الأمم المتحدة

CCPR/C/123/D/2414/2014

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

10 September 2018

Arabic

Original: Spanish

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2414/2014 * **

بلاغ مقدم من : أ. د. م. (يمثله المحامي ريكاردو سيفوينتس سالامانكا )

الشخص المدعى أنه ضحية : صاحب البلاغ

الدولة الطرف : ك ولومبيا

تاريخ تقديم البلاغ : ١٤ أيار/مايو ٢٠١٣

الوثائق المرجعية : القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إل ى الدولة الطرف في ٤ حزيران/ يوني ه ٢٠١٤ (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء : ٢٥ تموز/يوليه ٢٠١٨

الموضوع : الحكم على عضو سابق في الكونغرس من جانب أعلى هيئة قضائية بسبب الامتيازات البرلمانية

المسائل الإجرائية : إساءة استعمال الحق في تقديم البلاغات؛ عدم استناد الشكوى إلى أدلة كافية

المسائل الموضوعية : الحق في محاكمة وفق الأصول القانونية؛ الحق في محاكمة أمام محكمة مختصة ومستقلة ونزيهة؛ الحق في افتراض البراءة؛ الحق في أن تعيد النظر في إدانته والحكم عليه محكمةٌ أعلى؛ المساواة أمام القانون

مواد العهد : 2 و3 و9(1) و(4) و(5) و14( 1)-( 3) و(5) و26

مواد البروتوكول الاختياري : 2 و3

١-١ صاحب البلاغ هو أ. د. م. مواطن من كولومبيا، مولود في 14 تشرين الأول/ أكتوبر ١٩٦٢. وهو يدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المواد 2 و3 و9(1) و(4) و(5) و14(1) -(3) و(5) و26 من العهد. ويمثل صاحب البلاغ محام. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبية للدولة الطرف في ٢٣ آذار/مارس ١٩٧٦.

١-٢ وفي 8 تشرين الأول/أكتوبر 2014، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها على المقبولية وطلبت إلى اللجنة النظر في مقبولية البلاغ بمعزل عن الأُسس الموضوعية.

١-٣ وفي 3 كانون الأول/ديسمبر 2014، وافقت اللجنة، عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، على طلب الدولة الطرف دراسة مقبولية البلاغ بمعزل عن الأسس الموضوعية. ‬

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

٢-١ انتُخب صاحب البلاغ لتمثيل دائرة سانتاندير في مجلس النواب في كونغرس الجمهورية للفترة ٢٠٠٢ - ٢٠٠٦. وفي ١٩ آذار/مارس ٢٠٠٤، مُنح إجازة بدون مرتب مدتها ثلاثة أشهر، اعتبار اً من ١ نيسان/أبريل ٢٠٠٤. وفي ٣١ آذار/مارس ٢٠٠٤، استُعيض عنه بالسيدة ي. م. ب. في مجلس النواب.

٢-٢ وفي اجتماع عقد في ٣ حزيران/ يونيه ٢٠٠٤، طرحت اللجنة الأولى في مجلس النواب على التصويت مشروعَ قانون ينص على إعادة انتخاب الرئيس. وحضرت السيدة ي. م. ب. ذلك الاجتماع وأدلت بصوتها بصفتها نائبة.

٢-٣ وفي ١ تموز/يوليه ٢٠٠٤، عاد صاحب البلاغ إلى المجلس واستأنف مهامه حتى ١٩ تموز/يوليه ٢٠٠٤، نهاية الولاية الدستورية. وانتُخب في وقت لاحق عضو اً في مجلس الشيوخ للفترة 2006- ٢٠١٠.

٢-٤ وفي ١١ شباط/فبراير ٢٠٠٨، أصدر مجلس الدولة أمر اً بعزل صاحب البلاغ من منصبه كعضو في مجلس الشيوخ على أساس أنه "ممنوع من تولي منصب يُشغل بالانتخاب".

٢-٥ وفي وقت لم يُحدد في البلاغ، أفاد أحد أعضاء الكونغرس بأن ١٨ من أصل ٣٥ عضو اً في اللجنة الأولى لمجلس النواب، بينهم السيدة ي. م. ب.، اجتمعوا بتاريخ 1 حزيران/ يونيه 2004 ووقعوا وثيقة تنطوي على مقترح بحفظ مشروع القانون الذي ينص على إعادة انتخاب الرئيس. غير أن الخطة فشلت لأن السيدة ي. م. ب. وعضو اً آخر في الكونغرس غيَّرا تصويتهما وآراءهما خلال المناقشة بعد أن حصلا على إغراءات يُزعم أن الحكومة قدمتها لهما. وأفضى ذلك إلى إجراءات جنائية أمام المحكمة العليا. ووفق اً لصاحب البلاغ، أفادت السيدة ي. م. ب.، في شهادتها أمام المحكمة العليا، بأن الحكومة الوطنية وعدتها بمبلغ مالي مقابل التصويت لصالح مشروع قانون إعادة انتخاب الرئيس وبأن صاحب البلاغ هددها ليضمن تصويتها لصالح المشروع. وعلى أساس إفادة السيدة ي . م. ب.، قررت شعبة الاستئناف الجنائية في المحكمة العليا ("الشعبة الجنائية") فتح تحقيق جنائي مع صاحب البلاغ ( ) .

٢-٦ وفي ٢٠ أيار/مايو ٢٠٠٨، أصدرت الشعبة الجنائية أمر البدء بالإجراءات السابقة للمحاكمة وأمرت باستجواب صاحب البلاغ وحبسه احتياطي اً. وقضت الشعبة الجنائية، في جملة أمور، بأن الحصانة البرلمانية التي كان يتمتع بها صاحب البلاغ، بصفته عضو اً سابق اً في الكونغرس تنطبق في هذه الحالة، لأن الأفعال المنسوبة إليه تتعلق بالمنصب الذي كان يشغله في ذلك الوقت، وأنه، وفق اً للمادة ٢٦٢ من النظام الداخلي للكونغرس (القانون رقم ٥ لعام ١٩٩٢)، كان لا يزال عضو اً في الكونغرس ومرتبط اً بوظيفته رغم الإجازة.

٢-٧ وفي ٣٠ أيار/مايو ٢٠٠٨، حددت الشعبة الجنائية للمحكمة العليا الوضع القانوني لصاحب البلاغ، ورأت أن لديها اختصاص محاكمته. وقدم صاحب البلاغ طلب اً إلى المحكمة العليا كي تراجع قضيته، مدعيا ً ، في جملة أمور، أن المادة 235 من الدستور تنص على أن الشعبة الجنائية ليست القاضي الطبيعي ومن ثمَّ فهي لا تملك اختصاص محاكمته، لأنه لم يكن وقت وقوع الأحداث يؤدي واجباته كعضو في الكونغرس ولأن الأفعال موضع النظر لا تتعلق بواجبات أعضاء الكونغرس. وفي ١٦ حزيران/ يونيه ٢٠٠٨، رفضت الشعبة الجنائية طلب صاحب البلاغ إعادة النظر في قضيته.

٢-٨ وفي وقت لاحق، قدم صاحب البلاغ دعوى لطلب الحماية الدستورية إلى الشعبة المدنية في المحكمة العليا فيما يتعلق بقرارات الشعبة الجنائية المؤرخة ٢٠ و٣٠ أيار/مايو و١٦ حزيران/ يونيه و٢٥ أيلول/سبتمبر 2008. وطعن صاحب البلاغ في اختصاص الشعبة الجنائية النظر في القضية والبت في مسؤوليته الجنائية. وفي ٣٠ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠٠٨، رفضت الشعبة المدنية دعوى صاحب البلاغ طلب الحماية الدستورية.

٢-٩ وفي ١٢ آذار/مارس ٢٠٠٩، أصدرت الشعبة الجنائية حكم اً بشأن استئناف لاحق لصاحب البلاغ، أكدت فيه اختصاصها النظر في القضية. ويدعي صاحب البلاغ أن هذه القرارات انتهكت حقه في المثول أمام قاض طبيعي، وفي المساواة أمام المحاكم، وفي محاكمة عادلة، وفي التماس مراجعة حكم الإدانة والعقوبة الصادرة ضده.

٢-١٠ ويدعي صاحب البلاغ أنه قدم التماس اً آخر لطلب الحماية الدستورية لدى المحكمة التأديبية التابعة لمجلس القضاء في المقاطعة، واعت برت طلبه غير مقبول بسبب الدعوى الجنائية التي كانت قيد النظر.

٢-١١ وفي ٣ حزيران/ يونيه ٢٠٠٩، أدانت الشعبة الجنائية صاحب البلاغ بتهمة الابتزاز وحكمت عليه بالسجن ست سنوات، مستبعدة بدائل السجن أو الإقامة الجبرية، وحكمت عليه بغرامة تساوى 50 ضعف الحد الأدنى للأجر الشهري ومنعته من الترشح للمناصب العامة لمدة خمس سنوات. ولاحظت الشعبة الجنائية، في جملة أمور، أن إجازة صاحب البلاغ بدون مرتب وقت وقوع الأحداث هي حالة إدارية لا تغير وضعه كعضو في الكونغرس ولا تعزله عن منصبه، لأنها مجرد تعليق مؤقت لوظيفته يحتفظ خلاله بوضعه كموظف عمومي. ولذلك، احتفظ بمنصبه كعضو في الكونغرس وظل يتمتع بالحصانة البرلمانية. وخلصت إلى أن الشعبة الجنائية للمحكمة العليا هي القاضي الطبيعي للتحقيق معه ومحاكمته فيما يتعلق بالجرم المنسوب إليه.

٢- 1 ٢ وفي ٢٧ آب/أغسطس ٢٠٠٩، ألغت المحكمة التأديبية للمجلس الأعلى للقضاء في مرحلة الاستئناف، قرار الشعبة المدنية للمحكمة العليا (انظر الفقرة 2-8 أعلاه) وأعلنت مقبولية دعوى صاحب البلاغ طلب الحماية الدستورية على أساس أن الشعبة الجنائية اتخذت قرار اً تعسفي اً نتيجة خطأ إجرائي عندما ادعت أنها مختصة في التحقيق مع صاحب البلاغ ومحاكمته. وذكر المجلس الأعلى أنه كان يتعين التمييز بين "المنصب" و"الوظائف"؛ وأن المادة ٢٣٥ من الدستور أشارت إلى أن الحصانة لا تنطبق إلا على الأفعال التي يعاقب عليها القانون المتصلة بـ "الوظائف التي يؤديها" عضو الكونغرس؛ وأن صاحب البلاغ كان في إجازة بدون مرتب عند وقوع الأحداث ذات الصلة؛ وبالتالي فإن ممارسة الشعبة الجنائية لاختصاصها مشروط بوجود صلة بين السلوك الذي يعاقب عليه القانون و"الوظائف التي يؤديها" عضو الكونغرس وليس بـ "منصبه" أو مركزه كعضو في الكونغرس.

٢-١٣ وفي ١٨ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٩، ألغت المحكمة الدستورية قرار المجلس الأعلى للقضاء، وخلصت إلى أن محاكمة صاحب البلاغ أمام المحكمة العليا بوصفها محكمة ذات اختصاص متفرد، لم تنتهك حقه في محاكمة وفق الأصول "لأن محاكمة كبار المسؤولين من جانب أعلى هيئة قضائية عادية يوفر ضمانات ل ل حق في الاستعانة بمحام والحق في محاكمة وفق الأصول بما يتماشى مع الصكوك الدولية لحقوق الإنسان الأساسية".

الشكوى

٣-١ يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المواد 2 ؛ و3 ؛ و9(1) و(4) و(5) ؛ و14( 1)-( 3) و(5) ؛ و26 من العهد ( ) .

٣- ٢ ويدعي صاحب البلاغ أن حقوقه بموجب المادتين ١٤(١) و٢٦ من العهد قد انتهكت لأنه لم يحاكم أمام القاضي الطبيعي، مع إيلاء الاحترام الواجب للحق في المساواة أمام المحاكم. ووفق اً للمادتين ١٨٦ و235 من الدستور، يتمتع أعضاء الكونغرس بالامتيازات البرلمانية ويحاكمون أمام الشعبة الجنائية للمحكمة العليا. ومع ذلك، حالما يتوقف المسؤولون المذكورون أعلاه عن شغل منصبهم، ينحصر هذا الامتياز في الأعمال التي يعاقب عليها القانون والتي يؤديها عضو الكونغرس بصفته عضو اً في الكونغرس. وتؤكد التشريعات ذات الصلة والسوابق القضائية للمحكمة العليا أن القاضي الطبيعي هو القاضي بموجب القانون العادي، وليس الشعبة الجنائية للمحكمة العليا، إذا لم يكن عضو الكونغرس خارج منصبه وإذا كانت الأحداث غير ذات صل ة بوظائف الشخص المتمتع بالحصانة ( ) . وبالتالي، لو كانت المحكمة العليا قد طبقت سوابقها القضائية على قضية صاحب البلاغ، لكان مكتب المدعي العام هو الذي اضطلع بالتحقيق في المسؤولية الجنائية المحتملة، لأنه، لم يكن، وقت وقوع الأحداث ذات الصلة، يؤدي واجبات أعضاء الكونغرس، لأنه كان في إجازة واستعيض عنه بالسيدة ي. م. ب. ولذلك لم يكن محمي اً بالامتيازات البرلمانية. وعلاوة على ذلك، لا توجد صلة بين الأفعال ذات الصلة والوظائف التي اضطلع بها سابق اً بصفته عضو اً في الكونغرس. وفي ضوء ذلك، يرى صاحب البلاغ أن المحكمة العليا غيرت سوابقها القضائية كي تتمكن من محاكمته بنفسها، وتتجنب محاكمته من جانب القاضي الطبيعي، وهو القاضي بموجب القانون العادي. ويضيف أن الشعبة الجنائية أشارت إلى أن "الإجازة حالة من الحالات الإدارية التي يجد فيها موظفو القطاع العام أنفسهم في حالة انفصال مؤقت عن وظائفهم المعتادة، ما يعني في الوقت نفسه انسحابهم المؤقت من المنصب الذي يشغلونه في أي كيان من كيانات الدولة، ولكن دون فسخ عقود عملهم مع الشركة أو الهيئة العامة المعنية". وبموجب هذا التفسير، يرى صاحب البلاغ أن من الجلي أن الأعمال التي خضع للتحقيق بشأنها لا علاقة لها بالوظائف التي أداها كعضو في الكونغرس، لأنه كان وقت وقوع الأحداث ذات الصلة، في إجازة، ولم يكن بالتالي يؤدي أي اً من هذه الوظائف.

٣- ٣ في الدعاوى الجنائية ضد أعضاء الكونغرس الذين يتمتعون بالامتيازات البرلمانية، تحقق الشعبة الجنائية للمحكمة العليا مع العضو وتحاكمه بنفسها؛ لا يوجد فصل وظيفي بين الهيئة التي تحقق والهيئة التي تحاكم في القضية. ولذلك، يقوم نفس القضاة الذين يتولون التحقيق بتحديد إجراءات المحاكمة، واستدعاء المتهمين، وإصدار الحكم، وعند الاقتضاء، إدانة المتهم، مما يشكل انتهاك اً لحقه في أن يستمع إليه من قبل محكمة محايدة على النحو المنصوص عليه في المادة ١٤(١) من العهد.

٣-٤ ويدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقه في افتراض براءته، على النحو المنصوص عليه في المادة ١٤(٢) من العهد، عندما أدانته بتهمة تهديد السيدة ي. م. ب. لضمان تأييدها مشروع قانون إعادة انتخاب الرئيس، رغم عدم تقديم أدلة كافية تثبت أن هذا ما حدث بالفعل. وفي هذا الصدد، يؤكد صاحب البلاغ أنه اتضح أثناء الإجراءات الجنائية - بما في ذلك شهادة السيدة ي. م. ب. نفسها وشهادة س. ج. - أنه لم يؤثر على السيدة ي. م. ب. ولم يقيد أداءها لوظيفتها. وأشارت دائرة الادعاء العام نفسها، التي أيدت في البداية الاتهام، إلى أنه في ضوء: "التطور في ظهور الأدلة" في هذه القضية، لم تكن هناك أدلة كافية للإدانة نظر اً لانعدام اليقين بشأن الوقائع أو بشأن مسؤولية المتهمين. وعندما واجهت الشعبة الجنائية روايات مختلفة في شهادتي السيدة ي. م. ب. والسيد س. ج.، خلصت فقط إلى أن الشهود أبدوا رغبة في مساعدة صاحب البلاغ عن طريق "مواءمة" شهاداتهم. وللتوصل إلى هذا الاستنتاج، انتهكت الشعبة الجنائية مبدأ افتراض البراءة. وعلاوة على ذلك، فهي لا تقيم الأدلة على النحو الواجب وتقييمها للأدلة غير مدعم بما فيه الكفاية.

٣- ٥ ك ما تشكل الإجراءات الجنائية ضد أعضاء الكونغرس انتهاك اً لأحكام المادة ١٤(٥) من العهد، لأن الإدانة والعقوبة الصادرة عن الشعبة الجنائية للمحكمة العليا غير قابلة للطعن أمام محكمة أعلى. وعلى الرغم من أنه ليس هناك ما يمنع المحكمة العليا من أن تضع في نظامها الداخلي آلية للطعن في إدانة وعقوبة، لم تكن هذه الآلية موجودة وقت تقديم البلاغ إلى اللجنة. ومن ثم، لم يكن في هذه القضية أي إمكانية أمام صاحب البلاغ للطعن في قرار إدانته وفي الحكم الصادر بحقه.

٣- ٦ ويرى صاحب البلاغ أن المحكمة العليا رفضت، وقت وقوع الأحداث، أي دعوى لطلب الحماية الدستورية بزعم أن أحد أحكامها أو إجراءاتها تنتهك حقوق الإنسان، وأن هذه الممارسة تشكل انتهاك اً للمادة ٢(٣) من العهد.

٣-٧ ويؤكد صاحب البلاغ أن الدعوى الجنائية المرفوعة ضده في انتهاك لحقوق الإنسان الخاصة به، وما أسفرت عنه من نتائج، تسببت له بضرر مادي ومعنوي. ولذلك، يطلب إلى اللجنة أن تعلن، على سبيل جبر الضرر، أن حقوقه بموجب العهد قد انتهكت؛ ويطلب إلى الدولة الطرف أن تنشر قرار اللجنة في نفس النشرات ووسائط الإعلام التي تعاملت معه كما لو كان مجرم اً عقب صدور حكم الشعبة الجنائية؛ ويطلب منحه تعويض اً عن الضرر المادي والمعنوي، بحسب ا لادعاءات المقدمة في البلاغ في هذا الصدد؛ ويطلب أن تتخذ الدولة الطرف تدابير لتجنب تكرار هذه الانتهاكات.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

٤-١ في مذكرة شفوية مؤرخة ٨ تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٤، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ وطلبت إلى اللجنة أن تعتبره غير مقبول. ‬

٤-٢ وتقدم الدولة الطرف عرض اً مفصل اً لأحكام الدستور والتشريعات والسوابق القضائية المتعلقة بالامتيازات البرلمانية وإجراءات التحقيق والمحاكمة في المسائل الجنائية التي تقع ضمن اختصاص الشعبة الجنائية للمحكمة العليا. وتنص المواد ١٨٦ و٢٣٤ و٢٣٥ من الدستور على أن المحكمة العليا هي القاضي الطبيعي في التحقيق مع أعضاء الكونغرس في المسائل الجنائية ومحاكمتهم.

٤-٣ ويحدد الكفاءات اللازمة لمحاكمة أعضاء الكونغرس إطارٌ تنظيمي يكفل الحق في محاكمة وفق الأصول؛ وتجري المحاكمة أمام أعلى هيئة قضائية في المسائل الجنائية، هي الشعبة الجنائية للمحكمة العليا. وتشير الدولة الطرف إلى السوابق القضائية للمحكمة الدستورية ( ) ، وتؤكد أن مبدأ المحاكمة الثانية في القضايا الجنائية ليس حق اً مطلق اً، لأنه ليس في صميم الحق في محاكمة وفق الأصول. ويجوز إيراد استثناءات من هذا المبدأ شريطة أن تكون معقولة ومتناسبة وتحترم الحق في المساواة وفي محاكمة وفق الأصول من الناحية الموضوعية. وأحد أسباب منح الامتيازات البرلمانية لأعضاء الكونغرس هو ضمان استقلال واستقلالية وحسن سير عمل أجهزة الدولة التي يعمل فيها مسؤولو الدولة الذين يتمتعون بهذه الامتيازات، وضمان استقلال ونزاهة قاضي المحكمة. ولذلك، لا تنطوي الامتيازات البرلمانية على أي منفعة شخصية للأشخاص الذين يتمتعون بها.

٤-٤ ولا يمكن أن يُستشف من معاهدات حقوق الإنسان اشتراط إجراء محاكمة ثانية في الدعاوى الجنائية ضد كبار المسؤولين الذين يتمتعون بالامتيازات البرلمانية. وتتمتع الدول الأطراف بسلطة تقديرية واسعة في تحديد الإجراءات ووضع آليات فعالة لحماية الحقوق دون اشتراط إجراء محاكمة ثانية في القضايا الجنائية المتعلقة بكبار المسؤولين الذين يتمتعون بالامتيازات البرلمانية. فمحاكمة هؤلاء المسؤولين أمام أعلى هيئة مختصة في المسائل الجنائية تشكل في حد ذاتها ضمانة كاملة للحق في محاكمة وفق الأصول. وتؤكد الدولة الطرف أن صيغة المادة 14(5) من العهد لا يمكن أن يستشف منها وجوب اللجوء إلى "محكمة ثانية" على وجه التحديد، لأن النص يشير إلى "محكمة أعلى". ويمكن تفسير الإشارة إلى "محكمة أعلى" على أنه يعني ضرورة أن تنظر في القضية محكمة يتمتع قضاتها بصفات أكاديمية ومهنية أعلى لكفالة إجراء تقييم صحيح للمسائل المعروضة عليها. وينبغي أيض اً أن يوضع في الاعتبار أن الأمر لا يتعلق بمحاكمة أفراد بل محاكمة مسؤولين كبار، هم برلمانيون في هذه القضية.

٤- ٥ وفي ضوء ما ورد أعلاه، فإن آراء اللجنة فيما يتعلق ببلاغات من قبيل البلاغ رقم ٦٤/١٩٧٩، سالغار دو مونتيخو ضد كولومبيا ( ) والبلاغ 1211/2003، أوليفيرو كابيلاديس ضد إسبانيا ( ) ، غير ذات صلة، لأن أصحاب البلاغ لا يتمتعون بأي صفة برلمانية ولأن اللجنة لم تُتَح لها فرصة مناقشة خصائص الإجراءات الجنائية ضد أعضاء الكونغرس.

٤-٦ وفي حالة صاحب البلاغ، أمرت الشعبة الجنائية، في ٢٠ أيار/مايو ٢٠٠٨، المحكمة العليا بفتح تحقيق رسمي معه على جريمة الابتزاز، في إطار المواد المذكورة أعلاه من الدستور والمادة ٣٢ من قانون الإجراءات الجنائية (القانون رقم ٩٠٦ لعام ٢٠٠٤). استخدم صاحب البلاغ سبل الانتصاف المتاحة للطعن في اختصاص الشعبة الجنائية، ولكن دون جدوى. حتى أنه قدم دعوى طلب الحماية الدستورية في المحكمة التأديبية التابعة للمجلس الأعلى للقضاء، لكن المحكمة الدستورية رفضت دعواه في نهاية المطاف، بتاريخ ١٨ كانون الأول/ ديسمبر ٢٠٠٩، إذ خلصت إلى أن حق صاحب البلاغ في محاكمة وفق الأصول لم يُنتهك. وتؤكد الدولة الطرف أنه على الرغم من أن صاحب البلاغ حوكم في محكمة ذات اختصاص متفرد في قضية جنائية، فإن هيئات أخرى نظرت وبتت في دعوى طلب الحماية الدستورية، ومنها المحكمة التأديبية التابعة لمجلس القضاء في مقاطعة كوندينامركا ، والمجلس الأعلى للقضاء، والمحكمة الدستورية.

٤- ٧ وتؤكد الدولة الطرف أن ادعاءات صاحب البلاغ بشأن آثار إجازته بدون مرتب عند وقوع الأحداث والاستنتاجات التي توصلت إليها المحاكم المحلية لا تفيد النظر في البلاغ. وعلاوة على ذلك، ليس لدى اللجنة صلاحية إعادة النظر في التحقيق والتقييم اللذين أجرتهما محاكم الدولة الطرف في هذا الصدد. وعلى أي حال، تبين السوابق القضائية للمحكمة العليا، المستندة إلى أحكام المادة 261 من الدستور والمادة ٢٦٢ من القانون رقم ٥ لعام ١٩٩٢ المتعلق بالنظام الداخلي للكونغرس، أن أعضاء الكونغرس المجازين يظلون مرت بطين بوظيفتهم ويبقون في مناصبهم ( ) . وتضيف الدولة الطرف أن السوابق القضائية للمحكمة العليا تفيد بأنه، كي تكون الامتيازات البرلمانية واجبة التطبيق، يجب أن يكون المتهم عضو اً عامل اً في الكونغرس أو في مجلس الشيوخ أو يجب أن يكون السلوك الذي يعاقب عليه القانون مرتبط اً بالوظائف التي يؤديها. وتنص المادة ٢٣٥ من الدستور، التي تنظم صلاحيات المحكمة العليا، على أن الامتيازات البرلمانية تبقى واجبة التطبيق بعد أن يترك الشخص منصبه شريطة أن يكون الجرم الذي اتُهم به مرتبط اً بالمنصب الذي خوله الاستفادة من هذا الامتياز. وفي حالة صاحب البلاغ، استمر في منصبه البرلماني من ٢٠ تموز/يوليه ١٩٩٨، عندما أصبح عضو اً في الكونغرس، وحتى ١٩ تموز/يوليه ٢٠٠٦. وخلصت السلطات القضائية إلى أن من الثابت بما لا يدع مجال اً للشك أن صاحب البلاغ كان يستفيد من الامتيازات البرلمانية في تاريخ الإبلاغ عن وقوع الحوادث. وظل مستفيد اً من الحماية التي توفرها له هذه الامتيازات لأن السلوك المنسوب إليه يتعلق بلا شك بوظيفته كعضو في الكونغرس. وخلصت المحكمة العليا إلى أن الإجازة حالة إدارية فقط لا تستتبع أي انقطاع في عقد العمل بين الدولة والموظف العمومي؛ وعليه، احتفظ صاحب البلاغ بمركزه كموظف عمومي.

٤-٨ وتؤكد الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول لأن صاحبه يسعى إلى تحويل اللجنة إلى محكمة استئناف وهيئة قضائية من الدرجة الرابعة لمراجعة الدعوى الجنائية التي ثبتت فيها إدانة صاحب البلاغ بتهمة الابتزاز. وتبين ادعاءات انتهاك العهد، أول اً، عدم موافقة صاحب البلاغ على الأحكام الصادرة عن المحاكم المحلية في إطار الأصول القانونية. غير أن اللجنة ليست مختصة بإعادة النظر في قرارات المحاكم المحلية ولا في تقييمها للوقائع والأدلة. وتضيف الدولة الطرف أن إجراءات المحاكم ليست تعسفية وأن ادعاءات صاحب البلاغ نُظر فيها على النحو الواجب في سياق الدعاوى القضائية. وأتيحت لصاحب البلاغ إمكانية الوصول إلى مختلف سبل الانتصاف الإجرائية وأصدرت المحاكم قرارات معللة على النحو الواجب.

٤- ٩ ويشكّل بلاغ صاحب البلاغ إساءة لاستعمال ا لحق في تقديم البلاغات. ‬

٤-١٠ لم تُدعَّم ادعاءات انتهاك الحقوق المنصوص عليها في العهد بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية. يدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المواد 2 و3 و9 و14 و26 من العهد. ومع ذلك، تشير ادعاءاته فقط إلى انتهاك المادة ١٤، وبإيجاز، إلى انتهاك المادة ٢٦. وفي الوقت نفسه، لا أساس لادعاءات صاحب البلاغ بأن الشعبة الجنائية للمحكمة العليا عدلت سوابقها القضائية لغرض وحيد هو إعلان أنها تملك اختصاص محاكمته. وعليه، يشير البلاغ بصفة عامة إلى قرارات دون ربطها بالسوابق القضائية المفترضة للمحكمة العليا بما يمكن اللجنة من مقارنة الأحكام والتحقق مما إذا كانت المحكمة قد عدلت سوابقها القضائية فعل اً، ومن احتمال انتهاكها الحق في المساواة. وعلاوة على ذلك، ترتبط السوابق القضائية التي يشير إليها البلاغ، على ما يبدو، إلى قضايا لم يكن فيها الشخص المقدم للمحاكمة عضو اً في الكونغرس. وفيما يتعلق بالإجراءات الجنائية ضد الأشخاص الذين يتمتعون بالامتيازات البرلمانية، تضيف الدولة الطرف، في هذا الصدد، أن محاكمها تطبق دائم اً التشريعات السارية وتع امل المدعى عليهم معاملة متساوية ( ) .

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن مقبولية البلاغ ومعلومات إضافية

٥- ١ في رسالة مؤرخة 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، قدم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف مؤكد اً من جديد أن بلاغه يستوفي جميع شروط المقبولية المنصوص عليها في البروتوكول الاختياري.

٥-٢ ويكرر صاحب البلاغ ادعاءه بأن الإجراءات الجنائية ضده تشكل انتهاك اً لأحكام المادة ١٤(٥) من العهد، لأن أعضاء الكونغرس الذين يتمتعون بالامتيازات البرلمانية ليس لهم الحق في محاكمة ثانية. ويؤكد صاحب البلاغ أن المحكمة الدستورية أكدت في سوابقها القضائية أن الدعاوى الجنائية ضد الأفراد الذين يتمتعون بالامتيازات البرلمانية الذين يحاكمون أمام الشعبة الجنائية للمحكمة العليا، بوصفها محكمة ذات اختصاص متفرد، تتفق مع أحكام دستور الدولة الطرف والمعاهدات الدولية ( ) . وقد وحدت المحكمة الدستورية سوابقها القضائية، مشيرة إلى أن محاكمة كبار شخصيات الدولة في الدعاوى المرفوعة أمام محكمة ذات اختصاص متفرد لا تعني بأي حال تجاهل اً للحق في محاكمة وفق الأصول ( ) .

٥- ٣ ولم تتح لصاحب البلاغ، في الإجراءات الجنائية التي جُرم فيها، أي فرصة للطعن في قرار الإدانة وفي العقوبة كما لم تتح له فرصة طلب مراجعتهما من جانب محكمة أعلى. فدعوى طلب الحماية الدستورية لا يمكن اعتبارها بديل اً عن الاستئناف الجنائي لأغراض الامتثال للمادة ١٤(٥) من العهد، لأنها ذات طابع قانوني مختلف ولها آثار مختلفة. وعلاوة على ذلك، رُفعت دعوى طلب الحماية الدستورية، في قضيته، إلى الشعبة المدنية للمحكمة العليا ضد قرار المحكمة العليا إعلان نفسها مختصة بالنظر في القضية، وليس ضد حكم الشعبة الجنائية اللاحق. ويضيف صاحب البلاغ أن المحكمة العليا ترفض دائم اً دعاوى طلب الحماية الدستورية المرفوعة ضد الأحكام أو القرارات الصادرة عنها. ولا يقبل الحق في محاكمة ثانية أي استثناء، حتى في حالة كبار المسؤولين، وهو حق لا يستوفى أو "يعوض" بمحاكمة أمام هيئة ذات اختصاص متفرد في أعلى محكمة جنائية في البلد ( ) .

٥-٤ وفيما يتعلق بملاحظات الدولة الطرف بشأن إساءة استخدام حق تقديم البلاغات، يؤكد صاحب البلاغ أنه لا يوجد موعد نهائي لتقديم البلاغات وأن بلاغه قُدم في غضون فترة زمنية معقولة. وعلاوة على ذلك، لا يتضمن البلاغ أي معلومات زائفة أو محرفة عن علم. والسوابق القضائية المذكورة للهيئات الدولية لحقوق الإنسان هي سوابق ذات صلة وتنطبق على قضيته.

٥- ٥ والادعاءات المتعلقة بانتهاك الحقوق التي يكفلها العهد هي ادعاءات مدعمة بما يكفي من أدلة. وفيما يتعلق بالمادة ٢ من العهد، يؤكد صاحب البلاغ أن الدولة الطرف لم تتخذ التدابير اللازمة لضمان حق جميع الأشخاص في محاكمة ثانية في القضايا الجنائية أو حقهم في محاكمة عادلة، على الرغم من آراء وقرارات اللجنة وغيرها من الهيئات الدولية لحقوق الإنسان التي خلصت إلى أن الدولة الطرف انتهكت هذه الحقوق. كما أن الدولة الطرف لم تكفل الحصول على سبيل فعال للتظلم، وهو في حالة النظام القانوني للدولة الطرف، دعوى طلب الحماية الدستورية، لأن المادة ٢(٣) من العهد لا تستبعد أي موظف في الدولة الطرف من الوصول إلى سبل الانتصاف الفعالة، ولا تنص على عدم انطباق سبل الانتصاف هذه على القرارات التي تتخذها المحكمة العليا.

معلومات إضافية ‬

٦- ١ في ٥ كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٤، أبلغ صاحب البلاغ اللجنة أنه، في وقت غير محدد، قدم طلب اً لإبطال حكم المحكمة الدستورية المؤرخ ١٨ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٩.

٦- ٢ وفي ٢ شباط/فبراير ٢٠١١، رفضت المحكمة الدستورية، في جلسة عامة، طلب صاحب البلاغ إبطال الحكم. وقضت المحكمة، في جملة أمور، بأن غرفة المراجعة الثانية لم تحِد عن السوابق القضائية للمحكمة الدستورية، إذ إ نها، في القضايا التسع بين عامي ١٩٩٣ و٢٠٠٨، التي ثبتت فيها سوابقها القضائية بشأن الامتيازات المنصوص عليها في الدستور لبعض المسؤولين واختصاص المحكمة العليا محاكمة أعضاء الكونغرس، لم تأخذ في الاعتبار قط الحالة الإدارية الناشئة عندما يكون عضو الكونغرس في إجازة بدون مرتب.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

٧-١ في ٥ أيار/مايو ٢٠١٥، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ، مؤكدة من جديد أنه لا يستوفي معايير المقبولية المنصوص عليها في البروتوكول الاختياري.

٧-٢ وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ انتهاك المادة ١٤ (١ - ٢) و(٥)، تؤكد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ حصل على حقه في محاكمة عادلة أمام محكمة مستقلة ونزيهة، على قدم المساواة مع الآخرين. وتنص المواد 186 و٢٣٤ و٢٣٥ من الدستور على محاكمة أعضاء الكونغرس أمام المحكمة العليا بصفتها القاضي الطبيعي. وبالمثل، تنص المادة 32-7 من قانون الإجراءات الجنائية (القانون رقم ٩٠٦ لعام ٢٠٠٤) على أن من صلاحيات الشعبة الجنائية للمحكمة العليا التحقيق مع أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب ومقاضاتهم. بيد أن المحكمة العليا هي التي تنظر في الدعاوى الجنائية ضد كبار مسؤولي الدولة إذا كان هناك فصل بين وظيفة التحقيق ووظيفة المقاضاة.

٧-٣ واستندت قرارات المحكمة العليا والمحكمة الدستورية إلى السوابق القضائية الراسخة. فقد رأت المحكمة الدستورية مرار اً أن مبدأ الحق في محاكمة ثانية ليس مطلق اً، لأنه ليس في صميم الحق في محاكمة وفق الأصول، ولأن القانون يمكن أن يُدخل استثناءات على شرط المحاكمة الجنائية الثانية ( ) . ولاحظت المحكمة الدستورية أيض اً أن استخدام محكمة ذات اختصاص متفرد في الإجراءات المتعلقة بأعضاء الكونغرس المعزولين من منصبهم أمر معقول ومتناسب ولا ينتهك الحقوق الأساسية. ويحدد حكم المحكمة الدستورية C-545 المؤرخ ٢٨ أيار/مايو ٢٠٠٨ السابقة القانونية فيما يتعلق بطبيعة وغرض الحصانة الدستورية لأرفع مسؤولي الدولة، لكنه يفصل مهام التحقيق والمقاضاة داخل المحكمة العليا لضمان نزاهة القاضي. ووفق اً لهذا الحكم، فإن الغرض من الحصانة هو حماية استقلال واستقلالية هؤلاء الموظفين في ممارسة وظائفهم عن طريق الإجراءات الخاصة التي تختلف عن الإجراءات العادية، دون أن يعني ذلك أي تمييز. وتختلف المحاكمة أمام المحكمة العليا ذات الاختصاص المتفرد عن المحاكمات العادية في بعض النواحي، لكن هذا لا يعني أن المدعى عليهم لا يخضعون لمحاكمات تراعي الأصول القانونية الواجبة. وإنها في الواقع لميزة أن تتم الإجراءات بكاملها أمام قضاة يتمتعون بأعلى المؤهلات والخبرات.

٧ -٤ ووفق اً للدولة الطرف، لا المادة ١٤(٥) من العهد ولا السوابق القضائية للجنة أو غيرها من الهيئات الدولية لحقوق الإنسان يمكن أن تُفهم على أنها تقضي بأن محاكمات كبار المسؤولين المتمتعين بالحصانة من الملاحقة الجنائية العادية، أمام أعلى هيئة قضائية، يجب أن تليها محاكمة ثانية مشابهة لما يحدث في الدعاوى الجنائية الأخرى. ففي قضية سابقة ( غوماريز فاريلا ضد إسبانيا) ( ) . لم تكن تتعلق بمسؤول كبير يتمتع ب الحصانة البرلمانية، خلصت اللجنة إلى أن عدم منح الحق في مراجعة حكم صادر عن محكمة الاستئناف من جانب محكمة أعلى، عقب صدور حكم بالبراءة عن محكمة أدنى، لا يشكل انتهاك اً للمادة ١٤(٥) من العهد .

٧- ٥ وتعكس ادعاءات صاحب البلاغ عدم موافقته على الدعوى الجنائية والإدانة؛ وهو، في الواقع، يسعى إلى استخدام اللجنة كمحكمة من "الدرجة الرابعة" وإلى إعادة فتح مسألة المسؤولية الجنائية. بيد أن حكم اً في غير صالح المتهم لا يشكل انتهاك اً للعهد. وتوضح الدولة الطرف أن الحكم القضائي الذي حدد المسؤولية الجنائية لصاحب البلاغ لم يكن تعسفي اً، بل كان معلل اً على النحو الواجب وقد صدر في سياق الإجراءات القضائية وفق اً للأصول القانونية. وقدم صاحب البلاغ طلب حماية دستورية رفضته المحكمة الدستورية في نهاية المطاف، بتاريخ ١٨ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٠٩. وقد تم احترام الأصول القانونية في جميع الإجراءات القضائية المتصلة بالطعون المقدمة من صاحب البلاغ.

٧- ٦ ولا تشكل الدعوى الجنائية ضد صاحب البلاغ انتهاك اً للمادتين ١٤(١) و٢٦ من العهد. بل هي نوع الدعاوى التي تُرفع ضد الأشخاص المتمتعين بالحصانة البرلمانية. ومن ثمَّ فإن صاحب البلاغ لم يعامل معاملة مختلفة عن أي شخص آخر في نفس الوضع.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن الأسس الموضوعية

٨- ١ و في ٦ أيلول/سبتمبر ٢٠١٥، قدم صاحب البلاغ تعليقاته على الأسس الموضوعية للبلاغ، وأكد من جديد أن الدولة الطرف انتهكت حقه في الوصول إلى محكمة مستقلة ونزيهة، وافتراض براءته، والمثول أمام قاض طبيعي، وحقه في الطعن في إدانته وفي الحكم الصادر ضده، أمام محكمة أعلى.

٨- ٢ وفيما يخص ادعاءاته المتعلقة بعدم نزاهة المحكمة، يشير صاحب البلاغ إلى أن القضاة الذين قرروا محاكمته هم القضاة الذين أصدروا الحكم بحقه وبالتالي لم يكن هناك أي فصل بين الوظائف؛ فعلى سبيل المثال، لم تقسم الوظائف بين الغرف الفرعية للشعبة الجنائية، بحيث تُجري إحدى الغرف التحقيق وتوجه الاتهام بينما تكون غرفة أخرى مسؤولة عن المحاكمة وإصدار الحكم.

٨-٣ وبالنظر إلى الترتيبات الوارد وصفها في الفقرة السابقة، انتُهك أيض اً حق صاحب البلاغ في افتراض البراءة، لأن القضاة الذين قرروا محاكمته هم القضاة الذين حاكموه. وجواز أن تكون المحكمة العليا هي القاضي الطبيعي في قضية صاحب البلاغ لا يضفي الشرعية على صدور إدانة جنائية عن محكمة ذات اختصاص متفرد في غياب أي فصل في الوظائف بين موجهي الاتهام والمسؤولين عن المحاكمة والإدانة.

٨- ٤ وفيما يتعلق بالحق في المثول أمام القاضي الطبيعي، يكرر صاحب البلاغ ادعاءه بأن الحصانة البرلمانية لم يكن ينبغي تطبيقها في قضيته لأنه كان وقت وقوع الأحداث في إجازة بدون مرتب ولم يكن يؤدي واجبات عضو الكونغرس. ونظر اً للاستعاضة عنه بالسيدة ي. م. ب.، فإن الحصانة البرلمانية لا تنطبق إلا في قضيتها.

القضايا والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في مقبولية البلاغ

٩- ١ قبل النظر في أي ادعاء يرِد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً لما تقتضيه المادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري. ‬

٩- ٢ وقد استيقنت اللجنة، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 2(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها ليست قيد البحث في إطار إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٩- ٣ وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة له. وفي غياب أي اعتراض من الدولة الطرف في هذا الخصوص، ترى اللجنة أن متطلبات المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري قد استوفيت.

٩- ٤ وتحيط اللجنة علماً بحجة الدولة الطرف أنه ينبغي اعتبار البلاغ غير مقبول بسبب إساءة استخدام الحق في تقديم البلاغات كونه يتضمن معلومات زائفة ومحرفة وناقصة وغير واضحة. ومع ذلك، تشير اللجنة إلى أن مجرد اختلاف الدولة الطرف وصاحب البلاغ حول الوقائع وتطبيق القانون ومدى وجاهة السوابق القضائية للمحاكم المحلية لا يشكل، في حد ذاته، إساءة لاستعمال الحق في تقديم البل اغات ( ) . وتلاحظ اللجنة أيضاً حجة الدولة الطرف أن البلاغ غير مقبول بسبب طول الفترة الفاصلة بين صدور آخر قرارات المحاكم المحلية وتاريخ تقديم البلاغ إلى اللجنة. وتشير اللجنة إلى أنه على الرغم من عدم وجود مهلة نهائية واضحة لتقديم البلاغات بموجب البروتوكول الاختياري، وفقاً للمادة 96(ج) من نظامها الداخلي، "لا يُستند إلى سوء استخدام الحق في تقديم البلاغات، من حيث المبدأ، في إصدار قرار بعدم مقبولية بلاغ ما بسبب التأخر في تقديمه. ‬

٩- ٥ وتحيط اللجنة علم اً بادعاء صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المواد ٣ و٩ و١٤(٣) من العهد. ويستشهد صاحب البلاغ فقط بتلك المواد من العهد دون تقديم أدنى توضيح لادعائه انتهاك حقوقه.

٩- ٦ وتحيط اللجنة علم اً بادعاء صاحب البلاغ انتهاك المادة 2 من العهد.

٩-٧ وتحيط اللجنة علم اً بادعاء صاحب البلاغ أن حقوقه بموجب المادتين ١٤(١) و٢٦ من العهد قد انتهكت لأنه لم يحاكم أمام القاضي المختص مع إيلاء الاحترام الواجب للحق في المساواة أمام المحاكم، إذ أن الشعبة الجنائية للمحكمة العليا عدلت سوابقها القضائية، حسب زعمه، لغرض محدد هو محاكمته وتجنب المحاكمة أمام القاضي العادي (انظر الفقرة 3-2 أعلاه). كما تحيط اللجنة علم اً بحجج الدولة الطرف ومفادها أن قرارات المحكمة العليا والمحكمة الدستورية في قضية صاحب البلاغ تستند إلى القانون الساري والسوابق القضائية الراسخة وقت وقوع الأحداث (انظر الفقرة 7-3 أعلاه)؛ وأن السوابق القضائية التي استشهد بها صاحب البلاغ ليست ذات صلة بالقضية لأنها لا تشير إلى تأثير إجازة أعضاء الكونغرس بدون مرتب على الامتيازات البرلمانية؛ وأن المحكمة العليا ذكرت في سوابقها القضائية أن عضو الكونغرس الذي يكون في إجازة بدون مرتب يبقى مرتبط اً بوظيفته ويظل في منصبه؛ وأن صاحب البلاغ لم يلق معاملة مختلفة عن الآخرين الذين هم في نفس حالته (انظر الفقرات 4-5، و4-7 و7-6 أعلاه).

٩-٨ وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ لا يعترض على أن أعضاء الكونغرس يتمتعون، عمل اً بأحكام المادتين 186 و235 من الدستور، بالامتيازات البرلمانية وأنهم يحاكمون أمام الشعبة الجنائية للمحكمة العليا لكنه يرى أنه بينما كان في إجازة بدون مرتب وقت وقوع الأحداث المعنية، كان ينبغي للمحكمة العليا أن تطبق سوابقها القضائية ومفادها أنه إذا ترك عضو الكونغرس منصبه ولم يكن للأحداث المعنية أي صلة وظيفية بأنشطة أعضاء الكونغرس، يكون القاضي المختص هو القاضي العادي، وليس الشعبة الجنائية للمحكمة العليا (انظر الفقرة 3-2 أعلاه). لكن، في حالة صاحب البلاغ، خلصت الشعبة الجنائية إلى أنها مختصة بمحاكمته على أساس أنه، وإن كان في إجازة بدون مرتب، فإنه ما زال في منصبه كعضو في الكونغرس، ويتمتع بالحصانة البرلمانية وأن الأفعال المنسوبة إليه ترتبط بالوظيفة التي أداها كعضو في الكونغرس (انظر الفقرة 4-7 أعلاه). وتذكِّر اللجنة بأن المادة 14 من العهد تكفل المساواة فيما يتعلق بالإجراءات ولا يمكن تفسيرها على أنها تكفل المساواة في النتائج ( ) . وتذكِّر اللجنة أيض اً بسوابقها القضائية التي تفيد بأن محاكم الدول الأطراف هي التي تضطلع عموماً بتطبيق التشريعات المحلية، في كل قضية، ما لم يتضح أن هذا التطبيق بائن التعسف أو يشكّل خطأً واضحاً أو إنكاراً للعدالة ( ) . وفي ظروف هذه القضية، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يقدم الأدلة الكافية لإثبات ادعائه أن محاكمته لم تتم أمام المحكمة المختصة. وبالمثل، ترى اللجنة أن المعلومات المعروضة عليها لا تكشف عن أن السلطات القضائية تجاهلت سوابقها القضائية في قضية صاحب البلاغ من أجل تحديد المحكمة المختصة بطريقة من شأنها أن تشكل انتهاك اً للحق في المساواة أمام المحاكم والقانون؛ وأن صاحب البلاغ لم يقدم أدلة كافية، لأغراض المقبولية، على كيفية التمييز ضده على أساس أحد الأسباب المشار إليها في المادة ٢٦ من العهد. ولذلك، ترى اللجنة أن هذه الادعاءات غير مقبولة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

٩- ٩ وتحيط اللجنة علم اً بادعاء صاحب البلاغ حدوث انتهاك لحقه في أن تكون قضيته محل نظر من قبل محكمة حيادية، على النحو المنصوص عليه في المادة ١٤(١) من العهد، لأن الشعبة الجنائية للمحكمة العليا هي التي تحقق وتوجه الاتهام وتصدر الحكم في الدعاوى الجنائية ضد أعضاء الكونغرس الذين يتمتعون بالحصانة البرلمانية ولأنه لا يوجد فصل بين المحققين والقضاة (انظر الفقرة 3-3 أعلاه). وتشير اللجنة إلى أن أحد جوانب شرط الحياد المنصوص عليه في المادة ١٤(١) من العهد هو أن تبدو المحكمة نزيهة من وجهة نظر أي مراقب رشيد. وبالتالي، لا يجب أن يكون القضاة محايدين فحسب، بل ينبغي أيض اً أن يظهروا كذلك. وإذا كانت مشاركة القضاة في الإجراءات الأولية تمكنهم من تكوين رأي قبل المحاكمة وكانت هذه المعرفة مرتبطة مباشرة بالتهم الموجهة إلى المتهم وبتقييم تلك التهم، تكون مشاركتهم في المحاكمة غير مستوفية لشرط الحياد المنصوص عليه في المادة ١٤(١) من العهد. غير أن اللجنة تلاحظ، في هذه القضية، أن حكم المحكمة الدستورية رقم C-545المؤرخ ٢٨ أيار/مايو ٢٠٠٨ (انظر الفقرة 4-7 الحكم) نص على الفصل بين وظيفتي التحقيق وإصدار الأحكام داخل المحكمة العليا في الدعاوى الجنائية ضد أعضاء الكونغرس الذين يتمتعون بالحصانة البرلمانية، من أجل ضمان حياد المحكمة (انظر الفقرة 7-3 أعلاه) وأن المحكمة العليا امتثلت لهذا الحكم. وتلاحظ اللجنة أيض اً أن ادعاءات صاحب البلاغ ذات طابع عام وهو يشكك أساس اً في نظام الإجراءات الجنائية الذي ينطبق على أعضاء الكونغرس المتمتعين بالحصانة البرلمانية وقت وقوع الأحداث، ويشير إلى أن الشعبة الجنائية للمحكمة العليا - وبالتالي نفس القضاة - مسؤولة عن جميع مراحل الإجراءات الجنائية، بما في ذلك التحقيق والمحاكمة. غير أن صاحب البلاغ لم يوضح للجنة بصورة كافية كيفية عدم وجود فصل بين وظيفة التحقيق ووظيفة إصدار الحكم في الشعبة الجنائية، أو كيفية مشاركة نفس القضاة في مختلف مراحل الإجراءات على نحو يقوض نزاهة المحكمة. ولذلك، وفي الظروف الخاصة لهذه القضية، تخلص اللجنة إلى أن هذه الادعاءات لم تُدعم بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية وتعلن عدم قبولها بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

٩- ١٠ وفيما يتعلق بالمادة ١٤(٢) من العهد، تلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقه في افتراض براءته، لأنه أدين دون أدلة كافية تثبت على وجه اليقين أنه ارتكب الفعل المكون لجريمة الابتزاز؛ وأن الشعبة الجنائية لم تجر تقييم اً سليم اً للأدلة، بما في ذلك الروايات المختلفة بين شهادة السيدة ي. م. ب. وشهادة السيد س. ج.؛ وأن تقييم هذه البيانات لم يُدعَّم بأدلة كافية (انظر الفقرة 3-4 أعلاه). وتذكّر اللجنة بسوابقها القضائية التي تفيد بأن محاكم الدول الأطراف هي التي تضطلع عموماً بتقييم الوقائع والأدلة في كل قضية، ما لم يتضح أن تقييمها بائن التعسف أو يشكّل خطأً واضحاً أو إنكاراً للعدالة ( ) . ونظرت اللجنة في المواد المقدمة من الأطراف، بما في ذلك الحكم الصادر عن الشعبة الجنائية للمحكمة العليا بتاريخ ٣ حزيران/ يونيه ٢٠٠٩، وهي تعتبر أن هذه المواد لا تبين أن الإجراءات الجنائية المتخذة ضد صاحب البلاغ تأثرت بأوجه القصور المشار إليها أعلاه. وعليه، ترى اللجنة أن شكوى صاحب البلاغ فيما يتعلق بالمادة 14(2) لم تُدعم بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية وتعتبرها غير مقبولة بمقتضى المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

٩-١١ وتحيط اللجنة علم اً بادعاءات صاحب البلاغ فيما يتعلق بالمادة ١٤(٥) من العهد. وتحيط علماً أيض اً بحجة الدولة الطرف ومفادها أنه ينبغي إعلان عدم قبول الشكوى لعدم تدعيمها بأدلة كافية. لكن اللجنة ترى أن شكوى صاحب البلاغ بموجب المادة 14(5) مدعمة بما يكفي من الأدلة لأغراض المقبولية. ولذلك تعلن اللجنة أن الشكوى مقبولة وتشرع في النظر في أسسها الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية للبلاغ

١٠- ١ نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفق ما تقتضيه المادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

١٠-٢ وتحيط اللجنة علم اً بادعاء صاحب البلاغ أن الإجراءات الجنائية ضده تشكل انتهاك اً لأحكام المادة ١٤(٥) من العهد بالنظر إلى عدم وجود آلية تمكنه من استئناف الحكم والتماس مراجعة من جانب محكمة أعلى لحكم الإدانة والعقوبة الصادر عن الشعبة الجنائية للمحكمة العليا في ٣ حزيران/ يونيه ٢٠٠٩ (انظر الفقرة 3-5 أعلاه).

١٠- ٣ وتحيط اللجنة علم اً أيض اً بحجج الدولة الطرف ومفادها أن صيغة المادة 14(5) من العهد لا يمكن أن يستشف منها وجوب اللجوء إلى "محكمة ثانية" على وجه التحديد، لأن النص يشير إلى "محكمة أعلى"؛ ويمكن تفسير هذه الصيغة على أنها تعني ضرورة أن تنظر في القضية محكمة يتمتع قضاتها بصفات أكاديمية ومهنية أعلى لكفالة إجراء تقييم صحيح للمسائل المعروضة عليها؛ وأن الدول الأطراف تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في تحديد الإجراءات ووضع آليات فعالة لحماية الحقوق دون اشتراط إجراء محاكمة ثانية في القضايا الجنائية المتعلقة بكبار المسؤولين الذين يتمتعون بالامتيازات البرلمانية. وأن محاكمة هؤلاء المسؤولين أمام أعلى هيئة مختصة في المسائل الجنائية تشكل في حد ذاتها ضمانة كاملة للحق في محاكمة وفق الأصول (انظر الفقرات 4-3-4-4 أعلاه).

١٠- ٤ وتذكِّر اللجنة بأن المادة 14(5) من العهد تنصّ على حق كل شخص مدانٍ بجريمة في أن تنظر محكمة أعلى درجة في قرار إدانته والحكم الصادر في حقه، طبقاً للقانون. وتذكِّر اللجنة بأن عبارة "وفقاً للقانون" لا يُقصد بها أن يترك حق المراجعة في حد ذاته لتقدير الدول الأطراف. ‬ فعلى الرغم من أنّ تشريع الدولة الطرف قد ينصّ في بعض الحالات على محاكمة أحد الأفراد، بسبب منصبه، أمام محكمة أعلى درجة مما هو معتاد، فإنّ هذا الظرف وحده لا يمكن أن يقف عائقاً أمام حقّ المدّعى عليه في اللجوء إلى محكمة كي تعيد النظر في قرار إدانته وفي الحكم الصادر بحقّه ‬ ( ) . وفي هذه القضية، أقرت الدولة الطرف أنه لا يوجد أي سبيل انتصاف متاح لصاحب البلاغ لالتم اس مراجعة حكم الإدانة والعقوبة أمام محكمة أخرى (انظر الفقرتين 4-3 و4-4 أعلاه). وعلاوة على ذلك، ووفق اً للمعلومات المتاحة للعموم، أعلنت المحكمة الدستورية في ٢٤ نيسان/أبريل ٢٠١٥، عدم دستورية بعض مواد قانون الإجراءات الجنائية التي تستبعد إمكانية الطعن في أي إدانة أمام سلطة أعلى من الناحية الوظيفية أو التراتبية. وحثت المحكمة الكونغرس على اعتماد تشريع شامل ينص على الحق في الطعن في أي إدانة، في غضون سنة من صدورها. وحتى يُعتمد ذلك التشريع، ينبغي أن يُفهم أن جميع الإدانات قابلة للطعن. وفي ٢٨ نيسان/أبريل ٢٠١٦، أصدرت المحكمة العليا حكم اً ينص على أن أمر المحكمة الدستورية لا يمكن تطبيقه إلا على الأحكام التنفيذية الصادرة بعد ٢٤ نيسان/أبريل ٢٠١٦. وفي ١٨ كانون الثاني/يناير ٢٠١٨، عدَّلت السلطة التشريعية الكولومبية، عن طريق القانون التشريعي رقم 001 لعام ٢٠١٨، الدستور (المواد ١٨٦ و٢٣٤ و٢٣٥) لضمان الحق في محاكمة ثانية في القضايا الجنائية بالنسبة للأشخاص المتمتعين بالحصانة البرلمانية. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن الدولة الطرف انتهكت حقوق صاحب البلاغ بموجب المادة 14(5) من العهد. ‬

١١- واللجنة إذ تتصرف وفقاً للمادة 5(4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك للمادة 14(5) من العهد.

١٢- ووفقاً للمادة 2(3)(أ) من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بأن تتيح لصاحبة البلاغ سبيل انتصاف فعالاً. ويقتضي ذلك تقديمَ تعويض كامل للأفراد الذين انتُهِكت حقوقهم.

١٣- وإذ تضع اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف اعترفت، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، باختصاص اللجنة في تحديد حدوث انتهاك للعهد من عدمه، وأن الدولة الطرف تعهدت، بمقتضى المادة 2 من العهد، بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وبأن توفر لهم سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ في حالة ثبوت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير المتخذة لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ.