الأمم المتحدة

CCPR/C/122/D/2490/2014/Rev.1

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

26 October 2018

Arabic

Original: Spanish

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

قرار اعتمدته اللجنة بموجب البروتوكول الاختياري بشأن البلاغ رقم 2490/2014 * * * ***

بلاغ مقدم من : فيفيان ماريتسا هينكابييه دافيلا (يمثلها جيرمان إدواردو غوميز ريمولينا ، وإلكين دي خيسوس بيتانكور راميريس وكارلوس رودريغيز ميخيا )

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحبة البلاغ

الدولة الطرف : كولومبيا

تاريخ تقديم البلاغ : 15 تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٣ (تاريخ الرسالة الأولى)

المرجع : القرار الذي اتخذه المقرر الخاص عملاً بالمادتين 92 و97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 5 كانون الأول/ديسمبر 2014 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد القرار : ٦ نيسان/أبريل ٢٠١٨

الموضوع : الحق في الطعن في حكم إدانة صادر عن محكمة الدرجة الثانية

المسائل الإجرائية : إساءة استخدام لحق تقديم البلاغات؛ عدم إثبات الادعاءات

المسائل الموضوعية : الحق في أن تعيد محكمةٌ أعلى النظر في العقوبة الصادرة؛ الحق في الحصول على سبيل انتصاف فعال؛ مبدأ افتراض البراءة

مواد العهد : الفقرات 2(2) و(3) و9 و14(2) و(5) و23 و24

مواد البروتوكول الاختياري : ٣

١-١ صاحبة البلاغ، الذي قُدّم لأول مرة في ١٥ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٣، تدعى فيفيان ماريتزا هينكابييه دافيلا ، وهي مواطنة من كولومبيا مولودة في 11 أيلول/سبتمبر ١٩٨١. وتدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها المنصوص عليها في المواد ٢(2) و(3)، و9 و14(2) و(5)، و23 و24 من العهد ( ) . وتدّعي أيضاً أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها المكفولة بموجب المادة 14(2) و(5) مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3). ويمثّل صاحبة البلاغ محام. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في ٢٣ آذار/مارس ١٩٧٦.

١-٢ وفي ٢٣ شباط/فبراير ٢٠١٧، رفضت اللجنة، عن طريق المقرر الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، و وفقاً للمادة ٩٢ من نظامها الداخلي، طلب صاحبة البلاغ المؤرخ ٢٩ كانون الثاني/يناير ٢٠١٧ المتعلق باتخاذ تدابير مؤقتة بهدف ضمان الإفراج عنها.

الوقائع كما عرضتها صاحبة البلاغ

٢-١ في ١٠ حزيران/يونيه ٢٠٠٢، تلقت صاحبة البلاغ دعوة من خليلها، ر. س. لقضاء الليلة في مزرعة "صديق" تقع في بلدية لا فرجينيا في مقاطعة ريسارالدا . وتدعي صاحبة البلاغ أنها قابلت ر. س. للمرة الأولى قبل شهر من وقوع الأحداث المشار إليها، وأن ر. س. أقلَّها من منزلها في مركبة كان على متنها أيضاً ف. ر.؛ وتفيد صاحبة البلاغ أن ف. ر. لم يكن يبدو عليه أنه صعد السيارة مرغماً. وبعد تبادل بضع كلمات في إطار التعارف الودي، انطلقت السيارة إلى المزرعة بنية قضاء وقت ممتع سويا ً . وفي اليوم نفسه، تسللت إلى المزرعة مجموعةٌ من مجموعات العمل الموحدة للدفاع عن الحرية الشخصية التابعة للجيش الكولومبي وحرَّرت ف. ر. ، الذي كان محتجزا ً هناك.

٢-٢ وفي ١٢ حزيران/يونيه ٢٠٠٢، أصدرت النيابة العامة أمرا ً بالاحتجاز السابق للمحاكمة في حق صاحبة البلاغ بتهمة الاختطاف. وطُعن في هذا الأمر لدى مكتب المدعي العام الثالث المنتدب لدى المحكمة العليا لبيريرا ؛ ورفضت المحكمة الطعن في 26 تموز/ يوليه 2002. وفي ٦ آذار / مارس ٢٠٠٣، اتهم مكتب المدعي الخاص الأول صاحبة البلاغ بارتكاب جريمتيْ الاختطاف بهدف الابتزاز وحمل سلاح غير مشروع، وهما تهمتان أكدهما مكتب المدعي العام الث اني المنتدب لدى المحكمة العليا في بيريرا ، في ١١ نيسان/أبريل ٢٠٠٣. وفي ٢٤ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٣، برَّأت محكمة الدائرة الجنائية في بيريرا صاحبة البلاغ. ورأت المحكمة أن صاحبة البلاغ لم يكن لها دور كبير في عملية الاختطاف وأن دورها لم يكن فاعلاً. وعلاوة على ذلك، أشارت المحكمة إلى أن صاحبة البلاغ لم تقم، في أي وقت من الأوقات، بدور حراسة المخطوف ولم تشارك فعلياً بأي طريقة أخرى في عملية الاختطاف. وأقرَّت المحكمة بأن صاحبة البلاغ كانت تعلم أن ف. ر. محتجزٌ رغما ً عنه، وبأنها كذبت أثناء المحاكمة لحماية خليلها، ولكنها رأت مع ذلك أن سلوكها هذا لا يستدعي اتهامها بنفس الجريمتين المنسوبتين إلى غيرها من المدعى عليهم، أي الاختطاف لأغراض الابتزاز وحمل سلاح غير مشروع.

٢-٣ وقدم المدعى عليهم الذين أُدينوا والمدعي العام طعنا ً في حكم محكمة الدائرة الجنائية في بيريرا إلى الدائرة الجنائية في المحكمة العليا المحلية في بيريرا . وفي ٤ آذار/مارس ٢٠٠٤، نقضت المحكمة العليا الحكم الصادر عن محكمة الدرجة الأولى فيما يخص صاحبة البلاغ وحكمت عليها بالسجن 28 سنة وستة أشهر وبغرامة تساوي 5000 ضعف قيمة الحد الأدنى للأجر الشهري بتهمتيْ ارتكاب جريمة الاختطاف لغرض الابتزاز وحمل سلاح غير مشروع. وأشارت المحكمة العليا إلى أن صاحبة البلاغ ضُبطت متلبسة بالجريمة - نظرا ً لوجودها في نفس الغرفة مع ر. س. و ف. ر. عندما حررت إحدى مجموعات العمل الموحدة للدفاع عن الحرية الشخصية التابعة للجيش الكولومبي ف. ر. - وهو ما يمكن أن يُستنتج منه أنها كانت على علم بالأنشطة المتصلة بالاختطاف. وعلاوة على ذلك، رأت المحكمة العليا أن هناك عددا ً من الأدلة التي تثبت مسؤولية صاحبة البلاغ كمشاركة في ارتكاب جريمة الاختطاف لأغراض الابتزاز، بالنظر إلى أنها كانت موجودة، كما ذُكر، إلى جانب ر. س. عندما كان يحرس ف. ر. وأنها قالت، وفقاً لأحد الشهود، إن حياة ف. ر. ستكون في خطر ما لم يُدفع المبلغ المطلوب. وفيما يتعلق بجريمة حمل سلاح غير مشروع، أكدت المحكمة العليا أن الاجتهادات القضائية الراسخة تبين أن الأشخاص الذين ينتمون إلى مجموعة تتشارك في ارتكاب عمل غير مشروع يُعاقَبون على هذه الجريمة حتى لو كانوا هم أنفسهم لا يحملون سلاحاً.

٢-٤ وقدمت صاحبة البلاغ طعنا ً بالنقض ضد قرار المحكمة العليا، ودفعت فيه بأن المحكمة ارتكبت خطأ وقائعيا ً لأن وجودها في مكان الجريمة على سبيل الصحبة لا يمثل سببا ً كافيا ً لإدانتها بارتكاب جريمة الاختطاف لأغراض الابتزاز، وهي جريمة يشترط فيها أن تكون قد اختطفت شخصاً أو نقلته أو حبسته أو أخفته رغما ً عنه (المادة ١٦٩ من القانون الجنائي). ودفعت أيضاً بأن جملة " ما لك إلا أن تؤمن المال تفادياً لأي مشاكل أخرى " التي قالتها لـ ف. ر . لا تدل على أنها شاركت في الاختطاف، بل تدل بالأحرى على قلقها على ف. ر.

٢-٥ وفي ٤ أيار/مايو ٢٠٠٥، رفضت محكمة العدل العليا الطعن بالنقض لأنه لا يستوفي المقتضيات الرسمية ذات الصلة لتقديم الطعون بموجب القانون المحلي. وذكرت ضمن مسائل أخرى، أن صاحبة البلاغ لم تذكر الأسباب التي جعلتها تعتقد أن محكمة الدرجة الثانية ارتكبت خطأ ً وقائعيا ً في حكم الإدانة الصادر في ٤ آذار/مارس ٢٠٠٤، ولم تقدم الأدلة الكافية على ذلك. وبالإضافة إلى ذلك، رأت محكمة العدل العليا أن صاحبة البلاغ لم تثبت أن محكمة الدرجة الثانية حورت الأدلة أو حرفتها أثناء محاكمتها، وأنها خلطت بين عنصرين في الخطأ الوقائعي ينبغي أن يقد ّ ما بطريقتين مختلفتين ( ) .

٢-٦ وفي ٢٦ آذار/مارس ٢٠٠٧، قدمت صاحبة البلاغ طلبا ً للحصول على الحماية القانونية ( acción de tutela ) إلى دائرة النقض الجنائية في محكمة العدل العليا. وزعمت أن الحكم الصادر عن محكمة الدرجة الثانية ينطوي على انتهاك لحقها في مراعاة الأصول القانونية الواجبة وحقها في الحرية بالنظر إلى عدم تعليله تعليلاً كافياً. وبالإضافة إلى ذلك، دفعت صاحبة البلاغ بأن المحكمة العليا قيمت الأدلة تقييما ً خاطئاً، ومارست بذلك، وظيفتها القضائية بطريقة تعسفية ( vía de hecho ). وفي ١٢ نيسان/أبريل ٢٠٠٧ رفضت الدائرة طلب الحماية القانونية لأن صاحبة البلاغ أتيحت لها الإمكانية، في إجراء الطعن بالنقض، للدفاع عن الحقين اللذين انتهكا على حد زعمها. وأشارت الدائرة إلى أنه لا يجوز استخدام طلب الحماية القانونية بهدف إعادة فتح الدعوى بعد انقضائها ما لم يقع انتهاكٌ لمبدأ مراعاة الأصول القانونية الواجبة، وهو ما لم يحدث في هذه القضية. وأشارت الدائرة كذلك إلى أن طلب الحماية القانونية لم يقدم في أجل زمني معقول. فالطلب قدم في ٢٦ آذار/مارس ٢٠٠٧، والحكم المطعون فيه صدر في ٤ آذار/مارس ٢٠٠٤، وتاريخ القرار القاضي برفض الطعن بالنقض يعود إلى ٤ أيار/مايو ٢٠٠٥، أي قبل حوالي عامين من تقديم طلب الحماية القانونية. وفي ٧ أيار/مايو ٢٠٠٧، قضت دائرة النقض المدنية في محكمة العدل العليا بإلغاء الدعوى المرفوعة أمام دائرة النقض الجنائية فيما يتعلق بطلب الحماية القانونية على اعتبار أن دائرة النقض الجنائية نظرت بالفعل في قضية صاحبة البلاغ من قبل، ورفضت حينها الطعن بالنقض في حكم الإدانة.

٢-٧ وفي تاريخ غير معلوم، تقدمت صاحبة البلاغ إلى دائرة النقض المدنية في محكمة العدل العليا بطلب الحماية القانونية ضد دائرة النقض الجنائية والدائرة الجنائية في المحكمة العليا لبيريرا ومحكمة الدائرة الجنائية في بيريرا . وفي ٢٢ أيار/مايو ٢٠٠٧، رفضت دائرة النقض المدنية هذا الطلب على أساس أن قرار دائرة النقض الجنائية، المؤرخ ٤ أيار/مايو ٢٠٠٥، والقاضي برفض الطعن بالنقض في حكم الإدانة قد أنهى الدعوى القضائية وأن هذه الدعوى لا يمكن إعادة فتحها، حتى بموجب طلب الحماية القانونية، لأن الحكم صدر عن أعلى محكمة في القضاء العادي.

٢-٨ وفي ١٥ شباط/فبراير ٢٠٠٨، قدمت صاحبة البلاغ طلبا ً آخر للحصول على الحماية القانونية إلى شعبة القضاء التأديبي التابعة لمجلس القضاء الإقليمي في ريسارالدا بدعوى انتهاك حقوقها في الدفاع والحرية ومراعاة الأصول القانونية الواجبة. وقضت الشعبة بعدم قبول الطلب في ٢٩ شباط/فبراير ٢٠٠٨ على اعتبار أنه لم يقدم في أجل زمني معقول، باعتبار أن قرار محكمة العدل العليا الذي أنهى الدعوى الجنائية المرفوعة ضد صاحبة البلاغ قد صدر قبل تاريخ تقديم الطلب بعامين و١٨ يوما ً . وبالإضافة إلى ذلك، أشار مجلس القضاء الإقليمي في ريسارالدا إلى أن صاحبة البلاغ قدمت طلبها بعد مرور حوالي ثمانية أشهر على تاريخ رفض طلب الحماية القانونية الأول الذي قدمته إلى دائرة النقض المدنية في محكمة العدل العليا (قرار صادر في ٢٢ أيار/مايو ٢٠٠٧). وفي ١٠ آذار/مارس ٢٠٠٨، طعنت صاحبة البلاغ في هذا القرار أما شعبة التأديب القضائي التابعة للمجلس الأعلى للقضاء، ودفعت بنفس الحجج التي دفعت بها في طلب الحماية القانونية الذي قدمته في ١٥ شباط/فبراير ٢٠٠٨، وأشارت إلى أن القرار المطعون فيه لم يحل المسائل الموضوعية. وفي ٢٣ نيسان/أبريل ٢٠٠٨، رفض المجلس الأعلى للقضاء الطلب لأنه لم يُقدَّم في الوقت المناسب، أي أنه قدم بعد مرور سبعة أيام على تاريخ الإخطار بالقرار بدل تقديمه في الأجل الزمني الذي حدده القانون في ثلاثة أيام.

٢-٩ وفي ٢٩ شباط/فبراير ٢٠١٢، قدمت صاحبة البلاغ طلبا ً آخر للحصول على الحماية القانونية إلى دائرة النقض المدنية في محكمة العدل العليا ضد قرارات محكمة الدائرة الجنائية في بيريرا والدائرة الجنائية في المحكمة العليا في بيريرا ودائرة النقض الجنائية في محكمة العدل العليا بدعوى إساءة تطبيق احكام العدالة. وفي ١٣ نيسان/أبريل ٢٠١٢، رفضت دائرة النقض المدنية هذا الطلب، وأشارت إلى أن خيارات وسائل الانتصاف التي يتيحها الدستور قد استنفدت بصدور قرار الدائرة في ٢٢ أيار/مايو ٢٠٠٧، وأمرت صاحبة البلاغ بالامتثال لهذا القرار. وطعنت صاحبة البلاغ في قرار الرفض أمام الدائرة التي أكدت قرارها السابق في ٢٧ نيسان/أبريل ٢٠١٢، وقضت بعدم قبول الطعن.

٢-١٠ وتدعي صاحبة البلاغ أنها استنفدت جميع وسائل الانتصاف المحلية المتاحة.

الشكوى

٣-١ تدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها المكفولة بموجب المواد ٢(2) و(3) و9 و14(2) و(5) و23 و24 من العهد. وتدّعي كذلك أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها المكفولة بموجب المادة 14(2) و(5)، مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3) من العهد.

٣-٢ وفيما يتعلق بانتهاك الحق في افتراض البراءة المنصوص عليه في المادة ١٤(٢) من العهد، تؤكد صاحبة البلاغ أن كل شخص من حقه أن يعتبر بريئاً إلى أن يثبت عكس ذلك، ولكنها تزعم أن ذلك لم يحدث أثناء محاكمتها لأن محكمة من محاكم الدرجة الثانية قضت بإدانتها استنادا ً إلى نفس الأدلة التي استندت إليها المحكمة الابتدائية في تبرئتها بدون أن يقدم إلى المحكمة الأعلى أي دليل جديد. وبذلك، تكون محكمة الدرجة الثانية قد أصدرت حكما ً بالإدانة لا يستند إلى أي أساس ثبوتي. وتشير صاحبة البلاغ إلى أن الحكم الصادر بإدانتها لا يشرح طبيعة الأخطاء التي يُزعم أن المحكمة الابتدائية ارتكبتها في تبرئتها ولا يبين كيف قُيِّمت الأدلة الموجودة في الملفات لكي يُستنتج منها أنها مسؤولة عن الجرائم التي اتهمت بارتكابها. وتؤكد صاحبة البلاغ أن هذا الحكم ينتهك المبادئ القانونية التي كانت مطبقة في ذلك الوقت، وهي مبادئ تنص على ضرورة تعليل الأحكام التي تؤثر على الحقوق الأساسية ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، فإن الحكم لا يبدد أياً من الشكوك التي يمكن أن تفسر لمصلحة صاحبة البلاغ.

٣-٣ وتؤكد صاحبة البلاغ كذلك أن محكمة الدرجة الثانية ارتكبت خطأ يكشف " إهمالها وتقصيرها في التعليل والتحليل " ، على اعتبار أنها أشارت في ديباجة حكمها إلى شخص يدعى أ. ر. ، وهو ليس طرفا ً في الدعوى. وترى صاحبة البلاغ أن هذا يبين أن كل ما فعلته المحكمة لا يعدو كونه نسخاً ولصقاً لجزء مقتطف من قرار يتعلق بقضية أخرى.

٣-٤ وفيما يتعلق بانتهاك المادة ١٤(٥) من العهد، تؤكد صاحبة البلاغ أن الحكم عليها بعقوبة السجن لمدة ٢٨سنة و٦ أشهر لم يخضع للمراجعة أمام محكمة أعلى على النحو المنصوص عليه في العهد. وتشير صاحبة البلاغ إلى آراء اللجنة في قضية غوميز فاسكيز ضد إسبانيا ، التي قضت فيها بأن عدم توفر أي إمكانية لمراجعة حكم الإدانة والعقوبة الصادرة مراجعة كاملة في مرحلة الطعن بالنقض لا يتماشى مع الضمانات المنصوص عليها في المادة ١٤(٥) من العهد على اعتبار أن المراجعة اقتصرت على الجوانب الشكلية أو القانونية للحكم ( ) . وتشير صاحبة البلاغ إلى التعليق العام رقم 32(2007) بشأن الحق في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية وفي محاكمة عادلة، الذي ينص على أن الحق في إعادة النظر في الإدانة أو الحكم الصادر أمام محكمة أعلى، كما ورد في الفقرة 5 من المادة 14، يفرض على الدولة الطرف واجب إعادة النظر فعلياً، من حيث كفاية الأدلة ومن حيث الأساس القانوني، في الإدانة والحكم بقدر ما تسمح الإجراءات بالنظر حسب الأصول في طبيعة الدعوى. وإعادة النظر التي تنحصر في الجوانب القانونية أو الرسمية من الإدانة دون مراعاة لأي جانب آخر لا تعتبر كافية بموجب العهد (الفقرة 48). وتشير صاحبة البلاغ كذلك إلى الفقرة 47 من التعليق العام نفسه، التي تنص على أن الفقرة 5 من المادة 14 لا تكون قد انتهكت إذا اعتبر قرار المحكمة الابتدائية نهائياً فحسب، بل أيضاً إذا لم يكن بالإمكان اللجوء إلى محكمة أعلى لإعادة النظر في إدانة صادرة عن محكمة استئناف أو محكمة عليا عقب حكم بالبراءة صادر عن محكمة أدنى.

٣-٥ وفيما يتعلق بانتهاك المادتين ٢(٣) و١٤(٥) من العهد مجتمعتين، تؤكد صاحبة البلاغ ارتباط هاتين المادتين ارتباطا ً وثيقا ً ، لأن حقها في وسائل انتصاف فعالة قد انتهك أيضاً من جراء انتهاك المادة ١٤(٥)، على اعتبار أن الدولة لم تف بالتزامها بتوفير وسائل انتصاف فعالة تتيح مراجعة حكم محكمة الدرجة الثانية فعلياً، وبتسهيل إمكانية الاستفادة منها ( ) . وتزعم صاحبة البلاغ أن الضمانة المتمثلة في مراجعة حكم الإدانة قد انتهكت أيضاً من جراء عدم تعليل قرار محكمة الدرجة الابتدائية الثانية ( ) .

٣-٦ وتؤكد صاحبة البلاغ أن الدستور يكرس حق الشخص في أن تنظر في قضيته محكمة الدرجة الثانية، ومع ذلك، فإن النظام القانوني في الدولة الطرف لا ينص على سبيل انتصاف يتيح إجراء مراجعة كاملة لحكم الإدانة الصادر عن محكمة الدرجة الثانية، نظرا ً لأن وسائل الانتصاف الاستثنائية المسموح بها في هذا النوع من الأحكام تقتصر على النقض والمراجعة القضائية ( )( ) . ولا تتاح إمكانية اللجوء إلى سبيلي الانتصاف هذين إلا في حالات محدودة نص عليها القانون، ولا يقصد منهما إجراء مراجعة كاملة لحكم الإدانة ( ) . وتشير صاحبة البلاغ إلى قرارات محكمة العدل العليا التي تقضي بأن الانتصاف عن طريق الطعن بالنقض ليس وسيلة الغرض منها إتاحة مواصلة مناقشة المسائل الوقائعية والقانونية كما لو كانت درجة أخرى من درجات التقاضي إلى جانب المحاكم العادية التي بتت في القضية، بل الغرض منها أن تقوم مقام محكمة فريدة تنطلق من فرضية أن العملية بلغت ذروتها بصدور حكم الدرجة الثانية ( ) . وبالإضافة إلى ذلك، تشير صاحبة البلاغ إلى أن الطعن بالنقض له طابع محدود، بالنظر إلى أن محكمة العدل العليا لا يجوز لها، كما أقرت، تقديم معلومات تكميلية أو إضافية أو إيضاحات أو تصويب أخطاء أو سد ثغرات في القضية ( ) ؛ ولا ينطبق هذا التقييد على وسائل الانتصاف العادية ( ) . وتشير صاحبة البلاغ إلى أن المراجعة القضائية هي أيضاً من وسائل الانتصاف الاستثنائية وترى الغرض منها ليس هو مراجعة حكم الإدانة، بل النظر في الأمر المقضي به في ضوء ما لحق من أحداث تثير الشك في صحة القرار.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

٤-١ في ١ حزيران/يونيو ٢٠١٥، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ. وهي تؤكد أن البلاغ غير مقبول لأن اللجنة ليست لها ولاية تخولها التصرف باعتبارها درجة رابعة من درجات التقاضي، ولأن حق تقديم البلاغات أسيء استخدامه بما أن الشكوى لا أساس لها على الإطلاق.

٤-٢ وتؤكد الدولة الطرف أن قرارات المحاكم الوطنية، كلها تستند إلى القانون الداخلي. والحق في الطعن في أي قرار قضائي، منصوص عليه في الدستور وفي القانون رقم ٦٠٠ لعام ٢٠٠٠ (المادة ١٩١)، الذي كان سارياً عندما وقعت الأحداث ( ) . وبناء على ذلك، يجوز للمدعى عليهم الطعن في أحكام الإدانة كما يجوز للمدعين العامين الطعن في أحكام البراءة. وتشير الدولة الطرف إلى السوابق القضائية للمحكمة الدستورية، التي تفيد بأن الغرض من الطعن هو أن تفحص المحكمة الأعلى درجة الأمر المقضي به لتصحيح أي أخطاء قانونية أو عيوب في الإجراءات أو في الحكم القضائي يمكن أن تكون قد ارتكبتها المحكمة الأدنى درجة ( ) . وعلاوة على ذلك، تشير الدولة الطرف إلى أن المحكمة الدستورية أكدت أنه يمكن تقديم الطعون ضد أحكام البراءة في القضايا الجنائية، وبينت أن هذه الطعون تشكل درجة تقاضي إضافية في الدعاوى الجنائية ( ) . ولذلك، فإن طعن المدعي العام والمدعى عليهم المدانين في حكم المحكمة الابتدائية، في قضية صاحبة البلاغ، يجيزه القانون الساري، وقد أسفر عن إدانة صاحبة البلاغ أمام إحدى محاكم الدرجة الثانية.

٤-٣ وتؤكد الدولة الطرف أيضاً أن صاحبة البلاغ أتيحت لها فرصة الطعن في حكم الإدانة الصادر في حقها من خلال وسيلة الانتصاف الخاصة عن طريق الطعن بالنقض، وأن محكمة العدل العليا رفضت هذا الطعن في ٤ أيار/مايو ٢٠٠٥ لعدم بناء الحجج المدفوع بها على أسس صحيحة. وأدى هذا القرار إلى انقضاء الدعوى الجنائية المرفوعة ضد صاحبة البلاغ، نظرا ً لصدوره عن أعلى هيئة قضائية في الاختصاص. ومنحت صاحبة البلاغ أيضاً الفرصة لطلب الحماية القانونية ضد الأحكام التي صدرت في غير مصلحتها.

٤-٤ وفي ضوء ما تقدم، ترى الدولة الطرف أن البلاغ يعكس أساساً عدم رضا صاحبة البلاغ عن الأحكام القضائية التي أصدرتها المحاكم الوطنية باتباع الأصول القانونية، وهو محاولة منها لاستخدام اللجنة كهيئة طعن (في الدرجة الرابعة) لمناقشة الإجراءات القانونية التي اتبعها نظام العدالة الجنائية ( ) . غير أن اللجنة ليس من اختصاصها مراجعة القرارات القضائية التي توصلت إليها محاكم وطنية منشأة طبقا ً للقانون ومعترف بها دستوريا ً أو تقييم الوقائع والأدلة ومسارات التحقيق في قضايا نظرت فيها المحاكم الوطنية. وتؤكد الدولة الطرف أن السلطات القضائية التي نظرت في قضية صاحبة البلاغ تصرفت، كما تبين، وفقاً للتشريعات الجنائية التي كانت سارية حين وقعت الأحداث ( ) . وعلاوة على ذلك، فإن صاحبة البلاغ أُتيحت لها فرصة الاستفادة من جميع وسائل الانتصاف التي تراها ملائمة.

٤-٥ وتؤكد الدولة الطرف أن البلاغ المقدم يمثل إساءة استخدام لحق تقديم البلاغات. وتشير إلى أن اللجنة رأت أنه يمكن اعتبار بلاغ ما غير مقبول عندما يتعمد الشخص المدعى أنه ضحية تقديم معلومات غير واضحة للجنة أو عندما تكون فترة زمنية طويلة تفصل بين وقوع الأحداث وتاريخ تقديم الشكوى.

٤-٦ وأساءت صاحبة البلاغ استخدام حق تقديم البلاغات على اعتبار أن ادعاءها انتهاك حقوقها المكفولة بموجب المادة ١٤(٢) لا يتسق مع الحالة الفعلية لـ " الوقائع والإجراءات " في القضية، بما أن الدعوى الجنائية المرفوعة ضدها روعيت فيها جميع الضمانات القضائية المنصوص عليها في القانون، بما في ذلك الحق في الدفاع والحق في الطعن، وقد استنفدت جميع وسائل الانتصاف. وتشير الدولة الطرف إلى أن اللجنة قضت بأن الدول الأطراف ملزمة بمراجعة أحكام الإدانة فعلياً، مراجعة لا تنحصر في الجوانب الرسمية ولكن لا يُشترط عقد محاكمة أو جلسة استماع جديدة. ولا يشترط سوى أن تدرس محكمة الدرجة الثانية ما يلي: (أ) التهم الموجهة إلى المدعى عليه؛ (ب) الأدلة المقدمة أثناء المحاكمة؛ (ج) الحجج التي أشير إليها في مرحلة الطعن؛ وأن تستنتج من هذه العناصر الثلاثة أن هناك ما يكفي من الأدلة التي تبرر الإدانة ( ) . وفي هذه القضية، استند قرار المحكمة العليا لبيريرا ، المؤرخ ٤ آذار/مارس ٢٠٠٤، إلى هذه العناصر الثلاثة. وعليه، فإن ادعاء انتهاك الحق في افتراض البراءة يمثل إساءة استخدام لحق تقديم البلاغات.

٤-٧ وترى الدولة الطرف أنه بالنظر إلى أن اللجنة قد ذكرت أن المادة ١٤(٥) ينبغي تفسيرها على أنها تعني وجود التزام على الدول الأطراف بأن تكفل الوصول الفعلي إلى هيئات الطعن المتاحة في نظامها القانوني، فإنها لم ترتكب أي انتهاك لهذا الحكم من أحكام العهد في هذه القضية لأنها كفلت هذا الوصول الفعلي على النحو الواجب ( ) . والدعوى الجنائية المرفوعة ضد صاحبة البلاغ لم تنقض بصدور قرار المحكمة العليا لبيريرا ؛ فقد تسنت لصاحبة البلاغ إمكانية الطعن بالنقض فضلاً عن تقديم طلبات الحماية القانونية عدة مرات. وعليه، فإن النظام القانوني ينص بشكل واضح على وسائل انتصاف قانونية شتى كان باستطاعة صاحبة البلاغ اللجوء إليها للاعتراض على حكم محكمة الدرجة الثانية. وترى الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ أساءت استخدام حق تقديم البلاغات كذلك حين ادعت عدم وجود سبيل انتصاف فعال يتيح لها الاعتراض على الحكم المشار إليه، وهو ما يتعارض مع " ملابسات الوقائع والإجراءات " . أما رفض الطعون لأسباب تعزى إلى صاحبة البلاغ، فتلك مسألة أخرى.

٤-٨ وتؤكد الدولة الطرف كذلك أن ادعاء انتهاك المادة ١٤(٢) من العهد لم يدعم بالأدلة الكافية لأغراض المقبولية، على اعتبار أن صاحبة البلاغ تدعي عدم مراجعة المحكمة العليا لبيريرا للأدلة بدون أن تقدم أي تفاصيل في هذا الشأن. وادعاء انتهاك المادة ١٤(٥) لم يُدعم أيضاً بالأدلة الكافية، على اعتبار أن صاحبة البلاغ تدفع بأن الطعن بالنقض لا يكفل الحقوق المكرسة في تلك المادة، ولكنها لا تبين بالتحديد سبب عدم كون الطعن بالنقض سبيل انتصاف فعالا ً ، وتكتفي بالإشارة إلى أنه يتيح مراجعة الجوانب الشكلية لا غير. وأخيرا ً ، ترى الدولة الطرف أن ادعاء انتهاك الحق في سبيل انتصاف قانوني فعال، المكرس في المادة ٢(٣) من العهد، لا أساس له من الصحة لأن صاحبة البلاغ أتيحت لها إمكانية الوصول الفعلي إلى جميع وسائل الانتصاف القانونية المتاحة، بما في ذلك طلب الحماية القانونية من التدابير القضائية.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

٥-١ في 8 أيلول/سبتمبر 2015، ردت صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ. وأكدت أن البلاغ يستوفي شروط المقبولية التي ينص عليها البروتوكول الاختياري. وتشير إلى أن الدولة الطرف لم تذكر، في ملاحظاتها، أن المحكمة الدستورية كانت قد قضت بأن النظام القانوني المحلي لا ينص على سبيل انتصاف قضائي فعال للاعتراض على أحكام الإدانة الصادرة في مرحلة الطعن ضد أشخاص برأتهم محكمة أدنى درجة. وتشير المحكمة الدستورية، في قرارها رقمC-792-14، الذي قضت فيه بعدم دستورية عدد من الأحكام الواردة في قانون الإجراءات الجنائية السارية حاليا ً (القانون رقم ٩٠٦ لعام ٢٠٠٤)، إلى أن الحق في الاعتراض على حكم ما لا يتوقف على المرحلة التي صدر فيها وإنما يتوقف على مضمون هذا الحكم ( ) . وبناء على ذلك، يمكن ممارسة هذا الحق للاعتراض على أحكام الإدانة الصادرة في مرحلة الطعن. ونص قرار المحكمة الدستورية أيضاً على أن الطعن بالنقض، في أحكام الإدانة الصادرة في مرحلة الطعن، لا يستوفي معايير حق الطعن المنصوص عليها في الدستور ( ) . وفيما يتعلق بوسائل الانتصاف عن طريق المراجعة القضائية وتقديم طلبات الحماية القانونية ضد الأحكام القضائية، خلصت المحكمة إلى أنها لا تشكل وسائل انتصاف مناسبة للاعتراض على حكم كهذا ( ) .

٥-٢ وفيما يتعلق بقول الدولة الطرف إن صاحبة البلاغ تسعى إلى تحكيم اللجنة لتؤدي دور هيئة استئناف وتنظر في قضيتها، تؤكد صاحبة البلاغ أنها لم تطلب إلى اللجنة تقييم الوقائع والأدلة المتعلقة بقضيتها وأنها تدرك أن اللجنة ليست هيئة معنية بمراجعة قرارات المحاكم المحلية. وهي لم تذكر الوقائع والأدلة المتعلقة بقضيتها في البلاغ الذي قدمته إلا لتبين أن حقها في مراعاة الأصول القانونية الواجبة لم يحترم حين نظرت محكمة الاستئناف في الدعوى.

٥-٣ وفيما يتعلق بالحجة التي تفيد بأن البلاغ يمثل إساءة استخدام للحق في تقديم البلاغات، ترى صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف تصرفت تصرفا ً خاطئا ً حين لم تبلغ اللجنة بالقرارC-792-14، الذي قضت فيه المحكمة الدستورية بعدم توفر وسيلة انتصاف فعالة للاعتراض على أحكام الإدانة في مرحلة الطعن، على النحو المنصوص عليه في المادة ١٤(٥) من العهد. وتؤكد صاحبة البلاغ كذلك، أن الدولة الطرف لم تبلغ اللجنة بأن المحكمة الدستورية حثت مجلس الشيوخ على سن تشريعات شاملة، في ظرف سنة واحدة ابتداء من تاريخ الإخطار بالحكم القضائي، من أجل ضمان الحق في الاعتراض على أحكام الإدانة؛ ولكن مجلس الشيوخ لم يتخذ بعد إجراء في هذا الصدد. وعليه، ترى صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف ليست في موقع يخولها اتهامها بإساءة استخدام حق تقديم البلاغات بالنظر إلى أنها لم تف بالتزاماتها الدولية بموجب العهد.

٥-٤ وتخلص صاحبة البلاغ إلى أن ادعاء عدم دعم البلاغ بالأدلة الكافية هو ادعاء لا أساس له من الصحة، لأن الحجج المفصلة أعلاه لا تثبت فقط أنها قدمت بلاغاً مشفوعاً بالبراهين كما ينبغي بل تثبت أيضاً أن من المشروع تقديمه وأن المحكمة الدستورية في الدولة الطرف تؤيد ذلك.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

٦-١ في ٢ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٥، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ، وأكدت من جديد أن الدعوى الجنائية المرفوعة ضد صاحبة البلاغ قد روعيت فيها التشريعات المحلية، بما في ذلك الدستور والتشريعات الجنائية التي كانت سارية عندما وقعت الأحداث.

٦-٢ وتؤكد الدولة الطرف من جديد أن صاحبة البلاغ تسعى إلى تحكيم اللجنة لتؤدي دور هيئة استئناف بهدف الاعتراض على الدعوى القضائية التي نظر فيها نظام العدالة الجنائية وأن دور اللجنة ليس هو مراجعة القرارات القضائية الصادرة عن المحاكم المحلية. وفي هذا الصدد، تدعي الدولة الطرف أن إصدار المحاكم المحلية أحكاما ً في غير مصلحة صاحبة البلاغ في الطعون التي قدمتها لا يعني أن هذه المحاكم انتهكت العهد. و وفقاً للاجتهاد القضائي للجنة، فإنه لا يمكن القول بوقوع انتهاك للعهد إلا إذا أمكن إقامة الدليل على أن التقييم الذي أجرته السلطات المحلية كان تعسفيا ً بصورة واضحة أو يبلغ حد إنكار العدالة ( ) . وعليه، فإنه لا يوجد ما يبرر الادعاء بأن الدعوى الجنائية المرفوعة ضد صاحبة البلاغ كانت تعسفية أو بلغت حد إنكار العدالة بالنظر إلى رفعها طبقاً للتشريعات المحلية التي كانت سارية حين وقعت الأحداث، وإلى استناد المحاكم المحلية في القرارات التي أصدرتها إلى تفسير معقول لهذه التشريعات ( ) .

٦-٣ وفيما يتعلق بادعاءات صاحبة البلاغ بشأن انتهاك المادتين ١٤(٥) و٢(٣) من العهد، تؤكد الدولة الطرف من جديد أن التشريعات المنظِّمة للإجراءات الجنائية كانت تنص، في تاريخ وقوع الأحداث، على إمكانية الانتصاف بالطعن في القرارات الصادرة عن المحاكم الأدنى درجة، بما في ذلك أحكام البراءة. وتزعم الدولة الطرف كذلك، أن رأي اللجنة، الذي يقضي بأن تفسر المادة ١٤(٥) من العهد على أنها تعني أن تكفل الدولة، التي ينص قانونها المحلي على هيئات أخرى للطعن في الأحكام، إمكانية الوصول الفعلي إلى هذه الهيئات، يُستنتج منه أن هذا الحكم من العهد قد روعي على النحو الواجب، بالنظر إلى أن صاحبة البلاغ أتيحت لها إمكانية الوصول فعلياً إلى سبل الانتصاف عن طريق النقض وطلب الحماية القانونية.

٦-٤ وتؤكد الدولة الطرف من جديد موقفها من البلاغ الذي تعتبره ضربا ً من سوء استخدام حق تقديم البلاغات.

تعليقات صاحبة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

٧-١ في ٢٩ شباط/فبراير ٢٠١٦، قدمت صاحبة البلاغ تعليقاتها على ملاحظات الدولة الطرف، وأكدت من جديد أن البلاغ يستوفي جميع شروط المقبولية المنصوص عليها في المواد ٢ و٣ و٥ من البروتوكول الاختياري والمادة ٩٦ من النظام الداخلي للجنة. وتؤكد صاحبة البلاغ كذلك أنها لا تطلب أن تنظر اللجنة في قضيتها بوصفها درجة رابعة للتقاضي بل تطلب إليها أن تدرس انتهاك حقوقها المنصوص عليها في المادة ١٤(٥) من العهد.

٧-٢ وفيما يخص حجة الدولة الطرف التي تفيد بأن البلاغ يمثل ضربا ً من سوء استخدام حق تقديم البلاغات، تزعم صاحبة البلاغ أنه ليس صحيحا ً القول بوجود تعارض بين جزمها بأن النظام القانوني الكولومبي لا ينص على سبيل انتصاف فعال يتيح الاعتراض على أحكام الإدانة في مرحلة الطعن وبين الحالة الفعلية لـ " الوقائع والإجراءات " . وتدعي صاحبة البلاغ أن هذا الجزم صحيح تماما ً ، حتى أن المحكمة الدستورية في كولومبيا أيدته ( ) . وتشير صاحبة البلاغ إلى موقف الدولة الطرف التي اعتبرت النقض من سبل الانتصاف الفعالة في حالتها، وتزعم أنه ليس كذلك، وتحيل إلى حكم المحكمة الدستورية في هذا الصدد ( ) . وتخلص من ذلك إلى القول إن حجة الدولة الطرف باطلة تماما

٧-٣ وتشير صاحبة البلاغ إلى شرط وجوب استنفاد سبل الانتصاف المحلية. وتؤكد أن بلاغها يستوفي هذا الشرط، لأنها لجأت إلى عدد من سبل الانتصاف، ولكن لم يكن أي منها ملائما ً لحالتها. وبناء على ذلك، لا يمكن أن يُطلب منها استنفاد سبل انتصاف غير متاحة لها.

٧-٤ وتطلب صاحبة البلاغ إلى اللجنة أن توعز إلى الدولة الطرف بإجراء محاكمة جنائية جديدة في قضيتها تتيح جميع الضمانات المنصوص عليها في العهد وفي المادة 250-4 من الدستور، أي عقد محاكمة وجاهية شفوية وعلنية تستوفي جميع الضمانات الواجبة، وتراعي مبدأيْ تكثيف المحاكمة وطرح الأدلة في الجلسة.

معلومات إضافية مقدمة من الطرفين

الدولة الطرف

٨-١ قدمت الدولة الطرف، في ٢٢ نيسان/أبريل ٢٠١٦ و٣١ كانون الثاني/يناير ٢٠١٧، ملاحظات إضافية كررت فيها الحجج التي دفعت بها سابقاً. وفيما يتعلق بالطعن بالنقض، تدعي الدولة الطرف أنه وسيلة انتصاف ملائمة بالفعل في قضية صاحبة البلاغ، وتشير إلى قرار اللجنة في قضية ج. ج. أ. ب . ضد إسبانيا . ففي هذه القضية، ادعى صاحب البلاغ وقوع انتهاك للمادة ١٤(٥) بسبب عدم إتاحة إمكانية مراجعة حكم الإدانة والعقوبة الصادرتين في حقه أمام محكمة أعلى. واعتُبِر هذا البلاغ غير مقبول لأن صاحبة البلاغ، وإن لم يُتح لها سوى الطعن بالنقض أمام محكمة العدل العليا ، وسيلةً للانتصاف ، فإن المحكمة "انتقلت إلى تقديم تفاصيل عن المعايير التي تبرر العقوبة، مؤكدة أنها سليمة وتتناسب مع خطورة هذه الجريمة " ( ) .

٨-٢ وتؤكد الدولة الطرف كذلك أن صاحبة البلاغ استفادت من الحماية التي تتيحها جميع الضمانات القضائية المكرسة في النظام القانوني الكولومبي، بصرف النظر عما إذا كان الطعن بالنقض يشكل سبيل انتصاف فعالاً، وأنها استفادت أيضاً من إجراء الانتصاف عن طريق طلب الحماية القانونية أكثر من مرة ( ) . وتؤكد الدولة الطرف أنه لا يجوز تحميلها مسؤولية أخطاء ارتكبها محامي صاحبة البلاغ وأدت إلى رفض التماساتها للطعن بالنقض والحصول على الحماية القانونية.

٨-٣ وتؤكد الدولة الطرف من جديد أن البلاغ ينبغي اعتباره غير مقبول لأنه يشكل ضربا ً من إساءة استعمال الحق في تقديم البلاغات. وهو بالإضافة إلى ذلك، قدم بعد مرور حوالي ست سنوات على استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية، وهو ما يتنافى مع أحكام البروتوكول لاختياري والنظام الداخلي للجنة.

صاحبة البلاغ

٩-١ قدمت صاحبة البلاغ معلومات إضافية في ١٣ حزيران/يونيه ٢٠١٦، وهي تكرر فيها الحجج التي دفعت بها في السابق. وفيما يتعلق بملاحظات الدولة الطرف التي تفيد بأن اللجنة قضت بأن الطعن بالنقض يستوفي مقتضيات المادة ١٤(٥) من العهد، تدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف تسعى إلى استعمال الاجتهاد القضائي للجنة من أجل مناقضة اجتهاد المحكمة الدستورية. وتزعم أن لا وجود لهذا التناقض، ولا سيما بالنظر إلى أن المحكمة الدستورية استندت تحديدا ً في تعليلها في الحكم رقمC-7922014، إلى أسس من جملتها المادة ١٤(٥) من العهد. وتشير صاحبة البلاغ إلى آراء اللجنة في قضيةبيريز إسكولار ضد إسبانيا، التي خلصت فيها إلى أن الطعن بالنقض يشكل سبيل انتصاف فعالا ً على اعتبار أن القاضي نظر في جميع التجاوزات التي زعم مقدم الطعن ارتكابها، وأجرى دراسة شاملة للوقائع والأدلة والقواعد القانونية التي استند إليها الحكم ( ) . وتخلص صاحبة البلاغ إلى أن اللجنة والمحكمة الدستورية على حد سواء تريان أن الجانب الأساسي يكمن في إجراء مراجعة كاملة لحكم الإدانة، بغض النظر عن مسمى وسيلة الانتصاف، وهذا ما لم يحدث في قضيتها.

٩-٢ وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف التي تفيد بأن البلاغ يشكل إساءة استعمال للحق في تقديم البلاغات لأنه قدم بعد مرور فترة طويلة على استنفاد جميع سبل الانتصاف المحلية، تؤكد صاحبة البلاغ من جديد أنها سعت إلى حماية حقوقها، بعد أن رفضت دعوى الطعن بالنقض التي قدمتها، عن طريق تقديم عدد من طلبات الحماية القانونية، ولكن تلك الطلبات رفضت لأسباب مختلفة. وتؤكد مرة أخرى أن من المسلم به أن الدولة الطرف لا تتيح أي وسيلة انتصاف للاعتراض على حكم الإدانة الصادر في مرحلة الطعن، ومن هذا المنطلق، فإنه من غير المعقول أن تتهمها الدولة الطرف بإساءة استخدام الحق في تقديم البلاغات بالنظر إلى أنها لم تمتثل لالتزاماتها الدولية.

٩-٣ وتضيف صاحبة البلاغ أن حقوقها المكفولة بموجب المادة ٢(٣) قد انتهكت أيضاً ، لأن الدولة الطرف لم تتخذ الخطوات اللازمة لإعمال حقها في اللجوء إلى محكمة أعلى للاعتراض على حكم الإدانة الصادر عن محكمة الاستئناف، على الرغم من أن المحكمة الدستورية أمرت المشرع باستحداث وسيلة انتصاف من هذا القبيل، وهو ما لم يتحقق حتى الآن ( ) . وتؤكد صاحبة البلاغ كذلك أن احتجازها يعتبر، في ظل هذه الظروف، تعسفيا ً ويشكل انتهاكا ً للمادة ٩ من العهد.

٩-٤ وتدعي صاحبة البلاغ كذلك، أن الاحتجاز التعسفي فيه أيضاً انتهاكٌ للحقوق المكفولة لطفليها القاصرين بموجب المادتين ٢٣ و٢٤ من العهد لأنهما حرما من تلقي الرعاية الأساسية من أمهما، وهي ربة الأسرة أيضاً .

٩-٥ وأخيرا ً ، تطلب صاحبة البلاغ إلى اللجنة أن توعز إلى الدولة الطرف بتعويضها عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحق بها من جراء انتهاكات حقوقها على نحو ما تقدم بيانه، عن طريق إجراءات قصيرة وسريعة. وتطلب كذلك اتخاذ تدابير الجبر التالية: (أ) أن يوعز إلى الدولة الطرف بتقديم الدعم النفسي الاجتماعي لها ولأطفالها للتغلب على آثار الانفصال الذي فرض عليهم؛ (ب) أن يوعز إلى الدولة الطرف بالاعتذار من صاحبة البلاغ وأطفالها وأسرتها عن انتهاك حقها في الحرية، وحقها في افتراض البراءة، وحقها في الوصول إلى وسيلة انتصاف قضائية فعالة للاعتراض على أحكام الإدانة الصادرة في مرحلة الطعن؛ و(ج) أن يوعز إلى الدولة الطرف بأن تستحدث، ضماناً لعدم التكرار، وسيلة انتصاف قضائية فعالة للاعتراض على أحكام الإدانة الصادرة عن محاكم الدرجة الأولى أو الدرجة الثانية أو المحكمة النهائية. وتطلب أيضاً أن يتاح للأشخاص الذين انتُهك حقهم في الاعتراض على أحكام الإدانة إمكانية الخضوع لمحاكمة علنية جديدة تكون شفوية وحيادية وتستوفي تماما ً جميع الضمانات.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

١٠-١ قبل النظر في أي ادعاء يَرد في بلاغٍ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

١٠-٢ وقد تحققت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه الفقرة (2)(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها لا يجري بحثها في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

١٠-٣ وتحيط اللجنة علما ً بحجة الدولة الطرف التي تفيد بأن البلاغ يشكل إساءة استعمال للحق في تقديم البلاغات بموجب المادة ٣ من البروتوكول الاختياري لأن صاحبة البلاغ قدمت بلاغها إلى اللجنة بعد مرور حوالي ست سنوات على استنفاد سبل الانتصاف المحلية (الفقرة 8-3). وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاءات صاحبة البلاغ التي تفيد بأن الدولة الطرف لم توفر وسيلة انتصاف فعالة للاعتراض على حكم الإدانة الصادر في مرحلة الطعن، ومن هذا المنطلق لا يعقل أن تتهمها الدولة الطرف بإساءة استعمال الحق في تقديم بلاغات، في حين يبدو واضحا ً أن الدولة الطرف نفسها لم تمتثل لالتزاماتها بموجب العهد، ولا سيما المادة ١٤(٥) (الفقرة 9-2).

١٠-٤ وتشير اللجنة إلى أنه على الرغم من عدم وجود مهلة نهائية واضحة لتقديم البلاغات بموجب البروتوكول الاختياري، تنص المادة 96(ج) من نظامها الداخلي على أن "إساءة استخدام (الحق في تقديم البلاغات) لا تشكل، من حيث المبدأ، أساساً لاتخاذ قرار بعدم المقبولية من حيث الاختصاص الزمني بسبب حدوث تأخير في تقديم البلاغ. إلا أن البلاغ قد يمثل إساءة استخدام للحق في تقديم البلاغات عندما يقدم بعد خمس سنوات من استنفاد صاحب البلاغ لسبل الانتصاف المحلية أو، حيثما انطبق ذلك، بعد ثلاث سنوات من اختتام إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية، ما لم تكن هناك أسباب تبرر هذا التأخير، مع مراعاة جميع ملابسات البلاغ" ( ) وتشير اللجنة أيضاً إلى اجتهادها القضائي الذي رأت فيه أن البلاغ يعتبر إساءةً لاستعمال الحق في تقديم البلاغات عندما تمر فترة طويلة للغاية، دون مبرر كاف، بين الأحداث المذكورة في القضية أو تاريخ استنفاد سبل الانتصاف المحلية وبين تاريخ تقديم البلاغ ( ) .

١٠-٥ وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن محكمة الدائرة الجنائية في بيريرا برَّأت صاحبة البلاغ في ٢٤ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٣، وأن حكم البراءة طُعن فيه من المدعي العام ومن شركائها في التهمة المدانين. وفي ٤ آذار/مارس ٢٠٠٤، نقضت المحكمة العليا في بيريرا هذا الحكم وأدانت صاحبة البلاغ. وتلاحظ اللجنة أيضاً أن صاحبة البلاغ قدمت طعنا ً بالنقض أمام محكمة العدل العليا ضد حكم المحكمة العليا؛ ورُفض الطعن في 4 أيار/مايو 2005.

١٠-٦ وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ قدمت، بعد رفض الطعن بالنقض، عددا ً من الطلبات للحصول على الحماية القانونية. ولكن جميع تلك الطلبات رفضت إما لأسباب شكلية أو بسبب عدم تقديمها في أجل زمني معقول.

١٠-٧ وتلاحظ اللجنة، بوجه خاص، أن صاحبة البلاغ قدمت، في ٢٦ آذار/مارس ٢٠٠٧، طلبا ً للحصول على الحماية القانونية ضد حكم محكمة الاستئناف؛ وردت الدائرة الجنائية في محكمة العدل العليا هذا الطلب في ١٢ نيسان/أبريل ٢٠٠٧. وفي وقت لاحق، اعتُبِرت الدعوى المذكورة باطلة في ٧ أيار/مايو ٢٠٠٧، لأن الدائرة قد أصدرت حكمها بالفعل في قضية صاحبة البلاغ عندما رفضت الطعن بالنقض في حكم الإدانة الصادر في حقها. وتلاحظ اللجنة كذلك أن صاحبة البلاغ قدمت طلبا ً آخر للحصول على الحماية القانونية إلى دائرة النقض المدنية في محكمة العدل العليا، وأن الدائرة ردَّت طلبها في ٢٢ أيار/مايو ٢٠٠٧ لأنها اعتبرت أن الدعوى القضائية المرفوعة في هذه القضية انتهت بصدور قرار دائرة النقض الجنائية في ٤ أيار/مايو ٢٠٠٥ القاضي برفض الطعن في حكم الإدانة المقدم من صاحبة البلاغ، على اعتبار أن الحكم صدر عن أعلى محكمة في القضاء العادي (الفقرة 2-7). وقدمت صاحبة البلاغ طلبات أخرى للحصول على الحماية القانونية إلى عدد من السلطات القضائية، وأُعلن عدم قبول طلباتها في ٢٩ شباط/فبراير ٢٠٠٨، و٢٣ نيسان/أبريل ٢٠١٢ و١٣ نيسان/أبريل ٢٠٠٨.

١٠-٨ وعليه، ترى اللجنة، وفقاً للحكم الصادر في ٢٢ أيار/مايو ٢٠٠٧، أن القرار النهائي الصادر في الدعوى الجنائية المرفوعة ضد صاحبة البلاغ هو القرار الذي صدر عن دائرة النقض الجنائية في محكمة العدل العليا، في ٤ أيار/مايو ٢٠٠٥، والقاضي بردِّ الطعن بالنقض. وتقديم صاحبة البلاغ لطلبات الحصول على الحماية القانونية عقب صدور ذلك القرار هو أمر لا يمت بصلة للإجراءات المعروضة على اللجنة. وبالإضافة إلى ذلك، تلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ لم توضح الأسباب التي منعتها من تقديم البلاغ إلى اللجنة قبل عام ٢٠١٣. وفي غياب هذا التوضيح، وبالنظر إلى أن الأحداث ذات الصلة في هذه القضية وقعت بين عامي ٢٠٠٤، عندما صدر الحكم بالإدانة، و٢٠٠٥، عندما ردت محكمة العدل العليا الطعن بالنقض، فإن التأخر في تقديم البلاغ لأكثر من ثماني سنوات دون تقديم مبررات كافية يمثل إساءة لاستخدام حق تقديم البلاغات ( ) .

١٠-٩ وفي ضوء ما تقدم، لا ترى اللجنة ضرورة للنظر في الحجج الأخرى المقدمة من الدولة الطرف وصاحبة البلاغ بشأن مقبولية البلاغ، وتخلص إلى أن البلاغ يعتبر غير مقبول بموجب المادة ٣ من البروتوكول الاختياري.

١١- ولذلك، تقرر اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ما يلي:

(أ) أن البلاغ غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري؛

(ب) أن يُرسل هذا القرار إلى الدولة الطرف وإلى صاحبة البلاغ.

المرفق

[الأصل: بالفرنسية]

رأي فردي لعضو اللجنة السيد أوليفييه دي فروفيل (رأي مخالف)

١- في هذه القضية، تطبق اللجنة مفهوم إساءة استخدام حق تقديم البلاغات، والمادة ٩٦(ج) من نظامها الداخلي، تطبيقاً غير دقيق. وترى أن القرار المحلي النهائي هو القرار الذي صدر في ٤ أيار/مايو ٢٠٠٥ عن محكمة العدل العليا، ورفضت فيه المحكمة الطعن بالنقض المقدم من صاحبة البلاغ. بيد أن اللجنة تقر بأن صاحبة البلاغ لم تتقاعس عن اللجوء إلى وسائل الانتصاف المحلية، عقب صدور هذا القرار في عام ٢٠٠٥، بل إنها قدمت عدة طلبات للحصول على الحماية القانونية (دعوى طلب الحماية الدستورية) إلى هيئات شتى، واعتبر طلبها الأخير غير مقبول في ١٣ نيسان/أبريل ٢٠١٢. لكن اللجنة تؤثر أن تتجاهل هذه الطلبات في سياق إنفاذها للمادة ٩٦(ج)، بدعوى أن جميع الطلبات رفضت إما لأسباب شكلية أو لأنها لم تقدم في أجل زمني معقول (الفقرة 10-6). ومن غير المسبوق في الاجتهاد القضائي للجنة أن تُذكر حيثيات أو يصدر قرار من هذا القبيل ( ) .

٢- وعندما تطبق اللجنة معيار استنفاد سبل الانتصاف المحلية، فإنها عادة ما تأخذ في الاعتبار جميع أشكال الإجراءات الإدارية أو القضائية، بما في ذلك ما لا ينظر إليه من " وسائل الانتصاف الفعالة " ( ) .

٣- والقرار الذي اتخذته اللجنة في هذه القضية هو في المقام الأول، بمثابة عقاب لصاحبة البلاغ على سعيها إلى تقديم طعون إلى الهيئات المحلية قبل رفع بلاغ إلى اللجنة. وربما كانت وسائل الانتصاف هذه غير فعالة في الواقع؛ وربما لم يكن المحامي الذي قدم المشورة لصاحبة البلاغ متمكناً ( ) . ومهما يكن من أمر، فإن الدولة الطرف نفسها تدافع عن فعالية الإجراء المتمثل في طلب الحماية القانونية ( ) ثم تقع في التناقض حين تدفع بأن اللجنة ينبغي أن تعتبر القرار الصادر في عام ٢٠٠٥ قراراً نهائياً ( ) . وبما أن الدولة الطرف نفسها تزعم أن وسائل الانتصاف هذه لم تكن غير ذات جدوى، فإنه من الصعب فهم الأساس الذي استندت إليه اللجنة حين لم تر ضرورة تستدعي أخذها في الاعتبار.

٤- ولذلك، أرى أن صاحبة البلاغ قدمت ما يكفي من الأسباب، بالمعنى المقصود في المادة ٩٦(ج)، التي دفعتها إلى الانتظار ثماني سنوات قبل تقديم بلاغها إلى اللجنة.

٥- وفيما يتعلق بالأسس الموضوعية، يبين البلاغ بما لا شك فيه وقوع انتهاك للمادة ١٤(٥) من العهد. وفي هذا الصدد، تشير صاحبة البلاغ إلى تعليق اللجنة العام رقم ٣٢(٢٠٠٧) بشأن الحق في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية وفي محاكمة عادلة (الفقرة 47) وإلى قضية غوميس فاسكيس ضد إسبانيا (CCPR/C/69/D/701/1996). وبالإضافة إلى ذلك، تخبر صاحبة البلاغ اللجنة، دون جدوى للأسف، أن المحكمة الدستورية في كولومبيا تتفق مع اجتهادها القضائي، وأنها اعتبرت عدة أحكام في قانون الإجراءات الجنائية غير دستورية، وحثت الهيئة التشريعية على ضمان الحق في الحصول وسيلة انتصاف فعال لأي شخص مدان، بمن في ذلك الأشخاص الذين أدينوا في مرحلة الطعن (الفقرتان 5-1 و5-3).

٦- ويجدر التذكير بأن صاحبة البلاغ محكومٌ عليها بالسجن ٢٨ سنة؛ وأن المحك في تقييم هذه القضية لا يقف عند المسائل القانونية والمجردة فقط.

٧- وهناك حكاية رمزية لكافكا تصف حالة رجل كان يحاول الدخول إلى القانون، ولكن الحاجب يمنعه من تخطي البوابة التي توصله إلى القانون. فيحاول الرجل أن يدخل بكل الوسائل الممكنة ولا يفلح في ذلك، وفي آخر المطاف، يقضي حي اته منتظراً خارج البوابة. وقبل أن يموت الرجل، سأل مندهشا ً : "كيف لم يحاول أحد الاقتراب من القانون " . فرد عليه الحاجب قائلاً: " ما من أحد آخر يسمح له بالدخول إلى هنا، لأن هذه البوابة وُجدت من أجلك أنت فقط " ( ) ، ثم أغلق الباب. إن القانون الدولي لحقوق الإنسان واللجنة، بوصفها مفسرة لهذا القانون، وجدا ً من أجل فتح بوابات القانون في وجه الجميع، ولا سيما الفئات الأضعف والأشد معاناة من التهميش، التي غالبا ً ما يظل القانون بالنسبة لها من المثل البعيدة، وشعاعا ً يتلألأ أسفل البوابة. ومن الأهمية بمكان أن تحفظ اللجنة هذا الوعد دائماً في تفسيرها للعهد.