الأمم المتحدة

CCPR/C/126/D/2434/2014

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

4 October 2019

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب المادة 5(4) من البروتوكول الاختياري بشأن البلاغ رقم 2434/2014 * **

بلاغ مقدم من: فيدور ميرزاينوف (لا يمثله محام)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: بيلاروس

تاريخ تقديم البلاغ: 27 أيلول/سبتمبر 2013 (تاريخ تقديم الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة (المادة 92 حاليا ً )، والمحال إلى الدولة الطرف في 21 حزيران/ يونيه 2014 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 25 تموز/يوليه 2019

الموضوع: المعاقبة على المشاركة في تجمع سلمي

المسائل الإجرائية: استنفاد سبل الانتصاف المحلية

المسائل الموضوعية: حرية التعبير؛ وحرية التجمع؛ والاحتجاز التعسفي؛ والمعاملة القاسية واللاإنسانية ‬ ‬ ‬

مواد العهد: 7؛ و9(1)، و(3)، و(4)؛ و10؛ و14(1)، و(2)، و(3) ( د) و(ه)، و(5)، و(7)؛ و19 و21 مقروءتان بالاقتران مع المادة 2

مواد البروتوكول ال ذ اختياري : 2 و5(2)(ب)

١- صاحب البلاغ هو فيدور ميرزاينوف ، وهو مواطن من بيلاروس ولد في عام 1990. ويدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المنصوص عليه في المواد 7؛ و9 ( 1) و(3) و(4)؛ و10؛ و14 ( 1) و(2) و(3) ( د) و(ه) و(5) و(7)؛ و19 و21 مقروءتين بالاقتران مع المادة 2 من العهد. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز النفاذ بالنسبة للدولة الطرف في 30 كانون الأول / ديسمبر 1992. ولا يمثل صاحب البلاغ محام.

الوقائع كما عرضها صاحب البلاغ

2-1 كان صاحب البلاغ طالباً في جامعة بيلاروس الحكومية وقت وقوع الأحداث المعنية. وفي 19 كانون الأول/ديسمبر 2010، شارك في تجمع عام في ميدان أوكتيابرسكايا في مينسك. وكان الغرض من التجمع هو التعبير عن الاستياء من الانتخابات الرئاسية التي أجريت في اليوم نفسه، والتي اعتبرها المشاركون في التجمع غير ديمقراطية. وحضر صاحب البلاغ التجمع لدعم ياروسلاف رومانشوك الذي كان مرشح اً من مرشحي المعارضة للرئاسة. ولم يكن صاحب البلاغ يدري أنه لم يُؤخذ إذن مسبق من السلطات لتنظيم التجمع.

2-2 وشارك أكثر من 000 10 شخص في التجمع. وعلى الرغم من الطبيعة السلمية لهذا التجمع، استخدمت الشرطة القوة المفرطة لتفريق الحشود. وأُلقي القبض على أكثر من 700 شخص، واحتجز أكثر من 600 منهم ووُجهت إليهم تهم بموجب المادة 23-34 من قانون الجرائم الإدارية (انتهاك الإجراء المعمول به لتنظيم الأحداث الجماعية). ورُفعت أيض اً دعاوى جنائية ضد عشرات المشاركين، بموجب المادة 293 (المشاركة في أعمال الشغب الجماعية) والمادة 342 (تنظيم وإعداد أنشطة تقوض بصورة خطيرة النظام العام) من القانون الجنائي. وفي عام 2011، أُدين العديد من هؤلاء المشاركين، بمن فيهم صاحب البلاغ، وحُكم عليهم بالسجن لمدة تتراوح ما بين ثلاث وست سنوات.

2-3 ففي حوالي الساعة العاشرة والنصف مساءً من يوم 19 كانون الأول/ديسمبر 2010، أوقفت الشرطة صاحب البلاغ في ميدان أوكتيابرسكايا . وفي 20 كانون الأول/ديسمبر 2010، خصلت محكمة زافودسكوي المحلية إلى أن صاحب البلاغ مذنب بموجب المادة 23-34 من قانون الجرائم الإدارية وحكمت عليه بالحبس الإداري لمدة 15 يوماً. وجاء في قرار المحكمة أن صاحب البلاغ شارك في تجمع غير مصرح به، وكان يصيح بعبارتي "عاشت بيلاروس" و"ارحل"، وأنه لم يمتثل لأمر الشرطة بأن يتوقف عن "أفعاله غير القانونية". وفي 23 كانون الأول/ ديسمبر 2010، طعن صاحب البلاغ في قرار محكمة زافودسكوي المحلية، لكن طعنه لم يُقبل.

2-4 وفي 19 كانون الثاني/يناير 2011، قُدِّم إلى صاحب البلاغ أمر بالحضور للمثول أمام محقق من لجنة أمن الدولة في 26 كانون الثاني/يناير 2011. لكن في 25 كانون الثاني/يناير 2011، ألقت الشرطة القبض على صاحب البلاغ في منزله للاشتباه في ارتكابه جريمة منصوص عليها في المادة 293(1)(2) من القانون الجنائي (المشاركة في أعمال الشغب الجماعية). وفي 27 كانون الثاني/يناير 2011، وافق نائب المدعي العام لمدينة مينسك على توقيف صاحب البلاغ وعلى نقله إلى مرفق للاحتجاز السابق للمحاكمة. وفي 31 كانون الثاني/يناير 2011، اتُهم صاحب البلاغ رسمياً بالجريمة مع أربعة أشخاص آخرين، بمن فيهم مرشح من مرشحي المعارضة للرئاسة، وهو أندري سانيكوف .

2-5 وأثناء الاحتجاز، تعرض صاحب البلاغ لضغوط نفسية من الشرطة للشهادة ضد مرشحي المعارضة للرئاسة. ووُضع في "خلية للتعذيب"، كما كان يشير إليها السجناء، حيث احتُجز مع 21 سجين اً آخر في ظروف غير صحية، دون إضاءة طبيعية أو تهوية. وكانت مساحة الزنزانة 12 متراً مربعاً وكانت مخصصة شكلي اً لعدد 13 شخصاً. وكانت درجة الحرارة في مينسك في حزيران/ يونيه تصل إلى 32 درجة مئوية، إلا أنها كانت أعلى بكثير داخل زنزانته. وكان يُسمح له بالخروج من زنزانته للمشي مرة واحدة في اليوم، وبالاستحمام مرة واحدة كل عشرة أيام، وبالنوم لمدة لا تزيد عن ثلاث أو أربع ساعات في الليلة. وكان رفاقه في الزنزانة يعانون من الأنفلونزا والجرب والقمل. وبعد أن علم رفاق صاحب البلاغ في الزنزانة بمقال يصف "خلية التعذيب" نُشر في أحد مواقع المعارضة على الإنترنت، بدأ يتلقى تهديدات بالقتل والاغتصاب منهم، لكن إدارة مرفق الاحتجاز تجاهلت تلك التهديدات. واشتكى صاحب البلاغ من سوء المعاملة ومن ظروف احتجازه إلى المحكمة الابتدائية وإلى المدعي العام لمدينة مينسك في التماس قدمه من أجل إجراء مراجعة قضائية رقابية، ومع ذلك، لم يجر أي تحقيق في ادعاءاته.

2-6 وفي تاريخ غير معروف، طعن صاحب البلاغ في الأمر الذي أقرَّ توقيفه أمام محكمة المقاطعة المركزية في مينسك. وفي 14 آذار/مارس 2011، رفضت المحكمة طعنه. وأُغلقت الجلسة أمام الجمهور وعُقدت دون حضور صاحب البلاغ. ومُدِّدت فترة احتجازه مرتين بعد ذلك، في 2 آذار/مارس 2011 من قبل نائب المدعي العام لمدينة مينسك وفي 18 نيسان / أبريل 2011 من قبل محكمة مقاطعة بارتيزانسكي في مينسك.

2-7 وفي كانون الثاني/يناير 2011، طُرد صاحب البلاغ من الجامعة بسبب مشاركته في التجمع غير المصرح به في 19 كانون الأول/ديسمبر 2010.

2-8 وفي 14 أيار/مايو 2011، خلصت محكمة مقاطعة بارتيزانسكي في مينسك إلى أن صاحب البلاغ وثلاثة متهمين آخرين مذنبون بالمشاركة في أعمال شغب جماعية، وعلى وجه الخصوص بارتكابهم أعمال عنف شخصية من خلال إلقاء قطع زجاجية على أفراد الشرطة، والتسبب في أضرار متصلة بالشغب، وتدمير ممتلكات. وحُكم عليه بموجب المادة 293 ( 2) من القانون الجنائي بالسجن لمدة ثلاث سنوات.

2-9 وفي 15 تموز/يوليه 2011، أيدت محكمة مدينة مينسك الحكم الصادر بحق صاحب البلاغ، في سياق دعوى النقض المقدمة إليها. وفي 13 أيلول/سبتمبر 2011، حصل صاحب البلاغ على عفو رئاسي.

2-10 وفي تاريخ غير معروف، قدم صاحب البلاغ التماساً لإجراء مراجعة قضائية رقابية إلى نائب رئيس المحكمة العليا. وفي 20 كانون الثاني/يناير 2012 رُفض طلبه.

2-11 وفي 28 كانون الأول/ديسمبر 2012، قدم صاحب البلاغ التماساً لإجراء مراجعة قضائية رقابية إلى المدعي العام لمدينة مينسك. وفي 18 شباط/فبراير 2013 رُفض طلبه.

2-12 ويدعي صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة.

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن توقيفه ومقاضاته لاحق اً، من خلال إجراءات إدارية وجنائية، لمشاركته في تجمع سلمي في 19 كانون الأول/ديسمبر 2010 كانا انتهاكاً للمادتين 19 و21، مقروءتين بالاقتران مع المادة 2، من العهد.

3-2 ويدعي أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المنصوص عليها في المواد 9 ( 1) و(3) و(4) من العهد لأنه لم يُخبر بأسباب توقيفه في 25 كانون الثاني/يناير 2011؛ ولم تكن هناك أسباب تبرر احتجازه لعدم وجود أي دليل على أنه قد يهرب أو يعرقل إقامة العدل؛ ولم تكن قرارات تمديد فترة احتجازه معللَّة بالقدر الكافي؛ وقد قُوبلت جميع شكاواه والتماساته للإفراج عنه بالرفض بطريقة روتينية. ويدعي صاحب البلاغ كذلك أن توقيفه لم يكن بموافقة قاض، وعندما طعن في إجراء توقيفه أمام المحكمة، عُقدت الجلسة خلف أبواب مغلقة ودون حضور صاحب البلاغ.

3-3 ويدعي صاحب البلاغ أنه تعرض لضغوط نفسية كان الهدف منها إكراهه على الشهادة ضد مرشحي المعارضة للرئاسة، على نحو ينتهك المادة 7 من العهد. وعلاوة على ذلك، شكلت ظروف احتجازه انتهاك اً لحقوقه المنصوص عليها في المادة 10 من العهد.

3-4 وفيما يتعلق بانتهاك المادة 14(1)، يدعي صاحب البلاغ أنه حُرم من محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مستقلة ونزيهة. ويدعي أن القضاة في بيلاروس يفتقرون إلى الحياد والاستقلال عن السلطة التنفيذية، وهو ما أكده المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين (انظر E/CN.4/2001/65/Add.1) ومكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان ( ) . ويفيد صاحب البلاغ بأن المحاكم في هذه القضية كانت تفتقر تماماً إلى الحياد والاستقلال بسبب التصريحات التي أدلى بها، بوقت طويل قبل المحاكمة، مسؤولون ذوو مراتب عليا والتي جاء فيها أن أحداث 19 كانون الأول/ديسمبر 2010 ينبغي أن تعتبر أعمال شغب جماعية. ويدعي صاحب البلاغ كذلك أن محاكمته لم تكن علنية لأن والدته وعمه، وكذلك الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، لم يُسمح لهم بحضور عدة جلسات، بحجة ضيق المكان. وفي الواقع، كان هناك أكثر من 30 فرد اً من أفراد الشرطة بملابس مدنية داخل قاعة المحكمة، وكانوا يشغلون المكان الذي كان من الممكن أن يستوعب أقارب الضحايا. وكان مدخل مبنى المحكمة خاضعاً لمراقبة عشرات من موظفي جهاز أمن الدولة الذين فحصوا جميع الأشخاص الداخلين إلى المبنى وسجلوا أسمائهم لأغراض غير محددة.

3-5 وفيما يتعلق بالمادة 14(2) من العهد، يدعي صاحب البلاغ أنه قبل بدء المحاكمة، صرح رئيس بيلاروس ووزير الداخلية ووزير العدل وقاض في المحكمة العليا مراراً وتكراراً أن أحداث 19 كانون الأول/ديسمبر 2010 ينبغي أن تُصنَّف كأعمال شغب وأن جميع الموقوفين، بمن فيهم صاحب البلاغ، مدانون بارتكاب جرائم. كما يدعي صاحب البلاغ أن جميع المتهمين كانوا مقيدي الأيدي خلال المحاكمة وكانوا داخل أقفاص معدنية، مما جعلهم يظهرون كمجرمين خطرين في نظر المحكمة والجمهور.

3-6 ويدعي صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المنصوص عليها في المادة 14 ( 3) ( د) و(ه) من العهد، لأن محكمة النقض نظرت في طعنه أثناء غيابه ( ) ولأن عدد اً من الشهود لم يستدعوا، أثناء المحاكمة، للإدلاء بشهادتهم شخصياً. واكتفى الادعاء العام بقراءة شهاداتهم التي أدلوا بها خلال التحقيق السابق للمحاكمة، ومنع بذلك الدفاع من استجواب هؤلاء الشهود. واستخدمت المحكمة تلك الشهادات لاحق اً لدعم حكمها.

3-7 ويدعي صاحب البلاغ كذلك أن محكمة مدينة مينسك انتهكت حقوقه المنصوص عليها في المادة 14(5) من العهد لأن دعوى نقض الحكم الصادر بحقه كانت ذات طابع شكلي للغاية دون أي نظر في الوقائع أو كفاية الأدلة. وعلاوة على ذلك، فإن قرار المحكمة لم يعالج الادعاءات المقدمة في دعوى النقض، وعُقدت الجلسة دون حضور صاحب البلاغ.

3-8 وأخيراً، يدعي صاحب البلاغ أنه عوقب مرتين، على نحو ينتهك المادة 14 ( 7) من العهد، من خلال إجراءات إدارية وجنائية، لأنه شارك في التجمع العام المؤرخ 19 كانون الأول/ديسمبر 2010.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

4-1 في مذكرة شفوية مؤرخة 18 آب/أغسطس 2014، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها بشأن مقبولية البلاغ. وأكدت الدولة الطرف أنها تعترف باختصاص اللجنة في تلقي وبحث البلاغات الواردة من مواطني بيلاروس الذين يدعون حدوث انتهاكات لحقوقهم المنصوص عليها في العهد، لكنها تلفت انتباه اللجنة إلى عدم مقبولية تجاهل البروتوكول الاختياري و/أو تفسيره تفسير اً تعسفياً عند تسجيل بلاغات فردية والنظر فيها.

4-2 وتعرب الدولة الطرف عن قلقها لأن اللجنة تنتهك بصورة منهجية المسؤوليات المنوطة بها بموجب البروتوكول الاختياري، من خلال تسجيل وبحث بلاغات فردية واردة من أشخاص لم يستنفدوا جميع سبل الانتصاف المحلية (المادتان 2 و5 ( 2) ( ب) من البروتوكول الاختياري) ومن أطراف ثالثة، بما في ذلك أطراف غير خاضعة لولاية بيلاروس (المادتان 1 و2 من البروتوكول الاختياري).

4-3 وترى الدولة الطرف أن من غير المقبول أن تعتمد اللجنة آراء بشأن بلاغات فردية مسجلة على نحو ينتهك البروتوكول الاختياري ووفق "ممارسة معمول بها ونظام داخلي". وتلاحظ أن النظام الداخلي الذي وضعته اللجنة عملاً بالمادة 39 ( 2) من العهد هو بمثابة قواعد داخلية للجنة، وهو ليس ملزماً قانوناً للدول الأطراف، ولا يمكن استخدامه لتبرير انتهاكات اللجنة لأحكام البروتوكول الاختياري. وتضيف أن جميع الإجراءات التي تتخذها اللجنة في إطار الصلاحيات المفوضة إليها، بما في ذلك تسجيل البلاغات، يجب أن تتوافق توافق اً تام اً مع أحكام البروتوكول الاختياري. ولا يترتب على الإجراءات المتخذة خارج إطار تلك الصلاحيات (التي تتجاوز حدود السلطة) أي آثار قانونية بالنسبة للدول الأطراف.

4-4 وتؤكد الدولة الطرف أنها، انطلاق اً من التقيد بالبروتوكول الاختياري بحسن نية، تمارس حقها في عدم الاعتراف بالآراء المعتمدة نتيجة إجراءات غير مشروعة تتخذها اللجنة. ثم إن اللجنة، بتجاوزها السلطات التي يمنحها إياها العهد والبروتوكول الاختياري الملحق به، وتفسير ولايتها تفسيراً فضفاضاً، واعتمادها وظائف وسلطات هيئةٍ قضائية دولية دون سَنَد، تقوّض مصداقيتها وتُناقض أهداف العهد والبروتوكول الاختياري.

4-5 وتلاحظ الدولة الطرف أن اللجنة غير مخوّلة، بمقتضى أحكام العهد، صلاحيات غير محدودة للتفسير. ويجوز للجنة أن تفسر العهد على وجه الحصر فيما يتعلق بحالات محددة مقدمة إليها للنظر فيها. وفي الوقت نفسه، فإن أهم التفسيرات هي تلك التي تقدمها الدول الأطراف ("التفسير الحقيقي").

4-6 وتؤكد الدولة الطرف أن الوقائع المذكورة أعلاه تدعو إلى إصلاح اللجنة وزيادة الشفافية في عملها. لذلك، تحث الدولة الطرف اللجنة على وقف تسجيل بلاغات فردية على نحو ينتهك البروتوكول الاختياري ووقف اعتماد آراء بشأنها. كما تدعو الدولة الطرف إلى وقف الممارسة المتمثلة في تضليل المجتمع الدولي بشأن رفض الدولة الطرف المزعوم للتعاون.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية

5-1 في رسالة مؤرخة 19 شباط/فبراير 2015، قدم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية. ويرفض صاحب البلاغ موقف الدولة الطرف القائل إنه لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة. فعلى الرغم من أنه طعن في توقيفه الإداري، رُفض طعنه. وقد طعن صاحب البلاغ أيض اً في توقيفه في سياق القضية الجنائية، وفي حكم المحكمة الابتدائية. كما قدم التماسات من أجل إجراء مراجعة قضائية رقابية لإدانته إلى نائب رئيس المحكمة العليا والمدعي العام لمدينة مينسك، ومع ذلك، رُفضت طلباته. وهو يجادل بأن جميع سبل الانتصاف القانونية المحلية الفعالة في قضيته قد استنفدت. ويؤكد أن أي حكم يدخل حيز النفاذ، وفقاً للقانون الداخلي، بعد دعوى النقض. ووفق اً لصاحب البلاغ، فإن أي استئناف لاحق سيكون تقديري اً بطبيعته. وعلى أي حال، فقد أقرت اللجنة بأن المراجعات القضائية الرقابية ليست سبيل انتصاف فعال ( ) .

5-2 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف أن هذا البلاغ مقدم من طرف ثالث، يؤكد صاحب البلاغ أن البلاغ أرسله والده الذي ورد اسمه وتفاصيل الاتصال به في الفقرة الأولى من البلاغ ( ) .

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

عدم تعاون الدولة الطرف

6-1 تحيط اللجنة علماً بتأكيد الدولة الطرف أن اللجنة تعتمد آراء بشأن بلاغات فردية مسجلة على نحو ينتهك البروتوكول الاختياري، وفق "ممارسة معمول بها ونظام داخلي"، وأن الدولة الطرف ستمارس حقها في عدم الاعتراف بالآراء التي تعتمدها اللجنة.

6-2 وتلاحظ اللجنة أن أي دولة طرف في العهد، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، تعترف باختصاص اللجنة في تلقي ودراسة البلاغات التي ترد من أفراد يدعون أنهم وقعوا ضحايا لانتهاك أي من الحقوق المنصوص عليها في العهد (الديباجة والمادة 1 من البروتوكول الاختياري). ويعني انضمام دولة طرف ما إلى البروتوكول الاختياري، ضمناً، تعهدها بالتعاون مع اللجنة بحسن نية بحيث تَسْمحُ لها بالنظر في تلك البلاغات وتمكّنها من ذلك، ثم تحيل اللجنة آراءها إلى الدولة الطرف والفرد المعني بعد دراسة البلاغ (الفقرتان 1 و4 من المادة 5). وأي إجراء تتخذه دولة طرف ومن شأنه أن يُعطل أو يمنع اللجنة من النظر في البلاغ، ودراسته، والتعبير عن آرائها بشأنه هو إجراءٌ يتعارض مع التزامات الدولة الطرف. واللجنة هي من يقرر ما إذا كان ينبغي تسجيل قضية من القضايا أم لا. والدولة الطرف، بعدم قبولها اختصاص اللجنة في أن تقرر ما إذا كان ينبغي تسجيل بلاغ أم لا، وبإعلانها القاطع أنها لن تقبل قرار اللجنة بشأن مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، تكون قد انتهكت التزاماتها المنصوص عليها في المادة 1 من البروتوكول الاختياري ( ) .

النظر في المقبولية

7-1 قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة أن تقرر، وفقاً للمادة 97 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

7-2 وقد تأكدت اللجنة، وفقاً لما تقتضيه المادة 5 ( 2)(أ) من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة نفسها لم تُبحث وليست قيد البحث في إطار أي إجراء آخر من إجراءات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية. ‬

7-3 وتحيط اللجنة علماً بتأكيد الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية. وتلاحظ اللجنة أيض اً ادعاء صاحب البلاغ أنه على الرغم من طعنه في توقيفه الإداري، رُفض طعنه. وتبين المستندات المقدمة أن طعن صاحب البلاغ قد رُفض بسبب عدم دفع رسوم المحكمة. وتذكِّر اللجنة بأن المادة 14(5) من العهد تنصّ على أن لأي شخص أُدين بجريمة الحق في أن تعيد محكمة أعلى درجة النظر في قرار إدانته وفي العقاب الذي حُكم به عليه، وفقاً للقانون ( ) . وبما أن صاحب البلاغ قد اتُهم بارتكاب جريمة إدارية، فيجب على اللجنة أولاً تحديد ما إذا كانت المادة 14(5) تنطبق في هذه القضية. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ حُكم عليه بالسجن لمدة 15 يوماً من الاحتجاز الإداري بسبب انتهاكه الإجراء المعمول به لتنظيم التجمعات العامة، بموجب المادة 23-34 ( 1) من قانون الجرائم الإدارية. وتلاحظ اللجنة كذلك أن القواعد القانونية التي انتهكها صاحب البلاغ ليست موجهة إلى مجموعة معينة ذات مركز خاص على غرار القانون التأديبي مثل اً، بل إنها موجهة إلى أي شخص يشارك، بصفته الفردية، في تجمع عام غير مصرح به. وتحظر تلك القواعد سلوكاً بعينه وتُخضِع المقتضيات المترتبة على ذلك لصدور قرار يقضي بالإدانة وفرض عقوبة جزائية. وقد أحالت اللجنة، في آرائها السابقة ( ) ، إلى الفقرة 15 من تعليقها العام رقم 32 ( 2007) بشأن الحق في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية وفي محاكمة عادلة، حيث أشارت إلى عقوبات على الأفعال ذات طابع إجرامي والتي، بغض النظر عن وصفها في القانون المحلي، يجب أن تعتبر جنائية نظـراً لطبيعتها أو غرضها أو شدتها. ولذلك، فإن الطابع العام للقواعد والغرض من العقوبة التي تتسم بطابع رادع وعقابي في الوقت نفسه يثبتان أن التهم المعنية هي، بالمعنى المقصود في المادة 14 من العهد، تهم ذات طابع جنائي.

7-4 وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ قدم في 23 كانون الأول/ديسمبر 2010 طعن اً في قرار محكمة زافودسكوي المحلية المؤرخ 20 كانون الأول/ديسمبر 2010. لكن في 5 كانون الثاني/يناير 2011، أي في اليوم الذي أكمل فيه صاحب البلاغ عقوبة السجن لمدة 15 يوماً، رفضت المحكمة طعن صاحب البلاغ بسبب عدم دفع رسوم المحكمة. وفي هذه الظروف، وبما أن صاحب البلاغ كان يواجه تهم اً ذات طابع جنائي، رغم أن الإجراءات كانت إدارية، في حين لم تكن هناك أي مراجعة فعالة على يد محكمة أعلى درجة لقرار العقوبة، فإن اللجنة ترى أن المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

7-5 وفيما يتعلق بالإدانة الجنائية لصاحب البلاغ، تلاحظ اللجنة الحجة القائلة إنه طعن في قرار توقيفه في سياق القضية الجنائية، وفي حكم المحكمة الابتدائية، وإنه قدم التماسات من أجل إجراء مراجعة قضائية رقابية لإدانته إلى نائب رئيس المحكمة العليا وإلى المدعي العام لمدينة مينسك. وتشير اللجنة إلى اجتهاداتها السابقة التي تفيد بأن تقديم التماس إلى مكتب المدعي العام لطلب مراجعة قرارات المحكمة التي دخلت حيز النفاذ لا يشكل وسيلة انتصاف يتعين استنفادها لأغراض المادة 5 ( 2) ( ب) من البروتوكول الاختياري ( ) . وترى اللجنة أيض اً أن الطلبات التي تعتمد على السلطة التقديرية للقاضي من أجل إجراء مراجعة رقابية تشكل وسيلة انتصاف غير عادية، وأن الدولة الطرف يجب أن تثبت أن هناك احتمال اً معقول اً بأن توفر مثل هذه الطلبات وسيلة انتصاف فعالة في ظروف القضية ( ) . وفي هذه القضية، تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي معلومات إضافية بشأن فعالية عملية المراجعة الرقابية. وبناءً على ذلك، ترى اللجنة أن المادة 5 ( 2) ( ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ.

7-6 وفيما يتعلق بحجة الدولة الطرف المتعلقة بالبلاغات المقدمة من أطراف ثالثة، تشير اللجنة إلى أن البلاغ ينبغي عادة أن يقدمه صاحب البلاغ شخصياً أو من يمثله ( ) . وفي هذه القضية، منح صاحب البلاغ والده، ريم ميرزاينوف ، توكيل اً قانوني اً موقّع اً حسب الأصول، يخوله بوضوح صلاحية التصرف كممثل له في هذه القضية المعروضة على اللجنة. وبالتالي، تخلص اللجنة إلى أن البلاغ قُدم وفقاً للقواعد.

7-7 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 7 من العهد أنه تعرض لضغوط نفسية من قبل الشرطة للإدلاء بشهادته ضد مرشحي المعارضة الرئاسيين، وأنه تلقى تهديدات بالقتل والاغتصاب من رفاقه في السجن بعدما علموا بمقال يصف "خلية التعذيب" نُشر بمساعدة صاحب البلاغ في أحد مواقع المعارضة على الإنترنت. وفي غياب أي معلومات إضافية تدعم ادعاءات صاحب البلاغ، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت ادعاءه بما يكفي لأغراض المقبولية، وبالتالي تعلن أن هذا الادعاء غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7-8 وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحب البلاغ أن ظروف احتجازه تنتهك حقوقه المنصوص عليها في المادة 10 من العهد. ومع ذلك تلاحظ، انطلاق اً من المعلومات المعروضة عليها، أن صاحب البلاغ لم يثر هذا الادعاء أمام السلطات المحلية. وفي هذه الظروف، ترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يستنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة فيما يتعلق بادعائه بموجب المادة 10 من العهد، وتخلص إلى أن هذا الادعاء غير مقبول بموجب المادة 5 ( 2) ( ب) من البروتوكول الاختياري.

7-9 وتحيط اللجنة علماً كذلك بادعاء صاحب البلاغ أنه عوقب مرتين، على نحو ينتهك المادة 14 ( 7) من العهد، من خلال إجراءات إدارية وجنائية، بسبب مشاركته في التجمع العام الذي نُظِّم في 19 كانون الأول/ديسمبر 2010. وتلاحظ اللجنة أن المسؤولية الإدارية لصاحب البلاغ نشأت عن مشاركته في تجمع غير مصرح به، في حين نشأت ملاحقته الجنائية عن أفعاله أثناء التجمع، أي الأفعال التي ادُعي أنه ارتكبها وهي بالأخص رمي الزجاج على أفراد الشرطة وتدمير ممتلكات، والتي صنفتها التحقيقات والمحكمة كمشاركة في أعمال شغب جماعية. وترى اللجنة أن صاحب البلاغ لم يثبت بما يكفي ادعاءه حدوث انتهاك لحقوقه المنصوص عليها في المادة 14 ( 7) من العهد، لأغراض المقبولية، ولذلك تعتبر هذا الادعاء غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري.

7-10 وترى اللجنة أن صاحب البلاغ قد أثبت بما يكفي ادعاءاته بموجب المواد 9 ( 1) و(3) و(4)؛ و14 ( 1) و(2) و(3) ( د) و(ه) و(5)؛ و19؛ و21 من العهد، لأغراض المقبولية. لذلك تعلن أن البلاغ مقبول وتشرع في النظر في الأسس الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

8-1 نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للمادة 5(1) من البروتوكول الاختياري.

8-2 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه المنصوص عليها في المادتين 19 و21 من العهد بفرض قيود لا مبرر لها على هذه الحقوق. والمسألة المعروضة على اللجنة هي ما إذا كانت حقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في المادتين 19 و21 قد انتهكت أم لا عندما ألقت الشرطة القبض عليه في مكان عام أثناء مشاركته في تجمع عام، وعندما أُدين بارتكاب جريمة إدارية بسبب انتهاكه الإجراء المعمول به لتنظيم تجمع عام وحُكم عليه بالاحتجاز الإداري لمدة 15 يوما ً . وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف لم تقدم أي ملاحظات بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ وأنه يجب، في ضوء هذه الظروف، إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحب البلاغ ( ) . وفي ضوء المواد المعروضة عليها، ترى اللجنة أن الدولة الطرف فرضت قيوداً على حقوق صاحب البلاغ، لا سيما على حقه في نقل المعلومات والأفكار بجميع أنواعها، على النحو المنصوص عليه في المادة 19 ( 2) من العهد، وحقه في التجمع السلمي، على النحو المنصوص عليه في المادة 21. ويجب على اللجنة بالتالي تحديد ما إذا كان يمكن تبرير القيود المفروضة على حقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في المادة 19 ( 3) والجملة الثانية من المادة 21.

8-3 وتشير اللجنة إلى تعليقها العام رقم 34 ( 2011) بشأن حرية الرأي وحرية التعبير، الذي توضح فيه أن حرية الرأي وحرية التعبير شرطان لا غنى عنهما لنماء الشخص نماءً كاملاً، وأن هاتين الحريتين ضروريتان لأي مجتمع (الفقرة 2). فهما تشكلان حجر الأساس لكل مجتمع تسوده الحرية والديمقراطية (المرجع نفسه). وتشير اللجنة إلى أن المادة 19 ( 3) من العهد تسمح بفرض قيود معينة، بموجب القانون فقط، إن كانت هذه القيود ضرورية (أ) لاحترام حقوق الآخرين وسمعتهم (ب) ولحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. ‬ وكل تقييد لممارسة هاتين الحريتيْن يجب أن يتوافق مع معياريْ الضرورة والتناسب الصارميْن . ويجب ألاَّ تُفرض هذه القيود إلا للأغراض التي وضعت من أجلها وأن تتعلق مباشرة بالحاجة المحددة التي اقتضتها ( ) . وتذكِّر اللجنة أيضاً بأن على الدولة الطرف أن تثبت أن القيود المفروضة على حقوق صاحب البلاغ المكفولة بموجب المادة 19 من العهد كانت ضرورية ومتناسبة ( ) .

٨-٤ وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ عوقب لمشاركته في تجمع عام على أساس ما خلصت إليه الشرطة والمحكمة المحلية ومفاده أن صاحب البلاغ انتهك إجراءات تنظيم وعقد تجمع عام المنصوص عليها في التشريعات المحلية. وتلاحظ اللجنة شرح صاحب البلاغ أنه حضر التجمع لدعم مرشح من مرشحي المعارضة للرئاسة. كما تلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف والمحاكم المحلية لم تقدم أي توضيحات عن الأسباب التي تبرر هذه القيود وفقاً لشَرطَي الضرورة والتناسب المنصوص عليهما في المادة 19(3) من العهد، وعمَّا إذا كانت العقوبة المفروضة، أي 15 يوماً من الاحتجاز الإداري، حتى وإن استندت إلى القانون، ضرورية ومتناسبة وممتثِلة لأي غرض من الأغراض المشروعة الواردة في ذلك الحكم.

8-5 وتشير اللجنة إلى أنها نظرت في قضايا مماثلة تتعلق بنفس قوانين وممارسات الدولة الطرف في عدد من البلاغات السابقة ( ) . وتخلص اللجنة في هذه القضية إلى أن حقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في المادة 19 من العهد قد انتُهكت.

8-6 وتشير اللجنة إلى أن الحق في التجمع السلمي، على النحو المكفول بموجب المادة 21 من العهد، هو حق أساسي من حقوق الإنسان لا بد منه ليعبر الفرد علناً عن آرائه ووجهات نظره ولا غنى عنه في مجتمع ديمقراطي. ويترتب على هذا الحق إمكان تنظيم تجمع سلمي والمشاركة فيه في مكان عام. ومن حق منظمي التجمع عموماً اختيار موقع على مرأى ومسمع من جمهورهم المستهدف ولا يجوز تقييد هذا الحق إلا إذا (أ) فُرِضَ على نحو يتوافق مع القانون؛ و(ب) كان ضرورياً في مجتمع ديمقراطي من أجل الحفاظ على الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام، أو لحماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ‬ وعندما تفرض دولة طرف قيوداً بهدف التوفيق بين حق الفرد في التجمع والمصالح المذكورة أعلاه ذات الاهتمام العام، ينبغي لها أن تستر شد بهدف تيسير الحق لا السعي إلى فرض قيود غير ضرورية أو غير متناسبة عليه ( ) . وبالتالي فإن الدولة الطرف ملزمة بتبرير القيود المفروضة على الحق الذي تحميه المادة 21 من العهد ( ) .

8-7 وفي هذه القضية، على اللجنة أن تنظر فيما إذا كانت القيود المفروضة على حق صاحب البلاغ في التجمع السلمي مبررة بموجب أي معيار من المعايير المنصوص عليها في الجملة الثانية من المادة 21 من العهد. وتلاحظ اللجنة، في ضوء المعلومات المتاحة في الملف، أن السلطات الوطنية والمحكمة المحلية لم تقدم أي مبرر أو توضيح للكيفية التي انتهك بها التجمع العام في الواقع مصالح الأمن القومي أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم، على النحو المنصوص عليه في المادة 21.

8-8 وتشير اللجنة إلى أنها نظرت في قضايا مماثلة تتعلق بنفس قوانين وممارسات الدولة الطرف في عدد من البلاغات السابقة ( ) . وتخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف، في هذه القضية، انتهكت حقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في المادة 21 من العهد.

8-9 وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أنه لم يُخبر بأسباب توقيفه في 25 كانون الثاني/يناير 2011، وأنه لم يكن هناك أي سبب لاحتجازه في غياب أدلة على أنه قد يهرب أو يعرقل إقامة العدل، وأن القرارات اللاحقة القاضية بتمديد احتجازه لم تكن معللَّة بالقدر الكافي. وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن ادعاءاته قد عُرضت على السلطات المختصة ومحاكم الدولة الطرف لكنها قوبلت بالرفض بطريقة روتينية. وتذكّر اللجنة في هذا الصدد بأن مفهوم "التعسف" لا يجوز اعتباره صنواً لمفهوم "مخالفة القانون"، بل يجب تفسيره بشكل أوسع ليشمل عناصر مخالفة الأعراف والظلم وعدم قابلية التنبؤ وعدم اتباع الإجراءات القانونية الواجبة ، علاوةً على عناصر المعقولية والضرورة والتناسب ( ) . وهذا يعني، في جملة أمور، أن الحبس الاحتياطي بسبب تهم جنائية يجب أن يكون معقولاً وضرورياً في جميع الظروف وذلك، على سبيل المثال، لمنع هروب المتهم أو التلاعب بالأدلة أو تكرار الجريمة ( ) . ولم تثبت الدولة الطرف وجود هذه المخاطر في هذه القضية. وفي غياب أي معلومات إضافية، تخلص اللجنة إلى أن المادة 9 ( 1) من العهد قد انتهكت.

8-10 وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاء صاحب البلاغ أن إلقاء القبض عليه كان بموافقة مدع عام، لا يخوله القانون ممارسة السلطة القضائية، على نحو ما تقتضيه المادة 9 ( 3) من العهد. وتذكّر اللجنة بأن الحكم المذكور أعلاه يعطي المحتجز المتهم بارتكاب جريمة ما الحق في أن يراقَب احتجازه قضائياً. ‬ وأحد المقومات الأساسية للممارسة السليمة للسلطة القضائية هو أن تمارسها سلطة مستقلة وموضوعية ونزيهة في تناول المسائل المعروضة عليها ( ) . لذلك، فإن اللجنة غير مقتنعة بأن المدعي العام شخص يمكن اعتباره أنه يتحلى بصفة الموضوعية والنزاهة المؤسسية اللازمة كي يُعتبر موظفاً مخولاً ممارسة السلطة القضائية بالمعنى المقصود في المادة 9 ( 3) من العهد ( ) ، وتخلص اللجنة إلى أن الوقائع كما قدِّمت لها تكشف عن حدوث انتهاك لحقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في المادة 9 ( 3) من العهد. وفي ضوء هذا الاستنتاج، تقرر اللجنة عدم النظر على نحو منفصل في الادعاءات التي تثير مسائل بموجب المادة 9 ( 4) من العهد.

8- 11 وتحيط اللجنة علماً كذلك بادعاء صاحب البلاغ أنه حُرم من محاكمة عادلة وعلنية أمام محكمة مستقلة ونزيهة، على نحو ينتهك المادة 14 ( 1) من العهد، وأن حقه في افتراض براءته إلى أن تثبت إدانته وفقاً للقانون لم تحترمه السلطات في قضيته، مما يشكل انتهاكا للمادة 14 ( 2) من العهد. وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن المحاكمة لم تكن علنية لأن والدته وعمه، وكذلك الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، لم يُسمح لهم بحضور عدة جلسات. كما تلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أنه قبل بدء المحاكمة، صرح رئيس بيلاروس ووزير الداخلية ووزير العدل وقاض في المحكمة العليا مراراً وتكراراً بأنه ينبغي اعتبار أحداث 19 كانون الأول / ديسمبر 2010 أعمال شغب جماعية وأن جميع الموقوفين، بمن فيهم صاحب البلاغ، الذين كانوا مقيدي الأيدي طوال المحاكمة في قفص معدني، كانوا مدانين بارتكاب جرائم. ونظراً لعدم تقديم الدولة الطرف ملاحظات للرد على هذه الادعاءات، تقرر اللجنة إيلاء الاعتبار الواجب لادعاءات صاحب البلاغ. وعليه، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع المعروضة عليها تشكل انتهاكاً للمادة 14 ( 1) و(2) من العهد.

8-12 وأخيراً، تحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ انتهاك حقوقه المنصوص عليها في المادة 14 ( 3) ( د) من العهد أثناء دعوى النقض. ولم تقدم الدولة الطرف أي ملاحظات محددة بشأن هذا الجزء من البلاغ. وترى اللجنة أن المادة 14 ( 3) ( د) من العهد، التي تنص على حق المتهم في أن يحاكم حضوري اً، تنطبق في هذه القضية، لأن المحكمة نظرت في القضية من حيث الوقائع والأسس القانونية وأجرت تقييماً جديداً لمسألة الإدانة أو البراءة ( ) . وتذكّر اللجنة بأن من حق المتهمين، بمقتضى المادة ١٤(3)(د)، أن يكونوا حاضرين خلال محاكمتهم وأن الإجراءات دون حضور المتهمين لا تُقبل إلا إذا كانت تؤمّن حسن سير العدالة، مثلاً عند رفض المتهمين ممارسة حقهم في الحضور بعد إخطارهم بالإجراءات بوقت كاف ( ) . وفي غياب أي معلومات أخرى ذات صلة في الملف، تخلص اللجنة إلى أن الوقائع كما وصفها صاحب البلاغ تكشف عن انتهاك للمادة 14 ( 3) ( د) من العهد.

8-13 وبعد أن خلصت اللجنة، في هذه القضية، إلى حدوث انتهاك للمادة 14 ( 1) و(2) و(3) ( د) من العهد، تقرر اللجنة عدم النظر على نحو منفصل في ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 14 ( 3) ( هـ) و(5).

9- واللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة ٥(4) من البروتوكول الاختياري، ترى أن المعلومات المعروضة عليها تكشف عن انتهاك الدولة الطرف لحقوق صاحب البلاغ المنصوص عليها في المواد 9 ( 1) و(3)، و14 ( 1) و(2) و(3) ( د)، و19، و21 من العهد. وتكرر اللجنة استنتاجها أن الدولة الطرف انتهكت أيضاً التزاماتها المنصوص عليها في المادة 1 من البروتوكول الاختياري.

10- وعملاً بالمادة 2 ( 3) ( أ) من العهد، يقع على عاتق الدولة الطرف التزام بتوفير سبيل انتصاف فعال لصاحب البلاغ. ويقتضي منها ذلك تقديم تعويض كامل للأفراد الذين انتهكت حقوقهم المنصوص عليها في العهد. وبناءً على ذلك، فإن الدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور، باتخاذ الخطوات المناسبة لإعادة النظر في إدانة صاحب البلاغ وتزويده بتعويض مناسب، بما في ذلك رد أي تكاليف قانونية أو رسوم أخرى يكون قد تكبدها، واتخاذ ما يناسب من تدابير الترضية. والدولة الطرف ملزمة أيضاً باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع حدوث انتهاكات مماثلة في المستقبل.

11- وإذ تأخذ اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد، والتزمت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليميها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وبأن توفر سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ إذا ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوما ً ، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. ويُطلب إلى الدولة الطرف أيضاً نشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع بلغاتها الرسمية.