الأمم المتحدة

CCPR/C/129/D/2478/2014

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

14 October 2020

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2478 / 2014 * **

بلاغ مقدم من: سيرغي سوتنيك (يمثله المحامي ديمتري بارتينيف)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: الاتحاد الروسي

تاريخ تقديم البلاغ: 25 تشرين الأول/أكتوبر 2014 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 92 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 23 تموز/يوليه 2020

الموضوع: الاحتجاز غير القانوني وعدم التعويض

المسألة الإجرائية : عدم إثبات الادعاءات

المسائل الموضوعية : الاحتجاز غير القانوني؛ والحق في الانتصاف

مواد العهد : 9 ( 1 ) و( 5 )، و 14 ( 1 )

مادة البروتوكول الاختياري: 2

1 - صاحب البلاغ هو سيرغي سوتنيك، وهو مواطن من الاتحاد الروسي مولود في عام 1974 . ويدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادتين 9 ( 5 ) و 14 ( 1 ) من العهد. وترى اللجنة أن الوقائع كما قدمها صاحب البلاغ تثير أيضاً مسائل تندرج في إطار المادة 9 ( 1 ) من العهد حتى وإن لم يتذرع بها بصورة محددة. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 1 كانون الثاني/يناير 1992 . ويمثّل صاحب البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2 - 1 يدعي صاحب البلاغ أن تحقيقاً جنائياً فُتح ضده في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2006 بتهمة إهانة أفراد من الشرطة واستخدام العنف ضدهم أثناء أداء واجباتهم. وتفيد شهادة رجال الشرطة المعنيين وأربعة شهود آخرين بأن مجموعة رجال الشرطة المعنيين كانوا يستجوبون ثلاثة أشخاص مشتبه بهم في إطار تحقيق يجرونه في قضية سرقة فدنا منهم صاحب البلاغ، وهو لا علاقة له بالقضية، وبدأ يوجه لهم الإهانات. وقيل إن اثنين من رجال الشرطة عرَّفا عن هويتهما ولكن صاحب البلاغ استمر في اعتداءاته اللفظية واعتدى جسدياً على رجل شرطة بركله في منطقة البطن، مما دفع الشرطة إلى اعتقال صاحب البلاغ في نهاية المطاف ( ) .

2 - 2 وفي 20 شباط/فبراير 2008 ، أكدت محكمة كويبيشيفسكي المحلية في سانت بطرسبرغ الأفعال المنسوبة لصاحب البلاغ، ولكن أُشير إلى أنه لا يتحمل مسؤولية جنائية في ضوء نتيجة الفحص الطبي النفسي الذي خضع له بناء على أمر المحكمة وتشخيص حالته الذي كشف عن إصابته بفصام زوراني حاد ( ) . ونتيجة لذلك، أنهت المحكمة الإجراءات الجنائية وأمرته بالخضوع للعلاج النفسي. وطلب صاحب البلاغ استئناف الحكم، ولكن المحكمة المحلية أيدته في 7 كانون الأول/ديسمبر 2009 ، وأيدته محكمة مدينة سانت بطرسبرغ في 28 أيلول/سبتمبر 2010 . وفي 1 آب/أغسطس 2008 ، أعادت المحكمة المحلية ملف القضية إلى المدعي العام من أجل ضم القضيتين المتعلقتين باعتداءاته اللفظية والجسدية في إجراءات واحدة. ويفيد صاحب البلاغ بأنه لم يُبلَّغ بأيّ إجراء من الإجراءات اللاحقة التي اتخذها المدعي العام.

2 - 3 غير أن صاحب البلاغ اعتُقل، في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 ، على يد ضابط تحقيق بسبب تخلفه المزعوم عن المثول أمام محقق، الذي فُسِّر على أنه يعني أن احتمال الفرار أمرٌ وارد واعتُبر انتهاكاً لتعهده الخطي بعدم مغادرة مكان إقامته من دون إذن. ونفى صاحب البلاغ أن يكون قد حاول الفرار قط، وادَّعى أنه لم يتلق لا هو ولا محاميه أي إخطار بالمثول. وفي 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008 ، رفضت المحكمة المحلية طلب ضابط التحقيق إيداع صاحب البلاغ الاحتجاز السابق للمحاكمة. وطعن صاحب البلاغ في أمر الاحتجاز مدعياً أنه لا يوجد دليل على أنه سيحاول الفرار، وأن ادعاءات ضابط التحقيق هي ادعاءات باطلة وأن احتجازه غير قانوني. ومع ذلك، ظل صاحب البلاغ رهن الاحتجاز من 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 إلى 27 آذار/مارس 2009 ، وهي مدة تتجاوز 139 يوماً (أربعة أشهر وأسبوعين).

2 - 4 وفي 29 كانون الثاني/يناير 2009 ، ردت محكمة مدينة سانت بطرسبرغ الحكم الصادر عن المحكمة المحلية في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 وأعادت ملف القضية للفصل فيها من جديد. وفي 4 شباط/فبراير 2009 ، أعادت المحكمة المحلية النظر في قضية صاحب البلاغ، وقبلت مرة أخرى طلب ضابط التحقيق استنادا ً إلى الأسباب نفسها. وفي 20 شباط/فبراير 2009 ، أُلغي هذا القرار وأُحيل لإعادة النظر فيه مرة أخرى. وبعد إعادة البت في القضية، ارتأت المحكمة الابتدائية إبقاء صاحب البلاغ محتجزا ً . وعندما استأنف صاحب البلاغ هذا القرار في 26 آذار/مارس 2009 ، ردت محكمة المدينة قرار المحكمة المحلية وأمرت بالإفراج عن صاحب البلاغ. وفي 3 نيسان/أبريل 2009 ، رفضت المحكمة المحلية مرة أخرى طلب احتجاز صاحب البلاغ الذي قدمه المحقق.

2 - 5 ويدعي صاحب البلاغ أن احتجازه لم يكن قانونيا ً فضلا ً عن أنه احتُجز في ظروف مزرية في المركز IZ-47/1 للاحتجاز السابق للمحاكمة في سانت بطرسبرغ، إذ أنه أمضى أكثر من أربعة أشهر في زنزانات مكتظة تتسم برداءة مرافقها الصحية، مما دفعه إلى رفع دعوى تعويض. غير أن محكمة مقاطعة نيفسكي في سانت بطرسبرغ رفضت، في 3 شباط/فبراير 2010 ، دعوى المطالبة بالتعويض التي رفعها صاحب البلاغ على أساس أنه لم يقدم أي دليل على عدم مشروعية الأحكام الصادرة باحتجازه. واستأنف صاحب البلاغ هذا الحكم أمام محكمة مدينة سانت بطرسبرغ التي رفضت طلبيْ الاستئناف في 3 شباط/فبراير و 6 نيسان/أبريل و 20 آب/أغسطس 2010 وأيدت حكم المحكمة المحلية. ثم قدم صاحب البلاغ التماسين إلى المحكمة العليا والمحكمة الدستورية للاتحاد الروسي لإجراء مراجعة قضائية، ورفض الالتماسان في 18 تشرين الأول/أكتوبر 2010 و 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 على التوالي.

الشكوى

3 - 1 يرى صاحب البلاغ أن رفض مطالبته بتعويض عن تعرضه للاحتجاز غير القانوني يشكل انتهاكاً للمادة 9 ( 5 ) من العهد ولعددٍ من الأحكام القانونية المحلية التي تنص على حقه في التعويض، إذ فُسِّرت هذه الأحكام باعتبارها ضمانة للحق في التعويض في حالة تبرئة الشخص في الإجراءات الجنائية حصراً. وعلاوة على ذلك، رأت محكمة مدينة سانت بطرسبرغ أن إلغاء أمر الاحتجاز بسبب عدم استناده إلى أساس ينتفي معه ادعاء عدم المشروعية.

3 - 2 ويزعم صاحب البلاغ أن المحاكم المحلية قد أخطأت في تطبيقها للقانون، لأنه قضى أكثر من أربعة أشهر رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة بناء على أوامر أصدرتها المحكمة من دون أن تنظر في جميع الأسباب الموجبة لسلبه حريته. وعليه، لا ينكر صاحب البلاغ أن أوامر المحكمة كانت قانونية رسمياً ولكنه يدعي أنها غير قانونية في جوهرها لأنها أُصدرت من دون توافر الأسباب الكافية وأدت إلى احتجازه بصورة غير قانونية.

3 - 3 وعلاوة على ذلك، يؤكد صاحب البلاغ أن اعتبار تطبيق المحاكم المحلية لهذا التفسير أمرا ً مقبولا ً يعني أنه حُرم من حق نافذ في الحصول على تعويض بموجب المادة 9 ( 5 ) من العهد. فهو احتُجز لأكثر من أربعة أشهر من دون سبب واضح، وانتُهكت حقوقه المكفولة بموجب المادة 9 ( 5 ). ويرى صاحب البلاغ أن ذلك يدل على أن قانون الاتحاد الروسي لا ينص على توفير سبيل انتصاف فعال لجبر الضرر الناجم عن الاحتجاز التعسفي إذا استند الاحتجاز السابق للمحاكمة إلى أمر قضائي رسمي.

3 - 4 ويزعم صاحب البلاغ أن عدم صدور حكم مُعلَّلٍ في دعوى المطالبة بتعويض التي رفعها يجعل الحكم بمثابة انتهاك لحقه في محاكمة عادلة، وهو حق تكفل حمايته المادة 14 ( 1 ) من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

4 - 1 قدمت الدولة الطرف، في مذكرة شفوية مؤرخة 19 تموز/يوليه 2016 ، ملاحظاتها بشأن المقبولية والأسس الموضوعية. وتنص المادة 9 ( 5 ) على أن كل شخص تعرض للاحتجاز غير القانوني له حق نافذ في الحصول على تعويض. وتنص المادة 1070 ( 1 ) من القانون المدني للاتحاد الروسي على أن كل شخص أدين، أو اتهم بارتكاب جريمة، أو أُودع الاحتجاز السابق للمحاكمة بصورة غير قانونية أو صدر في حقه حُكم مخالف للقانون بالاعتقال الإداري، يجب أن يعوض تعويضا كاملا، وأن تتولى الوحدة الإقليمية أو البلدية في الاتحاد الروسي دفع مبلغ التعويض. وتسري هذه القاعدة بصرف النظر عما إذا كان من تسبب في انتهاك الحقوق هو المحقق أو المدعي العام أو القضاء.

4 - 2 وفي 6 نيسان/أبريل 2010 ، أصدرت المحكمة المدنية في سانت بطرسبرغ قراراً برفض تعويض صاحب البلاغ، وعللت القرار بالقول إن احتجازه ليس بالضرورة احتجازاً غير قانوني. فقد أُقرَّ بأن احتجاز صاحب البلاغ "لا مبرر له"، وفقاً للمادة 7 من قانون الإجراءات الجنائية للاتحاد الروسي، ولكن من دون الإقرار بعدم قانونية هذا الاحتجاز. وعلَّل الكوليجيوم القضائي للقضايا المدنية في المحكمة العليا بالاتحاد الروسي قراره المؤرخ 18 تشرين الأول/أكتوبر 2010 ، بالقول إن المحاكم المدنية قضت بعدم وجود أي "سبب يستدعي إعادة التأهيل"، وهذا قرار ضروري لمنح التعويض، فرُفضت الدعوى التي رفعها صاحب البلاغ. وقضت المحكمة العليا أيضاً بأن الاحتجاز "لا مبرر له"، ولكنها لم تعتبره غير قانوني.

4 - 3 وتنص الفقرة 51 من تعليق اللجنة العام رقم 35 ( 2014 ) بشأن حق الفرد في الحرية وفى الأمان على شخصه على أن الطابع "غير القانوني" للاعتقال أو الاحتجاز قد ينشأ عن مخالفة أحكام قانون محلي. وتنص الفقرة نفسها أيضاً على أن تبرئة متهم في قضية جنائية لا تعني في حد ذاتها أن أي احتجاز سبقها هو احتجاز "غير قانوني".

4 - 4 وفي 29 كانون الثاني/يناير و 20 شباط/فبراير 2009 ، ألغت محكمة مدينة سانت بطرسبرغ قراراً صدر عن محكمة ابتدائية بشأن احتجاز صاحب البلاغ، ولكنها لم تأمر بالإفراج عنه. وبدلاً من ذلك، طلبت إلى المحكمة الابتدائية عقد جلسة استماع جديدة بشأن الاحتجاز السابق للمحاكمة. وفي وقت لاحق، قررت محكمة المدينة في 26 آذار/مارس 2009 الإفراج عن صاحب البلاغ، وأُطلق سراحه في انتظار المحاكمة.

4 - 5 وعليه، فإن الشكوى التي رفعها صاحب البلاغ إلى اللجنة بشأن انتهاك حقوقه المكفولة بموجب المادة 9 ( 5 ) من العهد يمكن اعتبارها "متعارضة" مع أحكام العهد.

4 - 6 وعندما نظرت المحاكم في دعوى المطالبة بتعويض التي رفعها صاحب البلاغ، أرسلت إلى رئيس المركز رقم 4 للاحتجاز السابق للمحاكمة في سانت بطرسبرغ طلب معلومات للاطلاع على التفاصيل المتعلقة بظروف احتجاز صاحب البلاغ. ولم تقض المحاكم بأن صاحب البلاغ يستحق تعويضاً عن الضرر المادي. ووفقاً للمادة 56 ( 1 ) من قانون الإجراءات المدنية في الاتحاد الروسي، يجب على كل طرف من أطراف الدعوى أن يقدم أدلة تثبت الملابسات التي يحيل إليها. فقد نظرت المحكمة الابتدائية على سبيل المثال، في ادعاء صاحب البلاغ بشأن عدم توفر الغذاء، والمواد الصحية ورداءتها. ولا يمكن اعتبار "العادات الغذائية المختلفة" لصاحب البلاغ دليلاً على وقوع ضرر مادي. ولم يقدم صاحب البلاغ أيضا أدلة على أنه طلب شهادة طبية.

4 - 7 وتشير الدولة الطرف إلى أن المسائل المتعلقة بمقبولية الأدلة وكفايتها ووجاهتها لا تنظر فيها عادةً إلا المحاكم الوطنية. وقد قضت اللجنة نفسها بأن المسائل المتعلقة بتقييم الوقائع والأدلة في كل قضية وبتطبيق القانون ينبغي أن تُترك للمحكمة الوطنية، ما لم يتبين أن هذا التقييم كان تعسفيا أو أسفر عن إساءة تطبيق احكام العدالة ( ) . غير أن العناصر التي تضمنها البلاغ تخلو من أي دليل يثبت التعسف أو إساءة تطبيق أحكام العدالة في التقييم الذي أجرته المحاكم الوطنية.

4 - 8 ولذلك، تدعي الدولة الطرف أن البلاغ المقدم إلى اللجنة يجب اعتباره غير مقبول، لأنه يتنافى مع أحكام البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد ولا يكشف عن حدوث أي انتهاكات للمادتين 9 ( 5 ) و 14 ( 1 ) من العهد.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5 - 1 رد صاحب البلاغ في 17 كانون الثاني/يناير 2017 على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية. ويدعي صاحب البلاغ أنه يتعين على الدولة الطرف أن تمنحه تعويضاً عن احتجازه غير القانوني في الفترة من 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 إلى 27 آذار/مارس 2009 .

5 - 2 وتزعم الدولة الطرف أن احتجاز صاحب البلاغ كان قانونياً لأنه استند إلى أوامر قضائية. غير أن صاحب البلاغ يدعي في هذا الصدد أن الحجج التي دفعت بها الدولة الطرف بشأن قانونية احتجازه تتناقض مع الوقائع الواردة في البلاغ ومع الاجتهاد القضائي للجنة. فالدولة الطرف تشير خطأً إلى الفقرة 51 من التعليق العام للجنة رقم 35 ، التي ورد فيها أن مجرد التبرئة لا يعني في حد ذاته أن أي احتجاز سبقها هو احتجاز "غير قانوني". وادعى صاحب البلاغ، في رسالته الأولى إلى اللجنة، حدوث انتهاكٍ للمادة 9 ( 5 ) من العهد، بصرف النظر عن النتيجة النهائية للدعوى الجنائية المرفوعة ضده.

5 - 3 وقد تجيز القوانين المحلية الاعتقال أو الاحتجاز ومع ذلك يعتبر تعسفياً كما ذُكِر في الفقرة 12 من التعليق العام رقم 35 . وتوضح اللجنة كذلك أنه لا يجوز اعتبار مفهوم "التعسف" صنواً لمفهوم "مخالفة القانون"، بل يجب تفسيره بشكل أوسع ليشمل عناصر مخالفة الأعراف والظلم وعدم قابلية التنبؤ وعدم اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، علاوة على عناصر عدم المعقولية وانعدام الضرورة والتناسب. ولذلك، فإن الاحتجاز السابق للمحاكمة يجب أن يكون معقولاً وضرورياً في جميع الظروف.

5 - 4 وذكر صاحب البلاغ في الشكوى التي رفعها إلى اللجنة أن احتجازه ربما كان قانونياً بموجب القانون المحلي، غير أنه لا يستوفي متطلبات المشروعية المنصوص عليها في المادة 9 من العهد، لأن الاحتجاز لم يكن معقولاً ولا ضرورياً في ظروف قضية صاحب البلاغ. وقد أكدت المحاكم الوطنية عدم توافر معياريْ المعقولية والضرورة. وقضت محكمة مقاطعة كويبيشيفسكي في قرارها النهائي الصادر في 3 نيسان/أبريل 2009 بعدم احتجاز صاحب البلاغ في انتظار المحاكمة، لأن طلب احتجازه، الذي قدمه أحد المحققين في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 ، لا يستند إلى أساس يجيز احتجازه بموجب قوانين الاتحاد الروسي. ولا تقدم الدولة الطرف أي تفسير بشأن هذه المسألة، بل تدفع بأنه لم يثبت رسمياً أن قرار احتجاز صاحب البلاغ غير قانوني.

5 - 5 ويشير صاحب البلاغ إلى أن الدولة الطرف تدفع بأن المحاكم أحالت القضية في 29 كانون الثاني/يناير و 20 شباط/فبراير 2009 لإعادة النظر فيها فقط ولكنها لم تأمر بالإفراج عن صاحب البلاغ. فإحالة المحاكم لقضية صاحب البلاغ من أجل إعادة النظر فيها، هو في حقيقة الأمر إقرارٌ بعدم قانونية قرار احتجاز صاحب البلاغ الصادر عن المحكمة الابتدائية. ولم يُفرج عن صاحب البلاغ على الرغم من إبطال قرار المحكمة الابتدائية، وهو ما يثبت مرة أخرى أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المكفولة بموجب المادة 9 من العهد. وكان ينبغي أن يفرج عن صاحب البلاغ عندما أُحيلت قضيته لكي يُعاد النظر فيها. ولم تفرج عنه المحاكم ولم تجر الاختبار اللازم لتحديد ما إذا كان احتجازه ضرورياً. ولذلك، يدعي صاحب البلاغ انتهاك حقوقه المكفولة بموجب المادة 9 ( 5 ) من العهد.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6 - 1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وفقاً لما تقتضيه المادة 97 من نظامها الداخلي، أن تقرر ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

6 - 2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 2 )(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6 - 3 وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ بشأن استنفاده جميع سبل الانتصاف المحلية الفعالة المتاحة. وبالنظر إلى أن الدولة الطرف لم تبد أي اعتراض بهذا الخصوص، ترى اللجنة أن مقتضيات الفقرة 2 (ب) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري قد استوفيت.

6 - 4 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ التي تندرج في إطار المادة 14 ( 1 ) من العهد. غير أنها ترى، في ضوء عدم ورود أي معلومات أخرى ذات صلة في ملف القضية، أن صاحب البلاغ لم يُثبت تلك الادعاءات بالأدلة الكافية لأغراض المقبولية. وبناءً على ذلك، تعلن اللجنة عدم قبول هذا الشق من البلاغ بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

6 - 5 وتحيط اللجنة علماً بادعاء الدولة الطرف أن البلاغ ينبغي اعتباره متنافيا مع أحكام العهد لأن صاحب البلاغ لم يثبت ادعاءاته. غير أن اللجنة ترى أن صاحب البلاغ قد قدم أدلة كافية لأغراض المقبولة تثبت ادعاءاته بشأن انتهاك حقوقه المكفولة بموجب المادة 9 ( 5 ) من العهد. وترى اللجنة أيضاً أن هذا الشق من البلاغ يثير مسائل تندرج في إطار المادة 9 ( 1 ) من العهد. ولذلك، تعلن اللجنة أن هذه الادعاءات مقبولة وتشرع في النظر في أسسها الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

7 - 1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5 ( 1 ) من البروتوكول الاختياري.

7 - 2 وتحيط اللجنة علماً بادعاءات صاحب البلاغ التي تفيد بأنه تعرض، في الفترة من 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2008 إلى 27 آذار/مارس 2009 ، للاحتجاز غير القانوني في انتظار محاكمته. وتقر الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ احتُجز ثم أُفرج عنه لاحقاً، ولكنها تزعم أن المحاكم المحلية قضت بأن احتجازه "لا مبرر له" ولم تعتبره "غير قانوني".

7 - 3 وتشير اللجنة إلى اجتهادها القضائي الذي يفيد بأن الاعتقال أو الاحتجاز قد تجيزه القوانين المحلية ويكون مع ذلك تعسفياً. ولا يجوز اعتبار مفهوم "التعسف" صنواً لمفهوم "مخالفة القانون"، بل يجب تفسيره تفسيرا أوسع ليشمل عناصر مخالفة الأعراف والظلم وعدم قابلية التنبؤ وعدم اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، علاوة على عناصر عدم المعقولية وانعدام الضرورة والتناسب ( ) . وعلى سبيل المثال، يجب أن يكون الحبس الاحتياطي بتهمة جنائية معقولاً وضرورياً في جميع الظروف ( ) . وتبرئة متهم في قضية جنائية في نهاية المطاف، سواء في المرحلة الابتدائية أو مرحلة الاستئناف، لا تعني في حد ذاتها أن أي احتجاز سبقه هو احتجاز "غير قانوني" ( ) ، فقد ينشأ الطابع "غير القانوني" للاعتقال أو الاحتجاز عن مخالفة أحكام قانون محلي أو مخالفة أحكام العهد نفسه ( ) .

7 - 4 وتلاحظ اللجنة أن المحاكم الوطنية قد أقرت، في هذه القضية، بأنه لا يوجد دليل على إخطار صاحب البلاغ حسب الأصول وعلى تخلفه عن المثول، وفقاً لقرار محكمة مقاطعة كويبيشيفسكي المؤرخ 3 نيسان/أبريل 2009 . وتلاحظ اللجنة كذلك أن المحكمة نفسها قررت في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 2008 و 4 شباط/فبراير 2009 احتجاز صاحب البلاغ ولكنها لم تنظر في احتمال هربه وفيما إذا كان الاحتجاز في مثل هذه الظروف يعتبر "معقولاً وضرورياً" ( ) . وفي ضوء الظروف التي تقدم بيانها، وبالنظر إلى عدم ورود إيضاحات محددة بهذا الخصوص، من المحاكم الوطنية ومن الدولة الطرف، ترى اللجنة أن الدولة الطرف قد انتهكت حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 9 ( 1 ) من العهد.

7 - 5 ثم تحيط اللجنة علماً بحجة صاحب البلاغ التي تفيد بأنه كان ينبغي أن يُمنح حقا نافذا في التعويض لأنه احتُجز تعسفاً. وتشير اللجنة إلى أن المادة 9 ( 5 ) تُلزم الدول الأطراف بوضع إطار قانوني يمكن من خلاله تقديم تعويضات للضحايا، باعتبار التعويض حقاً قانونياً واجب النفاذ وليس مِنَّة أو أمراً تقديرياً. ويجب ألا يقتصر وجود سبل الانتصاف على الأضابير فقط، بل يجب أن تعمل بفعالية، ويجب أن تُدفع التعويضات في غضون فترة زمنية معقولة.

7 - 6 وفي هذه القضية، قبلت المحاكم المحلية دعوى صاحب البلاغ ونظرت فيها، ولكنها رفضت تعويض صاحب البلاغ عن المدة التي قضاها في الاحتجاز استناداً إلى قرار يقضي بأن احتجازه "لا مبرر له" من دون اعتباره احتجازاً "غير قانوني". وتحيط اللجنة علماً بقرار محكمة نيفسكي المحلية المؤرخ 3 شباط/فبراير 2010 ، الذي رفضت فيه المحكمة تعويض صاحب البلاغ على أساس أنه لم يستفد من "إعادة التأهيل"، بالمعنى المنصوص عليه في المادتين 133 و 134 من قانون الإجراءات الجنائية للاتحاد الروسي. ولذلك، ترى اللجنة أن محكمة نيفسكي المحلية قد قيدت حق صاحب البلاغ في الحصول على تعويض إذ ربطت هذا الحق بشرط وجود قرار يقضي بتوفر الأسباب التي تستوجب "إعادة التأهيل"، وهو قرار لا تصدره سوى المحاكم الجنائية. وتلاحظ اللجنة أن هذا القصور لم تُصححه لاحقاً محكمة مدينة سانت بطرسبرغ (قرارات الاستئناف المؤرخة 3 شباط/فبراير و 6 نيسان/ أبريل و 20 آب/أغسطس 2010 ) ولا المحكمة العليا للاتحاد الروسي. واشتراط الدولة الطرف أن يصدر عن محكمة جنائية قرار واجب بإعادة التأهيل هو اشتراط يجعل من غير الممكن أن يمارس شخص مثل صاحب البلاغ، حقه النافذ في الحصول على تعويض إذا لم يكن قد صدر قرار الموافقة من قبل. وفي ضوء هذا الاستنتاج، واستنتاج اللجنة الذي يفيد بأن احتجاز صاحب البلاغ كان تعسفياً بالفعل، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت حق صاحب البلاغ في الحصول على سبيل انتصاف قابل للإنفاذ، وهو حق نصت على حمايته المادة 9 ( 5 ) من العهد.

8 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة 5 ( 4 ) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاكٍ لحقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 9 ( 1 ) و( 5 ) من العهد. ‬

9 - ووفقاً لأحكام المادة 2 ( 3 )(أ) من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزامٌ بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي منها ذلك جبر ضرر الأشخاص الذين انتُهكت حقوقهم المكفولة بموجب العهد جبراً كاملاً. والدولة الطرف ملزمةٌ في هذه القضية، بأن توفر لصاحب البلاغ سبيل انتصاف فعالا، بما في ذلك التعويض المناسب عن الانتهاكات التي تعرض لها. والدولة الطرف ملزمةٌ أيضاً باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10 - واللجنة، إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان حدث انتهاك للعهد أم لا، وتعهدت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالاً إذا ثبت حدوث انتهاك، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لإنفاذ آراء اللجنة. وتطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغتها الرسمية.