البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق من أجل التحقيق في آثار بناء المستوطنات الإسرائيلية على الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعب الفلسطيني في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، الذي قُدم إلى مجلس حقوق الإنسان عام ٢٠١٣، وأوصت فيه البعثة بأنه "يتعين على الشركات الخاصة أن تقيّم تأثير أنشطتها على حقوق الإنسان وتتخذ جميع الخطوات اللازمة - بطرق منها إنهاء مصالحها التجارية في المستوطنات - لضمان ألا يكون لهذه الأنشطة تأثير ضار على حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، طبقاً للقانون الدولي والمبادئ التوجيهية المتعلقة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان". ودعت البعثة الدول الأعضاء "إلى اتخاذ تدابير ملائمة لضمان احترام حقوق الإنسان في جميع العمليات التي تقوم بها مؤسسات الأعمال التي توجد مقارها في أراضيها و/أو الخاضعة لولايتها، بما في ذلك مؤسسات الأعمال المملوكة لهذه المؤسسات أو الخاضعة لسيطرتها، والتي تضطلع بأنشطة في المستوطنات أو فيما يتصل بها " ( ) .

٣-١٢ وعليه، ينبغي أن تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف أخلت بالالتزام الذي يقع على عاتقها خارج حدودها الوطنية بضمان حقوق أصحاب البلاغ التي يكفلها العهد إن هي قصّرت في وضع ما يلزم من قواعد تنظيمية و في مساءلة شركتي غرين بارك إنترناشيونال وغرين ماونت إنترناشيونال عن أنشطتهما التي تنتهك العهد في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

٣-١٣ واستناد اً إلى ما سبق، انتهكت الدولة الطرف الالتزام الذي يقع على عاتقها خارج حدودها الوطنية وهو التزام بضمان تطبيق المواد 2 و7 و12 و١٧ و٢٧ من العهد، لعدم تنظيمها لأنشطة الشركتين من أجل منع انتهاكات حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة.

٣-١٤ وفيما يتعلق بسبل الانتصاف، يطلب أصحاب البلاغ إلى الدولة الطرف أن تضمن، في القانون والممارسة، حصول ضحايا انتهاكها للالتزام الذي يقع على عاتقها خارج حدودها الوطنية بضمان احترا م الحقوق المنصوص عليها في العهد على سبل انتصاف قضائية فعالة متاحة في إطار النظام القانوني الكندي. وعلاوة على ذلك، ينبغي أن تعلن الدولة الطرف بوضوح توقعها بأن تحترم جميع مؤسسات الأعمال التجارية التي يقع مقرها في إقليمها و/أو ضمن ولايتها القضائية معايير حقوق الإنسان، وفق اً للعهد، في كل عملياتها، بسبل منها اتخاذ التدابير التشريعية أو الإدارية الملائمة لمنع ما تقوم به الشركات عبر الوطنية المسجلة في كندا من أعمال تؤثر سلب اً في التمتع بالحقوق الواردة في العهد في أقاليم خارج كندا. ينبغي أن تدعو اللجنة كندا إلى اتخاذ التدابير اللازمة لمنع شركة غرين بارك إنترناشيونال وشركة غرين ماونتن إنترناشيونال من الاضطلاع بأنشطة أو التواطؤ في أنشطة تنتهك العهد، وفرض عقوبات عليهما في حالة عدم وقف هذه الأنشطة. ينبغي أن تدعو اللجنة الدولة الطرف إلى ضمان إتاحة سبل انتصاف فعالة لأصحاب البلاغ، بما في ذلك إمكانية تقديم استئناف أمام المحكمة العليا في كندا.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

٤-١ أبدت الدولة الطرف، في 17 حزيران/يونيه 2014، ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وتدفع الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول لأسباب ثلاثة. أول اً، لا يتمتع أصحاب البلاغ بالصفة القانونية التي تتيح لهم تقديم البلاغ إلى اللجنة. ثاني اً، ليس لمواد العهد التي احتج بها أصحاب البلاغ مفعول خارج إقليم الدولة. ثالث اً، لا يتضمن البلاغ أي دليل موضوعي، وهو بالتالي يفتقر بوضوح إلى أسس صحيحة. وفي حال اعتبرت اللجنة البلاغ مقبولاً، فإن الدولة الطرف تطلب، على أساس ملاحظاتها، اعتبار البلاغ دون أسس موضوعية.

٤-٢ وفيما يتعلق بالوقائع، تشير الدولة الطرف إلى أن شركة غرين بارك إنترناشيونال وشركة غرين ماونت إنترناشيونال هما شركتان تأسستا قانون اً ويقع مقرهما في الولاية القضائية لمقاطعة كيبيك. وسُجلت الشركتان في ٦ تموز/يوليه ٢٠٠٤. وتبين المعلومات الواردة في السجل المتاح للجمهور، اسم الشخص الذي يتبوأ منصب رئيس وأمين الشركتين. وعنوان هذا الشخص في مدينة هرتزيليا، في إسرائيل. وفيما يتعلق بالإجراءات القضائية في إسرائيل، تشير الدولة الطرف إلى أن الالتماسات الأربعة قُدمت نيابة عن أحمد عيسى عبد الله ياسين، رئيس مجلس بلعين القروي في ذلك الحين. ولم يتضح مدى المشاركة المباشرة لفرادى أصحاب البلاغ في هذه الالتماسات. وكان من بين المدعى عليهم حكومة إسرائيل، وعدد من المسؤولين الحكوميين الرفيعي المستوى في تلك الحكومة، وعدد من الكيانات المؤسسية، بينها غرين بارك إنترناشيونال وغرين ماونت إنترناشيونال.

٤-٣ وفيما يتعلق بالإجراءات في كندا، توضح الدولة الطرف أن الدعوى المدنية استندت إلى ادعاء المدعين بأن الشركتين، كانتا تساعدان إسرائيل ، من خلال بناء وبيع وحدات سكنية مشتركة الملكية في مستوطنة موديعين عيليت، في نقل جزء من سكانها المدنيين إلى أراض في الضفة الغربية. وبذلك، ساعدت الشركتان في ارتكاب جرائم حرب تتعارض مع مختلف الصكوك القانونية الدولية والوطنية، ما جعلهما مسؤولتين مدني اً أمام المدعين بموجب القانون المدني لكيبيك. ويشمل الانتصاف التي يطالب به المدعون إعلان عدم قانونية سلوك المدعى عليهم ومطالبتهم بدفع تعويضات عقابية.

٤-٤ وقدمت شركتا غرين بارك إنترناشيونال وغرين ماونتن إنترناشيونال التماسات تدفع ان فيها، في جملة أمور، بأن المحكمة العليا في إسرائيل قد حسمت المسائل التي أثارها المدعون وأن الاعتراف بقرارات تلك المحكمة ينبغي أن يفضي إلى رفض الدعوى. واختارت المحكمة العليا في كيبيك الاعتراف بثلاثة من قرارات المحكمة العليا في إسرائيل؛ ومع ذلك، خلصت إلى أن هذا الاعتراف لا يسوي جميع المسائل التي أثيرت في المحكمة الكندية، وبالتالي لا حجية للأمر المقضي به.

٤-٥ ودفعت شركتا غرين بارك إنترناشيونال وغرين ماونت إنترناشيونال أ يض اً بأن المحكمة العليا في كيبيك ينبغي أن ترفض ممارسة ولايتها القضائية على أساس عدم مناسبة المحكمة . وقالتا إن المحكمة قبلت هذه الحجة، وقررت أن محاكم إسرائيل في وضع أفضل للبت في المطالبات الواردة في الدعوى، ومنها أن محكمة كيبيك العليا ينبغي أن تمارس سلطتها الاستثنائية لرفض النظر في الدعوى لعدم الاختصاص. وقد اتُخذ هذا القرار عمل اً بالمادة ٣١٣٥ من القانون المدني في كيبيك، التي جاء فيها ما يلي: "حتى عندما يكون لدى سلطة من سلطات كيبيك الاختصاص للنظر في نزاع ما، يجوز لها، بصفة استثنائية، وبناء على طلب أحد الطرفين، رفض النظر في الدعوى لعدم الاختصاص إذا رأت أن سلطات بلد آخر تتمتع بوضع أفضل لاتخاذ قرار في ذلك النزاع". واستند قرار رفض النظر في القضية لعدم الاختصاص إلى الاعتبارات التالية.

٤-٦ أول اً، يبدو أن الصلة بين كيب ي ك والأشخاص المعنيين ضعيفة. فجميع المدعين والشهود يقيمون في إسرائيل أو في الضفة الغربية. وعلاوة على ذلك، رغم أن غرين بارك إنترناشيونال وغرين ماونت إنترناشيونال تأسستا قانون اً في كيبيك، فإن هذا الأمر يشكل صلتهما الوحيدة بكندا. وحسب الإفادة الخطية المقدمة من رئيس الشركتين، تأسست الشركتان في كندا لأسباب تتعلق بالضرائب الإسرائيلية المحلية فقط؛ وهما ا سمان لشركة واحدة غير مقيمة في كندا ولا تملك أي أصول في كندا، كما لا تملك أي منهما أصول اً في كندا على الإطلاق.

٤-٧ ثاني اً، يبدو أن صلة كيبيك بوقائع القضية ضعيفة إن وُجدت. ويزعم أن جميع الأعمال الضارة وقعت في الضفة الغربية؛ ومن المرجح أن العقود أبرمت في الضفة الغربية أو في إسرائيل، وكتبت بالعبرية أو العربية؛ ومن المرجح أن تكون إسرائيل أو الضفة الغربية مكان أي أدلة مادية في هذا الشأن؛ ويمكن التوقع بأن القضية تتضمن القليل من الأدلة أو لا تتضمن أي أدلة تتعلق بأحداث وقعت في كيبيك.

٤-٨ ثالث اً، الأوامر التي يطلب المدعون إصدارها تتطلب الإنفاذ من المحاكم الإسرائيلية، وليس من محاكم كيبيك. وحتى لو كان المدعى عليهم يقاضَون لدفع تعويضات عقابية، فإن الشركتين لا تملكان أي أصول في كيبيك. ويبدو أن أصولهما، إن وجدت، ستكون في الضفة الغربية، حيث تقع المباني المتنازع بشأنها. وعلاوة على ذلك، يلتمس المدعون الانتصاف الزجري من محاكم كيبيك فيما يخص أنشطة الشركتين في الضفة الغربية، وبالتالي فإن إنفاذ أي أوامر من هذا القبيل يتطلب تقديم المدعين طلب اً آخر إلى المحاكم المختصة في إسرائيل. وهذا الإجراء الإضافي غير ضروري لو رُفعت الدعوى أمام محكمة العدل العليا الإسرائيلية.

٤-٩ رابع اً، القانون المنطبق فيما يتعلق بالبت في شكوى المدعين هو القانون الساري في الضفة الغربية. والسلطات القضائية الإسرائيلية وليس السلطات القضائية في كيبيك، هي التي تملك الخبرة الفنية في هذا القانون.

٤-١٠ خامس اً، رغم أن اختيار المدعين لمحكمة في كيبيك لتقديم شكواهم قد يكون له بعض المزايا الهامة بالنسبة لهم، فإن هذا الأمر لا يتسم بأهمية كبيرة كونهم "فاضلوا بين المحاكم"، فاختاروا المحكمة سعي اً للحصول على ميزة قانونية وليس لوجود صلة فعلية وموضوعية بالمحكمة المختارة.

٤-١١ سادس اً، سيكون من مصلحة الطرفين ومن مصلحة العدالة بشكل أوسع أن تنظر المحاكم الإسرائيلية في الدعوى. وفيما يتعلق بالطرفين، لن يكون النظر في القضية في كيبيك عملي اً وسيشكل ذلك عائق اً أمام الفصل فيها بشكل نزيه وسريع وفعال وعلى أساس أفضل الأدلة المتاحة. وفيما يتعلق بمصلحة العدالة على نطاق اوسع، من الصعب أن تؤدي الدعوى، بالصيغة المطروحة، إلى نتيجة عادلة. ولم يلجأ المدعون إلى المحاكم الكندية إلا بعد أن نظرت السلطات القضائية الإسرائيلية في بعض مطالباتهم ورفضتها.

٤-١٢ وبناء على ذلك، رفضت المحكمة العليا في كيبيك الدعوى بعد أن مارست السلطة التقديرية الاستثنائية لرفض النظر في الدعوى على أساس عدم مناسبة المحكمة . وفي وقت لاحق، رفضت محكمة الاستئناف في كيبيك استئناف المدعين عليهم وأيدت قرار المحكمة العليا. ورفضت المحكمة العليا طلب الإذن بالمراجعة وابلغت المشتكين بذلك عن طريق أمر دون بيان الأسباب.

عدم التمتع بالصفة القانونية

٤-١٣ تدعي الدولة الطرف أن البلاغ غير متسق من حيث تحديد هوية أصحاب البلاغ. ففي بعض الأجزاء، يحدد البلاغ كيانين قانونيين (تركة الراحل أحمد عيسى عبد الله ياسين والمجلس القروي لبلعين) لكنه يتحدث أيض اً عن أحد أصحاب البلاغ، وهو محمد إبراهيم أحمد أبو رحمة، الذي يبدو أنه يتصرف باسم المجلس القروي لبلعين. وعندما يتوفى شخص ما، يجوز لورثته تقديم بلاغ باسمه وبشكل مباشر، لكن لا يجوز لتركة ذلك الشخص في حد ذاتها أن تقوم بدور صاحب البلاغ. وعلاوة على ذلك، أشارت اللجنة إلى أن الشخص الذي يتزعم منظمة أو أي كيان قانوني آخر لا يجوز له التصرف بالنيابة عن ذلك الكيان في تقديم بلاغ ( ) . وبناء ً على ذلك، تدفع الدولة الطرف بأن البلاغ غير مقبول لتعارضه مع أحكام البروتوكول الاختياري، لكونه قُدم نيابة عن الكيانين القانونيين المذكورين أعلاه.

٤-١٤ والبلاغ غير مقبول كذلك لكونه قُدم باسم محمد إبراهيم أحمد أبو رحمة إذ إ ن التوكيل ينص على أنه يتصرف نيابة عن المجلس، وليس بصفته الشخصية.

٤-١٥ وتدفع الدولة الطرف بأن أي اً من أصحاب البلاغ لا يحق له تقديم هذا البلاغ لأنهم لم يكونوا خاضعين للولاية القضائية الكندية عند وقوع الانتهاكات المزعومة للعهد. ولذلك، فإن البلاغ يتنافى مع إجراء تقديم البلاغات المنصوص عليه في المادة ١ من البروتوكول الاختياري وهو غير مقبول. ولا تمارس كندا أي ولاية قضائية من أي نوع على الأفراد الذين يعيشون في قرية بلعين أو في أي مكان آخر في الضفة الغربية. ولا تتناول الوقائع التي يدعيها أصحاب البلاغ، في أي حال من الأحوال، سلوك أي جهة حكومية كندية خارج الحدود الوطنية. والصلة الوحيدة بين كندا والوقائع المزعومة هي صلة غامضة وغير مباشرة: ادعاء تورط كيانين قانونيين تأسسا في كيبيك، لكن ليس لهما، في الواقع، أي صلة فعلية بتلك المقاطعة. وعلاوة على ذلك، لا تخضع الأنشطة المزعومة لشركتي غرين بارك إنترناشيونال وغرين ماونت إنترناشي ونال، التي تشكل محور هذا البلاغ (مصادرة الأراضي وبناء المساكن) ، للقوانين الكندية. وعلاوة على ذلك، رفضت المحاكم الكندية النظر في القضية المدنية لأن أي اً من أصحاب البلاغ لا يخضع للولاية القضائية لكندا فيما يتعلق بالوقائع الأساسية المزعومة في الدعوى المدنية والتي تشكل محور هذا البلاغ.

التعارض مع أحكام العهد

٤-١٦ تدعي الدولة الطرف أن مزاعم أصحاب البلاغ عن وقوع انتهاك للمواد ٧ و١٢ و١٧ و٢٧، وللالتزام بموجب المادة ٢(١) بضمان الحقوق الواردة في العهد وبموجب المادة ٢(٣) بتوفير سبيل انتصاف فعال، هي مزاعم تقع خارج نطاق التزامات الدولة الطرف بموجب العهد وتتعارض بالتالي مع ما ينص عليه من أحكام. وتدفع الدولة الطرف بأنه لا يقع على عاتقها أي التزام بموجب المادة ٢(١) فيما يتعلق بضمان حقوق أصحاب البلاغ المنصوص عليها في العهد، وذلك للأسباب التالية. لم يزعم أصحاب البلاغ بأن جهات حكومية كندية فاعلة، داخل كندا أو خارجها، انتهكت التزام الدولة الطرف باحترام الحقوق المنصوص عليها في العهد. والصلة الوحيدة بين كندا والأحداث التي يزعم أصحاب البلاغ وقوعها خارج حدودها الوطنية هي أن شركتي غرين بارك إنترناشيونال وغرين ماونت إنترناشيونال تأسستا في ولاية قضائية كندية. وفيما عدا ذلك، لم يزعم أصحاب البلاغ أن لأي من هاتين الجهتين الفاعلتين من غير الدول صلة بأي مستوى من مستويات الحكم في كندا. ولا تخلق صلة الشركتين بكندا حالة تجعل أصحاب البلاغ خاضعين للولاية القضائية لكندا في الوقت ذي الصلة.

٤-١٧ وعند وقوع الأحداث المعنية، لم يكن أصحاب البلاغ موجودين في الأراضي الكندية أو خاضعين لولايتها القضائية، وبالتالي، لا يمكن أن تقع على عاتق كندا التزامات بضمان الحقوق التي يكفلها العهد لهم. وعلاوة على ذلك، كان أصحاب البلاغ صريحين في قولهم إن هذه الأحداث وقعت خارج كندا وإن أصحاب البلاغ المتضررين أنفسهم كانوا خارج الحدود الوطنية لكندا عند وقوع الانتهاكات المزعومة. ولا يمكن أن ينطبق التزام كندا بضمان الحقوق الواردة في العهد على أفراد خارج الأراضي الكندية لمجرد زعم هؤلاء الأفراد تورط كيانين قانونيين تأسسا من الناحية الفنية في كندا، في أنشطة تضر بهم. ولا يدخل أي نهج تفسيري ضمن نطاق العهد. وتذكر المبادئ التوجيهية المتعلقة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، في هذا الصدد، ما يلي: "في الوقت الحاضر، لا يُشترط بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان بشكل عام أن تنظم الدول ما تقوم به المؤسسات التجارية المقيمة في إقليمها و/أو ولايتها القضائية من أنشطة خارج الإقليم. كما أنها لا تمنع عموم اً من فعل ذلك، شريطة أن يكون ثمة أساس قانوني معترف به" ( ) . وأصحاب البلاغ مخطئون في الاعتماد على الملاحظات الختامية للجنة وغيرها من هيئات المعاهدات بشأن تقارير الدول الأطراف لإرساء التزامات غير معهودة خارج حدودها الوطنية. وتفهم الدولة الطرف أن اللجنة وغيرها من هيئات المعاهدات، تشجع عن طريق تقديمها هذه التعليقات، بعض الدول الأطراف على ممارسة الولاية الاختيارية الشارعة لتنظيم بعض الأنشطة الخارجية للشركات المقيمة في إقليمها أو الخاضعة لولايتها القضائية. وتوضِّح هيئات المعاهدات تعليقاتها بعناية لتبين أن نطاق أي ولاية شارعة قائمة خارج الحدود الوطنية مقيد بشكل ملحوظ بالمبادئ العامة للقانون الدولي العام. ولا يبدو من التعليقات أنها تؤكد أن الدول الأطراف في العهد أو في صكوك دولية أخرى لحقوق الإنسان ملزمة في الواقع بممارسة تلك الولاية الشارعة.

٤-١٨ وفيما يتعلق بالمواد الأخرى التي استشهد بها أصحاب البلاغ، تحاج الدولة الطرف ب أن الإشارة إلى مشاريع المواد المتعلقة بمسؤولية الدول غير ذات صلة، لأن أصحاب البلاغ لا يزعمون أن إجراءات معينة اتخذتها دولة أخرى ينبغي أن تنسب إلى كندا لأغراض الالتزام باحترام الحقوق الواردة في العهد بموجب المادة ٢(١) منه. أما مبادئ ماستريخت، فهي بيان صادر عن خبراء بارزين يعربون فيه عن رأيهم في كيفية وجوب تفسير الالتزامات الخارجية بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي مبادئ محدودة ذات قيمة إقناعية محدودة فيما يتعلق بتفسير العهد.

٤-١٩ وفيما يتعلق بادعاءات أصحاب البلاغ بأن كندا لم توفر لهم سبيل اً فعال اً للانتصاف، تدفع الدولة الطرف بأنه لا يقع على عاتق كندا أي التزام بموجب المادة 2 ( 3 ) بتوفير سبيل انتصاف فعال، في ظل عدم انتهاكها لأي حق من الحقوق الجوهرية المكرسة في العهد. وحتى إذا أثبت أصحاب البلاغ أنهم ضحايا لانتهاك حقوقهم الجوهرية، فإن تلك الانتهاكات لا ترتب على كندا أي مسؤولية بموجب المادة ٢(١)، على النحو المبين أعلاه، ولذلك لا ينطبق على كندا أي التزام بموجب المادة ٢(٣) بتوفير سبيل انتصاف فعال.

٤-٢٠ ومع ذلك، تتفهم الدولة الطرف حقوق الإنسان والشواغل الأخرى التي يمكن أن تثيرها الأنشطة عبر الوطنية لشركات الأعمال؛ وتدرك لزوم اتخاذ إجراءات، وتعمل مع مجموعة من الجهات لتعزيز المسؤولية الاجتماعية للشركات؛ وتروج للمعايير الدولية المتعلقة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان في عدد من المحافل المتعددة الأطراف.

وضوح افتقار المزاعم إلى أسس صحيحة

٤-٢١ تدفع الدولة الطرف بأن البلاغ يفتقر بوضوح إلى أسس صحيحة. ويتألف الجزء الأكبر من المعلومات التي قدمها أصحاب البلاغ من مرافعات قانونية تتعلق ب تفسير العهد، لا سيما ب المادة ٢، مع بعض التأكيدات الوقائعية العامة جدا ً . ولم يدرجوا أي معلومات محددة، ناهيك عن أنهم لم يقدموا أي أدلة موضوعية داعمة بشأن التجارب الشخصية لكل من أصحاب البلاغ. ولا توجد أدلة محددة تبين ما للأنشطة المزعومة على الأراضي المحيطة بالقرية من أثر على أصحاب البلاغ.

٤-٢٢ ولم تقدم أي أدلة تبين أن أصحاب البلاغ عانوا فعلي اً من فرض قيود على حقهم في حرية التنقل وحرية اختيار مكان الإقامة بموجب المادة ١٢(١)، كما لم يقدم أي دليل على أن مثل هذه القيود لم تمتثل لشروط الشرعية والضرورة والتناسب بموجب المادة ١٢(٣).

٤-٢٣ وفيما يتعلق بالادعاءات بموجب المادتين ٧ و١٧، لم يقدم أصحاب البلاغ أي أدلة تثبت أنهم عانوا بالفعل، وكما ادعوا، من الإخلاء القسري من أراض ترتبط ارتباط اً وثيق اً بسكنهم وتشكل جزء اً لا يتجزأ من عمل كل أسرة معيشية. فعلى سبيل المثال، لم يقدم أصحاب البلاغ أي دليل يثبت أن عمليات الإخلاء المزعومة من الأراضي الزراعية حدثت بالفعل، أو أن فرادى أصحاب البلاغ تضرروا من مثل هذه العمليات. ولهذه الأدلة أهمية حاسمة لإثبات الأهمية الثقافية التي يعلقها أصحاب البلاغ على عمليات الإخلاء المزعومة وإثبات حدوث انتهاك للمادة ٧.

٤-٢٤ وفيما يتعلق بالادعاءات المقدمة بموجب المادة ٢٧، تتمحور الحقوق المنصوص عليها في هذه المادة حول حقائق شخصية للغاية تتعلق بالتجارب الثقافية والمجتمعية للأفراد. وبالتالي فإن أي ادعاء غير مدعوم ب أي إثبات شخصي هو ادعاء يفتقر بوضوح إلى أسس صحيحة.

٤-٢٥ ولم يقدم أصحاب البلاغ ما يكفي من الأدلة المدعمة بوقائع لدعم مطالباتهم بشأن المادة ٢ من العهد. ولم يقدموا أي أدلة تثبت مشاركة غرين بارك إنترناشيونال وغرين ماونت إنترناشيونال في أي من الأنشطة المذكورة أو تثبت أي صلة فعلية بين كندا وأنشطة الشركتين. وعلاوة على ذلك، لا يستند ادعاؤهم بموجب المادة ٢(٣) إلى أي شكل محدد من أشكال الإجحاف من الناحية الإجرائية؛ بل هم ببساطة غير راضين عن نتائج الدعاوى التي رفعوها. ولا بد من تفسير الحق في سبيل انتصاف فعال على نحو يقر باستمرار جدوى مبادئ القانون الدولي الخاص التي تنظم اختصاص المحاكم المحلية في سياق عبر وطني.

تعليقات أصحاب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف

٥-١ قدم أصحاب البلاغ تعليقاتهم على ملاحظات الدولة الطرف في 30 أيلول/ سبتمبر 2014. ويدفع أصحاب البلاغ بأنه ينبغي اعتبار البلاغ مقبول اً وبحث أسسه الموضوعية .

٥-٢ وفيما يتعلق بمسألة الصفة القانونية أمام اللجنة، يدفع أصحاب البلاغ بأن البلاغ مقدم من أفراد لكنه مقدم أيض اً من المجلس القروي لبلعين، وهو الهيئة التي تمثل الأفراد المقيمين في بلعين ممن تضرروا من انتهاكات العهد. فقد تعرضت القرية نفسها لأضرار نتيجة بناء المستوطنة. ومحمد إبراهيم أحمد أبو رحمة، وهو ممثل المجلس المنتخب حسب الأصول، مدرج ضمن أصحاب البلاغ بصفته شخص اً مؤهل اً لتمثيل مصالح القرية. أما تركة الراحل أحمد عيسى عبد الله ياسين فهي غير مدرجة في البلاغ ككيان قانوني في حد ذاتها، بل كوسيلة لتمثيل شخص متوف. وتبين تركته ما تكبده الراحل من خسائر نتيجة لانتهاك العهد.

٥-٣ والطابع الجماعي للعلاقة التي تربط سكان قرية بلعين بأراضيها هو السبب وراء إدراج المجلس القروي لبلعين ضمن أصحاب البلاغ، وذلك لضمان استفادة جميع الأفراد الذين يعانون من الأثر الضار للانتهاكات التي ارتكبتها الشركتان من أي انتصاف ينتج عن هذا البلاغ. وقد عانى معظم سكان القرية من أضرار اقتصادية وثقافية على السواء. ونجمت الأضرار الاقتصادية عن تراجع المحصول الزراعي، لا سيما محصول الزيتون وزيت الزيتون، فيما نجمت الأضرار الثقافية عن عدم قدرة السكان على استخدام الأرض كمكان للتلاقي المجتمعي. وعلاوة على ذلك، وعلى الرغم من أن البناء لم يبدأ إلا في شباط/فبراير ٢٠٠٥، مُنع سكان بلعين من الوصول إلى الأراضي محل النزاع في بداية عام ١٩٩٧ عندما صدر إعلان باعتبارها جزء اً من "أراضي الدولة" وطُردوا منها.

٥-٤ وفيما يتعلق بمسألة الاختصاص، يؤكد أصحاب البلاغ أن الكيانين المؤسسيين يخضعان للسيطرة الفعلية للدولة الطرف، ومن ثم فإنهما يدخلان ضمن نطاق اختصاص الدولة الطرف لأغراض البروتوكول الاختياري والعهد. وعلاوة على ذلك، ترتبط مسألة الولاية القضائية بمفهوم المسؤولية. وبالنظر إلى الطابع العالمي لحقوق الإنسان، إذا كانت الدولة الطرف قادرة على منع وقوع انتهاك لحقوق الإنسان أو إتاحة سبيل انتصاف منه، تقع على عاتقها مسؤولية القيام بذلك. وفي بيان عن أثر المبادئ التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان في سياق المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، أشار الفريق العامل المعني بمسألة حقوق الإنسان والشركات عبر الوطنية وغيرها من مؤسسات الأعمال التجارية إلى أنه عندما تنخرط شركات عبر وطنية في أعمال داخل مناطق متضررة من النزاعات، فإن لدول موطنها الأصلي دور اً تضطلع به في مساعدة تلك الشركات والدول المضيفة لها لكفالة عدم مشاركة مؤسسات الأعمال التجارية في انتهاك حقوق الإنسان، وينبغي أن تراجع الدول سياساتها وتشريعاتها وقواعدها التنظيمية وتدابير الإنفاذ التي تعتمدها لضمان أن تكون أداة فعالة في منع ومواجهة تزايد خطر ضلوع المؤسسات التجارية في الانتهاكات في حالات النزاع ( ) . ورأى الفريق العامل أيض اً أنه بينما لا يوجد التزام عام وفق اً للمبدأ التوجيهي ٢، يرتب على الدولة تنظيم الأنشطة الخارجية لأشخاصها الطبيعيين أو الاعتباريين، فإن ثمة التزامات محددة فيما يتعلق بقضايا معينة ( ) . أما مبادئ ماستريخت، ف لم يقصد من اعتمادها أن تكون مصدر اً جديد اً للقانون بل بيان اً للحالة الراهنة للقانون الدولي فيما يتعلق بالتزامات الدول خارج حدودها الوطنية. ويشير التعل يق على المبادئ إلى أن المبدأ ٢٥ (ج) يوضح أنه، استناد اً إلى مبدأ الشخصية الفاعلة، يجوز للدولة أن تضع القواعد التنظيمية لمؤسسة مسجلة أو مقيمة في إقليمها. أخير اً، يدفع أصحاب البلاغ بأن المسألة المطروحة في إطار مشاريع المواد المتعلقة بمسؤولية الدول هي ما إذا كان بالإمكان أن يعزى الانتهاك إلى دولة طرف، وليس ما إذا كان بالإمكان أن تعزى الإجراءات التي تتخذها دولة ما إلى دولة أخرى.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

٦-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً لما تقتضيه المادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

٦-٢ يدعي أصحاب البلاغ أنهم ضحايا انتهاك حقوقهم بموجب المواد ٢ و٧ و١٢ و١٧ و٢٧، نتيجة إخلائهم من أراضيهم وبناء مستوطنة إسرائيلية عليها. ويدعون أن الدولة الطرف مسؤولة عن هذه الانتهاكات بقدر إخلالها بالالتزام الذي يقع على عاتقها خارج حدودها الوطنية بضمان حقوق أصحاب البلاغ بموجب الأحكام السالفة الذكر عن طريق ما يلي: (أ) عدم توفير سبل انتصاف فعالة لأنها لم تسائل شركتي البناء عن هذه الانتهاكات؛ (ب) عدم وضع القواعد التنظيمية بما يكفي لضمان عدم انتهاك الشركتين للأحكام. وقد طعنت الدولة الطرف في مقبولية ادعاءات أصحاب البلاغ على أساس أن أصحاب البلاغ لا يملكون الصفة القانونية أمام اللجنة، وأن المواد المستشهد بها ليس لها أثر يتجاوز الحدود الوطنية وأن الادعاءات تفتقر بوضوح إلى أسس صحيحة.

٦-٣ وتدفع الدولة الطرف بأن اثنين من أصحاب البلاغ (تركة الراحل أحمد عيسى عبد الله ياسين والمجلس القروي لبلعين، ممثل اً بنائب رئيسه) هما كيانان قانونيان، ولا يمكن بالتالي اعتبارهما ضحي تين بموجب العهد والبروتوكول الاختياري. وتذكِّر اللجنة باجتهاداتها القضائية ومفادها أنه لا يحق لغير الأفراد تقديم بلاغات، بحسب نص المادة ١ من البروتوكول الاختياري. وبما أن التركة والمجلس القروي ليسا أفراد اً، ترى اللجنة أنهما لا يستوفيان معيار الاختصاص الشخصي الذي يسمح لهم بتقديم البلاغ. وعليه، يعتبر البلاغ غير مقبول فيما يتعلق بهما، بموجب المادة ١ من البروتوكول الاختياري، بسبب الافتقار إلى الصفة الشخصية ( ) .

٦-٤ وتحيط اللجنة علم اً كذلك بحجة الدولة الطرف ومفادها أن البلاغ يتنافى مع إجراء تقديم البلاغات لأن أصحاب البلاغ لا يخضعون للولاية القضائية للدولة الطرف. وتذكّر اللجنة بأن المادة ١ من البروتوكول الاختياري تسمح بتلقي البلاغات من الأفراد الخاضعين للولاية القضائية للدول الأطراف. وتشير أيض اً إلى أنها تذكر في الفقرة 10 من التعليق العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد بأنه

يجب على الدول الأطراف أن تحترم وتكفل، بموجب الفقرة 1 من المادة 2، الحقوق المشمولة بالعهد لجميع الأشخاص الذين قد يوجَدون في إقليمها وكذلك لجميع الأشخاص الخاضعين لولايتها. وهذا يعني أنه يجب على الدولة الطرف أن تحترم وتكفل الحقوق المنصوص عليها في العهد لأي شخص يخضع لسلطتها أو سيطرتها الفعلية حتى ولو لم يكن موجوداً داخل إقليمها. وكما هو مبين في التعليق العام رقم 15 [بشأن وضع الأجانب بموجب العهد] الذي اعتُمد في الدورة السابعة والعشرين (1986)، فإن التمتع بالحقوق المشمولة بالعهد لا يقتصر على مواطني الدول الأطراف بل يجب أن يكون متاحاً أيضاً لجميع الأفراد، بصرف النظر عن جنسيتهم أو عن كونهم عديمي الجنسية، مثل ملتمسي اللجوء واللاجئين والعمال المهاجرين وغيرهم من الأشخاص الذين قد يجدون أنفسهم في إقليم الدولة الطرف أو خاضعين لولايتها. وينطبق هذا المبدأ أيضاً على أولئك الأشخاص الذين يوجَدون تحت السلطة أو السيطرة الفعلية لقوات دولة طرف تتصرف خارج إقليم تلك الدولة، بصرف النظر عن الظروف التي تم فيها الحصول على هذه السلطة أو السيطرة الفعلية، ومن الأمثلة على ذلك القوات التي تشكل فرقة عسكرية وطنية تابعة لدولة طرف ومكلَّفة بالمشاركة في عمليات حفظ السلم أو إحلال السلم على المستوى الدولي.

٦-٥ وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن شركتي غرين بارك إنترناشيونال وغرين ماونت إنترناشيونال مسجلتان في كندا ومقرهما بها منذ ٢٠٠٤، وتدفعان فيها الضرائب. وبناء على ذلك، توجد الشركتان في إقليم الدولة الطرف وتخضعان لولايتها القضائية. و في حين لا يمكن معادلة التزامات الدولة في مجال حقوق الإنسان داخل أراضيها ب التزاماتها خارجها، ترى اللجنة أن ثمة حالات تكون فيها الدولة الطرف ملزمة بضمان عدم المس اس بالحقوق المنصوص عليها في العهد بفعل أنشطة خارجية تنفذها الشركات الخاضعة لولايتها القضائية ( ) . وهذا هو الحال بالتحديد عندما يتعلق الأمر بانتهاكات لحقوق الإنسان ذات طابع خطير كتلك المثارة في هذه البلاغ.

٦-٦ وتلاحظ اللجنة المعلومات التي قدمتها الدولة الطرف ومفادها أن عنوان رئيس وأمين الشركتين يوجد في مدينة هرتسيليا، في إسرائيل، وأن الصلة الوحيدة بين كندا والوقائع المزعومة هو التورط المزعوم للكيانين القانونيين اللذين تأسس اً في كيبيك دون أن تكون لهما أي صلة فعلية بالمقاطعة أو بالدولة الطرف. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن المحكمة العليا في كيبيك قضت بعدم الاختصاص على أساس عدم مناسبة المحكمة على النحو المبين في الفقرات ٤-٦ إلى ٤-١١ لجملة أمور بينها ما يلي: (أ) يبدو أن الصلة ضعيفة بين كيب ي ك والأشخاص المذكورين في الدعوى المقدمة إلى المحكمة، لأن جميع المدعى عليهم والشهود يقيمون في إسرائيل أو الضفة الغربية؛ (ب) سُجلت الشركتان في كندا لأسباب تتعلق بالنظام الضريبي الإسرائيلي فقط وهما تعملان كشركة واحدة تحمل ا سمين غير مقيمة في كندا ولا تملك فيها أية أصول؛ (ج) لا تملك شركتا غرين بارك إنترناشيونال وغرين ماونتن إنترناشيونال نفسيهما أي أصول في كندا. ويبدو أن أصولهما، إن وجدت، ستكون في الضفة الغربية، حيث تقع المباني موضوع النزاع ؛ (د) لم يلجأ المدعون إلى المحاكم الكندية إلا بعد أن نظرت السلطات القضائية الإسرائيلية في بعض مطالباتهم ورفضتها.

٦-٧ وبالنظر إلى عناصر العلاقة مع الدولة الطرف الواردة في الفقرتين 6-5 و6-6 أعلاه، ترى اللجنة أيض اً أن أصحاب البلاغ، في هذه القضية، لم يقدموا إلى اللجنة معلومات كافية عن حجم المسؤولية الذي يمكن تحميله لكندا نتيجة عدم بذلها العناية الواجبة فيما يتعلق بأنشطة الشركتين ذات الصلة خارج حدودها الوطنية. ويشمل ذلك، على سبيل المثال، الافتقار إلى معلومات عن القوانين السارية التي تنظم أنشطة الشركات في الدولة الطرف، وقدرة الدولة الطرف على التنظيم الفعال للأنشطة موضوع البلاغ؛ وعن الطابع المحدد لدور الشركتين في بناء المستوطنة وتأثير أعمالهما على حقوق أصحاب البلاغ؛ والمعلومات المتاحة على نحو معقول للدولة الطرف بشأن هذه الأنشطة، بما في ذلك إمكانية التنبؤ بآثارها. واستناد اً إلى المعلومات التي قدمها الطرفان، ترى اللجنة أن العلاقة بين التزامات الدولة الطرف بموجب العهد، وأعمال شركتي غرين بارك إنترناشيونال وغرين ماونت إنترناشيونال، والانتهاك المزعوم لحقوق أصحاب البلاغ غير مدعمة بما يكفي من ال أدلة لقبول البلاغ.

٧- لذلك، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) عدم قبول البلاغ بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) إبلاغ أصحاب البلاغ والدولة الطرف بهذا القرار.

المرفق

[الأصل : بالفرنسية]

رأي مؤيد أبداه عضوا اللجنة السيد أوليفييه د ي فروفيل و السيد عياض بن عاشور

١- نتفق مع اللجنة فيما يتعلق بعدم مقبولية البلاغ على أساس أن أصحاب البلاغ لم يقدموا أدلة كافية تدعم ادعاءاتهم. ويعني هذا الاستنتاج أن اللجنة ربما كان بإمكانها أن تعتبر البلاغ مقبول اً إذا ما قُدم في المستقبل مدعم اً بما يكفي من أدلة. غير أننا نرى أن اللجنة ربما لم توضح بما يكفي المعايير التي ستمارس على أساسها اختصاصها القضائي.

٢- وهذه هي المرة الأولى التي تعرض فيها على اللجنة، في سياق مهامها بموجب البروتوكول الاختياري، مسألة مسؤولية دولة طرف فيما يتعلق بأفعال ترتكبها شركات تجارية تخضع لولايتها القضائية في إقليم دولة أخرى.

٣- بيد أن اللجنة سبق لها أن تناولت هذه المسألة في سياق استعراضها للتقارير الدورية للدول الأطراف ( ) . وفيما يتعلق بكندا، على وجه الخصوص، وبالمادة ٢ من العهد، أعربت اللجنة عن قلقها لأن ضحايا هذه الانتهاكات لم تتح لهم سبل الانتصاف، ولم يوضع أي "إطار قانوني ييسر تقديم هذه الشكاوى". وبذلك، تبدو اللجنة و كأنها قد أقرت ضمن اً إمكانية خضوع ضحايا هذه الأفعال لـ "الولاية القضائية" للدولة الطرف، بمفهوم الفقرة 1 من المادة ٢ من العهد والمادة ١ من البروتوكول الاختياري، لكنها لم توضح السبب. و هذا البلاغ كان فرصة للجنة لتوضيح اجتهاداتها القضائية.

٤- وفي الفقرة 6-4 من هذا القرار، تشير اللجنة إلى نص المادة ١ من البروتوكول الاختياري، فضل اً عن اجتهاداتها بشأن مفهوم "الولاية القضائية"، بما في ذلك على النحو الموجز في تعليقها العام رقم ٣١(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد. وقد أرست اللجنة، في تلك الوثيقة، المبدأ العام القائل بأن الدول الأطراف ملزمة باحترام وضمان الحقوق الواردة في العهد لأي شخص يندرج ضمن نطاق سلطتها أو يخضع ل سيطرتها الفعلية ، حتى وإن لم يكن موجود اً داخل إقليم الدولة الطرف. لذلك، كان من الممكن توقع أن توضح اللجنة، في الفقرة 6-5 من هذا القرار، تفسيرها لمصطلحي "السلطة أو السيطرة الفعلية" في السياق الوقائعي المحدد للبلاغ. وللأسف، لا تتضمن الفقرة 6-5 أي توضيح في هذا الصدد.

٥- ووضعت اللجنة فعلاً "التزاما ً بضمان عدم المس اس بالحقوق المنصوص عليها في العهد بفعل أنشطة خارجية تنفذها الشركات الخاضعة لولايتها القضائية"، و"[…] بالتحديد عندما يتعلق الأمر بانتهاكات لحقوق الإنسان ذات طابع خطير كتلك المثارة في هذه البلاغ" (الفقرة 6-5). ومع ذلك، حتى إذا كان هذا الالتزام قائم اً بموجب العهد، فإنه لا يعني أن الأشخاص الذين يتضررون من أنشطة الشركات الكندية العاملة في الخارج يخضعون للولاية القضائية للدولة الطرف. وقد تكون البيانات المقدمة في الفقرة 6-7 أكثر فائدة: أخذت اللجنة على أصحاب البلاغ عدم تقديم معلومات كافية لإثبات "العلاقة ( "nexus" ) بين التزامات الدولة الطرف بموجب العهد، وأعمال [الشركتين المعنيتين] والانتهاك المزعوم لحقوق أصحاب البلاغ". ولئن كانت الصيغة أبعد ما يكون عن الوضوح، فإنها تتميز بأنها محاولة لمعالجة اعتراضات الدولة الطرف ومفادها أنها "لا تمارس ... أي ولاية قضائية من أي نوع على الأفراد الذين يعيشون في قرية بلعين [...] " (الفقرة 4-15) وتفيد، دعما ً لهذا الادعاء، أول اً بعدم وجود أي صلة بين الانتهاكات المزعومة والأنشطة الخارجية لأي جهة حكومية كندية فاعلة، وثاني اً أن "الصلة الوحيدة بين كندا والوقائع المزعومة هي صلة غامضة وغير مباشرة: ادعاء تورط كيانين قانونيين تأسسا في كيبيك، لكن ليس لهما، في الواقع، أي صلة ملموسة بتلك المقاطعة" (الفقرة 4-15).

٦- وترى الدولة الطرف أن المعيار الأساسي للولاية القضائية هو وجود "صلة" ( ) أو "علاقة" ("nexus") كافية بين الانتهاكات المزعومة وما يُنسب إلى الدولة الطرف من فعل أو تقصير. وبعبارة أخرى، يخضع صاحب البلاغ لسلطة الدولة الطرف وسيطرتها الفعلية وبالتالي لولايتها القضائية، عندما يكون من الممكن إقامة صلة كافية بين ما يُنسب إلى الدولة الطرف من فعل أو تقصير وانتهاكات الحقوق الواردة في العهد التي يدعي صاحب البلاغ تعرضه لها. وتعتبر الصلة "كافية" عموم اً عندما يكون الشخص المعني تحت السيطرة الفعلية لهيئة رسمية من هيئات الدولة الطرف ( ) . وهذه هي ال فرضية الأكثر شيوعاً فيما يتعلق بالصلة المباشرة التي تتيح للدولة، من خلال أجهزتها، أن تمارس السلطة أو السيطرة المادية الفعلية.

٧- بيد أن اللجنة أدركت أيض اً وجود صلة غير مباشرة، بالنظر إلى القدر الكافي من النفوذ والسيطرة اللذين تمارسهما دولة طرف على دولة أخرى أو كيان آخر أو سيطرتها الفعلية على شخص ما ( ) . وفي قضية مناف ضد رومانيا ، ولئن كان السياق مختلف اً بالتأكيد، أرست اللجنة مبدأ يمكن، على ما يبدو، الاستناد إليه في سياق هذا البلاغ و هو المبدأ التالي: "الدولة الطرف قد تكون مسؤولة عن انتهاكات العهد التي ترتكب خارج حدودها الوطنية إذا كانت حلقة في سلسل ة العلاقة السببية التي يمكن أن تكون وراء انتهاكات تقع في ولاية قضائية أخرى. وعليه، لا بد أن يكون خطر حدوث انتهاك خارج الحدود الوطنية نتيجة حتمية ومتوقعة وأن ي تحدد استناداً إلى المعلومات التي كانت تملكها الدولة الطرف في ذلك الوقت [...] " ( ) .

٨- والواضح أن هذا القرار يتمشى مع ذلك الاجتهاد القضائي، لأنه يسلم بأنه إذا أمكن التأكد من أن لدى الدولة ما يكفي من النفوذ على إحدى الشركات، فإن تلك الدولة تمارس، ولو بشكل غير مباشر، السلطة والسيطرة الفعلية على الأشخاص الذين يتأثرون بأنشطة الشركة في بلد آخر.

٩- ويوجد في هذه القضية تطور واضح مقارنة بالاجتهاد السابق، وهو أن الطرف الثالث المسؤول مباشرة عن الانتهاك ليس دولة بل جهة فاعلة من القطاع الخاص. ولكن، في الواقع، يتماشى هذا التطور أيض اً مع اجتهادات اللجنة، التي لطالما أقرت بأن الالتزامات الإيجابية الملقاة على عاتق الدول الأطراف بأن تضمن الحقوق المشمولة بالعهد لا يمكن أن تؤدى إلا "إذا وفرت الدولة الحماية للأفراد لا مما يرتكبه وكلاؤها من انتهاكات للحقوق المشمولة بالعهد فحسب وإنما أيضاً من الأفعال التي يقوم بها أفراد عاديون أو تقوم بها كيانات خاصة " ( ) . علاوة على ذلك، سبق للجنة أن أقرت، في سياق نظرها في التقارير، بأن الدولة يمكنها أن تقيم ولاية قضائية وأن تتحمل المسؤولية فيما يتعلق بالأعمال التي تنفذها الجماعات المسلحة أو الكيانات المعلنة ذاتي اً في إقليم دولة أخرى ( ) .

١٠- ويتماشى قرار اللجنة في هذه القضية مع طريقة تطور القانون الدولي العام بشأن هذه المسألة. صحيح أن المبادئ التوجيهية المتعلقة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان ت ؤكد ، حسبما تلاحظ الدولة الطرف، أنه "لا يُشترط بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان بشكل عام أن تنظم الدول ما تقوم به المؤسسات التجارية المقيمة في إقليمها و/أو ولايتها القضائية من أنشطة خارج الإقليم " ( ) . لكن ذلك لا يعني أن الدول لا تملك أي التزامات بموجب معاهدات حقوق الإنسان فيما يتعلق بأنشطة شركات ال أعمال العاملة في الخارج أو أنه لا يمكن أبد اً تحميلها أي مسؤولية في هذا الصدد ( ) . وفيما يتعلق بالعهد، قد تكون هذه الالتزامات قائمة حيثما توجد صلة من حيث الولاية القضائية مع الأشخاص المتضررين من هذه الأنشطة. وكما تقترح اللجنة في هذه القضية، يمكن إقامة هذ ه الصلة، على أساس: (أ) القدرة الفعلية للدولة على تنظيم أنشطة شركات الأعمال المعنية و(ب) المعرفة الفعلية التي تملكها الدولة فيما يتعلق بتلك الأنشطة وعواقبها المتوقعة من حيث انتهاكات حقوق الإنسان المعترف بها في العهد.

١١- و متى سويت مسألة "الولاية القضائية"، ظهرت مسائل أخرى. ويجب، على وجه الخصوص، البت في ما إذا كان أصحاب البلاغ "ضحايا" بالمفهوم الوارد في المادة 1 من البروتوكول الاختياري ( ) . ويجب البت ، استناد اً إلى الأسس الموضوعية في هذه القضية، في ما إذا كانت الدولة الطرف قد احترمت التزاماتها بموجب العهد تجاه الأشخاص المتضررين من الأنشطة الخارجية للشركات، وخصوص اً ما إذا كانت قد اتخذت ما يلزم من تدابير إيجابية، سواء من حيث الإطار التشريعي أو سبل الانتصاف، لضمان الحقوق. ويثير هذا السؤال مجموعة أخرى من القضايا يبدو أن ا للجنة ترغب في حلها بالإحالة إلى معيار "العناية الواجبة" وذلك متابعةً لاجتهادها القضائي بشأن مسؤولية الدول فيما يتعلق بالأفعال التي يرتكبها أشخاص عاديون ( ) . ولا يمكننا، في إطار هذا الرأي المحدود حتم اً، معالجة هذه المسائل التي تختلف في رأينا عن مسألة الاختصاص/الولاية القضائية. ومما لا شك فيه أن من عيوب هذا القرار أن اللجنة لم تستطع جعل هذه الفروق أكثر وضوحا ً أو لم ترغب في ذلك.