الأمم المتحدة

CCPR/C/126/D/2773/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

2 October 2019

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة ٥ ( ٤) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم ٢٧٧٣/٢٠١٦ * ** ***

البلاغ مقدم من: بولي فاراكا (تمثله منظمة الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب )

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: نيبال

تاريخ تقديم البلاغ: ١١ أيار/مايو ٢٠١٦

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في ١٣ حزيران/يونيه ٢٠١٦ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : ١٥ تموز/يوليه ٢٠١٩

الموضوع : عمل الأطفال والعمل القسري؛ و الاعتقال التعسفي لطفل من السكان الأصليين وتعذيبه؛ و المحاكمة العادلة

المسائل الإجرائية : استنفاد سبل الانتصاف المحلية؛ وإساءة استعمال الحق في تقديم البلاغات

المسائل الموضوعية: حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ وحظر العمل القسري؛ وحق الفرد في الحرية والأمان على شخصه؛ و الحق في محاكمة عادلة؛ واحترام الكرامة الأصيلة للإنسان؛ وحق الطفل في الحماية الخاصة؛ والحق في سبيل انتصاف فعال

مواد العهد: ٢، و،٧ و8(3)(أ)، و9، و10، و14، و24(1)

مواد البروتوكول الاختياري: ٣ و٥(٢)(ب)

١- صاحب البلاغ هو بولي فاراكا ( ) ، المواطن النيبالي المولود في عام ١٩٩٧ والمنتمي إلى جماعة التارو الأصلية. وهو يدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المنصوص عليها في المواد 2، و7، و8(3)(أ)، و9، و10، و14، و24(1) من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة إلى الدولة الطرف في ١٤ أيار/مايو ١٩٩١. وتمثل صاحب البلاغ منظمة الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

٢-١ يشير صاحب البلاغ إلى أن وقائع هذا البلاغ يجب أن تُقرأ في سياق الاستخدام الواسع والمنهجي للاحتجاز التعسفي والتعذيب في نيبال، ولا سيما ضد الأطفال، مع إفلات الجناة من العقاب ( ) . وتشمل العوامل الإضافية التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار شيوع ظروف الاحتجاز اللاإنسانية والمهينة ( ) وانتشار ممارسات عمل الأطفال والعمل القسري، مما يؤثر أساساً في أطفال مجتمعات الشعوب الأصلية، على الرغم من الحظر الرسمي لهذه الممارسات في جميع أنحاء البلد ( ) .

٢-٢ في عام 2007، أُرسل صاحب البلاغ، عندما كان في سن تسع سنوات، بسبب ضعف الحالة المالية لأسرته، إلى كاتماندو للعمل في الخدمة المنزلية . وعمل في البداية في منزل كانت ظروفه تسمح له بالانتظام في المدرسة، وكان يتلقى أجراً متواضعا ً مقابل خدماته. ولكن في عام 2010، أُرسل إلى العمل كخادم منزلي لدى أسرة ضابط بالجيش النيبالي، ولكنه لم يعد يُسمح لهم بالالتحاق بالمدرسة. وفي سن ١٤ عام اً، أُجبر صاحب البلاغ على العمل كل يوم من الساعة الرابعة صباحاً إلى العاشرة مساءً وكُلف بأعمال الطهي والمطبخ والتنظيف والكنس وشراء اللوازم والاعتناء بالمنزل وخدمة الزوار وتدليك الأقدام وغسل الملابس. ولم يكن يُدفع لصاحب البلاغ أو أسرته أجر مقابل عمله.

٢-٣ وكان صاحب البلاغ يتعرض في كثير من الأحيان أثناء عمله لدى الأسرة الأخيرة للإيذاء البدني والنفسي. وفي تموز/يوليه ٢٠١٢، فر صاحب البلاغ إلى قريته لعدم قدرته على تحمل الإيذاء. وف ي وقت لاحق، قدَّمت ابنة مالك المنزل الذي يقيم فيه الضابط في الجيش النيبالي شكوى اتهمت فيها صاحب البلاغ بسرقة ذهب وأشياء أخرى ثمينة. ولإجبا ر صاحب البلاغ على العودة إلى كاتماندو، ألقت الشرطة القبض على عمه وعرضته للتعذيب ولأشكا ل أخرى من إساءة المعاملة ( ) ، منها التهديد بالقتل، إلى أن تعهد بإعادة ابن أخيه إلى العاصمة .

٢-٤ و في ١٤ آب/أغسطس ٢٠١٢، سافر صاحب البلاغ وعمه إلى كاتماندو، وتوجها إلى شرطة العاصمة كاتماندو لمقابلة نائب المشرف على شرطة العاصمة. و أُلقي القبض على صاحب البلاغ واحتُجز مع البالغين. ولم يُبلغ بأسباب القبض عليه ولا بالتهم الموجهة إليه. وتعرض صاحب البلاغ، في يوم القبض عليه وفي الأيام التالية للتعذيب، في حضور نائب المشرف. وتعرض للّكْم في جميع أنحاء جسمه، والضرب بخراطيم مطاطية على باطن قدميه (وهو شكل من أشكال التعذيب يُعرف باسم الفلقة) وتعرض للسحب بشعره . وطُلب من صاحب البلاغ عدة مرات الاعتراف بسرقة الذهب والأشياء الأخرى من المنزل الذي كان يعمل فيه وأن يكشف عن المكان الذي خبأ به الأشياء الثمينة. وفي النهاية أُرغم على أن يوقع ببصمات أصابعه على وثائق، لم يُسمح له بقراءتها، كانت تضمن اعترافاً بارتكابه السرقة.

٢-٥ و في ١٩ آب/أغسطس ٢٠١٢، مَثَل صاحب البلاغ أمام مكتب إدارة منطقة كاتماندو، الذي أمر بتمديد احتجازه على أساس تهمة بارتكاب جرم عام ( ) . ونظراً إلى أن عمره كان 14سنة في ذلك الوقت، كان ينبغي أن يمثُل، بموجب التشريعات المحلية، أمام هيئة للأحداث تتبع المحكمة المحلية لا أمام مكتب إدارة المنطقة. وعند مثوله أمام مكتب إدارة المنطقة، غالطت الشرطة المكتب، بإبلاغه أن عمره ١٨ سنة. وفي وقت لاحق، مدَّد مكتب إدارة المنطقة احتجازه ثلاث مرات. ولم يكن يمثل صاحبَ البلاغ محام في أي من تلك المراحل.

٢-٦ واحتُجز صاحب البلاغ لدى شرطة العاصمة كاتماندو، في الفترة من ١٤ آب/أغسطس إلى 6 أيلول/سبتمبر 2012، في ظروف احتجاز لاإنسانية ومهينة. وأُجبر على البقاء في زنزانة شديدة الاكتظاظ مع 12 شخصاً آخرين. وكان المحتجزون يتشاركون في مرحاض واحد مجاور للزنزانة وكانت رائحته كريهة. وكان المحتجزون يُجبرون على تنظيفه بالتناوب. ول م يتسن لصاحب البلاغ أن يستحم، أثناء فترة احتجازه، إلا مرتين، ولم يكن يحصل على الغذاء إلا كل يومين. وكا ن الغذاء المقدم له رديئاً وأُعد في ظروف غير صحية.

٢-٧ وكان صاحب البلاغ يتعرض للتعذيب اليومي أثناء احتجازه لدى شرطة العاصمة كاتماندو. فكان يُؤخذ إلى غرفة استجواب ويُعذب فيها على أيدي ثمانية من ضباط الشرطة. وكا ن يُجبر على الاضّجاع على الطاولة ورجلاه مقيدتان إلى الطاولة بينما يجلد ضباط الشرطة باطن قدميه بعص اً. وكان يُصفع أيضاً على وجهه ويُلْكم على في قَفَاه ويُجلد على ظهره وخصره ويُعرض لصدمات كهربائية تحت أظافره.

٢-٨ وفي ٦ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢، وُجهت أخيراً لصاحب البلاغ تهم ارتكاب "جريمة عامة" ( ) . وفي تلك المناسبة، تمكن صاحب البلاغ من مقابلة محام لأول مرة منذ القبض عليه. وأمر مكتب إدارة منطقة كاتماندو بإطلاق سراحه بكفالة قدرها ٠٠٠ ١ روبية نيبالية (نحو 8.60 دولارات). ولم يتمكن صاحب البلاغ وأسرته من دفع الكفالة، فظل قيد الاحتجاز.

٢-٩ وفي ٨ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢، عندما مَثَل صاحب البلاغ أمام محكمة كاتماندو المحلية، أفاد صراحةً بأنه تعرض للتعذيب وطلب إجراء فحص طبي له. وأجر ي فحص طبي سجل فيه الطبيب وجود كشوط على ساعده وإصابته بالحمى وبحالة اكتئاب عامة ( ) . ومع ذلك، لم يؤد ذلك إلى فتح أي تحقيقات في أسباب حالته الصحية. وفي ١١ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢، قدم جد صاحب البلاغ شكوى إلى محكمة كاتماندو المحلية ادعى فيها صراحةً أن صاحب البلاغ تعرض للتعذيب ولظروف احتجاز لاإنسانية وطلب إجراء فحص طبي له. ورغم إجراء فحص، لم يُجر أي تحقيق شامل وعاجل ومستقل ونزيه في ادعاءات صاحب البلاغ. وفي اليوم نفسه، قدم صاحب البلاغ إلى اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان شكوى بشأن الانتهاكات التي تعرض لها. غي ر أن اللجنة لم تتخذ أي إجراء في هذا الصدد.

٢ - 10 وفي ٣٠ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢، اتُهم صاحب البلاغ رسمي اً بالسرقة ومَثَل أمام محكمة كاتماندو المحلية. وبالنظ ر إلى أن صاحب البلاغ كان طفلاً، قررت المحكمة الإفراج عنه بكفالة قدرها 000 10 روبية نيبالية (نحو ٨٦ دولارا ً ). ونظراً إلى عدم تمكن صاحب البلاغ وأسرته من دفع الكفالة، أُرسل إلى مركز ل إصلاح الأحداث ريثما تُستكمل إجراءات المحكمة. وف ي ١ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٢، نقل صاحب البلاغ إلى دار لإصلاح الأحداث تقع في سانو ثيمي . واحتُجز صاحب البلاغ في دار إصلاح الأحداث في زنزانة مكتظة كان يظل بها اليوم كله تقريباً. وأطل ق سراحه في ٢٥ حزيران/يونيه ٢٠١٣ بموجب أمر أصدرته المحكمة العليا لنيبال ( ) .

٢ - 1١ وفي ١٥ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٢، قدَّم عمّ صاحب البلاغ عريضة إلى الإدارة العامة للشرطة في ناكسال ، كاتماندو، بشأن التعذيب الذي تعرض له ابن أخيه، لكنه لم ي تلق أي رد قط ولم يُتخذ أي إجراء للتحقيق في هذه الادعاءات.

٢-١٢ وفي ٢١ أيار/مايو ٢٠١٣، قدم الممثل القانوني ل صاحب البلاغ التماساً لكي يمثل صاحب البلاغ أمام المحكمة العليا ل نيبال لطلب الإفراج الفوري عنه. وف ي ٢٥ حزيران/يونيه ٢٠١٣، أصدرت المحكمة العليا لنيبال قرارا ً ( ) يأمر بالإفراج عن صاحب البلاغ، ويعتبر قرار إبقاء القاصر في الاحتجاز بسبب عدم قدرته على دفع الكفالة قراراً غير قانوني ويتنافى مع مبدأ المصالح الفضلى للطفل المنصوص عليه في المعاهدات الدولية وفي التشريعات المحلية.

٢-١٣ وفي ١ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٣، قدم والد صاحب البلاغ التماساً إلى محكمة كاتماندو المحلية، عملاً بقانون التعويض عن التعذيب، بشأن تعرض ابنه للتعذيب والاحتجاز غير القانوني، طلب فيه الإنصاف ومقاضاة المسؤولين عن هذه الأفعال. ولكن، في اليوم نفسه، رفضت محكمة كاتماندو المحلية تسجيل الشكوى بدعوى أنها لا تستوفي المهلة المحددة بـ ٣٥ يوماً للإبلاغ عن حالات التعذيب ( ) .

٢-١٤ وفي ١٠ حزيران/يونيه ٢٠١٤، رأت محكمة كاتماندو المحلية أن صاحب البلاغ مذنب بتهمة سرقة أشياء ثمينة (حاسوب محمول) وحكمت عليه بالسجن لمدة شهر وبغرامة قدرها ٠٠٠ ٤ روبية نيبالية (نحو 34.40 دولاراً). ورفضت المحكمة الادعاءات المتعلقة بسرقة أشياء أخرى. ونظراً إلى أن صاحب البلاغ كان طفلاً، خُفف الحكم إلى النصف عمل اً بالمادة ١١(٣) من قانون الطفل. وبالنظ ر إلى أنه كان قد قضى تسعة أشهر و١٩ يوماً في الاحتجاز، قررت المحكمة أنه لا ينبغي أن يُحتجز مدة أخرى ولا أن يدفع الغرامة. ولم يتمكن صاحب البلاغ من استئناف الحكم بسبب الافتقار إلى الموارد المالية.

٢-١٥ وفي ٢٧ آب/أغسطس ٢٠١٥، حاول محامي صاحب البلاغ تسجيل تقرير معلومات أولي ( ) لدى شرطة العاصمة كاتماندو، من أجل إجراء تحقيق في إخضاع صاحب البلاغ لعمل الأطفال والعمل القسري ومقاضاة المسؤولين عن ذلك. ورفضت الشرطة شفاهةً تسجيل التقرير، بحجة أنها لم يسبق لها أن تلقت ادعاءات بشأن عمل الأطفال والعمل القسري، وأن هذه الحالة لا ينبغي أن تُحال إلى الشرطة بل إلى مكتب العمل. وفي اليوم نفسه، سعى ممثل صاحب البلاغ إلى استصدار أمر من مكتب رئيس المنطقة بأن تسجل الشرطة تقرير المعلومات المتعلق بعمل الأطفال والعمل القسري، غير أن المكتب رفض شفاهةً أيضاً تسجيل الشكوى استناداً إلى أسباب مماثلة. وفي ١٣ أيلول/سبتمبر 2015، حاول ممثل صاحب البلاغ تقديم شكوى إلى مكتب العمل في كاتماندو سعياً إلى محاكمة المسؤولين عن إخضاع صاحب البلاغ لعمل الأطفال والعمل القسري، والحصول على تعويض عن الأضرار التي لحقت به. ورفض رئيس مكتب العمل تسجيل الشكوى بدعوى انقضاء مدة التقادم المحددة بسنة واحدة بموجب قانون (حظر وتنظيم) عمل الأطفال.

٢-١٦ وفي ٢٤ آذار/مارس 2016، قدم ممثل صاحب البلاغ التماسين إلى المحكمة العليا لنيبال بشأن إخضاع صاحب البلاغ لعمل الأطفال والعمل القسري، وتعرضه للتعذيب، على التوالي. غير أن موظف قسم الالتماسات بالمحكمة العليا رفض شفاهةً تسجيل الالتماسين، بدعوى أنه لا حظّ لهما في النجاح. ورفض تقديم رد خطي بهذا المعنى. وفي نفس اليوم، سعى ممثل صاحب البلاغ إلى الطعن في قرار رفض تسجيل الالتماسين أمام المسجل المشترك لوحدة الالتماسات في المحكمة العليا لنيبال. ومع ذلك، أكد المسجل المشترك مجدداً رفض تسجيل أي من الشكويين لسقوطهما بالتقادم، ورفض تقديم نسخة خطية من قراره ومسوغاته.

٢-١٧ ويعاني صاحب البلاغ، من جراء ما تعرض له من تعذيب وسوء معاملة واعتداء، من آثار بدنية ونفسية، منها اضطرابات النوم والصداع المستمر والكوابيس والاكتئاب.

٢-١٨ وفيما يتعلق باستنفاد سبل الانتصاف المحلية، يؤكد صاحب البلاغ أن سبل الانتصاف التي توفرها تشريعات الدولة الطرف لم تثبت فعاليتها في هذه القضية. ورغم المحاولات المتكررة التي بذلها هو وأسرته منذ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢ لمقاضاة ومعاقبة المسؤولين عن أفعال التعذيب وسوء المعاملة وعمل الأطفال والعمل القسري، والحصول على الانتصاف المناسب، لم توفر السلطات النيبالية أي سبيل انتصاف فعال. وفي مناسبات عديدة، رفضت السلطات النيبالية، بما في ذلك المحكمة العليا لنيبال، تسجيل الشكاوى المقدمة من ممثل صاحب البلاغ.

٢-١٩ ويدعي صاحب البلاغ أن المسؤولين عن الجرائم الجسيمة المرتكبة ضده لا يزالون حتى الآن يتمتعون بالإفلات من العقاب، وأنه لم يحصل على أي تعويض أو جبر عن الأضرار التي لحقت به. ويضيف أن التشريعات المحلية المعيبة القائمة تجعل من المستحيل عليه أن يحقق أي نجاح من حيث الوصول إلى العدالة وسبل الانتصاف.

الشكوى

٣ -١ يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت المادتين ٧ و١٠ من العهد، مقروءتين بالاقتران مع المادة ٢٤(١) منه، نظراً إلى ما تعرض له من تعذيب وسوء معاملة في محاولة لانتزاع اعتراف منه بالضلوع في سرقة الذهب والأشياء الثمينة، وبسبب ظروف احتجازه اللاإنسانية.

٣ -٢ ويدعي صاحب البلاغ أيض اً حدوث انتهاكات بموجب المادتين ٧ و١٠ من العهد، مقروءتين بالاقتران مع المادتين ٢(٣) و٢٤(١) منه، نظراً إلى عدم إجراء سلطات الدولة الطرف أي تحقيق شامل ومحايد ومستقل وفعال في ادعاءاته وعدم مقاضاة ومعاقبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات. ويدعي أيضاً أنه لم يحصل على تعويض مناسب أو جبر كامل عن الضرر الذي لحق به.

٣-٣ ويدعي صاحب البلاغ كذلك حدوث انتهاك بموجب المادة ٧ من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(٢) منه، بسبب عدم اتخاذ سلطات الدولة الطرف تدابير تشريعية مناسبة لإعمال الحقوق المنصوص عليها في العهد ولإزالة العقبات القائمة في الإطار القانوني القائم بشأن التعذيب التي لا يزال يتناقض مع التزاماتها الدولية.

٣-٤ ويدعي صاحب البلاغ أنه ضحية لانتهاك المادة ٩(١) - (٣) و(٥) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادتين ٢(٣) و٢٤(١) منه، لأنه تعرض للاعتقال والاحتجاز التعسفيين. ويدعي أيضاً أنه لم يُبلغ، في وقت اعتقاله، بأسباب هذا الاعتقال ولم يُبلغ فوراً بأي تهم رسمية موجهة إليه. ولم تجر سلطات الدولة الطرف أي تحقيق فعال ومستقل ونزيه وشامل في تلك الادعاءات، ولم يحصل صاحب البلاغ على تعويض عن الأضرار التي لحقت به.

٣-٥ ويدعي صاحب البلاغ أيض اً أنه ضحية انتهاك المادة ١٤(٢) و(٣)(أ) و(ب) و(ز) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة ٢٤(١) منه، لأن الدولة الطرف لم تكفل له محاكمة عادلة، بالنظر إلى أنه: لم تُفترض براءته إلى أن تثبت إدانته وفق اً للقانون؛ و لم يُبلغ فوراً وبالتفصيل، عند النظر في التهم الجنائية الموجهة إليه، بطبيعة وسبب التهم الموجهة إليه؛ ولم يُمنح ما يكفي من الوقت والتسهيلات لإعداد دفاعه أو للاتصال بمحام من اختياره؛ وعلاوةً على ذلك، أُجبر على الإقرار على نفسه ووقَّع على اعترافه تحت الإكراه.

٣-٦ ويدعي صاحب البلاغ كذلك أنه ضحية انتهاك المادة ٨(٣)(أ) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادتين ٢(٣) و٢٤(١) منه، لتقاعس سلطات الدولة الطرف عن القيام بما يلي: اتخاذ التدابير اللازمة لحمايته من الخضوع لعمل الأطفال والعمل القسري؛ إجراء تحقيق فعال ومستقل ونزيه وشامل، بحكم مسؤوليتها؛ محاكمة المسؤولين أو معاقبتهم؛ منح صاحب البلاغ تعويضاً مناسباً عن الأضرار التي لحقت به. ومما يشدد من هذه الانتهاكات أن صاحب البلاغ كان طفلاً في وقت وقوع الأحداث، ومن ثم كان يستحق تدابير الحماية الخاصة، التي لم تتخذها الدولة.

٣-٧ ويشير صاحب البلاغ إلى أن أطفال الشعوب الأصلية يتعرضون منذ أمد بعيد للتهميش والتمييز في نيبال. ويدعي صاحب البلاغ أن مما يزيد الانتهاكات تفاقماً أنه كان، في وقت وقوع الأحداث، طفلاً من الشعوب الأصلية، وبالتالي، كان يستحق حماية خاصة من الدولة الطرف، بموجب المادة ٢٤(١) من العهد، نظر اً إلى تعرضه لأشكال متداخلة من التمييز.

٣-٨ ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تدعو الدولة الطرف إلى أن تكفل حصوله على تعويض كامل عما لحق به من أضرار، بما في ذلك الأضرار المادية والمعنوية، مع اتخاذ تدابير رد الحق وإعادة التأهيل والترضية، بما في ذلك رد الاعتبار لكرامة الشخص وسمعته، و تقديم ضمانات بعدم التكرار.

٣-٩ ويطلب صاحب البلاغ أيض اً إلى اللجنة أن تدعو الدولة الطرف إلى اتخاذ التدابير المحددة التالية: (أ) التحقيق في وقائع القضية، بغية مقاضاة المسؤولين عن الانتهاكات المرتكبة ضد صاحب البلاغ، على نحو يتناسب مع جسامة الجرائم، ووقف أو عزل أفراد الشرطة المشتبه فيهم أثناء سير التحقيق؛ (ب) ضمان حصول صاحب البلاغ على الرعاية الطبية والنفسية مجانا ً ؛ (ج) تقديم منحة تعليمية لصاحب البلاغ إذا رغب في مواصلة الدراسات التقنية أو الجامعية؛ (د) الاعتراف بالمسؤولية الدولية لنيبال وتقديم اعتذار رسمي إلى صاحب البلاغ في حفل عام؛ (ﻫ) ضمان حصول صاحب البلاغ فوراً على تعويض منصف وملائم يتناسب مع جسامة الانتهاكات التي تعرض لها، بما في ذلك الأضرار البدنية والنفسية والمعنوية وفقدانه فرصة العمل والتعليم؛ (و) تحديد السلطات المحلية المسؤولة عن تنفيذ كل تدبير من تدابير الجبر؛ (ز) ترجمة آراء اللجنة إلى اللغة النيبالية ونشرها في الجريدة الرسمية.

٣-١٠ ويطلب صاحب البلاغ كذلك إلى اللجنة أن تدعو الدولة الطرف إلى تنفيذ التدابير العامة التالية كضمانات لعدم التكرار: (أ) تجريم التعذيب وفق اً لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ (ب) تعديل قانون السقوط بالتقادم، الذي يحدد مهلة ٣٥ يوماً لتقديم الشكاوى المتعلقة بالتعذيب؛ (ج) الإلزام بأن يُقدم للشخص، في وقت القبض عليه، أمر اعتقال ينص على أسباب الاعتقال؛ (د) إعداد برامج تثقيفية في مجال القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني لجميع أفراد الشرطة النيبالية، والسلطة القضائية، وجميع الأشخاص الذين يمكن أن يشاركوا في احتجاز و/أو معاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم؛ (ﻫ) اتخاذ التدابير الضرورية التي تكفل حصول السجناء في جميع مرافق الاحتجاز في جميع أنحاء نيبال على ما يكفي من الغذاء والرعاية الطبية والمرافق الصحية وفق اً للمعايير الدولية.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

٤-١ دفعت الدولة الطرف في ملاحظاتها المؤرخة 18 أيلول/سبتمبر 2017 بأن ادعاءات صاحب البلاغ "لا تستند إلى حقائق وإلى الواقع".

٤-٢ وتلاحظ الدولة الطرف أن ابنة مالك البيت الذي كان يعمل به صاحب البلاغ قدمت تقرير معلومات أولياً اتهمت فيه صاحب البلاغ بسرقة عدد من مقتنياتها الثمينة. و اعتُقل ص احب البلاغ بشكل قانوني على يد الشرطة في راتنابارك، كاتماندو. وتدعي الدولة الطرف أن صاحب البلاغ اعترف في بياناته أمام المدعي الحكومي (المحقق) بذنبه وبأنه باع الأشياء المسروقة لجاره مقابل 000 2 روبية (نحو 17.20 دولاراً).

٤ -٣ وتنكر الدولة الطرف أي ادعاءات تتعلق بحدوث تعذيب أثناء تحقيقات الشرطة في قضية صاحب البلاغ. وتلاحظ الدولة الطرف أن محكمة كاتماندو المحلية أمرت فوراً، في سياق البت في دعوى السرقة ضد صاحب البلاغ، وبعد أن أبلغ صاحب البلاغ عن تعرضه للتعذيب وطلب إجراء فحص طبي له، بإجراء فحص طبي له، وهو الفحص الذي أجراه قسم الطب الشرعي بالمستشفى التعليمي لجامعة تريبوفان. ولم يبين التقرير الشرعي المؤرخ ١٣ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢ حدوث أي نوع من الاعتداء البدني أو إشارة تدل على إصابة، ولم يكشف عن أي مرض طبي نفسي جسيم. وبالنظر إلى أن التقرير الطبي المقدم إلى المحكمة المحلية لم يتضمن أدلة على ارتكاب أي فعل من أفعال التعذيب ضد صاحب البلاغ، لم تصدر المحكمة أي أمر فيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ أنه تعرض للتعذيب. وتدعي الدولة الطرف أن صاحب البلاغ كان ينبغي له، في حالة عدم الرضا عن قرار المحكمة المحلية، أن يقيم دعوى استئناف أمام محكمة الاستئناف في باتان، وهو ما لم يفعله. وتدعي الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول لأن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

٤-٤ وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ أُودع "دار اً لإصلاح الأحداث "بناءً على أمر من محكمة كاتماندو المحلية، ثم أُفرج عنه بعد ذلك بأمر من المحكمة العليا لنيبال، التي استندت في قرارها إلى أحكام اتفاقية حقوق الطفل، والتعليق العام رقم ١٠(٢٠٠٧) للجنة حقوق الطفل بشأن حقوق الطفل في قضاء الأحداث. وتضيف الدولة الطرف أن المحكمة العليا ذكرت أن الأحكام الواردة في ديباجة قانون الطفل تنص على الالتزام القانوني للدولة بحماية النمو البدني والعقلي والذهني للأطفال وأنه ليس من المصالح الفضلى للطفل المتهم أن يُودع داراً لإصلاح الأحداث. وتلاحظ الدولة الطرف أيض اً أن المحكمة المحلية رأت في وقت لاحق أن صاحب البلاغ مذنب بسرقة حاسوب محمول وأشياء أخرى، وحكمت عليه بالسجن لمدة شهر وبغرامة قدرها 000 4 روبية (نحو 34.40 دولاراً).وتضيف الدولة الطرف أنه تم تخفيض مدة سجنه والغرامة الموقعة عليه بموجب المادة ١١(٣) من القانون.

٤-٥ وتشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ، رغم إجراء محكمة كاتماندو المحلية تقييم اً لادعاءات التعذيب في سياق البت في دعوى السرقة، قدم إلى المحكمة المحلية شكوى منفصلة بشأن التعذيب، بعد انقضاء فترة التقادم، طالب فيها بالتعويض. و رفضت المحكمة تسجيل القضية، استناداً إلى المادة ٥ من قانون التعويض عن التعذيب، التي تنص على أنه يجوز للضحية تقديم شكوى للمطالبة بالتعويض في غضون ٣٥ يوم اً من تاريخ التعرض للتعذيب أو من تاريخ إطلاق سراحه من الاحتجاز، وحكمت بعدم قبول الدعوى بموجب المادة ١٥(٣) من لوائح المحكمة المحلية.

٤-٦ وتلاحظ الدولة الطرف أنه "فيما يتعلق بمسألة التعويض من رب العمل"، لم يلتمس صاحب البلاغ الانتصاف قبل انقضاء فترة التقادم. ورفض مكتب العمل تسجيل شكوى صاحب البلاغ، نظر اً إلى انقضاء فترة التقادم المحددة بسنة واحدة من تاريخ ارتكاب الفعل، وفق اً للمادة ٢٠(٢) من قانون عمل الأطفال. وتلاحظ الدولة الطرف أيض اً أن صاحب البلاغ كان يحق له تقديم شكوى بشأن أي جريمة يُعاقب عليها بموجب القانون، وأن سبل الانتصاف القانونية المتاحة لصاحب البلاغ لم تنته برفض التسجيل. وكان بإمكان صاحب البلاغ أن يطعن أمام محكمة العمل في قرار رفض تسجيل شكواه، وكان بإمكانه بعد ذلك اللجوء إلى الاختصاص الاستثنائي للمحكمة العليا.

٤-٧ وفيما يتعلق بالالتماسين اللذين قدمهما صاحب البلاغ إلى المحكمة العليا بشأن تعرضه للتعذيب وشكاواه المقدمة بموجب قانون عمل الأطفال، تدعي الدولة الطرف أنه لا يمكن تصديق أن موظف قسم الالتماسات والأمين المشترك للمحكمة العليا رفضا تسجيل التماسيه. وتحتج الدولة الطرف بأنه لو كان صاحب البلاغ قد قدم بالفعل الدعوى إلى المحكمة العليا لأُتيح له خيار الذهاب إلى المسجل، ولكان بإمكانه، في حالة الرفض، أن يطعن في قرار المسجل أمام هيئة المحكمة العليا وفق اً للمادة ٢٧(٣) من لوائح المحكمة العليا.

٤-٨ وتدعي الدولة الطرف أنه لا يوجد، من واقع الوثائق المقدمة من صاحب البلاغ، ما يشير إلى أن صاحب البلاغ اتبع الإجراءات القضائية المعمول بها. ف العملية القضائية في نيبال مستقلة ومنهجية وقوية ومؤسسية. وتحتج الدولة الطرف بوجود عمليات سليمة ومناسبة للفصل في النزاعات وإقامة العدل وأن صاحب البلاغ لم يتبع أياً من هذه الإجراءات المعمول بها. وتدعي الدولة الطرف أن اللجوء إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان - كملاذ أخير - دون استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية، هو إساءة استعمال لعملية الانتصاف المتاحة بموجب البروتوكول الاختياري، ولذلك فإن البلاغ غير مقبول.

٤-٩ وتدعي الدولة الطرف أن ادعاء صاحب البلاغ رفض تسجيل شكاواه "لا يستند إلى حقائق أو إلى الواقع". وتكرر الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد سبل الانتصاف المحلية المتاحة قبل انقضاء فترة التقادم، وتحتج بأن صاحب البلاغ انخرط فيما يبدو في عملية المفاضلة بين المحاكم. وعليه ترى الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري.

٤ -١٠ وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، ترى الدولة الطرف أن جميع ادعاءات صاحب البلاغ ينبغي أن تُرفض لأنه لم يستنفد جميع سبل الانتصاف القانونية المتاحة قبل انقضاء فترة التقادم.

٤-١١ وتلاحظ الدولة الطرف أن لدى نيبال عدد اً من التدابير القانونية الرامية إلى حماية الأطفال من التعذيب وسوء المعاملة ( ) . وتشير الدولة الطرف، في جملة أمور، إلى ما يلي: (أ) المادة ٤ من قانون عمل الأطفال التي تحظر إلحاق الطفل بالعمل ضد إرادته عن طريق الإقناع أو تقديم بيانات كاذبة أو إخضاعه لأي تأثير أو تهديد أو إكراه أو بأية وسيلة أخرى؛ (ب) المادة ١٤ من قانون قضايا الدولة، التي تجيز لأفراد الشرطة الذين يجرون تحقيقاً ذا صلة بجريمة أن يلقوا القبض على شخص إذا وُجدت أسباب معقولة تدعو إلى الاشتباه في ضلوعه في الجريمة، وتُلزِم بأن يُبلغ الشخص المعتقل بأسباب القبض عليه؛ (ج) مشروع القانون المتعلق بالتعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، المعروض على السلطة التشريعية من أجل تعديل قانون العقوبات الوطني ( ) ، وهو المشروع الذي يجرم التعذيب بوصفه جريمة يعاقب عليها بما يتمشى مع اتفاقية مناهضة التعذيب، وينص على معاقبة مرتكبي التعذيب بالسجن لمدة أقصاها خمس سنوات أو دفع غرامة قدرها ٠٠٠ ٥٠ روبية ( نحو ٥٠٠ دولار ) ، أو بكلتا العقوبتين، وينص على تقديم تعويض قدره ٠٠٠ ٥٠٠ روبية ( حوالي ٠٠٠ ٥ دولار ) لضحايا التعذيب .

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

٥-١ يلاحظ صاحب البلاغ، في تعليقاته المؤرخة ٩ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٧، أن الدولة الطرف استغرقت أكثر من عام لتقديم ملاحظاتها بشأن هذا البلاغ، وأن ذلك دليل آخر على عدم مبالاة نيبال بمعاناته الشديدة.

٥-٢ وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف عدم استنفاد سبل الانتصاف المحلية، يذكِّر صاحب البلاغ بأن اللجنة أكدت بوضوح أن سبل الانتصاف المحلية لا بد من استنفادها إن بدت هذه السبل فعالة في قضية معينة، ومتاحة فعلي اً لصاحب البلاغ، وكانت تتيح فرصة موضوعية للنجاح ( ) . ويدعي صاحب البلاغ أن سبل الانتصاف التي أشارت إليها الدولة الطرف في ملاحظاتها لا تفي بتلك الاشتراطات. وهو يدعي أيضاً أن جميع سبل الانتصاف التي اتبعها من أجل الحصول على العدالة والتعويض ثبت عدم جدواها.

٥-٣ ويؤكد صاحب البلاغ أنه لم يقدم طعناً في قرار محكمة كاتماندو المحلية، الذي قضى بأنه لا ينبغي أن يُحتجز مدة أخرى ولا أن يدفع غرامة لأنه يفتقر هو وأسرته إلى الموارد المالية لتقديم طعن، بالنظر إلى أنهم من المعوزين، وهو ما اتضح من عجزهم عن دفع كفالة الإفراج عنه. ويحيل صاحب البلاغ إلى الرأي الاستشاري OC-11/90 لمحكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، الذي جاء به ما يلي:

إذا رأى الشخص الذي يلتمس الحصول على الحماية القانونية من أجل تأكيد حقوقه ... أن وضعه الاقتصادي يمنعه من القيام بذلك لأنه لا يستطيع دفع أتعاب المحامي اللازم لذلك أو تكاليف الإجراءات، فيكون ذلك الشخص ضحية للتمييز بسبب وضعه الاقتصادي، ومن ثم فهو لا يحصل على الحماية المتساوية أمام القانون.

...

لا يجوز لأية دولة لا توفر للمعوزين محامياً مجان اً أن تؤكد بعد ذلك وجود سبل انتصاف مناسبة ولكنها لم تُستنفد.

...

[إن كانت] الخدمات القانونية مطلوبة بحكم القانون أو الواقع من أجل الاعتراف بحق من الحقوق ولم يتمكن الشخص من الحصول على هذه الخدمات بسبب عوزه، يُعفى هذا الشخص من شرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية ( ) .

وعلاوة على ذلك، يدعي صاحب البلاغ أن تقديم طعن في القرار لم يكن ليؤدي إلى فتح تحقيق في ادعاءاته المتعلقة بالتعذيب والعمل القسري ولا إلى حصوله على تعويض عن الأضرار التي لحقت به. ويدعي صاحب البلاغ أن سبيل الانتصاف هذا لم يكن فعالاً في قضيته.

٥-٤ ويؤكد صاحب البلاغ أنه لم يتمكن إلا في ٢٠١٥ من أن يتحدث علناً ويطلب تعويضاً عن العمل القسري الذي تعرض له. فقد تعرض للعمل القسري والإيذاء البدني والنفسي حتى تموز/يوليه ٢٠١٢، عندما فر وعاد إلى قريته. وفي آب/أغسطس ٢٠١٢، حُرم تعسفاً من حريته، وعندما أطلق سراحه كانت المهلة الضيقة جداً المحددة بسنة لتقديم شكوى، بموجب قانون عمل الأطفال، قد انقضت بالفعل، مما تركه دون سبيل انتصاف فعال. ويكرر صاحب البلاغ أن مدة التقادم المحددة بسنة واحدة لتقديم مطالبات، في جرائم بالغة الخطورة من قبيل عمل الأطفال والعمل القسري، يجعل سبيل الانتصاف هذا، في حد ذاته، غير فعال. ويضيف صاحب البلاغ أنه عاش سنوات عديدة في خوف وعوز، دون إمكانية الحصول على المساعدة القانونية المتخصصة والمجانية، إلى أن علمت منظمة الرابطة السويسرية لمكافحة الإفلات من العقاب بقضيته، ووافقت على تحمل النفقات القانونية لقضيته أمام السلطات المحلية.

٥-٥ ويشير صاحب البلاغ إلى أن الدولة الطرف لا تتناول في ملاحظاتها أنه، قبل محاولته تقديم الشكوى إلى مكتب العمل، الذي رفض تسجيلها في ٢٧ آب/أغسطس ٢٠١٥، حاول أولاً تسجيل تقرير معلومات أولي لدى الشرطة من أجل فتح تحقيق في قضيته ومحاكمة المسؤولين عن إخضاعه لعمل الأطفال والعمل القسري. ورفضت الشرطة تسجيل تقرير المعلومات الأولي لصاحب البلاغ، الذي قدَّم في اليوم نفسه شكوى إلى مكتب رئيس المنطقة من أجل تسجيل تقرير المعلومات الأولي الذي أعده. ورفض المكتب تسجيل شكواه. وعلاوة على ذلك، يذكر صاحب البلاغ أنه حاول، في أيلول/سبتمبر ٢٠١٧، أن يلجأ إلى الاختصاص الاستثنائي للمحكمة العليا، لكنها أيضاً لم توفر له أي سبيل انتصاف فعال.

٥-٦ وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف أن صاحب البلاغ قدم شكواه المتعلقة بالتعويض عن التعذيب الذي تعرض له بعد انقضاء فترة التقادم المحددة بــ ٣٥ يوماً، يذكِّر صاحب البلاغ بأن اللجنة قضت بأن فترة التقادم هذه بعينها لا تتناسب مع جسامة الجريمة ( ) ، وطلب أن تطبق اللجنة اجتهادها القضائي الراسخ في هذه القضية .

٥-٧ ويلاحظ صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لا تطعن بأي شكل من الأشكال في أن سلطاتها المعنية، بعد جميع محاولاته الرامية إلى فتح تحقيق في تعرضه للتعذيب ومقاضاة المسؤولين عن ذلك، لم تجر أي تحقيق في ادعاءات تعرضه للتعذيب.

٥-٨ ويحيط صاحب البلاغ علماً بأن الدولة الطرف ترى أن مسألة رفض المحكمة العليا تسجيل التماسيه "لا يمكن تصديقها"، ويعبر عن انزعاجه الشديد لأن نيبال تعتبر ادعاءاته "كاذبة". ويذكِّر صاحب البلاغ بأنه قدم نسخاً من التماسيه كوثائق داعمة لهذا البلاغ، بالإضافة إلى أسماء موظفي المحكمة العليا الذين رفضوا التسجيل. ويشير إلى أن نيبال كان ينبغي لها، بدل اً من مجرد التلميح إلى أن ادعاءاته كاذبة، أن تقدم أدلة قوية تفند ادعاءاته، وتبرر رفض الموظفين تسجيل شكاواه، وأن تجري تحقيقاً في هذا الصدد، عند الاقتضاء. ويحتج صاحب البلاغ بأنه يتعين على الدولة الطرف أن توفر سبيل انتصاف فعالاً، وبأن تقديم التماس إلى المحكمة العليا، في قضيته، ثبت أنه غير ممكن ومن ثم فهو سبيل انتصاف غير فعال. وفيما يتعلق بادعاء الدولة الطرف أنه كان بإمكانه الطعن أمام هيئة المحكمة العليا في الأمر الذي أصدره مسجل المحكمة، في سياق الإشارة إلى المادة ٢٧(٣) من لوائح المحكمة العليا، يلاحظ صاحب البلاغ ما يلي: (أ) أن تلك المادة تنص على أنه ينبغي للمسجل أن يقدم مبرراً خطي اً لعدم تسجيل الالتماسات، ولا تشير إلى إمكانية تقديم طعن؛ (ب) أنه لم يتلق قط أي بيان خطي بأسباب عدم تسجيل التماساته، رغم طلباته. ولذلك، من الصعب فهم كيف كان يمكنه أن يتفادى الرفض اللفظي من قِبل المسجل والأمين المشترك للمحكمة العليا لكي يمكن سماع قضيته؛ ولذلك فإنه تُرك دون أي سبيل انتصاف فعال.

٥-٩ وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية للبلاغ، يلاحظ صاحب البلاغ أن الدولة الطرف تدعي أن هذه الادعاءات لا تستند إلى حقائق أو إلى الواقع. ومع ذلك، يحتج صاحب البلاغ بأن نيبال طعنت فقط في ادعائه أنه تعرض للتعذيب، ومن ثم فإن جميع الحقائق الأخرى لم يُطعن فيها وينبغي للجنة أن تعتبرها ادعاءات غير مطعون فيها.

٥-١٠ ويدعي صاحب البلاغ أن المعلومات التي قدمتها الدولة الطرف عن تعذيبه هي ادعاءات غير دقيقة. وهو يلاحظ أن محتويات تقرير الفحص الطبي الذي أجراه قسم الطب الشرعي بالمستشفى التعليمي لجامعة تريبوفان تختلف عن ادعاءات الدولة الطرف عندما ذكرت أن التقرير الطبي "لا يكشف عن أي مرض طبي نفسي جسيم" وأنه "لا يتضمن أدلة على ارتكاب أي فعل من أفعال التعذيب ضد صاحب البلاغ". وهو يحتج بأن التقرير الطبي يشهد بأن صاحب البلاغ كان مصاباً بكشوط وبالحمى وبحالة اكتئاب عامة ( ) .

٥-١١ ويلاحظ صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لا تعترض على أن السلطات التي أُبلغت بادعاءات تعرض صاحب البلاغ للتعذيب لم تجر تحقيقاً. ومن ثم فإن نيبال تقر بعدم إجراء أي تحقيق في ادعاءاته المتعلقة بالتعذيب، ويطلب صاحب البلاغ إلى اللجنة أن تعلن انتهاك المادة ٧ من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادتين ٢(٣) و٢٤(١) منه.

٥-١٢ ويرحب صاحب البلاغ بالمعلومات التي تفيد بأن برلمان نيبال اعتمد قانون العقوبات الوطني الجديد، الذي يجرم التعذيب بوصفه جريمة يُعاقب عليها. بيد أنه يلاحظ أنه في وقت تقديم هذه التعليقات، لم يكن قانون العقوبات الجديد قد دخل حيز النفاذ، وأن القانون ليس له أثر رجعي، وبالتالي لا ينطبق على حالته. ويحتج صاحب البلاغ بأن كون نيبال بصدد إنفاذ قانون العقوبات الجديد يثبت فقط ادعاء صاحب البلاغ أن نيبال ليس لديها إطار تشريعي ملائم للتصدي للتعذيب، مما يترتب عليه انتهاك المادة ٧ من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة ٢(٢) منه. ويحتج صاحب البلاغ أيض اً بأن معاقبة الشخص المسؤول عن التعذيب بالسجن لمدة أقصاها خمس سنوات أو بغرامة قدرها ٥٠٠ دولار، أو بالعقوبتين، على النحو المنصوص عليه في قانون العقوبات الوطني الجديد، لا يمكن اعتبارها متناسبة مع جسامة الجريمة، ومن ثم تتعارض مع القانون الدولي والمعايير الدولية.

٥-١٣ ويكرر صاحب البلاغ ادعاءاته بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، فضل اً عن تدابير التعويض التي طلبها، التي يمكن أن تمثل توجيهات للدولة الطرف وتعزز مستوى تنفيذ التوصيات الواردة في آراء اللجنة بشأن هذه القضية.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٦-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

٦-٢ وقد تيقنت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٦-٣ و تلاحظ اللجنة ادعاء الدولة الطرف أن سبل الانتصاف المحلية لم تُستنفد، للأسباب التالية: (أ) أن صاحب البلاغ لم يطعن في قرار محكمة كاتماندو المحلية؛ (ب) أنه لم يحترم قوانين التقادم فيما يخص شكاواه المتعلقة بالتعذيب وعمل الأطفال والعمل القسري؛ (ج) أن ادعاءه المتعلق برفض السلطات القاطع تسجيل التماساته المقدمة أمام المحكمة العليا "لا يمكن تصديقه" وأنه "لا يستند إلى حقائق أو إلى الواقع ".

٦-٤ ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يشير إلى أن سبل الانتصاف التي تتيحها تشريعات الدولة الطرف لم تكن فعالة أو متاحة له ولم تكن لها أي فرصة للنجاح، نظراً إلى أن السلطات النيبالية رفضت صراحةً مجرد تسجيل شكواه، رغم محاولاته المتكررة الوصول إلى العدالة والحصول على تعويض عما تعرض له من تعذيب وعمل الأطفال وعمل قسري.

٦-٥ وتلاحظ اللجنة، بوجه خاص، ادعاء صاحب البلاغ أنه لم يتمكن من الطعن في قرار محكمة كاتماندو المحلية الصادر في ١٠ حزيران/يونيه ٢٠١٤، وهو القرار الذي قضت فيه المحكمة بأنه لا ينبغي أن يُحتجز مدة أخرى ولا أن يدفع غرامة، وتلاحظ ادعاءه أيضاً أنه لم يطلب إجراء تحقيق في ادعاءاته المتعلقة بتعرضه للتعذيب، لأنه لم يتمكن من تحمل أتعاب المحامي أو تكاليف الإجراءات. وتذكِّر اللجنة بأن الاعتبارات المالية العادية والشكوك غير المدعومة بأدلة في فعالية سبل الانتصاف المحلية لا تعفي أصحاب البلاغات تلقائياً من استنفاد تلك السبل ( ) . ومع ذلك، تلاحظ اللجنة، في هذه القضية، أن صاحب البلاغ وأفراد أسرته لم يتمكنوا من دفع الكفالة التي قررتها محكمة كاتماندو المحلية في قرارها المؤرخ ٣٠ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢، وأنه لهذا السبب أُودع داراً لإصلاح الأحداث؛ ولذلك، فإن اللجنة لا تعتبر عدم القدرة على تقديم طعن في قضية صاحب البلاغ ضمن الاعتبارات المالية العادية. وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قد أثبت أن الطعن في القرار الصادر في ١٠ حزيران/يونيه ٢٠١٤ كان سيمثل عبئ اً مالي اً لا يمكنه تحمله بسبب حالته الاقتصادية، وأنه لم يحصل على الخدمات القانونية المجانية ( ) التي تمكنه من الوصول إلى سبيل الانتصاف ذاك واستنفاده، مما جعل هذا السبيل من سبل الانتصاف غير متاح، ولا سيما بالنظر إلى أنه كان طفلاً في ذلك الوقت وكان يستحق حماية خاصة من الدولة الطرف.

٦-٦ وتلاحظ اللجنة أيض اً أن صاحب البلاغ قام بما يلي: (أ) قدم ادعاءاته المتعلقة بالتعذيب إلى محكمة كاتماندو المحلية، ولكن لم يُجر أي تحقيق فيها؛ (ب) قدم شكوى بشأن التعذيب الذي تعرض له إلى الشرطة في ناكسال، دون إبداء استجابة أو اتخاذ إجراء؛ (ج) قدم طلباً للحصول على تعويض، بموجب قانون التعويض عن التعذيب، ولكن رُفض طلبه بسبب انقضاء مدة التقادم المحددة بـ ٣٥ يوماً؛ (د) حاول أن يقدم إلى شرطة العاصمة كاتماندو تقرير معلومات أولياً بشأن ما تعرض له من عمل الأطفال وعمل قسري، ولكن رُفض تسجيل هذا التقرير، وطعن في قرار الرفض أمام مكتب رئيس المنطقة، ولكن رُفض هذا الطعن أيضاً؛ (ه) حاول تقديم طلب للحصول على تعويض، بموجب قانون عمل الأطفال، إلى مكتب العمل في كاتماندو، ولكن رُفض الطلب بسبب انقضاء فترة التقادم المحددة بسنة واحدة؛ (و) حاول تسجيل التماسين لدى المحكمة العليا، ولكن رُفض الالتماسان شفاهةً دون تقديم رفض خطي، على أساس أنهما سقطا بالتقادم. وتذكِّر اللجنة باجتهادها السابق الذي قضت فيه بأن فترة التقادم المحددة بـ 35 يوماً قصيرة بشكل غير معقول لتقديم طلبات التعويض عن التعذيب، ولا تتفق مطلقاً مع طبيعة الجريمة وجسامتها ( ) . وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لا يعترض على أنه لم يتمكن من تقديم شكوى بشأن عمل الأطفال والعمل القسري في غضون المهلة المحددة بسنة واحدة، بالنظر إلى أنه في تلك الفترة الزمنية، بالإضافة إلى كونه طفلاً، وبعد تعرضه للإيذاء البدني والنفسي وفراره من تلك الظروف، احتُجز بشكل تعسفي، وعندما أُطلق سراحه كانت مهلة السنة قد انقضت. واحتج صاحب البلاغ أيض اً بأنه عاش عدة سنوات في خوف وعوز دون إمكانية الحصول على المساعدة القانونية المتخصصة والمجانية. و قد حالت تلك العوامل دون التماسه للدعم. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قدم نسخة من الالتماسين اللذين قدمهما إلى المحكمة العليا، وتلاحظ أيضاً أن الدولة الطرف لم تعترض اعتراضاً جوهرياً على أن صاحب البلاغ لم يحصل على قرار خطي من المحكمة العليا بشأن عدم تسجيل التماسيه. ولذلك، وبعد عدة محاولات بذلها صاحب البلاغ للوصول إلى العدالة والتماسها، وبالنظر ما واجهه في الدولة الطرف من قيود قانونية وعملية على تقديم الشكاوى الرامية إلى التحقيق في ادعاءات التعذيب وعمل الأطفال والعمل القسري، والحصول على تعويض عن هذه الأفعال، وبالنظر إلى العقبات التي اعترضت إجراءات التسجيل أمام المحكمة العليا، ترى اللجنة أن سبل الانتصاف لم تكن فعالة ولا متاحة لصاحب البلاغ.

٦-٧ وفي ضوء ما تقدم، تخلص اللجنة إلى أن المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

٦-٨ وتحيط اللجنة علماً بطلب الدولة الطرف اعتبار البلاغ غير مقبول باعتباره إساءة استعمال للحق في تقديم البلاغات (الفقرة 4-8). بيد أن اللجنة تلاحظ أن عدم اتفاق الدولة الطرف وصاحب البلاغ فيما يتعلق ببعض الحقائق وبتطبيق القانون لا يشكل في حد ذاته إساءة استعمال للحق في تقديم البلاغات ( ) . ونظراً إلى عدم وجود أي معلومات أخرى في ملف القضية، ترى اللجنة أن البلاغ لا يمثل إساءة استعمال للحق في تقديم البلاغات بموجب المادة ٣ من البروتوكول الاختياري.

٦-٩ وفيما يتعلق بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة ١٤ من العهد، تلاحظ اللجنة أن هذه الادعاءات لا تدعمها أدلة كافية وأنها تستند إلى عدم وجود ضمانات أثناء احتجازه وقبل البدء في أي إجراءات للمحاكمة. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن تلك الادعاءات ينبغي دراستها بموجب المادة 9 من العهد ( ) .

٦-١٠ وبالنظر إلى أن جميع الشروط الأخرى المتعلقة بالمقبولية استوفيت، تعلن اللجنة مقبولية البلاغ فيما يتصل بالانتهاكات المدعاة للمواد 2(3)، و7، و8، و9، و10، و24(1) من العهد ، وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية .

النظر في الأسس الموضوعية

٧-١ نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

٧-٢ وتحيط اللجنة علم اً بادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة ٧ من العهد أنه تعرض أثناء احتجازه وأثناء استجوابه من قِبل الشرطة، عندما كان عمره ١٤ سنة، لأفعال تعذيب، منها اللكم في جميع جسده، والضرب بخراطيم مطاطية على باطن قدميه (الفلقة)، والصدمات الكهربائية تحت أظفاره، وتعرض لظروف احتجاز لاإنسانية، منها الاكتظاظ وعدم توافر الرعاية الطبية، وتدني الظروف الصحية والغذائية. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تنكر أن صاحب البلاغ تعرض للتعذيب، وتحتج فقط بأن تقرير الفحص الطبي الشرعي المؤرخ ١٣ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢ المقدم إلى محكمة كاتماندو المحلية لم يشر إلى أي نوع من أنواع الاعتداء البدني أو الإصابة البدنية، ولم يكشف عن أي مرض طبي نفسي جسيم، مما دعا المحكمة إلى عدم اتخاذ مزيد من الإجراءات بشأن ادعاءات التعذيب. ومع ذلك، تلاحظ اللجنة أيض اً أن صاحب البلاغ قدم وصفاً موثوقاً للتعذيب الذي تعرض له، وقدم أيضاً نسخة من تقرير الفحص الطبي الشرعي المعني الذي وثَّق وجود كشوط على ساعد صاحب البلاغ وإصابته بالحمى وبحالة اكتئاب عامة. وبناءً عليه، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت المادة 7 من العهد، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 24(1) منه.

٧-٣ وفي ضوء ما تقدَّم، تقرر اللجنة ألا تنظر بشكل منفصل في ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 10 من العهد .

٧-٤ وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ بشأن عدم إجراء سلطات الدولة الطرف تحقيقاً شاملاً ومحايداً ومستقلاً وفعالاً في ادعاءاته المتعلقة بالتعذيب. وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تطعن في ادعاءات صاحب البلاغ أن محكمة كاتماندو المحلية والشرطة في ناكسال لم تجريا تحقيقاً في شكاواه المتعلقة بالتعذيب. وترى اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح للطعن في ادعاءات صاحب البلاغ، ولم تجر التحقيقات اللازمة في ادعاءاته المتعلقة بالتعذيب.

٧-٥ وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ بشأن اتخاذ الدولة الطرف التدابير التشريعية المناسبة لإعمال الحقوق المكرسة في العهد ولإزالة العقبات القائمة في الإطار القانوني القائم بشأن التعذيب. وتلاحظ اللجنة أيض اً ادعاء صاحب البلاغ أن فترة التقادم المحددة بـ ٣٥ يوماً بموجب التشريعات المحلية، التي منعته من تقديم طلب للحصول على تعويض عن التعذيب، لا تتناسب مع جسامة الجريمة. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الأسباب التي تذرعت بها السلطات النيبالية لرفض تسجيل شكاوى صاحب البلاغ تستند إلى فترة التقادم نفسها المحدَّدة بـ ٣٥ يوماً. وتذكر اللجنة باجتهادها السابق الذي قضت فيه بأن فترة التقادم القصيرة بشكل غير معقول لتقديم الشكاوى المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لا تتفق مطلقاً مع طبيعة الجريمة وجسامتها ( ) . وتحيط اللجنة علم اً بأن الدولة الطرف أبلغت، في وقت تقديم هذا البلاغ، بأن تشريعاتها المتعلقة بالتعذيب ستُعدل من أجل تجريم التعذيب بوصفه جريمة يعاقب عليها (انظر الفقرة 4-11 أعلاه)، وتحيط علم اً أيض اً بأن الدولة الطرف عدلت، في عام ٢٠١٨ ، قانونها الجنائي، وشملت التعديلات تجريم وتعريف التعذيب بموجب المادة ١٦٧ من القانون، وتحديد فترة تقادم قدرها ستة أشهر من تاريخ ارتكاب التعذيب أو من تاريخ إطلاق سراح الشخص، إذا حُرم من حريته، لتقديم شكوى بشأن التعذيب، ومعاقبة الشخص المدان بالتعذيب بالسجن لفترة أقصاها خمس سنوات أو دفع غرامة قدرها ٥٠٠ دولار، أو العقوبتين. وترى اللجنة أنه، بالنظر إلى أن القانون المنقح ليس له أثر رجعي، فإنه لا صلة لها بقضية صاحب البلاغ، وأن فترة التقادم الجديدة والعقوبات المفروضة على أفعال التعذيب لا تزال غير متناسبة مع جسامة هذه الجريمة.

٧ -٦ وفي ضوء ما تقدم، تخلص اللجنة إلى أن تقاعس الدولة الطرف عن إجراء أي تحقيق في ادعاءات صاحب البلاغ أنه تعرض للتعذيب، لا سيما بالنظر إلى أنه كان طفلاً، وكون فترة التقادم المحددة للمطالبة بتعويض عن التعذيب بموجب القانون النيبالي، التي كانت سارية في وقت الأحداث، حالت دون وصول صاحب البلاغ إلى سبيل انتصاف فعال، يشكلان انتهاكاً في كلتا الحالتين لحقوقه التي تكفلها المادة 7 من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادتين ٢(٣) و٢٤(١) منه.

٧-٧ وبعد أن خلصت اللجنة إلى حدوث انتهاك للمادة 7 من العهد، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادتين ٢(٣) 24(1) منه، تقرر اللجنة عدم النظر بشكل منفصل في ادعاء صاحب البلاغ انتهاك المادة 7 من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(2) منه.

٧-٨ وتلاحظ اللجنة ادعاء ات صاحب البلاغ بموجب المادة 9 من العهد أنه تعرض للاعتقال والاحتجاز التعسفيين وهو لا يزال طفلاً ، ولم يُبلغ في وقت القبض عليه بأسباب اعتقاله ولم يبلغ فوراً بأية تهم موجهة إليه. وادعى صاحب البلاغ أيض اً أنه حُرم من حريته في الفترة من ١٤ آب/أغسطس إلى 6 أيلول/سبتمبر 2012 ، دون إبلاغه بالتهم الموجهة إليه ودون أن تُتاح له فرصة الاتصال بمحام حتى ٦ أيلول/سبتمبر ٢٠١٢. وذكرت الدولة الطرف فحسب أن القبض على صاحب البلاغ ي ستوفي الضمانات القانونية، دون تقديم أي معلومات أو أدلة إضافية. وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قدم وصفاً متسقاً ومفصلاً للحقائق المحيطة بالقبض عليه وحرمانه من الحرية، وهو ما لم تطعن فيه الدولة الطرف. وبناءً عليه، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ التي تكفلها المادة 9 من العهد، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 24(1) من العهد .

٧-٩ وفي ضوء الاستنتاج الأخير، تقرر اللجنة عدم النظر بشكل منفصل في ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 9 من العهد، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 2(3) منه.

٧-١٠ وتحيط اللجنة علم اً بادعاءات صاحب البلاغ أنه في الفترة من عام ٢٠١٠، عندما كان عمره 14 سنة، إلى عام 2012، أرغم على العمل كخادم منزلي لدى أسرة في كاتماندو من الساعة الرابعة صباحاً إلى العاشرة مساءً على مدار الأسبوع. وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بادعاء صاحب البلاغ أنه أمضى سنتين تقريباً يقوم بأعمال الطهي والمطبخ والتنظيف والكنس وشراء اللوازم والاعتناء بالمنزل وخدمة الزوار وتدليك الأقدام وغسل ملابس الأسرة، دون السماح له بالالتحاق بالمدرسة ودون الحصول على أي أجر على عمله. وهو يدعي أيضاً أنه تعرض للإيذاء النفسي والجسدي من قِبل الأسرة، إلى أن قرر الفرار في تموز/يوليه ٢٠١٢.

٧-١١ وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يدعي أن سلطات الدولة الطرف لم تجر، من واقع مسؤوليتها، تحقيقاً فعالاً ومستقلاً ومحايداً وشاملاً، ولم تحاكم أو تعاقب المسؤولين عن هذه الأعمال، ولم تقدم لصاحب البلاغ تعويضاً مناسباً عن الضرر الذي لحق به. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن الدولة الطرف لم تطعن في ادعاءات صاحب البلاغ أن الشرطة ومكتب رئيس المنطقة رفضا محاولاته تقديم تقرير معلومات أولي وتقديم شكاوى من أجل إجراء تحقيق ومقاضاة المسؤولين عن إخضاعه لعمل الأطفال والعمل القسري. وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف لم تجر، حتى الآن، أي تحقيق في ادعاءات الخضوع لعمل الأطفال والعمل القسري. وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قدم وصفاً موثوقاً لما تعرض له كعامل منزلي واستحالة التحاقه بالمدارس في تلك الظروف. ولذلك ترى اللجنة أن عدم توفير الدولة الطرف الحماية لصاحب البلاغ، الذي كان عمره ١٤ سنة في ذلك الوقت، من هذه الانتهاكات، وعدم إجرائها أي تحقيق في ادعاءاته، لا سيما بالنظر إلى أنه كان طفلاً، يشكل انتهاك اً لحقوقه بموجب المادة ٨(٣) من العهد، مقروءة بالاقتران مع المادتين ٢(٣) و٢٤(١) منه.

٨- واللجنة، إذ تتصرف وفقاً للفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن حدوث انتهاك من قِبل الدولة الطرف للمادة 7 من العهد، مقروءةً منفردة وبالاقتران مع المادتين 2(3) و24(1) منه، وانتهاك للمادة 8(3) من العهد، مقروءةً منفردةً وبالاقتران مع المادتين 2(3) و24(1) منه، وانتهاك للمادة 9 من العهد، مقروءةً منفردةً وبالاقتران مع المادة 24(1) منه.

٩- ووفقاً لأحكام الفقرة 3(أ) من المادة 2 من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويعني ذلك أنه يجب على الدولة الطرف أن تمنح الأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بالعهد تعويضاً كاملاً عما أصابهم من ضرر. وبناء على ذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، بما يلي: (أ) التحقيق في وقائع القضية وضمان معاقبة من تثبت مسؤوليتهم بعقوبات تتناسب مع جسامة الجرائم، ووقف أو عزل أفراد الشرطة المشتبه فيهم أثناء سير التحقيق؛ (ب) توفير الرعاية الطبية والنفسية مجاناً، عند الاقتضاء؛ (ج) توفير الجبر الفعال وتدابير الترضية المناسبة لصاحب البلاغ عن الانتهاكات التي عانى منها، بما في ذلك توفير الدعم التعليمي، حسب الاقتضاء؛ (د) ضمان حصول صاحب البلاغ على تعويض فوري ومنصف وملائم، يتناسب مع جسامة الانتهاكات التي تعرض لها؛ (ه) تحديد السلطات المحلية المسؤولة عن تنفيذ كل تدبير من تدابير الجبر. ويقع على عاتق الدولة الطرف أيضاً التزام باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل. وينبغي للدولة الطرف أن تكفل، بوجه خاص، إزالة العقبات القانونية والعملية والإدارية التي تعوق تقديم الشكاوى والتحقيق فيها والوصول الفعلي إلى العدالة وحصول ضحايا التعذيب وضحايا عمل الأطفال والعمل القسري على التعويض، بطرق منها تعديل التشريعات ومدة التقادم وفق اً للمعايير الدولية ( ) ، وتجريم التعذيب والرق، وإدراج عقوبات وسبل انتصاف تتناسب مع جسامة هذه الجرائم وبما يتسق مع التزاماتها بموجب المادة ٢(٢) من العهد.

١٠- وإذ تأخذ اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في البت في حدوث انتهاك للعهد من عدمه، والتزمت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليميها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ إذا ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.

مرفق

رأي مشترك لأعضاء اللجنة تانيا ماريا عبده روتشول، وعارف بلقان، وهيرنان كيزادا كابريرا، وإيلين تريغرودجا (رأي مؤيد)

١- لا يتناول هذا الرأي قرار اللجنة بشأن الأسس الموضوعية - وهو قرار نؤيده تمام اً - بل يتناول سبل الانتصاف المتاحة لصاحب البلاغ، الذي كان ضحية انتهاكات جسيمة للعهد عندما كان طفل اً. لقد طلب صاحب البلاغ، في مطالبته بتعويضات، في جملة تدابير أخرى، "اعتذار اً رسمياً ...في حفل عام" (انظر الفقرة 3-9). بيد أن أغلبية أعضاء اللجنة، رغم موافقتهم على منح بعض التدابير المطلوبة، رفضوا توجيه أمر إلى الدولة الطرف بتقديم اعتذار علني إلى صاحب البلاغ. ويتعلق رأينا المخالف بهذا الرفض، لأننا نرى، في هذه القضية، أن الاعتذار العلني له ما يبرره تمام اً، بالنظر إلى الظروف برمتها.

٢- ونحن نشير في البداية إلى أن الجمعية العامة سلَّمت بأن الاعتذارات العلنية تدبير فعال وضروري ومكمل للانتصاف في حالات الانتهاكات الخطيرة والجسيمة لحقوق الإنسان ( ) . والأهم من ذلك أن الاعتذارات العلنية وردت في المبادئ التوجيهية المتعلقة بتدابير الجبر بموجب البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي اعتمدتها اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في عام ٢٠١٦، والتي تنص أيضاً على أنه عند بت اللجنة في تدابير الجبر، ينبغي أن يُراعى موقف الأطراف في البلاغ المعني (CCPR/C/158، الفقرة 4) . ونلاحظ أن صاحب البلاغ طلب تحديد اً، في البلاغ، اعتذاراً علنياً، وهو طلب لم تطعن فيه الدولة الطرف ولم ترد عليه. وعلاوةً على ذلك، تنص المبادئ التوجيهية على أنه يجوز للجنة أن تطلب إلى الدول الأطراف أن تصدر اعتذاراً علنياً، لا سيما عند حدوث انتهاكات جسيمة أو ممنهجة لا يمكن جبر الأضرار الناجمة عنها على أكمل وجه عن طريق رد الحق أو التعويض فقط (الفقرة 11(ه)). والمعايير المقترحة، بوجه خاص، ليست متلازمة بل منفصلة .

٣- والأمر بتقديم اعتذارات هو من تدابير الجبر القديمة الأزل والمتفق عليها في منظومة حقوق الإنسان للبلدان الأمريكية ( ) . ومبرر القيام بذلك متجذر في عدد من الأسباب التي تخدم غايات رمزية وعملية على حد سواء. وعندما يكون انتهاك حقوق الإنسان واسع النطاق، قد تكون التدابير الفردية غير عملية أو حتى مستحيلة، وفي هذه الظروف قد يكون الاعتذار العلني مفيداً في معالجة الأضرار الجماعية. وبشكل أدق، بالنظر إلى أن بعض انتهاكات حقوق الإنسان قد تؤدي إلى خسائر لا يمكن تقديرها كمي اً وجبرها بالتعويض النقدي، فيكون الاعتذار هو السبيل الأقوى، إن لم يكن الوحيد، لتخفيف الحزن والألم والغضب الذي يشعر به الضحايا ( ) . ومن الواضح أن هذه الاعتبارات هي التي استندت إليها المبادئ التوجيهية المتعلقة بتدابير الجبر، وهي المبادئ التي أكدت فيها اللجنة بوجه خاص أن الاعتذارات لها ما يبررها في حالات الانتهاكات الجسيمة أو المنهجية التي لا يمكن فيها جبر الضرر بشكل كامل عن طريق رد الحق أو التعويض فقط. والوقائع في هذه القضية، كما سنبين في الفقرات التالية، تستوفي شروط الانتهاكات الخطيرة والمنهجية.

٤- وفي هذه القضية، استُوفي شرط الانتهاك الجسيم لثلاثة أسباب. أول اً، كان صاحب البلاغ طفلاً عند تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة على أيدي المسؤولين الحكوميين. وكان طفلاً أيضاً عندما كان ضحية للعمل القسري. وعلى الرغم من أن العمل القسري وقع بناء على طلب من أشخاص عاديين، سلمت اللجنة بأن الدولة لم توفر لصاحب البلاغ الوقاية أو الحماية من هذا الانتهاك الجسيم، وبالتالي فهي نفسها مسؤولة عنه. وعلاوة على ذلك، يقع على عاتق الدولة، بموجب المادة ٢٤ من العهد، واجب خاص بحماية حقوق الأطفال، وهو واجب تبرره شدة ضعف الأطفال، ولا سيما، كما في هذه القضية، عندما يعيشون في فقر مدقع. أما العامل الثاني للانتهاك الجسيم فيستند إلى تقاعس سلطات الدولة عن فتح أي تحقيق أو معاقبة المسؤولين عن انتهاكات الحقوق المطلقة التي تحميها المادتان ٧ و٨ من العهد. وكما ورد في البلاغ، وذكرته اللجنة، رغم محاولة أسرة صاحب البلاغ تقديم شكاوى ضد أفعال التعذيب على أيدي الشرطة وضد العمل القسري لدى أفراد عاديين، ظلت السلطات القضائية تحجم عن إجراء أي تحقيق في الوقائع. أما العنصر الثالث للانتهاك الجسيم، فهو أن المهلة المتاحة لالتماس الانتصاف من هذه الجرائم يتعارض مع التزام الدولة بمكافحة الإفلات من العقاب، لا سيما فيما يتعلق بهذه الانتهاكات الجسيمة، على النحو الذي أقرته ال لجنة (انظر الفقرتين 7-5 و7-6) ( ) .

٥- وفيما يتعلق بالمعايير المحددة في المبادئ التوجيهية بشأن تدابير الجبر، توجد عدة عوامل تدل على أن الانتهاكات التي عانى منها صاحب البلاغ تمثل مشكلة منهجية في الدولة الطرف. وقد أعرب كلٌ من اللجنة المعنية بحقوق الإنسان (CCPR/C/NPL/CO/2، الفقرتان 10 و11) ولجنة مناهضة التعذيب (A/67/44، المرفق الثا لث عشر )، في ملاحظاتهما الختامية بشأن التقارير الدورية المقدمة من الدولة الطرف، عن بواعث قلق شديدة بشأن الادعاءات المتعلقة بالاستخدام الواسع النطاق للتعذيب، وانتشار مناخ الإفلات من العقاب عن أفعال التعذيب، وعدم وجود نص قانوني في القانون الداخلي يعتبر التعذيب جريمة جنائية. وأعربت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أيضاً عن قلقها لأن عمل الأطفال والممارسات التقليدية المتمثلة في السخرة لا تزال شائعة في بعض مناطق الدولة الطرف (CCPR/C/NPL/CO/2، الفقرة 18) . وعلى الرغم من هذه النداءات المتكررة من قِبل هيئات معاهدات مختلفة، ورغم النص على هذه النداءات صراحة في البلاغ (انظر الفقرة 2-1)، لم تقدم الدولة الطرف أي معلومات تبين أنها اتخذت تدابير تشريعية وتدابير أخرى لمعالجة هذه المشاكل المتجذرة. ولذلك فإن الطابع الواسع النطاق لهذه المشاكل، جنباً إلى جنب مع سياق الإفلات من العقاب، هو الذي يستوفي المعيار الآخر المتعلق بوجود مشكلة منهجية، ويشكل سبب اً قاطعاً للتوصية بأن تعتذر الدولة الطرف علن اً لصاحب البلاغ عن الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها كطفل.

٦- وفي الختام، نشير إلى أن أحد العوامل التي تبرر الاعتذارات العلنية هو عدم كفاية التعويض في التصدي لأنواع معينة من المظالم. وتندرج بالتأكيد ضمن هذه الفئة المعاناة الشديدة التي تعرض لها صاحب البلاغ في جزء كبير من طفولته. ونحن نشك في أن أي مبلغ من المال يمكن أن يعوضه عن السنوات العديدة من العمل القسري الذي أُخضع له أو عن فقدان طفولته أو أن يعالج الأضرار النفسية الشديدة التي تترتب على الأرجح على هذه الصدمات النفسية المديدة. في ظل تلك الظروف، نرى أن هذه القضية مناسبة تماماً للدولة الطرف لكي تعترف بفشلها في حماية صاحب البلاغ، بأن تقدم له اعتذاراً علنياً.