الأمم المتحدة

CCPR/C/125/D/2524/2015

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

Distr.: General

17 May 2019

Arabic

Original: English

اللجنة المعنية بحقوق الإنسان

الآراء التي اعتمدتها اللجنة بموجب المادة ٥(4) من البروتوكول الاختياري، بشأن البلاغ رقم 2 524 /٢٠١ 5 * **

بلاغ مقدم من: مدينة ماغومادوفا ( لا يمثّلها المحامي )

الشخص المدعى أنه ضحي ة : صاحب ة البلاغ ‬ ‬ وشقيقها، شمسي ماغومادوف

الدولة الطرف: الاتحاد الروسي

تاريخ تقديم البلاغ: 16 أيار/مايو 2014 (تاريخ الرسالة الأولى)

الوثائق المرجعية: القرار المتخذ بموجب المادة 97 من النظام الداخلي للجنة، والمحال إلى الدولة الطرف في 12 كانون الثاني/يناير 2015 (لم يصدر في شكل وثيقة)

تاريخ اعتماد الآراء: 19 آذار/مارس 2019

الموضوع: احتجاز صاحب البلاغ وإساءة معاملته

المسائل الإجرائية: عدم إثبات الادعاءات

المسائل الموضوعية: ا لتعذيب ، والتوقيف/الاحتجاز تعسفا ً ، والحق في الانتصاف ؛ الحق في الحياة

مواد العهد: 2(3) و6 (1) و7 و9 (1) و(2)

مواد البروتوكول الاختياري: ‬ 5(2)(ب)

١- صاحب ة البلاغ ه ي مدينة ماغومادوفا ، وهي مواطنة روسية ولدت في عام 1954. وتقدّم البلاغ باسمها وباسم شقيقها، شمسي ماغومادوف ، وهو مواطن روسي ولد في عام 1957. وتدعي صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف انتهكت حقوقها بموجب المادة 7، وحقوق شقيقها بموجب المادة 6 والمادة 9(1) و(5) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وقد دخل البروتوكول الاختياري حيز التنفيذ بالنسبة للاتحاد الروسي في 1 كانون الثاني/يناير 1992. وصاحبة البلاغ غير ممثّلة بمحامٍ .

الوقائع كما عرض ت ها صاحب ة البلاغ ‬‬‬

٢-١ في 9 كانون الثاني/يناير 1995، أُلقي القبض على شقيق صاحبة البلاغ في مدينة غروزني، بجمهورية الشيشان، على أيدي القوات العسكرية الروسية. وراحت صاحبة البلاغ وأمها، من عام 1995 إلى عام 2004، تطلبان معلومات من مختلف السلطات المعنية بإنفاذ القانون والهيئات العمومية من أجل تحديد مكان وجود السيد ماغومادوف ، لكن بدون جدوى.

٢-٢ وعلمت صاحبة البلاغ في وقت ما من عام 1995 أن شقيقها كان محتجزا ً في السجن رقم 5 في ستافروبول ، بالاتحاد الروسي ( ) . وأبلغت لجنة البحث والتبادل في مقر القوات العسكرية الروسية في غروزني صاحبة الباغ أن أخاها حُكم عليه بالسجن 14 عاما ً لكنه لم يصل قط إلى المكان الذي كان من المفترض أن يقضي فيه عقوبته. وفي 13 كانون الثاني/يناير 1997، تلقت صاحبة البلاغ رسالة من مكتب المدعي العام الإقليمي لمنطقة القوقاز لإحاطتها علما ً بفتح قضية جنائية تتعلق بالقبض على مواطنين شيشانيين واحتجازهم بصورة غير قانونية ( ) . وفي 10 آذار/مارس 1997، أحاط مكتب المدعي العام الإقليمي لمنطقة القوقاز صاحبة البلاغ علما ً أن شقيقها ألقي عليه القبض في غروزني في 9 كانون الثاني/يناير 1995 على أيدي القوات العسكرية الاتحادية واحتُجز في سجن مدينة موزدوك ، شمال أوسيتيا - ألانيا، إلى غاية 3 شباط/فبراير 1995 حين أُفرج عنه.

٢-٣ وفي 4 تموز/يوليه 2000، تلقت صاحبة البلاغ رداً من وحدة التحقيقات الجنائية التابعة لشرطة منطقة تشيليابينسكي مؤداه أن شقيقها لم يكن محتجزا ً في أيٍّ من سجون تلك المنطقة من الاتحاد الروسي. وفي 12 تشرين الأول/أكتوبر 2004، تلقت صاحبة البلاغ رسالة من برلمان الاتحاد الروسي (الدوما) جاء فيها أن طلبها للحصول على معلومات قد أُرسل إلى وزارة العدل في الاتحاد الروسي ( ) .

٢-٤ وفي 2 تموز/يوليه 2010، قدمت صاحب البلاغ التماسا ً إلى مكتب المدعي العام في غروزني تطلب فيه إعادة فتح التحقيق الجنائي الخاص بادعاء قتل شقيقها. وفي 15 أيار/ مايو 2011، رفض مكتب المدعي العام الطلب، على أساس أن المهلة لفتح تحقيق في عملية قتل قد انقضت في كانون الثاني/يناير 2010.

٢-٥ وطعنت صاحبة البلاغ في قرار مكتب المدعي العام في غروزني أمام المحكمة. وفي 9 أيلول/سبتمبر 2011، أكّدت محكمة ستاروبروميسلوفسكي المحلية في غروزني قرار مكتب المدعي العام. وجادلت صاحبة البلاغ أنها متأكدة من أن التحقيق الجنائي قد فُتح في عام 1995 عندما قدمت التماسها الأول إلى مكتب المدعي العام بشأن اختفاء شقيقها ( ) . واستأنفت صاحبة البلاغ على قرار المحكمة أمام المحكمة العليا لجمهورية الشيشان. وفي 19 تشرين الأول/أكتوبر 2011، رُفض استئنافها.

الشكوى

٣-١ تدّعي صاحبة البلاغ أن ملابسات احتجاز شقيقها واختفائه تتيح أسسا ً معقولة تحمل على الاعتقاد أن القوات العسكرية الروسية قتلته عمدا ً وبغير وجه حق، وهو ما يشكل انتهاكا ً للمادة 6(1) من العهد.

٣-٢ وتذكر صاحبة البلاغ أن شقيقها كان محتجزا ً واختطف في إقليم يقع فعليا ً تحت سيطرة الدولة الطرف وأن مصيره لا يزال مجهولا ً . وتدّعي وقوع انتهاكات للمادة 9(1) والمادة 9(5) من العهد في هذا الصدد.

٣-٣ وقد أدى عدم اكتراث سلطات الدولة الطرف الواضح باختفاء شقيق صاحبة البلاغ إلى إلحاق الألم والمعاناة النفسية بها مما يمكن أن يوصف بأنه سوء معاملة، وفي ذلك انتهاك للمادة 7 من العهد.

٣-٤ وتلتمس صاحبة البلاغ إجراء تحقيق فعلي في اختفاء شقيقها، وتطلب التعويض على الضرر المعنوي الذي لحقها، وتطلب من اللجنة أن تقرر أن العهد قد انتهك، على النحو المذكور أعلاه.

ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية ‬‬‬

٤-١ في مذكرة مؤرخة 31 آذار/مارس 2015، اعترضت الدولة الطرف على مقبولية البلاغ. فوفقا ً للمادة 402(1) من قانون الإجراءات الجنائية للاتحاد الروسي، يحق لأي شخص مشتبه فيه أو متهم أو مدان أو مفرج عنه الطعن في قرار محكمة - وهو في هذه الحالة قرار النقض الصادر عن المحكمة العليا في جمهورية الشيشان بتاريخ 19 تشرين الأول/أكتوبر 2011. ووفقا ً للمادة 403(1) من قانون الإجراءات الجنائية، يمكن الطعن في القرارات التي تصدر على مستوى النقض مرة أخرى في إطار إجراء المراجعة القضائية.

٤-٢ وبموجب القانون الاتحادي رقم 518-FZ، الصادر بتاريخ 31 كانون الأول/ديسمبر 2014، يحتفظ الأشخاص الذين لم يقدموا استئنافا ً في إطار المراجعة القضائية للاعتراض على أحكام وقرارات أصبحت نافذة قبل 1 كانون الثاني/يناير 2013 بحقهم في تقديم هذا الاستئناف في إطار المراجعة القضائية إلى غاية 1 كانون الثاني/يناير 2014. وقد دخل هذا التعديل حيز التنفيذ في 11 كانون الثاني/يناير 2015 ومنذ ذلك التاريخ، بات يتعين تقديم جميع الطلبات في إطار المراجعة القضائية بخصوص أحكام وقرارات المحاكم التي أصبحت نافذة قبل 1 كانون الثاني/يناير 2013 في إطار المادتين 47 و48 من قانون الإجراءات الجنائية، ويكون ذلك فقط من طرف الأشخاص الذين لم يلجؤوا من قبل إلى إجراء المراجعة القضائية. وفي هذه الحالات، تقدم الاستئنافات إما في إطار الاستئناف في مرحلة النقض أو في إطار إجراء المراجعة القضائية. ويتضح من أقوال صاحبة البلاغ أنها لم تقدم أي استئناف في إطار المادتين 47 و48 من قانون الإجراءات الجنائية بخصوص القرارين الصادرين في 9 أيلول/سبتمبر و19 تشرين الأول/ أكتوبر 2011. ويحق للسيدة ماغومادوفا حاليا ً تقديم مثل هذه الاستئنافات. وعليه، تدفع الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ لم تستنفد جميع سبل الانتصاف المتاحة، ومن ثم ينبغي اعتبار بلاغها غير مقبول.

٤-٣ وفي مذكرة مؤرخة 16 نيسان/أبريل 2015، قدمت الدولة الطرف أيضا ً ملاحظاتها بشأن الأسس الموضوعية للبلاغ. ففي 2 تموز/يوليه 2010، تلقت السلطات شكوى بشأن فقدان شخص، هو السيد ماغومادوف . وأجرت لجنة التحقيقات في الاتحاد الروسي تقييما ً أوليا ً ( ) . ووفقا ً لهذا التقييم، اختفى السيد ماغومادوف يوم 9 كانون الثاني/يناير 1995 بالقرب من فندق ’ قفقاز ‘ في مدينة غروزني وأن مكان وجوده حاليا ً غير معروف.

٤-٤ واستُجوب أخٌ للسيد ماغومادوف ، هو م. م، في إطار التقييم الأولي. وشهد أنه منذ مولده، كانت أسرته، بما في ذلك أخوه، تعيش في قرية شلازي في منطقة أوروس - مارتان في جمهورية الشيشان. ومنذ عام 1982، أصبح أخ السيد ماغومادوف ، م. م.، يقيم في موسكو. وفي 1 كانون الثاني/يناير 1995، علم من والده أن أخاه شمسي ذهب إلى غروزني بسيارته. وكان الهدف من هذا السفر هو أخذ السيد إ. س. إلى بيته، وكان يسكن في غروزني. ورافق شمسي ماغومادوف في سيارته أخٌ آخر له هو م. ماغومادوف . وأخبر أب الأسرة ابنه م. م. أن الأخوين لم يعودا من ذلك السفر قط.

٤-٥ وفي النصف الأول من شهر كانون الثاني/يناير 1995، أحضر أناس تربطهم بعائلة ماغومادوف قرابة بعيدة إلى القرية جثمان م. ماغومادوف يظهر عليها علامات جروح من آثار الشظايا. وذهب م. م. إلى القرية لحضور الجنازة. وبعد الجنازة، بدأ البحث عن شمسي ماغومادوف . وعلِم من السيد إ. س. أن الأخوين أخذاه بالفعل إلى بيته في غروزني. وترك الأخوان السيارة عند إ. س. وقالا له أنهما سيحاولان العودة إلى شالازي بطرق أخرى ( ) .

٤-٦ واستُجوبت صاحبة البلاغ أيضا ً في إطار التقييم الأولي. وشهدت هي الأخرى أن شمسي ماغومادوف وم . ماغومادوف غادرا بالفعل إلى غروزني وأنهما أخذا السيد إ. س. إلى بيته، لكنهما اضطرا إلى المكوث عند أقارب لأسباب متعلقة بسلامتهما. وفي 31 كانون الأول/ ديسمبر 1994، أطلقت السلطات ما سُمّي بالحملة العسكرية الأولى في الشيشان. وفي 2 كانون الثاني/يناير 1995، حاول الشقيقان مغادرة غروزني. وفي طرقهما خارج غروزني، أُطلق عليهما النار من مروحية فاضطرا إلى العودة إلى بيت السيد إ. س. وترك السيارة عنده. وقررا محاولة مغادرة المدينة مرة أخرى في 7 أو 8 كانون الثاني/يناير 1995. وفي طريقهما للخروج من المدينة، توقفا لزيارة صديقة، السيدة غونتشارينكو ، التي كانت تسكن في شارع مير بغروزني. وقضيا عدة ساعات هناك، ثم قررا في الأخير مغادرة المدينة.

٤-٧ وكانت صاحبة البلاغ في بيت أهلها في قرية شلازي عندما أحضر بعضة أشخاص لا تعرفهم جثمان م. ماغومادوف . وقالوا إنهم لا علم لهم كيف مات، ولا علم لهم بمكان وجود شمسي ماغومادوف . وأرسلت السلطات طلبات لتقديم المعلومات في جميع أنحاء المدينة ولإدارات مراكز الشرطة المحلية فيما يخص شمسي ماغومادوف ، لكنها لم تتلق أي معلومات. وبدى عندئذ أنه من المستحيل العثور على مكان وجوده.

٤-٨ ورفضت السلطات طلبات فتح تحقيق جنائي رسمي عدة مرات، وذلك استنادا ً إلى المادة 24(1) و(3) من قانون الإجراءات الجنائية للاتحاد الروسي، بسبب انقضاء المهلة المقررة بموجب قاعدة التقادم بمقتضى المادة 103 (القتل) من القانون الجنائي المعمول به في ذلك الوقت. وفي 15 أيار/مايو 2011، رفضت السلطات طلبا ً آخر مماثلا ً لفتح تحقيق جنائي.

٤-٩ لكن أُلغي هذا القرار في 26 شباط/فبراير 2015؛ وفي 27 شباط/فبراير 2015، أرسلت لجنة التحقيقات التابعة لبلدية مدينة غروزني القضية إلى وحدة التحقيقات العسكرية للمنطقة العسكرية الاتحادية الجنوبية للنظر فيها ( ) .

٤-١٠ واشتكت صاحب البلاغ كذلك إلى محكمة منطقة ستاروبروميسلوفسكي ، للطعن في رفض فتح تحقيق جنائي رسمي. ورفضت المحكمة طعن صاحبة البلاغ الذي رُفض ثانية من قبل المحكمة العليا في جمهورية الشيشان. وقدمت صاحبة البلاغ استئنافا ً للمحكمة العليا في الاتحاد الروسي.

تعليقات صاحب ة البلاغ على ملاحظات الدولة الطرف بشأن المقبولية والأسس الموضوعية

٥-١ تلاحظ صاحبة البلاغ أن الدولة الطرف تدّعي أن شمسي ماغومادوف اختفى في ظروف غامضة ومن ثم لا ينبغي تحميلها المسؤولية على انتهاك مواد العهد. لكن الأدلة تثبت أن السيد ماغومادوف كان، بتاريخ 9 كانون الثاني/يناير 1995، محتجزا ً لدى القوات العسكرية الاتحادية في جمهورية الشيشان، وأنه احتُجز في الحبس الاحتياطي في موزدوك (انظر الفقرتين 2-1 و2 -2 أعلاه) ( ) . وثمة رسالة أخرى، مؤرخة 12 أيلول/سبتمبر 1996، حررتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تذكر أيضا ً أن ممثلين عن الصليب الأحمر زاروا السيد ماغومادوف في مركز الاحتجاز الاحتياطي في موزدوك ( ) . وأكّد مكتب المدعي العام الإقليمي في القوقاز أيضا ً أن السيد ماغومادوف كان محتجزا ً إلى غاية 3 شباط/فبراير 1995.

٥-٢ على أن الدولة الطرف تنفي حقيقة أن يكون السيد ماغومادوف قد احتجز وأنه كان في قبضة السلطات الاتحادية. ولم تقدّم الدولة الطرف أيضا ً أية معلومات تبيّن فيها إن كانت أفرجت عن السيد ماغومادوف ، وإذا كان الأمر كذلك فهل شوهد في أي وقت من الأوقات بعد احتجازه. وتدعي صاحبة البلاغ أن هذا يبيّن أن اختفاء السيد ماغومادوف وقع أثناء وجوده في قبضة السلطات. لقد مضى 23 عاما ً على اختفائه دون أن تتمكن صاحبة البلاغ من الحصول على أية معلومات عن مصيره. وتدفع صاحبة البلاغ بأن الدولة الطرف لم تجر تحقيقا ً في الوقت المناسب ورفضت فتح تحقيق جنائي رسمي. وبذلك تكون الدولة الطرف قد انتهكت حق السيد ماغومادوف في الحياة، بمقتضى المادة 6 من العهد.

٥-٣ وتكرر صاحبة البلاغ أن سلطات الدولة الطرف مسؤولة عن احتجاز السيد ماغومادوف بصورة غير قانونية. وقد أخفقت الدولة الطرف في تقديم أي توضيح مقنع عن المصير الذي لقيه أثناء وبعد احتجازه. وبناء عليه، فإن احتجاز السيد ماغومادوف تعسفي بطبيعته. وثمة معلومات أيضا ً ، استنادا ً إلى مقال صحفي، تفيد بأن السيد ماغومادوف احتجز في وقت ما من عام 1995 في سجن مدينة بياتيغورسك حيث قضى عقوبة بالسجن 14 عاما ً (انظر الفقرة 2-2 أعلاه).

٥-٤ والاختفاء القسري يلحق المعاناة بالضحايا وبأفراد أسرهم أيضا ً . فالأسر تنتظر سنوات طوال لتأتيها الأخبار عن ذويهم المفقودين وقد لا تأتيهم أبدا ً على الأرجح. ويشعر أفراد الأسر في الغالب بنفس الشعور الذي يشعر به ضحايا التعذيب أنفسُهم. ومن ذلك على سبيل المثال، فقد أصيبت أم السيد ماغومادوف بعد اختفائه بسكتة دماغية، ولزمت فراشها طوال سبع سنوات وتوفيت بعد عشر سنوات من انتظار أخبار عن ابنها. وعانت صاحبة البلاغ نفسها من عدم اكتراث سلطات الدولة الطرف إزاء مصير شقيقها. وحدوث أعمال القتل والتعذيب وسوء المعاملة على أيدي أجهزة إنفاذ القانون في روسيا أمر معلوم على نطاق واسع.

٥-٥ أما فيما يتعلق بمقبولية البلاغ، فتدفع صاحبة البلاغ بأن سبل الانتصاف المتاحة في إطار الإجراءات المحلية غير مجدية. والدليل على ذلك أنه بعد مرور سنوات وسنوات على بدء التحقيق لم يكتمل بعد حتى الآن. وفضلا ً عن ذلك، فقد رأت اللجنة منذ فترة طويلة أن شرط استنفاد سبل الانتصاف المحلية لا ينطبق إذا كانت الإجراءات طويلة على نحو غير معقول. ولا تملك صاحبة البلاغ إرغام السلطات على إجراء تحقيق شامل في حالة الاختفاء ولن يجدي تقديم طعن بالنقض أو استئناف في إطار المراجعة القضائية لتصحيح الوضع.

المسائل والإجراءات المعروضة على اللجنة

النظر في المقبولية

6 -١ قبل النظر في أي ادعاء يرد في بلاغ، يجب على لجنة حقوق الإنسان أن تقرر، وفقاً للمادة 93 من نظامها الداخلي، ما إذا كان البلاغ مقبولاً أم لا بموجب البروتوكول الاختياري للعهد .

6 -٢ وقد تأكدت اللجنة، وفق ما تقتضيه الفقرة (2)(أ) من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، من أن المسألة ذاتها ليست قيد النظر في إطار أي إجراء آخر للتحقيق الدولي أو التسوية الدولية.

6 -٣ وت حيط اللجنة علما ً بحجة الدولة الطرف بأن صاحبة البلاغ لم تستنفد سبل الانتصاف المحلية إذ لم تطعن بالنقض في القرارين الصادرين يوم 9 أيلول/سبتمبر و19 تشرين الأول/ أكتوبر 2011 ولم تستأنف عليهما في إطار المراجعة القضائية (انظر الفقرتين 4-1 و4 -2 أعلاه). وتلاحظ اللجنة أن إجراءات النقض والمراجعة القضائية تتعلق بمراجعة قرارات المحاكم التي أصبحت نافذة، من حيث المسائل القانونية فقط. والقرارات بإحالة أو عدم إحالة قضية ما لتنظر فيها محكمة النقض أو محكمة المراجعة القضائية تقديرية بطبيعتها، وليست محكومة بمهلة زمنية، ويتخذها قاض منفرد. وهذه الخصائص تقود اللجنة إلى الاعتقاد بأن الطلبات الخاصة بالنقض والمراجعة القضائية تنطوي على عناصر تجعلها من قبيل الانتصاف الاستثنائي. وبناء عليه، يجب على الدولة الطرف أن تبيّن، وفقا ً لل اجتهاد القضائي الراسخ الذي قضت به اللجنة، أن ثمة احتمالا ً معقولا ً لأن يتيح هذا الإجراء انتصافا ً فعالا ً في سياق ظروف القضية ( ) . وبما أن الدولة الطرف لم تقدم أي توضيح بشأن فعالية إجراء النقض وإجراء المراجعة القضائية في قضايا مماثلة لهذه القضية، ترى اللجنة أن المادة 5(2)(ب) من البروتوكول الاختياري لا تمنعها من النظر في هذا البلاغ لأغراض المقبولية.

6-4 وترى اللجنة أن صاحبة البلاغ قدمت أدلة كافية، لأغراض المقبولية، لإثبات ادعاءاتها بانتهاك حقوقها بموجب المادة 7 وحقوق شقيقها بموجب المادة 6(1) والمادة 9(1) و(5) من العهد. وبناء عليه، تعلن اللجنة أن هذه الادعاءات مقبولة وتنتقل إلى النظر في الأسس الموضوعية. وتلاحظ اللجنة أن الادعاءات التي قدمتها صاحبة البلاغ تثير أيضا ً على ما يبدو مسائل في إطار المادة 6(1) مقروءة بالاقتران مع المادة 2(3).

النظر في الأسس الموضوعية

7 -١ نظرت اللجنة في هذا البلاغ في ضوء جميع المعلومات التي أتاحها لها الطرفان، وفقاً لما تنص عليه الفقرة 1 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري .

7 -٢ وتحيط اللجنة علما ً ابتداءً بادعاء صاحبة البلاغ بأن شقيقها قُبض عليه في 9 كانون الثاني/يناير 1995 واحتجز في مدينة غروزني في جمهورية الشيشان، وادُّعي أنه قُتل على أيدي القوات العسكرية الروسية (انظر الفقرة 3-1 أعلاه). وتلاحظ اللجنة أن صاحبة البلاغ قدمت، بغية إثبات دعواها، العديد من الوثائق التي تبيّن أن السيد ماغومادوف احتُجز بالفعل في مرفق واحد على الأقل للاحتجاز الاحتياطي في موزدوك (انظر الفقرة 5-1 أعلاه). وتشمل هذه الوثائق رسالة من وزارة الشؤون الداخلية للاتحاد الروسي ورسالة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر تثبتان احتجاز السيد ماغومادوف . على أن الدولة الطرف تنفي احتجازه مطلقا ً ، مدعيةً أن تحقيقها الأولي يفيد بأن السيد ماغومادوف اختفى دون أن يكون لسلطات إنفاذ القانون يد في ذلك (انظر الفقرتين 4-7 و5 -2 أعلاه).

7-3 وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 36(2018) بشأن الحق في الحياة، الذي جاء فيه أن الدولة الطرف ملزمة بالتحقيق في جميع المزاعم باحتمال وقوع حرمان من الحياة بصورة غير مشروعة. وينبغي إجراء التحقيقات والمحاكمات في المزاعم باحتمال وقوع حرمان من الحياة بصورة غير مشروعة وفقا ً للمعايير الدولية ذات الصلة، بما في ذلك وفقا ً لأحكام بروتوكول مينيسوتا بشأن التحقيق في احتمال القتل غير المشروع (2016) ( ) ، ويجب أن تكون دائما ً مستقلة ونزيهة وفورية وشاملة وفعالة وشفافة وذات مصداقية ( ) .

7-4 وتذكّر اللجنة كذلك بأن حالات فقدان الحياة في السجن ينشأ عنها قرينة الحرمان التعسفي من الحياة على أيدي السلطات الحكومية ( ) ، وهو ما لا يمكن دحضه إلا بإجراء تحقيق وفق الأصول على النحو المبيّن أعلاه (الفقرة 7-3). ويقع على عاتق الدولة الطرف أيضا ً واجب التحقيق في الادعاءات بانتهاك المادة 6 متى استعملت السلطات الحكومية أو يبدو أنها استعملت أسلحة نارية أو قوة أخرى يمكن أن تكون مميتة خارج السياق المباشر لنزاع مسلح ( ) . وفي الحالة قيد النظر، وبدلا ً من أن تفتح الدولة الطرف تحقيقا ً في الادعاءات رفضت ذلك ثم أجرت لاحقا ً تقييما ً ’’أوليا ً ‘‘ فقط ولم تفتح تحقيقا ً جنائيا ً رسميا ً قط، رغم تقديم صاحبة البلاغ عدد من الطلبات والشكاوى إلى السلطات، وكذلك إلى المحاكم. وفي هذه الظروف على نحو ما بيّنته صاحبة البلاغ، وبالنظر إلى الأدلة على احتجاز السيد ماغومادوف في قبضة سلطات الدولة الطرف، ونظرا ً لعدم تقديم السلطات ما يوضح سبب عدم إجرائها تحقيقا ً وفق الأصول، تخلص اللجنة إلى أن الدولة الطرف انتهكت التزاماتها بموجب المادة 6(1)، مقروءة منفردة وبالاقتران مع المادة 2(3) من العهد.

7-5 وتأخذ اللجنة أيضا ً في الاعتبار ادعاءات صاحبة البلاغ بأن السيد ماغومادوف احتُجز تعسفيا ً من قبل سلطات الدولة الطرف، بما يمثّل انتهاكا ً لحقوقه بموجب المادة 9(1). وتلاحظ اللجنة أن الدولة الطرف تنفي أنها احتجزت السيد ماغومادوف ، مكتفيةً بالادعاء أنه إنما اختفى عن الأنظار في شوارع غروزني ليس إلا. وتلاحظ اللجنة كذلك أن هذا الادعاء تدحضه أدلة قدمتها صاحبة البلاغ تؤكّد احتجازه في موزدوك من 9 كانون الثاني/يناير إلى 3 شباط/فبراير 1995 (انظر الفقرة 5-1 أعلاه). ولم تخبر الدولة الطرف اللجنة بأسباب القبض على السيد ماغومادوف وأي تهم تؤاخذه بها، ولم تخبرها إن كانت نقلته يوم 3 شباط/ فبراير 1995 إلى مرفق آخر. وتذكّر اللجنة بتعليقها العام رقم 35(2014) بشأن حق الفرد في الحرية وفى الأمان على شخصه، الذي جاء فيه أن القبض على الشخص قد يقع بالمعنى المقصود في المادة 9 دون أن يكون هذا القبض رسميا ً وفقاً للقوانين المحلية. وبمقتضى أحكام هذه المادة من العهد، لا يجوز حرمان أحد من حريته إلا ل لأسباب التي ينص عليها القانون وطبقاً للإجراء المقرر بمقتضى القانون. واستنادا ً إلى مواد الملف، ونظرا ً لعدم تقديم الدولة الطرف أي توضيح إضافي بهذا الخصوص، فإن اللجنة تعتبر أن الوقائع كما عُرضت عليها تكشف عن انتهاك حقوق السيد ماغومادوف بموجب المادة 9(1) من العهد.

7-6 وحيث إ ن اللجنة خلصت إلى الاستنتاج بأن حقوق السيد ماغومادوف بموجب المادة 9(1) انتُهكت، تقرر عدم النظر في الادعاءات بمقتضى المادة 9(5) منفصلة.

7-7 وتلاحظ اللجنة كذلك أنه رغم مرور 23 عاما ً على اختفاء السيد ماغومادوف ، ما تزال صاحبة البلاغ تجهل الملابسات الدقيقة التي أحاطت باختفاء شقيقها ولا بمكان وجوده حاليا ً ولم تتمكن الدولة الطرف أو لم تكن ترغب في إجراء تحقيق فعلي. وتتفهم اللجنة استمرار شعور صاحبة البلاغ بالكرب وبالإجهاد النفسي مما لحقها بوصفها أخت الشخص المختفي، ومفاقمة ذلك بسبب رفض الدولة الطرف الإقرار باحتجاز السيد ماغومادوف ورفضها التحقيق لمعرفة مكان وجوده حاليا ً ، وتعتبر أن ذلك يرقى إلى معاملة صاحبة البلاغ معاملة لا إنسانية، وهو ما يمثل انتهاكا ً للمادة 7 من العهد.

8 - واللجنة، إذ تتصرف بموجب الفقرة 4 من المادة 5 من البروتوكول الاختياري، ترى أن الوقائع المعروضة عليها تكشف عن انتهاك حقوق السيد ماغومادوف بموجب المادة 6(1)، مقروءة بمفردها وبالاقتران مع المادة 2(3) والمادة 9(1)، وحقوق صاحبة البلاغ بموجب المادة 7 من العهد.

9- ووفقاً للمادة ٢(3)(أ) من العهد، فإن الدولة الطرف ملزمة بأن تتيح لصاحبة البلاغ سبيل انتصاف فعالاً . ويستلزم ذلك تقديم تعويض كامل للأفراد الذين انتهكت حقوقهم بموجب العهد. وتبعا ً لذلك، فالدولة الطرف ملزمة، في جملة أمور أخرى، باتخاذ خطوات ملائمة منها: (أ) لإجراء تحقيق شامل وفوري ونزيه في اختفاء السيد ماغومادوف ولتحديد مكان وجوده حاليا ً ؛ (ب) تقديم جميع المعلومات المتعلقة بالتحقيق إلى صاحبة البلاغ؛ (ج) تقديم التعويض المناسب واتخاذ الإجراءات الأخرى الكفيلة بترضية صاحبة البلاغ على الانتهاكات التي حصلت. والدولة الطرف ملزمة أيضا ً باتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع تكرار حصول انتهاكات مماثلة في المستقبل.

10- وإذ تأخذ اللجنة في اعتبارها أن الدولة الطرف، بانضمامها إلى البروتوكول الاختياري، قد اعترفت باختصاص اللجنة في تحديد ما إذا كان قد حدث انتهاك للعهد، والتزمت، عملاً بالمادة 2 من العهد، بأن تكفل لجميع الأفراد الموجودين في إقليميها والخاضعين لولايتها الحقوق المعترف بها في العهد، وأن توفر سبيل انتصاف فعالاً إذا ثبت حدوث انتهاك، فإنها تود أن تتلقى من الدولة الطرف في غضون 180 يوماً معلومات عن التدابير التي اتخذتها لوضع آراء اللجنة موضع التنفيذ. والدولة الطرف مطالبة أيضا ً بنشر هذه الآراء وتعميمها على نطاق واسع باللغات الرسمية للدولة الطرف.