الأمم المتحدة

CCPR/C/121/D/2770/2016

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

11 December 2017

Arabic

Original: English

آراء اعتمدتها اللجنة بموجب الفق رة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2770/2016 * **

المقدم من: أ. أ. (تمثله المحامية سيسيليا فايبي أندرسن)

الشخص المدعى أنه ضحية: صاحب البلاغ

الدولة الطرف: الدانمرك

تاريخ تقديم البلاغ: 27 أيار/مايو 2016 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ عملاً بالمادة 97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 29 كانون الثاني/يناير 2014 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: ٧ تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٧

الموضوع: ترحيل قاصر غير مصحوب إلى اليونان

المسائل الإجرائية: نقص الأدلة

المسائل الموضوعية : التعذيب، والمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ والإعادة القسرية؛ وحقوق الطفل

مواد العهد : ٧ و٢٤

مواد البروتوكول الاختياري : ٢

١-١ صاحب البلاغ هو أ. أ.، وهو مواطن من الجمهورية العربية السورية. ويدفع صاحب البلاغ بأنه مولود في 1 حزيران/يونيه 2000 ( ) وبأن ترحيله إلى اليونان من جانب الدولة الطرف سيشكل انتهاكاً للمادتين 7 و24 من العهد. وتمثله المحامية سيسيليا فايبي أندرسن من مجلس اللاجئين الدانمركي .

١-٢ وفي 30 أيار/مايو 2016، طلبت اللجنة عن طريق مقررها الخاص المعني بالبلاغات الجديدة والتدابير المؤقتة، عملاً بالمادة 92 من نظامها الداخلي، أن تمتنع الدولة الطرف عن ترحيل صاحب البلاغ إلى اليونان ريثما تنظر اللجنة في قضيته. وفي 1 حزيران / يونيه 2016، علَّق مجلس طعون اللاجئين أجل رحيل صاحب البلاغ من الدولة الطرف بناءً على طلب اللجنة.

بيان الوقائع

2-1 صاحب البلاغ من دمشق. وهو يدفع بأنه فر من الجمهورية العربية السورية في آذار/ مارس 2015 بسبب الحرب، وبأنه دخل اليونان في نيسان/أبريل من العام ذاته بصفة قاصر غير مصحوب. وألقت السلطات المحلية القبض على صاحب البلاغ لدى وصوله إلى جزيرة خيوس اليونانية، وأودع في مرفق مغلق حيث أخذت بصماته كونه دخل البلد بصورة غير قانونية. وبعد بضعة أيام في خيوس ، سمح له بالسفر إلى أثينا حيث أقام بنزل طيلة أربعة أشهر دفع تكاليفها بنفسه. وعندما نفدت أمواله أصبح متشرداً وعاش في الشوارع لمدة شهرين تقريباً. وهو يفيد بأنه قضى معظم الليالي في منتزه كبير، حيث التقى لاجئ اً سوري اً نصحه بتقديم طلب لجوء في اليونان كي يتسنى له طلب مسكن من السلطات اليونانية. وقد فعل ذلك في تاريخ غير محدد.

2-2 ويفيد صاحب البلاغ بأنه قدم طلب لجوئه لكن محاولاته تأمين دعم السلطات اليونانية له في الحصول على سكن باءت بالفشل. وعندما اتصل بالسلطات اليونانية كان ردها في غاية العدائية فشعر صاحب البلاغ بأنه منبوذ. وخلال تلك الأشهر، شهد صاحب البلاغ تعرض أشخاص آخرين للعنف والسرقات. وقد قضى ليالي كثيرة مستيقظاً تحسب اً لأي اعتداء. وفي حزيران/ يونيه 2015، أجرى صاحب البلاغ مقابلته مع السلطات اليونانية المعنية باللجوء. وقد حصل على صفة لاجئ لكنه لم يتلق قط إخطاراً رسمياً بذلك القرار، الذي أبلغته به لاحقاً السلطات الدانمركية ( ) .

2-3 ونظراً إلى ظروف العيش الصعبة للغاية في اليونان ولانعدام احتمالات التحسن، غادر صاحب البلاغ اليونان في 20 تموز/يوليه 2015 وسافر إلى الدانمرك في آب/أغسطس وقدم طلب لجوء هناك. وفي الدانمرك أعلمته السلطات الدانمركية بأنه منح اللجوء في اليونان في 27 تموز/يوليه. ويدعي صاحب البلاغ أيضاً أن الإجهاد الناجم عن حالته الشخصية جعله ضعيفاً من الناحية العاطفية، وأنه آذى نفسه عندما كان في الدانمرك ( ) .

2-4 وفي 29 آذار/مارس 2016، رفضت دائرة الهجرة الدانمركية طلب لجوء صاحب البلاغ على أساس أن اليونان كانت بلد لجوئه الأول وأنه لا يمكن أن يمنح اللجوء في الدانمرك وفقاً للمادة 29(ب) من قانون الأجانب الدانمركي . وقد أفادت دائرة اللجوء الدانمركية بأن باستطاعة صاحب البلاغ أن يدخل اليونان ويستقر فيها بصفة قانونية بالنظر إلى منحه صفة اللاجئ هناك. وأفادت الدائرة كذلك بأن جهل صاحب البلاغ حصولَه على تصريح إقامة في اليونان لا يؤثر في نتيجة طلب لجوئه. وطعن صاحب البلاغ في هذا القرار أمام مجلس طعون اللاجئين، وهو يدرك أن هذا الطعن ليس سبيل انتصاف فعال اً إذ لا يقترن بأثر إيقافي ( ) ولا يتيح فرصة لتقديم معلومات جديدة وإثباتها.

2-5 وفي 20 أيار/مايو 2016، أبلغ صاحب البلاغ محاميه بأن تاريخ ميلاده الصحيح هو 1 حزيران/ يونيه 2000. ولإثبات هذه المعلومة، قدم وثائق هوية سورية، مبيناً أن أخاه أرسل إليه هذه الوثائق إلكترونياً ( ) . وفي 23 أيار/مايو، قدم صاحب البلاغ طلباً رسمياً إلى دائرة الهجرة الدانمركية أوضح فيه سنه الحقيقية وقدم نسخة من الوثائق التي تلقاها من أخيه. ويفيد صاحب البلاغ بأنه كان قد أمدّ السلطات اليونانية بمعلومات خاطئة عن سنه لأنه نصح بتقديم نفسه على أنه راشد، لأن القصر المهاجرين غير المصحوبين بذويهم يحتجزون بصورة منهجية في اليونان. وإضافة إلى ذلك، لم يكن متأكداً مما إذا كانت سن الرشد القانونية في اليونان تعادل 18 سنة أم 21 سنة، فاختار أن يقول إنه يبلغ من العمر 21 سنة. وبناءً عليه، سجل لدى السلطات اليونانية بصفة راشدٍ بتاريخ ميلاد مغلوط هو 1 حزيران/ يونيه 1995. كذلك يدفع صاحب البلاغ بأنه قدم المعلومات الخاطئة ذاتها إلى السلطات الدانمركية للأسباب ذاتها ولأنه مسجل بالفعل في اليونان على أنه مولود في 1 حزيران/ يونيه 1995.

2-6 وفي تاريخ غير محدد، قدمت محامية صاحب البلاغ إلى مجلس طعون اللاجئين معلومات تكميلية لدعم ادعاء صاحب البلاغ بخصوص سنه. وأفادت المحامية بأنها اتصلت بموظفي مركز اللجوء الذين تناولوا حالة صاحب البلاغ، وقد لاحظوا أن جميع أصدقائه كانوا ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و16 سنة. كما أنهم لم يفاجؤوا بمعرفة أن صاحب البلاغ نفسه يبلغ من العمر 16 سنة، بالنظر إلى سلوكه العام ومظهره الجسدي. وأفادت المحامية أيضاً بأن أقرب صديق لصاحب البلاغ أخبرها قبل شهر من تقديم البلاغ إلى اللجنة بأنه على علم بسن صاحب البلاغ الصحيحة وبأن صاحب البلاغ يخشى الإفصاح عن سنه الحقيقية خوفاً من أن تؤثر هذه المعلومات سلباً على طلب لجوئه.

2-7 وفي 30 أيار/مايو 2016، رفض مجلس طعون اللاجئين طعن صاحب البلاغ في قرار دائرة الهجرة الدانمركية. وأكد المجلس مجدداً، وفقاً للمادة 29(ب) من قانون الأجانب الدانمركي ، أن بلد لجوء صاحب البلاغ الأول هو اليونان بالنظر إلى أنه منح صفة اللاجئ هناك في 12 حزيران/ يونيه 2015، إلى جانب تصريح إقامة ووثائق سفر صالحة لمدة ثلاث سنوات. وأفاد كذلك بأن متطلبات التشريعات المحلية ( ) . فيما يتعلق ببلد اللجوء الأول تقتضي أن يتمتع ملتمسو اللجوء بالحماية من الإعادة القسرية وأن يسمح لهم بالإقامة في البلد بصورة قانونية. وإضافة إلى ذلك، يجب حماية سلامة ملتمس اللجوء الشخصية. بيد أن المجلس أفاد بأنه لا يشترط أن يتمتع ملتمس اللجوء بمستوى المعيشة ذاته الذي يتمتع به مواطنو بلد اللجوء، ما دام يعامل وفقاً للمعايير الإنسانية الأساسية المعترف بها ( ) . ورأى المجلس أن صاحب البلاغ يمكنه دخول اليونان والإقامة فيها بصورة قانونية وأنه سيتمتع فيها بالحماية من الإعادة القسرية، ما دام قد حصل على الحماية الدولية. وعلاوة على ذلك، فإن اليونان، بوصفها عضواً في الاتحاد الأوروبي، ملزمة باحترام المادة 19(2) من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي ( ) ، وكذلك اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين. ورأى المجلس أيضاً أنه رغم صعوبة الظروف الاجتماعية الاقتصادية العامة التي يعيشها الأشخاص الحاصلون على صفة لاجئين في اليونان، لا يجوز استنتاج أن اليونان لا يمكن أن تكون بلد لجوء أول. وبخصوص ادعاء صاحب البلاغ أنه قاصر غير مصحوب، أفاد المجلس بأنه ليس من اختصاصه تغيير المعلومات المدرجة منذ البداية في طلب لجوء صاحب البلاغ فيما يتعلق بسنه، لكن باستطاعته أن يطلب إلى دائرة الهجرة إعادة النظر في هذه المسألة؛ ويمكن الطعن في القرار أمام وزارة الهجرة والإدماج والإسكان. وبخصوص ادعاء صاحب البلاغ أنه يعاني إجهاداً عاطفياً، أفاد المجلس بأنه لم يلتمس أي علاج لهذه الحالة وأن تقرير مقابلته، التي أجريت في 29 آذار/مارس 2016، أفاد بأنه في صحة بدنية جيدة. وإضافة إلى ذلك رأى المجلس أن من الممكن افتراض أن صاحب البلاغ سيحصل على كل ما يلزمه من علاج نفسي أو طبي في اليونان. وأخيراً رأى المجلس أن ارتباط صاحب البلاغ برفيقة وبأواصر عائلية في الدانمرك لا يمكن أن يفضي إلى تقييم مختلف ( ) ، وقد رفض المجلس طلب لجوء صاحب البلاغ.

2-8 وبخصوص ادعاء صاحب البلاغ أنه كان قاصراً عند وصوله إلى الدولة الطرف، قررت دائرة الهجرة الدانمركية في 30 أيار/مايو 2016 عدم تغيير تسجيل سن صاحب البلاغ ما دام تاريخ 1 حزيران/ يونيه 1995 يستند إلى المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ نفسه إلى السلطات اليونانية والدانمركية . وفي 13 حزيران/ يونيه 2016، قدم صاحب البلاغ طعناً إدارياً في هذا القرار، مدعياً أنه كان ينبغي أن يستفيد من قرينة الشك فيما يتعلق بسنه الحقيقية. وفي 29 أيلول/سبتمبر 2016، رفضت وزارة الهجرة والإدماج والإسكان الطعن الإداري، وأقرت تاريخ 1 حزيران/ يونيه 1995 تاريخاً لميلاد صاحب البلاغ. وذكّرت الوزارة بأن صاحب البلاغ أفاد، أثناء مقابلتيه مع سلطات الهجرة الدانمركية في 28 أيلول/سبتمبر 2015 و29 آذار/ مارس 2016، بأنه مولود في 1 حزيران/ يونيه 1995، وأنه استصدر بطاقة هوية عندما كان في الرابعة عشرة، وأنه دُعي إلى الخدمة العسكرية في عام 2013 عندما كان في الثامنة عشرة من عمره، وأن لديه أخاً أصغر يعيش في ألمانيا. وأشارت الوزارة أيضاً إلى أن الدفتر العائلي الذي قدمه صاحب البلاغ في أعقاب طلبه تغيير تاريخ ميلاده يبين أنه الطفل الثاني، وهو مولود في 1 حزيران/ يونيه 2000، في حين أن الطفل الثالث مولود في عام 1999. ولاحظت الوزارة أن تاريخ ميلاد الطفل الثاني، وهو صاحب البلاغ، لاحق لتاريخ ميلاد الطفل الثالث. وعندما سُئل صاحب البلاغ عن هذا التناقض، قال إنه يجهل السبب. وإضافة إلى ذلك، لاحظت الوزارة أن صاحب البلاغ سبق له أن أشار إلى أخيه الأكبر على أنه أخوه الأصغر. وعند سؤاله عن بطاقة الهوية التي قدمها عندما طلب اللجوء في الدانمرك، والتي تفيد بأنه مولود في 1 حزيران/ يونيه 1995، رد قائلاً إنها استصدرت لأغراض الحصول على وظيفة واستئجار مسكن. وفي هذا الخصوص، لاحظت الوزارة أن صاحب البلاغ لو كان مولوداً بالفعل في عام 2000 لكان في العاشرة من عمره فقط عن صدور بطاقة الهوية.

2-9 وأشارت الوزارة كذلك إلى أن المعلومات الأساسية المتاحة بشأن وثائق الهوية السورية تفيد بأن السجل المدني في البلد بات معطلاً بعد أربع سنوات من الحرب الأهلية؛ وقد ضعفت الضوابط بينما يزداد إصدار الوثائق بناءً على إفادات مغلوطة أو دون موافقة الإدارة المركزية ( ) . وفي هذا الخصوص، رأت الوزارة أنه لا يمكن اعتبار الدفتر العائلي وشهادة تسجيل الميلاد المقدمين من صاحب البلاغ في 30 أيار/مايو 2016 أدلة موضوعية بالنظر إلى صدورهما في غضون الأعوام الخمسة الماضية. وبخصوص ادعاء صاحب البلاغ أنه ينبغي الأخذ بقرينة الشك في قضيته، شددت الوزارة على أن صاحب البلاغ تمسك طيلة الجزء الأكبر من إجراءات لجوئه بأنه مولود في 1 حزيران/ يونيه 1995 ولم يذكر أنه قاصر إلا بعد رفض طلب لجوئه. ويفيد صاحب البلاغ بعدم وجود سبيل انتصاف متاح للطعن في هذا القرار.

2-10 ويفيد صاحب البلاغ بأنه استنفد جميع سبل الانتصاف المتاحة، ذلك أنه لا يمكن الطعن في قرارات مجلس طعون اللاجئين ( ) .

الشكوى

3-1 يدعي صاحب البلاغ أن ترحيله إلى اليونان سينتهك حقوقه بموجب المادتين 7 و24 من العهد، بالنظر إلى خطر تعرضه للتشرد والاحتجاز في اليونان. ويزعم أن هناك أسباب اً جوهرية لاعتقاد أن ترحيله سيشكل من ثم خطراً حقيقياً بالتعرض لضرر لا يمكن جبره يصل إلى حد المعاملة اللاإنسانية والمهينة بموجب المادة 7 من العهد.

3-2 ويستشهد صاحب البلاغ، لدعم ادعائه أن التشرد سيشكل في حالته معاملة لا إنسانية ومهينة، بقرار صادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في قضية م. س. س. ضد بلجيكا ( ) ، حيث اعتبرت المحكمة أن حالة الفقر المدقع لشخص يعيش في منتزه في أثينا طيلة أشهر دون الحصول على الغذاء أو خدمات الصرف الصحي تشكل معاملة مهينة بموجب اتفاقية حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية (الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان). وهو يفيد كذلك بأنه يظل معرضاً لتلك المعاملة رغم حصوله على صفة اللاجئ. وفي هذا الخصوص، يشير إلى آراء اللجنة في قضية ياسين وآخرين ضد الدانمرك ، حيث خلصت اللجنة إلى أن إعادة أم عزباء تفتقر إلى المأوى وسبل الرزق إلى إيطاليا بعد منحها الحماية الثانوية قرار ينتهك المادة 7 ( ) .

3 -3 وبخصوص خطر الاحتجاز، يدفع صاحب البلاغ بأن القصّر غير المصحوبين يحتجزون في اليونان طوال أشهر في أغلب الأحيان، بسبب نقص الأماكن المتاحة في مرافق الاستقبال ( ) . ويشير في هذا الخصوص إلى ما أعربت عنه مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في أيار/ مايو 2016، من قلق إزاء حالة القصّر غير المصحوبين الذين يودعون في "الحبس الوقائي" في اليونان، بسبب نقص الأماكن الملائمة، مثل ملاجئ الأطفال ( ) . ويفيد صاحب البلاغ أيضاً، مستشهداً بتقارير صحفية، بأن 545 قاصراً غير مصحوب كانوا محتجزين في اليونان، في تاريخ 20 نيسان/أبريل 2016، في انتظار إيداعهم في مراكز متخصصة ( ) . واستناداً إلى هذه المعلومات، يدفع صاحب البلاغ بأن ارتفاع احتمال احتجازه المطول عن وصوله إلى اليونان معناه ارتفاع احتمال تعرضه لمعاملة لا إنسانية ومهينة تنتهك حقوقه بموجب العهد.

3-4 وبخصوص المادة 24 من العهد، يدفع صاحب البلاغ بأن مفهوم مصالح الطفل الفضلى حق أساسي وأن جميع الإجراءات ينبغي أن تسترشد بهذا المبدأ. ويشير صاحب البلاغ إلى التعليق العام رقم 14(2013) للجنة حقوق الطفل بشأن حق الطفل في إيلاء الاعتبار الأول لمصالحه الفضلى، وقد نص هذا التعليق على أنه ينبغي الموازنة بين جميع العناصر التي يمكن أن تدرج في تقييم المصالح الفضلى في ضوء كل حالة على حدة. ويشمل البعض من هذه العناصر آراء الطفل، وضعف حاله، وحقه في الصحة، في جملة أمور أخرى. ويدفع صاحب البلاغ بأنه يعاني ضعفاً خاصاً بالنظر إلى وضعه كقاصر وكمواطن سوري أخذ حظه من المشقة بالفعل خلال رحلته إلى أوروبا. وهو يضيف أن ترحيله إلى اليونان سيتعارض مع مصالحه الفضلى كطفل، وسيجعله عرضة لخطر التشرد دون أي مساعدة من السلطات المحلية. كذلك يدعي صاحب البلاغ أن الحصول على السكن في اليونان محدود جداً، إذ يضطر اللاجئون إلى التنافس مع المواطنين اليونانيين من ذوي الموارد الاقتصادية المحدودة، ويواجهون تمييزاً في المعاملة.

3-5 ويدفع صاحب البلاغ أيضاً بما لديه من مخاوف معقولة على سلامته في اليونان وبتعلقه بالشخص المتصل عنه في الدولة الطرف، بصفته مقدم رعاية أساسياً يؤمن حضور شخص راشد في حياته. ويشير أيضاً إلى عدم وجود وصي راشد يمكن أن يتولى رعايته في اليونان، وأن تركه للعيش في الشوارع يمكن أن يعرِّضه لخطر العنف بدافع كره الأجانب وغير ذلك من ضروب المعاملة اللاإنسانية. ويشير صاحب البلاغ إلى أن سلطات الدولة الطرف لم تقيِّم مصالحه الفضلى، وأنها بذلك لم تولِ مصالح الطفل الفضلى الاعتبار الأول، على نحو ما تقتضيه المادة 24 من العهد.

ملاحظات الدولة الطرف على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية

4-1 في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2016، قدمت الدولة الطرف ملاحظاتها على مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية. وهي تعرض التشريعات المحلية ذات الصلة وتدفع بأن طلب لجوء صاحب البلاغ كان محل نظر وفقاً لتلك التشريعات، لا سيما قانون الأجانب، الذي يتضمن المبادئ ذاتها المكرسة في المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. لذا ترى الدولة الطرف أن سلطاتها أوفت بالتزاماتها الدولية المتعلقة بطلبات اللجوء. وتعرض الدولة الطرف أيضاً هيكل مجلس طعون اللاجئين وتركيبته وأساليب عمله، إلى جانب التشريعات المنطبقة على الحالات المتصلة بنظام دبلن ( ) .

4-2 وبخصوص مقبولية البلاغ وأسسه الموضوعية، تدعي الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يثبت وجود قضية ظاهرة الوجاهة لأغراض المقبولية بموجب المادة 7 من العهد. وعلى وجه الخصوص، لم يثبت وجود أسباب جوهرية لاعتقاد أنه سيكون معرضاً لخطر التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة في اليونان. لذا فمن الواضح أن البلاغ لا يستند إلى أسس وجيهة وينبغي اعتباره غير مقبول. وإذا رأت اللجنة خلاف ذلك، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ لم يثبت بما يكفي من الأدلة أن المادة 7 ستُنتهك في حال إعادته إلى اليونان. ويترتب على اجتهادات اللجنة أن الدول الأطراف ملزمة بعدم تسليم أي شخص أو ترحيله أو إبعاده أو طرده بأي طريقة أخرى من إقليمها حيثما كانت النتيجة الحتمية والمتوقعة من هذا الترحيل تجعله في خطر حقيقي لأن يتعرض لضرر لا يمكن جبره، كالمتصور في المادة 7 من العهد، سواء في البلد الذي سيُبعد إليه أو في أي بلد آخر قد يُبعد إليه في وقت لاحق. وأشارت اللجنة أيضاً إلى أن الخطر يجب أن يكون شخصياً وأن الإدلاء بحجج وجيهة لإثبات وجود خطر حقيقي بالتعرض لضرر لا يمكن جبره مقيد باشتراطات صارمة ( ) . وبخصوص ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 24، تدفع الدولة الطرف بأن هذا الادعاء لا يتفق مع العهد من حيث لاختصاص الموضوعي، ومن ثم فهو غير مقبول بموجب المادة 3 من البروتوكول الاختياري، إذ لا يمكن تطبيق المادة 24 خارج الإقليم ( ) .

4-3 وتشير الدولة الطرف كذلك إلى أن مجلس طعون اللاجئين يشترط كحد أدنى، عند تطبيق مبدأ بلد اللجوء الأول، أن يكون ملتمس اللجوء محمياً من الإعادة القسرية وقادراً على دخول بلد اللجوء الأول والإقامة فيه بصورة قانونية. وتفيد الدولة الطرف بأن هذه الحماية تشمل عناصر اجتماعية واقتصادية معينة، إذ يجب معاملة ملتمسي اللجوء معاملة تتفق والمعايير الإنسانية الأساسية وتصون كرامتهم الشخصية. والعنصر الأساسي في هذه الحماية هو وجوب أن يتمتع الفرد (الأفراد) بالسلامة الشخصية، عند دخول بلد اللجوء الأول وكذلك عند الإقامة فيه. بيد أن الدولة الطرف ترى أن من غير الممكن المطالبة بأن يحظى ملتمسو اللجوء بالظروف الاجتماعية ومستويات المعيشة ذاتها التي يحظى بها مواطنو البلد.

4-4 وبخصوص ادعاء صاحب البلاغ أنه دخل الدولة الطرف بصفته قاصراً غير مصحوب، تدفع الدولة الطرف بأن صاحب البلاغ دخل إقليمها حاملاً بطاقة هوية صادرة في الجمهورية العربية السورية، يتبين منها أنه مولود في 1 حزيران/ يونيه 1995. وتشير الدولة الطرف كذلك إلى استنتاجات مجلس طعون اللاجئين الصادرة في 30 أيار/مايو 2016 ومفادها أن السلطات اليونانية منحت صاحب البلاغ صفة اللاجئ من 12 حزيران/يونيه 2015 إلى 12 حزيران / يونيه 2018 وقد صدرت له بطاقة هوية في 27 تموز/يوليه 2015 وكذلك وثائق سفر. وتفيد الدولة الطرف بأن دائرة الهجرة الدانمركية تضطلع بتحقيق لإثبات هوية كل ملتمس لجوء وجنسيته وطريق رحلته، وبأنها تجري لهذا الغرض مقابلة مع الشخص المعني، بموافقته، بغية التحقق من صحة البيانات المقدمة، مستخدمة في ذلك عند الضرورة أساليب منها اختبار تقييم السن أو اختبار تقييم اللغة أو اختبارات الحمض النووي الصبغي. وإضافةً إلى ذلك، يُستشار ملتمس اللجوء قبل أن تقرر السلطات ما إذا كان يتعين تنقيح البيانات المتعلقة بسنه أو جنسيته أو أمور أخرى. وتفيد الدولة الطرف بأن دائرة الهجرة استجوبت صاحب البلاغ في عدة مناسبات: (أ) في 28 أيلول/سبتمبر 2015، تمسك بأنه مولود في 1 حزيران/ يونيه 1995، وبأنه استصدر بطاقة هويته عندما كان في الرابعة عشرة من عمره وأنه دُعي للخدمة العسكرية في عام 2013، عندما كان في الثامنة عشرة؛ و(ب) في 29 آذار/مارس 2016، استُجوب صاحب البلاغ مرة أخرى وصرّح بأن لديه أخاً أصغر منه في ألمانيا؛ و(ج) في 30 أيار/مايو 2016، وبعد الموجز الذي عرضه على المجلس قال إن تاريخ ميلاده الحقيقي هو 1 حزيران/يونيه 2000. وعندما خضع صاحب البلاغ لاستجواب لدى خدمة الهجرة، أفاد بأنه نُصِح بعدم الإفصاح عن سنه الحقيقية لسلطات الهجرة. وقدّم خلال هذا الاستجواب دفتراً عائلياً يُذكر فيه أنه ثاني إخوته، وشهادة ميلاد جاء فيها أنه مولود في 1 حزيران/ يونيه 2000. وتذكّر الدولة الطرف بأن المجلس استنتج أن ليس من اختصاصه تقييم تاريخ ميلاد صاحب البلاغ أو تنقيحه لما كانت هذه المسألة من اختصاص خدمة الهجرة وقابلة للطعن فيها أمام وزارة الهجرة والإدماج والإسكان؛ و(د) في 29 أيلول/سبتمبر 2016، رفضت الوزارة طلب صاحب البلاغ تغيير تاريخ ميلاده المسجل. وتعتمد الدولة الطرف على القرار الصادر عن الوزارة بأكمله فيما يتعلق بسن صاحب البلاغ وترى أنه ينبغي التسليم بأن صاحب البلاغ راشد ( ) .

4-5 وبخصوص الخطر الذي سيواجهه صاحب البلاغ في حال ترحيله إلى اليونان، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ مُنِح صفة اللاجئ في اليونان في 12 حزيران/ يونيه 2015 وأن تصريح إقامته صالح إلى غاية 12 حزيران/يونيه 2018. وتدفع أيضاً، مستندة إلى اجتهادات اللجنة، بأن ظروف المعيشة في اليونان ليس فيها ما يجعل ترحيل صاحب البلاغ إلى ذلك البلد مخالفاً للمادة 7 من العهد. وفي هذا الخصوص، تشير الدولة الطرف إلى قضية س. ضد الدانمرك ( ) ، التي تتعلق بشاب سوري مُنِح إقامة في اليونان شأنه في ذلك شأن صاحب البلاغ. وقد خلصت اللجنة إلى أن ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة 7 من العهد فيما يتعلق بظروف المعيشة في اليونان لم تُدعَّم بما يكفي من الأدلة واعتبرت البلاغ غير مقبول بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري ( ) . وعلاوةً على ذلك، تميز الدولة الطرف هذه القضية عن قضية ياسين وآخرين ضد الدانمرك ، التي اعتبرت فيها اللجنة أن الدانمرك ستنتهك المادة 7 من العهد بإبعاد صاحبة البلاغ إلى إيطاليا. وتلاحظ الدولة الطرف أن صاحبة البلاغ في تلك القضية كانت أماً عزباء في حاجة إلى أدوية للربو، ولديها ثلاثة أطفال قصّر، وقد انقضت مدة صلوحية تصريح إقامتها في إيطاليا. ولا يمكن مقارنة هذه الوقائع بحالة صاحب البلاغ، باعتباره رجلاً راشداً أعزب لم يطلب أي علاج طبي ولديه تصريح إقامة صالح في اليونان. وبناءً عليه لا توجد ظروف استثنائية في هذه القضية. وعلاوةً على ذلك، تلاحظ الدولة الطرف أن صاحب البلاغ دفع تكلفة النزول في اليونان لفترة من الزمن وأن لديه ما يكفي من الموارد للسفر إلى الدانمرك. وتدفع الدولة الطرف بأنه إذا ما أُخذت جميع هذه العوامل في الحسبان، لم يعد هناك أي أساس لاعتبار صاحب البلاغ في حالة ضعف خاص.

4-6 وعلاوة على ذلك، تُشير الدولة الطرف إلى أن صاحب البلاغ حصل على صفة اللاجئ في اليونان، ما يخوله الحصول على تصريح عمل تعادل مدته مدة إقامته، ما سيجعله قادراً على إعالة نفسه هناك ( ) . وهي ترى كذلك أن من الواجب افتراض أن صاحب البلاغ سيتلقى أيضاً أي علاج طبي ضروري في اليونان، إذا طلب ذلك. وبخصوص خوف صاحب البلاغ من التعرض لهجمات قائمة على دوافع عرقية، تلاحظ الدولة الطرف ما يتضح من المعلومات الأساسية العامة من أن الهجمات القائمة على دوافع عرقية تحدث في اليونان، لكن وحدات الشرطة الخاصة تمنع هذه الحالات وتسويها في حين تتوخى التشريعات المعتمدة حديثاً معاقبة مرتكبيها بعقوبات مناسبة ( ) . وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى أن الشرطة اليونانية يبدو أنها ضالعة أحياناً في أعمال تمييز عنصري، لكن صاحب البلاغ لم يبلغ قط بأي نزاع له مع السلطات اليونانية. وإضافة إلى ذلك، أفاد صاحب البلاغ أيضاً، خلال إجراءات لجوئه، بأنه لم يسبق له الدخول في أي نزاع مع مجموعات سياسية أو دينية أو إجرامية، ولا مع أي أشخاص عاديين أثناء إقامته في اليونان. وبناءً عليه، لا يمكن التسليم بأنه تعرض لهجمات عنصرية أو يمكن أن يتعرض لها في حال ترحيله إلى اليونان. وعلاوة على ذلك، يجب افتراض أن صاحب البلاغ يمكنه الحصول على الحماية من السلطات اليونانية في حال تعرضه لهجمات. وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى أن اعتبار صاحب البلاغ أن موقف السلطات اليونانية تجاهه كان بالغ العدائية لا يمكن أن يفضي إلى تقييم مختلف.

4-7 وبخصوص إشارة صاحب البلاغ إلى اجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) ، ترى الدولة الطرف أنها لا تنطبق على هذه القضية لما كانت القضايا التي أشار إليها تتعلق بملتمسي لجوء لا يمكن مقارنة وضعهم بأوضاع أفراد حاصلين على تصاريح إقامة صالحة في اليونان ( ) . وإضافة إلى ذلك، فإن ادعاءات صاحب البلاغ بخصوص ظروف الاستقبال في اليونان تنطبق على الأفراد المشمولين بنظام دبلن وليس على أمثاله من حاملي تصاريح الإقامة الصالحة.

4-8 وأخيراً تُذكّر الدولة الطرف بأنه ينبغي إعطاء وزنٍ كبيرٍ لاستنتاجات السلطات المحلية، وبأنه يقع عموماً على عاتق أجهزة الدولة أن تقيم الوقائع والأدلة في كل قضية ما لم يمكن إثبات أن هذا التقييم كان تعسفياً أو بلغ حد إنكار العدالة ( ) . ولم يوضح صاحب البلاغ ما إذا كانت عملية صُنع القرار قد اعترتها أي مخالفات ( ) . وتُشير الدولة الطرف أيضاً إلى أن صاحب البلاغ لم يقدم إلى اللجنة في بلاغه هذا تفاصيل محددة جديدة عن حالته. ويُستشف من ذلك أنه معترض ببساطة على قرارات الهيئات المحلية ويحاول استخدام اللجنة كهيئة استئناف.

تعليقات صاحب البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

5-1 في 14 شباط/فبراير 2017، قدم صاحب البلاغ تعليقاته على ملاحظات الدولة الطرف. وبخصوص الملاحظات المتعلقة بمقبولية البلاغ، فيما يتصل بالمادة 7 من العهد، يدفع صاحب البلاغ بأنه لا يحتاج، وفقاً للمادة 96(ب) من النظام الداخلي للجنة، إلى إثبات دعواه بل إلى تقديم ما يكفي من الأدلة لتدعيم ادعاءاته؛ وبعبارة أخرى، ينبغي أن تكون دعواه ظاهرة الوجاهة. ويرى أنه أثبت وجود دعوى واضحة الوجاهة، إذ قدم أدلة على سنه الحقيقية وعلى خطر تعرضه لإساءة المعاملة في حال إعادته قسراً إلى اليونان. وبخصوص الأدلة المقدمة لإثبات سنه الحقيقية، يُشير صاحب البلاغ إلى دفتره العائلي، الذي دُعّم بإفادات من شبكته العائلية في الدانمرك وكذلك من منسق الفريق والأخصائي الاجتماعي العاملين في مركز اللجوء في الدانمرك.

5-2 ويؤكد صاحب البلاغ، بخصوص ادعاءاته بموجب المادة 24 من العهد، أن هذه الادعاءات مقبولة، ذلك أن إخلال السلطات الدانمركية بإجراء تقييم لمصالحه الفُضلى كطفل يُشكل انتهاكاً لذلك الحكم، بصرف النظر عما كان ينطبق خارج الإقليم. وفي هذا الخصوص، يدعي صاحب البلاغ أيضاً أن المعاملة اللاإنسانية و/أو المهينة التي يمكن أن يواجهها في حال ترحيله إلى اليونان ليست حتميةً. وإضافة إلى ذلك، يُذكر صاحب البلاغ بأن المادة 2 من العهد تتضمن التزاماً بعدم إبعاد شخص إلى دولة يتعرض فيها لضرر لا يمكن جبره ( ) . ويدعي أن الضرر غير القابل للجبر قد ينشأ في إطار أحكام أخرى من العهد عدا المادتين 6 و7. ويُشير في هذا الخصوص إلى قضية د. ت. ضد كندا ، حيث قضت اللجنة بأن ترحيل طفل من كندا إلى نيجيريا يشكل انتهاكاً لحقوقه بموجب المادة 24(1) ( ) . ويستشهد صاحب البلاغ أيضاً بقضية (أ) و(ب) ضد الدانمرك ، حيث اعتبرت اللجنة أن المادة 18 لا يمكن أن تُفصل عن ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادتين 6 و7 ( ) . وعلاوة على ذلك، يُشير صاحب البلاغ إلى التعليق العام رقم 35(2014) بشأن حق الفرد في الحرية وفي الأمان على شخصه، حيث أفادت اللجنة بأن إعادة شخص إلى بلد توجد فيه أسباب حقيقية لاعتقاد أن ذلك الشخص يواجه خطراً حقيقياً بحدوث انتهاكٍ جسيم لحريته أو أمنه الشخصي، مثل الاحتجاز التعسفي المطول، إجراء يشكل معاملة لا إنسانية تحظرها المادة 7 من العهد (الفقرة 57).

5-3 وبخصوص الأسس الموضوعية، يؤكد صاحب البلاغ مجدداً وجود أسباب جوهرية تدعو إلى اعتقاد أنه سيواجه خطراً حقيقياً بالخضوع لإساءة المعاملة في حال إعادته إلى اليونان، ما ينتهك المادة 7 من العهد. ويشير، بالاستناد إلى اجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، إلى أنه يتعيّن على المحكمة، في ما تجريه من تقييم لتحديد مستوى الخطورة الأدنى الذي يجعل من الفعل إساءة معاملة، أن تأخذ في الحسبان عناصر مثل سن مقدم الشكوى وحالته الصحية ( ) . لذا يدعي صاحب البلاغ أنه يجب، عند تفسير المادة 7 بالاقتران مع المادة 24 من العهد، التي تنصّ على وجوب انتفاع الأطفال بتدابير الحماية، تقييم مستوى الخطورة الأدنى في ضوء الظروف الخاصة لمقدم الشكوى، وهو في هذه القضية قاصر سوري عانى بالفعل الأمرين في بلده الأصلي وفي اليونان، وتولّد لديه كذلك سلوك مدمر للذات، وليس له أحد يرعاه في اليونان. وهكذا يخلص صاحب البلاغ إلى وجود خطر حقيقي بالتعرض لإساءة المعاملة، على نحو ينتهك المادة 7 من العهد، في حال إعادته إلى اليونان. ويبرز صاحب البلاغ كذلك أن المعلومات الأساسية المتعلقة بحالة اللاجئين في اليونان تفيد بأنهم لا يحصلون على المساعدة من السلطات اليونانية، ويتعرضون لخطر الاستغلال في العمل والاستغلال الجنسي، ولإفراط السلطات في استخدام الاحتجاز على نحو يصل إلى حد المعاملة اللاإنسانية والمهينة بالنظر إلى تدني ظروف الاحتجاز، وهي عناصر يبرهن جميعها على عمق المشاكل التي يضطر اللاجئون إلى تحملها في اليونان.

5-4 ويضيف صاحب البلاغ أنه قدم إلى الدولة الطرف أدلةً على سنه الحقيقية، بما فيها أدلة مستندية وشهادات شهود ( ) ، وفقاً لمبدأ عبء الإثبات الذي أقرته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (مفوضية شؤون اللاجئين) ( ) . ويجب على اللاجئ، عملاً بهذا المبدأ، أن يثبت صحة ادعاءاته ودقة الوقائع التي تستند إليها ادعاءاته ( ) . ويدفع صاحب البلاغ أيضاً بأنه قدم شرحاً معقولاً لعدم دقة المعلومات المتعلقة بسنه والمقدمة إلى السلطات اليونانية والدانمركية .

5-5 وعلاوةً على ذلك، يشير صاحب البلاغ إلى أنه بالنظر إلى الشروح والأدلة التي قدمها، ينبغي أن يستفيد من قرينة الشك، إذ لا يوجد حالياً أي طريقة لتقييم السن باستطاعتها تحديد سن معينة على وجه اليقين ( ) . لذا فحيثما وُجدت شكوك بشأن سن ملتمس اللجوء، كما في حالة صاحب البلاغ، وجبت معاملة الشخص على أنه طفل وفقاً لمبدأ قرينة الشك. وإضافةً إلى ذلك، يشير صاحب البلاغ إلى أنه إذ طبّق مبدأ عبء الإثبات بتقديم أدلة تؤكد أنه طفل، فقد أصبح عبء الإثبات متقاسماً بينه وبين الدولة الطرف. ويشير صاحب البلاغ إلى قرارين صادرين عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ومفاده أنه متى طُبِّق مبدأ عبء الإثبات فإن مقدم الشكوى والسلطات يتقاسمان عبء تأكيد جميع الوقائع ذات الصلة وتقييمها ( ) . وهكذا كان يُفترض أن تجري الدولة الطرف اختباراً طبياً لتقييم السن إذا كانت لديها أسباب للشك في سن صاحب البلاغ ( ) . ويذكّر صاحب البلاغ بأن السلطات اليونانية شأنها في ذلك شأن السلطات الدانمركية لم تجرِ اختباراً لتقييم السن.

٥-٦ ويذكر صاحب البلاغ أيضاً أن حالته الصحية وضعفه وسنه عناصر يجب أخذها في الحسبان عند الفصل فيما إذا كانت اليونان تستوفي الشروط اللازمة لتكون بلد اللجوء الأول. ويتمسك كذلك بأن تلك العناصر تشير إلى وجود خطر حقيقي بالتعرض لإساءة المعاملة على نحو ينتهك المادة ٧ من العهد في حال ترحيله إلى اليونان. لذا، يفيد بأنه يتعين على الدولة الطرف إثبات سنه الصحيحة، لما كان القصّر أكثر تعرض اً للأضرار التي لا يمكن جبرها في ظروف شبيهة بظروف هذه القضية. ويكرر أن حقوقه بموجب المادتين ٧ و٢٤ من العهد ستنتهك في حال ترحيله إلى اليونان.

معلومات إضافية مقدمة من الدولة الطرف

٦-١ في 16 نيسان/أبريل 2017، قدمت الدولة الطرف ملاحظات إضافية. وهي تكرر أن صاحب البلاغ لم يقدم أي معلومات جديدة بشأن أسباب لجوئه الأصلية. لذا، ترى الدولة الطرف أن صاحب البلاغ لم يثبت وجاهة دعواه لأغراض المقبولية بموجب المادة 7 من العهد وأنه ينبغي اعتبار هذا الجزء من بلاغه غير مقبول. وفيما يتعلق بادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 24، تكرر الدولة الطرف أن هذه الادعاءات لا تتفق مع العهد من حيث الموضوع، وأنه لا يجوز من ثم قبولها بموجب ا لمادة 3 من البروتوكول الاختياري ( ) .

٦-٢ وفيما يتعلق بسن صاحب البلاغ، تشير الدولة الطرف إلى قرار مجلس طعون اللاجئين المؤرخ ٣٠ أيار/مايو ٢٠١٦، الذي يفيد بأن صاحب البلاغ لم يفد بأنه كان قاصر اً إلى أن رفضت دائرة الهجرة الدانمركية طلب لجوئه. وتشير الدولة الطرف أيضاً إلى أن قرار المجلس المؤرخ ٢٦ أيلول/سبتمبر ٢٠١٦ أيدته وزارة الهجرة والإدماج والإسكان، نظر اً لعدم وجود أي أساس يستدعي تغيير التاريخ المسجل على أنه تاريخ ميلاد صاحب البلاغ. لذا، تكرر الدولة الطرف أنه لا توجد أسباب حقيقية تدعو إلى اعتقاد أن ترحيل صاحب البلاغ إلى اليونان سيشكل انتهاك اً للمادة ٧ من العهد.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

٧-١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ ما، يجب على اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن تقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري.

٧-٢ وقد تأكدت اللجنة، وفق ما تقتضيه الفقرة (2)(أ) من المادة 5، من أن المسألة ذاتها ليست قيد النظر في إطار هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

٧-٣ وتحيط اللجنة علماً بادعاء صاحب البلاغ أنه استنفد جميع سبل الانتصاف المحلية المتاحة له. وفي غياب أي اعتراض من الدولة الطرف في هذا الخصوص، ترى اللجنة أن متطلبات المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري قد استوفيت.

٧-٤ وتحيط اللجنة علماً بطعن الدولة الطرف في مقبولية البلاغ على أساس أن ادعاء صاحب البلاغ بموجب المادة 7 من العهد غير مُدعم بأدلة. غير أن اللجنة ترى أن صاحب البلاغ قدم، لأغراض المقبولية، شرحاً كافياً للأسباب التي تجعله يخشى أن يفضي إبعاده القسري إلى اليونان إلى تعرضه لمعاملة تتنافى والمادة 7 من العهد بالنظر إلى سنه المزعومة وما يقترن بها من ضعف. وعليه، تعلن اللجنة أن هذا الجزء من البلاغ مقبول، لأنه يثير في ما يبدو مسائل في إطار المادة ٧.

٧-٥ وتحيط اللجنة علم اً بادعاء صاحب البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقه بموجب المادة ٢٤ من العهد، بإحجام السلطات الدانمركية عن اتخاذ التدابير اللازمة لحمايته إذ لم تتخذ أي إجراء لتحديد سنه الحقيقية. وتحيط اللجنة علماً أيضاً بادعاء الدولة الطرف أن المادة 24 من العهد لا تنطبق خارج الإقليم. بيد أن اللجنة ترى أن ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة ٢٤ تشير إلى أحداث لا يمكن فصلها عن ادعاءاته بموجب المادة ٧. وترى اللجنة أيضاً أن هذا الجزء من ادعاءات صاحب البلاغ بموجب المادة ٢٤ يتعلق بأحداث وقعت في الدانمرك. وعليه، تعلن اللجنة مقبولية البلاغ ما دام يثير مسائل تندرج في إطار المادتين 7 و24 من العهد، مقروءة مع اً وكل اً على حدة، وتشرع في النظر في أسسه الموضوعية.

النظر في الأسس الموضوعية

٨-١ نظرت اللجنة في البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً للفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري.

٨ -٢ وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن ترحيله إلى اليونان، على أساس مبدأ بلد اللجوء الأول المنصوص عليه في نظام دبلن، سيعرضه لضرر لا يمكن جبره، ما يشكل انتهاك اً للمادة ٧ من العهد، وسينتهك حقوقه بموجب المادة ٢٤ بالنظر إلى أنه قاصر. ويبني صاحب البلاغ بلاغه على عناصر منها الظروف التي عاناها أثناء وجوده في اليونان، وكذلك الظروف العامة لاستقبال ملتمسي اللجوء واللاجئين الوافدين إلى اليونان، لا سيما القصر غير المصحوبين ( ) .

٨-٣ وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 31(2004) بشأن طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد (الفقرة 12)، حيث تشير اللجنة إلى التزام الدول الأطراف بعدم تسليم أي شخص أو ترحيله أو طرده أو إبعاده بطريقة أخرى من إقليمها إذا وُجدت أسباب موضوعية تدعو إلى اعتقاد أنه ثمة خطر حقيقي بأن يتعرض لضرر لا يمكن جبره، على النحو المنصوص عليه في المادة 7 من العهد. وأشارت اللجنة أيضاً إلى أن الخطر يجب أن يكون شخصياً وأن تقديم أسباب وجيهة تثبت وجود خطر حقيقي بالتعرض لضرر لا يمكن جبره مقيد باشتراطات صارمة ( ) . وتُذكّر اللجنة كذلك باجتهاداتها التي رأت فيها أنه ينبغي إيلاء أهمية كبيرة للتقييم الذي تُجريه الدولة الطرف، وأن اختصاص مراجعة الوقائع والأدلة وتقييمها لحسم وجود هذا الخطر من عدمه يقع، عموماً، على عا تق أجهزة الدول الأطراف في العهد ( ) ، ما لم يتبين أن التقييم كان تعسفياً بشكل واضح أو أنه يصل إلى حد إنكار العدالة ( ) .

٨-٤ وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ يفيد بأنه فر من الجمهورية العربية السورية في آذار/ مارس ٢٠١٥ ودخل اليونان في نيسان/أبريل من العام ذاته. وتلاحظ اللجنة ادعاءات صاحب البلاغ أنه لدى وصوله إلى جزيرة خيوس اليونانية، أوقفته السلطات المحلية ووضعته في مرفق مغلق أخذت فيه بصماته لأنه كان قد دخل البلد بصورة غير قانونية، وأنه سُمح له بعد بضعة أيام بالسفر إلى أثينا، حيث أقام لمدة أربعة أشهر في نزل دفع تكاليفه بنفسه. وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاء صاحب البلاغ أنه عندما نفد ماله أصبح مشرد اً وعاش في الشوارع لمدة شهرين تقريب اً، حيث قضى معظم الليالي في منتزه كبير. وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحب البلاغ أنه، عمل اً بنصيحة لاجئ سوري، قدم طلب لجوء من أجل الحصول على مسكن من السلطات اليونانية. بيد أنه رغم محاولاته الاتصال بالسلطات اليونانية لتعينه على إيجاد مسكن، لم يتلق أي مساعدة في هذا الصدد. وتلاحظ اللجنة أيضاً إفادة صاحب البلاغ بأن السلطات المحلية كانت بالغة العدائية، ما جعله يشعر بالرفض. وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاءات صاحب البلاغ أنه لم يشعر بالأمان في اليونان وأنه شهد تعرض لاجئين آخرين للعنف والسرقات، ولا سيما في المنتزه الذي كان يعيش فيه، ما جعله يظل مستيق ظ ا ً ليالي كثيرة. وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحب البلاغ أنه غادر اليونان وسافر إلى الدانمرك خوف اً على سلامته ولأنه لم يستطع إعالة نفسه. وتلاحظ اللجنة أن صاحب البلاغ طلب اللجوء في الدانمرك في آب/أغسطس ٢٠١٥.

٨-٥ وتحيط اللجنة علماً أيضاً بما أشار إليه صاحب البلاغ من تقارير مختلفة تبرز عدم توافر أماكن في مرافق استقبال ملتمسي اللجوء واللاجئين في اليونان في إطار نظام دبلن. وتلاحظ اللجنة بوجه خاص إفادة صاحب البلاغ بأن اللاجئين مثله الذين حصلوا بالفعل على تصريح إقامة ووثائق سفر في اليو نان لا يزودون بالسكن من السلطات المحلية. وفي هذا الصدد، تحيط اللجنة علم اً بإشارة صاحب البلاغ إلى قرار صادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) ومؤداه أن حالة الفقر المدقع التي يعيشها فرد من الأفراد أقام في متنزه في أثينا لمدة أشهر دون الحصول على الغذاء أو خدمات الصرف الصحي تشكل معاملة مهينة بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

٨-٦ وتلاحظ اللجنة كذلك ادعاء صاحب البلاغ أنه قاصر وأنه كذب بشأن سنه لأنه نصح بأن يقدم نفسه على أنه راشد لما كان القصر المهاجرون غير المصحوبين يحتجزون بصورة منهجية في اليونان. وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحب البلاغ أنه إذ لم يكن متأكد اً مما إذا كانت سن الرشد القانونية في اليونان 18 سنة أم 21 سنة، فقد اختار أن يقول إنه يبلغ من العمر 21 سنة، فسجلته السلطات اليونانية بصفة راشد مولود في 1 حزيران/ يونيه 1995، وهو تاريخ ميلاد مزور. وتلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أنه قدم معلومات مغلوطة إلى سلطات الدولة الطرف للأسباب ذاتها. وتلاحظ اللجنة كذلك أن صاحب البلاغ إذ سعى إلى دعم ادعائه أنه قاصر، فقد قدم إلى السلطات الدانمركية شهادة ميلاد ودفتر اً عائلي اً يبينان أنه مولود في ١ حزيران/ يونيه ٢٠٠٠. وقدم أيضاً شهادات من موظفي مركز اللجوء في الدانمرك مفادها أنهم لم يفاجؤوا بمعرفة أنه قاصر، بالنظر إلى سلوكه وكيفية تفاعله مع الأشخاص الآخرين المقيمين في المركز. وعلاوة على ذلك، تلاحظ اللجنة ادعاء صاحب البلاغ أن القصر غير المصحوبين يودعون في "الحبس الوقائي" في اليونان بسبب عدم وجود أماكن كافية في مرافق إيواء من قبيل ملاجئ الأطفال، وأنه سيتعرض لخطر الاحتجاز في ظروف لا إنسان ية ومهينة عند وصوله في حال ترحيله إلى اليونان. وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء صاحب البلاغ أنه قاصر ولاجئ، وأنه يعاني مشاكل نفسية بسبب الإجهاد الناجم عن تجاربه السابقة في الجمهورية العربية السورية وفي اليونان وكذلك طوال إجراءات اللجوء في الدولة الطرف، وأنه يجد نفسه الآن في حالة ضعف شديد.

٨-٧ وتحيط اللجنة علماً أيضاً باستنتاج مجلس طعون اللاجئين أنه ينبغي اعتبار اليونان بلد اللجوء الأول في هذه القضية، وكذلك بموقف الدولة الطرف التي تعتبر أن بلد اللجوء الأول ملزم بكفالة المعايير الإنسانية الأساسية لملتمسي اللجوء واللاجئين، وإن لم يكن مطالباً بأن يوفر لهؤلاء الأشخاص أوضاع اً اجتماعية وظروفاً معيشية مماثلة تماماً لما ينعم به مواطنو البلد. وفي هذا الخصوص، تشير الدولة الطرف كذلك إلى قرار صادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ومفاده أن احتمال حدوث تراجع كبير في ظروف العيش المادية والاجتماعية لمقدم الشكوى في حال إبعاده من الدولة المتعاقدة - وهي في هذه الحالة الدانمرك - ليس كافياً في حد ذاته لكي يفضي إلى الإخلال بأحكام المادة 3 من ال اتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ( ) .

٨-٨ وتلاحظ اللجنة كذلك أن سلطات الدولة الطرف إذ استنتجت أن صاحب البلاغ ليس قاصر اً، باعتبار تاريخ ١ حزيران/ يونيه ١٩٩٥ هو تاريخ الميلاد الأول الذي قدمه والتاريخ المسجل، استناد اً إلى المعلومات التي قدمها صاحب البلاغ نفسه إلى السلطات اليونانية والدانمركية على السواء. وتلاحظ اللجنة أيضاً ادعاء الدولة الطرف أن صاحب البلاغ تمسك بأنه راشد طوال إجراءات اللجوء، وأنه لم يطلب تغيير تاريخ ميلاده إلا بعد أن رفضت دائرة الهجرة الدانمركية طلب لجوئه. وتحيط اللجنة علم اً أيضاً بإفادة الدولة الطرف بأن الدفتر العائلي الذي قدمه صاحب البلاغ إلى السلطات الدانمركية لدعم ادعائه يتضمن معلومات متناقضة، وأن السجل المدني في الجمهورية العربية السورية معطل، وأن الدفتر العائلي وشهادة الميلاد المقدمين من صاحب البلاغ لا يمكن أن يعتبرا من الأدلة الموضوعية.

٨-٩ وتلاحظ اللجنة أن المعلومات الأساسية المتاحة تفيد بأنه على الرغم من تحسن ظروف اللاجئين وملتمسي اللجوء في اليونان، باعتماد تشريعات جديدة واتخاذ تدابير لتحسين أداء نظام اللجوء، فإن الأوضاع لا تزال صعبة. وعلى وجه الخصوص، تحيط اللجنة علم اً بتقارير حديثة تفيد بأن المعاملة التي تلقاها في اليونان حالي اً فئاتٌ معينة من الأشخاص، لا سيما الضعفاء من مقدمي الطلبات، بمن فيهم القصر غير المصحوبين، ليست ملائمة ( ) . وفي هذا الخصوص، تشير اللجنة إلى توصيات مفوضية شؤون اللاجئين لليونان في عام ٢٠١٧، وقد جاء فيها أن القدرة الوطنية على إيواء الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم ما زالت بعيدة كل البعد عن تلبية الاحتياجات وأن الأطفال يتعرضون لمخاطر مستمرة بسبب نقص الحماية، بما في ذلك الاستغلال والاعتداء الجنسيان، من جراء انعدام الأمن الكافي وتدني ظروف أماكن الاستقبال واكتظاظها، والافتقار إلى خدمات محددة، ونقص فرص الحصول على التعليم الرسمي أو غير الرسمي، وطول إجراءات اللجوء المتعلقة بجمع شمل الأسر، ما يؤثر تأثير اً حاد اً على الرفاه ال نفسي الاجتماعي للأفراد المعنيين ( ) . وتلاحظ اللجنة كذلك أن المعلومات الأساسية المتاحة تشير أيضاً إلى أن الأطفال اللاجئين والمهاجرين غير المصحوبين ما زالوا يو دعون في مراكز احتجاز في اليونان ( ) ، ومع الكبار أحيان اً ( ) .

٨-١٠ وتلاحظ اللجنة كذلك أن الدولة الطرف لا تعترض على أن صاحب البلاغ عاش في الشوارع لفترة لا تقل عن شهرين، بعد مغادرة النزل الذي أقام فيه عند وصوله إلى أثينا، وأنه لم يتلق أي مساعدة من السلطات اليونانية، رغم اتصاله بها لطلب الدعم.

٨-١١ وتذكّر اللجنة بأنه ينبغي للدول الأطراف أن تعطي وزن اً كافي اً للخطر الحقيقي والشخصي الذ ي قد يواجهه الشخص في حال ترحيله ( ) . ويجب، على وجه الخصوص، ألا يستند تحديد احتمال تعرض الأفراد المرحلين لظروف تشكل معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة على نحو ينتهك المادة ٧ من العهد إلى تقييم للظروف العامة في بلد الاستقبال فحسب، بل أيضاً إلى الظروف الفردية للأشخاص المعنيين. وتشمل هذه الظروف العوامل التي تفاقم ضعف هؤلاء الأشخاص، مثل السن، والتي قد تحول حالة عامة يمكن لغالبية الأفراد المبعدين تحملها إلى حالة لا يطيقها أفراد آخرون ( ) . وترى اللجنة أنه كان يتعين على الدولة الطرف إجراء تقييم فردي للخطر الذي سيواجهه صاحب البلاغ في اليونان بحكم التزامها بتزويد الأطفال بتدابير حماية خاصة وفق اً للمادة ٢٤ من العهد. وينبغي أن تشمل هذه التدابير الخاصة، في ظروف هذه القضية، اتخاذ إجراءات معقولة للتأكد مما إذا كان صاحب البلاغ قاصر اً. وفي هذا الخصوص، تلاحظ اللجنة أن قرار الدولة الطرف عدم إعادة النظر في سن صاحب البلاغ استند بالأساس إلى قرار الاعتماد على المعلومات التي قدمها في البداية، بصرف النظر عن التوضيحات التي قدمها صاحب البلاغ بشأن أسباب كذبه عند تقديم طلب لجوئه ورغم الصلة المحتملة بين وضعه كقاصر وسوء تقديره للعواقب عندما كذب بشأن سنه. وعلى وجه الخصوص، تلاحظ اللجنة أن التماس صاحب البلاغ تغيير تاريخ ميلاده لم يدفع الدولة الطرف إلى اتخاذ أي تدابير لتحديد سنه، كإجراء اختبار طبي أو نفسي أو مقابلات مع موظفي مركز اللجوء الذين قدموا شهاداتهم الخطية لدعم ادعاء صاحب البلاغ بشأن سنه. وعلاوة على ذلك، لم تتخذ سلطات الدولة الطرف أي إجراء للتحقق من الوثائق التي قدمها صاحب البلاغ لدعم ادعائه.

٨-١٢ وترى اللجنة أن سلطات الدولة الطرف استندت، عند البت في طلب لجوء صاحب البلاغ، إلى تناقضات الدفتر العائلي وإفادات صاحب البلاغ الأصلية بأنه راشد. بيد أن هذه التناقضات لا تعفي الدولة الطرف، في الظروف الخاصة بالقضية قيد النظر، من اتخاذ تدابير معقولة أخرى لدحض الشك في سن صاحب البلاغ وحقه في الاستفادة من تدابير الحماية الخاصة التي تتاح للقاصر، بما في ذلك (أ) اتخاذ جميع التدابير المعقولة المتاحة لتقييم سنه قبل اتخاذ قرار بشأن إمكانية إبعاده إلى اليونان؛ و(ب) الأخذ بالمعلومات الأساسية المتاحة التي تفيد بأن ظروف استقبال القصر المهاجرين في اليونان قد تفضي إلى أوضاع تتنافى مع المادة ٧ من العهد. وبناء عليه، ترى اللجنة أن إبعاد صاحب البلاغ إلى اليونان سيشكل في ظل هذه الظروف الخاصة انتهاك اً للمادتين 7 و24 من العهد مقروءة مع اً وكل اً على حدة.

٩- و اللجنة، إذ تتصرف بموجب المادة ٥ (٤) من البروتوكول الاختياري، ترى أن ترحيل صاحب البلاغ إلى اليونان دون اتخاذ أي تدابير لضمان التأكد المعقول من سن صاحب البلاغ سينتهك حقوقه بموجب المادتين ٧ و ٢٤، مقروءة مع اً وكل اً على حدة.

١٠- ووفقاً للمادة 2(1) من العهد، التي تنص على أن تتعهد الدول الأطراف باحترام الحقوق المعترف بها فيه، وبكفالة هذه الحقوق لجميع الأفراد الموجودين في إقليمها والخاضعين لولايتها، فإن الدولة الطرف ملزمة بالشروع في إعادة النظر في ادعاء صاحب البلاغ، آخذة في اعتبارها التزاماتها بموجب العهد وآراء اللجنة هذه. وعلى الدولة الطرف أن تمتنع أيضاً عن طرد صاحب البلاغ إلى اليونا ن ريثما يعاد النظر في طلب لجوئه ( ) .

١١- واللجنة إذ تضع في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاصها في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد أم لا، وتعهدت عملاً بالمادة 2 من العهد بأن تكفل تمتع جميع الأفراد الموجودين في إقليمها أو الخاضعين لولايتها بالحقوق المعترف بها في العهد وبأن تتيح سبيل انتصاف فعالاً وقابلاً للإنفاذ إذا ثبت حدوث انتهاك، تود أن تتلقى من الدولة الطرف، في غضون 180 يوماً، معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آرائها موضع التنفيذ. كما تطلب اللجنة إلى الدولة الطرف أن تنشر هذه الآراء وتعممها على نطاق واسع بلغتها الرسمية.